حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 571
المشاهدات: 202921
تحميل: 4870


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202921 / تحميل: 4870
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 1

مؤلف:
العربية

(نعم) فيما إذا كانت موسعة وكانت مزاحمة بالاهم ببعض الوقت لا في تمامه يمكن أن يقال انه حيث كان الامر بها على حاله وان صارت مضيقة بخروج ما زاحمه الاهم من افرادها من تحتها أمكن أن يؤتى بما زوحم منها بداعي ذاك الامر فانه وان كان خارجا عن تحتها بما هي مأمور بها الا انه لما كان وافيا بغرضها كالباقي تحتها كان عقلا مثله في الاتيان به في مقام الامتثال والاتيان به بداعي ذلك الامر بلا تفاوت في نظره بينهما أصلا (ودعوى) أن الامر لا يكاد يدعو الا إلى ما هو من أفراد الطبيعة المأمور بها وما زوحم منها بالاهم وان كان من أفراد الطبيعة لكنه ليس من أفرادها بما هي مأمور بها (فاسدة) فانه إنما يوجب ذلك إذا كان خروجه عنها بما

______________________________

(قوله: نعم فيما إذا كانت) يعني إذا كانت العبادة موسعة الوقت واتفق لها ضد واجب أهم في بعض وقتها يسقط الامر بها في وقته ويبقى الامر بها بعد وقته لعدم المضادة فحينئذ لو عصى المكلف الامر بالاهم وجاء بالعبادة في وقته أمكنه أن يأتي بها بقصد الامر المتعلق بها فيما بعد وقت الاهم لا بقصد ملاك الامر مثلا لو ابتلي بانقاذ غريق في اول الزوال فتركه واشتغل بصلاة الظهر فانه يصح ان يقصد الامر بصلاة الظهر فيما بعد وقت الانقاذ (قوله: مضيقة بخروج) يعني يختص وقتها بغير وقت الاهم لان الفرد الواقع في وقت الاهم خارج عن دائرة المأمور به إذ لو كان داخلا ايضا بحيث يعمه الامر يلزم الامر بالضدين في وقت واحد ومجرد وجود المندوحة في احدهما لا يرفع التزاحم بين الامرين في مقتضاهما فان الامر بالاهم يقتضي صرف القدرة من المهم إلى متعلقه والامر بالمهم يقتضي خلاف ذلك فلا بد من الالتزام بخروجه عن حيطة الامر (قوله: في الاتيان به في) يعني كما يصح أن يؤتى بالفرد الباقي بداعي الامر بحيث يكون هو الباعث إليه كذلك يصح ان يؤتى بالفرد المزاحم بالاهم الخارج عن الطبيعة بداعي الامر، " أقول ": قد عرفت في البحث التعبدي والتوصلي أن ملاك الامر لا يصلح

٣٢١

هي كذلك تخصيصا لا مزاحمة فانه معها وان كان لا تعمها الطبيعة المأمور بها الا انه ليس لقصور فيه بل لعدم امكان تعلق الامر بما يعمه عقلا وعلى كل حال فالعقل لا يرى تفاوتا في مقام الامتثال وإطاعة الامر بها بين هذا الفرد وسائر الافراد أصلا. هذا على القول بكون الاوامر متعلقة بالطبايع وأما بناء على تعلقها بالافراد فكذلك وان كان جريانه عليه اخفى كما لا يخفى فتأمل (ثم) لا يخفى انه بناء على إمكان الترتب وصحته لا بد من الالتزام بوقوعه من دون انتظار دليل آخر عليه وذلك لوضوح ان

______________________________

للمقربية بما هو هو وانما يصلح لذلك بما انه ملاك الامر بحيث يكون طريقا إلى الامر في مقام الانبعاث من قبله وحينئذ لا يختلف الفرض عما قبله غاية الامر انه في الفرض يكون الامر موجودا وسعته للمأتي به اقتضائية وفيما قبله لا يكون موجودا فالباعث في المقامين امر واحد لبا وهو الامر الاقتضائي وأما لو كانت داعوية الملاك في قبال داعوية نفس الامر فيمتنع الانبعاث من قبل الامر في المقام مع عدم تعلقه بالمأتي به. نعم ربما يكون الامر موجبا لحدوث الداعي إلى فعله من باب كونه مسقطا له لكن هذا ليس من الاطاعة للامر والانقياد إليه الذي هو محل الكلام فانه لا بد في ذلك من كون المأتي به موضوعا للامر (قوله: هي كذلك) يعني مأمور بها (قوله: تخصيصا) يعني لا يكون ملاك الامر موجودا في الفرد الخارج (قوله: لا يرى تفاوتا) هذا مسلم بناء على ما ذكرنا لا غير (قوله: فكذلك) إذ المصحح للامتثال من كون المأتي به واجدا لملاك الامر مع تعلق الامر بغيره حاصل في المقامين. نعم يختلفان في أن المأمور به على القول بالافراد مباين للمأتي به بحيث لا يمكن شموله له بذاته وعلى القول بالطبايع يمكن شموله له بذاته وان لم يشمله بما انه مأمور به ولاجل هذا المقدار من الاختلاف كان جريانه على الاول أخفى (قوله: لابد من الالتزام) يعنى حيث يحرز ملاك الامر في كل منهما مطلقا والا فالمرجع الاصول العملية ولا مجال

٣٢٢

المزاحمة على صحة الترتب لا تقتضي عقلا الا امتناع الاجتماع في عرض واحد لا كذلك، فلو قيل بلزوم الامر في صحة العبادة ولم يكن في الملاك كفاية كانت العبادة مع ترك الاهم صحيحة لثبوت الامر بها في هذا الحال كما إذا لم تكن هناك مضادة.

