الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٤

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 423

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 423
المشاهدات: 194489
تحميل: 7956


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194489 / تحميل: 7956
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ومدحه معاصره الكاتب أبو إبراهيم أسعد بن مسعود العتبي(١) كما في ( معجم الاُدباء ) ج ٢ ص ٢٤٢ بقوله:

يا أوحد البلغاء والاُدباء

يا سيّد الفضلاء والعلماءِ

يا من كأنَّ عطارداً في قلبه

يملي عليه حقايق الأشياءِ

وذكره السيوطي في ( بغية الوعاة ) ص ٣٢٩ بما يقرب من كلام الحموي صاحب المعجم وحكى عن ( الوشاح ) انه مات سنة ٥١٣ عن ثمانين سنة وروى له قوله:

زماننا ذا زمان سوء

لا خير فيه ولا صلاحا

هل يبصر المسلمون فيه

لليل أحزانهم صباحا ؟!

فكلّهم منه في عناءٍ

طوبى لمن مات فاستراحا

وعبَّر عنه معاصره شيخنا الفتَّال في ( روضة الواعظين ) بالشيخ الإمام تارة وبالشيخ الأديب اُخرى، وترجمه وأطراه القاضي في ( المجالس ) ص ٢٣٤، وصاحب ( رياض العلماء ) و ( روضات الجنات ) ص ٤٨٥، و ( الشيعة في فنون الاسلام ) ص ١٣٦، وذكر ابن شهر اشوب في ( معالم العلماء ) له كتاب ( تاج الأشعار وسلوة الشيعة ) قال:وهي أشعار أمير المؤمنينعليه‌السلام وينقل عنه في كتابه ( مناقب آل أبي طالب(٢) ) كما أنَّ شيخنا قطب الدين الكيدري(٣) جعله من مصادر كتابه ( أنوار العقول من أشعار وصيِّ الرَّسول )، ونصَّ فيه بأنَّ الفنجكردي قد جمع في كتابه ( تاج الأشعار ) مائتي بيت من شعر أمير المؤمنينعليه‌السلام وترجمه سيّدنا صاحب ( رياض الجنَّة ) في الروضة الرّابعة وذكر له قوله:

إذا ذكرتَ الغرِّ من هاشم

تنافرت عنك الكلاب الشارده

فقل لمن لامَكَ في حبِّهِ

:خانتك في مولودك الوالده

قال الأميني:أشار المترجم بهذين البيتين إلى ما ورد في جملة من الأحاديث من أنَّ أمير المؤمنينعليه‌السلام لا يُبغضه إلّا دعيّ وإليك منها:

____________________

١ - ولد سنة ٤٠٤ وتوفي في جمادى الاولى ٤٩٤.

٢ - راجع ج ٢ ص ٩٩ و ١٣٩ و ١٧٦.

٣ - هو الشيخ أبو الحسن محمد بن الحسين البيهقي النيسابوري شارح نهج البلاغة توفي حدود سنة ٥٧٤.

٣٢١

١ - عن أبي سعيد الخدري قال:كنّا معشر الأنصار نبور(١) أولادنا بحبِّهم عليّاً رضي الله عنه، فاذا وُلد فينا مولودٌ فلم يحبّه عرفنا انّه ليس منّا(٢)

٢ - عبادة بن الصامت كنّا نبور أولادنا بحبِّ علي بن أبي طالب رضي الله عنه فإذا رأينا أحدهم لا يحبّ علي بن أبي طالب علمنا انّه ليس منا وانَّه لغير رشدة(٣) قال الحافظ الجزري في ( أسنى المطالب ) ص ٨ بعد ذكر هذا الحديث:وهذا مشهورٌ من قديم وإلى النوم انّه ما يبغض عليّاً رضي الله عنه إلّا ولد الزنا.

٣ - أخرج الحافظ الحسن بن علي العدوي قال حدّثنا أحمد بن عبدة الضبّي عن أبي عيينة عن إبن الزبير عن جابر قال:أمرنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن نعرض أولادنا على حبِّ علي بن أبي طالب. رجاله رجال الصحيحين كلّهم ثقات.

٤ - أخرج الحافظ إبن مردويه عن أحمد بن محمَّد النيسابوري عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أحمد قال سمعت الشافعي يقول:سمعت مالك بن أنس يقول:قال أنس بن مالك:ما كنا نعرف الرَّجل لغير أبيه إلّا ببغض علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

٥ - أخرج إبن مردويه عن أنس في حديث:كان الرَّجل من بعد يوم خيبر يحمل ولده على عاتقه ثمَّ يقف علىّ طريق عليّ رضي الله عنه فإذا نظر إليه أومأ بإصبعه:يا بُنيَّ تحبُّ هذا الرجل ؟! فإن قال:نعم. قبّله. وإن قال:لا، خرق به الأرض وقال له:إلحق بأمِّك.

٦ - أخرج الحافظ الطبري في كتاب الولاية باسناده عن عليّعليه‌السلام إنَّه قال:لا يحبّني ثلاثة:ولد الزنا. ومنافق. ورجل حملت به اُمّه في بعض حيضها.

٧ - أخرج الحافظ الدارقطني وشيخ الاسلام الحمّويي في فرائده باسنادهما عن أنس مرفوعاً قال:إذا كان يوم القيامة نُصب لي منبر ثمَّ ينادي مناد من بطنان العرش:أين محمَّد ! فاُجيب:فيقال لي:ارق. فأكون أعلاه ثمَّ ينادي الثانية:أين عليّ ! فيكون دوني بمرقاة

____________________

١ - باره يبوره بوراً:جربه واختبره.

٢ - أسنى المطالب للحفاظ الجزري ص ٨، شرح ابن أبي الحديد ١ ص ٣٧٣، وهناك تصحيف

٣ - أسنى المطالب ص ٨، نهاية ابن الاثير ١ ص ١١٨، الغريبين للهروى وفي لفظه:نسبر مكان نبور، لسان العرب ٥ ص ١٥٤، تاج العروس ٣ ص ٦١.

٣٢٢

فيعلم جميع الخلايق انَّ محمَّداً سيد المرسلين وانَّ عليّاً سيِّد المؤمنين(١) :قال أنس:فقام إليه رجلٌ فقال:يا رسول الله:من يبغض عليّاً بعدُ ؟! فقال:يا أخا الأنصار لا يبغضه من قريش إلّا سفحيّ، ولا من الأنصار إلا يهوديّ، ولا من العرب إلّا دعيّ، ولا من ساير الناس إلّا شقيّ.

