الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء ٩

الغدير في الكتاب والسنة والأدب0%

الغدير في الكتاب والسنة والأدب مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 403

الغدير في الكتاب والسنة والأدب

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الشيخ الأميني
الناشر: دارالكتب الإسلامية
تصنيف: الصفحات: 403
المشاهدات: 123899
تحميل: 8372


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة المقدمة الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11
المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 123899 / تحميل: 8372
الحجم الحجم الحجم
الغدير في الكتاب والسنة والأدب

الغدير في الكتاب والسنة والأدب الجزء 9

مؤلف:
الناشر: دارالكتب الإسلامية
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بقول الأعشى:

شتّان ما يومي على كورها

ويوم حيّان أخي جابر

فيا عجباً بينا هو يستقيلها في حياته إذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشدَّ ما تشطّر اضرعيها، فصيَّرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها، ويخشن مسُّها، ويكثر العثار فيها والإعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة، إن أشنق لها خرم: وإن أسلس لها تقحّم، فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس، وتلوُّن واعتراض، فصبرت على طول المدَّة، وشدَّة المحنة حتَّى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أنِّي أحدهم، فيا لله وللشورى، متى اعترض الريب فيَّ مع الأوَّل منهم حتَّى صرت اُقرن إلى هذه النظائر، لكنّي أسففت إذا سفُّوا وطرت إذا طاروا، فصغا رجلٌ منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هنٍ وهنٍ إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته(١) .

تُعرب هذه الخطبة الشريفة عن رأيهعليه‌السلام في الخلافة، وكلُّ جملة منها تشهد على عدم العصمة المزعومة، أو تمثِّل اولئك المعصومين للملأ بعُجزهم وبُجرهم، أضف اليها قولهعليه‌السلام من كتاب له إلى معاوية، ذكرت إبطائي عن الخلفاء، وحسدي إيّاهم، والبغي عليهم، فأمَّا البغي فمعاذ الله أن يكون، وأمّا الكراهة لهم فوالله ما اعتذر للناس من ذلك، وذكرت بغيي على عثمان وقطعي رحمه فقد عمل عثمان بما قد علمت و عمل به الناس ما قد بلغك(٢) .

وقولهعليه‌السلام من خطبة لْه لَمّا أراد المسير إلى البصرة: إنَّ الله لَمّا قبض نبيَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم استأثرت علينا قريش بالأمر ودفعتنا عن حقّ نحن أحقُّ به من الناس كافَّة، فرأيت أنَّ الصبر على ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم، والناس حديثو عهد بالإسلام، والدين يُمخض مخض الوطب. يفسده أدنى وهن، ويعكسه أقلّ خلق، فولي الأمر قومٌ لم يألوا في أمرهم اجتهاداً، ثمَّ انتقلوا إلى دار الجزاء و الله وليُّ تمحيص سيِّآتهم والعفو عن هفواتهم(٣) .

____________________

١ - راجع الجزء السابع ص ٨١ - ٨٥.

٢ - العقد الفريد ٢: ٢٨٦.

٣ - شرح ابن ابى الحديد ١: ١٠٢.

٣٨١

وقولهعليه‌السلام إنّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قُبض وما أرى أحداً أحقّ بهذا الأمر منّي، فبايع النّاس أبا بكر فبايعت كما بايعوا، ثمَّ أنَّ أبا بكر هلك وما أرى أحداً أحقّ بهذا الأمر منّي فبايع النَّاس عمر بن الخطاب فبايعتُ كما بايعوا، ثمَّ انَّ عمر هلك وما أرى أحداً أحقّ بهذا الأمر منّي فجعلني من ستَّة أسهم فبايع النّاس عثمان(١) .

وقولهعليه‌السلام يوم قال أبو بكر لقنفذ وهو مولى له: اذهب فادع لي عليّاً. فذهب إلى عليّ فقال: ما حاجتك؟ فقال: يدعوك خليفة رسول الله. فقال عليُّ: لسريع ما كذبتم على رسول الله. فرجع فأبلغ الرِّسالة ثمَّ قال أبو بكر: عُد إليه فقل له: أمير المؤمنين يدعوك لتبايع. فجاءه قنفذ فأدّى ما اُمر به فرفع عليٌّ صوته فقال: سبحان الله لقد ادَّعى ما ليس له. الحديث. الإمامة والسياسة ١: ١٣.

إلى كلمات اُخرى توقف الباحث على جليَّة الحال.

فأين العصمة المزعومة؟ ثمَّ أين الإجماع المدَّعى عليها؟ وأنَّى كان الإجماع على الخلافة؟ ومتى تحقَّق؟ وإن تمَّ الإجماع فيجب أن يحتجَّ به في الخلافتين وصاحبيهما وإن ابطلناه ففيهما معاً.

ونحن لو اندفعنا إلى تفنيد أمثال هذه السفاسف المنبعثة عن الغلوِّ في الفضائل لضاق بنا المجال عن السير في مواضيع الكتاب على أنّها غير مُبتنية على اُسس رصينة تستحقُّ أخذاً بها أو ردّاً عليها، وإنّما ذكرنا هذه الاُسطورة فحسب لأن نعطيك شيئأ من نماذج تلكم الأقاويل المسطَّرة بلا أيِّ تعقّل وتدبُّر، فدونك شيئاً ممّا عزوه إلى الرِّوايات من فضايل الثلاثة.

١ - أخرج الإمام الفقيه المحدِّث الثقة(٢) أبو الحسين محمَّد بن أحمد الملطي الشافعي المتوفى ٣٧٧ في كتابه « التنبيه والردّ على أهل الأهواء والبدع » ص ٢٣ قال: قال محمّد بن عكاشة رحمه الله أخبرني معاوية بن حمّاد الكرماني عن الزهري قال: مَن اغتسل ليلة الجمعة وصلّى ركعتين يقرأ فيهما (قل هو الله أحد) ألف مرّة رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامه. قال محمّد بن عكاشة: فدمت عليه كلّ ليلة جمعة اُصلّي الركعتين أقرأ

____________________

١ - تاريخ الطبرى ٥، ١٧١.

٢ - كذا وصفوه وأنت تعرف صدق وصفه من حديثه.

