الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق5%

الأمالي شيخ الصدوق مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 780

الأمالي شيخ الصدوق
  • البداية
  • السابق
  • 780 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 464956 / تحميل: 8985
الحجم الحجم الحجم
الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

ولو سار المسافر في الحال طالباً للشفعة ، لم تسقط شفعته بترك الإشهاد ، ولا يكون الإشهاد واجباً. وكذا لو بعث وكيله في الحال ولم يُشهد.

وللشافعي قولان(١) .

وكذا لو كان حاضراً في البلد فخرج في الحال إلى المشتري أو إلى الحاكم ولم يُشهد.

مسالة ٧٨٨ : إذا علم بالشفعة ، مضى إلى المشتري‌ ، ولا يحتاج أن يرفع ذلك إلى الحاكم ؛ لأنّ الشفعة ثبتت بالنصّ والإجماع ، فلا تفتقر إلى الحاكم ، كمدّة الإيلاء والردّ بالعيب ، وبه قال الشافعي(٢) .

فإذا لقي المشتري ، بدأه بالسلام ؛ لأنّه سنّة. قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَنْ بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه »(٣) فيقول : السلام عليكم ، أو : سلام عليك ، أو : سلام عليكم ، ولا تبطل بذلك شفعته.

قال الجويني : ومَنْ غلا(٤) في اشتراط قطع ما هو مشغول به من الطعام وقضاء الحاجة لم يبعد أن يشترط فيه ترك الابتداء بالسلام(٥) .

وكذا لا تبطل لو قال عقيب السلام حديثاً آخَر يتّصل بالسلام ، كقوله : بارك الله لك في صفقة يمينك.

قال الشافعي : لا تبطل الشفعة ؛ لأنّ ذلك يتّصل بالسلام ، ويكون‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٩.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٥٢ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٠٤ و ٥٤٠.

(٣) حلية الأولياء ٨ : ١٩٩ ، وانظر : الكافي ٢ : ٤٧١ / ٢.

(٤) في النسخ الخطيّة والحجريّة : « عذر » بدل « غلا ». وما أثبتناه من المصدر.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٢ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩١.

٣٢١

دعاءً لنفسه ؛ لأنّ الشقص يرجع إليه(١) .

وله قولٌ آخَر : البطلان(٢) .

ولو قال غير ذلك ، فقد أخّر الشفعة لغير عذر.

ولو قال عند لقائه : بكَمْ اشتريته؟ لم تبطل شفعته - وهو أحد قولي الشافعيّة(٣) - لافتقاره إلى تحقّق ما أخذ به(٤) .

وقال الباقون : تبطل ؛ لأنّه تأخير ، لأنّ من حقّه أن يظهر الطلب ثمّ يبحث(٥) .

ولو قال : اشتريت رخيصاً ، وما أشبهه ، بطلت شفعته ؛ لأنّه فضول.

مسالة ٧٨٩ : ولو لم يمض الشفيع إلى المشتري ومشى إلى الحاكم وطلب الشفعة‌ ، لم يكن مقصّراً في الطلب ، سواء ترك مطالبة المشتري مع حضوره أو غيبته.

أمّا لو اقتصر على الإشهاد بالطلب ولم يمض إلى المشتري ولا إلى القاضي مع إمكانه ، قال الشيخرحمه‌الله : لا تبطل شفعته ؛ لعدم الدليل عليه(٦) ، وبه قال أبو حنيفة(٧) .

وقال الشافعي : يكون مقصّراً ، وبطلت شفعته(٨) .

ولو جهل البطلان ، كان عذراً ، ولم يكن مقصّراً ، كما لو جهل أصل‌

____________________

(١ - ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٢ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩١.

(٤) كذا ، والظاهر : « لافتقاره إلى تحقيق ما أخذه به ».

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٢ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩١.

(٦) الخلاف ٣ : ٤٥٦ ، المسألة ٤٢.

(٧) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٣ : ٤٥٦ ، المسألة ٤٢ ، وانظر : العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٠.

(٨) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٠.

٣٢٢

الشفعة.

