الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق10%

الأمالي شيخ الصدوق مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 780

الأمالي شيخ الصدوق
  • البداية
  • السابق
  • 780 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 467339 / تحميل: 9011
الحجم الحجم الحجم
الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

دعا عباده في الكتاب إلى ذلك(١) بصوت رفيع لم ينقطع(٢) ولم يمنع دعاء عباده ، فلعن الله الذين يكتمون ما أنزل الله ، وكتب على نفسه الرحمة ، فسبقت قبل الغضب ، فتمت(٣) صدقا وعدلا ، فليس يبتدئ العباد بالغضب قبل أن يغضبوه ، وذلك من علم اليقين وعلم التقوى.

وكل أمة قد رفع الله عنهم علم الكتاب حين نبذوه ، وولاهم عدوهم حين تولوه ، وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده ، فهم يروونه ولا يرعونه ، والجهال يعجبهم حفظهم للرواية ، والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية ، وكان(٤) من نبذهم الكتاب أن(٥) ولوه(٦) الذين لايعلمون ، فأوردوهم الهوى ، وأصدروهم(٧) إلى الردى(٨) ، وغيروا عرى الدين ، ثم ورثوه في السفه والصبا(٩) ، فالأمة يصدرون عن أمر الناس بعد أمر الله(١٠) تبارك وتعالى ، وعليه(١١) يردون(١٢) ، بئس(١٣) للظالمين بدلا ،

__________________

(١) في «بن» : «إلى ذلك في الكتاب».

(٢) في الوافي : «الصوت الرفيع الغير المنقطع كناية عن شهرة القرآن وتواتره وبلوغه كل أحد إلى يوم القيامة».

(٣) في «بن» : «وتمت».

(٤) في «جت» : «فكان».

(٥) في «ع» : «إذ».

(٦) في الوافي : «أن ولوا».

(٧) الإصدار : الإرجاع ، يقال : أصدرته فصدر ، أي أرجعته فرجع. الصحاح ، ج ٢ ، ص ٧١٠ (صدر).

(٨) «الردى» : الهلاك ، مصدر ردي يردى ، أي هلك. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٣٥٥ (ردي).

(٩) في شرح المازندراني : «في ، للتأكيد ، كما في قوله تعالى :( ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللهِ مَجْراها ) [هود (١١) : ٤١] ، أو متعلق بالتوريث بتضمين معنى الجعل أو الوضع. والسفه محركة : الجهل والخشونة والطيش وخفة العمل وضد الحلم. والصبا بالكسر من الصبوة ، وهي الميل إلى الجهل وفتوة الجهلة ، وفعله من باب نصر ، وبالفتح : اللعب مع الصبيان ، وفعله من باب علم». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ٣٧٦ (سفه) ؛ لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٤٥٠ (صبا).

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : ثم ورثوه ، أي جعلوه ميراثا يرثه كل سفيه جاهل ، أو صبي غير عاقل».

(١٠) في مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١١٦ : «قولهعليه‌السلام : بعد أمر الله ، أي صدوره ، أو الاطلاع عليه ، أو تركه. والورود والصدور كنايتان عن الإتيان للسؤال والأخذ والرجوع بالقبول».

(١١) في «بف» : «عليه» بدون الواو.

(١٢) في شرح المازندراني : + «أمره».

(١٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني. وفي المطبوع والوافي : «فبئس».

١٤١

ولاية(١) الناس بعد ولاية الله ، وثواب الناس بعد ثواب الله ، ورضا الناس بعد رضا الله ، فأصبحت الأمة كذلك(٢) ، وفيهم المجتهدون في العبادة ، على تلك الضلالة معجبون مفتونون(٣) ، فعبادتهم فتنة(٤) لهم ولمن اقتدى بهم.

وقد كان في الرسل ذكرى(٥) للعابدين ، إن نبيا(٦) من الأنبياء كان يستكمل(٧) الطاعة ، ثم يعصي(٨) الله(٩) ـ تبارك وتعالى ـ في الباب الواحد ، فيخرج(١٠) به من الجنة ، وينبذ به(١١) في بطن الحوت ، ثم لاينجيه(١٢) إلا الاعتراف والتوبة ، فاعرف أشباه الأحبار والرهبان الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه ، فما ربحت تجارتهم ، وما كانوا مهتدين.

ثم اعرف أشباههم من هذه الأمة الذين أقاموا حروف الكتاب وحرفوا حدوده ، فهم مع السادة والكبرة(١٣) ، فإذا تفرقت قادة الأهواء كانوا مع أكثرهم دنيا ، وذلك

__________________

(١) في «م ، بف ، جد» والوافي : «وولاية».

(٢) في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بن» وشرح المازندراني : «لذلك».

(٣) في «ن ، بح ، جد» وحاشية «د» : «مفتنون».

(٤) الفتنة : المحنة والبلية والضلال والإثم. راجع : لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٣١٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٠٤ (فتن).

(٥) في «د ، ع ، ل ، م ، بن ، جد» : «ذكر».

(٦) في «ل ، ن ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» وحاشية «د» والوافي : «النبي».

(٧) في «بف» والوافي : «مستكمل».

(٨) في «بف» والوافي : «عصى».

(٩) في الوافي : «أشار بالنبي من الأنبياء إلى يونس على نبينا وآله وعليه‌السلام ، ولعل عصيانه غضبه على قومه وهربه منهم بغير إذن ربه وأما إطلاق الجنة على الدنيا فلعل الوجه فيه أنه بالإضافة إلى بطن الحوت جنة».

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : ثم يعصي الله ، أي يترك الأولى والأفضل. وإطلاق العصيان عليه مجاز ؛ لكونه في درجة كمالهم بمنزلة العصيان».

(١٠) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوع : «فخرج».

(١١) في «بح ، بف» وحاشية «م» : «وينبذه» بدل «وينبذ به». وفي «جد» : ـ «به».

(١٢) في «بح» وحاشية «م» : «ولا ينجيه».

(١٣) في «ع ، ل ، بح ، بف ، جد» وحاشية «د ، جت» والوافي : «والكثرة». ويقال : هو كبرهم ، بالضم ، وكبرتهم ،

١٤٢

مبلغهم من العلم ، لايزالون كذلك في طبع(١) وطمع(٢) ، لايزال(٣) يسمع(٤) صوت إبليس على ألسنتهم بباطل كثير(٥) ، يصبر(٦) منهم العلماء على الأذى والتعنيف(٧) ، ويعيبون على العلماء بالتكليف ، والعلماء في أنفسهم خانة(٨) إن كتموا النصيحة ، إن رأوا تائها(٩) ضالا لايهدونه أو ميتا لايحيونه ، فبئس(١٠) ما يصنعون ؛ لأن الله ـ تبارك وتعالى ـ أخذ عليهم الميثاق في الكتاب أن يأمروا بالمعروف وبما أمروا به ، وأن ينهوا عما نهوا عنه ، وأن يتعاونوا على البر والتقوى ، ولا يتعاونوا على الإثم والعدوان.

فالعلماء من الجهال في جهد(١١) وجهاد ، إن(١٢) وعظت ، قالوا : طغت(١٣) ، وإن

__________________

بالكسر ، وإكبرتهم ، بكسر الهمزة والباء وفتح الراء مشددة وقد تفتح الهمزة ، وكبرهم وكبرتهم بالضمات مشددتين ، أي أكبرهم في السن والرئاسة ، أو أقعدهم بالنسب ، وهو أن ينتسب إلى جده الأكبر بآباء أقل عددا من باقي عشيرته ، يستوي فيه الواحد والكثير والمؤنث والمذكر. راجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٥١ ؛ تاج العروس ، ج ٧ ، ص ٤٣٠ (كبر).

(١) قال ابن الأثير : «الطبع ـ بالسكون ـ : الختم ، وبالتحريك : الدنس ، وأصله من الوسخ والدنس يغشيان السيف ثم استعمل في ما يشبه ذلك من الأوزار والآثام وغيرهما من المقابح. ومنه الحديث : أعوذ بالله من طمع يهدي إلى طبع ، أي يؤدي إلى شين وعيب ، وكانوا يرون أن الطبع هو الرين». النهاية ، ج ٣ ، ص ١١٢ (طبع).

(٢) في «ع ، ن ، ل ، بح ، بف ، بن ، جد» : «في طمع طبع». وفي شرح المازندراني والوافي والبحار : «في طمع وطبع».

(٣) في «ن ، بف» وشرح المازندراني : «فلا يزال». وفي الوافي : «فلا تزال».

(٤) في «بح ، بف ، جد» والوافي : «تسمع».

(٥) في «ع ، ل» : «كبير».

(٦) في «بح ، جد» : «تصبر». وفي «د» : «يصير».

(٧) في شرح المازندراني عن بعض النسخ : «والتعسف». وفي الوافي : «والتصنيف». والتعنيف : التوبيخ والتقريع واللوم ، ويقال : عنفه ، أي لامه بعنف وشدة ؛ من العنف ، وهو الشدة والمشقة. راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٠٩ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١١٨ (عنف).

(٨) في حاشية «د ، ع ، م ، بح ، جد» : «خونه».

(٩) التائه : المتحير الضال ، والمتكبر. راجع : الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٢٢٩ ؛ النهاية ، ج ١ ، ص ٢٠٣ (تيه).

(١٠) في «م ، بح ، جد» : «فلبئس».

(١١) الجهد بالفتح : المشقة. النهاية ، ج ١ ، ص ٣٢٠ (جهد).

(١٢) في «د ، بح» : «وإن».

(١٣) في «بف» وحاشية «بح» وشرح المازندراني : «طبعت». وفي حاشية اخرى ل «بح» : «طغيت».

١٤٣

علموا(١) الحق الذي تركوا ، قالوا : خالفت ، وإن اعتزلوهم ، قالوا : فارقت ، وإن قالوا : هاتوا برهانكم على ما تحدثون ، قالوا : نافقت(٢) ، وإن(٣) أطاعوهم ، قالوا(٤) : عصت(٥) اللهعزوجل ؛ فهلك جهال فيما لايعلمون ، أميون فيما يتلون ، يصدقون بالكتاب عند التعريف ، ويكذبون به عند التحريف فلا ينكرون(٦) ، أولئك أشباه الأحبار والرهبان ، قادة في الهوى ، سادة في الردى ، وآخرون منهم جلوس بين الضلالة والهدى ، لايعرفون إحدى الطائفتين من الأخرى ، يقولون : ما كان الناس يعرفون هذا ولا يدرون ما هو ، وصدقوا(٧) تركهم(٨) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على البيضاء ليلها من نهارها(٩) ، لم يظهر(١٠) فيهم(١١)

__________________

(١) في «ل ، بح ، جد» وحاشية «د ، م» : «عملوا».

(٢) «نافقت» أي فعل فعل المنافق ، وهو الذي يستركفره ويظهر إيمانه. واحتمل العلامة المازندراني كونه من النفوق بمعنى الموت والهلاك. راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٥٦٠ ؛ النهاية ، ج ٥ ، ص ٩٨ (نفق).

(٣) في «ن» : «فإن».

(٤) في «ع ، ل ، ن ، بف ، بن ، جد» : ـ «قالوا».

(٥) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي حاشية «ن ، بح» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي والمرآة : «عصيت». وفي «بف» : «غضب».

(٦) في شرح المازندراني : «فلا ينكرون ، الظاهر أنه معلوم من الإنكار أو النكر والنكور والنكير ، فعله من باب علم وإنما قلنا : الظاهر ذلك لاحتمال أن يكون مجهولا من الإنكار».

وفي المرآة : «فقوله : يصدقون ويكذبون ، من باب التفعيل على البناء للفاعل ، وقوله : ينكرون ، على البناء للمفعول ، أي لا ينكر تكذيبهم عليهم أحد. ويحتمل العكس بأن يكون الأولان على البناء للمفعول ، والثالث على البناء للفاعل ، أي لا يمكنهم إنكار ذلك ؛ لظهور تحريفهم. وعلى الاحتمال الأول يمكن أن يقرأ الفعلان بالتخفيف أيضا. «والأول أظهر».

(٧) في الوافي : «فصدقوا».

(٨) في «بف» : «مقام». وقرأ العلامة المازندراني كلمة «صدقوا» بالتخفيف متصلا بما قبلها ، وكلمة «تركهم» على سبيل الاستيناف بصيغة الفعل. وذكر العلامة المجلسي وجوها في معنى العبارة على بعضها يقرأ «صدقوا» بالتخفيف ، و «تركهم» بصيغة الفعل.