٣٨٢

فيهما (قل هو الله أحد) ألف مرّة طمعاً أن أرى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منامي فأعرض عليه هذه الاُصول فأتت عليَّ ليلة باردة فاغتسلت وصلّيت ركعتين ثمَّ أخذت مضجعي فأصابني حلمٌ، فقمت ثانية فاغتسلت وصلّيت ركعتين، وفرغت منهما قريباً من الفجر فاستندت إلى الحائط ووجهي إلى القبلة إذ دخل عليَّ النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووجهه كالقمر ليلة البدر وعنقه كابريق فضّة فيه قضبان الذهب على النعت والصفة، وعليه بردتان من هذه اليمانيَّة قد إتّزر بواحدة وارتدى باُخرى، فجاء واستوفز على رجله اليمنى وأقام اليسرى فأردت أن أقول: حيّاك الله فبادرني وقال: حيّاك الله وكنت اُحبّ أن أرى رباعيّته المكسورة فتبسّم فنظرت إلى رباعيّته فقلت: يا رسول الله! إنّ الفقهاء والعلماء قد اختلفوا عليّ وعندي اصولٌ من السنّة أعرضها عليك فقال: نعم فقلت:

الرضا بقضاء الله: والتسليم لأمر الله والصبر على حكم الله: والأخذ بما أمر الله، والنهي عمّا نهى الله عنه، والإخلاص بالعمل لله، والايمان بالقدر خيره وشرَّه مِن الله، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين، والمسح على الخفين، والجهاد مع أهل القبلة، والصَّلاة على من مات من أهل القبلة سُنَّة، والايمان يزيد وينقص، قولٌ وعملٌ، والقرآن كلام الله، والصبر تحت لواء السلطان على ما كان فيه من جور وعدل ولا يُخرج على الآمر بالسيف وإن جاروا، ولا ينزل أحدٌ من أهل التوحيد جنَّه ولا نار، ولا يكفَّر أحدٌ من أهل التوحيد بذنب وإن عملوا الكبائر، والكفّ عن أصحاب محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - فلمَّا أتيت: والكفّ عن أصحاب محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكى حتّى علا صوته - و أفضل النَّاس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبو بكر ثمَّ عمر ثمَّ عثمان ثمَّ عليّ.

قال محمّد بن عكاشة: فقلت في نفسي في عليّ: ابن عمِّه وختنه. فتبسَّمعليه‌السلام كأنَّه قد علم ما في نفسي. قال محمَّد: فدمت ثلاث ليال متواليات أعرض عليه هذه الاُصول كلّ ذلك أقف عند عثمان وعليّ فيقول ليعليه‌السلام : ثمَّ عثمان ثمَّ علي. ثمَّ عثمان ثمَّ علي: ثلاث مرّات. قال: وكنت أعرض عليه هذه الاُصول وعيناه تهملان بالدموع قال: فوجدت حلاوة في قلبي وفمي فمكثت ثمانية أيّام لا آكل طعاماً ولا أشرب شراباً حتّى ضعفت عن صلاة الفريضة فلمّا أكلت ذهبت تلك الحلاوة واللذَّة والله شاهدٌ عليَّ وكفى بالله شهيدا.

وقال أمير المؤمنين المتوكّل رحمه الله لأحمد بن حنبل رضي الله عنه: يا أحمد!

٣٨٣

إنِّي اُريد أن أجعلك بيني وبين الله حجَّة فأظهرني على السنّة والجماعة وما كتبته عن اصحابك عمّا كتبوه عن التابعين ممّا كتبوه عن أصحاب رسول الله. فحدَّثه بهذا الحديث.

قال الأميني: نحن نجد الباحث في غنىّ عن البحث عن هذه الاُسطورة وما فيها من مضحكات الثكلى، ونجلُّ أحمد عن أن يتَّخذها حجةً بينه وبين الله فيلقِّنها خليفة وقته، ونُربي به عن تصديق مثل محمّد بن عكاشة الذي جاء فيه قول ابن عساكر بعد روايته هذه الرؤيا: قال سعيد بن عمرو البردعي: قلت لأبي زرعة: محمَّد بن عكاشة الكرماني. فحرَّك رأسه فقال: رأيته وكتبت عنه وكان كذّاباً. قلت: كتبت عنه الرؤيا التي كان يحكيها؟ قال: نعم كتبت عنه فزعم انَّه عرض على شبابة: الايمان قولٌ وعملٌ ويزيد وينقص فيه اي به، وأنَّه عرض على أبي نعيم: عليٌّ ثمَّ عثمان فقال به وهو كذوبٌ ولا يحسن انَّه يكتب ايضاً، يعني إنَّ شبابة لا يقول بذلك وكذا أبو نعيم قلت: اين رأيته؟ قال، قدم هنا مع محمَّد بن رافع وكان رفيقه كنت أرى له سمتاً ولقيني محمَّد ابن رافع فكره أن يقول فيه شيئاً وقال لي: لا يخفى عليك أمره إذا فاتحته فقلت: إن رأيت أن تفيدني شيئاً قال: نعم. ثمَّ كاد يصعق واضطرب بطنه فهالني ذلك ثمَّ أقبل عليَّ فقال: إنَّ أوَّل ما أملى عليَّ أن كذب على الله وعلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى عليّ وعلى ابن عبّاس. الخ(١) .

وذكره الحاكم في الضعفاء فقال: منهم جماعةٌ وضعوا كما زعموا يدعون الناس إلى فضائل الأعمال مثل أبي عصمة ومحمَّد بن عكاشة الكرماني ثمَّ نقل عن سهل بن السري الحافظ انّه كان يقول: وضع أحمد الجويباري ومحمّد بن تميم ومحمّد بن عكاشة على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أكثر من عشرة آلاف حديث. راجع ما أسلفناه في سلسلة الكذّابين ج ٥: ٢٦١ ط ٢، ولسان الميزان ٥. ٢٨٦ - ٢٨٩.

فرجلٌ هذا حاله وتلك صفته وذلك حديثه ليس بالمستطاع تصديقه علي دعاويه المجرَّدة في المبادئ والمعتقدات، العجب كلُّ العجب من الفقيه الثقة الذي يعتمد على مثلها من خزاية، قاتل الله الحبَّ المعمي والمصمّ هو الذي حدى القوم إلى تفتين بسطاء الاُمّة بمثل هذه الخزعبلات والله يعلم أنّهم لكاذبون.

____________________

١ - لسان الميزان ٥: ٢٨٧.

_٢٤_

٣٨٤

٢ - أخرج البلاذري في الأنساب ٥: ٥ عن خلف البزّار عن أبي شهاب الحنّاط(١) عن خالد الحذّاء البصري عن أبي قلابة البصري عن أنس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أرحمكم أبو بكر، وأشدُّكم في الدين عمر، وأقرؤكم اُبيّ، وأصدقكم حياءً عثمان، وأعلمكم بالحلال والحرام مُعاذ بن جبل، وأفرضكم زيد بن ثابت، وإنَّ لكلِّ اُمّة أميناً وأمين هذه الاُمّة أبو عبيدة الجراح.

وأخرجه ابن عساكر في تاريخه ١: ٣٢٥ محذوف الإسناد بلفظ: أرحم اُمّتي أبو بكر، وأشدّهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياءً، عثمان، وأفرضهم زيد، وأقرأهم اُبيّ بن كعب. إلخ.

