حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 571
المشاهدات: 202923
تحميل: 4870


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202923 / تحميل: 4870
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 1

مؤلف:
العربية

هذا الوجه بملاحظة أن الامور المتعددة - بما هي مختلفة - لا يمكن أن يكون كل منها مؤثرا في واحد فانه لا بد من الربط الخاص بين العلة والمعلول ولا يكاد يكون الواحد بما هو واحد مرتبطا بالاثنين - بما هما اثنان - ولذلك أيضا لا يصدر من الواحد الا الواحد فلا بد من المصير إلى ان الشرط في الحقيقة واحد وهو المشترك بين الشرطين بعد البناء على رفع اليد عن المفهوم وبقاء اطلاق الشرط في كل منهما على حاله وإن كان بناء العرف والاذهان العامية على تعدد الشرط وتأثير كل شرط بعنوانه الخاص فافهم (الامر الثالث) إذا تعدد الشرط

______________________________

القضية واحدة وعلم بثبوت جزائها مع الشرط الآخر حال انتفاء شرطها وبعده في السقوط الثالث فان ظهور الشرط في الاستقلال ولو بالاطلاق أقوى من غيره فيتعين رفع اليد عن غيره فيدور الامر بين رفع اليد عن ظهور القضية في تعليق السنخ ليتعين الثاني ورفع اليد عن ظهور الشرط في الخصوصية (فان قلت): لا دوران بينهما للعلم بسقوط اصالة الظهور في الخصوصية حسبما يقتضيه برهان السنخية المذكور في المتن ويتعين الاخذ باصالة الظهور في تعليق السنخ (قلت): ذلك إنما يتم لو كانا في كلامين لا ما لو كانا في كلام واحد إذ حينئذ لما كان كل واحد منهما في نفسه صالحا للقرينية على التصرف في الآخر فإذا كان احدهما أقوى اقتضى انعقاد الظهور على طبقه فيجب الاخذ به، والانصاف يقتضي الاخذ بما ذكره المصنف (ره) من ترجيح التصرف في ظهور الشرط في الخصوصية فانه - كما ذكر - مما يساعد عليه العرف جدا ولا سيما في مثل كلمة (إذا) مما كان من الظروف المتضمنة لمعنى الشرط (قوله: هذا الوجه) يعني الرابع (قوله: فلا بد من المصير) تفريع على قوله: ولعل العرف، وقوله: كما ان العقل... الخ يعني بعد مساعدة العرف على الثاني وبناء العقل على امتناع تأثير كل من الشرطين بخصوصه في الجزاء لابد من الجمع بين القول بعدم المفهوم للقضية الشرطية عند التعدد والقول بأن الشرط هو الجامع بين الشرطين (قوله: إطلاق الشرط)

٤٦١

واتحد الجزاء فلا إشكال على الوجه الثالث وأما على سائر الوجوه فهل اللازم الاتيان بالجزاء متعددا حسب تعدد الشروط أو يتداخل ويكتفى باتيانه دفعة واحدة ؟ فيه أقوال والمشهور عدم التداخل، وعن جماعة منهم المحقق الخوانساري التداخل وعن الحلي التفصيل بين اتحاد جنس الشروط وتعدده (والتحقيق) أنه لما كان ظاهر الجملة الشرطية حدوث الجزاء عند حدوث الشرط بسببه أو بكشفه عن سببه وكان قضيته تعدد الجزاء عند تعدد الشرط كان الاخذ بظاهرها إذا تعدد الشرط حقيقة أو وجودا محالا ضرورة ان لازمه ان يكون الحقيقة الواحدة مثل الوضوء - بما هي واحدة - في مثل: إذا بلت فتوضأ، وإذا نمت فتوضأ، أو فيما إذا بال مكررا أو نام كذلك محكوما بحكمين متماثلين وهو واضح الاستحالة كالمتضادين فلا بد على القول بالتداخل من التصرف فيه (إما) بالالتزام بعدم دلالتها في هذا الحال على

______________________________

*

يعني المقتضي للاستقلال فيكون كل شرط - مستقلا - مؤثرا في الجزاء بلا اعتبار انضمام الشرط الآخر إليه (قوله: واتحد الجزاء) يعني اتحد موضوعه (قوله: فلا إشكال على الوجه) يعني الاشكال في التداخل وعدمه لانه إذا كان الشرط مجموع الشرطين - كما هو مقتضى الوجه الثالث - لا يكون الشرط متعددا ليقع الاشكال في تعدد مقتضاه وعدمه (قوله: وعن الحلي التفصيل) هذا ليس تفصيلا فيما عقد له البحث - وهو فرض تعدد الشرط - لان المراد منه تعدده جنسا لا خارجا (قوله: قضيته تعدد) يعني تعدد الحكم في الجزاء ووجه الاقتضاء ظاهر لو كان الشرطان مترتبين في الوجود لان حدوث الجزاء مع كل منهما يقتضي تعدد الوجود أما لو كانا مقترنين فالاقتضاء غير ظاهر لان حدوث الجزاء عند حدوث كل منهما لا يقتضي تعددا في الوجود. نعم لو كان ظاهر القضية حدوث الجزاء مستقلا من قبل حدوث الشرط كذلك اقتضى التعدد مطلقا لان تعدد الحدوث ملزوم لتعدد الوجود (قوله: الحقيقة الواحدة) وهي موضوع الجزاء المفروض كونه واحدا (قوله: محكوما بحكمين) يحدث كل منهما

٤٦٢

الحدوث عند الحدوث بل على مجرد الثبوت (أو) الالتزام بكون متعلق الجزاء وان كان واحدا صورة إلا أنه حقائق متعددة - حسب تعدد الشرط - متصادقة على واحد فالذمة وان اشتغلت بتكاليف متعددة حسب تعدد الشروط إلا أن الاجتزاء بواحد، لكونه مجمعا لها كما في: أكرم هاشميا، وأضف عالما، فأكرم العالم الهاشمي بالضيافة، ضرورة انه بضيافته بداعي الامرين يصدق انه امتثلهما ولا محالة يسقط الامر بامتثاله وموافقته وان كان له امتثال كل منهما على حدة كما إذا أكرم الهاشمي بغير الضيافة واضاف العالم غير الهاشمي (ان قلت): كيف يمكن ذلك ؟ (أي الامتثال بما تصادق عليه العنوانان) مع استلزامه محذور اجتماع الحكمين المتماثلين فيه (قلت): انطباق عنوانين واجبين على واحد لا يستلزم اتصافه بوجوبين بل غايته ان انطباقهما عليه يكون منشأ لاتصافه بالوجوب وانتزاع صفته له مع انه على القول بجواز الاجتماع لا محذور في اتصافه بهما بخلاف ما إذا كان بعنوان

