العقائد الإسلامية الجزء ١

العقائد الإسلامية21%

العقائد الإسلامية مؤلف:
تصنيف: أصول الدين
الصفحات: 371

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 371 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 135637 / تحميل: 7636
الحجم الحجم الحجم
العقائد الإسلامية

العقائد الإسلامية الجزء ١

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

العـقائـد الإسـلامـيـة

عرض مقارن لأهمّ موضوعاتها من مصادر السنّة والشيعة

المجلّد الأول

قام بإعداده

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

١

٢

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين

١- أصول الدين وفروعه كلٌّ موحد

تعارف العلماء القدماء على تقسيم الدين إلى: أصول وفروع، وكثر التعبير في عصرنا بأن الدين يتكون من عقيدة وشريعة، واستعمل بعضهم عبارة: النظرية والتطبيق .

ومن الواضح أنها تقسيماتٌ تقريبية، من أجل التمييز بين المسائل التي تبين نظرة الإسلام إلى الكون والحياة والإنسان، والمسائل التي تبين أحكام الشريعة الإسلامية لتنظيم سلوك الإنسان وحياته.

وإلا فلو نظرنا بعمق إلى الإسلام لوجدنا أحكامه الشرعية عقائد يجب الإيمان بها وعقد القلب عليها، وعقائده أحكاماً شرعية أوحى بها الله تعالى وأوجب الإعتقاد بها، أو هدى إليها العقول وأمضاها.

إن الإسلام كلٌّ موحدٌ مترابط، وعقائده وشرائعه أركانٌ لحقيقة واحدة، جعلها الله تعالى في أبعاد متعددة، لأنها تنزلت لبناء شخصية هذا الإنسان ذات الأبعاد المتعددة، وبناء حياته ذات الأبعاد المتعددة أيضاً.

٣

ومسائل الإسلام العقيدية لا تقل في أهميتها وضرورتها عن مسائله الفقهية، بل إن معرفة العقائد متقدمة رتبةً على معرفة الشرائع، لأنها أساسها والمؤثرة في فهمها وتطبيقها.

٢- اهتمام مراجع الدين بالأصول والفروع

وبسبب هذا الترابط بين العقائد والأحكام كان اهتمام النبي وأهل بيته، صلى الله عليه وعليهم، ببناء عقائد المسلمين موازياً لاهتمامهم بتعليمهم أحكام الشريعة وعلى خطهم سار فقهاء مذهب أهل البيتعليهم‌السلام ، فكانوا حَفَظَةَ علوم الإسلام وحُرَّاسَ عقيدته وشريعته، وعملوا في تعليم الأمة عقيدتها وشريعتها معاً، وألفوا في العقائد والفقه مئات الكتب وكانوا يضاعون جهودم وينوعون وسائلهم عندما يتطلب الأمر ذلك، أو تحدث انحرافات، أو تظهر شبهات.

وشعوراً بأهمية البحوث العقائدية في عصرنا، فقد أمر

سماحة آية الله العظمى السيد السيستاني مدظله

بإنشاء (مركز المصطفى للدراسات الإسلامية ) من أجل البحوث والدراسات العقائدية، ومواجهة الشبهات التي تثار حول هذه المسألة أو تلك من عقائد الإسلام ومذهب أهل البيتعليهم‌السلام .

وقد توفقنا والحمد لله إلى تحقيق خطوة متواضعة في تدوين العقائد المقارنة من مصادرنا ومصادر إخواننا السنة، في عدة مجلدات، وها نحن نقدم منها المجلد الأول الذي يشمل مسائل: الفطرة، المعرفة، الرؤية، التشبيه، التجسيم. ونرجو الله تعالى أن يوفقنا لإخراج بقية مجلداته.

كما يجري العمل حسب أمر سيدنا المرجع مدظله في تكوين (بنك معلومات عقائدي ) وذلك باستخراج المسائل العقائدية الحيوية التي يحتاجها المسلمون في عصرنا من أمهات المصادر، وتبويبها وتقديمها في برنامج کمپیوتري لتسهيل الرجوع إليها، ونأمل أن نتوفق لإتمام هذا العمل بعون الله تعالى.

٤

٣- العرض المقارن

هدفنا الأول من هذه المجلدات التي قد تصل إلى خمسة، أن نعرض المواد العلمية الأساسية لمسائل العقيدة الإسلامية من مصادرها المعتمدة عند المذاهب المختلفة، وعرضاً مقارناً، لأن هذا المنهج يساعد الباحث على رؤية المسالة على طبيعتها، وتفاوت الآراء فيها وأساليب معالجتها، ويغنيه عن الرجوع إلى مئات المصادر التي بذلنا جهداً واسعاً في مطالعتها وتبويبها.

