الخصال

الخصال9%

الخصال مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 653

الخصال المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 653 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 712232 / تحميل: 7460
الحجم الحجم الحجم
الخصال

الخصال

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي توحد بالوحدانية، وتفرد بالالهية، وفطر العباد على معرفته وكل الالسن عن صفته، وحجب الابصار عن رؤيته، الذي علا عن صفات المخلوقين وجل عن معاني المحدودين، فلا مثل له في الخلائق أجمعين، ولا إله غيره لجميع العالمين.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مقر بتوحيده، راغب في كرامته، تائب من ذنوبه.

وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اصطفاه برسالته، وأودعه معالم دينه، وبعثه بكتابه حجة على عباده.

وأشهد أن علي بن أبي طالب وصيه وخير الخلق بعده، والقائم بأمره، و الداعي إلى سبيله، وأنه أميرالمؤمنين، وسيد الوصيين، وأولى الناس بالنبيين، وأن زوجته فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين، وأن الحسن والحسين والائمة [ التسعة ] من ولده أئمة الهدى، وأعلام التقى، وحجج الله على أهل الدنيا، وأشهد أن من تبعهم نجا، ومن تخلف عنهم هلك، صلوات الله عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد فإني وجدت مشايخي وأسلافي - رحمة الله عليهم - قد صنفوا في فنون العلم كتبا وأغفلوا عن تصنيف كتاب يشتمل على الاعداد والخصال المحمودة، و المذمومة، ووجدت في تصنيفه نفعا كثيرا لطالب العلم، والراغب في الخير فتقربت إلى الله جل اسمه بتصنيف هذا الكتاب، طالبا لثوابه، وراغبا في الفوز برحمته، وأرجو أن لا يخيبني فيما أملته ورجوته منه بتطوله ومنه، إنه على كل شئ قدير.

١

باب الواحد

قال الشيخ الجليل أبوجعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي الفقيه مصنف هذا الكتاب أدام الله عزه.

١ - حدثنا أبوالعباس محمد بن إبراهيم بن أسحاق الطالقاني رضي الله تعالى عنه قال: حدثنا محمد بن سعيد بن يحيى البزوري، قال: حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، قال: حدثنا أبي، عن المعافى بن عمران، عن إسرائيل، عن المقدام بن شريح بن هانئ، عن أبيه قال: إن أعرابيا قام يوم الجمل إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقال: يا أميرالمؤمنين أتقول: إن الله واحد؟ قال: فحمل الناس عليه، وقالوا: يا أعرابي أما ترى ما فيه أميرالمؤمنين من تقسم القلب؟ فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: دعوه فإن الذي يريده الاعرابي هو الذي نريده من القوم، ثم قال: يا أعرابي إن القول في أن الله واحد على أربعة أقسام، فوجهان منها لا يجوزان على الله عزّوجلّ ووجهان يثبتان فيه، فأما اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل: « واحد » يقصد به باب الاعداد، فهذا ما لا يجوز لان ما لا ثاني له لا يدخل في باب الاعداد، أما ترى أنه كفر من قال: « إنه ثالث ثلثة ». وقول القائل: « هو واحد من الناس » يريد به النوع من الجنس، فهذا ما لا يجوز لانه تشبيه، وجل ربنا وتعالى عن ذلك. وأما الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل « هو واحد ليس له في الاشياء شبه » كذلك ربنا، وقول القائل: إنه عزّوجلّ أحدي المعنى، يعني به أنه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم كذلك ربنا عزّوجلّ.

ترك خصلة موجودة بخصلة موعودة

٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله:

٢

طوبى لمن ترك شهوة حاضرة لموعود لم يره(١) .

خصلة من الجور

٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بى يحيى العطار، عن محمد بن - عبد الجبار، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من الجور قول الراكب للراجل: الطريق.

خصلة من حب الدين

٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثني محمد بن أحمد بن علي بن الصلت، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن ربعي بن عبدالله، عن فضيل ابن يسار، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من حب الرجل دينه حبه إخوانه.

خصلة واحدة بخمس خصال

٥ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن عاصم بن حميد، عن أبي عبيدة الحذاء، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إن الله عزّوجلّ يقول: بجلالي وجمالي وبهائي وعلائي وارتفاعي لا يؤثر عبد هواي على هواه إلا جعلت غناه في نفسه، وهمه في آخرته، وكففت عنه ضيعته وضمنت السماوات و الارض رزقه، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر(٢) .

خصلة بخصلة

٦ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه قال: حدثني أبي، عن عبدالله بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي - زياد السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال

______________

(١) أي لاجل أمر غير حاضر بل غائب عن حس البصر.

(٢) أي كنت له عوضا من تجارة كل تاجر، فان كل تاجر يتجر لمنفعة دنيوية أو أخروية ولما أعرض عن جميع ذلك كنت أنا ربح تجارته، أو كنت له بعد حصول تجارة كل تاجر.

٣

رسول الله صلّى الله عليه وآله من طلب رضى الناس بسخط الله جعل الله حامده من الناس ذاما.

٧ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن إسحاق التاجر، عن علي بن مهزيار، عن فضالة بن أيوب، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من تمنى شيئا وهو لله عزّوجلّ رضى لم يخرج من الدنيا حتى يعطاه.

خصلة منجية

٨ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا سعد ابن عبدالله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان بإسناده يرفعه إلى النبي صلّى الله عليه وآله قال: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم أطعني فيما أمرتك ولا تعلمني ما يصلحك.

خصلة هي أفضل الدين

٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبدالله بن ميمون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: فضل العلم أحب إلى الله عزّوجلّ من فضل العبادة، وأفضل دينكم الورع.

ما جمع شئ إلى شئ أفضل من خصلة إلى خصلة

١٠ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار قال: حدثني إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني الحسن بن أبي الحسين الفارسي، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبيه، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما جمع شئ إلى شئ أفضل من حلم إلى علم.

١١ - أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي(١) قال: حدثنا عبد الوهاب

______________

(١) قال في الامالى ص ٢٦١ أخبرنا سليمان بن أحمد اللخمى فيما كتب إلى من اصبهان. وظاهر « أخبرنا » يفيد الاجازة والكتابة كما أن لفظة « حدثنا » تفيد السماع.

٤

ابن خراجة قال: حدثنا أبوكريب قال: حدثنا علي بن حفص العبسي قال: حدثنا الحسن بن الحسين العلوي، عن أبيه الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد ابن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: والذي نفسي بيده ما جمع شئ إلى شئ أفضل من حلم إلى علم.

خصلة فيها شرف الدنيا والاخرة

١٢ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال: حدثني أبوعبدالله الجاموراني(١) عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن سيف بن عميرة، عن منصور بن - حازم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة.

أعلم الناس من جمع خصلة إلى خصلة

١٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس قال: حدثني محمد بن أحمد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن سيف، عن أخيه الحسين، عن أبيه سيف بن عميرة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: سئل أميرالمؤمنين عليه السلام عن أعلم الناس، قال: من جمع علم الناس إلى علمه.

حقيقة السعادة واحدة وحقيقة الشقاء واحدة

١٤ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن وهب بن وهب، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام أنه قال: حقيقة السعادة أن يختم الرجل عمله بالسعادة، وحقيقة الشقاء أن يختم المرء عمله بالشقاء.

يثاب الناس أو يعاقبون بخصلة

١٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن -

______________

(١) هو محمد بن أحمد أبوعبدالله الرازي.

٥

أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد بن السندي، عن علي بن الحكم، عن إبراهيم بن مهزم الاسدي، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: إن لسان ابن آدم يشرف كل يوم على جوارحه فيقول: كيف أصبحتم؟ فيقولون: بخير إن تركتنا، ويقولون: الله الله فينا، ويناشدونه، ويقولون: إنما نثاب بك، ونعاقب بك.

خصلة هي أفضل الجهاد

١٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثني عبدالله بن جعفر الحميري، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة قال: سئل جعفر بن محمد عليهما السلام عن الحديث الذي جاء عن النبي صلّى الله عليه وآله « إن أفضل الجهاد كلمة عدل عند إمام جائر » ما معناه؟ قال: هذا على أن يأمره بقدر معرفته وهو مع ذلك يقبل منه وإلا فلا.

أشد الاشياء خصلة لا تتقى الا بترك خصلة

١٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثني محمد بن أحمد بن علي بن الصلت قال: حدثني أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال الحواريون لعيسى بن مريم: يا معلم الخير أعلمنا أي الاشياء أشد؟ فقال: أشد الاشياء غضب الله عزّوجلّ، قالوا: فبم يتقى غضب الله؟ قال: بأن لا تغضبوا، قالوا: وما بدء الغضب؟ قال: الكبر والتجبر ومحقرة الناس.

