حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 571
المشاهدات: 202870
تحميل: 4870


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202870 / تحميل: 4870
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 1

مؤلف:
العربية

في بيع أو بيع شئ. نعم لا يبعد دعوى ظهور النهى عن المعاملة في الارشاد إلى فسادها كما أن الامر بها يكون ظاهرا في الارشاد إلى صحتها من دون دلالته على ايجابها أو استحبابها كما لا يخفى لكنه في المعاملات بمعنى العقود والايقاعات لا المعاملات بالمعنى الاعم المقابل للعبادات فالمعول هو ملاحظة القرائن في خصوص المقامات ومع عدمها لا محيص عن الاخذ بما هو قضية صيغة النهي من الحرمة وقد عرفت انها غير مستتبعة للفساد لا لغة ولا عرفا. نعم ربما يتوهم استتباعها له شرعا من جهة دلالة غير واحد من الاخبار عليه منها ما رواه في الكافي والفقيه عن زرارة عن الباقر (عليه السلام) سأله عن مملوك تزوج بغير إذن سيده فقال: ذلك إلى سيده إن شاء اجازه وان شاء فرق بينهما، قلت: أصلحك الله تعالى إن الحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي واصحابهما يقولون: إن أصل النكاح فاسد ولا يحل اجازة السيد له، فقال ابو جعفر (عليه السلام): إنه لم يعص الله إنما عصى سيده فإذا أجاز فهو له جائز) حيث دل بظاهره على ان النكاح لو كان مما حرمه الله تعالى عليه كان فاسدا، ولا يخفى أن

______________________________

الاخير (قوله: في بيع) كبيع الربا (قوله: أو بيع شئ) كبيع الميتة (قوله: لا المعاملات بالمعنى) لا يبعد عدم الفرق بين العبادات، والمعاملات بالمعنى الاخص، والمعاملات بالمعنى الاعم فيما ذكر كما أن الظاهر انه بلغ من الكثرة حدا صارت به من القرائن العامة على كون الامر والنهي فيها للارشاد إلى الشرطية والجزئية والمانعية بحيث يعمل عليه ما لم تقم قرينة على خلافه لا أن الحمل على الانشاء يتوقف على القرينة الخاصة كما قد يظهر من عبارة المتن (قوله: منها ما رواه في الكافي) ومنها ما رواه ايضا فيه عنه عليه السلام سألته عن رجل تزوج عبده امرأة بغير اذنه فدخل بها ثم اطلع على ذلك مولاه قال عليه السلام: ذاك لمولاه إن شاء فرق بينهما وإن شاء أجاز نكاحهما فان فرق بينهما فللمرأة ما أصدقها إلا أن يكون اعتدى فاصدقها صداقا كثيرا وان أجاز نكاحهما فهما على نكاحهما الاول فقلت لابي جعفر عليه السلام: فانه في اصل النكاح كان عاصيا

٤٤١

الظاهر أن يكون المراد بالمعصية المنفية ههنا ان النكاح ليس مما لم يمضه الله ولم يشرعه كي يقع فاسدا ومن المعلوم استتباع المعصية بهذا المعنى للفساد كما لا يخفى ولا بأس باطلاق المعصية على عمل لم يمضه الله ولم يأذن به كما اطلق(١) عليه بمجرد عدم اذن السيد فيه انه معصية وبالجملة لو لم يكن ظاهرا في ذلك لما كان ظاهرا فيما توهم وهكذا حال سائر الاخبار الواردة في هذا الباب فراجع وتأمل (تذنيب) حكي عن أبى حنيفة والشيبانى دلالة النهي على الصحة وعن الفخر انه وافقهما في ذلك (والتحقيق) أنه

______________________________

فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما أتى شيئا حلالا وليس بعاص لله إنما عصى سيده ولم يعص الله تعالى إن ذلك ليس كاتيان ما حرم الله عليه من نكاح في عدة وأشباهه (قوله: الظاهر ان يكون المراد بالمعصية) هذا الجواب نسب إلى جماعة منهم الوحيد البهبهاني (ره) والمحقق القمي (وتوضيحه) أن حقيقة المعصية الجري على خلاف مقتضى التكليف مقابل الاطاعة التي هي الجري على وفق مقتضاه والوضع لما لم يكن له اقتضاء لم يكن له طاعة ولا معصية فالعاقد فضولا على مال الغير ليس عاصيا لله تعالى. نعم الجري على مقتضى العقد وترتيب آثار الصحة من دفع المال إلى المشتري وقبض المشتري له معصية لحرمة التصرف في مال الغير وحينئذ نقول: عقد العبد بدون اذن سيده المفروض في مورد السؤال في الرواية إن كان من التصرف في ملك الغير المحرم شرعا ففعله معصية لله تعالى وليس

______________

(١) وجه ذلك أن العبودية تقتضي عدم صدور العبد إلا عن أمر سيده واذنه حيث انه كل عليه لا يقدر على شئ فإذا استقل بأمر كان عاصيا حيث أتى بما ينافيه مقام عبوديته لا سيما مثل التزوج الذي كان خطرا، واما وجه انه لم يعص الله فيه فلاجل كون التزوج بالنسبة إليه ايضا كان مشروعا مطلقا غايته انه يعتبر في تحقيقه إذن سيده ورضاه وليس كالنكاح في العدة غير مشروع من أصله فان أجاز ما صدر عنه بدون اذنه فقد وجد شرط نفوذه وارتفع محذور عصيانه فعصيانه لسيده. منه قدس سره

٤٤٢

في المعاملات كذلك إذا كان عن المسبب أو التسبب لاعتبار القدرة في متعلق النهي كالامر ولا يكاد يقدر عليهما الا فيما كانت المعاملة مؤثرة صحيحة واما إذا كان عن

