حقائق الاصول الجزء ١

حقائق الاصول10%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 571

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 571 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216650 / تحميل: 6255
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

(أحدها) ان يكون عبارة عن جملة من أجزاء العبادة كالاركان في الصلاة مثلا وكان الزائد عليها معتبرا في المأمور به لا في المسمى (وفيه) ما لا يخفى فان التسمية بها حقيقة لا تدور مدارها ضرورة صدق الصلاة مع الاخلال ببعض الاركان، بل وعدم الصدق عليها مع الاخلال بساير الاجزاء والشرائط عند الاعمي - مع انه يلزم أن يكون الاستعمال فيما هو المأمور به باجزائه وشرائطه مجازا عنده وكان من باب استعمال اللفظ الموضوع للجزء في الكل لا من باب اطلاق الكلي على الفرد والجزئي - كما هو واضح - ولا يلتزم به القائل بالاعم فافهم " ثانيها " ان تكون موضوعة لمعظم الاجزاء التي تدور مدارها التسمية عرفا فصدق الاسم كذلك يكشف عن وجود المسمى وعدم صدقه عن عدمه " وفيه " - مضافا إلى ما أورد على الاول

______________________________

هناك ذات واحدة معروضة للصحة تارة وللفساد أخرى يتبادل عليها الوصفان تبادل العمى والبصر على ذات الحيوان فتكون تلك الذات هي الجامع بين الصحيح والفاسد ومضافا إلى أنه إذا أمكن تصور الجامع الصحيح بالاشارة إليه بمثل: عنوان الناهي عن الفحشاء، أمكن تصور الجامع الاعم بالاشارة إليه بمثل عنوان: ماله اقتضاء التأثير، الاعم من الفعلية الملازمة للصحيح والشأنية الملازمة للاعم، وعليه فلا حاجة إلى هذه التقريرات الآتية (قوله: أحدها ان يكون عبارة عن جملة) هذا التصوير حكاه في التقريرات عن المحقق القمي (ره) بتفاوت يسير فالمراد من الجملة جملة معينة كالاركان مثلا (قوله: لا في المسمى) يعنى لا في الموضوع له (قوله: حقيقة) هذا جار على مذاق صاحب التصوير لا على مذاق المصنف (ره) (قوله: بل وعدم الصدق) كذا استشكل في التقريرات ولكنه غير ظاهر، بل ربما تصح الصلاة حينئذ فضلا عن أن تكون صلاة (قوله: للجزء في الكل) لان اللفظ موضوع - حسب الفرض - لخصوص الاجزاء الركنية فاستعماله في تمام الاجزاء التي هي عين الكل يكون من استعمال لفظ الجزء في الكل (قوله: لا من باب إطلاق) لان الاركان لا تنطبق في الخارج إلا

٦١

أخيرا، أنه عليه يتبادل ما هو المعتبر في المسمى فكان شئ واحد داخلا فيه تارة وخارجا عنه أخرى بل مرددا بين أن يكون هو الخارج أو غيره عند اجتماع تمام الاجزاء وهو كما ترى، لاسيما إذا لوحظ هذا مع ما عليه العبادات من الاختلاف الفاحش بحسب الحالات (ثالثها) ان يكون وضعها كوضع الاعلام الشخصية كزيد

______________________________

على نفس الاجزاء الركنية والاجزاء الباقية مباينة لها في الخارج فيمتنع ان تكون من أجزاء الفرد حتى يكون من إطلاق الكلي على الفرد (فان قلت): هذا يتم لو كان الموضوع له اللفظ نفس الاركان لا غير أعني (بشرط لا) أما إذا اخذت (لا بشرط) بمعنى أن لو انضم إليها شئ كان داخلا في الموضوع له فلا بد من أن يكون المسمى منطبقا على تمام ما يوجد منضما إلى الاركان " قلت ": الاجزاء الزائدة إما أن تكون داخلة أولا، أو داخلة في حال خارجة في أخرى، والاول خلاف المدعى، والثاني موجب لتوجه الاشكال، والثالث موجب لعدم تشخص معنى اللفظ إلا بملاحظة الانضمام وعدمه بل يكون معناه مختلفا باختلاف حالي الانضمام وعدمه فيكون موضوعا لكل من المعنيين في ظرف غير ظرف الوضع للآخر وهو مستغرب وان كان معقولا (قوله: اخيرا) يعني من كون الاستعمال في التمام من استعمال لفظ الجزء في الكل إذا لا ريب ان المعظم بعض التمام (قوله: انه عليه يتبادل) المراد بالمعظم إما مفهومه، أو مصداقه المعين، أو المردد، أو الموجود في الخارج، فعلى الاول يكون لفظ الصلاة مرادفا للفظ المعظم، وعلى الثاني يرجع الاشكال، وعلى الثالث لا ينطبق على الخارج لان كل ما في الخارج معين لا مردد، وعلى الرابع يرد عليه - مضافا إلى ما اورده المصنف (ره) في المتن من لزوم التبادل في الاجزاء بحيث يكون تارة جملة معينة وأخرى جملة غيرها، بل يكون مرددا بين الجمل المتعينة مع اجتماع جميع الاجزاء، انه لا يصح ان يضاف إليه الوجود إذ لا وجود للموجود بما هو موجود فتأمل (قوله: وهو كما ترى) لوضوح فساد ذلك كله (قوله: لا سيما إذا) فانه

٦٢

فكما لا يضر في التسمية فيها تبادل الحالات المختلفة من الصغر والكبر، ونقص بعض الاجزاء وزيادته كذلك فيها (وفيه) ان الاعلام إنما تكون موضوعة للاشخاص والتشخص إنما يكون بالوجود الخاص، ويكون الشخص حقيقة باقيا ما دام وجوده باقيا وان تغيرت عوارضه من الزيادة والنقصان وغيرهما من الحالات والكيفيات، فكما لا يضر اختلافها في التشخص لا يضر اختلافها في التسمية، وهذا بخلاف مثل الفاظ العبادات مما كانت موضوعة للمركبات والمقيدات ولا يكاد يكون موضوعا له الا ما كان جامعا لشتاتها وحاويا لمتفرقاتها كما عرفت في الصحيح منها (رابعها) أن ما وضعت له الالفاظ ابتداء هو الصحيح التام الواجد لتمام الاجزاء والشرائط إلا أن العرف يتسامحون - كما هو ديدنهم - ويطلقون تلك الالفاظ على الفاقد للبعض تنزيلا له منزلة الواجد

______________________________

لا مجال حينئذ لدعوى كون ارتكاز فساد ذلك ناشئا من غلبة الانضباط لا لمخالفته لوضع اللفظ فتأمل (قوله: وفيه أن الاعلام إنما) توضيح الفرق بين الاعلام وما نحن فيه أن الاعلام موضوعة للحصص الخاصة من الطبيعة المتعينة بوجودها الخاص، ولما كانت العوارض الطارئة عليها غير موجبة لتعدد وجودها فانها على اختلافها طارئة على وجود واحد لم يكن اختلافها موجبا لاختلاف معنى اللفظ فهناك معنى واحد قد وضع له اللفظ بلحاظ جميع الحالات من الزيادة والنقصان وغيرها، وأما ألفاظ العبادات فلا يمكن ان يدعى ذلك في معانيها المركبة المقيدة حيث لا تجد مركبا ومقيدا موجودا في ضمن جميع أفرادها الصحيحة وغيرها، لما عرفت من اخلافها بالاجزاء والشرائط على نحو لا يكون بينها اشتراك في جملة من الاجزاء. هذا ولا يبعد أن يكون المراد من هذا التصوير ما ذكرناه في تصوير الجامع، ويكون غرضه التنظير بالاعلام الشخصية فكما أن الزيادة والنقصان الطارئين على معانيها لا توجب اختلافا في معناها بل يكون أمر واحد معروضا للتمام والزيادة والنقصان كذلك الصحة والفساد الطارئان على الماهيات حسبما عرفت

٦٣

فلا يكون مجازا في الكلمة على ما ذهب إليه السكاكي في الاستعارة، بل يمكن دعوى صيرورته حقيقة فيه بعد الاستعمال فيه كذلك دفعة أو دفعات من دون حاجة إلى الكثرة والشهرة، للانس الحاصل من جهة المشابهة في الصورة أو المشاركة في التأثير كما في أسامي المعاجين الموضوعة ابتداء لخصوص مركبات واجدة لاجزاء خاصة حيث يصح اطلاقها على الفاقد لبعض الاجزاء المشابه له صورة والمشارك في المهم أثرا تنزيلا أو حقيقة (وفيه) أنه انما يتم في مثل أسامي المعاجين وسائر المركبات الخارجية مما يكون الموضوع فيها ابتداء مركبا خاصا، ولا يكاد يتم في مثل العبادات التي عرفت أن الصحيح منها يختلف حسب اختلاف الحالات وكون الصحيح بحسب حالة فاسدا بحسب حالة اخرى كما لا يخفى فتأمل جيدا

______________________________

فلاحظ (قوله: فلا يكون مجازا) هذا ذكره في التقريرات، لكنه ليس تصويرا للجامع الاعم بل هو تصوير للجامع الصحيح أجنبي عن قول الاعمي (قوله: بعد الاستعمال فيه كذلك) هذا بظاهره يقتضي الاشتراك اللفظي لا المعنوي الذي بصدده الاعمي إلا أن يكون المقصود الاستعمال في الاعم، لكنه يتوقف على فرض جامع أعم ولو فرض فلا حاجة إلى هذا التصوير ثم قد يستشكل في دعوى الوضع التعيني بالاستعمال على مذهب السكاكي من حيث أن اللفظ لم يستعمل الا في معناه ولم يجعل حاكيا الا عنه فكيف تحدث مناسبة بينه وبين معنى آخر ؟ حتى يكون حقيقة فيه (ويندفع) بالنقض بحصوله من استعمال اللفظ الموضوع للكلي في الفرد لا بقيد الخصوصية، وبالحل بأن عدم التصرف في اللفظ لا يمنع من تحقق المناسبة بينه وبين الفرد المجازي المؤدية إلى انسباقه منه انسباق المعنى الحقيقي فتأمل جيدا (قوله: تنزيلا أو حقيقة) يعني إما مجازا على مذهب السكاكي في أول الامر أو حقيقة بعد تحقق الوضع التعيني هذا وقد عرفت أن هذا أجنبي عن مراد الاعمي (قوله: إنما يتم في مثل أسماء المعاجين) يعني لا يصح قياس المقام بالمعاجين لان المعاجين لصحيحة لها أجزاء معينة وليست كذلك في المقام

٦٤

(خامسها) ان يكون حالها حال أسامي المقادير والاوزان مثل المثقال والحقة والوزنة إلى غير ذلك مما لا شبهة في كونها حقيقة في الزائد والناقص في الجملة، فان الواضع وان لاحظ مقدارا خاصا الا انه لم يضع له بخصوصه بل للاعم منه ومن الزائد والناقص، أو أنه وإن خص به أولا الا أنه بالاستعمال كثيرا فيهما بعناية انهما منه قد صار حقيقة في الاعم ثانيا (وفيه) أن الصحيح كما عرفت في الوجه السابق يختلف زيادة ونقيصة فلا يكون هناك ما يلحظ الزائد والناقص بالقياس إليه كي يوضع

