الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق7%

الأمالي شيخ الصدوق مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 780

الأمالي شيخ الصدوق
  • البداية
  • السابق
  • 780 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 464552 / تحميل: 8977
الحجم الحجم الحجم
الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

عِدّتهُم:

المسلمون في المدينة كانوا بدرجة من الضّعف والفاقة لا يتصورها إنسان؛ والسّبب في ذلك أزمة المهاجرين الّذين خرجوا من مكّة فراراً بدينهم وعقيدتهم نتيجة الاضطهاد الشّرْكي، تاركين أموالهم وبيوتهم. فلمّا توافدوا على المدينة شاطرهم الأنصار بأموالهم وبيوتهم. ولهذا السّبب ضُربت الفاقة على الجميع. إذاً فلم تكن لديهم العُدّة الكافية للوقوف بوجه الأعداء؛ ولهذا كانت عُدّتهم من المؤن والعتاد الحربي قليلة جداً، فإنّهم لا يملكون من وسائل النّقل أكثر من سبعين(70) بعيراً؛ عشرون منها زوّدهم بها سعد بن عبادة، وثلاثة من الخيل، قال الواقدي(1) :

فراح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بيوت السّقا لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر رمضان، وخرج المسلمون معه ثلاثمائة وخمسة (305)؛ فكانت الإبل سبعين (70) بعيراً، وكانوا يتعاقبون الإبل الاثنين والثلاثة والأربعة، فكان

____________________

(1) المغازي، الواقدي، ص151.

٢١

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ومرثد بن أبي مرثد، يتعاقبون بعيراً واحداً مساوياً لجميع المسلمين(1) .

فقال عليّعليه‌السلام ومُرثد: «يا رسول الله نحن نمشي عنك».

فأجابهما النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله:

«ما أنتما بأقوى منّي، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما».

فلمّا نظر الرّسول القائد إلى أصحابه، وهم يتعاقبون ركوباً وسيراً على الأقدام، توجّه إلى السّماء قائلاً:

«اللّهمّ إنّهم حُفاةٌ فاحملهم، وعراة فاكسهِم وجياعٌ فأشبعهم، وعالةٌ فاغنِهم من فضلك».

فاستجاب الله دعاءه، فما رجع أحد من أصحابه بعد انتهاء الحرب يريد أنْ يركب، إلاّ وجد ظهراً للرّجل البعير والبعيران، واكتسى من كان عارياً، وأصابوا

____________________

(1) شرح النّهج، ابن ابي الحديد، ص88 - 89.

٢٢

طعاماً من ازوادهم، وأصابوا فداء الأسرى، فأغنى كلَّ عائل(1) .

ب- قُوَّة الشِّرك :

القوّة الّتي استنفرتها قريش كانت تستهدف عدة أغراض؛ وهي مايلي:

1 - حماية القافلة الّتي كانت أكبر قافلة تجاريّة لقريش؛ وتعدُّ بحمولة ألف بعير.

2 - تأديب المسلمين واستئصال جذورهم، حتّى لا تقوم لهم قائمة، كما صرّح أبو جهل قائد المشركين، بقوله:

أيظنُّ محمد أنْ يصيب منّا ما أصاب بنخلة وأصحابه، سيعلم أَنمنع عيرنا أم لا!(2) .

3 - إبراز العضلات أمام القبائل العربيّة الأخرى، لتخويفها

____________________

(1) شرح النّهج، ابن أبي الحديد، ص88 - 89.

(2) شرح النّهج، ابن أبي الحديد،14، ص103.

٢٣

وفرض هيبة قريش عليها، لا سيما بعدما تعرّض المسلمون لقوافلها، كما صرّح أبو جهل بذلك حينما سلمت القافلة من الخطر وطُلب إليه الرجوع، قال:

والله لا نرجع حتّى نرد بدراً، فنقيم عَليه ثلاثاً، فننحر الجزر، ونطعم الطّعام، ونُسقي الخمر، وتُعزف علينا القيان، وتسمع بنا العربُ وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبداً بعدها، فامضوا(1) .

ولهذا بَذلتْ أقصى الجهد، في تجميع أكبر عدد ممكن في حملتها هذه؛ فكانت القوّة الّتي أرسلتْها تقدّر بألف فارس؛ بكامل عدتها وعتادها

عَددهَا وعِتادها :

وأخذت تستعد لهذه الحرب أياماً تعدُّ العدّة والسّلاح

____________________

(1) السّيرة النّبويّة، ابن هشام،ج3، ص270.

٢٤

وتحضُّ على جمع التّبرعات لشراء الأسلحة والذّخيرة الحربيّة، ذكر ابن أبي الحديد:

فأقامت قريش ثلاثاً تتجهّز، وأخرجت أسلحتها واشتروا سلاحاً، وأعان قويّهم ضعيفهم، وقام سهيل بن عمرو في رجال من قريش، فقال: يا معشر قريش، هذا محمّد والصّباة معه من شبّانكم، وأهل يثرب قد عرضوا لعيركم ولطيمتكم، فمن أراد ظهراً فهذا ظهر، ومن أراد قوّة فهذه قوّة.

وقام زمعة بن الأسود قائلاً:

إنّه، واللّات والعُزّى، ما نزل بكم من أمر أعظم من أنّ طمع محمّد وأهل يثرب أنْ يعرضوا ليعركم فيها خزائنكم، فأوعبوا ولا يتخلّف

٢٥

منكم أحد، ومن كان لا قوّة له فهذه قوّة، والله لئن أصابها محمّد وأصحابه، لا يروعكم منهم إلاّ وقد دخلوا عليكم بيوتكم(1) .

وتكلّم آخرون يحثّون النّاس على التّبرع، ويستنهضونهم على الخروج مع هذه الحملة التّأديبيّة، وأقبلت قريش تجمع التّبرعات، وتعدُّ الجيوش والسّلاح والرّجال، مع كامل عدّتهم وعددهم.

وهكذا تجمَّع ما يقرب من ألف رجل مع سبعمائة (700) بعير، ومن الخيل ما يقارب (100) رأس، فقد ذكر الواقدي:

وكانت الخيل لأهل القوّة منهم، وكان في بني مخزوم منها ثلاثون فرساً، وكانت الإبل سبعمائة بعير، وكان أهل الخيل كلّهم

____________________

(1) شرح النّهج، ابن أبي الحديد، ص95 و103.

٢٦

دوارع، وكانوا مئة. وكان في الرّجّالة دوارع سوى ذلك(1) .

وبعث أيماء بن رحضة الغفاري إلى قريش حين مرّوا به، ابناً له مع عدّة ذبائح أهداها لهم، قائلاً:

إنْ أحببتم أنْ نمدَّكم بسلاح ورجال فعلنا.

فأرسلوا إليه مع ابنه:

(إنّ وصْلتك رحم، قد قضيتَ الّذي عليك، فلعمري، لئن كنّا إنّما نقاتل النّاس، فما بنا من ضعف عنهم، ولئن كنّا إنّما نقاتل الله، كما يزعم محمّد، فما لأحد بالله من طاقة(2) ).

____________________

(1) شرح نهج البلاغة، ابن ابي الحديد، ص95 و103.