هذا الحديث ضعَّفه السيوطي لمكان إسماعيل بن موسى الفزاري في سنده. وقد ذكره إبن حبّان في الثقات وقال مطين:كان صدوقاً. وقال النسائي:لا بأس به. وعن أبي داود:انَّه صدوق في الحديث روى عنه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد، وأبو داود والترمذي، وابن ماجة، وابن خزيمة، والساجي، وأبو يعلى وغيرهم. ولم يذكر غمزٌ فيه عن أحد من هؤلاء الأعلام، نعم:ذنبه الوحيد انَّه شيعيُّ علويُّ المذهب.

٨ - عن أبي بكر الصدّيق قال:رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خيِّم خيمة وهو متَّكئُ على قوس عربيَّة وفي الخيمة عليُّ وفاطمة والحسن والحسين فقال:معشر المسلمين ! أنا سلمٌ لمن سالمَ أهل الخيمة، حربٌ لمن حاربهم، وليُّ لمن والاهم، لا يحبّهم إلّا سعيد الجدِّ طيِّب المولد، ولا يبغضهم إلا شقيُّ الجد ردئ المولد(٢)

٩ - عن أبي مريم الأنصاري عن عليٍّعليه‌السلام قال:لا يحبّني كافر ولا ولد زنا(٣)

١٠ - أخرج إبن عدي والبيهقي وأبو الشيخ والديلمي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إنَّه قال:مَن لم يعرف عترتي والأنصار والعرب فهوَ لإحدى الثلاث:إمّا منافق. و إما ولد زانية. وإمّا امرؤ حملت به امّه في غيرُ طهر(٤) .

١١ - روى المسعودي في ( مروج الذهب ) ج ٢ ص ٥١ عن كتاب الأخبار لأبي الحسن عليّ بن محمَّد بن سليمان النوفلي باسناده عن العبّاس بن عبد المطلب قال:كنت عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا أقبل عليّ بن أبي طالب فلمّا رآه أسفر في وجهه فقلت:يا رسول الله ! إنَّك لتسفر في وجه هذا الغلام. فقال:يا عمّ رسول الله واللهَ لله أشدُّ حبّاً له منّي، ولم يكن نبيُّ إلّا وذريَّته الباقية بعده من صلبه وإن ذريَّتي بعدي

____________________

١ - في لفظ الحموي، الوصيين.

٢ - الرياض النضر، للحافظ محب الدين الطبري ٢ ص ١٨٩.

٣ - شرح ابن ابي الحديد ج ١ ص ٣٧٣.

٤ - الصواعق لابن حجر ص ١٠٣، ١٣٩، ألفصول المهمة ١١، الشرف المؤبد ص ١٠٣ وليس فيه كلمة: والعرب.

٣٢٣

من صلب هذا، إنَّه إذا كان يوم القيامة دُعى الناس بأسمائهم وأسماء اُمهّاتهم إلّا هذا وشيعته فانَّهم يُدعون بأسمائهم وأسماء آبائهم لصحَّة ولادتهم.

١٢ - عن إبن عبّاس قال قال عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه:رأيت النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عند الصَّفا وهو مقبلٌ على شخص في صورة الفيل وهو يلعنه فقلت:ومَن هذا الذي يلعنه رسول الله ؟! قال:هذا الشيطان الرَّجيم. فقلت:والله يا عدوَّ الله لأقتلنَّك ولاُريحنَّ الاُمَّة منك. قال:والله ما هذا جزائي منك. قلت:وما جزاؤك منّي يا عدوَّ الله ؟! قال:والله ما أبغضك أحدٌ قطُّ إلّا شركت أباه في رحم اُمِّه.

أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه ٢ ص ٢٩٠، والكنجي في ( الكفاية ) ص ٢١ عن أربع من مشايخه.

روى شيخ الإسلام الحمّويي في فرايده في الباب الثاني والعشرين من طريق أبي الحسن الواحدي بإسناده، والزرندي في (نظم درر السمطين ) عن الرّبيع بن سلمان قال:قيل للشافعي:إنَّ قوماً لا يصبرون على سماع فضيلة لأهل البيت فإذا أراد أحدٌ يذكرها يقولون:هذا رافضيٌّ قال:فأنشأ الشافعيُّ يقول:

إذا في مجلس ذكروا عليّاً

وسبطيه وفاطمة الزكيَّه

فأجرى بعضهم ذكرى سواهم

فأيقن انَّه لسلقلقيَّه

إذا ذكروا عليّاً أو بنيه

تشاغل الرِّوايات الدنيَّه

وقال:تجاوزا يا قوم ! هذا

فهذا من حديث الرافضيَّه

برئتُ إلى المهيمن من اُناس

يرون الرفض حبَّ الفاطمَّيه

على آل الرَّسول صلاة ربّي

ولعنته لتلك الجاهليَّه

وقد نظم هذه الإثارة كثيرٌ من الشعراء قديماً وحديثاً يضيق المجال بذكر شعرهم ومنه قول الصّاحب ابن عباد:

بحبِّ عليّ تزول الشكوك

وتصفو النفوس ويزكو النجارُ

فمهما رأيتَ محبّاً له

فثَمَّ العلاء وثَمّ الفخارُ

ومهما رأيتَ بغيضاً له

ففي أصله نسبٌ مستعارُ

فمهّد على نُصبه عذره

فحيطان دار أبيه قصارُ

٣٢٤

وقال أيضاً:

حبُّ عليّ بن أبي طالب

فرضٌ على الشاهد والغائبِ

واُّم من نابذه عاهرٌ

تبذل للنازل والراكبِ

وقال ابن مدلل:

ولقد روينا في حديث مسند

عمّا رواه حذيفة بن يمانِ

إني سألت المرتضى لِمَ لم يكن

عقد الولاء يصيب كلِّ جنانِ ؟!