٤- التسلسل المنطقي والتاريخي

من الأمور التي حرصنا عليها في عرض هذه المواد، أن نقدمها في تسلسل منطقي وتاريخي والمشتغلون في المسائل العقائدية يعرفون أنها مسائل متفاوتة في صعوبتها وسهولتها وطواعيتها للعرض الميسر وَشِمَاسِهَا، وأن بعضها يتعسر اكتشاف تسلسلها التاريخي أو يعتذر وأن الاجتهادات تختلف في بدايتها وتطورها، وأساليب تقديمها.

ولكنا بذلنا في هذه المجلدات جهدنا، وتحرّينا فيها وسعنا، لكي نقدمها في عرض شامل متكامل، فنوفر على الباحث وقته، ونيسر له أن يطلع على مواد المسألة المتنوعة، ثم يختار منها لموضوعه ما شاء.

٥- المنهج الكلامي أو الحديثي

كانت أساليب الناس ومؤلفاتهم بشكل عام في صدر الإسلام، متأثرةً بالأسلوب القرآني الفريد المعجز، مرصعةً بآياته، وموشحةً بالأسلوب النبوي السهل الممتنع، الذي هو جوامع الكلم..

ثم دخلت ثروات الثقافات الأخرى، خاصة الثقافة اليونانية من منطق وفلسفة،

٥

والفارسية من فلك وأدبيات، فتأثر بها المجتمع الإسلامي عموماً وتولدت بسببها شُبَةٌ جديدة على عقائد الإسلام ومفاهيمه، فجاءت ردود علماء المسلمين عليها بذلك الأسلوب الجديد، الذي تميز بأنواع من المصطلحات والتعمق والتعقيد.

وفي هذا الجو نما علم الكلام واتسع، وعلى هذا المنوال تابع مسيرته عبر القرون فجاءت الثروة الكلامية الكبيرة التي يملكها المسلمون ممزوجةً في كثير من الأحيان بالفلسفة والمنطق والجدل، ومصبوبة في قوالبها، وإن كانت مبنية من لبنات القرآن والحديث والسيرة.

وبسبب ذلك تكوَّن عند أهل المذاهب السنية اتجاهان في المسائل العقائدية، عرفا باسم: المنهج الحديثي، والمنهج الكلامي وجاء الفرق بين المنهجين في الشكل وفي المضمون معاً.

فالمنهج الحديثي الذي يسمونه مذهب أهل الحديث والأثر، يعتمد على مواد الحديث وتفسيرات الرواة والعلماء المقبولين عند هذا المذهب أو ذاك، بينما يعتمد المنهج الكلامي على أحكام العقل ومسائل المنطق والفلسفة، ويلائم بينها وبين الأحاديث، أو يحاكم الأحاديث على أساسها.

وقد مثَّل المنهج الحديثي الأشاعرة، وتَطَرَّفَ منهم مجسمة الحنابلة، كما مثَّل المنهج الكلامي المعتزلة، وَتَطَرَّفَ ورثتهم في عصرنا من المتأثرين بفلسفة الغرب وثقافته.

أما الشيعة فلم يكن عندهم فرق في المضمون بين المنهجين، ولم يواجهوا تعارضاً بين الأحاديث وأحكام العقل، وانحصر الفرق عندهم بين المنهج الحديثي والمنهج الكلامي بالشكل وحده.

وقد رجحنا أن نقدم العقائد الإسلامية بأسلوب يغلب فيه الطابع الحديثي على

٦

الطابع الكلامي الفلسفي، وجعلنا هدفنا الأول بحث آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة وآراء العلماء المعتمدين عند المذاهب، لأن هذه اللغة أوسع قبولاً عند المسلمين، وأكثر أصالة أيضاً.

على أن اختيار هذا المنهج لا يقلل من قيمة البحوث الكلامية الفلسفية ونفعها، بل وضرورتها، فقد طَعَّمنا فيها المسائل، واخترنا عدداً منها في مواضعها المناسبة.

