الفصول العشرة في الغيبة

الفصول العشرة في الغيبة0%

الفصول العشرة في الغيبة مؤلف:
المحقق: الشيخ فارس تبريزيان (الحسّون)
الناشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد
تصنيف: الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف
الصفحات: 144

الفصول العشرة في الغيبة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان العكبرى البغدادى (الشيخ المفيد)
المحقق: الشيخ فارس تبريزيان (الحسّون)
الناشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد
تصنيف: الصفحات: 144
المشاهدات: 82307
تحميل: 5401

توضيحات:

الفصول العشرة في الغيبة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 144 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 82307 / تحميل: 5401
الحجم الحجم الحجم
الفصول العشرة في الغيبة

الفصول العشرة في الغيبة

مؤلف:
الناشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الكلام في الفصل الثاني

وأمّا المتعلّق بإنكار جعفر بن عليّ شهادة الإمامية(1) بولدٍ لأخيه الحسن ابن عليّ عليهما السلام وُلد في حياته بعده، والحوز لتركته بدعوى استحقاقها بميراثه مثلاً دون ولدٍ له، وما كان منه من حمل أمير الوقت على حبس جواري الحسن عليه السلام واستبذالهنّ بالاستبراء لهنّ من الحمل ليتأكّد(3) بقيّة(4) لولد أخيه، وإباحته دماء شيعة الحسن بدعواهم خلفاً من بعده كان أحقّ بمقامه من بعده من غيره وأولى بميراثه ممّن حواه.

فليس بشبهةٍ(5) يعتمدها عاقلٌ في ذلك، فضلاً عن حجّةٍ، لاتفاق الأُمّة على أنّ جعفراً لم تكن له عصمة الأنبياء فيمتنع عليه لذلك إنكار حقّ ودعوى باطلٍ، بل كان من جملة الرعيّة الّتي يجوز عليها الزلل، ويعتريها السهو، ويقع منها الغلط، ولا يؤمن منها تعمد الباطل، ويتوقّع منها

____________________

(1) ل. ر. ع: الإمامة. وهو خطأٌ.

(2) الاستبذال: ترك الاحتشام والتصرّف.

وفي ر. ل. ع: واستبدالهنّ.

(3) ر: لتأكّد.

(4) ل. س. ط: نفيه.

(5) س. ط: لشبهةٍ.

٦١

الضلال.

وقد نطق القرآن بما كان من أسباط يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الرحمن - عليه وعلى ولده الأنبياء وآبائه المنتجبين الأصفياء وكافّة المرسلين الصلاة الدائمة والتحيّة والسلام - في ظلم أخيهم يوسف عليه السلام وإلقائهم له في غيابة الجبّ، وتغريرهم بدمه بذلك، وبيعهم إيّاه بالثمن البخس، ونقضهم(2) عهده في حراسته، وتعمدهم معصيته في ذلك وعقوقه(3) ، وإدخال الهمّ عليه بما صنعوه بأحبّ ولده إليه وأوصلوه إلى قلبه من الغمّ بذلك، وتمويههم على دعواهم على الذئب أنّه أكله بما جاءوا به على قميصه من الدم ويمينهم بالله العظيم على براءتهم ممّا اقترفوه في ظلمه من الإثم، وهم لما أنكروه متحقّقون، وببطلان ما ادعوه في أمر يوسف عليه السلام عارفون(4) .

هذا وهم أسباط النبيّين، وأقرب الخلق نسباً بنبيّ الله وخليله إبراهيم.

فما الّذي يُنكر(5) ممّن هو دونهم في الدنيا والدين: أنِ أعتمدَ باطلاً يُعلم خطؤه فيه على اليقين، ويَدفع حقّاً قد قامت عليه الحجج الواضحة والبراهين.

____________________

(1) ط: وتقريرهم.

(2) ع. ل: وبغضهم. ر: وبعضهم.

والضمير في عهده يعود على والدهم، وكذا الضمائر الآتية، نعود على يعقوب والدهم.

(3) س. ط: وحقوقه.

(4) انظر: سورة يوسف 14: 8 - 20.