ورواه في ج ٦: ١٩٩ من طريق أبي سعيد الخدري وعقبه: قال العقيلي: أسانيد هذه الأحاديث غير محفوظة والمتون معروفةٌ.

قال الأميني: ألا تعجب من اُسطورة جاء بها خلف البزّار الثقة الأمين العابد الفاضل السكّير. قال أبو جعفر النفيلي: كان من أصحاب السنّة لولا بليّةٌ كانت فيه: شرب النبيذ.

وذُكر خلف عند أحمد - إمام الحنابلة - فقيل: يا أبا عبد الله! انّه يشرب. فقال: قد انتهى إلينا علم هذا عنه، ولكن هو والله عندنا الثقة الأمين شرب أو لم يشرب(٢) والرواية نفسها شاهد صدق على ما انتهى إلى إمام الحنابلة علمه من خلف البزّار والَّذين أخذوها منه ورووها عنه إنّما أقحمتم فيها سكرة الهوى لا نشوة السّلافة.

ولتقديس ذيل هذا الثقة الأمين عن رجاسة النبيذ جاء الخطيب البغدادي بما رواه عن محمّد بن أحمد بن رزق عن محمّد بن الحسن بن زياد النقّاش قال: سمعت ادريس ابن عبد الكريم الحدّاد يقول: خلف بن هشام يشرب من الشراب على التأويل فكان ابن اخته يوماً يقرأ عليه سورة الأنفال حتى بلغ - ليميز الله الخبيث من الطيِّب - فقال يا خال! إذا ميّز الله الخبيث أين يكون الشراب؟ قال: فنكس رأسه طويلاً ثم قال: مع الخبيث. قال: فترضى أن تكون مع أصحاب الخبيث؟ قال: يا بنيَّ امض إلى المنزل

____________________

١ - عبد ربّه بن نافع السكنانى، ثقة ليس بالقوى يهم فى حديثه ويخطىء.

٢ - إقرأ واحكم.

٣٨٥

فأصبت كلَّ شيىء فيه، وتركه، فأعقبه الله الصوم، فكان يصوم الدهر إلى أن مات.

حبّذا هذا التنزيه لو صدقت الأحلام، وهو وإن كان معقولاً أحسن من رأي الإمام أحمد من أنّه الثقة الأمين شرب أو لم يشرب. فإنَّه رأيٌ تافهٌ لا تساعده البرهنة ولا يوافقه الشرع والعقل والمنطق، والله يقول: يا أيُّها الّذين آمنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبيَّنوا(١) غير أنَّ من المأسوف عليه جدّاً بطلان إسناده لمكان محمِّد بن الحسن النقّاش فإنَّه كذَّبه طلحة بن محمَّد، ووهّاه الدارقطني، ودلَّسه أبو بكر، وقال البرقاني: كلُّ حديثه منكر، وذكر عنده تفسير وفقال: ليس فيه حديثٌ صحيح. وكلّ هذه ذكره الخطيب نفسه فبماذا يُنزَّه الرجل؟ وأنَّى يتأتّى له أمله؟

وإنِّي أشكر مَن انتهى اليه وضع هذه الاُكذوبة على انّه لم يذكر مع القوم مولانا أمير المؤمنين عليّاًعليه‌السلام الذي هو أربى من كلّهم في جميع الصفات المذكورة فانّه يُرفع عن أن يُذكر في عداده أيُّ أحد، كما أنّ فضائله أربى من أن تُذكر معها فضيلة.

وهاهنا لا نناقش متن الرواية في الأوصاف التي حابت القوم بها، فلعلَّ فيها ما هو مدعومٌ بالبرهنة، فيشهد على كون أبي بكر أرحم الأمَّة إحراقه الفجاءة، وغضُّه الطرف عن وقيعة خالد بن الوليد في بني حنيفة وخزايته مع مالك بن نويرة وزوجته(٢) وعدم اكتراثه لأمر الصدِّيقة فاطمة في دعواها، وكانت له مندوحة عن مجابهتها باسترضاء المسلمين واستنزال كلّ منهم عن حصّته من فدك إن غاضينا القوم على الفتوى الباطلة والرواية المكذوبة في انقطاع إرث النبوَّة خلافاً لآيات المواريث المطلقة وإرث الأنبياء خاصَّة، على أنَّ فاطمة سلام الله عليها وابن عمّها ما كانا يجهلان بما تفرَّد بنقله أبو بكر وصافقته على قوله سماسرته من الساسة لأمر دبّر بليل، وأمير المؤمنينعليه‌السلام أقضى الاُمَّة وباب مدينة علم النبي، والصدِّيقة فاطمة بضعته وما كان يشحُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليها من إفاضة العلم ولا سيّما علم الأحكام وعلى الأخصِّ ما يتعلّق بها، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلم أنَّها سوف تقيم الدعوى على صحابته المتغلّبين على فدك وأنَّها ستمنع عنها ويحتدم بينها و

____________________

١ - سورة الحجرات: ٦.

٢ - راجع الجزء السابع ص ١٥٦، ١٥٧، ١٥٨، ١٦٨ ط ٢.

٣٨٦

بينهم الشجار، ويستتبع ذلك انشقاقاً بين الاُمّة إلى يوم القيامة، فمن مزدلفة إلى بضعة النبوَّة، ومن جانحة إلى مَن منعها عن حقِّها، فكان من الواجب أن يسبقصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ابنته بتفصيل حكم هذا شأنه قبل أبي بكر.

ألم تكن لأبي بكر مندوحة تصحِّح إقطاع فاطمة فدكاً وردَّها إليها حتّى لا يفتح باب السوءة على الاُمَّة كما ردَّها عمر إلى ورثة النبيِّ الأقدس، وأقطعهما عثمان مروان وأقطعها معاوية مروان وعمر وبن عثمان ويزيد بن معاوية على الأثلاث، إلى ما رأى فيها الخلفاء بعدهم من التصرُّف كتصرُّف الملاّك في أملاكهم(١)

سَلْ عن صفة أبي بكر هذه فاطمة وهي صدّيقة يوم خرجت عن خدرها وهي تبكي وتنادي بأعلى صوتها: يا أبتَ! يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة(٢) .

وسَلها عنها يوم لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لُمَّة من حفدتها ونساء قومها تطأ ذيولها، ما تخرّم مشيتها مشية رسول الله حتّى دخلت على أبي بكر وهو في حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة، ثم أنَّت أنّة أجهش لها القوم بالبكاء، وارتجَّ المجلس(٣)

وسَلها عنها يوم قالت لأبي بكر: والله لأدعونَّ عليك بعد كلِّ صلاة اُصلّيها.