______________________________

معصية للسيد لعدم نهيه عنه وان لم يكن منه فليس معصية لله تعالى ولا للسيد فقوله عليه السلام: إنه لم يعص الله تعالى وإنما... الخ لابد أن يكون تطبيق معصية السيد فيه على نكاح العبد ونفي معصية الله تعالى عنه مبنيا على ان يكون المراد من المعصية عدم الاذن فمعنى قوله عليه السلام: لم يعص الله، أن عقده في نفسه مأذون فيه من قبله سبحانه وقوله: عصى سيده، أن عقده غير مأذون فيه من قبل السيد فتكون أجنبية عن الدلالة على دلالة النهي على الفساد، ويشهد له قوله عليه السلام في الرواية الاخرى: إنما أتى شيئا حلالا وليس بعاص لله ان ذلك ليس... الخ فاطلاق نفي معصية الله تعالى بلحاظ الحل ونفي الحرمة الوضعيين وإطلاق معصية السيد في قبال اجازته، وقد يظهر ذلك أيضا من صحيحة منصور ابن حازم أو حسنته في مملوك تزوج بغير اذن مولاه أعاص لله ؟ قال: عاص لمولاه قلت: حرام هو ؟ قال: ما أزعم أنه حرام قل له أن لا يفعل الا باذن مولاه، واقتضاء هذا المعنى من المعصية للفساد مما لا ريب فيه لكنه ليس من محل الكلام. ثم إنه قد اعترض ما ذكرنا في التقريرات بما لا يوجب رفع اليد عنه فراجع وتأمل (قوله: في المعاملات كذلك إذا كان) ظاهر المصنف (ره) أن ما ذكره تفصيل في محل الكلام وانه يقتضي الصحة إذا كان نهيا عن المسبب أو التسبب ولا يقتضيها إذا كان نهيا عن السبب (أقول): الكلام في المسألة في اقتضاء النهي عن شئ فساده فالقول باقتضائه الصحة لابد أن يراد به اقتضاءه الصحة في متعلقه لا في غيره فكون النهي عن المسبب أو التسبب يقتضي صحة المعاملة لا يكون تفصيلا في المقام ولا دالا على صحة القول المذكور في الجملة وقد تقدمت الاشارة إلى ان تعرض المصنف (ره) لعدم اقتضاء تحريم المسبب أو التسبب فساد المعاملة وكذا مثل تحريم أكل الثمن من باب الاستطراد وأنه خارج عن مورد كلام النافين والمثبتين (قوله: مؤثرة صحيحة) إذ لو كانت فاسدة ما كانت سببا والقدرة

٤٤٣

السبب فلا لكونه مقدورا وان لم يكن صحيحا. نعم قد عرفت ان النهي عنه لا ينافيها، وأما العبادات فما كان منها عبادة ذاتية كالسجود والركوع والخشوع والخضوع له تبارك وتعالى فمع النهي عنه يكون مقدورا كما إذا كان مأمورا به وما كان منها عبادة لاعتبار قصد القربة فيه لو كان مأمورا به فلا يكاد يقدر عليه إلا إذا قيل باجتماع الامر والنهي في شئ ولو بعنوان واحد وهو محال. وقد عرفت أن النهى في هذا القسم انما يكون نهيا عن العبادة بمعنى انه لو كان مأمورا به كان الامر به أمر عبادة لا يسقط الا بقصد القربة فافهم

______________________________

على المسبب انما تكون بالقدرة على السبب في فرض سببيته فعدم كونه سببا يوجب عدم القدرة على المسبب (قوله: السبب فلا) يعني فلا يدل على الصحة لان النهي وان توقف على القدرة على متعلقه الا أن القدرة على ذات السبب لا تتوقف على سببيته (قوله: لا ينافيها) فيجوز في السبب المحرم ان يكون صحيحا وان يكون فاسدا (قوله: يكون مقدورا) إذ عباديته لما كانت ذاتية لم تتوقف صحته على الامر به حتى يمتنع عنها النهي كما تقدم (قوله: وما كان منها عبادة لاعتبار) العبادة بهذا المعنى لا تتوقف القدرة عليها على القول بالاجتماع بل التي تتوقف القدرة عليها على ذلك العبادة بمعنى المأتي بها بداعي الامر، ولعل ذلك هو المراد كما تقتضيه بقية العبارة فلاحظ (قوله: قيل بالاجتماع) إذ لو قيل بالامتناع فالنهي مانع من صحتها كما سبق فلا تكون بما هي عبادة مقدورة فيمتنع تعلق النهي بالعبادة (قوله: وقد عرفت) دفع لتوهم انه إذا امتنع تعلق النهي بالعبادة كيف وقع النزاع في المسألة في النهي المتعلق بالعبادة ؟ ووجه الدفع أن المراد من العبادة ليس ذلك المعنى بل معنى لا يمتنع تعلق النهي به كما تقدم في بيان معنى لفظ العبادة في العنوان والله سبحانه أعلم وله الحمد

٤٤٤

المقصد الثالث في المفاهيم

(مقدمة) وهي ان المفهوم كما يظهر من موارد إطلاقه هو عبارة عن حكم إنشائي أو اخباري تستتبعه خصوصية المعنى الذي أريد من اللفظ بتلك الخصوصية ولو بقرينة الحكمة وكان يلزمه لذلك وافقه في الايجاب والسلب أو خالفه فمفهوم (إن جاءك زيد فأكرمه) مثلا - لو قيل به - قضية شرطية سالبة بشرطها وجزائها لازمة للقضية الشرطية التي تكون معنى القضية اللفظية ويكون لها خصوصية بتلك الخصوصية كانت مستلزمة لها فصح ان يقال: إن المفهوم انما هو حكم غير مذكور لا أنه حكم لغير مذكور - كما فسر به - وقد وقع فيه النقض والابرام بين

______________________________

المقصد الثالث في المفاهيم

(قوله: بتلك الخصوصية) يعنى بحيث تكون تلك الخصوصية مدلولا عليها باللفظ وبذلك تخرج المداليل الالتزامية مثل وجوب المقدمة وحرمة الضد فان اللفظ انما يدل على ذي الخصوصية لا غير وهي تستفاد من خارج اللفظ بخلاف خصوصية المنطوق المستتبعة للمفهوم فانها مدلول عليها باللفظ (قوله: ولو بقرينة) متعلق بقوله: أريد، يعني ولو كانت الدلالة على الخصوصية مستندة إلى قرينة الحكمة لا الوضع (قوله: لذلك) أي للخصوصية (قوله: وافقه في) اشارة إلى قسمي المفهوم أعني مفهومي الموافقة والمخالفة (قوله: لها خصوصية) مثل أن شرطها علة تامة منحصرة للجزاء (قوله: فصح ان يقال) يعني إذا كان المفهوم حكما تستتبعه خصوصية المعنى وليس معنى اللفظ كان بنفسه غير مذكور بل هو تابع لما هو مذكور (فان قلت): الحكم في مفهوم الموافقة مذكور (قلت) المذكور مثله لا نفسه إذ الموضوع من مشخصات الحكم وموضوع حكم المنطوق فيه غير موضوع حكم المفهوم فالحرمة الثابتة للتأفيف غير الحرمة الثابتة للضرب والايذاء (قوله: لا أنه حكم لغير) إذ قد يكون