______________________________

للموضوع حين حدوث الشرط (قوله: مجرد الثبوت) الذي هو أعم من الحدوث والبقاء ففي صورة تعدد الشرط يكون حكم واحد مستندا إلى السابق منهما مع ترتبهما والى الجامع بينهما في صورة الاقتران ومرجع هذا التصرف إلى رفع اليد عن ظهور القضية في وجود الجزاء من قبل الشرط مستقلا فقد لا يكون الاثر مستندا إلى الشرط أصلا كما لو سبقه شرط آخر وقد يكون مستندا إليه بلا استقلال كما لو اقترن الشرطان (قوله: إلا انه حقائق متعددة) هذا التصرف راجع إلى رفع اليد عن ظهور الجزاء في كون موضوعه بعنوانه موضوعا للحكم بل يكون موضوع الجزاء حقيقة إحدى تلك الحقائق المنطبقة على ما أخذ جزاء في القضية وحينئذ يكون كل شرط مؤثرا مستقلا في حكم إحدى تلك الحقائق بحيث يحدث بحدوثه ويكون حينئذ كل شرط مؤثرا ضمنا في تمام الوجود الاكيد (قوله: لاتصافه بالوجوب) يعني بوجوب واحد أكيد (قوله: في اتصافه بهما) يعني بلا تأكيد من احدهما للآخر (قوله: بخلاف ما إذا)

٤٦٣

واحد فافهم (أو) الالتزام بحدوث الاثر عند وجود كل شرط الا انه وجوب الوضوء في المثال عند الشرط الاول وتأكد وجوبه عند الآخر (ولا يخفى) أنه لا وجه لان يصار إلى واحد منها فانه رفع اليد عن الظاهر بلا وجه مع، ما في الاخيرين من الاحتياج إلى اثبات ان متعلق الجزاء متعدد متصادق على واحد وان كان - صورة - واحدا سمي باسم واحد كالغسل، والى اثبات ان الحادث بغير الشرط الاول ما حدث بالاول ومجرد الاحتمال لا يجدي ما لم يكن في البين ما يثبته (ان قلت) وجه ذلك هو لزوم التصرف في ظهور الجملة الشرطية لعدم إمكان الاخذ بظهورها حيث ان قضيته اجتماع الحكمين في الوضوء في المثال كما مرت الاشارة إليه

______________________________

كما هو مقتضى ظاهر القضية (قوله: واحد فافهم) لعله اشارة إلى ان هذا التصرف انما يجدى بناء على خروج الكليين المتصادقين على موضوع واحد عن هذا النزاع والا فبناء على دخولهما فيه وأن القائل بعدم التداخل لا يرى الاكتفاء بالمجمع في مقام الامتثال كما في المثال المذكور بل لابد من امتثال كل من الحكمين بغير امتثال الآخر فلا ينفع هذا التصرف في شئ فتأمل (قوله: أو الالتزام بحدوث) هذا راجع إلى رفع اليد عن ظهور القضية في كون كل شرط مؤثرا مستقلا في وجود الجزاء بل يكون كل شرط مؤثرا في الجملة في وجوده ولو ضمنا بأن يكون كل مرتبة من وجوده مستندة إلى احد الشرطين مع المحافظة على ظهورها في كون موضوع الجزاء بعنوانه موضوعا له (قوله: مع ما في الاخيرين) يعني يرد إشكال آخر على القائل باحد الاخيرين وهو انه لو بني على وجوب رفع اليد عن الظهور يدور الامر بين المحتملات المذكورة، وتعيين واحد منها كما يدعيه القائل به يحتاج إلى دليل وهو مفقود وانما خصه بالاخيرين لان الاول راجع إلى دعوى الظهور فيه كما وهو يظهر من ملاحظة عبارته بخلاف الاخيرين فان ظاهر عبارتهما تسليم عدم الظهور فيهما فتأمل جيدا (قوله: إلى اثبات) راجع إلى أول الاخيرين (قوله: والى اثبات) راجع إلى ثانيهما (قوله: وجه ذلك) ايراد على قوله: ولا يخفى أنه لا وجه... الخ يعني أن الموجب للالتزام

٤٦٤

(قلت): نعم إذا لم يكن المراد بالجملة فيما إذا تعدد الشرط كما في المثال هو وجوب الوضوء مثلا بكل شرط غير ما وجب بالآخر ولا ضير في كون فرد محكوما بحكم فرد آخر اصلا كما لا يخفى (ان قلت): نعم لو لم يكن تقدير تعدد الفرد على خلاف الاطلاق (قلت): نعم لو لم يكن ظهور الجملة الشرطية في كون الشرط سببا أو كاشفا عن السبب مقتضيا لذلك (أي لتعدد الفرد) وبيانا لما هو المراد من الاطلاق (وبالجملة) لا دوران بين ظهور الجملة في حدوث الجزاء وظهور الاطلاق ضرورة ان ظهور الاطلاق يكون معلقا على عدم البيان وظهورها في ذلك صالح لان يكون بيانا فلا ظهور له مع ظهورها فلا يلزم على القول بعدم التداخل تصرف أصلا بخلاف القول بالتداخل

______________________________

بأحد الانحاء المتقدمة - مع أنها خلاف الظاهر - لزوم الخروج عن ظاهر الشرطية لكونه محالا كما تقدم فكون كل واحد خلاف الظاهر مسلم لكنه يجب الاخذ به بعد ما كان الظاهر محالا (قوله: قلت نعم) يعني ما ذكرت مسلم حيث لا يكون هناك احتمال آخر أقرب عرفا وإلا وجب حمل الكلام عليه، ومن المحتمل أن يكون الوجوب الحادث بحدوث أحد الشرطين ثابتا لفرد من الجزاء غير الفرد الذي يثبت له الوجوب الحادث بحدوث الشرط الآخر فيحدث بحدوث الشرطين وجوبان لفردين من الجزاء لا ميز بينهما الا في كون أحدهما غير الآخر نظير وجوب صوم يومين ولا يلزم محذور اجتماع الحكمين في موضوع واحد (قوله: خلاف الاطلاق) يعني خلاف اطلاق موضوع الجزاء فان مقتضى اطلاقه في القضيتين أن يكون المراد به صرف الطبيعة المنطبق على كل ما يفرض من الوجود لا أن أحدهما يصدق على وجود والآخر يصدق على وجود آخر فإذا كان ذلك المحتمل خلاف الاطلاق كان الحمل عليه محتاجا إلى قرينة وهي مفقودة (قوله: قلت نعم لو لم) يعني ما ذكرت مسلم لو كانت اصالة الاطلاق محكمة وليس كذلك لان الاطلاق يتوقف على تمامية مقدمات الحكمة وهي غير حاصلة لان من جملة المقدمات