شرف المؤمن في خصلة وعزه في خصلة

١٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثني علي بن موسى بن جعفر بن - أبي جعفر الكميداني(١) ومحمد بن يحيى العطار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه كف الاذى عن الناس.

______________

(١) قال في نخبة المقال نقلا عن « صه » كمنذان بضم الكاف والميم واسكان النون وفتح الذال المعجمة قريه من قرى قم، وفى حواشى نقد الرجال أن المشهور اليوم بالياء التحتانية المثناة والدال. وفى حواشى الوسائل مثله مع اعجام الذال نسبة إلى كميذان محلة انتهى.

٦

١٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثني علي بن موسى بن جعفر بن - أبي جعفر الكميداني، عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن عبدالله بن جبلة، عن عبدالله ابن سنان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم لجبرئيل: عظني فقال: يا محمد عش ما شئت فانك ميت، وأحبب ما شئت فانك مفارقه، واعمل ما شئت فانك ملاقيه، شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزه كفه عن أعراض الناس.

٢٠ - حدثنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي قال: حدثنا محمد بن جرير، والحسن بن عروة، وعبدالله بن محمد الوهبي قالوا: حدثنا محمد بن - حميد قال: حدثنا زافر بن سليمان قال: حدثنا محمد بن عيينة، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: جاء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلّى الله عليه وآله فقال: يا محمد عش ما شئت فانك ميت، وأحبب ما شئت فانك مفارقه، واعمل ما شئت فانك مجزي به، واعلم أن شرف الرجل قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس.

٢١ - حدثنا أبوالحسن محمد بن أحمد بن علي بن أسد الاسدي قال: حدثنا عمر بن أبي غيلان الثقفي، وعيسى بن سليمان بن عبد الملك القرشي قالا: حدثنا أبوإبراهيم الترجماني قال: حدثنا سعد بن سعيد الجرجاني قال: حدثنا نهشل بن - سعيد، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل.

مفتاح كل شر خصلة

٢٢ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثني علي بن - الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن يونس بن عبد الرحمن، عن داود بن فرقد قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: الغضب مفتاح كل شر.

خصلة من العدل

٢٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن أبي عبدالله محمد بن خالد البرقي، عن القاسم بن محمد الجوهري، عن حبيب الخثعمي، عن أبي عبدالله عليه السلام: قال: أحبوا للناس ما تحبون لانفسكم.

٧

خصلة من فعلها رضى بها حكما

٢٤ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن الحسن بن محبوب، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من أنصف الناس من نفسه رضي به حكما لغيره.

ادنى حق المؤمن على أخيه خصلة

٢٥ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: سئل أبوعبدالله عليه السلام: ما أدنى حق المؤمن على أخيه؟ قال: أن لا يستأثر عليه بما هو أحوج إليه منه.

التقرب إلى الله عزّوجلّ بخصلة

٢٦ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن - جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: تقربوا إلى الله تعالى بمواساة إخوانكم.

ما بلا الله العباد بشئ أشد عليهم من خصلة

٢٧ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني عمي محمد ابن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن محمد بن علي الكوفي، عن محمد ابن سنان، عن عمر بن عبد العزيز، عن جميل بن دراج، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: ما بلا الله العباد بشئ أشد عليهم من إخراج الدرهم.

ثمرة المعروف خصلة

٢٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد ابن خالد البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد، عن موسى بن بكر، عن زرارة، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام قال: سمعته يقول: لكل شئ ثمرة، و ثمرة المعروف تعجيل السراج.

٨

خصلة تثبت الايمان في العبد، وخصلة تخرجه منه

٢٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد ابن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري قال: حدثني أبوعبدالله الرازي، عن علي ابن سليمان بن رشيد، عن موسى بن سلام، عن أبان بن سويد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت: ما الذي يثبت الايمان في العبد؟ قال: الذي يثبته فيه الورع، والذي يخرجه منه الطمع.

خصلة تذهب ببهاء المؤمن

٣٠ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثني محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن عبيد الله بن عبدالله الدهقان، عن درست بن أبي منصور الواسطي، عن إبراهيم ابن عبد الحميد، عن أبي الحسن عليه السلام قال: سرعة المشي تذهب ببهاء المؤمن.

بر ليس فوقه بر، وعقوق ليس فوقه عقوق

٣١ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن أبي همام - إسماعيل بن همام - عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام أن النبي صلّى الله عليه وآله قال: فوق كل بر بر حتى يقتل الرجل في سبيل الله عزّوجلّ فإذا قتل في سبيل الله فليس فوقه بر. وفوق كل عقوق عقوق حتى يقتل الرجل أحد والديه. فإذا قتل أحدهما فليس فوقه عقوق.

مضمون لمن عمل خصلة أن لا يفتقر

٣٢ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد ابن أحمد، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمر، عن عبدالله بن أيوب، عن إبراهيم ابن ميمون قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ضمنت لمن اقتصد أن لا يفتقر.

٩

مروءة أهل البيت عليهم السلام خصلة

٣٣ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن ابن أبي نجران، عن حماد، عن حريز، عن زرارة قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إنا أهل بيت مروءتنا العفو عمن ظلمنا(١) .

خصلة من المروءة

٣٤ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن صالح بن سعيد، عن أبان بن تغلب، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من المروءة استصلاح المال.

خصلة مكروهة للرجل السرى

٣٥ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رحمه الله - قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن - وهب قال: رآني أبوعبدالله عليه السلام بالمدينة وأنا أحمل بقلا فقال: إنه يكره للرجل السري(٢) أن يحمل الشئ الدني فيجترئ عليه.

خصلة يحبها الله وخصلة يبغضها عزّوجلّ

٣٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن محمد بن - الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير البجلي، عن داود الرقي، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إن القصد(٣) أمر يحبه الله عزّوجلّ، وإن السرف(٤)

______________

(١) كما فعل رسول الله صلّى الله عليه وآله مع أهل مكة بعد فتحها لا سيما قريش مع علمه بأنهم يقاتلون أهل بيته بعده ويفعلون بهم ما لا يفعل بالمشركين من الترك والديلم.

(٢) السرى بفتح السين: صاحب المروءة في شرف، أو السخاء في مروءة. والشريف.

(٣) القصد الاستقامة. والحد بين الافراط والتفريط. والاعتدال.

(٤) السرف - بفتح السين والراء - تجاوز الحد، ضد القصد.

١٠

[ أمر ] يبغضه [ الله عزّوجلّ ] حتى طرحك النواة(١) فإنها تصلح لشئ وحتى صبك فضل شرابك.

خصلة من احتملها لم يشكر النعمة

٣٧ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه - رحمه الله - قال: حدثني عمي محمد بن - أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن علي بن حسان، عمن ذكره، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من احتمل الجفاء لم يشكر النعمة.(٢)

من لم تغضبه خصلة لم يشكر خصلة

٣٨ - حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار رضي الله عنه، عن أبيه، عن محمد ابن أحمد، عن أحمد بن محمد السياري، عن علي بن أسباط يرفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال: من لم تغضبه الجفوة لم يشكر النعمة.

خصلة من التواضع

٣٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن - أبي عبدالله البرقي، عن محمد بن علي الكوفي، عن عثمان بن عيسى، عن هارون بن - خارجة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من التواضع أن تسلم على من لقيت.

خصلة كادت أن تكون كفرا وخصلة كادت أن تغلب القدر

٤٠ - حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عليهم السلام بقم في رجب سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة قال: أخبرني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر بن -

______________

(١) النواة: عجمة التمر. يقال لها بالفارسية: هستهء خرما.

(٢) الجفاء ضد الانس. والمعنى أن من لم يأنس بالناس لسوء خلقه وغلظته لم يشكر نعمة الانسانية. أو المراد بالجفاء الظلم والتعدى. فالمعنى أن من احتمل الظلم ولم يدفعه عن نفسه وأهله مع القدرة على دفعه فهو لم يشكر نعمة القوة الغضبية التى أعطاها الله تعالى لدفع المكروه.

١١

محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: كاد الفقر أن يكون كفرا، وكاد الحسد أن يغلب القدر.

خصلة أهلكت القرون الاولى

٤١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الحذاء قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول لابي العباس البقباق: ما منعك من الحج؟ قال: كفالة كفلت بها، قال: مالك والكفالات، أما علمت أن الكفالة هي التي أهلكت القرون الاولى.

كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله عزّوجلّ الا خصلة

فانها لا يكفرها الا احدى ثلاث خصال

٤٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله عزّوجلّ إلا الدين [ فانه ] لا كفارة له إلا أداءه، أو يقضى صاحبه(١) أو يعفو الذي له الحق.

ان الله تبارك وتعالى أهدى إلى محمد صلّى الله عليه وآله والى امته

هدية لم يهدها إلى أحد من الامم

٤٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالى أهدى إلي وإلى أمتي هدية لم يهدها إلى أحد من الامم، كرامة من الله لنا، قالوا: وما ذاك يا رسول الله؟ قال: الافطار في في السفر، والتقصير في الصلاة، فمن لم يفعل ذلك فقد رد على الله عزّوجلّ هديته.

______________

(١) أي يقضى عنه غيره.

١٢

من أحب أن يكثر خير بيته فليفعل خصلة عند حضور طعامه

٤٤ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه، عن عمه محمد بن أبي القاسم عن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: من سره أن يكثر خير بيته فليتوضأ عند حضور طعامه.

ان الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدا نظر إليه فإذا نظر

إليه أتحفه من ثلاثة بواحدة

٤٥ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثني أحمد بن إدريس، عن محمد بن - أحمد، عن علي بن السندي، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا أحب الله عبدا نظر إليه فإذا نظر إليه، أتحفه من ثلاثة بواحدة: إما صداع، وإما حمى، وإما رمد.

القيامة عرس المتقين

٤٦ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن أحمد، عن علي بن محمد القاشاني، عمن ذكره، عن عبدالله بن - القاسم الجعفري، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: القيامة عرس المتقين.

خصلة من أجلها لا يحب الموت

٤٧ - حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي بن عبدالله بن المغيرة الكوفي قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبدالله بن المغيرة، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه عليهما السلام قال: أتى النبي صلّى الله عليه وآله رجل فقال له: مالي لا احب الموت؟ فقال له: ألك مال؟ قال: نعم، قال: فقدمته؟ قال: لا، قال: فمن ثم لا تحب الموت.

١٣

خصلة تشبه ضدها

٤٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لم يخلق الله عزّوجلّ يقينا لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه من الموت.

شرار الناس الذين يكرمون مخافة خصلة فيهم

٤٩ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رحمه الله - قال: حدثنا محمد بن - الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن بكر بن صالح، عن الحسن بن علي عن عبدالله(١) قال: حدثني الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، عن النبي صلّى الله عليه وآله أنه قال: ألا إن شرار أمتي(٢) الذين يكرمون مخافة شرهم ألا ومن أكرمه الناس اتقاء شره فليس مني.

خصلة هي الزهد في الدنيا وخصلة هي شكر كل نعمة

٥٠ - حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، عن أبيه، عن محمد بن - أحمد، عن أحمد بن محمد، عن بعض النوفليين، ومحمد بن سنان رفعه إلى أميرالمؤمنين عليه السلام قال: كونوا على قبول العمل أشد عناية منكم على العمل. الزهد في الدنيا قصر الامل. وشكر كل نعمة الورع عما حرم الله عزّوجلّ. من أسخط بدنه أرضى ربه، ومن لم يسخط بدنه عصى ربه.

ما شئ أحق بطول السجن من اللسان

٥١ - حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد العلوي رضي الله عنه قال: أخبرني علي بن - إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن عيسى، عن زياد بن مروان القندي، عن أبي وكيع،

______________

(١) كذا. والظاهر الحسن بن على بن عبدالله. وهو الحسن بن على الكوفى الراوى عن الحسين بن يزيد النوفلي. (٢) في بعض النسخ « شرار أهلى ».

١٤

عن أبي إسحاق، عن الحارث قال: سمعت أميرالمؤمنين عليه السلام يقول: ما من شئ أحق بطول السجن من اللسان.

من أطال أمله ساء عمله

٥٢ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن أبي همام - إسماعيل بن همام - عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن السكوني، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام قال: من: أطال أمله ساء عمله.

لا يزال الرجل المسلم يكتب محسنا مادام ساكتا

٥٣ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن موسى بن عمر، عن علي بن الحسين بن رباط، عن بعض رجاله، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: لا يزال العبد المؤمن يكتب محسنا مادام ساكتا، فإذا تكلم كتب محسنا أو مسيئا.

خصلة من فعلها آمنه الله عزّوجلّ من فزع يوم القيامة

٥٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمد بن - أحمد، عن حمزة بن يعلى يرفعه بإسناده قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من مقت نفسه دون مقت الناس(١) آمنه الله من فزع يوم القيامة.

رأس العقل خصلة

٥٥ - أخبرنا سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي قال: حدثنا عبد الوهاب بن - خراجة، قال: حدثنا أبوكريب قال: حدثنا علي بن حفص العبسي قال: حدثنا الحسن بن الحسين العلوي، عن أبيه الحسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن - علي، عن علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: رأس العقل بعد الايمان بالله عزّوجلّ التحبب إلى الناس.

______________

(١) أي من نظر إلى عيوب نفسه فأبغضها من غير أن ينظر إلى عيوب الناس.

١٥

أورع الناس، وأعبد الناس، وازهد الناس، وأشد الناس اجتهادا

٥٦ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه، عن عمه محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن العباس بن معروف، عن أبي شعيب يرفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال: أورع الناس من وقف عند الشبهة، أعبد الناس من أقام الفرائض، أزهد الناس من ترك الحرام، أشد الناس اجتهادا من ترك الذنوب.

كفى بالندم توبة

٥٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن ابن أبي عمير، عن علي الجهضمي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كفى بالندم توبة.

من أصاب من الدنيا فوق قوته

٥٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن ابن محبوب، عن علي بن الحسين بن رباط، رفعه قال: شكى رجل إلى أميرالمؤمنين عليه السلام الحاجة فقال له: اعلم أن كل شئ تصيبه من الدنيا فوق قوتك فإنما أنت فيه خازن لغيرك.

الوصية بخصلة

٥٩ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثني علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن درست بن أبي منصور عن عيسى بن بشير، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لما حضرت علي بن الحسين عليهما السلام الوفاة ضمني إلى صدره ثم قال: يا بني اوصيك بما أوصاني به أبي عليه السلام حين حضرته الوفاة وبما ذكر أن أباه أوصاه به يا بني إياك وظلم من لا يجد عليك ناصرا إلا الله.

١٦

خصلة نافية وخصلة مثبتة

٦٠ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثني أبوسعيد الادمي قال: حدثنا الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إن قوما من قريش قلت مدارأتهم للناس فنفوا من قريش(١) وأيم الله ما كان بأحسابهم بأس. وإن قوما من غيرهم حسنت مدارأتهم فالحقوا بالبيت الرفيع. قال: ثم قال: من كف يده عن الناس فإنما يكف عنهم يدا واحدة ويكفون عنه أيادي كثيرة.

خصلة ثقلت على أهل الدنيا وخصلة خفت عليهم

٦١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحجال، عن علاء، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام(٢) يقول: إن الخير ثقل على أهل الدنيا على قدر ثقله في موازينهم يوم القيامة وإن الشر خف على أهل الدنيا على قدر خفته في موازينهم يوم القيامة(٣) .

______________

(١) يعنى من أهل البيت عليهم السلام.

(٢) في بعض النسخ « سمعت أبا عبدالله عليه السلام ».

(٣) ميزان كل شئ بحسبه وهو المعيار الذى يعرف به قدر ذلك الشئ ولا يكون الا من جنسه ومما يناسبه على اختلاف أجناس الموزونات كذى الكفتين والقبان وما يجرى مجراها للاجرام والاثقال، والاسطرلاب للمواقيت والارتفاعات، والفرجار للدوائر، والقسى والشاقول للاعمدة، والمسطر للخطوط، والطراز للسطوح، والعروض للشعر، والمنطق للفلسفة، والحس والعقل للكل، فميزان يوم القيامة هو ما يوزن به العقائد والاعمال فيعرف قدرها، مثلا كلمة « لا اله الا الله » ميزان الايمان والكفر والمائزة بين أهل الجنة والنار. وميزان الاعمال الصلاة كما ورد « الصلاة ميزان » والانبياء والاولياء هم الموازين القسط فالقبول الراجح من الاعمال ما وافق أعمالهم والمرضى من الاخلاق والاقوال ما طابق أخلاقهم وأقوالهم، والحق من العقائد ما اقتبس من مشكاتهم والمردود منها ما خالف ذلك (راجع مفصل شرح الميزان كتاب علم اليقين للمحدث القاشانى رحمه الله ص ٢٠٨).

