الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٤

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 423

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 423
المشاهدات: 194461
تحميل: 7956


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194461 / تحميل: 7956
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

صرعى ولكن بعد أن صرَّعوا

وقطّروا كلَّ فتى قطّرا

لم يرتضوا درعاً ولم يلبسوا

بالطعن إلّا العلق الأحمرا

من كلِّ طيّان الحشى ضامر

يركب في يوم الوغا ضمَّرا

قل لبني حرب - وكم قولة

سطّرها في القوم من سطَّرا -

:تهتم عن الحق كأنَّ الذي

أنذركم في الله ما أنذرا

كأنَّه لم يقركم ضلّاً

عن الهدى القصد باُمِّ القرى

ولا تدرَّعتم بأثوابه

من بعد أن أصبحتمُ حُسّرا

ولا فريتم ادماً إمرة

ولم تكونوا قطُّ ممَّن فرى

وقلتمُ عنصرنا واحدٌ

هيهات لا قُربى ولا عنصرا

ما قدَّم الأصل امرءاً في الورى

أخَّره في الفرع ما أخَّرا

طرحتم الأمر الذيُ يجتنى

وبعتمُ الشيء الذي يُشترى

وغرَّكم بالجهل إمهالكم

وإنَّما اغترَّ الذي غرّرا

حلّأتمُ بالطفِّ قوماً عن الـ

ـماء فحلَّئتم به الكوثرا

فإن لقوا ثمَّ بكم منكراً

فسوف تلقون بهم منكرا

في ساعة يحكم في أمرها

جدّهم العدل كما أمَّرا

وكيف بعتم دينكم بالَّذي ا

ستنزره الحازم واستحقرا؟!

لولا الذيُ قدِّر من أمركم

وجدتمُ شأنكمُ أحقرا

كانت من الدهر بكم عثرة

لا بدَّ للسابق أن يُعثرا

لا تفخروا قطُّ بشيءٍ فما

تركتمُ فينا لكم مفخرا

ونلتموها بيعةً فلتةً(١)

حتى ترى العين الذي قدّرا

كأنَّني بالخيل مثل الدَّبا

هبَّت له نكاؤه صرصرا

وفوقها كلُّ شديد القوى

تخاله من حنقٍ قسورا

لا يمطر السمر غداة الوغا

إلّا برشِّ الدم إن أمطرا

فيرجع الحقُّ إلى أهله

ويقبل الأمر الذي أدبرا

____________________

١ - اشار الى ما اخرجه الحفاظ عن عمر انه قال:بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها.

٢٨١

يا حجج الله علي خلقه

ومَن بهم أبصر مَن أبصرا

أنتم على الله نزولٌ وإن

خال اُناس أنَّكم في الثرى

قد جعل الله إليكم - كما

علمتمُ - المبعث والمحشرا

فإن يكن ذنبٌ فقولوا لمن

شفَّعكم في العفو أن يغفرا

:إذا توليتكم صادقاً

فليس منّي منكرٌ منكرا

نصرتكم قولاً على أنَّني

لآملٌ بالسيف أن أنصرا

وبين أضلاعيَ سرٌّ لكم

حوشيَ أن يبدوا وأن يظهرا

أنظرُ وقتاً قيل لي:بُح به

وحقَّ للموعود أن ينظرا

وقد تصبَّرتُ ولكنَّني

قد ضقت أن أكظم أو أصبرا

وأيّ قلبٍ حملت حزنكم

جوانح عنه وما فطَّرا ؟!

لا عاش من بعدكم عُائشٌ

فينا ولا عمَّر من عمَّرا

ولا استقرَّت قدم بعدكم

قرارها مبدي ولا محضرا

ولا سقى الله لنا ظامئاً

من بعد أن جنَّبتم الأبحرا

ولا علت رج - لوقد زحزحت

أرجلكم عن متنه - منبرا

وقال في الجزء الرابع من ديوانه وهو يفتخر:

مالك فيَّ ربَّة الغلائل

والشيب ضيفُ لمّتي من طائل ؟!

أما ترين في شواتي(١) نازلاً ؟!

لا متعة لي بعده بنازلِ

محا غرامي بالغواني صبغه

واجتثَّ من أضالعي بلابلي

ولاح في رأسيَ منه قبصٌ

يدلُّ أيّامي على مقاتلي

كان شبابي في الدمى وسيلة

ثمَّ انقضتَ لمّا انقضت وسائلي

يا عائبي بباطلٍ ألفته

خذ بيديك من تمنٍّ باطلِ

لا تعذلنِّي بعدها على الهوى

فقد كفاني شيب رأسي عاذلي

وقل لقومٍ فاخرونا ضلّة:

أين الحُصيّات من الجراولِ(٢) ؟!

____________________

١ - شواة:جلدة الرأس.

٢ - الجراول جمع جرولة وجرول:الحجارة.

٢٨٢

وأين قامات لكم دميمة

من الرِّجال الشمَّخ الأطاولِ ؟!

نحن الأعالي في الورى وأنتمُ

ما بينهم أسافل الأسافلِ

ما تستوي - فلا تروموا معوزاً -

فضائل السّادات بالرَّذائلِ

ما فيكمُ إلّا دنيُّ خاملٌ

وليس فينا كلّنا من خاملِ

دعوا النباهات على أهل لها

وعرِّسوا في أخفض المنازلِ

ولا تعوجوا بمهبٍّ عاصفٍ

ولا تقيموا في مصبِّ الوابلِ

أما ترى خير الورى معاشري ؟!

ثمّ قبيلي أفضل القبائلِ؟!