٤٦٥

كما لا يخفى، فتلخص بذلك ان قضية ظاهر الجملة الشرطية هو القول بعدم التداخل عند تعدد الشرط، وقد انقدح مما ذكرناه أن المجدي للقول بالتداخل هو احد الوجوه التي ذكرناها لا مجرد كون الاسباب الشرعية معرفات لا مؤثرات، فلا وجه لما عن الفخر وغيره من ابتناء المسألة على انها معرفات أو مؤثرات، مع أن الاسباب الشرعية حالها حال غيرها في كونها معرفات تارة ومؤثرات أخرى ضرورة أن الشرط للحكم الشرعي في الجملة الشرطية ربما يكون مما له دخل في ترتب الحكم بحيث لولاه لما وجدت

______________________________

أن لا يكون قرينة وظهور القضية الشرطية في تعدد الجزاء بتعدد الشرط يصلح للقرينية على عدم ارادة إطلاق الجزاء بنحو ينافي ما ذكرنا وإن كان إطلاقه من الجهات الاخرى بحاله فاطلاقه من حيث كون الواجب باحد الشرطين عين الواجب بالآخر أو غيره ساقط، وإطلاقه من حيث الافراد أو الاحوال بحاله (قوله: كما لا يخفى) ذكر في الحاشية انه يتم ذلك بناء على مذهب شيخنا الاعظم (ره) من أن القرائن المنفصلة مانعة من ثبوت الاطلاق أما بناء على أنها غير مانعة - كما سيأتي - فتعدد الشرط لما كان منها كان اطلاق الجزاء محكما ويكون ما ذكر من الحمل على تعدد نوع الجزاء على خلافه فيدور الامر بينه وبين غيره من أنحاء التصرف المتقدمة وتعينه محتاج إلى معين وحيث أنه أقرب من غيره في نظر العرف كان هو المتعين، ويشهد له ان القضايا المتعددة لو كانت في كلام واحد فقد عرفت أن التصرف المذكور فيها هو المتعين لعدم الاطلاق فكذا لو كانت في كلام متعدد فان ذلك هو الميزان في الجمع العرفي (قوله: بعدم التداخل) فلا بد من تعدد الامتثال (قوله: لما عن الفخر وغيره من ابتناء) (أقول): المحكي عن فخر المحققين " ره " وبعض من تأخر عنه ابتناء مسألة التداخل وعدمه على كون الاسباب الشرعية معرفات أو مؤثرات فعلى الاول لابد من القول بالتداخل لامكان أن تكون الامور المتعددة حاكية عن امر واحد ومع احتمال وحدة السبب الحقيقي المحكي بتلك الاسباب الشرعية لا وجه للحكم بتعدد

٤٦٦

له علة كما انه في الحكم غير الشرعي قد يكون امارة على حدوثه بسببه وان كان ظاهر التعليق أن له الدخل فيهما كما لا يخفى. نعم لو كان المراد بالمعرفية في الاسباب الشرعية انها ليست بدواعي الاحكام التي هي في الحقيقة علل لها وان كان لها دخل في تحقق موضوعاتها بخلاف الاسباب غير الشرعية فهو وان كان

______________________________

المسبب، وعلى الثاني لابد من القول بعدم التداخل إذ مقتضى سببية كل واحد من الامور المتعددة أن يكون لكل منها مسبب ولو كان لها مسبب واحد لزم اجتماع العلل المتعددة على المعلول الواحد وحاصل ما ذكره المصنف " ره " أمران (أحدهما) راجع إلى المناقشة في الابتناء وأن البناء على كون الاسباب الشرعية معرفات لا يقتضي القول بالتداخل لجواز أن تكون الاسباب الشرعية المتعددة حاكية عن اسباب حقيقية متعددة فإذا كان ظاهر الشرطية تعدد المسبب بتعدد السبب فقد دلت على تعدد السبب الحقيقي (وثانيهما) راجع إلى فساد المبنى وأن كون الاسباب الشرعية معرفات لا غير أو مؤثرات كذلك لا وجه له بل هي على نوعين مؤثرات ومعرفات وما اشتهر من ان الاسباب الشرعية معرفات من المشهورات التي لا أصل لها إذ لا نعني من السبب المؤثر إلا ما لولاه لم يوجد الحكم وهذا المعنى صادق على كثير من الاسباب الشرعية كما انه قد لا يصدق في كثير من الاسباب غير الشرعية فتكون معرفات لا غير (قوله: له علة) وهي المصلحة والمفسدة كما يأتي (قوله: حدوثه بسببه) يعني حدوث الحكم بسبب ما له الدخل فيه كما في قولك: إذا وجد الدخان فقد احترق الحطب (قوله: له الدخل) كما هو مبنى البحث في المقام (قوله: ليست بدواع) لان الداعي ما يكون موجبا لترجح الوجود على العدم أو العدم على الوجود وهو - عند العدلية - المصالح والمفاسد التي تحكي عنها الاسباب الشرعية الواقعة في حيز أداة الشرط أو غيره وقد يكون لها دخل في وجود موضوعاتها كما تقدم التنبيه عليه في الواجب المشروط (قوله: علل لها) في كون الدواعي عللا للاحكام تأمل فانها بوجودها

٤٦٧

له وجه الا انه مما لا يكاد يتوهم انه يجدي فيما هم واراد (ثم) إنه لا وجه للتفصيل بين اختلاف الشروط بحسب الاجناس وعدمه واختيار عدم التداخل في الاول والتداخل في الثاني الا توهم عدم صحة التعلق بعموم اللفظ في الثاني لانه من أسماء الاجناس فمع تعدد أفراد شرط واحد لم يوجد الا السبب الواحد بخلاف الاول لكون كل منها سببا فلا وجه لتداخلها (وهو فاسد) فان قضية إطلاق الشرط في مثل: إذا بلت فتوضأ، هو حدوث الوجوب عند كل مرة لو بال مرات والا فالاجناس المختلفة لابد من رجوعها إلى واحد فيما جعلت شروطا واسبابا لواحد لما مرت إليه الاشارة من أن الاشياء المختلفة بما هي مختلفة لا تكون اسبابا لواحد. هذا كله فيما إذا كان

