الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق7%

الأمالي شيخ الصدوق مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 780

الأمالي شيخ الصدوق
  • البداية
  • السابق
  • 780 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 465732 / تحميل: 8990
الحجم الحجم الحجم
الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

- وكرهه ابن عمر والحسن البصري والزهري ومالك وأبو حنيفة(١) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يفعله ، فلا يجوز فعله ؛ لقولهعليه‌السلام : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٢) .

ولأنّها فريضة ذات عدد ، فلا تجوز الزيادة عليه ، كالصلاة.

ولأنّ الكاظمعليه‌السلام سُئل عن الرجل يطوف يُقرن بين اُسبوعين ، فقال : « لا تقرن بين اُسبوعين ، كلّما طَفْتَ أسبوعاً فصلّ ركعتين »(٣) .

وقال عطاء وطاوُس وسعيد بن جبير وأحمد وإسحاق : لا بأس به ؛ لأنّ عائشة فَعَلته(٤) .

ولا حجّة فيه. ويحتمل أن يكون قد فَعَلَتْه في الندب.

إذا عرفت هذا ، فيجوز القران بين الطوافين في النافلة ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إنّما يكره أن يجمع الرجل بين السبوعين والطوافين في الفريضة ، فأمّا في النافلة فلا »(٥) .

وإذا جمع بين طوافين ، استحبّ أن ينصرف على وتر ، فلا ينصرف على اُسبوعين ولا على أربعة ولا على ستّة وهكذا ، بل على خمسة أو ثلاثة(٦) وهكذا ؛ لأنّ الباقرعليه‌السلام كان يكره أن ينصرف في الطواف إلّا على‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٤٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٥ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٤٠٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٨٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٥٠.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٣) الكافي ٤ : ٤١٨ - ٤١٩ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١١٥ / ٣٧٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٠ - ٢٢١ / ٧٥٩.

(٤) المغني ٣ : ٤٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٥.

(٥) الكافي ٤ : ٤١٨ / ١ ، التهذيب ٥ : ١١٥ / ٣٧٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٠ / ٧٥٧ ، وفيها : « فلا بأس».

(٦) كذا ، والأنسب : بل على ثلاثة أو خمسة.

١٢١

وتر من طوافه(١) .

مسألة ٤٨٤ : لو شكّ هل طاف سبعة أو ثمانية ، قطع ولا شي‌ء عليه ؛ لأنّه يتيقّن حصول السبع.

ولأنّ الحلبي سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر سبعة طاف أو ثمانية ، فقال : « أمّا السبع فقد استيقن ، وإنّما وقع وهمه على الثامن فليصلّ ركعتين »(٢) .

ولو شكّ فلم يدر ستّة طاف أو سبعة أو ثمانية ، فإن كان طواف الفريضة ، أعاد ؛ لأنّه لم يتيقّن حصول السبعة.

ولو طاف أقلّ من سبعة ناسياً ، عاد ، وتمّم طوافه إن كان قد طاف أربعة أشواط ، وإن كان قد طاف دونها ، أعاد من أوّله.

ولو لم يذكر حتى رجع إلى أهله ، أمر مَنْ يطوف عنه سبعة أشواط إن كان قد طاف أقلّ من أربعة ، وإن كان قد طاف أربعة ، تمّمه.

وكذا لو أحدث في طواف الفريضة ، فإن كان قد جاوز النصف ، تطهّر وبنى ، وإن لم يبلغه ، استأنف.

ولو طاف وعلى ثوبه نجاسة عامداً ، أعاد ، ولو كان ناسياً وذكر في أثناء الطواف ، قَطَعه وأزال النجاسة أو نزع الثوب وتمّم طوافه ، ولو لم يذكر حتى فرغ منه ، نزع الثوب أو غسله وصلّى الركعتين ؛ لأنّ يونس بن يعقوب سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف ، قال : « ينظر الموضع الذي يرى فيه الدم فيعرفه ثم يخرج فيغسله ثم يعود فيتمّ طوافه »(٣) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١١٦ / ٣٧٧.

(٢) التهذيب ٥ : ١١٤ / ٣٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٠ / ٧٥٦.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٦ / ٤١٥.

١٢٢

تذنيب : ولو تحلّل من إحرام العمرة ثم أحرم بالحجّ وطاف وسعى له‌ ثم ذكر أنّه طاف مُحدثاً أحد الطوافين ولم يعلم هل هو طواف عمرة التمتّع أو طواف الحجّ ، قيل : يطوف للحجّ ويسعى له ثم يعتمر بعد ذلك عمرةً مفردة ، ويصير حجّة مفردة ؛ لاحتمال أن يكون في طواف العمرة فيبطل وقد فات وقتها ، وأن يكون للحجّ ، فيعيد ، فلهذا أوجبنا عليه إعادة طواف الحجّ وسعيه والإتيان بعمرة مفردة بعد الحجّ ؛ لبطلان متعته ، قاله بعض العامّة.

والوجه : أنّه يعيد الطوافين ؛ لأنّ العمرة لا تبطل بفوات الطواف.

مسألة ٤٨٥ : المريض لا يسقط عنه الطواف ، فإن تمكّن من الطواف بطهارة ، طيف به إذا لم يتمكّن من المشي أو الركوب ، وإن لم يتمكّن ، انتظر به يوم أو يومان وأزيد مع السعة ، فإن برأ ، طاف بنفسه ، وإلّا طيف عنه ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام طيف به في محمل وهو شديد المرض(١) .

وسأل إسحاقُ بن عمّار - في الصحيح - الكاظمعليه‌السلام : عن المريض يطاف عنه بالكعبة ، قال : « لا ، ولكن يطاف به »(٢) .

وفي الصحيح عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « المريض المغلوب والمغمى عليه يُرمى عنه ويُطاف به»(٣) .

ولقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى عنهما»(٤) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢٢ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٢٢ / ٣٩٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٣ / ٣٩٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٥ / ٧٧٥.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٣ / ٤٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٥ / ٧٧٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٢٢ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٢٤ / ٤٠٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٦ / ٧٨٠.

١٢٣

وهذا محمول على أنّ الكسير لا يستمسك الطهارة ، ولو كان يستمسك ، طيف به ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « الكسير يُحمل فيطاف به ، والمبطون يُرمى ويُطاف عنه ويُصلّى عنه »(١) .

ولو مرض في الأثناء ، فإن تمكّن من الإتمام ، أتمّه ، وإلّا انتظر إلى البرء ثم يُتمّه إن كان قد تجاوز النصف ، وإلّا استأنف. هذا مع سعة الوقت ، فإن ضاق ، طيف به.

مسألة ٤٨٦ : لو حمل مُحرمٌ مُحْرماً وطاف به ونوى كلّ واحد منهما الطواف ، أجزأ عنهما‌ - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لحصول الطواف من كلّ واحد منهما.

ولأنّ حفص بن البختري سأل الصادقَعليه‌السلام : في المرأة تطوف بالصبي وتسعى به هل يجزئ ذلك عنها وعن الصبي؟ فقال : « نعم »(٣) .

وللشافعي قولان : أحدهما : أنّه يجزئ عن المحمول. والثاني : أنّه يجزئ عن الحامل دون المحمول؛ لأنّه فعل واحد ، فإذا وقع عن الحامل لم يقع عن المحمول ؛ لأنّ الفعل الواحد لا يقع عن اثنين(٤) .

ونمنع اتّحاد الفعل ؛ لأنّ اختلاف السبب وتغاير الأمكنة ثابت في حقّ كلّ واحد منهما ، لكن لأحدهما بالذات وليس شرطاً ؛ لأنّه وافقنا على جواز‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٢٥ / ٤٠٩.

(٢) المغني ٣ : ٢١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المجموع ٨ : ٢٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٢.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢٩ / ١٣ ، التهذيب ٥ : ١٢٥ / ٤١١.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٩ ، المجموع ٨ : ٢٨ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٦٤ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٢ - ١٥٣ ، المغني ٣ : ٢١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٦.

١٢٤

الركوب(١) .

وينتقض بالواقف بعرفة إذا حمل غيره ؛ فإنّه وافقنا على تجويزه(٢) .

مسألة ٤٨٧ : يجوز الكلام بالمباح في الطواف إجماعاً ؛ لما رواه العامّة من قولهعليه‌السلام : (الطواف بالبيت صلاة إلّا أنّكم تتكلّمون فيه )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية علي بن يقطين - في الصحيح - عن الرضاعليه‌السلام ، قال : سألته عن الكلام في الطواف وإنشاد الشعر والضحك في الفريضة أو غير الفريضة أيستقيم ذلك؟ قال : « لا بأس به »(٤) .

ويستحب قراءة القرآن في الطواف ولا يكره عند علمائنا - وبه قال عطاء ومجاهد والثوري وابن المبارك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي(٥) - لما رواه العامّة أنّ عائشة روت أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول في طوافه :( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ ) (٦) (٧) وهو من القرآن.