٤٤٥

الاعلام - مع أنه لا موقع له كما أشرنا إليه في غير مقام لانه من قبيل شرح الاسم كما في التفسير اللغوي ومنه قد انقدح حال غير هذا التفسير مما ذكر في المقام فلا يهمنا التصدي لذلك كما لا يهمنا بيان انه من صفات المدلول أو الدلالة وان كان بصفات المدلول أشبه وتوصيف الدلالة احيانا كان من باب التوصيف بحال المتعلق وقد انقدح من ذلك أن النزاع في ثبوت المفهوم وعدمه في الحقيقة انما يكون في ان القضية الشرطية أو الوصفية أو غيرهما

______________________________

الموضوع المثبت له حكم المفهوم مذكورا في المنطوق كزيد في قولنا: إن جاء زيد فأكرمه، فان موضوع المنطوق لابد أن يكون غير موضوع المفهوم وإلا لزم كونه موضوعا للمثلين أو النقيضين فصح أن يقال: المفهوم حكم لغير مذكور (قلت): يكفي في المغايرة المصححة لاجتماع النقيضين والمثلين المغايرة بمثل الزمان والمكان والوصف ونحوها وهي لا توجب تعدد الموضوع ولا تقدح في وحدته ولذا اعتبر في ثبوت التناقض بين القضيتين وحدات زائدة على وحدة الموضوع والمحمول وإن ارجعها بعض إليها فنظر الاولين إلى الوحدة من حيث الوجود ونظر البعض إلى الوحدة من كل حيث (أقول): على هذا يصح تعريفه بأنه حكم لغير مذكور لو أريد أنه بتمام خصوصياته غير مذكور لا بذاته كما يصح تعريفه بما ذكر المصنف (ره) (قوله: لانه من قبيل شرح) قد تقدم الاشكال عليه في نظيره (قوله: بصفات المدلول اشبه) (أقول): صفات المدلول هي التي يوصف بها ذات المدلول مع قطع النظر عن الدلالة ويكون توصيف الدلالة بها من قبيل التوصيف بحال المتعلق كالكلية والجزئية فان المعنى من حيث هو كلي (تارة) وجزئي أخرى وصفات الدلالة على العكس منها فانها التي توصف بها الدلالة مع قطع النظر عن المدلول مثل الصراحة والظهور والنصوصية ويكون توصيف المدلول بها من قبيل التوصيف بحال المتعلق وعليه فوصفا المنطوقية والمفهومية من صفات الدلالة لا من صفات المدلول حيث لا يتصف بهما المعنى من حيث هو وإنما

٤٤٦

هل تدل بالوضع أو بالقرينة العامة على تلك الخصوصية المستتبعة لتلك القضية الاخرى أم لا ؟

فصل

الجملة الشرطية هل تدل على الانتفاء عند الانتفاء - كما تدل على الثبوت عند الثبوت بلا كلام - ام لا ؟ فيه خلاف بين الاعلام لا شبهة في استعمالها وارادة الانتفاء

______________________________

يتصف بهما بلحاظ نفس الدلالة فان كانت دلالته متبوعة كان منطوقا وان كانت تابعة كان مفهوما (فان قلت): المذكور في كلماتهم تفسير المنطوق والمفهوم بالحكم والحكم هو المدلول لا الدلالة فهما من صفات المدلول (قلت): قد عرفت صحة توصيف المدلول بهما بأن يشتق من مادتيهما ما ينطبق على نفس المدلول إلا أن التوصيف بهما لم يكن بلحاظ ذات المدلول من حيث هو بل بلحاظ نفس الدلالة واختصاص صحة التوصيف بلحاظ وصف الدلالة كاشف عن انها من صفات نفس الدلالة لا المدلول، ومن الغريب ما في التقريرات حيث جعلهما من صفات المدلول من حيث هو مدلول خلافا لظاهر الحاجبي والعضدي والمحكي عن الشهيد الثاني (ره) حيث جعلوها من أوصاف الدلالة وذكر أنه لا وجه لذلك مستدلا على ذلك بتفسير الموصول الواقع في تعريفهما بالحكم والدلالة ليست هي الحكم (أقول): قد عرفت أن صفات المدلول من حيث هو مدلول عين صفات الدلالة فلا وجه لانكاره ذلك وعرفت الاشكال في استشعاره فلاحظ (قوله: هل تدل بالوضع) وليس النزاع هنا في حجية الدلالة وعدمها بعد الفراغ عن ثبوتها كما قد يترائى من مثل قولهم: مفهوم الشرط حجة، ومفهوم اللقب مثلا ليس بحجة، إذ لا كلام في الحجية على تقدير الدلالة

مفهوم الشرط

(قوله: لا شبهة في استعمالها) كما لا شبهة في استعمالها بلا ارادة

٤٤٧

عند الانتفاء في غير مقام، إنما الاشكال والخلاف في أنه بالوضع أو بقرينة عامة بحيث لا بد من الحمل عليه لو لم يقم على خلافه قرينة من حال أو مقال ؟ فلا بد للقائل بالدلالة من إقامة الدليل على الدلالة باحد الوجهين على تلك الخصوصية المستتبعة لترتب الجزاء على الشرط نحو ترتب المعلول على علته المنحصرة وأما القائل بعدم الدلالة ففي

______________________________

الانتفاء عند الانتفاء وعن الفوائد الطوسية انه استقصى مائة مورد أو اكثر من القرآن الكريم لا دلالة فيها على المفهوم (قوله: أو بقرينة) هذا مع الوضع عدل واحد والعدل الآخر أن تكون الدلالة بقرينة خاصة ليترتب عليه عدم ثبوت المفهوم (قوله: نحو ترتب المعلول على) اعلم أن ترتب المعلول على العلة المنحصرة متقوم بامور (الاول) اللزوم بينهما بأن يكون بينهما علاقة بنحو يمتنع في نظر العقل أن يوجد الشرط ولا يوجد معه الجزاء (الثاني) الترتب بأن يكون الشرط سابقا مقدما والجزاء لاحقا مؤخرا (الثالث) كون الترتب بالعلية وهو ما يكون المتقدم فيه فاعلا مستقلا بالتأثير لا بنحو آخر كالترتب بالطبع وهو ما يكون المتقدم فيه من العلل الناقصة بحيث يجوز فيه وجود المتقدم مع عدم وجود المتأخر ويمتنع العكس، أو بالرتبة وهو ما يكون الترتب بين السابق واللاحق معتبرا فيه حسيا كان كما بين الامام والمأموم أو عقليا كما بين الاجناس والانواع، أو بالزمان وهو ما لا يجتمع فيه المترتبان، أو بالشرف وهو ما يكون للمتقدم كمال ليس للمتأخر (الرابع) أن تكون العلة منحصرة بحيث لا يكون للجزاء علة غير وجود الشرط. ولا يخفى أن الخصوصية المستتبعة للمفهوم لا تتوقف على ثبوت هذه الامور كلها بل يكفي فيها ما يمنع من انفكاك الجزاء عن الشرط سواء أكان لمجرد الاتفاق أم للزوم ولو بنحو يكونان معلولي علة واحدة فلا يكون بينهما ترتب فضلا عن أن يكون الشرط علة للجزاء، ومنه يظهر أن مجرد منع الدلالة على اللزوم أو على الترتب أو كونه على نحو الترتب على العلة لا يقتضي نفى المفهوم لان هذه الامور لا تقوم الخصوصية المستتبعة للمفهوم حتى يكون نفي واحد منها نفيا لها " فالتحقيق " إذا أن مرجع