١٧

لا حسب الا بخصلة، ولا كرم الا بخصلة، ولا عمل

الا بخصلة، ولا عبادة الا بخصلة

٦٢ - حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالله بن - جعفر الحميري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن مالك بن عطية، عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسين عليهما السلام قال: لا حسب لقرشي ولا لعربي إلا بتواضع، ولا كرم إلا بتقوى، ولا عمل إلا بنية، ألا وإن أبغض الناس إلى الله عزّوجلّ من يقتدي بسنة إمام ولا يقتدي بأعماله.

خصلة تنفع في أربعة أشياء

٦٣ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد - رحمه الله - قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن حماد ابن عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الكحل ينبت الشعر، ويجفف الدمعة، ويعذب الريق، ويجلو البصر.

إذا أحب الله عزّوجلّ عبدا ابتلاه بعظيم البلاء

٦٤ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثني سهل بن زياد الآدمي قال: حدثنا الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن محمد بن - سنان، عن زيد أبي اسامة الشحام، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: إن عظيم البلاء يكافى به عظيم الجزاء، وإذا أحب الله عبدا ابتلاه بعظيم البلاء فمن رضي فله الرضا عند الله عزّوجلّ، ومن سخط البلاء فله السخط.

خصلة تورث الباسور(١)

٦٥ - حدثنا محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثني أبوسعيد الآدمي قال: حدثني الحسن بن الحسين اللؤلؤي،

______________

(١) في بعض النسخ « تورث الناسور ».

١٨

عن محمد بن سعيد بن غزوان، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبدالله جعفر بن - محمد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه عليهم السلام قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: طول الجلوس على الخلاء يورث الباسور.(١)

ما طهرت كف فيها خاتم من حديد

٦٦ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثنا محمد بن - الحسين بن أبي الخطاب، عن صفوان بن يحيى، عن السري بن خالد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما طهرت كف فيها خاتم من حديد.

من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه

٦٧ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن - هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن أبي زياد، عن أبي عبدالله، عن آبائه عليهم السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه، وقال عليه السلام: لا تدع إلى طعامك أحدا حتى يسلم.

خصلة من فعلها أو فعلت له برئ من دين محمد صلّى الله عليه وآله

٦٨ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن - يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: من تكهن أو تكهن له(٢) فقد برئ من دين محمد صلّى الله عليه وآله. قلت:

______________

(١) الباسور علة معروفة والجمع بواسير وفى بعض النسخ « الناسور » بالسين والصاد جميعا قرحة لها غور يسيل منها القيح والصديد دائما وقلما يندمل. فارسيه ريش روان قد يحدث في ماق العين وقد يحدث في حوالى المقعد.

(٢) كهن له كمنع ونصر وكرم كهانة - بالفتح - وتكهن تكهينا وتكهنا: قضى له بالغيب فهو كاهن.

١٩

فالقافة(١) قال: ما احب أن تأتيهم، وقل ما يقولون(٢) شيئا إلا كان قريبا مما يقولون، وقال: القيافة فضلة من النبوة ذهبت في الناس.

ما بقى من أمثال الانبياء الا كلمة

٦٩ - حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه قال: حدثنا محمد ابن الحسن الصفار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن الاول عليه السلام قال: ما بقي من أمثال الانبياء إلا كلمة: إذا لم تستحي فاعمل ما شئت. وقال: أما انها في بني امية.

إذا أراد الله تبارك وتعالى بعبد خيرا عجل عقوبته في الدنيا وإذا

أراد به سوءا أخر عقوبته

٧٠ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن السري بن خالد، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: إذا أراد الله بعبد خيرا عجل عقوبته في الدنيا، وإذا أراد الله بعبد سوءا أمسك عليه ذنوبه حتى يوافي بها يوم القيامة.

الصبر على أعداء النعم

٧١ - حدثنا أبي رضي الله عنه قال: حدثنا سعد بن عبدالله قال: حدثني يعقوب ابن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن معاوية بن وهب، عن معاذ بن مسلم، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: اصبر على أعداء النعم، فإنك لن تكافي من عصى الله فيك بأفضل من أن تطيع الله فيه.

______________

(١) القائف من يعرف الاثار، الجمع قافة. وقاف أثره: تبعه كقفاه وأقفاه. وفى بعض النسخ « فالقيافة » وهى تتبع الاثر.

(٢) في بعض النسخ « وقيل ما تقولون » فيحتمل أن يكون لفظ قيل من كلام الامام عليه السلام أو كلام الصدوق (ره) والمعنى: أنتم تقولون أيضا قريبا مما يقولون مثل أن تقولوا فلان يشبه أباه كما يقولون هذا أيضا.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

مانع من القول بأن العبارتين تنطبقان على مجموعة واحدة (كما يوضح ذلك ظاهر الآية ، لأنّ ضمير (والذي ذكر مرّة واحدة فقط).

وبهذا الشكل فإنّ الآية تتحدّث عن أناس هم من حملة الرسالة ومن العاملين به ، وتتحدّث عن أولئك الذين ينشرون في العالم ما ينزل به الوحي من كلام البارئعزوجل وهم يؤمنون به ويعملون به ، وهكذا فإنّ الآية تضم الأنبياء والأئمّة المعصومين والدعاء لنهج الأنبياء.

والملفت للنظر أنّ الاية عبّرت عن الوحي «بالصدق» وهو اشارة إلى أن. الكلام الوحيد الذي لا يحتمل وجود الكذب والخطأ فيه هو كلام الله الذي نزل به الوحي ، فإن سار الإنسان في ظلّ تعليمات نهج الأنبياء وصدقها فإنّ التقوى سوف تتفتح في داخل روحه.

الآية التالية تبيّن أنّ هناك ثلاث مثوبات بانتظار أفراد هذه المجموعة ، أي المصدقين ، إذ تقول في البداية :( لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ ) .

لهذه الآية مفهوم واسع بحيث يشمل كلّ النعم المادية والمعنوية التي يمكن تصورها والتي لا يمكن تصورها.

وعلى ضوء هذه الآية يطرح البعض السؤال التالي : إذا طلب أحدهم أن يكون مقامه أرفع من مقام الأنبياء والأولياء ، فهل يعطى ذلك؟

علينا أن لا نغفل عن كون أهل الجنّة يدركون عين الحقيقة ، ولهذا لا يفكر أحد منهم بأمر يخالف الحقّ والعدالة ، ولا يتناسب مع أساس توازن اللياقات والكفاءات.

بعبارة اخرى : لا يمكن أن يحصل أشخاص لهم درجات مختلفة في الإيمان والعمل على نفس الجزاء ، فكيف يأمل أصحاب الجنّة في تحقيق أشياء مستحيلة؟! وفي نفس الوقت فإنّهم يعيشون في حالة روحية خالية من الحسد والغيرة ، وهم راضون بما رزقوا به.

٨١

وكما هو معلوم فإنّ المكافاة الإلهية في الآخرة وحتى التفضيل الإلهي للبعض دون البعض الآخر إنّما يتمّ على أساس اللياقة التي حصل عليها الإنسان في هذه الدنيا ، فالذي يعرف أنّ إيمانه وعمله في هذه الدنيا لم يصل إلى درجة إيمان وعمل الآخرين لا يأمل يوما ما أن يكون بمرتبتهم ، لإنّ ذلك أمل ورجاء غير منطقي.

وعبارة :( عِنْدَ رَبِّهِمْ ) تبيّن عدم انقطاع اللطف الإلهي عن أولئك وكأنّهم ضيوف الله على الدوام ، وكلّ ما يطلبونه يوفر لهم.

وعبارة :( ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ ) أقيم فيها الظاهر مقام ضمير الإشارة ، اشارة الى أن إحسانهم وعملهم الصالح كانا سببا في حصولهم على الأجر المذكور.

أمّا المكافأتان الثانية والثّالثة اللتان يمنحهما البارئعزوجل للمصدقين ، فيقول القرآن المجيد بشأنهما :( لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ ) (١) .

كم هي عبارة جميلة ولطيفة! فمن جانب يدعون الله سبحانه وتعالى ليكفّر عنهم أسوأ ما عملوا بظلّ لطفه ، ويطهرهم من تلك البقع السوداء بماء التوبة ، ومن جهة اخرى يدعون الله ليجعل أفضل وأحسن أعمالهم معيارا للمكافأة ، وأن يجعل بقية أعمالهم ضمن ذلك العمل.

إنّ ما يتّضح من الآيات الكريمة هو أنّ الله استجاب لدعواهم ، عند ما غفر لهم وعفا عن أسوأ أعمالهم ، وجعل أفضل الأعمال معيارا للمكافأة.