(2) السّيرة النّبويّة، ابن هشام، ج2، ص273.

٢٧

أَهدافها :

أراد المسلمون في غزوتهم هذه، أن يستفيدوا منها النّقاط التّاليّة:

1 - أن يستردوا بعض أموالهم؛ الّتي تركوها في هجرتهم من مكّة إلى المدينة المنوّرة؛ لتساعدهم على الضنْك الّذي يعيشونه، ولا يمكن ذلك إلاّ بالتّعرض للقافلة القرشيّة؛ لتكون عوضاً عمّا تركوه في مكّة من أموال.

2 - إضعاف قريش من النّاحية الاقتصاديّة؛ ومن ثمَّ فرض الحصار الاقتصادي عليها، لأنّه لو سيطر المسلمون على القافلة؛ لحلّت بقريش كارثة اقتصاديّة عظيمة ولفقدت جلَّ ما تملُك.

3 - إضعاف معنوية قريش وكسر شوكتها وهيبتها في نفوس القبائل العربيّة الأخرى؛ حتّى يتمكن المسلمون أنْ يتَّصلوا بهذه القبائل وينشروا الإسلام وتعاليمه بين صفوفها.

٢٨

الرّسول( صلّى الله عليه وآله ) يستعدّ لهذه الغزوة :

هذه هي بعض الأهداف المستوحاة من هذه الغزوة، ولهذا لمّا سمع الرّسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، برجوع القافلة من الشّام بقيادة أبي سفيان، ندب إليها المسلمين، قائلاً:

«هذه عير قريش، فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعلّ ينفلكموها»(1) .

فاستجاب المسلمون لنداء النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وخرج النّبي يوم الاثنين لثمان ليال مضت من شهر رمضان بالعدد المذكور، وتخلّف بعض النّاس؛ وذلك أنّهم لم يظنّوا أنّ الرّسول يلقى حرباً؛ وإنّما هي غزوة تصدٍّ لقافلة لا أكثر، والتّصدّي لا يحتاج إلى كثير رِجال؛ ولهذا تخلّف غالبيّة المسلمين.

القافلةوأخبارها :

القافلة القرشيّة كانت جداً حذرة في سيرها ومسيرها،

____________________

(1) السّيرة النّبويّة، ابن هشام،ج2،ص258.

٢٩

لأنّها تخشى من المسلمين وسيطرتهم عليها، ولهذا نرى قائد القافلة أبا سفيان يسير قبل القافلة بمسافة كبيرة؛ لأجل استخبار الوضع وتحصيل المعلومات عن تحرُّك المسلمين وتواجدهم، فلمّا وصل أبو سفيان ومعه عمرو ابن العاص إلى الزّرقاء، وقيل إلى تبوك، لقيه رجل من جذام، قائلاً:

قد كان عرض محمّد لكم في بدأتكم في أصحابه، فقلنا: ما شعرنا، قال: بلى، فأقام شهراً، ثمَّ رجع إلى يثرب، وأنتم يوم عرض محمّد لكم مُخفّون، فهو.. الآن أحرى أن يعرض لكم؛ إنّما يعُدُّ لكم الأيّام عدّاً، فاحذروا على عيركم، فو الله ما أرى من عدد ولا كراع ولا خلقة(1) .

____________________

(1) شرح النّهج، ابن أبي الحديد،ج14، ص92.

٣٠

ففكَّر أبو سفيان مع جماعته وقرَّ رأيهم؛ أنْ يرسلوا رسولاً إلى قريش يخبرهم بذلك. فبعثوا رجلاً اسمه ضمضم بن عمرو الغفاري، وأمروه أنْ يسير بالسّرعة القصوى، فإذا وصل إلى مكّة، أن يدخلها بهيئة مخصوصة ويستغيث بنداء يُثير الهِمم، فلمّا وصلها عمد إلى أنف بعيره فقطعه، وحوَّل رحله، وشق قميصه مِن قبل ودبر، وصرخ مستغيثاً منادياً:

يا معشر قريش، اللطيمة، اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمّد في أصحابه، لا أرى إلاّ أنْ تدركوها، الغوث، الغوث(1) .

فعندها تجهَّزت قريش سراعاً، فكانوا بين رجلين: إمّا خارج، وإما باعث مكانه رجلاً. ولم يتخلّف من أشرافها أحدٌ، وخرجوا مسرعين.

____________________

(1) السّيرة النّبويّة، ابن هشام،ج2، ص260.

٣١

أبو سفيان ينجو بقافلته :

ولمّا علم أبو سفيان بخروج محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه في المدينة للسيطرة على القافلة، غيّر مسراه؛ وسار في طريق غير مسلوك سيراً لا يهدأ ليلاً ولا نهارا،ً حتّى أفلت من قبضة المسلمين. وأرسل رسولاً إلى قريش يُخبرهم بسلامته وسلامة قافلته، قائلاً:

إنّكم إنّما خرجتم لتمنعوا عيركم ورجالكم وأموالكم، فقد نجّاها الله، فارجعوا(1) .

الخلافيدبّ بين صفوف قريش :

ولمّا سمعت قريش بنجاة القافلة ووصولها سالمة، اختلفوا فيما بينهم، فبعضهم أراد الرّجوع، وعلى رأسهم الأخنس بن شريق بن عمرو الثّقفي، فإنّه قام خطيباً في بني زُهرة، وكان حليفاً لهم في منطقة الجُحفة، قائلاً:

____________________

(1) السّيرة النّبويّة، ابن هشام، ج2، ص270.

٣٢

يا بني زُهرة، قد نجّى الله لكم أموالكم، وخلّص لكم صاحبكم مخرمة بن نوفل - وكان مع القافلة -، وإنّما نفرتم لتمنعوه وماله، فاجعلوا بي جُبنها وارجعوا، فإنّه لا يصلح لكم بأنْ تخرجوا في غيرة صنيعة؛ أي منفعة، لا ما يقول هذا - ويعني بأبي جهل - فرجعوا فلم يشهدها زهريّ واحد.

ثُمَّ جاء حكيم بن حزام إلى عتبة بن ربيعة، قائلاً له:

يا أبا الوليد، إنّك كبيرُ قريش وسيِّدُها والمطاع فيها، هل لك أنْ لا تزال تُذكر فيها بخير إلى آخر الدّهر؟

فقال عُتبة:

وما ذاك يا حكيم؟، قال: ترجع

٣٣

بالنّاس، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي، قال: قد فعلتَ أنت عليّ بذلك، إنّما هو حليفي فعليَّ عقلهُ وما أُصيب من ماله، فأتِ بن الحنظليّة - ويعني بأبي جهل - فإنّي لا أخشى أنْ يشجر أمر النّاس غيرُه، ثم قام خطيباً، قائلاً:

يا معشر قريش، إنّكم والله ما تصنعون بأنْ تلقوا محمّداً وأصحابه شيئاً، والله لئن أصبتموه لا يزال الرّجلُ ينظر في وجه رجل يكره النّظر إليه، قَتَل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلاً من عشيرته، فارجعوا، وخلّوا بين محمّد وبين سائر العرب، فإنْ أصابوه فذاك الّذي أردتم، وإنْ كان غير

٣٤

ذلك، ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون.