٤٤٨

فسحة فان له منع دلالتها على اللزوم بل على مجرد الثبوت عند الثبوت - ولو من باب الاتفاق - أو منع دلالتها على الترتب، أو على نحو الترتب على العلة، أو العلة المنحصرة - بعد تسليم اللزوم أو العلية - لكن منع دلالتها على اللزوم (ودعوى) كونها اتفاقية (في غاية) السقوط لانسباق اللزوم منها قطعا، وأما المنع عن أنه بنحو الترتب على العلة فضلا

______________________________

النزاع في ثبوت المفهوم وعدمه إلى النزاع في أن مفاد القضية الشرطية عدم انفكاك الجزاء عن الشرط أولا وحيث أنه لا ريب في عدم انفكاك شخص الجزاء عن الشرط لتشخصه به الموجب لعدمه بعدمه إلا أن عدم انفكاك شخص الجزاء عن الشرط لا يقتضي ثبوت المفهوم بوجه فالنزاع لابد أن يكون راجعا إلى أن المعلق على الشرط سنخ الجزاء بمعنى طبيعته المطلقة أولا فالقائل بالمفهوم يدعي دلالة القضية على الاول والنافي له يدعى دلالة القضية على الثاني ويكون مفاد القضية على الاول مفاد " زيد القائم " وعلى الثاني مفاد " زيد قائم " والله سبحانه أعلم (قوله: فان له منع) قد عرفت أن منع أحد هذه الامور لا ينفي ثبوت المفهوم (قوله: في غاية السقوط) " أقول ": الاتفاق المقابل للزوم إن أريد به أن لا يكون بين الشرط والجزاء علاقة تقتضي اقترانهما فذلك مما أحاله جماعة لان كل موجودين إما أن يكون أحدهما علة للآخر أو يكونا معا معلولي علة واحدة ولو بوسائط لامتناع تعدد الواجب ولذلك أنكر هؤلاء ثبوت الاتفاقية بهذا المعنى التي هي أحد قسمي المتصلة وإن أريد به أن لا يكون بينهما علاقة ظاهرة في نظر العقل كما هو معنى الاتفاقية عند هؤلاء الجماعة فالمراد من اللزومية حينئذ ما يكون بينهما علاقه ظاهرة وعليه فدعوى ظهور القضية الشرطية في اللزومية بهذا المعنى في غاية السقوط لا دعوى كونها اتفاقية كما ذكره " قدس سره " (قوله: بنحو الترتب) (أقول): ظهور الشرطية في الترتب مما لا ينبغي أن ينكر بشهادة دخول الفاء في الجزاء وأما كونه بنحو العلية لا بنحو آخر فلانه لا مجال لدعوى كونه من الترتب بالرتبة أو الشرف أو الزمان فيدور الامر بين كونه بنحو الترتب الطبعي وأن يكون بنحو

٤٤٩

عن كونها منحصرة فله مجال واسع (ودعوى) تبادر اللزوم والترتب بنحو الترتب على العلة المنحصرة مع كثرة استعمالها في الترتب على نحو الترتب على غير المنحصرة منها بل في مطلق اللزوم (بعيدة) عهدتها على مدعيها كيف ولا يرى في استعمالها فيها عناية ورعاية علاقة ؟ بل إنما تكون ارادته كارادة الترتب على العلة المنحصرة بلا عناية كما يظهر على من أمعن النظر وأجال البصيرة في موارد الاستعمالات وفي عدم الالزام والاخذ بالمفهوم في مقام المخاصمات والاحتجاجات وصحة الجواب بانه لم يكن لكلامه مفهوم (وعدم) صحته لو كان له ظهور فيه (معلوم) وأما دعوى الدلالة بادعاء انصراف إطلاق العلاقة اللزومية إلى ما هو اكمل افرادها وهو اللزوم

______________________________

العلية وإطلاق الشرط يقتضي كونه من الثاني فان مقتضى الاطلاق عدم الحاجة في ترتب الجزاء إلى أمر آخر زائد على الشرط وهذا المعنى خلاف مقتضى الترتب بالطبع (قوله: عن كونها منحصرة) يمكن دعوى ظهور القضية في الانحصار لاجل ظهورها في دخل خصوصية الشرط في وجود الجزاء إذ لو ناب منابه شرط آخر كان الجزاء مستندا إلى الجامع بينهما بلا دخل للخصوصية كما تقدم (قوله: مع كثرة استعمالها) كثرة الاستعمال في معنى لا تنافي تبادر غيره فان استعمال الاسد في الشجاع ربما كان أكثر من استعماله في الحيوان المفترس ولا ينافي تبادر ذلك الحيوان منه ولا كونه حقيقة فيه (قوله: ولا يرى في استعمالها) هذا غير ظاهر والرجوع إلى العرف في مقام تشخيص مفاد القضية الشرطية يقتضي خلافه فانهم لا يزالون على البناء على الانتفاء عند الانتفاء، بل الظاهر أنه في بعض الادوات لا كلام فيه من أحد فتراهم لا يختلفون في أن (لو) تدل على امتناع الثاني لامتناع الاول ويسمونها (لو الامتناعية) والظاهر أنها جميعها على نسق واحد من إفادة تعليق سنخ الجزاء على الشرط، وإن كان بينها الاختلاف في أن الشرط يكون مقطوع الانتفاء أو مشكوكه (قوله: وصحة الجواب) معطوف على عدم الالزام والاشكال فيهما يظهر مما سبق (قوله: وعدم صحته) مبتدأ

