الصحاح من الآثار في فضائل النبي وآله الاطهار

الصحاح من الآثار في فضائل النبي وآله الاطهار0%

الصحاح من الآثار في فضائل النبي وآله الاطهار مؤلف:
تصنيف: مكتبة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام
الصفحات: 110

الصحاح من الآثار في فضائل النبي وآله الاطهار

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ عباس الطواري اليزدي
تصنيف: الصفحات: 110
المشاهدات: 73614
تحميل: 7225

توضيحات:

الصحاح من الآثار في فضائل النبي وآله الاطهار
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 110 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 73614 / تحميل: 7225
الحجم الحجم الحجم
الصحاح من الآثار في فضائل النبي وآله الاطهار

الصحاح من الآثار في فضائل النبي وآله الاطهار

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أبي إسحاق، عن البرّاء قال: بعثَ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جيشين، وأمّرَ على أحدِهما علىّ بن أبي طالب، وعلى الآخر خالد بن الوليد وقال: إذا كان القتال فعليّ. قال: فافتَتَح عليّ حصناً فأخذ منه جارية، فكتب معي خالد كتاباً إلى النبيّ بشيء.

قال: فقدِمت على النبيّ فقرأ الكتاب فتغيّر لونه، ثمّ قال: ( ما ترى في رجلٍ يُحبّ الله ورسوله ويُحبّه الله ورسوله ).

قال: ( قلت: أعوذ بالله مِن غضَب الله ومِن غضب رسوله وإنّما أنا رسول )، فسكت .

هذا حديث حسن (1) .

لا يخفى ما في هذه الاحاديث مِن الدلالة على عظمة عليّ (عليه السلام) وقُربه من الله ورسوله ومنزلته لديهما، فيكون بهذا أولى بالخلافة مِن غيره.

في أنّه (عليه السلام) من النبيّ والنبي منه:

1 - أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن أحمد المحبوب، ثنا سعيد بن مسعود، ثنا عبد الله بن موسى، أنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن مريم وهاني بن هاني، عن عليّ قال:

( لما خرجنا مِن مكّة اتبعتنا ابنة حمزة فنادت يا عم، فأخذْتُ بيدها فناولتها فاطمة قلت: دونك ابنة عمّك، فلمّا قدمنا المدينة اختصمنا فيها أنا وزيد وجعفر فقُلت: أنا أخذتها وهي ابنة عمّي، وقال زيد ابنة أخي، وقال جعفر ابنة عمّي وخالتها عندي.

فقال رسول الله لجعفر أشبهت خَلْقي وخُلُقي، وقال لزيد أنتَ أخونا ومولانا، وقال لي أنت منّي وأنا منْك، ادفعوها إلى خالتها فإنّ الخالة أمّ. فقلت: ألا تزوّجها يا رسول الله؟ قال: إنّها ابنة أخي مِن الرضاعة ).

هذا حديثٌُ صحيح الإسناد ولم يُخرجاه بهذه الألفاظ، إنّما اتفقا على حديث أبي إسحاق عن البرّاء مختصراً (2) .

____________________

(1) سنن الترمذي ج5 حديث 3809.

(2) المستدرك من الصحيحين 3/ 120، ورواه في مسند احمد مسند علي 115.

٤١

2 - حدّثنا إسماعيل بن موسى، عن شريك، عن أبي إسحاق، عن حبشي ابن جنادة قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ( عليٌّ منّي وأنا مِن عليّ، ولا يؤدّي عنّي إلاّ أنا أو عليّ ).

هذا حديثٌ حسنٌ غريب (1) .

اعلم أنّ النصوص التي تدلّ على هذا الموضوع مِن طُرُق القوم فوق حدّ الاستفاضة ولا يبعد بلوغها حدّ التواتر معنى.

ثمّ أنّ المراد مِن قوله (صلى الله عليه وآله ( عليٌ منّي وأنا مِن عليّ )، أنّ وجوده الشريف مع وجود عليّ واحد؛ لأنّه المُتفاهم مِن هذا الاستعمال عُرفاً. وهذا منتهى درجة العظمة والشرافة لعليّ (عليه السلام)، بحيث لا يُتَصوّر فوقها مرتبة، وبعد موت النبيّ وجوده الشريف باقٍ لا يحتاج إلى غيره.

في أنّه (عليه السلام) وليّ النبيّ:

1 - حدّثنا أبو بكر بن إسحاق، أنا زياد بن الخلل القشيري، ثنا كثير بن يحيى، ثنا عوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عبّاس: أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: ( أيّكم يتولاّني في الدنيا والآخرة، فقال لكلّ رجلٍ منهم أيتولاني في الدنيا والآخرة، فقال لا، مرّ على أكثرهم، فقال عليّ: أنا أتولاّك في الدنيا والآخرة. فقال: أنت وليّي في الدنيا والآخرة ).

هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخرجاه (2) .

وقريب منه غيره مِن الأحاديث الواردة في يوم الدار وبعضها صريحة في

____________________

(1) سنن الترمذي ج5 حديث 3803.

(2) المستدرك من الصحيحين 3/ 135، ورواه في فرائد السمطين 21.

٤٢

خلافته وإمامته (عليه السلام) (1) .

