الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٤

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 423

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 423
المشاهدات: 194468
تحميل: 7956


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 423 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 194468 / تحميل: 7956
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 4

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أمل الآمل لشيخنا الحرّ العاملي

لسان الميزان لابن حجر ١ ص ٤١٣

تكملة الأمل للشيخ عبد النبي الكاظمي

منتهى المقال لأبي علي ص ٥٦

روضات الجنّات

تنقيح المقال لشيخنا المامقاني ١ ص ١٣٥

أعيان الشيعة ١٢ في ٢٤٠ صحيفة

سفينة البحار للقمي ٢ ص ١٣

ألكنى والألقاب ٢ ص ٣٦٥ - ٧١

ألطليعة في شعراء الشيعة ج ١

قال الحموي في ( معجم البلدان ) ٦ ص ٨:ذكرتُ أخباره مستقصاةً في أخبار مردويه.

ولأبي حيّان التوحيدي المتوفّى ٣٨٠ رسالة [ مثالب الوزيرين ] ألَّفها في تعيير المترجَم الصاحب وأبي الفضل إبن العميد نُشرت في [ الإمتاع والمؤانسة ] ١ ص ٥٣ - ٦٧ وقد سلب عنهما مالهما من المآثر والفضائل، وبالغ في التعصّب عليهما، وجاء بأمر خداج، وأتى بمنكر من قول وزور، وفاحشة مبيّنة، وما أنصف وما أبرّ بإجماع المؤرِّخين، ولهتيكته هذه أسبابُ تجد ذكرها في أعيان الشيعة وغيره.

٨١

ألقرن الرابع

٢٦

ألجوهري الجرجاني

ألمتوفّى حدود ٣٨٠

أما اُخذت عليكم إذ نزلت بكم

( غدير خمّ ) عقوداً بعد أيمانِ ؟!

وقد جذبتُ بضبعي خير من وطئ

البطحاء من مضر العليا وعدنانِ

و قلتُ والله يأبى أن اُقصِّر أو

أعف المسالة عن شرحٍ وتبيانٍ

:هذا عليّ مولى من بُعثت له

مولى وطابق سرّي فيه إعلاني

هذا ابن عمي ووالي منبري وأخي

ووارثي دون أصحابي وإخواني

محلُّ هذا إذا قايست من بدني

محلّ هارون من موسى بن عمرانِ(١)

وله في ( المناقب ) لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٢٠٣ قوله:

و ( غدير خمّ ) ليس ينكر فضله

إلّا زنيمٌ فاجرٌ كفّارُ

مَن ذا عليه الشمس بعد مغيبها

ردّت ببابل ؟ فاستبن يا حارٌ

وعليه قد رُدّت ليوم المصطفى

يوماً وفي هذا جرت أخبارُ

حاز الفضايل والمناقب كلّها

أنّى تُحيط بمدحه الأشعارُ ؟!

( ألشاعر )

أبو الحسن عليُّ بن أحمد الجرجاني ويُعرف بالجوهري كما ذكر ذلك في غير مورد من شعره، مقياسٌ من مقاييس الأدب، وأحد أعضاد العربيَّة، ومن المفلقين في صاغة القريض، كان من صنائع الوزير الصاحب إبن عبّاد وندمائه وشعرائه، تعاطى صناعة الشعر في ريعان من عمره واوليات أمره، وكان يرمي إلى المغازي البعيدة بلفظ قريب، وترتيب سهل، وكان في إعطاء المحاسن إيّاه زمامها كما قيل:

____________________

١ - مناقب ابن شهر آشوب ج ١ ص ٥٣٢ طبع ايران، والصراط المستقيم للبياضي العاملي.

٨٢

جَذَعٌ يبنُّ على المذاكي القُرَّح(١)

وكان الصاحب يعجب به أشدَّ الأعجاب، ويروقه مستحسن شعره المجانس لحسن روائه، ومناسبة روحه وشمائله خفَّةً و ظرفاً، وقد اصطنعه لنفسه واختاره للسفارة بينه وبين العمّال والاُمراء فكان يُمثِّله في رسالاته أحسن تمثيل، فيملأ العيون جمالاً، والقلوب كمالاً، وقد أطراه أبلغ إطراء فيما كتبه إلى أبي العبّاس الضبّي [ أحد شعراء الغدير ] بإصبهان واستحثَّه على إكرامه وجلب مراضيه والكتاب مذكورٌ في ( اليتيمة ) ج ٤ ص ٢٦ وها نحن نأخذ منه لبابه قال:فإن يقل مولاي:مَن ذا الذي هذا خَطبه وهذه خُطَّته ؟! أقُل:مَن فضله برهان حقٍّ، وشعره لسان صدقٍ، و من أطبق أهل جلدته على أنَّه معجزة بلدته، فلا يعد لجرجان بعيداً ولا قريباً، أو لاُختها طبرستان قديماً ولا حديثا مثله، ومن أخذ برقاب النظم أخذه، وملك رقَّ القوافي ملكه، ذاك على اقتبال شبابه وريعان عمره، وقبل أن تحدثه الآداب، وقبل جري المذكيات غلاب - أبو الحسن الجوهري أيّده الله، وبناؤه منذ حين وخصوصه بي كالصبح المبين، إلّا أنَّ لمشاهدة الحاضر ومعاينة الناظر، مزيَّةٌ لا يستقصيها الخبر، وإن امتدَّ نفسه وطال عنانه ومرسه، وقد ألف إلى هذه الفضيلة التي فرع بينها، وأوفى على ذوي التجربّة والتقدمة فيها نفاذاً في أدب الخدمة، ومعرفةً بحقِّ الندام والعشرة، و قبولاً يملأ به مجلس الحفلة، إنصاتاً للمتبوع إلّا إذا وجب القول، وإعظاماً للمخدوم إلّا إذا خرج الأمر، وظرفاً يشحن مجلس الخلوة، وحديثاً يسكت به العناد، ويطاول البلابل، فإن اتَّفق أن يفسح له الفارسيَّة نظماً ونثراً طفح آذيّه، وسال آتيّه، فألسنة أهل مصره إلّا الأفراد بروقٌ إذا وطئوا أعقاب العجم، وقيودٌ إذا تعاطوا لغات العرب، حتّى أنَّ الأديب منهم المقدّم والعليم المسوّم يتلعثم إذا حاضر بمنطقه كأنَّه لم يدر من عدنان، ولم يسمع من قحطان، ومن فضول أخينا أو فضله انَّه يدَّعي الكتابة، ويُدارس البلاغة، ويُمارس الإنشاء، ويهذي فيه ما شاء، وكنت أخرجته إلى ناصر الدولة أبي

____________________

١ - الجذع بالحركتين:صغير البهائم والشاب الحديث. بين من إبن بالمكان:أقام به وثبت ولزم:المذاكي ج المذكي، من الخيل ما تم سنه وكملت قوته. القرح ج القارح هو من ذي الحافر الذي شق نابه وطلع.

