حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 571
المشاهدات: 202894
تحميل: 4870


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 202894 / تحميل: 4870
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 1

مؤلف:
العربية

بنحو الارسال والاطلاق أو على أن الحمل عليه كان ذاتيا لافيد حصر مدخوله على محموله واختصاصه به. وقد انقدح بذلك الخلل في كثير من كلمات الاعلام في المقام وما وقع منهم من النقض والابرام ولا نطيل بذكرها فانه بلا طائل كما يظهر للمتأمل فتأمل جيدا

فصل

لا دلالة لللقب ولا للعدد على المفهوم وانتفاء سنخ الحكم عن غير موردهما أصلا وقد عرفت أن انتفاء شخصه ليس بمفهوم كما أن قضية التقييد بالعدد منطوقا عدم جواز الاقتصار على ما دونه لانه ليس بذاك الخاص والمقيد، وأما الزيادة فكالنقيصة إذا

______________________________

في الوجود انحصار الانسان في زيد فافادة الحصر تتوقف على قرينة خاصة دالة على كون اللام للاستغراق أو للطبيعة المطلقة أو كون الحمل أوليا ذاتيا ومع عدم القرينة على ذلك لا يكون مجرد التعريف مقتضيا للحصر " أقول ": ظهور قولنا: القائم زيد، في الحصر أقوى من كثير من الظهورات التي بنى عليها المصنف (ره) وغيره، والرجوع إلى العرف شاهد عليه وكفى باجماع البيانيين مؤيدا له فلا مجال للتأمل فيه بل الظاهر من كلام جماعة ممن تعرض للمقام المفروغية عن ثبوت المفهوم وان الكلام في وجهه، فالنقض والابرام انما يكون فيه لا في أصل ثبوت المفهوم (قوله: الارسال والاطلاق) الفرق بينه وبين ما قبله هو الفرق بين المطلق والعام فان خصوصيات الافراد المقومة لها غير ملحوظة في الاول وملحوظة في الثاني

مفهوم اللقب والعدد

(قوله: لللقب ولا للعدد) المراد من الاول ما كان طرفا للنسبة الكلامية فاعلا كان أو مفعولا أو مبتدءا أو خبرا أو زمانا أو مكانا أو غيرها فقولنا: زيد قائم: لا يدل على نفي القيام عن عمرو ولا على نفي القعود عن زيد كما أن المراد من الثاني ما يعم الواحد وإن قيل أنه ليس من العدد فقولنا: جاءني واحد، لا بدل على عدم مجئ آخر (قوله: عدم جواز الاقتصار) فإذا أمر بصوم ثلاثين

٤٨١

كان التقييد به للتحديد بالاضافة إلى كلا طرفيه (نعم) لو كان لمجرد التحديد بالنظر إلى طرفه الاقل لما كان في الزيادة ضير أصلا بل ربما كان فيها فضيلة وزيادة كما لا يخفى (وكيف كان) فليس عدم الاجتزاء بغيره من جهة دلالته على المفهوم بل إنما يكون لاجل عدم الموافقة مع ما أخذ في المنطوق كما هو معلوم.

المقصد الرابع في العام والخاص

(فصل)

قد عرف العام بتعاريف وقد وقع من الاعلام فيها النقض بعدم الاطراد تارة والانعكاس أخرى بما لا يليق بالمقام فانها تعاريف لفظية تقع في جواب السؤال عنه (ما) الشارحة لا واقعة في جواب السؤال عنه (ما) الحقيقية " وكيف كان " المعنى المركوز منه في الاذهان

______________________________

*

يوما لم يجز الاقتصار على العشرين لان العشرة الثالثة مأمور بها فلا يجوز تركها لكنه بالدلالة المنطوقية (قوله: للتحديد) بأن لوحظ بشرط، لا فتمتنع الزيادة لانها تفويت للشرط (قوله: مع ما أخذ) هذا قيد للموافقة وبيان لطرفها.

العام والخاص

(قوله: تعاريف لفظية) قد تقدم الاشكال في نظائر المقام وأن ظاهر من عرفه بتعريف كونه تعريفا بما هو مطرد ومنعكس فالايراد بعدم الطرد أو العكس في محله (قوله: بما الشارحة) قال بعض المحققين (ره): إن التعريف اللفظي قول يقصد به بيان مفهوم اللفظ تفصيلا بعد العلم بوضعه له إجمالا وإلا تعين في الطلب السؤال " بهل " الموضوعة لطلب التصديق فيقال: هل اللفظ الفلاني موضوع ؟ فإذا صح وضعه سئل عن معناه " بما " الشارحة فإذا صح مفهومه

٤٨٢

أوضح مما عرف به مفهوما ومصداقا، ولذا يجعل صدق ذاك المعنى على فرد وعدم صدقه المقياس في الاشكال عليها بعدم الاطراد أو الانعكاس بلا ريب فيه ولا شبهة تعتريه من أحد والتعريف لا بد أن يكون بالاجلى كما هو أوضح من أن يخفى فالظاهر أن الغرض من تعريفه إنما هو بيان ما يكون بمفهومه جامعا بين ما لا شبهة في انها أفراد العام ليشار

______________________________

سئل عن حقيقته " بما " الحقيقة أو " بأي " للاطلاع على كنهه أو على مميزه مما عداه فإذا صح ذلك سئل " بهل " عن وجوده وعدمه (قوله: أوضح مما عرف) يعني وذلك ممتنع في التعريف الحقيقي لما اشتهر من أنه لا يجوز التعريف بالاخفى فدل ذلك على أنها تعريفات لفظية حيث لا يعتبر فيها أن تكون أخفى أو أجلى " أقول ": يمكن أن يشكل (أولا) بأن هذا مانع ايضا من كون التعريف لفظيا لان معنى اللفظ إذا كان متركزا في الذهن بنحو أوضح لم يحتج إلى تعريف لفظي فلابد أن يكون الغرض من التعريف تميزه عن جميع ما عداه الذي لا ينافي وضوح المعنى في الجملة (وثانيا) أن وضوح المعنى عند أهل الفن غير مانع من تعريفه تعريفا حقيقيا لغيرهم الجاهل بالاصطلاح كما أن وضوح المعنى عند المسؤول لا يمنع من كون التعريف حقيقيا عند السائل (قوله: فالظاهر أن الغرض) يعني أن أفراد العام ليست محتاجة إلى التمييز كي يقصد من تعريفه تمييزها فيكون تعريفه رسما ولا حقيقته من حيث هي موضوعا للحكم كي يقصد من تعريفه بيانها ويكون تعريفه حدا وإنما المقصود من تعريفه بيان مفهوم يشار به إلى الافراد التي هي موضوع الاحكام في مثل قولهم: إذا خصص العام فهل يكون حجة في الباقي ؟ أو أن العام يخصص بالخاص ؟ أو نحو ذلك، ويكفي في هذا المقدار تعريفه لفظيا لامكان الاشارة به إلى تلك الافراد التي هي موضوع الاحكام " أقول ": هذا المقدار لا يمنع من كون التعريف حقيقيا ولو كان رسما مع أن جواز كون التعريف اللفظي أعم من المعرف مانع من صحة الاشارة به إلى الافراد