أبو جهل رأس المعارضة:

ولمّا انتهى عُتبة من كلامه؛ وكان رجلاً منصفاً، سار حكيم بن حزام إلى أبي جهل، فقال له: يا أبا الحكم، إن عُتبة أرسلني إليك، وسرد عليه ما قاله عُتبة. فانتفخ سحرهُ غاضباً، قائلاً:

(كلا، والله لا نرجع حتّى يحكم الله بيننا وبين محمّد، وما بعُتبة ما قال، ولكنّهُ رأى أنّ محمّداً وأصحابه أكلةُ جزور، وفيهم ابنه، فقد تخوّفكم عليه)(1) .

ثُمَّ بعث إلى عامر بن الحضرمي - وكان أخوه قتله المسلمون، فقال له:

____________________

(1) السّيرة النّبويّة، ابن هشام،ج2، ص275.

٣٥

هذا حليفك - يعني عُتبة - يريد أنْ يرجع بالنّاس، وقد رأيت ثأرك بعينك، فقم فانشد خفرتك ومقتل أخيك.

فقام أخو القتيل منادياً صارِخاً:

واعمراه.. واعمراه.

فحميت الحرب، وفشلت مساعي السّلم، وأفسد على النّاس الرّأي الّذي دعاهم إليه عُتبة.

عَليٌّ يَرأسُ دَوريّة الاستِطلاع:

فلمّا وصل الرّسول الأعظم إلى قرب بدر، أرسل فرقة استطلاعية يرأسها عليّعليه‌السلام ؛ لاستكشاف الحال وجمع المعلومات عن تحرّكات الأعداء، فسار عليّ بفرقته الاستكشافيّة، حتّى وصل إلى ماء بدر، فظفر برجلين؛ أحدهما اسمه: اسلم، وهو مولى لبني الحجاج، والثّاني اسمه: عريض، أبو يسار، مولى لبني العاص بن سعيد؛ يستقيان الماء

٣٦

لجيش قريش، فأتى بهما مخفورين إلى الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فسألهما قائلاً:

نحنُ سُقاة قريش، بعثونا نسقيهم من الماء.

فقال الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«اخبراني عن قريش؟»،

قالا: هم والله وراء هذا الكثيب الّذي ترى بالعُدْوة القصوى - (وهم العَقَنْقَل) -، فقال لهما الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :«كم القوم؟»،

قالا: كثير، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما عددهم؟»، قالا: لا ندري.

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كم ينحرون كلَّ يوم؟»،

قالا: يوماً تسعاً، ويوماً عشراً.

٣٧

فقال رسول الله: «القوم فيما بين التّسعمائة والألف».

ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهما: «فمن فيهم من أشراف قريش؟»، قالا:

(عُتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو البختريّ بن هشام، وحكيم بن حزام، ونوفل بن خويلد، والحارث بن عامر بن نوفل، وطعيمة بن عدي بن نوفل، والنّضر بن الحارث، وزمعة بن الأسود، وأبو جهل بن هشام، وأُميّة بن خلف، ونبيه ومُنبّه ابنا الحجّاج، وسهيل بن عمرو، وعمرو بن عبدود(1) .

____________________

(1) السّيرة النّبويّة، ابن هشام،ج2، ص269.

٣٨

الرّسول يَسَتشيُر أصَحابُه

فلمّا علم الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ قريشاً قد أعدّت العُدَّة الكافيّة لمحاربته، والقضاء على دعوته، ولم يكن هو مستعداً لهذا الجيش القادم؛ وإنّما كان استعداده لمقابلة قافلة تجاريّة، تحميها عشرات من الرّجال، كان أمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يدور بين أنْ يرجع وبين أنْ يقتحم المعركة ويقاتل بجيشه الصّغير عدَّة وعدداً، والكبير روحاً ومعنويّة. فعندها التفت إلى أصحابه ليستخبر نيّاتهم، ويستكشف غاياتهم، وهو في منطقة (وادي ذفران)، قائلاً: «أشيروا عليَّ، هذه مكّة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها».

فقام إليه المقداد بن عمرو (رضوان الله عليه)، قائلاً:

يا رسول الله، امض لما أراك الله، فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى، بل نقول:

اذهب أنت وربّك فقاتلا إنّا معكما

٣٩

مقاتلون، فوالّذي بعثك بالحق، لو سرت بنا إلى بَرك الغِماد(1) لجالدنا معك من دونه، حتّى تبلغه(2) .

فدعا له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيراً، ثم توجّه نحو الأنصار، قائلاً:

«أشيروا عليَّ أيها النّاس».

فأجابه سعد بن معاذ، قائلاً:

والله لكأنَّك تريدُنا يا رسول الله؟

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أجل!»، قال سعد: (فقد آمنَّا بك وصدَّقناك، وشهدنا أنْ ماجئت به هو الحق،

____________________

(1) بَرك الغِماد: موضع بناحية اليمن، ويضرب به المثل لبُعده.

(2) السّيرة النّبويّة، ابن هشام، ج2، ص266 و267.

٤٠

الحجة سنة ٣٦٧ ه‍، وأملى المجلس (٢٧) في غرة المحرم سنة ٣٦٨ ه‍ بعد رجوعه من المشهد، وأملى المجلس (٩٣) يوم الجمعة الثاني عشر من شعبان سنة ٣٦٨ ه‍ في نيسابور، وأملى المجلس (٩٤) يوم الثلاثاء السابع عشر من شعبان سنة ٣٦٨ ه‍ في مشهد الامام الرضا عليه السلام، وهكذا بقية المجالس.

ويحتوي كتاب الامالي للشيخ الصدوق على طائفة من الاحاديث النبوية الشريفة وأحاديث أهل البيت عليهم السلام في موضوعات مختلفة، منها أحاديث في بعض جوانب السيرة المحمّدية، وأحاديث في الاسراء والمعراج، وعلى أدعية ومواعظ مأثورة، وعلى فضائل أهل البيت عليهم السلام وأحوالهم ومناقبهم، هذا فضلا عن الموضوعات التاريخية والاخلاقية والعقائدية المختلفة التي تناولها الشيخ في كتابه هذا.

وطبع هذا الكتاب مرارا حيث طبع بطهران سنة ١٣٠٠ ه، وأخرى سنة ١٣٧٤ ه، وأخرى سنة ١٣٧٣ ه في مطبعة الحكمة بقم، وأخرى سنة ١٤٠٠ ه في مؤسسة الاعلمي ببيروت، وله ترجمة بالفارسية للسيد علي الامامي، وأخرى للسيد صادق ابن السيد حسين التوشخانلي فرغ منها سنة ١٣٠١ ه‍، وترجمة أخرى للشيخ محمّد باقر كوه كمره اي المتوفي في ٥ محرم سنة ١٤١٦ ه، وهي مطبوعة مع الاصل العربي من منشورات المكتبة الاسلامية، طهران.