______________________________

لما عرفت من اختلاف أجزاء الصحيح على نحو تكون كل جملة من الاجزاء صلاة صحيحة بحسب حالة فاسدة بحسب حالة أخرى فكيف يصح دعوى الوضع للصحيح أولا ثم استعماله ثانيا في ما يشابهه صورة حتى يبلغ حد الحقيقة، لكن هذا يتم لو أريد التمثيل باسماء المعاجين بلحاظ جميع الخصوصيات (أما) لو أريد التمثيل بلحاظ الوضع للصحيح - ولو بمعنى الجامع - كما تقدم تصويره في كلام المصنف (ره) ثم الاستعمال فيما يماثل الصحيح بحسب الصورة حيث أن الفاسد مماثل للصحيح في الاجزاء والاختلاف في الصحة والفساد إنما كان بلحاظ الاحوال ولا يعتبر في المشابهة المصححة للادعاء والتنزيل أن تكون فيما هو من خواص الماهية بل يكفي كونه من خواص الفرد (فيصح) إطلاق الانسان على صورة زيد لمشابهتها لزيد في الهيئة التي لا تخص الماهية بل تخص الفرد (قوله: مما لا شبهة في) لم يظهر وجهه ان لم يظهر نفي الشبهة في خلافه، فان ظاهر الفقهاء فيما كان المقدار موضوعا للحكم الشرعي كيلا أو وزنا أو مساحة اعتبار التام اعتمادا على كون اللفظ حقيقة فيه مجازا في الناقص فلاحظ كلماتهم في الطهارة والصلاة والزكاة والكفارات وغيرها (قوله: بل للاعم منه ومن) بهذا يظهر الفرق بين هذا التصوير وما قبله فان الوضع في هذا واحد وفيما قبله متعدد كما عرفت (قوله: أو انه وإن خص به) بهذا يرجع إلى ما قبله، ولا يظهر الفرق بينهما فيرد عليه ما أورد عليه (قوله: يختلف زيادة ونقيصة) كان الاولى التعبير بأنه يختلف أجزاء وليس مما يشترك في اجزاء

٦٥

اللفظ لما هو الاعم فتدبر جيدا (ومنها) ان الظاهر ان يكون الوضع والموضوع له في الفاظ العبادات عامين، واحتمال كون الموضوع له خاصا بعيد جدا لاستلزامه كون استعمالها في الجامع في مثل: الصلاة تنهى عن الفحشاء، و: الصلاة معراج المؤمن، وعمود الدين، و: الصوم جنة من النار، مجازا أو منع استعمالها فيه في مثلها وكل منهما بعيد إلى الغاية كما لا يخفى على اولي النهاية (ومنها) ان ثمرة النزاع اجمال الخطاب على القول الصحيحي وعدم جواز الرجوع إلى اطلاقه

______________________________

معينة حتى يلحظ الزائد والناقص بالقياس اليهما، أما الاختلاف بالزيادة والنقيصة فلا يمنع عن ذلك (ثم) إنه ينبغي الا يراد على هذا التصوير بأنه لو فرض اشتراك افراد الصحيح باجزاء معينة فالمراد من الاعم من الزائد والناقص ان كان الجامع الحقيقي فلا بد حينئذ من تصويره أولا ليترتب عليه هذا البيان ولا يكون هذا تصويرا له، وإن كان المفهوم الاعتباري كان لفظ الصلاة حاكيا عن ذلك المفهوم الاعتباري مرادفا للفظه فتأمل جيدا، ومنه يظهر أنه لا مجال في تصوير الجامع لان يقال: الواضع للفظ الصلاة لاحظ أولا الجامع بين أفراد الصحيح ثم وضع اللفظ للاعم منه ومن الفاسد، فانه مخدوش بما تقدم بعينه (قوله: فيه في مثلها) يعني في الجامع في مثل تلك الامثلة المذكورة

*

(قوله: ثمرة النزاع إجمال) يعني أن الثمرة المترتبة على الخلاف في هذه المسألة أنه على القول بالصحيح تكون الخطابات التى يكون موضوعها العبادة كالصلاة مجملة، وعلى القول بالاعم تكون مبينة (ووجه) ذلك ما تقدم من عدم انضباط أجزاء الصحيح لاختلافها بحسب الحالات والخصوصيات، والجامع بينها وان كان متعينا في نفسه إلا أنه غير متعين عندنا، ومع إجمال الموضوع يسقط الخطاب عن الحجية، لان التمسك به فرع العلم بانطباق موضوعه وهو غير حاصل مع إجماله ولا كذلك على القول بالاعم، ويترتب على ذلك أنه لو شك في جزئية شئ أو شرطيته للصلاة الواجبة مثلا تعذر الرجوع إلى اطلاق قوله تعالى: اقيموا الصلاة، لنفي الشك المذكور على القول بالصحيح

٦٦

في رفع ما إذا شك في جزئية شئ للمأمور به أو شرطيته أصلا لاحتمال دخوله في المسمى كما لا يخفى، وجواز الرجوع إليه في ذلك على القول الاعمي في غير ما احتمل دخوله فيه مما شك في جزئيته أو شرطيته. نعم لابد في الرجوع إليه فيما ذكر من كونه واردا مورد البيان كما لا بد منه في الرجوع إلى ساير المطلقات وبدونه لا مرجع ايضا الا البراءة أو الاشتغال على الخلاف في مسألة دوران الامر بين الاقل والاكثر

______________________________

لما عرفت من عدم العلم بانطباق الصلاة على فاقد الجزء مثلا لاحتمال كونه فاسدا فيمتنع تطبيقه بخلاف القول بالاعم فان فاقد مشكوك الجزئية عليه يكون صلاة قطعا، وحينئذ فاطلاق قوله تعالى: اقيموا الصلاة، يقتضي كون الموضوع نفس الصلاة مطلقا لا مقيدا بمشكوك الجزئية فيلغى به احتمال الجزئية (نعم) يتوقف التمسك به على تمامية مقدمات الحكمة التي هي شرط التمسك بالاطلاق في جميع المقامات ومع فقد المقدمات أو بعضها يسقط الدليل عن المرجعية كما يسقط على القول بالصحيح، ويكون المرجع الاصول العملية من البراءة أو الاشتغال (قوله: رفع ما إذا شك) يعني رفع الشك ولعل أصل العبارة ذلك (قوله: للمأمور به) يعني الذي هو نفس العبادة وأما المأمور به المركب من العبادة وغيرها فلا بأس بالرجوع إلى إطلاق الدليل في نفي جزئيته (مثلا) إذا وجب عمل مركب من صوم وصلاة واحتمل اعتبار شي آخر فيه زائد عليهما فاطلاق دليل وجوبه - لو كان - رافع لجزئيته (قوله: لاحتمال) تعليل للاجمال (قوله: إليه في ذلك) يعني إلى الاطلاق في رفع الشك في الجزئية أو الشرطية (قوله: في غير ما احتمل) يعني قد يكون محتمل الجزئية للمأمور به مما يحتمل كونه مقوما للماهية التي هي الاعم، وحينئذ لا يكون الاطلاق رافعا لاحتمال جزئيته لان احتمال كونه مقوما مانع من العلم بانطباق الماهية على فاقده فيمتنع التمسك بالاطلاق كما يمتنع على القول بالصحيح (قوله: فيه) أي في المسمى (قوله: مما شك) بيان لقوله: غير (قوله: وارادا مورد) يعني يكون الكلام صادرا من المتكلم في مقام بيان

٦٧

الارتباطيين، وقد انقدح بذلك أن الرجوع إلى البراءة والاشتغال في موارد إجمال الخطاب أو إهماله على القولين، فلا وجه لجعل الثمرة هو الرجوع إلى البراءة على الاعم والاشتغال على الصحيح، ولذا ذهب المشهور إلى البراءة مع ذهابهم إلى الصحيح، وربما قيل بظهور الثمرة في النذر أيضا (قلت): وإن كان يظهر فيما لو نذر لمن صلى اعطاء درهم

______________________________

تمام الاجزاء والشرائط وهذه إحدى المقدمات التي يتوقف عليها الاطلاق فلا بد من انضمام الباقي إليها ايضا وتخصيصها بالذكر لمزيد الاهتمام (قوله: الارتباطيين) المركب الارتباطي ما لا يمكن التفكيك بين أجزائه في الامتثال (قوله: على القولين) خبر (أن) (قوله: ولذا ذهب) تعليل لقوله: فلا وجه، ثم انه قد يستشكل في الحكم بالاجمال على القول بالصحيح من جهة وجود الاخبار الكثيرة الوافية ببيان تلك الماهيات فيرتفع عنها الاجمال، كما قد يستشكل في الرجوع إلى الاطلاق على القول بالاعم لما دل على امتناع تعلق الوجوب بالفاسد واختصاصه بالصحيح ولا فرق في سقوط الدليل عن المرجعية بين كون المقيد داخلا في نفس المسمى أو داخلا في موضوع الامر فإذا ورد: أكرم العالم، وعلم من الخارج إرادة العادل وشك في اعتبار اجتناب الصغيرة في العدالة لم يجز التمسك بالدليل المذكور (ويندفع) الاول بأن موارد الشك في الجزئية مما لا تدخل تحت عد والتتبع شاهد بذلك - مع أن ذلك لا يمنع من تحقق اجمال الخطاب في نفسه وان كان يندفع بالنظر إلى الاخبار، لكن عليه تكون الثمرة فرضية لا عملية فتأمل (ويندفع) الثاني بأن حكم العقل بأن المأمور به لا بد أن يكون هو الصحيح لا يمنع من التمسك بالاطلاق، بل يكون الاطلاق دالا على أن المطلق هو الصحيح ومنشأ الاشتباه الخلط بين الجهات التقييدية والتعليلية مع وضوح الفرق بينهما فان الاولى تكون قيد الموضوع الاثر الشرعي كالعدالة في المثال المتقدم، والثانية لا تكون كذلك بل تكون داعية إلى تعلق الاثر بالموضوع كمصلحة الفعل التي

٦٨

في البرء فيما لو اعطاه لمن صلى ولو علم بفساد صلاته لاخلاله بما لا يعتبر في الاسم على الاعم وعدم البرء على الصحيح، إلا أنه ليس بثمرة لمثل هذه المسألة، لما عرفت من أن ثمرة المسألة الاصولية هي أن تكون نتيجتها واقعة في طريق استنباط الاحكام الفرعية فافهم (وكيف) كان

______________________________

تكون داعية إلى وجوبه، ولاجل ذلك اختلفت في الاحكام، فالاولى يجب تحصيلها لو كان الاثر الزاميا، والثانية لا يجب تحصيلها، ويكون الشك في الاولى مانعا من التمسك بالاطلاق لانها بحكم نفس الموضوع فكما يكون الشك فيه مانعا عن التمسك به يكون الشك فيها كذلك، ولا يكون الشك في الثانية كذلك بل الاطلاق رافع له، والصحة في المقام من قبيل الثانية لا الاولى إذ منشأ انتزاعها نفس المأمور به واقعا لا أمر زائد عليه حتى تؤخذ قيدا فيه (قوله: في البرء) متعلق بقوله: يظهر (قوله: لاخلاله) متعلق بقوله: فساد (قوله: على الاعم) متعلق بالبرء (قوله، من أن ثمرة) الاولى إسقاط لفظ (ثمرة) فان ثمرة المسألة الاصولية نفس الحكم المستنبط لا وقوع المسألة في طريق استنباطه (قوله: واقعة في طريق) الشك في الحكم الشرعي تارة يكون ناشئا عن عدم الدليل أو اجماله أو تعارض الدليلين، ولابد أن يكون الحكم كليا مثل الشك في حرمة التتن ووجوب الاستعاذة (واخرى) يكون ناشئا من اشتباه الموضوع الخارجي ولا بد أن يكون جزئيا لجزئية موضوعه مثل الشك في حرمة المائع المردد بين الخل والخمر والمسائل الاصولية هي التي تقع في طريق استنباط القسم الاول - كما تقدمت الاشارة إليه في تعريف علم الاصول - أما ما يتوقف على استنباط القسم الثاني فليس من مسائل الاصول، والحكم المشكوك في المثال من قبيل الثاني لان الشك فيه ناشئ عن الشك في كون إعطاء الدرهم للمصلي المذكور، وفاء بالنذر وعدمه، إذ على الاول لا يجب اعطاء شئ على الناذر، وعلى الثاني يجب عليه اعطاء درهم، فما يتوقف عليه استنباط الحكم المذكور ليس من مسائل الاصول وإلا كان البحث عن أكثر