ما فيهمُ إن وزنوا من ناقصٍ

وليس فيهم خبرةٌ من جاهلِ

أقسمت بالبيت تطوف حوله

أقدام حافٍ للتّقى وناعلِ

وما أراقوه على واد مِنى

عند الجمار من نجيعٍ سائلِ

وأذرعٍ حاسرة ترمي - وقد

حان طلوع الشمس - بالجنادلِ

والموقفين حطَّ ما بينهما

عن ظهره الذنوب كلُّ حاملِ

فإن يخب قومٌ على غيرهما

فلم يخب عندهما من آملِ

لقد نمتني من قريش فتيةٌ

ليسوا كمن تعهد في الفضائلِ

ألواردين من عليً ومن تُقى

دون المنايا صفوة المناهلِ

قومٌ إذا ما جهلوا في معرك

ولّوا على الأعراق بالشمائلِ

كأنَّهم اُسد الشَّرى يوم الوغى

لكنَّهم أهلّة المحافلِ

إن ناضلوا فليس من مُناضل

أو ساجلوا فليس من مساجلِ

سل عنهمُ إن كنتَ لا تعرفهم

سل الظبى وشرّع العواملِ

وكلُّ منبوذٍ على وجه الثرى

تسمع فيه رنَّة الثواكلِ

كأنمَّا أيديهمُ مناصلٌ

يلعبن يوم الرَّوع بالمناصلِ

من كلِّ ممتدِّ القناة سامقٍ

يقصر عنه أطول الحمائلِ

ما ضرَّني والعار لا يطور بي

إن لم أكن بالملك الحلاحلِ

ولم أكن ذا صامت وناطق

ولم أرح بباقرٍ وجاملِ

خير من المال العتيد بذله

في طرق الافضال والفواضلِ

٢٨٣

والشكر ممَّن أنت مُغن فقره

خيرٌ إذا أحرزته من نائلِ

فلا تعرّض منك عرضاً أملساً

لخدشة اللوّام والقوائلِ

فليس فينا مُقدمٌ كمحجمٍ

وليس منّا باذلٌ كباخلِ

وما الغنى إلّا حبالات العنا

فانجُ إذا شئت من الحبائلِ

إلى متى أحمل من ثقل الورى

ما لم يطقه ظهر عود بازلِ ؟!

إن لم يزرني الهمُّ اصباحاً أتى

ولم أعره الشوق في الأصائلِ

وكم مقام في عراصٍ ذلَّة

وعطن عن العلاء سافلِ

وكم أظلُّ مفهقاً عن الأذى

معلّلاً دهريَ بالأباطلِ

كأنَّني وقد كملت دونهم

رضيً بدون النصَّف غير كاملِ

محسودةٌ مغبوطةٌ ظواهري

لكنَّها مرحومةٌ دواخلي

كأنَّني شعبٌ جفاه قطره

أو منزلٌ أقفرِ غير آهلِ

فقل لحسّادي:أفيقوا فالذي

أغضبكم منِّي غير آفلِ

أنا الذي فضحت قولاً مُصقعاً

مقاولي وفي العلى مطاولي

إن تبتنوا من العدى معاقلاً

فإنَّ في ظنِّ القنا معاقلي

لا تستروا فضلي الذي اوتيته

فالشَّمس لا تُحجب بالحوائلِ

فقد فررتم أبداً من سطوتي

فرَّ القطا الكدر من الأجادلِ

ولا تذق أعينكم طعم الكرى

وعندكم وفيكمُ طوائلي

تقوا الرَّدى وحاذروا الشرَّ الذي

شبَّ اُواري فغلتْ مَراجلي

وجنَّ تيّار عبابي واشتكت

خروق أسماعكمُ صلاصلي

إن لم أطركم مزقاً تحملكم

نكب الأعاصير مع القساطلِ

فلا أجبتُ من صريخ دعوةً

ولا أطعت يوم جودٍ سائلي

ولا أناخ كلّ قومي كَلّهم

في مغنمٍ أو مغرمٍ بكاهلِ(١)

وفي غدٍ تبصرها مغبرةً

على الموامي كالنعام الجافلِ

يخرجن من كلِّ عجاج كالدجى

مثل الضحى بالغرر السوائل

____________________

١ - ألكل:الضعيف. اليتيم. ألكاهل من القوم:سندهم ومعتمدهم.

٢٨٤

من يرهنَّ قال:مَن هذا الذي

سدَّ الملا بالنعم المطافلِ ؟!

وفوقهنَّ كلُّ مرهوب الشذا

يروي السنان من دم الشواكلِ(١)

أبيض كالسَّيف ولكن لم يعج

صقاله على يمين صاقلِ

:حيث ترى الموت الزؤام بالقنا

مستحب الأذيال والذلاذلِ(٢)

والنقع يغشى العين عن لحاظها

والركض يرمي الأرض بالزلازلِ

وبزَّت الأصلاب أو تمخّضت

بلا تمامٍ بطن كلِّ حاملِ

ولم يجز همّ الفتى عن نفسه

وذهل الحيّ عن العقائلِ

إن لم أنل في بابل مآربيٍ

فلي إذا ما شئت غير بابلِ

وإن أبت في وطنٍ مقلقلاً

أبدلته بأظهر الرَّواحلِ

وإن تضق بي بلدةٌ واحدةٌ

فلم تضق في غيرها مجاولي

وإن نبا عنّي خليلٌ وجفا

نفضتُ من ودّي له أناملي

خيرٌ من الخصب مع الذلّ به

معرَّسٌ على المكان الماحلِ

وقال في الإفتخار في الجزء الرابع من ديوانه:

ماذا جنته ليلة التعريفِ

شغفت فؤاداً ليس بالمشغوفِ ؟

ولو أنَّني أدري بما حمَّلته

عند الوقوف حذرت يوم وقوفي

ما زال حتّى حنَّ حبّ قلوبنا

بجماله سِرب الظباء الهيفِ

وأرتك مكتتم المحاسن بعد ما

ألقى تقى الإحرام كلّ نصيفٍ

وقنعت منها بالسَّلام لو انَّه

أروى صدى أو بلَّ لهف لهيفٍ

والحبّ يرضي بالطفيف معاشرا

لم يرتضوا من قبله بطفيفٍ

ويخفّ مَن كان البطيئ عن الهوى

فكأنَّه ما كان غير خفيفِ

يا حبّها رفقاً بقلبٍ طالما

عرَّفته ما ليس بالمعروفِ

قد كان يُرضى أن يكون محكّماً

في لبِّه لو كنت غير عنيفِ

أطرحت يا ظمياء ثقلك كلّه

يوم الوداع على فقار ضعيفِ

____________________

١ - شواكل ج شاكلة:الخاصرة.

٢ - الزؤام:عاجل. وقيل:سريع مجهز الذلاذل جمع ذُلذل وذِلذل:اسفل الثوب.