(5) ل: نكر. ط: انكر.

٦٢

فصل:

وما أرى المتعلّق(1) في إنكار(2) وجود ولد الحسن بن عليّ بن محمّد عليهم السلام وقد قامت بيّنة العقل والسمع به، ودلّ الاعتبار الصحيح على صواب معتقده، بدفع عمّه(3) لذلك مع دواعيه الظاهرة كانت إليه، بحوز(4) تركة أخيه دونه، مع جلالتها وكثرتها وعظم خطرها، لتعجّل المنافع بها، والنهضة بمآربه عند تملّكها، وبلوغ شهواته من الدنيا بحوزها، ودعوى مقامه الّذي جلّ قدره عند الكافة، باستحقاقه له دون مَن عداه من الناس، وبخعت(5) الشيعة كلّها بالطاعة له بما انطوت عليه(6) من اعتقادها لوجوبه له دون مَن سواه، وطمعه بذلك في مثل ما كان يصل إليه من خمس الغنائم التي كانت تحملها شيعته إلى وكلائه في حياته، واستمرارها(7) على ذلك بعد وفاته، وزكوات الأموال، لتصل إلى مستحقّها من فقراء أصحابه.

إلّا كتعلّق أهل الغفلة من الكفار في إبطال عمّه(8) أبي لهب(9) صدق

____________________

(1) ط: التعلّق.

(2) ل. ط: إنكاره.

(3) س. ط: همّه.

(4) س: يجوز.

(5) أي: أقرّت به وأذعنت. ولعل الصحيح: وبخوع الشيعة.

(6) لم يرد: ر. ل. ط.

(7) س. ط: واستمراره.

(8) اي: النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.

(9) عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم، من قريش، عمّ النبيّ، وأحد الشجعان في الجاهلية، ومن أشدّ الناس عداوةً للمسلمين في الإسلام، كان غنيّاً عتيّاً، كبُر عليه ان =

٦٣

دعوته، وجحد الحقّ في نبوّته، والكفر بما جاء به، ودفع رسالته، ومشاركة أكثر ذوي نسبه من بني هاشم وبني أُميّة لعمّه في ذلك، واجتماعهيم على عداوته(1) ، وتجريدهم السيف في حربه، واجتهادهم في استئصاله ومتّبعيه على ملّته.

هذا مع ظهور حجّته، ووضوح برهانه في نبوّته، وضيق الطريق في معرفة ولادة الحجّة بن الحسن على جعفر وأمثاله من البعداء عن علم حقيقته.

ومَن صار في إنكار شئٍ أو إثباته أو صحّته وفساده(2) إلى مثل التعلّق بجعفر بن عليّ في جحد وجود خلف لأخيه، وما كان(3) من أبي جهل(4) وشركائه من أقارب النبيّ صلّى الله عليه وآله وجيرانه وأهل بلده والناشئين معه في زمانه والعارفين بأكثر سرّ أمره(5) وجهره وأحواله في دفع نبوّته وإنكار صدقه في دعوته.

سقط كلامه عند العلماء ولم يعدّ في جملة الفقهاء، وكان في أعداد ذوي

____________________

= يتبع ديناً جاء به ابن اخيه، فآذاه وآذى انصاره وحرّض عليهم وقاتلهم، وفيه الآية:( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ) مات بعد وقعة بدر بأيّام.

راجع: الأعلام 4: 12، وراجع المصادر التى ذكرها.

(1) ر. ع: عدوانه.

(2) ط: أو فساده.

(3) ع. ل. ر: ماكان، والمثبت من س. ط.

(4) ل. ع. ر. س: وما كان ابن أبى جهل، والمثبت من ط.

وأبو جهل هو عمرو بن هشام بن المغيرة المخزومي، كان من اشدّ الناس عداوة للنبي، قتل يوم بدرٍ كافراً، وأخباره مع النبيّ وكثرة اذاه إيّاه مشهورة.

الكنى والالقاب 1: 38، الأعلام 5: 87 وراجع المصادر التي ذكرها.

(5) ط: سراره.

٦٤

الجهل والسفهاء.