٤٥٠

بين العلة المنحصرة ومعلولها (ففاسدة) جدا لعدم كون الاكملية موجبة للانصراف إلى الاكمل لا سيما مع كثرة الاستعمال في غيره كما لا يكاد يخفى. هذا مضافا إلى منع كون اللزوم بينهما اكمل مما إذا لم تكن العلة بمنحصرة فان الانحصار لا يوجب ان يكون ذاك الربط الخاص الذي لابد منه في تأثير العلة في معلولها أءكد وأقوى (ان قلت): نعم ولكنه قضية الاطلاق بمقدمات الحكمة كما ان قضية اطلاق صيغة الامر هو الوجوب النفسي (قلت): أولا هذا فيما تمت هناك مقدمات الحكمة ولا تكاد تتم فيما هو مفاد الحرف كما هاهنا وإلا لما كان معنى حرفيا كما يظهر وجهه بالتأمل (وثانيا) تعينه من بين انحائه بالاطلاق المسوق في مقام البيان بلا معين، ومقايسته مع تعين الوجوب النفسي باطلاق صيغة الامر مع الفارق فان النفسي هو الواجب على كل حال بخلاف الغيرى فانه واجب على تقدير دون تقدير فيحتاج بيانه إلى مؤونة التقييد بما إذا وجب الغير فيكون الاطلاق في الصيغة مع مقدمات الحكمة محمولا عليه. وهذا بخلاف اللزوم والترتب بنحو الترتب على العلة المنحصرة ضرورة ان كل واحد من انحاء اللزوم والترتب محتاج في تعينه إلى

______________________________

*

خبره قوله: معلوم (قوله: مضافا إلى منع كون) بل الظاهر أن اللزوم لا يتصف بالكمال والنقصان فضلا عن أن يكون الانحصار موجبا لكماله (قوله: ان قلت: نعم) يعني سلمنا أنها ليست موضوعة للترتب على العلة المنحصرة لكنها تدل على ذلك بالاطلاق (قوله: كما يظهر وجهه) إن كان من أجل أن معنى الحروف جزئيا لا يقبل الاطلاق والتقييد فقد تقدم منه في معاني الحروف وفي الواجب المشروط وغيرهما خلافه وأنه كلي لا جزئي وإن كان من جهة أن الاطلاق يتوقف على لحاظ المعنى مستقلا والمعنى الحرفي لا يلحظ كذلك فقد تقدم في الواجب المشروط إمكان ارجاع القيد في القضايا الشرطية إلى هيئة الجزاء مع أنها موضوعة وضع الحروف وقد أشار المعترض إلى ذلك بقياس المقام باطلاق صيغة الامر في اقتضاء الوجوب النفسي (قوله: فان النفسي) قد تقدم الكلام في ذلك،

٤٥١

القرينة مثل الآخر بلا تفاوت أصلا كما لا يخفى (ثم) إنه ربما يتمسك للدلالة على المفهوم باطلاق الشرط بتقريب انه لو لم يكن بمنحصر يلزم تقييده ضرورة انه لو قارنه أو سبقه الآخر لما أثر وحده وقضية اطلاقه انه يؤثر كذلك مطلقا (وفيه) أنه لا تكاد تنكر الدلالة على المفهوم مع اطلاقه كذلك الا انه من المعلوم ندرة تحققه لو لم نقل بعدم اتفاقه (فتلخص) بما ذكرناه أنه لم ينهض دليل على وضع مثل (إن) على تلك الخصوصية المستتبعة للانتفاء عند الانتفاء ولم تقم عليها قرينة عامة أما قيامها أحيانا كانت مقدمات الحكمة أو غيرها مما لا يكاد ينكر فلا يجدي القائل

______________________________

(قوله: لما أثر وحده) يعني بل أثر مع غيره في صورة المقارنة ولم يؤثر أصلا فيما لو سبقه الآخر ويستند الاثر إلى السابق فتأمل (قوله: وقضية اطلاقه انه) هذا يتم لو كان مفاد القضية الشرطية ثبوت المؤثرية للشرط فان إطلاق المؤثرية له يقتضي ما ذكر - حسبما قرر - لكن تقدم منه الاشكال في دلالة الشرطية على العلية، كما أنه يتوقف استناد المفهوم على عدم صلاحية الجزاء للتكرار وإلا أمكن أن يكون مؤثرا مطلقا سبقه غيره مما يحتمل مؤثريته أو قارنه وكان غيره مؤثرا كذلك بل أمكنت دعوى توقف استفادة المفهوم منه على عدم صلاحية الجزاء للتأكد إذ لو أمكن التأكد كان الشرط مؤثرا في مرتبة منه مطلقا وان سبقه غيره أو قارنه وكان غيره كذلك إلا أن يستظهر من الشرطية الاستقلال في المؤثرية كما سيأتي في التنبيه الثاني (قوله: ندرة تحققه) بأن يكون المتكلم في مقام بيان مؤثرية الشرط وعليته للجزاء بلحاظ وجود أمر آخر وعدمه، بل الظاهر كون المتكلم في مقام بيان المؤثرية الاقتضائية بمعنى عدم قصور الشرط في نفسه عن مقام التأثير نظير قولنا: النار علة تامة للحرارة، فانه لا ينافي كون الشمس ايضا علة تامة لها فلا يمكن استفادة المفهوم (قوله: كانت المقدمات) اسم (كان) ضمير راجع إلى القرينة (قوله: فلا يجدي القائل) لانه يدعي ثبوت المفهوم بنحو القضية الكلية مع عدم القرينة الخاصة

٤٥٢

بالمفهوم انه قضية الاطلاق في مقام من باب الاتفاق (وأما) توهم انه قضية اطلاق الشرط بتقريب ان مقتضاه تعينه كما أن مقتضى اطلاق الامر تعين الوجوب) ففيه) أن التعين ليس في الشرط نحوا يغاير نحوه فيما إذا كان متعددا كما كان في الوجوب كذلك وكان الوجوب في كل منهما متعلقا بالواجب بنحو آخر لابد في التخييري منهما من العدل وهذا بخلاف الشرط واحدا كان أو متعددا كان نحوه واحدا ودخله في المشروط بنحو واحد لا تتفاوت الحال فيه ثبوتا كى تتفاوت عند الاطلاق إثباتا وكان الاطلاق مثبتا لنحو لا يكون له عدل لاحتياج ماله العدل إلى زيادة مؤونة وهو ذكره بمثل (أو كذا) واحتياج ما إذا كان الشرط متعددا