٤٨٣

به إليه في مقام إثبات ماله من الاحكام لا بيان ما هو حقيقته وماهيته لعدم تعلق غرض به بعد وضوح ما هو محل الكلام بحسب الاحكام من افراده ومصاديقه حيث لا يكون بمفهومه العام محلا لحكم من الاحكام (ثم) الظاهر ان ما ذكر له من الاقسام من الاستغراقي والمجموعي والبدلي إنما هو باختلاف كيفية(١) تعلق إلاحكام به وإلا فالعموم في الجميع بمعنى واحد وهو شمول المفهوم لجميع ما يصلح ان ينطبق عليه غاية الامر أن تعلق الحكم به (تارة) بنحو يكون كل فرد موضوعا على حدة للحكم (وأخرى) بنحو يكون الجميع موضوعا واحدا بحيث لو أخل باكرام واحد في (أكرم كل فقيه) مثلا لما امتثل أصلا بخلاف الصورة الاولى فانه اطاع وعصى (وثالثة) بنحو يكون كل واحد موضوعا على البدل بحيث لو اكرم واحدا منهم لقد أطاع وامتثل

______________________________

بتمامها لا غير فتأمل جيدا (قوله: به إليه) الضمير الاول راجع إلى " ما " الاولى والثاني راجع إلى (ما) الثانية وكذا ضمير له (قوله: من أفراده) بيان لما هو محل (قوله: من الاستغراقي والمجموعي والبدلي) توضيحه أن العام ينقسم (أولا) إلى قسمين بدلي وشمولي والاول ما يكون الحكم فيه لواحد من أفراده على البدل والثاني ما يكون الحكم فيه لجميع الافراد وهو على قسمين (الاول) الاستغراقي وهو ما يكون كل واحد من افراده تحت حكم مستقل في مقام الثبوت والسقوط (والثاني) المجموعي وهو ما يكون مجموع الافراد فيه تحت حكم واحد بحيث يكون كل واحد من الافراد تحت حكم ضمني ملازم لحكم غيره من الافراد في مقام الثبوت والسقوط ولازم الاول أن يطاع حكمه بفعل واحد من الافراد ويعصى بترك الجميع، ولازم الثاني أن يطاع بفعل واحد ويعصى بترك آخر، ولازم الثالث عكس الاول فيطاع بفعل الجميع ويعصى بترك واحد ولا إشكال في شئ من ذلك وإنما الاشكال

______________

(١) ان قلت: كيف ذلك ولكل واحد منها لفظ غير ما للآخر مثل أي رجل للبدلي وكل رجل للاستغراقي قلت: نعم ولكنه لا يقتضي ان تكون هذه الاقسام له ولو بملاحظة اختلاف كيفية تعلق الاحكام لعدم امكان تطرق هذه الاقسام إلا بهذه الملاحظة فتأمل جيدا. منه " قدس سره " (*)

٤٨٤

كما يظهر لمن أمعن النظر وتأمل. وقد انقدح أن مثل شمول عشرة وغيرها لاحادها المندرجة تحتها ليس من العموم لعدم صلاحيتها بمفهومها للانطباق على كل واحد منها فافهم

______________________________

في أن الفرق بين هذه الاقسام تابع لاختلاف لحاظ مادة العموم مع قطع النظر عن الحكم أو تابع للحكم فيكون الاتصاف بالبدلية والجمعية والاستغراقية متأخرا رتبة عن الحكم ؟ الذي اختاره المصنف (ره) هو الثاني كما يقتضيه البيان المتقدم في كيفية التقسيم وملاحظة عبارة المتن (قوله: كما يظهر لمن أمعن) الذي يظهر بعد إمعان النظر أن الفرق بين العام البدلي والشمولي ليس تابعا للحكم بل هو متقوم بنفس المفهومين مع قطع النظر عن الحكم لاختلاف مفهوم قولنا: رجل أي رجل، مع قولنا: كل رجل، فان الاول ملحوظ بنحو لا يصدق على الجميع بل يصدق على واحد من الافراد على البدل بمعنى أنه يرى في ظرف صدقه على واحد غير صادق على غيره، والثاني ملحوظ بنحو يصدق على الجميع فيكون صادقا على كل واحد من الافراد في فرض صدقه على غيره، وأما الفرق بين الاخيرين فقد يكون متقوما بنفس المفهومين كما إذا كان كل واحد من الافراد ملحوظا مطلقا من حيث وجود الباقي وعدمه وقد يكون ملحوظا مهملا. فان كان الاول فالعام استغراقي وإن كان الثاني فالعام مجموعي، وقد يكون تابعا للحكم كما إذا كان كل واحد من الافراد قد أخذ مهملا في العام الاستغراقي لكون كل فرد موضوعا لمصلحة مستقلة في حال وجود بقية الافراد فان العام يكون حينئذ استغراقيا ولا إطلاق في الافراد فيكون الفرق بينهما حينئذ في مجرد كون المصلحة في كل فرد ضمنية أو استقلالية فعلى الاول يكون العام مجموعيا " وعلى الثاني يكون استغراقيا وهذا معنى التبعية للحكم ومنه يظهر أن ما ذكره في المتن من الفرق بين الاستغراقي والمجموعي غير مطرد إذ في الفرض المذكور لا يطاع حكم الفرد في حال ترك بقية الافراد بل يكون الاخلال بفرد مانعا من حصول الامتثال بغيره مع أنه من العام الاستغراقي. نعم يفترق عن العام المجموعي في موضوع الاطاعة عند الاتيان بجميع الافراد فان كل فرد موضوع للاطاعة مستقلا لو كان العام استغراقيا وضمنا لو كان مجموعيا فتأمل جيدا (قوله: وقد انقدح أن مثل) تنبيه على أن أسماء الاعداد كعشرة ومائة ونحوهما ليست

