الخصال

الخصال9%

الخصال مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 653

الخصال المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 712326 / تحميل: 7470
الحجم الحجم الحجم
الخصال

الخصال

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

مساكين المسلمين، أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلاَّ الماء، وأصبحوا صياماً، فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه. ووقف عليهم أسير في الثالثة ففعلوا مثل ذلك. فلمّا أصبحوا أخذ عليرضي‌الله‌عنه بيد الحسن والحسين، وأقبلوا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع قال: ما أشدَّ ما يسوءني ما أرى بكم.

وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في محرابها قد التصق بطنها بظهرها، وغارت عيناها فساءه ذلك، فنزل جبرئيلعليه‌السلام وقال: خذها يا محمد، هنَّاك الله في أهل بيتك. فأقرأه السورة.

وأمّا تفسير الآيات مع رعاية الاختصار والإيجاز:

( إِنَّ الْأَبْرَارَ ) الأبرار: جمع بارّ أو برّ، وهم علي وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام ( يَـشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ ) هي الزجاجة إذا كان فيها الشراب أو المراد من الكأس نفس الشراب لا الزجاجة( كَانَ مِزَاجُهَا ) الذي تمزج به من عين في الجنّة تُسمّى( كَافُورًا ) لأنّ ماءها في بياض الكافور وبرودته لا في خواصه وآثاره، ومن الممكن أنّ كافور اسم عين في الجنّة بدليل قوله تعالى( عَيْنًا ) كأنّها عطف أو بدل من كافور أي تفسير له( شْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّـهِ ) الكاملون في العبادة الذين ذكرهم في كتابه( وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴿63﴾ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ) إلى آخر الآيات الدالة على الصفات الكاملة.

( يُفَجِّرُونَهَا ) يفجرونها حيث شاءوا( تَفْجِيرًا ) سهلاً يسيراً( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) إنّهم استحقّوا هذا الجزاء بسبب وفائهم بالنذر؛ لأنّ النذر هو ما

١٨١

يوجبه الإنسان على نفسه فإذا وفى بالنذر فهو بما أوجب الله عليه كان أوفى( وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ) منتشراً( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ ) أي بالرغم من حبِّهم للطعام لشدَّة جوعهم بسبب الصوم( مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ) كل ذلك حبّاً للخير وإيثاراً على أنفسهم، وإشفاقاً على المسكين ورأفة باليتيم وعطفاً على الأسير( إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّـهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً ) بفعل تفعلونه( وَلَا شُكُورًا ) بقول تقولونه، قال مجاهد: إنّهم لم يقولوا حين أطعموا الطعام شيئاً، وإنّما علمه الله منهم فأثنى به عليهم.

( إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ) شديد العبوس، تشبيهاً له في تخويفه بالأسد العبوس أو الحاكم المتنمّر العبوس.

( فَوَقَاهُمُ اللَّـهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ ) تأميناً لهم من شرّه وضرّه( وَلَقَّاهُمْ نَـضْرَةً ) في وجوههم( وَسُرُورًا ) في قلوبهم ( وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا ) على الإيثار مع شدّة الجوع( جَنَّةً وَحَرِيرًا ) ثم ذكر الله أحوالهم في الجنة( مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ) في منتهى الراحة والرفاهية( لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا ) يؤذي حرّها( وَلَا زَمْهَرِيرًا ) يؤذي برده.

( وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا ) يسهل عليهم اقتطاف فواكه الجنّة( وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ ) خلقها الله بإرادته( كَانَتْ قَوَارِيرَا ﴿15﴾ قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا ) على حسب ما تشتهي أنفسهم وتتمنّى قلوبهم في التكيّف بالكيفيّات المخصوصة إلى آخر السورة التي في وصف نعم الجنّة ونعيمها وعيون تسمّى زنجبيلاً وسلسبيلاً. والخدم الذين يخدمونهم والمـُلك الكبير الذي يكون لهم مع النعيم والملابس

١٨٢

الخُضر من الإستبرق، والزينة التي يتزيّنون بها، والشراب الطهور الذي يشربونه.

والعجيب أنّ الله تعالى ذكر في هذه السورة الكثير الكثير من نعم الجنّة، ولم يذكر - هنا - الحور العين؛ لأنّ الآية نزلت في حق علي وفاطمة وولديهما، فحفظ الله لفاطمة الزهراء جلالتها إذ لم يذكر - عزّ وجل - الحور العين كرامة لسيّدة نساء العالمين.

١٨٣

فاطمة الزهراءعليها‌السلام في آية النور

قال تعالى:( اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ... ) (1) .

روى الحافظ ابن المغازلي الشافعي - في كتاب المناقب - بالإسناد إلى علي بن جعفر قال: سألت أبا الحسن [ الكاظم ]عليه‌السلام عن قوله (عزّ وجلّ):( كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ) ؟

قالعليه‌السلام : المشكاة: فاطمة، والمصباح: الحسن، والحسين: الزجاجة.

( كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ ) : قال: كانت فاطمة كوكباً دُريّاً بين نساء العالمين...( يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ) قال: يكاد العِلم أن ينطق منها(2) .

أقول: لقد مرّت عليك بعض الأحاديث التي تتحدّث عن نور الزهراء الزاهر المشرق.

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال: (... ونور ابنتي فاطمة من نور الله...)(3) .

____________________

(1) النور: 35.

(2) المناقب ص 317.

(3) بحار الأنوار ج 15 ص 10.

١٨٤

مكانة فاطمة الزهراء عند أبيها

الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

إنّ من الصعب المستصعب تحديد مكانة السيدة فاطمة الزهراء عند أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومن الصحيح أن يقال: إنّه خارج عن قدرة القلم واللسان، والتحليل والبيان.

ويمكن لنا أن نجمل القول ونوجزه فنقول:

كانت السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام قد حلّت في أوسع مكان من قلب أبيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووقعت في نفسه الشريفة أحسن موقع.

فكان النبي يحبّها حبّاً لا يشبه محبّة الآباء لبناتهم، إذ كان الحب مزيجاً بالاحترام والتعظيم، فلم يعهد من أي أبٍ في العالم ما شوهد من رسول الله تجاه السيدة فاطمة الزهراء.

ولم يكن ذلك منبعثاً من العاطفة الأبوية فحسب، بل كان الرسول ينظر إلى ابنته بنظر الإكبار والإجلال؛ وذلك لما كانت تتمتّع به السيدة فاطمة من المواهب والمزايا والفضائل، ولعلّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان مأموراً باحترامها وتجليلها، فما كان يَدَعُ فرصةً أو مناسبةً تمرّ به إلاّ وينوّه بعظمة ابنته، ويشهد بمواهبها ومكانتها السامية عند الله تعالى وعند رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

مع العلم أنّه لم يُسمع من الرسول ذلك الثناء المتواصل الرفيع

١٨٥

ولا معشاره في حق بقيّة بناته.

ولم يكن ثناؤه عليها اندفاعاً للعاطفة والحُبِّ النفسي فقط، بل ما كان يسع له السكوت عن فضائل ابنته ودرجتها السامية عند الله تعالى. ولو لم يكن لها عند الله تعالى فضل عظيم لم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفعل معها ذلك؛ إذ كانت ولده وقد أمر الله بتعظيم الولد للوالد، ولا يجوز أن يفعل معها ذلك، وهو بضدّ ما أمر به أُمَّته عن الله تعالى.

وكان ذلك كلّه لأسباب منها:

كشفاً للحقيقة، وإظهاراً لمقام ابنته عند الله وعند الرسول، وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله يعلم ما سيجري على ابنته العزيزة من بعده من أنواع الظلم والاضطهاد والإيذاء وهتك الحرمة؛ ولهذا أراد الرسول أن يتمّ الحجّة على الناس، حتى لا يبقى لذي مقالٍ مقالٌ أو عذر، وإليك هذه الأحاديث التي تدل على ما كانت تتمتّع به السيدة فاطمة من المكانة في قلب الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

رُوي عن الإمام الصادق، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن السيدة فاطمةعليها‌السلام قالت: (لما نزلت: ( لا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً ) هبِتُ رسول الله أن أقول له: يا أبة. فجعلت أقول: يا رسول الله. فأقبل عليَّ فقال: يا فاطمة إنّها لم تنزل فيكِ ولا في أهلكِ ولا في نسلكِ، أنتِ منّي وأنا منك، إنّما نزلت في أهل الجفاء والبذخ والكبر من قريش، قولي: يا أبة؛ فإنّها أحيى للقلب وأرضى للرب، ثم قبَّل النبي جبهتي...)(1) .

أيضاً: عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة قالت: ما رأيت أحداً أشبه

____________________

(1) المناقب لابن المغازلي الشافعي ص 364.

١٨٦

كلاماً وحديثاً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من فاطمة، كانت إذا دخلت عليه رحَّب بها وقبَّل يديها وأجلسها في مجلسه، فإذا دخل عليها قامت إليه فرحَّبت به وقبّلت يديه... إلى آخره.

وسأل بزل الهروي الحسينَ بن روح قال: كم بنات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قال: أربع.

فقال: أيّتهن أفضل؟

قال: فاطمة.