٦٩

فقد استدل للصحيحح بوجوه (أحدها) التبادر ودعوى أن المنسبق إلى الاذهان منها هو الصحيحي، ولا منافاة بين دعوى ذلك وبين كون الالفاظ على هذا القول مجملات فان المنافاة انما تكون فيما إذا لم تكن معانيها على هذا مبينة وقد عرفت كونها مبينة بغير وجه (ثانيها) صحة السلب عن الفاسد بسبب الاخلال ببعض أجزائه أو شرائطه بالمداقة وان صح الاطلاق عليه بالعناية (ثالثها) الاخبار الظاهرة في إثبات بعض الخواص والآثار للمسميات مثل: الصلاة عمود الدين، أو: معراج المؤمن، والصوم جنة من النار، إلى غير ذلك، أو نفي ماهيتها وطبايعها مثل:

______________________________

*

الموضوعات الخارجية من وظائف للاصول فتأمل. نعم وجوب الوفاء بالنذر من الاحكام الكلية فما يتوقف عليه استنباطه يكون من مسائل الاصول (قوله: فقد استدل) القائل بالصحيح في رفاهية عن الاستدلال فانه بعد امتناع الجامع الاعم وتصوير الجامع الصحيح يتعين القول بالصحيح (قوله: أحدها التبادر) دعوى التبادر دعوى وجدانية لا برهانية والانصاف أنه لا يساعدها الوجدان ولا سيما مع إمكان كونه على تقديره ناشئا عن انصراف الذهن إلى الصحيح لكونه موضوع الآثار ومحط الاغراض غالبا بل ما ذكرناه في تصوير الجامع الاعم موجب لحمله على ذلك (قوله: ولا مناقاة) إذ يكفي في التبادر كون المعنى محصلا في الذهن ولو إجمالا (قوله: بغير وجه) يعني أكثر من وجه، والمراد بالوجوه الآثار المتقدم ذكرها المشار بها إليه (قوله: بالمداقة) متعلق بصحة السلب (قوله: الصلاة عمود) تقريب الاستدلال أن الذي هو عمود الدين خصوص الصحيح دون الفاسد فلو كانت موضوعة للاعم لزم التصرف في هذه الالفاظ في هذه المقامات بارادة الخاص من لفظ العام ولو ادعاء وهو خلاف الاصل فيتعين القول بانها موضوعة للصحيح " وفيه " إمكان دعوى كون القضية فيها مهملة لا طبيعية

٧٠

لا صلاة الا بفاتحة الكتاب، ونحوه مما كان ظاهرا في نفي الحقيقة بمجرد فقد ما يعتبر في الصحة شطرا أو شرطا

______________________________

- مضافا إلى ما يأتي منه (ره) في الحاشية على قوله: فافهم (قوله: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) قد يشكل الاستدلال بهذه الجملة على القول بالصحيح لعدم تمامية ظاهرها سواء أكان المراد بها نفي الحقيقة أم نفي الصحة لصحة الصلاة بدون الفاتحة في كثير من المقامات كما في الجاهل والناسي بل والمأموم على احتمال، وصلاة الاموات لو كانت صلاة حقيقية، بل من ذلك يظهر الاشكال فيها سواء أكان المراد من الصحيح الشخصي أم النوعي إلا أن تكون القضية مهملة أو مطلقة ولكن قيدت في جملة من المقامات وحينئذ يكون اللازم حملها على نفي الحقيقة ولو بالنظر إلى بعض الحالات فيتم الاستدلال بها (قوله: مما كان ظاهرا في نفي الحقيقة) لا ريب في هذا الظهور، لكنه قد يشكل الاستدلال به لتوقفه على إحراز كون نفي الحقيقة حقيقيا لا ادعائيا وإلا لم ينفع في نفي فردية الفاقد، " فان قلت ": اصالة الحقيقة شأنها إحراز كون النفي حقيقيا لا ادعائيا، " قلت ": نعم لكنه مختص بما إذا كان الشك في المراد وأنه المعنى الحقيقي أو الادعائي لا ما إذا علم المعنى وشك في كونه حقيقيا أو ادعائيا فانه مجرى ما اشتهر من أن الاستعمال أعم من الحقيقة، والمقام من الثاني لكون المعلوم أن المراد من الكلام المذكور نفي الحقيقة عن الفاقد وإنما الشك في أنه نفي حقيقي أو ادعائي، وان شئت قلت: الظاهر من أمثال هذا الكلام - بقرينة صدوره من الشارع - كونه في مقام جعل الآثار والاحكام وبيان خروج الفاقد عن كونه موضوعا واختصاص الحكم بالواجد فلا يصلح لاثبات الفردية أو نفيها. نعم لو كانت قرينة على صدوره في مقام شرح الماهية وتمييز أفرادها عن غيرها كان حجة على ذلك - كما هو كذلك - لو كان صادرا من بعض اللغويين - وكذا الحال في الاثبات

٧١

(وإرادة) خصوص الصحيح من الطائفة الاولى ونفي الصحة من الثانية لشيوع استعمال هذا التركيب في نفي مثل الصحة أو الكمال (خلاف الظاهر) لا يصار إليه مع عدم نصب قرينة عليه، واستعمال هذا التركيب في نفي الصفة ممكن المنع حتى في مثل: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد، مما يعلم أن المراد نفي الكمال بدعوى استعماله في نفي الحقيقة في مثله ايضا بنحو من العناية لا على الحقيقة، وإلا لما دل على المبالغة(١) فافهم (رابعها) دعوى القطع بان طريقة الواضعين وديدنهم وضع الالفاظ للمركبات التامة - كما هو قضية

______________________________

كما في قوله عليه السلام: الفقاع خمر استصغره الناس (قوله: وارادة خصوص) هذا نقض لتقريب الاستدلال المبتني على ظهور الالفاظ في الحقيقة من حيث هي فيكون هذا منعا لذلك الظهور لشهرة الاستعمال في خلافه (قوله: المبالغة فافهم) ذكر في الحاشية أنه اشارة إلى بطلان الاستدلال بالاخبار المثبتة من جهة ما عرفت من أن اصالة الحقيقة إنما تكون حجة في اثبات المراد لا في اثبات كون الاستعمال فيه حقيقة أو مجازا بعد العلم به (قوله: دعوى القطع) عهدة هذه الدعوى على مدعيها كيف وقد عرفت أن التمام والنقصان كالصحة والعيب تطرآن على الماهيات المسماة بكذا فيقال: سرير ناقص وسرير تام، وبيت ناقص وبيت تام، وثوب ناقص وثوب تام، كما يقال: انه صحيح وانه معيب، بلا تصرف ولا عناية فلابد من الالتزام بكون المسميات بهذه الاسماء الاعم من التام والناقص الذي يطرأ عليه النقصان كما يطرأ عليه التمام، وكذا الحال فيما نحن فيه. نعم أسماء المقادير وأسماء الاوزان موضوعة للتمام لانها موضوعة لنفس المحدود

______________

(١) اشارة إلى أن الاخبار المثبتة للآثار وان كانت ظاهرة في ذلك لمكان اصالة الحقيقة ولازم ذلك كون الموضوع للاسماء هو الصحيح ضرورة اختصاص تلك الآثار به إلا انه لا يثبت باصالتها كما لا يخفي لاجرائها العقلاء في اثبات المراد لا في انه على نحو الحقيقة أو المجاز فتأمل جيدا. من الماتن قدس سره (*)

٧٢

الحكمة الداعية إليه - والحاجة وإن دعت أحيانا إلى استعمالها في الناقص أيضا إلا انه لا يقتضي أن يكون بنحو الحقيقة، بل ولو كان مسامحة تنزيلا للفاقد منزلة الواجد، والظاهر ان الشارع غير متخط عن هذه الطريقة، ولا يخفى أن هذه الدعوى وان كانت غير بعيدة الا انها قابلة للمنع فتأمل، وقد استدل للاعمي أيضا بوجوه (منها) تبادر الاعم (وفيه) أنه قد عرفت الاشكال في تصوير الجامع الذي لا بد منه فكيف يصح معه دعوى التبادر (ومنها) عدم صحة السلب عن الفاسد (وفيه) منع لما عرفت (ومنها) صحة التقسيم إلى الصحيح والسقيم (وفيه) أنه إنما يشهد على انها للاعم لو لم تكن هناك دلالة على كونها موضوعة للصحيح، وقد عرفتها، فلا بد أن يكون التقسيم بملاحظة ما يستعمل فيه اللفظ ولو بالعناية (ومنها) استعمال الصلاة وغيرها في غير واحد من الاخبار

______________________________

بالحد الخاص في قبال ما عداه (قوله: الحكمة الداعية) يعني التفهيم لكن في اقتضائه الوضع لخصوص الصحيح منع كيف والجامع يكون محط الغرض ايضا فالوضع له ربما يكون أفود وأعود وتيسر الاستعمال في الفاسد بنحو العناية - مع أنه لا يمنع من الوضع له لكفاية أدنى غاية ولا يتوقف على الاضطرار إليه - أن غاية ما يقتضيه المنع من الوضع له زائدا على الوضع للصحيح لا من الوضع للجامع كما هو المدعى (قوله: غير بعيدة) بل هي ممنوعة لما عرفت - مضافا إلى انه لا مجال لقياس المقام بالمركبات لما عرفت عند الكلام في تصوير الجامع من امتناع كونه من قبيل المركب موضوعا لنفس الاجزاء على كل من القول الصحيحي والاعمي من جهة عدم الضابط، بل لابد من الالتزام بكونه موضوعا لمفهوم واحد عرضي له مراتب مختلفة، ولعله اشار إليه بقوله: فتأمل

*

(قوله: وقد استدل للاعمي) الصحيحي في رفاهية عن الجواب عن هذه الوجوه بعد تعذر الجامع الاعمي كما سيشير إليه المصنف (ره) (قوله: قد عرفت الاشكال) لكن عرفت التأمل فيه (قوله: لما عرفت) يعني من امتناع تصوير الجامع (قوله: وقد عرفتها)

٧٣

في القاسدة كقوله عليه الصلاة والسلام: بني الاسلام على الخمس، الصلاة، والزكاة، والحج، والصوم، والولاية، ولم يناد أحد بشئ كما نودى بالولاية فاخذ الناس باربع وتركوا هذه فلو أن أحدا صام نهاره وقام ليله ومات بغير ولاية لم يقبل له صوم ولا صلاة، فان الاخذ بالاربع لا يكون بناء على بطلان عبادات تاركي الولاية الا إذا كانت اسامي للاعم، وقوله (ع): دعي الصلاة أيام أقرائك، ضرورة أنه لو لم يكن المراد منها الفاسدة لزم عدم صحة النهي عنها لعدم قدرة الحائض على الصحيحة منها (وفيه) أن الاستعمال أعم من الحقيقة - مع ان المراد في الرواية الاولى هو خصوص الصحيح بقرينة أنها مما بني عليها الاسلام ولا ينافي ذلك بطلان عبادة منكري