من البديهي ، عند ما يشمل العفو الإلهي الزلّات الكبيرة ، فإنّ الزلات الصغيرة أولى بالشمول ، لأنّ الزلات الكبيرة هي التي تقلق الإنسان أكثر من أيّ شيء آخر ،

__________________

(١) في عودة قوله تعالى :( لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ ) ذكر المفسّرون آراء شتى بهذا الشأن ولكن التّفسير الذي يبدو أنسب هو أنّها تعود على الفعل (أحسنوا) ويفهم ذلك من كلمة المحسنين ، والتقدير (ذلك جزاء المحسنين أحسنوا ليكفر الله عنهم) نعم إنّهم عمدوا إلى عمل الإحسان كي يكفر الله عهم سيئاتهم ويغفر زلاتهم ويعطيهم أفضل الثواب.

٨٢

ولهذا السبب فإنّ المؤمنين كثيرا ما يفكرون بها.

وثمة سؤال يطرح نفسه هنا : إذا كانت الآيات السباقة تخص الأنبياء والمؤمنين من أتباعهم ، فكيف اقترف هؤلاء تلك الزلات الكبيرة؟

الجواب على هذا السؤال يتّضح من خلال الانتباه إلى أنّه عند ما ينسب عمل ما إلى مجموعة ، فهذا لا يعني أنّ الجميع قاموا بذلك العمل ، وإنّما يكفي أن تقوم به مجموعة صغيرة منهم ، فمثلا عند ما نقول : إن بني العباس خلفوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من دون أيّ حق ، فإنّ هذا لا يعني أنّ الكل اعتلوا كرسي الخلافة ، وإنّما مجموعة منهم.

الآية المذكورة أعلاه تبيّن أنّ مجموعة من حملة الرسالة وأتباع نهجهم كانوا قد ارتكبوا بعض الأخطاء والزلّات ، وأنّ البارئعزوجل صفح عنهم وغفر لهم بسبب أعمالهم الصالحة والحسنة. على أيّة حال فإنّ ذكر الغفران والصفح قبل ذكر الثواب ، يعود إلى هذا السبب ، وهو أنّ عليهم في البداية أن يغتسلوا ويتطهروا ، ومن ثمّ الورود الى مقام القرب الالهي. يجب عليهم في البداية أن يريحوا أنفسهم من العذاب الإلهي كي يتلذذوا بنعم الجنّة.

* * *

مسألة :

الكثير من المفسّرين المسلمين من الشيعة والسنة نقلوا الرّواية التالية بشأن تفسير هذه الآية ، وهي أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو المقصود في( وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ) وأن الإمام عليعليه‌السلام هو المقصود في( صَدَّقَ بِهِ ) .

المفسّر الإسلامي الكبير العلّامة «الطبرسي» نقل ذلك في تفسيره (مجمع البيان) عن أهل البيت الأطهار ، ونقلها كذلك أبو الفتوح الرازي في تفسير (روح الجنان) عن نفس المصدر السابق. كما نقلت مجموعة من المفسّرين السنة ذلك عن أبي هريرة نقلا عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعن طرق اخرى ، ومن جملة من نقله

٨٣

العلّامة ابن المغازلي في (المناقب) و (العلّامة الگنجي) في (كفاية الطالب) والقرطبي في تفسيره والعلّامة السيوطي في (الدر المنثور) وكذلك (الآلوسي) في (روح المعاني)(١) .

ومثلما أشرنا من قبل فإنّ نقل مثل هذه التفاسير هو بيان أوضح المصاديق ، ومن دون أيّ شكّ فإنّ الإمام عليّعليه‌السلام يقف في مقدمة الصفّ الأوّل لأتباع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والمصدّقين به ، وإنّه هو أول من صدّق برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا يوجد أحد من العلماء من ينكر هذه الحقيقة.

والاعتراض الوحيد الذي صدر عن بعض المفسّرين هو أنّ الإمام عليعليه‌السلام آمن بالرّسول وكان عمره ما بين (١٠) إلى (١٢) عاما ، وأنّه لم يكن مكلّفا في هذا السّن ولم يبلغ بعد سنّ الحلم.

هذا الكلام عجيب جدّا ، فكيف يمكن أن يكون مثل هذا الاعتراض صحيحا ، في الوقت الذي قبل فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إسلام عليعليه‌السلام ، وقال له بأنّه (وزيره) و (وصيه) وأكّد مرارا وتكرارا في كلماته على أنّ عليا هو (أول المؤمنين) أو (أوّلكم إسلاما) وقد أوردنا في نهاية الآية (١٠) من سورة التوبة أدلة متعددة من كتب علماء أهل السنة وبصورة مفصلة.

* * *

__________________

(١) لمن يرغب الاطلاع أكثر عليه مراجعة كتاب إحقاق الحق ، المجلد الثّالث ، الصفحة ١٧٧ فما بعد ، وكتاب المراجعات ، الصفحة ٦٤ (المراجعة ١٢).

٨٤

الآيتان

( أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (٣٧) )

سبب النّزول

الكثير من المفسّرين قالوا : إنّ مشركي قريش كانوا يخوفون رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من آلهتهم ويحذرونه من غضبها على أثر وصفه تلك الأوثان بأوصاف مزرية ، ويوعدونه بأنّه إن لم يسكت عنها فستصيبه بالأذى ، وللرد على كلامهم نزلت الآية المذكورة أعلاه(١) .

والبعض قال : عند ما عزم خالد على كسر العزى بأمر من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال المشركون : إياك يا خالد فبأسها شديد. فضرب خالد أنفها بالفأس وهشمها وقال : كفرانك يا عزى لا سبحانك ، سبحان من أهانك ، إنّي رأيت الله قد أهانك(٢) .

ولكن قصة خالد هذه التي كانت بعد فتح مكّة كما يبدو ، لا يمكن أن تكون سببا لنزول الآية لأنّ كلّ سورة الزمر (مكية) ولهذا لعلها من قبيل التطابق.

__________________

(١) تفسير الكشاف ومجمع البيان وأبو الفتوح الرازي وفي ظلال مع اختلافات جزئية.

(٢) مجمع البيان ذيل آيات البحث (هذه الرواية وردت أيضا في الكشاف والقرطبي وبصورة مختصرة).

٨٥

التّفسير

إن الله كاف!

تتمة لتهديدات البارئعزوجل التي وردت في الآيات السابقة للمشركين ، والوعد التي لأنبيائه ، تتطرق الآية الأولى في بحثنا لتهديد الكفّار( أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) .

إن قدرة البارئعزوجل أقوى وأعظم من كلّ القدرات الأخرى ، وهو الذي يعلم بكلّ احتياجات ومشكلات عباده ، والذي هو رحيم بهم غاية الرحمة واللطف ، كيف يترك عباده المؤمنين لوحدهم أمام أعاصير الحوادث وعدوان بعض الأعداء؟

ومع أن سبب نزول هذه الآية ـ طبقا لما جاء في الرّوايات التي ذكرناها ـ هو للرد على التخويف والتهديد بغضب الأصنام ، لكن معنى الآية أوسع ، ويتّسع لكلّ تهديد يهدد به الإنسان بما هو دون الله.

على أية حال ، فإنّ في هذه الآية بشرى لكلّ السائرين في طريق الحقّ والمؤمنين الحقيقيين ، خاصّة أولئك الذين يعيشون أقلية في بعض المجتمعات ، والمحاطين بمختلف أشكال التهديد من كلّ جانب.

الآية تعطيهم الأمل والثبات ، وتملأ أرواحهم بالنشاط وتجعل خطواتهم ثابتة ، وتمحو الآثار النفسية لصدمات تهديدات الأعداء ، نعم فعند ما يكون الله معنا فلا نخاف غيره ، وإن انفصلنا وابتعدنا عنه فسيكون كلّ شيء بالنسبة لنا رهيبا ومخيفا.

وكتتمة للآية السابقة والآية التالية اشارة إلى مسألة (الهداية) و (الضلالة) وتقسم الناس إلى قسمين : (ضالين) و (مهتدين) وكل هذا من الله سبحانه وتعالى ، كي تبيّن أنّ جميع العباد محتاجون لرحمته ، ومن دون إرادته لا يحدث شيء في هذا العالم ، قال تعالى :( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ) .

٨٦

( وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ ) .