قال: ولِمَ صارت أفضل وكانت أصغرهنّ سنّاً وأقلّهنّ صحبة لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

قال: لخصلتين خصّها الله بهما:

1 - أنّها ورثت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

2 - ونسل رسول الله منها، ولم يخصّها بذلك إلاّ بفضل إخلاصٍ عرفه من نيّتها.

وعن حذيفة قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا ينام حتى يقبّل عرض وجه فاطمة...(1) .

وعن ابن عمر: أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبَّل رأس فاطمة وقال: فداكِ أبوكِ، كما كنت فكوني(2) .

وفي روايةٍ: فداكِ أبي وأُمّي(3) .

وعن عائشة: قبَّل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نحر فاطمة.

____________________

(1) و (2) مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي ص 66.

(3) مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري الشافعي ج3 ص 165.

١٨٧

وفي رواية: فقلت: يا رسول الله فعلتَ شيئاً لم تفعله؟

فقال: يا عائشة إني إذا اشتقتُ إلى الجنّة قبّلت نحر فاطمة(1) .

وعن عائشة قالت: كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا قدم من سفر قبَّل نحر فاطمة وقال: منها أشمّ رائحة الجنّة(2) .

أقول: قد ذكرنا شيئاً من هذه الأحاديث في أوائل الكتاب.

وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: (رائحة الأنبياء: رائحة السفرجل، ورائحة الحور العين: رائحة الآس، ورائحة الملائكة: رائحة الورد، ورائحة ابنتي فاطمة الزهراء: رائحة السفرجل والآس والورد)(3) .

وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: (... ولو كان الحُسن شخصاً لكان فاطمة، بل هي أعظم، إنّ ابنتي فاطمة خير أهل الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً)(4) .

وعن الإمام الحسين بن عليعليهما‌السلام ، عن جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: (فاطمة بهجة قلبي، وابناها ثمرة فؤادي، وبعلها نور بَصري، والأئمّة من ولدها أُمناء ربّي، وحبله الممدود بينه وبين خَلقه، مَن اعتصم به نجا، ومَن تخلّف عنه هوى)(5) .

وروي أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ناول الزهراء ماءاً، فشربت فقال لها: (هنيئاً مريئاً يا أُمَّ الأبرار الطاهرين) إلى آخر الحديث(6) .

____________________

(1) ذخائر العقبى للمحب الطبري ص 36، وسيلة المآل للحضرمي ص 79 طبعة المكتبة الظاهرية بدمشق.

(2) ينابيع المودَّة للقندوزي الحنفي ص 260.

(3) بحار الأنوار، كتاب الأطعمة والأشربة، باب السفرجل.

(4) فرائد السمطين للجويني الشافعي ج 2 ص 68.

(5) فرائد السمطين للجويني الشافعي ج 2 ص 66.

(6) بحار الأنوار ج 76 ص 67.

١٨٨

وعن فاطمة الزهراءعليها‌السلام قالت: قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (ألا أُبشِّرك؟ إذا أراد الله أن يتحف زوجة وليِّه في الجنّة، بعث إليك تبعثين إليها من حُليِّك)(1) .

وبهذه الأحاديث الآتية - الصحيحة عند الفريقين - يمكن لنا أن نطّلع على المزيد من الأسباب والعلل التي كوَّنت في سيّدة نساء العالمين تلك القداسة والعظمة والجلالة:

1 - قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أفضل نساء أهل الجنّة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم (امرأة فرعون) ومريم بنت عمران(2).

2 - وقال أيضاً: خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد(3) .

3 - وقال أيضاً: حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون(4) .

هذه أحاديث ثلاثة تصرِّح بتفضيل هذه السيّدات الأربع على سائر

____________________

(1) دلائل الإمامة ص 2.

(2) مسند أحمد بن حنبل ج 1 ص 293، الاستيعاب لابن عبد البر الأندلسي ج 2 ص 750 في ترجمة السيدة خديجة، مستدرك الصحيحين للحاكم ج 3 ص 160، الاعتقاد للحافظ البيهقي ص 165، تاريخ الإسلام للذهبي ج 3 ص 92 أسد الغابة لابن الأثير الجزري ج 5 ص 437 وغيرها.

(3) المصدر السابق.

(4) الاستيعاب، لابن عبد البر الأندلسي ج 2 ص 750، مشكل الآثار للطحاوي ج 1 ص 48، مستدرك الصحيحين للحاكم ج 3 ص 157، معالم التنزيل للحافظ البغوي الشافعي ج 1 ص 291 وغيرها.

١٨٩

نساء العالم، إلاّ أنّها لا تصرِّح ببيان الأفضل من تلك الأربع، ولكنّ الأحاديث المتواترة المعتبرة تصرِّح بتفضيل السيدة فاطمة الزهراء عليهنّ وعلى غيرهن.

ونحن لا نشك في ذلك، بل نعتبره من الأمور المسلَّمة المتفق عليها؛ لأنّها بضعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا نعدل بها أحداً.

ولم ننفرد بهذه الحقيقة، بل وافقنا على ذلك الكثير الكثير من العلماء والمحدّثين المنصفين، من المتقدّمين منهم والمتأخّرين والمعاصرين، بل صرَّح بذلك بعضهم، وإليك بعض أقوال أُولئك الأعلام:

عن مسروق قال: حدثتني عائشة أُم المؤمنين قالت: إنا كنّا أزواج النبي عنده لم تغادر منا واحدة، فأقبلت فاطمة تمشي، لا والله ما تخفي مشيتُها من مشية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا رآها رحَّب بها وقال: مرحباً بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارّها(1) فبكت بكاءً شديداً، فلمّا رأى حزنها سارّها الثانية! فإذا هي تضحك، فقلت لها - أنا من بين نسائه -: خصّكِ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالسرّ من بيننا، ثم أنتِ تبكين؟

فلما قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سألتها: عمّا سارّك؟

قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله سرَّه. فلمّا توفّي قلت لها: عزمتُ عليك بما لي عليك من الحق (!!) لما أخبرتيني!

قالت: أما الآن فنعم، فأخبرتني قالت: سارَّني في الأمر الأول فإنّه أخبرني أنّ جبرائيل كان يعارضه (القرآن) كل سنة(2) وأنّه قد عارضني به

____________________

(1) أي: أسرّ إليها.

(2) هكذا وجدنا في المتن، والأصح: يعارضني، كما في مصادر أُخرى.

١٩٠

العام مرّتين، ولا أرى الأجل إلاَّ قد اقترب، فاتقي الله واصبري فإنّي نعم السلف أنا لك، قالت: فبكيت بكائي الذي رأيتِ، فلما رأى جزعي سارَّني الثانية قال: يا فاطمة ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء المؤمنين أو سيّدة نساء هذه الأُمّة؟(1) .

وفي رواية البغوي في (مصابيح السنة): ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء العالمين وسيّدة نساء هذه الأُمّة، وسيّدة نساء المؤمنين؟

والأحاديث التي تصرّح بسيادتها وتفضيلها على نساء العالمين كثيرة جدّاً، وجُلّها مرويّة عن: عائشة، وعن عمران بن حصين، وعن جابر بن سمرة، وعن ابن عباس، وأبي بريدة الأسلمي، وغيرهم، وقد روى البخارى هذا الحديث في الجزء الرابع ص 203 من صحيحه، وعدد كثير من علماء العامّة كالقسطلاني والقندوزي والمتقي والهيثمي والنّسائي والطحاوي، وغيرهم ممّن يطول الكلام بذكرهم.

ولقد ورد هذا الحديث بطرق عديدة، وفي بعضها: أنّ سبب ضحكها هو إخبار النبي لها بأنّها أوّل أهل بيته لحوقاً به، وفي بعضها أنّ سبب ضحكها أو تبسّمها هو إخبار النبي لها أنّها سيّدة نساء العالمين.

ولكن روى أحمد بن حنبل حديثاً يجمع بين هاتين الطائفتين من الأحاديث: بإسناده عن عائشة قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأنّ مشيتها مشية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: مرحباً بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم أنّه أسرَّ إليها حديثاً فبكت، ثم أسرَّ إليها حديثاً

____________________

(1) طبقات ابن سعد ج 2، ورواه باختلاف يسير كل من: مسلم في صحيحه ج 7 ص 142، والبلاذري في أنساب الأشراف ص 552، والسيوطي في الخصائص ص 34 والحافظ البيهقي في الاعتقاد ص 125، والطبري في ذخائر العقبى ص 39، وسبط ابن الجوزي في التذكرة ص 319، وغيرهم.

١٩١

فضحكت، فقلت: ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن، فسألتُها عمّا قال؟ فقالت: ما كنت لأفشي سرَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

حتى إذا قُبض النبي سألتها؟

فقالت: إنّه أسرّ إليّ فقال: إنّ جبرئيل كان يعارضني بالقرآن في كل عام مرّة، وإنّه عارضني به العام مرّتين، ولا أراه إلاَّ قد حضر أجلي، وإنّكِ أوّل أهلي لحوقاً بي ونعم السلف أنا لكِ، فبكيتُ لذلك، ثم قال: ألا ترضين أن تكوني سيّدة نساء هذه الأُمّة أو نساء المؤمنين؟

قالت: فضحكتُ لذلك(1) .

وقد روى البخاري في صحيحه ج 5 ص 21 و 29: إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: فاطمة بضعة منّي، فمَن أغضبها فقد أغضبني.