(٩) «ليلها من نهارها» أي ليلها متميزة من نهارها ، أي ظاهرها من باطنها ، أو جاهلها من عالمها ، أو مجهولها من معلومها ، أو باطلها من حقها.

(١٠) في «د ، ل ، بن» وشرح المازندراني : «لم تظهر». وفي «ن» بالتاء والياء معا.

(١١) في «ل» : «منهم».

١٤٤

بدعة ، ولم يبدل(١) فيهم سنة ، لاخلاف عندهم ولا اختلاف ، فلما غشي الناس ظلمة خطاياهم صاروا إمامين : داع إلى الله تبارك وتعالى ، وداع إلى النار ، فعند ذلك نطق الشيطان ، فعلا صوته على لسان أوليائه ، وكثر خيله ورجله(٢) ، وشارك في المال والولد من أشركه ، فعمل بالبدعة ، وترك الكتاب والسنة ، ونطق أولياء الله بالحجة ، وأخذوا بالكتاب والحكمة ، فتفرق من ذلك اليوم أهل الحق وأهل الباطل ، وتخاذل(٣) وتهادن(٤) أهل الهوى(٥) ، وتعاون(٦) أهل الضلالة حتى كانت(٧) الجماعة مع فلان وأشباهه ، فاعرف هذا الصنف وصنف آخر ، فأبصرهم رأي العين نجباء(٨) ، والزمهم حتى ترد(٩) أهلك ، فإن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ، ألا ذلك هو الخسران المبين».

إلى هاهنا(١٠) رواية الحسين.

__________________

(١) في «د ، ع ، ل ، بن» وشرح المازندراني : «ولم تبدل».

(٢) الرجل : جمع راجل ، وهو من يمشي على رجله ، والرجل : الراجل. الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٧٠٥ (رجل). وقرأ المازندراني بكسر الجيم ، حيث قال في شرحه : «والرجل ككتف : من لا ظهر له يركبه».

(٣) في «بف» : «تجادل». وفي «ع» : «تخادل». والخذل : ترك الإغاثة والعون والنصرة. وقال العلامة المجلسي : «قولهعليه‌السلام : وتخاذل ، أي تركوا نصرة الحق ، وفي بعض النسخ : تخادن ، من الخدن ، وهو الصديق ، وتهادن ، من المهادنة بمعنى المصالحة ، وفي بعض النسخ : وتهاون ، أي عن نصرة الحق ، وهذا أنسب بالتخاذل ، كما أن التهادن أنسب بالتخادن». راجع : الصحاح ، ج ٤ ، ص ١٦٨٣ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ١٦ (خذل) ؛ المصباح المنير ، ص ٦٣٦ (هدن).

(٤) في «م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جت ، جد» وحاشية «د» وشرح المازندراني والوافي : «وتهاون».

(٥) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت. وفي «بف» والمطبوع وشرح المازندراني والوافي : «الهدى».

(٦) في «بف» : «وتهاون».

(٧) في «ن ، بف ، جت» والوافي : + «وهي».

(٨) في «ع ، م ، ن ، بح ، جت» والبحار : «تحيا».

(٩) في شرح المازندراني : «ويمكن أن يكون «ترد» بتشديد الدال ، أي حتى ترد أهلك عن صنف أهل الضلالة إلى أهل الحق ، وهذا أنسب بقوله : فإن الخاسرين ...».

(١٠) في «جت» : «هنا».

١٤٥

وفي رواية محمد بن يحيى زيادة : «لهم علم بالطريق ، فإن كان دونهم بلاء فلا تنظر(١) إليه(٢) ، فإن كان(٣) دونهم عسف(٤) من أهل العسف وخسف(٥) ودونهم بلايا تنقضي(٦) ، ثم تصير إلى رخاء.

ثم اعلم أن إخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض ، ولو لا أن تذهب(٧) بك الظنون عني ، لجليت لك عن أشياء من الحق غطيتها ، ولنشرت لك أشياء من الحق كتمتها ، ولكني أتقيك وأستبقيك ، وليس الحليم(٨) الذي لايتقي أحدا في مكان التقوى(٩) ، والحلم لباس العالم ، فلا تعرين(١٠) منه ؛ والسلام».(١١)

رسالة أيضا منه إليه(١٢)

١٤٨٣٢ / ١٧. محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل بن

__________________

(١) في «بف» والوافي : «فلا ينظر».

(٢) هكذا في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بن» وحاشية «جت» وشرح المازندراني. وفي سائر النسخ والمطبوع : «إليهم». وفي الوافي : «فلا ينظر إليهم ، في بعض النسخ : إليه ، وهو الصواب ، أي فلا ينظر إلى البلاء ؛ لأنه ينقضي ولا يبقى».

(٣) في «د ، ع ، م ، ن ، بح ، بف ، بن ، جد» : ـ «كان». وفي الوافي : «وإن كان».

(٤) قال ابن الأثير : «العسف في الأصل : أن يأخذ المسافر على غير طريق ولا جادة ولا علم ، وقيل : هو ركوب الأمر من غير روية ، فنقل إلى الظلم والجور». النهاية ، ج ٣ ، ص ٢٣٧ (عسف).

(٥) الخسف : النقصان والهوان. النهاية ، ج ٢ ، ص ٣١ (خسف).

(٦) في الوافي : «ينقضي ، جزاء الشرط».

(٧) في «ع ، بف» : «أن يذهب».

(٨) في الوافي : «الحليم خبر «ليس» تقدم على اسمه». وفي شرح المازندراني : «الموصول خبر «ليس» فدل على أن من لم يتق في مكان التقية ليس بحليم متأن في الامور متثبت فيها».

(٩) في المرآة : «قوله : في مكان التقوى ، أي في محل التقية».

(١٠) في الوافي : «فلا يعرين».

(١١) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٨٩ ، ح ٢٥٣٧٦ ؛ البحار ، ج ٧٨ ، ص ٣٥٨ ، ح ٢.

(١٢) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت والمرآة. وفي «بح» والمطبوع : «رسالة منهعليه‌السلام إليه أيضا». وفي شرح

١٤٦

بزيع ، عن عمه حمزة بن بزيع ، قال :

كتب أبو جعفرعليه‌السلام إلى سعيد(١) الخير : «بسم الله الرحمن الرحيم : أما بعد ، فقد جاءني كتابك تذكر فيه(٢) معرفة ما لاينبغي تركه ، وطاعة من رضا الله رضاه ، فقبلت(٣) من ذلك لنفسك ما كانت نفسك مرتهنة ، لو تركته تعجب(٤) أن رضا الله وطاعته ونصيحته لاتقبل ولا توجد ولا تعرف إلا في عباد غرباء أخلاء(٥) من الناس قد اتخذهم(٦) الناس سخريا لما يرمونهم به من المنكرات ، وكان يقال : لايكون المؤمن مؤمنا حتى يكون أبغض إلى الناس من جيفة الحمار.

ولو لا أن يصيبك من البلاء مثل الذي أصابنا ، فتجعل فتنة الناس كعذاب الله ـ وأعيذك بالله وإيانا من ذلك ـ لقربت(٧) على بعد منزلتك.

__________________

المازندراني : «رسالة منه إليه أيضا».

(١) هكذا في «بح». وفي سائر النسخ والمطبوع والوافي والبحار : «سعد». وما أثبتناه هو الصواب ، كما تقدم ذيل ح ١٤٨٣١ ، فلاحظ.

(٢) في الوافي : «المستفاد من قولهعليه‌السلام : تذكر فيه إلى آخره ، أن سعدا ذكر في كتابه أنه عرف كذا ، وأنه قبل منه لنفسه كذا ، وأنه تعجب من كذا بأن يكون إلى قوله : من جيفة الحمار ، من كلام سعد. ويحتمل أن يكون : فعجب ، أو تعجب ، على اختلاف النسختين من كلام الإمامعليه‌السلام ».

(٣) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت والوافي والبحار. وفي المطبوع وشرح المازندراني : «فقلت».

(٤) في «بف» وحاشية «ن ، بح» والوافي والمرآة : «فعجب». وفي حاشية اخرى ل «ن ، بح» والمرآة عن بعض النسخ : «بعجب».

(٥) في المرآة : «الأخلاء : جمع خلو بالكسر ، وهو الخالي عن الشيء ويكون بمعنى المنفرد ، ويقال : أخلى ، إذا انفرد ، أي هم أخلاء من أخلاق الناس وأطوارهم الباطلة ، أو منفردون عن الناس معتزلون عن شرارهم». وراجع : لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ٢٣٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٨١ (خلا).

(٦) في الوافي : «اتخذتهم».

(٧) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : لقربت ، جزاء الشرط ، وهو إما بتشديد الراء على صيغة المتكلم المعلوم ، أي لجعلتك قريبا من الحق مع غاية بعدك عنه ، أو على صيغة المخاطب المجهول ، أو بتخفيف الراء إما بصيغة المتكلم ، أي لقربت إليك ببيان الحق والتصريح به ، أو بصيغة الخطاب ، أي لصرب قريبا بما القي إليك من الحق».

١٤٧

واعلم رحمك الله أنه(١) لاتنال(٢) محبة الله إلا ببغض كثير من الناس ، ولا ولايته إلا بمعاداتهم ، وفوت ذلك قليل يسير لدرك ذلك من الله لقوم يعلمون.

يا أخي(٣) ، إن الله ـعزوجل ـ جعل في كل من الرسل(٤) بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ، ويصبرون معهم على الأذى ، يجيبون داعي الله ، ويدعون إلى الله(٥) ، فأبصرهم رحمك الله ، فإنهم في منزلة رفيعة ، وإن أصابتهم في الدنيا وضيعة(٦) إنهم يحيون بكتاب الله الموتى ، ويبصرون(٧) بنور الله من العمى ، كم من قتيل لإبليس قد أحيوه ، وكم من تائه ضال قد هدوه ، يبذلون دماءهم دون هلكة العباد(٨) ، ما(٩) أحسن أثرهم على العباد ، وأقبح آثار العباد عليهم».(١٠)

١٤٨٣٣ / ١٨. عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي بصير ، قال(١١) :

بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات يوم جالسا(١٢) إذ أقبل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال له(١٣)

__________________

(١) في «د ، ع ، ل ، م ، بح ، بن ، جت ، جد» والبحار : «أنا». وفي حاشية «م ، بح» : «أنك». وفي «بف» وحاشية اخرى ل «بح» : «أن».

(٢) في «د ، ع ، ل ، م ، بح ، بن ، جت ، جد» وحاشية «بح» والبحار : «لا ننال».

(٣) في «د ، ع ، ل ، بف ، بن ، جت ، جد» والوافي : «أيا أخي».

(٤) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : في كل من الرسل ، أي في امة كل من الرسل ، أو لكل منهم بأن يكون «في» بمعنى اللام».

(٥) في حاشية «د ، بح» : + «على بصيرة».

(٦) الوضيعة : الخسارة ، والحطيطة ، أي النازلة والهابطة والساقطة. راجع : النهاية ، ج ٥ ، ص ١٩٨ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٠٣٣ (وضع).

(٧) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي. وفي المطبوع : «ويبصرن».

(٨) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : دون هلكة العباد ، أي عند إشرافهم على الهلاك ؛ لئلا يهلكوا».

(٩) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني. وفي «ن» والمطبوع والوافي : «وما».

(١٠) الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٩٥ ، ح ٢٥٣٧٧ ؛ البحار ، ج ٧٨ ، ص ٣٦٢ ، ح ٣.

(١١) في شرح المازندراني : «الظاهر أنه نقله عن المعصوم وأنه الصادقعليه‌السلام ».

(١٢) في حاشية «بح» والوافي : «جالس».

(١٣) في «د ، ع ، جت» : ـ «له».

١٤٨

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «إن فيك شبها من عيسى ابن مريم(١) ، ولو لا(٢) أن تقول(٣) فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى ابن مريم ، لقلت فيك قولا لاتمر بملإ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك يلتمسون بذلك البركة».

قال : فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدة من قريش معهم ، فقالوا : ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى ابن مريم ، فأنزل الله على نبيه(٤) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال :(٥) ( وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ ) يعني من بني هاشم( مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ ) (٦) .