أسانيد وطرق رواية الامالي:

هناك طرق كثيرة في رواية هذا الكتاب، متصلة الاسناد إلى المصنف رحمه الله، يوجد بعض منها في إجازات ومصنفات علمائنا المتأخرين عنه، أو في مصادر ترجمة المؤلف والكتاب، أو مثبتة على الصفحات الاول للنسخ المخطوطة من الكتاب، وفيما يلي خمسة أسانيد أثبتناها من النسخ المخطوطة وبعض التراجم:

١ - السند الذي أثبته الشيخ آغا بزرك الطهراني في (الذريعة) حيث قال: السند العالي إلى هذا الكتاب كما رأيته في صدر نسخة السيد محمّد الطباطبائي اليزدي

٤١

هكذا: حدثني الشيخ أبومحمّد عبدالله بن جعفر بن محمّد بن موسى بن جعفر بن محمّد بن أحمد بن العباس بن الفاخر الدوريستي، عن جده محمّد بن موسى، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن أحمد، عن مؤلفه الشيخ الصدوق. والشيخ عبدالله هذا ممن أدرك أوائل المائة السابعة كما في عنوان دوريست في (معجم البلدان) قال: (أنه توفي بعد الستمائة بيسير) فروايته عن الصدوق المتوفى سنة ٣٨١ ه‍ بثلاث وسائط سند عال كما لا يخفى(١) .

٢ - السند المثبت في نسخة ابن السكون ونسخة الروضاتي ونسخة الشيخ رضا الاستادي والامالي المطبوع، وهو: أخبرني سيدنا الشيخ الجليل العالم أبوالحسن عليّ بن محمّد بن الحسين القمي (أدام الله تأييده) سنة سبع وخمسمائة، قال: أخبرنا الشيخ الفقيه أبوالحسن عليّ بن عبد الصمد بن محمّد التميمي رحمه الله سنة أربع وسبعين وأربعمائة، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن أحمد بن عليّ سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة والسيد أبوالبركات عليّ بن الحسين الحسيني سنة ست وعشرين وأربعمائة (رضي الله عنهما)، قالا: حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضي الله عنه يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب من سنة سبع وستين وثلاثمائة.

٣ - السند المثبت في بداية نسخة مكتبة مجلس الشورى، وهو: أخبرنا الشيخ الامام الناقد، عين الدين، جمال الائمة، فريد العصر، أبوالقاسم أحمد بن حمزة النعيمي (أطال الله بقاءه)، أخبرنا الشيخ الامام العالم الزاهد موفق الدين ركن الاسلام أبوالحسن عليّ بن محمّد بن أبي الحسن بن عبد الصمد التميمي رضي الله عنه(٢) ، أخبرنا

______________

(١) الذريعة ٢: ٣١٥.

(٢) قال الشيخ آغا بزرك: هو الشيخ عليّ بن أبي الحسن محمّد بن الفقيه أبي الحسن عليّ بن عبد الصمد بن محمّد التميمي النيسابوري من العلماء الاعلام وأهل الدراية والرواية. وهو من بيت العلم، كان جده الاعلى عبد الصمد من تلاميذ الشيخ الصدوق، وجده الادنى عليّ بن عبد الصمد من تلاميذ شيخ الطائفة الطوسي، ويروى عن جمع من تلاميذ الصدوق أيضا، ووالده أبوالحسن محمّد بن عليّ هو أخو ركن الدين عليّ بن عليّ =

٤٢

الشيخ الفقيه العالم زين الدين والدي، أخبرنا الشيخ الفقيه العالم الوالد أبوالحسن عليّ بن عبد الصمد بن محمّد التميمي، أخبرنا السيد الجليل العالم أبوالبركات علي ابن الحسين العلوي الجوري (نور الله ضريحه)(١) والشيخ أبوبكر محمّد بن أحمد بن عليّ رحمه الله(٢) ، قالا: أخبرنا الشيخ الفقيه السعيد أبوجعفر محمّد بن عليّ بن موسى ابن بابويه القمي (رضي الله عنه وأرضاه).

٤ - السند المثبت في بداية نسخة الحاج أفضل، وهو: يقول عليّ بن محمّد بن أبي الحسن (عليّ بن) عبد الصمد التميمي كاتب هذه النسخة، والشيخ أبوبكر أحمد ابن علي رحمه الله: حدّثنا بجميع ما في هذا الكتاب الشيخ الفقيه العالم الزاهد المفيد والدي (طيب الله تربته) قراءة عليه، وخطه عندي حجة في شهور سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة، قال: حدّثنا الشيخ الفقيه والدي، قال: حدثني السيد العالم أبوالبركات عليّ بن الحسين الجوري، قال: حدّثنا الشيخ الفقيه الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ ابن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (قدس الله روحهم ونور ضريحهم).

______________

= ابن عبد الصمد، وهو يروي عن والده سنة ٥٣٣ كما صرح به في أول سند (الامالي) الذي استنسخه بنفسه وذكر أنه يروي عن والده في التاريخ، وهو عن والده أبي الحسن الفقيه عليّ بن عبد الصمد، عن أبي البركات علي ابن الحسين الجوري سنة ٤١٤ ه‍، عن الشيخ الصدوق (المصنف له والمتوفى ٣٨١). « الثقات العيون: ٢٠٤ ».

(١) قال الشيخ آغا بزرك: هو عليّ بن الحسين الحسيني الجوري، أبوالبركات، من تلاميذ الصدوق المتوفي سنة ٣٨١ ه‍، روى عنه تصانيفه (الامالي) وغيره، وروى عنه الفقيه أبوالحسن عليّ بن عبد الصمد بن محمّد التميمي النيسابوري قراءة عليه في سنة ٤١٤ ه‍ كما يظهر من أسانيد (منية الداعي)، ويظهر من صدر بعض نسخ (المجالس) للصدوق أنه قرأه الفقيه أبوالحسن عليّ بن عبد الصمد على أبي البركات في سنة ٤٢٦ ه‍. (النابس في القرن الخامس: ١١٩).

(٢) قال الشيخ آغا بزرك: من تلاميذ الصدوق الذي توفي سنة ٣٨١ ه‍، ويروى عنه الفقيه أبوالحسن عليّ بن عبد الصمد التميمي، كما يروى عن جمع من تلاميذ الصدوق، ومنهم أبوالبركات الجوري الذي قرأ عليه في ٤١٤ ه‍، كما في (منية الداعي) ويظهر من أول بعض نسخ (المجالس) للصدوق أنه قرأه الفقيه أبوالحسن التميمي النيسابوري المذكور على صاحب الترجمة في سنة ٤٢٣ ه‍، وعلى أبي البركات في سنة ٤٢٦ ه‍. (النابس في القرن الخامس: ١٥٠).

٤٣

٥ - السند المثبت في ترجمة عليّ بن محمّد بن عليّ بن عليّ بن عبد الصمد بن محمّد التميمي(١) في كتاب (الثقات العيون) وهو بما لفظه: حدّثنا بجميع الكتاب والدي (قدس سره) وخطه شاهد عندي في سنة ٥٣٣ ه‍، قال: حدثني والدي، قال: حدثني السيد أبوالبركات عليّ بن الحسين الجوري، والشيخ أبوبكر محمّد بن أحمد ابن علي رضي الله عنه، عن الشيخ الصدوق.