وروى البخاري عن أبي الوليد: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: فاطمة بضعة منّي مَن آذاها فقد آذاني.

وقد ورد هذا الحديث بألفاظ متنوّعة ومعاني متّحدة كقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

فاطمة بضعة منّي، يؤذيني ما آذاها، ويغضبني ما أغضبها.

فاطمة بضعة منّي، يقبضني ما يقبضها، ويبسطني ما يبسطها (2) .

فاطمة شجنة منّي (3) ، فاطمة مضغة منّي فمَن آذاها فقد آذاني.

فاطمة مضغة منّي، يسرّني ما يسرّها.

يا فاطمة إنّ الله يغضب لغضبكِ ويرضى لرضاكِ.

____________________

(1) مسند أحمد ج 6 ص 282.

(2) أي: يسرّني ما يسرّها؛ لأنّ الإنسان إذا سرّ انبسط وجهه.

(3) الشجنة أي: القطعة والبضعة.

١٩٢

فمَن عرف هذه فقد عرفها، ومَن لم يعرفها فهي بضعة منّي.

هي قلبي وروحي التي بين جنبيّ، فمَن آذاها فقد آذاني، ومَن آذاني فقد آذى الله.

إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها.

وقد روى هذه الأحاديث أكثر من خمسين رجلاً من رجال الحديث والسنن، كأحمد بن حنبل، والبخاري، وابن ماجة، والسجستاني، والترمذي، والنسائي، وأبو الفرج، والنيسابوري، وأبو نعيم، والبيهقي، والخوارزمي، وابن عساكر، والبغوي، وابن الجوزي، وابن الأثير، وابن أبي الحديد، والسيوطي، وابن حجر، والبلاذري، وغيرهم ممّن يعسر إحصاؤهم، وقد ذكرنا شيئاً من تلك الأحاديث مع مصادرها في أوائل الكتاب.

وقد وقعت هذه الأحاديث موقع الرضا والقبول من الصحابة والتابعين؛ لتواترها وصحّة أسنادها وشهرتها في الملإ الإسلامي.

أمّا الصحابة فلنا في المستقبل مجال واسع لاعتراف بعضهم بصحّة هذا الحديث وسماعه من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وأمّا التابعون فقد روى أبو الفرج في الأغاني ج 8 ص 307 بإسناده قال: دخل عبد الله بن حسن على عمر بن عبد العزيز، وهو حديث السن وله وفرة، فرفع مجلسه، وأقبل عليه وقضى حوائجه، ثم أخذ عُكنة من عُكنه(1) فغمز (بطنه) حتى أوجعه وقال له: اذكرها عندك للشفاعة.

فلما خرج (عبد الله بن حسن) لامه أهله(2) وقالوا: فعلتَ هذا بغلام حديث السن، فقال: إنّ الثقة حدثني حتى كأنّي اسمعه من فيّ رسول

____________________

(1) العكنة - بضم العين - اللحم المنثني من البطن.

(2) أي: لام الناس عمر بن عبد العزيز.

١٩٣

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (1) قال: (إنّما فاطمة بضعة منّي يسرّني ما يسرّها) وأنا أعلم أنّ فاطمة لو كانت حيَّة لسرّها ما فعلت بابنها.

قالوا: فما معنى غمزك بطنه وقولك ما قلت؟

قال: إنّه ليس أحد من بني هاشم إلاَّ وله شفاعة، فرجوت أن أكون في شفاعة هذا.

قال السمهودي - بعد إيراده حديث: فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ويريبني ما أرابها -: فمَن آذى شخصاً من أولاد فاطمة أو أبغضه جعل نفسه عُرضة لهذا الخطر العظيم، وبضدّه (وبالعكس) مَن تعرَّض لمرضاتها في حبّهم وإكرامهم.

وقال السهيلي: هذا الحديث يدل على أنّ مَن سبّها كفر، ومَن صلَّى عليها فقد صلَّى على أبيها، واستنبط أنّ أولادها مثلها لأنّهم بضعة مثلها، وفكّ الفرع من أصله هو فكّ الشيء من نفسه وهو غير ممكن ومحال، باعتبار أنّ ذلك الفرع هو الشخص المعمول من مادة ذلك الأصل ونتيجته المتولّدة منه. انتهى كلامه.

أقول: لعلّ المقصود من الخطر العظيم الذي ذكره السمهودي هو إشارة إلى قوله تعالى:( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً ) وقوله:( وَالّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .

أيها القارئ الذكي: بعد الانتباه إلى هذه الآيات، وبعد الإمعان والتدبّر في هذه الأحاديث والروايات ما تقول فيمَن آذى فاطمة الزهراء؟!!

أعود إلى حديثي عن مدى حبّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

____________________

(1) أي: من فم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١٩٤

لابنته السيدة فاطمة الزهراء:

من الصعب إحصاء الأحاديث التي تصرّح بأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أراد سفراً كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمةعليها‌السلام وأول مَن يدخل عليها - بعد رجوعه من السفر - فاطمة(1) .

كانصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا رجع من سفره دخل على ابنته فاطمة أوّلاً، ثم ذهب إلى داره والتقى بزوجاته(2) .

إنّه كان يفضّل الزهراء على زوجاته ونسائه؛ وما ذاك إلاّ لأنّ الله فضّلها عليهنّ وعلى نساء العالمين.

فقدم من غزاة، وقد علَّقت مسحاً أو ستراً على بابها، وحلَّت(3) الحسن والحسين قلبين من فضّة، فقدم ولم يدخل، فظنّت أنّ ما منعه أن يدخل دارها ما رأى، فهتكت الستر، وفكَّت القلبين من الصَّبيين، وقطعته منهما، ودفعته إليهما، فانطلقا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهما يبكيان، فأخذه منهما فقال: يا ثوبان اذهب بهذا إلى فلان، إنّ هؤلاء أهلي أكره أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا، يا ثوبان(4) اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج.

روى هذا الحديث الخطيب العمري في (مشكاة المصابيح)، والطبري في (ذخائر العقبى)، والنويري في (نهاية الارب)، والقندوزي في (ينابيع المودّة)، والطبراني في (المعجم الكبير)، والزبيدي في (إتحاف السادة)، وغيرهم.

____________________

(1) السُنن الكبرى للبيهقي ج 1 ص 26، ذخائر العقبى للطبري ص 37، مستدرك الصحيحين للحاكم ج 3 ص 156 وغيرها.

(2) الاستيعاب للأندلسي ج 2 ص 750، مستدرك الصحيحين ج 3 ص 155.

(3) حلَّت - من التحلية - وهي التجميل ولبس الحلي. قلبين - تثنية قلب - وهو السوار.

(4) ثوبان: اسم غلام.

١٩٥

وقد روى هذا الحديث من علمائنا: الشيخ الكليني في (الكافي)، والطبرسي في (مكارم الأخلاق) أكثر تفصيلاً وتوضيحاً مع اختلاف يسير:

عن زرارة عن أبي جعفر (الباقر)عليه‌السلام قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أراد سفراً سلَّم على مَن أراد التسليم عليه من أهله، ثم يكون آخر مَن يسلّم عليه فاطمةعليها‌السلام فيكون وجهه إلى سفره من بيتها، وإذا رجع بدأ بها (أي يزورها قبل كل أحد) فسافر مرَّة، وقد أصاب عليعليه‌السلام شيئاً من الغنيمة فدفعه إلى فاطمة فخرج، فأخذت سوارين من فضّة، وعلَّقت على بابها ستراً، فلمّا قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخل المسجد، فتوجَّه نحو بيت فاطمة كما كان يصنع، فقامت فرحة إلى أبيها صبابة وشوقاً إليه، فنظر فإذا في يدها سواران من فضّة وإذا على بابها ستر، فقعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث ينظر إليها، فبكت فاطمة وحزنت وقالت: ما صنع هذا بي قبلها.

فدعت ابنيها، فنزعت الستر عن بابها، وخلعت السوارين من يديها، ثم دفعت السوارين إلى أحدهما والستر إلى الآخر ثم قالت لهما: انطلقا إلى أبي، فأقرئاه السلام وقولا له: ما أحدثنا بعدك غير هذا، فشأنك به. فجاءاه، فأبلغاه ذلك عن أُمّهما، فقبّلهما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتزمهما وأقعد كل واحد منهما على فخذه، ثم أمر بذينك السوارين فكسّرا فجعلهما قطعاً، ثم دعا أهل الصُّفة، وهم قوم من المهاجرين، لم يكن لهم منازل ولا أموال فقسّمه بينهم قِطَعا... إلى آخره.

إنّ هذا الحديث الذي تراه مشهوراً عند الفريقين، مرويّاً بطرق عديدة لعلّه يحتاج إلى شرح وتعليق، مع العلم أنّ رواة هذا الحديث لم يتطرّقوا إلى

١٩٦

شرح ما يلزم:

أقول: ليس المقصود من هذا الستر هو الستر المرخى على مدخل البيت عند فتح باب البيت؛ لأنّ هذا أمر مستحب للمبالغة على التستّر والحجاب، وحاشا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يغضب من سترٍ قد عُلّق على مدخل بيت فاطمة.