______________________________

الخارجي غير مؤثرة فيها. نعم بوجودها العلمي تكون من علل الارادة التي هي علة الاحكام (قوله: له وجه) لصحة دعوى كون جميع الاسباب الشرعية ليست هي من قبيل المصالح والمفاسد بل هي حاكية عنها معرفة لها وهذا لا ينافي كونها معرفات تارة ومؤثرات أخرى كما تقدم لان المراد من كونها مؤثرات في الاحكام أنها مؤثرات في المصالح والمفاسد التي هي مؤثرات في الاحكام والمراد من كونها معرفات أنها غير دخيلة في المصالح والمفاسد وإنما تحكي عما هو دخيل فيها (قوله: انه يجدى) لما تقدم من أن كونها معرفة بهذا المعنى لا يستلزم التداخل بعد ظهور الشرطية في تعدد المسبب بتعدد الشرط فان ذلك كاشف عن تعدد السبب الحقيقي المحكي (قوله: التعلق بعموم) يعني بالنسبة إلى كل فرد ليثبت به الجزاء بالنسبة إلى كل فرد (قوله: من اسماء الاجناس) فلا يدل على العموم (قوله: لكون كل) كما هو مقتضى تعدد القضية (قوله: هو حدوث الوجوب) كون مقتضى الاطلاق ذلك محل اشكال فانه موقوف على ملاحظة الشرط بنحو الطبيعة السارية وهو محتاج إلى قرينة إذ الاصل في المطلقات ان تكون بنحو صرف الوجود الناقض للعدم الا ان يكون المرتكز في أذهان العرف كون الشرط بنحو الطبيعة السارية جريا على الغالب في الاسباب الحقيقية الواقعية (قوله: لابد من رجوعها) يعني فإذا رجعت إلى الواحد جاء الكلام

٤٦٨

موضوع الحكم في الجزاء قابلا للتعدد وأما ما لا يكون قابلا لذلك فلابد من تداخل الاسباب فيما لا يتأكد المسبب ومن التداخل فيه فيما يتأكد

فصل

الظاهر أنه لا مفهوم للوصف وما بحكمه

______________________________

السابق من انه مع تعدد الافراد لم يوجد الا السبب الواحد (أقول): ما ذكرناه في الواحد لا يطرد في المقام إذ مع التعدد لا مجال لاحتمال أن يكون السبب هو الجامع بنحو صرف الوجود بل لا بد أن يكون بنحو الطبيعة السارية فلا بد من تعدد المسبب (قوله: من تداخل) بأن تكون الاسباب المتعددة سببا واحدا لئلا يلزم اجتماع العلل المتعددة على المعلول الواحد ورجوعها إلى السبب الواحد بمعنى كون المؤثر هو الجامع بينها المنطبق على الجميع انطباقا واحدا هذا مع اقتران الاسباب في الوجود كما لو عقد الوكيلان في زمان واحد على مال واحد أو امرأة واحدة لشخص واحد فان الملكية والزوجية تنتزعان من صرف وجود العقد الصادق على الكثير والقليل بنحو واحد واما لو تقدم بعضها على بعض فالسابق هو السبب واللاحق ليس بسبب لئلا يلزم تحصيل الحاصل (قوله: فيه فيما يتأكد) يعني في السبب إذا أمكن التأكد فيه بأن يكون كل سبب مؤثرا في مرتبة من وجوده بلا فرق بين اقتران الاسباب وتعددها كما لو مات في البئر بعير ووقع فيها مسكر فانه - بناء على النجاسة - يتأكد المسبب لامكانه والله سبحانه أعلم

الكلام في مفهوم الوصف

(قوله: وما بحكمه) وهو الوصف الضمني كما في قوله صلى الله عليه وآله: لان يمتلئ بطن الرجل قيحا خير من أن يمتلئ شعرا، فان امتلاء البطن كناية عن الشعر الكثير فيدل بمفهومه - لو قيل به - على عدم البأس بالشعر القليل

٤٦٩

مطلقا لعدم ثبوت الوضع وعدم لزوم اللغوية بدونه لعدم انحصار الفائدة به وعدم قرينة أخرى ملازمة له، وعليته - فيما إذا استفيدت - غير مقتضية له كما لا يخفى، ومع كونها بنحو الانحصار وان كانت مقتضية له إلا أنه لم يكن من مفهوم الوصف ضرورة أنه قضية العلة الكذائية المستفادة من القرينة عليها في خصوص مقام وهو مما لا إشكال فيه ولا كلام، فلا وجه لجعله تفصيلا في محل النزاع وموردا للنقض والابرام ولا ينافي ذلك ما قيل من أن الاصل في القيد ان يكون احترازيا لان الاحترازية لا توجب الا تضييق دائرة موضوع الحكم في القضية مثل ما إذا كان بهذا الضيق بلفظ واحد، فلا فرق أن يقال:

______________________________

(قوله: مطلقا) سواء اعتمد على موصوف أو لا (قوله: لعدم ثبوت الوضع) بل الثابت خلافه لان البناء على ثبوت الوضع يقتضي الالتزام بالمجاز في جميع الموارد التي لا يكون فيها تعليق السنخ وهو خلاف ارتكاز المستعملين (قوله: لعدم انحصار) لامكان ان تكون الفائدة زيادة الاهتمام بالموصوف ولا ينبغي التأمل في صحة الاستعمال حينئذ (قوله: وعليته) يعني قد يتوهم أن الوجه في استفادة المفهوم ظهور التوصيف في علية الوصف ولذا اشتهر أن تعليق الحكم على وصف يشعر بالعلية (وفيه) أن مجرد العلية لا تقتضي ثبوت المفهوم لجواز أن يكون للحكم علتان تنوب إحداهما مناب الاخرى، والعلية المنحصرة وان كانت مقتضية له إلا أن التوصيف لا يقتضيها. نعم قد تقوم قرينة من الخارج عليها لكن ذلك خارج عن محل الكلام إذ الكلام في اقتضاء نفس التوصيف للمفهوم (قوله: فلا وجه لجعله تفصيلا) اشارة إلى الرد على ما نسب إلى العلامة (ره) من التفصيل بين ما كان الوصف علة فيثبت المفهوم وبين ما لا يكون كذلك فينتفي وتوضيح الرد أن المراد من العلة ان كان مطلق العلة فلا وجه للقول بالمفهوم وان كان العلة المنحصرة فالقول بالمفهوم في محله الا انه ليس تفصيلا في محل الكلام لان استفادة انحصار العلة انما يكون بقرينة خارجة عن التوصيف ويكون القول بذلك قولا بالنفي مطلقا (قوله: ولا ينافي ذلك) يعني قد يتوهم