فأجابني بإجابة طابت لها

نفسي وأطربني لها استحساني

:الله فضَّلني وميَّز شيعتي

من نسل أرجاس البعول زوانِ

وروايةٌ اُخرى إذا حُشر الورى

يوم المعاد رويت عن سلمانِ

:للناصبين يقال:يا بن فلانة

ويقال:للشيعيّ:يا بن فلانِ

كتموا أبا هذا لخبث ولادةٍ

ولطيب ذا يُدعى بلا كتمانِ

٣٢٥

ألقرن السّادس

٤٥

ابن منير الطرابلس ى

ولد ٤٣٧

توفّي ٥٤٨

عذَّبتَ طرفي بالسهرْ

وأذبتَ قلبي بالفكر

ومزجتَ صفو مودَّتي

من بَعدُ بعدك بالكدر

ومنحتَ جثماني الضنى

وكحلتَ جفني بالسهرْ

وجفوتَ صبّاً ما له

عن حسن وجهك مصطبرْ

يا قلبِ:ويحك كم تخاد

ع بالغرور ؟! وكم تُغرْ ؟!

وإلى م تكلف بالأغنّ

من الظباء وبالأغرْ ؟!

لئن الشَّريف الموسوي

إبن الشريف أبي مضرْ

أبدى الجحود ولم يردّ

إليَّ مملوكي تَتَرْ

واليتُ آل اُميَّة الطهر

الميامين الغررْ

وجحدتُ بيعة ( حيدر )

وعدلت عنه إلى عمرْ

واُكذِّب الرّاوي وأطعن

في ظهور المنتظرْ

وإذا رووا خبر ( الغدير )

أقول:ما صحَّ الخبرْ

ولبست فيه من الملابس

ما اضمحلَّ وما دثرْ

وإذا جرى ذكر الصحابة

بين قومٍ واشتهرْ

قلت:المقدَّم شيخ تيم

ثمَّ صاحبه عمرْ

ما سلَّ قطّ ظبا على

آل النبيِّ و لا شهرْ

كلّا ولا صدَّ البتول

عن التراث ولا زجرْ

وأقول:إنَّ يزيد ما

شرب الخمور ولا فجرْ

٣٢٦

ولجيشه - بالكفِّ عن

إبناء فاطمة - أمرْ

والشِّمر ما قتل الحسين

ولا إبن سعد ما غدرْ

وحلقتُ في عشر المحرَّم

ما استطال من الشعرْ

ونويتُ صوم نهاره

وصيام أيّام اُخرْ

ولبستُ فيه أجلّ ثوب

للمواسم يُدَّخرْ

وسهرتُ في طبخ الحبوب

من العشاء إلى السّحرْ

وغدوتُ مكتحلاً اُصا

فح من لقيت من البشرْ

ووقفتُ في وسط الطر

يق أقصُّ شارب من عبرْ

وأكلت جرجير البقول

بلحم جرّي الحفرْ

وجعلتها خير المآكلّ

والفواكه والخضرْ

وغسلتُ رجلي حاضراً

ومسحتُ خفّي في السفرْ

آمين أجهر في الصلاة

بها كمن قبلي جهرْ

وأسنّ تسنيم القبور

لكلِّ قبر يُحتفرْ

وأقول في يوم تحار

له البصيرة والبصرْ

والصحف يُنشر طيّها

والنار تُرمى بالشَّررْ

:هذا الشريف أضلّني

بعد الهداية و النظرْ

فيقال:خذ بيد الشريف

فمستقرّ كما سقرْ

لوّاحةٌ تسطو فما

تبقي عليه وما تذرْ

والله يغفر للمسيئ

إذا تنصَّل واعتذرْ

إلّا لمن جحد الوصيَّ

ولاءه و لمن كفرْ

فاخش الإ~له بسوء فعلك

واحتذر كلِّ الحذرْ

( ما يتبع الشعر )

هذه القصيدة المعروفة ب‍ [ التَتَريَّة ] ذكرها بطولها ١٠٦ بيتاً إبن حجَّة الحموي في ( ثمرات الأوراق ) ٢ ص ٤٤ - ٤٨، وذكر منها في كتابه [ خزانة الأدب ] ٦٨ بيتاً، وتوجد برمّتها في تذكرة إبن العراق، ومجالس المؤمنين ص ٤٥٧، نقلاً عن التذكرة،

٣٢٧

و ( أنوار الرَّبيع ) للسيِّد علي خان ص ٣٥٩، وكشكول شيخنا البحراني صاحب الحدائق ص ٨٠، ونامه دانشوران ١ ص ٣٨٥، وتزيين الأسواق للأنطاكي ص ١٧٤، ونسمة السحر فيمن تشيَّع وشعر، وذكر الشيخ الحرّ العاملي في أمل الآمل منها تسعة عشر بيتاً.

أرسل إبن منير إلى الشريف المرتضى الموسوي(١) بهديّة مع عبدٍ أسود له فكتب إليه الشريف:أمَّا بعد فلو علمت عدداً أقلّ من الواحد أو لوناً شرّاً من السواد بعثت به إلينا والسَّلام. فحلف إبن منير أن لا يرسل إلى الشريف هديَّة إلّا مع أعزِّ الناس عليه فجهَّز هدايا نفيسة مع مملوك له يسمّى [ تَتَر ] وكان يهواه جدّاً ويحبّه كثيراً ولا يرضى بفراقه حتّى أنَّه متى اشتدَّ غمّه أو عرضت عليه محنةٌ نظر إليه فيزول ما به، فلمّا وصل المملوك إلى الشريف توهَّم انَّه من جملة هداياه تعويضاً من العبد الأسود فأمسكه وعزَّت الحالة على إبن منير فلم ير حيلةً في خلاص مملوكه من يد الشريف إلّا إظهار النزوع عن التشيّع إن لم يرجِّعه إليه وإنكار ما هو المتسالم عليه من قصَّة الغدير وغيرها، فكتب إليه بهذه القصيدة، فلمّا وصلت إلى الشريف تبسَّم ضاحكاً وقال:قد أبطأنا عليه فهو معذورٌ، ثمَّ جهَّز المملوك مع هدايا نفيسة، فمدحه إبن منير بقوله:

إلى المرتضى حثَّ المطيُّ فإنَّه

إمامٌ على كلِّ البريَّة قد سما

ترى الناس أرضاً في الفضايل عنده

ونجل الزكيِّ الهاشميِّ هو السّما

وقد خمَّس [ التتريَّة ] ألعلّامة الشيخ إبراهيم يحيى العاملي(٢) وهو بتمامه مع القصيدة مذكورٌ في مجموعة شيخنا العلّامة الشيخ علي آل كاشف الغطاء، وفي الجزء الأوَّل من ( سمير الحاضر ومتاع المسافر ) له، وفي ( المجموع الرائق ) ص ٧٢٧ لزميلنا العلّامة السيِّد محمّد صادق آل بحر العلوم أوَّله:

أفدي حبيباً كالقمرْ

ناديته لمّا سفرْ

____________________

١ - كان نقيب الاشراف بالعراق والشام وغالب الممالك ورئيس أهل هذا المذهب وغيرهم وكان بينه وبين مهذب الدين مودة ( تزيين الاسواق ص ١٧٤ ) ومهذب الدين هو أبو الحسن علي بن أبي الوفاء الموصلي الشاعر المقدم توفي سنة ٥٤٣.