بل المقصود أنّ السيدة فاطمةعليها‌السلام كانت قد علَّقت على باب البيت (لا مدخل البيت) ستراً يستر الباب الخشبي، للزينة، المسمَّى في زماننا بـ (الديكور) تجمّلاً أو تجميلاً للباب، وبعبارة أخرى: ألبست الباب ثوباً - أي ستراً - وليس هذا بحرام، بل لأنّه لا يتفق مع التزهّد أو الزهد المطلوب من آل محمدعليهم‌السلام والمواساة المترقّبة المتوقّعة منهم، ونفس هذا الكلام يأتي في موضوع السوار والقلادة.

وبناءً على صحّة هذا الحديث كان الأفضل للسيّدة الزهراءعليها‌السلام أن تنفق ذلك الستر في سبيل الله بسبب الحاجة الماسَّة إليه، لكثرة الفقراء، وشدَّة الفقر المدقع عند فقراء المهاجرين ومن باب المواساة والإيثار.

وروى ابن شاهين في (مناقب فاطمة) عن أبي هريرة وثوبان هذا الحديث مع تغيير يسير، إلى أن قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : - بعدما دفعت الزهراء الستر والسوار إلى أبيها -: فعلت، فداها أبوها - ثلاث مرات - ما لآل محمد وللدنيا؟ فإنّهم خُلقوا للآخرة، وخُلقت الدنيا لهم.

وفي رواية أحمد بن حنبل: فإنّ هؤلاء أهل بيتي، ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا.

ويستفاد من هذا التعليل أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يحب أن ينقص حظ ابنته فاطمة الزهراء من الأجر والثواب في الآخرة؛

١٩٧

لأنّ مرارة الحياة وخشونة العيش في الدنيا لهما تعويض في الآخرة.

وبهذا الحديث الآتي يتضح ما قلنا:

عن تفسير الثعلبي، عن الإمام جعفر بن محمدعليه‌السلام وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قالا: رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة وعليها كساء من أجلّة الإبل، وهي تطحن بيديها، وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة.

فقالت: يا رسول الله الحمد لله على نعمائه، والشكر لله على آلائه.

فانزل الله: ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ ) (1) .

____________________

(1) بحار الأنوار ج 43.

١٩٨

زُهْدُهَا وَإنفَاقُهَا في سَبيل الله

كانت السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام على جانب كبير من الزهد، ومعنى الزهد: التخلّي عن الشيء وتركه وعدم الرغبة فيه، وكلّما ازداد الإنسان شوقاً إلى الآخرة ازداد زهداً في الدنيا، وكلّما عظمت الآخرة في نفس الإنسان صغرت الدنيا في عينيه وهانت، وهكذا كلّما ازداد الإنسان عقلاً وعلماً وإيماناً بالله ازداد تحقيراً واستخفافاً لملّذات الحياة.

أرأيت الأطفال كيف يلعبون، ويفرحون، ويحزنون ويتسابقون ويتنازعون على أشياء تافهة يلعبون بها، فإذا نضجت عقولهم وتفتّحت مشاعرهم تراهم يبتعدون عن تلك الألاعيب، ويستنكفون من التنازل إلى ذلك المستوى ويعتبرونه منافياً للوقار، ومُخلاًّ للشخصية، كل هذا بسبب تطوُّر مداركهم، وانتقالهم من دور الصبا إلى مرحلة الرجولة والنضج.

نعم، هكذا كان أولياء الله، كانوا ينظرون إلى حطام الدنيا نظرة تحقير واستهانة، ولا تتعلّق قلوبهم بحب الدنيا وما فيها، ولا يحبّون الدنيا للدنيا، بل يحبّون الدنيا للآخرة، يحبّون البقاء في الدنيا ليعبدوا الله تعالى، يريدون المال لينفقوه في سبيل الله عزّ وجل، لإشباع البطون الجائعة وإكساء الأبدان العارية وإغاثة الملهوف وإعانة المضطر.

بعد هذه المقدّمة يسهل عليك أن تدرك أُسس الزهد عند السيدة فاطمة الزهراءعليها‌السلام فهي عرفت الحياة الدنيوية، وأدركت الحياة الأخروية، فلا عجب إذا قنعت باليسير اليسير من متاع الحياة، واختارت

١٩٩

لنفسها فضيلة المواساة والإيثار، وهانت عليها الثروة، وكرهت الترف والسرف.

فلا غرو، فهي بنت أزهد الزهّاد، وحياتها العقائدية ملازمة للزهد وحياتها الاجتماعية أيضاً تتطلّب منها الزهد، فهي أولى الناس بالسير على منهاج أبيها الرسول الزاهد العظيمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وحياتها الزوجية تبلورت بالزهد والقناعة، فلقد كان زوجها الإمام عليعليه‌السلام أوّل الناس وأكثرهم إتباعاً للرسول في زهده، ولم يشهد التاريخ الإسلامي رجلاً من هذه الأُمّة أكثر زهداً من علي بن أبي طالبعليه‌السلام .

وهو الذي كان يخاطب الذهب والفضّة بقوله: يا صفراء يا بيضاء غرّي غيري. وقد أمر عليعليه‌السلام لأعرابي بألف. فقال الوكيل: من ذهب أو فضّة؟ فقال علي: كلاهما عندي حَجَران، فأعطوا الأعرابي أنفعهما له. وقد ذكرنا بعض ما يتعلق بهذا الموضوع في كتابنا: (علي من المهد إلى اللحد ) وإنّما تطرّقنا هنا إلى زهد عليعليه‌السلام بمناسبة حديثنا عن زهد السيدة فاطمة الزهراء، وقد مرّ عليك - فيما مضى - بعض الأحاديث عن زهدها وإنفاقها في سبيل الله في باب زواجها ونزول سورة هل أتى وغيرهما، وإليك نبذة من الأحاديث التي تشير إلى نفس الموضوع:

في السادس من البحار عن كتاب (بشارة المصطفى)، عن الإمام الصادق، عن أبيهعليهما‌السلام ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال:

صلَّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلاة العصر، فلمّا

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

المجذوم فرارك من الاسد(١) ، وكره البول على شط نهر جاري، وكره أن يحدث الرجل تحت شجرة قد أينعت يعني أثمرت، وكره أن يتنعل الرجل وهو قائم، وكره أن يدخل الرجل البيت المظلم إلا أن يكون بين يديه نار، وكره النفخ في موضع الصلاة.

صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة

١٠ - أخبرني أبوالقاسم عبدالله بن أحمد الفقيه ببلخ فيما أجازه لي قال: حدثنا أبوحرب قال: حدثنا محمد بن أحيد، عن ابن أبي عيسى الحافظ قال: أخبرنا أبوالقاسم محمد بن إبراهيم(٢) قال: حدثنا ابن بكير قال: حدثنا الليث، عن ابن الهاد(٣) ، عن عبدالله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري قال: إن رسول الله صلّى الله عليه واله قال: صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بخمس وعشرين درجة.

وقال أبي رضي الله عنه في رسالته إلي: لصلاة الرجل في جماعة على صلاة الرجل وحده خمس وعشرين درجة في الجنة.

______________

(١) هذا لا ينافي قوله صلّى الله عليه وآله « لا عدوى ولا طيرة ولا هامة » لان المراد به نفى ما يعتقدونه من أن تلك العلل المعدية مؤثرة بنفسها مستقلة في التأثير، فأعلمهم صلّى الله عليه وآله أن الامر ليس كذلك وانما هو بمشيئة الله تعالى وفعله والحاصل أن العدوى ليست علة تامة وقضية كلية بل قضية مهملة وعلة ناقصة قد يتخلف، ولا يدعى الاطباء كليتها كما قاله استاذنا الشعرانى.

(٢) محمد بن ابراهيم هو البوشنجى أبوعبدالله الفقيه الاديب ذكره ابن حبان في الثقات، واما أبوحرب ومحمد بن أحيد وابن أبى عيسى الحافظ فلم أجدهم وفى بعض النسخ « محمد ابن أحمد ». والخبر رواه الحاكم في المستدرك ج ١ ص ٢٠٨ باسناده عن عطاء بن يزيد عن أبى سعيد بزيادة.

(٣) هو يزيد بن عبدالله بن اسامة بن الهاد الليثى ذكره ابن حبان في الثقات يروى عن عبدالله بن خباب الانصاري النجارى مولاهم وثقه النسائي وأبو حاتم. وروى عنه ليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمى وهو ثقة يروى عنه يحيى بن عبدالله بن بكير وقال ابن حجر: ثقة في الليث.

٥٢١

في الصلاة تسع وعشرون خصلة

١١ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمد قال: حدثنا جعفر(١) ، عن أبان الاحمر قال: حدثنا الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن ضمرة بن حبيب، قال: سئل النبي صلّى الله عليه واله عن الصلاة، فقال عليه السلام: الصلاة من شرايع الدين، وفيها مرضات الرب عزّوجلّ، وهي منهاج الانبياء، وللمصلي حب الملائكة، وهدى وإيمان، ونور المعرفة، وبركة في الرزق، وراحة للبدن، وكراهة للشيطان، وسلاح على الكافر، وإجابة للدعاء، وقبول للاعمال، وزاد للمؤمن من الدنيا إلى الآخرة، وشفيع بينه وبين ملك الموت، وانس في قبره، وفراش تحت جنبه، وجواب لمنكر ونكير، وتكون صلاة العبد عند المحشر تاجا على رأسه ونورا على وجهه، ولباسا على بدنه، وسترا بينه وبين النار، وحجة بينه وبين الرب جل جلاله، ونجاة لبدنه من النار، وجوازا على الصراط، ومفتاحا للجنة، و مهورا لحور العين، وثمنا للجنة، بالصلاة يبلغ العبد إلى الدرجة العليا لان الصلاة تسبيح وتهليل وتحميد وتكبير وتمجيد وتقديس وقول ودعوة.