______________________________

لا ثبوته من باب الاتفاق لاجل القرينة الخاصة فانه لا نزاع فيه من أحد (قوله: وأما توهم أنه قضية إطلاق) الفرق بين هذا التقريب وما قبله أن هذا بلحاظ ظهور كلمة (إن) في كون الشرط شرطا بذاته للجزاء وإن لم يكن مؤثرا فعلا، وما قبله بلحاظ ظهورها في كونه علة تامة مؤثرا فعلا (قوله: تعينه) أي تعين الشرط في الشرطية وهذا التعين يلازم المفهوم إذ لو ناب منابه شرط آخر كان الشرط أحدهما على التخيير (قوله: ففيه أن التعين) يعني أن صفة الشرطية ليست مما تتصف بالتخيير لانها منتزعة من خصوصية ذاتية محضة والذاتيات لا تقبل التخيير لانها لا تتخلف فشرطية الشرط حين يكون واحدا هي شرطيته حين يكون متعددا وكما أن معنى شرطيته حين يكون واحدا أنه له خصوصية بها يكون له نحو دخل في المشروط كذلك يكون معنى شرطيته حين يكون متعددا فان كل واحد من المتعدد له نحو دخل بالمشروط بنحو الدخل الذي يكون له حين ما يكون واحدا لا أنه مع التعدد يكون الدخل تخييريا ومع الاتحاد يكون تعيينيا كي يكون الاطلاق مقتضيا للثاني بخلاف صفة الوجوب بل وصفة المؤثرية الفعلية (قوله: بنحو آخر) يعنى بنحو يخالف تعلقه به بنحو آخر (قوله: من العدل) بخلاف التعييني فانه تعلق به بلا عدل (قوله: واحد) وهو

٤٥٣

إلى ذلك انما يكون لبيان التعدد لا لبيان نحو الشرطية فنسبة اطلاق الشرط إليه لا تختلف كان هناك شرط آخر أم لا حيث كان مسوقا لبيان شرطيته بلا إهمال ولا إجمال بخلاف اطلاق الامر فانه لو لم يكن لبيان خصوص الوجوب التعييني فلا محالة يكون في مقام الاهمال أو الاجمال تأمل تعرف. هذا مع أنه لو سلم لا يجدي القائل بالمفهوم لما عرفت انه لا يكاد ينكر فيما إذا كان مفاد الاطلاق من باب الاتفاق. ثم إنه ربما استدل المنكرون للمفهوم بوجوه " أحدها " ما عزي إلى السيد من أن تأثير الشرط انما هو تعليق الحكم به وليس بممتنع ان يخلفه وينوب منابه شرط آخر يجري مجراه ولا يخرج عن كونه شرطا فان قوله تعالى: " فاستشهدوا شهيدين من رجالكم " يمنع من قبول الشاهد الواحد حتى ينظم إليه شاهد آخر فانضمام الثاني إلى الاول شرط في القبول ثم علمنا أن ضم امرأتين إلى الشاهد الاول شرط في القبول ثم علمنا ان ضم اليمين يقوم مقامه ايضا فنيابة بعض الشروط عن بعض أكثر من أن تحصى مثل الحرارة فان انتفاء الشمس لا يلزم انتفاء الحرارة لاحتمال قيام النار مقامها

______________________________

التعييني لا غير (قوله: إلى ذلك) يعني إلى البيان (قوله: التعدد) إذ بيان التعدد يكون ببيان المتعدد (قوله: نحو الشرطية) يعني أنها تخييرية لا تعيينية إذ قد عرفت أنها لا تكون تخييرية (قوله: حيث كان الشرط) متعلق بقوله: لا تختلف (قوله: فلا محالة يكون) إذ لو كان في مقام بيان الوجوب التخييري لوجب أن يذكر العدل (قوله: مع أنه لو سلم) يعني كون الشرطية مما تتصف بالتخيير كما لو أريد منها خصوص الشرطية المترتب عليها الوجود (قوله: من باب الاتفاق) إذ المتكلم قد لا يكون في مقام بيان ثبوت هذا المعنى من الشرطية مطلقا أو مقيدا بل في مقام بيان ثبوتها في الجملة كما تقدم في المؤثرية الفعلية (قوله: من أن تأثير الشرط) الظاهر أن مراده هو أن مفاد أداة الشرط كون مدخولها شرطا للجزاء ولازم شرطيته له اناطته به بحيث يتوقف عليه وليس يمتنع أن يكون للجزاء شروط متعددة ينوب بعضها عن بعض

٤٥٤

والامثلة لذلك كثيرة شرعا وعقلا " والجواب " انه - قدس سره - إن كان بصدد إثبات امكان نيابة بعض الشروط عن بعض في مقام الثبوت وفي الواقع فهو مما لا يكاد ينكر ضرورة ان الخصم يدعى عدم وقوعه في مقام الاثبات ودلالة القضية الشرطية عليه، وإن كان بصدد ابداء احتمال وقوعه فمجرد الاحتمال لا يضره ما لم يكن بحسب القواعد اللفظية راجحا أو مساويا وليس فيما افاده ما يثبت ذلك أصلا كما لا يخفى " ثانيها " أنه لو دل لكان باحدى الدلالات والملازمة - كبطلان التالي - ظاهرة، وقد أجيب عنه بمنع بطلان التالي وان الالتزام ثابت وقد عرفت بما لا مزيد عليه ما قيل أو يمكن ان يقال في اثباته أو منعه فلا تغفل، " ثالثها " قوله تبارك وتعالى: (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا) وفيه ما لا يخفى ضرورة أن استعمال الجملة الشرطية فيما لا مفهوم له أحيانا وبالقرينة لا يكاد ينكر كما في الآية وغيرها وانما القائل به يدعي ظهورها فيما له المفهوم وضعا أو بقرينة عامة كما عرفت (بقي هاهنا أمور الامر الاول) أن المفهوم هو انتفاء سنخ الحكم المعلق على الشرط عند انتفائه لا انتفاء شخصه ضرورة انتفائه عقلا بانتفاء موضوعه ولو ببعض قيوده ولا يتمشى الكلام في أن للقضية الشرطية مفهوما أو ليس لها مفهوم الا في مقام كان هناك ثبوت سنخ الحكم في الجزاء وانتفاؤه عند انتفاء الشرط ممكنا وانما وقع النزاع في أن لها دلالة على الانتفاء أو لا يكون لها دلالة. ومن هنا انقدح أنه ليس من المفهوم ودلالة القضية على الانتفاء عند الانتفاء في الوصايا والاوقاف

______________________________

كما في الموارد المذكورة (قوله: الاثبات) يعني لا في مقام الثبوت حتى يكون منكرا ويقصد السيد (ره) رده بما ذكر (قوله: ظاهرة) يعني فيبطل اللزوم (قوله: وان الالتزام) قد تقدم ان المفهوم ليس مدلولا التزاميا (قوله: بسنخ الحكم) يعني الطبيعة المطلقة لا المهملة المعبر عنها بشخص الحكم (قوله: ولو ببعض) وهو الشرط (قوله: ولا يتمشى) إذ من المعلوم