٦- التوثيق من مصادر الدرجة الأولى

يلاحظ القارئ والباحث أنا سعينا في هذه البحوث إلى توثيق نصوصها من مصادر الدرجة الأولى مهما أمكن، ونعني بالدرجة الأولى الأكثر اعتماداً عند المذاهب، والأقدم تأليفاً فإن من مشكلات البحوث العقائدية المعاصرة أن فيها الكثير من كلام المؤلف وتحليله وتنظيره، والقليل من توثيق أفكاره من المصادر، خاصة عندما ينسب فكرةً أو عقيدةً إلى فئة، أو رأياً إلى شخص كما توجب الأصول الأولية للبحث العلمي.

٧- الأمانة العلمية والإنصاف

والأمانة العلمية صفةٌ ضروريةٌ للباحثين وليست كمالية، وهي تَتْبَع حالة الباحث الدينية والإنسانية فتراها قويةً عند الأتقياء، وأصحاب الفطرة السليمة، ضعيفةً عند ضعاف الدين، والشخصية.

كما أن الدقة في فهم آراء الآخرين وتفسيرها، تتبع حالة الفهم والإنصاف عند الباحث، وقدرته على القضاء العادل وتجاوز الذات.

ونحن ندعي أننا حرصنا في هذه البحوث الحساسة على الأمانة في النقل، والدقة في الفهم، والإنصاف في التفسير، ثم لا نبرئ أنفسنا من الإشتباه والزلل، ونشكر من يلفتنا الى خطأ وينفعنا في مطلب فالعصمة لله تعالى، ولمن خصهم بها من الأنبياء والأوصياء، صلوات الله وسلامه عليهم.

٧

٨- بين علم الكلام والمذهب الكلامي

يتحدث بعض الباحثين في المسائل العقائدية عن الموضوعية والأكاديمية والتجرد عن الذاتية في بحوثهم، ومع ذلك يقع في الميل والتحيز، وربما في التجني على من يخالفه!

والإنصاف أن من يختار موضوعاً عقائدياً ويُدَوِّن مسائله ويقدمها للباحثين والقراء، لابد أن يكون صاحب هدف ورأي فيها ولا عيب على باحثٍ أن يكون صاحب مذهبٍ في بحثه الكلامي أو الفلسفي أو الفقهي، مادام أميناً في نقله، منصفاً في بحثه.

ولا نظن منصفاً ينتقدنا في هذا العمل العقائدي المقارن، فيقول لماذا عرضتم آراء مذهب أهل البيت مع أراء بقية المذاهب، مع أن سيرة المؤلفين من السلف أن يهملوا آراء هذا المذهب، أو يتحاملوا عليه!

فقد مضى عهد الحساسية من أهل بيت النبي صلى الله عليه وعليهم، وآن للباحثين أن يفهموا وجهة نظر أهل بيت نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله في عقائد الإسلام.

لقد تربي أكثرنا في المعاهد الدينية بين مصادر علم الكلام والتفسير على سماع آراء عكرمة، ومجاهد، وقتادة، والحسن البصري، ومقاتل، وابن واصل، وابن عطاء، والجبائي، والأشعري، والباقلاني، والطحاوي، ومن قلدهم من المتأخرين والمعاصرين حتى كأنه لا يوجد علم إلا عند هؤلاء، وكأن بيت نبي هذه الأمةصلى‌الله‌عليه‌وآله قد انطفأ بوفاته إلى الأبد فلم يكن له آلٌ ولا عِتْرة، وكأن الله تعالى لم يخبر بأن أهل بيته باقون إلى يوم القيامة، وبأنهم مرجع الأمة مع القرآن، كما في الحديث الصحيح:

(إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله عزوجل وعترتي. كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظروني بِمَ تخلفوني فيهما) رواه أحمد في مسنده ج ٣ ص ١٧ وغيره.

٨

أما أجيال الأمة السابقة فقد ذهبوا إلى ربهم وحاسبهم كيف خَلَفوُا نبيه في أهل بيته وعلينا نحن أن نريهصلى‌الله‌عليه‌وآله كيف نخلفه فيهم وإن من أبسط حسن خلافته فيهم أن نفهم ما قالوه في عقائد الإسلام وشريعته.

اللهم اجعل رسولك أحب إلينا من أنفسنا، وآله وقرابته أحب إلينا من قرابتنا، وكلامهم أحب إلينا من كلام غيرهم.

شكر وتقدير

في الختام نسجل شكرنا الجزيل للأخوة الباحثين والفنيين الذين يعلمون في هذا المركز، ويساهمون بجهودهم المشكورة في إعداد أكبر موسوعة عقائدية مقارنة.