٢ - أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر تأتي هناك ترجمته.

٣٢٨

يا صاحب الوجه الأغرْ

عذَّبت طرفي بالسهرْ

وأذبت قلبي بالفكرْ

أبلى صدودك جدَّتي

وتركتني في شدَّتي

وأطلت فيها مدَّتي

ومزجت صفو مودَّتي

من بَعدُ بعدك بالكدرْ

ولهذه القصيدة أشباهُ ونظائر في معناها سابقة ولاحقة، منها:

١ - مدح الخالديّان أبو عثمان سعيد بن هاشم وأخوه أبو بكر محمَّد [ من شعراء اليتيمة ] الشريف الزبيدي أبا الحسن محمَّد بن عمر الحسيني فابطأ عليهما بالجائزة وأراد السفر فدخلا عليه وأنشداه:

قال للشريف المستجار به

إذا عدم المطرْ

وإبن الأئمَّة من قريش

والميامين الغررْ

:أقسمت بالرَّحمن و

النعم المضاعف والوترْ

لَإن الشَّريف مضى ولم

ينعم لعبديه النظرْ

لنشاركنَّ بني اُميَّة

في الضَّلال المشتهرْ

ونقول:لم يغصب أبو

بكر و لم يظلم عمرْ

ونرى معاوية إماماً

مَن يخالفه كفرْ

ونقول:إنَّ يزيد

ما قتل الحسين ولا أمرْ

ونعدُّ طلحة والزبير

من الميامين الغررْ

ويكون في عنق الشريف

دخول عبديه سقرْ

فضحك الشريف لهما وأنجز جائزتهما.

٢ - حبس الشريف الحسن بن زيد الشهيد وزيره لتقصيره فكتب إلى الشَّريف بقوله:

أشكو إلى الله ما لقيتُ

أحببت قوماً بهم بليتُ

لأشتم الصّالحين جهراً

ولا تشيّعت ما بقيتُ

أمسح خفّي ببطن كفّي

ولو على جيفةٍ وطيتُ

٣ - كتب أبو الحسن الجزّار المصري [ الآتي ترجمته ] إلى الشريف شهاب

٣٢٩

الدين ناظر الأهراء ليلة عاشوراء عندما أخَّر عنه إنجاز موعده بقوله:

قل لشهاب الدين ذي الفضل الندي

والسيِّد إبن السيِّد ابن السيِّدِ

:اقسم بالفرد العليِّ الصَّمدِ

إن لم يبادر لنجاز موعدي

لأحضرنَّ للهناء في غدِ

مكحَّل العينين مخضوب اليدِ

والإثم في عنق الشريف الأمجدِ

لأنَّني جننت في التردّدِ

حتّى نصبت وكسرت عددي

في شهر حزني وجزمت لددي

٤ - كتب القاضي جمال الدين عليّ بن محمّد العنسي إلى شريف عصره قوله:

بالبيت اُقسم أو بأهل

البيت سادات البشرْ

وبصولة المولى الذي

تاهت به عليا مضرْ

إن طال غصب مطهَّر

عمد الدراري واستمر

لاُقلّدنَّ أبا حنيفة

صاحب الرأي الأغرْ

ولأسمعنَّ له وإن

حلَّ النبيذ المعتصرْ

حبّاً لقوم أنزلوا

بمطهَّر أقوى ضررْ

أعني بهم إبناء خا

قان الميامين الغررْ

ولأتركنَّ الترك تر

فل من مديحي في حبرْ

ولأنظمنَّ شوارداً

فيهم تحار لها الكفرْ

وأسوقها زمراً إلى

زمر وتتلوها زمرْ

ولأبكينَّ على الوزير

بكلِّ معنى مبتكرْ

أعني به حسناً وإن

فعل القبيح فمغتفرْ

وأقول:إنَّ سنانهم

سيف نضته يد القدَرْ

ما جار قطُّ ولا أرا

ق دماً وبالتقوى أمرْ

وإذا جرى ذكر الخمور

ومن حساها واعتصرْ

نزَّهتهم عنها سوا

لام المفنِّد أو عذرْ

أستغفر الله العظيم

سوى النبيذ إذا حضرْ

فالرأي رأيهم السديد

وقد رووا فيه خبرْ

٣٣٠

ولأ مقتنَّ على بكير

في العشايا والبُكرْ

أقضي بتربته الفروض

ومن زيارته الوطرْ

ولأملأنَّ على العوام

مسائلاً فيها غررْ

نقضي بتطويل الشوا

رب عند تقصير الشعرْ

ولأرخينّ من العمائم

ما تكوَّر واعتصرْ

ولأرفعنَّ إلى الصَّلاة

يدي وأرويها أثرْ

[ وأقول في يوم تحا

رله البصائر والبصرْ ]

[ والصحف تنشر طيّها

والنار ترمي بالشررْ ]

[:هذا الشريف أضلّني

بعد الهداية والنظرْ ](١)

٥ - كتب في هذا المعنى أبو الفتح سبط إبن التعاويذي إلى نقيب الكوفة الشريف محمَّد بن مختار العلوي يعاتبه على عدم الوفاء بما كان وعده به بقصيدة تأتي في ترجمة أبي الفتح أوَّلها:

يا سميَّ النبيِّ يا بن عليٍّ

قامع الشرك والبتول الطهورِ

( ألشاعر )