ولو كان المشتري غائباً ، رفع أمره إلى القاضي وأخذ ، ولم يكف الإشهاد.

ولو لم يتمكّن من الرفع إلى المشتري ولا إلى القاضي ، كفاه الإشهاد على الطلب ، فإن تمكّن بعد ذلك من المضيّ إلى المشتري أو القاضي ، فالأقرب : عدم الاكتفاء بالإشهاد السابق ، فيكون مقصّراً لو لم يمض إلى أحدهما ؛ لأنّ الالتجاء إلى الإشهاد كان لعذر وقد زال.

ولو لم يتمكّن من المضيّ إلى أحدهما ولا من الإشهاد ، فهل يؤمر أن يقول : تملّكت الشقص أو أخذته؟ الأقرب : ذلك ؛ لأنّ الواجب الطلبُ عند القاضي أو المشتري ، فإذا فات القيد ، لم يسقط الآخَر.

وللشافعيّة وجهان(١) .

مسالة ٧٩٠ : لا يجب الطلب في بلد المبايعة‌ ، فلو باع الشقص بمصر ثمّ وجد الشفيع المشتري بمصرٍ آخَر فأخّر الطلب فلمـّا رجعا إلى مصره طالَبه بالشفعة ، لم يكن له ذلك ، وسقطت شفعته.

فإن اعتذر الشفيع عن التأخير بأنّي إنّما تركت الطلب لآخذ في موضع الشفعة ، لم يكن ذلك عذراً ، وقلنا له : ليس تقف المطالبة على تسليم الشقص ، فكان ينبغي أن تطلبها حال علمك بها ، فبطل حقّك ؛ لاستغناء الأخذ عن الحضور عند الشقص.

مسالة ٧٩١ : لو أظهر المتبايعان أنّهما تبايعا بألف فترك الشفيع الشفعة فعفا أو توانى في الطلب ، ثمّ بان أنّهما تبايعاه بأقلّ من ذلك ، لم تسقط‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٠ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٠.

٣٢٣

الشفعة ، وكان للشفيع المطالبة بها ؛ لاحتمال أن يكون الترك لأجل كثرة الثمن ، فإذا كان أقلّ منه ، رغب فيه ، فلم تسقط بذلك الترك شفعتُه.

وكذا لو بلغه أنّه باعه بالثمن المسمّى سهاماً قليلة ثمّ ظهر أنّها كثيرة.

وكذا إذا كانا قد أظهرا أنّهما تبايعا ذلك بالدنانير ، فترك ثمّ بان أنّهما تبايعا ذلك بالدراهم ، تثبت الشفعة ، سواء كانت بقيمة الدراهم أو أكثر أو أقلّ - وبه قال الشافعي وزفر(١) - لأنّه قد يكون له غرض في ذلك بأن يكون مالكاً لأحد النقدين دون الذي وقع التبايع به.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمّد : إذا كانت قيمتهما سواءً ، سقطت شفعته - وبه قال بعض الشافعيّة - لأنّهما يجريان مجرى الجنس الواحد(٢) .

وكذا إن أظهرا له أنّ زيداً اشتراها ، فترك الشفعة فبانَ أنّ المشتري عمرو وأنّ زيداً كان وكيلاً لعمرو ، لم تبطل الشفعة ، وكان له المطالبة بها ؛ لاحتمال أن يكون يرضى بشركة زيد ولا يرضى بشركة عمرو.

ولو ظهر كذب نوع الثمن ، فقال : اشتريته بدراهم راضيّة ، فترك الشفعة فظهر أنّه اشترى بدراهم رضويّة ، لم تبطل شفعته ، وكان له الطلب.

وكذا لو اُخبر بأنّ المشتري اشترى النصف بمائة ، فترك الشفيع ثمّ‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٥٣ ، حلية العلماء ٥ : ٢٩٨ - ٢٩٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤١ - ٥٤٢ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٠ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٥٤٢ ، المغني ٥ : ٤٨١ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٧٩.

(٢) بدائع الصنائع ٥ : ١٩ ، الاختيار لتعليل المختار ٢ : ٧٣ - ٧٤ ، حلية العلماء ٥ : ٢٩٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٢ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩٠ - ١٩١ ، المغني ٥ : ٤٨١ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٧٩.