٨٣

الحسن محمَّد بن إبراهيم فوفَّق التوفيق كلّه صيانةً لنفسه، وأمانةً في ودائع لسانه و يده، و اظهاراً لنسك لم أعهده في مسكه، حتّى خرج وسلم على نقده، و انَّ نقده لشديدٌ لمثله، ومولاي يجريه بحضرته مجراه بحضرتي، فطعامه ومنامه وقعوده وقيامه إمّا بين يديَّ، أو بأقرب المجالس لديَّ، و لا يقولنَّ:هذا أديب وشاعرٌ، أو وافدٌ و زائرٌ، بل يحسبه قد تخفّف بين يديه أعواماً واحقاباً، وقضى في التصرُّف لديه صباً و شبابا، وهذا إنَّما يحتاج إلى وسيط وشفيع ما لم ينشر بزّه، ولم يظهر طرزه، و إلّا فسيكون بعدُ شفيع من سواه، ووسيط من عداه، فهناك يحمد الله درقه وحدقه، و وجنة مطرفة، وما أكثر ما يفاخرنا بمناظر جرجان وصحاريها ورفارفها وحواشيها فليملأ مولاي عينه من منتزهات إصبهان، فعسى طماحه أن يخفَّ وجماحه أن يقلَّ.

والثعالبي لم يئل جهداً في الثناء عليه وقال:عهدي به وقد ورد نيسابور رسولاً إلى الأمير أبي الحسن في سنة سبع وسبعين وثلثمائة، وذكر نبذاً راقية من شعره في مجلدات ( اليتيمة )، وترجمه صاحب ( رياض العلماء ) ووصف فضله وشعره، ومن قوله، في رثاء الإمام السبط الشهيدعليه‌السلام :

وجدي بكوفان ما وجدي بكوفانِ

تهمي عليه ضلوعي قبل أجفاني

أرضٌ إذا نفخت ريح العراق بها

أتت بشاشتها أقصى خراسانِ

ومن قتيلٍ بأعلى كربلاء على جهـ

ـد الصّدى فتراه غير صديانِ

وذي صفائح يستسقى البقيع به

ري الجوانح منَ روْحٍ ورضوانِ

هذا قسيم رسول الله من ادم

قدّا معاً مثل ما قدَّ الشراكانِ

وذاك سبطا رسول الله جدّهما

وجه الهدى وهما في الوجه عينانِ

واخجلتا من أبيهم يوم يشهدهم

مضرَّجين نشاوى من دمٍ قانِ

يقول:يا اُمَّةً حفَّ الضلال بها

واستبدلت للعمى كفراً بإيمانِ

ماذا جنيتُ عليكم إذ أتيتكُم

بخير ما جاء من آيٍ و فرقانِ ؟!

ألم أجركم وأنتم في ضلالتكمُ

على شفا حفرةٍ من حرِّ نيرانِ ؟!

ألم اُؤلِّف قلوباً منكُم فِرقاً

مثارةً بين أحقادٍ وأضغانِ ؟!

أما تركت كتاب الله بينكَمُ

وآية العزِّ في جمعٍ وقرآنِ ؟!

٨٤

ألم أكن فيكمُ غوثاً لمضطهد ؟!

ألم أكن فيكمُ ماءً لظمانِ ؟!

قتلتموا ولدي صبراً على ظمأٍ

هذا وترجون عند الحوض إحساني

سبيتمُ ثكلتكم اُمَّهاتكمُ

بني البتول وهم لحمي وجثماني

مزَّقتمُ ونكثتم عهد والدهم

وقد قطعتم بذاك النكث أقراني

يا رب خُذليَ منهم إذ همُ ظلموا

كرام رهطي وراموا هدمَ بنياني

ماذا تجيبون والزَّهراء خصمكمُ

والحاكم الله للمظلوم والجاني ؟!

أهل الكساء صلاة الله ما نزلت

عليكم الدهر مِن مثنى ووُحدانِ

أنتم نجوم بني حوّاء ما طلعت

شمس النهار وما لاح السّما كانِ

ما زلتُ منكم على شوقٍ يُهيِّجني

والدَّهر يأمرني فيه ينهاني

حتّى أتيتك والتوحيد راحلتي

والعدل زادي وتقوى الله امكاني

هذي حقايق لفظٍ كلّما برقت

ردَّت بلألئها أبصار عميانِ

هي الحلي لبني طه وعترتهم

هي الرَّدى لبني حربٍ ومروانِ

هي الجواهر جاء [الجوهريُّ] بها

محبة لكُم من أرض جُرجانِ

وله قصيدة يرثي بها الإمام الشهيد قتيل الطّفعليه‌السلام في يوم عاشوراء ذكرها له الخوارزمي في مقتله، وإبن شهر اشوب في مناقبه، والعلّامة المجلسي في المجلّد العاشر من البحار:

يا أهل عاشور يا لهفي على الدينِ

خذوا حدادكمُ يا آل ياسينِ

أليوم شقّق جيب الدين وانتهبت

بنات أحمد نهب الرّوم والصينِ

أليوم قام بأعلى الطفِّ نادبهم

يقول:مَن ليتيمٍ أو لمسكينِ؟!

أليوم خضِّب جيب المصطفى بدمٍ

أمسى عبير نحور الحور والعينِ

أليوم خرَّ نجوم الفخر من مضر

على مناخر تذليلٍ وتوهينِ

أليوم اُطفئ نور الله متَّقداً

وجرِّرت لهم التقوى على الطينِ

أليوم هُتِّك أسباب الهدى مزقاً

وبرقعت غرَّة الإسلام بالهونِ

أليوم زعزع قدسٌ من جوانبه

وطاح بالخيل ساحات الميادينِ

أليوم نال بنو حربٍ طوايلها

ممّا صلوه ببدرٍ ثمَّ صفِّينَ

٨٥

أليوم جُدِّل سبط المصطفى شرقاً

من نفسه بنجيعٍ غير مسنونِ

زادوا عليه بحسب الماء غلَّته

تبّاً لرأي فريقٍ منه مغبونِ

نالوا أزمَّة دنياهم ببغيهمُ

فليتهم سمحوا منها بماعونِ

حتّى يصيح بقنَّسرين(١) راهبها

: يا فرقة الغيِّ يا حزب الشياطينِ

أتهزؤن برأس بات منتصباً

على القناة بدين الله يوصيني؟!