ومن طريق الخاصّة : قول الجوادعليه‌السلام : « وطواف الفريضة لا ينبغي أن تتكلّم فيه إلّا بالدعاء وذكر الله وقراءة القرآن »(٨) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٥١ ، فتح العزيز ٧ : ٣١٥ ، المجموع ٨ : ٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المغني ٣ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٤.

(٢) لم نجده في مظانّه.

(٣) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٩٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٠٩ نقلاً عن الترمذي والأثرم ، وفي سنن الترمذي ٣ : ٢٩٣ / ٩٦٠ بتفاوت.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢٧ / ٤١٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٧ / ٧٨٤.

(٥) المغني ٣ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٧ : ٣٢٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٢ ، المجموع ٨ : ٤٤ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٣١.

(٦) البقرة : ٢٠١.

(٧) المغني ٣ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١.

(٨) التهذيب ٥ : ١٢٧ / ٤١٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٧ / ٧٨٥.

١٢٥

وقال مالك : إنّها مكروهة. وهو مروي عن عروة والحسن(١) .

وعن أحمد روايتان(٢) .

ويستحب الدعاء في أثناء الطواف والإكثار من ذكر الله تعالى.

ويجوز له الشرب في الطواف ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شرب في الطواف(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية يونس بن يعقوب عن الصادقعليه‌السلام : هل نشرب ونحن في الطواف؟ قال : « نعم »(٤) .

تذنيب : قال الشيخ في الخلاف : الأفضل أن يقال : طواف وطوافان وثلاثة أطواف ، وإن قال : شوطاً وشوطين وثلاثة أشواط ، جاز. وقال الشافعي : أكره ذكر الشوط. وبه قال مجاهد(٥) .

مسألة ٤٨٨ : لا يجوز الطواف وعلى الطائف بُرْطُلَّة(٦) في طواف العمرة ؛ لاشتماله على تغطية الرأس وهو مُحْرم ، أمّا في طواف الحجّ فإنّه مكروه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تطوفنّ بالبيت وعليك بُرْطُلَّة »(٧) .

وقال الصادقعليه‌السلام ليزيد بن خليفة : « قد رأيتك تطوف حول الكعبة‌

____________________

(١) المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٩٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٤٣ ، المغني ٣ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١.

(٢) المغني ٣ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١٤٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٨٥.

(٤) الكافي ٤ : ٤٢٩ / ١٥ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ / ٤٤٤.

(٥) الخلاف ٢ : ٣٢٢ ، المسألة ١٢٨ ، وانظر : الاُم ٢ : ١٧٦ ، والمجموع ٨ : ٤١ و ٥٥ ، والمنتقى - للباجي - ٢ : ٢٨٥.

(٦) البُرْطُلَّة : قلنسوة. لسان العرب ١١ : ٥١. « برطل ».

(٧) الكافي ٤ : ٤٢٧ / ٤ ، التهذيب ٥ : ١٣٤ / ٤٤٢.

١٢٦

وعليك بُرْطُلَّة ، لا تلبسها حول الكعبة فإنّها من زيّ اليهود »(١) .

والشيخ -رحمه‌الله - أطلق المنع(٢) ، والتفصيل الذي ذكرناه أجود.

مسألة ٤٨٩ : مَنْ نذر أن يطوف على أربع ، قال : الشيخرحمه‌الله : يجب عليه طوافان : اُسبوع ليديه ، واُسبوع لرجليه(٣) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في امرأة نذرت أن تطوف على أربع ، قال : تطوف اُسبوعاً ليديها واُسبوعاً لرجليها »(٤) .

وفي الطريق ضعف.

وقال ابن إدريس : يبطل النذر ؛ لأنّه غير مشروع ، فلا ينعقد(٥) . وهو حسن.

مسألة ٤٩٠ : طواف الحجّ ركن فيه ، وهو واجب بالإجماع.

قال الله تعالى :( وَلْيَطَّوَّفُوا ) (٦) .

قال ابن عبد البرّ : أجمع العلماء على أنّ هذه الآية فيه(٧) .

وما رواه العامّة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال عن صفيّة لمـّا حاضت : ( أحابستنا هي؟ ) قالوا : يا رسول الله إنّها قد أفاضت يوم النحر ، قال : ( اخرجوا )(٨) فدلّ على وجوب الطواف ، وأنّه حابس لمن لم يأت به.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « على المتمتّع بالعمرة إلى‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٣٤ / ٤٤٣.

(٢) النهاية : ٢٤٢ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٥٩.

(٣) النهاية : ٢٤٢ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٠ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ ذيل الحديث ٤٤٥.

(٤) التهذيب ٥ : ١٣٥ / ٤٤٦ ، والكافي ٤ : ٤٣٠ / ١٨.

(٥) السرائر : ١٣٥.

(٦) الحجّ : ٢٩.

(٧ و ٨ ) المغني ٣ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٥.

١٢٧

الحجّ ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة »(١) .

ولأنّه أحد النسكين ، فكان الطواف فيه ركناً ، كالعمرة.

إذا عرفت هذا ، فإن أخلّ به عامداً ، بطل حجّه ، وإن أخلّ به ناسياً ، وجب عليه أن يعود ويقضيه ، فإن لم يتمكّن ، استناب فيه.

وقال الشافعي : إن كان قد طاف طواف الوداع ، أجزأ عنه ، وإلّا وجب عليه الرجوع ، ولا تحلّ له النساء حتى يطوفه وإن طال زمانه وخرج وقته(٢) .

إذا ثبت هذا ، فلو نسي طواف النساء ، لم تحلّ له النساء حتى يزور البيت ويأتي به ، ويجوز له أن يستنيب فيه ؛ لما رواه معاوية بن عمّار - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله ، قال : « لا تحلّ له النساء حتى يزور البيت » وقال : « يأمر أن يقضى عنه إن لم يحجّ ، فإن توفّي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليّه أو غيره »(٣) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٢٩٥ ( باب ما على المتمتّع من الطواف ) الحديث ١ ، التهذيب ٥ : ٣٥ / ١٠٤.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٣٨١ - ٣٨٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٩٢ ، المجموع ٨ : ٢٢٠.

(٣) الكافي ٤ : ٥١٣ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٢٨ / ٤٢٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٩.

١٢٨

١٢٩

الفصل الرابع

في السعي والتقصير‌

وفيه مباحث :

الأوّل : في مقدّماته ، وهي عشرة(١) كلّها مندوبة :

الأوّل : الطهارة ، وهي مستحبّة في السعي غير واجبة ، عند علمائنا - وهو قول عامّة العلماء(٢) - للأصل.

ولما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعائشة حين حاضت : ( اقضي ما يقضي الحاجّ غير أن لا تطوفي بالبيت )(٣) .

وعن عائشة واُمّ سلمة قالتا : إذا طافت المرأة بالبيت وصلّت ركعتين ثم حاضت فلتطف بالصفا والمروة(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « لا بأس أن تقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلّا الطواف ، فإنّ فيه صلاة ، والوضوء أفضل »(٥) .

الثاني : استلام الحجر الأسود قبل السعي‌ إذا صلّى ركعتي الطواف‌

____________________

(١) عدّد المصنّف –قدس‌سره - منها هنا ستّة اُمور.

(٢) المغني ٣ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٠ - ٤٢١.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٨١ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٧٣ / ١١٩ ، سنن النسائي ١ : ١٨٠ ، مسند أحمد ٦ : ٣٩ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٢٠١ ، المغني ٣ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢١.

(٤) المغني ٣ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢١ نقلاً عن الأثرم.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٤ / ٥٠٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٤١ / ٨٤١.

١٣٠

إجماعاً ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فَعَل ذلك(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « فإذا فرغت من الركعتين فائت الحجر الأسود فقبِّلْه واستلمه أو(٢) أشر إليه فإنّه لا بدّ من ذلك »(٣) .

الثالث : الشرب من ماء زمزم وصبّ الماء على الجسد من الدلو المقابل للحجر الأسود ، والدعاء ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إذا فرغ الرجل من طوافه وصلّى ركعتين فليأت زمزم فيستقي منه ذَنُوباً أو ذنوبين فليشرب منه وليصبّ على رأسه وظهره وبطنه ، ويقول حين يشرب : اللهم اجعله علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاءً من كلّ داء وسقم ، ثم يعود إلى الحجر الأسود »(٤) .

وعن الصادق والكاظمعليهما‌السلام - في الصحيح - : « وليكن ذلك من الدلو الذي بحذاء الحجر »(٥) .

الرابع : الخروج إلى الصفا من الباب المقابل للحجر الأسود بالسكينة والوقار‌ ، ولا نعلم فيه خلافاً.

روى الشيخ - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : « ثم اخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي ، وعليك السكينة والوقار »(٦) .

الخامس : الصعود على الصفا إجماعاً ، إلّا مَنْ شذّ ذهب إلى وجوبه ؛

____________________

(١) سنن النسائي ٥ : ٢٢٨ - ٢٢٩.

(٢) في النسخ الخطية والحجرية : و. وما أثبتناه من المصدر.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٠ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٤ / ٤٧٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٠ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٤٤ / ٤٧٧.

(٥) التهذيب ٥ : ١٤٥ / ٤٧٨.

