الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٤

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 423

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 423
المشاهدات: 194443
تحميل: 7956


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194443 / تحميل: 7956
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

قال من قصيدة:

وإنَّ شيبي قد لاحت كواكبه

في ظلمة من سواد اللمَّة الجثله

فهذه جملةٌ في العذر كافيةٌ

تغنيك فاغن عن التفصيل بالجمله

وبان منّي شبابٌ كان يشفع لي

سقياً له من شباب بان سقيا له

قد كان بابي للعافين منتجعاً

ينتابه ثُلّة من بعدها ثُلّة

وكنت طود المنى يُؤوى إلى كنفي

كحائط مُشرف من فوقه ظلّه

أفنى الكثير فما إن زال ينقصني

متى دفعت إلى الأفنان والقلّه

وقد غنيت وأشغالي تبيِّن من

فضلي فقد سترته هذه العطله

والسيف في الغمد مجهول جواهره

وإنَّما يجتنيه عين من سلّه

وهذه القصيدة يمدح بها أبا علي إبن مقلة الوزير ببغداد في ايّام وزارته قبل حبسه وقد قبض عليه وحبس سنة ٣٢٤ وتوفي ٣٢٨.

و أمّا وفاته ففي ( شذرات الذهب ) انَّه توفِّي سنة ٣٦٠ وتبعه - تاريخ آداب اللغة العربيَّة - وفي كشف الظنون، وكتاب الشيعة وفنون الاسلام، والأعلام للزركلي انَّها في سنة ٣٥٠ وردَّدها غير واحد من المعاجم بين التاريخين، وكلُّ منهما يمكن أن يكون صحيحاً، كما يقرب إليهما ما في مقدِّمة ديوانه من أنَّه توفي سنة ٣٣٠ وهو كما سمعت في مدحه إبن مقلة كان يشكو هرمه قبل سنة ٣٢٤.

( لفت نظر ) ذكر المسعودي في ( مروج الذهب ) ج ١ ص ٥٢٣ لكشاجم أبياتاً كتبها إلى صديق له ويذمّ النرد وذكر اسمه أبو الفتح محمَّد بن الحسن، وأحسبه منشأ ترديد سيدنا صدر الدين الكاظمي في تأسيس الشيعة في إسمه وإسم أبيه بين محمود ومحمّد. والحسين والحسن، وذكر المسعودي صوابه في مروجه ٢ ص ٥٤٥، ٥٤٨، ٥٥٠.

ولده

أعقب المترجم ولديه أبا الفرج وأبا نصر أحمد ويُكنّي كشاجم نفسه بالثاني في قوله:

قالوا:أبو أحمد يبني. فقلت لهم:

كما بنت دودة بنيان السرق

٢١

بنته حتى إذا تمَّ البناء لها

كان التمام ووشك الخير في نَسق

ويثني عليه ويصفه بقوله:

نفسي الفداء لمن إذا جرح الأسى

قلبي أسوت به جروح أسائي

كبدي وتاموري وحبّة ناظري

و مؤمِّلي في شدَّتي ورخائي

ربَّيته متوسِّماً في وجهه

ما قبل فيَّ توسَّمت آبائي

ورزقته حسن القبول مبيِّناً

فيه عطاء الله ذي الآلاء

وغدوت مقتنياً له عن اُمَّه

وهي النجيبة وابنة النجباءِ

وعمرت منه مجالسي ومسالكي

وجمعت منه مآربي وهوائي

فأظلُّ أبهج في النهار بقربه

و اُريه كيف تناول العلياءِ

واُزيره العلماء يأخذ عنهمُ

ولشذَّ من يغدو إلى العلماءِ

وإذا يجنُّ الليل بات مسامري

ومجاوري وممثِّلاً بازائي

فأبيت اُدني مهجتي من مهجتي

وأضمُّ أحشائي إلى أحشائي

وكان أبو نصر أحمد بن كشاجم شاعراً أديباً ومن شعره يذمُّ به بخيلاً قوله(١) :

صديق لنا من أبرع الناس في البخل

وأفضلهم فيه وليس بذي فضلِ

دعاني كما يدعو الصديق صديقه

فجئت كما يأتي إلى مثله مثلي

فلمَّا جلسنا للطعام رأيته

يرى انَّه من بعض أعضائه أكلي

ويغتاظ أحياناً ويشتم عبدهُ

وأعلم أنَّ الغيظ والشتم من أجلي

فأقبلت أستلُّ الغذاء مخافةً

وألحاظ عينيه رقيبٌ على فعلي

أمدُّ يدي سرّاً لأسرق لقمةً

فيلحظني شَزراً فأعبث بالبقلِ

إلى أن جنت كفّي لحتفي جنايةً

وذلك أنَّ الجوع أعدمني عقلي

فجرَّت يدي للحين رجل دجاجةٍ

فجرت كما جرَّت يدي رجلها رجلي

وقدَّم من بعد الطعام حلاوَة

فلم أستطع فيها أمرّ ولا أحلي

وقمت لو أنّي كنت بيَّتُ نيّة

ربحت ثواب الصوم مع عدم الأكل

وذكر الثعالبي في ( يتيمة الدهر ) ج ١ ص ٢٥٧ - ٢٥١ من شعره ما يُناهز

____________________

١ - يتيمة الدهر ج ١ ص ٢٤٨، ونهاية الارب ج ٣ ص ٣١٨.

٢٢

ستّين بيتاً. وقال صاحب تعاليق اليتيمة ج ١ ص ٢٤٠:[ لم نعثر في ديوان كشاجم على شيئ من هذه المختارات ] ذاهلاً عن أنَّ الديوان المعروف هو لكشاجم لا لابنه أبي نصر أحمد الذي انتخب الثعالبي من شعره، ويستشهد بشعره الوطواط في ( غرر الخصايص ).

خرج أبو الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات الوزير المتوفّى سنة ٣٩١ إلى بستانه بالمقس فكتب إليه أبو نصر بن كشاجم على تفاحة بماء الذهب وأنفذها إليه(١) .