منهج التحقيق:

عمد قسم الدراسات الاسلامية في مؤسسة البعثة إلى تحقيق كتاب الامالي للشيخ الصدوق، وذلك لانه لم يحظ بما يستحقه من التصحيح والضبط على نسخه المخطوطة، وبقيت جميع طبعاته تتوالى على النسخة المطبوعة الاولى دون الاهتمام بالمقابلة والضبط وإعداد الفهارس وغيرها من مراحل التحقيق ومهامه المختلفة، وبقي الكتاب في كثير من مواضعه يعاني من مشكلات التصحيف والتحريف والاوهام في رجال السند ومتون الاحاديث، وهو ما بذلنا أقصى الجهد في سبيل تنقيته منها وتصحيحه على النسخ التالية:

١ - نسخة السيد موسى الزنجاني، وهي النسخة المطبوعة في قم سنة ١٣٧٣ ه‍، وقد قابلها بخمسة نسخ مخطوطة:

أوّلاً: نسخة الشيخ رضا الاستادي، وقد رمز لها ب (دى).

ثانياً: نسخة الحاج أفضل، وقد رمز لها ب (ضل).

______________

(١) قال الشيخ آغا بزرك: هو عليّ بن محمّد بن عليّ بن عليّ بن عبد الصمد بن محمّد التميمي، وهو يروي عن محمّد بن عليّ بن عبد الصمد مصرحا بأنه عم أبيه في كتابه (منية الداعي)، كما يروي عن عليّ بن عليّ بن عبد الصمد مصرحا بأنه جده، وقد كتب صاحب الترجمة نسخة (الامالي) للصدوق، واستنسخ صاحب (المعالم) نسخة عن خطه ونقل صورة خطه في آخر النسخة. « الثقات العيون: ٢٠٥ ».

٤٤

ثالثاً: نسخة ابن السكون(١) ، وقد رمز لها ب (س).

رابعاً: نسخة الروضاتي، وقد رمز لها ب (ض).

خامساً: نسخة مكتبة مجلس الشورى، وقد رمز لها ب (ش).

٢ - نسخة السيد عبد العزيز الطباطبائي رحمه الله، وهي النسخة المطبوعة في بيروت سنة ١٤٠٠ ه‍، وقد قابلها بنسخة ابن السكون أيضا.

ويمكن إجمال عملنا في هذا الكتاب بالنقاط التالية:

١ - مقابلة نسخة السيد عبد العزيز الطباطبائي بنسخة السيد الزنجاني، وتثبيت كافة الاختلافات على نسخة واحدة، ومن ثم قابلنا هذه النسخة بالمنقول من كتاب الامالي في (بحار الانوار) للعلامة المجلسي.

٢ - تقويم النص بتخليصه من التصحيف والتحريف والسقط وشرح غريبه وضبط الآيات القرآنية وتخريجها، وقد أثبتنا ما هو صحيح من مجموع النسخ.

٣ - ترقيم الاحاديث برقم عام مسلسل، ورقم آخر خاص لكل مجلس.

٤ - إلحاق فهارس فنية متعددة تسهل الاستفادة من الكتاب.

شكر وثناء:

يتقدم قسم الدراسات الاسلامية في مؤسسة البعثة بوافر الشكر والتقدير ومزيد الامتنان لسماحة العلامة السيد موسى الزنجاني، وبخالص الدعاء بالرحمة والمغفرة لفقيد العلم السيد عبد العزيز الطباطبائي رحمه الله لتفضلهما بنسختيهما الخاصتين من الكتاب والمقابلتين بالنسخ المخطوطة، مع الاستفادة من ملاحظاتهما

______________

(١) وهو أبوالحسن عليّ بن محمّد بن محمّد بن عليّ الحلي النحوي اللغوي الشاعر الفقيه من ثقات علماء الامامية، كان رحمه الله حسن الفهم جيد الضبط حريصا على تصحيح الكتب، توفي في حدود سنة ٦٠٦ ه‍. « الكنى والالقاب ١: ٣١٤ ».

٤٥

القيمة المثبتة عليهما.

ويتقدم أيضا بمزيد من الثناء والتقدير للاخوة المساهمين في إنجاز تحقيق هذا الكتاب وإخراجه بشكل يناسب مقام مؤلفه رحمه الله ويكون أكثر فائدة لمريديه، ونخص بالذكر منهم: السيد إسماعيل الموسوي، السيد عباس بني هاشمي، السيد عبد الحميد الرضوي، الاخ علي الكعبي، الاخ عصام البدري، الشيخ كريم الزريقي، الاخ كريم راضي الواسطي، الاخ زهير جواد.

وفق الله العاملين في سبيل إحياء تراث أهل البيت عليهم السلام وسدد خطاهم.

قسم الدراسات الاسلامية

مؤسسة البعثة - قم

٤٦

صورة الصفحة الأولي من نسخة السيد موسي الزنجاني

٤٧

صورة الصفحة الأولي من نسخة السيد موسي الزنجاني

٤٨

[ ١ ]

الحمد لله رب العالمين، وصلواته على سيدنا محمّد وآله الطاهرين

المجلس الاول

وهو يوم الجمعة

لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة سبع وستين وثلاثمائة

١/١ - أخبرنا الشيخ الامام الناقد، عين الدين، جمال الائمة، فريد العصر، أبوالقاسم أحمد بن حمزة النعيمي (أطال الله بقاءه)، أخبرنا الشيخ الامام العالم الزاهد موفق الدين، ركن الاسلام، أبوالحسن عليّ بن محمّد بن أبي الحسن بن عبد الصمد التميمي رضي الله عنه، أخبرنا الشيخ الفقيه العالم زين الدين والدي، أخبرنا الشيخ الفقيه العالم الوالد أبوالحسن عليّ بن عبد الصمد بن محمّد التميمي، أخبرنا السيد الجليل العالم أبوالبركات عليّ بن الحسين العلوي الجوري (نور الله ضريحه) والشيخ أبوبكر محمّد ابن أحمد بن عليّ رحمه الله(١) ، قالا: حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضي الله عنه يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة سبع وستين وثلاثمائة، قال: حدّثنا الشيخ يحيى بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز بالكوفة، قال: حدّثنا عمي عليّ بن العباس، قال: حدّثنا إبراهيم بن بشر بن خالد العبدي، قال: حدّثنا عمرو بن خالد، قال: حدّثنا أبوحمزة الثمالي، عن عليّ بن الحسين عليهما السلام، قال: القول الحسن يثري المال، وينمي الرزق، وينسئ في الاجل،

______________

(١) كذا في نسخة مكتبة مجلس الشورى، وهناك أسانيد وطرق اخرى في رواية الكتاب مر ذكرها في المقدمة.

٤٩

ويحبب إلى الاهل، ويدخل الجنة(١) .

٢/٢ - حدّثنا الحسن بن محمّد بن الحسن بن إسماعيل السكوني في منزله بالكوفة، قال: حدثني إبراهيم بن محمّد بن يحيى النيسابوري، قال: حدّثنا أبوجعفر ابن السري وأبو نصر بن موسى بن أيوب الخلال، قال: حدّثنا عليّ بن سعيد، قال: حدّثنا ضمرة بن شوذب، عن مطر، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، قال: من صام يوم ثمانية عشر من ذي الحجة، كتب الله له صيام ستين شهرا، وهو يوم غدير خم، لما أخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقال: يا أيها الناس، ألست أولى بالمؤمنين؟ قالوا: نعم يا رسول الله، قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقال له عمر: بخ بخ يا بن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كل مسلم، فأنزل الله عزّوجلّ:( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) (٢) .