(٦) التهذيب ٥ : ١٤٦ / ٤٨١.

١٣١

فإنّه لا يصحّ السعي حتى يصعد إلى الصفا والمروة بقدر ما يستوفي السعي بينهما ؛ لأنّه لا يمكنه استيفاء ما بينهما إلّا بذلك ، فيجب كوجوب غسل جزء من الرأس وصيام جزء من الليل(١) .

وهو خطأ ؛ لأنّه يمكنه الاستيفاء بأن يجعل عقبه ملاصقاً للصفا وأصابع رجليه ملاصقةً للمروة وبالعكس في الرجوع.

واستحبابه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « فاصعد الصفا حتى تنظر إلى البيت ، وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود ، فاحمد الله وأثن عليه »(٢) الحديث.

السادس : حمد الله على الصفا والثناء عليه واستقبال الكعبة ورفع يديه والدعاء وإطالة الوقوف على الصفا‌ ، لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « واحمد الله وأثن عليه واذكر من آلائه وبلائه وحسن ما صنع إليك »(٣) الحديث.

قال الصادقعليه‌السلام : « وإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقف على الصفا بقدر ما يقرأ سورة البقرة مترسّلاً »(٤) .

وعن علي بن النعمان - رفعه - قال : « كان أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا صعد الصفا استقبل الكعبة ثم يرفع يديه ثم يقول »(٥) وذكر الدعاء.

وقال الصادقعليه‌السلام : « إذا أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا »(٦) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٥ ، المجموع ٨ : ٦٤ - ٦٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٦.

(٢ و ٣ ) الكافي ٤ : ٤٣١ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٦ / ٤٨١.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٢ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٦ / ٤٨١.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٤٧ / ٤٨٢.

(٦) التهذيب ٥ : ١٤٧ / ٤٨٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٨ / ٨٢٧.

١٣٢

ولو لم يتمكّن من إطالة الوقوف والدعاء بالمنقول ، دعا بما تيسّر.

قال بعض أصحابنا : كنت في قفاء الكاظمعليه‌السلام على الصفا أو على المروة وهو لا يزيد على حرفين : « اللّهم إنّي أسألك حسن الظنّ بك على كلّ حال ، وصدق النيّة في التوكّل عليك »(١) .

البحث الثاني : في الكيفية.

مسألة ٤٩١ : يجب في السعي النيّة ؛ لأنّه عبادة‌ وقد قال الله تعالى :( وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) .

ولقولهعليه‌السلام : ( لا عمل إلّا بنيّة )(٣) .

وهي شرط فيه يبطل السعي بالإخلال بها عمداً وسهواً.

ويجب فيها تعيين الفعل وأنّه سعي عمرة متمتّع بها أو مفردة أو سعي الحجّ الواجب أو الندب ، حجّة الإسلام أو غيرها ، والتقرّب إلى الله تعالى.

مسألة ٤٩٢ : يجب فيه الترتيب بأن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة‌ إجماعاً - إلّا من أبي حنيفة(٤) - لما رواه العامّة عن جعفر الصادقعليه‌السلام عن جابر في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وبدأ بالصفا ، وقال : ( ابدؤوا بما بدأ الله تعالى به )(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٣٣ / ٩ ، التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٨ / ٨٢٨.

(٢) البيّنة : ٥.

(٣) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٣.

(٤) بدائع الصنائع ٢ : ١٣٤ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٧ ، المجموع ٨ : ٧٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٦.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٨ ، وبتفاوت يسير في صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، وسنن الترمذي ٣ : ٢١٦ / ٨٦٢ ، وسنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، وسنن الدار قطني ٣ : ٢٥٤ / ٨١ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ / ٣٠٧٤ ، وسنن البيهقي ٥ : ٩٣.

١٣٣

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين فرغ من طوافه وركعتيه قال : ابدؤوا بما بدأ الله به ، إنّ الله عزّ وجلّ يقول :( إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ) (١) »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « تبدأ بالصفا وتختم بالمروة »(٣) .

مسألة ٤٩٣ : يجب أن يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط‌ يحتسب ذهابه من الصفا إلى المروة شوطاً وعوده من المروة إلى الصفا آخر ، هكذا سبع مرّات ، عند علمائنا أجمع - وهو قول عامّة العلماء(٤) - لما رواه العامّة عن الصادق عن الباقرعليهما‌السلام عن جابر في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبّت(٥) قدماه رمل في بان الوادي حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ، ففعل على المروة كما فعل على الصفا ، فلمـّا كان آخر طوافه على المروة ، ففعل على المروة كما فعل على الصفا ، فلمـّا كان آخر طوافه على المروة قال : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة )(٦) وهذا يقتضي أنّه آخر طوافه.

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الشيخ : « طُفْ بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة»(٧) .

وقال أبو بكر الصيرفي من الشافعية : يحتسب سعيه من الصفا إلى‌

____________________

(١) البقرة : ١٥٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٤٥ / ٤٨١.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٤ - ٤٣٥ / ٦ ، التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٧.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٩ ، المجموع ٨ : ٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٧.

(٥) أي : انحدرت. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ٣ « نصب ».

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦.

(٧) التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٧.

١٣٤

المروة ومنها إلى الصفا شوطاً واحداً(١) .

مسألة ٤٩٤ : يجب السعي بين الصفا والمروة في المسافة التي بينهما ، فلا يجوز الإخلال بشي‌ء منها ، بل يلصق عقبه بالصفا في الابتداء وأصابع رجليه به في العود وبالعكس في المروة. ولا تحلّ له النساء حتى يكمله.

ولا يجب الصعود على الصفا ولا المروة - خلافاً لبعض الشافعية ، وقد تقدّم(٢) - لقوله تعالى :( فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ) (٣) .

قال المفسّرون : أراد بينهما. وهو يصدق وإن لم يصعد عليهما.

ويستحب له أن يسعى ماشياً ، ويجوز الركوب إجماعاً.

ولما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله طاف راكباً بالبيت وبالصفا والمروة(٤) .

ومن طريق الخاصّة : رواية الحلبي - الحسنة - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن السعي بين الصفا والمروة على الدابّة ، قال : « نعم وعلى المحمل »(٥) .

وقال معاوية بن عمّار : سألت الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة راكباً ، قال : « لا بأس والمشي أفضل »(٦) .

مسألة ٤٩٥ : يستحب أن يمشي من الصفا إلى المنارة ، وأن يُهرول ما بين المنارة وزقاق العطّارين ثم يمشي من زقاق العطّارين إلى المروة ، ولو‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٧ ، المجموع ٨ : ٧١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٦.

(٢) تقدّم في الأمر الخامس من مندوبات السعي في ص ١٣٠.

(٣) البقرة : ١٥٨.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ١٧٦ - ١٧٧ / ١٨٧٩ و ١٨٨٠ ، سنن البيهقي ٥ : ١٠٠.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٧ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٥٥ / ٥١١.

(٦) الكافي ٤ : ٤٣٧ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٥٥ / ٥١٢.

١٣٥

كان راكباً ، حرّك دابّته في موضع الهرولة إجماعاً.

روى العامّة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سعى بين الصفا والمروة(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « ثم انحدر ماشياً وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المنارة ، وهي طرف المسعى ، واسع ملأ فروجك وقُلْ : بسم الله الله أكبر وصلّى الله على محمد وآله ، وقُلْ : اللّهم اغفر وارحم واعْفُ عمّا تعلم وأنت الأعزّ الأكرم ، حتى تبلغ المنارة الاُخرى ، وكان المسعى أوسع ممّا هو اليوم ، ولكنّ الناس ضيّقوه ، ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المروة »(٢) الحديث.

ولأنّ موضع الرمل من وادي محسّر ، فاستحبّ قطعه بالهرولة ، كما يستحب قطع وادي محسّر. ويستحب الدعاء حالة السعي.

ولو ترك الرمل ، لم يكن عليه شي‌ء إجماعاً.

روى العامّة عن ابن عمر ، قال : إن أسْعَ بين الصفا والمروة فقد رأيتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسعى ، وإن أمْشِ فقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمشي وأنا شيخ كبير(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول سعيد الأعرج : سألتُ الصادقَعليه‌السلام : عن رجل ترك شيئاً من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة ، قال : « لا شي‌ء عليه »(٤) .

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ١٩٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١٧ / ٨٦٣ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٥ / ٨٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٩٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٧.

(٣) سنن ابن ماجة ٢ : ٩٩٥ / ٢٩٨٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٩٩ ، وفي سنن أبي داود ٢ : ١٨٢ / ١٩٠٤ بتقديم وتأخير.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٦ / ٩ ، التهذيب ٥ : ١٥٠ - ١٥١ / ٤٩٤.

١٣٦

وليس على النساء رمل ولا صعود على الصفا والمروة ؛ لأنّ ترك ذلك أستر.

ولو نسي الرجل الرمل حتى يجوز موضعه ثم ذكر ، فليرجع القهقرى إلى المكان الذي يرمل فيه.

البحث الثالث : في الأحكام.