وسلها عنها يوم ماتت وهي واجدة على أبي بكر، وهي التي طهَّرها الجليل بآية التطهير، وصحَّ عن أبيها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فاطمة بضعةٌ منّي فمن أغضبها أغضبني، يؤذيني ما آذاها، ويغضبني ما أغضبها(٤)

وقوله: فاطمة قلبي وروحي التي بين جنبيَّ فمن آذاها فقد آذاني(٥)

وقوله: إنَّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضي لرضاها(٦) .

____________________

١ - راجع ج ٧ ص ١٩٥ ط ٢.

٢ - راجع ج ٧ ص ٧٧.

٣ - راجع ج ٧ ص ١٩٢ ط ٢.

٤ - راجع ج ٧ ص ٢٣١ - ٢٣٥ ط ٢.

٥ - راجع ج ٧ ص ٢٠.

٦ - راجع ج ٧ ص ٢٣٥ ط ٢.

٣٨٧

وسَلْ عنها أمير المؤمنين وهو الصدِّيق الأكبر يوم قادوه، كما يُقاد الجمل المخشوش إلى بيعة عمّت شومها الإسلام، وزرعت في قلوب أهلها الآثام، وعنَّفت سلمانها، وطردت مقدادها، ونفت جندبها، وفتقت بطن عمّارها، وحرَّفت القرآن، وبدَّلت الأحكام، و غيَّرت المقام، وأباحت الخمس للطلقاء، وسلّطت أولاد اللعناء على الفروج والدماء، و خلطت الحلال بالحرام، واستخفَّت بالايمان والإسلام، وهدمت الكعبة، و أغارت على دار الهجرة يوم الحرَّة وأبرزت بنات المهاجرين والأنصار للنكال والسوءة، وألبستهنَّ ثوب العار والفضيحة، ورخَّصت لأهل الشبهة في قتل أهل بيت الصفوة وإبادة نسله، واستيصال شأفته، وسبي حرمه وقتل أنصاره: وكسر منبره، وإخفاء دينه، و قطع ذكره. إنّا لِلَّه وإنّا إليه راجعون.

وسل عنها أمير المؤمنين يوم لاذ بقبر أخيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يبكي ويقول: يا ابن اُمّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني(١) .

إلى غير هذه من دلائل كون أبي بكر أرحم الأمَّة.

وأمّا كون عمر أشدَّهم في الدين فمن جليّة الواضحات إنَّ الشدَّة في الدين ليست هي الفظاظة والغلظة فحسب وإنّما هي التهالك في التمسُّك بعروتي الكتاب والسنَّة و العمل بهما والأخذ والقيام بما جاء فيهما من الحدود، وما أكثر ما خالفهما الرجل ونبذهما وراء ظهره واتَّخذ برأيه الشاذِّ عنهما؟ ودع عنك ما جهله منهما. وما قيمة شدَّة بلا علم؟ وما مقدار شدَّة مع التنكبّ عن أساسيّات الدين؟ مع الخروج عن طقوس الإسلام، مع التمسُّك بالأهواء والشهوات؟ راجع نوادر الأثر في علم عمر من الجزء السادس ص ٨٣ - ٣٣٣ ط ٢ فإنّك تجد هنالك شواهد قويَّة على إثبات هذه الصَّفة فاقرأها وتبصّر.

وأمّا كون عثمان أصدقهم حياءً فيكفي دلالة عليه الجزء الثامن والتاسع من هذا الكتاب وكلُّ صحيفة منهما آية من آيات صفته تلك، مضافاً إلى ما سردناه في هذا الجزء ص ٢٧٤ - ٢٨٩ من البحث الخاصّ في حيائه.

وأمّا الثلاثة الباقون فلا نطيل البحث عن إثبات ما ذكر لهم، ففيه تضييعٌ للوقت وشغلٌ عمّا هواهمُّ من ذلك، ومن سَبَر كتابنا هذا عرف أعلم الاُمّة وأفرضها وأمينها

____________________

١ - راجع الجزء السابع ص ٧٨.

٣٨٨

وعلم أنَّه غيرهم، فلا يدلِّس ساحة الاُمَّة بأمثال المذكورين، ولا يُخاف عليه ممّا كان يَخاف النبيُّ الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أمَّته كما جاء عنه: أخاف على اُمَّتي من بعدي ضلالة الأهواء، واتّباع الشهوات، والغفلة بعد المعرفة. « اُسد الغابة ١: ١٠٨ »

٣ - في كتاب المناقب من صحيح البخاري ٥: ٢٤٩ عن محمَّد بن الحنفيّة قال: قلت لأبي: أيُّ الناس خيرٌ بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: أبو بكر. قلت: ثمَّ مَن؟ قال: ثمَّ عمر. وخشيت أن يقول: ثمَّ عثمان قلت: ثمَّ أنت؟ قال: ما أنا إلّا رجل من المسلمين.

وفي لفظ الخطيب في تاريخه ١٣: ٤٣٢: قال قلت: يا أبت! مَن خير الناس بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قال: يا بُنيَّ أوَ ما تعلم؟ قال: قلت: لا. قال: أبو بكر. قال: قلت: ثمَّ من؟ قال: يا بُنيَّ؟ أوَ ما تعلم؟ قال: قلت: لا. قال ثمَّ عمر. قال: ثمَّ بدرته فقلت: يا أبت! ثمَّ أنت الثالث. قال: فقال لي: يا بُنيَّ أبوك رجل من المسلمين له ما لهم و عليه ما عليهم.

قال الأميني: ليست هذه أوَّل سقطة من سقطات البخاري، ومن عرف معتقد أمير المؤمنين عليعليه‌السلام في الذين تقدّموه وما استمرَّ عليه دؤبه من التصريح بذلك المعتقد تارة والتلويح إليه اُخرى لا يشكُّ في أنَّ ما عُزي إليه بهتانٌ عظيمٌ.

وليس ابن الحنفيّة ذلك الذي لا يعرف أباه ولا نظريّته في القوم بعد اللتيا والتي حتى يسأله عن اولئك الرجال ثمَّ يخاف عن أن يقول في المرَّة الثالثة عثمان وهو يعرفه بعُجره وبُجَره لا محالة، ويعلم أنّه هو أحد الثلاثين من بني أبي العاص الذين صحَّ فيهم قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا جعلوا مال الله دولا، وعباده خولا، ودينه دخلا(١)

لِماذا كتم أمير المؤمنينعليه‌السلام من ابن الحنفيّة رأيه هذا يوم مقتل عثمان لمـّا أراد الإمامعليه‌السلام أن يأتي الرجل وينصره فأخذ ابن الحنفيّة بضبعيه أو بكفيّه أو بحقويه يمنعه من ذلك(٢)

حاشا ابن الحنفيّة من الجهل بما جاء في أبيه الطاهر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من

____________________

١ - راجع ما مرّ فى الجزء الثامن ص ٢٥٠، ٢٥١، ٣٠٥ ط ٢

٢ - الانساب ٥: ٩٤.