٢٨٥

يقتاده للحبِّ كلّ مُحبَّبٍ

ويروعه بالبين كلّ أليفِ

وكأنّني لمّا رجعت عن النوى

أبكي رجعت بناظرٍ مطروفِ

وبزفرةٍ شهد العذول بأنَّها

مِن حاملٍ ثقل الهِدى ملهوفِ

ومتى جحدتهم الغرام تصنّعاً

ظهروا عليه بدمعي المذروفِ

وعلى مِنى غررٍ رمين نفوسنا

قبل الجِمار من الهوى بحتوفِ

يسحبن أذيال الشفوف غوانياً

بالحسن عن حسن بكلِّ شفوفِ

وعدلن عن لبس الشفوف وإنّما

هنَّ الشنوف محاسناً لشنوفِ

وتعجَّبت للشيب وهي جناية

لدلال غانيةٍ وصدّ صدوفِ

وأناطت الحسناء بي تبعاته

فكأنَّما تفويفه تفويفي

هو منزلٌ بدَّلته من غيره

وهو الفتى في المنزل المألوفِ

لا تنكريه فهو أبعد لبسة

عن قذف قاذفة وقرف قروفِ

وبعيدة الأقطار طامسة الطوى

من طول تطواف الرِّياح الهوفِ

لا صوت فيها للأنيس وإنَّما

لعصائب الجنّان جرس عزيفِ

وكأنَّما خرق النعام بدوّها

ذودٌ شردن لزاجرٍ هنّيفِ

قطعت ركابي وهي غير طلائح

مع طول ايضاعي وفرط وجيفي

أبغي الذي كلّ الورى عن بغيه

من بين مصدودٍ ومن مصدوفِ

والعزّ في كلف الرِّجال ولم يُنل

عزُّ بلا نَصبٍ ولا تكليفِ

والجدب مغنى للأعزَّة داره

والذلُّ بيتٌ في مكان الريفِ

ولقد تعرَّفت النوائب صعدتي

وأجاد صرف الدَّهر من تثقيفي

وحللت من ذلِّ الأنام بنجوةٍ

لا لومتي فيها ولا تعنيفي

فبدار أندية الفخار إقامتي

وعلى الفضائل مربعي ومصيفي

وسرى سرى النجم المحلّق في العلى

نظمي وما ألَّفت من تصنيفي

ورأيت من غدر الزَّمان بأهله

من بعد أن أمنوه كل طريفِ

وعجبت من حيد القويِّ عن الغنى

طول الزَّمان وحظوة المضعوفِ

و عمى الرِّجال عن الصواب كأنهم

يعمون عمّا ليس بالمكشوفِ

٢٨٦

وفديتُ عرضي من لئام عشيرتي

بنزاهتي عن سيِّئ وعُزوفي(١)

فبقدر ما أحميهمُ ما ساءهم

أعطيهمُ من تالدي وطريفي

كم رُوِّع الأعداء قبل لقائهم

ببروق إيعادي ورعد صريفي

وكأنَّهم شُرُدٌ سوامهمُ وقد

سمعوا على جوِّ السماء حفيفي

قومي الذين تملّكوا ربق الورى

بطعان أرماحٍ وضرب سيوفِ

ومواقفٌ في كلِّ يومٍ عظيمةٍ

ما كان فيها غيرهم بوقوفِ

ومشاهدٌ ملأت شعوب عدائهم

بقذى لأجفانٍ ورغم اُنوفِ

هم خوَّلوا النعم الجسام وأمطروا

في المملقين غمائم المعروفِ

وكأنَّهم يوم الوغى خلل القنا

حيّات رمل أو اسود غريفِ

كم راكبٍ منهم لغارب سدفة

طرباً لجود أو مهين سديفِ

ومتيَّمٍ يالمكرمات وطالما

ألِفَ الندى مَن كان غير ألوفِ

وحللت أندية الملوك مجيبةً

صوتي ومصغيةً إلى توقيفي

وحميتهم بالحزم كلَّ عَضيهةٍ

وكفيتهم بالعزم كلِّ مخوفِ

وتراهمُ يتدارسون فضائلي

ويصنِّفون من الفخار صُنوفي

ويردِّ دون على الرُّواة مآثري

ويعدِّ دون من العلاء اُلوفي

ويسيِّرون إلى ديار عدوِّهم

من جند رأيي العالمين رجوفي

وإذا همُ نكروا غريباً فاجئاً

وفزعوا بنكرهمُ إلى تعريفي

دفعوا بيَ الخطب العظيم عليهمُ

واستعصموا حذر العدى بكنوفي

وصحبت منهم كلَّ ذي جبريَّةٍ

سامٍ على قلل البريَّة موفِ

ترنو إليك وقد وقفت إزاءه

بين الوفود بناظري غطريفِ

فالآن قل لِلحاسدين:تنازحوا

عن شمس اُفق غير ذات كسوفِ

ودعوا لسيل الواديين طريقه

فالسيل جرّافٌ لكلِّ جروفِ

وتزوّدوا يأس القلوب عن الندى

فمنيفه دار لكلِّ منيفِ

وارضوا بأن تمشوا ولا كرم لكم

في دار مجد الأكرمين ضيوفي

____________________

١ - عزوف:ترك الشيئ والانصراف عنه.

٢٨٧

وقال في الجزء الخامس من ديوانه يرثي جدَّه الطاهر الإمام السبط الشهيدعليه‌السلام ومَن قُتل معه:

يا دار دار الصوَّم القوَّمِ

كيف خلا اُفقك من أنجمِ ؟!