٤٨٥

فصل

لا شبهة في أن للعموم صيغة تخصه لغة وشرعا كالخصوص كما يكون ما يشترك بينهما ويعمهما ضرورة ان مثل لفظ (كل) وما يرادفه في أي لغة كان تخصه ولا يخص الخصوص ولا يعمه ولا ينافي اختصاصه به استعماله في الخصوص عناية بادعاء أنه العموم أو بعلاقة العموم والخصوص. ومعه لا يصغى إلى أن ارادة الخصوص المتيقنة ولو في ضمنه بخلافه وجعل اللفظ حقيقة في المتيقن أولى، ولا إلى أن التخصيص قد اشتهر وشاع حتى قيل: ما من عام إلا وقد خص، والظاهر يقتضي كونه حقيقة لما هو الغالب تقليلا للمجاز

______________________________

*

من أفراد العام يعني مما ذكرنا في معنى العموم من أنه لابد أن يكون له مفهوم واحد صالح للانطباق على كل واحد يظهر أن مثل العشرة ليس من افراد العام إذ ليس له مفهوم واحد ملحوظ بنحو يصلح للانطباق على كل واحد من الافراد كما كان العام كذلك فان مفهوم (كل رجل) وإن كان لا ينطبق على واحد من الافراد بل يختص انطباقه على الجميع إلا أن انطباقه على الجميع كان بلحاظ مفهوم واحد أعني مفهوم الرجل الساري في كل واحد من الافراد وليس كذلك الحال في العشرة فقولنا: جاءني عشرة، ليس من الحكم على العام وقولنا: جاءني كل واحد من العشرة، من الحكم على العام والسر في ذلك ان العموم صفة طارئة على مفهوم صالح في نفسه له وللخصوص وليس كذلك الحال في العدد فلا يتصف إذا بالعموم (قوله: كالخصوص) في ان له أيضا صيغة تخصه كالاعلام الشخصية (قوله: ما يشترك) كالمعرف (باللام) فانه مع العهد يكون للخصوص ومع عدمه يكون للعموم (قوله: ولا يعمه) يعني ليست مما يشترك بين العموم والخصوص (قوله: استعماله في) إذ المراد من الاختصاص بالعموم ليس عدم الاستعمال الا فيه بل المراد عدم الظهور إلا فيه فيكون استعماله فيه بلا عناية واستعماله في الخصوص يحتاج إلى عناية (قوله: ومعه لا يصغى) يعني مع

٤٨٦

- مع أن تيقن إرادته لا يوجب اختصاص الوضع به مع كون العموم كثيرا ما يراد واشتهار التخصيص لا يوجب كثرة المجاز لعدم الملازمة بين التخصيص والمجازية كما يأتي توضيحه ولو سلم فلا محذور فيه اصلا إذا كان بالقرينة كما لا يخفى (فصل) ربما عد من الالفاظ الدالة على العموم (النكرة) في سياق النفي أو النهى ودلالتها عليه لا ينبغي أن تنكر عقلا لضرورة انه لا يكاد يكون طبيعة معدومة الا إذا لم يكن فرد منها بموجود وإلا كانت موجودة، لكن لا يخفى أنها تفيده إذا أخذت مرسلة(١) لا مبهمة قابلة للتقيد والا فسلبها لا يقتضى إلا استيعاب السلب لما أريد منها يقينا لا استيعاب ما يصلح

______________________________

قيام الضرورة على اختصاص بعض الصيغ بالعموم لا مجال لدعوى كون ذلك البعض مختصا بالخصوص بتقريب أن الخصوص متيقن الارادة سواء أكانت مستعملة في العموم أم في الخصوص أما على الثاني فظاهر، وأما على الاول فلان الخصوص بعض العموم وإرادة الكل تقتضي ارادة البعض وإذا كان الخصوص متيقنا كان أولى بالوضع من العموم ووجه عدم الاصغاء إلى ذلك أنه خلاف الضرورة (قوله: مع ان تيقن) الخصوص ضد للعموم فلا يكون متيقنا (قوله: إذا أخذت مرسلة) سيأتي انشاء الله أن صفتي الاطلاق والتقييد طارئتان على ذات واحدة تسمى بالطبيعة المهملة فإذا طرأ عليها الاطلاق سميت الطبيعة المطلقة تارة والمرسلة أخرى كما أنها إذا طرأ عليها التقييد سميت الطبيعة المقيدة (وتوضيح) المراد من المتن أن ما ذكرنا من أن عدم الطبيعة إنما يكون بعدم جميع الافراد إنما يقتضي كون النكرة في سياق النفي للعموم لو كان المراد بها الطبيعة المطلقة فان نفى الطبيعة المطلقة إنما يكون بنفي جميع الافراد أما لو كان المراد بها الطبيعة المقيدة فدخول النفي عليها لا يقتضي

______________

(١) وإحراز الارسال فيما أضيفت إليه انما هو بمقدمات الحكمة افلولاها كانت مهملة وهي ليست الا بحكم الجزئية فلا تقييد لا نفي هذه الطبيعة في الجملة ولو في ضمن صنف منها فافهم فانه لا يخلو من دقة. منه قدس سره (*)

٤٨٧

انطباقها عليه من افرادها وهذا لا ينافى كون دلالتها عليه عقلية فانها بالاضافة إلى افراد ما يراد منها لا الافراد التى يصلح لانطباقها عليها، كما لا ينافى دلالة مثل لفظ (كل) على العموم وضعا كون عمومه بحسب ما يراد من مدخوله ولذا لا ينافيه تقييد المدخول بقيود كثيرة (نعم) لا يبعد أن يكون ظاهرا عند اطلاقها في استيعاب حميع أفرادها وهذا هو الحال في المحلى باللام جمعا كان أو مفردا - بناء على افادته للعموم - ولذا لا ينافيه تقييد المدخول بالوصف وغيره وإطلاق التخصيص على تقييده ليس إلا من قبيل (ضيق فم

