ان الذين يرون أن «الآخرة» فكرة خيالية ينبغي أن يفكروا: كيف أصبحت فكرة خياليةذات أهمية قصوى بالنسبة إلى واقع حياتنا؟.
لماذا لانستطيع بدونها اقامة نظام اجتماعي سليم؟.
هل يمكن أن تحتل فكرة خيالية هذه الأهمية الكبرى في الحياة؟.
هل وجدتم مثالا مافي الكون لفكرة خيالية غير كائنة، أصبحت تتمتع بهذه الأهمية الحقيقية في الحياة، رغم انها لاعلاقة لها بواقعنا؟!.
ان حاجتنا الملحة إلى الآخرة لتنظيم الحياة، واقامتها على أسس عادلة حقيقية، هي - في حد ذاتها - تاكيد بأن الآخرة من كبريات حقائق الكون، ولست أبالغ اذا قلت: ان هذا الجانب المنطقي من الاستدلال يثبت حقية هذه النظرية، على مستوى التحقيق المعملي العملي.
***
(د) الضرورة الكونية:
ولننظر إلى هذه القضية من جهة ثالثة، تلك التي أسميها: «الضرورة الكونية». لقد تكلمت في الصحفات الماضية عن وجود الاله في الكون؛ وقد ثبت جليا أن الدراسة العلمية والفكرية هي التي تدعونا إلى القول بوجود اله لهذا الكون. وبقى أن نسأل: لو كانت هناك علاقة بين الاله والانسان لما كان بد من ظهورها، فمتى ستظهر هذه العلاقة جليا؟.
أما بالنسبة إلى عالم اليوم، فمن الممكن الجزم بأن هذه العلاقة لم تظهربعد؛ فالرجل الذي لايؤمن بالله، يصيح قائلا: «انني لاأخاف من الله»، ثم هو لايصاب بأذى، بل قد يحصل على الزعامة، ويتسلم مقاليد الحكم!!.
أما الذين يبلغون رسالات الله، فان السلطات توقف نشاطهم بحجة أنه «غير شرعي». وهنالك أيضا مكاتب ومؤسسات تشغلها - ليل نهار - الدعاية لأولئك الذين يقولون: «لقد ذهب صاروخنا إلى القمر ولم يتشرف بلقاء الهكم!»، وجميع أجهزة الدعاية الرسمية تدعم هذه المؤسسات، فاذا مانهض أصحاب الدعوات برسالتهم ردهم علماء العصر قائلين: انكم رجعيون تتخبطون في الظلمات!.
يولد الأطفال، ثم يشبون، ويموتون.
تصل الشعوب إلى أوج مجدها، ثم تنقرض.
تقع الثورات، ثم تزول.