عهدي بها يرتع سكّانها

في ظلِّ عيشٍ بينها أنعمِ

لم يصبحوا فيها ولم يغبقوا

إلّا بكاسي خمرة الأنعمِ

بكيَّتها من أدمع لو أبت

بكَّيتها واقعة من دمِ

وعجت فيها رائياً أهلها

سواهم الأوصال والملطمِ

نحلن حتّى خالهنَّ السرى

بعض بقايا شطنٍ مبرمِ

لم يدع الآساد هاماتها

إلّا سقيطات على المنسمِ

يا صاحبي يوم أزال الجوى

لحمي بِخدّيَ عن الأعظمِ

واريت ما أنت به عالمٌ

ودائيَ المعضلِ لم تعلمِ

ولستُ فيما أنا صبُّ به

مَن قرن السالي بالمغرمِ

وجدي بغير الظعن سيّارةٌ

من محزم ناء إلى محزمِ

ولا بلفّاء هضيم الحشا

ولا بذات الجيد والمعصمِ

فاسمع زفيري عند ذكري الأولى

بالطفِّ بين الذئب والقشعِ

طرحي فإمّا مقعصٌ بالقنا

أو سائل النفس على مِخذمِ(١)

نثراً كدرٍّ بددٍ مهملٍ

أغفله السلك فلم ينظمِ

كأنّما الغبراء مرميَّةٌ

من قِبَل الخضراء بالأنجمِ

دُعوا فجاؤا كرماً منهمُ

كم غرَّ قوماً قسم المقسمِ

حتّى رأوها اُخريات الدُّجى

طوالعاً من رهج أقتمِ

كأنَّهم بالصمِّ مطرورةٌ

لمنجد الأرض على متهمِ

وفوقها كلُّ مغيظ الحشا

مكتهل الطرف بلون الدمِ

كأنَّه من حنق أجدل

أرشده الحرص الى مطعمِ

فاستقلبوا الطعن إلى فتيةٍ

خوّاض بحر الحذر المفعمِ

____________________

١ - مقعص من أقعص الرجل:قتله مكانه أجهز عليه مخذم:آمة الخذم والذم القطع بسرعة.

_١٨_

٢٨٨

من كلِّ نهّاض بثقل الأذى

موكّل الكاهل بالمعظمِ

ماضٍ لما أمَّ فلو جاد في الـ

ـهيجاء بالحوجاء لم يندمِ

وكالف بالحربّ لو أنَّه

أطعم يوم السِّلم لم يطعمِ

مثلِّم السيف ومن دونه

عرص صحيح الحدِّ لم يثلمِ

فلم يزالوا يكرعون الظبا

بين تراقي الفارس المعلمِ

فمثخنٌ يحمل شهّاقة

تحكي لراءٍ فغرة الأعلمِ

كأنَّما الورس بها سائلٌ

أو أنبتت من قضب العندمِ

ومستزلُّ بالقنا عن قِرى

عبل الشوى أو عن مطا أدهمِ

لو لم يكيدوهم بها كيدة

لانقلبوا بالخزي والمرغمِ

فاقتضبت بالبيض أرواحهم

في ظلِّ ذاك العارض الأسحمِ

مصيبةٌ سيقت إلى أحمد

ورهطه في الملأ الأعظمِ

رزءٌ ولا كالرُّزء من قبله

ومولمٌ ناهيك من مولمِ

ورميةٌ أصمت ولكنَّها

مصمئة من ساعدٍ أجذمِ

قل لنبي حرب ومن جمّعوا

من حائرٍ عن رشده أو عمي

وكلّ عانٍ في أسار الهوى

يُحسب يقظان من النوَّمِ

:لا تحسبوها حلوةً انَّها

أمرُّ في الحلق من العلقمِ

صرَّعهم انَّهمُ أقدموا

كم فُدي المحجم بالمقدمِ

هل فيكمُ إلّا أخو سوءةٍ

مجرّح الجلد من اللوّمِ ؟!

إن خاف فقراً لم يجد بالندى

أو هاب وشك الموت لم يقدمِ

يا آل ياسين ومن حبّهم

منهج ذاك السنن الأقومِ

مهابط الأملاك أبياتهم

ومستقرّ المُنزل المحكمِ

فأنتمُ حجَّة ربِّ الورى

على فصيح النطق أو أعجمِ

وأين إلّا فيكمُ قربة

إلى الإ~له الخالق المنعمِ

والله لا أخليت من ذكركم

نظمي ونثري ومرامي فمي

كلّا ولا أغببت أعدائكم

من كلمي طوراً ومن أسهمي

٢٨٩

ولا رُئي يوم مصاب لكم

منكشفاً في مشهدٍ مبسمي

فإن أغب عن نصركم برهةً

بمرهفات لم أغب بالفمِ

صلّى عليكم ربّكم وارتوتْ

قبوركم من مسبلٍ منجمِ

مقعقع تخجل أصواته

أصوات ليث الغابة المرزمِ

وكيف استسقي لكم رحمةً ؟

وأنتم الرَّحمة للمجرمِ

وقال يرثي الإمام السبط المفدّى وأصحابه توجد في الجزء الخامس من ديوانه:

هل أنت راثٍ لصبِّ القلب معمودِ

دوي الفؤاد بغير الخرَّد الخودِ ؟!