______________________________

عموم النفي لافراد الطبيعة المطلقة وإنما يقتضي نفي أفراد ذلك النوع المقيد لا غير، كما أنه لو أريد بها الطبيعة المهملة كان نفيها مجملا صالحا لان يكون لعموم النفي لجميع الافراد وأن يكون لنفي بعض الافراد حيث لا يعلم المراد بها وأنه الطبيعة المطلقة أو المقيدة (قوله: انطباقها عليه) يعني لو أخذت مطلقة (قوله: كما لا ينافي دلالة) يعني أن مثل أداة النفي والنهي كلمة (كل) فانهما وان اختلفتا من حيث أن دلالة الاداة عقلية ودلالة (كل) لفظية لكنهما تشتركان في أن العموم المدلول لهما إنما هو بالاضافة إلى ما يراد من المدخول فيجري فيه ما تقدم في مدخول الاداة، ولذا لم يتوهم أحد ان كلمة (كل) لو اضيفت إلى ماهية مقيدة مثل قولنا: أكرم كل رجل عالم، اقتضت عموم الحكم لجميع أفراد الرجل حتى ما ليس بعالم بل تقتضي عموم الحكم لافراد العالم لا غير (قوله: أن يكون ظاهرا) يعني تفترق (كل) عن الاداة بان الاداة مع إهمال مدخولها يكون النفي مهملا من حيث العموم والخصوص (وكل) مع إهمال مدخولها وعدم اقترانه بما يقتضي تقييده أو إطلاقه تكون رافعة لاهماله وموجبة لاطلاقه (قوله: هو الحال في المحلى) فان العموم المستفاد منه عموم أفراد ما يراد منه لا عموم جميع الافراد التي يصلح للانطباق عليها كما يشهد به جواز تقييده بالوصف بلا منافاة لعمومه (قوله: واطلاق التخصيص) يعني قد يتوهم منافاة التقييد للعموم من جهة

٤٨٨

الركية) لكن دلالته على العموم وضعا محل منع بل انما يفيده فيما إذا اقتضت الحكمة أو قرينة اخرى وذلك لعدم اقتضائه وضع (اللام) ولا مدخوله ولا وضع آخر للمركب منهما كما لا يخفى وربما يأتي في المطلق والمقيد بعض الكلام مما يناسب المقام

فصل

لا شبهة في ان العام المخصص بالمتصل أو المنفصل حجة فيما بقي فيما علم عدم دخوله في المخصص مطلقا ولو كان متصلا وما احتمل دخوله فيه ايضا إذا كان منفصلا كما هو المشهور بين الاصحاب بل لا ينسب الخلاف إلا إلى بعض اهل الخلاف وربما فصل بين المخصص المتصل - فقيل بحجيته فيه - وبين المنفصل فقيل بعدم حجيته واحتج النافي بالاجمال

______________________________

*

تسميته تخصيصا فان التخصيص عبارة عن تضييق دائرة العموم في فرض ثبوته فيكون منافيا له (ويندفع) بأن المراد من التخصيص حدوثه مخصصا نظير قولهم: ضيق فم الركيه، يعني (أحدثه ضيقا) لا أنه يطرأ التخصيص بعد العموم ليكون منافيا له (قوله: الركية) الركية كعطية البئر يجمع على ركايا كعطايا (قوله: وضعا) يعني فيكون مثل كل (قوله: يفيده فيما) فيكون مثل مدخول النفي (قوله: لا شبهة) هذا التعبير لا يناسب وجود الخلاف (قوله: ولو كان) بيان لوجه الاطلاق (قوله: وما احتمل) معطوف على (ما علم) يعني يكون العام حجة في الفرد الذي احتمل دخوله في المخصص إذا كانت الشبهة مفهومية وإذا كان المخصص منفصلا لا في الشبهة المصداقية ولا إذا كان المخصص متصلا لما سيأتي في الفصل الآتي (قوله: بعض أهل الخلاف) كأبي ثور على ما قيل (قوله: وربما فصل) هذا التفصيل منسوب إلى جماعة منهم البلخي ووجه عدم تأتي شبهة النفي في المتصل لان التخصيص به يوجب انعقاد

٤٨٩

لتعدد المجازات حسب مراتب الخصوصيات وتعيين الباقي من بينها بلا معين ترجيح بلا مرجح (والتحقيق) في الجواب أن يقال: إنه لا يلزم من التخصيص كون العام مجازا اما في التخصيص بالمتصل فلما عرفت من أنه لا تخصيص اصلا وأن أدوات العموم قد استعملت فيه وان كان دائرته سعة وضيقا تختلف باختلاف ذوى الادوات فلفظة (كل) في مثل (كل رجل) (وكل رجل عالم) قد استعملت في العموم وان كان أفراد أحدهما بالاضافة إلى الآخر بل في نفسها في غاية القلة. وأما في المنفصل فلان إرادة الخصوص واقعا لا تستلزم استعماله فيه وكون الخاص قرينة عليه بل من الممكن - قطعا - استعماله معه في العموم قاعدة وكون الخاص مانعا عن حجية ظهوره تحكيما للنص أو الاظهر على الظاهر لا مصادما لاصل ظهوره ومعه لا مجال للمصير إلى أنه قد استعمل فيه مجازا كي يلزم الاجمال (لا يقال): هذا مجرد احتمال ولا يرتفع به الاجمال لاحتمال الاستعمال في خصوص مرتبة من مراتبه

______________________________

الظهور في الباقي ولا يكون مرددا بين المعاني المجازية ليكون مجملا (قوله: لتعدد المجازات) يعني بعد أن كان العام حقيقة في العموم إذا تعذر حمله على العموم من جهة الخاص يدور الامر بين حمله على تمام الباقي وحمله على بعضه وكلاهما مجاز وحيث لا مرجح لاحدهما على الآخر يكون مجملا ويسقط عن الحجية (قوله: لا يلزم من) يعني فلا مجال لورود الشبهة بتعدد المجازات (قوله: ذوي الادوات) يعني الموضوعات التي تدخل عليها الادوات فتقتضي عمومها (قوله: أفراد أحدهما بالاضافة) فان أفراد الرجل العالم أقل من أفراد مطلق الرجل (قوله: إرادة الخصوص) يعني الارادة الواقعية الجدية الباعثة على جعل الاحكام (قوله: استعماله فيه) يعني في الخصوص في ظرف الانشاء (قوله: في العموم قاعدة) بان ينشأ حكما عاما على الموضوع العام وهذا الانشاء وان كان ظاهرا في تعلق الارادة الجدية بنحو العموم إلا أنه يرفع اليد عن هذا الظاهر بالخاص الذي هو نص أو أظهر (قوله: لا مصادما لاصل) يعني لا يكون

٤٩٠

(فانه يقال): مجرد احتمال استعماله فيه لا يوجب إجماله بعد استقرار ظهوره في العموم والثابت من مزاحمته بالخاص انما هو