٤٧٠

جئني بانسان، أو بحيوان ناطق، كما أنه لا يلزم في حمل المطلق على المقيد فيما وحد شرائطه إلا ذلك من دون حاجة فيه إلى دلالته على المفهوم فانه من المعلوم ان قضية الحمل ليس الا أن المراد بالمطلق هو المقيد وكأنه لا يكون في البين غيره، بل ربما قيل: انه لا وجه للحمل لو كان بلحاظ المفهوم فان ظهوره فيه ليس بأقوى من ظهور المطلق في الاطلاق كي يحمل عليه لو لم نقل بأنه الاقوى لكونه بالمنطوق كما لا يخفى

______________________________

أن ما ذكرناه من انتفاء المفهوم ينافي ما اشتهر من أن الاصل في القيود أن تكون احترازية لان معنى كونها احترازية انها دالة على خروج الفاقد للقيد عن الحكم وهو عين انتفاء الحكم عن فاقد الوصف (وفيه) أن المراد من كونها احترازية خروج الفاقد عن شخص الحكم لا عن سنخه فيجوز أن يثبت له شخص آخر من سنخ الحكم (أقول): بل الظاهر ما ذكره المتوهم الا أن الظاهر أن هذه القاعدة ليست كلية بل في خصوص القيود التي تذكر في مقام تحديد موضوعات مسائل العلوم ونحو ذلك مما كان المتكلم فيه في مقام كل من الاثبات والنفي فالدلالة على المفهوم إنما تكون بقرينة المقام (قوله: جئني بانسان) الذي هو من قبيل القضية اللقبية (قوله: كما انه لا يلزم) يعني قد يتوهم أن التقييد بالوصف لو لم يقتض المفهوم لم يكن وجه للجمع بين المطلق والمقيد لعدم التنافي بينهما فليس التنافي إلا من جهة الدلالة على المفهوم وانتفاء الحكم عن غير مورد القيد فانه ينافي ثبوته له بمقتضى دلالة المطلق (وفيه) أن التنافي بينهما إنما يكون لقرينة خارجية دالة على وحدة الحكم فان الحكم الواحد ثبوته للمطلق ينافي ثبوته للمقيد ولو لم تكن هذه القرينة فلا تنافي ولا جمع بينهما كما هو الحال في المستحبات حسبما يأتي انشاء الله (قوله: شرائطه) ومنها وحدة الحكم (قوله: الا ذلك) يعني اقتضاء التقييد تضييق دائرة موضوع الحكم (قوله: قضية الحمل) يعني مقتضى حمل المطلق على المقيد (قوله: بأنه الاقوى) يعني ظهور المطلق في

٤٧١

" واما " الاستدلال على ذلك - أي عدم الدلالة على المفهوم - بآية: " وربائبكم اللاتى في حجوركم " ففيه أن الاستعمال في غيره احيانا مع القرينة مما لا يكاد ينكر كما في الآية قطعا مع انه يعتبر في دلالته عليه - عند القائل بالدلالة - أن لا يكون واردا مورد الغالب كما في الآية، ووجه الاعتبار واضح لعدم دلالته معه على الاختصاص وبدونها لا يكاد يتوهم دلالته على المفهوم فافهم (تذنيب) لا يخفى انه لا شبهة في جريان النزاع فيما إذا كان الوصف أخص من موصوفه ولو من وجه في مورد الافتراق من جانب الموصوف وأما في غيره ففى جريان

______________________________

الاطلاق (قوله: وأما الاستدلال) وجه الاستدلال أن الوصف لو دل على المفهوم اقتضى عدم حرمة الربيبة لو لم تكن في حجر الزوج الذي هو كناية عن كونها في تربيته مع انه لا خلاف في حرمتها مطلقا (قوله: لا يكاد ينكر) لكنه أعم من الحقيقة (قوله: كما في الآية) تمثيل للمنفي (قوله: لعدم دلالته) بل يكون الوجه في ذكر المقيد كونه الفرد الغالب حتى كأنه لا فرد سواه كما عن الرازي التعليل بذلك (قوله: المفهوم فافهم) يمكن أن يكون اشارة إلى أن ذلك إنما يتم لو كان الوجه في دلالة الوصف على المفهوم لزوم اللغوية أو القول بان أصالة الحقيقة حجة إذا كانت مفيدة للظن أما لو كانت الدلالة بالوضع مع البناء على حجية أصالة الحقيقة مطلقا فلا وجه له كما اعترضه في التقريرات (أقول): يمكن دفعه بدعوى الوضع لافادة المفهوم في خصوص عدم الغلبة فتأمل (قوله: لا شبهة في جريان) لما عرفت من ان التقابل بين المفهوم والمنطوق تقابل النقيضين الا في الاتحاد في الوصف أو الشرط أو نحوهما فان المنطوق حكم في حال الشرط أو الوصف (مثلا) والمفهوم عدم الحكم في غير حال الوصف أو الشرط ففي مورد افتراق الموصوف عن الوصف بالفرد الفاقد له يصح النزاع في الدلالة على انتفاء الحكم عنه الذي هو المفهوم وعدمها الذي هو عين عدمه (قوله: ولو من وجه) كما في الغنم السائمة (قوله: وأما في غيره)

٤٧٢

اشكال أظهره عدم جريانه وان كان يظهر مما عن بعض الشافعية حيث قال: قولنا: في الغنم السائمة زكاة، يدل على عدم الزكاة في معلوفة الابل. جريانه فيه ولعل وجهه استفادة العلية المنحصرة منه وعليه فيجري فيما كان الوصف مساويا أو أعم مطلقا ايضا فيدل على انتفاء سنخ الحكم عند انتفائه فلا وجه في التفصيل بينهما وبين ما إذا كان اخص من وجه فيما إذا كان الافتراق من جانب الوصف بانه لا وجه للنزاع فيهما معللا بعدم الموضوع واستظهار جريانه من بعض الشافعية فيه كما لا يخفى فتأمل جيدا.