٣/٣ - حدّثنا أبوالقاسم الحسن بن محمّد السكوني، قال: حدّثنا الحضرمي، قال: حدّثنا يحيى الحماني، قال: حدّثنا أبوعوانة، عن أبي بلج، عن عمرو بن ميمون، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: علي ولي كل مؤمن بعدي.

٤/٤ - حدّثنا الحسن بن عبدالله بن سعيد العسكري، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن الحسن بن دريد، قال: أخبرنا أبوحاتم، عن العتبي - يعني محمّد بن عبيد الله - عن أبيه، قال: وأخبرنا عبدالله بن شبيب البصري، قال: حدّثنا زكريا بن يحيى المنقري، قال: حدّثنا العلاء بن الفضل(٣) ، عن أبيه، عن جده، قال: قال قيس بن عاصم: وفدت مع جماعة من بني تميم إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فدخلت وعنده الصلصال بن الدلهمس(٤) ، فقلت: يا نبي الله، عظنا موعظة ننتفع بها، فإنا قوم نعمر(٥)

______________

(١) الخصال: ٣١٧/١٠٠، بحار الانوار ٧١: ٣١٠/١.

(٢) روضة الواعظين: ٣٥٠، إثبات الهداة ٣: ٣٧٥/٢١١، والآية من سورة المائدة ٥: ٣.

(٣) في النسخ: العلاء بن محمّد بن الفضل، وصوابه ما أثبتناه، انظر الخصال، تهذيب التهذيب ٨: ١٨٩/٣٤٢.

(٤) انظر خبره وترجمته في الاصابة ٢: ١٩٣/٤٠٩٨.

(٥) أي نقيم، وفي نسخة: نعبر، وفي اخرى: نعير، أي نتردد.

٥٠

في البرية.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا قيس، إن مع العز ذلا، وإن مع الحياة موتا، وإن مع الدنيا آخرة، وإن لكل شئ حسيبا، وعلى كل شئ رقيبا، وإن لكل حسنة ثوابا، ولكل سيئة عقابا، ولكل أجل كتابا، وإنه لا بد لك - يا قيس - من قرين يدفن معك وهو حي، وتدفن معه وأنت ميت، فإن كان كريما أكرمك، وإن كان لئيما أسلمك، ثم لا يحشر إلا معك، ولا تبعث إلا معه، ولا تسأل إلا عنه، فلا تجعله إلا صالحا، فإنه إن صلح أنست به، وإن فسد لا تستوحش إلا منه، وهو فعلك.

فقال: يا نبي الله، أحب أن يكون هذا الكلام في أبيات من الشعر، نفخر به على من يلينا من العرب، وندخره. فأمر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من يأتيه بحسان.

قال: فأقبلت أفكر فيما أشبه هذه العظة من الشعر، فاستتب لي القول قبل مجئ حسان، فقلت: يا رسول الله، قد حضرتني أبيات أحسبها توافق ما تريد. فقلت لقيس(١) :

تخير خليطا من فعالك إنما

قرين الفتى في القبر ما كان يفعل

ولا بد بعد الموت من أن تعده

ليوم ينادى المرء فيه فيقبل

فإن كنت مشغولا بشئ فلا تكن

بغير الذي يرضى به الله تشغل

فلن يصحب الانسان من بعد موته

ومن قبله إلا الذي كان يعمل

ألا إنما الانسان ضيف لاهله

يقيم قليلا بينهم ثم يرحل(٢)

٥/٥ - حدّثنا أحمد بن يحيى المكتب، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم، قال: حدّثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدّثنا الزبير بن بكار، قال: حدّثنا محمّد بن الضحاك، عن نوفل بن عمارة، قال: أوصى قصي بن كلاب بنيه، فقال: يا بني، إياكم

______________

(١) الذي في الاصابة ٢: ١٩٣/٤٠٩٨: أن القائل هو الصلصال.

(٢) الخصال: ١١٤/٩٣، معاني الاخبار: ٢٣٢/١، بحار الانوار ٧١: ١٧٠/١.

٥١

وشرب الخمر، فإنها إن أصلحت الابدان، أفسدت الاذهان(١) .

٦/٦ - حدّثنا عليّ بن الحسين بن شقير(٢) بن يعقوب بن الحارث بن إبراهيم الهمداني في منزله بالكوفة، قال: حدّثنا أبوعبدالله جعفر بن أحمد بن يوسف الازدي، قال: حدّثنا عليّ بن بزرج الحناط، قال: حدّثنا عمرو بن اليسع، عن شعيب الحداد، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام يقول: إن حديثنا صعب مستصعب، لا يحتمله إلا ملك مقرب، أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان، أو مدينة حصينة.

قال عمرو: فقلت لشعيب: يا أبا الحسن، وأي شئ المدينة الحصينة؟ قال: فقال: سألت الصادق عليه السلام عنها، فقال لي: القلب المجتمع(٣) .

٧/٧ - أخبرنا أبوالحسين محمّد بن هارون الزنجاني، قال: حدّثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدّثنا عبدالله بن أسماء، قال: حدّثنا جويرية، عن سفيان الثوري، عن منصور، عن أبي وائل، عن وهب بن منبه، قال: وجدت في بعض كتب الله عزّوجلّ: أن يوسف عليه السلام مر في موكبه على امرأة العزيز وهي جالسة على مزبلة، فقالت: الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا، أصابتنا فاقة فتصدق علينا.

فقال يوسف عليه السلام: غموط النعم(٤) سقم دوامها، فراجعي ما يمحص عنك دنس الخطيئة، فإن محل الاستجابة قدس القلوب وطهارة الاعمال.

______________

(١) روضة الواعظين: ٤٦٤.

(٢) كذا في النسخ، ويأتي أيضا بهذا العنوان في المجلس (٦١) حديث (٢)، وفي معاني الاخبار، والخصال، وعلل الشرائع: ٣٠٩/٤ باب ٢٦٢: عليّ بن الحسين بن سفيان.

(٣) معاني الاخبار: ١٨٩/١، الخصال: ٢٠٧/٢٧، بحار الانوار ٢: ١٨٣/١، قال المجلسي رحمه الله: المراد بالقلب المجتمع: القلب الذي لا يتفرق بمتابعة الشكوك والاهواء ولا تدخل فيه الاوهام الباطلة والشبهات المضلة.

(٤) غمط النعمة: تحقيرها والبطر بها وترك شكرها.

٥٢

فقالت: ما اشتملت بعد على هيئة التأثم(١) ، وإني لاستحيي أن يرى الله لي موقف استعطاف ولما تهريق العين عبرتها، ويؤدي الجسد ندامته.