٣٨٩

قوله: إنّه خير البريّة، وإنّه خير البشر، وإنّه خير من أتركه بعدي، وإنّه خير الناس، وإنّه خير الرجال، وإنّه أحد الخيرتين(١) ومحمَّد بن الحنفيّة هو الذي كان ينشد شاعره كثير عزة بين يديه قوله:

أنت ابن خير الناس من بعد النبي

يا بن عليّ سرْ ومَن مثل علي؟(٢)

وأنّى تصحّ نسبة هذه المزعمة إلى عليّعليه‌السلام وقد جاء عنه من عدَّة طرق إنّه قال: حدَّثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا مسنده إلى صدري فقال: أي علي؟ ألم تسمع قوله الله تعالى « إنَّ الذين آمنوا وعملوا الصّالحات هم خير البريّة » ؟ أنت وشيعتك. وورد عن جابر: إنَّ أصحاب النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كانوا إذا أقبل عليٌّ قالوا: قد جاء خير البريّة. راجع ما أسلفناه في ج ٢: ٥٢. أخرجه مضافاً إلى ما ذكرناه هنالك من المصادر ابن أبي حاتم في تفسيره، قال السيوطي في لئاليه ١: ١٢: التزم ابن أبي حاتم أن يخرج في تفسيره أصحَّ ما ورد ولم يخرج حديثاً موضوعاً البتّة. ه‍.

ولو كان يرى أمير المؤمنين أنَّ أبا بكر خير الناس فلماذا تقاعد عن بيعته إلى أن توفّيت سيِّدة النساء فاطمة؟ وكان له وجه عند الناس أيّام حياتها كما أخرجه البخاري نفسه، وصافقه على ذلك بنو هاشم ومَن وافقهم من غيرهم من وجوه الاُمّة وأعيان الصحابة، أوَ لم يكن فيهم من يعرف منزلة الصدّيق هذه؟ وما بال عليّ أمير المؤمنينعليه‌السلام كان يحمل الصدِّيقة الطاهرة على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة على خير البشر؟(٣) ولِماذا لم يكن في مقال الدعاة إلى أبي بكر ايضاً يوم السقيفة و بعده ما يومي إلى أنَّه خير البشر؟ بل كان رطب ألسنتهم: انَّه السبّاق المسنّ وثاني اثنين إذ هما في الغار(٤) مشفوعاً كلُّ ذلك بالإرهاب والترعيد. أفلم يدَّبروا القول، أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأوّلين؟.

هب أنَّ الصحابة يوم ذاك ما كانوا يعرفون منزلة الرجل، فهلّا نبّههم عليه أمير المؤمنين وأمرهم باتّباع خير الناس وفيهم من كان أطوع له من الظلّ لديه، فقمَّ بذلك

____________________

١ - راجع ما مضى فى الجزء الثانى ص ٥٧، و ج ٣: ٢٢، ٢٤ ط ٢.

٢ - طبقات ابن سعد ٥: ٧٩.

٣ - الامامة والسياسة ١: ١٢.

٤ - راجع الجزء السابع ص ٩١ ط ٢.

٣٩٠

جذوم الفتنة، واستأصل جذورها، وكسح الخلاف من بين المسلمين، فلم يتركها فتنة عمياء تحتدم عليها الإحن، وتتعاقب المحن؟ حاشا مولانا أمير المؤمنين من كلِّ هذه، لكنّه لم يعرف ما عُزي إليه من حديث خير النّاس ولا اعترف بمفاده طرفة عين، بل كان صلوات الله عليه يرفع عقيرته بما يضادُّ هذه المزعمة في صهوات المنابر بين الملأ الدينيِّ، وقد مرَّ شطرٌ من تلكم الكلم في هذا الجزء.

نحن هاهنا لسنا في مقام إثبات أنَّ عليّاً خير البشر بعد صنوه الطاهر صلّى الله عليهما وآلهما. كلّا ثمَّ كلّا.

ولسنا في صراط بيان المفاضلة بينه سلام الله عليه وبين خلفاء الإنتخاب الدستوري، حاشا ثمَّ حاشا.

وإنّما يروقنا جدًّا أن نمركز لهذا الإنسان الكامل في الملأ الدينيِّ مكانة فرد من آحاد المسلمين، ونجعلها كلمة سواء بيننا وبين القوم، ونتصافق على هذا فحسب. أللهمَّ غفرانك وإليك المصير.

يا حبّذا بعد ما صدَّق القوم ما عُزي إليه صلوات الله عليه من قول: ما أنا إلّا رجلٌ من المسلمين أو قوله لا بنه: يا بُنيَّ أبوك رجلٌ من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم. كانوا يعدُّونه رجلاً منهم وأجروا عليه أحكام من آمن بالله وأسلم، وكان له ما لهم وعليه ما عليهم. بل ليتهم كانوا اتّبعوا رأي عثمان فيه ويرون مروان بن الحكم اللعين ابن اللعين بلسان النبيِّ الأقدس أفضل منه. وليتهم ساووا بينه وبين سفلة الأعراب، والطبقة الواطئة الساقطة من الصحابة، لكن: أنّى؟ ثمَّ أنّى؟.

قل لي بريّك أيُّ مسلم شريف أو وضيعُ لعن غيره في ثمانية عشر ألف منبر، ولم ينبس ابن اُنثى ببنت شفة في الدفاع عنه؟.

قل لي بربّك أيُّ مسلم سائد أو سوقة غير سيِّد العترة سُنَّ سبُّه في الجمعة و الجماعة في الحواضر الإسلاميّة جمعاء، وتختم بلعنه أندية الوعظ والخطابة، ومَن نهى عن ذلك يُنفى عن عقر داره؟ قال الجنيد بن عبد الرَّحمن بن عمرو: أتيت مِن حوران إلى دمشق لآخذ عطائي فصلّيت الجمعة ثمَّ خرجت من باب الدرج فإذا عليه شيخٌ يقال له: أبو شيبة القاصّ، يقصُّ على الناس فرغَّب فرغبنا، وخوَّف فبكينا، فلمّا

٣٩١

انقضى حديثه قال: اختموا مجلسنا بلعن أبي تراب، فلعنوا أبا ترابعليه‌السلام ، فالتفتُّ إلى مَن على يميني فقلت له: فمن أبو تراب؟ فقال: عليُّ بن أبي طالب ابن عمِّ رسول الله وزوج ابنته، وأوَّل الناس إسلاماً، وأبو الحسن والحسين. إلى آخر ما في تاريخ ابن عساكر ٣: ٤٠٧. وفيه أنَّ الجنيد استنكر الأمر ولطم وجه الرجل فشكى إلى هشام ابن عبد الملك فنفى الجنيد إلى السند فلم يزل بها إلى أن مات.