فإذا كان وليّ النبيّ في الدارين فيكون أولى بخلافته والنيابة عنه في الأُمّة.

في أنّه (عليه السلام) أخو النبيّ:

1 - حدّثنا يُوسف بن موسى القطّان البغدادي، عن عليّ بن فام، عن عليّ بن صالح بن حي، عن حكيم بن جُبير، عن جميع بن عُمير التيمي، عن ابن عمر قال: آخى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بين أصحابه، فجاء عليّ تَدمَع عيناه فقال:

( يا رسول الله آخيت بين أصحابك ولم تُؤاخ بيني وبين أحد. فقال له رسول الله: أنت أخي في الدنيا والآخرة ).

هذا حديثٌ حسنٌ غريب (2) .

قد ذكر القوم حديث المؤاخاة بطُرُق عديدة بحيث لا يَبْعُد دعوى استفاضتها بل تواترها ولو من حيث المعنى أو الإجمال، فيكون ممّا لا ينبغي الإشكال في سنده لما عرفت (3) .

كما أنّه لا إشكال في دلالته على علوّ مقامه وعظمته وشرافته، حيث أنّه

____________________

(1) مثل ما رُوي في ينابيع المودّة ص 105 عن مسند احمد بسنده عن عبّاد بن عبد الله الأسدي عن عليّ قال: ( لما نزلت ( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) جمع النبيّ أهل بيته، فاجتمع ثلاثون نفراً، فأكلوا وشربوا ثلاثاً ثمّ قال لهم: مَن يضمن عنّي ديني ومواعيدي يكون معي في الجنّة، ويكون خليفتي في أهلي. فقال عليّ: أنا يا رسول الله ). وروي أصل قصّة يوم الدار في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3/ 222، تاريخ الطبري 2/ 319 - 321، ينابيع المودّة 105، كفاية الطالب 205.

(2) سُنن الترمذي ج5 حديث 804، الصواعق المحرقة 72.

(3) فانّه رواه احمد في الفضائل 106 - 107، وابن سعد في الطبقات 3/ 14، وابن الجوزي في تذكرة الخواص 19 وابن المغازلي في المناقب 38 وغيرهم من أئمّة الحديث.

وقد ذكرنا هذا الحديث وكلّ ما نذكره في التعليق في كتاب جامع فضائل أهل البيت.

٤٣

مختار النبيّ الأعظم للأُخوّة من بين الأصحاب حتّى الكبار منهم.

ويُستفاد منه أنّه لا يكون احدٌ منهم أفضل منه وإلاّ اختاره لنفسه الشريفة، ولا المساوي له وإلاّ اختاره في مرّة أُخرى لوقوعها مرّتين.

في حديث المنزلة:

1 - حدّثنا القاسم بن دينار الكوفي، عن أبي نعيم، عن عبد السلام بن حرب، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيّب، عن سعيد بن أبي وقاص أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لعليّ: ( أنت منّي بمنزلة هارون مِن موسى ).

هذا حديثٌ حسنٌ صحيح (1) .

2 - عن أسماء بنت عُميس أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال لعليّ ( أنت منّي بمنزلة هارون مِن موسى، إلاّ أنّه ليس بعدي نبيّ ).

رواه احمد والطبراني، ورجال احمد رجال الصحيح غير فاطمة بنت علي وهي ثقة (2) .

3 - عن عليّ أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: ( خلقتك أنْ تكون خليفتي. قال: أتخلّف عنك يا رسول الله. قال: ألا ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون مِن موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ).

رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجالُ الصحيح (3) .

أقول: حديث المنزلة مثل حديث الغدير مِن المتواترات (4) وجمعه يحتاج إلى

____________________

(1) سُنن الترمذي ج5 حديث 3813، ورواه مسلم في صحيحه 15/ 176.

(2) مجمع الزوائد 9/ 109.

(3) المصدر 9/ 110.

(4) قال ابن أبي الحديد في شرح النهج 13/ 211: قال النبيّ في الخبر المجمع على =

٤٤

تأليف كتاب أو كُتُب كما صنَع ذلك بعض الأصحاب. ومقتضى عموم المنزلة، أنْ يكون جميع ما في هارون مِن المقامات متوفّرة لعليّ (عليه السلام)، ومِن جملة تلك المقامات الخلافة عنه في الأُمّة كما نصّ عليها الكتاب الكريم. ويؤيّده استثناء النبوّة منه فقط، فيكشف ذلك عن عمومه ودخول سائر مقاماته فيه.

وعلى فرض تسليم إجماله وعدم عمومه فخلافة هارون مِن أشهر أوصافه، فيكون دخولها فيه مِن القدر المتيقّن ولا يُمكن إخراجها. ولعَمري هذا واضح لا يحتاج إلى مزيد تأمّل وبيان لِمَن كان له الاستعداد لأخذ الأنوار الإلهيّة.