ونختم بالشكر لسماحة الأخ بتأسيس هذا المركز، وواصل الإهتمام به حتى يحقق هدفه المبارك إن شاء الله.

ونسأل الله تعالى أن يحفظ سيدنا المرجع ذخراً للإسلام والمسلمين، وأن يوفقنا لخدمة شريعة سيد المرسلين وآله الطيبين الطاهرين، صلوات الله وسلامه عليهم.

مركز المصطفى للدراسات الإسلامية

علي الكوراني العاملي    

٩

١٠

الباب الأوّل

الـفـطـرة والـمـعـرفـة

١١

١٢

الفصل الأوّل

الـفـطـرة

هذا الباب بمثابة المقدمة لبقية أبواب العقائد، وفيه بحوث كثيرة، لكن أصوله بشكل عام موضع اتفاق بين المسلمين، لذلك تَتَبعنا مواد موضوعاته من المصادر المختلفة، وقمنا بتنظيمها وتبويبها موضوعياً تحت عناوين مناسبة، ليسهل على الباحث الرجوع إليها، وبسطنا القول أحياناً في بعض موضوعاته التي قدرنا أنها تحتاج إلى ذلك.

آيات فطرة السماوات والكون

وقد أوردنا في أول الفصل الأول منه آيات فطرة الكون، لأنها تنفع في فهم فطرة الإنسان:

-(فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) . الأنعام ٧٨ - ٧٩

-(قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاّ بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) . إبراهيم - ١٠

١٣

-(قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * وَتَاللهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ) ٥٦ - ٥٧

(يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ * وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) . هود ٥١ - ٥٢

-فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ . الشورى - ١١

-الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ . الملك - ٣

-الْحَمْدُ للهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . فاطر - ١

-قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ . الزمر - ٤٦

-قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . الأنعام - ١٤

-إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ . الأنعام - ٧٩

-رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ . يوسف - ١٠١

انفطار الكون عند القيامة

-إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ * وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ . الإنفطار ١ - ٥

١٤

-فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا * السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً * إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً . المزمل ١٧ - ١٩

تكاد السماوات تتفطر من عظمة الله

-تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . الشورى - ٥ وقال في بحار الأنوار ج ٧٠ ص٣٤٦:تكاد السموات يتفطرن ، أي يتشققن من عظمة الله، وروى علي بن إبراهيم عن الباقرعليه‌السلام : أي يتصدعن من فوقهن. انتهى. وروى نحوه السيوطي في الدر المنثور ج ٦ ص ٣

تكاد السماوات تتفطر من الإفتراء على الله

-تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّ . مريم ٩٠ - ٩٣

فطرة الله التي فطر الناس عليها

-فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شيءعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ . الروم - ٣٠ - ٣٢

-وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ

١٥

وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ * قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ . البقرة ١٣٥ - ١٣٩

-إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلا تَعْقِلُونَ . هود - ٥١

-وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلاّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ * وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ . الزخرف ٢٦ - ٢٨

-وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ * وَمَا لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا وَلا يُنْقِذُونِ . يس ٢٠ - ٢٣

-قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى * قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى * قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . طه ٧٠ - ٧٢

الفطرة الأولى والفطرة الثانية

-وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا * قُلْ كُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِيدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُءُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيبًا * يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاّ قَلِيلاً . الإسراء ٤٩ - ٥٢

فطرة الناس على معرفة الله تعالى وتوحيده

- نهج البلاغة ج ١ ص ٢١٥

١١٠ - ومن خطبة لهعليه‌السلام : إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله سبحانه

١٦

وتعالى، الإيمان به وبرسوله، والجهاد في سبيله فإنه ذروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة، وإقام الصلاة فإنها الملة. انتهى. ورواه في الفقيه ج ١ ص ٢٠٥

- الكافي ج ٢ ص ١٢

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قلت: فطرة الله التي فطر الناس عليها؟ قال: التوحيد.

- علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: فطرة الله التي فطر الناس عليها، ما تلك الفطرة؟ قال: هي الإسلام، فطرهم الله حين أخذ ميثاقهم على التوحيد، قال: ألست بربكم؟ وفيهم المؤمن والكافر.

- علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله عز وجل: حنفاء لله غير مشركين به؟ قال: الحنيفية من الفطرة التي فطر الله الناس عليها. لا تبديل لخلق الله؟ قال: فطرهم على المعرفة به.