فصل

(لا يجوز أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه)

خلافا لما نسب إلى أكثر مخالفينا ضرورة أنه لا يكاد يكون الشئ مع عدم علته كما هو المفروض ها هنا فان الشرط من اجزائها وانحلال المركب بانحلال بعض أجزائه مما لا يخفى، وكون الجواز في العنوان بمعنى الامكان الذاتي

______________________________

لحكم العقل بالترتب (قوله: المزاحمة) يعني بين الامرين في الاقتضاء، (قوله: على صحة الترتب) يعني بناء على القول بصحة الترتب ومعقوليته (قوله: لا كذلك) يعنى لا تقتضي امتناع الاجتماع بنحو الترتب فيرفع اليد عن اقتضاء ملاك المهم بالمقدار اللازم في مقام الجمع بينهما فيحكم بعدم ترتب اثره عليه من البعث إليه في ظرف فعل الاهم ويحكم بترتبه عليه في ظرف عدم فعله الاهم

أمر الآمر مع علمه بانتفاء شرطه

(قوله: بانتفاء شرطه) يعني شرط وجود الامر (قوله: مخالفينا) لكن عن جماعة منهم نقل الاتفاق على عدم الجواز (قوله: وكون الجواز في) يعني قد يقال بان انتفاء شرط وجود الامر وان كان يقتضي امتناع الامر كما ذكرت الا ان الامتناع المذكور امتناع بالعرض ويسمى امتناعا بالغير والامتناع بالغير لا ينافي الامكان بالذات فان كل ممكن بالذات في ظرف عدم علته ممتنع بالغير وعلى هذا يصح ان يقال: يجوز الامر مع العلم بانتفاء شرطه،

٣٢٣

بعيد عن محل الخلاف بين الاعلام (نعم) لو كان المراد من لفظ الامر الامر ببعض مراتبه ومن الضمير الراجع إليه بعض مراتبه الاخر بان يكون النزاع في أن أمر الآمر يجوز انشاء مع علمه بانتفاء شرطه بمرتبة فعليته (وبعبارة أخرى) كان النزاع في جواز إنشائه مع العلم بعدم بلوغه إلى المرتبة الفعلية لعدم شرطه لكان جائزا وفى وقوعه في الشرعيات والعرفيات غنى وكفاية ولا تحتاج معه إلى مزيد بيان أو مؤونة برهان، وقد عرفت سابقا أن داعي إنشاء الطلب لا ينحصر بالبعث والتحريك جدا حقيقة بل قد يكون صوريا امتحانا وربما يكون غير ذلك، ومنع كونه أمرا إذا لم يكن بداعي البعث جدا واقعا وان كان في محله إلا أن إطلاق الامر عليه إذا كانت هناك قرينة على انه بداع آخر غير البعث توسعا مما لا باس به اصلا كما لا يخفى، وقد ظهر بذلك حال ما ذكره الاعلام في المقام من النقض والابرام وربما يقع به التصالح بين الجانبين ويرتفع النزاع من البين فتأمل جيدا.

______________________________

بمعنى انه يجوز في ذاته وان كان ممتنعا بالنظر إلى انتفاء شرطه، ولكنه مندفع بان ظاهر الجواز في العنوان ما يقابل الامتناع ولو بالغير لا خصوص الامكان الذاتي المقابل للامتناع الذاتي والا فلا مجال للخلاف فيه بين الاعلام لوضوح ان الامر بالنظر إلى ذاته لا مانع عند العقل من وجوده (قوله: بعيد عن) بل لا مجال لاحتماله بقرينة ذكر انتفاء الشرط (قوله: نعم لو كان المراد) وكذا لو كان المراد من الامر ما يعم المشروط ومن الشرط شرط الامر المعبر عنه بشرط الوجوب كأن يقول مع علمه بعدم الاستطاعة: حج ان استطعت، وقد يظهر من بعض أدلة المجوزين ان المراد من الشرط شرط المأمور به كما يقتضيه ظاهر تحرير العنوان في كلام بعض بمثل (هل يجوز الامر بالشئ مع العلم بانتفاء شرطه ؟) فان الظاهر من الضمير في (مثله) رجوعه إلى الشئ لانه أقرب (قوله: وربما يقع به التصالح) لكن قد يأباه بعض كلماتهم مضافا إلى ما عرفت فراجع

٣٢٤

فصل

(الحق أن الاوامر والنواهي تكون متعلقة بالطبايع دون الافراد)

ولا يخفى أن المراد ان متعلق الطلب في الاوامر هو صرف الايجاد كما أن متعلقه في النواهي هو محض الترك ومتعلقهما هو نفس الطبيعة المحدودة بحدود

تعلق الاوامر والنواهي بالطبايع أو الافراد

______________________________

(قوله: ولا يخفى أن المراد أن) اعلم انه إذا وجد ماء في اناء كان أمور ثلاثة (فرد) من الماء وهو تمام الماء الموجود المحدود الوجود بالحدود الخاصة (وحصة) من الماء وهو كل ما يفرض من نقاط الماء التي يصح انتزاع مفهوم الماء منها كما يصح انتزاعه من تمام الماء الموجود في الاناء فان كل نقطة منه ليست فردا للماء بل جزء الفرد ولكن حصة من الماء (وطبيعة) وهي الجهة المشتركة بين تمام الحصص التي هي منشأ الاثر ومحط الغرض في أي حصة من الحصص المذكورة وجدت أو في أي فرد من الافراد بلا تفاوت بين الافراد ولا بين الحصص. ثم ان الطبيعة المذكورة قد تلحظ بما هي هي بالنظر إلى ذاتها لا غير كما يقال: الماء موجود أو معدوم فترى معروضا للوجود والعدم. وقد تلحظ حاكية عن صرف الوجود وهي المعبر عنها بصرف الوجود كما يقال: النار محرقة. وقد تلحظ حاكية عن كل من الوجودات الخارجية وهي المعبر عنها بالطبيعة السارية، وقد تلحظ حاكية عن احد الوجودات لا بعينة كما في النكرة أو بعينه كما في الفرد المعرف وقد تلحظ على أنحاء أخر (إذا عرفت) ذلك نقول: قد يشعر التقابل بين الطبيعة والفرد في العنوان بان المراد من الطبيعة لحاظها على النحو الاول ومن الفرد ما عرفت من الوجود الواحد المحدود بالحدود الخاصة فيكون مراد القائل بالطبيعة أن موضوع الامر نفس الطبيعة من حيث هي ومراد القائل بالفرد أن موضوعه الوجود الخاص بدخل الخصوصيات في موضوعه وحيث أن الخصوصيات المقومة للفرد ليست دخيلة في الغرض الباعث على الامر فيمتنع أخذها