______________________________

يعني امتناع تصوير الجامع، لكن عرفت التأمل فيه فالاخذ بمقتضى التقسيم لا مفر عنه، ولا وجه لصرفه إلى ما يستعمل فيه اللفظ - مع ان الظاهر كونه بلا عناية ولا تصرف في اللفظ (قوله: في الفاسدة) يعني في الاعم وإرادة الفاسدة لا في الفاسدة بنحو الخصوصية وإلا فهو خلاف المدعى من الوضع للاعم ولا يقتضيه الدليل أيضا وسيشير إليه في آخر التقريب (قوله: فاخذ الناس بأربع) يعني لابد أن يكون المراد من الصلاة وما عطف عليها خصوص الفاسدة إذ لو كان المراد منها الصحيحة لم يصح قوله (عليه السلام): فاخذ الناس بأربع، بل كان اللازم ان يقول: لم يأخذ الناس بشئ منها، لان الاربع التي أخذ الناس بها فاسدة بناء على بطلان عبادة تارك الولاية فلا تكون من الخمس المذكورة في صدر الحديث، وحيث أن الظاهر من الحديث كون ما أخذ به الناس أربعا من الخمس فلا بد أن يكون المراد منها الاعم (قوله: ضرورة أنه لو لم) لعل الاولى في تقريب الاستدلال أن يقال: لو كان المراد الصلاة الصحيحة فاما أن تكون قادرة عليها أولا، فعلى الاول يمتنع النهي لان القدرة عليها تتوقف على مشروعيتها والنهي يضاد المشروعية وكذا على الثاني أيضا لامتناع التكليف بغير المقدور (قوله: مع ان المراد في الرواية) هذا معارضة للدليل يعني يجب حمل الصلاة وما عطف عليها على الصحيح

٧٤

الولاية إذ لعل أخذهم بها انما كان بحسب اعتقادهم لا حقيقة، وذلك لا يقتضي استعمالها في الفاسد أو الاعم، والاستعمال في (قوله: فلو أن احدا صام نهاره... الخ) كان كذلك أي بحسب اعتقادهم، أو للمشابهة والمشاكلة، وفى الرواية الثانية النهي للارشاد إلى عدم القدرة على الصلاة وإلا كان الاتيان بالاركان وساير ما يعتبر في الصلاة بل بما يسمى في العرف بها، ولو أخل بما لا يضر الاخلال به بالتسمية عرفا محرما على الحائض ذاتا وان لم تقصد به القربة، ولا اظن أن يلتزم به المستدل بالرواية فتأمل جيدا

______________________________

لانه الذي بني عليه الاسلام ويتعين التصرف في قوله (عليه السلام): فاخذ الناس بأربع، بارادة غير الاربع من الخمس وجعلها أربعا من الخمس جريا على اعتقاد الناس لا على الواقع فيكون دليلا على القول بالصحيح " ويمكن " أن يناقش بان بناء الاسلام على الاربع الصحيحة لا يقتضي استعمال الفاظها في خصوص الصحيح بل يجوز ان يكون المستعمل فيه الاعم وارادة خصوص الصحيح تكون من ارادة الفرد من الكلي نظير قوله تعالى: وجاء رجل من أقصى المدينة، فلا تجوز فيه ولا في الاربع فيتم الاستدلال من أنه لو كان الوضع للصحيح لزم التصرف في لفظ الاربع (قوله: في قوله (عليه السلام): فلو أن احدا) هذا الذيل ينبغي أن يتمسك به المستدل على دعوى الوضع للاعم في قبال الاستدلال بالصدر، ولهذا تعرض المصنف (ره) في الجواب عنه بما ذكر (قوله: وفى الرواية الثانية) معطوف على قوله: في الرواية الاولى، يعنى المراد من النهي في الرواية الثانية الارشاد إلى مانعية حدث الحيض الموجب لسلب قدرة الحائض على الصلاة حينئذ فالمراد من الصلاة الصحيحة لانها التي يمنع عنها الحدث (قوله: وإلا كان) يعني وإن لم يكن النهي للارشاد بل كان مولويا موضوعه الاعم من الصحيح والفاسد كان مقتضاه حرمة فعل ما يسمى صلاة صحيحا كان أو فاسدا (قوله: أن يلتزم به المستدل) فان المصنف (ره) وان التزم أن حرمة العبادة على الحائض ذاتية لا

٧٥

(ومنها) انه لا شبهة في صحة تعلق النذر وشبهه بترك الصلاة في مكان تكره فيه وحصول الحنث بفعلها ولو كانت الصلاة المنذور تركها خصوص الصحيحة لا يكاد يحصل به الحنث اصلا لفساد الصلاة المأتي بها لحرمتها كما لا يخفى بل يلزم المحال فان النذر حسب الفرض قد تعلق بالصحيح منها

______________________________

تشريعية، وربما نسب إلى ظاهر المشهور الا أن موضوع التحريم العبادة التامة الاجزاء والشرائط حتى حيثية التقرب لا مطلق المسمى ولو كانت ناقصة (أقول): يمكن توجيه هذا الاشكال بعينه على المصنف حيث التزم بالحرمة الذاتية استنادا إلى نصوص المنع عن العبادة الظاهرة في المولوية فيقال: المراد من العبادة المنهي عنها اما الصحيحة أو الاعم والاول ممتنع لما ذكره المستدل من عدم القدرة، والثاني يوجب الالتزام بحرمة ما يسمى عبادة عرفا، فان اجاب بان ظاهر تلك النصوص حرمة العبادة على النحو الذي يؤتى بها في حال الطهر كان بعينه جوابا عن الاشكال المذكور هنا إلا أن يكون غرضه إلزام المستدل فتأمل جيدا وسيأتى في الدليل الآتي بعض الكلام (قوله: لا شبهة في صحة) يعني مع إمكان الصلاة في غيره من الامكنة وإلا فلا ينبغي التأمل في البطلان (ثم) إنه قد يشكل تصحيح النذر من جهة ان كراهة العبادة لا تقتضي مرجوحيتها بالاضافة ولا يكفي في صحة نذر ترك شئ أن يكون مرجوحا بالاضافة وان كان راجحا في نفسه الا أن يكون مقصود الناذر تضييق دائرة الامتثال فيرجع إلى نذر الامتثال في غيره من الافراد " وفيه " أنه ليس معنى كراهة العبادة المرجوحية بالاضافة وإلا كانت الصلاة في المسجد مكروهة بالاضافة إلى الصلاة في الحرم، بل معنى الكراهة وجود منقصة حقيقية فيها غاية الامر انها لا توجب رجحان الفعل على الترك مطلقا وإنما تقتضي رجحانه عليه في ظرف امتثال التكليف بغيره من الافراد وحيث أن فيها مرجوحية حقيقة كان نذر تركها في محله وللكلام مقام آخر (قوله: وشبهه) يعني العهد واليمين (قوله: وحصول) معطوف على قوله: صحة (قوله: لا يكاد) يعنى فلا يكون المنذور تركها خصوص الصحيحة (قوله: يلزم المحال) يعني من

٧٦

ولا تكاد تكون معه صحيحة وما يلزم من فرض وجوده عدمه محال (قلت): لا يخفى انه لو صح ذلك لا يقتضي الا عدم صحة تعلق النذر بالصحيح لا عدم وضع اللفظ له شرعا - مع أن الفساد من قبل النذر لا ينافي صحة متعلقه فلا يلزم من فرض وجودها عدمها، ومن هنا انقدح ان حصول الحنث انما يكون

______________________________

كون المنذور تركها خصوص الصحيحة (قوله: ولا تكاد تكون معه صحيحة) يعني لا يمكن ان تكون الصلاة الصحيحة المنذور تركها صحيحة بعد تعلق النذر بها لان مقتضى نفوذ النذر وصحته حرمة المنذور تركه، وإذا حرمت الصلاة كانت فاسدة لان حرمة العبادة تقتضي فسادها ولازم عدم صحة الصلاة بتعلق النذر عدم تعلق النذر بترك الصحيح فيلزم من فرض تعلق النذر بترك الصحيح عدم تعلقه بترك الصحيح، وإن شئت قلت: يلزم من فرض صحة العبادة الماتي بها عدمها لان صحتها توجب تعلق النذر بتركها وهو يقتضي عدم صحتها، وإن شئت قلت: يلزم من تحقق الحنث بها عدمه لان تعلق الحنث بها يوجب فسادها وهو يوجب عدم تحقق الحنث بها لان الحنث إنما يكون بفعل الصحيح المنذور تركه ثم إن ظاهر العبارة أن مراد المصنف (ره) التقريب الاول لكن ظاهر قوله: في الجواب: وما يلزم... الخ إرادة التقريب الثاني (قوله: محال) لانه يكون موجودا ومعدوما في زمان واحد (قوله لا عدم وضع) إلا أن يكون المقصود التمسك باصالة كون الاستعمال حقيقة التي يذهب إليها السيد المرتضى لكن عرفت أن التحقيق كون الاستعمال أعم (قوله: مع ان الفساد من قبل) يعني لا ريب في أن الصلاة في الحمام لولا نذر تركها صحيحة كسائر الصلوات فإذا نذر ترك الصلاة في الحمام فهذه الصلاة التي وقعت موضوعا للنذر هي تلك الصلاة الصحيحة التي هي كالصلاة في المسجد غاية الامر أنها بتوسط طروء عنوان النذر تكون فاسدة لكن الفساد الآتي من قبل النذر ليس ماخوذا في موضوع النذر لامتناع أخذ ما يأتي من قبل الحكم

٧٧

لاجل الصحة لولا تعلقه

______________________________

في موضوعه، فليس موضوع النذر إلا الصلاة الصحيحة في نفسها (وبالجملة) ذات الصلاة في رتبة سابقة على النذر مصداق للصلاة الصحيحة لا غير، كما أنها في الرتبة اللاحقة للنذر مصداق للصلاة الفاسدة لا غير، وهكذا حال سائر الموضوعات التي تتوارد عليها العناوين الثانوية، مثلا شرب النجس حرام فإذا اضطر إليه صار حلالا فتراه في رتبة سابقة على الاضطرار حراما، وفي رتبة لاحقة له حلالا ولاجل ذلك يصح ان يقال: الاضطرار كان إلى شرب الحرام، فلفظ الصلاة الواقع في حيز النذر لا يحكي الا عن صلاة هي مصداق الصحيح فليس الاستعمال إلا فيه، ومن ذلك يظهر اندفاع جميع تقريرات الاستحالة المتقدمة المبنية على خلط إحدى الرتبتين بالاخرى فان عدم الصحة بملاحظة النذر إذا كانت لا تنافي الصحة بملاحظة ما قبله لم يتم ما ذكر في التقرير الاول من ان لازم عدم صحة... الخ ولا ما في التقرير الثاني من قوله: وهو يقتضي عدم صحتها، ان كان المراد به عدم كونها مصداقا للصحيح قبل النذر، وان كان المراد عدم كونها مصداقا للصحيح بعده فليس ذلك من لزوم الشئ لعدمه، ولا ما في التقرير الثالث من قوله: وهو يوجب عدم تحقق الحنث، لان الفساد الآتي من قبل الحنث يمتنع أن يكون موجبا لعدم الحنث وكون الحنث بفعل الصحيح مسلم إلا أن المراد به الصحيح بالنظر إلى ذاته (قوله: لاجل الصحة) يعنى لاجل كونها مصداقا للصحيح في رتبة سابقة على النذر إذ النذر لم يتعلق الا بما هو كذلك ثم ان من هنا يظهر لك الجواب عن الاستدلال بقوله صلى الله عليه وآله: دعي الصلاة أيام أقرائك، فان النهي لو حمل على المولوي لم يتعلق إلا بالصحيح المقدور، وكون الصحيح غير مقدور إنما هو بملاحظة كونه منهيا عنه وإلا فنفس الفعل الذي هو معروض للنهي ومصداق للصحيح مقدور لم يخرج بالنهي عن كونه مقدورا وإن خرج عن كونه مصداقا للصحيح، وكأن المصنف (ره) إنما لم يجب بذلك بناء على كون النهي مولويا من جهة ان صلاة الحائض ليست صحيحة من جهة مانعية حدث الحيض ولو في رتبة قبل النهي، وإلا