في العلم تسع وعشرون خصلة

١٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمد بن عيسى ابن عبيد اليقطيني قال: حدثنا جماعة من أصحابنا رفعوه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة، ومدراسته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لاهله قربة، لانه معالم الحلال و الحرام، وسالك بطالبه سبيل الجنة، وهو أنيس في الوحشة، وصاحب في الوحدة، و دليل على السراء والضراء، وسلاح على الاعداء، وزين للاخلاء، يرفع الله به أقواما

______________

(١) يعنى جعفر بن سماعة وهو ثقة من أصحاب الكاظم عليه السلام وراويه المنذر بن محمد بن سعيد بن الجهم القابوسي ثقة من أصحابنا كما في (صه وجش).

٥٢٢

يجعلهم في الخير أئمة يقتدى بهم، ترمق أعمالهم، وتقتبس آثارهم، وترغب الملائكة في خلتهم، يمسحونهم في صلاتهم بأجنحتهم، ويستغفر لهم كل شئ حتى حيتان البحور وهوامها، وسباع البر وأنعامها، لان العلم حياة القلوب، ونور الابصار من العمى، وقوة الابدان من الضعف، ينزل الله حامله منازل الاخيار، ويمنحه مجالس الابرار في الدنيا والآخرة، بالعلم يطاع الله ويعبد، وبالعلم يعرف الله ويؤخذ، وبالعلم توصل الارحام، وبه يعرف الحلال والحرام، والعلم امام العمل والعمل تابعه، يلهمه الله السعداء ويحرمه الاشقياء.

الخصال التى سأل عنها ابو ذر رحمه الله رسول الله صلّى الله عليه وآله

١٣ - حدثنا أبوالحسن علي بن عبدالله بن أحمد الاسواري المذكر قال: حدثنا أبويوسف أحمد بن محمد بن قيس السجزي المذكر قال: حدثنا أبوالحسن عمر ابن حفص قال: حدثني أبومحمد عبيدالله بن محمد بن أسد ببغداد(١) قال: حدثنا الحسين ابن إبراهيم أبوعلي قال: حدثنا يحيى بن سعيد البصري(٢) قال: حدثني ابن جريج عن عطاء، عن عبيد بن عمير الليثي، عن أبي ذر رحمة الله عليه قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وهو جالس في المسجد وحده، فاغتنمت خلوته فقال لي: يا أبا ذر للمسجد تحية، قلت: وما تحيته؟ قال: ركعتان تركعهما، فقلت: يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال: خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر، قلت: يا رسول الله أي الاعمال أحب إلى الله عزّوجلّ؟ فقال: إيمان بالله، وجهاد في سبيله(٣) قلت: فأي [ وقت ] الليل أفضل؟ قال: جوف الليل الغابر، قلت: فأي

______________

(١) كذا في المعاني والبحار وفى بعض النسخ « عبدالله بن سعد بن أسد » ولم أجده. وعمر بن حفص الظاهر هو الشيباني البصري، صدوق.

(٢) هو يحيى بن سعيد بن فروخ القطان.

(٣) زاد في المعاني « قلت: أي المؤمنين أكمل ايمانا؟ قال: أحسنهم خلقا، قلت: وأى المؤمنين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون من لسانه ويده » وزاد في البحار على المعاني: « قلت: وأى الهجرة أفضل؟ قال: من هجر السوء ».

٥٢٣

الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت، قلت: وأي الصدقة أفضل؟ قال: جهد من مقل إلى فقير ذي سن(١) ، قلت: ما الصوم؟ قال: فرض مجزي وعند الله أضعاف كثيرة، قلت: فأي الرقاب أفضل؟ قال: أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها، قلت: فأي الجهاد أفضل قال: من عقر جواده واهريق دمه، قلت: فأي آية أنزلها الله عليك أعظم؟ قال: آية الكرسي.

ثم قال: يا أبا ذر ما السماوات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة في أرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة، قلت: يا رسول الله كم النبيون؟ قال: مائة ألف وأربعة وعشرون ألف نبي، قلت: كم المرسلون منهم؟ قال: ثلاثمائة وثلاثة عشر جماء غفيراء(٢) قلت: من كان أول الانبياء؟ قال: آدم، قلت: وكان من الانبياء مرسلا، قال: نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه.

ثم قال صلّى الله عليه واله: يا أبا ذر أربعة من الانبياء سريانيون: آدم وشيث واخنوخ، وهو إدريس عليهم السلام - وهو أول من خط بالقلم - ونوح عليه السلام. وأربعة من الانبياء من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيك محمد. وأول نبي من بني إسرائيل موسى، وآخرهم عيسى، وستمائة نبي، قلت: يا رسول الله كم أنزل الله من كتاب؟ قال: مائة كتاب وأربعة كتب، أنزل الله على شيث خمسين صحيفة، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة، وعلى إبراهيم عشرين صحيفة، وأنزل التوراة والانجيل والزبور والفرقان،

______________

(١) في البحار « إلى فقير ذى سر » والجهد: الطاقة وأقل الرجل صار إلى القلة وهى الفقر والهمزة للصيرورة، وربما يعبر بالقلة عن العدم فيقال: قليل الخير أي لا يكاد يفعله.

(٢) قال الجوهرى: جاؤوا جماء غفيراء - ممدودا - والجماء الغفير، وجم الغفير وجماء الغفير. أي جاؤوا بجماعتهم ولم يتخلف منهم أحد، وكانت فيهم كثرة. وقال: الجماء الغفير اسم وليس بفعل الا أنه تنصب المصادر التى هي في معناه كقولك جاؤوني جميعا وقاطبة وطرا وكافة، وأدخلوا فيه الالف واللام كما ادخلوا في قولهم: أوردها العراك أي أوردها عراكا.

٥٢٤

قلت: يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم؟ قال: كانت أمثالا كلها وكان فيها « أيها الملك المبتلى المغرور إنى لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها وإن كانت من كافر، وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن يكون له ساعات: ساعة يناجي فيها ربه عزّوجلّ، وساعة يحاسب نفسه، وساعة يتفكر فيما صنع الله عزّوجلّ إليه، وساعة يخلو فيها بحظ نفسه من الحلال، فإن هذه الساعة عون لتلك الساعات واستجمام للقلوب، و توزيع لها(١) ، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه، فإن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه، وعلى العاقل أن يكون طالبا لثلاث(٢) : مرمة لمعاش أو تزود لمعاد أو تلذذ في غير محرم ». قلت: يا رسول الله فما كانت صحف موسى؟ قال: كانت عبرانية كلها، وفيها « عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح، ولمن أيقن بالنار لم يضحك، ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها لم يطمئن إليها، ولمن يؤمن بالقدر كيف ينصب(٣) ولمن أيقن بالحساب لم لا يعمل ». قلت: يا رسول الله هل في أيدينا مما أنزل الله عليك شئ مما كان في صحف إبراهيم وموسى؟ قال: يا أبا ذر اقرأ( قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ ، وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّىٰ ، بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ، إِنَّ هَـٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ ، صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ) (٤) قلت: يا رسول الله: أوصني، قال: اوصيك بتقوى الله فإنه رأس الامر كله، قلت: زدني قال: عليك بتلاوة القرآن، وذكر الله كثيرا، فإنه ذكر لك في السماء، ونور

______________

(١) الاستجمام: التفريح يقال: استجم قلبى بشئ من اللهو أي أنى لا جعل قلبى يتفكه بشئ من اللهو. وقوله « وتوزيع لها » كذا في نسخ الخصال ولكن في معاني الاخبار ص ٣٣٤ « وتفريغ لها ».

(٢) في مجالس الشيخ الطوسى ج ٢ ص ١٥٣ « أن يكون ظاعنا لثلاث ».

(٣) أي يتعب نفسه بالجد والجهد، وفى بعض نسخ المعاني « لم يغضب » ولعله الاصح

(٤) الاعلى: ١٤ - ١٩، وقوله « ان هذا » أي هذه الآيات.

٥٢٥

لك في الارض، قلت: زدني، قال: عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشياطين، وعون لك على أمر دينك، قلت: زدني، قال: إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب و يذهب بنور الوجه، قلت: يا رسول الله زدني، قال: انظر إلى من هو تحتك ولا تنظر إلى من هو فوقك فانه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك، قلت: يا رسول الله زدني، قال: صل قرابتك وإن قطعوك،(١) قلت: زدني، قال: احب المساكين(٢) ومجالستهم، قلت: زدني، قال: قل الحق وإن كان مرا، قلت: زدني قال: لا تخف في الله لومة لائم، قلت: زدني، قال: ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك، ولا تجد عليهم(٣) فيما تأتي [ مثله ].