٣٢٥

في موضوعه أورد المصنف (ره) على القائلين بالفرد بذلك، وحيث أن الطبيعة من حيث هي ليست أيضا موضوعا للغرض ولا محطا للاثر المقصود منها وجه القول بالطبيعة - تبعا للفصول - بأن الامر ليس هو الطلب مطلقا كي يمتنع تعلقه بالماهية من حيث هي بل هو طلب الوجود، وكذلك النهي ليس هو الزجر عن الماهية كذلك بل هو طلب العدم فالوجود والعدم المأخوذان في موضوع الامر والنهي متعلقان بالماهية من حيث هي ولا اشكال فيه " أقول ": كان الاولى في توجيه القول بالطبيعة حمل الطبيعة في كلامهم على الملحوظة حاكية عن الوجود لا جعل الوجود داخلا في مفهوم الامر ولا جعل العدم داخلا في مفهوم النهي إذ الامر - كما تقدم - نفس الطلب. والنهي - كما يأتي - نفس المنع والزجر لا طلب العدم فهما ضدان يتعلقان بالوجود كما يتعلقان بالعدم - مع أن التوجيه المذكور لا يتم لو صرح بمادة الطلب كما لو قال: أطلب القيام، نعم استدلال القائلين بالطبيعة بأن المصادر المجردة عن اللام والتنوين موضوعة للطبيعة من حيث هي يأبى ما ذكرناه، وأيضا فان الرد على القول بالفرد بما ذكره أخذا بظاهر لفظ الفرد غير ظاهر الوجه بعد ظهور أدلتهم في خلافه فان استدلالهم بأن الطبيعة من حيث هي لا وجود لها في الخارج ظاهر في نفي الطبيعة من حيث هي لا في اعتبار الخصوصيات في موضوع الامر كيف ولا يحسن الظن بقول أحد منهم بذلك - مع أن الاولى - حسبما ذكره هو الرد عليهم بأن الفرد هو الوجود الخاص فيلزم من تعلق الامر بالفرد بعد البناء على دخل الوجود في مفهوم الامر أن يكون معنى الامر بالفرد طلب وجود الوجود وهو مما لا معنى له كما اشار إلى ذلك في الفصول في ذيل كلامه فتأمل جيدا، فالمتحصل إذا أنه لا مجال لاحتمال كون الماهية من حيث هي أو الخصوصيات الفردية مقومة لموضوع الطلب بل موضوعه الماهية الحاكية عن الوجود فان أراد كل من القائل بالطبيعة والفرد ذلك ففي محله ويكون النزاع لفظيا وإن أراد غيره فهو ساقط. والله سبحانه أعلم

٣٢٦

والمقيدة بقيود تكون بها موافقة للغرض والمقصود من دون تعلق غرض باحدى الخصوصيات اللازمة للوجودات بحيث لو كان الانفكاك عنها باسرها ممكنا لما كان ذلك مما يضر بالمقصود اصلا كما هو الحال في القضية الطبيعية في غير الاحكام، بل في المحصورة على ما حقق في غير المقام وفى مراجعة الوجدان للانسان غنى وكفاية عن اقامة البرهان على ذلك حيث يرى إذا راجعه انه لا غرض له في مطلوباته الا نفس الطبايع ولا نظر له الا إليها من دون نظر إلى خصوصياتها الخارجية وعوارضها العينية وأن نفس وجودها السعي بما هو وجودها تمام المطلوب وان كان ذاك الوجود لا يكاد ينفك في الخارج عن الخصوصية (فانقدح) بذلك أن المراد بتعلق الاوامر بالطبايع دون الافراد انها بوجودها السعي بما هو وجودها - قبالا لخصوص الوجود - متعلقة للطلب لا أنها بما هي هي كانت متعلقة له كما ربما يتوهم فانها كذلك ليست الا هي (نعم) هي كذلك تكون متعلقة للامر فانه طلب الوجود

______________________________

(قوله: والمقيدة بقيود) ذاتية مثل: الحيوان الناطق، أو غيرها مثل: الرجل العالم (قوله: الخصوصيات) يعني المقومة لفردية الفرد (قوله: في القضية الطبيعية) فان الحكم فيها على نفس الطبيعة من حيث هي مثل الانسان كلي، (قوله: بل في المحصورة) يعني التي هي قسيمة للطبيعية فانها وان ذكر في تحديدها أنها ما يكون الحكم فيها على الافراد إلا أن المحقق في محله أن الحكم فيها ايضا على الطبيعة الملحوظة سارية في الافراد لا من حيث هي كما في الطبيعية، (قوله: وجودها السعي) يعني الذي فيه سعة حيث انه يتحد مع وجود كل فرد بخلاف وجود الفرد (قوله: لا يكاد ينفك) لانه يتحد مع الفرد المتقوم بالخصوصية (قوله: لخصوص الوجود) يعني وجود الفرد (قوله: ليست الا هي) من المعلوم ان كل شئ بما هو هو ليس الا هو، ولكن لا ينافي ذلك كونه معروضا لعوارضه فان زيدا من حيث هو لا صحيح ولا مريض بمعنى أنه ليست الصحة والمرض من مقوماته وذاتياته وان كان بلحاظ طروء الصحة

٣٢٧

فافهم (دفع وهم) لا يخفى ان كون وجود الطبيعة أو الفرد متعلقا للطلب انما يكون بمعنى ان الطالب يريد صدور الوجود من العبد وجعله بسيطا الذي هو مفاد كان التامة وافاضته لا أنه يريد ما هو صادر وثابت في الخارج كي يلزم طلب الحاصل كما توهم ولا جعل الطلب متعلقا بنفس الطبيعة وقد جعل وجودها غاية لطلبها وقد عرفت ان الطبيعة بما هي هي ليست الا هي لا يعقل ان يتعلق بها طلب لتوجد أو تترك وأنه لابد في تعلق الطلب من لحاظ الوجود أو العدم معها فيلاحظ وجودها فيطلبه ويبعث