آمنتُ ويحكمُ بالله مهتدياً

وبالنبيَّ وحبُّ المرتضى ديني

فجدَّ لوه صريعاً فوق جبهته

وقسَّموه بأطراف السكاكينِ

وأوقروا صهوات الخيل من إحنٍ

على اساراهمُ فعل الفراعينِ

مصَّعدين على أقتاب أرحلهم

محمولةً بين مضروبَ ومطعونِ

أطفال فاطمة الزهراء قد فُطموا

من الثديِّ بأنيابٍ الثعابينِ

يا اُمَّةً ولي الشيطان رايتها

ومكّن الغيُّ منها كلَّ تمكينِ

ما المرتضى وبنوه مِن معاوية

ولا الفواطم من هند وميسونِ

آل الرسول عباديد السيوف فمَـ

ـن هامٍ على وجهه خوفاً ومسجونِ

يا عين لا تدَّعي شيئاً لغاديةٍ

تهمي ولا تدَّعي دمعا لمحزونِ

قومي علي جدث بالطفِّ فانتقضي

بكلِّ لؤلؤ دمع فيكِ مكنونِ

يا آل أحمد إنَّ ( الجوهريُّ ) لكم

سيف يقطِّع عنكم كلَّ موصونِ

وذكر له الثعالبي كثيراً من شعره في ( اليتيمة ) ٤ ص ٢٩ - ٤١ وممّا ذكر له من قصيدة في شريف حسنيٍّ قوله:

لا عتب إن بذلت عيني بما أجدُ

فقد بكى ليَ عوّادي لما عهدوا

لو أنَّ لي جسداً يقوى لطفت به

على العزاء ولكن ليس لي جسدُ

تبعتهم بذماء كان يمسكه

تعللٌ بخيالٍ كلّما بعدوا

يا ليلة غمضت عنّي كواكبها

ترفَّقي بجفونٍ غمضها رمدُ

أهوى الصَّباح وما لي فيه منتصفٌ

من الظلام ولكن طالما أجدُ

لو أنَّ لي أمداً في الشوق أبلغه

صبرت عنك ولكن ليس لي أمدُ

____________________

١ - قنسرين بكسر أوله وفتح ثانيه وتشديده:مدينة بينهما وبين حلب مرحلة.

٨٦

بكيت بعد دموعي في الهوي جلدي

وهل سمعت ببالٍ دمعه جلدُ ؟!

تذوب نار فؤادي في الهوى برداً

وهل سمعت بنارٍ ذوبها بردُ ؟!

قالوا:ألفت رُباجيّ(١) فقلت لهم:

ألحبُّ أهلٌ وإدراك المنى ولدُ

أندى محاسنٍ جَيٍّ انَّه بلدٌ

طلق النهار ولكن ليله نكدُ

إذا استحبّ بلادٌ للمعاش بها

فحيثما نعمت حالي به بلدُ

ولِلمكارم قومٌ لا خفاء بهم

هم يُعرفون بسيماهم إذا شهدوا

لِلَّه معشر صدقٍ كلّما تُليت

على الورى سورةٌ من مجدهم سجدوا

ذرِّيَّةٌ أبهرت طه بجدِّهمُ

وهل أتى بأبيهم حين تنتقدُ ؟!

وإن تُصنَّع شعرٌ في ذوي كرم

يا بن النبيَّ فشعري فيك مقتصدُ

أصبت فيك رشاري غير مجتهدٍ

وليس كلّ مصيب فيك مجتهدُ

بسطت عرض فناء الدهر مكرمةً

طرائق الحمد في حافاتها قِدَدُ

توفّي المترجَم بجرجان بعد سنة ٣٧٧ وقبل سنة ٣٨٥ فقد بعثه الصاحب بن عبّاد رسولاً إلى الأمير أبي الحسن ناصر الدولة سنة ٣٧٧ ووجَّهه بعدها إلى أبي العبّاس الضبي إلى إصفهان، ولمّا انقلب من إصبهان إلى جرجان لم تطل به الأيّام حتى أصبح مقبوراً كما ذكره الثعالبي، فوفاة المترجم في حياة الصاحب المتوفى ٣٨٥ تستدعي وقوعها بين التاريخين حدود ٣٨٠.

____________________

١ - جي بالفتح ثم التشديد:مدينة بينها وبين اصبهان نحو ميلين، قال ياقوت في المعجم وتسمى الان عند المعجم:شهرستان وعند المحدثين:المدينة.

٨٧

ألقرن الرابع

٢٧

ابن الحجاج البغدادي

ألمتوفّى ٣٩١

يا صاحب القبَّة البيضاء في النجفِ

مَن زار قبرك واستشفى لديك شُفي

زوروا أبا الحسن الهادي لعلّكمُ

تحظون بالأجر والإقبال والزُّلفِ

زوروا لمن تسمع النجوى لديه فمَن

يزره بالقبر ملهوفاً لديه كُفي

إذا وصلتَ فأحرم قبل تدخله

ملبِّياً واسعُ سعياً حوله وطفِ

حتّى إذا طفتَ سبعاً حول قبَّته

تأمَّل الباب تلقا وجهه فقفِ

وقل:سلامٌ من الله السَّلام على

أهل السَّلام وأهل العلم والشرفِ

إنّي أتيتك يا مولاي من بلدي

مُستمسكا مِن حبال الحقِّ بالطرفِ

راجٍ بأنَّك يا مولاي تشفع لي

وتسقني من رحيقٍ شافيَ اللّهفِ

لأنّك العروة الوثقى فمن علقت

بها يداه فلن يشقى ولم يخفِ

وإنَّ أسماءك الحسنى إذا تُليت

على مريض شُفي من سقمه الدَّنفِ

لأنَّ شأنك شأنٌ غير مُنتقصٍ

وانَّ نورك نورٌ غير مُنكسفِ

وإنَّك الآية الكبرى التي ظهرتْ

للعارفين بأنواعٍ من الطرفِ

هذي ملائكة الرَّحمن دائمة

يهبطن نحوك بالألطاف والتّحفِ

كالسطل والجام والمنديل جاء به

جبريل لا أحدٌ فيه بمختلفِ

كان النبيُّ إذا استكفاك معضلة

من الاُمور وقد أعيت لديه كفي

وقصَّة الطائر المشويّ عن أنس

تخبر بما نصَّه المختار من شرفِ

والحب والقضب والزيتون حين أتوا

تكرُّماً من إله العرش ذي اللطف

والخيل راكعة في النقع ساجدة

والمشرفيّات قد ضجّت على الحجفِ(١)

____________________

١ - الحجف محركة:التروس من جلود بلا خشب ولا عقب. والصدور. واحدتها:الحجفة.