فصل:

وبعد، فإنّ الشيعة وغيرهم ممّن عني(1) بأخبار الناس والجواد من الآراء وأسبابها، والأغراض كانت له فيها، قد ذكروا أخباراً عن أحوال جعفر بن عليّ في حياة أخيه أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهما السلام، وأسباب إنكاره خلفاً له من بعده، وجحد ولدٍ كان له في حياته، وحمل السلطان على ما سار به في(1) مخلّفيه وشيعته(2) ، لو أوردتها على وجهها لتصور(3) الأمر في ذلك على حقيقته، ولم يخف على متأمّل بحاله، وعرفه على خطيئته.

لكنّه يمنعني عن ذلك(4) موانع ظاهرة:

أحدها: كثرة مَن يعترف(5) بالحقّ من وُلد جعفر بن عليّ في وقتنا هذا، ويُظهر التديّن بوجود ولد الحسن بن عليّ في حياته، ومقامه بعد وفاته في الأمر مقامه، ويكره(6) إضافة خلافه لمعتقده فيه إلى جدّه(7) ، بل لا أعلم أحداً من وُلد جعفر بن عليّ في وقتنا هذا يُظهر خلاف الإماميّة في وجود ابن الحسن عليهما السلام والتديّن بحياته والانتظار لقيامه.

____________________

(1) ل: شاركه في، س. ط: وشى به في.

(2) راجع: كمال الدين 2: 383 - 484، البحار 50: 227 - 232 باب 6 أحوال جعفر و 37: 8.

(3) س: لنصوّر.

(4) س. ط: من ذلك.

(5) ل. ر: يعرف.

(6) ر. س: ونكره، ل: وذكره.

(7) أي ويكره إضافة خلاف الحقّ الّذي يعتقد به إلى جدّه، وذلك لِما ورد في بعض الأخبار من توبة جعفر.

٦٥

والعشرة الجميلة لهؤلاء السادة أيّدهم الله بترك إثبات ما سبق به مَن سمّيت في الأخبار الّتي خلّدوها(1) فيما وصفتُ أولى.

مع غناي عن ذلك بما أثبتُّ من موجز(2) القول في بطلان الشبهة، لتعلّق ضعفاء المعتزلة(3) والحشوية(4) والزيديّة(5) والخوارج(6) والمرجئة(7) في

____________________

(1) ر. ل: جلدوها.

(2) ل: مؤخّر القول.

(3) أوّل من سمّي بهذا اللقب: جماعة بايعوا عليّاً عليه السلام بعد قتل عثمان واعتزلوا عنه وامتنعوا عن محاربته والمحاربة معه، منهم سعد بن مالك و عبد الله بن عمر.

فرق الشيعة: 4 - 5.

(4) جماعة قالوا: انّ عليّاً وطلحة والزبير لم يكونوا مصيبين في حربهم، وأنّ المصيب هو الّذي قعد عنهم، وهم يتولّونهم جميعاً ويتبرّؤون من حربهم ويردّون امرهم إلى الله عزّوجلّ.

فرق الشيعة: 15.

(5) فرقة تدّعي أنّ من دعا إلى الله عزّ وجلّ من آل محمّد فهو مفترض الطاعة، وكان عليّ بن أبي طالب إماماً في وقت ما دعا الناس وأظهر أمره، ثمّ كان بعده الحسين اماماً عند خروجه، ثمّ زيد بن عليّ بن الحسين المقتول بالكوفة، ثمّ يحيى بن زيد بن عليّ المقتول بخراسان.

فرق الشيعة: 58.

(6) جماعة قالوا: الحكمان كافران، وكفّروا عليّاً حين حكمهما.

ومسألة التحكيم كانت مفروضة على أمير المؤمنين عليه السلام، وذلك عندما أبى أصحابه إلّا التحكيم وامتنعوا من القتال، رضي التحكيم بشرط الحكم بكتاب الله، فخالف الحكمان، فالحكمان هما اللذان ارتكبا الخطأ وهو الّذي اصاب.

فرق الشيعة: 16.