ثم قال: كفى بالمرء عيبا أن يكون فيه ثلاث خصال: يعرف من الناس ما يجهل من نفسه، ويستحيي لهم مما هو فيه، ويؤذي جليسه بما لا يعنيه، ثم قال عليه السلام: لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق(٤) .

______________

(١) من قوله « فانه يميت القلب » إلى هنا ليس في معاني الاخبار.

(٢) في المعاني « عليك بحب المساكين ».

(٣) أي لا تغضب عليهم.

(٤) رواه الشيخ - رحمة الله عليه - مرسلا في الامالى ج ٢ ص ١٥٢ ذيل حديث طويل رواه مسندا من حديث أبي ذر - رحمه الله -. ورواه جعفر بن احمد القمى في كتاب الغايات مختصرا كما في البحار.

٥٢٦

أبواب الثلاثين

وما فوقه للامام عليه السلام ثلاثون علامة

١ - حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه قال: أخبرنا أحمد بن - محمد بن سعيد الكوفي قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال، عن أبيه(١) ، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام قال: للامام علامات يكون أعلم الناس، وأحكم الناس،

______________

(١) قال النجاشي - رحمة الله عليه -: على بن الحسن بن على بن فضال أبوالحسن كان فقيه أصحابنا بالكوفة ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث والمسموع قوله فيه، سمع منه شيئا كثيرا، ولم يعثر له على زلة فيه، ولا ما يشينه، وقل ما روى عن ضعيف، وكان فطحيا، ولم يرو عن أبيه شيئا، وقال: كنت أقابله وسنى ثمان عشرة سنة بكتبه ولا أفهم إذ ذاك الروايات ولا أستحل أن أرويها عنه. وروى عن أخويه عن أبيهما وذكر أحمد بن - الحسين (يعنى ابن الغضائري) رحمه الله أنه رأى نسخة أخرجها أبوجعفر بن بابويه وقال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال حدثنا على بن الحسن بن فضال عن أبيه عن الرضا عليه السلام ولا يعرف الكوفيون هذه النسخة ولا رويت من غير هذا الطريق. وقد صنف كتبا كثيرة منها ما وقع الينا، ثم عد الكتب - الخ. وقال الفاضل المحقق التسترى: ويمكن الجمع بان على بن الحسن بن فضال كان لا يستحل ذلك أولا واستحله أخيرا لان أباه كان يقابل معه كتبه وذلك يكفى في الرواية لانها كالشهادة في كون العبرة فيها وقت الاداء لا التحمل فعدم فهمه يومئذ غير مضر وحينئذ فالكوفيون رأوا قوله الاول والقميون عمله الاخير. وقال الشهيد في موضع من المسالك في رواية « فيها قصور من حيث السند لان في طريقها على بن الحسن بن فضال وهو فطحى ». وعنونه ابن داود في قسم المجروحين ولكن الشيخ (ره) قال في الفهرست: « على بن الحسن بن فضال فطحى المذهب ثقة كوفى كثير العلم، واسع الرواية والاخبار، جيد التصانيف غير معاند، وكان قريب الامر إلى أصحابنا الامامية و القائلين بالاثنى عشر - اه ». أقول: ويحتمل على بعد سقوط « عن أخيه » من قلم النساخ في النسخة التى رآها ابن الغضائري.

٥٢٧

وأتقى الناس، وأحلم الناس، وأشجع الناس، وأسخى الناس، وأعبد الناس، ويولد مختونا، ويكون مطهرا، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه، ولا يكون له ظل، وإذا وقع على الارض من [ بطن ] امه وقع على راحتيه رافعا صوته بالشهادة، ولا يحتلم، وتنام عينه ولا ينام قلبه، ويكون محدثا ويستوي عليه درع رسول الله صلّى الله عليه واله، ولا يرى له بول ولا غائط لان الله عزّوجلّ قد وكل الارض بابتلاع ما يخرج منه، ويكون له رائحة أطيب من رائحة المسك، ويكون أولى الناس منهم بأنفسهم وأشفق عليهم من آبائهم، وامهاتهم، ويكون أشد الناس تواضعا لله عزّوجلّ، ويكون آخذ الناس بما يأمرهم به وأكف الناس عما ينهى عنه، ويكون دعاؤه مستجابا حتى لو أنه دعا على صخرة لانشقت نصفين، ويكون عنده سلاح رسول الله صلّى الله عليه واله وسيفه ذو الفقار، ويكون عنده صحيفة فيها أسماء شيعته إلى يوم القيامة وصحيفة فيها أسماء أعدائهم إلى يوم القيامة، ويكون عنده الجامعة وهي صحيفة طولها سبعون ذراعا فيها جميع ما يحتاج إليه ولد آدم، ويكون عنده الجفر الاكبر والاصغر إهاب - ماعز وإهاب كبش فيهما جميع العلوم حتى أرش الخدش وحتى الجلدة ونصف الجلدة وثلث الجلدة، ويكون عند مصحف فاطمة عليها السلام.

٢ - وفي حديث آخر إن الامام مؤيد بروح القدس وبينه وبين الله عزّوجلّ عمود من نور يرى فيه أعمال العباد وكلما احتاج إليه لدلالة اطلع عليه.

٣ - وقال الصادق عليه السلام: يبسط لنا فنعلم، ويقبض عنا فلا نعلم، والامام يولد ويلد، ويصح ويمرض، ويأكل ويشرب، ويبول ويتغوط، ويفرح ويحزن، ويضحك ويبكي، ويموت ويقبر، ويزاد فيعلم، ودلالته في خصلتين: في العلم و استجابة الدعوة، وكلما أخبر به من الحوادث التي تحدث قبل كونها كذلك بعهد معهود إليه من رسول الله صلّى الله عليه واله توارثه من آبائه عليهم السلام.

وكون ذلك مما عهده إليه جبرئيل عن علام الغيوب، وجميع الائمة الاحد عشر بعد النبي صلّى الله عليه واله قتلوا، منهم بالسيف، وهو أميرالمؤمنين والحسين عليهما السلام، والباقون عليهم السلام قتلوا بالسم، وجرى ذلك عليهم على الحقيقة والصحة، لا كما يقوله الغلاة

٥٢٨

والمفوضة لعنهم الله بأنهم يقولون: إنهم لم يقتلوا على الحقيقة، وإنما شبه للناس أمرهم، وكذبوا ما شبه أمر أحد من أنبياء الله وحججه على الناس إلا أمر عيسى ابن مريم عليهما السلام وحده لانه رفع من الارض حيا وقبض روحه بين السماء والارض، ثم رفع إلى السماء ورد عليه روحه، وذلك قول الله عزّوجلّ:( إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ) (١) وقال عزّوجلّ حكاية عما يقول عيسى يوم القيامة( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (٢) ويقول المتجاوزون للحد في أمر الائمة عليهم السلام: إنه إن جاز أن يشبه أمر عيسى للناس، فلم لا يجوز أن يشبه أمرهم أيضا؟ والذي يجب أن يقال لهم: إن عيسى هو مولود من غير أب فلم لا يجوز أن يكونوا مولودين من غير أب، وإنهم لا يجسرون على إظهار مذهبهم - لعنهم الله - في ذلك ومتى جاز أن يكون جميع أنبياء الله وحججه عليهم السلام مولودين من الآباء والامهات وكان عيسى من بينهم مولودا من غير أب جاز أن يشبه أمره للناس دون أمر غيره من الانبياء والحجج عليهم السلام كما جاز أن يولد من غير أب دونهم وإنما أراد الله عزّوجلّ: إن يجعل أمره آية وعلامة ليعلم بذلك أن الله على كل شئ قدير.

شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص أبدا

٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، وعبدالله بن جعفر الحميري، ومحمد بن يحيى العطار، وأحمد بن إدريس جميعا قالوا: حدثنا أحمد بن محمد ابن عيسى، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن معاذ بن كثير، ويقال له: معاذ بن مسلم الهراء،(٣) عن أبي عبدالله عليه السلام قال:

______________

(١) آل عمران: ٥٥.

(٢) المائدة: ١١٧.

(٣) كذا في الفقيه أيضا وذكر الرجاليون معاذ بن كثير تحت عنوان وقالوا: معاذ ابن كثير الكسائي من أصحاب الصادق عليه السلام وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين و =

٥٢٩

شهر رمضان ثلاثون يوما لا ينقص والله أبدا(١) .

٥ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم ابن هاشم، عن أبيه، عن ياسر الخادم قال: قلت للرضا عليه السلام: هل يكون شهر رمضان تسعة وعشرين يوما؟ فقال: إن شهر رمضان لا ينقص عن ثلاثين يوما.