٨٨

بعثت أغصان بانٍ في جموعهمُ

فأصبحوا كرمادٍ غير منتسفِ

لو شئتَ مسخهم في دورهم مُسخوا

أو شئت قلت لهم:يا أرض انخسفي

والموت طوعك والأرواح تملكها

وقد حكمتَ فلم تظلم ولم تجفِ

لا قدَّس الله قوماً قال قائلهم:

بخٍ بخٍ لك من فضلٍ ومن شرفِ

وبايعوك ( بخمِّ ) ثمَّ أكّدها

( محمَّدٌ ) بمقالٍ منه غير خفي

عاقوك واطرحوا قول النبيَّ ولم

يمنعهمُ قوله:هذا أخي خلفي

هذا وليّكمُ بعدي فمن عقلت

به يداه فلن يخشى ولم يخفِ

ألقصيدة تناهز ٦٤ بيتا ولها قصَّةٌ تأتي في الترجمة انشاء الله. وله من قصيدة أجاب بها عن قصيدة إبن سكرة(١) المتحامل بها على آل الله وشاعرهم إبن الحجّاج المترجَم، أخذناها من ديوانه المخطوط سنة ٦٢٠ بقلم عمر بن إسماعيل بن أحمد الموصلي أوَّلها:

لا أكذب الله إنَّ الصِّدق يُنجيني

يد الأمير بحمد الله تُحييني

إلى أن قال:

فما وجدتَ شفاءً تستفيد به

إلّا ابتغاءك تهجو آل ياسينِ

كافاك ربّك إذ أجرتك قدرته

بسبِّ أهل العلا الغرِّ الميامينِ

فقرُ وكفرٌ هميعٌ(٢) أنت بينهما

حتّى الممات بلا دنيا ولا دينِ

فكان قولك في الزَّهراء فاطمة

قول امرئٍ لهج بالنصب مفتونِ

عيَّرتها بالرّحا والزاد تطحنه

لا زال زادك حَبّاً غير مطحونِ

وقلت:إنَّ رسول الله زوَّجها

مسكينةً بنت مسكين لمسكينٍ

كذبتَ يا بن التّي باب إستها سلس الـ

أغلاق بالليل مفكوك الزرافينِ(٣)

ستُّ النساء غدا في الحشر يخدمها

أهل الجنان بحور الخرَّد العينِ

____________________

١ - محمد بن عبد الله بن محمد الهاشمي البغدادي من ولد علي بن المهدي العباسي له ديوان شعر يربّو على خمسين الف بيت توفي سنة ٣٨٥.

٢ - أي لا تزال باكيا.

٣ - سلست الخشبة:نخرت وبليت. والسلس:اللين السهل. الغلق ما يغلق به الباب ج أغلاق. الزرفين واحدة الزرافين:الحلق الصغيرة للباب.

٨٩

فقلتَ:إنَّ أمير المؤمنين بغى

على معاويةٍ في يوم صفِّينِ

وإنَّ قتل الحسين السبط قام به

في الله عزم إمام غير موهونِ

فلا ابنُ مرجانةٍ فيه بمحتقب(١)

إثم المسيئ ولا شمرٌ بملعونِ

وإنَّ أجر إبن سعدٍ في استباحة

آل النبوَّة أجرٌ غير ممنونِ

هذا وعُدت إلى عثمان تندبه

بكلِّ شعر ضعيف اللفظ ملحونِ

فصرتَ بالطعن من هذا الطريق إلى

ما ليس يخفى على البله المجانينِ

وقلتَ:أفضل من يوم ( الغدير ) إذا

صحَّت روايته يوم الشعانينِ

ويوم عيدك عاشوراء تعدّله

ما يستعدّ النصارى للقرابينِ

تأتي بيوتكمُ فيه العجوز وهل

ذكر العجوز سوى وحي الشياطينِ ؟!

عاندتَ ربَّك مغترّاً بنقمته

وبأس ربِّك بأسٌ غير مأمونِ

فقال:كن أنت قرداً في استه ذَنَبٌ

وأمر ربِّك بين الكاف والنونِ

وقال:كن لي فتىً تعلو مراتبه

عند الملوك وفي دور السلاطينِ

والله قد مسخ الأدوار قبلك في

زمان موسى وفي أيّامِ هارونِ

بدون ذنبك فالحق عندهم بهمُ

ودع لحاقك بي إن كنت تنوينيِ

[ ألقصيدة ٥٨ بيتا ]

وله من قصيدة قوله:

بالمصطفى وبصهره

ووصيَّه يوم ( الغدير)

( ألشاعر )

أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمَّد بن جعفر بن محمَّد بن الحجّاج النيلي البغدادي، أحد العمد والأعيان من علماء الطايفة، وعبقريُّ من عباقرة حملة العلم والأدب، و قد عدَّه صاحب [ رياض العلماء ] من كبراء العلماء كما عدَّه إبن خلكان وأبو الفدا من كبار الشيعة، والحموي في [ معجم اٌدبائه ] من كبار شعراء الشيعة، وآخر من فحول الكتّاب، فالشعر كان أحد فنونه، كما أنَّ الكتابة إحدى محاسنه الجمَّة،

____________________

١ - احتقب الاثم:جمعه.

٩٠

وله في العلم قننٌ راسية، وقدمٌ راسخة، غير أنَّ انتشار أدبه الفائق، ومقاماته البديعة فيه، وتعريف الاُدباء إيّاه بأدبه الباهر، وقريضه الخسروانيِّ، والثناء عليه بأنَّه ثاني معلّميه كما في ( نسمة السحر ) أخفى صيت علمه الغزير، وغطّى ذكره العلميّ، ونحن نقوم بواجب الحقَّين جميعاً.

ينمُّ عن مقامه الرفيع في العلوم الدينيَّة وتضلّعه فيها وشهرته في عصره بها توليّه الحسبة(١) مرَّةً بعد اُخرى في عاصمة العالم في ذلك اليوم [ بغداد ] وهي من المناصب الرفيعة العلميَّة التي كانت تخصُّ توليِّها في العصور المتقادمة بأئمَّة الدين، وزعماء الإسلام، وكبراء الاُمَّة، وهي كما قال الماوردي في ( الأحكام السلطانيِّة ) ٢٢٤:من قواعد الاُمور الدينيَّة، وقد كان أئمَّة الصدر الأوَّل يباشرونها. ه‍.