فقال لها يوسف: فجدي، فالسبيل هدف الامكان قبل مزاحمة العدة(٢) ونفاد المدة. فقالت: هو عقيدتي، وسيبلغك إن بقيت بعدي. فأمر لها بقنطار من ذهب، فقالت: القوت بتة(٣) ، ما كنت لارجع إلى الخفض وأنا مأسورة في السخط. فقال بعض ولد يوسف ليوسف: يا أبه، من هذه التي قد تفتت لها كبدي، ورق لها قلبي؟ قال: هذه دابة الترح(٤) في حبال الانتقام. فتزوجها يوسف عليه السلام، فوجدها بكرا، فقال: أنى وقد كان لك بعل؟! فقالت: كان محصورا بفقد الحركة وصرد(٥) المجاري(٦) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله وسلم

______________

(١) التأثم: التوبة والاستغفار وتجنب الاثم.

(٢) قال المجلسي رحمه الله: العدة، بالكسر، أي قبل انتهاء الاجل وعدد أيام العمر وساعاته، ويحتمل الضم أيضا، من الاستعداد، أي قبل نفاد القوى والجوارح والادوات التي بها يتيسر العمل.

(٣) أي على قدر الحاجة.

(٤) الترح: الحزن والغم.

(٥) الصرد: البرد، وكلامها كناية عن أن زوجها الاول عنين.

(٦) بحار الانوار ١٢: ٢٥٤/١٨.

٥٣

[ ٢ ]

المجلس الثاني

وهو يوم الثلاثاء

لسبع بقين من رجب سنة سبع وستين وثلاثمائة

٨/١ - حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق، قال: حدّثنا عبد العزيز ابن يحيى البصري، قال: حدّثنا المغيرة بن محمّد، قال: حدثني جابر بن سلمة، قال: حدّثنا حسين بن حسن، عن عامر السراج، عن سلام الخثعمي، عن أبي جعفر محمّد ابن علي الباقر عليه السلام، قال: من صام من رجب يوما واحدا، من أوله أو وسطه أو آخره، أوجب الله له الجنة، وجعله معنا في درجتنا يوم القيامة، ومن صام يومين من رجب، قيل له: استأنف العمل، فقد غفر لك ما مضى، ومن صام ثلاثة أيام من رجب، قيل له: قد غفر لك ما مضى وما بقي، فاشفع لمن شئت من مذنبي إخوانك وأهل معرفتك، ومن صام سبعة أيام من رجب، أغلقت عنه أبواب النيران السبعة، ومن صام ثمانية أيام من رجب، فتحت له أبواب الجنة الثمانية، فيدخلها من أيها شاء(١) .

٢/٩ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، قال: حدثني

______________

(١) فضائل الاشهر الثلاثة: ١٩/٤، بحار الانوار ٩٧: ٣١/٣.

٥٤

جماعة من مشايخنا، منهم أبان بن عثمان، وهشام بن سالم، ومحمّد بن حمران، عن الصادق عليه السلام، قال: عجبت لمن فزع من أربع كيف لا يفزع إلى أربع: عجبت لمن خاف العدو كيف لا يفزع إلى قوله تعالى:( حَسْبُنَا اللَّـهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ) (١) ! فإني سمعت الله عزّوجلّ يقول بعقبها:( فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ) (٢) ، وعجبت لمن اغتم كيف لا يفزع إلى قوله تعالى:( لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ) (٣) ! فإني سمعت الله عزّوجلّ يقول بعقبها:( فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ ) (٤) ، وعجبت لمن مكر به كيف لا يفزع إلى قوله تعالى:( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ) (٥) ! فإني سمعت الله عزّوجلّ يقول بعقبها:( فَوَقَاهُ اللَّـهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ) (٦) ، وعجبت لمن أراد الدنيا وزينتها كيف لا يفزع إلى قوله تعالى:( مَا شَاءَ اللَّـهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّـهِ ) (٧) ! فإني سمعت الله عزّوجلّ يقول بعقبها:( إِن تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالًا وَوَلَدًا ، فَعَسَىٰ رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِّن جَنَّتِكَ ) (٨) وعسى موجبة(٩) .

١٠/٣ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، قال: حدّثنا أبي، عن الريان بن الصلت، عن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: قال الله عزّوجلّ: ما آمن بي من فسر برأيه كلامي، وما عرفني من شبهني بخلقي، وما على

______________

(١) آل عمران ٣: ١٧٣.

(٢) آل عمران ٣: ١٧٤.

(٣) الانبياء ٢١: ٨٧.

(٤) الانبياء ٢١: ٨٨.

(٥) غافر ٤٠: ٤٤.

(٦) غافر: ٤٠: ٤٥.

(٧) الكهف ١٨: ٣٩.

(٨) الكهف ١٨: ٣٩ و ٤٠.

(٩) الخصال: ٢١٨/٤٣، بحار الانوار ٩٣: ١٨٤/١.

٥٥

ديني. من استعمل القياس في ديني(١) .

١١/٤ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا إبراهيم ابن هاشم، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن أميرالمؤمنين عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من لم يؤمن بحوضي فلا أورده الله حوضي، ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أنا له الله شفاعتي، ثم قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: إنما شفاعتي لاهل الكبائر من أمتي، فأما المحسنون فما عليهم من سبيل.

قال الحسين بن خالد: فقلت للرضا عليه السلام: يا بن رسول الله، فما معنى قول الله عزّوجلّ:( وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَىٰ ) (٢) ؟ قال: لا يشفعون إلا لمن ارتضى الله دينه(٣) .

١٢/٥ - حدّثنا الحسين بن أحمد رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا محمّد ابن أبي الصهبان، قال: حدّثنا أبوأحمد محمّد بن زياد الازدي، قال: حدثني أبان الاحمر، عن الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام: أنه جاء إليه رجل، فقال له: بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله، علمني موعظة. فقال عليه السلام: إن كان الله تبارك وتعالى قد تكفل بالرزق، فاهتمامك لماذا؟ وإن كان الرزق مقسوما، فالحرص لماذا؟ وإن كان الحساب حقا، فالجمع لماذا؟ وإن كان الثواب من الله، فالكسل لماذا؟ وإن كان الخلف من الله عزّوجلّ حقا، فالبخل لماذا؟ وإن كانت العقوبة من الله عزّوجلّ النار، فالمعصية لماذا؟ وإن كان الموت حقا، فالفرح لماذا؟ وإن كان العرض على الله عزّوجلّ حقا، فالمكر لماذا؟ وإن كان الشيطان عدوا، فالغفلة لماذا؟ وإن كان الممر على الصراط حقا، فالعجب لماذا؟ وإن كان كل شئ بقضاء وقدر، فالحزن

______________

(١) التوحيد: ٦٨/٢٣، عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ١١٦/٤، الاحتجاج: ٤١٠، بحار الانوار ٢: ٢٩٧/١٧، و ٣: ٢٩١/٩.

(٢) الانبياء ٢١: ٢٨.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ١٣٦/٣٥، بحار الانوار ٨: ١٩/٤.

٥٦

لماذا؟ وإن كانت الدنيا فانية، فالطمأنينة إليها لماذا(١) ؟

١٣/٦ - حدّثنا الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي، قال: حدّثنا فرات بن إبراهيم الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن عليّ بن معمر، قال: حدّثنا أحمد بن عليّ الرملي، قال: حدّثنا محمّد بن موسى، قال: حدّثنا يعقوب بن إسحاق المروزي، قال: حدّثنا عمرو بن منصور، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبيه، عن أبي هارون العبدي، عن جابر بن عبدالله الانصاري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: عليّ بن أبي طالب أقدم أمتي سلما، وأكثرهم علما، وأصحهم دينا، وأفضلهم يقينا، وأحلمهم حلما، وأسمحهم كفا، وأشجعهم قلبا، وهو الامام والخليفة بعدي(٢) .