- المحاسن للبرقي ج ١ ص ٢٤١

عنه، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة قال سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله: حنفاء لله غير مشركين به، ما الحنيفية؟ قال: هي الفطرة التي فطر الناس عليها، فطر الله الخلق على معرفته.

- محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن علي بن رئاب، عن زرارة قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول الله عز وجل:فطرت الله التي فطر الناس عليها ؟ قال: فطرهم جميعاً على التوحيد.

- علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال، عن ابن أبي جميلة، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله عز وجل:فطرت الله التي فطر الناس عليها ؟ قال: فطرهم على التوحيد.

١٧

- عنه، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة قال سألت أباعبد اللهعليه‌السلام عن قول الله:وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى . قال: ثبتت المعرفة في قلوبهم ونسوا الموقف وسيذكرونه يوماً ما، ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه ولا من رازقه.

ورواه في علل الشرائع ج ١ ص ١١٧، ورواه في تفسير القمّي وفيه: فمنهم من أقر بلسانه في الذر ولم يؤمن بقلبه فقال الله:فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل .

- التوحيد للصدوق ص ٣٢٨ - ٣٣٠

روى الصدوق عشر روايات تحت عنوان (باب فطرة الله عز وجل الخلق على التوحيد) وقد تقدم أكثرها، وجاء في السابعة منها (التوحيد ومحمد رسول الله وعلي أمير المؤمنين).

- معاني الأخبار للصدوق ص ٣٥٠

محمد بن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله عز وجل: حنفاء لله غير مشركين به، وقلت: ما الحنفية؟ قال: هي الفطرة. انتهى. ورواه في بحار الأنوار ج ٣ ص ٢٧٦، وروى عدداً وافراً من هذه الأحاديث ج ٣ ص ٢٧٦ وج ٥ ص ١٩٦ وص ٢٢٣، والحلي في مختصر بصائر الدرجات ص ١٥٨ - ١٦٠، والحويزي في تفسير نور الثقلين ج ٢ ص ٩٦ وج ٤ ص ١٨٦.... وغيرهم.

الفطرة حالة استعداد لا تعني الإجبار وسلب الإختيار

- نهج البلاغة ج ١ ص ١٢٠

اللهم داحي المدحوات وداعم المسموكات، وجابل القلوب على فطرتها، شقيها وسعيدها، إجعل شرائف صلواتك ونوامي بركاتك على محمد عبدك ورسولك، الخاتم لما سبق، والفاتح لما استقبل.

١٨

- علل الشرائع ج ١ ص ١٢١

أبي، قال حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه، عن غير واحد، عن الحسين بن نعيم الصحاف قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : أيكون الرجل مؤمناً قد ثبت له الإيمان ينقله الله بعد الإيمان إلى الكفر؟ قال: إن الله هو العدل، وإنما بعث الرسل ليدعو الناس إلى الإيمان بالله، ولا يدعو أحداً إلى الكفر.

قلت فيكون الرجل كافراً قد ثبت له الكفر عند الله فينقله الله بعد ذلك من الكفر إلى الإيمان؟ قال: إن الله عز وجل خلق الناس على الفطرة التي فطرهم الله عليها لا يعرفون إيماناً بشريعة ولا كفراً بجحود، ثم ابتعث الله الرسل إليهم يدعونهم إلى الإيمان بالله، حجةً لله عليهم، فمنهم من هداه الله، ومنهم من لم يهده. انتهى. ورواه في الكافي ج ٢ ص ٤١٦، وجاء في هامشه:

قال المجلسيرحمه‌الله : الظاهر أن كلام السائل استفهام، وحاصل الجواب: أن الله خلق العباد على فطرة قابلة للإيمان وأتم على جميعهم الحجة بإرسال الرسل وإقامة الحجج، فليس لأحد منهم حجة على الله في القيامة، ولم يكن أحد منهم مجبوراً على الكفر لا بحسب الخلقة ولا من تقصير في الهداية وإقامة الحجة، لكن بعضهم استحق الهدايات الخاصة منه تعالى فصارت مؤيدة لإيمانهم، وبعضهم لم يستحق ذلك لسوء اختياره، فمنعهم تلك الألطاف فكفروا، ومع ذلك لم يكونوا مجبورين ولا مجبولين بعد ذلك من الإيمان إلى الكفر.

- تفسير العياشي ج ١ ص ١٠٤

- عن مسعدة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله:كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين .

فقال: كان ذلك قبل نوح. قيل: فعلى هدى كانوا؟ قال: بل كانوا ضلالاً، وذلك أنه لما انقرض آدم وصالح ذريته بقي شيث وصيه لا يقدر على إظهار دين الله الذي كان عليه آدم وصالح ذريته، وذلك أن قابيل تواعده بالقتل كما قتل أخاه هابيل،

١٩

فسار فيهم بالتقية والكتمان، فازدادوا كل يوم ضلالاً حتى لم يبق على الأرض معهم إلا من هو سلف، ولحق الوصي بجزيرة في البحر يعبد الله، فبدا لله تبارك وتعالى أن يبعث الرسل، ولو سئل هؤلاء الجهال لقالوا: قد فرغ من الأمر وكذبوا إنما هي (هو) أمر يحكم به الله في كل عام، ثم قرأ: فيها يفرق كل أمر حكيم، فيحكم الله تبارك وتعالى ما يكون في تلك السنة من شدة أو رخاء أو مطر أو غير ذلك.

قلت: أفضلالاً كانوا قبل النبيين أم على هدى؟

قال: لم يكونوا على هدى، كانوا على فطرة الله التي فطرهم عليها لا تبديل لخلق الله، ولم يكونوا ليهتدوا حتى يهديهم الله، أما تسمع يقول إبراهيم: لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين، أي ناسياً للميثاق. انتهى. ورواه في تفسير نور الثقلين ج ١ ص ٧٣٦

- تفسير التبيان ج ٢ ص ١٩٥

فإن قيل: كيف يكون الكل كفاراً مع قوله: فهدى الله الذين آمنوا؟

قلنا: لا يمتنع أن يكونوا كلهم كانوا كفاراً، فلما بعث الله إليهم الأنبياء مبشرين ومنذرين اختلفوا، فآمن قوم ولم يؤمن آخرون.

وروي عن أبي جعفرعليه‌السلام أنه قال: كانوا قبل نوح أمة واحدة على فطرة الله، لا مهتدين ولا ضلالاً، فبعث الله النبيين....

- بحار الأنوار ج ٦٥ ص ٢٤٦

وقال النيسابوري: إعلم أن جمهور الحكماء زعموا أن الإنسان في مبدأ فطرته خال عن المعارف والعلوم، إلا أنه تعالى خلق السمع والبصر والفؤاد وسائر القوى المدركة حتى ارتسم في خياله بسبب كثرة ورود المحسوسات عليه حقائق تلك الماهيات وحضرت صورها في ذهنه. ثم إن مجرد حضور تلك الحقائق إن كان كافياً في جزم الذهن بثبوت بعضها لبعض أو انتفاء بعضها عن بعض فتلك الأحكام علوم

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

.. إلى غير ذلك من الكتاب والسنّة.

وأمّا ما ذكره من أنّ المراد بهذا التجويز نفي وجوب شيء عليه ، فلا يرفع الإشكال ؛ لأنّه إذا لم يجب عليه بعدله وحكمته أن يرسل الرسل بالحكمة والموعظة الحسنة ، فقد جاز أن يرسل رسولا إلى قوم ولا يأمرهم إلّا بسبّه ومدح إبليس ـ إلى غير ذلك ممّا بيّنه المصنّف ـ ، وتجويزهم مثل ذلك على الله سبحانه دليل على عدم معرفتهم به ، وأنّهم ما قدروه حقّ قدره.

ولو جوّزت أشباه هذه الأمور على أحد منهم لعدّها من أكبر النقص عليه ، والذنب إليه ، فكيف تجوز في حقّ الملك الجامع لصفات الكمال؟!

* * *

٣٦١

قال المصنّف ـ قدّس الله سرّه ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أراد الله الطاعات وأحبّها ورضيها واختارها ، ولم يكرهها ولم يسخطها ، وأنّه كره المعاصي والفواحش ولم يحبّها ولا رضيها ولا اختارها(٢) .

وقالت الأشاعرة : قد أراد الله من الكافر أن يسبّه ويعصيه ، واختار ذلك ، وكره أن يمدحه(٣) .

وقال بعضهم : أحبّ وجود الفساد ، ورضي وجود الكفر(٤) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٦.

(٢) النكت الاعتقادية : ٢٦ ـ ٢٧ ، تصحيح الاعتقاد : ٤٩ ـ ٥٠ ، تجريد الاعتقاد : ١٩٩.