٧٨

نعم لو فرض تعلقه بترك الصلاة المطلوبة بالفعل(١) لكان منع حصول الحنث بفعلها بمكان من الامكان

______________________________

فلو بني على عدم مانعيته وضعا وإنما يقتضي التحريم فلا مانع من كون النهي واردا على ما هو مصداق الصحيح فلاحظ (قوله: نعم لو فرض تعلقه) يعني لو كان مقصود الناذر نذر ترك الصلاة المطلوبة بعد النذر منعنا قول المستدل: انه لا شبهة في حصول الحنث، بل اللازم القول بعدم حصول الحنث بفعل الصلاة لعدم كونها مطلوبة (أقول): إذا لم يحصل الحنث بها لا بد من القول بكونها مطلوبة إذ لا مانع من تعلق الطلب بها إلا كونها محرمة لانها مما نذر تركها وإذا كانت مطلوبة كان الحنث حاصلا بفعلها فيلزم من فرض عدم الشئ وجوده وهو محال كالعكس (فالاولى) في الجواب أن يقال (أولا) لا يعقل ان يتعلق النذر بترك الصلاة المطلوبة بالفعل حتى بلحاظ النذر لان الطلب بلحاظ النذر متاخر رتبة عنه فلا يؤخذ في موضوعه (وثانيا) أن الصلاة المطلوبة حتى بلحاظ النذر خارجة عن اختيار المكلف لامتناعها بعد ما كان دليل نفوذ النذر موجبا لعدم كونها مطلوبة فلا معنى لنذر تركها كنا اشار المصنف (ره) في حاشيته على المتن فلا يتم حينئذ قول المستدل: لا شبهة في صحة تعلق... الخ (فان قلت): قد تقدم أن الصلاة المنذور تركها صحيحة بالفعل ولازمه أنها مطلوبة كذلك (قلت): لا شك في أنها فرد من الصحيح في رتبة سابقة على النذر - كما تقدم - كما لا نشك في أنها مطلوبة أيضا لكن النذر كما يرفع صحتها وتكون به فاسدة يرفع مطلوبيتها وتكون به محرمة نظير الكسر الوارد على الاناء الصحيح الذي له قيمة فانه يصير مكسورا بعد ما كان صحيحا كما يخرجه عن كونه ذا قيمة بعد ما كانت له قيمة. ثم يمكن أن يورد على المستدل - مضافا إلى ما ذكر - بالنقض بما لو صرح

______________

(١) اي ولو مع النذر ولكن صحته كذلك مشكل لعدم كون الصلاة معه صحيحة مطلوبة فتأمل جيدا من الماتن قدس سره (*)

٧٩

(بقي أمور الاول) ان أسامي

______________________________

بالصحة فنذر أن لا يصلي صلاة صحيحة فان صححه المستدل لم يتم له الدليل، وان أبطله فلا مانع من القول بالبطلان في المقام، وبانه يلزم القول بالحنث ولو صلى صلاة فاسدة إذا كانت صلاة عرفا كما تقدم من المصنف (ره) في الجواب على الدليل السابق فتأمل

*

(قوله: الاول أن أسامي المعاملات) الكلام في المقام يقع في أمور (الاول) ابتناء النزاع في كون الفاظ المعاملات موضوعة للصحيح أو للاعم على كونها اسماء للاسباب لا للمسببات، وحاصل الكلام فيه أنك قد عرفت أن صفتي الصحة والفساد تطرآن على ذات واحدة ذات مراتب مختلفة كما أو كيفا فيكون التمام منها صحيحا والناقص فاسدا وهذا المعنى ينطبق على الاسباب أعني الانشاءات الخاصة فان انشاء مثل البيع أو الصلح أو الاجارة أو غيرها يمكن أن يكون صحيحا جامعا لجميع ما يعتبر فيه في ترتب الاثر عليه ونفوذه كما يمكن أن يكون فاسدا فاقدا لما له الدخل في ترتب الاثر عليه فالاول مثل البيع الصادر من البالغ السلطان على التصرف مع العلم بالعوضين وكونه باللفظ العربي، والثاني مثل بيع الصبي أو المجنون أو العبد أو الواقع على مجهول أو باللفظ الفارسي فحينئذ يصح أن يقع النزاع في أن لفظ البيع أو غيره من الالفاظ موضوعة للصحيح أو للاعم منه ومن الفاسد ولا ينطبق هذا المعنى على المسببات أعني الآثار المترتبة عليها مثل علقة البدلية في البيع والزوجية في النكاح وغيرهما في غيرهما فان هذه الآثار ليست مختلفة كما أو كيفا بحيث يكون التام مؤثرا في أثر كذا والناقص ليس مؤثرا فيه لتتصف بالصحة والفساد، بل هي في ظرف وجود السبب تكون موجودة وفى ظرف عدمه تكون معدومة فهي إما موجودة أو معدومة فلا معنى للنزاع في وضع الفاظها للصحيح أو الاعم (الثاني) في تنقيح المبنى المذكور وحاصل الكلام فيه أنك قد عرفت فيما سبق أن الانشاء والخبر موضوعان لمعنى واحد وان الفرق بينهما بمجرد قصد الحكاية والانشاء فلفظ البيع والصلح والاجارة والملكية والمبادلة موضوعة للمعاني المنشأة بلفظ (بعت)

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

وإن لم يحتمله ، كما لو باع شقصاً مستوعباً يساوي ألفين بألف ، فإن ردّه الورثة ، بطل البيع في بعض المحاباة ، وهو ما زاد على الثلث. وفي صحّة البيع في الباقي للشافعيّة طريقان :

أحدهما : التخريج على الخلاف في تفريق الصفقة.

والثاني : القطع بالصحّة(١) .

وهو مذهبنا ، لكنّ المشتري بالخيار ؛ لتبعّض الصفقة عليه ، فإن اختار الشفيع أن يأخذه ، لم يكن للمشتري الردُّ. وإن لم يرض الشفيع بالأخذ ، فللمشتري الخيارُ بين أخذ الباقي وبين الردّ.

وعلى الصحّة ففيما يصحّ البيع؟ للشافعيّة قولان :

أحدهما : أنّه يصحّ في قدر الثلث والقدر الذي يوازي الثمن بجميع الثمن.

والثاني : أنّه لا يسقط من المبيع شي‌ء إلّا ويسقط ما يقابله من الثمن(٢) .

وهذا الأخير هو الأقوى عندي ، وقد تقدّم(٣) بيانه.

فإن قلنا بالأوّل ، صحّ البيع - في الصورة المفروضة - في خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن. وإن قلنا بالثاني ، دارت المسألة.

وطريقه أن نقول : صحّ البيع في شي‌ء من الشقص بنصف شي‌ء ، يبقى مع الورثة ألفان يعادل شيئاً ونصفاً والشي‌ء من شي‌ء ونصف ثلثاه ، فعلمنا صحّة البيع في ثلثي الشقص ، وقيمته ألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث بثلثي الثمن ، وهو نصف هذا ، فتكون المحاباة بستّمائة وستّة وستّين‌

____________________

(١ و ٢ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٦.

(٣) في ص ٢٤ ، المسألة ٥٦٠.

٢٤١

وثلثين ، يبقي للورثة ثلث الشقص وثلثا الثمن وهُما ألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث ، وذلك ضِعْف المحاباة.

وعلى القولين(١) للمشتري الخيارُ حيث لم يسلم له جميع المثمن(٢) . فإن اختار ، أخذ الشفيع خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن على الأوّل ، وثلثيه بثلثي الثمن على الثاني.

ولو فسخ المشتري قبل طلب الشفيع ، لم تبطل الشفعة عندنا. وللشافعي قولان(٣) .

ولو أجاز الورثة ، صحّ البيع في الجميع.

ثمّ إن قلنا : إنّ إجازتهم تنفيذ لما فعله المورّث ، أخذ الشفيع الكلَّ بكلّ الثمن. وإن قلنا : إنّها ابتداء عطيّة منهم ، لم يأخذ الشفيع القدر النافذ بإجازتهم ، وأخذ القدر المستثنى عن إجازتهم. وفيه القولان المذكوران عند الردّ.

وإن كانا وارثين أو كان المشتري وارثاً ، فهي محاباة للوارث ، وهي عندنا صحيحة ، فالحكم فيه كما في الأجنبيّ.

أمّا الجمهور : فإنّهم منعوا من المحاباة للوارث ، فتكون المحاباة مردودةً(٤) .

ثمّ للشافعي قولان ، فإن لم يفرّق الصفقة ، بطل البيع في الجميع. وإن قال بالتفريق ، فإن قال في القسم الأوّل على ما سبق من التصوير : إنّ البيع‌

____________________

(١) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « التفريق » بدل « القولين ». والظاهر ما أثبتناه.

(٢) في جميع النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الثمن » بدل « المثمن ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٦.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٢ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٦ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٤ ، المغني ٥ : ٤٧٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٣٥.

٢٤٢

يصحّ في خمسة أسداس الشقص بجميع الثمن ، فهنا في مثل تلك الصورة يصحّ البيع في نصفه بجميع الثمن. وإن قلنا هناك : يصحّ في ثلثيه بثلثي الثمن ، فهنا يبطل البيع في الكلّ ؛ لأنّ البيع لا يبطل في شي‌ء إلاّ ويسقط بقدره من الثمن ، فما من جزء يصحّ فيه البيع إلاّ ويكون بعضه محاباةً ، وهي مردودة.

وفيه كلامان :

أحدهما : أنّ المفهوم من هذا التوجيه شيوع المعاوضة والمحاباة في جميع الشقص ، وذلك لا يمنع تخصيص قدر المحاباة بالإبطال ، كما أنّه لم يمنع في القسم الأوّل تخصيص ما وراء القدر المحتمل من المحاباة بالإبطال.

والثاني : أنّ الوصيّة للوارث - عندهم(١) - موقوفة على إجازة باقي الورثة على رأي ، كما أنّ الوصيّة بما زاد على الثلث موقوفة على إجازة الورثة على رأي ، فلنفرّق هنا أيضاً بين الإجازة والردّ ، كما في الأوّل.