٣٢٤

بانَ(١) أنّه اشترى الربع بخمسين أو بالعكس ، تثبت الشفعة ؛ لأنّه قد يكون له غرض في القليل ، وقد يكون له أيضاً غرض في الكثير.

وكذا لو قيل له : باع كلّ نصيبه ، فترك ثمّ ظهر بعضه أو بالعكس ، أو أنّه باعه بثمنٍ حالّ ، فترك ثمّ ظهر أنّه مؤجّل ، أو أنّه باعه إلى شهر ، فترك فظهر أنّه إلى شهرين أو بالعكس ، أو أنّه باع رجلين فبانَ رجلاً أو بالعكس ، فترك الشفعة قبل ظهور الحال ، لم تبطل الشفعة ؛ لاختلاف الغرض بذلك.

ولو ظهر بأنّ الثمن عشرة ، فترك الشفعة ثمّ ظهر أنّ الثمن عشرون(٢) ، أو اُخبر بأنّ الثمن مؤجّل(٣) ، فترك فبانَ حالّا ، أو أنّ المبيع الجميعُ بألف فبانَ أنّ البعض بألف ، بطل حقّه من الشفعة قطعاً.

ولو أخبر(٤) أنّه اشترى النصف بمائة ، فترك الشفعة ثمّ ظهر أنّه اشترى الربع بخمسين أو بالعكس ، تثبت الشفعة ؛ لأنّه قد يكون له غرض في القليل أو الكثير.

ولو بلغه(٥) أنّ المشتري واحد ، فترك الشفعة ثمّ ظهر أنّه ذلك الواحد وآخر ، فله الشفعة من كلّ منهما ومن أحدهما إن قلنا بثبوت الشفعة مع الكثرة ، لأنّه ترك الذي ترك له على أنّه اشترى الجميع ، فإذا كان اشترى البعض ، تثبت له ، وأمّا الآخَر فلم يتركه له.

____________________

(١) في الطبعة الحجريّة : « ظهر » بدل « بان ».

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « عشرين ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « مؤجّلاً » بالنصب.

(٤) تقدّم هذا الفرع آنفا بعد قوله : « ولو ظهر كذب كان له طلب ».

(٥) تقدّم هذا الفرع آنفاً عند قوله : « أو أنّه باع أو بالعكس ».

٣٢٥

مسالة ٧٩٢ : لو أخّر الطلب واعتذر بحصول مرض أو حبس أو غيبة ، وأنكر المشتري‌ ، قُدّم قول الشفيع إن عُلم حصول العارض - الذي ادّعاه - له ، وإن لم يُعلم له هذه الحال ، قُدّم قول المشتري ؛ لأصالة العدم ، وأصالة عدم الشفعة.

ولو قال : لم أعلم ثبوت حقّ الشفعة ، أو قال : أخّرت لأنّي لم أعلم أنّ الشفعة على الفور(١) ، فإن كان قريبَ العهد بالإسلام ، أو نشأ في برّيّة لا يعرفون الأحكام ، قُبل قوله ، وله الأخذ بالشفعة ، وإلّا فلا.

مسالة ٧٩٣ : لو ضمن الشفيع العهدة للمشتري أو ضمن الدرك للبائع عن المشتري‌ ، قال الشيخرحمه‌الله : لا تسقط شفعته ، وبه قال الشافعي ، وكذا إذا شرطا الخيار للشفيع إذا قلنا بصحّة اشتراط الخيار للأجنبيّ ؛ لأنّ هذا سبب سبق وجوب الشفعة ، فلا تسقط به ، كما إذا أذن له في البيع أو عفا عن الشفعة قبل تمام البيع(٢) .

وقال أهل العراق : إنّه تسقط الشفعة ؛ لأنّ العقد تمّ به ، فأشبه البائع إذا باع بعض نصيبه ، لا شفعة له(٣) .

قالت الشافعيّة : هذا ليس بصحيح ، لأنّ البيع لا يقف على الضمان ، ويبطل بما(٤) إذا كان المشتري شريكاً ، فإنّه تثبت له الشفعة بقدر نصيبه(٥) .