في أنّه وليّ كلّ مؤمن بعد النبيّ:

1 - حدّثنا أبو عبد الله محمّد بن يعقوب الحافظ، حدّثني أبي ومحمّد بن نعيم، قالا ثنا قُتيبة بن سعيد، ثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن يزيد الرشك، عن مطرف بن حصين قال: بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سريّة واستعمل عليهم عليّ بن أبي طالب، مضى عليّ في السريّة فأصاب جارية، فأنكروا ذلك عليه، فتعاقد أربعةٌ مِن أصحاب رسول الله إذا لقينا النبيّ أخبرناه بما صنع عليّ.

قال عمران: وكان المسلمون إذا قدموا مِن سفر بدأوا برسول الله فنظروا عليه ثمّ انصرفوا إلى رحالهم، فلمّا قدِمت السريّة سلّموا على رسول الله، فقام أحدٌ الأربعة فقال: يا رسول الله إنّ علياً صنع كذا وكذا. فأعرض عنه، ثمّ قام الثاني فقال مثل ذلك

____________________

= روايته بين سائر فرق الإسلام ( أنت منّي بمنزلة هارون مِِن موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ) فأثبت له جميع مراتب هارون مِن موسى، فإذن هو وزير رسول الله وشادّ أزره، ولولا أنّه خاتم النبيّين لكان شريكاً في أمره.

وقال في الاستيعاب 3/ 34 روى قوله لعلي: ( أنتَ منّي بمنزلة هارون مِن موسى ) جماعة من الصحابة وهو من أثبت الآثار وأصحّها.

٤٥

فأعرض عنه، ثمّ قام الثالث فقال مثل ذلك، فأعرض عنه، ثمّ قام الرابع فقال: يا رسول الله ألم تر إلي أنّ عليّاً صنع كذا وكذا. فأقبل رسول الله والغضب في وجهه فقال: ( ما تريدون مِن عليّ، إنّ عليّاً منّي وأنا منه ووليّ كلّ مؤمن ).

هذا حديثٌ صحيح على شرط مسلم ولم يُخرجاه (1) .

2 - عن وهب بن حمزة قال: صحِبت عليّاً إلى مكّة، فرأيت منه بعض ما أكره، فقلت: لإن رجعت لا شكونّك إلى رسول الله. فلمّا قدمت لقيت رسول الله فقلت: رأيت مِن علي كذا وكذا. فقال:( لا تقل هذا فهو أولى الناس بكم بعدي ).

رواه الطبراني، وفيه دكين ذكره ابن حاتم ولم يضعّفه أحد، وبقيّة رجاله وثقوا (2) .

والروايات الواردة فيه مستفيضة مِن طُرُق القوم، بل يُمكن أداء تواترها معنىً أو إجمالا ً(3) ، فلا مَجال للإشكال فيها مِن حيث السند، كما لا ينبغي الإشكال فيها من حيث الدلالة أيضاً على خلافته (عليه السلام) وإمامته؛ لأنه الظاهر منها كما لا يَخفى.

____________________

(1) المستدرك من الصحيحين 3/ 110 - 111، روى قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أيضا في خصائص أمير المؤمنين للنسائي 26 وفرائد السمطين 14 والمناقب لابن المغازي 229 وكفاية الطالب 113 - 114.

(2) مجمع الزوائد 9/ 109.

(3) فإنّه رواه في مسند ابي داود ج 11 حديث 2752 وغيره مِن كتب الحديث. وقال في الغدير 3/ 216: اخرج أبو داود الطيالسي عن شعبة عن أبي بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عبّاس أنّ رسول الله قال لعليّ: ( أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ) (تاريخ ابن كثير 7/ 375 الإسناد كما مر غير مرة صحيح رجاله كلّهم ثقات).

٤٦

في عظمته عند النبيّ:

1 - اخبرنا احمد بن جعفر القطيعي، ثنا عبد الله بن احمد بن حنبل، حدّثني أبي، ثنا عبد الله بن محمّد بن شيبة، قال ثنا جرير بن عبد الحميد، عن مغيرة بن موسى عن أُمّ سلمة قالت: والذي أحلف به أنْ كان عليّ أقرب الناس عهداً برسول الله، عندنا رسول الله غداة وهو يقول: ( جاء عليّ جاء عليّ - مراراً ). فقالت فاطمة: ( كأنّك بعثته في حاجة )، فجاء بعد. قالت أُمّ سلمة: فظننت أنّ له إليه حاجة، فخرجنا مِن البيت فقعدنا عند الباب وكنت مَن أردناهم إلى الباب، فأكبّ عليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وجعل يُسارّه ويُناجيه، ثمّ قٌبِض رسول الله مِن يومه ذلك، فكان عليّ أقرب الناس عهداً به.

هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخرجاه (1) .

2 - عن ابي ذر قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه آله وسلّم) لعليّ: ( يا عليّ مَن فارقني فارق الله، ومن فارقك يا عليّ فارقني ).

روا البزاز ورجاله ثقات (2) .

3 - عن ابن عمر قال: كنّا نقول في زمن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): رسول الله خير الناس ثمّ أبو بكر ثمّ عمر، ولقد أوتي ابن أبي طالب ثلاثَ خصال، لإن يكون لي واحدة منهن أحبّ اليّ مِن حُمر النِّعم: زوّجه رسولُ الله ابنته وولدت له، وسدّ الأبواب إلاّ بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خَيبر.

رواه احمد وأبو يعلى ورجالهما رجال صحيح (3) .