(7) لما قُتل عليّ عليه السلام اتفق الناكثون والقاسطون وتَبَعه الدنيا على معاوية، وسمّوا بالمرجئة، وزعموا أنّ أهل القبلة كلّهم مؤمنون بإقرارهم الظاهر بالإيمان، ورجوا لهم جميعاً المغفرة، وافترقت المرجئة على أقسام:...

فرق الشيعة: 6.

٦٦

إنكار جعفر بن عليّ لوجود(1) ابن الحسن بن عليّ، حَسَبَ ما أورد السائل عنهم فيما سأل في الشبهات في ذلك، والله الموفّق للصواب.

* * *

____________________

(1) ل: بوجود.

٦٧

٦٨

الكلام في الفصل الثالث

وأمّا تعلّقهم بوصيّة أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد عليهم السلام في مرضه الّذي توفي فيه إلى والدته المسمّاة بحديث المكناة بأُمّ الحسن رضي الله عنها، بوقوفه وصدقاته، وإسناد النظر في ذلك إليها دون غيرها(1)

فليس بشئ يُعتمد في إنكار ولدٍ له قائم من بعده مقامه، من قِبل أنّه أمرٌ بذلك تمام ما كان من غرضه في إخفاء ولادته وستر حاله عن متملّك الأمر في زمانه ومَن يسلك سبيله في إباحة دم داعٍ إلى الله تعالى منتظَر لدولة الحقّ.

ولو ذكر في وصيّته ولداً له وأسندها إليه، لناقض ذلك الغرض منه فيما ذكرناه، ونافى مقصده في تدبير أمره له على ما وصفناه، وعدل عن النظر بولده وأهله ونسبه(2) ، لا سيّما مع اضطراره كان إلى شهادة خواصّ الدولة العباسية عليه في الوصيّة وثبوت خطوطهم فيها - كالمعروف بتدبر مولى الواثق(3) وعسكر الخادم مولى محمّد بن المأمون والفتح بن عبد ربّه وغيرهم

____________________

(1) البحار 50: 329، وفي س: المسمّاة حديث.

(2) ع. ل: وتسفيه، ر: وتسقيه.

(3) هو: هارون بن محمّد بن هارون الواثق بالله، ويكنى بابي جعفر، بويع في سنة سبع وعشرين ومائتين وهو ابن احدى وثلاثين سنة، وتوفي بسامراء وهو ابن سبع وثلاثين سنة، وكانت خلافته خمس سنين، وقيل: توفي سنة اثنين وثلاثين ومائتين وهو ابن اربع وثلانين سنة. =

٦٩

من شهود قضاة سلطان الوقت وحكّامه - لِما قصد بذلك من حراسة(1) قومه، وحفظ صدقاته، وثبوت وصيّته عند قاضي الزمان، وإرادته مع ذلك الستر على ولده، وإهمال ذكره، والحراسة لمهجته بترك التنبيه(2) على وجوده، والكفّ لأعدائه بذلك عن الجدِّ والاجتهاد في طلبه، والتبريد(3) عن شيعتهِ لِما يُشنّع به عليهم من اعتقاد وجوده وإمامته.

ومَن اشتبه(4) عليه الأمر فيما ذكرناه، حتّى ظنّ أنّه دليلٌ على بطلان مقال الإمامية في وجود ولدٍ للحسن عليه السلام مستور عن جمهور الأنام، كان بعيداً من الفهم والفطنة، بائناً(5) عن الذكاء والمعرفة، عاجزاً بالجهل عن التصوّر أحوال العقلاء وتدبيرهم(6) في المصالح وما يعتمدونه(7) في ذلك من صواب الرأي وبشاهد الحال، ودليله من العرف والعادات.

فصل:

وقد تظاهر الخبر فيما كان عن تدبير أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه السلام، وحراسته(8) ابنه موسى بن جعفر عليه السلام بعد وفاته من ضرر

____________________

= مروج الذهب 3: 477.

(1) س. ط: حراسته.

(2) ع. ل: البيّنة.

(3) كذا في النسخ، ويحتمل أن يكون: والتنزيه.