______________________________

عليه أو المرض يكون صحيحا أو مريضا فكون الطبيعة من حيث هي لا مطلوبة ولا غير مطلوبة لا ينافي كونها بلحاظ تعلق الطلب بها تكون مطلوبة أو عدم تعلقه فلا تكون مطلوبة فالعمدة في عدم تعلق الطلب بالطبيعة من حيث هي انها كذلك ليست موضوعا للاثر ومحطا للغرض كما ذكر (قوله: فافهم) لعله اشارة إلى الاشكال في الفرق بين الطلب والامر من حيث دخل الوجود في مفهوم الثاني دون الاول كما عرفت (قوله: دفع وهم لا يخفى) تقريب الوهم ان الطلب إذا كان متعلقا بالوجود كان عارضا عليه وحينئذ فاما أن يكون عروضه عليه قبل تحققه أو بعده فعلى الاول يلزم وجود العارض بدون المعروض وعلى الثاني يلزم تحصيل الحاصل وما ذكره المصنف (ره) دفعا له من أن موضوع الطلب ليس الوجود بل صدوره وجعله غير دافع لانه يقرر أيضا في الصدور كما يقرر في الوجود - مع أن الفرق بين الصدور والوجود بمحض الاعتبار فان الوجود عين الصدور حقيقة (فالدافع) للاشكال أن الموضوع للطلب ليس هو الوجود الخارجي بل الذهني اللحاظي الذي لا يلتفت إلى ذهنيته فيرى خارجيا ولذا يسري إلى كل منهما عارض الآخر فيرى موضوعا للغرض مع أن موضوعه هو الوجود الخارجي ويرى الوجود الخارجي موضوعا للطلب فيقال: جاء بالمطلوب، مع ان الطلب لم يتعلق به حقيقة وقد أشرنا إلى ذلك في الوجوب التعليقي (قوله: وجعله بسيطا) تقدم شرحه في تأسيس الاصل من مبحث المقدمة (قوله: الوجود أو العدم) إشارة إلى الامر والنهي

٣٢٨

إليه كى يكون ويصدر منه هذا بناء على أصالة الوجود وأما بناء على أصالة الماهية فمتعلق الطلب ليس هو الطبيعة بما هي أيضا بل بما هي بنفسها في الخارج فيطلبها كذلك لكي يجعلها بنفسها من الخارجيات والاعيان الثابتات لا بوجودها كما كان الامر بالعكس على أصالة الوجود، وكيف كان فيلحظ الآمر ما هو المقصود من الماهية الخارجية أو الوجود فيطلبه ويبعث نحوه ليصدر منه ويكون ما لم يكن فافهم وتأمل جيدا

فصل

(إذا نسخ الوجوب فلا دلالة لدليل الناسخ ولا المنسوخ على بقاء الجواز)

بالمعنى الاعم ولا بالمعنى الاخص كما لا دلالة لهما على ثبوت غيره من الاحكام ضرورة ان ثبوت كل واحد من الاحكام الاربعة الباقية بعد ارتفاع الوجوب واقعا ممكن ولا دلالة لواحد من دليلي الناسخ أو المنسوخ باحدى الدلالات على تعيين واحد منها

______________________________

(قوله: على أصالة الوجود) اشارة إلى الخلاف المعروف في فن المعقول من أن الاصل في التحقيق هو الوجود فهو الصادر حقيقة والماهية أمر اعتباري محض - كما هو المنسوب إلى المحققين من المشائين أو أن الاصل هو الماهية فهي الصادر حقيقة والوجود أمر اعتباري كما هو مذهب شيخ الاشراق شهاب الدين السهروردي وغيره (قوله: اصالة الماهية) يعني لا مجال - على هذه الدعوى - لاحتمال كون متعلق الطلب هو الوجود إذ المطلوب لابد أن يكون أمرا حقيقيا فيكون متعلق الطلب نفس الماهية لا من حيث هي بل من حيث كونها خارجية فانها كذلك تكون موضوعا للاثر ومحطا للغرض على أن يكون الموضوع حقيقة للطلب الماهية الذهنية الحاكية عن الخارجية كما عرفت

٣٢٩

كما هو أوضح من ان يخفى فلا بد للتعيين من دليل آخر ولا مجال لاستصحاب الجواز إلا بناء على جريانه في القسم الثالث من اقسام استصحاب الكلي وهو ما إذا شك في حدوث فرد كلي مقارنا لارتفاع فرده الآخر وقد حققنا في محله أنه لا يجرى الاستصحاب فيه ما لم يكن الحادث المشكوك من المراتب القوية أو الضعيفة المتصلة بالمرتفع بحيث عد عرفا - لو كان - أنه باق لا أنه أمر حادث غيره ومن المعلوم ان كل واحد من الاحكام مع الآخر عقلا وعرفا من المباينات والمتضادات غير الوجوب والاستحباب فانه

______________________________

نسخ الوجوب

(قوله: هو أوضح) لوضوح عدم المنشأ للدلالة المذكورة أما في الناسخ فظاهر وأما في المنسوخ فلانه وان دل على الجواز لكن خصوص الجواز المتحصل بالوجوب فبعد ارتفاع الوجوب لا يكون الجواز على تقدير ثبوته متحصلا بالوجوب بل بغيره فلا يدل عليه (قوله: لا مجال لاستصحاب) يعني قد يتوهم أنه بعد سقوط الادلة عن الحجية لعدم الدلالة يرجع إلى الاصل العملي وهو الاستصحاب فان الفعل حين كان واجبا كان جائزا فإذا ارتفع وجوبه يشك في ارتفاع جوازه فيستصحب ولكنه مندفع بأن الجواز لا يثبت إلا في ضمن أحد الاحكام الاربعة غير التحريم والاحكام الاربعة متباينات فإذا كان ثابتا في ضمن الوجوب وعلم بارتفاع الوجوب واحتمل ثبوت الجواز في ضمن الاباحة مثلا فقد علم بارتفاع الوجود الاول للكلي وشك في وجود آخر له مقارن لارتفاع الاول وهذا هو القسم الثالث من اقسام الشك في وجود الكلي المحقق فيما يأتي إنشاء الله عدم جريان الاستصحاب فيه لانه مع تعدد الوجود لا يصدق الشك في البقاء الذي هو مجرى الاستصحاب (قوله: وهو ما إذا) تفسير للقسم الثالث لكن سيجئ أن له صورة أخرى (قوله: من المراتب القوية) كما لو كان الثوب ضعيف