____________________

(1) المستدرك من الصحيحين 3/ 138.

(2) مجمع الزوائد 9/ 120.

(3) المصدر 9/ 135.

٤٧

4 - عن أبي بكر بن خالد بن عرفطة، أنّه أتى سعد بن مالك فقال: بلغني أنّكم تعرضون على سبّ عليّ بالكوفة فهل سببته؟ قال: معاذ الله، والذي نفس سعد بيده لقد سمعت مِن رسول الله يقول في عليّ شيئاً لو وضِع المنشار على مفرقي ما سَبَبْته أبداً.

رواه أبو يعلى وإسناده حسن (1) .

5 - قال العلاّمة المعاصر السيّد علي بن طاهر الحضرمي في القول الفصل 2/ 215 طبع جاوا: أخرج ابن أبي حاتم بسندٍ صحيح عن العوّام بن حوشب عن ابن عمٍّ له قال: دخلت مع أبي على عائشة، فسألتها عن عليّ فقالت: تسألني عن رجلٍ كان من أحبّ الناس إلى رسول الله، وكانت تحته ابنته وهي أحبّ الناس إليه، لقد رأيت رسولَ الله دعا عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فألقى عليهم ثوباً فقال: ( اللهمّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ). فقلت أنا: يا رسول الله مِن أهل بيتك. فقال:( تنحّي فإنّك على خير ).

وهذا الخبر صحيحٌ على أصل الحنفيّة (2) .

أقول: تعرف عظمته (عليه السلام) عند رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) مِن هذه الروايات وغيرها، ويُستفاد مِن مجموعها أنّه لا يكون أحدٌ من أصحابه مثله، فيكون أولى بالخلافة مِن غيره، لتقدّم الفاضل على المفضول وقُبح عكسه عقلاً ونقلاً.

في حسن أخذه (عليه السلام) وليّاً:

1 - حدّثنا بكر بن محمّد الصيفي بمرو، ثنا إسحاق، ثنا القاسم بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن يعلى السلمي، ثنا عمار بن زريق، عن أبي إسحاق، عن

____________________

(1) المصدر 9/ 130.

(2) إحقاق الحق 9/ 11 - 12.

٤٨

زياد بن مطرف، عن زيد بن أرقم قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ( مَن يُريد أنْ يحيى حياتي ويَموت موتي، ويسكن جنّة الخُلد التي وعدَني ربّي، فليتولّ عليّ بن أبي طالب، فإنّه لنْ يُخرجكم مِن هُدى، ولنْ يُدخلكم في ضلالة ).

هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخرجاه (1) .

وهذا المعنى يُستفاد أيضاً مِن غيره من الأخبار الواردة مِن طُرُق القوم، ودلالتها على حُسن أخذه وليّاً ظاهرة.

في أنّه لا يحبّه مُنافق ولا يبغضه مؤمن:

1 - حدّثنا واصل بن عبد الأعلى، عن محمّد بن فضيل، عن عبد الله بن عبد الرحمن أبي نصر، عن مساور الحميري، عن أُمّه قالت: دخلت على أُمّ سلمة فسمعتها تقول: كان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: ( لا يُحبّ عليّاً منافق ولا يبغضه مُؤمن ).

هذا حديثٌ حسن صحيح (2) .

2 - حدّثنا يحيى بن عثمان ابن أخي يحيى بن عيسى الرملي، عن يحيى ابن عيسى الرملي، عن الأعمش، عن عدِي بن ثابت، عن زر بن حبيش، عن عليّ قال: ( لقد عهد إليّ النبيّ الأُمّيّ، أنّه لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق ).

هذا حديثّ حسن صحيح (3) .

ويُستفاد مِن هذه الأخبار أنّ مقتضى الإيمان عدم بغضه، ومقتضى النفاق بغضه، فيكون الميزان في النفاق والإيمان حبّه وبغضه، فيكون تلوَ الرسول

____________________

(1) المستدرك من الصحيحين 3/ 128.

(2) سنن الترمذي ج5 حديث 3800.

(3) المصدر حديث 3819.

٤٩

الأكرم فيهما.

وهذا يَكشف عن عُلوّ مقامه وعظمة شأنه (عليه السلام)، ومَن كان هذا مَقامه وشأنه فيكون مقدّماً على غيره في الخلافة؛ لأنّها كالنبوّة رئاسةً إلهيّة لا يليق بها إلاّ مَن كان له هذا المقام الشامخ.

في أنّه له (عليه السلام) الجنّة:

1 - حدّثنا عليّ بن حمشاذ العدل، ثنا عبّاس بن الفضل الأسفاطي، ثنا عليّ بن عبد الله المديني وإبراهيم بن محمّد بن عرعرة، قالا ثنا حرمي بن عمارة حدّثني الفضل بن عُميرة، أخبرني ميمون الكردي، عن أبي عثمان الهندي أنّ عليّاً قال:

( بينما رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخذ بيدي ونحن في سكك المدينة، إذ مررنا بحديقةٍ فقلت: يا رسولَ الله ما أحسنها مِن حديقة. قال: لك في الجنّة أحسن منها ).