فصل

هل الغاية في القضية تدل على ارتفاع الحكم عما بعد الغاية ؟ بناء على دخول الغاية في المغيى ؟ أو عنها وبعدها بناء على خروجها أولا فيه خلاف وقد نسب إلى المشهور

______________________________

وهو مورد افتراق الصفة والموصوف معا كالابل المعلوفة في المثال المتقدم (قوله: إشكال أظهره عدم) لان انتفاء الحكم عن الابل المعلوفة ليس نقيضا بالمعنى المتقدم ليكون مفهوما بل هو انتفاء للحكم عن موضوع آخر غير موضوع المنطوق وقد عرفت أنه لا بد من الاتحاد فيه (قوله: استفادة العلية) يعني يستفاد من التوصيف كون الوصف علة لسنخ الحكم مطلقا ولو بالاضافة إلى غير موضوعه لكنه - لو تم - لم يكن مفهوما اصطلاحا فتأمل (قوله: انتفاء سنخ) يعني عن غير الموصوف من الموضوعات المباينة له (قوله: فلا وجه في التفصيل) الظاهر انه تعريض بالتقريرات حيث ذكر انه لا وجه للنزاع في الوصف المساوي والاعم لعدم الموضوع وهل يجري فيما لو كان أخص من وجه بالنسبة إلى مورد الافتراق من جانب الوصف كما يظهر من بعض الشافعية أو لا يجري كما يظهر من جماعة ؟ الظاهر هو الثاني لاختلاف الموضوع انتهى، لكن ما ذكره ليس تفصيلا في جريان النزاع بل هو تفصيل في الجزم والاستظهار. والله سبحانه أعلم

٤٧٣

الدلالة على الارتفاع والى جماعة منهم السيد والشيخ عدم الدلالة عليه (والتحقيق) انه إذا كانت الغاية بحسب القواعد العربية قيدا للحكم كما في قوله: (كل شئ حلال حتى تعرف أنه حرام) و (كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر) كانت دالة على ارتفاعه عند حصولها لانسباق ذلك منها كما لا يخفى وكونه قضية تقييده بها وإلا لما كان ما جعل غاية له بغاية وهو واضح إلى النهاية وأما إذا كانت بحسبها قيدا للموضوع مثل:

______________________________

مفهوم الغاية

(قوله: بحسب القواعد) بل وكذا لو كان بحسب القرينة الخاصة وإن لم يكن مقتضى القواعد إذ التفصيل غير ظاهر الوجه (قوله: كما في قوله - عليه السلام: كل) ظهور الكلام في كون الغاية في الروايتين الشريفتين قيدا للحل والطهارة مما لا اشكال فيه لاتصالهما بها وانفصال الموضوع عنها - مع الاحتياج في ارجاعها إلى الموضوع من تقدير المتعلق ليكون وصفا له وهو خلاف القواعد (قوله: وهو واضح) وضوحه مشكل حيث أن ما ذكر انما يتم لو كان المغي ؟ سنخ الحكم أما لو كان شخصا منه فلا يدل على انتفاء شخص آخر - مضافا إلى ما قيل من أن كون الغاية قيدا للحكم يقتضي أن يكون هو المجعول ومن المعلوم ان جعل الحكم المقيد بقيد الموضوع لا يقتضي عدم الحكم المطلق عنه فدعوى المفهوم تتوقف على تعرية الحكم عن القيد بالغاية بل تجعل قيدا للنسبة ويكون الملحوظ في الحكم سنخه فيكون مفاد القضية المغياة أن الحكم المطلق ثبوته وانتسابه للموضوع مغيى بالغاية فتدل على انتفاء الحكم بعدها ولعل الاصل في القيود المذكورة في الجمل أن تكون قيودا للنسبة لا للموضوع ولا للحكم، فيتحصل أن الغاية إن كانت قيدا للموضوع أو الحكم لم تقتض المفهوم وان كانت قيدا للنسبة اقتضته، ولو شك في ذلك كانت قيدا للنسبة فتأمل جيدا (قوله: مثل:

٤٧٤

سر من البصرة إلى الكوفة، فحالها حال الوصف في عدم الدلالة وان كان تحديده بها بملاحظة حكمه وتعلق الطلب به وقضيته ليس إلا عدم الحكم فيها الا بالمغيى من دون دلالة لها أصلا على انتفاء سنخه عن غيره لعدم ثبوت وضع لذلك وعدم قرينة ملازمة لها ولو غالبا دلت على اختصاص الحكم به وفائدة التحديد بها كسائر انحاء التقييد غير منحصرة بافادته كما مر في الوصف. ثم إنه في الغاية خلاف آخر كما أشرنا إليه وهو أنها هل هي داخلة في المغيى بحسب الحكم أو خارجة عنه ؟ والاظهر خروجها لكونها من حدوده فلا تكون محكومة بحكمه ودخوله فيه في بعض الموارد إنما يكون بالقرينة وعليه يكون كما بعدها بالنسبة إلى الخلاف الاول كما انه على القول الآخر تكون محكومة بالحكم منطوقا. ثم لا يخفى أن هذا الخلاف لا يكاد يعقل جريانه فيما إذا كان قيدا للحكم فلا تغفل

______________________________

سر من البصرة) فان (من) و (إلى) متعلقتان بالسير لا بالهيئة إذ ليس ما بين المبدأ والمنتهى مكانا للحكم (قوله: لكونها من حدوده) بهذا استدل نجم الائمة (ره) على مختاره وهو الخروج لكنه يتوقف على كون الاصل في (إلى) وأخواتها من أدوات الغاية أن تكون داخلة على الحد الذي من المعلوم خروجه عن المحدود والا فهي قد تكون داخلة على الحد كما تكون داخلة على المحدود وكون معناها الغاية لا يلازم الاول إذ قد يراد بالغاية ما به ينتهي الشئ كما قد يراد بها ما عنده ينتهي الشئ وهو الحد، والاول داخل والثاني خارج بلا كلام فلا بد في اثبات دعوى الخروج من اثبات كون الاصل فيها أن تكون داخلة على الغاية بالمعنى الثاني وهو الظاهر (قوله: وعليه) يعني على الخروج (قوله: كما بعدها) يعني فعلى القول بالمفهوم ينتفي الحكم عنها وعلى القول بعدمه لا دليل على انتفائه ولا على ثبوته (قوله: القول الآخر) يعني الدخول (قوله: لا يكاد يعقل) إذ لا معنى لدخول الغاية في الحكم لعدم السنخية، لكن هذا بعينه جار فيما كانت غاية للموضوع في المثال المتقدم إذ لا معنى لدخول الكوفة في السير