مسألة ٤٩٦ : السعي واجب وركن من أركان الحجّ والعمرة‌ يبطلان بالإخلال به عمداً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال عروة ومالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لما رواه العامّة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( اسعوا فإنّ الله كتب عليكم السعي )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : رواية الحسن(٣) بن علي الصيرفي عن بعض أصحابنا قال : سُئل أبو عبد اللهعليه‌السلام : عن السعي بين الصفا والمروة فريضة أو سنّة؟ فقال : « فريضة »(٤) .

وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام : في رجل ترك السعي متعمّداً ، قال : « لا حجّ له »(٥) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٥ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ١ : ٤٨ ، تفسير القرطبي ٢ : ١٨٣ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٠.

(٢) سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٥ / ٨٦.

(٣) في التهذيب : الحسين.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٥ / ٨ ، التهذيب ٥ : ١٤٩ / ٤٩٠.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٦ / ١٠ ، التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩١ ، وفيهما : « عليه الحجّ من قابل » بدل « لا حجّ له ».

١٣٧

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : إنّه مستحب لا يجب بتركه دم. وهو مروي عن ابن الزبير وابن سيرين(١) .

وقال أبو حنيفة : هو واجب وليس بركن إذا تركه وجب عليه دم - وهو مذهب الحسن البصري والثوري - لقوله تعالى :( فَلا جُناحَ ) (٢) ورفع الجناح دليل عدم وجوبه(٣) .

وهو غلط ؛ فإنّ رفع الجناح لا يستلزم عدم الوجوب.

ولو ترك السعي ناسياً ، أعاده لا غير ، ولا شي‌ء عليه ، فإن كان قد خرج من مكّة ، عاد للسعي ، فإن لم يتمكّن ، أمر مَنْ يسعى عنه ؛ لأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام : رجل نسي السعي بين الصفا والمروة ، قال : « يعيد السعي » قلت : فإنّه خرج ، قال : « يرجع فيعيد السعي إنّ هذا ليس كرمي الجمار ، الرمي سنّة والسعي بين الصفا والمروة فريضة »(٤) .

وسأل زيد الشحّام الصادقعليه‌السلام : عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة حتى يرجع إلى أهله ، فقال : « يطاف عنه »(٥) .

مسألة ٤٩٧ : قد سبق(٦) وجوب ترتيب السعي بأن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة‌ ، فلو عكس فبدأ بالمروة وختم بالصفا ، أعاد السعي ؛ لأنّه لم يأت بالمأمور به على وجهه ، فيبقى في عهدة التكليف.

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٠ ، المجموع ٨ : ٧٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٥.

(٢) البقرة : ١٥٨.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٠ ، المغني ٣ : ٤١٠ و ٤١١ ، المجموع ٨ : ٧٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٥ ، تفسير القرطبي ٢ : ١٨٣.

(٤) التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٨ / ٨٢٩.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩٣.

(٦) سبق في المسألة : ٤٩٢.

١٣٨

وما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا قبل المروة »(١) .

إذا عرفت هذا ، فلو طاف سبعة أشواط وشكّ فيما بدأ به ، فإن كان في آخر السابع على الصفا ، أعاد السعي من أوّله ؛ لأنّه يكون قد بدأ من المروة.

وقالت العامّة : يسقط الشوط الأوّل ، ويبني على أنّه بدأ من الصفا ، فيضيف إليه آخر(٢) .

وهو غلط ؛ لما بيّنّا من الأخبار الدالّة على وجوب البدأة بالصفا ، والإعادة على مَنْ بدأ بالمروة.

وكذا لو تيقّن عدد الأشواط فيما دون السبعة وشكّ في المبدأ ، فإن كان في المزدوج على الصفا ، صحّ سعيه ؛ لأنّه يكون قد بدأ به ، وإن كان على المروة ، أعاد ، وينعكس الحكم مع انعكاس الفرض.

مسألة ٤٩٨ : لو سعى أقلّ من سبعة أشواط ولو خطوةً ، وجب عليه الإتيان بها ، ولا يحلّ له ما يحرم على المـُحْرم قبل الإتيان به ، فإن رجع إلى بلده ، وجب عليه العود مع المكنة وإتمام السعي ؛ لأنّ الموالاة لا تجب فيه إجماعاً.

ولو لم يذكر حتى واقع أهله أو قصّر أو قلّم ، كان عليه دم بقرة وإتمام السعي ؛ لما رواه سعيد بن يسار ، قال : سألت الصادقَعليه‌السلام : رجل متمتّع سعى بين الصفا والمروة ستّة أشواط ثم رجع إلى منزله وهو يرى أنّه‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٥١ / ٤٩٥.

(٢) المغني ٣ : ٤٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٠ ، المجموع ٨ : ٧٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٠.

١٣٩

قد فرغ منه وقلّم أظافيره وأحلّ ثم ذكر أنّه سعى ستّة أشواط ، فقال لي : « يحفظ أنّه قد سعى ستّة أشواط؟ فإن كان يحفظ أنّه قد سعى ستّة أشواط فليعد وليُتمّ شوطاً وليُرق دماً » فقلت : دم ما ذا؟ قال : « بقرة » قال : « وإن لم يكن حفظ أنّه سعى ستّة أشواط فليبتدئ السعي حتى يُكمله سبعة أشواط ثم ليُرق [ دم ](١) بقرة »(٢) .

ولو لم يُحصّل عدد الأشواط ، استأنف السعي.

مسألة ٤٩٩ : لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط ، فإن زاد عمداً ، استأنف السعي ، وإن كان سهواً ، طرح الزيادة واعتدّ بالسبعة ، وإن شاء أكمل أربعة عشر شوطاً ؛ لأنّها عبادة ذات عدد ، فأبطلتها الزيادة عمداً ، كالصلاة والطواف.

ولقول الكاظمعليه‌السلام : « الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة ، فإذا زدت عليها فعليك الإعادة وكذلك السعي »(٣) .

ويدلّ على طرح الزيادة مع السهو : قول الكاظمعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط ما عليه؟ فقال : « إن كان خطأً طرح واحداً واعتدّ بسبعة »(٤) .

وعلى جواز إتمام أربعة عشر شوطاً : قول أحدهماعليهما‌السلام - في الصحيح - : « وكذلك إذا استيقن أنّه سعى ثمانية أضاف إليها ستّة »(٥) .

مسألة ٥٠٠ : يجوز أن يجلس الإنسان في أثناء السعي للاستراحة‌

____________________

(١) أضفناها من المصدر.

(٢) التهذيب ٥ : ١٥٣ / ٥٠٤.

(٣) التهذيب ٥ : ١٥١ / ٤٩٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٩ / ٨٣١.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٦ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٥٢ / ٤٩٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٩ / ٨٣٢.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٢ - ١٥٣ / ٥٠٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٠ / ٨٣٥.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، أنه قال: عليكم بمكارم الاخلاق فإن الله عزّوجلّ يحبها، وإياكم ومذام الافعال فإن الله عزّوجلّ يبغضها، وعليكم بتلاوة القرآن فإن درجات الجنة على عدد آيات القرآن، فإذا كان يوم القيامة يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق، فكلما قرأ آية رقي درجة، وعليكم بحسن الخلق فإنه يبلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وعليكم بحسن الجوار فإن الله أمر بذلك، وعليكم بالسواك فإنها مطهرة وسنة حسنة، وعليكم بفرائض الله فأدوها، وعليكم بمحارم الله فاجتنبوها(١) .

٥٨٧/١١ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا أحمد ابن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن عليّ بن الحكم، عن داود بن النعمان، عن إسحاق بن عمار، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: إذا كان يوم القيامة وقف عبدان مؤمنان للحساب، كلاهما من أهل الجنة، فقير في الدنيا، وغني في الدنيا، فيقول الفقير: يا رب على ما أوقف؟ فو عزتك انك لتعلم أنك لم تولني ولاية فأعدل فيها أو أجور، ولم ترزقني مالا فأودي منه حقا أو أمنع، ولا كان رزقي يأتيني منها إلا كفاف على ما علمت وقدرت لي. فيقول الله جل جلاله: صدق عبدي، خلوا عنه يدخل الجنة.

ويبقى الآخر حتى يسيل منه العرق ما لو شربه أربعون بعيرا لكفاها ثم يدخل الجنة، فيقول له الفقير: ما حبسك؟ فيقول: طول الحساب، ما زال الشئ يجيئني بعد الشئ يغفر لي، ثم أسأل عن شئ آخر حتى تغمدني الله عزّوجلّ منه برحمته، وألحقني بالتأئبين، فمن أنت؟ فيقول: أنا الفقير الذي كنت معك آنفا. فيقول: لقد غيرك النعيم بعدي(٢) .

٥٨٨/١٢ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضي الله عنه، قال: حدّثنا الحسين

______________

(١) بحار الانوار ٦٩: ٣٧٠/١١.

(٢) بحار الانوار ٧: ٢٥٩/٤.