٤٥٥

والنذور والايمان - كما توهم - بل عن الشهيد - قدس سره - في تمهيد القواعد انه لا اشكال في دلالتها على المفهوم وذلك لان انتفاءها عن غير ما هو المتعلق لها من الاشخاص التي يكون بالقابها أو بوصف شئ أو بشرطه مأخوذة في العقد أو مثل العهد ليس بدلالة الشرط أو الوصف أو اللقب عليه بل لاجل انه إذا صار شئ وقفا على أحد أو أوصى به أو نذر له... إلى غير ذلك لا يقبل ان يصير وقفا على غيره أو وصية أو نذرا له وانتفاء شخص الوقف أو النذر أو الوصية عن غير مورد المتعلق قد عرفت انه عقلي مطلقا ولو قيل بعدم المفهوم في مورد صالح له " اشكال ودفع " لعلك تقول: كيف يكون المناط في المفهوم هو سنخ الحكم لا نفس شخص الحكم في القضية ؟ وكان الشرط في الشرطية انما وقع شرطا بالنسبة إلى الحكم

______________________________

تفرع مقام الاثبات على مقام الثبوت فإذا لم يكن الثبوت ممكنا كان معلوم الانتفاء فلا تكون الدلالة عليه موردا للنزاع (قوله: بل عن الشهيد (قده) في تمهيد القواعد) قال (ره) في محكي تمهيد القواعد: لا إشكال في دلالتها في مثل الوقف والوصايا والنذر والايمان كما إذا قال: وقفت هذا على أولادي الفقراء، أو إن كانوا فقراء، أو نحو ذلك ولعل الوجه في تخصيص المذكور هو عدم دخول غير الفقراء في الموقوف عليهم وفهم التعارض فيما لو قال بعد ذلك: وقفت على أولادي مطلقا. انتهى (قوله: وذلك لان انتفاءها) تعليل لقوله: ومن هنا انقدح، ومحصل الكلام فيه أن قول القائل: وقفت داري على أولادي الفقراء مثلا (تارة) يكون في مقام الاخبار والاعتراف (وأخرى) في مقام إنشاء الوقف وايجاده فان كان على النحو الاول جاء فيه الكلام في المفهوم فعلى القول به يحكم بعدم كون الدار وقفا إلا على الفقراء من أولاده لا غيرهم وعلى القول بعدمه كان غير أولاده الفقراء مشكوك الدخول في الموقوف عليهم فلابد من الرجوع فيه إلى قواعد أخر من الاحتياط بتخصيصه بالفقراء لو كان الوقف بنحو المصرف أو التنصيف أو الرجوع إلى الاصل لو كان بنحو البسط (وإن) كان على النحو الثاني

٤٥٦

الحاصل بانشائه دون غيره فغاية قضيتها انتفاء ذاك الحكم بانتفاء شرطه لا انتفاء سنخه وهكذا الحال في سائر القضايا التى تكون مفيدة للمفهوم " ولكنك " غفلت عن أن المعلق على الشرط انما هو نفس الوجوب الذي هو مفاد الصيغة ومعناها " وأما " الشخص والخصوصية الناشئة من قبل استعمالها فيه لا تكاد تكون من خصوصيات معناها المستعملة فيه كما لا يخفى كما لا تكون الصخوصية الحاصلة من قبل الاخبار به من خصوصيات ما أخبر به واستعمل فيه إخبارا لا إنشاء (وبالجملة) كما لا يكون المخبر به المعلق على الشرط خاصا بالخصوصيات الناشئة من قبل الاخبار به كذلك المنشأ بالصيغة المعلق عليه وقد عرفت بما حققناه في معنى الحرف وشبهه ان ما استعمل فيه الحرف عام كالموضوع له وأن خصوصية لحاظه بنحو الآلية والحالية لغيره من خصوصية الاستعمال كما أن خصوصية لحاظ المعنى بنحو الاستقلال في الاسم كذلك فيكون اللحاظ الآلي كالاستقلالي من خصوصيات الاستعمال لا المستعمل فيه، وبذلك قد انقدح فساد ما يظهر من التقريرات في مقام التفصي عن هذا الاشكال من التفرقة

______________________________

فان علم قصد الواقف الوقف على خصوص الفقراء وجب العمل عليه لانه بالقصد المذكور يكون وقفا على خصوص الفقراء ولا يكون وقفا على غيرهم لا بهذا الشخص من الوقف لانتفائه بانتفاء موضوعه ولا بشخص آخر من الوقف لامتناع اجتماع وقفين على مال واحد. وهذا هو المراد من عبارة المتن " وإن " جهل قصد الواقف فلم يعلم أنه قصد الوقف على خصوص الفقراء من أولاده أو كان ذكرهم لمزيد الاهتمام بهم لم يبعد القول بانه لا اشكال في دلالة القضية على المفهوم وان لم نقل به في سائر الموارد ومثله القيود الواقعة في التعريفات وفي تحديد موضوعات الاحكام في لسان مدوني الفنون ونحو ذلك والظاهر أن هذا هو محل كلام الشهيد (ره) لا الاول ليرد عليه ما ذكر فلاحظ والله سبحانه أعلم (قوله: الحاصل بانشائه) وهو شخص خاص من الحكم (قوله: لكنك غفلت) شروع في الدفع (قوله: نفس الوجوب) يعني الوجوب الكلي المطلق (قوله: من قبل الاخبار به) كما

٤٥٧

بين الوجوب الاخباري والانشائي بانه كلي في الاول وخاص في الثاني حيث دفع الاشكال بانه لا يتوجه في الاول لكون الوجوب كليا وعلى الثاني بان ارتفاع مطلق الوجوب فيه من فوائد العلية المستفادة من الجملة الشرطية حيث كان ارتفاع شخص الوجوب ليس مستندا إلى ارتفاع العلة المأخوذة فيها فانه يرتفع ولو لم يوجد في حيال أداة الشرط كما في اللقب والوصف، وأورد على ما تفصي به عن الاشكال بما ربما يرجع