٤٧٥

فصل

لا شبهة في دلالة الاستثناء على اختصاص الحكم سلبا أو ايجابا بالمستثنى منه ولا يعم المستثنى ولذلك يكون الاستثناء من النفي إثباتا ومن الاثبات نفيا وذلك للانسباق عند الاطلاق قطعا فلا يعبأ بما عن أبي حنيفة من عدم الافادة محتجا بمثل: لا صلاة الا بطهور، ضرورة ضعف احتجاجه (أولا) بكون المراد من مثله أنه لا تكون الصلاة التي كانت واجدة لاجزائها وشرائطها المعتبرة فيها صلاة الا إذا كانت واجدة للطهارة وبدونها لا تكون صلاة

______________________________

وانما يصح أن تدخل في مكانه " وبالجملة " الغاية إما زمانية أو مكانية والاولى انما يصح أن تدخل في الزمان والثانية انما يصح أن تدخل في المكان فلو بني على الاخذ بظاهر عنوان النزاع كان اللازم المنع عن معقوليته بالاضافة إلى الحكم وموضوعه معا الا إذا كان زمانا في الزمانية أو مكانا في المكانية، وان بني على الاخذ بالمراد من العنوان من كونها داخلة فيما قبلها أمكن النزاع فيما كانت غاية للحكم ايضا فيتنازع في العلم الذي اخذ غاية للطهارة هل هو بحكم ما قبله فتثبت الطهارة حاله أو لا فلا تكون الطهارة حاله ؟

مفهوم الاستثناء

(قوله: اختصاص الحكم) يعني سنخه (قوله: محتجا بمثل) وجهه أنه لو كان للاستثناء مفهوم كان مفهومه في المثال أن الصلاة مع الطهارة صلاة مطلقا، مع أنه ليس كذلك إذ قد تكون فاقدة للاجزاء والشرائط عدا الطهارة ولا تكون حينئذ صلاة (قوله: بكون المراد) يعني أن المراد من مثل الصلاة في أمثال هذه التراكيب تمام الاجزاء والشرائط عدا الطهارة ومن المعلوم أن الصلاة بهذا المعنى لو انضمت إليها الطهارة فهي صلاة صحيحة ولا اشكال في

٤٧٦

على وجه وصلاة تامة مأمورا بها على آخر (وثانيا) بأن الاستعمال مع القرينة كما في مثل التركيب مما علم فيه الحال لا دلالة له على مدعاه أصلا كما لا يخفى. ومنه قد انقدح انه لا موقع للاستدلال على المدعى بقبول رسول الله - صلى الله عليه وآله - إسلام من قال كلمة التوحيد لامكان دعوى أن دلالتها على التوحيد كان بقرينة الحال أو المقال " والاشكال " في دلالتها عليه بأن خبر (لا) اما يقدر " ممكن " أو " موجود " وعلى كل تقدير لا دلالة لها على التوحيد اما على الاول فانه حينئذ لا دلالة لها إلا على اثبات امكان وجوده تبارك وتعالى لا وجوده واما على الثاني فلانها وان دلت على وجوده تعالى الا انه لا دلالة لها على عدم امكان إله آخر " مندفع " بأن المراد من الآله هو واجب الوجود ونفي ثبوته ووجوده في الخارج واثبات فرد منه فيه وهو الله يدل بالملازمة البينة على امتناع تحققه في ضمن غيره تبارك وتعالى ضرورة أنه لو لم يكن ممتنعا لوجد

______________________________

مفهوم التركيب ويشهد لذلك أن الكلام المذكور وارد في مقام جعل الطهارة شرطا للصلاة والصلاة المجعول لها الطهارة شرطا هي التامة لا غير (قوله: على وجه) يوافق القول بالصحيح (قوله: على آخر) يوافق القول بالاعم (قوله: لامكان دعوى) هذه الدعوى جعلها في التقريرات في غاية السخافة (قوله: بقرينة الحال) وحينئذ فلا مجال للاستدلال بها على المفهوم بنحو القاعدة الكلية (قوله: لا دلالة لها الا على) لان المستثنى منه يقتضي نفي الامكان فالاستثناء منه انما يدل على ثبوت الامكان للمستثنى وهو لا يلازم الوجود والفعلية لانه أعم فلا تدل الكلمة إلا على الاعتقاد بالامكان لا غير وهو غير كاف في التوحيد، (قوله: إلا انه لا دلالة) من أجل أن عقدها الايجابي دل على اعتقاد وجوده وعقدها السلبي دل على عدم وجود ما سواه وكل منهما لا يقتضي نفي امكان ما سواه وهو معتبر في التوحيد فتأمل (قوله: المراد من الاله هو واجب) هو محل تأمل لانه خلاف وضعه واستعماله بل الظاهر منه مستحق العبادة كما يظهر من ملاحظة كتب اللغة وموارد استعماله وورود هذه الكلمة ردا على المشركين ونفيا لمعتقدهم

٤٧٧

لكونه من أفراد الواجب ثم ان الظاهر ان دلالة الاستثناء على الحكم في طرف المستثنى بالمفهوم وانه لازم خصوصية الحكم في جانب المستثنى منه التي دلت عليها الجملة الاستثنائية. نعم لو كانت الدلالة في طرفه بنفس الاستثناء لا بتلك الجملة كانت بالمنطوق كما هو