قَالَ : فَغَضِبَ الْحَارِثُ بْنُ عَمْرٍو الْفِهْرِيُّ ، فَقَالَ : اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ(٧) أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ يَتَوَارَثُونَ هِرَقْلاً(٨) بَعْدَ هِرَقْلٍ(٩) ، فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْهِ مَقَالَةَ الْحَارِثِ ، وَنَزَلَتْ هذِهِ الْآيَةُ( وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (١٠) .

__________________

(١) في المرآة : «قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن فيك شبها من عيسى بن مريمعليه‌السلام ، لزهده وعبادته وافتراق الناس فيه ثلاث فرق».

(٢) في «جت» والبحار : «لولا» بدون الواو.

(٣) في «م» والوافي : «أن يقول». وفي «جت» بالتاء والياء معا.

(٤) في «ن» : «رسوله».

(٥) في «ن» : ـ «فقال».

(٦) الزخرف (٤٣) : ٥٧ ـ ٦٠.

(٧) في شرح المازندراني : «نسبعليه‌السلام هذا القول إلى الحارث وحده ؛ لأنه القائل به حقيقة ، ونسب جل شأنه إليه وإلى شركائه في التهكم والتكذيب والإصرار على الإنكار ، حيث قال : «وإذ قالوا اللهم» باعتبار رضائهم بصدور الفعل عنه ، والراضي بالفعل فاعل مجازا».

(٨) «هرقل» ، كسبحل وزبرج : ملك الروم ، أول من ضرب الدنانير ، وأول من أحدث البيعة. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٤١٣ (هرقل).

(٩) قال العلامة المازندراني : «أي توارث هرقل بعد هرقل ، حذف المفعول المطلق واقيم المضاف إليه مقامه واعرب بإعرابه». وقال العلامة المجلسي : «أي ملكا بعد ملك».

(١٠) الأنفال (٨) : ٣٣.

١٤٩

ثم قال له(١) : «يا ابن(٢) عمرو إما تبت ، وإما رحلت».

فقال : يا محمد ، بل(٣) تجعل لسائر قريش شيئا مما في يديك ، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم.

فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : «ليس ذلك(٤) إلي ، ذلك إلى الله تبارك وتعالى».

فقال : يا محمد ، قلبي ما يتابعني على التوبة ، ولكن أرحل عنك ، فدعا براحلته فركبها ، فلما صار بظهر المدينة أتته جندلة(٥) ، فرضخت(٦) هامته(٧) ، ثم أتى الوحي إلى(٨) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال :( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ (٩) لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ ) (١٠) .

__________________

(١) في البحار : ـ «له».

(٢) في «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بن ، جد» وشرح المازندراني : ـ «ابن». وفي حاشية «ن» : «با».

(٣) في «ع» : ـ «بل».

(٤) في «بف» : «ذاك».

(٥) الجندلة : واحدة الجندل ، وهو الحجارة قدر ما يرمى بالمقذاف ، أو ما يقل الرجل من الحجارة ، أو هو الحجركله. راجع : ترتيب كتاب العين ، ج ١ ، ص ص ٣٢٢ ؛ لسان العرب ، ج ١١ ، ص ١٢٨ (جندل).

(٦) في «د ، م ، بح ، جت» والمرآة والبحار : «فرضت». وفي «بف» : «فوضحت». وفي شرح المازندراني : «فرضحت». والرضخ : الشدخ والكسر والدق والرمي. الصحاح ، ج ١ ، ص ٤٢٢ ؛ النهاية ، ج ٢ ، ص ٢٢٩ (رضخ).

(٧) الهامة : الرأس من كل شيء. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٤٢ (هوم).

(٨) في «ع ، بف» والوافي : ـ «إلى».

(٩) هكذا في معظم النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والمرآة. وفي «جت» وحاشية «م ، بح ، بن» والمطبوع والوافي : + «بولاية علي». وفي الشروح أنه سقط بعد قوله تعالى :( لِلْكافِرينَ ) شيء رواه المصنف في «باب نكت من التنزيل» ، وهو قوله : «بولاية عليعليه‌السلام ».

وقال المحقق الشعراني في هامش شرح المازندراني : «احتمال السقط في القرآن رغم باطل عند أكابر العلماء والمحدثين ، ورد رواية أبي بصير التي في طريقها سليمان الديلمي ـ الذي قيل فيه : إنه كان غاليا كذابا ، وكذلك ابنه الراوي عنه ، كما في الخلاصة والنجاشي ـ أولى من احتمال التحريف في القرآن العظيم ، على أن السورة مكية بالاتفاق ، فالقول بأنها نزلت بعد نصب أمير المؤمنين عليه‌السلام للخلافة قول باطل ، كما لا يخفى ، ونسبته إلى الصادق عليه‌السلام فرية محضة نستجير بالله منها». راجع : رجال النجاشي ، ص ١٨٢ ، الرقم ٤٨٢ ؛ خلاصة الأقوال ، ص ٣٥٠.

(١٠) المعارج (٧٠) : ١ ـ ٣.

١٥٠

قال : قلت : جعلت فداك ، إنا لانقرؤها هكذا ، فقال : «هكذا والله نزل(١) بها جبرئيل على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهكذا هو والله مثبت في مصحف فاطمةعليها‌السلام ».

فقال رسول الله(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله لمن حوله من المنافقين : «انطلقوا إلى صاحبكم ، فقد أتاه ما استفتح به ، قال اللهعزوجل :( وَاسْتَفْتَحُوا (٣) وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ) (٤) ».(٥)

١٤٨٣٤ / ١٩. محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن محمد بن مسلم :

عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله(٦) عزوجل :( ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ ) (٧) قال : «ذاك(٨) والله حين قالت الأنصار : منا أمير ، ومنكم أمير».(٩)

١٤٨٣٥ / ٢٠. وعنه ، عن محمد بن علي(١٠) ، عن ابن مسكان ، عن ميسر :

عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : قلت : قول اللهعزوجل :( وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ) ؟

قال : فقال : «يا ميسر ، إن الأرض كانت فاسدة ، فأصلحها الله ـعزوجل ـ

__________________

(١) في «جت» : «أنزل الله».

(٢) في «م» : «النبي».

(٣) في المرآة : «ظاهر الخبر أن المراد بالاستفتاح استفتاح العذاب».

(٤) إبراهيم (١٤) : ١٥.

(٥) راجع : تفسير فرات الكوفي ، ص ٤٠٥ و ٤٠٦ ، ح ٥٤٣ و ٥٤٤ الوافي ، ج ٣ ، ص ٩٣٢ ، ح ١٦٢١ ؛ وفيه ، ص ٧٣١ ، ح ١٣٤٢ ، إلى قوله : «يلتمسون بذلك البركة» ؛ البحار ، ج ٣٥ ، ص ٣٢٣ ، ح ٢٢.

(٦) في «بح ، جت» وحاشية «د» : «في قول الله».

(٧) الروم (٣٠) : ٤١.

(٨) في «بف» وتفسير القمي : «ذلك».

(٩) تفسير القمي ، ج ٢ ، ص ١٦٠ ، بسنده عن علي بن النعمان الوافي ، ج ٣ ، ص ٩٣٣ ، ح ١٦٢٢ ؛ البحار ، ج ٢٨ ، ص ٢٥٠ ، ح ٣١.

(١٠) لم نجد رواية محمد بن علي عن ابن مسكان ـ وهو عبد الله ـ مع الفحص الأكيد في موضع. فلا يبعد وقوع التحريف في السند ، بأن يكون الأصل فيه هكذا : «وعنه ، عن محمد ، عن علي ، عن ابن مسكان» ، فيتضح أمر السند.

١٥١

بنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال :( وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها ) (١) ».(٢)

خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام

١٤٨٣٦ / ٢١. علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس الهلالي(٣) ، قال :

خطب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم صلى على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم قال :

«ألا(٤) إن أخوف ما أخاف عليكم خلتان(٥) : اتباع الهوى ، وطول الأمل ؛ أما اتباع الهوى فيصد عن الحق ، وأما طول الأمل فينسي الآخرة.

ألا إن(٦) الدنيا قد ترحلت(٧) مدبرة ، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة(٨) ، ولكل

__________________

(١) الأعراف (٧) : ٥٦ و ٨٥.

وفي الوافي : «يعني أن الآية كناية عما أحدثوا بعد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من صرف الأمر عن أهله وتوليته غير أهله».

(٢) تفسير العياشي ، ج ٢ ، ص ١٩ ، ح ٥١ ، عن ميسر الوافي ، ج ٣ ، ص ٩١٠ ، ح ١٥٨٦ ؛ البحار ، ج ٢٨ ، ص ٢٥٠ ، ح ٣٢.

(٣) هكذا في حاشية «بم» والبحار. وفي «د ، ع ، ل ، م ، ن ، بح ، بف ، بم ، بن ، جت ، جد» والمطبوع والوسائل : «إبراهيم بن عثمان عن سليم بن قيس الهلالي».

وقد وردت قطعة من هذه الخطبة الطويلة في الكافي ، ح ١٤٢١ ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سليم بن قيس. وورد هذا الطريق المنتهي إلى سليم في الكافي ، ح ٧٧٥ و ١٣٩١ أيضا. وهذا الطريق طريق سليم لا خدشة فيه ولا اختلال ، كما ظهر ذلك مما قد مناه في الكافي ، ذيل ح ٥٠٤ ، فلا حظ.

(٤) في «ع» : ـ «ألا».

(٥) في حاشية «د ، بح ، جت» : «خصلتان». وفي الكافي ، ح ١٩٠٧ والأمالي للمفيد : «اثنتين». وفي الإرشاد ونهج البلاغة : «اثنان». والخلة : الخصلة. القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٣١٥ (خلل).

(٦) في «م ، بح ، بن» وحاشية «ن» : «وإن».

(٧) الترحل : الانتقال. لسان العرب ، ج ١١ ، ص ٢٧٩ (رحل).

(٨) في نهج البلاغة : «قد ولت حذاء ، فلم يبق منها إلاصبابة كصبابة الإناء اصطبها صابها ، ألا وإن الآخرة قد

١٥٢

واحدة(١) بنون ، فكونوا(٢) من أبناء الآخرة ، ولا تكونوا من أبناء الدنيا(٣) ، فإن اليوم عمل ولا حساب ، وإن غدا حساب ولا عمل ، وإنما بدء وقوع الفتن من أهواء تتبع ، وأحكام تبتدع ، يخالف فيها حكم الله ، يتولى(٤) فيها رجال رجالا.

ألا(٥) إن الحق لو خلص لم يكن اختلاف ، ولو أن الباطل(٦) خلص لم يخف على ذي حجى(٧) ، لكنه يؤخذ من هذا ضغث(٨) ، ومن هذا ضغث ، فيمزجان ، فيجتمعان(٩) ، فيجللان(١٠) معا ، فهنالك(١١) يستولي(١٢) الشيطان على أوليائه ، ونجا الذين سبقت لهم من الله(١٣) الحسنى.

إني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : كيف أنتم إذا لبستكم(١٤) فتنة يربو(١٥) فيها

__________________

أقبلت» بدل «قد ترحلت مدبرة ، وإن الآخرة قد ترحلت مقبلة».

(١) في شرح المازندراني ونهج البلاغة : «ولكل منهما». والبحار والإرشاد : + «منهما».

(٢) في الارشاد : + «إن استطعتم».

(٣) في نهج البلاغة : + «فإن كل ولد سيلحق بأبيه يوم القيامة».

(٤) في حاشية «ن» : «يستولي».

(٥) في «د ، ع ، ل ، ن ، بن» وشرح المازندراني : ـ «ألا».

(٦) في «بن» : «وأن الباطل لو» بدل «ولو أن الباطل».

(٧) الحجى : العقل والفطنة ، والجمع : أحجاء. لسان العرب ، ج ١٤ ، ص ١٦٥ (حجو).

(٨) «الضغث» : قبضة حشيش مختلطة الرطب باليابس. الصحاح ، ج ١ ، ص ٢٨٥ (ضغث).

(٩) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والبحار. وفي المطبوع : ـ «فيجتمعان».