إذ الوزير تخلّى

للنيل في الأوقاتِ

فقد أتاه سميّا

ه جعفر بن الفراتِ

ويوجد في ( بدايع البداية ) شيئاً من شعره راجع ج ١ ص ١٥٧، وذكر من شعره إبن عساكر في تاريخه ج ٤ ص ١٤٩ ما نظمه سنة ٣٥٦ بالرملة لمّا ورد إليها أبو علي القرمطي القصير.

ويذكر محمَّد بن هارون بن الأكتمي إبني كشاجم ويهجوهما بقوله(٢) :

يا بْني كشاجم أنتما

مستعملان مجرَّبانِ

مات المشوم أبوكما

فخلفتماه على المكانِ

وقرنتما في عصرنا

ففعلتما فعل القرانِ

لغلاء أسعار الطعا

م وميتة الملك الهجانِ

____________________

١ - في معجم الادباء ج ٢ ص ٤١١.

٢ - يتيمة الدهر ١ ص ٣٥٢.

٢٣

ألقرن الرابع

٢٣

ألناشي الصغير

ألمولود ٢٧١

ألمتوفّى ٣٦٥

يا آل ياسين مَن يحبّكمُ

بغير شكٍّ لنفسه نصحا

أنتم رشادٌ من الضَّلال كما

كلُّ فسادٍ بحبِّكم صلحا

وكلُّ مستحسنٍ لغيركمُ

إن قيس يوماً بفضكم قبحا

ما مُحيت آية النهار لنا

وآية الليل ذو الجلال محا

وكيف تمُحى أنوار رشدكمُ

و أنتمُ في دُجى الظلام ضُحى

أبوكُم أحمد و صاحبه

الممنوح من علم ربِّه منحا

ذاك عليُّ الذي تفرُّده

في يوم ( خُمّ ) بفضله اتَّضحا

إذ قال بين الورى وقام به

مُعتضداً في القيام مكتشحا

: من كنت مولاه فالوصيُّ له

مولى بوحي من الإ~له

فبخبخوا ثمَّ بايعوه و مَن

يُبايع الله مخلصاً ربحا

ذاك عليُّ الَّذي يقول له

جبريل يوم النزال ممُتدحا

: لا سيف إلّا سيف الوصيِّ ولا

فتى سواه إن حادثٌ فدحا

لو وزنوا ضربّه لعمرو وأعما

ل البرايا لَضربه رجحا

ذاك عليُّ الَّذي تراجع عن

فتح سواه وسار فافتتحا

في يوم حضَّ اليهود حين أ

قلّ الباب من حصنهم وحين دحا

لم يشهد المسلمون قطُّ رحى

حرب و ألفوا سواه قطب رحى

صلّى عليه الإ~له تزكيةً

و وفَّق العبد يُنشؤ المدحا

وقال في قصيدة يوجد منها ٣٦ بيتاً:

٢٤

ألا يا خليفة خير الورى

لقد كفر القوم إذ خالفوكا

أدلُّ دليلٍ على أنَّهم

أَبَوْك وقد سمعوا النصَّ فيكا

خلافهمُ بعد دعواهُم

ونكثهُم بعد ما بايعوكا

إلى أن قال:

فيا ناصر المصطفى أحمد

تعلّمت نصرته من أبيكا

وناصبت نصّابه عنوةً

فلعنة ربّي على ناصبيكا

فأنت الخليفة دون الأنام

فما بالهم في الورى خلّفوكا؟

ولا سيَّما حين وافيته

وقد سار بالجيش يبغي تبوكا

فقال اُناس:قلاه النبيّ

فصرتَ إلى الطهّر إذ خفَّضوكا

فقال النبيُّ جواباً لما

يؤدّي إلى مسمع الطّهر فوكا

:ألم ترض إنّا على رغمهم

كموسى وهارون إذ وافقوكا؟

ولو كان بعدي نبيُّ كما

جعلت الخليفة كنت الشريكا

ولكنَّنى خاتم المرسلين

وأنت الخليفة إن طاوعوكا

وأنت الخليفة يوم انتجاك

على الكور حيناً وقدعا ينوكا

يراك نجيّاً له المسلمون

وكان الإ~له الَّذي ينتجيكا

على فم أحمد يوحي إليك

وأهل الضغاين مُستشر فوكا

وأنت الخليفة في دعوة

العشيرة إذ كان فيهم أبوكا

ويوم ( الغدير ) وما يومه

ليترك عذراً إلى غادريكا

لهم خلفٌ نصروا قولهم

ليبغوا عليك ولم ينصروكا

إذا شاهد والنصَّ قالوا لنا:

توانى عن الحقِّ واستضعفوكا

فقلنا لهم:نصُّ خير الورى

يُزيل الظنون وينفي الشّكوكا

وله يمدح آل الله قوله:

بآل محمَّد عُرف الصوابُ

وفي أبياتهم نزل الكتابُ

همُ الكلمات والأسماء لاحت

لآدم حين عزَّ له المتابُ

وهم حُجج الإ~له على البرايا

بهم وبحكمهم لا يُسترابُ

٢٥

بقيَّة ذي العُلى وفروع أصل

بحسن بيانهم وضح الخطابُ

وأنوارٌ ترى في كلِّ عصر

لإرشاد الورى فهمُ شهابُ

ذراري أحمد وبنو عليٍّ

خليفته فهم لبُّ لبابُ

تناهوا في نهاية كلِّ مجد

فطهَّر خلقهم وزكوا وطابوا

إذا ما أعوز الطلّاب علمٌ

ولم يوجد فعندهُم يُصابُ

محبَّتهم صراطٌ مستقيمُ

ولكن في مسالكه عقابُ

ولا سيما أبو حسن عليّ

له في الحرب مرتبةٌ تُهابُ

كأنَّ سنان ذابله ضميرٌ

فليس عن القلوب له ذهابُ

وصارمه كبيعته بخمٍّ

معاقدها من القوم الرِّقابُ

عليُّ الدرّ والذهب المصفّى

وباقي الناس كلّهم تُرابُ

إذا لم تَبر من أعدا عليٍ(١)