ما شفَّه هجر أحباب وإن هجروا

من غير جرمٍ ولا خُلف المواعيد

وفي الجفون قذاةٌ غير زائلةٍ

وفي الضلوع غرامٌ غير مفقودِ

يا عاذلي ليس وجد بتُّ أكتمه

بين الحشى وجد تعنيفٍ وتفنيدٍ

شربي دموعي على الخدَّين سائلة

إن كان شربّك من ماء العناقيدِ

ونُم فإنَّ جفوناً لي مُسهَّدةٌ

عمر الليالي ولكن أيّ تسهيدِ

وقد قضيت بذاك العذل مأدبة

لو كان سمعيَ عنه غير مسدودِ

تلومني لم تصبك اليوم قاذفتي

ولم يعدك كما يعتادني عيدي

فالظلم عذل خليِّ القلب ذا شجنٍ

وهجنة لوم موفور لمجهودِ

كم ليلة بتُّ فيها غير مرتفق

والهمُّ ما بين محلولٍ ومعقود

ما إن أحِنّ إليها وهي ماضيةٌ

ولا أقول لها مُستدعياً عودي

جاءت فكانت كعوّار على بصر

وزايلت كزيال المائد المودي

فإن يودُّ اُناسٌ صبح ليلهمُ

فإنَّ صبحيَ صبحٌ غير مورودِ

عشَّيةٌ هجمت منها مصائبها

على قلوب عن البلوى محابيدِ

يا يوم عاشور كم طأطأتَ من بصر

بعد السموِّ وكم أذللتَ من جيدِ

يا يوم عاشور كم أطردتَ لي أملاً

قد كان قبلك عندي غير مطرودِ

أنت المرنِّق عيشي بعد صفوته

ومولج البيض من شيبي على السودِ

جُز بالطفوف فكم فيهنَّ من جبل

خرَّ القضاء به بين الجلاميدِ

وكم جريحٍ بلا آس تمزَّقه

إمّا النسور وإمّا أضبع البيد

٢٩٠

وكم سليب رماحٍ غير مستترٍ

وكم صريحِ حمامٍ غير ملحودِ

كأنَّ أوجههم بيضاً ملألأة

كواكبٌ في عراص القفرة السودِ

لم يطعموا الموت إلّا بعد أن حطموا

بالضرب والطعن أعناق الصناديدِ

ولم يدع فيهمُ خوف الجزاء غداً

دماً لتربٍ ولا لحماً إلى سيدِ

من كلِّ أبلج كالدينار تشهده

وسط النديِّ بفضل غير مجحودِ

يغشى الهياج بكفٍّ غير منقبضٍ

عن الضّراب وقلبٍ غير مزؤدِ

لم يعرفوا غير بثِّ العرف بينهم

عفواً ولا طبعوا إلّا على الجودِ

يا آل أحمد كم تُلوى حقوقكمُ

ليَّ الغرائب عن نبت القراديدِ

وكم أراكم بأجواز الفلا جُزراً

مبدَّدين ولكن أيّ تبديدِ

لو كان ينصفكم من ليس ينصفكم

ألقى إليكم مطيعاً بالمقاليدِ

حُسدتم الفضل لم يحرزه غيركُم

والناس ما بين محرومٍ ومحسودِ

جاءوا إليكم وقد أعطوا عهودهمُ

في فيلقٍ كزهاء الليل ممدودِ

مُستمر حين بأيديهم وأرجلهم

كما يشاؤن ركض الضمَّر القودِ

تهوي بهم كلّ جرداء مطهَّمةٍ

هويَّ سجل من الأودام مجدودِ

مستشعرين لأطراف الرِّماح ومن

حدِّ الظبا أدرعاً من نسج داودِ

كأنَّ أصوات ضربّ الهام بينهمُ

أصواتُ دوح بأيدي الريح مبدودِ

حمائم الأيك تبكيهم على فننٍ

مرنَّحٍ بنسيم الريح أملودِ

نوحي فذاك هديرٌ منك محتسبٌ

على (حسين) فتعديدٌ، كتغريدِ

اُحبّكم والذي طاف الحجيج به

بمبتنى بأزاء العرش مقصودِ

وزمزم كلّما قسنا مواردها

أوفى وأربى على كلِّ المواريدِ

والموقفين وما ضحَّوا على عجل

عند الجمار من الكوم المقاحيدِ

وكلّ نسك تلقّاه القبول فما

أمسى وأصبح إلّا غير مردودِ

وارتضي أنَّني قد متُّ قبلكمُ

في موقفٍ بالرُّدينيّات مشهودِ

جمَّ القتيل فهامات الرِّجال به

في القاع ما بين متروكٍ ومحصودِ

فقل لآل زياد: أيّ معضلة

ركبتموها بتخبيب وتخويدِ ؟!

٢٩١

كيف استلبتم من الشجعان أمرهمُ

والحرب تَغلي بأوغادٍ عراديدِ ؟!

فرَّقتم الشمل ممَّن لفَّ شملكم

وأنتمُ بين تطريدٍ وتشريدِ

ومَن أعزّكُم بعد الخمول ومَن

أدناكُم من أمان بعد تبعيدِ

لولاهمُ كنتمُ لحماً لمزدرد

أو خلسةً لقصير الباع معضودِ

أو كالسقاء يبيساً غير ذي بللٍ

أو كالخباء سقيطاً غير معمودِ

أعطاكمُ الدهر ما لا بدَّ يرفعه

فسالب العود فيها مورق العودِ

فلا شربتم بصفوٍ لا ولا علقت

لكم بنانٌ بأزمانٍ أراغيدِ

ولا ظفرتم وقد جنَّت بكم نوبٌ

مقلقلات بتمهيدٍ وتوطيدِ

وحوَّل الدهر ريّاناً إلى ظمأٍ

منكم وبدَّل محدوداً بمجدودِ

قد قلت للقوم: حطّوا من عمائمهم

تحقّقاً بمصاب السّادة الصيدِ

نوحوا عليه فهذا يوم مصرعه

وعدِّدوا إنَّها أيّام تعديدِ

فلي دموعٌ تُباري القطر واكفةٌ

جادت وإن لم أقل يا أدمعي جودي

وقال يذكر مصرع جدِّه الإمام السبطعليه‌السلام يوجد في الجزء الأوَّل من ديوانه:

أسقى نمير الماء ثمَّ يلذُّ لي

ودوركمُ آل الرَّسول خلاءُ ؟!

وأنتم كما شاء الشتات ولستمُ

كما شئتمُ في عيشةٍ وأشاءُ

تُذادون عن ماء الفرات وكارع

به إبل للغادرين وشاءُ

تنشَّر منكم في القواء معاشرٌ

كأنَّهمُ للمبصرين ملاءُ

ألا إنّ يوم الطفِّ أدمى محاجراً

وأودى قلوباً ما لهنَّ دواءُ

وإنَّ مصيبات الزَّمان كثيرةٌ

ورُبَّ مصابٌ ليس منه عزاءُ

أرى طخيةً فينا فأين صباحها ؟

وداءً على داءٍ فأين شفاءُ ؟!

وبين تراقينا قلوبٌ صديَّةٌ

يُراد لها - لو أعطيته - جلاءُ

فيا لائماً في دمعتي ومفنِّداً

على لوعتي واللوم منه عناءُ

فما لك منّي اليوم إلّا تلهّفي

وما لك إلّا زفرةٌ وبكاءُ

وهل ليَ سلوانٌ وآل محمَّد

شريدهُم ما حان منه ثواءٌ ؟!