٣٣٠

وان كان بينهما التفاوت بالمرتبة والشدة والضعف عقلا الا انهما متباينان عرفا فلا مجال للاستصحاب إذا شك في تبدل احدهما بالآخر فان حكم العرف ونظره يكون متبعا في هذا الباب

فصل

إذا تعلق الامر بأحد الشيئين أو الاشياء ففي وجوب كل واحد على التخيير

______________________________

السواد فوضع في الشمس مثلا وعلم بعدم بقائه على السواد الضعيف بل إما زال سواده بالمرة أو اشتد سواده فانه يستصحب بقاء سواده في الجملة أو كان الثوب شديد السواد فغسل بالماء وعلم بعدم بقائه على سواده القوي بل إما زال بالمرة أو بقي له سواد ضعيف فان الاستصحاب يجري في السواد أيضا لصدق الشك في البقاء عرفا (أقول): بل الظاهر صدقه حقيقة ودقة لان الضعيف لا يباين القوي وجودا بل هو من مراتبه وإنما يباينه حدا ومثله لا يمنع من صدق الشك في البقاء حقيقة فلا ينبغي عد هذا من القسم الثالث وإن صدر من كثير من الاعاظم (قوله: وان كان بينهما التفاوت) قد عرفت فيما سبق أنهما أيضا متباينان (قوله: فلا مجال للاستصحاب) (أقول): يكفي في إثبات الجواز استصحاب الرضا بالفعل الثابت حال وجوبه إذ لو ثبت الرضا به بعد ارتفاع الوجوب لا يكون وجودا آخر للرضا بل يكون الرضا الاول باقيا وإذا ثبت الرضا به - ولو بالاستصحاب - كان جائزا عقلا لان الاحكام التكليفية إنما تكون موضوعا للعمل في نظر العقل بمناط حكايتها عن الارادة والكراهة والرضا لا بما هي هي ويكفي في اثبات الاستحباب استصحاب نفس الارادة النفسانية إذ مجرد رفع الوجوب لا يدل على ارتفاعها وإذا ثبتت الارادة المذكورة ثبت الاستحباب لانه يكفى فيه الارادة للفعل مع الترخيص في الترك الثابت قطعا بنسخ الوجوب

٣٣١

بمعنى عدم جواز تركه إلا إلى بدل، أو وجوب الواحد لا بعينه، أو وجوب كل منهما مع السقوط بفعل أحدهما، أو وجوب المعين عند الله أقوال (والتحقيق) ان يقال: انه (ان كان) الامر باحد الشيئين بملاك أنه هناك غرض واحد يقوم به كل واحد منهما بحيث إذا أتي بأحدهما حصل به تمام الغرض ولذا يسقط به الامر كان الواجب في الحقيقة هو الجامع بينهما وكان التخيير بينهما بحسب الواقع عقليا لا شرعيا وذلك لوضوح أن الواحد لا يكاد يصدر من الاثنين بما هما اثنان ما لم يكن بينهما جامع في البين لاعتبار نحو من السنخية بين العلة والمعلول وعليه فجعلهما متعلقين للخطاب الشرعي لبيان ان الواجب هو الجامع بين هذين الاثنين (وان كان)

______________________________

الواجب التخييري

(قوله: بمعنى عدم جواز) تفسير للتخيير فيكون الوجوب التخييري على هذا المذهب الالزام بالفعل والمنع من تركه إلى غير بدل فيكون كل واحد من عدلي الوجوب التخييري واجبا على النحو المذكور وبهذا يتضح الفرق بين هذا القول والقول الثاني إذ عليه يكون الواجب واحدا لا غير، وأما الفرق بينه وبين الثالث فهو ان الوجوب - على الثالث - تعييني بالنسبة إلى كل من الافراد غايته أن امتثال واحد منها مسقط لغيره كما يسقط الواجب بغير الواجب مثل قراءة الامام المسقطة لقراءة المأموم على احتمال (قوله: المعين عند الله تعالى) المفسر كلام قائله بأنه ما يفعله المكلف وهو بظاهره في غاية الوهن إذ لو كان تعينه بذلك لزم عدم العقاب على ترك الافراد جميعها - مع انه قد يفعل الجميع فلا تميز للواجب حينئذ واقعا، ولذا حكي أن القول المذكور تبرأ كل من المعتزلة والاشاعرة منه (قوله: لا شرعيا) يمكن أن يكون جعل الافراد متعلقا للخطاب الشرعي على التخيير هو المصحح لتسميته تخييرا شرعيا فتأمل (قوله: نحو من السنخية) وإلا لاثر كل شئ في كل شئ كما قيل (قوله: لا يكاد يحصل) عدم حصول

٣٣٢

بملاك أنه يكون في كل واحد منهما غرض لا يكاد يحصل مع حصول الغرض في الآخر كان كل واحد واجبا بنحو من الوجوب يستكشف عنه تبعاته من عدم جواز تركه إلا إلى الآخر وترتب الثواب على فعل الواحد

______________________________

الغرضين من الفردين (تارة) يكون بشرط اجتماعهما في زمان واحد وحكمه أنه لا يجوز الجمع بينهما كذلك بل يفعلهما المكلف على التعاقب لئلا يفوت الغرض الواجب التحصيل (وأخرى) يكون مطلقا ولو كانا في زمانين، وحينئذ (فتارة) لا يترتب عليهما غرض اصلا في ظرف الاجتماع فلا يجوز الجمع بينهما أيضا كما سبق (وأخرى) يترتب غرض على أحدهما دون الآخر وحكمه جواز الجمع بينهما ولا يجب لعدم الغرض فيه (قوله: واجبا بنحو من الوجوب) يعني ليس على نحو الوجوب التعييني ليجب الجمع بينهما عقلا لان ثبوت الوجوب التعييني مطلقا لكل منهما يتوقف على ثبوت الغرض فيه مطلقا والمفروض أنه لا غرض في كل منهما مطلقا بل الغرض يكون في ظرف عدم الآخر فلا بد أن يكون الوجوب ثابتا لكل منهما في ظرف عدم الآخر لانه تابع للغرض سعة وضيقا كما يكون تابعا له وجودا وعدما فيكون كل واحد منهما - بما هو هو لا بما هو فرد للجامع - واجبا لا مطلقا بل في حال عدم فعل الآخر وهذا هو الوجوب التخييري نعم لازم ذلك أن لا يكون أحدهما واجبا في ظرف الجمع بينهما لان تلك الحال ليست حال عدم الآخر وهو إنما يتم في الصورة الاولى إذ في الثانية يكون ما يترتب عليه الغرض منهما واجبا في حال الاجتماع الا ان يكون ما يترتب عليه الغرض خصوص السابق منهما فيكون وجوبه في حال عدم الآخر بنحو الشرط المتقدم صحيحا فتأمل جيدا (قوله: وترتب الثواب) أما إذا فعل واحدا منهما دون الآخر فترتب الثواب ظاهر ولو فعلهما معا ففي الصورة الاولى ينبغي عدم ترتب الثواب أصلا لان كل واحد منهما ليس واجبا لعدم ترتب الغرض عليه وفى الصورة الثانية يترتب الثواب