______________________________

فانهم لم يكونوا قد اعتقدوا وجوب الوجود لآلهتهم فالمراد من الكلمة أنه لا مستحق للعبادة موجود إلا الله سبحانه وعدم اقتضائها نفي امكان ما سواه لا يقدح في اقتضائها التوحيد في مقابل اعتقاد المشركين " وحاصل " الدفع أن المراد من الاله واجب الوجود والخبر المقدر قولنا: موجود، فتدل على انحصار الواجب بذاته تعالى (وتوهم) أنها لا تدل على نفي امكان ما سواه (مندفع) بانه إذا كان ما سواه ممكنا كان موجودا لان المراد من الواجب هنا ما يكون واجبا بذاته، ومعناه ما يكون وجوده واجبا بذاته فإذا كان ممكنا كان موجودا وإلا لم يكن واجبا وجوده بذاته وهو خلف (أقول): إن أريد أن كلمة التوحيد تدل على نفي امكان فرد آخر للواجب بالتقرير المذكور " ففيه " أن الواجب يمتنع صدقه على ما هو معدوم ممكنا كان أو ممتنعا فان مفهوم واجب الوجود أخص من مفهوم الموجود فكيف يصدق على المعدوم مطلقا ولا يحتاج في نفي امكان غيره إلى التقرير المذكور وأن أريد أنها تدل على نفي امكان فرد آخر غير واجب الوجود فلم يظهر من التقرير المذكور (فالمتحصل) أن حمل الاله على واجب الوجود وان اقتضى دلالة كلمة التوحيد على انحصار الواجب في ذاته تعالى إلا أنها لا تدل على نفي امكان مستحق للعبادة سواه وان لم يكن واجب الوجود (قوله: لكونه من) قد عرفت أن المعدوم ممكنا أو ممتنعا ليس من أفراد الواجب (قوله: ثم ان الظاهر) هذا اشارة إلى الخلاف في أن الدلالة على انتفاء حكم المستثنى منه عن المستثنى هل هي من المفهوم أو المنطوق ؟ واختار المصنف (ره) الاول كما هو ظاهر المشهور فأداة الاستثناء تقتضي تضييق دائرة موضوع سنخ حكم المستثنى منه ولازم التضييق المذكور انتفاء سنخ الحكم عن المستثنى لان مفاد الاداة نفي حكم المستثنى منه

٤٧٨

ليس ببعيد وان كان تعيين ذلك لا يكاد يفيد ومما يدل على الحصر والاختصاص (انما) وذلك لتصريح أهل اللغة بذلك وتبادره منها قطعا عند أهل العرف والمحاورة، (ودعوى) أن الانصاف أنه لا سبيل لنا إلى ذلك فان موارد استعمال هذه اللفظة مختلفة ولا يعلم بما هو مرادف لها في عرفنا حتى يستكشف منها ما هو المتبادر منها (غير مسموعة) فان السبيل إلى التبادر لا ينحصر بالانسباق إلى أذهاننا فان الانسباق إلى أذهان أهل العرف أيضا سبيل، وربما يعد مما دل على الحصر كلمة (بل) الاضرابية (والتحقيق) أن الاضراب على انحاء منها ما كان لاجل ان المضرب عنه إنما أتى به

______________________________

عن المستثنى لتكون الدلالة بالمنطوق (قوله: ليس ببعيد) بل هو المتعين في مثل (ليس) و (لا يكون) ونحوهما والبعيد في مثل (لا) و (غير) ونحوهما، (قوله: لا يكاد يفيد) يمكن تصوير ثمرة للنزاع المذكور بناء على ما اشتهر من أن دلالة المفهوم أضعف من دلالة المنطوق فيما لو تعارض الاستثناء ودليل آخر فعلى الاول يقدم الدليل الآخر وعلى الثاني يرجع إلى قواعد التعارض فتأمل (قوله: ودعوى ان الانصاف) هذه الدعوى ادعاها في التقريرات (قوله: فان موارد استعمال) يعني في العرف السابق (قوله: ولا يعلم بما) يعني ليست هذه الكلمة مستعملة في عرفنا اليوم ليرجع إليه في تشخيص معناها من الحصر وعدمه ولم يعلم بما يرادفها في عرفنا اليوم حتى يرجع إليه في تشخيص المرادف فيتشخص معناها (قوله: فان الانسباق) إن أراد انسباق عرفنا اليوم فهو متفرع على استعمالها فيه وقد تقدم انتفاؤه وان أراد العرف السابق فلم يثبت انسباقه إلى شئ لان موارد استعماله مختلفة كما ذكر المدعي وكأنه حمل ضمير (عرفنا) على العرف الخاص - مع أن الظاهر منه العرف العام اليوم كما عرفت فالاولى منع عدم استعمالها في عرفنا اليوم بل هي مستعملة فيه كثيرا وتبادر الحصر منها يقتضي وضعها لذلك فتأمل (قوله: على الحصر) يعني حصر الحكم فيما بعدها ونفيه

٤٧٩

غفلة أو سبقه به لسانه فيضرب بها عنه إلى ما قصد بيانه فلا دلالة له على الحصر أصلا فكأنه اتى بالمضرب إليه ابتداء كما لا يخفى ومنها ما كان لاجل التأكيد فيكون ذكر المضرب عنه كالتوطئة والتمهيد لذكر المضرب إليه فلا دلالة له عليه ايضا (ومنها) ما كان في مقام الردع وإبطال ما أثبت أولا فيدل عليه(١) وهو واضح، ومما يفيد الحصر - على ما قيل - تعريف المسند إليه باللام (والتحقيق) أنه لا يفيده إلا فيما اقتضاه المقام لان الاصل في اللام أن تكون لتعريف الجنس كما أن الاصل في الحمل في القضايا المتعارفة هو الحمل المتعارف الذى ملاكه مجرد الاتحاد في الوجود فانه الشايع فيها الا الحمل الذاتي الذي ملاكه الاتحاد بحسب المفهوم كما لا يخفى، وحمل شئ على جنس وماهية كذلك لا يقتضي اختصاص تلك الماهية به وحصرها عليه " نعم " لو قامت قرينة على أن اللام للاستغراق أو أن مدخوله أخذ بنحو

______________________________

عما قبلها (قوله: غفلة أو سبق به) مثل: خرج زيد بل عمرو، واشتريت زيدا بل فرسا (قوله: ما كان لاجل) الظاهر أن المراد بها المستعملة في مقام الترقي (قوله: في مقام الردع) كقوله تعالى: (وقالوا اتخذ الرحمان ولدا سبحانه بل عباد مكرمون) (قوله: فتدل عليه) لكن تعينها محتاج إلى قرينة (قوله: لان الاصل في اللام) توضيح الاشكال أن صناعة التركيب لا تقتضي افادة الحصر لان الاصل في اللام الداخلة على المسند إليه أن تكون لتعريف الجنس فيقصد منها الاشارة إلى نفس الماهية من حيث هي والاصل المتعارف في الحمل أن يكون شائعا صناعيا حاكيا عن اتحاد الموضوع والمحمول في الوجود واتحاد زيد المحمول في قولنا: (القائم زيد) مع الموضوع وهو (القائم) في الوجود ليس ملزوما للحصر كما لا يلزم من اتحاد زيد مع الانسان

______________

(١) إذا كان بصدد الردع عنه ثبوتا أما إذا كان بصدده إثباتا كما إذا كان مثلا بصدد بيان انه انما اثبته أولا بوجه لا يصح معه الاثبات اشتباها فلا دلالة على الحصر ايضا. فتأمل جيدا. منه " قدس سره " (*)

٤٨٠