أبو الحسين مهذَّب الدين أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح الطرابلسي(٢) الشامي نازل درب الخابوري على باب الجامع الكبير الشمالي عين الزمان الشهير بالرفا، أحد أئمَّة الأدب، وفي الطبقة العليا من صاغة القريض، وقد أكثر وأجاد وله في أئمَّة أهل البيتعليه‌السلام عقودٌ عسجديَّة أبقت له الذكر الخالد والفخر الطريف والتالد، و قد أتقن اللغة والعلوم والأدبية كلّها، أنجبت به الطرابلس فكان زهرة رياضها، و ورواء أرباضها، ثمَّ هبط دمشق فكان شاعرها المفلق، وأديبها المدره، فنشر في عاصمة الأمويِّين فضايل العترة الطاهرة بجمان نظمه الرايق، وطفق يتذمِّر على من ناواهم أو زواهم عن حقوقهم محقِّقاً فيه مذهبه الحق، فبهظ ذلك المتحايدين عن أهل البيت عليهم السَّلام فوجّهوا إليه القذائف والطامّات، وسلقوه بألسنة حداد فمن

____________________

١ - الابيات الثلاثة الاخيرة من قصيدة ابن منير.

٢ - طرابلس:بلدة على ساحل الشام مما يلي دمشق.

٣٣١

قائل:إنَّه كان خبيث اللسان، وآخر يعزو إليه التحامل على الصحابة، ومن ناسبٍ إليه الرَّفض، ومن مفتعلٍ عليه رؤيا هائلة، لكن فضله الظاهر لم يدع لهم مُلتحداً عن إطرائه وإكبار موقفه في الأدب بالرَّغم من كلِّ تلكم الهلجات، وجمع شعره بين الرِّقَّة والقوَّة والجزالة، وازدهى بالسلاسة والإنسجام، وقبل أيِّ مأثرة من مآثره انَّه كان أحد حفّاظ القرآن الكريم كما ذكره إبن عساكرِ وإبن خلكان وصاحب [ شذرات الذهب ].

قال ابن عساكر في تاريخه ج ٢ ص ٩٧:حفظ القرآن، وتعلّم اللغة والأدب، و قال الشعر، وقدم دمشق فسكنها، كان رافضيّاً خبيثاً يعتقد مذهب الإماميَّة، وكان هجّاءً خبيث اللسان يكثر الفحش في شعره، ويستعمل فيه الألفاظ العاميَّة، فلمّا كثر الهجو منه سجنه بوري بن طغتكين أمير دمشق في السِّجن مدَّة وعزم على قطع لسانه فاستوهبه يوسف بن فيروز الحاجب فوهبه له وأمر بنفيه من دمشق، فلمّا ولي ابنه إسماعيل بن بوري عاد إلى دمشق ثمَّ تغيَّر عليه إسماعيل لشيء بلغه عنه فطلبه وأراد صلبه فهرب واختفى في مسجد الوزير أيّاماً ثمَّ خرج من دمشق ولحق بالبلاد الشمالية ينقل من حماة(١) إلى شيزر وإلى حلب ثمَّ قدم دمشق آخر قدمة في صحبة الملك العادل لمّا حاصر دمشق الحصر الثاني، فلمّا استقرَّ الصلح دخل البلد ورجع مع العسكر إلى حلب فمات بها، لقد رأيته غير مرَّة ولم أسمع منه، فأنشدني والأمير أبو الفضل إسماعيل ابن الأمير أبي العساكر سلطان بن منقد قال:أنشدني ابن منير لنفسه:

أخلى فصدَّ عن الحميم وما اختلى

ورأى الحمام يغصّه فتوسَّلا

ما كان واديه بأوَّل مرتع

ودعت طلاوته طلاه فاجفلا

وإذا الكريم رأى الخمول نزيله

في منزل فالحزم أن يترحَّلا

كالبدر لمّا أن تضاءل نوره

طلب الكمال فحازه متنقّلا

ساهمت عيسك مرّ عيشك قا

عداً أفلا فليت بهنَّ ناصية الفلا ؟!

فارِق ترق كالسّيفُ سلّ فبان في

متنيه ما أخفى القراب وأخملا

____________________

١ - بلدة شهيرة بينها وبين شيزر نصف يوم، وبينها وبين دمشق خمسة أيام للقوافل، و بينها وبين الحلب أربعة أيام.

٣٣٢

لا تحسبنَّ ذهاب نفسك ميتة

ما الموت إلّا أن تعيش مذلَّلا(١)

للقفر لا للفقر هبها إنَّما

مغناك ما أغناك أن تتوسّلا

لا ترض من دنياك ما أدناك من

دنسٍ وكن طيفاً جلا ثمَّ انجلى

وصِل الهجير بهجر قوم ٍكلّما

أمطرتهم عسلاً جنوا لك حنظلا

مِن غادرٍ خبثت مغارس ودِّه

فإذا محضت له الوفاء تأوَّلا

أوَ حلف دهر كيف مال بوجهه

أمسى كذلكُ مدبراً أو مُقبلا

لِلَّه علمي بالزَّمان وأهله

ذنب الفضيلة عندهم أن تكملا

طُبعوا على لؤم الطباع فخيرهم

إن قلتَ قال وإن سكتَّ تقوّلا

وفي غير هذه الرِّواية زيادة وهي:

أنا مَن إذا ما الدَّهر همَّ بخفضه

سامته همَّته السَّماك الأعزلا

واعٍ خطاب الخطب وهو مجمجمٌ

راعٍ أكول العيس من عدم الكلا

زعمٌ كمنبلج الصَّباح وراءه

عزم كحدِّ السيف صادف مقتلا

قال الأميني:والشاعر يصف في نظمه هذا مناوئيه من اهل زمانه الذين نبزوه بالسفاسف ورموه بالقذائف ممَّن أوعزنا إليهم في الترجمة وكلّ هجوه من هذا القبيل ولذلك كان يثقل على مهملجة الضغائن والإحن.

وقال إبن عساكر:وانشد ايضاً له:

عدمتُ دهراً ولدتُ فيه

كم أشرب المرَّ من بنيه

ما تعتريني الهموم إلّا

من صاحب كنتُ أصطفيه

فهل صديقٌ يباع ؟! حتّى

بمهجتي كنت أشتريه

يكون في قلبه مثالٌ

يشبه ما صاغ ليَّ فيه

وكم صديقٍ رغبتُ عنه

قد عشتُ حتّى رغبت فيه

وقال الأمير أبو الفضل:عمل والدي طستاً من فضَّة فعمل إبن منير أبياتاً كتبت عليه من جملتها:

يا صنو مائدة لأكرم مطعم

مأهولة الأرجاء بالأضيافِ

____________________

١ - هذا البيت وبيت واحد بعده ذكرهما ابن خلكان في تاريخه ج ١ ص ٥١.