( ألحسبة ) هي الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر بين الناس كافَّة وممَّن وليها ببغداد قبل المترجَم الفيلسوف الكبير أحمد بن الطيب السرخسي، صاحب التآليف القيِّمة في فنون متنوِّعة المقتول سنة ٢٨٣، وتوّلاها بعد عزل المترجَم عنها فقيه الشافعيَّة وإمامها أبو سعيد الحسن بن أحمد الاصطخري المتوفّى سنة ٣٢٨، على ما يُقال كما في تاريخ إبن خلكان، ومرآة الجنان لليافعي وغيرهما، قال الماوردي في [ الأحكام السلطانيَّة ] ص ٢٠٩ فمن شروط والي الحسبة، أن يكون حُرّاً، عدلاً، ذا رأي وصرامةٍ، وخشونةٍ في الدين، وعلم بالمنكرات الظاهرة، واختلف الفقهاء من أصحاب الشافعيِّ هل يجوز له أن يحمل الناس فيما ينكره من الاُمور التي اختلف الفقهاء فيها على رأيه واجتهاده أم لا ؟ على وجهين:أحدهما وهو قول أبي سعيد الإصطخري انَّ له أن يحمل ذلك على رأيه واجتهاده، فعلى هذا يجب على المحتسب أن يكون عالماً من أهل الاجتهاد في أحكام الدين ليجتهد رأيه فيما اختلس فيه. ا ه‍.

وقال رشيد الدين الوطواط المتوفّى سنة ٥٧٣:إنَّ أولى الأمور بأن تصرف أعنَّة العناية إلى ترتيب نظامه، وتقصر الهمم على مهمَّة إتمامه، أمرٌ يتعلّق به ثبات الدين، ويتوقّف عليه صلاح المسلمين، وهو أمر الإحتساب، فإن فيه تثبيت الزايغين

____________________

١ - كما في تاريخ ابن خلكان تاريخ ابن كثير. مرآة الجنان، رياض العلماء. دائرة المعارف الاسلامي، دائرة المعارف لفريد وجدي، الاعلام للزركلي.

٩١

عن الحق، وتأديب المنهمكين في الفسق، وتقوية أعضاد أرباب الشرع وسواعدها، وإجراء معاملات الدين على قوانينها وقواعدها، وينبغي أن يكون متقلّد هذا الأمر موصوفاً بالديانة، معروفاً بالصيانة، معرضاً عن مراصد الريب، بعيداً عن مواقف التّهم والعيب، لابساً مدارع السداد، سالكاً مناهج الرَّشاد [ معجم الاُدباء ج ١٩ ص ٣١ ] ففي تولية شاعرنا المترجَم الحسبة مرَّةً بعد أخرى غنىً وكفاية عن سرد جمل الثناء على علمه وفقهه وإطراء عدله ورأيه، واجتهاده في جنب الله وصرامته، وخشونته في الدين، ورشاده وسداده، وقد توّلاها مرَّتين في بغداد مرَّة على عهد الخليفة العبّاسي المقتدر بالله كما سمعته من إبن خلكان واليافعي، واُخرى أقامه عليها عزُّ الدَّولة في وزارة إبن بقيَّة الذي استوزره عزُّ الدولة سنة ٣٦٢ وتوفّي سنة ٣٦٧ و قد كتب المترجم إليه في وزارته قصيدة أوَّلها:

أيّها ذا الوزير إن أنت أنصفت

وإلّا فقم مع الجيران

ويقول فيها:

ليت شعري ألستُ محتسب

الناس ؟! فِلم ليس تعرفون مكاني ؟!

( أمّا أدبه ) وهو كما أوعزنا إليه أحد نوابغ شعراء الشيعة، والمقدَّم بين كتّابها، حتّى قيل:إنَّه كامرئ القيس في الشعر(١) لم يكن بينهما من يضاهيهما، و يقع ديوانه في عشر مجلّدات، والغالب عليه العذوبة والإنسجام، وتأتي المعاني البديعة في طريقته إلى ألفاظ سهلة، واُسلوبٍ حسن، وسبكٍ مرغوب فيه، وفي ( نسمة السحر ) انَّه يُعدّ المعلّم الثاني، والمعلّم الأوّل إمّا مهلهل بن وائل، أو امرؤ القيس، إخترع منهجاً لم يسبق إليه، وتبعه فيه الناس، ومن أتباعه أبو الرقعمق وصريع الدلاء.

قال الثعالبي:سمعت به من أهل البصيرة في الأدب وحسن المعرفة بالشعر على أنَّه فرد زمأنَّه في فنِّه الذى شهر به و انَّه لم يسبق إلى طريقته، ولم يلحق شأوه في نمطه ولم يُر كاقتداره على ما يُريده من المعاني التي تقع في طرزه، مع سلاسة الألفاظ وعذوبتها وانتظامها في الملاحة والبلاغة. ا ه‍.

رتَّب ديوانه البديع الاُسطرلابي هبة الله بن حسن المتوفّى سنة ٥٣٤ على

____________________

١ - كما في تاريخ ابن خلكان، ومعجم الادباء، وشذرات الذهب.

٩٢

واحد وأربعين ومائة باب، وجعل كلَّ باب في فنٍّ من فنون الشعر وسمّاه:درَّة التاج في شعر إبن الحجّاج(١) وهي محفوظةٌ في باريس رقم ٥٩١٣ وبها مقدِّمةٌ لابن الخشّاب النحوي.

وللشريف الرضي إنتخابُ ما استجوده من شعره سمّاه [ ألحسن من شعر الحسين ](٢) ورتَّبه على الحروف، وكان ذلك في حياة المترجم، وله في ذلك شعرٌ يوجد في المجلّد الأخير من ديوانه وهو قوله:

أتعرف شعري إلى من ضوى

فأضحى على ملكه يحتوي؟!

إلى البدر حُسناً إلى سيَّدي

الشريف أبي الحسن الموسوي

إلى مَن اُعوِّذه كلّما

تلقيَّته بالعزيز القوي

فتىً كنتُ مسخاً بشعري السخيف

وقد ردَّني خَلقاً سوي

تأمَّلته وهو طوراً يصحّ

وطوراً بصحَّته يلتوي

فميَّز معوجَّه والرديّ

فيه من الجيِّد المُستوي

وصحَّح أوزانه بالعروض

وقرَّر فيه حروف الروي

وأرشده لطريق السَّداد

فأصلح شيطان شعري الغوي

وبيَّن موقع كفّ الصناع

في نسج ديباجه الخسروي

فاُقسم بالله والشيخ في

اليمين على الحنث لا ينطوي

لو أنَّ زرادشت أصغى له

لأزرى على المنطق الفهلوي

وصادف زرع كلامي البليغ

فيه شديد الظما قد ذوي

فما زال يسقيه ماء الطرا

وماء البشاشة حتّى روي

فلا زال يحيى وقلب الحسود

بالغيظ من سيَّدي مكتوي

له كبدٌ فوق حمر الغضا

على النار مطروحة تشتوي

قال الثعالبي:إنَّ ديوان شعره لا تنحطُّ قيمته عن ستِّين ديناراً لتنافسهم في ملحه ووفور رغبتهم فيه وقال:وديوان شعره أسيَر في الآفاق من الأمثال، وأسرى

____________________

١ - راجع معجم الادباء، تاريخ ابن خلكان، مرآة الجنان، كشف الظنون.