إذا عرفت هذا وقلنا بالأوّل ، تخيّر المشتري بين أن يأخذ النصف بكلّ وبين أن يفسخ ، لأنّ الصفقة تفرّقت عليه ، ويكون للشفيع أن يأخذ ذلك وإن كان وارثا ، لأنّه لا محاباة فيه.

وإن أراد المشتري الردَّ وأراد الشفيع الأخذَ ، كان حقّ الشفيع مقدّماً ؛ لأنّه لا ضرر على المشتري ، وجرى مجرى المبيع المعيب إذا رضيه الشفيع لم يكن للمشتري ردّه.

وإن كان الشفيع وارثاً دون المشتري ، فعندنا يصحّ البيع فيما يحتمل‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٢

٢٤٣

الثلث ، ويكون للشفيع أخذه بالشفعة.

وقالت الشافعيّة : إن احتمل الثلث المحاباة أو لم يحتمل وصحّحنا البيع في بعض المحاباة في القسم الأوّل ومكّنّا الشفيع من أخذه ، ففيه وجوه :

أ - أنّه يصحّ البيع في الجميع ، ولا يأخذه الوارث بالشفعة ، وهو مذهب أصحاب أبي حنيفة.

أمّا صحّة البيع : فلأنّ المشتري أجنبيّ.

وأمّا بطلان الشفعة : فلأنّها لو ثبتت ، لكان المريض قد نفع وارثه بالمحاباة ؛ لأنّ الشفعة تستحقّ بالبيع ، فقد تعذّرت الشفعة ، فلم نعد ذلك بإبطال البيع ، لأنّها فرع عليه ، وإذا بطل بطلت ، فلم تبطل لأجلها - وهو أصحّ الوجوه عندهم - لأنّا إذا أثبتنا الشفعة ، فقد جعلنا للوارث سبيلاً إلى إثبات حقٍّ له في المحاباة. ويفارق الوصيّة ممّن له عليه دَيْنٌ ؛ لأنّ استحقاقه للآخَر إنّما هو بدَيْنه ، لا من جهة الوصيّة ، وهذا استحقاقه حصل بالبيع ، فافترقا.

ب - أنّه يصحّ البيع ويأخذه الوارث بالشفعة ؛ لأنّ محاباة البائع مع المشتري ، وهو أجنبيّ عنه ، والشفيع يتملّك على(١) المشتري ، ولا محاباة معه من المريض.

ج - أنّه لا يصحّ البيع أصلاً ؛ لأنّه لو صحّ لتقابلت فيه أحكام متناقضة ؛ لأنّا إن لم نثبت الشفعة ، أضررنا بالشفيع ، وإن أثبتناها ، أوصلنا إليه المحاباة.

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « مع » بدل « على ». وما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

٢٤٤

د - يصحّ البيع في الجميع ويأخذ الشفيع ما يقابل الثمن منه ، ويبقى الباقي للمشتري مجّاناً ؛ لأنّ المحاباة تصحّ مع الأجنبيّ دون الوارث ، ويُجعل كأنّه باع بعض الشقص منه ووهب بعضه ، فيأخذ المبيع دون الموهوب.

ه- أنّه لا يصحّ البيع إلّا في القدر الموازي للثمن ؛ لأنّه لو صحّ في الكلّ فإن أخذه الشفيع ، وصلت إليه المحاباة ، وإن أخذ ما وراء قدر المحاباة ، كان إلزاماً بجميع الثمن ببعض المبيع ، وهو على خلاف وضع الشفعة(١) .

ويضعّف بأنّ صحّة البيع لا تقف على اختيار الشفيع للشفعة.

وقد يقال في العبارة عن هذا الوجه : إن ترك الشفيع الشفعة ، صحّت المحاباة مع المشتري ، وإلّا فهو كما لو كان المشتري وارثاً ، فلا تصحّ المحاباة.

ووجه ترتيب هذه الأقوال أن يقال : في صحّة البيع وجهان ، إن صحّ فيصحّ في الجميع أو فيما وراء قدر المحاباة؟ وجهان ، إن صحّ في الجميع فيأخذ الجميع بالشفعة أو ما وراء قدر المحاباة أو لا يأخذ شيئاً؟ ثلاثة أوجه(٢) .

وهذا - عندنا - كلّه ساقط.

مسالة ٧٣٥ : من شرط الشفعة : تقدّم ملك الآخذ على ملك المأخوذ منه على ما سبق ، فلو كان في يد اثنين ملك اشترياه بعقدين وادّعى كلٌّ

____________________

(١) الوسيط ٤ : ٧٨ - ٧٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٧ - ٣٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٢ - ٥٠٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٧.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٣.

٢٤٥

منهما سبق عقده على عقد صاحبه ، وأنّه يستحقّ الشفعة عليه ، فمن أقام البيّنة منهما على دعواه حُكم له بها ، وسقطت دعوى الآخر.

ولو أقاما بيّنتين على السبق - بأن شهدت بيّنة هذا بسبق عقده على عقد صاحبه ، وشهدت بيّنة صاحبه بسبق عقده على العقد الأوّل ، أو شهدت إحداهما لأحدهما أنّه اشترى يوم السبت وصاحبه اشترى يوم الأحد ، وشهدت الاُخرى للآخَر أنّه اشترى يوم السبت والآخَر يوم الأحد - تعارضتا ، وينبغي أن يُحكم لأكثرهما عدداً وعدالةً ، فإن تساويا ، احتُمل القرعة ؛ لأنّه أمر مشكل ، وكلّ أمر مشكل ففيه القرعة ، والقسمة بينهما.

وللشافعي هنا قولان :

أحدهما : تساقط البيّنتين كأنّه لا بيّنة لواحد منهما.

والثاني : أنّهما تُستعملان ، وفي كيفيّته أقوال :

أحدها : القرعة ، فعلى هذا مَنْ خرجت قرعته أخذ نصيب الآخَر بالشفعة.

والثاني : القسمة ، ولا فائدة لها إلاّ مع تفاوت الشركة ، فيكون التنصيف تعبّدا(١) .

والثالث : الوقف ، وعلى هذا يوقف حقّ التملّك إلى أن يظهر الحال(٢) .

ومن الشافعيّة مَنْ لا يجري قول الوقف هنا ؛ لانتفاء معناه مع كون الملك في يدهما(٣) .

____________________

(١) كذا ، وفي المصدر : « مقيّداً » بدل « تعبّداً ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٣ - ٥٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٧ - ١٦٨.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٨.

٢٤٦

ولو عيّنت كلّ واحدة من البيّنتين وقتاً واحداً ، فلا تنافي بينهما ؛ لاحتمال وقوع العقدين معاً ، ولا شفعة لواحدٍ منهما ؛ لأنّا تبيّنّا وقوع العقدين دفعةً.

وللشافعيّة وجه : أنّهما تسقطان ؛ لأنّ كلّ واحدة منهما لم تتعرّض لمقصود مقيمها فكأنّه لا بيّنة(١) .

البحث الرابع : في كيفيّة الأخذ بالشفعة.

مسالة ٧٣٦ : يملك الشفيع الأخذ بالعقد إمّا بالفعل بأن يأخذ الحصّة ويدفع الثمن إلى المشتري ، أو يرضى بالصبر فيملكه حينئذٍ ، وإمّا باللفظ ، كقوله : أخذته ، أو : تملّكه ، أو : اخترت الأخذ ، وما أشبه ذلك ؛ عملاً بالأصل من عدم اشتراط اللفظ.

وقال بعض الشافعيّة : لا بدّ من لفظٍ ، ك‍ « تملّكت » وما تقدّم ، وإلّا فهو من باب المعاطاة(٢) .

وهو ممنوع ؛ لأنّ المعاطاة تتوقّف على رضاهما ، ولا يتوقّف الأخذ بالشفعة على رضا المشتري.

ولا يكفي أن يقول : لي حقّ الشفعة وأنا مطالب بها ، عنده(٣) ؛ لأنّ المطالبة رغبة في الملك ، والملك(٤) لا يحصل بالرغبة المجرّدة(٥) .

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٨.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٨.

(٣) أي : عند البعض من الشافعيّة ، المتقدّم قوله آنفاً.

(٤) في جميع النسخ الخطّيّة والحجريّة : « فالملك ». وما أثبتناه من « العزيز شرح الوجيز ».

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٨.

٢٤٧

وقال بعضهم(١) بقولنا.

ولا يملك الشفيع بمجرّد اللفظ ، بل يعتبر مع ذلك أحد اُمور :

إمّا أن يسلّم العوض إلى المشتري ، فيملك به إن تسلّمه ، وإلّا خلّى بينه وبينه ، أو رفع الأمر إلى الحاكم حتى يلزمه التسليم.

و [إمّا ](٢) أن يسلّم المشتري الشقص ، ويرضى بكون الثمن في ذمّته.

ولو كان المبيع داراً عليها صفائح من أحد النقدين والثمن من الآخَر ، وجب التقابض فيما قابَلَه خاصّةً.

ولو رضي بكون الثمن في ذمّته ولم يسلّم الشقص ، حصل الملك عندنا - وهو أحد وجهي الشافعيّة - لأنّه معاوضة ، والملك في المعاوضات لا يتوقّف على القبض.

والثاني لهم : لا يحصل الملك ، وقول المشتري ما لم يتّصل به القبض في حكم الوعد.

وإمّا أن يحضر في مجلس القاضي ، ويثبت حقّه في الشفعة ، ويختار التملّك ويقضي القاضي له بالشفعة - وهو أصحّ وجهي الشافعيّة - لأنّ الشرع نزّل الشفيع منزلة المشتري حتى كأنّ العقد له ، إلّا أنّه مخيّر بين الأخذ والترك ، فإذا طلب وتأكّد طلبه بالقضاء ، وجب أن يحكم له بالملك.

والثاني لهم : لا يحصل الملك ، ويستمرّ ملك المشتري إلى أن يصل إليه عوضه ، أو يرضى بتأخيره.

وإمّا أن يشهد عدلان على الطلب واختيار الشفعة ، فإن لم نثبت‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٨.

(٢) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

٢٤٨

الملك بحكم القاضي ، فهنا أولى ، فإن(١) أثبتناه ، فوجهان لهم ؛ لقوّة قضاء القاضي(٢) .

وهذا كلّه غير معتبر عندنا.

مسالة ٧٣٧: لا يشترط في تملّك الشفيع بالشفعة حكمُ الحاكم ولا حضور الثمن أيضاً ولا حضور المشتري ورضاه ، عند علمائنا - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ حكم الشفعة يثبت بالنصّ والإجماع ، فيستغني عن حكم الحاكم ، كمدّة الإيلاء والردّ بالعيب. ولأنّه تملّك بعوض ، فلا يفتقر إلى إحضار العوض ، كالبيع ، ولا إحضار المشتري ورضاه به ، كالردّ بالعيب.

وقال أبو حنيفة : يعتبر حضور المشتري أو حكم الحاكم ، ولا يحكم الحاكم إلّا إذا اُحضر الثمن(٤) .

وعن الصعلوكي أنّ حضور المأخوذ منه أو وكيله شرط(٥) . وهو ممنوع.

وإذا ملك الشفيع بغير تسليم الثمن - بل إمّا بتسليم المشتري الشقص ويرضى بكون الثمن في ذمّته ، أو بحضوره في مجلس القاضي وإثبات حقّه في الشفعة ويختار الملك فيقضي له القاضي - لم يكن له أن يتسلّم الشقص حتى يؤدّي الثمن إلى المشتري وإن سلّمه المشتري قبل أداء الثمن ، ولا يلزمه أن يؤخّر حقّه بأن أخّر البائع حقّه.