(٣) الإبانة في أصول الديانة : ١٢٧ ، تمهيد الأوائل : ٣١٧ ـ ٣١٨ ، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ / ٩٩ ، المسائل الخمسون : ٦٠ المسألة ٣٥ ، المواقف : ٣٢٠ ـ ٣٢٣ ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣ ـ ١٧٤ و ١٧٨ و ١٧٩ ، تحفة المريد على جوهرة التوحيد : ٤٢ ، شرح العقيدة الطحاوية : ١٣٠.

(٤) المواقف : ٣٢٠ ـ ٣٢٣ ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣.

٣٦٢

وقال الفضل(١) :

مذهب الأشاعرة ـ كما سبق ـ : إنّ الله تعالى مريد لجميع الكائنات ، فهو يريد الطاعات ويرضى بها للعبد ، ويريد المعاصي بمعنى التقدير ؛ لأنّ الله تعالى مريد للكائنات.

فلا بدّ أن يكون كلّ شيء بتقديره وإرادته ، ولكن لا يرضى بالمعاصي ، والإرادة غير الرضا ، وهذا الرجل يحسب أنّ الإرادة هي عين الرضا ، وهذا باطل.

وأمّا قوله : « كره أن يمدحه » فهذا عين الافتراء.

وكذا قوله : « أحبّ الفساد ورضي بوجود الكفر » ولا عجب هذا من الشيعة ، فإنّ الكذب والافتراء طبيعتهم ، وبه خلقت غريزتهم.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٠.

٣٦٣

وأقول :

قوله : « يريد الطاعات ويرضى بها » ليس بصحيح على عمومه ، فإنّ الطاعات التي لم تقع ليست مرادة ولا مرضية له ، وإلّا لوقعت.

وقوله : « ويريد المعاصي بمعنى التقدير » ، ليس بصحيح أيضا ، فإنّ الإرادة سبب التقدير لا نفسه.

ولو سلّم ، فلا بدّ من إرادة المعاصي ؛ لأنّ التقدير بدون إرادة غير ممكن ؛ لأنّها هي المخصّصة.

قوله : « ولكن لا يرضى بالمعاصي » باطل ، إذ لو لم يرض بها فما الذي ألزمه بفعلها.

قوله : « والإرادة غير الرضا » مسلّم ، لكنّ إرادة الفعل تتوقّف على الرضا به ، كما إنّ إرادة الترك تتوقّف على كراهة الفعل ومرجوحيّته من جهة.

وعلى هذا يبتني كلام المصنّف ، لا على إنّ الإرادة نفس الرضا ، كما زعمه الخصم.

وبالجملة : الفعل بالاختيار يستلزم الرضا به ، وتركه بالاختيار يستلزم كراهته ، وإلّا لخرج العمل عن كونه عقلائيا ، فيكون الله سبحانه ـ بناء على تقديره وتكوينه لأفعال العباد ـ راضيا ومحبّا لسبّه والفساد الواقعين ، كارها لمدحه والصلاح المتروكين ؛ وهذا ما قاله المصنّف.

وأمّا ما رمى به الخصم الشيعة من الكذب والافتراء ، فنحن نكله إلى المصنف إذا عرف أحوال رجالنا ورجالهم ، ونظر إلى ما كتبناه في المقدّمة.

٣٦٤

قال المصنّف ـ رفع الله درجته ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أراد النبيّ ٦ من الطاعات ما أراد الله تعالى ، وكره من المعاصي ما كرهه الله تعالى(٢) .

وقالت الأشاعرة : بل أراد النبيّ كثيرا ممّا كرهه الله تعالى ، وكره كثيرا ممّا أراده الله تعالى(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٦.

(٢) إنقاذ البشر من الجبر والقدر ـ المطبوع ضمن رسائل الشريف المرتضى ـ ٢ / ٢٣٦ ، مجمع البيان ٧ / ٣٩٩ ، المنقذ من التقليد ١ / ١٨٥.

(٣) الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ / ٣١٠ ـ ٣١١.

٣٦٥

وقال الفضل(١) :

غرضه من هذا الكلام ـ كما سيأتي ـ أنّ الله تعالى يريد كفر الكافر ، والنبيّ يريد إيمانه وطاعته ، فوقعت المخالفة بين الإرادتين ، وإذا لم يكن أحدهما مريدا لشيء يكون كارها له ؛ هكذا زعم.