(١٠) في «بن» وحاشية «د» والكافي ، ح ١٦١ : «فيجيئان». وفي حاشية «جت» والمرآة والبحار : «فيجليان». وفي شرح المازندراني : «فيخللان». والتجليل : التغطية ، يقال : جللت الشيء ، إذا غطيته. المصباح المنير ، ص ١٠٦ (جلل).

(١١) في البحار : «فهناك».

(١٢) في الكافي ، ح ١٦١ : «استحوذ».

(١٣) في حاشية «ن ، بح» : «منا» بدل «من الله».

(١٤) في حاشية «ن» : «لبستم». وفي حاشية «بح» وشرح المازندراني : «ألبستم».

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : ولبستم ، كذا في بعض النسخ ، وهو ظاهر ، وفي بعضها : البستم ، على بناء المجهول من الإفعال ، وهو أظهر ، وفي أكثرها : ألبستكم ، فيحتمل المعلوم والمجهول بتكلف إما لفظا وإما معنى».

(١٥) في شرح المازندراني : «يربو فيها الصغير ، أي ينمو ويرتفع ، وهو كناية عن امتداد زمانها ، أو يموت من فزع ؛ من ربا فلان : إذا انتفخ من فزع». وراجع : القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٦٨٧ (ربو).

١٥٣

الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، يجري الناس عليها ويتخذونها سنة ، فإذا(١) غير منها شيء قيل : قد غيرت السنة ، وقد أتى الناس منكرا ، ثم تشتد البلية ، وتسبى الذرية ، وتدقهم(٢) الفتنة كما تدق النار الحطب ، وكما تدق الرحى بثفالها(٣) ، ويتفقهون لغير الله ، ويتعلمون لغير العمل ، ويطلبون الدنيا بأعمال الآخرة».

ثم أقبل بوجهه ـ وحوله ناس من أهل بيته وخاصته وشيعته ـ فقال : «قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، متعمدين لخلافه(٤) ، ناقضين لعهده ، مغيرين لسنته ، ولو حملت الناس على تركها ، وحولتها إلى مواضعها وإلى ما كانت في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لتفرق عني جندي حتى أبقى وحدي ، أو قليل من شيعتي الذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله وسنة رسول الله(٥) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيمعليه‌السلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه(٦) فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٧) ، ورددت فدك(٨) إلى ورثة فاطمةعليه‌السلام (٩) ، ورددت

__________________

(١) في حاشية «بح» : «وإذا».

(٢) الدق : الكسر ، أو أن تضرب الشيء بالشيء حتى تهشمه. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٠٠ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١١٧٣ (دقق).

(٣) في «بح ، جد» وحاشية «م» : «بثقالها». وفي المرآة : «في أكثر النسخ بالقاف ، ولعله تصحيف. والظاهر : الفاء». وقال ابن الأثير : «في حديث عليرضي‌الله‌عنه : وتدقهم الفتن دق الرحى بثفالها ، الثفال بالكسر : جلدة تبسط تحت رحى اليد ليقع عليها الدقيق ، ويسمى الحجر الأسفل ثفالا بها ، والمعنى : أنها تدقهم دق الرحى للحب إذا كانت مثفلة ، ولا تثفل إلاعند الطحن». النهاية ، ج ١ ، ص ٢١٥ (ثفل).

(٤) في «جد» : «بخلافه».

(٥) في «بن» : «رسوله».

(٦) في «ن» : «يوضعه».

(٧) في شرح المازندراني : «مقامهعليه‌السلام كان متصلا بجدار البيت عند الباب ، ثم نقل في الجاهلية إلى الموضع المعروف الآن ، ثم رده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الموضع الأول ، ثم رده الثاني إلى الموضع الثاني». ونحوه في الوافي.

(٨) هكذا في جميع النسخ التي قوبلت وشرح المازندراني والوافي والبحار. وفي المطبوع : «فدكا».

(٩) في شرح المازندراني : «ورددت فدك إلى ورثة فاطمةعليها‌السلام ، دل على أنهعليه‌السلام لم يرد فدكا في خلافته ؛ لإفضائه إلى الفساد والتفرقة ، فلا ترد ما أورده بعض العامة من أن أخذ فدك لو لم يكن حقا لردهعليه‌السلام في خلافته».

١٥٤

صاع(١) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما كان ، وأمضيت قطائع(٢) أقطعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأقوام لم تمض لهم ولم تنفذ ، ورددت دار جعفرعليه‌السلام إلى ورثته(٣) ، وهدمتها من المسجد ، ورددت قضايا من الجور قضي بها(٤) ، ونزعت نساء(٥) تحت رجال بغير حق ، فرددتهن إلى أزواجهن ، واستقبلت بهن الحكم(٦) في الفروج والأحكام ، وسبيت ذراري بني تغلب(٧) ، ورددت

__________________

(١) في شرح المازندراني : «الصاع الذي يكال به ويدور عليه أحكام المسلمين أربعة أمداد بالاتفاق ، وإن اختلفوافي تفسير المد ، كما هو مذكور في الفروع ، وأما صاع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فقد روى الشيخ بطريقين عن سليمان بن حفص المروزي عن أبي الحسنعليه‌السلام والظاهر أنه الهاديعليه‌السلام ، وبطريق آخر عن سماعة أنه خمسة أمداد ، والأول ضعيف ، والثاني موثق ، ولو ثبت ذلك فالأمر مشكل ؛ لأن الظاهر أن الأحكام الصاعية مترتبة على صاعهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا على صاع حدث بعده ، إلا أن يقال : إن الأئمةعليهم‌السلام جوزوا بناءها عليه ؛ والله أعلم». وراجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٦٠ (صوع).

(٢) في شرح المازندراني : «القطائع : جمع القطيعة ، وهي أرض أو دار أقطعها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لبعض الصحابة ليعمروها ويزرعوها ، أو يسكنوها ويستبدوا بها ، والإقطاع يكون تمليكا وغير تمليك ، ولعل هنا المراد الأول». وفي اللغة : القطيعة : طائفة من أرض الخراج ، ويقال : أقطعه قطيعة ، أي أذن له في اقتطاعها ، أي أخذها. راجع : النهاية ، ج ٤ ، ص ٨٢ ؛ لسان العرب ، ج ٨ ، ص ٢٨٠ (قطع).

(٣) في شرح المازندراني : «كأنها غصبت وادخلت في المسجد» ، ونحوه في الوافي. وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «قوله : ورددت دار جعفر إلى ورثته ، هذا جعفر بن أبي طالب اخذت داره قهرا على ورثته بغير رضاهم وجعلت في المسجد ، ولكن نقلوا أن عمر بن الخطاب اشترى نصف دارهم بمائة ألف وجعله في المسجد ، ثم أدخل نصفه الباقي عثمان ، ويبعد كونهم غير راضين بتسليم دارهم للمسجد».

(٤) في الوافي : «وذلك كقضاء عمر بالعول والتعصيب في الإرث ، وكقضائه بقطع السارق من معصم الكف ومفصل ساق الرجل خلافا لما أمر به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من ترك الكف والعقب ، وإنفاذه في الطلاق الثلاث المرسلة ، ومنعه من بيع امهات الأولاد وإن مات الولد وقال : هذا رأي رأيته فأمضاه على الناس ، إلى غير ذلك من قضاياه وقضايا الآخرين».

(٥) في «جت» : + «قريش».

(٦) في «بف» : «بهذا حكم». وفي الوافي : «بهذا الحكم».

(٧) في المرآة : «قولهعليه‌السلام : وسبيت ذراري بني تغلب ؛ لأن عمر رفع عنهم الجزية ، فهم ليسوا بأهل ذمة فيحل سبي ذراريهم ، كما روي عن الرضاعليه‌السلام ».

وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «سبق ما يتعلق ببني تغلب في كتاب الزكاة وذكرنا في حواشيه أن الأمر جار على ما صالح معهم عمر ، ثم إن من الواضح والمعلوم أنه لا يجوز سبي ذراري أهل الذمة بسبب بطلان بعض شروط فاسدة ، ولكن رواية سليم غير حجة ، كما ثبت في محله».

١٥٥

ما قسم من أرض خيبر ، ومحوت دواوين العطايا(١) ، وأعطيت كما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يعطي بالسوية ، ولم أجعلها دولة بين الأغنياء(٢) ، وألقيت المساحة(٣) ، وسويت بين

__________________

(١) في الوافي : «ومحوت دواوين العطايا ، أشار بذلك إلى ما ابتدعه عمر في عهده من وضعه الخراج على أرباب الزراعات والصناعات والتجارات لأهل العلم وأصحاب الولايات والرئاسات والجند ، وجعل ذلك عليهم بمنزلة الزكاة المفروضة ودون دواوين وأثبت فيها أسماء هؤلاء وأسماء هؤلاء وأثبت لكل رجل من الأصناف الأربعة ما يعطى من الخراج الذي وضعه على الأصناف الثلاثة وفضل في الإعطاء بعضهم على بعض ووضع الدواوين على يد شخص سماه صاحب الديوان وأثبت له اجرة من ذلك الخراج ، وعلى هذه البدعة جرت سلاطين الجور وحكامهم إلى الآن ولم يكن شيء من ذلك على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا على عهد أبي بكر ، وإنما الخراج للإمام فيما يختص به من الأراضي خاصة يصنع به ما يشاء كما مضى بيانه في كتاب الزكاة». وراجع : شرح المازندراني ، ج ١١ ، ص ٣٧٣ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١٣٤.

وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي :

«قوله : الخراج على أرباب الزراعات والصناعات والتجارات ، لا أعرف مقصود المصنف ، ولا من أين أخذه ، ولم يذكر ما ذكره المصنف هنا أحد ممن ألف في أحكام الخراج ووصل إلينا أقوالهم ، ولعله حدس وتخمين دعاه إليه حسن ظنه بكتاب سليم واعتقاده صحة جميع ما فيه ، والحق أن تدوين الدواوين وضبط أهل الخراج والأراضي الخراجية ومقادير الزكوات وسائر الارتفاعات وأهل العطاء وتعيين صاحب الديوان وأخذ الخراج من الأراضي المفتوحة عنوة ومساحة الأراضي لذلك ، لم تكن خلاف المشروع ، ولا يجوز أن تعد في مبدعات عمر وإن كانت له بدع كثيرة ، وليست الأراضي المفتوحة عنوة مختصة بالإمام ، بل هي لعامة المسلمين الحاضرين ومن يأتي إلى يوم القيامة كما سبق ، وكذلك بعض ما ذكره المصنف رحمه‌الله بعد ذلك ليس مأخوذا من أصل صحيح ، ومأخذ ما يعتمد عليه ، بل حدس وتخمين ، ومنها قوله : كأنهم عكسوا الأمر بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذلك لأنه لم يرد في التواريخ ولم يذكروا أن الخلفاء قبل أمير المؤمنين سدوا باب بيته عليه‌السلام ولا فتحوا أبواب سائر الأصحاب ، والله العالم ، والحق أنه لا يتيسر لنا توجيه كثير من فقر هذه الرواية بوجه صحيح موافق للواقع ، بحيث لا يخالف اصول المذهب ، وواضع الكتاب أعرف بمراده منها وإن كان ظاهرها منا كير».

(٢) الدولة : هو ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم. وفي الوافي : «يعني أن يتداولوه بينهم ويحرموا الفقراء». وراجع : النهاية ، ج ٢ ، ص ١٤٠ (دول).

(٣) قال الجوهري : «مسح الأرض مساحة ، أي ذرعها». وقال الفيومي : «مسحت الأرض مسحا : ذرعتها ، والاسم : المساحة بالكسر».

وقال العلامة المازندراني : «قوله : وألقيت المساحة ، المقدرة بينهم ، وهي بالكسر : الذرع الذي يقدر به

١٥٦

المناكح(١) ، وأنفذت خمس الرسول(٢) كما أنزل(٣) الله ـعزوجل ـ وفرضه ، ورددت مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ما كان عليه(٤) ، وسددت ما فتح فيه من الأبواب(٥) ، وفتحت ما سد منه ، وحرمت المسح على الخفين ، وحددت على النبيذ(٦) ، وأمرت بإحلال

__________________

الجريب ، وهو أربعة أقفزة ، والقفيز مائة وأربعة وأربعون ذرعا ، فالجريب عندهم خمسمائة وستة وسبعون ذرعا».