٢ - في دائرة المعارف الاسلامية:انه أسماه ( التنظيف من السخيف ).

٩٣

من الخيال. وذكر في اليتيمة شطراً مهمّاً من فنون شعره في ٦٢ صحيفة في الجزء الثالث.

والغالب على شعره الهزل والمجون، كأنَّهما لازما غريزته، ومطبوعا قريحته، وخمرتا طينته، وكان إذا استرسل فيهما فلا يجعجع به حضور ملك أو هيبة أمير، و يأتي بما عنده غير مكترث للسامعين، فلا يستقبل منهم إلّا عطفاً وقبولاً، كما أنَّ جلّ شعره يُعربّ عن ولاءه الخالص لأهل البيت والوقيعة في مناوئيهم.

خلفاء عصره وملوكه

أدرك إبن الحجّاج جمعاً من خلفاء بني العبّاس وهم:

١ - ألمعتمد على الله إبن المتوكّل ألمتوفّى ٢٧٩.

٢ - ألمعتضد بالله أبو العبّاس ألمتوفّى ٢٨٩.

٣ - ألمكتفي بالله ألمتوفّى ٢٩٥.

٤ - ألمقتدر بالله ألمتوفّى ٣٢٠.

٥ - ألراضي بالله ألمتوفّى ٣٢٩.

٦ - ألمستكفي بالله ألمتوفّى ٣٣٨.

٧ - ألقاهر بالله ألمتوفّى ٣٣٩.

٨ - ألمتَّقي لِلَّه ألمتوفّى ٣٥٨.

٩ - ألمطيع لِلَّه المتوفّى ٣٦٤.

١٠ - ألطايع لِلَّه ألمتوفّى ٣٩٣.

وعاصر من ملوك آل بويه من الذين ملكوا العراق:

١ - معزّ الدَّولة فاتح العراق ألمتوفّى سنة ٣٥٦.

٢ - عزُّ الدَّولة أبا منصور بختيار بن معزُ الدَّولة ألمقتول ٣٦٧.

٣ - عضد الدَّولة فناخسرو بن ركن الدَّولة ألمتوفّى ٣٧٢.

٤ - شرف الدَّولة إبن عضد الدَّولة ألمتوفّى ٣٧٩.

٥ - صمصام الدَّولة إبن عضد الدَّولة ألمقتول ٣٨٨.

٦ - بهاء الدَّولة أبا نصر إبن عضد الدَّولة المتوفّى ٤٠٣.

٩٤

وكان كما قال الثعالبي على طول عمره يتحكَّم على وزراء الوقت، ورؤساء العصر، تحكّم الصبيّ على أهله، ويعيش في أكنافهم عيشةً راضيةً، ويستثمر نعمة صافيةً ضافية. ويوجد في ديوانه شعرٌ كثيرٌ مدحاً و رثاءً وهجاءً في رجالات عصره من الخلفاء والوزراء والاُمراء والكتّاب والمثقَّفين تربو عدَّتهم فيما قرأناه من مجلّدات ديوانه على ستِّين منهم:

أبو عبد الله هارون بن المنجِّم المتوفّى ٢٨٨.

أبو الفضل عبّاس بن الحسن ألمتوفّى ٢٩٦

ألوزير أبو محمَّد المهلبي ألمتوفّى ٣٥٢

أبو الطيب المتنبيّ الشاعر ألمتوفّى ٣٥٤

ألوزير أبو الفضل بن العميد ألمتوفي ٣٦٠

ألمطيع لِلَّه الخليفة العبّاسي ألمتوفّى ٣٦٤

أبو الفتح إبن العميد ألمتوفّى ٣٦٦

ألوزير أبو ريّان خليفة عضد الدَّولة ببغداد

ألوزير أبو طاهر إبن بقيَّة ألمتوفّى ٣٦٧

عزُّ الدِّولة بختيار إبن بويه ألمتوفّى ٣٦٧

عمران بن شاهين ألمتوفّى ٣٦٩

ألأمير أبو تغلب غضنفر ألمتوفّى ٣٦٩

عضد الدَّولة فنا خسرو ألمتوفّى ٣٧٢

أبو الفتح إبن شاهين ألمتوفّى ٣٧٢

أبو الفرج بن عمران بن شاهين ألمتوفّى ٣٧٣

أبو المعالي إبن محمَّد بن عمران ألمتوفّى ٣٧٣

شرف الدَّولة إبن بويه ألمتوفّى ٣٧٩

أبو إسحاق إبراهيم الصّابي ألمتوفّى ٣٨٤

ألقاضي أبو علي التنوخي ألمتوفّى ٣٨٤

ألوزير الصاحب بن عبّاد ألمتوفّى ٣٨٥

إبن سكرة العبّاسي الشاعر ألمتوفّى ٣٨٥

أبو علي محمَّد بن الحسن الحالتي ألمتوفّى ٣٨٨

أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف ألمتوفّى ٣٨٨

ألوزير أبو نصر سابور بن أردشير المتوفّى ٤١٦

ألوزير أبو منصور محمَّد المرزبان ألمتوفّى ٤١٦

أبو أحمد إبن حفص عارض المترجم في أمور الحسبة.

ألوزير أبو الفرج محمَّد بن العبّاس بن فسا بخس قال الثعالبي في ( اليتيمة ) ٣ ص ٧٠:كان الوزير أبو الفرج والوزير أبو الفضل [ ابن العميد ] قد خلوا في الديوان لعقوبة أصحاب المهلبي [ الوزير أبي محمَّد الحسن ] عقب موته، وأمرا أن تُلوَّث ثياب الناس بالنفط إن قربوا من الباب وقد كان المهلبي فعل مثل هذا فحضر إبن الحجّاج فعجب وخاف النفط فانصرف فقال:

ألصَّفع بالنفط في الثياب

ما لم يكن قطُّ في حسابي

٩٥

ليس يقوم الوصول عندي

مقام خيطين من ثيابي

يا ربُّ من كان سنَّ هذا

فزده ضعفاً من العذابِ

في قعر حمراء ليس فيها

غير بني البظر والقحابِ

تفعل في لحمه المهرّي(١)

ما يفعل الجمر بالكبابِ

فالقرد عندي يجلُّ عمَّن

يسنُّ هذا على الكلابِ

أكثر ( المترجَم ) من مدايح أهل البيت عليهم السَّلام والنيل من مناوئيهم نظراء مروان بن أبي حفصة حتّى انَّه ربما كان ينتقد على تشديده الوطئ والنكير المحتدم على فضائع القوم [ أعداء آل الله ] بلهجةٍ حادَّةٍ، وسبابٍ مُقذعِ، غير أنَّ ذلك كله كان نفثة مصدور، وأنَّه متوّجع من الظلم الواقع على ساداته أئمّة أهل البيت عليهم السَّلام، لا ولعاً منه في البذاء أو وقيعةً في الأعراض لمحض الشهوة ومتابعة الهوى، ولذلك وقع شعره مقبولاً عند مواليه صلوات الله عليهم، وكونوا إذا مرّوا باللغو منه مرّوا كراما.