ومن البديهي أنّ الضلالة لا تأتي من دون سبب ، وكذلك الهداية بل إن كلّ حالة منهما هي استمرار لإرادة الإنسان وجهوده ، فالذي يضع قدمه في طريق الضلال ، ويبذل أقصى جهوده من أجل إطفاء نور الحقّ ، ولا يترك أدنى فرصة تتاح له لخداع الآخرين وإضلالهم ، فمن البديهي أنّ الله سيضله ، ولا يكتفي بعدم توفيقه وحسب ، وإنّما يعطّل قوى الإدراك والتشخيص التي لديه عن العمل ، ويوصد قلبه الأقفال ويغطي عينيه بالحجب ، وهذه هي نتيجة الأعمال التي ارتكبها.

أمّا الذين يعزمون على السير إلى الله سبحانه وتعالى بنوايا خالصة ، ويخطون الخطوات الأولى في هذا المسير ، فإنّ نور الهداية الإلهية يشعّ لينير لهم الطريق ، وتهبّ ملائكة الرحمن لمساعدتهم ولتطهير قلوبهم من وساوس الشياطين ، فتكون إرادتهم قوية ، وخطواتهم ثابتة ، واللطف الإلهي ينقذهم من الزلّات.

وقد وردت آيات كثيرة في القرآن المجيد كشاهد على تلك القضايا ، وما أشدّ جهل الذين فصلوا بين مثل هذه الآيات وبقية آيات القرآن واعتبروها شاهدا على ما ورد في المذهب الجبري ، وكأنّهم لا يعلمون أن آيات القرآن تفسّر إحداها الأخرى. بل إن القرآن الكريم بقول في نهاية هذه الآية :( أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ ) وهو خير شاهد على هذا المعنى.

وكما هو معروف فإنّ الانتقام الإلهي هو بمعنى الجزاء على الأعمال المنكرة التي اقترفها الإنسان ، وهذا يشير إلى أن إضلاله سبحانه وتعالى للإنسان هو بحدّ ذاته نوع من أنواع الجزاء وردّ فعل لأعمال الإنسان نفسه ، وبالطبع فإن هدايته سبحانه وتعالى للإنسان هي بحد ذاتها نوع أنواع الثواب ، وهي ردّ فعل للأعمال الصالحة والخالصة التي يقوم بها الإنسان(١) .

* * *

__________________

(١) يقول الراغب في مفرداته : كلمة (نقمة) تعني العقوبة والجزاء.

٨٧

بحثان

١ ـ الهداية والإضلال من الله :

«الهداية» : في اللغة تعني التوجيه والإرشاد بلطف ودقّة(١) ، وتنقسم إلى قسمين (بيان الطريق) ، و (الإيصال إلى المطلوب) وبعبارة اخرى (هداية تشريعية) و (هداية تكوينية)(٢) .

ولتوضيح ذلك نقول : إنّ الإنسان يصف أحيانا الطريق للسائل بدقّة ولطف وعناية ويترك السائل معتمدا على الوصف في قطع الطريق والوصول إلى المقصد المطلوب. وأحيانا اخرى يصف الإنسان الطريق للسائل ومن ثمّ يمسك بيده ليوصله إلى المكان المقصود.

وبعبارة اخرى : الشخص المجيب في الحالة الأولى يوضّح القانون وشرائط سلوك الطريق للشخص السائل كي يعتمد الأخير على نفسه في الموصول إلى المقصد والهدف ، أمّا في الحالة الثانية ، فإضافة إلى ما جاء في الحالة الأولى ، فإنّ الشخص المجيب يهيء مستلزمات السفر ، ويزيل الموانع الموجود ، ويحلّ المشكلات ، إضافة إلى أنّه يرافق الشخص السائل في سلوك الطريق حتّى الوصول إلى مقصده النهائي لحمايته والحفاظ عليه.

و (الإضلال) هو النقطة المقابلة لـ (الهداية).

فلو ألقينا نظرة عامة على آيات القرآن لا تضح لنا ـ بصورة جيدة ـ أنّ القرآن يعتبر أنّ الضلالة والهداية من الله ، أي أن الاثنين ينسبان إلى الله ، ولو أردنا أن نعدد كل الآيات التي تتحدث بهذا الخصوص ، لطال الحديث كثيرا ، ولكن نكتفي بذكر ما جاء في الآية (٢١٣) من سورة البقرة :( وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ

__________________

(١) «مفردات» مادة (هدى).

(٢) نلفت الانتباه إلى أن الهدآية التكوينية هنا قد استخدمت بمعناها الواسع ، حيث تشمل كل أشكال الهدآية عدا الهدآية التي تأتي عن طريق بيان الشرائع والتوجيه إلى الطريق.

٨٨

مُسْتَقِيمٍ ) وفي الآية (٩٣) من سورة النحل :( وَلكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) . وأمثال هذه الآيات ـ الخاصة بالهداية أو الضلال أو أحدهما ـ ورد في آيات كثيرة من القرآن المجيد(١) .

وأكثر من هذا ، فقد جاء في بعض الآيات نفي قدرة الرّسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الهداية وتحديد القدرة على الهداية بالله سبحانه وتعالى ، كما ورد في الآية (٥٦) من سورة القصص :( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) . وفي الآية (٢٧٢) من سورة البقرة :( لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) .

الدراسة السطحية لهذه الآيات وعدم إدراك معانيها العميقة أدى الى زيغ البعض خلال تفسيرهم لها وانحرافهم عن طريق الهداية ووقوعهم في فخاخ المذهب الجبري ، حتّى أنّ بعض المفسّرين المعروفين لم ينجوا من هذا الخطأ الكبير ، حيث اعتبروا الضلالة والهداية وفي كلّ مراحلها أمرا جبريا ، والأدهى من ذلك أنّهم أنكروا أصل العدالة كي لا ينتقض رأيهم ، لأنّ هناك تناقضا واضحا بين عقيدتهم وبين مسألة العدالة والحكمة الإلهية ، فإذا كنا أساسا نقول بالجبر ، فلا يبقى هناك داع للتكليف والمسؤولية وإرسال الرسل وإنزال الكتب السماوية.

أمّا المعتقدون بمذهب الإختيار وأن الإنسان مخير في هذه الدنيا ـ وأن العقل السليم لا يقبل مطلقا بأن الله سبحانه وتعالى يجبر مجموعة من الناس على سلوك سبيل الضلال ثمّ يعاقبهم على عملهم ذلك ، أو أنّه يهدي مجموعة اخرى إجباريا ثم يمنحها ـ من دون أي سبب ـ المكافأة والثواب ، ويفضلها على الآخرين لأدائها عملا كانت قد أجبرت على القيام به –

فهؤلاء انتخبوا لأنفسهم تفاسير اخرى لهذه الآيات ، كان أهمها :

١ ـ إنّ المراد من الهداية الإلهية هي الهداية التشريعية التي تأتي عن طريق

__________________

(١) ومنها ما ورد في السور والآيات التالية (فاطر ـ ٨) و (الزمر ـ ٢٣) و (المدثر ـ ٣١) و (البقرة ـ ٢٧٢) و (الأنعام ـ ٨٨) و (يونس ـ ٢٥) و (الرعد ـ ٢٧) و (إبراهيم ـ ٤).

٨٩

الوحي والكتب السماوية وإرسال الأنبياء والأوصياء ، إضافة إلى إدراك العقل والشعور ، أمّا انتهاج السبيل فهو في عهدة الإنسان في كافة مراحل حياته. وبالطبع فإنّ هذا التّفسير يتطابق مع الكثير من الآيات القرآنية التي تتناول موضوع الهداية ، ولكن هناك آيات كثيرة اخرى لا يمكن تطابقها مع هذا التّفسير ، لأنّ فيها نوعا من الصراحة فيما يخص (الهداية التكوينية) و (الإيصال إلى الهدف) كما ورد في الآية (٥٦) من سورة القصص :( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ) . في حين أنّنا نعرف أنّ الهداية التشريعية والتوجيه نحو الطريق الصحيح ، هي الواجب الرئيسي للأنبياء.

٢ ـ مجموعة اخرى من المفسّرين فسّروا الهداية والضلال اللذين لهما هنا طابع تكويني على أنّهما الثواب والعقاب ، والإرشاد إلى طريق الجنّة والنّار ، وقالوا بأن البارئعزوجل يهدي المؤمنين إلى طريق الجنّة ، ويضل عنها الكافرين.

إن هذا المعنى صحيح بالنسبة لعدّة آيات فقط ، ولكنّه لا يتطابق مع آيات اخرى تتحدث عن الهداية والإضلال بصورة مطلقة.

٣ ـ مجموعة ثالثة قالت : إنّ المراد من الهداية هو تهيئة الأسباب والمقدمات التي توصل إلى الغرض المطلوب ، والمراد من الضلالة هو عدم توفير تلك الأسباب والمقدمات أو حجبها عنهم ، والتي عبّر عنها البعض بـ (التوفيق) و (سلب التوفيق) لأنّ التوفيق يعني تهيئة المقدمات للوصول إلى الهدف ، وسلب التوفيق يعني عدم تهيئة تلك المقدمات.