______________________________

الخاص موجبا لانقلاب ظهور العام في العموم إلى ظهوره في الخصوص المردد بين مراتبه كي يكون مجملا حسبما يدعيه النافي للحجية (قوله: بعد استقرار) فان العام قبل ورود الخاص يستقر ظهوره في العموم ويحكم بأنه مستعمل فيه فإذا ورد الخاص فمقتضى دليل حجيته أن يحكم بعدم مطابقة الارادة الجدية للحكم العام ويرفع بذلك اليد عن اصالة مطابقة الكلام الانشائي بما له من المعنى الظاهر للارادة الجدية أما أصالة كون اللفظ مستعملا في المعنى الظاهر - وهو العموم - فلا موجب لرفع اليد عنها بل يجب الاخذ بها وبالجملة إذ اورد (أكرم كل عالم) فلا بد أولا من معرفة معنى هذا الكلام وما يعد الكلام قالبا له، وثانيا من معرفة انه مستعمل فيه أو في غيره ولو بلا قرينة عليه، وثالثا من معرفة أن هذا المستعمل فيه الكلام مطابق للارادة الجدية بأن يكون في نفس المتكلم إرادة إكرام جميع العلماء أو مخالف لها، والمتكفل لمعرفة الاول هو العرف فانهم المرجع في تشخيص معنى الكلام والمتكفل لمعرفة الاخيرين هو الاصول العقلائية إذ الاصل في كل كلام أن يكون مستعملا في معناه لا في غيره كما ان الاصل في كل كلام مستعمل في معنى أن يكون معناه هو المطابق لارادة المتكلم فإذا ورد الخاص بعد ذلك مثل: لا يجب اكرام العالم الفاسق، فمقتضى دليل الحجية وجوب رفع اليد عن المقام الثالث فيحكم بعدم كون الارادة الجدية متعلقة بنحو العموم، أما وجوب رفع اليد عن المقام الثاني ليحكم بعدم كون الكلام مستعملا في العموم فلا موجب له كما أنه لا موجب لرفع اليد عن المقام الاول ليحكم بعدم كون العموم معنى للفظ ولا ظاهرا هو فيه فان ذلك مما لا يقتضيه دليل حجية الخاص كيف وكون المعنى معنى للكلام وظاهرا له مما لا مجال للتعبد فيه ؟ لكونه من الامور الوجدانية كما هو ظاهر (قوله: استعماله فيه) يعنى في الخصوص (قوله: ظهوره في العموم)

٤٩١

بحسب الحجية تحكيما لما هو الاقوى كما اشرنا إليه آنفا " وبالجملة ": الفرق بين المتصل والمنفصل وان كان بعدم انعقاد الظهور في الاول الا في الخصوص وفي الثاني الا في العموم الا انه لا وجه لتوهم استعماله مجازا في واحد منهما اصلا وإنما اللازم الالتزام بحجية الظهور في الخصوص في الاول وعدم حجية ظهوره في خصوص ما كان الخاص حجة فيه في الثاني فتفطن " وقد اجيب " عن الاحتجاج بان الباقي أقرب المجازات (وفيه) أنه لا اعتبار في الاقربية بحسب المقدار وإنما المدار على الاقربية بحسب زيادة الانس الناشئة من كثرة الاستعمال وفى تقريرات بحث شيخنا الاستاذ " قدس سره " في مقام الجواب عن الاحتجاج ما هذا لفظه: والاولى أن يجاب - بعد تسليم مجازية الباقي - بان دلالة العام على كل فرد من أفراده غير منوطة بدلالته على فرد آخر من أفراده

______________________________

يعني ظهوره في استعماله في العموم (قوله: بحسب الحجية) يعني على الارادة الواقعية الجدية فيقدم الخاص عليه في دلالته عليها لا غير كما عرفت (أقول): ما ذكر لا يتم في الكلام الخبري إذ الكلام إذا كان مستعملا في العموم فاما أن يقصد الحكاية به عن العموم فيلزم الكذب أو يقصد الحكاية به عن الخصوص فيلزم خروج الكلام عن كونه خبرا حيث لم يقصد به الحكاية عن معناه المراد منه، وأما في الانشاء فهو وإن كان في نفسه معقولا إلا أنه محتاج إلى شاهد لتعارض أصالة كون الظاهر مستعملا فيه مع أصالة كون المعنى المستعمل فيه مطابقا للارادة الجدية للعلم بكذب إحداهما (وتوهم) أن الاصل الثاني لا أثر له للعلم بعدم الارادة الجدية بنحو العموم فلا تجدي أصالة كون المعنى المستعمل فيه مطابقا للارادة (مندفع) بأن ذلك يتم لو كان مجرى الاصلين كلامين مستقلين أما لو كان مجراهما كلاما واحدا فلا لاقتضائه الاجمال ولا طريق إلى اثبات استعماله في العموم (قوله: بأن دلالة العام) الظاهر أن مراده هو أن العام وان كان يدل بالدلالة التصديقية على تمام الافراد دلالة واحدة لكنها منحلة إلى دلالات ضمنية متعددة بتعدد الافراد

٤٩٢

ولو كانت دلالة مجازية إذ هي بواسطة عدم شموله للافراد المخصوصة لا بواسطة دخول غيرها في مدلوله فالمقتضي للحمل على الباقي

______________________________

فيدل على كل فرد دلالة ضمنية في قبال دلالته كذلك على بقية الافراد ومرجع هذه الدلالة الضمنية إلى أن الفرد مستعمل فيه ضمنا ومراد للمتكلم بالارادة الاستعمالية ضمنا وهذه الدلالات الضمنية كل واحدة منها حجة لو لم يرد الدليل المخصص فإذا ورد المخصص فاقتضى عدم حجية الدلالات الضمنية للعام على أفراد المخصص وأن المتكلم بالعام لم يرد منه بالارادة الاستعمالية تلك الافراد لم يكن وجه لرفع اليد عن حجية الدلالات الضمنية للعام على استعماله في الافراد الباقية، لان الموجب لذلك (ان) كان انتفاء الدلالة على الافراد الباقية (فلا وجه له) إذ الدلالة على جميع الافراد - حتى أفراد المخصص - بحالها والمخصص ليس من القرائن المتصلة حتى يوجب انقلاب الدلالة (وإن) كان تلازم الدلالات الضمنية في الحجية بحيث يمتنع انتفاء حجية الدلالة الضمنية على الافراد الخارجة وثبوت حجية الدلالة على الافراد الباقية (ففيه) المنع عن هذا التلازم حدا لما عرفت من عدم التلازم في الجملة بين الدلالة المطابقية والالتزامية في الحجية فضلا عن التلازم فيما بين الدلالات الضمنية فإذا كانت الدلالات الضمنية على إرادة الباقي بالارادة الاستعمالية على حجيتها وجب الحكم بمقتضاها من ارادة الباقي واستعمال اللفظ فيه وان كان مجازا (قوله: ولو كانت) الضمير راجع إلى دلالة العام على كل فرد و (لو) وصلية يعني الدلالة على كل فرد الاعم من المجازية غير منوطة بالدلالة على غيره بل المنوطة بذلك هي الدلالة الحقيقة (قوله: أذ هي) يعني أن الدلالة المجازية إنما كانت مجازية بواسطة عدم شمول العام لافراد المخصص الناشئ من تقدم الدليل المخصص عليه وليست مجازيتها من جهة أن المدلول بها مباين للمعنى الحقيقي وليس من أفراد العام حتى يقال: إنها غير ثابتة لا في ضمن الدلالة على تمام الافراد لكون المفروض انتفاء الدلالة على التمام بواسطة الخاص ولا مستقلا لعدم القرينة بل هي ثابتة على كل حال اما في ضمن الدلالة على التمام أولا في