وقال العلامة الفيض : «لعل المراد بالمساحة مساحة الأرض للخراج». وقال العلامة المجلسي : «قوله عليه‌السلام : وألقيت المساحة ، إشارة إلى ما عده الخاصة والعامة من بدع عمر أنه قال : ينبغي مكان هذا العشر ونصف العشر دراهم نأخذها من أرباب الأملاك ، فبعث إلى البلدان من مسح على أهلها فألزمهم الخراج ، فأخذ من العراق يوما يليها ما كان أخذه منهم ملوك الفرس على كل جريب درهما واحدا وقفيزا من أصناف الحبوب ، وأخذ من مصرو نواحيها دينارا وإردبا عن مساحة جريب ، كما كان يأخذ منهم ملوك الإسكندرية. وقد روى محيي السنة وغيره من علمائهم عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : منعت العراق درهمها وقفيزها ، ومنعت الشام مدها ودينارها ، ومنعت المصر إردبها ودينارها. والإردب لأهل مصر أربعة وستون منا ، وفسره أكثرهم بأنه قد محا ذلك شريعة الإسلام ، وكان أول بلد مسحه عمر بلد الكوفة ، وتفصيل الكلام في ذكر هذه البدع موكول إلى الكتب المبسوطة التي دونها أصحابنا لذلك ، كالشافي للسيد المرتضى ، وعسى الله أن يوفقنا لبسط الكلام في بدع أهل الكفر والجور في شرح كتاب الحجة».

وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «قوله : «وألقبت المساحة ، كأنه إشارة إلى ما فعل عمر من مساحة أرض العراق وأخذ الخراج منها على المساحة ، وليس ذلك ممنوعا في فقهنا ، ولكن الراوي ؛ أعني واضع الكتاب ، وهو أبان بن أبي عياش ظنها عملا غير مشروح فأدرجه في البدع». راجع : الصحاح ، ج ١ ، ص ٤٠٤ ؛ المصباح المنير ، ص ٥٧٢ (مسح).

(١) في الوافي : «وسويت بين المناكح ، أشار بذلك إلى ما ابتدعه عمر من منعه غير قريش أن يتزوج في قريش ، ومنعه العجم من التزويج في العرب».

(٢) في شرح المازندراني : «وأنفذت خمس الرسول ، كان الأول يملكه ويصرفه في أقاربه ، والثاني يصرفه في المسلمين ويمنع منه آل الرسول».

(٣) في «ل ، م ، بح ، بن ، جد» وحاشية «جت» : «أنزله».

(٤) في الوافي : «يعني أخرجت منه مازادوه فيه».

(٥) في الوافي : «وسددت ما فتح إشارة إلى ما نزل جبرئيلعليه‌السلام من الله سبحانه من أمره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بسد الأبواب من مسجده إلاباب علي ، وكأنهم قد عكسوا الأمر بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٦) في الوافي : «وحرمت المسح على الخفين ، إشارة إلى ما ابتدعه عمر من إجازته المسح على الخفين في الوضوء ثلاثا للمسافر ويوما وليلة للمقيم ، وقد روت عائشة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره. وحددت على النبيذ ، وذلك أنه استحلوه».

١٥٧

المتعتين(١) ، وأمرت بالتكبير على الجنائز خمس تكبيرات(٢) ، وألزمت(٣) الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم(٤) ، وأخرجت من أدخل مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسجده ممن كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أخرجه ، وأدخلت(٥) من أخرج بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ممن كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أدخله(٦) ، وحملت الناس على حكم القرآن وعلى الطلاق على السنة ، وأخذت الصدقات على أصنافها وحدودها(٧) ، ورددت الوضوء والغسل والصلاة إلى مواقيتها وشرائعها ومواضعها(٨) ، ورددت أهل نجران إلى مواضعهم(٩) ، ورددت سبايا

__________________

(١) في الوافي : «وأمرت بإحلال المتعتين ؛ يعني متعة النساء ومتعة الحج ، قال عمر : متعتان كانتا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنا احر مهما واعاقب عليهما : متعة النساء ومتعة الحج».

(٢) في الوافي : «وذلك أنهم جعلوها أربعة».

(٣) في «جت» : «وأمرت».

(٤) في الوافي : «وذلك أنهم يتخافتون بها ، أو يسقطونها في الصلاة». وفي المرآة : «يدل ظاهرا على وجوب الجهر بالبسملة مطلقا ، وإن أمكن حمله على تأكد الاستحباب».

(٥) في «جت» : «فأدخلت».

(٦) في شرح المازندراني : «أدخلوا كثيرا من المنافقين الذين أخرجهم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأدخل فيه الثالث الحكم بن عاص وأولاده وكانوا طريد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأعداءه ، فزوج إحدى بنتيه مروان بن الحكم ، واخراهما حارث بن الحكم وأعطاهم خمس غنائم إفريقية ومن بيت مال المسلمين أموالا جزيلة ورجحهم على أعاظم الصحابة ، وأخرج أباذر إلى الشام ، ثم إلى الربذة ؛ لأنه كان يخطئه ويعد قبائحه على رؤوس الأشهاد». وقيل في معنى العبارة احتمالات اخر ، وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «قوله : وأدخلت من اخرج بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيه إبهام لا يعلم ما أراد وأبان به». راجع : مرآة العقول ، ج ٢٥ ، ص ١٣٥ و ١٣٦.

(٧) في الوافي : «وأخذت الصدقات على أصنافها ، وهي الأجناس التسعة ؛ فإنهم أوجبوها في غيرذلك. وحدودها ، أي نصبها ؛ فإنهم خالفوا فيها وفي سائر أحكامها».

(٨) في الوافي : «وذلك أنهم خالفوا في كثير منها ، كإبداعهم في الوضوء ومسح الاذنين وغسل الرجلين والمسح على العمامة والخفين ، وانتقاضه بملامسة النساء ومس الذكر وأكل ما مسته النار ، وغير ذلك مما لا ينقضه ، وكإبداعهم الوضوء مع غسل الجنابة ، وإسقاط الغسل في التقاء الختانين من غير إنزال ، وإسقاطهم من الأذان «حي على خير العمل» وزيادتهم فيه : «الصلاة خير من النوم» ، وتقديمهم التسليم على التشهد الأول في الصلاة مع أن الفرض من وضعه التحليل منها ، وإبداعهم وضع اليمين على الشمال فيها ، وحملهم الناس على الجماعة في النافلة وعلى صلاة الضحى ، وغير ذلك وأكثرها من مبتدعات عمر».

(٩) في شرح المازندراني : «ورددت أهل نجران إلى مواضعهم ، كأنهم كانوا من أهل الذمة وهم أخرجوها عن

١٥٨

فارس(١) وسائر الأمم إلى كتاب الله وسنة نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا لتفرقوا عني(٢) .

والله لقد أمرت الناس أن لايجتمعوا في شهر رمضان إلا في فريضة ، وأعلمتهم أن اجتماعهم في النوافل بدعة ، فتنادى بعض أهل عسكري ممن يقاتل معي : يا أهل الإسلام ، غيرت سنة عمر ، ينهانا(٣) عن الصلاة في شهر رمضان تطوعا ، ولقد خفت أن يثوروا(٤) في ناحية جانب عسكري ما لقيت من هذه الأمة(٥) من الفرقة وطاعة أئمة

__________________

مواضعهم». وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «قوله : ورددت أهل نجران إلى مواضعهم ، قال المجلسيرحمه‌الله في مرآة العقول : لم أظفر إلى الآن بكيفية إخراجهم وسببه وبمن أخرجهم ، انتهى. أقول : أشرنا إلى ذلك في كتاب الزكاة وذكرنا أن عمر أجلاهم من اليمن إلى أرض العراق ، وفي كتاب الخراج لأبي يوسف القاضي أن عمر خافهم على المسلمين ، وفيه أنهم جاؤوا إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام طلبوا أن يردهم إلى بلادهم فأبى عليعليه‌السلام أن يرد هم». وراجع : فتوح البلدان ، ج ١ ، ص ٧٨.

(١) في شرح المازندراني : «في القاموس : فارس : الفرس ، أو بلادهم ، وفيه ـ أي في قولهعليه‌السلام : ورددت سبايا فارس ـ دلالة على أن تلك السبايا لم تقسم على وجه مشروع ، بل على أنها من حقهعليه‌السلام ؛ لدلالة الأخبار على أن ما أخذه السلطان الجائر من الكفار بالحرب بغير إذن الإمام فهولهعليه‌السلام ».

وفي المرآة : «قوله عليه‌السلام : ورددت سبايا فارس ، لعل المراد الاسترداد ممن اصطفاهم وأخذ زائدا من حظه».

وقال المحقق الشعراني في هامش الوافي : «مراد الراوي غير واضح ، وظني أن أول الخطبة كان من أمير المؤمنين عليه‌السلام ونقلها في نهج البلاغة أيضا ، وأواخر الخطبة مما يزيد فيها في كتاب سليم ، والراجح أن هذا الكتاب موضوع وينسب إلى أبان بن أبي عياش ، والظاهر أنه وضعه لغرض صحيح على لسان سليم بن قيس ؛ لتعليم الحجة ، فهو نظير كتاب الطرائف الذي وضعه السيد ابن طاووس على لسان عبد المحمود النصراني الذي أسلم وتحير في اختيار المذهب ، ولا يبعد أن يتضمن كتاب سليم امورا غير صحيحة اشتبه الأمر فيه على واضع الكتاب ؛ لأنه غير معصوم : وقال العلامة رحمه‌الله : إن الوجه توثيق سليم والتوقف في الفاسد من كتابه». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٧٧١ (فرس).

(٢) في شرح المازندراني : «إذا لتفرقوا عني ، جواب للشرط ، وهو قوله سابقا : أرأيت لو أمرت ، إلى آخره. وفيه دلالة على أن أكثر أصحابه وعساكره كانوا من أهل الخلاف القائلين بخلافة الثلاثة ، ثم أكدعليه‌السلام مضمون الشرط والجزاء فقال : والله لقد أمرت الناس ...».

(٣) في «ع ، ل ، بف ، جد» وحاشية «جت» والوافي : «نهانا».

(٤) في شرح المازندراني : «الثور : الهيجان ، والوثب ، وأثاره وثوره غيره. والناحية : الجانب. وهي على الأول بالإضافة ، وعلى الثاني بالتنوين. و «جانب» مفعول». وراجع : القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٥١٣ (ثور).

(٥) في شرح المازندراني : «مالقيت من هذه الامة ، قال الفاضل الأمين الإسترآبادي : هذا تعليل لـ «خفت»

١٥٩

الضلالة(١) والدعاة إلى النار ؛ وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى(٢) الذي قال اللهعزوجل :( إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ ) (٣) فنحن والله عنى بذي القربى الذي(٤) قرننا الله بنفسه وبرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال :( فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) فينا(٥) خاصة( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ ) في ظلم آل محمد( إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ ) (٦) لمن ظلمهم ، رحمة منه لنا ، وغنى أغنانا الله به ، ووصى به(٧) نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولم يجعل لنا في سهم الصدقة نصيبا ، أكرم الله رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس ، فكذبوا الله وكذبوا رسوله ، وجحدوا كتاب الله الناطق بحقنا ، ومنعونا فرضا فرضه الله لنا ، ما لقي أهل بيت نبي من أمته ما لقينا بعد نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله المستعان على من ظلمنا ، ولا حول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم».(٨)

__________________

ولامه محذوفة والتقدير : لما لقيت». وفي الوافي : «ما لقيت من هذه الامة ، تعجب مما لقي من الأذى». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : ما لقيت من ، كلام مستأنف للتعجب».

(١) في الوافي : «الضلال».

(٢) في شرح المازندراني : «وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى ، الظاهر أنه عطف على «لقيت». وفي الوافي : «وأعطيت من ذلك سهم ذي القربى ، استئناف وعطفه على «أمرت الناس» لا يخلو من حزازة». وفي المرآة : «قولهعليه‌السلام : وأعطيت ، رجوع إلى الكلام السابق ، ولعل التأخير من الرواة».

(٣) الأنفال (٨) : ٤١.

(٤) في «بن» : «الذين».

(٥) في «بف» والوافي : «منا».

(٦) الحشر (٥٩) : ٧.

(٧) في «د ، ع ، ل ، بف» وحاشية «جت» : «بها».