مسالة ٧٣٨ : يجب على الشفيع دفع الثمن معجّلاً ، فإن تعذّر تعجيله‌

____________________

(١) الظاهر : « وإن ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٤ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٨.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٤.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٥ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٨.

٢٤٩

أو ادّعى غيبته ، اُجّل ثلاثة أيّام لإحضاره ؛ لأنّ تحصيله في الحال يتعذّر في غالب العادات ، فلو شرط إحضاره في الحال ، أدّى إلى إسقاط الشفعة ، وذلك إضرار بالشفيع ، فإن أحضر الثمن في مدّة الثلاثة ، فهو أحقّ ، وإلاّ بطلت شفعته بعدها.

ولو ذكر أنّ الثمن في بلد آخر ، أجّل بقدر وصوله من ذلك البلد وثلاثة أيّام بعده ما لم يتضرّر المشتري.

ولو هرب الشفيع بعد الأخذ ، كان للحاكم فسخ الأخذ ، وردّه إلى المشتري وإن لم يكن له ذلك في البيع لو هرب المشتري أو أخّر الدفع ؛ لأنّ البيع حصل باختيارهما ، فلهذا لم يكن للحاكم فسخه عليهما ، وهنا أخذه الشفيع بغير اختيار المشتري لإزالة الضرر عن نفسه ، فإذا اشتمل على إضرار بالمشتري ، مَنَعه الحاكم وردّه.

ولو هرب قبل الأخذ ، فلا شفعة له ، وكذا العاجز عن الثمن.

وقال بعض الشافعيّة : إذا قصّر في الأداء ، بطل حقّه من الشفعة. وإن لم يوجد ، رفع إلى الحاكم ( وفسخ منه )(١) (٢) .

والمعتمد : الأوّل ؛ لما قلناه.

ولما روى عليّ بن مهزيار أنّه سأل الجوادَعليه‌السلام : عن رجل طلب شفعة أرض ، فذهب على أن يحضر المال فلم ينضّ ، فكيف يصنع صاحب الأرض إن أراد بيعها أيبيعها أو ينتظر مجي‌ء شريكه صاحب الشفعة؟ قال : « إن كان معه بالمصر فلينتظر به ثلاثة أيّام ، فإن أتاه بالمال‌

____________________

(١) ورد ما بين القوسين سهواً في النسخ الخطّيّة والحجريّة بعد تمام الرواية الآتية في نفس المسألة. وموضعه هنا تتمّةً لقول بعض الشافعيّة كما في « العزيز شرح الوجيز » و « روضة الطالبين ».

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٩.

٢٥٠

وإلّا فليبع وبطلت شفعته في الأرض ، وإن طلب الأجل إلى أن يحمل المال من بلد إلى آخر فلينتظر به مقدار ما يسافر الرجل إلى تلك البلدة وينصرف وزيادة ثلاثة أيّام إذا قدم ، فإن وافاه ، وإلّا فلا شفعة له »(١) .

مسالة ٧٣٩ : ولا يثبت في الشفعة خيار المجلس عند علمائنا‌ ؛ للأصل الدالّ على عدمه.

ولدلالة قولهعليه‌السلام : « البيّعان بالخيار ما لم يفترقا »(٢) على اختصاص الخيار بالبيع ؛ لأنّه وصف علّق عليه حكم ، فينتفي بانتفائه.

ولأنّ الخيار لا يثبت للمشتري ؛ لأنّه يؤخذ الملك منه قهراً ، ولا للآخذ ؛ لأنّ له العفو والإسقاط.

نعم ، لو أخذ وثبت الملك له ، لم يكن له الخيار في الفسخ ؛ للأصل.

وللشافعي قولان :

أظهرهما : ثبوت الخيار - وقد تقدّم(٣) - بأن يترك بعد ما أخذ ، أو يأخذ بعد ما ترك ما دام في المجلس ؛ لأنّ ذلك معاوضة ، فكان في أخذها وتركها خيار المجلس ، كالبيع(٤) .

وله قولٌ آخَر : إنّه يسقط ؛ لأنّ الشفعة حقّ له ثبت ، فإذا أخّره أو تركه ، سقط ، كغيره من الحقوق(٥) .

فعلى قوله بالخيار يمتدّ إلى مفارقة المجلس.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٦٧ / ٧٣٩.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٨٤ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٦٤ / ١٥٣٢ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٤٧ / ١٢٤٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٥.

(٣) في ج ١١ ص ١٥ ، ضمن المسألة ٢٢٧.

(٤) الوسيط ٤ : ٨١ ، العزيز ٤ : ١٧٢ ، و ٥ : ٥٠٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٩.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٧٢ ، و ٥ : ٥٠٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٩ ، المجموع ٩ : ١٧٧.

٢٥١

وهل ينقطع بأن يفارقه المشتري؟ وجهان : المنع ؛ لأنّه لا حظّ له في الخيار ، فلا اعتبار بمفارقته. والانقطاع ؛ لحصول التفريق(١) .

مسالة ٧٤٠ : يجوز للمشتري التصرّف في الشقص قبل أن يأخذه الشفيع وقبل علمه بالبيع ، فإذا تصرّف ، صحّ تصرّفه ؛ لأنّ ملكه بالعقد إجماعاً ، وفائدة الملك استباحة وجوه الانتفاعات ، وصحّ قبض المشتري له ، ولم يبق إلّا أنّ الشفيع ملك عليه أن يملك ، وذلك لا يمنع تصرّفه ، كما لو كان الثمن معيباً فتصرّف المشتري في المبيع.

وكذا الموهوب له إذا كان الواهب ممّن له الرجوع فيها ، فإنّ تصرّفه يصحّ وإن ملك الواهب [ الرجوع ](٢) فيها.

إذا ثبت هذا ، فإنّ تصرّفه إن كان ممّا تجب به الشفعة - كالبيع خاصّةً عندنا ، وكلّ معاوضة عند الشافعي(٣) ، كجَعْله عوض الصداق أو الخلع أو غير ذلك من المعاوضات - تخيّر الشفيع إن شاء فسخ تصرّفه وأخذ بالثمن الأوّل ؛ لأنّ حقّه أسبق ، وسببه متقدّم ، فإنّ الشفعة وجبت له قبل تصرّف المشتري. وإن شاء أمضى تصرّفه ، وأخذ بالشفعة من المشتري الثاني ؛ لأنّ هذا التصرّف يُثبت الشفعة ، فلو باعه المشتري بعشرة بعشرين فباعه الآخَر بثلاثين ، فإن أخذ من الأوّل ، دفع عشرة ، ورجع الثالث على الثاني بثلاثين ، والثاني على الأوّل بعشرين ، لأنّ الشقص يؤخذ من الثالث وقد انفسخ عقده ، وكذا الثاني. ولو أخذ من الثاني ، صحّ ، ودفع عشرين ؛ وبطل‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٦٩.

(٢) ما بين المعقوفين أضفناه لأجل السياق.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٩.

٢٥٢

الثالث ، فيرجع بثلاثين. ولو أخذ من الثالث ، صحّت العقود ، ودفع ثلاثين.

وإن كان تصرّفه لا تثبت به الشفعة كالهبة والوقف وجَعْلِه مسجداً ، فإنّ للشفيع إبطالَ ذلك التصرّف ، ويأخذ بالثمن الأوّل ، ويكون الثمن للمشتري ، وبه قال الشافعي(١) .

وقال مالك : إنّه يكون الثمن للموهوب له(٢) .

وهو غلط ؛ لأنّ الشفيع أبطل الهبة ، وأخذ الشقص بحكم العقد الأوّل ، ولو لم يكن وهب كان الثمن له ، كذا بعد الهبة المفسوخة.

وكذا للشفيع فسخ الوقف وكونه مسجدا أو غير ذلك من أنواع التصرّفات ، وبه قال أكثر الشافعيّة(٣) .

وقال بعضهم : إنّ الوقف يُبطل الشفعة ؛ لأنّ الشفعة إنّما تثبت في المملوك وقد خرج من أن يكون مملوكاً(٤) .

وهو غلط ؛ لأنّ ذلك الاستحقاق سابق والوقف متأخّر ، فلا يبطل السابق ، ولا يمتنع أن يبطل الوقف لأجل حقّ الغير ، كما لو وقف المريض أملاكه أو أعتق عبيده وعليه دَيْنٌ مستوعب ، فإنّ العتق والوقف صحيحان ، وإذا مات ، فسخا لحقّ الغرماء ، كذا هنا.

مسالة ٧٤١ : إذا ملك الشفيع ، امتنع تصرّف المشتري. ولو طلب الشفيع ولم يثبت الملك بَعْدُ ، لم يمنع الشريك من التصرّف ؛ لبقائه في ملكه.

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٩ ، الوسيط ٤ : ٩١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٨ - ١٧٩ ، المغني ٥ : ٤٩٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٥.

(٢) المغني ٥ : ٤٩١ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٦.

(٣) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٩.

(٤) المغني ٥ : ٤٩٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٠٥.

٢٥٣

ويحتمل قويّاً المنع ؛ لتعلّق حقّ الشفيع به وتأكّده بالطلب.

وكلاهما للشافعيّة(١) أيضاً.

ولو تصرّف الشفيع قبل القبض بعد أن سلّم الثمن إلى المشتري ، نفذ.

وللشافعيّة وجهان ، أظهرهما : المنع ، كتصرّف المشتري قبل القبض(٢) .

وهو باطل ؛ لاختصاص ذلك بالبيع ، والشفعة ليست بيعاً. ولأنّه ملك قهريّ كالإرث ، فصحّ تصرّفه فيه ، كالوارث قبل القبض.

ولو ملك بالإشهاد أو بقضاء القاضي ، نفذ تصرّفه.

وقالت الشافعيّة : لا ينفذ(٣) .

وكذا لو ملك برضا المشتري بكون الثمن عنده.

مسالة ٧٤٢ : لا يشترط علم الشفيع بالثمن ولا بالشقص في طلب الشفعة‌ ، بل في الأخذ ، فلا يملك الشقص الذي لم يره بالأخذ ولا بالطلب ؛ لأنّه غرر والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عنه(٤) ، بل يشترط علم الشفيع في التملّك بالثمن والمثمن معاً ، فلو جهل أحدهما ، لم يصح الأخذ ، وله المطالبة بالشفعة.

ولو قال : أخذته بمهما كان ، لم يصح مع جهالته بالقدر.

وقالت الشافعيّة : في تملّك الشفيع الشقص الذي لم يره طريقان :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٠.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٠.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٠.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٣ / ١٥١٣ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٩ / ٢١٩٤ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٥٤ / ٣٣٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٣٢ / ١٢٣٠ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٥١ ، الموطّأ ٢ : ٦٦٤ / ٧٥.

٢٥٤

أظهرهما : أنّه على قولي(١) بيع الغائب إن منعناه ، لم يتملّكه قبل الرؤية ، وليس للمشتري منعه من الرؤية. وإن صحّحناه ، فله التملّك.

[ ثمّ ](٢) منهم مَنْ جَعَل خيار الرؤية على الخلاف في خيار المجلس.

ومنهم مَنْ قطع به وقال : المانع هناك - على رأي - بُعْدُ اختصاص ذلك الخيار بأحد الجانبين.

والثاني : المنع ، سواء صحّحنا بيع الغائب أو أبطلناه ؛ لأنّ البيع جرى بالتراضي فأثبتنا الخيار فيه ، وهنا الشفيع يأخذ من غير رضا المشتري ، فلا يمكن إثبات الخيار فيه.