حدَّث(٢) سيِّدنا الأجلّ زين الدين عليّ بن عبد الحميد النيلي النجفي(٣) في كتابه [ الدرّ النضيد في تغازي الإمام الشهيد ] أنَّه كان في زمان إبن الحجّاج رجلان صالحان يزدريان بشعره كثيراً وهما:محمَّد بن قارون السيبي، وعليّ بن زرزور السورائي، فرأى الأوَّل منهما ليلة في الواقعة كأنَّه أتى إلى روضة الحسينعليه‌السلام و كانت فاطمة الزهراء سلام الله عليها حاضرة هناك مستندة ظهرها إلى ركن الباب الذي هو على يسار الداخل وسائر الأئمَّة إلى مولانا الصّادقعليه‌السلام أيضاً جلوسٌ في مقابلها في الزاوية بين ضريحي الحسينعليه‌السلام وولده عليّ الأكبر الشهيد متحدِّثينٍ بما لا يُفهم ومحمَّد بن قارون المقدّم قائمٌ بين أيديهم قال السورائي:وكنت أنا أيضا غير بعيد عنهم

____________________

١ - هرى الثوب:صفره أي جعله أصفر.

٢ - نقله عنه بحاثة الطايفة ميرزا عبد الله الاصبهاني في ( رياض العلماء )، وسيدنا ( روضات الجنات ) ص ٢٣٩، وشيخنا العلامة الحجة النوري في ( دار السلام ) ج ١ ص ١٤٨، ونحن نلخص ما في ( رياض العلماء ).

٣ - هو الفقيه الأوحد صاحب المقامات والكرامات أحد مشايخ العلم الحجة ابن فهد الحلي المتوفى ٨٤١.

٩٦

فرأيت إبن الحجّاج مارّاً في الحضرة المقدَّسة فقلت لمحمَّد بن قارون:ألا تنظر إلى الرَّجل كيف يمرّ في الحضرة ؟ فقال:أنا لا اُحبّه حتّى أنظر إليه:قال:فسمعت الزَّهراء بذلك، فقالت له مثل المغضبة:أما تحبُّ ( أبا عبد الله ) ؟ أحبّوه فإنَّه من لا يحبّه ليس من شيعتنا. ثمَّ خرج الكلام من بين الأئمَّة عليهم السَّلام، بانَّ من لا يُحبُّ أبا عبد الله فليس بمؤمن. قال الشيخ محمَّد بن قارون:ولم أدر مَن قاله منهم، ثمَّ انتبهت فزعاً مرعوباً ممّا فرطت في حقِّ أبي عبد الله من قبل ذلك قال:ثمَّ نسيت المنام ولم أذكره إلى أن اُتيح لي بزيارة السبط الشهيد سلام الله عليه فإذا بجماعة في الطريق من أصحابنا يروون شعر إبن الحجّاج فلحقتهم فإذا فيهم عليُّ بن الزرزور وسلّمت عليه، وقلت:كنتَ تُنكر رواية شعر إبن الحجّاج وتكرهها، فما بالك الآن تسمعه وتصغي إلى انشاده ؟ فقال:أحدِّثك بما رأيت فيما يراه النائم فقصَّ عليَّ بمثل ما رأيته في الطيف حرفيّاً وحكيته بما رأيت، ثمَّ اتَّفقا على مدح الرَّجل وإيراد أشعاره و بثِّ مآثره ونشر مناقبه.

وايضاً:انَّ السلطان مسعود بن بابويه(١) لَمّا بنى سور المشهد الشريف و دخل الحضرة الشريفة وقبَّل أعتابها وأحسن الأدب فوقف أبو عبد الله المترجَم بين يديه وأنشد قصيدته الفائيَّة التي ذكرناها فلمّا وصل منها إلى الهجاء أغلظ له الشريف سيدنا المرتضى ونهاه أن ينشد ذلك في باب حضرة الإمامعليه‌السلام فقطع عليه فانقطع، فلمّا جنَّ عليه الليل رأى إبن الحجّاج الإمام عليّاًعليه‌السلام في المنام وهو يقول:لا ينكسر خاطرك فقد بعثنا المرتضى علم الهدى يعتذر إليك فلا تخرج إليه حتّى يأتيك، ثمَّ رأى الشريف المرتضى في تلك الليلة النبيَّ الأعظم صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمّة صلوات الله عليهم حوله جلوسٌ فوقف بين أيديهم وسلّم عليهم فحسّ منهم عدم إقبالهِم عليه فعظم ذلك عنده وكبر لديه فقال:يا مواليَّ أنا عبدكم وولدكم ومواليكم فِبم استحققت هذا منكم ؟ فقالوا:بما كسرتَ خاطر شاعرنا أبي عبد الله إبن الحجّاج فعليك أن تمضي إليه وتدخل عليه وتعتذر إليه وتأخذه وتمضي به إلى مسعود بن بابويه وتعرِّفه عنايتنا فيه و شفقَّتنا عليه، فقام السِّيد من ساعته ومضى إلى أبي عبد الله فقرع عليه الباب فقال إبن

____________________

١ - كذا في النسخة وأحسبه، عضد الدولة بن بويه.

٩٧

الحجّاج:سيَّدي الذي بعثك إليَّ أمرني أن لا أخرج إليك، وقال:أنَّه سيأتيك، فقال:نعم سمعاً وطاعةً لهم، ودخل عليه واعتذر إليه ومضى به إلى السلطان وقصّا القصَّة عليه كما رأياه فأكرمه وأنعم عليه وخصَّه بالرتب الجليلة وأمر بإنشاد قصيدته.

ولادته ووفاته

لم يختلف اثنان في تاريخ وفاة المترجَم له وانَّه توفِّي في جمادي الآخرة سنة ٣٩١ بالنيل وهو بلدةٌ على الفرات بين بغداد والكوفة، وحُمل إلى مشهد الإمام الطاهّر [ الكاظميَّة ] ودُفن فيه وكان أوصى أن يدفن هناك بحذاء رجلي الإمامعليه‌السلام و يُكتب على قبره:وكلّبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد.