هذا حديثٌ حسنٌ صحيحُ الإسناد ولم يُخرجاه (1) .

2 - عن جابر قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ( يطلع عليكم مِن تحت هذا الصور (2) رجلٌ مِن أهل الجنّة ). قال: فطلع أبو بكر فهنّأناه بما قال رسول الله، ثمّ لبث هُنيئة ثمّ قال: ( يطلع مِن تحت الصور رجلٌ مِن أهل الجنّة )، فطلع عمر فهنّأناه بما قال رسول الله. ثمّ قال: ( يطلع مِن تحت هذا الصور رجلٌ مِن أهل الجنّة ، اللهمّ إنْ شئت جعلته عليّاً ) - ثلاث مرات -. قال: فطلع عليّ. وفي رواية: اللهمّ اجعله عليّاً.

رواه احمد وإسناده حسن (3) .

____________________

(1) المستدرك من الصحيحين 3/ 138.

(2) الصور: جماعة من النخل.

(3) مجمع الزوائد 9/ 116 - 117.

٥٠

اعلم أنّ النصوص التي تدلّ على أنّه وشيعته مِن أهل الجنّة أو هُم الفائزون كثيرة تبلغ حدّ الاستفاضة أو التواتر (1) ، فيكون هو وشيعته هُم أهل الحق الناجون في القيامة.

في أنّ الجنّة اشتاقت إليه (عليه السلام):

1 - حدّثنا أبو بكر بن إسحاق، أنا محمّد بن عيسى بن السكن الواسطي، ثنا شهاب بن عباد، ثنا محمّد بن بشر، ثنا الحسن بن حي، عن أبي ربيعة الأيادي عن الحسن، عن أنس قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ( اشتاقت الجنّة إلى ثلاث: عليّ، وعمّار، وسلمان ).

هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه (2) .

فإنّ أئمّة الحديث رَوَوا هذا الخبر في كُتُبِهم، (3) واعتمدوا عليه مع صحّة سند بعضهم كما عرفت، فلا مجال للتشكيك في سنده، وأمّا دلالته على اشتياق الجنّة إلى هؤلاء ظاهرة بل صريحة، وهو دليل على عظمتهم وعلوّ مرتبتهم عند الله عزّ وجل، خصوصاً عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، حيث أنّه إمامهم وأفضلهم وأشرفهم، فيكون مقدّماً عليهم وعلى غيرهم بطريقٍ أولى.

____________________

(1) فقد روى في مناقب الخوارزمي 149، تذكرة الخواص 60، ينابيع المودّة 237، مناقب ابن المغازلي 293، مقتل الخوارزمي 40 - 41، دلائل الإمامة 2.

(2) المستدرك في الصحيحين 3/ 137.

(3) رواه في سنن الترمذي ج5 حديث 3884، كفاية الطالب 131، فرائد السمطين 63 و126 بأسانيدهم إلى أنس بن مالك.

٥١

في أنه يذود عن الحوض رايات المنافقين:

1 - أخبرنا عليّ بن عبد الرحمن بن عيسى السبيعي بالكوفة، ثنا الحسين ابن الحكم الجيزي، ثنا الحسن بن الحسين الأشقر، ثنا سعيد بن خيثم الهلالي، عن الوليد بن يسار الهمداني، عن عليّ بن طلحة قال: حججنا فمررنا على الحسن بن علي بالمدينة ومعنا معاوية بن الحديج، فقيل للحسن: إنّ هذا معاوية بن حديج الساب لعليّ، فقال: ( عليّ به، فأُتي به فقال: أنت الساب لعليّ؟ فقال: ما فعلت. فقال: ( والله إنْ لقيته - وما أحسبك تلقاه يوم القيامة - لتجده قائماً على حوضِ رسول الله يذود عنه رايات المنافقين، بيده عصا من عوسج )، حدّثنيه الصادق المصدوق وقد خاب من افترى ).

هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يُخرجاه (1) .

ونحوه غيره من الروايات المتضمّنة لهذا المعنى (2) ، وهذا أيضاً مِن فضائله (عليه السلام) العظيمة كما هو واضح.

في حديث الراية:

1 - حدّثنا قتيبة، عن حاتم بن إسماعيل، عن بُكير بن مسمار، عن عامر

____________________

(1) المستدرك من الصحيحين 3/ 138.

(2) مثل ما روى الخوارزمي بإسناده إلى أبي هريرة قال: قال عليّ بن أبي طالب: ( يا رسول الله أيما أحبّ إليك، أنا أم فاطمة؟ قال: فاطمة أحبّ إليّ منك، وأنت أعزّ عليّ منها، وكأنّي بك وأنت على حوضي تذود عنه الناس، وأنّ عليه الأباريق مثل عدد نجوم السماء، وأنّي وأنت والحسن والحسين وفاطمة وجعفر في الجنّة إخوانا،ً على سُررٍ متقابلين لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه ) (مقتل الخوارزمي 2 68 - 69).