٣٣٣

منهما والعقاب على تركهما فلا وجه في مثله للقول بكون الواجب هو(١) احدهما لا بعينه مصداقا ولا مفهوما كما هو واضح الا ان يرجع إلى ما ذكرنا فيما إذا كان الامر بأحدهما بالملاك الاول من ان الواجب هو الواحد الجامع بينهما

______________________________

على فعل ما يترتب عليه الغرض بخصوصه دون الآخر (قوله: والعقاب على تركهما) ظاهره لا سيما بملاحظة ما سبق إرادة عقاب واحد على مجموع التركين لا عقابين على ترك كل واحد منهما لكن عرفت فيما سبق أن اللازم القول بترتب عقابين لتفويته كل واحد من الغرضين بلا عذر (قوله: كما هو واضح) إذ مصداق أحدهما لا بعينه لا خارجية له ليكون موضوعا للغرض فيمتنع ان يتعلق به الامر ولاجل ذلك يمتنع تعلق الامر بمفهومه أيضا - مضافا إلى أن مفهوم الوحدة من الامور الاعتبارية التي لا تكون موضوعا للتكليف ولاجل ذلك يمتنع التكليف بمفهوم الواحد بعينه وان جاز التكليف بمصداقه، ومن هنا يظهر الاشكال في حاشية المصنف (ره) في المقام حيث جوز تعلق العلم الذي هو من الصفات الحقيقية بالامر المردد فضلا عن مثل الوجوب الذي هو من الصفات الاعتبارية، وأما تعلق العلم بالمردد فأعظم إشكالا لان التردد والعلم ضدان فالمعلوم يمتنع ان يكون مرددا نعم قد يكون انطباقه على الخارج مرددا وأين هذا من تعلق العلم بالمردد ؟ مع انه إذا بني على جواز تعلق الوجوب به فلا مجال لانكار صحة البعث إليه وهل الوجه في تعلق الوجوب به الا البعث نحو فعله واحداث الداعي لارادته

______________

(١) فانه وان كان مما يصح ان يتعلق به بعض الصفات الحقيقية ذات الاضافة كالعلم فضلا عن الصفات الاعتبارية المحضة كالوجوب والحرمة وغيرهما مما كان من خارج المحمول الذي ليس بحذائه في الخارج شئ غير ما هو منشأ انتزاعه الا انه لا يكاد يصح البعث حقيقة إليه والتحريك نحوه كما لا يكاد يتحقق الداعي لارادته والعزم عليه ما لم يكن مائلا إلى ارادة الجامع والتحرك نحوه فتأمل جيدا. منه قدس سره

٣٣٤

ولا احدهما معينا مع كون كل منهما مثل الآخر في أنه واف بالفرض ولا كل واحد منهما تعينا مع السقوط بفعل احدهما بداهة عدم السقوط مع امكان استيفاء ما في كل منهما من الغرض وعدم جواز الايجاب كذلك مع عدم امكانه فتدبر (بقي الكلام) في أنه هل يمكن التخيير عقلا أو شرعا بين الاقل والاكثر أولا ؟ ربما يقال بأنه محال فان الاقل إذا وجد كان هو الواجب لا محالة ولو كان في ضمن الاكثر لحصول الغرض به وكان الزائد عليه من أجزاء الاكثر زائدا على الواجب لكنه ليس كذلك فانه إذا فرض ان المحصل للغرض فيما إذا وجد الاكثر هو الاكثر لا الاقل الذي في ضمنه بمعنى ان يكون لجميع أجزائه حينئذ دخل في حصوله وان كان الاقل لو لم يكن في ضمنه كان وافيا به أيضا فلا محيص عن التخيير بينهما إذ تخصيص الاقل بالوجوب حينئذ كان بلا مخصص فان الاكثر بحده يكون مثله على الفرض مثل ان يكون الغرض الحاصل من رسم الخط مترتبا على الطويل إذا رسم بماله من الحد لا على القصير في ضمنه، ومعه كيف يجوز

______________________________

فكلامه (قدس سره) محتاج إلى مزيد التأمل (قوله: ولا أحدهما معينا) معطوف على قوله: ولا وجه، يعني لا وجه لهذا القول ايضا (قوله: مع كون) بيان لنفي الوجه (قوله: ولا كل) هذا ايضا معطوف على ما سبق (قوله: الايجاب كذلك) يعني تعيينيا (قوله: فتدبر) يمكن ان يكون اشارة إلى إمكان كون مراد القائل بذلك وجوب كل منهما في الجملة بنحو يقتضي المنع عن تركه إلا إلى الآخر كما تقدم في الفصول التصوير الثاني (قوله: لا محالة) لانه أحد الفردين حسب الفرض (قوله: زائدا على الواجب) يعني ولا يكون بعض الواجب حتى يكون الواجب هو تمام الاكثر كما هو معنى التخيير بين الاقل والاكثر (قوله: فانه إذا فرض) يعني أن ما ذكر إنما يتم لو كان الواجب صرف وجود الطبيعة لانه يصدق على الاقل بمجرد حصوله فيسقط الامر فلا يجب الزائد عليه أما إذا كان الواجب هو الوجود الخاص (أعني وجودا واحدا