____________________

(١) ورد في النسخ الخطّيّة والحجريّة قوله : « أو قال على الفور » بعد قوله : « فإن كان قريب العهد بالإسلام ». وهو سهو من النُّسّاخ.

(٢) الخلاف ٣ : ٤٤٧ ، المسألة ٢٥ ، وانظر : حلية العلماء ٥ : ٣١٢ ، والعزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٦ ، والمغني ٥ : ٥٤٣ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٨٣.

(٣) حلية العلماء ٥ : ٣١٢ ، المغني ٥ : ٥٤٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٣ ، الخلاف - للطوسي - ٣ : ٤٤٧ ، المسألة ٢٥.

(٤) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « به » بدل « بما ». والصحيح ما أثبتناه.

(٥) اُنظر : المغني ٥ : ٥٤٣ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٨٤.

٣٢٦

والقول ببطلان الشفعة لا بأس به عندي ؛ لدلالة ذلك على الرضا بالبيع.

قال الشيخرحمه‌الله : ولو كان الشفيع وكيلاً في البيع(١) ، لم تسقط شفعته ، سواء كان وكيلاً للبائع في البيع أو للمشتري في الشراء - وبه قال الشافعي - لعدم الدليل على سقوط الشفعة بالوكالة(٢) .

وقال بعض الشافعيّة : إن كان وكيلا للبائع ، فلا شفعة له ، وإن كان وكيلا للمشتري ، ثبتت له الشفعة ، والفرق : أنّه إذا كان وكيلاً في البيع ، لحقته التهمة ، وفي الشراء لا تهمة(٣) .

وقال أهل العراق : إذا كان وكيلاً للمشتري ، سقطت شفعته ، بناءً على أصلهم أنّ الوكيل يملك ، ولا يستحقّ على نفسه الشفعة(٤) .

ويحتمل عندي قويّاً بطلان الشفعة ؛ لأنّ التوكيل يدلّ على الرضا بالبيع.

مسالة ٧٩٤ : لو أذن الشفيع في البيع ، فقال : بعْ نصيبك وقد عفوت عن الشفعة‌ ، أو أبرأه(٥) من الشفعة قبل تمام البيع أو أسقط حقّه أو عفا قبل العقد ، لم تسقط شفعته ، وبه قال الشافعي(٦) .

____________________

(١) أي : بيع الشقص الذي يستحقّ به الشفعة.

(٢) الخلاف ٣ : ٤٤٨ ، المسألة ٢٧ ، وراجع : المغني ٥ : ٥٤٢ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٨٣ - ٤٨٤.

(٣) المغني ٥ : ٥٤٢ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٣.

(٤) حكاه عنهم الشيخ الطسوسي في الخلاف ٣ : ٤٤٨ ، المسألة ٢٧ ، وابنا قدامة في المغني ٥ : ٥٤٢ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٨٣.

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « أبرأ ». والظاهر ما أثبتناه.

(٦) حلية العلماء ٥ : ٣٠٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٠ / ١٩٤٨ ، المغني ٥ : ٥٤١ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٤.

٣٢٧

وحكي عن عثمان البتّي أنّه قال : تسقط الشفعة(١) ؛ لرواية جابر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « الشفعة في كلّ شرك في أرض(٢) أو رَبْع أو حائط لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع »(٣) فأجاز تركه.

والمراد العرض على الشريك ليبتاع ذلك إن أراد ، فيخفّ بذلك المؤونة عليه في أخذ المشتري الشقص ؛ لأنّ قولهعليه‌السلام : « فيأخذ » ليس بالشفعة ، لأنّ العرض متقدّم على البيع ، والأخذ متعقّب للعرض ، فقوله : « أو يدع » أي : يدع الشراء ، لا أنّه يسقط حقّه بتسليمه. والأصل فيه أنّ ذلك إسقاط حقٍّ قبل وجوبه ، فلا يصحّ ، كما لو أبرأه ممّا يدينه إيّاه.