٤٤١

ابن محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن سليمان ابن مهران، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا علي، أنت أخي وأنا أخوك، يا علي أنت مني وأنا منك، يا علي أنت وصيي وخليفتي وحجة الله على أمتي بعدي، لقد سعد من تولاك، وشقي من عاداك(١) .

٥٨٩/١٣ - حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن ناتانه رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه عليه السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم شيعة علي هم الفائزون يوم القيامة(٢) .

٥٩٠/١٤ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا عبدالله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن عليّ الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا أبورجاء قتيبة ابن سعيد، عن حماد بن زيد، عن عبد الرحمن السراج، عن نافع، عن عبدالله بن عمر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: إذا كان يوم القيامة يؤتي بك - يا علي - على نجيب من نور، وعلى رأسك تاج، قد أضاء نوره، وكاد يخطف أبصار أهل الموقف، فيأتي النداء من عند الله جل جلاله: أين خليفة محمّد رسول الله؟ فتقول: ها أنا ذا. قال: فينادي المنادي: يا علي، أدخل من أحبك الجنة، ومن عاداك النار، فأنت قسيم الجنة، وأنت قسيم النار(٣) .

وصلّى الله على محمّد وآله

______________

(١) بحار الانوار ٣٨: ١٠٢/٢٥.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٥٢/٢٠١، بحار الانوار ٦٨: ٩/٥.

(٣) بحار الانوار ٧: ٢٣٢/٣.

٤٤٢

[ ٥٨ ]

المجلس الثامن والخمسون

مجلس يوم الثلاثاء

النصف من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٥٩١/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم الاستر آبادي رحمه الله، قال: حدّثنا عبد الملك بن أحمد بن هارون، قال: حدّثنا عمار بن رجاء، قال: حدّثنا يزيد ابن هارون، قال: أخبرنا محمّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جاءه رجل، فقال: يا رسول الله، أما رأيت فلانا ركب البحر ببضاعة يسيرة وخرج إلى الصين، فأسرع الكرة، وأعظم الغنيمة حتى قد حسده أهل وده، وأوسع قراباته وجيرانه؟

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن مال الدنيا كلما ازداد كثرة وعظما، ازداد صاحبه بلاء، فلا تغبطوا أصحاب الاموال إلا بمن جاد بماله في سبيل الله، ولكن ألا أخبركم بمن هو أقل من صاحبكم بضاعة، وأسرع منه كرة، وأعظم منه غنيمة، وما أعد له من الخيرات محفوظ له في خزائن عرش الرحمن؟ قالوا: بلى، يا رسول الله.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: انظروا إلى هذا المقبل إليكم. فنظرنا فإذا رجل من الانصار رث الهيئة، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن هذا لقد صعد له في هذا اليوم إلى العلو من الخيرات والطاعات ما لو قسم على جميع أهل السماوات والارض،

٤٤٣

لكان نصيب أقلهم منه غفران ذنوبه ووجوب الجنة له. قالوا: بماذا، يا رسول الله؟ فقال: سلوه يخبركم عما صنع في هذا اليوم.

فأقبل عليه أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وقالوا له: هنيئا لك بما بشرك به رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فماذا صنعت في يومك هذا حتى كتب لك ما كتب؟ فقال الرجل: ما أعلم أني صنعت شيئا غير أني خرجت من بيتي، وأردت حاجة كنت أبطأت عنها، فخشيت أن تكون فاتتني، فقلت في نفسي لاعتاضن منها النظر إلى وجه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: النظر إلى وجه علي عبادة.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إي والله عبادة، وأي عبادة! إنك - يا عبدالله - ذهبت تبتغي أن تكتسب دينارا لقوت عيالك ففاتك ذلك، فاعتضت منه النظر إلى وجه علي، وأنت له محب، ولفضله معتقد، وذلك خير لك من أن لو كانت الدنيا كلها لك ذهبة حمراء فأنفقتها في سبيل الله، ولتشفعن بعدد كل نفس تنفسته في مصيرك إليه في ألف رقبة يعتقهم الله من النار بشفاعتك(١) .

٥٩٢/٢ - حدّثنا محمّد بن بكران النقاش رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي مولى بني هاشم، قال: حدثني المنذر بن محمّد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمّد بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن الحسين بن علي، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: بادروا إلى رياض الجنة. قالوا: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر(٢) .

٥٩٣/٣ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبوسعيد الحسن بن عليّ العدوي، قال: حدّثنا صهيب بن عباد بن صهيب، قال: حدّثنا أبي،

______________

(١) بحار الانوار ٣٨: ١٩٧/٥.

(٢) معاني الاخبار: ٣٢١/١، بحار الانوار ٩٣: ١٥٥/٢٠.

٤٤٤

قال: حدّثنا الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ عليهم السلام: أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قضى باليمين مع الشاهد الواحد، وأن عليا عليه السلام قضى به بالعراق(١) .

٥٩٤/٤ - وبهذا الاسناد، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، عن جابر بن عبدالله، قال: جاء جبرئيل عليه السلام إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فأمره أن يأخذ باليمين مع الشاهد(٢) .

٥٩٥/٥ - حدّثنا الحسين بن عليّ الصوفي رضي الله عنه، قال: حدّثنا حمزة بن القاسم، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الوزان، عن يحيى بن سعيد الاهوازي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد ابن حمران، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: إذا دخلت الحمام فقل في الوقت الذي تنزع ثيابك: اللهم انزع عني ربقة النفاق، وثبتني على الايمان. فإذا دخلت البيت الاول فقل: اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي، وأستعيذ بك من أذاه. وإذا دخلت البيت الثاني فقل: اللهم أذهب عني الرجس النجس، وطهر جسدي وقلبي. وخذ من الماء الحار وضعه على هامتك، وصب منه على رجليك، وإن أمكن أن تبلع منه جرعة فافعل، فإنه ينقي المثانة، والبث في البيت الثاني ساعة، فإذا دخلت البيت الثالث فقل: نعوذ بالله من النار، ونسأله الجنة. ترددها إلى وقت خروجك من البيت الحار، وإياك وشرب الماء البارد والفقاع في الحمام فإنه يفسد المعدة، ولا تصبن عليك الماء البارد فإنه يضعف البدن، وصب الماء البارد على قدميك إذا خرجت فإنه يسل الداء من جسدك، فإذا لبست ثيابك فقل: اللهم ألبسني التقوى، وجنبني الردى، فإذا فعلت ذلك أمنت من كل داء(٣) .

______________

(١) بحار الانوار ١٠٤: ٢٧٧/١.

(٢) بحار الانوار ١٠٤: ٢٧٧/٢.

(٣) بحار الانوار ٧٦: ٧٠/٣.

٤٤٥

٥٩٦/٦ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، عن جعفر بن محمّد الفزاري، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: أخبرنا منصور بن أبي نويرة، عن أبي بكر بن عياش، عن قرن أبي سليمان الضبي(١) ، قال: أرسل عليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنين عليه السلام إلى لبيد العطاردي(٢) بعض شرطه، فمروا به على مسجد سماك(٣) ، فقام إليه نعيم بن دجاجة الاسدي، فحال بينهم وبينه، فأرسل أميرالمؤمنين عليه السلام إلى نعيم فجئ به، قال: فرفع أميرالمؤمنين عليه السلام شيئا ليضربه، فقال نعيم: والله إن صحبتك لذل، وإن خلافك لكفر. فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: وتعلم ذلك؟ قال: نعم. قال: خلوه(٤) .

٥٩٧/٧ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن الصقر الصائغ، قال: حدّثنا محمّد بن أيوب، قال: أخبرنا إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا هشام بن يوسف، عن عبدالله بن سليمان النوفلي، عن محمّد بن عليّ بن عبدالله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه، وأحبوني لحب الله عزّوجلّ، وأحبوا أهل بيتي لحبي(٥) .

٥٩٨/٨ - حدّثنا أبوالعباس محمّد بن إبراهيم المكتب رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبوسعيد الحسن بن عليّ العدوي، قال: حدّثنا الهيثم بن عبدالله، قال: حدّثنا المأمون، عن أبيه الرشيد، عن المهدي، عن أبيه المنصور، عن أبيه، عن جده، عن ابن

______________

(١) في نسخة: ابن أبي سليمان الضبي، وفي الغارات: ٧٢: قدم الضبي.

(٢) في الغارات: لبيد بن عطارد التميمي، وقد ترجم له بهذا العنوان ابن حجر في الاصابة ٣: ٣٢٨، وابن عبد البر في الاستيعاب ٣: ٣٢٨ (في هامش الاصابة).

(٣) مسجد سماك: بالكوفة منسوب إلى سماك بن مخرمة بن حمين بن بلث الاسدي.« مجمع البلدان ٥: ١٢٥ ».

(٤) بحار الانوار ٤٢: ١٨٦/٢.

(٥) أمالي الطوسي: ٢٧٨/٥٣١، بحار الانوار ٢٧: ٧٦/٥، ٦.

٤٤٦

عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي عليه السلام: أنت وارثي(١) .