٥٢

ابن سعد بن أبي وقّاص، عن أبيه قال: أمَرَ معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما مَنَعَك أنْ تَسبّ أبا تراب. قال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلن أسبّه، لإن تكونَ لي واحدة منهنّ أحبّ إليّ مِن حُمر النعم، سمِعت رسول الله يقول لعليّ وخلّفه في بعض مغازيه، فقال له عليّ:( يا رسول الله تخلّفني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله: أما ترضى أنْ تكون منّي بمنزلة هارون مِن موسى، إلاّ أنّه لا نبوّة بعدي ) .

سمعته يقول يوم خيبر: لأعطينّ الراية رجلاً يُحبّ الله ورسوله ويُحبّه الله ورسوله ، قال: فتطاول لها فقال: أُدعوا عليّاً قال: فأتاه وبه رمد، فبصق في عينه فدفع الراية إليه ففتح الله عليه وأُنزلت هذه الآية ( نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ ) الآية، دعا رسول الله عليّاً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: هؤلاء أهلي ).

هذا حديثٌ حسنٌ غريب صحيح (1) .

2 - عن أبي سعيد الخدري قال: أخذ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الراية فهزّها ثمّ قال: مَن يأخذها بحقّها. فجاء الزبير فقال: امض، ثمّ جاء رجل آخر فقال: أنا فقال أمط، فقال رسول الله: والذي أكرم وجه محمّد لأعطينّها رجلاً لا يفر، هاك يا عليّ. فقبضها ثمّ انطلق حتّى فتح الله عليه فدك وخيبر وجاء بعجوتها وقديدها.

رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عصمة وهو ثقة يخطأ (2) .

3 - عن ابن عبّاس قال: دفع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الراية إلى عليّ بن أبي طالب وهو ابن عشرين سنة.

____________________

(1) سنن الترمذي ج5 حديث 3808، صحيح مسلم 15/ 175، المستدرك من الصحيحين 3/ 108.

(2) مجمع الزوائد 9/ 124.

٥٣

رواه الطبراني وإسناده حسن (1) .

4 - أخرج احمد وأبو يعلى بسند صحيح عن عليّ (عليه السلام) قال: ما رمدّت ولا صدعت منذُ مسح رسول الله وجهي وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الراية (2) .

اعلم أنّ الأحاديث المرويّة في إعطاء النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الراية لعليّ (عليه السلام) مستفيضة بل لعلّها تبلغ حدّ التواتر ولو من حيث المعنى (3) فلا ينبغي الإشكال في سندها، ودلالتها على اختصاصه (عليه السلام) بها ظاهرة بل صريحة، خصوصاً مع تطاول الأصحاب لها وطلبهم قولاً وعملاً لها، فتكون فضيلة عظيمة له، خصوصاً مع ما فيها مِن قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ( لأعطينّ الراية رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله ).

في عدم تأثير الحرّ والبرد فيه (عليه السلام):

1 - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: خرج علينا عليّ بن أبي طالب في الحرّ الشديد وعليه ثياب الشتاء وخرج علينا في الشتاء وعليه ثياب الصيف، ثمّ دعا بما نشد به، ثمّ مسح العرق عن جبهته ثمّ رجع إلى بيته، فقلت لأبي: يا أبتاه أما رأيت ما صنع أمير المؤمنين، خرج علينا في الشتاء عليه ثياب الصيف وخرج علينا في الصيف وعليه ثياب الشتاء. فقال أبو يعلى: ما فظنت، فأخذ بيد

____________________

(1) المصدر 9/ 125.

(2) تاريخ الخلفاء ص 66.

(3) فإنّه روي في صحيح البخاري ج5 مناقب عليّ حديث 18، صحيح مسلم 15/ 177، مسند احمد ج1 مسند علي، سنن ابن ماجة فضل عليّ ص 29، فضائل أمير المؤمنين لابن حنبل (مخطوط) ص 199، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص6، سنن المصطفى ج1/ 57، الاستيعاب 3/ 36، مناقب الخوارزمي 224 - 225.

٥٤

ابنه فأتى عليّاً فقال له الذي صنع، فقال له عليّ: ( إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّّم) كان بعثني وأنا أرمَد، فبزق في عيني ثمّ قال افتح عينيك، ففتحتهما فما اشكيتهما حتّى الساعة، ودعا لي فقال: اللهمّ أذهب عنه الحرّ والبرد، فما وجدت حرّاً ولا برداً حتّى يومي ).

رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن (1) .

لا يخفى أنّ هذا معجزة للنبيّ الأكرم وعظمة للوصيّ الأعظم حيث وقع مورداً للطفه ودعائه واستجاب الله له. والله أعلم بالشاكرين.

في حديث الطير:

1 - حدّثنا أبو عليّ الحافظ، أنبأ أبو عبد الله محمّد بن احمد بن أيّوب الصفّار، وحميد بن يوسف بن يعقوب الزيّات، قالا ثنا محمّد بن احمد بن عياض ابن أبي طيبة، ثنا يحيى بن حسان، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد، عن أنس بن مالك قال: كنت أخدم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقدّم لرسول الله فرخ مشوي، فقال: ( اللهمّ ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي مِن هذا الطير ).