٣٣٥

تخصيصه بما لا يعمه ومن الواضح كون هذه الفرض بمكان من الامكان (ان قلت): هبه في مثل ما إذا كان للاكثر وجود واحد لم يكن للاقل في ضمنه وجود على حدة كالخط الطويل الذي رسم دفعة بلا تخلل سكون في البين لكنه ممنوع فيما كان له في ضمنه وجود كتسبيحة في ضمن تسبيحات ثلاث أو خط طويل رسم مع تخلل العدم في رسمه فان الاقل قد وجد بحده وبه يحصل الغرض على الفرض ومعه لا محالة يكون الزائد عليه مما لا دخل له في حصوله فيكون زائدا على الواجب لا من أجزائه (قلت): لا يكاد يختلف الحال بذاك فانه مع الفرض لا يكاد يترتب الغرض على الاقل في ضمن الاكثر وإنما يترتب عليه بشرط عدم الانضمام ومعه كان مترتبا على الاكثر بالتمام (وبالجملة) إذا كان كل واحد من الاقل والاكثر بحده مما يترتب عليه الغرض فلا محالة يكون الواجب هو الجامع بينهما وكان التخيير بينهما عقليا ان كان هناك غرض واحد وتخييرا شرعيا فيما كان هناك غرضان على ما عرفت (نعم) لو كان الغرض مترتبا على الاقل من دون دخل للزائد لما كان الاكثر مثل الاقل وعدلا له بل كان فيه اجتماع الواجب وغيره

______________________________

تاما من الطبيعة) فهذا المفهوم لا ينطبق على الاقل بمجرد حصوله مطلقا بل يتوقف على كونه تمام الفرد فإذا شرع في الواجب فحصلت ذات الاقل لم يصدق أنه تمام الفرد حتى ينقطع الوجود فان انقطع عليه كان هو الواجب وان لم ينقطع لم يصدق الواجب الا على تمام الوجود إلى آخره (قوله: تخصيصه بما) يعني تخصيص الوجوب بالاقل الذي لا يعم الاكثر (قوله: هذا الفرض) يعني فرض دخل خصوصية الوجود في الغرض لتكون مقومة للمأمور به (قوله: فيما كان له في ضمنه) يعني ما ذكر لا يتم فيما لو كان الاكثر عبارة عن وجودات متعددة متباينة لان الاقل وجود خاص محدود فيصدق عليه الواجب ويسقط به الامر (قوله: على الفرض) يعني فرض دخل خصوصية الوجود في الغرض (قوله: فانه مع الفرض) يعني يمكن اجراء ما ذكرنا في مورد النقض أيضا بأن تكون

٣٣٦

مستحبا كان أو غيره حسب اختلاف الموارد فتدبر جيدا

فصل في وجوب الواجب الكفائي

والتحقيق انه سنخ من الوجوب وله تعلق بكل واحد بحيث لو اخل بامتثاله الكل

______________________________

الخصوصية المعتبرة زائدة على الطبيعة عدم انضمام الزائد فالاقل إنما يكون مصداقا للواجب ومحصلا للغرض بشرط عدم انضمام الزائد عليه، وفى حال الانضمام لا يترتب عليه الاثر وإنما يترتب على تمام الاكثر (أقول): قد عرفت ان ما يعتبر عدمه في ترتب الاثر على الشئ هو المانع فإذا كان الانضمام مانعا من ترتب الاثر على الاقل كيف يكون دخيلا في ترتب الاثر عليه معه كما هو معنى جعل الاثر مستندا إلى تمام الاكثر مع أن استناد الاثر إلى الاكثر ان كان بلحاظ الجهة الواحدة المشتركة بينه وبين الاقل فاللازم الاستناد إلى الاقل لانه أسبق وان كان بلحاظ جهة التكثر امتنع ان يستند إلى الاقل بشرط عدم الانضمام لعدم التكثر فيه (اللهم) إلا أن يقال: ان الوجودات المتعاقبة وان تخلل بينهما العدم ربما تكون تحت وحدة عرضية بها تكون مؤثرة وهذه الوحدة كما تقوم بالاقل تقوم بالاكثر بتمامه مثل مفهوم الورد فانه يصدق على القليل وعلى الكثير بنحو واحد فإذا كان المؤثر في الغرض هو منشأ انتزاع هذا المفهوم وفرض انه يحصل بالقليل كما يحصل بالكثير بعينه كان المكلف مخيرا بين الاقل والاكثر فتأمل (قوله: مستحبا كان) يعني أن الزائد على الواجب قد يكون مستحبا شرعا وقد لا يكون ثم إن هذا كله في الاكثر التدريجي وأما الدفعي فلا مجال للاشكال فيه لان صرف الوجود كما ينطبق على القليل ينطبق على الكثير فان الكثير صرف الوجود كالقليل

الوجوب الكفائي

(قوله: والتحقيق انه سنخ) هذا السنخ نظير سنخ الوجوب التخييري وإنما يفترقان من حيث أن التعدد هناك في فعل مكلف واحد مع توجه الخطاب إليه

٣٣٧

لعوقبوا على مخالفته جميعا وان سقط عنهم لو اتى به بعضهم وذلك لانه قضية ما إذا كان هناك غرض واحد حصل بفعل واحد صادر عن الكل أو البعض كما أن الظاهر هو امتثال الجميع لو أتوا به دفعة واستحقاقهم للمثوبة وسقوط الغرض بفعل الكل كما هو قضية توارد العلل المتعددة على معلول واحد.

فصل

لا يخفى انه وان كان الزمان مما لابد منه عقلا في الواجب الا انه (تارة) مما له دخل فيه شرعا فيكون موقتا (وأخرى) لا دخل له فيه أصلا فهو غير موقت والموقت إما أن يكون الزمان المأخوذ فيه بقدره فمضيق، وإما أن يكون أوسع منه فموسع ولا يذهب عليك ان الموسع كلي كما كان له أفراد دفعية كان له افراد تدريجية يكون التخيير بينهما كالتخيير بين أفرادها الدفعية عقليا