ووفقا لهذا فإنّ الهداية الإلهية لا تعني أنّ البارئعزوجل يجبر الإنسان على الوصول إلى الهدف ، وإنّما يضع الوسائل المطلوبة للوصول تحت تصرفهم واختيارهم ، وعلى سبيل المثال ، وجود مربّ جيد ، بيئة سالمة للتربية ، أصدقاء وجلساء صالحين ، وأمثالها ، كلها من المقدمات ، ورغم وجود هذه الأمور فإنّه لا يجبر الإنسان على سلوك سبيل الهداية.

٩٠

وثمّة سؤال يبقى مطروحا ، وهو : لماذا يشمل التوفيق مجموعة دون اخرى؟ المنحازون لهذا التّفسير عليهم أن ينتبهوا إلى حكمة أفعال البارئعزوجل ويعطوا دلائل لهذا الاختلاف ، فمثلا يقولون : إنّ عمل الخير هو سبب التوفيق الإلهي ، وتنفيذ الأعمال الشريرة تسلب التوفيق من الإنسان.

وعلى أيّة حال فإنّ هذا التّفسير جيد ولكن الموضوع ما زال أعمق من هذا.

٤ ـ إنّ أدق تفسير يتناسب مع كلّ آيات الهداية والضلال ، ويفسرها جميعا بصورة جيدة من دون أن يتعارض أدنى تعارض مع المعنى الظاهري ، وهو أنّ الهداية التشريعية التي تعني (إراءة الطريق) لها خاصية عامّة وشاملة ، ولا توجد فيها أي قيود وشروط ، كما ورد في الآية (٣) من سورة الدهر :( إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً ) وفي الآية (٥١) من سورة آل عمران :( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) ومن البديهي أن دعوة الأنبياء هي مظهر دعوة الله تعالى. لأن كلّ ما عند النّبي هو من الله.

وبالنسبة إلى مجموعة من المنحرفين والمشركين ورد في الآية (٢٣) من سورة النجم :( وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى ) .

أمّا الهداية التكوينية فتعني الإيصال إلى الغرض المطلوب ، والأخذ بيد الإنسان في كلّ منعطفات الطريق ، وحفظه وحمايته من كلّ الأخطار التي قد تواجهه في تلك المنعطفات حتى إيصاله إلى ساحل النجاة ، وهي أي الهداية التكوينية ـ موضع بحث الكثير من آيات القرآن الأخرى التي لا يمكن تقييدها بأية شروط ، فالهداية ، هذه تخصّ مجموعة ذكرت أوصافهم في القرآن ، أمّا الضلال الذي هو النقطة المقابلة للهداية فإنه يخص مجموعة اخرى ذكرت أوصافهم أيضا في القرآن الكريم.

ورغم وجود بعض الآيات التي تتحدث عن الهداية والإضلال بصورة مطلقة ، إلا أن هناك الكثير من الآيات الأخرى التي تبيّن ـ بدقة ـ محدوديتهما ، وعند ما

٩١

تضع الآيات (المطلقة) إلى جانب (المحدودة) يتّضح المعنى بصورة كاملة ، ولا يبقى أي غموض أو إبهام في معين الآيات ، كما أنّها ـ أي الآيات ـ تؤّكد بشدة على مسألة الإختيار وحرية الإرادة عند الإنسان ولا تتعارض معهما.

الآن يجب الانتباه إلى التوضيح التالي :

القرآن المجيد يقول في إحدى آياته :( يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ ) وفي مكان آخر يقول البارئعزوجل :( وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) (١) وهذا يبيّن أن الظلم مقدمة للظلال. ومن هنا يتّضح أن الفسق ، أي عدم إطاعة أوامر البارئ تعالى وهو مصدر الضلال.

وفي موضع آخر نقرأ :( وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ) (٢) ، وهنا اعتبر الكفر هو الذي يهيء أرضية الضلال.

وقد ورد في آية اخرى :( إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ ) (٣) يعني أنّ الكذب والكفر هما مقدمة الضلال.

والآية التالية تقول :( إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ) (٤) أي أن الإسراف والكذب يسببان الضلالة.

وبالطبع ، فإنّ ما أوردناه كان جزاء يسيرا من آيات القرآن التي تتناول هذا الموضوع ، فبعض الآيات وردت مرات عديدة في سورة القرآن المختلفة وهي تحمل المعاني والمفاهيم.

إن ما يمكن استنتاجه هو أنّ القرآن الكريم يؤكّد على أنّ الضلالة الإلهية تشمل كلّ من توفرت فيه هذه الصفات (الكفر) و (الظلم) و (الفسق) و (الكذب).

(الإسراف) فهل أن الضلالة غير لائقة بمن تتوفر فيه مثل هذه الصفات!

__________________

(١) البقرة ، ٢٥٨.

(٢) البقرة ، ٢٦٤.

(٣) الزمر ، ٣.

(٤) غافر ، ٢٨.

٩٢

وبعبارة اخرى : هل ينجو قلب من يتصف بتلك الصفات القبيحة ، من الغرق في الظلمات والحجب؟!

وبعبارة اخرى أوضح : أنّ لهذه الأعمال والصفات آثارا تلاحق الإنسان شاء أم أبى ، إذ ترمي بستائرها على عينيه وأذنيه وعقله ، وتؤدي به إلى الضلال ، ولكون خصوصيات كلّ الأشياء وتأثيرات كلّ الأسباب إنّما هي بأمر من الله ، ومن الممكن أيضا أن ينسب الإضلال إليه سبحانه وتعالى في جميع هذه الموارد ، وهذه النسبة هي أساس اختيار الإنسان وحرية إرادته.

هذا فيما يتعلق بالضلالة ، أمّا فيما يخص الهداية ، فقد وردت في القرآن المجيد شروط وأوصاف تبيّن أنّ الهداية لا تقع من دون سبب وخلاف الحكمة الإلهية.

وقد استعرضت الآيات التالية بعض الصفات التي تجعل الإنسان مستحقا للهداية ومحاطا باللطف الإلهي ، منها :( يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (١) .

إذن فاتباع أمر الله ، وكسب مرضاته يهيئان الأرضية للهداية الإلهية.

وفي مكان آخر نقرأ :( إِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ ) (٢) إذن فالتوبة والإنابة تجعلان الإنسان مستحقا للهداية.

وفي آية اخرى ورد :( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (٣) فالجهاد ، وخاصة (الجهاد الخالص في سبيل الله) هو من الشروط الرئيسية للهداية.

وأخيرا نقرأ في آية اخرى :( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً ) (٤) أي أن قطع مقدار من طريق الهداية هو شرط للاستمرار فيه بلطف البارئعزوجل .

__________________

(١) المائدة ، الآية ١٦.

(٢) الرعد ، الآية ٢٧.

(٣) العنكبوت ، الآية ٦٩.

(٤) محمّد ، الآية ١٧.

٩٣

نستنتج من ذلك أنّه لو لم تكن هناك توبة وإنابة من العبد ، ولا اتباع لأوامر الله ، ولا جهاد في سبيله ولا بذل الجهد وقطع مقدار من طريق الحق ، فإن اللطف الإلهي لا يشمل ذلك العبد ، وسوف لا يمسك البارئ بيده لإيصاله إلى الغرض المطلوب.

فهل أنّ شمول هؤلاء الذين يتحلون بهذه الصفات بالهداية هو أمر عبث ، أو أنّه دليل على هدايتهم بالإجبار؟

من الملاحظ أنّ آيات القرآن الكريم في هذا المجال واضحة جدّا ومعناها ظاهر ، ولكن الذين عجزوا عن الخروج بنتيجة صحيحة من آيات الهداية والضلال ابتلوا بمثل هذا الابتلاء و (لأنّهم لم يشاهدوا الحقيقة فقد ساروا في طيق الخيال).

إذن يجب القول بأنّهم هم الذين اختاروا لأنفسهم سبيل (الضلال).

على أية حال ، فإنّ المشيئة الإلهية في آيات الهداية والضلال لم تأت عبثا ومن دون أي حكمة ، وإنّما تتمّ بشرائط خاصّة ، بحيث تبيّن تطابق حكمة البارئعزوجل مع ذلك الأمر.