(4) ر. ع. ل: وفراسته، س. ط: وحراسته، وما أثبتناه من حاشية نسخة ل.

(5) ل: ثابتاً، س. ط: نائياً.

(6) ل. ر. ع. س: وقد يتوهّم، وما اثبتناه من ط. وحاشية ل.

(7) ل. س. ط: وما يعتمدوه.

(8) ل. س. ط: وحراسة.

٧٠

يلحقه:

بوصيته(1) إليه، واشاع(2) الخبر عن الشيعة إذ ذاك باعتقاد إمامته من بعده، والاعتماد في حجّتهم لذلك على إفراده بوصيّته مع نصّه(3) عليه بنقل خواصّه.

فعدل عن إقراره(4) بالوصيّة عند وفاته، وجعلها إلى خمسة نفر: أوّلهم المنصور(5) - وقدّمه على جماعتهم إذ هو سلطان الوقت ومدبّر أهله - ثمّ صاحبه الربيع من بعده، ثمّ قاضي وقته، ثمّ جاريته وأُمّ ولده حميدة البربرية(6) ، وختمهم بذكر ابنه موسى بن جعفر عليه السلام(7) ، يستر أمره ويحرس بذلك نفسه.

____________________

(1) ر. ع: بوصيّة.

(2) ل: واشباع.

(3) ر. ل: نصبه.

(4) س. ط: إفراده.

(5) هو: أبو جعفر عبد الله بن محمّد بن عليّ بن عبد الله بن العبّاس بن عبد المطلب، بويع سنة ستّ وثلاثين ومائة وهو ابن احدى واربعين سنة، ومولده سنة خمس وتسعين، ووفاته سنة ثمان وخمسين ومائة، فكانت ولايته اثنتين وعشرين سنة.

مروج الذهب 3: 281

(6) هي اُمّ الإمام الكاظم، والبريرية نسبة إلى بربر، وهم قبائل كثيرة في جبال المغرب، وتلقب حميدة بالمصفاة أيضاً ولؤلوة، ويقال: هي اندلسية، وكانت من التقيات الثقات، وكان الصادق يرسلها مع اُمّ فروة تقضيان حقوق أهل المدينة، ولها كرامات.

تنقيح المقال 3: 76 - 77.

(7) ذكر هذا الخبر الكليني في الكافي 1: 310، وابن شهر آشوب في المناقب 3: 310، والمجلسي في البحار 47: 3.

وفي هذه المصادر أنّه أوصى إلى خمسة: أبو جعفر المنصور، ومحمّد بن سليمان، وعبد الله بن جعفر، وموسى بن جعفر، وحميدة.

٧١

ولم يذكر مع ولده موسى أحداً من أولاده، لعلمه بأنّ منهم من يدّعي مقامه من بعده، ويتعلّق بادخاله في وصيّته.

ولو لم يكن موسى(1) عليه السلام ظاهراً مشهوراً في أولاده معروف المكان منه وصحّة نسبه واشتهار فضله وعلمه وحكمته وامتثاله وكماله، بل كان مثل ستر الحسن عليه السلام ولده، لما ذكره في وصيّته، ولاقتصر على ذكر غيره ممّن سميناه(2) ، لكنّه ختمهم في الذكر به كما بيّناه.

وهذا شاهد لِما وصفناه من غرض أبي محمّد عليه السلام في وصيّته إلى والدته دون غيرها، وإهمال ذكر ولدٍ له، ونظر له في معناه على ما بيّناه.

* * *

____________________

(1) ع. ر: ولم موسى.

(2) ل: ولأقبض على ذكر غيره ممّن سمّينا.

٧٢

الكلام في الفصل الرابع

فأمّا الكلام في الفصل الرابع، وهو: الاستبعاد الداع (كذا) للحسن عليه السلام إلى ستر ولده، وتدبير الأمر في إخفاء شخصه، والنهي لشيعته عن البينونة بتسميته وذكره، مع كثرة الشيعة في زمانه وانتشارهم في البلاد وثروتهم(1) بالأموال وحسن الأحوال(2) ، وصعوبة الزمان فيما سلف على آبائه عليهم السلام واعتقاد ملوكه فيهم، وشدّة غلظهم على الدائنين بإمامتهم، واستحلالهم الدماء والأموال، ولم يدعهم ذلك إلى ستر وُلدهم ولا مؤهّل الأمر من بعدهم(3) . وقول الخصوم: إنّ هذا متناقض في أحوال العقلاء.