فما لك في محبَّته ثوابُ

إذا نادت صوارمه نفوساً

فليس لها سوا نِعَم جوابُ

فبين سنانه والدِّرع سلمٌ

و بين البيض والبيض اصطحابُ

هو البكّاء في المحراب ليلاً

هو الضحّاك إن جدَّ الضرابُ

و مَن في خفِّه طرح الأعادي

حباباً كي يلسبه(٢) الحبابُ

فحين أراد لبس الخفِّ وافى

يُمانعه عن الخفِّ الغرابُ

وطار به فاكفأهُ و فيه

حبابٌ في الصعيد له انسيابُ(٣)

و مَن ناجاه ثعبانٌ عظيمٌ

بباب الطّهر ألقته السِّحابُ

رآه الناس فانجفلوا(٤) برعب

و اُغلقت المسالك والرحابُ

فلمّا أن دنا منه عليُّ

تدانى الناس واستولى العجابُ

فكلّمه عليُّ مُستطيلاً

و أقبل لا يخاف ولا يهابُ

____________________

١ - كذا في تخميس العلامة الشيخ محمد علي الاعسم. وفي كتاب الاكليل والتحفة:

ومن لم يبر من أعدا على

فليس له النجات ولا ثواب

٢ - لسبته الحية:لدغته.

٣ - انسابت الحية:اجرت وتدافعت.

٤ - انجفل وتجفل القوم:هربوا مسرعين.

٢٦

ودنَّ لحاجر(١) وانساب فيه

وقال وقد تغيَّبه الترابُ

:أنا ملك مُسخت وأنت مولى

دُعاؤك إن مَننت به يُجابُ

أتيتك تائباً فاشفع إلى مَن

إليه في مهاجرتي الإيابُ

فأقبل داعياً وأتى أخوه

يؤمِّن والعيون لها انسكابُ

فلمّا أن اُجيبا ظلَّ يعلو

كما يعلو لدي الجدّ العقابُ

و أنبتَ ريش طاووسٍ عليه

جواهر زانها التِّبر المُذابُ

يقول:لقد نجوت بأهل بيتٍ

بهم يُصلى لظىّ وبهمُ يُثابُ

هم النبأ العظيم وفُلك نوحٍ

وباب الله وانقطع الخطابُ

( ما يتبع الشعر )

ألأصحّ انَّ هذه القصيدة للناشي كما صرِّح به إبن شهر آشوب في ( المناقب )، وروى إبن خلكان عن أبي بكر الخوارزمي:انَّ الناشي مضى إلى الكوفة سنة ٣٢٥ وأملى شعره بجامعها، وكان المتنبّي وهو صبيُّ يحضر مجلسه بها وكتب من إملائه لنفسه من قصيدة:

كأنَّ سنان ذابله ضميرٌ

فليس من القلوب له ذهابُ

وصارمه كبيعته بخمٍّ

مقاصدها من الخلق الرِّقاب

و ذكرها له الحموي في ( معجم الاُدباء ) ٥ ص ٢٣٥، واليافعي في ( مرآت الجنان ) ٢ ص ٣٣٥، وجزم بذلك في ( نسمة السحر ) وعزى مَن نسبها إلى عمرو بن العاص إلى أفحش الغلط وهؤلاء مهرة الفنِّ وإليهم المرجع في أمثال المقام.

فما تجده في غير واحد من المعاجم وكتب الأدب ككتاب الإكليل(٢) و تحفة الأحبّاء من مناقب آل العبا(٣) من نسبتها إلى عمرو بن العاص على وجوه متضاربة ممّا لا مُعوَّل عليه، قال صاحبا الإكليل والتحفة:إنَّ معاوية بن أبي سفيان قال يوماً لجلساءه:مَن قال في عليٍّ فله هذه البَدرة. فقال عمرو بن العاص هذه الأبيات طمعا بالبَدرة.

____________________

١ - الحاجر:الأرض المرتفعة ووسطها منخفض.

٢ - تأليف أبي محمد الحسن بن أحمد الهمداني اليمني.

٣ - تأليف جمال الدين الشيرازي.

٢٧

وكذلك لا يصحُّ عزوها إلى ابن الفارض كما في بعض المعاجم، وكان إبن خلكان والحموي معاصرين لإبن الفارض، فما كان يخفى عليهما لو كان الشعر له، على انَّه كانت تتناقله الرواة قبل وجود إبن الفارض.

والَّذي أحسبه إنَّ لجملة من الشعراء قصايد علويَّة على هذا البحر والقافية مبثوثة بين الناس، وربما حُرّفت أبيات منها عن مواضعها فاُدرجت في قصيدة الآخر، كما أنَّك تجد أبياتاً من شعر الناشي في خلال أبيات السوسي المذكورة في مناقب إبن شهر آشوب، وكذلك أبياتاً من شعر إبن حمّاد في خلال أبيات العوني، وأبياتاً من شعر الزاهي في خلال شعر الناشي، وأبياتاً من شعر العبدي في خلال شعر إبن حمّاد، وبذلك اشتبه الحال على الرُّواة فعزي الشعر إلى هذا تارةً وإلى ذلك اُخرى.

خمَّس جملةً من هذه القصيدة ألعلّامة الحجَّة الشيخ محمَّد علي الأعسم النجفي أوّله:

بنو المختار هم للعلم بابُ

لهم في كلِّ مُعضلة جوابُ

إذا وقع اختلافٌ و اضطرابُ

بآل محمَّد عُرف الصَّوابُ

( ألشاعر )

أبو الحسن(١) عليُّ بن عبد الله بن الوصيف الناشي ( الصغير ) ألأصغر البغدادي من باب الطاق، نزيل مصر، المعروف بالحلّاء، كان أبوه يعمل حلية السيوف فسمّي حلاء ويقال له:الناشي لأنّ الناشي يقال لمن نشأ في فنّ من فنون الشعر كما قال السمعاني في الأنساب.

كان أحد من تضلّع في النظر في علم الكلام، وبرع في الفقه، ونبغ في الحديث، وتقدَّم في الأدب، وظهر أمره في نظم القريض، فهو جماع الفضايل، وسمط جمان العلوم، وفي الطليعة من علماء الشيعة ومتكلّميها، ومحدِّثيها، وفقهائها، وشعرائها.

روى عنه الشيخ الإمام محمَّد بن محمَّد بن نعمان المفيد، وبواسطته يروي عنه شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسى كما في فهرسته ص ٨٩، واحتمل في ( رياض العلماء )

____________________

١ - في فهرست الشيخ ورجال ابي داود:ابو الحسين.