٤٩٣

موجود والمانع مفقود لان المانع في مثل المقام إنما هو ما يوجب صرف اللفظ عن مدلوله والمفروض انتفاؤه بالنسبة إلى الباقي لاختصاص المخصص بغيره فلو شك فالاصل عدمه انتهى موضع الحاجة. " قلت ": لا يخفى أن دلالته على كل فرد إنما كانت لاجل دلالته على العموم والشمول فإذا لم يستعمل فيه واستعمل في الخصوص - كما هو المفروض - مجازا وكان إرادة كل واحدة من مراتب الخصوصيات مما جاز انتهاء التخصيص إليه واستعمال العام فيه مجازا ممكنا كان تعين بعضها - بلا معين ترجيحا بلا مرجح ولا مقتضي لظهوره فيه ضرورة ان الظهور إما بالوضع وإما بالقرينة والمفروض أنه ليس بموضوع له ولم يكن هناك قرينة وليس له موجب آخر ودلالته على كل فرد على حدة حيث كانت في ضمن دلالته على العموم لا يوجب ظهوره في تمام الباقي بعد عدم استعماله في العموم إذا لم تكن هناك قرينة على تعيينه فالمانع عنه وان كان مدفوعا بالاصل الا أنه لا مقتضي له بعد رفع اليد عن الوضع. نعم إنما يجدي إذا لم يكن مستعملا إلا في العموم كما فيما حققناه في الجواب فتأمل جيدا

______________________________

في ضمنه (قوله: موجود) وهو الدلالة المتقدمة (قوله: ما يوجب) وهو المخصص (قوله: فلو شك) يعني في وجود مخصص آخر (قوله: بلا معين) قد عرفت المعين وأنه وجوب التفكيك بين الدلالات الضمنية في مقام الحجية (قوله: ليس بموضوع له) يعني للخصوص لكن عرفت أن الوضع للعموم يقتضي ظهور العام في العموم وعرفت أن المخصص إنما يزاحم ظهوره في بعض الافراد دون بعض فيبنى على عدم حجية الظهور الضمني بالاضافة إلى افراد الخاص لا غير مع البناء على حجيته بالاضافة إلى الباقي وانه لا تلازم بين الظهورات الضمنية في الحجية. نعم لو كان المخصص يوجب ارتفاع الظهور بذاته بالاضافة إلى افراد المخصص - كما تعطيه عبارة التقريرات - كان الاشكال محكما إذ الظهور في تمام الافراد المستند إلى الوضع ارتباطي متلازم الثبوت

٤٩٤

" فصل " إذا كان الخاص بحسب المفهوم مجملا بأن كان دائرا بين الاقل والاكثر وكان منفصلا فلا يسرى إجماله إلى العام لا حقيقة ولا حكما بل كان العام متبعا فيما لا يتبع فيه الخاص لوضوح أنه حجة فيه بلا مزاحم أصلا ضرورة أن الخاص إنما يزاحمه فيما هو حجة على خلافه تحكيما للنص أو الاظهر على الظاهر لا فيما لا يكون كذلك كما لا يخفى وإن لم يكن كذلك بأن كان دائرا بين المتباينين

______________________________

فإذا انتفى بالاضافة إلى فرد انتفى بالاضافة إلى الجميع حسبما افاد في المتن لكن الظاهر أن مراد التقريرات ما ذكرنا أعني انتفاء حجية الظهور بالنسبة إلى أفراد المخصص - كما هو التحقيق - لا ارتفاع ذاته وان كان لا يهم تحقيق المراد بعد وضوح الحال ومنه تعرف الحال في قول المصنف (ره): ودلالته على كل فرد... الخ وأنه يتوجه لو بني على انتفاء الدلالة بذاتها بالاضافة إلى أفراد المخصص ولا يتوجه لو بني - كما هو التحقيق - على ثبوت الدلالة وأن المنتفي هو الحجية والدليلية لا غير والله سبحانه ولي التوفيق (قوله: إذا كان الخاص) الخاص إما أن يكون مبين المفهوم والمصداق أولا، والثاني إما أن يكون إجماله في المفهوم أو في المصداق وكل منهما إما مردد بين الاقل والاكثر أو بين المتباينين، وكل منهما إما متصل أو منفصل فصوره ثمان (أربع) لمجمل المفهوم (وأربع) لمجمل المصداق (قوله: لا حقيقة) بارتفاع ظهوره ولا حكما بارتفاع حجية ظهوره (قوله: فيما لا يتبع فيه) وهو الفرد المحتمل الدخول تحت الخاص مثلا إذا ورد: أكرم كل عالم، وورد منفصلا: لا يجب اكرام العالم الفاسق، وشك في المراد بالفاسق وأنه مرتكب المعصية مطلقا أو خصوص مرتكب الكبيرة فمرتكب الكبيرة حيث يعلم دخوله في الخاص يرجع فيه إلى الخاص ومرتكب الصغيرة حيث لا يعلم دخوله في الخاص لا يكون الخاص مرجعا فيه بل يرجع فيه إلى العام لانه حجة فيه بلا مزاحم (قوله: فيما هو حجة) يعني في مورد يكون الخاص حجة فيه على خلاف العام وهو الفرد المعلوم الدخول تحت الخاص لا