يصدُّ عن الروحات أيدي مطيِّهم

ويزوى عطاءٌ دونهم وحباءُ

٢٩٢

كأنَّهمُ نسلٌ لغير محمَّد

ومن شعبه أو حزبه بُعداءُ

فيا أنجماً يهدي إلى الله نورها

وإن حال عنها للغبيِّ غباءُ

فإن يك قومٌ وصلةً لجهنَّم

فأنتم إلى خلد الجنان رشاءُ

دعوا قلبي المحزون فيكم يهيجه

صباحٌ على اُخراكمُ ومساءُ

فليس دموعي من جفوني وإنَّما

تقاطرن عن قلبي فهنَّ دماءُ

إذا لم تكونوا فالحياة منيَّةُ

ولا خير فيها والبقاءُ فناءُ

وأمّا شقيتم بالزَّمان فإنَّما

نعيمي إذا لم تلبسوه شقاءُ

لحى الله قوماً لم يجازوا جميلكم

لأنَّكُم أحسنتمُ وأساؤا

ولا انتاشهم عند المكاره منهضٌ

ولا مسَّهم يوم البلاء جزاءٌ

سقى الله أجداثاً طوين عليكمُ

ولا زال منهلّاً بهنَّ رواءُ

يسير إليهنَّ الغمام وخلفه

زماجر من قعقاغه وحداءُ

كأنَّ بواديه العشار تروَّحتْ

لهنَّ حنينٌ دائمُ ورغاءُ

ومن كان يسقي في الجنان كرامة

فلامسَّه ريّاً من السحائب ماءُ

وقال يرثيه صلوات الله عليه يوم عاشوراء توجد في الجزء السادس من ديوانه:

يا يوم أيّ شجى بمثلك ذاقه

عصب الرَّسول وصفوة الرحمانِ ؟!

جرعتهم غصص الردى حتّى ارتووا

ولذعتهم لواذع النيرانِ

وطرحتهم بدراً بأجواز الفلا

للذئب آونةً وللعقبانِ

عافوا القرار وليس غير قرارهم

أو بردهم موتاً بحدِّ طعانِ

منعوا الفرات وصُرِّعوا من حوله

من تائقٍ للورد أو ظمآنِ

أوَ ما رأيت قراعهم ودفاعهم

قدماً وقد أعروا من الأعوانٍ ؟!

متزاحمين على الرَّدى في موقفٍ

حشى الظبا وأسنّة المرانِ

ما إن به إلّا الشجاع وطائر

عنه حذار الموت كلّ جبان

يوم أذلَّ جماجماً من هاشمٍ

وسرى إلى عدنان بل قحطانِ

أرعى جميم الحقِّ في أوطانهم

رعي الهشيم سوائم العدوانِ

وأنار ناراً لا تبوخ وربِّما

قد كان للنيران لون دخانِ

٢٩٣

وهو الذي لم يبق في دينٍ لنا

بالغدر قائمة من البنيانِ

يا صاحبيَّ على المصيبة فيهمُ

ومشاركيَّ اليوم في أحزاني

قوما خذا نار الصِّلا من أضلعي

إن شئتما والنار من أجفاني

وتعلّما انَّ الذي كتَّمته

حذر العدى يأبى عن الكتمانِ

فلو أنَّني شاهدتهم بين العدى

والكفر مغلولٌ على الإيمانِ

لخضبت سيفي من نجيع عدوِّهم

ومحوت من دمهم حجول حصاني

وشفيت بالطعن المبرَّح بالقنا

داء الحقود ووعكة الأضغانِ

ولبعتهم نفسي على ضننٍ بها

يوم الطفوف بأرخص الأثمانِ

وقال يرثي جدَّه الإمام السبط المفدّى يوم عاشوراء سنة ٤١٣ توجد في الجزء الثالث من ديوانه:

لك الليل بعد الذاهبين طويلا

ووفد هموم لم يردن رحيلا

ودمعٌ إذا حبَّسته عن سبيله

يعود هتوفاً في الجفون هطولا

فيا ليت أسراب الدموع التي جرت

أسون كليماً أو شفين عليلا

إخال صحيحاً كلّ يوم وليلة

ويأبى الجوى إلّا أكون عليلا

كأنّي وما أحببت أهوى ممنّعاً

وأرجو ضنيناً بالوصال بخيلا

فقل للذي يبكي نؤياً ودمنة

ويندب رسماً بالعراء محيلا

عداني دمٌ لي طلَّ بالطفِّ أن أرى

شجيّاً اُبكّي أربُعاً وطلولا

مصابٌ إذا قابلت بالصبر غربه

وجدت كثيري في العزاء قليلا

ورزءٌ حملت الثقل منه كأنَّني

مدى الدهر لم أحمل سواه ثقيلا

وجدتم عداة الدين بعد محمَّد

إلى كلمه في الأقربين سبيلا

كأنَّكم لم تنزعوا بمكانه

خشوعاً مبيناً في الورى وخمولا

وأيّكُم ما عزّ فينا بدينه

وقد عاش دهراً قبل ذاك ذليلا

فقل لبني حربّ وآل اُميَّة

إذا كنت ترضى أن تكون قؤلا

:سللتم على آل النبيَّ سيوفه

ملئن ثلوماً في الطلى وفلولا

وقد تم إلم من قادكم من ضلالكم

فأخرجكم من وادييه خيولا

٢٩٤

ولم تغدروا إلّا بمن كان جدُّه

إليكم لتحظوا بالنَّجاة رسولا

وترضون ضد الحزم إن كان ملككم

ضئيلاً وديناً دنتمُ لهزيلا

نساء رسول الله عقر دياركم

يرجِّعن منكم لوعةً وعويلا

لهنَّ ببوغاء الطفوف أعزّة

سقوا الموت صرفاً صبيةً وكهولا

كأنَّهمُ نوّار روض هوت به

رياحٌ جنوباً تارةً وقبولا

وأنجمُ ليل ما علون طوالعاً

لأعيننا حتّى هبطن اُفولا

فأيّ بدورٍ ما مُحين بكاسف ؟!

وأيّ غصونٍ ما لقين ذبولا ؟!

أمن بعد أن أعطيتموه عهودكم

خفافاً إلى تلك العهود عجولا

رجعتم عن القصد المبين تناكصاً !

وحُلتم عن الحقِّ المنير حؤولا ؟!

وقعقعتمُ أبوابه تختلونه

ومَن لم يُردَ ختلاً أصاب ختولا

فما زلتمُ حتّى أجاب نداءكم

وأي كريم لا يُجيب سؤولا ؟!