ورثاه الشريف الرضي بقصيدة توجد في ديوانه ج ٢ ص ٥٦٢، وذكر إبن الجوزي منها أبياتاً في ( المنتظم ) ٧ ص ٢١٧.

ولم نقف في طيّات الكتب والمعاجم على تاريخ ولادته لكنّ الباحث عنها يقطع بأنَّ الرجل وُلد في المائة الثالثة وعاش عمراً طويلاً حدود المائة والثلاثين، وهناك شواهد قويَّة على هذا منها:

١ - ما ذكر إبن شهر اشوب في المعالم من قرائته على إبن الروميِّ ألمتوفّى ٢٨٢.

٢ - تولِّيه الحسبة قبل الإمام الإصطخري ألمتوفّى ٣٢٨ كما في تاريخ إبن خلكان ومرآة الجنان لليافعي وغيرهما قالوا:؟إنَّه تولّى حسبة بغداد وأقام مدَّة، و يُقال:أنَّه عزل بأبي سعيد الإصطخري وله في عزله أبياتٌ مشهورةٌ. ا ه‍. والإصطخري قد تولّى الحسبة بأمر المقتدر بالله سنة ٣٢٠ كما في ( شذرات الذهب ) ٢ ص ٣١٢ وغيره.

٣ - شعره الموجود في ديوانه في هجاء أبي عبد الله هارون بن علي بن أبي منصور المنجِّم ألمتوفّى ٢٨٨ وقال في ديوانه:قاله وهو حدَث السنِّ.

٤ - قصيدته الموجودة في ديوانه في أبي الفضل عبّاس بن الحسين وزير المكتفي بالله المقتول سنة ٢٩٦.

وقد ذكر كثيراً في شعره المنظوم في أواسط القرن الرابع شيخوخته منه أبياتٌ يمدح بها أبا منصور بختيار بن معزِّ الدولة ألمقتول ٣٦٧ منها:

قلتُ اقبلي رأيي

و رأي الشيخ محمودٌ موافق

٩٨

وله في الوزير أبي طاهر إبن بقيَّة المتوفّى ٣٦٦ يطلب منه تجّز جرايته ورزقاً لابنه في ديوان ( بادويا ) أبياتٌ منها قوله:

طلبت ما يطلبه مثلي

الشيوخ الفسقه

وأنت لا تجد قطُّ شاعراً يذكر شيخوخته وهرمه في شعره كإبن الحجّاج كقوله في أبي محمَّد يحيى بن فهد:

أيّها الشاعر الجديد الذي

يعبث بالشاعر النفيس الخليعِ

أنت مثل الثوب الجديد

وشعري مثل قبّ الغلالة المرقوعِ(١)

أنا شيخٌ طبيعتي تنثر البعر

على كلِّ شاعر مطبوعِ

وقوله فيما كتبه إلى أبي محمَّد إبن فهد المذكور وقد ولد للمترجَم مولود:

قولوا ليحيى بن فهد:يا من

جعلتُ ممّا يخشى فداهُ

أليس قد جاءني غلامٌ ؟

يجلب بالحسن من رآهُ

كالشمس والشمس في ضحاها

والبدر والبدر في دجاهُ

يفتنني ريّه ويحنو في

المهد قلبي على خصاهُ

كأنَّني مع وفور نسلي

لم أر من قبله سواهُ

ومن قصيدة ذات ١٢٩ بيتاً في الوزير أبي نصر التي أوَّلها:

يا عاذلي كيف أصنعْ

وليس في الصبر مطمعْ

قوله:

خذها إليك عروساً

لها من الحسن برقعْ

ألاُذن لا العين منها

بحسنها تتمتَّعْ

خطيبها فيك شيخٌ

مهملج الفكر مصقعْ

ويمدح عضد الدولة فنا خسرو المتوفّى ٣٧٢ بقصيدة ذات ٤١ بيتاً ويذكر فيها شيبه وهرمه.

والباحث جِدُّ عليم بأنَّه من المعمّرين وليد القرن الثالث مهما وقف على قوله في إحدى مقطوعاته:

وقائلة:تعيش

مظلوماً بسيفِ(٢)

____________________

١ - القب:ما يدخل في جيب القميص من الرقاع. الغلالة شعار يلبس تحتَ الثوب.

٢ - كذا وجدناه في ديوانه وفيه سقط.

٩٩

فقلتُ لها:أباكي ذاك حزني

على مائة فجعت بها ونيفِ

فبعد ذلك كلِّه لا يبقى وزنٌ في تضعيف إبن كثير في تاريخه ١١ ص ٣٢٩ قول إبن خلكان بأنِّه عُزل عن حسبة بغداد بأبي سعيد الإصطخري المتوفّى ٣٢٨. كما لا يبعد عندئذ ما في ( المعالم ) من تلمّذه علي إبن الرومي المتوفّى ٢٨٣ إذ تلمّذه عليه إنّما كان في الأدب في الآليات، ومن الممكن أن يكون ذلك قبل أن يبلغ الحلم أيضا كتلمّذ الشريف الرضيِّ على أستاذه السيرافي وله دون العشر من عمره كما يأتي في ترجمته.

مصادر ترجمة إبن الحجاج

يتيمة الدهر ٣ ص ٢٥

تاريخ الخطيب ٨ ص ١٤

معجم الاُدباء ٤ ص ٦

تاريخ إبن خلكان ١ ص ١٧٠

معالم العلماء ص ١٣٦

ألكامل لإبن الأثير ٩ ص ٦٣

ألمنتظم لابن الجوزي ٧ ص ٢١٦

تاريخ إبن كثير ١١ ص ٣٢٩

تاريخ أبي الفدا ٣ ص ٢٤٢

مرآة الجنان ٢ ص ٤٤٤

معاهد التنصيص ٢ ص ٦٢

مجالس المؤمنين ٤٥٩

شذرات الذهب ٣ ص ١٣٦

ايضاح المقاصد للبهائي مخطوط

كشف الظنون ١ ص ٤٩٨

رياض العلماء للميرزا عبد الله. مخطوط

أمل الآمل للشيخ الحرّ

رياض الجنَّة للسيِّد الزنوزي. مخطوط

روضات الجنّات ص ٢٣٩

نسمة السحر فيمن تشيِّع وشعر. مخطوط

سفينة البحار ١ ص ٢٢٥

تتمم الأمل لإبن أبي شبانة. مخطوط

ألشيعة وفنون الإسلام ١٠٦

تنقيح المقال ١ ص ٣١٨

دائرة المعارف الإسلاميَّة ١ ص ١٣٠

أعلام الزركلي ١ ص ٢٤٥

دائرة المعارف للبستاني ١ ص ٤٣٩

دائرة المعارف لفريد وجدي ٦ ص ١٢

١٠٠