٢٨

رواية الشيخ الصدوق عنه أيضاً، وقال:لعلّه الذي كان من مشايخ الصَّدوق، وفي ( الوافي بالوفيات ) و ( لسان الميزان ) ٤ ص ٢٣٨:انَّ أبا عبد الله الخالع. وأبا بكر ابن زرعة الهمداني. وعبد الواحد العكبري. و عبد السَّلام بن الحسن البصري اللغوي. و إبن فارس اللغوي. وعبد الله بن أحمد بن محمَّد بن روزبة الهمداني وغيرهم يروون عنه، وانَّه يروي عن المبرد وإبن المعتزّ وغيرهما.

وذكر إبن خلكان:انَّه أخذ العلم عن أبي سهل إسماعيل بن عليِّ بن نوبخت، و هو من أعاظم متكلّمي الشيعة.

وقال شيخ الطائفة في فهرسته ص ٨٩:وكان يتكلّم على مذهب أهل الظاهر في الفقه. وأهل الظاهر هم أصحاب أبي سليمان داود بن علي بن خلف الإصبهاني المعروف بالظاهري المتوفّى ٢٧٠، قال إبن نديم في ( الفهرست ) ص ٣٠٣:هو أوَّل من استعمل قول الظاهر وأخذ بالكتاب والسنَّة وألغى ما سوى ذلك من الرأي والقياس. وقال إبن خلكان في تاريخه ١ ص ١٩٣:كان أبو سليمان صاحب مذهب مستقلّ، وتبعه جمع كثير يُعرفون بالظاهريَّة.

وفي رجال النجاشي:أنَّ للمترجم كتاباً في الإمامة، لكن الشيخ الطوسي يذكر له كتباً في ( الفهرست )، وفي تاريخ إبن خلكان:أنَّ له تصانيف كثيرة، وفي الوافي بالوفيات:انَّ شعره مدوَّنٌ، وأنَّ مدايحه في أهل البيت عليهم السَّلام لا تُحصى كثرةً، ولذلك عدَّه إبن شهر آشوب في ( معالم العلماء ) من مجاهري شعراء أهل البيت عليهم السَّلام.

وفي ( معجم الاُدباء ) قال الخالع:كان الناشي يعتقد الإمامة، ويناظر عليها بأجود عبارة، فاستنفد عمره في مديح أهل البيت حتّى عُرف بهم، وأشعاره فيهم لا تُحصى كثرةً، ومدح مع ذلك الراضي بالله وله معه أخبارٌ، و قصد كافوراً الأخشيدي بمصر وامتدحه، وامتدح إبن خنزابة وكان يُنادمه، وطرى إلى البريديِّ بالبصرة، وإلى أبي الفضل بن العميد بارَّجان.

وقال:قال إبن عبد الرحيم حدَّثني الخالع قال:حدَّثني الناشي، قال أدخلني إبن رائق على الراضي بالله وكنتُ مداحاً لابن رائق ونافقاً عليه فلمّا وصلتُ إلى الراضي قال لي:أنت الناشي الرافضيّ ؟ فقلت:خادم أمير المؤمنين الشيعيّ، فقال:من أيِّ الشيعة ؟ فقلت:شيعة بني هاشم. فقال:هذا خبث حيلة.

٢٩

فقلت:مع طهارة مولد، فقال:هات ما معك. فأنشدته فأمر أن يخلع عليَّ عشر قطع ثياباً، وأعطى أربعة آلاف درهم، فاُخرج إليَّ ذلك وتسلّمته وعُدت إلى حضرته فقبَّلت الأرض وشكرته و قلت:أنا ممَّن يلبس الطيلسان فقال:ها هنا طيالس عدنيَّة أعطوه منها طيلساناً وأضيفوا إليها عمامة خزٍّ. ففعلوا، فقال:أنشدني من شعرك في بني هاشم فأنشدته:

بني العبّاس إنَّ لكم دماءً

أراقتها اُميَّة بالذّحولِ(١)

فليس بهاشميٍّ من يُوالي

اُميَّة واللَّعين أبا زبيلِ

فقال:ما بينك وبين أبي زبيل؟ فقلت:أمير المؤمنين أعلم. فابتسم وقال:انصرف.

ويستفاد من غير واحد من الأخبار أنَّ الناشي على كثرة شعره في أهل البيت عليهم السَّلام حظى منهم بالقبول والتقدير وحَسبه ذلك مأثرةً لا يقابلها أيُّ فضيلة، ومكرمةً خالدةً تكسبه فوز النشأتين.

روى الحموي في ( معجم الاُدباء ) قال:حدَّثني الخالع قال:كنتُ مع والدي في سنة ستّ وأربعين وثلاثمائة وأنا صبيُّ في مجلس الكبوذي في المسجد الذي بين الورّاقين والصاغة وهو غاصُّ بالنّاس وإذا رجلٌ قد وافى وعليه مرقعة وفي يده سطيحة و ركوة ومعه عكاز، وهو شعث، فسلّم على الجماعة بصوت يرفعه، ثمَّ قال:أنا رسول فاطمة الزهراء صلوات الله عليها فقالوا:مرحباً بك و أهلا و رفعوه فقال:أتعرِّفون لي أحمد المزوِّق النائح ؟ فقالوا:هاهو جالسٌ، فقال:رأيت مولاتنا عليها السَّلام في النوم فقالت:لي امض إلى بغداد واطلبه وقل له:نُح على ابني بشعر الناشي الذي يقول فيه:

بني أحمد قلبي بكم يتقطَّعُ

بمثل مصابي فيكمُ ليسُ يسمعُ

وكان الناشي حاضراً فلطم لطماً عظيماً على وجهه وتبعه المزوِّق والناس كلّهم وكان اشدُّ الناس في ذلك الناشي ثمَّ المزوِّق ثمَّ ناحوا بهذه القصيدة في ذلك اليوم إلى أن صلّى الناس الظهر، وتقوِّض المجلس، وجهدوا بالرَّجل أن يقبل شيئاً منهم، فقال:والله لو اُعطيت الدنيا ما أخذتها فإنَّني لا أرى أن أكون رسول مولاتي عليها السَّلام ثمَّ

____________________

١ - الذحل:الثأر. العداوة. الحقد ج ذحول.