قل لي بربِّك أيّ عزيز تحت ظلّ النبوّة غير عزيزنا المفدّى، أضهده نير المذلّة، وأصبح ضُهدةً لكلِّ أحد، جرّعته يد الإحن كاسات المحن، حتّى سئُم من حياته، وصبر وفي العين قذى، وفي الحلق شجى، يرى تراثه نهبا؟.

قل لي بربِّك أيّ صحابيّ غير عليّعليه‌السلام لا يستقيم الأمر لاُمَّة محمَّد إلّا بسبّه؟ يقال لمروان: مالكم تسبُّونه على المنابر؟ فيقول بملء فمه. إنَّه لا يستقيم لنا الأمر إلّا بذلك(١) .

قل لي بربِّك أيّ موحِّدٍ إسلاميّ في الملأ الدينيِّ يُتبرَّأ منه في بيعة خليفة المسلمين بيع الله ورسوله سوى عليّعليه‌السلام ؟ وقد اشترط معاوية البراءة منهعليه‌السلام في بيعته(٢) .

قل لي بربِّك أيّ إنسان ثقل اسمه على الناس غير عليّ صلوات الله عليه؟ هذه عائشة لم تسمّه ولا تقدر على أن تذكره بخير، ولا تطيب له نفساً(٣) وكان معاوية أو عبد الملك بن مروان أو هما معاً يأمران إبن عبّاس أن يغيّر اسم ولده عليّ وكنيته(٤) وكان عليُّ بن الجهم السلمي يلعن أباه لانَّه سمّاه عليّاً(٥) .

قل لي بربّك أيّ رجل أسلم وجهه لله وهو محسنٌ غير أوَّل المسلمين يُرى

____________________

١ - الصواعق لابن حجر ص ٣٣.

٢ - البيان والتبيين للجاحظ ٢. ٨٥.

٣ - مرّ الحديث باسناد صحيح فى هذا الجزء صفحة ٣٢٥.

٤ - تاريخ الطبرى ٨: ٢٣٠، حلية الاولياء ٣: ٢٠٧، الكامل للمبرد ٢: ١٥٧، العقد الفريد ٣: ٢٨٦، الكامل لابن الاثير ٥: ٧٨، تاريخ ابن خلكان ١: ٣٥٠، تهذيب التهذيب ٧: ٣٥٨، شذرات الذهب ١: ١٤٨.

٥ - لسان الميزان ٤: ٢١٠.

٣٩٢

لاعنوه وشاتموه ومعاندوه وقاتلوه وخاذلوه متأوِّلين مجتهدين لا يستحقّون مقتاً ولا أخذاً ولا هواناً ولا عقاباً؟

قل لي بربّك أيّ ابن اُنثى من أبناء الإسلام عدا وليد الكعبة ابن فاطمة استحقَّ شيعته ومحبُّوه وأهله وذووه في المجتمع السبَّ واللعن والقتل والسبي والإزراء و الضرب والنكال والسوءة والحبس في ظلم المطامير وقعر السجون، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت؟

الهضيمة كلّ الهضيمة دفاع ابن حجر عن مثل حَكَم بن أبي العاص طريد النبيِّ ولعينه وعن الوقيعة فيه بما تحقَّق منه وعلم من الفاحشة، وذبّه عنه لمكان كونه صحابيّاً(١) .

الهضيمة كلّ الهضيمة ذبُّ ابن حزم عن عبد الرَّحمن بن ملجم قاتل أمير المؤمنين وعدم تجويزه لعنه وتبريره عمله بأنَّه مجتهدٌ مخطئٌ(٢) .

الهضيمة كلّ الهضيمة نصرة القاضي حسين الشافعي عمران بن حطَّان مادح ابن ملجم قاتل الإمام الطاهر بقوله:

يا ضربة من تقيّ ما أراد بها

إلّا ليبلغ من ذي العرش رضوانا

إنّي لأذكره حيناً فأحسبه

أوفى البرَّية عند الله ميزانا

يحكم بعدم جواز لعنه زعماً بكونه صحابيّاً(٣) ذاهلاً عن أنَّ ابن حطّان لم يكن صحابيّاً وإنَّما هو من رؤس الخوارج الملعونين بلسان النبيِّ الأقدس، وُلد الرجل بعدهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمدَّة.

الهضيمة كلّ الهضيمة تبرير ساحة معاوية الربا والخمور مِن دنس طامّاته و موبقاته وجناياته الكبيرة على الإسلام والمسلمين وقتله آلافاً من صلحاء اُمَّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكلمة واحدة موجزة، بأنَّه كان مجتهداً متأوّلاً مخطئاً(٤) .

الهضيمة كل الهضيمة الإعتذار عمّا اقترفه يزيد الخمور والفجور: وتنزيه ساحته

____________________

١ - راجع ما مضى فى الجزء الثامن ص ٢٥١ ط ٢.

٢ - راجع ما أسلفناه فى الجزء الاول ص ٣٢٣ ط ٢.

٣ - الاصابة ٣: ١٧٩.

٤ - الفصل لابن حزم ٤: ٨٩، تاريخ ابن كثير ٧: ٢٧٩.

٣٩٣

من أرجاسه المكفّرة والنهي عن لعنه وذكره بالسؤ بأنَّه مسلم لم يثبت كفره وانَّه إمامٌ مجتهد(١) .

إلى مناصرات ومدافعات عن أمثال هؤلاء بشروى تلكم الكلم الفارغة، وأمَّا سيّدنا المفدَّى حبيب الله وحبيب رسوله فلسنا مغالياً إن قلنا: إنَّ الأمّة كانت مصرَّة على مقته، مجتمعة على قطيعة رحمه وإقصاء ولده إلّا القليل ممّن وفا لرعاية الحقِّ فيه، فليت القوم أخذوا من بُخاريّهم وخطيبهم هذه الكلمة المعزوَّة إلى أمير المؤمينن « ما أنا إلّا رجلٌ من المسلمين » - وإن كانت مختلقة - وأجروا عليه حكمها.لكن. لكن...