٥٩٩/٩ - حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفي، قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن الحسن اللؤلؤي، قال: حدّثنا عليّ بن نوح الجنائي، قال: حدثني أبي، عن محمّد بن مروان، عن أبي داود، عن معاذ بن سالم، عن بشر بن إبراهيم الانصاري، عن خليفة بن سليمان الجهني، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: غزا النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم غزاة، فلما رجع إلى المدينة، وكان علي عليه السلام تخلف على أهله، فقسم المغنم، فدفع إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام سهمين فقال الناس: يا رسول الله، دفعت إلى عليّ بن أبي طالب سهمين وهو بالمدينة متخلف!

فقال: معاشر الناس، ناشدتكم بالله وبرسوله، ألم تروا إلى الفارس الذي حمل على المشركين من يمين العسكر فهزمهم، ثم رجع إلي فقال: يا محمّد، إن لي معك سهما، وقد جعلته لعليّ بن أبي طالب؟ وهو جبرئيل عليه السلام.

معاشر الناس، ناشدتكم بالله وبرسوله، هل رأيتم الفارس الذي حمل على المشركين من يسار العسكر فهزمهم، ثم رجع فكلمني، وقال لي: يا محمّد، إن لي معك سهما، وقد جعلته لعليّ بن أبي طالب عليه السلام؟ وهو ميكائيل، فوالله ما دفعت إلى علي إلا سهم جبرئيل وميكائيل عليهما السلام فكبر الناس بأجمعهم(٢) .

٦٠٠/١٠ - حدّثنا محمّد بن أحمد السناني، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفي الاسدي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، عن عبدالله بن أحمد، عن أبي أحمد الازدي، عن عبدالله بن جندب، عن أبي عمر العجمي، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: قال الله جل جلاله: أنا الله لا إله إلا أنا، خلقت الملوك،

______________

(١) بحار الانوار ٤٠: ٦/١٣.

(٢) علل الشرائع: ١٧٢/١، ٢، بحار الانوار ٣٩: ٩٤/٤.

٤٤٧

وقلوبهم بيدي، فأيما قوم أطاعوني جعلت قلوب الملوك عليهم رحمة، وأيما قوم عصوني جعلت قلوب الملوك عليهم سخطة، ألا لا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك، توبوا إلي أعطف قلوبهم عليكم(١) .

٦٠١/١١ - حدّثنا جعفر بن عليّ الكوفي، قال: حدثني جدي الحسن بن علي، عن جده عبدالله بن المغيرة، عن إسماعيل بن أبي زياد الشعيري، عن الصادق جعفر ابن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: صنفان من أمتي إذا صلحا صلحت أمتي، وإذا فسدا فسدت أمتي: الامراء والقراء(٢) .

٦٠٢/١٢ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي رضي الله عنه، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبدالله، عن عليّ بن الحكم، عن أبان بن عثمان، عن بشار بن يسار، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: إذا أردت شيئا من الخير فلا تؤخره، فإن العبد ليصوم اليوم الحار يريد به ما عند الله عزّوجلّ، فيعتقه الله من النار، ويتصدق بصدقة يريد بها وجه الله، فيعتقه الله من النار(٣) .

٦٠٣/١٣ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عليّ بن أسباط، عن عمه يعقوب بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: قال عيسى بن مريم عليه السلام لبعض أصحابه: ما لا تحب أن يفعل بك فلا تفعله بأحد، وإن لطم أحد خدك الايمن فأعط الايسر(٤) .

٦٠٤/١٤ - حدّثنا الحسن بن إبراهيم بن ناتانه رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي زياد النهدي، عن عبدالله بن

______________

(١) بحار الانوار ٧٥: ٣٤٠/٢١.

(٢) نوادر الراوندي: ٢٧، بحار الانوار ٩٢: ١٧٨/٧.

(٣) بحار الانوار ٧١: ٢١٥/١٤.

(٤) بحار الانوار ١٤: ٢٨٧/١٠.

٤٤٨

بكير، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: حسب المؤمن من الله نصرة أن يرى عدوه يعمل بمعاصي الله عزّوجلّ(١) .

٦٠٥/١٥ - وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: ما من قدم سعت إلى الجمعة إلا حرم الله جسدها على النار(٢) .

٦٠٦/١٦ - وقال عليه السلام: من صلى معهم في الصف الاول، فكأنما صلى مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في الصف الاول.(٣) .

٦٠٧/١٧ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبي جميلة، عن عمرو بن خالد، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: إن صدقة النهار تميث(٤) الخطيئة كما يميث الماء الملح، وإن صدقة الليل تطفئ غضب الرب جل جلاله(٥) .

٦٠٨/١٨ - حدّثنا أحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: قال علي عليه السلام: إن على كل حق حقيقة، وعلى كل صواب نورا، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه(٦) .

٦٠٩/١٩ - حدّثنا أحمد بن هارون الفامي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن جعفر بن جامع الحميري، عن أبيه، عن أيوب بن نوح، عن محمّد بن أبي

______________

(١) تقدم في المجلس (١٠) الحديث (٦).

(٢) بحار الانوار ٨٩: ١٨٤/١٩.

(٣) بحار الانوار ٨٨: ٨٧/٤٨.

(٤) أي تذيب.

(٥) بحار الانوار ٩٦: ١٧٦/١.

(٦) بحار الانوار ٢: ٢٢٧/٤.

٤٤٩

عمير، عن أبان الاحمر، عن سعد الكناني، عن الاصبغ بن نباتة، عن عبدالله بن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لعلي عليه السلام: يا علي، أنت خليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي، وأنت مني كشيث من آدم، وكسام من نوح، وكاسماعيل من إبراهيم، وكيوشع من موسى، وكشمعون من عيسى.

يا علي، أنت وصيي ووارثي وغاسل جثتي، وأنت الذي تواريني في حفرتي، وتؤدي ديني، وتنجز عداتي. يا علي، أنت أميرالمؤمنين، وإمام المسلمين، وقائد الغر المجلين، ويعسوب المتقين. يا علي، أنت زوج سيدة النساء فاطمة ابنتي، وأبو سبطي الحسن والحسين. يا علي، إن الله تبارك وتعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه، وجعل ذريتي من صلبك.

يا علي، من أحبك ووالاك أحببته وواليته، ومن أبغضك وعاداك أبغضته وعاديته، لانك مني وأنا منك. يا علي، إن الله طهرنا واصطفانا، لم يلتق لنا أبوان على سفاح قط من لدن آدم، فلا يحبنا إلا من طابت ولادته.

يا علي، أبشر بالشهادة فإنك مظلوم بعدي ومقتول. فقال علي عليه السلام: يا رسول الله، وذلك في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك. يا علي، إنك لن تضل ولم تزل، ولولاك لم يعرف حزب الله بعدي(١) .

وصلّى الله على محمّد وآله، وحسبنا ونعم الوكيل

______________

(١) بحار الانوار ٣٨: ١٠٣/٢٦.

٤٥٠

[ ٥٩ ]

المجلس التاسع والخمسون

مجلس يوم الجمعة

الثامن عشر من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٦١٠/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الكوفي الاسدي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدّثنا عبدالله بن أحمد، قال: حدّثنا إسماعيل بن الفضل، عن ثابت بن دينار الثمالي، عن سيد العابدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: حق نفسك عليك أن تستعملها بطاعة الله عزّوجلّ. وحق اللسان إكرامه عن الخنا(١) ، وتعويده الخير، وترك الفضول التي لا فائدة لها، والبر بالناس وحسن القول فيهم. وحق السمع تنزيهه عن سماع الغيبة وسماع ما لا يحل سماعه. وحق البصر أن تغضه عما لا يحل لك، وتعتبر بالنظر به. وحق يدك أن لا تبسطها إلى ما لا يحل لك. وحق رجليك أن لا تمشي بهما إلى ما لا يحل لك، فبهما(٢) تقف على الصراط، فانظر أن لا تزل بك فتتردى في النار. وحق بطنك أن لا تجعله وعاء للحرام، ولا تزيد على الشبع. وحق

______________

(١) الخنا: الفحش في الكلام.

(٢) في نسخة: فيهما.

٤٥١

فرجك أن تحصنه عن الزنا، وتحفظه من أن ينظر إليه.

وحق الصلاة أن تعلم أنها وفادة إلى الله عزّوجلّ، أنك فيما قائم بين يدي الله عزّوجلّ، فإذا علمت ذلك قمت مقام الذليل الحقير الراغب الراهب الراجي الخائف المستكين المتضرع المعظم لمن كان بين يديه بالسكون والوقار، وتقبل عليها بقلبك، وتقيمها بحدودها وحقوقها. وحق الصوم أن تعلم أنه حجاب ضربه الله عزّوجلّ على لسانك وسمعك وبصرك وبطنك وفرجك ليسترك به من النار، فإن تركت الصوم خرقت ستر الله عليك.

وحق الصدقة أن تعلم أنها ذخرك عند ربك عزّوجلّ، ووديعتك التي لا تحتاج إلى الاشهاد عليها، وكنت بما تستودعه سرا أوثق منك بما تستودعه علانية، وتعلم أنها تدفع البايا والاسقام عنك في الدنيا، وتدفع عنك النار في الآخرة.