(٨) كتاب سليم بن قيس ، ص ٧١٨ ، ح ١٨ ، إلى قوله : «وأكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس» مع زيادة في أوله. وفي الإرشاد ، ج ١ ، ص ٢٣٥ ؛ والأمالي للمفيد ، ص ٢٠٧ ، المجلس ٢٣ ، ح ٤١ ؛ والأمالي للطوسي ، ص ١١٧ ، المجلس ٤ ، ح ٣٧ ؛ وص ٢٣١ ، المجلس ٩ ، ح ١ ، بسند آخر ، إلى قوله : «وإن غدا حساب ولا عمل» مع اختلاف يسير. وفي الكافي ، كتاب فضل العلم ، باب البدع والرأي والمقاييس ، ح ١٦١ ؛ والمحاسن ، ص ٢٠٨ و ٢١٨ ، كتاب مصابيح الظلم ، ح ٧٤ و ١١٤ ، بسند آخر عن أبي جعفر ، عن أمير المؤمنينعليهما‌السلام ، من قوله : «إنما بدء وقوع الفتن» إلى قوله : «ونجا الذين سبقت لهم من الله الحسنى» مع اختلاف يسير. وفي نهج البلاغة ، ص ٨٣ ، الخطبة ٤٢ ؛ وخصائص الأئمةعليهم‌السلام ، ص ٩٦ ، مرسلا عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، إلى قوله : «وإن غدا

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

٥١٧/١١ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن عبدالله البرقي رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبدالله، عن الحسن بن عليّ ابن فضال، عن إبراهيم بن محمّد الاشعري، عن أبان بن عبد الملك، عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام، قال: إن موسى بن عمران عليه السلام حين أراد أن يفارق الخضر عليه السلام قال له: أوصني، فكان مما أوصاه أن قال له: إياك واللجاجة، أو أن تمشي في غير حاجة، أو أن تضحك من غير عجب، واذكر خطيئتك، وإياك وخطايا الناس(١) .

٥١٨/١٢ - وبهذا الاسناد، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، قال: دعا حذيفة بن اليمان ابنه عند موته، فأوصى إليه، وقال: يا بني، أظهر اليأس مما في أيدي الناس، فإن فيه الغنى، وإياك وطلب الحاجات إلى الناس فإنه فقر حاضر، وكن اليوم خيرا منك أمس، وإذا صليت فصل صلاة مودع للدنيا، كأنك لا ترجع إليها، وإياك وما يعتذر منه(٢) .

٥١٩/١٣ - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله، قال: حدّثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن صفوان بن يحيى، عن العيص بن القاسم، عن عبدالله بن مسكان، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام أنه قال: احبب أخاك المسلم، واحبب له ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك، إذا احتجت فسله، وإذا سألك فأعطه، ولا تدخر عنه خيرا فإنه لا يدخر عنك.

كن له ظهرا فإنه لك ظهر، إن غاب فاحفظه في غيبته، وإن شهد فزره، وأجله وأكرمه فإنه منك وأنت منه، وإن كان عليك عاتبا فلا تفارقه حتى تسل سخيمته(٣) وما

______________

(١) بحار الانوار ١٣: ٢٩٤/٧.

(٢) بحار الانوار ٧٨: ٤٤٧/٨.

(٣) السخيمة: الحقد والضغينة.

٤٠١

في نفسه، وإذا أصابه خير فاحمد الله عليه، وإن ابتلي فاعضده وتمحل له(١) .

٥٢٠/١٤ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبوسعيد الحسن بن عليّ العدوي سنة سبع عشرة وثلاث مائة وهو ابن مائة وسبع سنين، قال: حدّثنا الحسين بن أحمد الطفاوي، قال: حدّثنا قيس بن الربيع، قال: حدّثنا سعد الخفاف، عن عطية العوفي، عن مخدوج بن زيد الذهلي، أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم آخى بين المسلمين، ثم قال: يا علي، أنت أخي، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي. أما علمت - يا علي - أنه أول من يدعى به يوم القيامة يدعى بي، فأقوم عن يمين العرش، فأكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بأبينا إبراهيم عليه السلام فيقوم عن يمين العرش في ظله، فيكسى حلة خضراء من حلل الجنة، ثم يدعى بالنبيين بعضهم على أثر بعض، فيقومون سماطين عن يمين العرش في ظله، ويكسون حللا خضراء من حلل الجنة.

ألا وإني أخبرك - يا علي - أن أمتي أول الامم يحاسبون يوم القيامة، ثم أبشرك - يا علي - أن أول من يدعى يوم القيامة يدعى بك، هذا لقرابتك مني ومنزلتك عندي، فيدفع إليك لوائي، وهو لواء الحمد، فتسير به بين السماطين، وإن آدم وجميع من خلق الله يستظلون بظل لوائي يوم القيامة، وطوله مسيرة ألف سنة، سنانه ياقوتة حمراء، قصبة(٢) فضة بيضاء، زجه(٣) درة خضراء، له ثلاث ذوائب من نور، ذوابة في المشرق، وذؤابة في المغرب، وذؤابة في وسط الدنيا مكتوب عليها ثلاثة أسطر، الاول: بسم الله الرحمن الرحيم، والآخر: الحمد لله رب العالمين، والثالث: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله. طول كل سطر مسيرة ألف سنة، وعرضه مسيرة ألف سنة.

______________

(١) بحار الانوار ٧٤: ٢٢٢/٥، تمحل له: تكلفه وسعى له.

(٢) في نسخة: قضيبه، والقصب: ما كان مستطيلا أجوف من الذهب والفضة ونحوهما.

(٣) الزج: الحديدة في أسفل الرمح.

٤٠٢

فتسير باللواء والحسن عن يمينك، والحسين عن يسارك، حتى تقف بيني وبين إبراهيم في ظل العرش، فتكسي حلة خضراء من حلل الجنة، ثم ينادي مناد من عند العرش: نعم الاب أبوك إبراهيم، ونعم الاخ أخوك علي، ألا وإني ابشرك - يا علي - أنك تدعى إذا دعيت، وتكسى إذا كسيت، وتحيا إذا حييت(١) .

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين

______________

(١) بحار الانوار ٨: ١/١.

٤٠٣

[ ٥٣ ]

المجلس الثالث والخمسون

وهو يوم الجمعة

السادس والعشرين من شهر ربيع الاول سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٥٢١/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن بكران النقاش بالكوفة، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، قال: إن أول ما خلق الله عزّوجلّ ليعرف به خلقه الكتابة حروف المعجم، وإن الرجل إذا ضرب على رأسه بعصا، فزعم أنه لا يفصح ببعض الكلام، فالحكم فيه أن تعرض عليه حروف المعجم، ثم يعطى الدية بقدر ما لم يفصح منها.

ولقد حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن أميرالمؤمنين عليه السلام، في ألف ب ت ث، أنه قال: الالف آلاء الله، والباء بهجة الله، والتاء تمام الامر بقائم آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، والثاء ثواب المؤمنين على أعمالهم الصالحة، ج ح خ فالجيم جمال الله وجلال الله، والحاء حلم الله عن المذنبين، والخاء خمول ذكر أهل المعاصي عند الله عزّوجلّ، د ذ فالدال دين الله، والذال من ذي الجلال والاكرام، ر ز فالراء من الرؤوف الرحيم، والزاي زلازل القيامة، س ش فالسين سناء الله، والشين شاء الله ما شاء وأراد ما أراد، وما تشاؤون إلا أن يشاء الله.

٤٠٤

ص ض فالصاد من صادق الوعد في حمل الناس على الصراط وحبس الظالمين عند المرصاد والضاد ضل من خالف محمّدا وآل محمّد، ط ظ فالطاء طوبى للمؤمنين وحسن مآب، والظاء ظن المؤمنين بالله خيرا وظن الكافرين به سوءا، ع غ فالعين من العالم، والغين من الغني، ف ق فالفاء فوج من أفواج النار، والقاف قرآن على الله جمعه وقرآنه، ك ل فالكاف من الكافي، واللام لغو الكافرين في افترائهم على الله الكذب، م ن فالميم ملك الله يوم لا ملك غيره، ويقول الله عزّوجلّ:( لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ) ثم ينطق أرواح أنبيائه ورسله وحججه فيقولون:( لِلَّـهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) فيقول الله، جل جلاله:( الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّـهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) (١) ، والنون نوال الله للمؤمنين ونكاله بالكافرين، وه فالواو ويل لمن عصى الله، والهاء هان على الله من عصاه، لا ي لام ألف لا إله إلا الله، وهي كلمة الاخلاص، ما من عبد قالها مخلصا إلا وجبت له الجنة، ي يد الله فوق خلقه باسطة بالرزق سبحانه وتعالى عما يشركون.

ثم قال عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى أنزل هذا القرآن بهذه الحروف التي يتداولها جميع العرب، ثم قال:( لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَىٰ أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَـٰذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) (٢) .

٥٢٢/٢ - حدّثنا الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن حمدان القشيري، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى الكلابي، قال حدّثنا موسى ابن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام سنة خمس ومائتين، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول

______________

(١) المؤمن ٤٠: ١٦، ١٧.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ١٢٩/٢٦، التوحيد: ٢٣٢/١، معاني الاخبار: ٤٣/١، بحار الانوار ٢: ٣١٨/٣، والآية من سورة الاسراء ١٧: ٨٨.

٤٠٥

الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من قرأ في دبر صلاة الجمعة بفاتحة الكتاب مرة و( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) سبع مرات، وفاتحة الكتاب مرة و( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) سبع مرات وفاتحة الكتاب مرة و( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) سبع مرات لم تنزل به بلية، ولم تصبه فتنة إلى يوم الجمعة الاخرى، فإن قال: اللهم اجعلني من أهل الجنة التي حشوها بركة وعمارها ملائكة مع نبينا محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وأبينا إبراهيم عليه السلام، جمع الله عزّوجلّ بينه وبين محمّد وإبراهيم في دار السلام (صلّى الله على محمّد وإبراهيم وعلى آلهما الطاهرين)(١) .

٥٢٣/٣ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله وعبدالله بن جعفر الحميري جميعا، عن يعقوب بن يزيد، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي حمزة الثمالي، عن زين العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام، قال: كان في بني إسرائيل رجل ينبش القبور، فاعتل جار له فخاف الموت، فبعث إلى النباش، فقال له: كيف كان جواري لك؟ قال: أحسن جوار. قال: فإن لي إليك حاجة. قال: قضيت حاجتك. قال: فأخرج إليه كفنين، فقال: أحب أن تأخذ أحبهما إليك، وإذا دفنت فلا تنبشني. فامتنع النباش من ذلك، وأبى أن يأخذه، فقال له الرجل: أحب أن تأخذه، فلم يزل به حتى أخذ أحبهما إليه.

ومات الرجل، فلما دفن قال النباش: هذا قد دفن، فما علمه بأني تركت كفنه أو أخذته، لآخذنه، فأتى قبره فنبشه، فسمع صائحا يقول ويصيح به: لا تفعل، ففزع النباش من ذلك، فتركه وترك ما كان عليه، وقال لولده: إي أب كنت لكم؟ قالوا: نعم الاب كنت لنا. قال: فإن لي إليكم حاجة. قالوا: قل ما شئت، فإنا سنصير إليه إن شاء الله. قال: فأحب إذا أنا مت أن تأخذوني فتحرقوني بالنار، فإذا صرت رمادا فدقوني(٢) ، ثم تعمدوا بي ريحا عاصفا، فذروا نصفي في البر، ونصفي في البحر، قالوا: نفعل.

______________

(١) ثواب الاعمال: ٣٨، بحار الانوار ٩٠: ٦٥/٩.

(٢) في نسخة: فدفوني، دف الشئ: نسفه.

٤٠٦

فلما مات فعل به ولده ما أوصاهم به، فلما ذروه قال الله جل جلاله للبر: اجمع ما فيك، وقال للبحر: اجمع ما فيك. فإذا الرجل قائم بين يدي الله جل جلاله. فقال الله عزّوجلّ: ما حملك على ما أوصيت به ولدك أن يفعلوه بك؟ قال: حملني على ذلك - وعزتك - خوفك. فقال الله جل جلاله: فإني سأرضي خصومك وقد آمنت خوفك، وغفرت لك(١) .

٥٢٤/٤ - حدّثنا جعفر بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عبدالله بن المغيرة الكوفي رضي الله عنه، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إذ أعد الرجل كفنه، كان مأجورا كلما نظر إليه(٢) .