ثمَّ كيف تُعزى إليه سلام الله عليه هذه المفاضلة وقد جاء عن النبيِّ الأقدس قوله لفاطمة الصدّيقة: زوَّجتك خير اُمّتي، أعلمهم علماً، وأفضلهم حلماً، وأوَّلهم سلماً؟ مرَّ في ج ٣: ٩٥ ط ٢.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليٌّ خير من أتركه بعدي.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : خير رجالكم عليُّ بن ابي طالب، وخير نسائكم فاطمة بنت محمّد.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عليٌّ خير البشر فمن أبى فقد كفر.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من لم يقل عليٌّ خير الناس فقد كفر.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لفاطمة سلام عليها: إنَّ الله إطّلع على أهل الأرض فاختار منه أباكِ فبعثه نبيّاً، ثمَّ اطلّع الثانية فاختار بعلك.

وقوله لها: إنَّ الله اختار من أهل الأرض رجلَين أحدهما أبوك والآخر زوجك(٢) وليت شعري كيف تصحُّ عنه هذه المفاضلة وقد اتَّخذه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم له نفساً كما جاء في الذكر الحكيم، وطهّره الجليل بآية التطهير، وقرن بين ولايته وولاية رسوله وبين ولاية عليّ في نصِّ الكتاب الكريم، وأنزلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من نفسه منزلة هارون من موسى، ولم يستثن لنفسه إلّا النبوَّة، واتَّخذهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخاً لنفسه يوم المؤاخاة المـُبتنية على أساس المشاكلة في الملكات والنفسيّات، فكيف تتمُّ هذه كلّها وفي

____________________

١ - تاريخ ابن كثير ٨: ٢٢٣ ج ١٣: ٩.

٢ - راجع ما مرّ فى ج ٣: ٢٠ - ٢٣ ط ٢.

٣٩٤

الاُمّة مَن هو أولى منه؟

ولست أدري كيف كان عليٌّ أمير المؤمنين أحبَّ الخلق إلى الله وإلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي الاُمّة من هو خيرٌ منه، وقد صحَّ عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله في حديث الطير المشويِّ الآتي ذكره إنشاء الله. اللهمَّ ائتني بأحبّ خلقك إليك ليأكل معي. فأتاه عليٌّعليه‌السلام

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعائشة: إنَّ عليّاً أحبَّ الرجال إليَّ وأكرمهم عليَّ فاعرفي له حقّه واكرمي مثواه.

وقوله: أحبّ الناس إلىَّ من الرجال عليّ.

وقوله: عليٌّ أحبّهم إليّ وأحبُّهم إلى الله.

ولا تنس ها هنا قول عايشة: والله ما رأيت أحداً أحبّ إلى رسول الله من عليّ. ولا قول بريدة واُبيّ: أحبٌّ الناس إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من النساء فاطمة ومن الرجال عليٌّ(١) .

ثمَّ ما بال الصدّيقة فاطمة تموت وهي واجدةٌ على أبي بكر وعمر وهما خيرا البشر؟ ما بالها وندائها بعدُ في آذان الاُمَّة المرحومة وهي باكيةٌ لاذت بقبر أبيها و تقول: يا أبت يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة؟.

ما بالها وقولها للخيِّرين: إنِّي اُشهد الله وملائكته إنَّكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبيَّ لأشكونّكما إليه؟ وحديث أنينها بعدُ دائرٌ سائرٌ بين حملة التاريخ.

ما بالها وهي توصي بأن تدفن ليلاً ولا يُصلّي عليها أبو بكر، ولا يحضر الخيّران تجهيزها وتشييعها؟ وهذا النبأ العظيم بعد يُدور في أندية الرجال(٢) .

نعم: السرُّ في ذلك كلّه أنَّ الصدِّيقة كابن عمِّها أمير المؤمنين لا تعرف شيئاً من قول الزور، ولعلَّ الواقف على الجزء السادس والسابع من هذا الكتاب يُطلُّ على كون الرجلين خير البشر بأقرب من هذا.

ونحن على يقين من أنَّ الباحث النابه الحرّ بعد الوقوف على ما في غضون الأجزاء

____________________

١ - راجع ما مر في ج ٣: ٢١ - ٢٣ ط ٢.

٢ - راجع ما مرّ فى ج ٧: ٢٢٧.

٣٩٥

الخمسة الأخيرة من العشرة الاُولى من أجزاء كتابنا هذا لا يبقي له قطُّ ريب في أنَّ رواة هذه الأساطير المختلقة والقائلين بمغزاها والمخبتين اليها صمّاً وعمياناً هم الغلاة في الفضائل حقّاً، فقد جاءوا ظلماً وزوراً وإنَّ فريقاً منهم ليكتمون الحقَّ وهم يعلمون.. فبدَّل الذين ظلموا قولاَ غير الذي قيل لهم، فمن أظلم ممَّن كذب على الله وكذَّب بالصِّدق إذ جاءه فصفح عنهم وقل سلامٌ فسوف يعلمون.

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين

انتهى الجزء التاسع

من كتاب « الغدير » ويتلوه العاشر إن شاء الله

يُبدأ فيه ببقيّة مناقب الخلفاء الثلاثة

لفت نظر

كلّ فصل وكلمة وجملة توجد في المتن أو التعليق مرموزة بـ‍ م في

هذا الجزء وبَقيَّة أجزاء الكتاب فهي مِن مُلحقات الطبعة الثانية

وزياداتها، تبدأ ب‍ م وتنتهي بقُويس تتلوها.

٣٩٦

كتب أتتنا من عفك

أتانا كتابٌ من الشاعر الشريف السيِّد نعمة السيِّد حسُّون البعّاج المحترم، صدَّره بجمل الثناء الضافية على كتابنا « الغدير » وشفَّعها بقوله:

فأيُّ غدير جاء والبحر دونه؟

غديرك بحرٌ لا يُساجله البحرُ

فإن قلتَ إنَّ البحر باهى بدرّه

ففيه عقودٌ لا يُماثلها الدرُّ

ثمَّ ختمه بأبيات راجياً أن تنشر في هذا الجزء ألا وهي:

كتاب « الغدير » جليلٌ خطير

وفيه لعمري بلوغ الأربْ

ذكاءٌ وسرنا على ضوئها

لقصد إليه الورى تقتربْ

أعبد الحسين! ويا حاوياً

جماع الكمال وعقد الأدبْ

فكيف اُحبّر فيك الثنا

وأنت تُجدِّد مجد العربْ

أعبد الحسين! بمجد الحسين

حباك المهيمن أسمى الرتبْ

« فيا أيُّها السيِّد الفاضل الشر

ـ يف الفعال المنيف الحسبْ »