فليس الأمر كما ظنّوه، ولا كان على ما استبعدوه.

والّذي دعا الحسن إلى ستر ولده، وكتمان ولادته، وإخفاء شخصه، والاجتهاد في إهمال ذكره بما خرج إلى شيعته من النهي عن الاشارة إليه، وحظر تسميته، ونشر(4) الخبر بالنصّ عليه.

____________________

(1) ل. ر. ع: وثروهم، ط: ووثبهم.

(2) ل: الأفعال.

(3) ع: ولا مؤهل الأمن من بعدهم، ل: ولا مؤهل إلّا من بعدهم، ط: ولا موّهوا الأمر من بعدهم.

(4) يحتمل في بعض النسخ: وتسرّ.

٧٣

شئ ظاهرٌ، لم يكن في أوقات آبائه عليهم السلام، فيدعونه(1) من ستر أولادهم إلى ما دعاه إليه، وهو:

أنّ ملوك الزمان إذ ذاك كانوا يعرفون من رأي الأئمّة عليهم السلام التقيّة، وتحريم الخروج بالسيف على الولاة، وعيب مَن فعل ذلك من بني عمّهم ولومهم عليه، وأنّه لا يجوز عندهم تجريد السيف حتّى: تركد الشمس عند زوالها، ويُسمع نداء من السماء باسم رجل بعينه، ويُخسف بالبيداء، ويقوم آخر ائمّة الحقّ بالسيف ليزيل(2) دولة الباطل.

وكانوا(3) لا يُكبرون بوجود مَن يوجد منهم، ولا بظهور شخصه، ولا بدعوة(4) من يدعو إلى إمام، لأمانهم مع ذلك من فتقٍ(5) يكون عليهم به، ولاعتقادهم(6) قلّة عدد مَن يصغي إليهم في دعوى الإمامة لهم، أو يصدّقهم فيما يخبرون به من منتظر يكون لهم.

فلمّا جاز وقت وجود المترقّب لذلك، المخوف منه القيام بالسيف، ووجدنا الشيعة الإمامية مطبقة على تحقيق أمره وتعيينه(7) والاشارة إليه دون غيره، بعثهم ذلك على طلبه وسفك دمه، ولتزول(8) الشبهة في التعلّق به، ويحصل الأمان في الفتنة بالاشارة إليه والدعوة إلى نصرته.

____________________

(1) ط: فيدعوهم.

(2) ل: فيزيل خ ل.

(3) ر: فكانوا.

(4) ل. ر. ع. س: ولا يدعوهم، والمثبت من ط.

(5) قال الجوهري: والفتق: شقّ عصا الجماعة ووقوع الحرب بينهم. الصحاح، 4 / 1539، فتق.

(6) ل. ر. ع: والاعتقاد هم.

(7) ل: وتعيّنه.

(8) ط: لتزول.

٧٤

ولو لم يكن ما ذكرناه شيئاً ظاهراً وعلّة(1) صحيحةً وجهةً ثابتةً، لكان غير منكرٍ أن يكون في معلوم الله جلّ اسمه أنّ مَن سلف من آبائه عليهم السلام يأمن مع ظهوره، وأنّه هو لو ظهر لم يأمن على دمه، وأنّه متى قُتل أحدٌ من آبائه عليهم السلام عند ظهوره لم تمنع الحكمة من إقامة خليفة يقوم مقامه.

وأنّ ابن الحسن عليهما السلام لو يظهر(2) لسفك القوم دمه، ولم تقتض الحكمة التخلية بينهم وبينه، ولو كان في المعلوم للحقٌ صلاحٌ بإقامة إمامٍ من بعده لكفى في الحجّة وأقنع في إيضاح المحجّة(3) ، فكيف وقد بيّنا عن سبب ذلك بما لا يحيل(4) على ناظر، والمنّة لله.