٥٢٥/٥ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن علي ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، يسكنها من أمتي من أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام.

فقال علي عليه السلام: يا رسول الله، ومن يطيق هذا من أمتك؟ فقال: يا علي، أو ما تدري ما إطابة الكلام؟ من قال إذا أصبح وأمسى: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، عشر مرات. وإطعام الطعام: نفقة الرجل على عياله، وأما الصلاة بالليل والناس نيام: فمن صلى المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة في المسجد في جماعة، فكأنما أحيا الليل كله، وإفشاء السلام: أن لا يبخل بالسلام على أحد من المسلمين(٣) .

______________

(١) بحار الانوار ٧٠: ٣٧٧/٢٢.

(٢) بحار الانوار ٨١: ٣١٤/١١.

(٣) معاني الاخبار: ٢٥٠/١، بحار الانوار ٦٩: ٣٦٩/٩.

٤٠٧

٥٢٦/٦ - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن الحسن بن الجهم، عن الفضيل بن يسار، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: ما ضعف بدن عما قويت عليه النية(١) .

٥٢٧/٧ - حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانة رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن غالب بن عثمان، عن شعيب العقرقوفي، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: من ملك نفسه إذا رغب، وإذا رهب، وإذا اشتهى، وإذا غضب، وإذا رضي، حرم الله جسده على النار(٢) .

٥٢٨/٨ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن مبارك مولى الرضا، عن الرضا عليّ بن موسى عليهما السلام، قال: لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون فيه ثلاث خصال: سنة من ربه، وسنة من نبيه، وسنة من وليه، فأما السنة من ربه فكتمان سره، قال الله جل جلاله:( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا ، إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ ) (٣) ، وأما السنة من نبيه فمداراة الناس، فإن الله عزّوجلّ أمر نبيه صلّى الله عليه وآله وسلّم بمداراة الناس، فقال:( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) (٤) ، وأما السنة من وليه فالصبر في البأساء والضراء، يقول الله عزّوجلّ:( وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (٥) .

٥٢٩/٩ - حدّثنا أحمد بن هارون الفامي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسين

______________

(١) بحار الانوار ٧٠: ٢٠٥/١٤.

(٢) بحار الانوار ٧١: ٣٥٨/١.

(٣) الجن ٧٢: ٢٦، ٢٧.

(٤) الاعراف ٧: ١٩٩.

(٥) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٥٦/٩، بحار الانوار ٦٧: ٢٨٠/٥، والآية من سورة البقرة ٢: ١٧٧.

٤٠٨

ابن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن داود بن عبد الجبار، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم للحسين عليه السلام: يا حسين، يخرج من صلبك رجل يقال له زيد، يتخطى وهو وأصحابه يوم القيامة رقاب الناس، غرا محجلين يدخلون الجنة بلا حساب(١) .

٥٣٠/١٠ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن رزمة القزويني، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى العلوي الحسيني، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال: حدّثنا حبيب بن أرطاة، عن محمّد بن ذكوان(٢) ، عن عمرو بن خالد، قال: حدثني زيد بن عليّ عليه السلام وهو آخذ بشعره، قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين عليهما السلام وهو آخذ بشعره، قال: حدثني الحسين بن عليّ عليهما السلام وهو آخذ بشعره، قال: حدثني عليّ بن أبي طالب عليه السلام وهو آخذ بشعره، عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو آخذ بشعره، قال: من آذى شعرة مني فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله لعنه الله ملء السماء وملء الارض(٣) .

٥٣١/١١ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي الله عنه، قال: حدثني عمي محمّد بن أبي القاسم، قال: حدثني أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه محمّد بن خالد، عن خلف بن حماد الاسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن عباية ابن ربعي، قال: إن شابا من الانصار كان يأتي عبدالله بن عباس، وكان عبدالله يكرمه ويدنيه، فقيل له: إنك تكرم هذا الشاب وتدنيه، وهو شاب سوء يأتي القبور فينبشها بالليالي! فقال عبدالله بن عباس: إذا كان ذلك فأعلموني.

قال: فخرج الشاب في بعض الليالي يتخلل القبور، فاعلم عبدالله بن عباس

______________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام) ١: ٢٤٩/٢، بحار الانوار ٤٦: ١٧٠/١٩.

(٢) في أمالي الطوسي: أرطاة بن حبيب الاسدي، عن عبيد بن ذكوان.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٥٠/٣، بحار الانوار ٢٧: ٢٠٦/١٣، أمالي الطوسي: ٤٥١/١٠٠٦.

٤٠٩

بذلك، فخرج لينظر ما يكون من أمره، ووقف ناحية ينظر إليه من حيث لا يراه الشاب، قال: فدخل قبرا قد حفر، ثم اضطجع في اللحد، ونادى بأعلى صوته: يا ويحي إذا دخلت لحدي وحدي، ونطقت الارض من تحتي، فقالت: لا مرحبا بك ولا أهلا، قد كنت أبغضك وأنت على ظهري، فكيف وقد صرت في بطني! بل ويحي إذا نظرت إلى الانبياء وقوفا، والملائكة صفوفا، فمن عدلك غدا من يخلصني؟ ومن المظلومين من يستنقذني؟ ومن عذاب النار من يجيرني؟ عصيت من ليس بأهل أن يعصى، عاهدت ربي مرة بعد اخرى فلم يجد عندي صدقا ولا وفاء. وجعل يردد هذا الكلام ويبكي.

فلما خرج من القبر التزمه ابن عباس وعانقه، ثم قال له: نعم النباش، نعم النباش، ما أنبشك للذنوب والخطايا، ثم تفرقا(١) .

٥٣٢/١٢ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد ابن محمّد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمّد، قال: حدّثنا جعفر ابن إسماعيل، عن عبدالله بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن أبيه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين زين العابدين؟ فكأني أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالب يخطر(٢) بين الصفوف(٣)

٥٣٣/١٣ - حدّثنا محمّد بن أحمد السناني رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفي الاسدي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدّثنا عبدالله ابن أحمد، قال: حدّثنا القاسم بن سليمان، عن ثابت بن أبي صفية، عن سعيد بن علاقة، عن أبي سعيد عقيصا، عن سيد الشهداء الحسين بن عليّ بن

______________

(١) بحار الانوار ٦: ١٣٠/٢٤.

(٢) خطر في مشيه: اهتز وتمايل.

(٣) علل الشرائع: ٢٢٩/١، بحار الانوار ٤٦: ٢/١، ٢.

٤١٠

أبي طالب عليهم السلام، عن سيد الاوصياء أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا علي، أنت أخي، وأنا أخوك، أنا المصطفى للنبوة، وأنت المجتبى للامامة، وأنا صاحب التنزيل، وأنت صاحب التأويل، وأنا وأنت أبوا هذه الاُمّة.

يا علي، أنت وصيي وخليفتي، ووزيري ووارثي، وأبو ولدي، شيعتك شيعتي، وأنصارك أنصاري، وأولياؤك أوليائي، وأعداؤك أعدائي.

يا علي، أنت صاحبي على الحوض غدا، وأنت صاحبي في المقام المحمود، وأنت صاحب لوائي في الآخرة، كما أنت صاحب لوائي في الدنيا، لقد سعد من تولاك، وشقي من عاداك، وإن الملائكة لتتقرب إلى الله - تقدس ذكره - بمحبتك وولايتك، والله إن أهل مودتك في السماء لاكثر منهم في الارض.

يا علي، أنت أمين(١) أمتي، وحجة الله عليها بعدي، قولك قولي، وأمرك أمري، وطاعتك طاعتي، وزجرك زجري، ونهيك نهيي، ومعصيتك معصيتي، وحزبك حزبي، وحزبي حزب الله( وَمَن يَتَوَلَّ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّـهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) (٢) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل

______________

(١) في نسخة: أمير.

(٢) بحار الانوار ٣٩: ٩٣/٣، والآية من سورة المائدة ٥: ٥٦.

٤١١

[ ٥٤ ]

المجلس الرابع والخمسون

مجلس يوم الثلاثاء

غرة ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٥٣٤/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن نصر بن عليّ الجهضمي، عن علي ابن جعفر، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من أسبغ وضوءه، وأحسن صلاته، وأدى زكاة ماله، وخزن لسانه، وكف غضبه، واستغفر لذنبه، وأدى النصيحة لاهل بيت رسوله، فقد استكمل حقائق الايمان، وأبواب الجنة مفتحة له(١) .

٥٣٥/٢ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا عبد الصمد بن محمّد، قال: حدّثنا حنان بن سدير، قال: حدّثنا سديف المكي، قال: حدثني محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام وما رأيت محمّديا قط يعدله، قال: حدّثنا جابر بن عبدالله الانصاري، قال: خطبنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقال: أيها الناس، من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يوم القيامة يهوديا. قال: قلت: يا

______________

(١) المحاسن: ١١/٣٢، و: ٢٩٠/٤٣٨، ثواب الاعمال: ٢٦، بحار الانوار ٦٩: ١٦٨/٨، و ٨٠: ٣٠٤/١٠.

٤١٢

رسول الله، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم؟ فقال: وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم(١) .

٥٣٦/٣ - وبهذا الاسناد، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من فارق جماعة المسلمين فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه، قيل: يا رسول الله، وما جماعة المسلمين؟ قال: جماعة أهل الحق وإن قلوا(٢) .

٥٣٧/٤ - حدّثنا محمّد بن عمر الحافظ البغدادي رحمه الله، قال: حدّثنا أحمد ابن موسى، قال: حدّثنا خلف بن سالم، قال: حدّثنا غندر، قال: حدّثنا عوف، عن ميمون أبي عبدالله، عن زيد بن أرقم، قال: كان لنفر من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أبواب شارعة في المسجد، فقال يوما: سدوا هذه الابواب إلا باب علي. فتكلم في ذلك الناس، قال: فقام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإني أمرت بسد هذه الابواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، وإني والله ما سددت شيئا ولا فتحته، ولكني أمرت بشئ فاتبعته(٣) .

٥٣٨/٥ - حدّثنا محمّد بن عمر البغدادي، قال: حدثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عليّ التميمي، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سيدي عليّ بن موسى بن جعفر، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا يحل لاحد أن يجنب في هذا المسجد إلا أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ومن كان من أهلي فإنهم مني(٤) .

٥٣٩/٦ - وبهذا الاسناد، عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:

______________

(١) بحار الانوار ٢٧: ٢١٨/١.

(٢) بحار الانوار ٢٧: ٦٧/١.

(٣) بحار الانوار ٣٩: ١٩/١.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٦٠/٢٣٦، بحار الانوار ٣٩: ٢٠/٢، و ٨١: ٤٨/١٨.

٤١٣

سدوا الابواب الشارعة في المسجد إلا باب علي(١) .

٥٤٠/٧ - حدّثنا أجمد بن محمّد بن إسحاق الدينوري، قال: حدّثنا أبوعبد الرحمن أحمد بن شعيب بن عليّ النسائي بمصر، قال: أخبرني محمّد بن وهب، قال: حدّثنا مسكين بن بكير، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال: أمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأبواب المسجد فسدت إلا باب علي عليه السلام(٢) .

٥٤١/٨ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن إسحاق الدينوري، قال: أخبرني محمّد ابن محمّد بن سليمان الباغندي، قال: حدّثنا محمّد بن عمر، قال: حدّثنا عبدالله بن جعفر، قال: حدّثنا عبيد الله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن العلاء، عن ابن عمر: أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: سدوا الابواب إلى المسجد إلا باب علي(٣) .

٥٤٢/٩ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبوسعيد الحسن بن عليّ العدوي، قال: حدّثنا محمّد بن تميم، عن الحسن بن عبد الرحمن، عن محمّد بن عبد الرحمن، عن الحكم بن عتيبة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وأهلي أحب إليه من أهله، وعترتي أحب إليه من عترته، وذاتي أحب إليه من ذاته. قال: فقال رجل من القوم: يا أبا عبد الرحمن، ما تزال تجئ بالحديث يحيي الله به القلوب(٤) .