٣٠

آخذ عن ذلك عوضاً. وانصرف ولم يقبل شيئاً، قال:ومن هذه القصيدة وهي بضعة عشر بيتاً:

عجبٌ لكم تُفنون قتلاً بسيفكم

ويسطو عليكم مَن لكم كان يخضعُ

كأنَّ رسول الله أوصى بقتلكم

وأجسامكم في كلّ أرض توزَّع

قال الأميني:أوَّل هذه القصيدة:

بني أحمد قلبي لكم يتقطَّعُ

بمثل مصابي فيكُم ليس يُسمعُ

فما بقعةٌ في الأرض شرقاً ومغرباً

وليس لكم فيها قتيلٌ ومصرعُ

ظُلمتم و قُتِّلتم و قُسِّم فيئكم

وضاقت بكم أرضٌ فلم يحم موضعُ

جسومٌ على البوغاء تُرمي وأرؤسٌ

على أرؤس اللدن الذوابل تُرفعُ

توارون لم تأو فراشاً جنوبكم

ويسلمني طيب الهجوع فأهجعُ

وقال الحموي:حدَّثني الخالع قال:إجتزت بالناشي يوماً و هو جالسٌ في السرّاجين فقال لي:وقد عملت قصيدةً قد طلبت واُريد أن تكتبها بخطِّك حتّى اُخرجها. فقلت:أمضي في حاجة وأعود، وقصدت المكان الذي أردته وجلست فيه فحملتني عيني فرأيت في منامي أبا القاسم عبد العزيز الشطرنجي النائح فقال لي:اُحبُّ أن تقوم فتكتب قصيدة الناشي البائيَّة فإنَّا قد نحنا بها البارحة بالمشهد، وكان هذا الرَّجل قد توفّي وهو عائدٌ من الزِّيارة، فقمت ورجعت إليه وقلت:هات البائيَّة حتّى أكتبها، فقال:من أين علمت أنَّها بائيَّة ؟ وما ذكرت بها أحداً، فحدَّثته بالمنام فبكى، وقال:لا شكَّ أنَّ الوقت قد دنا فكتبتها فكان أوَّلها:

رجائي بعيدٌ والممات قريبُ

و يخطئ ظنّي والمنون تُصيبُ

قال الأميني:و من البائيَّة في المديح قوله:

اُناسٌ علوا أعلا المعالي من العلا

فليس لهم في الفاضلين ضريبُ

إذا انتسبوا جازوا التناهي لمجدهم

فما لهمُ في العالمين نسيبُ

هم البحر أضحى درّه وعبابه

فليس له من منتفيه رسوبُ

تسير به فُلك النجاة وماؤها

لشرّابه عذب المذاق شروبُ

هو البحر يُغني مَن غدا في جواره

وساحله سهل المجال رحيبُ

٣١

همُ سببٌ بين العباد وربِّهم

محبِّهمُ في الحشر ليس يخيبُ

حووا علم ما قد كان أو هو كائنٌ

وكلُّ رشادٍ يحتويه طلوبُ

وقد حفظوا كلَّ العلوم بأسرها

وكلُّ بديعٍ يحتويه غيوبُ

هم حسنات العالمين بفضلهم

وهم للأعادي في المعاد ذنوبُ

وجمع العلّامة السماوي شعر الناشي في أهل البيت عليهم السّلام يربو على ثلاثمائة بيتاً.

( ولادته ووفاته ) حكى الحموي في ( معجم الأدباء ) نقلاً عن خالع انَّه قال:مولده على ما أخبرني به سنة ٢٧١، ومات يوم الاثنين لخمس خلون من صفر سنة ٣٦٥ وكنت حينئذ بالري فورد كتاب إبن بقيَّه(١) إلى إبن العميد يخبره وقيل:أنَّه تبع جنازته ماشياً وأهل الدولة كلّهم، و دُفن في مقابر قريش وقبره هناك معروفٌ.

وهو ممَّن نُبش قبره في واقعة سنة ٤٤٣ واُحرقت تربته(٢) وقال إبن شهر آشوب في ( المعالم ) ص ١٣٦:حرَّقوه بالنار. وظاهره أنَّه استشهد حرقا والله أعلم.

وهناك أقوال اُخر لا تقارف الصحَّة فقد أرّخ وفاته اليافعي في ( مرآة الجنان ) ٢ ص ٢٣٥:بسنة ٣٤٢، وإبن خلكان بسنة ٣٦٠، وإبن الأثير في ( الكامل ) بسنة ٣٦٦، وهو محكيُّ إبن حجر في ( لسان الميزان ) عن إبن النجار، وبها أرخ علاء الدين البهائي في ( مطالع البدور ) ١ ص ٢٥ وذكر له:

ليس الحجاب بآلة الأشرافِ

إنَّ الحجاب مجانب الإنصافِ

ولقلَّ ما يأتي فيحجب مرَّةً

فيعود ثانيةً بقلبٍ صافِ

وذكر له الثعالبي في ( ثمار القلوب ) ص ١٣٦ في نسبة السواد إلى وجه الناصبي قوله:

يا خليلي و صاحبي

من لُويِّ بن غالبِ

حاكم الحب جايرٌ

موجبٌ غير واجبِ

____________________

١ - أبو طاهر محمد بن بقية كان وزير عز الدولة، ولما ملك عضد الدولة بغداد ودخلها طلب ابن بقية وألقاه تحت أرجل الفيلة فلما قتل صلبه بحضرة بيمارستان العضدي ببغداد سنة ٣٦٧. ( ابن خلكان ٢ ص ١٧٥ ).

٢ - سيوافيك في هذا الجزء في ترجمة المؤيد ما وقع في تلك الواقعة الهائلة من الطامات والفظايع.

٣٢

لك صدغٌ كأنَّما

لونه وجه ناصبي

يلدغ الناس إذ تعق‍

ـرب لدغ العقاربِ

( لفت نظر ) توجد في ( تنقيح المقال ) ج ٢ ص ٣١٣ ترجمة الناشي وفيها:والظاهر انَّه هو عليُّ بن عبد الله بن وصيف بن عبد الله الهاشمي الذي رُوي في ( العيون ) عنه عن الكاظمعليه‌السلام النصّ على الرِّضا. ا ه‍. وهذا أعجب ما رأيت في طيِّ هذا الكتاب القيم من العثرات.