____________________

(1) س: أو علّة.

(2) ر. ع. ل: ويظهر، والمثبت من حاشية ل، وفي س. ط: لو ظهر.

(3) ع. ل. ر. س: الحجّة، والمثبت من ط.

(4) كذا في الفسخ، ولعلّ الصحيح: لا يخيل أي لا يشكل، راجع لسان العرب.

٧٥

٧٦

الفصل الخامس

وأمّا الكلام في الفصل الخامس، وهو قول الخصوم: إنّ دعوى الإماميّة لصاحبهم أنّه منذ وُلد إلى وقتنا هذا مع طول المدّة وتجاوزها الحدّ مستترً لا يعرف أحدٌ مكانَه ولا يعلم مستقرّه، ولا يدّعي عدلٌ من الناس لقاءه ولا يأتي بخبرٍ عنه ولا يعرف له أثراً(1) .

خارجة عن العرف، إذ لم تجر العادة لأحدٍ من الناس بذلك، إذ كان كلّ من اتفق له الاستتار عن ظالم لخوف منه على نفسه ولغير ذلك من الأغراض، تكون مدّة استتاره مرتّبة، ولا تبلغ عشرين سنة فضلاً عمّا زاد عليها، ولا يخفى أيضاً على الكلّ في مدّة استتاره مكانه(2) ، بل لابدّ من أن يعرف ذلك بعض أهله وأوليائه بلقائه، وبخبرٍ منه يأتي إليهم(3) عنه.

وإذا خرج قول الإمامية في استتار صاحبهم وغيبته عن حكم العادات بطل ولم يُرج قيام حجّة.

____________________

(1) س. ط: ولا يُعرف له أثرً.

(2) ل. ع: ومكانه.

(3) س. ط: لهم.

٧٧

فصل:

وليس الأمر كما توهّمه الخصوم في هذا الباب، والإمامية بأجمعها تدفعهم عن دعواهم وتقول:

إنّ جماعة من أصحاب أبي محمّد الحسن بن عليّ بن محمّد عليهم السلام قد شاهدوا خَلَفهُ في حياته، وكانوا أصحابه وخاصته بعد وفاته، والوسائط بينه وبين شيعته دهراً طويلاً في استتاره: ينقلون(1) إليهم عن(2) معالم الدين، ويخرجون إليهم أجوبة عن مسائلهم فيه، ويقبضون منهم حقوقه لديهم(3) .

وهم جماعة كان الحسن بن عليّ عليه السلام عدّلهم في حياته، واختصّهم أُمناء له(4) في وقته، وجعل إليهم النظر في أملاكه(5) والقيام بمآربه معروفون(6) باسمائهم وأنسابهم وأمثالهم.

كأبي عمر وعثمان(7) بن سعيد السمّان(8) ، وإبنه ابي جعفر محمّد بن

____________________

(1) ل. ر. ع: ينفكون.

(2) س. ط: من.

(3) لديهم، لم يرد في ل.

(4) ل. ر: واختصّهم أمثاله.

(5) ع. ل. ر: ملاكه.

(6) ع. ل. ر. س: معروفين، والمثبت من ط.

(7) ع. ل. ر. س: كأبي عثمان، والمثبت من ط.

(8) أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري السمّان ويقال له الزيّات الأسدي، جليل القدر، النائب الأوّل لصاحب الزمان، خدم الإمام الهادي وله أحد عشر سنة وله إليه عهد معروف، وهو وكيل الإمام العسكري أيضاً.

رجال الشيخ: 420 رقم 36، 434 رقم 22، الخلاصة: 126 رقم 2، رجال =

٧٨

عثمان(1) ، وبني الرحبا من نصيبين(2) ، وبني سعيد، وبني مهزيار بالأهواز(3) ، وبني الركولي(4) بالكوفة(5) ، وبني نوبخت ببغداد(6)

____________________

= ابن داود: 133 رقم 991.