فلمّا دنا ألفاكُم في كتائب

تطاولن أقطار السباسب طولا

متى تك منها حجزة أو كحجزة

سمعت رغاءً مصعقاً وضهيلا

فلم يرَ إلّا ناكثاً أو منكّباً

وإلّا قطوعاً للذمام حلولا

وإلّا قعوداً عن لمام بنصره

وإلّا جبوهاً بالرَّدى وخذولا

وضغن شفاف هبّ بعد رقاده

وأفئدة ملأى يفضن ذحولا

وبيضاً رقيقات الشفار صقيلة

وسمراً طويلات المتون عسولا

فلا أنتمُ أفرجتمُ عن طريقه

إليكم ولا لمّا أراد قفولا

عزيزٌ على الثاوي بطيبة أعظم

نبذن على أرض الطفوف شكولا

وكلُّ كريمٍ لا يلمُّ بريبةٍ

فإن سيم قول الفحش قال جميلا

يذادون عن ماء الفرات وقد سقوا

الشَّهادة من ماء الفرات بديلا

رُموا بالرَّدى من حيث لا يحذرونه

وغرّوا وكم غرَّ الغفولِ غفولا

أيا يوم عاشوراء كم بفجيعةٍ

على الغرِّ آل الله كنتَ نزولا

دخلت على أبياتهم بمصابهم

ألا بئسما ذاك الدخول دخولا

نزعت شهيد الله منّا وإنَّما

نزعت يميناً أو قطعت تليلا

٢٩٥

قتيلاً وجدنا بعده دين أحمد

فقيداً وعزَّ المسلمين قتيلا

فلا تبخسوا بالجور من كان ربّه

- برجع الذي نازعتموه - كفيلا

اُحبّكمُ آل النبيَّ ولا أرى

وكم عذلوني عن هواي عديلا

وقلتُ لمن يلحا على شغفي بكم

وكم غير ذي نصحٍ يكون عذولا

:رويدكُم لا تنحلوني ضلالكم

فلن تُرحلوا منّي الغداة ذلولا

عليكم سلام الله عيشاً وميتةً

وسفراً تطيعون النَّوى وحلولا

فما زاغ قلبي عن هواكم وأخمصي

فلا زلَّ عمّا ترتضون زليلا

وقال في الموعظة والإعتبار توجد في الجزء السادس من ديوانه:

لا تقربنَّ عضيهةً

إنَّ العضاية مخزياتُ

واجعل صلاحك سرمداً

فالصّالحات الباقياتُ

في هذه الدنيا ومَن

فيها لنا أبداً عظاتُ

إمّا صروفٌ مقبلاتٌ

أو صروفٌ مدبراتُ

وحوادث الأيّام فينا

آخذاتٌ معطياتُ

والذلُّ موتٌ للفتى

والعزُّ في الدنيا الحياةُ

والذخر في الدارين إمّا

طاعةٌ أو مأثراتُ

يا ضيعة للمرء تدعوه

إلى الهلك الدعاةُ

تغترُّه حتّى يزور

شعابهنَّ الطيِّبات

عبَرٌ تمرُّ وما لها

منّا عيونٌ مبصراتُ

أين الأولى كانوا بأ

يدينا حصولاً ثمَّ ماتوا ؟!

مِن كلِّ مَن كانت له

ثمرات دجلة والفراتُ

ما قيل: نالوا فوق ما

يهوون حتّى قيل:فاتوا

لم يغن عنهم حين همَّ

بهم حمامهم الحماةٌ

كلّا ولا بيضٌ وسمرٌ

عارياتٌ مشرعاتُ

نطقوا زماناً ثمَّ ليس

لنطقهم إلّا الصّماتُ

وكأنَّهم بقبورهم

سبتوا وما بهمُ سباتُ

٢٩٦

من بعد أن ركبوا قرى

سرر وجردهمُ رفاتُ

سلموا على صلح الأسنَّة

والظبى لما استماتوا

ونجوا من الغمّاء لمّا

قيل:ليس لهم نجاةٌ

في موقف فيه الصوارم

والذوابل والكماةُ

وأتاهمُ من حيث لم

يخشوا لحينهم المماتُ

وطوتهُم طيُّ البرود

لهم قبورٌ مظلماتٌ

فهمُ بها مثل الهشيم

تعيث فيها العاصفاتُ

شُعثٌ وسائدهم بها

من غير تكرمةٍ علاةُ

قل للّذين لهم إلى

الدنيا دواع مسمعاتُ

وكأنَّهم لم يسمعوا

ماذا تقول الناعياتُ

أوَ ما تقول لهم إذا اجتا

زرا الديار الخالياتُ ؟!

فالضّاحكات وقد نعمن

بهنَّ هنَّ الباكياتُ

:حتّى متى وإلى متى

تأوي عيونكم السّناتُ ؟!

كم ذا تفرِّج عنكُم

أبد الزمان الموغطاتُ؟!

كم ذا وُعظتم لو تكون

لكم قلوبٌ مصغياتُ ؟!

لكمُ عقولٌ معوضاتٌ

أو عيونٌ عاشياتُ

عُج بالديار فنادها:

أين الجبال الراسياتُ ؟!

أين العصاة على المكا

رم للعواذل والاُباةُ ؟!

تجري المنايا من روا

جبهم جميعاً والصِّلاتُ

وإذا لقوا يوم الوغى

أقرانهم كانت هناةٌ

والدَّهر طوع يمينهم

وهمُ على الدنيا الولاةُ

أعطاهمُ متبرِّعاً

ثمَّ استردَّ فقال: هاتوا

كانت جميعاً ثمَّ مزَّق

شمل بينهم الشَّتاتُ

فأكفّهم من بعد أن

سلبوا المواهب مقفراتُ

وسيوفهم ورماحهم

منبوذةٌ والضامراتُ

٢٩٧

أمنوا الصَّباح وما لهم

علمٌ بما يجنى البياتُ

ورماهمُ فأصابهم

داءٌ تعزٌّ له الرقاةُ

وسهام أقواس المنون

الصائباتُ المصمياتُ

مات الندى من بيننا

بمماتهم والمكرماتُ

وقال يرثي الشيخ الأكبر شيخنا المفيد محمَّد بن محمَّد بن نعمان المتوفّى في رمضان ٤١٣ توجد في الجزء الثالث من ديوانه:

مَن على هذه الديار أقاما ؟!