فقال: فقلت: اللهمّ اجعله رجلاً من الأنصار، فجاء عليّ فقلت: إنّ رسول الله على حاجة، ثمّ جاء فقلت: إنّ رسول الله على حاجة، ثمّ جاء فقال رسول الله: إفتح فدخل، فقال رسول الله: ( ما حبسك عليّ؟ فقال إنّ هذه أخر ثلاث كرّات يردّني أنس يزعم أنّك على حاجة ).

فقال: ما حملك على ما صنعت؟ فقلت: يا رسول الله سمعت دعاءك فأحببت أنْ يكون رجلاً مِن قومي.

فقال رسول الله: ( إنّ الرجل يحبّ قومه ).

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، وقد رواه عن أنس جماعةٌ مِن أصحابه زيادةً على ثلاثين نفساً، ثمّ صحّت الرواية عن عليّ وأبي سعيد

____________________

(1) مجمع الزوائد 9/ 122.

٥٥

الخدري وسفينة (1) .

هذا الحديث مثل كثير من الأحاديث الواردة في فضائل عليّ (عليه السلام)، مستفيض بحيث يُمكن دعوى التواتر فيه، ولو من حيث المعنى حتّى قال الموفق الخوارزمي: أخرج الحافظ ابن مردويه الحديث بمائة وعشرين إسناداً (2) .

وهو يدلّ على أنّه (عليه السلام) أحبّ الخلق إلى الله تعالى سِوى النبيّ الأكرم، خصوصاً مع تكرار الردّ والرجوع واعتراض الرسول على أنس واعتذاره بما اعتذر، فلا يكون مِن القضايا الاتفاقيّة، فيكون (عليه السلام) أولى بالخلافة ممّن لا يكون له هذا المقام الرفيع ولا أدنى منه.

في أنّ إيذاءه إيذاء النبيّ:

1 - عن سعد بن أبي وقّاص قال: كنت جالساً في المسجدين أنا ورجلين معي فنلنا من عليّ، فأقبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) غضبان يعرف في وجهه الغضب، فتعوّذت بالله مِن غضبه فقال: ( مالك ومالي، مَن آذى عليّاً فقد آذاني ).

رواه أبو يعلى والبزّاز ورجال أبي يعلى رجال الصحيح غير محمّد بن خواش وقنان وهما ثقتان (3) .

2 - عن عمرو بن شاش الأسلمي - وكان مِن أصحاب الحديبيّة - قال: خرجت مع عليّ إلى اليمن فجفاني في سفري ذلك حتّى وجدّت في نفسي عليه، فلمّا قدمت المدينة أظهرت شكايته في المسجد حتّى سمع بذلك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم، فدخلت المسجد ذات غداة ورسول الله جالس في أناس

____________________

(1) المستدرك من الصحيحن 3/ 131.

(2) مقتل الخوارزمي 1/ 45، مناقِب ابن المغازلي 435، كفاية الطالب 145، خصائص أمير المؤمنين 6 و20، انساب الأشراف 142.

(3) مجمع الزوائد 9/ 129.

٥٦

من أصحابه، فلما رآني أبدَ لي عينيه - يقول حدّد إليّ النظر حتّى إذا جلست - قال: يا عمرو والله لقد آذيتني. قلت: أعوذ بالله من أذاك يا رسول الله. قال: ( بلى مَن آذى عليّاً فقد آذاني ).

روا احمد والطبراني باختصار والبزّاز أخصر منه ورجال احمد ثقات (1) .

ونحو هذين الحديثين غيرهما من الأحاديث الواردة في الباب مِن طُرُق القوم، وهي تدلّ على وحدة وجودهما (عليهما السلام، حيث رتّب على وجوده الشريف ما رتّب على وجود عليّ من الآثار، بل في جملة مِن أحاديثهم، أنّ النبيّ قال: ( أنا وعليّ من نورٍ واحد (2) . وفي جملة أُخرى منها: أنا وعليّ مِن شجرةٍ واحدة، والناس مِن أشجار شتّى ) (3) . أو نحو ذلك.

في أنّ النبيّ سدّ الأبواب إلاّ بابه:

1 - عن عبدالله بن الرقيم الكناني قال: خرجنا إلى المدينة زمن الجمل، فلقينا سعد بن مالك بها، فقال: أمَرَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بسدّ الأبواب الشارعة في المسجد وترك بابَ عليّ.

رواه احمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط، وزاد: قالوا: يا رسول الله سدَدْت أبوابنا كلّها إلاّ باب عليّ.

قال: ( ما سدَدْت أبوابكم ولكنّ الله سدّها ) وإسناد

____________________

(1) المصدر 9/ 128. وفي تذكرة الخواص 49 قال احمد في الفضائل ان هذا الحديث سالم من الطعن.

(2) مثل ما روي في كفاية الطالب 314، مقتل الخوارزمي 1/ 43، عبقات الأنوار - حديث النور ص 99 - 100.

(3) انظر مناقب ابن المغازلي ص 400 و90 و297، فرائد السمطين 13، شواهد التنزيل الحديث 588، كفاية الطالب 317.

٥٧

احمد حسن (1) .