٣٣٣

جمعت أياديه إليَّ أيادي الـ

آلاف بعد البذل للآلافِ

ومن العجائب راحتي من راحة

معروفة المعروف بالاتلافِ

ومن محاسن شعره ألقصيدة التي أوَّلها:

من ركب البدر في صدر الردينيِّ

وموَّه السحر في حدِّ اليمانيِّ

وأنزل النيِّر الأعلى إلى فلك

مداره في القباء الخسروانيِّ

طرفٌ رنا أم قرابٌ سلّ صارمه ؟!

وأغيدٌ ماس أم أعطاف خطيِّ؟!

أذلَّني بعد عزٍّ والهوى أبداً

يستعبد الليث للظبي الكناسيِّ

وذكر منها إبن خلكان ايضاً:

أما وذائب مسك من ذوائبه

على أعالي القضيب الخيزرانيِّ

وما يجنّ عقيقيّ الشفاه من الريـ

ـق الرحيقيِّ والثغر الجمانيِّ

لو قيل للبدر:من في الأرض تحسده

إذا تحلّى ؟ لقال:ابن الفلانيِّ

أربى عليَّ بشتَّى من محاسنه

تألَّفت بين مسموعٍ ومرئيِّ

إباء فارس في لين الشآم مع الـ

ـظرف العراقيِّ والنطق الحجازيِّ

وما المدامة بالألباب أفتك من

فصاحة البدو في ألفاظ تركيِّ

ويوجد تمام القصيدة ٢٧ بيتاً في ( نهاية الإرب ) ج ٢ ص ٢٣، وتاريخ حلب ج ٤ ص ٢٣٤:وذكر إبن خلكان له ايضاً:

أنكرت مقلته سفك دمي

وعلى وجنته فاعترفتْ

لا تخالوا خاله في خدِّه

قطرةٌ من دم جفني نقطتْ

ذاك من نار فؤادي جذوةٌ

فيه ساخت وانطفت ثمَّ طفتْ

وكان بين المترجم وابن القيسراني(١) مهاجاة واتَّفق انَّ أتابك عماد الدين زنكي صاحب الشام غنّاه مغنّ على قلعة جعبر وهو يحاصرها قول المترجم:

ويلي من المعرض الغضبان إذ

نقل الواشي إليه حديثاً كلّه زورُ

سلّمت فازورَّ يزوي قوس حاجبه

كأنَّني كأس خمرٍ وهو مخمورُ

فاستحسنها زنكي وقال:لمن هذه ؟ فقيل:لابن منير وهو بحلب فكتب إلى

____________________

١ - شرف الدين أبو عبد الله محمد بن نصر الخالدي الحلبي الشاعر الفذ المتوفّى بدمشق ٥٤٨.

٣٣٤

والي حلب يسيِّره إليه سريعاً فسيَّره فليلة وصل إبن منير قُتل أتابك زنكي فعاد إبن منير صحبة العسكر إلى حلب فلمّا دخل قال له إبن القيسراني:هذه بجميع ما كنت تبكتني به.

كان شاعرنا المترجم عند اُمراء بني منقذ بقلعة شيزر وكانوا مقبلين عليه وكان بدمشق شاعرٌ يقال له:أبو الوحش وكانت فيه دعابة وبينه وبين أبي الحكم عبيد الله(١) مُداعبات فسأل منه كتاباً إلى إبن منير بالوصيَّة عليه فكتب أبو الحكم:

أبا الحسين اسمع مقال فتى

عوجل فيما يقول فارتجلا

:هذا أبو الوحش جاء ممتدحاً

للقوم فاهنأ به إذا وصلا

واتل عليهم بحسن شرحك ما

أنقله من حديثه جملا

وخبِّر القوم انَّه رجلٌ

ما أبصر الناس مثله رجلا

ومنها:

وهو على خفّةٍ به أبدا

معترفٌ انَّه من الثقلا

يمتُّ بالثلب والرقاعة والسـ

ـخف وأمّا بغير ذاك فلا

إن أنت فاتحته لتخبر ما

يصدر عنه فتحت منه خلا

فنبِّه إن حلَّ خطَّة الخسف

والهون ورحِّب به إذا رحلا

وأسقه السمَّ إن ظفرتَ به

وامزج له من لسانك العسلا(٢)

وذكر النويري له في ( نهاية الإرب ) ج ٢:

لاح لنا عاطلاً فصيغ له

مناطقٌ من مراشق المقلِ

حياة روحي وفي لواحظه

حتفي بين النشاط والكسلِ

ما خاله من فتيت عنبرُ صد

غيه ولا قطر صبغة الكحلِ

لكن سويداء قلب عاشقه

طفت على نار وردة الخجلِ

____________________

١ - هو أبو الحكم عبيد الله بن المظفر المغربي الشاعر المتضلع في الادب والطب والهندسة له أشياء مستملحة منها مقصورة هزلية ضاهى بها مقصورة ابن دريد ولد باليمن سنة ٤٨٦ وتوفي بدمشق سنة ٥٤٩. توجد ترجمته في تاريخ ابن خلكان ١ ص ٢٩٥، ونفح الطيب ١ ص ٣٨٥ وغيرهما.

٢ - نفح الطيب ج ١ ص ٣٨٥.