أو ضفا ملبسٌ عليه وداما ؟!

عُج بنا نندب الذين تولّوا

باقتياد المنون عاماً فعاما

فارقونا كهلاً وشيخاً وهمّاً

ووليداً وناشئاً وغلاما

وشحيحاً جعد اليدين بخيلاً

وجواداً مخوّلا مِطعاما

سكنوا كلِّ ذروةٍ من أشمٍّ

يحسر الطرف ثمَّ حلوا الرغاما

يا لحى الله مهملاً حسب الد

هر نؤم الجفون عنه فناما

وكأنّي لمّا رأيت بني الدهر

غفولاً رأيت منهم نياما

أيّها الموت كم حططتَ عليّاً

ساميَ الطرف؟! أو جببت سناما ؟!

وإذا ما حدرت خَلفاً وظنّوا

نجوة من يديك كنت إماما

أنت ألحقت بالذكيِّ غبيّاً

في اصطلامٍ وبالدنيِّ هماما

أنت أفنيت قبل أن تأخذ الأبناء

منّا الآباء والأعماما

ولقد زادني فأرِّق عيني

حادثٌ أقعد الحجى وأقاما

حدتُ عنه فزادني حيدي عنه

لصوقاً بدائه والتزاما

وكأنّي لما حملت به الثقل

تحمّلت يذبلاً وشماما

فخذ اليوم من دموعي وقد كنِّ

جموداً على المصاب سجاما

إنَّ شيخ الإسلام والدين والعلم

تولّى فأزعج الإسلاما

والذي كان غرَّةً في دُجى الأيّا

م أودى فأوحش الأيّاما

كم جلوتَ الشكوك تعرض في نصِّ

وصيٍّ ؟! وكم نصرت إماما ؟!

وخصوم لدّ ملأتهم بالحقِّ

في حومة الخصام خصاما ؟!

٢٩٨

عاينوا منك مصمياً ثغرة النحر

وما أرسلت يداك سهاما

وشجاعاً يفري المراء وما كلُّ

شجاعٍ يفري الطلى والهاما

مَن إذا مال جانبٌ من بناء

الدين كانت له يداه دعاما ؟!

وإذا ازورَّ جائرٌ عن هداه

قاده نحوه فكان زماما ؟!

مَن لفضل أخرجتَ منه خبيئاً

ومعانٍ فضضتَ عنها ختاما ؟!

مَن لسوء ميَّزت عنه جميلاً

وحلال خلّصت منه حراما ؟!

مَن يُنير العقول من بعد ما كنَّ

هموداً وينتج الأفهاما ؟!

مَن يُعير الصِّديق رأياً إذا ما

سلّه في الخطوب كان حساما ؟!

فامض صفراً من العيوب وكم با

ن رجالٌ أثروا عيوباً وذاما

إنَّ خلداً أوضحت عاد بهيماً

وصباحاً أطلعت صار ظلاما

وزلالاً أوردتً حال اُجاجاً

وشفاءً أورثت آلَ سقاما

لن تراني وأنت من عدد الأموا

ت إلا تجمّلاً بسّاما

وإذا ما اخترمتَ منّي فما أرهب

في سائر الأنام اختراما

إن تكن مجرماً ولستَ فقدوا

ليت قوماً تجمَّلوا الأجراما

لهمُ في المعاد جاهٌ إذا ما

بسطوه كفى وأغنىِ الأناما

لا تخف ساعة الجزاء وإن خا

ف اُناسٌ فقد أخذتَ ذماما

أودع الله ما حللت من البيد

اء فيه الإنعام والإكراما

ولوى عنه كلّ ما عاقه التر

ب ولا ذاق في الزَّمان اُواما

وقضى أن يكون قبرك للرَّحمة

والأمن منزلاً ومقاما

وإذا ما سقى القبور فروّاها

رهاماً سقاك منه سلاما

رَحِمَ اللهُ مَعشَر الماضينَ والسَّلامُ

على مَنِ اتَّبَعَ الهُدى

٢٩٩

ألقرن الخامس

٤٠

أبو علي البصير

ألمتوفّى ٤٢٢

سبحان من ليس في السَّماء ولا

في الأرض ندُّ له وأشباهُ

أحاط بالعالمين مقتدراً

أشهد أن لا إله إلّاهُ

وخاتم المرسلين سيِّدنا

أحمد ربُّ السَّماء سّماهُ

أشرقت الأرض يوم بعثته

وحصحص الحقُّ من محيّاهُ

إختار يوم ( الغدير ) حيدرةً

أخاً له في الورى وآخاهُ

وباهل المشركين فيه وفي

زوجته يقتفيهما ابناهُ

هم خمسةٌ يُرحم الأنام بهم

ويستجابُ الدُّعا ويرجاهُ(١)

( ألشاعر )

أبو علي البصير [ الضرير ] الحسن بن المظفَّر النيسابوري المحتد، الخوارزمي المولد، ذكره إبن شهر اشوب من المتَّقين من شعراء أهل البيت عليهم السَّلام، وذكره أبو أحمد محمود بن أرسلان في تاريخ خوارزم وبالغ في الثناء عليه وقال:كان مؤدَّب أهل خوارزم في عصره ومخرِّجهم وشاعرهم ومقدِّمهم والمشار إليه منهم، له كتاب تهذيب ديوان الأدب وكتاب إصلاح المنطق، وكتاب ذيل تتمَّة اليتيمة. وديوان شعره في مجلّدين. وديوان رسائله. وكتاب محاسن من إسمه الحسن. وكتاب زيادات أخبار خوارزم. ومن شعره قوله:

أهلاً بعيش كان جِدَّ مواتِ(٢)

أحيا من اللّذات كلِّ مَواتِ

أيّام سرب الإنس غير منفَّر

والشَّمل غير مروَّعٍ بشتاتِ

____________________

١ - هذه الابيات ذكرها العلامة السماوي في الجزء الاول من كتابه ( الطليعة في شعراء الشيعة ) لابي علي الضرير. وذكر الحموي منها أربعة أبيات ونسبها إلى ولده عمر أبي حفص، والله العالم

٢ - اى مطاوع وموافق. من واتى مواتاة ووتاء.

٣٠٠