وقد علمت أنّ معنى الإرادة من الله ها هنا هو : التقدير ، ومعنى الإرادة من النبيّ : ميله إلى إيمانهم ورضاه به.

والرضا والميل غير الإرادة بمعنى التقدير ، فالله تعالى يريد كفر الكافر بمعنى : يقدّر له في الأزل هكذا ، والنبيّ لا يريد كفره ، بمعنى أنّه لا يرضى به ولا يستحسنه ، فهذا جمع بين إرادة الله وعدم إرادة النبيّ ولا محذور فيه.

نعم ، لو رضي الله بشيء ، ولم يرض رسوله بذلك الشيء وسخطه ، كان ذلك محذورا ، وليس هذا مذهبا لأحد.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٥.

٣٦٦

وأقول :

أيصحّ في العقل أن يقال : إنّ الله تعالى يقدّر شيئا ويفعله ، ولا يرضى به النبيّ ولا يستحسنه؟!

مضافا إلى ما عرفت من أنّ تقدير الفعل يستلزم الرضا به ، وتقدير الترك يستلزم الكراهة له.

فيكون الله سبحانه بتقديره للكفر والمعصية ، راضيا بهما وقد كرههما النبيّ

وبتقديره لترك الإيمان والطاعة ، كارها لهما وقد رضي النبيّ بهما وأرادهما ، فاختلف الله ورسوله.

* * *

٣٦٧

قال المصنّف ـ أعزّ الله منزلته ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أراد الله من الطاعات ما أراده أنبياؤه ، وكره ما كرهوه ، وأراد ما كره الشياطين من الطاعات ، وكره ما أرادوه من الفواحش(٢) .

وقالت الأشاعرة : بل قد أراد الله ما أرادته الشياطين من الفواحش ، وكره ما كرهوه من كثير من الطاعات ، ولم يرد ما أرادته الأنبياء من كثير من الطاعات ، بل كره ما أرادته منها(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٧.

(٢) مجمع البيان ٧ / ٣٩٩ ، المنقذ من التقليد ١ / ١٨٢ ـ ١٨٥.

(٣) الإبانة عن أصول الديانة : ١٢٣ ـ ١٢٤ ، تمهيد الأوائل : ٣١٧ ـ ٣٢١ ، المواقف : ٣١٥ ـ ٣١٦.

٣٦٨

وقال الفضل(١) :

هذا يرجع إلى معنى الإرادة التي ذكرناها في الفصل السابق(٢) ، وهذا الرجل لم يفرّق بين الإرادة والرضا ، وجلّ تشنيعاته ناش من عدم هذا الفرق.

وأمّا قوله : « كره الله ما كره الشياطين من الطاعات » فهذا افتراء على الأشاعرة.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٠٦.

(٢) انظر الصفحة ٣٦٣.

٣٦٩

وأقول :

قد عرفت أنّ المختار لا يفعل شيئا إلّا لإرادته له ورضاه به ، ولا يترك أمرا إلّا لكراهته له ، وإلّا لخرج العمل عن كونه عقلائيا.

فإذا فرض أنّ الله تعالى هو الفاعل لأفعال البشر ، فلا بدّ أن يكون مريدا لما يقع من الفواحش كما هو مراد للشياطين ، وأن يكون كارها لما يقع من الطاعات كما هو مكروه للشياطين ؛ فتمّ ما ذكره المصنّف.

* * *

٣٧٠

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

وقالت الإمامية : قد أمر الله عزّ وجلّ بما أراده ونهى عمّا كرهه(٢) .

وقالت الأشاعرة : قد أمر الله بكثير ممّا كره ونهى عن كثير ممّا أراد(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٧٧.

(٢) النكت الاعتقادية : ٢٥ ، شرح جمل العلم والعمل : ٥٦ ، المنقذ من التقليد ١ / ٨٥ و ١٧٩ ـ ١٨٠ ، تجريد الاعتقاد : ١٩٩.

(٣) الإبانة عن أصول الديانة : ١٢٣ ـ ١٢٤ ، تمهيد الأوائل : ٣١٧ ـ ٣٢٠ ، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٢ / ١٦٨ ، الملل والنحل ـ للشهرستاني ـ ١ / ٨٣ ، الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ١ / ٣٤٣ وما بعدها ، المسائل الخمسون : ٦٠ و ٦١ ، شرح المقاصد ٤ / ٢٧٤ وما بعدها ، شرح المواقف ٨ / ١٧٣ ـ ١٧٤.

٣٧١