٣٣٥

وله في النهاية ايضاً:

كأنَّ خدَّيه ديناران قد وُزنا

وحرَّر الصيرفيّ الوزن واحتاطا

فخفّ إحداهما عن وزن صاحبه

فحطَّ فوق الذي قد خفَّ قيراطا

وله في ( بدايع البداية ) ج ١ ص ٤٤ في صبيٍّ صبيح سرّاج يُسمّى يوسف قوله:

يا سميَّ المتاح في ظلمة الجـ

ـبّ لمن ساقه القضاء إليها

والذي قطَّع النساء له الأيـ

ـدي ومكَّنَّ حبله من يديها

لك وجه مياسم الحسن فيه

صكّة تطبع البدور عليها

كتب إبن منير للقاضي أبي الفضل هبة الله المتوفّى ٥٦٢ يلتمس منه كتاب [ الوساطة بين المتنبيَّ وخصومه ] تأليف القاضي عليّ بن عبد العزيز الجرجاني وكان قد وعده بها:

يا حائزاً غايَ كلِّ فضيلة

تضلُّ في كنهه الإحاطة

ومن ترقّى إلى محلٍّ

أحكم فوق السّهى مناطه

إلى متى أسعط التمنّي ؟

ولا ترى المنَّ بالوساطه

وُلد المترجم [ إبن منير ] سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة بطرابلس، وتوفّي في جمادى الآخر سنة ثمان وأربعين وخمسمائة [عند جلِّ المؤرِّخين ] بحلب ودفن في جبل جوشن(١) بقرب المشهد الذي هناك، قال إبن خلكان:زرت قبره ورأيت عليه مكتوباً:

من زار قبري فليكن موقناً

أنَّ الذي ألقاه يلقاهُ

فيرحم الله امرءاً زارني

وقال لي يرحمك اللهُ

ثمَّ وجدت في ديوان أبي الحكم عبيد الله أنَّ إبن منير توفّي بدمشق في سنة سبع وأربعين ورثاه بأبيات على أنَّه مات بدمشق وهي هزليَّة على عادته ومنها:

____________________

١ - جوشن جبل في غربي حلب ومنه كان يحمل النحاس الاحمر وهو معدنه ويقال:أنه بطل منذ عبر سبى الحسين بن علي رضي الله عنه ونساؤه وكانت زوجة الحسين حاملا فأسقطت هناك فطلبت من الصناع في ذلك الجبل خبزاً أو ماء فشتموها ومنعوها فدعت عليهم فمن الآن من عمل فيه لا يربح، وفي قبلى الجبل مشهد يعرف بمشهد السقط ويسمى مشهد الدكة والسقط يسمى محسن بن الحسين رضي الله عنه ( معجم البلدان ٣ ص ١٧٣).

_٢١_

٣٣٦

أتوا به فوق أعواد تسيِّره

وغسّلوه بشطّي نهر قلّوطِ

وأثخنوا الماء في قِدر مرصَّعةٍ

واشعلوا تحته عيدان بلّوطِ

وعلى هذا التقدير فيحتاج إلى الجمع بين هذين الكلامين فعساه أن يكون قد مات في دمشق ثم نقل إلى حلب فدفن بها.ا ه.

وأما أبو المترجم ( المنير ) فكان شاعراً كجدِّه ( المفلح ) كما في ( نسمة السحر ) وكان منشداً الشعر العوني، ينشد قصائده في أسواق طرابلس كما ذكر إبن عساكر في تاريخ الشام ج ٢ ص ٩٧، وبما أنَّ العوني من شعراء أهل البيت عليهم السَّلام ولم يؤثر عنه شيءٌ في غيرهم، وكان منشده الشيعيّ هذا يهتف بها في أسواق طرابلس وفيها أخلاطٌ من الاُمم والأقوام كانوا يستثقلون نشر تلكم المآثر بملأٍ من الأشهاد، وبالرغم من غيظهم الثائر في صدورهم لذلك ما كان يسعهم مجابهته والمكاشفة معه على منعه لمكان من يجنح إلى العترة الطاهرة هنالك فعملوا بالميسور من الوقيعة فيه من انَّه كان يغنّي بها في الأسواق كما وقع في لفظ إبن عساكر وقال:كان منشدا ينشد أشعار العوني في أسواق طرابلس ويغني.

وأسقط إبن خلكان ذكر العوني وإنشاد المنير لشعره فاكتفى بأنَّه كانُ يغنّي في الأسواق - زيادة منه في الوقيعة وعلما بأنَّه لو جاء بذكر العوني وشعره لعرف المنقِّبون بعده مغزى كلامه كما عرفناه، وعلم أنَّ ذلك الشعر لا يُغنّي به بلُ تقرَّط به الآذان لإحياء روح الإيمان وإرحاض معرَّة الباطل.

توجد ترجمة إبن منير في كثير من المعاجم وكتب السير منها:

تاريخ إبن خلكان ج ١ ص ٥١. ألخريدة للعماد الكاتب. الأنساب للسمعاني(١) تاريخ إبن عساكر ٢ ص ٩٧. مرآة الجنان ٣ ص ٢٨٧. تاريخ إبن كثير ١٢ ص ٢٣١. مجالس المؤمنين ص ٤٥٦. أمل الآمل لصاحب الوسائل. شذرات الذهب ٤ ص ١٤٦. نسمة السحر في الجزء الأوَّل. روضات الجنات ص ٧٢. أعلام الزركلي ١ ص ٨١. تاريخ آداب اللغة ٣ ص ٢٠. دائرة المعارف للبستاني ج ١ ص ٧٠٩. تاريخ حلب ٤ ص ٢٣١

____________________

١ - قال:أدركته حياً بالشام وكان قد نزل شيراز في آخر عمره. قال الاميني:شيراز تصحيف ( شيزر ) وهى تشتمل على كورة بالشام قرب المعرة. وقال:توفي في حدود سنة ٥٤٠ وهو كما ترى.

٣٣٧

ألقرن السّادس

٤٦

ألقاضي ابن قادوس

ألمتوفّى ٥٥١

يا سيِّد الخلفاء طرّاً

بدوهِم والحضَّرِ

إنْ عظَّموا ساقي الحجيج

فأنتَ ساقي الكوثرِ

أنت الإمام المرتضى

وشفيعنا في المحشرِ

ووليُّ خيرة ( أحمد )

وأبو شبير وشبَّرِ

والحائز القصبات في

يوم ( الغدير ) الأزهرِ

والمطفئ الغوغا بِبـ

ـدرٍ والنّضير وخيبرِ(١)

( ألشاعر )

ألقاضي جلال الدين أبو الفتح محمود بن القاضي إسماعيل بن حميد الشهير بابن قادوس الدمياطي المصري.