وحق الحج أن تعلم أنه وفادة إلى ربك، وفرار إليه من ذنوبك، وفيه قبول توبتك وقضاء الفرض الذي أوجبه الله عليك. وحق الهدي أن تريد به الله عزّوجلّ، ولا تريد به خلقه، وتريد به التعرض لرحمة الله ونجاة روحك يوم تلقاه.

وحق السلطان أن تعلم أنك جعلت له فتنة، وأنه مبتلى فيك بما جعل الله عزّوجلّ له عليك من السلطان، وأن عليك أن لا تتعرض لسخطه، فتلقي بيدك إلى التهلكة، وتكون شريكا له فيما يأتي إليك من سوء.

وحق سايسك بالعلم التعظيم له، والتوقير لمجلسه، وحسن الاستماع إليه والاقبال عليه، وأن لا ترفع عليه صوتك، ولا تجيب أحدا يسأله عن شئ حتى يكون هو الذي يجيب، ولا تحدث في مجلسه أحدا، ولا تغتاب عنده أحدا، وأن تدفع عنه إذا ذكر عندك بسوء، وأن تستر عيوبه، وتظهر مناقبه، ولا تجالس له عدوا، ولا تعادي له وليا، فإذا فعلت ذلك شهدت لك ملائكة الله بأنك قصدته وتعلمت علمه لله - جل اسمه - لا للناس. وأما حق سايسك بالملك، فأن تطيعه ولا تعصيه إلا فيما يسخط الله، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

وأما حق رعيتك بالسلطان، فأن تعلم أنهم صاروا رعيتك لضعفهم وقوتك،

٤٥٢

فيجب أن تعدل فيهم، وتكون لهم كالوالد الرحيم، وتغفر لهم جهلهم، ولا تعاجلهم بالعقوبة، وتشكر الله على ما آتاك من القوة عليهم.

وأما حق رعيتك بالعلم، فأن تعلم أن الله عزّوجلّ إنما جعلك قيما لهم فيما آتاك من العلم، وفتح لك من خزانة الحكمة، فإن أحسنت في تعليم الناس، ولم تخرق بهم(١) ، ولم تضجر عليهم، زادك الله من فضله، وإن أنت منعت الناس علمك، أو خرقت بهم عند طلبهم العلم منك، كان حقا على الله عزّوجلّ أن يسلبك العلم وبهاءه، ويسقط من القلوب محلك.

وأما حق الزوجة، فأن تعلم أن الله عزّوجلّ جعلها لك سكونا وأنسا، فتعلم أن ذلك نعمة من الله عزّوجلّ عليك، فتكرمها وترفق بها، وإن كان حقك عليها أوجب، فإن لها عليك أن ترحمها لانها أسيرك، وتطعمها وتكسوها، وإذا جهلت عفوت عنها.

وأما حق مملوكك، فأن تعلم أنه خلق ربك، وابن أبيك وأمك، ولحمك ودمك لم تملكه لانك صنعته دون الله، ولا خلقت شيئا من جوارحه، ولا أخرجت له رزقا، ولكن الله عزّوجلّ كفاك ذلك، ثم سخره لك، وائتمنك عليه، واستودعك إياه، ليحفظ لك ما تأتيه من خير إليه فأحسن إليه كما أحسن الله إليك، وإن كرهته استبدلت به، ولم تعذب خلق الله، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق أمك، فأن تعلم أنها حملتك حيث لا يحتمل أحد أحدا، وأعطتك من ثمرة قلبها ما لا يعطي أحد أحدا، ووقتك بجميع جوارحها، ولن تبال أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك وتعرى وتكسوك، وتظلك وتضحى(٢) ، وتهجر النوم لاجلك، ووقتك الحر والبرد لتكون لها، وأنك لا تطيق شكرها إلا بعون الله وتوفيقه.

وأما حق أبيك، فأن تعلم أنه أصلك، وأنك لولاه لم تكن، فمهما رأيت في نفسك مما يعجبك فاعلم أن أباك أصل النعمة عليك فيه، فاحمد الله واشكره على

______________

(١) خرق بالشئ: جهله ولم يحسن عمله.

(٢) ضحى: برز للشمس فأصابه حرها.

٤٥٣

قدر ذلك، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق ولدك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره، وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الادب، والدلالة على ربه عزّوجلّ، والمعونة له على طاعته، فاعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الاحسان إليه، معاقب على الاساءة إليه.

وأما حق أخيك، فأن تعلم أنه يدك وعزك وقوتك، فلا تتخذه سلاحا على معصية الله، ولا عدة للظلم لخلق الله، ولا تدع نصرته على عدوه والنصيحة له، فان أطاع الله وإلا فليكن الله أكرم عليك منه، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مولاك المنعم عليك، فأن تعلم أنه أنفق فيك ماله، وأخرجك من ذل الرق ووحشته إلى عز الحرية وأنسها، فأطلقك من أسر الملكية، وفك عنك قيد العبودية، وأخرجك من السجن، وملكك نفسك، وفرغك لعبادة ربك، وتعلم أنه أولى الخلق بك في حياتك وبعد موتك، وأن نصرته عليك واجبة بنفسك، وما احتاج إليه منك، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مولاك الذي أنعمت عليه، فأن تعلم أن الله عزّوجلّ جعل عتقك له وسيلة إليه، وحجابا لك من النار، وأن ثوابك في العاجل ميراثه، إذا لم يكن له رحم، مكافأة بما أنفقت من مالك، وفي الآجل الجنة.

وأما حق ذي المعروف عليك، فأن تشكره وتذكر معروفه، وتكسبه القالة(١) الحسنة، وتخلص له الدعاء فيما بينك وبين الله عزّوجلّ، فإذا فعلت ذلك كنت قد شكرته سرا وعلانية، ثم إن قدرت على مكافأته يوما كافأته.

وأما حق المؤذن، فأن تعلم أنه مذكر لك بربك عزّوجلّ، وداع لك إلى حظك، وعونك على قضاء فرض الله عليك، فتشكره على ذلك شكرك للمحسن إليك.

وأما حق إمامك في صلاتك، فأن تعلم أنه تقلد السفارة فيما بينك وبين

______________

(١) القالة: اسم للقول الفاشي في الناس، خيرا كان أو شرا.

٤٥٤

ربك عزّوجلّ، وتكلم عنك ولم تتكلم عنه، ودعا لك ولم تدع له، وكفاك هول المقام بين يدي الله عزّوجلّ، فإن كان (به)(١) نقص كان به دونك، وإن كان تماما كنت به شريكه، ولم يكن له عليك فضل، فوقى نفسك بنفسه، وصلاتك بصلاته، فتشكر له على قدر ذلك.

وأما حق جليسك، فأن تلين له جانبك، وتنصفه في مجاراة اللفظ، ولا تقوم من مجلسك إلا بإذنه، ومن يجلس إليك يجوز له القيام عنك بغير إذنك، وتنسى زلاته، وتحفظ خيراته، ولا تسمعه إلا خيرا.

وأما حق جارك، فحفظه غائبا، وإكرامه شاهدا، ونصرته إذا كان مظلوما، ولا تتبع له عورة، فإن علمت عليه سوءا سترته عليه، وإن علمت أنه يقبل نصيحتك نصحته فيما بينك وبينه، ولا تسلمه عند شديدة، وتقيل عثرته، وتغفر ذنبه، وتعاشره معاشرة كريمة، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الصاحب، فأن تصحبه بالتفضل والانصاف، وتكرمه كما يكرمك، ولا تدعه يسبق إلى مكرمة، وإن سبق كافيته، وتوده كما يودك، وتزجره عما يهم به من معصية، وكن عليه رحمة ولا تكن عليه عذابا، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق الشريك، فإن غاب كفيته، وإن حضر رعيته، ولا تحكم دون حكمه، ولا تعمل برأيك دون مناظرته، تحفظ عليه ماله، ولا تخونه فيما عز أو هان من أمره، فإن يد الله عزّوجلّ على الشريكين ما لم يتخاونا، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق مالك، فأن لا تأخذه إلا منحله، ولا تنفقه إلا في وجهه، ولا تؤثر على نفسك من لا يحمدك، فاعمل فيه بطاعة ربك، ولا تبخل به فتبوء بالحسرة والندامة مع التبعة، ولا قوة إلا بالله.

وأما حق غريمك الذي يطالبك، فإن كنت موسرا أعطيته، وإن كنت معسرا أرضيته بحسن القول، ورددته عن نفسك ردا لطيفا.

______________

(١) من الخصال.

٤٥٥

وحق الخليط أن لا تغره، ولا تغشه، ولا تخدعه، وتتقي الله في أمره.

وحق الخصم المدعي عليك، فان كان ما يدعي عليك حقا كنت شاهده على نفسك، ولم تظلمه و أوفيته حقه، وإن كان ما يدعي باطلا رفقت به، ولم تأت في أمره غير الرفق، و لم تسخط ربك في أمره، ولا قوة إلا بالله.