( مصادر ترجمة الناشي )

فهرست الشيخ

معالم العلماء

رجال إبن داود

رجال النجاشي

يتيمة الدهر

أنساب السمعاي

وفيات الأعيان

معجم الأدباء

ميزان الإعتدال

ألوافي بالوفيات

خلاصة الرِّجال

نقد الرِّجال

كامل إبن الأثير

مجالس المؤمنين

لسان الميزان

شذرات الذهب

مطالع البدور

جامع الرُّواة

تلخيص الأقوال

مُنتهى المقال

نسمة السحر

أمل الآمل

خاتمة الوسايل

رياض العلماء

ملخَّص المقال

ألحصون المنيعة

ألشيعة وفنون الإسلام

تلخيص المقال

تأسيس الشيعة

روضات الجنّات

تنقيح المقال

هديَّة الأحباب

وفيات الأعلام

ألطليعة

بغية الطالب

شهداء الفضيلة

٣٣

ألقرن الرابع

٢٤

ألبشنوي الكردى

توفّي بعد ٣٨٠

وقد شهدوا عيد ( الغدير ) واسمعوا

مقال رسول الله من غير كتمانِ

ألست بكم أولى من الناس كلّهم ؟

فقالوا:بلى يا أفضل الإنس والجانِ

فقام خطيباً بين أعواد منبرٍ

ونادى بأعلا الصوت جهراً بإعلانِ

بحيدرةٍ والقوم خرس أذلَّة

قلوبهمُ ما بين خلف وعينانِ

فلبَّ مُجيباً ثمَّ أسرع مقبلاً

بوجه كمثل البدر في غصن ألبانِ

فلاقاه بالترحيب ثمَّ ارتقى به

إليه وصار الطّهرِ للِمصطفى ثانِ

وشال بعضديه وقال وقد صغى

إلى القول أقصى القوم تالله والدانِ

:عليُّ أخي لا فرق بيني وبينه

كهارون من موسى الكلّيم ابن عمرانِ

ووارث علمي والخليفة في غدٍ

على اُمَّتي بعدي إذا زُرت جثماني

فيا ربِّ من والى عليّاً فواله

وعاد الذي عاداه واغضب على الشاني

وله قوله من قصيدة:

أأترك مشهور الحديث وصدقه

غداة بخمٍّ قام أحمد خاطبا ؟

:ألست لكم مولى ومثلي وليّكم

عليٌّ فوالوه وقذ قلت واجبا

وله قوله:

يوم ( الغدير ) لذي الولاية عيدُ

ولذي النواصب فضله مجحودُ

يومٌ يوسَّم في السماء بأنَّهُ

ألعهد فيه وذلك المعهودُ

والأرض بالميراث أضحت وسمه

لو طاع موطودٌ وكفَّ حسودُ

٣٤

( ألشاعر )

أبو عبد الله ألحسين بن داود الكُردي البشنوي. من الشعراء المجاهرين في مدايح العترة الطاهرة عليهم السَّلام كما عدَّه إبن شهر اشوب منهم في [ معالم العلماء ] ويشهد لذلك شعره الكثير فيهم المبثوث في كتاب ( المناقب ) للسروي، فهو في الرَّعيل الأوَّل من حاملي ألوية البلاغة، وأحد شعراء الإماميَّة الناهضين بنشر الأدب، وينمُّ عن مذهبه قوله:

أليَّة ربّي بالهُدى متمسِّكاً

بإثني عشر بعد النبيَّ مراقبا

ابقى على البيت المطهَّر أهله

بيوت قريش للديانة طالبا

وقوله:

يا مُصرف النصِّ جهلاً عن أبي حسن

باب المدينة عن ذي الجهل مقفولُ

مدينة العلم ما عن بابها عوضٌ

لطالب العلم إذ ذو العلم مسئولُ

مولى الأنام عليٌّ والوليٌّ معاً

كما تفوَّه عن ذي العرش جبرئيلُ

وقوله:

قد خان من قدَّم المفضول خالقه

وللإ~له فبالمفضول لم أخن

وسيوافيك من شعره ما يظهر منه تضلّعه في التشيّع، وتمخّضه في الولاء، و انقطاعه إلى سادات الأئمَّة صلوات الله عليهم، فهو من شعراءهم، وما كان يقال:من انَّه شاعر بني مروان كما في كامل إبن الأثير ص ٢٤ من ج ٩ فالمراد بهم ملوك ديار بكر من أولاد اُخت باذ الكردي أوَّلهم أبو علي بن مروان استولى على ما كان يحكم عليه خاله من ديار بكر، وبعد قتله ملك أخوه ممهِّد الدولة، وبعد قتله قام أخوه أبو نصر و بقي ملكه من سنة ٤٢٠ إلى سنة ٤٥٣، وخلفه ولدان:نصر وسعيد، أمّا نصر فملك ميافارقين وتوفّي سنة ٤٥٣، وملك بعده ابنه منصور، وأمّا سعيد فاستولى على آمد(١) .

وكان البشنوي المترجَم له يستحثُّ الأكراد البشنويَّة(٢) أصحاب قلعة فتك لموازرة باذ الكردي خال بني مروان المذكورين في وقعة سنة ٣٨٠ التي وقعت بينه و

____________________

١ - راجع تاريخ ابي الفدا ج ٢ ص ١٣٣ و ١٨٩ و ٢٠٤.

٢ - كامل ابن الاثير ج ٩ ص ٢٤.

٣٥

بين أبي طاهر والحسين إبني حمدان لَمّا ملكا بلاد الموصل سنة ٣٧٩ وله في ذلك قوله من قصيدة:

ألبشنويَّة أنصارٌ لدولتكم

وليس في ذا خفاً في العجم والعربِ

فإنتماء المترجَم إلى بني مروان هؤلاء بعلاقة خالهم باذ المتَّحد معه في العنصر الكردي، فعلى ما ذكرنا لا يكون لقول من قال(١) :إنَّ البشنوي توفّي سنة ٣٧٠ مقيلٌ من الحقيقة فإنَّ التاريخ يشهد بحياته بعدها بعشر سنين.