٦ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبي الحسن علي بن الحسين الرقي(٢) عن عبدالله بن جبلة، عن معاوية بن عمار، عن الحسن بن عبدالله، عن أبائه، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلّى الله عليه واله فسأله أعلمهم عن مسائل فكان فيما سأله أن قال: لاي شئ فرض الله الصوم على امتك بالنهار ثلاثين يوما وفرض على الامم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلّى الله عليه واله: إن آدم لما

______________

= معاذ بن مسلم الهراء تحت عنوان آخر وقالوا معاذ بن مسلم الهراء الانصاري النحوي الكوفى وفى رجال ابن داود هومن اصحاب الباقر والصادق عليهما السلام ممدوح وعنونه العلامة في القسم الاول من الخلاصة ووثقه. أقول: ان كان قوله: « ويقال له معاذ بن مسلم الهراء » كلام حذيفة بن منصور كما هو ظاهر تعبير الصدوق - رحمه الله - فكان قوله باتحادهما مقدما على قول غيره، لكن الظاهر كونه من اجتهاد الصدوق (ره) لان الكليني رواه في الكافي ج ٤ ص ٧٩ عن معاذ بن كثير وليس فيه هذه الجملة، هذا وقد عنون السيوطي في طبقات النحاة « معاذ بن مسلم » وقال شيعي من رواة جعفر ومن اعيان النحاة، واول من وضع على الصرف وقول الكافيجى: ان واضعه معاذ بن جبل خطأ، ويقال له: الهراء لانه كان يبيع الثياب الهروية.

(١) عمل المصنف في الفقيه بتلك الاخبار: ومعظم الاصحاب على خلافه وردوا تلك الاخبار اما بضعف السند ومخالفة المحسوس والاخبار المستفيضة، أو حملوها على معان صحيحة راجع تحقيق ذلك في هامش الكافي ج ٤ ص ٨٩. وأيضا هامش الوافى المحشى بقلم استاذنا العلامة الميرزا أبوالحسن الشعرانى (مد ظله).

(٢) تقدم هذا السند ص ٣٤٦ وفيه كما في المتن وفى ص ٣٥٥ وفيه « أبوالحسن على بن الحسين البرقي » ولم أجده بكلا العنوانين.

٥٣٠

أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله عزّوجلّ على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش والذي يأكلونه تفضل من الله عزّوجلّ عليهم كذلك كان على آدم ففرض الله ذلك على امتي، ثم تلا رسول الله صلّى الله عليه واله هذه الاية( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ، أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ ) (١) قال اليهودي صدقت يا محمد.

٧ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن علي ابن حمزة، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله عزّوجلّ: « ولتكملوا العدة » قال: ثلاثين يوما(٢) .

٨ - حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنهما قالا: حدثنا سعد بن - عبدالله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن محمد ابن يعقوب بن شعيب، عن أبيه، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال في حديث طويل: شهر رمضان ثلاثون يوما لقول الله عزّوجلّ: « ولتكملوا العدة » والكاملة التامة.

٩ - حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا القطان، عن بكر بن عبدالله بن حبيب، عن تميم بن بهلول قال: حدثنا أبومعاوية، عن إسماعيل بن مهران قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول: والله ما كلف الله العباد إلا دون ما يطيقون، إنما كلفهم في اليوم والليلة خمس صلوات، وكلفهم في كل ألف درهم خمسة وعشرين درهما، وكلفهم في السنة صيام ثلاثين يوما، وكلفهم حجة واحدة، وهم يطيقون أكثر من ذلك.

قال مصنف هذا الكتاب رضي الله عنه: مذهب خواص الشيعة وأهل الاستبصار منهم في شهر رمضان أنه لا ينقص عن ثلاثين يوما أبدا، والاخبار في ذلك موافقة للكتاب ومخالفة للعامة فمن ذهب من ضعفة الشيعة إلى الاخبار التي وردت للتقية في

______________

(١) البقرة: ١٨٠.

(٢) كذا.

٥٣١

أنه ينقص ويصيبه ما يصيبه الشهور من النقصان والتمام اتقى كما تتقى العامة(١) ، ولم يكلم إلا بما يكلم به العامة، ولا قوة إلا بالله(٢) .

الفروج المحرمة في الكتاب والسنة على أربعة وثلاثين وجها

١٠ - حدثنا أبومحمد الحسن بن حمزة بن علي بن عبدالله بن محمد بن الحسن بن - الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: حدثنا محمد بن يزداد قال: حدثنا عبدالله بن أحمد بن محمد الكوفي قال: حدثنا أبوسعيد سهل بن صالح العباسي قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن الآملي قال: حدثني موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد عليهم السلام قال: سئل أبي عليه السلام عما حرم الله عزّوجلّ من الفروج في القرآن وعما حرمه رسول الله صلّى الله عليه واله في سنته فقال: الذي حرم الله عزّوجلّ أربعة وثلاثون وجها سبعة عشر في القرآن وسبعة عشر في السنة، فأما التي في القرآن فالزنا قال الله عزّوجلّ:( وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَىٰ ) (٣) ونكاح امرأة الاب قال الله عزّوجلّ:( وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ ) (٤) و( أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ

______________

(١) الظاهر أنهما على صيغة المجهول، وكذا « لم يكلم » كما في هامش الوافى.

(٢) هذه المسألة مما تعارض فيه ظاهر الاخبار، والحق أنه لا تعارض بين المتواتر والاحاد، وهذه الاخبار التى أورده المصنف من الشاذ النادر، والاخبار التى يعارضها من الاخبار لمتواترة التى عمل بها من الصدر الاول إلى زماننا هذا قاطبة أهل الاسلام والاستهلال والشهادة بالاهلة عمل جميع المسلمين في جميع الاعصار، وللشيخ الطوسى في رد قول المصنف ومن حذا حذوه كلام طويل الذيل أورده صاحب الوافى (في ابواب فرض الصوم باب ١٦) وفى هامشه بيان لاستاذنا الاجل الشعرانى (مد ظله) فليراجع.

(٣) الاسراء. ٣٢.

(٤) النساء: ٢٢.

٥٣٢

وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ) (١) والحائض حتى تطهر قال الله عزّوجلّ:( وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ) (٢) والنكاح في الاعتكاف قال الله عزّوجلّ:( وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ) (٣) .

وأما التي في السنة فالمواقعة في شهر رمضان نهارا، وتزويج الملاعنة بعد اللعان والتزويج في العدة، والمواقعة في الاحرام، والمحرم يتزوج أو يزوج، والمظاهر قبل أن يكفر، وتزويج المشركة، وتزويج الرجل امرأة قد طلقها للعدة تسع تطليقات، وتزوج الامة على الحرة، وتزويج الذمية على المسلمة، وتزويج المرأة على عمتها وخالتها، وتزويج الامة من غير إذن مولاها، وتزويج الامة على من يقدر على تزويج الحرة، والجارية من السبي قبل القسمة، والجارية المشتركة، والجارية المشتراة قبل أن يستبرئها، والمكاتبة التي قد أدت بعض المكاتبة.

فرض الله تبارك وتعالى على الناس من الجمعة إلى

الجمعة خمسا وثلاثين صلاة

١١ - حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إنما فرض الله عزّوجلّ من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة، فيها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة.

______________

(١) النساء ٢٣. وصدر الاية( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ - الاية) .

(٢) البقرة: ٢٢٢.

(٣) البقرة: ١٨٧.

٥٣٣

أبواب الاربعين

وما فوقه شارب الخمر لا تقبل صلاته أربعين يوما

١ - حدثنا محمد بن الحسن بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن معاوية بن حكيم، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الفضيل ابن يسار قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من شرب الخمر فسكر منها لم تقبل صلاته أربعين يوما، فان ترك الصلاة في هذه الايام ضوعف عليه العذاب لترك الصلاة، وفي خبر آخر إن شارب الخمر توقف صلاته بين السماء والارض، فإذا تاب ردت عليه.

الصوم على أربعين وجها

٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن القاسم بن محمد الاصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري قال: دخلت على علي بن الحسين عليهما السلام فقال لي: يا زهري من أين جئت؟ قلت: من المسجد، قال: فيم كنتم، قال: تذاكرنا أمر الصوم فأجمع رأيي ورأي أصحابي أنه ليس من الصوم شئ واجب إلا صوم شهر رمضان، فقال: يا زهري ليس كما قلتم إن الصوم على أربعين وجها فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وعشرة أوجه منها صيامهن حرام، وأربعة عشر وجها منها صاحبها فيها بالخيار إن شاء صام و إن شاء أفطر، وصوم الاذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الاباحة، وصوم السفر والمرض.

قلت: فسرهن لي جعلت فداك، قال: أما الواجب فصيام شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين لمن أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا، وصيام شهرين متتابعين في قتل الخطأ لمن لم يجد العتق واجب قال الله عزّوجلّ:( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير

٥٣٤

رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَىٰ أَهْلِهِ - إلى قوله -فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ) (١) وصيام شهرين متتابعين في كفارة الظهار لمن لم يجد العتق واجب قال الله تبارك وتعالى: و( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا وَإِنَّ اللَّـهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ ، وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ) (٢) وصيام ثلاثة أيام في كفارة اليمين واجب لمن لم يجد الاطعام قال الله تبارك وتعالى:( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَٰلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ) (٣) كل ذلك متتابع وليس بمتفرق، وصيام أذى الحلق حلق الرأس واجب قال الله تبارك وتعالى( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (٤) و صاحبها فيها بالخيار وإن صام صام ثلاثا، وصوم دم المتعة واجب لمن لم يجد الهدي قال الله تبارك وتعالى:( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) (٥) وصوم جزاء الصيد واجب قال الله تبارك وتعالى:( وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَٰلِكَ صِيَامًا ) (٦) ثم قال: أو تدري كيف يكون عدل ذلك صياما يا زهري؟ فقلت: لا أدري، قال: تقوم الصيد قيمة، ثم تفض تلك القيمة على البر، ثم يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما، وصوم النذر واجب وصوم الاعتكاف واجب.