أحد عباقرة الأدب، وفذٌّ من صيارفة البيان، مقدَّم في حلبة القريض، كاتب الإنشاء بالديار المصريَّة للعلويِّين، وتصدَّر بالقضاء، جمع بين فضيلتي العلم والأدب فعدَّ من أئمَّة البيان الرايع الذين جعلوا من رسائلهم الخلافيّة والديوانيّة نماذج من الفصاحة الباهرة، تلمَّذ عليه القاضي الفاضل(٢) وكان يسمِّيه ذا البلاغتين (:ألشعر والنثر ) له ديوان شعر في مجلّدين توفِّي بمصر سنة خمسمائة وإحدى وخمسين(٣)

ذكر إبن خلكان في تاريخه ١ ص ٥٤ له في القاضي الرشيد(٤) وكان أسود اللون:

يا شبه لقمان بلا حكمة

سلخت أشعار الورى كلّها

وخاسراً في العلم لا راسخاً

فصرت تُدعى الأسود السالخا

____________________

١ - مناقب ابن شهر اشوب.

٢ - أبو علي عبد الرحيم بن علي البيساقي ثمَّ المصري أحد أئمة البلاغة ولد سنة ٥٢٩ وتوفي ٥٩٦

٣ - تاريخ ابن كثير ١٢ ص ٢٣٥، الحاكم بأمر الله ص ٢٣٤، الاعلام ٣ ص ١٠١١.

٤ - أبو الحسن أحمد بن علي بن ابراهيم بن محمد بن الحسين بن الزبير المصري المقتول سنة ٥٦٣.

٣٣٨

حكى الحموي في ( معجم الاُدباء ) ج ٤ ص ٦٠ قال:إجتمع ليلة عند الصالح ابن رزيّك جماعةٌ من الفضلاء فألقى عليهم مسألة في اللغة فلم يجب عنها بالصّواب سوى القاضي الرّشيد فقال:ما سُئلت قطّ في مسألة إلّا وجدُتني أتوقَّد فهما فقال إبن قادوس وكان حاضراً:

إنْ قلتَ:مِنْ نارٍ خلقـ

ـتُ وفُقتُ كلَّ الناس فهماً

قلنا:صدقت فما الذي

أطفاك حتّى صرتً فحما؟

وذكر له إبن كثير في تاريخه فيمن يكرِّر التكبير ويوسوس في نيّة الصَّلاة:

وفاتر النيَّة عنِّينها

مع كثرة الرعدة والهمزةِ

يكبِّر التسعين في مرَّة

كأنَّه صلّى على حمزةِ(١)

وذكر له المقريزي في ( الخطط ) ٢ ص ٢٩٨ في ذكر قلعة الروضة المعروفة بالجزيرة:

أرى سرح الجزيرة من بعيد

كأحداق تغازل في المغازلْ

كأنَّ مجرَّة الجوزا أحاطت

وأثبتت المنازل في المنازلْ

ومن شعره في المذهب كما في مناقب ابن شهر اشوب قوله:

هي بيعة الرضوان أبرمها التّقى

وأنارها النصُّ الجليُّ وألحما

ما اضطرَّ جدّك في أبيك وصيَّة

وهو ابن عمّ أن يكون له انتمى

وكذا الحسين وعن أخيه جازها

وله البنون بغير خلف منهما

وله في الإمام زين العابدينعليه‌السلام :

أنت الإمام الآمر العدل الذي

خبب البراق لجدِّه جبريلُ

ألفاضل الأطراف لمُ يرَ فيهمُ

إلّا إمامٌ طاهرٌ وبتولُ

أنتم خزائن غامضات علومه

وإليكم التحريم والتحليلُ

فعلى الملائك أن تؤدِّي وحيه

وعليكم التبيين والتأويلُ

ذكر سيِّدنا الأمين في ( أعيان الشيعة ) في الجزء السابع عشر ص ٣٣٢ إبن قادوس المصري وقال:ذكرنا في ج ٦ ص ٩٣:أنّا لم نعرف اسمه، وذكرنا في ١٣ ص ٢٠٦:انَّ

____________________

١ - اشارة الى ما ورد في صلاة النبي صلّى الله عليه وآله على حمزة سيد الشهداء يوم أحد من انه عليه ‌السلام كبر فيها سبعين أو اثنين وتسعين تكبيرة.

٣٣٩

اسمه محمود بن إسماعيل بن قادوس الدمياطي المصري إعتماداً على ما وجدناه في الطليعة ( للعلّامة السماوي ) من نسبة الشعر الذي في ( المناقب ) إليه، ثمَّ وجدناه في كتاب ( شذرات الذهب ) في حوادث سنة ٦٣٩ ما صورته:وفيها توفي النفيس إبن قادوس القاضي أبو الكرام أسعد بن عبد الغني العدوي. فرجحنا أن يكون هو الذي نسب إليه إبن شهر اشوب الشعر الصريح في تشيّعه وترجمناه في مستدركات هذا الجزء ( ص ٤٦٨ ) وسبب الترجيح وصفه بالقاضي في (المناقب ) والذي كان قاضياً بنصِّ المناقب والشذرات هو أسعد لا محمود ومحمود إنّما كان كاتباً للعلويّين بنصِّ الطليعة لكن يبعده أنَّ صاحب ( المناقب ) مات سنة ٥٨٨ وأسعد مات سنة ٦٣٩ بعده بإحدى وخمسين سنة، غير أنه يمكن نقله عنه لأنَّ أسعد عاش ٩٦ سنة.

قال الأميني:ما ذكره شيخنا صاحب ( الطليعة ) هو الصَّواب. وقد خفي على سيِّدنا الأمين اُمورٌ:ألأوَّل:كون أبي الفتح ابن قادوس المترجم قاضياً وقد ذكره معاصره القاضي الرشيد المقتول ٥٦٣ في كتابه ( جنان الجنان ورياضة الأذهان ) ونقله عنه صاحب تاريخ حلب ج ٤ ص ١٣٣، ووصفه بذلك المقريزي في الخطط ج ٢ ص ٣٠٦ والدكتور عبد اللطيف حمزة في كتابه ( الحركة الفكريَّة في مصر ) ص ٢٧١.

والثاني:أنَّ المعروف بابن قادوس هو محمود شاعرنا لا أسعد فإنَّهُ يعرَفُ بالقاضي النفيس لا بابن قادوس.

والثالث:أنَّ القاضي النفيس لم يُذكر قطُّ بالأدب والشعر في أيّ معجم والذي يُذكر شعره في المعاجم ويعرف بديوانه المجلّدين أبو الفتح إبن قادوس مترجمنا. والله من ورائهم محيط.

٣٤٠