ذكر صاحب [ معالم العلماء ] للمترجَم كتاب الدلايل:والرسايل البشنويَّة، وقال إبن الأثير في ( اللباب ) ١ ص ١٢٧:وله ديوانٌ مشهور.

( ألبشنويَّة )

كانت في العراق في شرقي دجلة طوائف كثيرة من الأكراد ينتمون إلى حصون وقلاع وبلاد كانت لهم في نواحي الموصل والأربل، ومنهم:ألبشنويَّة ومنها شاعرنا المترجَم، كانت تسكن هذه الطايفة فوق الموصل قرب جزيرة إبن عمر(٢) بينهما نحو من فرسخين، وما كان يقدر صاحب الجزيرة ولا غيره مع مخالطتهم للبلاد عليها، قال ياقوت الحموي في ( معجم البلدان ):وهي بيد هؤلاء الأكراد منذ سنين كثيرة نحو الثلثمائة سنة وفيهم مروَّةٌ وعصبيَّةٌ ويحمون مَن يلتجئ إليهم ويحسنون إليه. ا ه‍. ولهذه الطائفة هناك قلاعٌ منها قلعة برقة، وقلعة بشير، وقلعة فنك، ومن أمرائها صاحب قلعة فنك الأمير أبو طاهر، والأمير إبراهيم، والأمير حسام الدين من اُمراء القرن السَّادس.

( ومنهم الزوزانيَّة ) تُنسب هذه الطايفة إلى الزوزان بفتح أوَّله وثانيه، ناحية واسعة في شرقي دجلة من جزيرة إبن عمر، وأوَّل حدودها من نحو يومين من الموصل إلى أوَّل حدود خلاط، وينتهي حدُّها إلى آذربايجان إلى عمل سلماس،

____________________

١ - ذكره صاحب اعيان الشيعة ج ١ ص ٣٨٧.

٢ - جزيرة ابن عمر بلدة فوق الموصل بينهما ثلاثة أيام ولها رستاق مخضب واسع الخيرات، وأحسب أن أول من عمرها الحسن بن عمر بن الخطاب التغلبي، وهذه الجزيرة تحيط بها دجلة إلا من ناحية واحدة شبه الهلال ثمَّ عمل هناك خندق أجرى فيه الماء فأحاط بها الماء من جميع جوانبها، ويقال في النسبة إليها:جزري ( معجم البلدان )

٣٦

وفيها قلاعٌ كثيرةٌ حصينةٌ للأكراد البشنويَّة والزوزانيَّة والبختيَّة.

( ومنهم البختيَّة ) لهم عدَّة قلاع في الزوزان منها قلعة [ جُرذقيل ] وهي أجلُّ قلعةٍ لهم وكرسيُّ ملكهم، وقلعة آتيل. و علّوس. و ألقي. و أروخ. و باخوخة. وبرخو. وكنكور. ونيروه. وخوشب. ومن زعمائهم ألأمير موسك بن المجلي.

( ألهَكّاريَّة ) بالفتح وتشديد الكاف ينتمون إلى [ الهَكّاريَّة ] قرى فوق الموصل من جزيرة إبن عمر، ومن أمرائهم بحلب عزّ الدين عمر بن علي، وعماد الدين أحمد بن علي المعروف بإبن المشطوب، وكان أكبر أمير في مصر، ومن علمائهم شيخ الأسلام أبو الحسن عليّ بن أحمد الهَكَاري المتوفّى سنة ٤٨٦، والمترجَم في تاريخ إبن خلكان ج ١ ص ٣٧٧.

( ألجلّانيَّة ) بالفتح وتشديد اللّام وكسر النون والياء المشدَّدة، تنسب هذه الطائفة إلى الجلّانيَّة وهي قلعةٌ من قلاع الهَكّارية المذكورة.

( الزَواديَّة )(١) ، وهم أشرف الأكراد، ومنهم اسد الدين شيركوه المتوفّى سنة ٥٦٤ وأخوه نجم الدين أيّوب.

( ألشوانكاريَّة ) وهم الذين التجأ إليهم في سنة ٥٦٤ شملة ملك فارس صاحب خوزستان المتوفّى سنة ٥٧٠.

( ألحميديّة ) كانت لهم قلاعٌ حصينةٌ تجاور الموصل.

( الهذبانيَّة ) لهم قلعة إربل وأعمالها.

( ألحكميَّة ) ومن اُمرائهم الأمير أبو الهيجاء الأربلي.

ومنهم الأكراد المارانيَّة. واليعقوبيَّة، والجوزقانيَّة. والسورانيَّة. و الكورانيَّة، والعماديَّة، والمحموديَّة، والجوبيَّة، والمهرانيَّة، والجاوانيَّة، والرضائيَّة، والسروجيّة:والهارونيَّة، والريَّة، إلى غير ذلك من القبائل التي لا تُحصى كثرةً.

نبذة من شعره

ومن شعر شاعرنا [ البشنوي ] في المذهب قوله:

____________________

١ - كذا في الكامل وفي غيره:الردادية.

٣٧

خير الوصيِّين مِن خير البيوت ومِن

خير القبايل معصومٌ مِن الزِّللِ

إذا نظرتَ إلى وجه الوصيِّ فقد

عبدتَ ربّك في قولٍ وفي عملِ

أشار بالبيت الأخير إلى ما رواه محبّ الدين الطبري في رياضه ج ٢ ص ٢١٩ عن أبي بكر. وعبد الله بن مسعود. وعمرو بن العاص. وعمران بن الحصين. وعن غيرهم عن النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم انَّه قال:النظر إلى وجه عليٍّ عبادة.

ورواه الكنجي في ( كفاية الطالب ) ص ٦٤ و ٦٥ عن عن إبن مسعود بطريقين وقال: ألحديث الأوَّل أحسن إسناداً من الثاني، والحديث الثاني روته الحفّاظ كأبي نعيم في حليته، والطبراني في معجمه، وهو حسنٌ عال جليلٌ غريبٌ من هذا الوجه، والحديث الأوَّل عال حسن السَّياق.