(1) أبو جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد العمري، الوكيل الثاني لصاحب الزمان عليه السلام، له منزلة جليلة، وكان محمّد قد حفر لنفسه قبراً وسوّاه بالساج، فسئل عن ذلك فقال: للناس اسباب، ثمّ سئل بعد ذلك فقال: قد أُمرت أن أجمع أمري، فمات بعد شهرين من ذلك في جمادي الأولى سنة خمس وثلاثمائة وقيل: اربع، وقال عند موته: امرت أن اوصي إلى الحسين بن روح.

رجال الشيخ: 509 رقم 101، الخلاصة: 149 رقم 57، رجال ابن داود: 178 رقم 1449.

(2) مدينة فيما بين النهرين - تركيا حالياً - كانت منذ القرن الثالث الميلادي مهد الآداب السريانية حتّى سقوطها في أيدي الساسانيين.

المنجد: 710.

(3) منطقة في غرب ايران على الخليج، غنية بالنفط.

المنجد: 85.

(4) ع. ر: الركورلي، ل: الركوزفي.

(5) مدينة في العراق على ساعد الفرات، اتخذها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب مقرّاً له وفيها استشهد، جعلها العباسيّون عاصمة في سنة 749 م، بالقرب منها النجف ومشهد عليّ انجبت علماء ومحدّثين ونحويين، كانت مع البصرة مركزاً للثقافة العربية.

المنجد: 598.

(6) عاصمة العراق حاليّاً، شيّدها المنصور العباسي سنة 762 م، ازدهرت بغداد ازدهاراً منقطع النظير بين 754 - 833 م، أخذت بالانحطاط بعد نقل المعتصم العاصمة إلى سامراء، ودمّرها هولاكو وبعده تيمورلنك.

المنجد: 126 - 127.

٧٩

وجماعة من أهل قزوين(1) وقم(2) وغيرها من الجبال(3) ، مشهورون بذلك عند الإماميّة والزيديّة، معروفون(4) بالإشارة إليه به عند كثيرٍ من العامّة(5) .

____________________

(1) بالفتح ثمّ السكون وكسر الواو، مدينة مشهورة بينها وبين الري سبعة وعشرون فرسخاً، وإلى أبهر اثنا عشر فرسخاً، أوّل مَن استحدثها سابور ذو الأكتاف.

معجم البلدان 4: 342 - 344، المنجد: 550.

(2) مدينة في غرب ايران تذكر مع قاشان، وهي مدينة مستحدثة اسلامية، وهي خصبة ماؤها من الآبار ملحة في الأصل، وهي محجّة للعلوين وفيها قبور أوليائهم.

معجم البلدان 4: 397 - 398، المنجد: 557.

(3) بلاد العراق العجمي شرقي آذربايجان، تقع فيها قلعة الاموت.

المنجد: 207.

(4) ع. ر. س: معروفين.

(5) روى الشيخ الصدوق عن محمّد بن محمّد الخزاعي، قال: حدّثنا أبو عليّ الأسدي عن أبيه، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفي أنّه ذكر عدد من انتهى إليه ممّن وقف على معجزات صاحب الزمان عليه السلام ورآه من الوكلاء:

ببغداد: العمري، وابنه، وحاجز، والبلالي، والعطّار.

ومن الكوفة: العاصميّ.

ومن أهل الأهواز: محمّد بن إبراهيم بن مهزيار.

ومن أهل قم: أحمد بن إسحاق.

ومن أهل همدان: محمّد بن صالح.

ومن أهل الري: البسامي، والأسدي، يعني: نفسه.

ومن أهل آذربايجان: القاسم بن العلاء.

ومن أهل نيسابور: محمّد بن شاذان.

ومن غير الوكلاء:

من أهل بغداد: أبو القاسم بن أبي حليس، وأبو عبد الله الكندي، وأبو عبد الله الجنيديّ، وهارون القزّاز، والنيلي، وأبو القاسم بن دبيس، وأبو عبدالله بن فرّوخ، ومسرور الطبّاخ مولى أبي الحسن عليه السلام، وأحمد ومحمّد ابنا الحسن، وإسحاق الكاتب من بني نيبخت، وصاحب النواء، وصاحب الصرّة المختومة. =

٨٠