هلال الكمال باُفق العراق

توارى زماناً وعنّا احتجبْ

ومذ جاءنا بالغدير البشير

بدى مشرقاً بعد ما قد غربْ

فقأت عيوناً غداة به

أعدت لقوم ليالي الطربْ

فهذا « الغدير » لنا منهلٌ

لصادي الفواد شرابٌ عذبْ

وهذا « الغدير » وربِّ الغدير

يفوق النضار وما من عجبْ

فأين الجواهر منه تكون؟

وأين اللجين وأين الذهبْ؟

فسفر هدىً فاق أضرابه

هو الرأس حقّاً وهنَّ الذنبْ

وجدنا « الغدير » لنا شافياً

يزيل العناء وينفي النصبْ

وفيه الكفاية عن غيره

ولا فقر بعدُ إلى مَن كتبْ

فإن كنت تنوي به قربة

هنيئاً فهذي أجلُّ القُربْ

وإن كنت تنوي به غاية

فقد نلت فيه لذاك الطلبْ

٣٩٧

وله كتاب آخر إلينا ختمه بقوله:

دع المجدب الظامي يموت بدائه

ويجرع من كأس الندامة صابا

أيصدر عن روض « الغدير » ومائه

ويتبع وهماً نائياً وسرابا؟

ويحسب أن يروي غليل فؤاده

ولمـّا يجد غير « الغدير » شرابا؟

فدعه يُلاقي حتفه هو صادياً

ودعه يرى ما يرتضيه يبابا

(كتابٌ آخر)

تلقَّيناه مِن الشّاعر العَلويِّ النبيل السيِّد يحيى السيِّد داود الشَرع صدَّره بقوله:

الحقُّ أبلج وضّاحُ لطالبه

كالشمس باديةٌ في الاُفق للنظرِ

والفضل يرجع في العصر الحديث لمن

بسفره قد أتى عن محكم السورِ

ذاك (الأمينيُّ) قد لاحت معاجزه

فكان نور هدىً في عالم البشرِ

وقفّاها بفصول الإطراء وختمه بارجوزة تربو على أربعين بيتاً يذكر فيها كتاب « الغدير » وبعض مصادره، أرجأنا نشرها إلى آونة اُخرى.

(كتابٌ ثالث)

أخذناه من الشاعر المبدع يحيى صالح الحلّي افتتح كتابه بقوله:

أنرت بسفرك هذا الجليل

طريق الهداية للمجحفٍ

وأوضحت اُكذوبة الجاحدين

فلاح لنا منه سرٌّ خفي

ثمَّ سبك عقود القريظ، وسرد كلماً منثورة في إطراء « الغدير » وتخلّص منها بأبيات على بحر رجز. فله وللشريفين الشكر المتواصل منّا غير مجذوذ.

م(كتابٌ رابع)

أتانا من الخطيب الشاعر الشيخ كاظم آل حسن الجنابي بعفك وإليك نصُّه نظماً ونثرا:

سماحة العلّامة الأكبر، شيخنا المعظّم الشيخ عبد الحسين الأميني المحترم

بعد تقبيل أناملكم والسَّلام عليكم والدعاء لكم بالخير اُقدّم إليكم أبياتاً نظمتها

٣٩٨

بدافع دينيّ لا اُريد أن اُقرِّظ بها كتاب (الغدير) الأغرّ الذي عجز عن تقريظه وإطرائه أعلام الفقه والفضيلة، وفطاحل العلماء ولم يحط بوصفه عباقرة الكلام وصيارفة الأدب، وكيف يطيق شاعرٌ مفلق أو ذو يراع ملهم أن يحدَّ نعته ويحيط بكنهه، وهو نسيج وحده نسجته يد القدرة، وصاغته كفّ العناية، وصفحته عين اللطف؟ فجاء بحمد الله فريداً في بابه، بليغاً في خطابه، أصاب قلب الغرض، وكشف وجه الحقيقة وأماط عنها دياجير الظلم، وغياهب الإجحاف، فليس باستطاعتي والحالة هذه تقريظ مثل هذا الكتاب العظيم الذي لا يأتيه الباطل مِن بين يديه ولا مِن خلفه، ومَن أنا وما قدر إمكاني يا سيِّدي! حتّى أتصدّى لمدح (الغدير) الذي نبت عن وصفه قرائح الشعراء وأقلام الكتّاب؟

ولكنّي إنَّما أردت بأبياتي هذه إن راقت سيّدنا (الأميني) أن يتفضّل بنشرها لتكون لي ذكرى خالدة بخلود غديرنا الصافي.

سألوني عن « الغدير » اُناسٌ

أين كان « الغدير » قبل الأميني؟

قلت: كان الغدير في سجن غيّ

صفَّدته قيود إفك ومينِ

وغدا في السجون من يوم خمّ

يوم قال الإله: أكملت ديني

قد أتاه « الأمينيُّ » لمـّا دعاه

مستعيناً فياله مِن معينِ

فجزاه الإله خير جزاء

أوضح الحقّ في كتاب مبينِ

وإذا بالغدير بين يدينا

فيه تبيان كلِّ شيء دفينِ

فيه ما تشتهي النفوس وفيه

ما تلذّ العيون رأي العيونِ

فرحة الصّادقين فيه وفيه

ترحة الكاذبين حقّ اليقينِ

يا كتاب « الغدير » أبهجت منّا

مذ تلوناك كلَّ قلب حزينِ

سوف تبقي بغرَّة الدهر نوراً

خالداً في الوجود طول السنينِ

وسلام على مؤلّف سفر

فاق فضلاً رجال كلِّ القرون

[الشيخ كاظم آل حسن الجنابى]

٣٩٩

الفهرس

يتبع الجزء الثامن ٣

الخليفة يخرج ابن مسعود من المسجد عنفاً ٣

هذا ابن مسعود ١١

مواقف الخليفة مع عمّار ١٥

صورة مفّصلة ١٦

الثناء الجميل على عمّار ٢٤

هذا عمّار ٢٨

تسيير الخليفة صلحاء الكوفة إلى الشام ٣٠

تسيير الخليفة كعب بن عَبدة وضربه ٤٧

تسيير الخليفة عامر بن عبد قيس التميمي البصري الزاهد الناسك إلى الشام ٥٢

تسيير الخليفة عبد الرحمن بن حنبل الجمحي ٥٨

تسيير الخليفة عليّاً أمير المؤمنين ٦٠

آية نازلةٌ في الخليفة ٦٣

الخليفة لا يعرف المخلص من النَّار ٦٥

ترك الخليفة التكبير في كلِّ خفض ورفع ٦٦

نتاج البحث ٦٧

١- حديث أمير المؤمنين ٦٩

١حديث عائشة ٧٧

٣ - حديث عبد الرحمن بن عوف ٨٦

٤ - حديث طلحة بن عبيد الله ٩١

٥ - حديث الزبير بن العوام ١٠١

٦ - حديث طلحة والزبير ١٠٣

٧ - حديث عبد الله بن مسعود ١١٠

٨ - حديث عمار بن ياسر ١١٠

٩ - حديث المقداد ١١٤

٤٠٠