وأما الصوم الحرام فصوم يوم الفطر ويوم الاضحى وثلاثة أيام من أيام التشريق(٧)

______________

(١) النساء: ٩٥.

(٢) المجادلة: ٢ و ٣. « يتماسا » أي يجامعا.

(٣) المائدة: ٨٩.

(٤) البقرة: ١٩٦ وقوله: « نسك » جمع نسيكة وهى الذبيحة.

(٥) البقرة: ١٩٦.

(٦) المائدة: ٩٥.

(٧) لمن كان بمنى ناسكا.

٥٣٥

وصوم يوم الشك امرنا به ونهينا عنه، امرنا أن نصومه مع شعبان، ونهينا أن ينفرد الرجل بصيامه(١) في اليوم الذي يشك فيه الناس، قلت: جعلت فداك فإن لم يكن صام من شعبان شيئا كيف يصنع؟ قال: ينوي ليلة الشك أنه صائم من شعبان فان كان من شهر رمضان أجزأ عنه وإن كان من شعبان لم يضر، قلت: وكيف يجزي صوم تطوع عن فريضة؟ فقال: لو أن رجلا صام يوما من شهر رمضان تطوعا وهو لا يدري ولا يعلم أنه من شهر رمضان، ثم علم بعد ذلك أجزأ عنه لان الفرض إنما وقع على اليوم بعينه، وصوم الوصال حرام(٢) وصوم الصمت حرام، وصوم النذر للمعصية حرام، وصوم الدهر حرام(٣) .

وأما الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة والخميس والاثنين، وصوم أيام البيض، وصوم ستة أيام من شوال بعد شهر رمضان، ويوم عرفة، ويوم

______________

(١) الظاهر أن المراد بصيامه أن ينويه من رمضان من بين سائر الناس من غير أن يصح أنه منه والظاهر أن الراوى لم يتفطن لذلك وزعم أن مراده عليه السلام أنه لا يجوز صيامه إذا لم يصم جميع شعبان فأجابه عليه السلام بما يظهر فساد وهمه.

(٢) ذهب الشيخ في النهاية وأكثر الاصحاب إلى أن معناه أن ينوى صوم يوم وليلة إلى السحر وذهب (ره) أيضا في الاقتصاد وابن ادريس إلى أن معناه أن يصوم يومين مع ليلة بينهما وانما يحرم تأخير العشاء إلى السحر إذا نوى كونه جزءا من الصوم أما لو أخره الصائم بغير نية فانه لا يحرم فيها، قطع به الاصحاب والاحتياط يقتضى اجتناب ذلك. واما صوم الصمت فهو أن ينوى الصوم ساكتا وقد أجمع الاصحاب على تحريمه. كذا قال العلامة المجلسي (ره) في المرآة.

(٣) حرمة صوم الدهر اما لاشتماله على الايام المحرمة ان كان المراد كل السنة وان كان المراد ما سوى الايام المحرمة فلعله انما يحرم إذا صام على اعتقاد انه سنة مؤكدة فانه يقتضى الافتراء على الله تعالى ويمكن حمله على الكراهة أو التقية لاشتهار الخبر بهذا المضمون بين العامة (المرآة).

٥٣٦

عاشورا(١) كل ذلك صاحبه فيه بالخيار إن شاء صام، وإن شاء أفطر.

وأما صوم الاذن فان المرأة لا تصوم تطوعا إلا باذن زوجها، والعبد لا يصوم تطوعا إلا باذن سيده، والضيف لا يصوم تطوعا إلا باذن صاحبه، قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: « فمن نزل على قوم فلا يصومن تطوعا إلا باذنهم ».

وأما صوم التأديب فإنه يؤمر الصبي إذا راهق(٢) بالصوم تأديبا وليس بفرض تأديبا وليس بفرض، وكذلك المسافر إذا أكل من أول النهار، ثم قدم أهله امر بالامساك بقية يومه تأديبا وليس بفرض(٣) .

وأما صوم الاباحة فمن أكل أو شرب ناسيا أو تقيأ من غير تعمد فقد أباح الله ذلك له وأجزأ عنه صومه.

وأما صوم السفر والمرض فإن العامة اختلفت فيه فقال قوم: يصوم، وقال قوم: لا يصوم، وقال قوم: إن شاء صام وإن شاء أفطر، وأما نحن فنقول: يفطر في الحالين جميعا فإن صام في السفر أو في حال المرض فعليه القضاء في ذلك لان الله عزّوجلّ يقول:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (٤) .

فيمن قدم أربعين رجلا من اخوانه في دعائه ثم دعا لنفسه

٣ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد

______________

(١) لاستاذنا العلامة « الميرزا أبوالحسن الشعرانى مد ظله » تحقيق دقيق في صوم عاشورا راجع كلامه في كتابه لغات القرآن الملحق بتفسير أبى الفتوح ص ٥٨٩.

(٢) راهق الغلام أي قارب الحلم فهو مراهق.

(٣) روى الخبر الشيخ في التهذيب ج ١ ص ٣٠٣ نقلا عن الكليني وزاد فيه « و كذلك الحائض إذا طهرت امسكت بقية يومها » ولكن ليست هذه الجملة في الكافي ولا في الفقيه ولعله سقط من قلم النساخ بعد زمان الشيخ رحمه الله.

(٤) البقرة: ١٨٤. أي فعليه صوم عدة أيام المرض أو السفر في أيام اخر.

٥٣٧

ابن الحسن الصفار، عن محمد بن عبد الجبار، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد من أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من قدم أربعين رجلا من إخوانه فدعا لهم ثم دعا لنفسه استجيب له فيهم وفي نفسه.

فيمن شهد له بعد موته أربعون رجلا من المؤمنين بالخير

٤ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن سنان، عن عبدالله بن - مسكان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا مات المؤمن فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا: اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا، قال الله تبارك وتعالى: إني قد أجزت شهادتكم وغفرت له ما علمت مما لا تعلمون.

في النهى عن ترك حلق العانة فوق اربعين يوما

٥ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يترك حلق عانته فوق الاربعين، فان لم يجد فليستقرض بعد الاربعين ولا يؤخر.

الارض تنجس من بول الاغلف أربعين صباحا

٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: ختنوا أولادكم يوم السابع فإنه أطهر وأطيب وأسرع لنبات اللحم، فإن الارض تنجس من بول الاغلف أربعين صباحا.

٥٣٨

فيمن اتخذ جارية فلم يأتها في كل أربعين يوما ثم أتت محرما

٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني يعقوب ابن يزيد، عن محمد بن إبراهيم، عن الحسين بن المختار، باسناده يرفعه إلى سلمان - رحمة الله عليه - أنه قال في حديث له(١) : من اتخذ جارية فلم يأتها في كل أربعين يوما، ثم أتت محرما كان وزر ذلك عليه.

٨ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن - الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عثمان بن عيسى، عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من اتخذ جارية فلم يأتها في كل أربعين يوما كان وزر ذلك عليه.

دية كلب الصيد أربعون درهما

٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا أحمد ابن أبي عبدالله البرقي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عبدالله بن بكير، عن عبد الاعلى ابن أعين، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: في كتاب علي عليه السلام دية كلب الصيد أربعون درهما.

١٠ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن - الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم ابن عبد الحميد، عن الوليد بن صبيح، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: دية كلب الصيد السلوقي أربعون درهما مما أمر رسول الله صلّى الله عليه واله به لبني خزيمة.

أملى الله تبارك وتعالى لفرعون بين كلمتيه أربعين سنة

١١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه، عن علي بن مهزيار، عن عيسى بن محمد، عن بعض أصحابنا، عن عبدالله بن محمد، عن أبي جميلة، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أملى

______________

(١) في بعض النسخ « في حديث طويل ».

٥٣٩

الله عزّوجلّ لفرعون ما بين الكلمتين: قوله:( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ ) (١) وقوله:( مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي ) (٢) أربعين سنة، ثم أخذه الله نكال الآخرة والاولى، وكان بين أن قال الله عزّوجلّ لموسى وهارون عليهما السلام:( قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا ) (٣) وبين أن عرفه الله تعالى الاجابة أربعين سنة، ثم قال: قال جبرئيل عليه السلام: نازلت ربي في فرعون منازلة شديدة فقلت: يا رب تدعه وقد قال: أنا ربكم الاعلى، فقال: إنما يقول مثل هذا عبد مثلك.

استغفار يغفر به أربعون كبيرة

١٢ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: مامن مؤمن يقترف في يوم وليلة أربعين كبيرة فيقول وهو نادم: « أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، بديع السماوات والارض، ذا الجلال والاكرام، وأسأله أن يتوب علي » إلا غفرها الله له، ثم قال: ولا خير فيمن يقارف في كل يوم وليلة أربعين كبيرة.

الرحم تلتقي في أربعين أبا

١٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه واله: لما اسري بي إلى السماء رأيت رحما متعلقة بالعرش تشكو رحما إلى ربها، فقلت لها: كم بينك وبينها من أب؟ فقالت: نلتقي في أربعين أبا.

______________

(١) النازعات: ٢٤.

(٢) القصص: ٣٨.

(٣) يونس: ٨٩.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653