٤٩٥

مطلقا أو بين الاقل والاكثر فيما كان متصلا فيسرى إجماله إليه حكما في المنفصل المردد بين المتباينين وحقيقة في غيره " أما الاول " فلان العام على ما حققناه كان ظاهرا في عمومه إلا أنه لا يتبع ظهوره في واحد من المتباينين اللذين علم تخصيصه باحدهما. وأما الثاني فلعدم انعقاد ظهور من رأس للعام لاحتفاف الكلام بما يوجب احتماله لكل واحد من الاقل والاكثر أو لكل واحد من المتباينين لكنه حجة في الاقل لانه المتيقن في البين. فانقدح بذلك الفرق بين المتصل والمنفصل وكذا في المجمل بين المتباينين، والاكثر والاقل فلا تغفل. وأما إذا كان مجملا بحسب المصداق بأن اشتبه فرد وتردد بين أن يكون فردا له أو باقيا تحت العام فلا كلام في عدم جواز التمسك بالعام لو كان متصلا به ضرورة عدم انعقاد ظهور للكلام إلا في الخصوص كما عرفت وأما إذا كان منفصلا عنه ففي جواز التمسك به خلاف،

______________________________

فيما يكون كذلك وهو الفرد المشكوك الدخول فيه (قوله: مطلقا) يعني ولو منفصلا (قوله: ظاهرا في عمومه) يعني فلا إجمال فيه حقيقة (قوله: لا يتبع) وهو معنى إجماله حكما (قوله: الذي علم) فان الخاص يكون حجة على تخصيص أحدهما إجمالا فتسقط أصالة ظهور العام في الفردين معا فيرجع في كل من الفردين إلى الاصول العملية فان كان حكم العام إلزاميا وحكم الخاص غير إلزامي أو بالعكس وجب الاحتياط في الفردين للعلم الاجمالي بالتكليف وإن كان كل من حكمي العام والخاص الزاميا دار الامر في كل من الفردين بين الوجوب والحرمة فيلحقه حكمه من التخيير ابتداء أو واستمرارا حسبما يأتي انشاء الله تعالى في محله (قوله: وأما الثاني) يعني المتصل المردد بين المتباينين أو الاقل والاكثر، (قوله: لاحتفاف الكلام) لما تقدم من أن المخصص المتصل مانع من انعقاد ظهور الكلام فيما يعم أفراده بل يوجب انعقاد ظهوره فيما عداها فالتردد في أفراده يوجب التردد في أفراد العام ويوجب انعقاد ظهوره في القدر المتيقن (قوله: فلا كلام في عدم) قد يظهر من التقريرات دخوله في محل الخلاف الآتي حيث

٤٩٦

(والتحقيق) عدم جوازه إذ غاية ما يمكن أن يقال في وجه جوازه: ان الخاص إنما يزاحم العام فيما كان فعلا حجة ولا يكون حجة فيما اشتبه أنه من أفراده فخطاب لا تكرم فساق العلماء، لا يكون دليلا على حرمة إكرام من شك في فسقه من العلماء، فلا يزاحم مثل: أكرم العلماء، ولا يعارضه فانه يكون من قبيل مزاحمة الحجة بغير الحجة، وهو في غاية الفساد فان الخاص وإن لم يكن دليلا في الفرد المشتبه فعلا إلا أنه يوجب اختصاص حجية العام في غير عنوانه من الافراد فيكون: أكرم العلماء، دليلا وحجة في العلم غير الفاسق فالمصداق المشتبه وان كان مصداقا للعام بلا كلام إلا انه لم يعلم أنه من مصاديقه بما هو حجة لاختصاص حجيته بغير الفاسق (وبالجملة): العام المخصص بالمنفصل وان كان ظهوره في العموم كما إذا لم يكن مخصصا بخلاف المخصص بالمتصل كما عرفت إلا أنه في عدم الحجية - إلا في غير عنوان الخاص -

______________________________

قال في صدر البحث: وكيف كان فلنا في المقام دعويان إحداهما التعويل عند وجود أصل رافع للاشتباه كما إذا قيل: أكرم العلماء إلا فساقهم... الخ فان تمثيله بالمتصل وكذا تمثيله به مكررا في بيان الدعوى الثانية وعدم تنبيهه على اختصاص النزاع الآتي بالمنفصل شاهد بعموم النزاع فتأمل. نعم لا ينبغي كونه محلا للنزاع بناء على ما ذكره المصنف (ره) من انقلاب عنوان العام في المخصص المتصل إلى عنوان الخاص فإذا شك في فرد أنه من أفراد الخاص فقد شك في كونه مصداقا لعنوان العام ومثل هذا الشك مانع عن التمسك بالعام وسيأتي أن التمسك بالدليل إنما يصح بعد إحراز عنوان موضوعه فإذا قيل: أكرم كل عالم، وشك في فرد أنه عالم امتنع تطبيق العام عليه من غير فرق بين التردد بين الاقل والاكثر وبين المتباينين (قوله: من شك في فسقه) لان مشكوك الفسق لما لم يحرز انطباق عنوان الفاسق عليه امتنع التمسك فيه بقوله: لا تكرم فساق العلماء، وإذا لم يكن الخاص حجة كان العام فيه محكما لان المانع عنه ليس إلا الدليل الخاص والمفروض عدم صلاحيته للمنع لعدم حجيته (قوله: فان الخاص وإن لم يكن) توضيحه

٤٩٧

أن الخاص - بعد ما وجب تقديمه على العام في مدلوله - إذا كان مدلوله - مثلا - حرمة إكرام الفاسق الواقعي، كان العام حجة فيما عداه وهو الباقي بعد التخصيص فإذا تردد الفرد بين كونه من أفراد الخاص وكونه من غيرها كانت نسبة العام والخاص إليه نسبة واحدة فإذا لم يكن الخاص حجة فيه للشك في كونه من أفراده كان العام كذلك للشك في كونه من الباقي، ومجرد العلم بكونه من أفراد عنوان العام أعني عنوان العالم (مثلا) لا يجدي في التمسك بالعام لاثبات حكمه لان المفروض كون العام ليس حجة في ثبوت حكمه لعنوانه مطلقا بل في ثبوت حكمه للباقي لا غير فقولنا: مشكوك الفسق عالم، وإن كان صادقا إلا أن كبراه وهي قولنا: كل عالم يجب إكرامه، ليست صادقة لصدق قولنا: بعض العالم يحرم إكرامه، وإذا لم تصدق الكبرى الكلية امتنع الاستنتاج من القياس، فعدم حجية الخاص في مشكوك الفسق للشك في كونه من أفراده لا يوجب حجية العام فيه للشك ايضا في كونه من الباقي الذي لا يكون العام حجة إلا فيه (فان قلت): الخاص انما يوجب رفع اليد عن العام لو علم انطباقه على بعض أفراد العام أما لو علم بعدم انطباقه على أفراد العام أصلا أو احتمل عدم انطباقه فلا وجه لاقتضائه تضييق دائرة موضوع حجية العام لان احتمال مطابقة العام للواقع بحالها ومهما احتمل مطابقة الكلام للواقع وجب الاخذ به فإذا ورد: أكرم العلماء كلهم، وورد: لا يجب اكرام العالم الفاسق، واحتمل أن لا يكون من أفراد العالم من هو فاسق فلا موجب لرفع اليد عن العام مع احتمال مطابقته للواقع فإذا اتفق انه علم بانطباقه على بعض أفراد العام واحتمل عدم انطباقه على فرد آخر فاحتمال مطابقة العام للواقع بالاضافة إلى ذلك الفرد بحاله فيجب الاخذ به (قلت): احتمال مطابقة العام للواقع في ظرف ورود الخاص إنما يكون لو كان العام ملحوظا بنحو القضية الخارجية والخاص ملحوظا بنحو القضية الحقيقية بأن يكون معنى: اكرم كل عالم، أكرم كل عالم موجود، ومعنى: لا تكرم العالم الفاسق، لا تكرم ما لو وجد كان عالما فاسقا، إذ في مثله يحتمل أن يكون كل عالم موجود مما لا ينطبق عليه