٥٤٣/١٠ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن رزمة القزويني، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى العلوي الحسيني، قال: حدّثنا عبدالله بن يحيى، قال: حدّثنا أبوسعيد عباد بن

______________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٦٧/٣٠٢، بحار الانوار ٣٩: ٢٠/٣.

(٢) بحار الانوار ٣٩: ٢٠/٤.

(٣) بحار الانوار ٣٩: ٢٠/٥.

(٤) بحار الانوار ٢٧: ٧٥/٤.

٤١٤

يعقوب، قال: حدّثنا عليّ بن هاشم بن البريد، عن محمّد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن عون بن عبيد الله(١) ، قال: كنت مع محمّد بن عليّ بن الحنفية في فناء داره، فمر به زيد ابن الحسن، فرفع طرفه إليه، ثم قال: ليقتلن من ولد الحسين رجل يقال له زيد بن علي، وليصلبن بالعراق، ومن نظر إلى عورته(٢) فلم ينصره أكبه الله على وجهه في النار(٣) .

٥٤٤/١١ - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن أبي الجارود زياد بن المنذر، قال: إني لجالس عند أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام إذ أقبل زيد بن عليّ عليه السلام، فلما نظر إليه أبوجعفر عليه السلام وهو مقبل، قال: هذا سيد من أهل بيته، والطالب بأوتارهم، لقد أنجبت أم ولدتك يا زيد(٤) .

٥٤٥/١٢ - حدّثنا محمّد بن بكران النقاش رضي الله عنه بالكوفة، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمّد، قال: حدثني أحمد بن رشيد، عن عمه سعيد بن خثيم، عن أبي حمزة الثمالي، قال: حججت فأتيت عليّ بن الحسين عليهما السلام، فقال لي: يا أبا حمزة، ألا أحدثك عن رؤيا رأيتها؟ رأيت كأني ادخلت الجنة، فاوتيت بحوراء لم أر أحسن منها، فبينا أنا متكئ على أريكتي إذ سمعت قائلا يقول: يا عليّ بن الحسين، ليهنئك زيد، يا عليّ بن الحسين ليهنئك زيد، فيهنئك زيد.

قال أبوحمزة: ثم حججت بعده، فأتيت عليّ بن الحسين عليهما السلام فقرعت الباب، ففتح لي فدخلت، فإذا هو حامل زيدا على يده - أو قال حامل غلاما على

______________

(١) في النسخ: محمّد بن عبدالله بن أبي رافع، عن عون بن عبيد الله، تصحيف صحيحه ما أثبتناه، انظر: تهذيب الكمال ٢١: ١٦٤ و ٢٦: ٣٧.

(٢) في نسخة: صورته.

(٣) بحار الانوار ٤٦: ١٧٠/١٦.

(٤) بحار الانوار ٤٦: ١٧٠/١٧.

٤١٥

يده. فقال لي: يا أبا حمزة (هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا)(١) .

٥٤٦/١٣ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن سيابة، قال: دفع إلي أبوعبدالله الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام ألف دينار، وأمرني أن أقسمها في عيال من أصيب مع زيد بن عليّ عليه السلام فقسمتها، فأصاب عبدالله بن الزبير أخا فضيل الرسان أربعة دنانير(٢) .

٥٤٧/١٤ - حدّثنا حمزة بن محمّد العلوي رضي الله عنه، قال: حدثني أبوالقاسم عبد الرحمن بن محمّد بن القاسم الحسني، قال: حدثني أبوحصين محمّد بن الحسين الوادعي القاضي، قال: حدّثنا أحمد بن صبيح، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن ثابت، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، قال: قال لي علي ابن الحسين زين العابدين عليه السلام في قول الله عزّوجلّ( فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ ) (٣) ، قال: العفو من غير عتاب(٤) .

٥٤٨/١٥ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن حمران بن أعين، عن أبي حمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين عليهما السلام، قال: قال سلمان الفارسي رحمه الله: كنت ذات يوم جالسا عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، إذ أقبل عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال له: يا علي، ألا أبشرك؟ قال: بلى يا رسول الله قال: هذا حبيبي جبرئيل يخبرني عن الله جل جلاله أنه قد أعطى محبيك وشيعتك سبع خصال: الرفق عند الموت، والانس عند الوحشة، والنور عند الظلمة، والامن عند الفزع، والقسط عند الميزان والجواز على الصراط، ودخول الجنة قبل سائر الناس من الامم

______________

(١) بحار الانوار ٦١: ٢٤٠/٦، والآية من سورة يوسف ١٢: ١٠٠.

(٢) بحار الانوار ٤٦: ١٧٠/١٨.

(٣) الحجر ١٥: ٨٥.

(٤) معاني الاخبار: ٣٧٣/١، عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩٤/٥٠، بحار الانوار ٧١: ٤٢١/٥٦.

٤١٦

بثمانين عاما(١) .

٥٤٩/١٦ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، قال: حدّثنا أيوب بن نوح، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، قال: حدثني محمّد بن حمران، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: من قال في أخيه المؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه، فهو ممن قال الله عزّوجلّ:( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) (٢) .

٥٥٠/١٧ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدّثنا عبدالله ابن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمن بن سيابة، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: إن من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه، وإن من البهتان أن تقول في أخيك ما ليس فيه(٣) .

٥٥١/١٨ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن عليّ بن النعمان، عن عبدالله بن مسكان، عن داود بن فرقد، عن أبي شيبة الزهري، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، قال: بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين، يطري أخاه شاهدا، ويأكله غائبا، إن أعطى حسده، وإن ابتلي خذله(٤) .

٥٥٢/١٩ - حدّثنا محمّد بن الحسن رضي الله عنه قال: حدّثنا أحمد بن إدريس، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، قال: حدّثنا موسى بن عمر(٥) البغدادي، عن ابن سنان، عن عون بن معين بياع القلانس، عن عبدالله بن أبي يعفور،

______________

(١) بحار الانوار: ٦٨: ٩/٤.

(٢) تفسير القمي ٢: ١٠٠، بحار الانوار ٧٥: ٢٤٨/١٤، والآية من سورة النور ٢٤: ١٩.

(٣) بحار الانوار ٧٥: ٢٤٨/١٥.

(٤) عقاب الاعمال: ٢٦٩، الخصال: ٣٨/٢٠، معاني الاخبار: ١٨٥/١، بحار الانوار ٧٥: ٢٠٢/١.

(٥) في المعاني: موسى بن عمران.

٤١٧

قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام يقول: من لقي الناس بوجه وعابهم بوجه، جاء يوم القيامة وله لسانان من نار(١) .

٥٥٣/٢٠ - حدّثنا محمّد بن عليّ بن بشار رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم القطان، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله الحضرمي، قال: حدّثنا أحمد بن بكر، قال: حدّثنا محمّد بن مصعب، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: طاعة السلطان واجبة، ومن ترك طاعة السلطان فقد ترك طاعة الله عزّوجلّ ودخل في نهيه، إن الله عزّوجلّ يقول:( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) (٢) .

٥٥٤/٢١ - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، قال: حدثني موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهما السلام، عن أبيه إسماعيل، عن أبيه موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال لشيعته: يا معشر الشيعة، لا تذلوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإن كان عادلا فاسألوا الله إبقاءه، وإن كان جائرا فاسألوا الله إصلاحه، فإن صلاحكم في صلاح سلطانكم، وإن السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم، فأحبوا له ما تحبون لانفسكم واكرهوا له ما تكرهون لانفسكم(٣) .

٥٥٥/٢٢ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضي الله عنه، قال: حدّثنا الحسين ابن محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن محمّد بن زياد الازدي، عن إبراهيم ابن زياد الكرخي، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: علامات ولد الزنا ثلاث: سوء المحضر، والحنين إلى الزنا، وبغضنا أهل البيت(٤) .

٥٥٦/٢٣ - وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: من

______________

(١) الخصال: ٣٨/١٩، معاني الاخبار: ١٨٥/٢، بحار الانوار ٧٥: ٢٠٣/٣، ٤.

(٢) بحار الانوار ٧٥: ٣٦٨/١، والآية في سورة البقرة ٢: ١٩٥.

(٣) بحار الانوار ٧٥: ٣٦٩/٢.

(٤) بحار الانوار ٢٧: ١٤٥/٢.

٤١٨

صلى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة، فظنوا به خيرا، وأجيزوا شهادته(١) .

٥٥٧/٢٤ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدقاق رضي الله عنه وعليّ بن عبدالله الوراق جميعا، قالا: حدّثنا محمّد بن هارون الصوفي، قال: حدّثنا أبوتراب عبيد الله ابن موسى الروياني، عن عبد العظيم بن عبدالله الحسني، قال: دخلت على سيدي عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، فلما بصر بي قال لي: مرحبا بك يا أبا القاسم، أنت ولينا حقا. قال: فقلت له: يا بن رسول الله، إني أريد أن أعرض عليك ديني، فإن كان مرضيا ثبت عليه حتى ألقى الله عزّوجلّ. فقال: هات يا أبا القاسم. فقلت: إني أقول أن الله تعالى واحد ليس كمثله شئ، خارج من الحدين: حد الابطال، وحد التشبيه، وإنه ليس بجسم ولا صورة ولا عرض ولا جوهر، بل هو مجسم الاجسام، ومصور الصور، وخالق الاعراض والجواهر، ورب كل شئ ومالكه وخالقه، وجاعله ومحدثه، وإن محمّدا عبده ورسوله خاتم النبيين، فلا نبي بعده إلى يوم القيامة، وأن شريعته خاتمة الشرائع، فلا شريعة بعدها إلى يوم القيامة، وأقول إن الامام والخليفة وولي الامر بعده أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، ثم الحسن، ثم الحسين، ثم عليّ بن الحسين، ثم محمّد بن علي، ثم جعفر بن محمّد، ثم موسى بن جعفر، ثم عليّ بن موسى، ثم محمّد بن علي، ثم أنت يا مولاي.

فقال علي عليه السلام: ومن بعدي الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده؟

قال: فقلت: وكيف ذاك، يا مولاي؟ قال: لانه لا يرى شخصه، ولا يحل ذكره باسمه حتى يخرج فيملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

قال: فقلت: أقررت. وأقول إن وليهم ولي الله، وعدوهم عدو الله، وطاعتهم طاعة الله، ومعصيتهم معصية الله، وأقول إن المعراج حق، والمسألة في القبر حق،

______________

(١) بحار الانوار ٧٠: ٢/٣، و ٨٨: ٣٥ و ١٠٤: ٣١٥/٤.

٤١٩

وإن الجنة حق، والنار حق، والصراط حق، والميزان حق، وإن الساعة آتية لا ريب فيها، وإن الله يبعث من في القبور، وأقول إن الفرائض الواجبة بعد الولاية الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فقال عليّ بن محمّد عليهما السلام، يا أبا القاسم، هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه، ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة(١) .

٥٥٨/٢٥ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، أنه ذكر عنده الغضب، فقال: إن الرجل ليغضب حتى ما يرضى أبدا ويدخل بذلك النار، فأيما رجل غضب وهو قائم فليجلس، فإنه سيذهب عنه رجز الشيطان، وإن كان جالسا فليقم، وأيما رجل غضب على ذي رحمه فليقم إليه وليدن منه وليمسه، فإن الرحم إذا مست الرحم سكنت(٢) .

٥٥٩/٢٦ - حدّثنا أبي، رضي الله عنه، قال: حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن مثنى، عن ليث بن أبي سليم، قال: سمعت رجلا من الانصار يقول: بينما رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم مستظل بظل شجرة في يوم شديد الحر، إذ جاء رجل فنزع ثيابه، ثم جعل يتمرغ في الرمضاء، يكوي ظهره مرة، وبطنه مرة، وجبهته مرة، ويقول: يا نفس ذوقي، فما عند الله عزّوجلّ أعظم مما صنعت بك، ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ينظر إلى ما يصنع.

ثم إن الرجل لبس ثيابه ثم أقبل، فأومأ إليه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بيده ودعاه، فقال له: يا عبدالله، لقد رأيتك صنعت شيئا ما رأيت أحدا من الناس صنعه، فما حملك

______________

(١) كفاية الاثر: ٢٨٢، كمال الدين وتمام النعمة: ٣٧٩/١، بحار الانوار ٣٦: ٤١٢/٢ و ٦٩: ١/١.

(٢) بحار الانوار ٧٣: ٢٦٤/٩، و: ٢٧٢.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780