______________________________

وحده فيقتضي فعل كل منها في ظرف عدم فعل ما عداه والتعدد هنا في المكلف فيكون فعل كل واحد من المكلفين مما يقتضيه الوجوب في ظرف عدم فعل الآخر (قوله: لعوقبوا) لمخالفة كل منهم التكليف المتوجه إليه (قوله: به بعضهم) إذ لا اقتضاء له إلا في ظرف عدم الفعل من بعض (قوله: غرض واحد) يمكن تصويره في الغرضين المتنافيين حسبما تقدم في الوجوب التخييري الا أن يمنع منه وحدة السنخية بين جميع أفعال المكلفين فتأمل (قوله: كما هو قضية توارد) فان العلل المجتمعة يترتب عليها المعلول ويستند الاثر إلى صرف الجامع بينها ببرهان امتناع استناد الاثر إلى كل منها بما أنه غير الآخر وفى المقام كذلك فان فعل كل مكلف إذا كان علة لحصول الغرض فعند فعل الجميع يكون من قبيل اجتماع العلل

الموقت

(قوله: فيه شرعا) بأن أخذ قيدا لموضوع الحكم الشرعي (قوله: بقدره) كصوم رمضان (قوله: اوسع) كالصلاة اليومية ويمتنع أن يكون الزمان أضيق لان التكليف بالفعل فيه

٣٣٨

ولا وجه لتوهم أن يكون التخيير بينها شرعيا ضرورة أن نسبتها إلى الواجب نسبة أفراد الطبايع إليها كما لا يخفى، ووقوع الموسع فضلا عن امكانه مما لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه ولا اعتناء ببعض التسويلات كما يظهر من المطولات (ثم) انه لا دلالة

______________________________

تكليف بالمحال. نعم قد يكون الزمان وقتا لبعضه كما فيمن أدرك ركعة من الوقت - بناء على كون خارج الوقت ليس وقتا لباقي الفعل كما هو الظاهر لعدم التلازم بين التنزيلين كما ذكرناه في محله (قوله: ولا وجه لتوهم) هذا التوهم محكي عن العلامة (ره) وجماعة وكأن المنشأ فيه أن الزمان الموسع لما امتنع تطبيق الواجب عليه كان معنى تقييد الواجب به تقييده بكل جزء منه على البدل ويكون معنى: صل في الوقت الكذائي، صل في أوله أو بعده أو بعده... وهكذا فيكون تخييرا شرعيا بين الافراد " أقول ": إن كان المايز بين التخيير الشرعي والعقلي وحدة الغرض وتعدده فكون التخيير في المقام شرعيا أو عقليا تابع لذلك وإن صرح بالتقييد بكل قطعة من الزمان على البدل، وإن كان المايز وقوع التخيير في لسان الشارع فالتخيير في المقام بين القطع الزمانية ليس في لسان الشارع، ومجرد الامر بالطبيعة فيما بين أول الوقت وآخره لا يقتضي التخيير بين القطع الزمانية وليس حال الطبيعة بالنسبة إلى الافراد التدريجية إلا كحالها بالنسبة إلى الافراد الدفعية كما ذكر المصنف " ره " (قوله: ببعض التسويلات) كما يحكى عن جماعة من القدماء فاحالوه عقلا ومنعوا من وقوعه شرعا مستندين في ذلك إلى أنه يلزم جواز الترك من وقت إلى آخر فيلزم جواز ترك الواجب وأنه ينافي وجوبه - وهو كما ترى - إذ جواز الترك إلى بدل لا ينافي الوجوب كما في الوجوب التخييري (قوله: ثم إنه لا دلالة) الكلام يكون تارة في مقام الثبوت وأخرى في مقام الاثبات أما الاول فهو أن الزمان المعين (تارة) يكون دخيلا في تمام مراتب مصلحة الواجب بحيث تفوت المصلحة من أصلها بفوات الزمان ويعبر عنه بوحدة المطلوب، (وأخرى) يكون دخيلا في بعض مراتبها دون بعض بحيث يترتب على

٣٣٩

للامر بالموقت بوجه على الامر به في خارج الوقت بعد فوته في الوقت لو لم نقل بدلالته على عدم الامر به (نعم) لو كان التوقيت بدليل منفصل لم يكن له اطلاق على التقييد بالوقت وكان لدليل الواجب اطلاق لكان قضية اطلاقه ثبوت الوجوب بعد انقضاء الوقت وكون التقييد به بحسب تمام المطلوب لا أصله (وبالجملة)

______________________________

الفعل في خارج الوقت بعض المصلحة (ففي الاول) لا يجب الفعل في خارج الوقت لعدم المصلحة فيه ولو دل دليل على وجوبه كان من قبيل التدارك والجبران لما فات نظير بعض الكفارات المترتبة على ترك بعض الواجبات خطأ (وفى الثاني) يجب الفعل ان كان الباقي من المصلحة مما يجب تداركه، ويستحب إن كان مما يستحب تداركه (وأما) الكلام في الثاني فهو أن التوقيت (تارة) يكون بدليل متصل مثل: اغتسل في الجمعة (وأخرى) بدليل منفصل مثل أن يقول: اغتسل، ثم يجئ دليل آخر يتضمن وجوب الغسل في الجمعة، ففي الاول لا دلالة للدليل على كون الوقت دخيلا في تمام مراتب مصلحة الواجب أو بعضها فالمرجع في وجوب الفعل خارج الوقت هو الاصل العملي ان لم يقم دليل على وجوبه وإلا كان عليه المعول (وفى الثاني) تارة يكون لدليل وجوب الفعل إطلاق يقتضي وجوبه بعد الوقت ولدليل التقييد اطلاق يقتضي دخل الوقت في تمام مراتب المصلحة وتارة يكون لاحدهما اطلاق دون الآخر وثالثة لا يكون لاحدهما أصلا إطلاق فعلى الاول يؤخذ باطلاق دليل التقييد وعلى الثاني يؤخذ بالاطلاق الثابت لاحدهما، وعلى الثالث يرجع إلى الاصل العملي. هذا لو لم يقم دليل على القضاء وإلا فعليه المعول نعم قد يقتضي الجمع بينه وبين إطلاق دليل التقييد حمله على الجبران لا على استيفاء بعض مراتب المصلحة (قوله: للامر بالموقت) اشارة إلى التقييد بالمتصل (قوله: لو لم نقل بدلالته) كأن القول بالدلالة على ذلك للاخذ بمفهوم القيد الذي هو نظير مفهوم الوصف (قوله: له إطلاق) يعني الاطلاق الدال على تقييد جميع مراتب المصلحة بالوقت (قوله: وكون التقييد) معطوف

٣٤٠