٤٩٨

مثله فحينئذ يكون الفرد المشتبه غير معلوم الاندراج تحت إحدى الحجتين فلا بد من الرجوع إلى ما هو الاصل في البين. هذا إذا كان المخصص لفظيا وأما إذا كان لبيا فان كان مما يصح أن يتكل عليه المتكلم إذا كان بصدد البيان في مقام التخاطب فهو كالمتصل حيث لا يكاد ينعقد معه ظهور للعام الا في الخصوص وان لم يكن كذلك فالظاهر بقاء العام في المصداق المشتبه على حجيته كظهوره فيه (والسر) في ذلك أن الكلام الملقى من السيد

______________________________

الفاسق فيجعل العام دليلا على عدم انطباق عنوان الخاص على فرد من أفراده لو شك في انطباقه على بعض أفراد العام أما لو كانا ملحوظين جميعا بنحو القضية الحقيقية أو الخارجية فالعام لا يصلح أن يكون دليلا على عدم انطباق الخاص على فرد من أفراده بل هما متكاذبان بنفسيهما والاخذ باحدهما مناف للاخذ بالآخر فإذا بني على تقديم الخاص على العام واختصاص حجيته فيما عدا أفراد الخاص فالفرد المشكوك كونه من أفراد الخاص أو من غيرها مما يمتنع الاخذ فيه بكل من الخاص والعام على نحو واحد كما تقدم وكذا لو كان العام ملحوظا بنحو القضية الحقيقية والخاص ملحوظا بنحو القضية الخارجية كما يظهر بأدنى تأمل. ثم إن التفكيك بين العام والخاص بحمل أحدهما على القضية الخارجية والآخر على الحقيقية خلاف الاصل الا أن تقوم قرينة عليه فيعمل عليها حينئذ (قوله: كان لبيا) يعني قطعيا لا لفظيا، (قوله: مما يصح أن يتكل) بأن يكون عرفا من القرائن المتصلة الموجبة لصرف الكلام عن العموم إلى الخصوص (قوله: فهو كالمتصل) يعني لا كلام في عدم جواز التمسك بالعام فيه لاثبات حكم الفرد المشكوك فتأمل (قوله: وان لم يكن كذلك) يعني بحيث لا يصلح أن يكون قرينة على صرف الكلام عن العموم إلى الخصوص بل يكون الكلام قد انعقد ظهوره في العموم وان وجب رفع اليد عنه لاجل الخاص، ويختص هذا القسم بما يكون العلم بالخاص موقوفا على مقدمات نظرية يتوقف حصوله منها على نظر وتأمل (قوله: كظهوره فيه) يعني كما أن ظهور العام في حكم الفرد ثابت كذلك حجيته فيجب الاخذ

٤٩٩

حجة ليس إلا ما اشتمل على العام الكاشف بظهوره عن ارادته للعموم فلا بد من اتباعه ما لم يقطع بخلافه (مثلا) إذا قال المولى: أكرم جيراني، وقطع بأنه لا يريد اكرام من كان عدوا له منهم كان أصالة العموم باقية على الحجية بالنسبة إلى من لم يعلم بخروجه عن عموم الكلام

______________________________

به لاثبات حكم الفرد (قوله: حجة) متعلق بقوله: الملقى، وخبر (ان) ليس وما بعدها (قوله: ليس إلا ما) حاصل ما ذكر من الفرق بين المخصص اللفظي واللبي أنه في المخصص اللفظي قد ألقى السيد إلى عبده حجتين احداهما العام وثانيتهما الخاص، وفى المخصص اللبي قد ألقى السيد إلى عبده حجة واحدة وهي العام لا غير لان المخصص اللبي بعد ما كان علما لا يكون حجة ملقاة من السيد بل هي حجة عند العقل لا غير فالفرد المشكوك في الاول يكون نسبته إلى الحجتين الملقاتين من السيد نسبة واحدة فيمتنع الاخذ باحداهما بعينها فيه لاحتمال دخوله تحت الاخرى، وفى الثاني لما لم يكن الحجة من السيد إلا العام كان رفع اليد عنه في المشكوك بلا حجة على خلافة وهو ممتنع (فان قلت): العلم بحرمة إكرام الفاسق أيضا حجة على الحرمة فالمشكوك مما يحتمل دخوله تحت الحجة الاخرى فلا فرق بين المقامين " قلت ": الفرد المشكوك كونه عادلا أو فاسقا مما يحتمل كونه موضوعا للحجة على خلاف العام في المخصص اللفظي بخلاف المخصص اللبي إذ المخصص فيه لما كان هو العلم امتنع حصوله في المشكوك للتضاد بين العلم والشك فالمشكوك الفسق مما لم يعلم كونه محرم الاكرام فهو حينئذ مما يعلم بانه ليس موضوعا للحجة على خلاف العام أعني العلم بحرمة الاكرام وحينئذ لا يجوز رفع اليد عن العام لانه بلا وجه. هذا على التحقيق من عدم سراية العلم إلى الخارج أما على ما قد يظهر من المصنف في الاستصحاب من سرايته إلى الخارج فالفرد المشكوك الفسق مما يحتمل كونه موضوعا للعلم بحرمة الاكرام الذي هو حجة على خلاف العام فلا يظهر الفرق بين المخصص اللفظى واللبي فلاحظ (قوله:

٥٠٠