ورواه بطريق آخر عن معاذ بن جبل ص ٦٦ فقال:وأخرجه الحافظ الدمشقي في تاريخه عن غير واحد من الصحابة منهم أبو بكر. وعمر. وعثمان. وجابر. وثوبان وعايشة. وعمران بن الحصين. وأبو ذر.

وفي حديث أبي ذر قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :مثل عليٍّ فيكم أو قال في هذه الاُمَّة كمثل الكعبة المستورة، ألنظر إليها عبادةٌ. والحجُّ إليها فريضةٌ. ورواه في ص ١٢٤ بطريق آخر عن عليٍّعليه‌السلام وله قوله:

ولستُ اُبالي بأيِّ البلاد

قضى الله نحبي إذا ما قضاه

ولا أين حطتُ إذا مضجعي

ولا مَن جفاه ولا مَن قلاه

إذا كنتُ أشهد أن لا إ~له

هو الله و الحقُّ فيما قضاه

وأنَّ محمَّداً نِ المصطفى

نبيُّ وأنَّ عليّاً أخاه

و فاطمة الطّهر بنت الرَّسول

رسولاً هدانا إلى ما هداه

و ابناهما فهما سادتي

فطوبى لعبدهما سيِّداه

وله قوله:

يا ناصبيَّ بكلِّ جهدك فاجهدِ

إنّي علقتُ بحبِّ آلِ محمَّدِ

ألطيِّبين الطاهرين ذوي الهدى

طابوا وطاب وليّهم في المولدِ

واليتهم وبرئتُ من أعدائهم

فاقلل ملامك لا أبّا لك أو زدِ

فهمُ أمانٌ كالنّجوم وأنَّهم

سُفن النجاة من الحديث المسندِ

٣٨

وله قوله:

فقال كبيرهم:ما الرأي فيما

ترون يردّ ذا الأمر الجليِّ

سمعتم قوله قولاً بليغاً

وأوصى بالخلافة في عليِّ ؟

فقالوا:حيلة نصبت علينا

و رأيٌ ليس بالعقد الوفيِّ

تدبّر غير هذا في اُمور

تنال بها من العيش السنيِّ

سنجعلها إذا ما مات شورى

لتيميٍّ هنالك أو عديِّ

وله قوله:

يا قارئ القرآن مع تأويله

مع كلِّ محكمة أتت في حالِ

أعمارة البيت المحرَّم مثله

وسقاية الحجّاج في الأمثالِ؟!

أم مثلي التيميِّ أو عدويِّهم

هل كان في حالٍ من الأحوالِ؟!

لا والذي فرضٌ عليَّ وداده

ما عندي العلماء كالجهّالِ

وله قوله:

فمدينة العلم التي هو بابها

أضحى قسيم النّار يوم مآبهِ

فعدوُّه أشقى البريَّة في لظى

ووليّه المحبوب يوم حسابهِ

وله قوله:

خير البريَّة خاصف النعل الذي

شهد النبيُّ بحقِّه في المشهدِ

وبعلمه وقضائه وبسيفه

شهد الرَّسول مع الملائك فاشهدِ

وله في الصديقة الزَّهراء سلام الله عليها قوله:

وقف الندا في موضع عبرت

فيه البتول:عيونكم غضّوا

فتغضُّ والأبصار خاشعةٌ

وعلى بنان الظالم العضُّ

تسودُّ حينئذ وجوههمُ

ووجوه أهل الحقِّ تبيض

وله يمدح الإمام جعفر الصّادقعليه‌السلام قوله:

سليل أئمَّة سلكوا كراما

على منهاج جدِّهم الرَّسولِ

إذا ما مشكلٌ أعيى علينا

أتونا بالبيان وبالدليلِ

٣٩

ألقرن الرابع

٢٥

ألصاحب بن عباد

ألمولود ٣٢٦

ألمتوفّى ٣٨٥

قالت:فمَن صاحب الدين الحنيف أجب ؟

فقلت أحمد خير السّادة الرُّسلِ

قالت:فمَن بعده تُصفي الولاء له ؟

قلت:الوصيّ الذي أربى على زُحلِ

قالت:فمَن بات مِن فوق الفراش فدى ؟

فقلت:أثبت خلق الله في الوهلِ

قالت:فمَن ذا الذي آخاه عن مقةٍ؟

فقلت:من حاز ردِّ الشمس في الطفلِ

قالت:فمَن زوَّج الزَّهراء فاطمة ؟

فقلت:أفضل من حافٍ ومُنتعلِ

قالت:فمَن والد السبطين إذ فرعا ؟

فقلت:سابق أهل السبق في مهلِ

قالت:فمَن فاز في بَدرٍ بمعجزها ؟

فقلت:أضرب خلق الله في القلل

قالت:فمَن أسد الأحزاب يفرسها ؟

فقلت:قاتل عمرو الضيغم البطلِ

قالت:فيوم حُنين مَن فرا وبَرا ؟

فقلت:حاصدُ أهل الشِّرك في عجل

قالت:فمَن ذا دُعي للطيِّر يأكله ؟

فقلت:أقربّ مَرضيٍّ ومُنتحلِ

قالت:فمَن تلوه يوم الكساء أجب ؟

فقلت:أفضل مَكسوٍ ومُشتملِ

قالت:فمَن ساد في يوم ( الغدير ) أبن ؟

فقلت:مَن كان للإسلام خير ولي

قالت:ففي مَن أتى في هل أتى شرفٌ ؟

فقلت:أبذل أهل الأرض للنفلِ

قالت:فمَن راكعٌ زكّى بخاتمه ؟

فقلت:أطعنهم مذ كان بالاُسلِ

قالت:فمَن ذا قسيم النار يسهمها ؟

فقلت:مَن رأيه أذكى من الشّعلِ

قالت:فمَن باهل الطّهر النبيُّ به ؟

فقلت:تاليه في حلٍّ و مُرتحلِ

قالت:فمَن شبه هارون لنعرفه ؟

فقلت:مَن لم يحل يوماً ولم يزلِ

قالت:فمَن ذا غدا باب المدينة قل ؟

فقلت:من سألوهُ وهو لم يَسلٍ

٤٠