والأخبار الواردة في سدّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أبواب المسجد إلاّ باب عليّ (عليه السلام) عديدة، بل مستفيضة (2) مع صحّة سند بعضها، فلا إشكال فيها من جهة السدّ. ومن هنا تقدّم هذه الأحاديث على ما رُوي من أنّه سدّ الأبواب إلاّ باب أبي بكر. والحديث الأخير مع ضعفه - كما عن ابن أبي الحديد - لا يُعارض تلك لكثرتها وصحّة سندها واعتماد المشهور عليها، بل لا يُعرف الخلاف بين أصحابنا الإماميّة فيها.

وأمّا دلالتها على عظمته (عليه السلام) وعلوِّ مقامه عند الله تعالى ورسوله ممّا لا يُنكر، خصوصاً مع ما في ذيل غير واحدٍ منها مِن إسناد السدّ إلى الله كما مرّ، بل في بعضها: وإنّي والله ما سدَدْت شيئاً ولا فتحته ولكنّي أُمِرت فاتّبعت ( حم والضياء عن زيد بن أرقم ) (3) .

في حديث غدير خم:

1 - عن سعد بن وهب قال: نشد عليّ الناس، فقام خمسة أو ستّة مِن أصحاب النبيّ، فشهدوا أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم) قال: ( مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه ).

____________________

(1) مجمع الزوائد 9/ 114.

(2) سُنن الترمذي ج5 حديث 3815، مناقب ابن المغازلي 258، كنز العمّال 6/ 152، فرائد السمطين 96 بأسانيدهم إلى ابن عبّاس وزيد بن أرقم، بل نقل في المناقب لابن المغازلي أربعة أحاديث فيه.

(3) كنز العمّال 6/ 152، وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة 11/ 49: ونحوه سدّ الأبواب فانّه كان لعليّ (عليه السلام) فقلبته البكريّة إلى أبي بكر.

٥٨

رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (1) .

2 - عن عمرو بن ذي مرو سعيد وزيد بن بثيع قالوا: سمعنا عليّاً يقول: ( نشدت الله رجلاً سمع رسول الله يقول يوم غدير خم )، فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا أن رسول الله قال: ( ألستُ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. فأخذ بيد عليّ فقال: من كنت مولاه فهذا مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من يبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله ).

رواه البزّاز ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة (2) .

3 - عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: شهدت عليّاً في الرحبة يُناشد الناس: ( أنشد الله مَن سمِع رسول الله يقول في يوم غدير خم: مَن كنت مولاه فعليٌّ مولاه، لمّا قام فشهد. قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدريّاً كأنّي أنظر إلى احدهم، عليه سراويل، فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول الله يقول يوم غدير خم: ألستُ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم وأزواجي أمّهاتهم، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فمَن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ مَن والاه وعادِ مَن عاداه ).

رواه أبو يعلى ورجاله وثقوا (3) .

4 - عن ملك بن الحُويْرِث قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ( مَن كنت مولاه فعليّ مولاه ).

رواه الطبراني ورجاله وثقوا (4) .

5 - عن حبشي بن جنادة قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

____________________

(1) مجمع الزوائد 9/ 114.

(2) مجمع الزوائد 9/ 105، مسند احمد 1119

(3) مجمع الزوائد 9/ 105، مسند احمد 1119

(1) مجمع الزوائد 9/ 106.

٥٩

يقول يوم غدير خم: ( مَن كُنت مولاه فعليٌّ مولاه، اللهمّ والِ مَن والاه، وعادِ مَن عاداه، وانصر مَن نصره، وأعن مَن أعانه ).

رواه الطبراني ورجاله وثقوا (1) .

6 - حديث ( مَن كنت مولاه فعليّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعاد من عاداه ) حديثٌ صحيح لا مِرية فيه (2) .

7 - عن سعد بن أبي وقّاص أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخذ بيد عليّ فقال: ( ألستُ أولى بالمؤمنين مِن أنفسهم، من كنت وليّه فعليٌّ وليّه ).

رواه البزّاز ورجاله ثقات (3) .

اعلم أنّ حديثَ غديرِ خم مِن المتواترات، وقد صرّح جمعٌ كثير مثل جلال الدين السيوطي، والذهبي، وابن الجزري، وغيرهم بتواتره، بل قد ألّف فيه بعض العلماء تآليف خاصّة به، مثل كتابَيّ الغدير وعبقات الأنوار وغيرهما، بل قلّما يوجد في الأحاديث مثله (4) .

ودلالته على خلافته (عليه السلام) ظاهرة، خصوصاً مع القرائن الداخلية والخارجية من الآيات والروايات الواردة في تفسير لفظة (المولى) وأنّ المراد بها هو الأولى بالتصرّف، كما هو أظهر معانيه عند الإطلاق وقد استعمل فيه في كثير

____________________

(1) المصدر 9/ 106.

(2) ينابيع المودّة ص 274.

(3) مجمع الزوائد 9/ 107.

(4) انظر مسند احمد ج 1 حديث 76 و97 و118 و119، وج 4/ 281 و368 و372 و370 وج 5/ 419، فضائل أمير المؤمنين لابن حنبل 1/ 45، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1/ 28 و4/ 74 و107 - 108 و19/ 217، انساب الأشراف فضائل علي 108، ينابيع المودّة 274، وقد ذكرت جميع هذه الأحاديث في كتابَي جامع فضائل أهل البيت.

٦٠