٢ ـ الاتكال على لطف الله

يعتبر الإنسان كالقشة الضعيفة في مهب الرياح العاتية التي تهب هنا وهناك في كلّ لحظة من الزمان ، ويمكن أن تتعلق هذه القشة بورقة أو غصن مكسور تأخذه الرياح أيضا مع تلك القشة الضعيفة ، ونرميهما جانبا ، وحتى إذا تمكنت يد الإنسان من الإمساك بشجرة كبيرة فإنّ الأعاصير والرياح العاتية تقتلع أحيانا تلك الشجرة من جذورها ، أمّا إذا لجأ الإنسان إلى جبل عظيم فإن أعتى الأعاصير لا تتمكن من أن تزحزح ذلك الجبل ولو بمقدار رأس إبرة من مكانه.

الايمان بالله بمثابة هذا الجبل والاعتماد والاتكال على غير الله بمثابة الاعتماد على الأشياء الواهية ، ولهذا السبب يقول البارئعزوجل في الآيات

٩٤

المذكورة أعلاه :( أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ ) الإعتقاد والإيمان بما جاء في هذه الآية يضيف للإنسان شجاعة واعتمادا على النفس ، وتطمئن خواطره وتهدئها ، كي يصمد ويثبت أمام الحوادث كالجبل ، ولا يخاف حشود الأعداء ، ولا يستوحش من قلّة عدد أتباعه أو أصحابه ، ولا تعبث المشاكل الصعبة بروحه الهادئة المستقرة ، وقد ورد في الحديث «المؤمن كالجبل الراسخ لا تحركه العواصف»

* * *

٩٥

الآيات

( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (٣٨) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣٩) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (٤٠) )

التّفسير

هل إن آلهتكم قادرة على حل مشاكلكم؟

الآيات السابقة تحدثت عن العقائد المنحرفة للمشركين والعواقب الوخيمة التي حلّت بهم ، أمّا آيات بحثنا هذا فإنّها تستعرض دلائل التوحيد كي تكمل البحث السابق بالأدلة ، كما تحدثت الآيات السابقة عن دعم البارئعزوجل لعباده وكفاية هذا الدعم ، والآيات أعلاه تتابع هذه المسألة مع ذكر الدليل.

في البداية تقول الآية :( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) .

٩٦

العقل والوجدان لا يقبلان أن يكون هذا العالم الكبير الواسع بكل هذه العظمة مخلوق من قبل بعض الكائنات الأرضية ، فكيف يمكن للعقل أن يقبل أنّ الأصنام التي لا روح فيها ولا عقل ولا شعور هي التي خلقت هذا العالم ، وبهذا الشكل فإنّ القران يحاكم أولئك إلى عقولهم وشعورهم وفطرتهم ، كي يثبّت أول أسس التوحيد في قلوبهم ، وهي مسألة خلق السماوات والأرض.

وفي المرحلة التالية تتحدث الآيات عن مسألة الربح والخسارة ، وعن مدى تأثيرها على نفع أو ضرر الإنسان ، كي تثبت لهم انّ الأصنام لا دور لها في هذا المجال ، وتضيف( قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ ) (١) .

والآن بعد أن اتّضح أنّ الأصنام ليس بإمكانها أن تخلق شيئا ولا باستطاعتها أن تتدخل في ربح الإنسان وخسارته ، إذن فلم نعبدها ونترك الخالق الأصلي لهذا الكون ، والذي له اليد الطولى في كلّ ربح وخسارة ، ونمد أيدينا إلى هذه الموجودات الجامدة التي لا قيمة لها ولا شعور؟ وحتى إذا كانت الآلهة ممن يمتلك الشعور كالجن أو الملائكة التي تعبد من قبل بعض المشركين ، فإنّ مثل هذا الإله ليس بخالق ولا يمكنه أن يتدخل في ربح الإنسان وخسارته ، وكنتيجة نهائية وشاملة يقول البارئعزوجل ( قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ) .

آيات القرآن المجيد أكّدت ـ ولعدّة مرات ـ على أنّ المشركين يعتقدون بأنّ الله سبحانه وتعالى هو خالق السموات والأرض(٢) . وهذا الأمر يبيّن أن الموضوع كان بالنسبة للمشركين من المسلّمات ، وهذا أفضل دليل على بطلان الشرك ، لأن توحيد خالق الكون والاعتراف بمالكيته وربوبيته أفضل دليل على (توحيد

__________________

(١) المفسّرون واللغويون يفسّرون (أفرأيتم) بأنّها تعطي معنى (أخبروني) في الوقت الذي لا يوجد فيه أي مانع من تفسيرها بمعناها الأصلى وهو رؤية العين أو القلب.

(٢) العنكبوت (٦١) و (٦٣) ، لقمان (٣١) ، الزخرف (٩) و (٨٧).

٩٧

المعبود) ومن كلّ هذا نخلص إلى أن التوكل لا يكون إلّا على الله مع صرف النظر عن عبادة غيره.

وإذا أمعنا النظر في المواجهة التي حدثت بين إبراهيم محطم الأصنام والطاغية نمرود الذي ادعى الربوبية والقدرة على إحياء الناس وإماتتهم ، والذي أنبهت وتحير في كيفية تنفيذ طلب إبراهيمعليه‌السلام عند ما طلب منه أن يجعل الشمس تشرق من المغرب إن كان صادقا في ادعاءاته ، مثل هذه الادعاءات التي يندر وجودها حتى في أوساط عبدة الأصنام ، لا يمكن أن تصدر إلا من أفراد ذوي عقول ضعيفة ومغرورة وبلهاء كعقل نمرود.

والملفت للنظر أنّ الضمير العائد على تلك الآلهة الكاذبة في هذه الآيات ، إنّما جاء بصيغة جمع المؤنث (هن ـ كاشفات ـ ممسكات ـ) وذلك يعود لأسباب :

أوّلا : إنّ الأصنام المعروفة عند العرب كانت تسمى بأسماء مؤنثة اللات ومناة والعزى).

ثانيا : يريد البارئعزوجل بهذا الكلام تجسيد ضعيف هذه الآلهة أمامهم ، وطبقا لمعتقداتهم ، لأنّهم كانوا يعتقدون بضعف وعجز الإناث.

ثالثا : لأنّ هناك الكثير من الآلهة لا روح فيها ، وصيغة جمع المؤنث تستخدم عادة بالنسبة إلى تلك الموجودات الجامدة ، لذا فقد استفيد منها في آيات بحثنا هذا.

كما يجب الالتفات إلى أنّ عبارة( عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ) تعطي معنى الحصر بسبب تقدم كلمة (عليه) وتعني أن المتوكلين يتوكلون عليه فقط.

الآية التالية تخاطب أولئك الذين لم يستسلموا لمنطق العقل والوجدان بتهديد إلهي مؤثر ، إذ تقول :( قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ) (١) .

__________________

(١) ما هو أصل كلمة (مكانة)؟ وماذا تعني؟ أغلب المفسّرين واللغويين قالوا : إنّها تعني المكان والمنزلة ، وهي من مادة

٩٨

ستعلمون بمن سيحل عذاب الدنيا المخزي والعذاب الخالد في الآخرة( مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ ) .

وبهذا الشكل فإنّ آخر كلام يقال لأولئك هو : إمّا أن تستسلموا لمنطق العقل والشعور وتستجيبوا لنداء الوجدان ، أو أن تنتظروا عذابين سيحلان بكم ، أحدهما في الدنيا وهو الذي سيخزيكم ويفضحكم ، والثّاني في الآخرة وهو عذاب دائمي خالد ، وهذا العذاب أنتم اعددتموه لأنفسكم ، وأشعلتم النيران في الحطب الذي جمعتموه بأيديكم.

* * *

__________________

(كون) ولأنّها تستخدم كثيرا بمعنى المكان لهذا يتصور أنّ الميم فيها أصلية ، ولذا أصبح جمع تكسيرها (أمكنة) أما صاحب (لسان العرب) ، فقد ذكر أنّ أصلها (مكنة) و (تمكن) والتي تعني القدرة والاستطاعة ، وعلى أية حال فإنّ مفهوم الآية يكون في الحالة الأولى : ابقوا على مواقفكم ، وفي الحالة الثانية : ابذلوا كلّ ما لديكم من جهد وطاقة.

٩٩

الآيات

( إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (٤١) اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٤٢) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ شُفَعاءَ قُلْ أَوَلَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٤٤) )

التّفسير

الله سبحانه يتوفى الأنفس :

بعد ذكر دلائل التوحيد ، وبيان مصير المشركين والموحدين ، تبيّن الآية الأولى ـ في هذا البحث ـ حقيقة مفادها أن قبول ما جاء في كتاب الله أو عدم قبوله إنّما يعود بالفائدة أو الضرر عليكم ، وإن كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصرّ عليكم في هذا

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653