______________________________

لو قيل: إن جاء زيد يجب إكرامه، فان المادة مستعملة في المعنى الكلي وان تخصص باللحاظ الاستعمالي (قوله: وخاص في الثاني) لانه معنى للهيئة الموضوعة وضع الحروف (قوله: حيث دفع) تقرير للتفصي (قوله: من فوائد العلية المستفادة) فان أداة الشرط تدل على انحصار علة سنخ الجزاء في الشرط سواء أكان المنشأ نفس الطبيعة أم فردا منها أو تدل على انحصار طبيعة الجزاء في نفس الجزاء سواء أكان الانشاء متعلقا بالطبيعة - بناء على أن الحرف مستعمل في المعنى الكلي - أم متعلقا بالشخص - بناء على انه مستعمل في المعنى الجزئي - غاية الامر أنه على الاول تدل على انحصار الطبيعة في الايجاد المتعلق بالطبيعة وعلى الثاني تدل على الانحصار في الايجاد المتعلق بالفرد. وكون الصيغة مستعملة في المعنى الكلي أو الجزئي مما لا يرتبط بالدلالة على الانتفاء عند الانتفاء، ولذا ترى أن انشاء طبيعة الوجوب بمادته في القضايا اللقبية مثل: يجب اكرام زيد، يقتضي الانتفاء عند الانتفاء وأن المشهور مع بنائهم على أن الصيغة مستعملة في المعنى الجزئي قائلون بدلالة القضايا الشرطية على الانتفاء عند الانتفاء فهي عندهم نظير قولك: زيد كل الرجل، وعند مثل المصنف (ره) نظير: زيد الرجل (قوله: حيث كان) بيان لكون فائدة العلية ارتفاع المطلق يعني لو كان مفادها ارتفاع الشخص لزم عدم حصوله بدونها وليس كذلك لارتفاع الشخص في اللقب والوصف ايضا (قوله: وأورد) معطوف على دفع الاشكال (قوله: ما تفصي) الصلة مبنية للمفعول (قوله: بما ربما) الظاهر أن

٤٥٨

إلى ما ذكرناه بما حاصله أن التفصي لا يبتني على كلية الوجوب لما أفاده وكون الموضوع في الانشاء عاما لم يقم عليه دليل لو لم نقل بقيام الدليل على خلافه حيث أن الخصوصيات بانفسها مستفادة من الالفاظ وذلك لما عرفت من أن الخصوصيات في الانشاءات والاخبارات انما تكون ناشئة من الاستعمالات بلا تفاوت اصلا بينهما ولعمري لا يكاد ينقضي تعجبي كيف تجعل خصوصيات الانشاء من خصوصيات المستعمل فيه مع انها كخصوصيات الاخبار تكون ناشئة من الاستعمال ولا يكاد يمكن أن يدخل في المستعمل فيه ما ينشأ من قبل الاستعمال كما هو واضح لمن تأمل، (الامر الثاني) أنه إذا تعدد الشرط مثل: إذا خفى الاذان فقصر، وإذا خفي الجدران فقصر، فبناء على ظهور الجملة الشرطية في المفهوم لا بد من التصرف ورفع اليد عن الظهور (إما) بتخصيص مفهوم كل منهما بمنطوق الآخر فيقال بانتفاء وجوب القصر عند انتفاء الشرطين (وإما) برفع اليد عن المفهوم فيهما فلا دلالة لهما على عدم مدخلية شئ آخر في الجزاء بخلاف الوجة الاول

______________________________

*

أصل العبارة (مما ربما) ليكون بيانا لما تفصي (قوله: لما أفاده) تعليل لعدم الابتناء (قوله: وذلك لما عرفت) هذا كلام المصنف (ره) وهو تعليل لقوله: وبذلك انقدح فساد.. الخ (قوله: كيف تجعل) قد عرفت وجهه سابقا فراجع (قوله: إذا خفي الاذان) قد يوهم التمثيل بذلك اختصاص الكلام بما إذا قامت قرينة على امتناع تكرر الجزاء بل هو الذي ادعاه بعض وليس له وجه ظاهر مع إطلاق كلامهم في العنوان وورود جميع ما يذكر من الاحتمالات ووجوهها في غيره مما أمكن تكرر الجزاء فيه فلاخظ (قوله: لابد من التصرف) إذ بناء على المفهوم يكون مفاد كل من القضيتين نفي الحكم عند انتفاء شرطها وان وجد شرط الاخرى وهو ينافي منطوق الاخرى فلا بد من التصرف جمعا عرفيا فالاشكال يقع في تعيين التصرف الذي به يكون الجمع عرفيا وحيث أن القضية الشرطية - بناء على المفهوم - مشتملة على ظهورات متعددة

٤٥٩

فان فيهما الدلالة على ذلك (وإما) بتقييد إطلاق الشرط في كل منهما بالآخر فيكون الشرط هو خفاء الاذان والجدران معا فإذا خفيا وجب القصر ولا يجب عند انتفاء خفائهما ولو خفى احدهما (وإما) بجعل الشرط هو القدر المشترك بينهما بأن يكون تعدد الشرط قرينة على أن الشرط في كل منهما ليس بعنوانه الخاص بل بما هو مصداق لما يعمهما من العنوان. ولعل العرف يساعد على الوجه الثاني كما أن العقل ربما يعين

______________________________

*

وهي ظهورها في المفهوم، وظهورها في عموم المفهوم، وظهورها في استقلال الشرط، وظهورها في دخل خصوصيته، وكان رفع اليد عن واحد منها كافيا في رفع التنافي بين القضيتين فالكلام يقع في تعيين الاضعف من هذه الظهورات ليتعين للسقوط ويجب الاخذ بما سواه فمرجع الوجه الاول إلى سقوط الظهور الثاني، والثاني إلى سقوط الاول، والثالث إلى سقوط الثالث، والرابع إلى سقوط الرابع، (قوله: فان فيهما الدلالة) ولذا بني على ثبوت المفهوم وكان رفع اليد عن عمومه فقط (قوله: وإما بتقييد اطلاق الشرط) فترجع القضيتان إلى قضية واحدة شرطها تمام الشرطين معا (قوله: وإما بجعل الشرط) وهناك وجه خامس محكي عن الحلي وهو التصرف في إحدى الجملتين بعينها مع المحافظة على تمام ظهورات الاخرى (قوله: ولعل العرف يساعد) أقول: أما سقوط الوجه الخامس فظاهر إذ هو ترجيح بلا مرجح وبعده في السقوط الاول لان المفهوم لا استقلال له في قبال المنطوق ليصلح للتصرف فيه بنفسه بل انما استفيد من الخصوصية المدلول عليها في المنطوق فلابد أن يكون التصرف بتلك الخصوصية وحيث أن الخصوصية هي كون سنخ الجزاء معلقا على الشرط بخصوصيته مستقلا فلابد من رفع اليد اما عن تعليق السنخ فيتعين الثاني، أو عن خصوصية الشرط فيتعين الرابع أو عن استقلاله فيتعين الثالث، وأما التفكيك في السنخ بان يكون المعلق كل فرد منه عدا واحد فانه يثبت مع شرط الآخر فهو وان كان في نفسه معقولا الا انه ممتنع عرفا مع تعدد القضيتين - كما هو محل الكلام - إذ لا معنى لتعليق سنخ الحكم على كل من الشرطين عدا فرد منه. بل يكون المعلق في إحداهما السنخ وفي الاخرى فرد منه. نعم ربما يصح لو كانت

٤٦٠