وحق خصمك الذي تدعي عليه، إن كنت محقا في دعواك، أجملت مقاولته، ولم تجحد حقه، وإن كنت مبطلا في دعواك، اتقيت الله وتبت إليه، وتركت الدعوى.

وحق المستشير، إن علمت له رأيا حسنا أشرت عليه، وإن لم تعلم أرشدته إلى من يعلم، وحق المشير عليك أن لا تتهمه فيما لا يوافقك من رأيه، وإن وافقك حمدت الله عزّوجلّ.

وحق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة، وليكن مذهبك الرحمة له والرفق به. وحق الناصح أن تلين له جناحك، وتصغي إليه بسمعك، فإن أتى بالصواب حمدت الله عزّوجلّ، وإن لم يوفق رحمته ولم تتهمه، وعلمت أنه أخطأ، ولم تؤاخذه بذلك، إلا أن يكون مستحقا للتهمة، ولا تعبأ بشئ من أمره على حال، ولا قوة إلا بالله.

وحق الكبير توقيره لسنه، وإجلاله لتقدمه في الاسلام قبلك، وترك مقابلته عند الخصام، ولا تسبقه إلى طريق، ولا تتقدمه ولا تستجهله، وإن جهل عليك احتملته وأكرمته بحق الاسلام وحرمته، وحق الصغير رحمته وتعليمه، والعفو عنه، والستر عليه، والرفق به، والمعونة له.

وحق السائل إعطاؤه على قدر حاجته. وحق المسؤول إن أعطى فاقبل منه بالشكر والمعرفة بفضله، وإن منع فاقبل عذره. وحق من سرك الله به أن تحمد الله أولا ثم تشكره. وحق من ساءك أن تعفو عنه، وإن علمت أن العفو يضره انتصرت، قال الله عزّوجلّ:( وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ ) (١) .

وحق أهل ملتك إضمار السلامة لهم، والرحمة بهم، والرفق بمسيئهم،

______________

(١) الشورى ٤٢: ٤١.

٤٥٦

وتألفهم، واستصلاحهم، وشكر محسنهم، وكف الاذى عنهم، وتحب لهم ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن يكون شيوخهم بمنزلة أبيك، وشبابهم بمنزلة إخوتك، وعجائزهم بمنزلة أمك، والصغار بمنزلة أولادك(١) ، وحق الذمة أن تقبل منهم ما قبل الله عزّوجلّ منهم، ولا تظلمهم ما وفوا لله عزّوجلّ بعهده، ولا قوة إلا بالله(٢) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله

______________

(١) في نسخة: إخوانك.

(٢) الخصال: ٥٦٤/١، بحار الانوار ٧٤: ٢/١.

٤٥٧

[ ٦٠ ]

المجلس الستون

مجلس يوم الثلاثاء

الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٦١١/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدثني أبي رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الريان بن شبيب، قال: سمعت المأمون يقول: ما زلت أحب أهل البيت عليهم السلام، وأظهر للرشيد بغضهم تقربا إليه، فلما حج الرشيد كنت أنا ومحمّد والقاسم معه، فلما كان بالمدينة استأذن عليه الناس، فكان آخر من أذن له موسى بن جعفر عليهما السلام، فدخل، فلما نظر إليه الرشيد تحرك ومد بصره وعنقه إليه حتى دخل البيت الذي كان فيه، فلما قرب منه جثا الرشيد على ركبتيه وعانقه، ثم أقبل عليه، فقال له: كيف أنت يا أبا الحسن، كيف عيالك، كيف عيال أبيك، كيف أنتم، ما حالكم؟ فما زال يسأله عن هذا وأبو الحسن عليه السلام يقول: خير خير، فلما قام أراد الرشيد أن ينهض، فأقسم عليه أبوالحسن عليه السلام فقعد، وعانقه وسلم عليه وودعه.

قال المأمون: وكنت أجرأ ولد أبي عليه، فلما خرج أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام قلت لابي: يا أميرالمؤمنين، لقد رأيتك عملت بهذا الرجل شيئا ما رأيتك فعلت بأحد من أبناء المهاجرين والانصار ولا ببني هاشم! فمن هذا الرجل؟ فقال: يا بني، هذا وارث علم النبيين، هذا موسى بن جعفر بن محمّد، إن أردت العلم

٤٥٨

الصحيح فعند هذا. قال المأمون: فحينئذ انغرس في قلبي حبهم(١) .

٦١٢/٢ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أخيه الحسين، عن أبيه عليّ بن يقطين، قال: رفع(٢) الخبر إلى موسى بن جعفر عليهما السلام، وعنده جماعة من أهل بيته، بما عزم عليه موسى بن المهدي في أمره، فقال لاهل بيته: ما تشيرون؟ قالوا: نرى أن تتباعد عن هذا الرجل، وأن تغيب شخصك منه، فإنه لا يؤمن شره. فتبسم أبوالحسن عليه السلام، ثم قال:

زعمت سخينة أن ستغلب ربها

وليغلبن مغالب الغلاب(٣)

ثم رفع عليه السلام يده إلى السماء، فقال: إلهي، كم من عدو شحذ لي ظبة مديته(٤) ، وأرهف لي سنان حده، وداف لي قواتل سمومه، ولم تنم عني عين حراسته، فلما رأيت ضعفي عن احتمال الفوادح، وعجزي عن ملمات الجوائح(٥) ، صرفت ذلك عني بحولك وقوتك لا بحولي ولا بقوتي، فألقيته في الحفير الذي احتفره لي، خائبا مما أمله في دنياه، متباعدا مما رجاه في آخرته، فلك الحمد على ذلك قدر استحقاقك.

سيدي اللهم فخذه بعزتك، وافلل حده عني بقدرتك، واجعل له شغلا فيما يليه، وعجزا عمن يناويه، اللهم وأعدني عليه عدوى(٦) حاضرة، تكون من غيظي

______________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٩٣/١٢، بحار الانوار ٤٨: ١٣٤/٦.

(٢) في نسخة: وقع.

(٣) البيت لكعب بن مالك، وقيل: لحسان بن ثابت، وسخينة: لقب قريش، لانها كانت تعاب بأكل السخينة، وهي طعام يتخذ من الدقيق، وإنما يأكلونها في شدة الدهر وغلاء السعر.

(٤) الظبة: حد السيف ونحوه: والمدية: الشفرة الكبيرة.

(٥) الجائحة: المصيبة تحل بالرجل في ماله فتجتاحه كله.

(٦) أعداه: نصره وأعانه وقواه، والعدوى: طلبك إلى وال ليعديك على من ظلمك، أي ينتقم منه.

٤٥٩

شفاء، ومن حقي عليه وفاء(١) ، وصل اللهم دعائي بالاجابة، وانظم شكاتي بالتغيير، وعرفه عما قليل ما وعدت الظالمين، وعرفني ما وعدت في إجابة المضطرين، إنك ذو الفضل العظيم والمن الكريم.

قال: ثم تفرق القوم، فما اجتمعوا إلا لقراءة الكتاب الوارد بموت موسى بن المهدي(٢) .

٦١٣/٣ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، قال: سمعت رجلا من أصحابنا يقول: لما حبس هارون الرشيد موسى بن جعفر عليه السلام، جن عليه الليل، فخاف ناحية هارون أن يقتله، فجدد موسى عليه السلام طهوره، واستقبل بوجهه القبلة، وصلى لله عزّوجلّ أربع ركعات، ثم دعا بهذه الدعوات، فقال: يا سيدي نجني من حبس هارون، وخلصني من يديه، يا مخلص الشجر من بين رمل وطين وماء، ويا مخلص اللبن من بين فرث ودم، ويا مخلص الولد من بين مشيمة ورحم، ويا مخلص النار من بين الحديد والحجر، ويا مخلص الروح من بين الاحشاء والامعاء، خلصني من يدي هارون.

قال: فلما دعا موسى عليه السلام بهذه الدعوات، رأى هارون رجلا أسود في منامه، وبيده سيف قد سله، واقفا على رأس هارون، وهو يقول: يا هارون، أطلق عن موسى بن جعفر وإلا ضربت علاوتك بسيفي هذا. فخاف هارون من هيبته، ثم دعا لحاجبه، فجاء الحاجب، فقال له: اذهب إلى السجن، وأطلق عن موسى بن جعفر.

قال: فخرج الحاجب فقرع باب السجن، فأجابه صاحب السجن، فقال: من ذا؟ قال: إن الخليفة يدعو موسى بن جعفر، فأخرجه من سجنك، وأطلق عنه. فصاح السجان، يا موسى، إن الخليفة يدعوك. فقام موسى عليه السلام مذعورا فزعا، وهو

______________

(١) في نسخة: ومن حنقي عليه وقاء.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٧٩/٧، أمالي الطوسي: ٤٢١/٩٤٤، مهج الدعوات: ٢٨، بحار الانوار ٤٨:٢١٧/١٧ - ١٩ و ٩٤: ٣٣٧/٦.

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780