١٤/٧ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا إبراهيم بن عمروس الهمداني بهمدان، قال: حدّثنا أبوعلي الحسن بن إسماعيل القحطبي، قال: حدّثنا سعيد بن الحكم بن أبي مريم، عن أبيه، عن الاوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبدالله بن مرة، عن سلمة بن قيس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: علي في السماء السابعة كالشمس بالنهار في الارض، وفي السماء الدنيا كالقمر بالليل في الارض، أعطى الله عليا من الفضل جزءا لو قسم على أهل الارض لوسعهم، وأعطاه من الفهم جزءا لو قسم على أهل الارض لوسعهم، شبهت لينه بلين لوط، وخلقه بخلق يحيى، وزهده بزهد أيوب، وسخاءه بسخاء إبراهيم، وبهجته ببهجة سليمان بن داود، وقوته بقوة داود.

له اسم مكتوب على كل حجاب في الجنة، بشرني به ربي وكانت له البشارة عندي، علي محمود عند الحق، مزكى عند الملائكة، وخاصتي وخالصتي، وظاهرتي(٣) و مصباحي، وجنتي ورفيقي، آنسني به ربي عزّوجلّ، فسألت ربي أن لا

______________

(١) التوحيد: ٣٧٦/٢١، الخصال: ٤٥٠/٥٥، بحار الانوار ٧٣: ١٥٧/١ و: ١٦٠/١، و: ٣٠٠/١، و ٧٥: ٢٨٤/١، و ٧٨: ١٩٠/١.

(٢) بحار الانوار ٣٨: ٩٠/١.

(٣) ظاهرة الرجل: عشيرته.

٥٧

يقبضه قبلي، وسألت أن يقبضه شهيدا، أدخلت الجنة فرأيت حور علي أكثر من ورق الشجر، وقصور علي كعدد البشر.

علي مني وأنا من علي، من تولى عليا فقد تولاني، حب علي نعمة، واتباعه فضيلة، دان به الملائكة، وحفت(١) به الجن الصالحون، لم يمش على الارض ماش بعدي إلا كان هو أكرم منه عزا وفخرا ومنهاجا، لم يك قط عجولا، ولا مسترسلا لفساد، ولا متعندا(٢) ، حملته الارض فأكرمته، لم يخرج من بطن أنثى بعدي أحد كان أكرم خروجا منه، ولم ينزل منزلا إلا كان ميمونا، أنزل الله عليه الحكمة، ورداه(٣) بالفهم، تجالسه الملائكة ولا يراها، ولو أوحي إلى أحد بعدي لاوحي إليه، فزين الله به المحافل، وأكرم به العساكر، وأخصب(٤) به البلاد، وأعز به الاجناد، مثله كمثل بيت الله الحرام، يزار ولا يزور، ومثله كمثل القمر(٥) إذا طلع أضاء الظلمة، ومثله كمثل الشمس إذا طلعت أنارت الدنيا، وصفه الله في كتابه، ومدحه بآياته، ووصف فيه آثاره، وأجرى(٦) منازله، فهو الكريم حيا والشهيد ميتا(٧) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله وسلم

______________

(١) حفي بالرجل حفاوة: تلطف به وبالغ في إكرامه، وأظهر السرور والفرح به.

(٢) في نسخة: متعقدا، وفي اخرى: منعقدا.

(٣) في نسخة: وزاده.

(٤) في نسخة: أخضب.

(٥) في نسخة: الفجر.

(٦) في نسخة: وأجزل.

(٧) بحار الانوار ٣٩: ٣٧/٧.

٥٨

[ ٣ ]

المجلس الثالث

وهو يوم الجمعة

لخمس بقين من رجب سنة سبع وستين ثلاثمائة

١٥/١ - حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رحمه الله، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن محمّد بن خالد، قال: حدّثنا محمّد ابن درستويه الفارسي، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن محمّد بن منصور، قال: حدّثنا أبوداود الطيالسي، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدثني حماد بن أبي سليمان، عن أنس، قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: من صام يوما من رجب إيمانا واحتسابا، جعل الله تبارك وتعالى بينه وبين النار سبعين خندقا، عرض كل خندق ما بين السماء والارض(١) .

١٦/٢ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رحمه الله، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الكوفي، عن عليّ بن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي ابن موسى الرضا عليه السلام قال: من صام أول يوم من رجب رغبة في ثواب الله عزّوجلّ وجبت له الجنة، ومن صام يوما في وسطه شفع في مثل ربيعة ومضر، ومن صام يوما في آخره جعله الله عزّوجلّ من ملوك الجنة، وشفعه في أبيه وأمه،

______________

(١) فضائل الاشهر الثلاثة: ١٧/٢، بحار الانوار ٩٧: ٣٢/٤.

٥٩

وابنه وابنته، واخيه وأخته، وعمه وعمته، وخاله وخالته، ومعارفه وجيرانه، وإن كان فيهم مستوجب للنار(١) .

١٧/٣ - حدّثنا الحسن بن عبدالله بن سعيد، قال: أخبرنا محمّد بن أحمد(٢) بن حمدان القشيري، قال: حدّثنا المغيرة بن محمّد بن المهلب، قال: حدّثنا عبد الغفار بن محمّد بن كثير الكلابي الكوفي، عن عمرو بن ثابت، عن جابر، عن أبي جعفر محمّد ابن عليّ بن الحسين، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: حبي وحب أهل بيتي نافع في سبعة مواطن، أهو الهن عظيمة: عند الوفاة، وفي القبر، وعند النشور، وعند الكتاب، وعند الحساب، وعند الميزان، وعند الصراط(٣) .

١٨/٤ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، قال: حدّثنا أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن إسماعيل بن مهران، عن سيف بن عميرة، عن سليمان بن جعفر النخعي، عن محمّد بن مسلم وغيره، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، قال: سئل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن خيار العباد، فقال: الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساءوا استغفروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا غضبوا غفروا(٤) .

١٩/٥ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن زرعة، عن سماعة بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، أنه قال: أيما مسافر صلى الجمعة رغبة فيها وحبالها، أعطاه الله عزّوجلّ أجر مائة جمعة

______________

(١) فضائل الاشهر الثلاثة: ١٧/١، عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٩١/٤٠، بحار الانوار ٩٧: ٣٢/٥.

(٢) في النسخ: عمر بن أحمد، والصواب ما أثبتناه، انظر: كمال الدين: ٢٣٧/٥٤، الخصال: ٣٦٠/٤٩، معاني الاخبار: ٩٠، ميزان الاعتدال ٣: ٤٦٣/٧١٦٩.

(٣) الخصال: ٣٦٠/٤٩، بحار الانوار ٢٧: ١٥٨/٣.

(٤) الكافي ٢: ١٨٨/٣١، الخصال: ٣١٧/٩٩، تحف العقول: ٤٤٥، بحار الانوار ٦٩: ٣٠٥/٢٦.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780