نعم ، لو رضي المشتري بأن يأخذه الشفيع ويكون بالخيار ، فعلى قولي بيع الغائب ، فإذا جوّزنا له التملّك وأثبتنا الخيار ، فللمشتري أن يمتنع من قبض الثمن وإقباض المبيع(٣) حتى يراه ليكون على ثقة فيه(٤) .

وإذا بلغه البيع فقال : قد اخترت أخذ الشقص بالثمن الذي تمّ عليه العقد ، وعلم قدره ونظر إلى الشقص أو وُصف له وصفاً يرفع الجهالة ، صحّ الأخذ وإن لم يجز المشتري ولا حضر.

وقال أبو حنيفة : لا يأخذ بالشفعة حتى يحضر الثمن ، ولا يقضي له القاضي بها حتى يحضر الثمن(٥) .

وقال محمد : إنّ القاضي يؤجّله يومين أو ثلاثة ، ولا يأخذه إلّا بحكم‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة المعتمدة في التحقيق : « قول ». والصحيح ما أثبتناه.

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة المعتمدة في التحقيق : « البائع » بدل « المبيع ».

والصحيح ما أثبتناه من المصدر.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧٠.

(٥) المغني ٥ : ٥١٠ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢١.

٢٥٥

الحاكم أو رضا المشتري ؛ لأنّ الشفيع يأخذ الشقص بغير اختيار المشتري ، فلا يستحقّ ذلك إلّا بعد إحضار الثمن ، ولهذا كان المشتري لمـّا كان يستحقّ تسلّم المبيع بغير اختيار البائع لم يكن له إلّا بعد إحضار الثمن(١) .

وقد بيّنّا أنّ الشفيع يأخذ بالعوض ، فلا يشترط حضوره ، كالبيع ، والتسليم في الشفعة كالتسليم في البيع ، فإنّ الشفيع لا يتسلّم الشقص إلّا بعد إحضار الثمن ، وكون التملّك بغير اختياره يدلّ على قوّته ، فلا يمنع من اعتباره في الصحّة بالبيع.

وإذا كان الثمن مجهولاً عند الشفيع ، لم يصح الأخذ ؛ لأنّه تملّك بعوض ، فلا يصحّ مع جهالة العوض ، كالبيع.

ولو قال : أخذته بالثمن إن كان مائةً فما دونها ، لم يصح الأخذ ؛ لأنّ مثل هذا لا يجوز أن يكون ثمناً في البيع ، كذا الشفعة.

ولو لم يشاهد الشقص ولا وُصف له بما يرتفع معه الجهالة ، لم يكن له أخذه ، وبه قال بعض الشافعيّة ، سواء قالوا بجواز بيع خيار الرؤية أو لا ؛ لأنّ مع القول بالجواز أثبتوا فيه خيار الرؤية برضا البائع ، لأنّه دخل على ذلك ، وفي مسألتنا يأخذه الشفيع بغير رضا المشتري ، فلا يثبت الخيار(٢) .

و(٣) قال ابن سريج : إلّا أن يرضى المشتري بخيار الرؤية ، فيجوز ذلك على القول الذي يجيز البيع بها(٤) .

وقال بعض الشافعيّة : مَنْ قال من أصحابنا : إنّه يثبت في الشفعة خيار المجلس يجيز أيضاً خيار الرؤية فيها على أحد القولين(٥) .

إذا عرفت هذا ، فإذا أخذ الشقص بالشفعة ، وجب عليه الثمن ،

____________________

(١) بدائع الصنائع ٥ : ٢٤ ، وانظر : المغني ٥ : ٥١٠ ، والشرح الكبير ٥ : ٥٢١.

(٢و٤و٥) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.

(٣) في « س ، ي » لم ترد كلمة « و».

٢٥٦

ولا يجب على المشتري تسليم الشقص حتى يقبض الثمن.

مسالة ٧٤٣ : إذا كان الشقص في يد البائع ، فقال الشفيع : لا أقبضه إلّا من المشتري‌ ، لم يكن له ذلك ، ولم يكلّف المشتري أخذه من البائع ، بل يأخذه الشفيع من يد البائع ؛ لأنّ هذا الشقص حقّ الشفيع ، فحيثما وجده أخذه. ولأنّ يد الشفيع كيد المشتري ؛ لأنّه استحقّ قبض ذلك من جهته ، كما لو وكّل وكيلاً في القبض ، ألا ترى أنّه لو قال : أعتق عبدك عن ظهاري ، فأعتقه ، صحّ ، وكان الآمر كالقابض له ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : أنّ للشفيع ذلك ؛ لأنّ الشفيع بمنزلة المشتري من المشتري ، فيلزمه أن يسلّمه بعد قبضه ، وعلى الحاكم تكليف المشتري أن يتسلّم ويُسلّم ، أو يوكّل في ذلك ، فإن كان المشتري غائباً ، نصب الحاكم مَنْ يقبضه من البائع عن المشتري ويسلّمه إلى الشفيع ، وإذا أخذه الشفيع من المشتري أو من البائع ، فإنّ عهدته على المشتري خاصّةً(١) .

ولو أفلس الشفيع وكان المشتري قد سلّم الشقص إليه راضياً بذمّته ، جاز له الاسترداد ، وكان أحقَّ بعينه من غيره.

مسالة ٧٤٤ : إنّما يأخذ الشفيع بالثمن الذي وقع عليه العقد‌ ؛ لما روى العامّة عن جابر أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « فهو أحقّ به بالثمن »(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « فهو أحقّ بها من غيره بالثمن »(٣) .

ولأنّ الشفيع إنّما يستحقّ الشفعة بسبب البيع ، فكان مستحقّا له‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٥ - ٥٤٦ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٢.

(٢) سنن البيهقي ٦ : ١٠٤ ، المغني ٥ : ٥٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٠.

(٣) التهذيب ٧ : ١٦٤ / ٧٢٨.

٢٥٧

بالثمن ، كالمشتري.

لا يقال : الشفيع استحقّه بغير اختيار مالكه ؛ لحاجته إليه ، فكان يجب أن يستحقّه بالقيمة ، كالمضطرّ إلى طعام الغير.

لأنّا نقول : المضطرّ إنّما استحقّه بسبب الحاجة خاصّةً ، فكان المرجع في بدله إلى القيمة ، والشفيع يستحقّه لأجل البيع ، فإنّه لو كان انتقاله في الهبة أو الميراث ، لم يستحقّ فيه الشفعة ، وإذا اختصّ ذلك بالبيع ، وجب أن يكون بالعوض الثابت بالبيع.

إذا ثبت هذا ، فإن بِيع بمثليٍّ - كالنقدين والحبوب - أخذه بمثله.

ثمّ إن قُدِّر بمعيار الشرع ، أخذه به. وإن قُدِّر بغيره كما لو باع بمائة رطل من الحنطة ، أخذه بمثله وزناً تحقيقاً للمماثلة.

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما. والثاني : أنّه يأخذه بالكيل(١) .

ولو تعذّر المثل وقت الأخذ ؛ لانقطاعه أو لغيره ، عدل إلى القيمة ، كما في الغصب.

تذنيب : لا يجب على الشفيع دفع ما غرمه المشتري من دلالة واُجرة وزّان ونقّاد وكيل وغير ذلك من المؤن.

مسالة ٧٤٥ : ولو لم يكن الثمن مثليّاً بل مقوَّماً - كالعبد والثوب وشبههما - أخذه الشفيع بقيمة السلعة التي جُعلت ثمناً - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك(٢) - لأنّه أحد نوعي الثمن ، فجاز أن تثبت الشفعة‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

(٢) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٦ ، حلية العلماء ٥ : ٢٩٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١ ، بدائع الصنائع ٥ : ٢٦ ، المعونة ٢ : ١٢٧٦ ، التفريع ٢ : ٣٠٢ ، المغني ٥ : ٥٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٤.

٢٥٨

بالمشتري به ، كالذي له مِثْلٌ.

وقال الشيخرحمه‌الله : تبطل الشفعة(١) - وبه قال الحسن البصري وسوار القاضي(٢) - لما رواه عليّ بن رئاب عن الصادقعليه‌السلام في رجل اشترى داراً برقيق ومتاع وبزّ وجوهر ، قال : « ليس لأحد فيها شفعة »(٣) .

ولأنّ الشفعة إنّما تجب بمثل الذي ابتاعه به ، وهذا لا مثل له ، فلم تجب.

والرواية ضعيفة السند ؛ لأنّ في طريقها الحسن بن محمد بن سماعة وليس منّا.

والمثل قد يكون من طريق الصورة وقد يكون من طريق القيمة ، كما في بدل الإتلاف والغصب.

وتُعتبر القيمة يوم البيع ؛ لأنّه يوم إثبات العوض واستحقاق الشفعة ، فلا اعتبار بالزيادة بعد ذلك ولا النقصان ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال ابن سريج : تُعتبر قيمته يوم استقرار العقد بانقطاع الخيار(٥) .

وقال مالك : الاعتبار بقيمته يوم المحاكمة(٦) .

وليس بجيّد ؛ لما تقدّم من أنّ وقت الاستحقاق وقت العقد‌

____________________

(١) الخلاف ٣ : ٤٣٢ ، المسألة ٧.

(٢) حلية العلماء ٥ : ٢٩٤ ، المغني ٥ : ٥٠٥ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٤.

(٣) التهذيب ٧ : ١٦٧ / ٧٤٠.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٧ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

(٥) حلية العلماء ٥ : ٢٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٧ - ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

(٦) حلية العلماء ٥ : ٢٩٤ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، المغني ٥ : ٥٠٧ ، الشرح الكبير ٥ : ٥٢٤.

٢٥٩

للمشتري. ولأنّ الثمن صار ملكاً للبائع ، فلا تُعتبر زيادته في حقّ المشتري.

ولو اختلفا في القيمة في ذلك الوقت ، قُدّم قول المشتري مع اليمين.

مسالة ٧٤٦ : لو جعل الشقص رأس مال سَلَمٍ ، أخذ الشفيع بمثل الـمُسْلَم فيه إن كان مثليّاً ، وبقيمته إن كان متقوَّماً.

ولو صالح من دَيْنٍ على شقص ، لم تكن له شفعة.

وعند الشافعي يأخذه بمثل ذلك الدَّيْن إن كان مثليّاً ، وبقيمته إن كان متقوَّماً(١) .

ولا فرق بين أن يكون دَيْن إتلافٍ أو دَيْن معاملة.

ولو أمهرها شقصاً ، فلا شفعة عندنا.

وعند الشافعي يأخذ بمهر مثل المرأة ؛ لأنّ البُضْع متقوَّم ، وقيمته مهر المثل. وكذا إذا خالعها على شقص. والاعتبار بمهر مثلها يوم النكاح أو يوم جريان البينونة(٢) .

وخرّج بعض الشافعيّة وجهاً أنّه يأخذه بقيمة الشقص(٣) . والأصل فيه أنّ المرأة إذا وجدت بالصداق عيباً وردّته ، ترجع بقيمته على أحد القولين ، فإذا كان المستحقّ عند الردّ بالعيب بدل المسمّى ، كذا عند الأخذ بالشفعة ، وبه قال مالك(٤) .

ولو متَّع المطلّقة بشقص ، فلا شفعة عندنا.

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٤٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

(٣) في « العزيز شرح الوجيز » : « بقيمته يوم القبض ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٧١.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571