وكذا لو قال للمشتري : اشتر فلا أطالبك بالشفعة وقد عفوت عنها ، لم يسقط حقّه بذلك.

فروع :

أ - إذا شهد الشفيع على البيع ، لم تبطل شفعته بذلك ؛ لأنّه قد يريد البيع ليأخذه بالشفعة ، وكذا في الإذن بالبيع على ما تقدّم(٤) .

ب - لو بارك للبائع فيما باع أو للمشتري فيما اشترى ، لم تسقط شفعته ، وقد سلف(٥) .

ج - لو قال الشفيع للمشتري : بِعْني أو قاسمني ، بطلت شفعته ؛ لأنّه يتضمّن الرضا بالبيع وإجازته له.

____________________

(١) مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٠ / ١٩٤٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٠٩.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « شرك بأرض ». وما أثبتناه من المصدر.

(٣) صحيح مسلم ٣ : ١٢٢٩ / ١٣٥.

(٤) في صدر المسألة ٧٩٤.

(٥) في ص ٣٢٠ ضمن المسألة ٧٨٨.

٣٢٨

د - لو شرط الخيار للشفيع فاختار الإمضاء ، سقطت شفعته إن ترتّبت على اللزوم.

مسالة ٧٩٥ : لو باع أحد الشريكين نصيبه ولم يعلم شريكه حتى باع نصيبه ثمّ علم بيع شريكه ، فالأقرب : عدم الشفعة ؛ لأنّها إنّما ثبتت لزوال الضرر بها عن نصيبه ، فإذا باع نصيبه فلا معنى لإثباتها ، كما لو وجد بالمبيع عيباً ثمّ زال قبل علم المشتري ، وهو أحد قولي الشافعي. والثاني : أنّه تثبت له الشفعة في النصيب الأوّل ؛ لأنّه استحقّ فيه الشفعة بوجود ملكه حين التبايع ، فلم يؤثّر زوال ملكه بعد ذلك(١) .

وكذا البحث لو وهب نصيبه قبل علمه بالبيع ثمّ علم ، وكذا لو تقايلا في هذا بالبيع(٢) الثاني.

إذا عرفت هذا ، فإن قلنا : لا شفعة له ، فللمشتري منه الأخذ بالشفعة ؛ لوجود المقتضي ، وهو الشركة.

وإن قلنا : له الشفعة ، فالأقرب : عدم استحقاق المشتري منه للشفعة إن قلنا بانتفاء الشفعة مع الكثرة ، وإلّا فإشكال أقربه ذلك أيضاً ؛ لأنّ الشفعة استحقّها البائع الجاهل ؛ لسبق عقد الشفعة على عقده ، فلا يستحقّها الآخَر ؛ لامتناع استحقاق المستحقّين شيئاً واحداً.

ولو كان الجاهل قد باع نصف نصيبه وقلنا بالشفعة مع الكثرة ، فوجهان :

أحدهما : أنّه تسقط الشفعة - وهو أحد قولي الشافعي(٣) - كما إذا عفا‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩١.

(٢) كذا.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩١ - ١٩٢.

٣٢٩

عن بعض الشفعة.

والثاني : لا تسقط ؛ لأنّه قد بقي من نصيبه ما يستحقّ به الشفعة في جميع المبيع لو انفرد كذا إذا بقي. ولأنّه معذور بجهله ، وقد بقيت الحاجة - الموجبة للشفعة - للمشاركة(١) .

ولو باع الشفيع نصيبه عالماً أو وهبه عالماً بثبوت الشفعة ، بطلت شفعته ، سواء قلنا : إنّ الشفعة على الفور أو على التراخي ؛ لزوال ضرر المشاركة.

ولو باع بعض نصيبه عالماً ، فإن قلنا ببطلان الشفعة مع الكثرة ، فكذلك ؛ لتكثّر الشركاء. وإن قلنا بثبوتها معها ، فالأقرب : البطلان أيضاً ؛ لثبوت التضرّر بالشركة ، فلا أثر للشفعة في زوالها.

ويحتمل عدم البطلان ؛ لأنّ تضرّر الشركة قد يحصل مع شخص دون آخَر ، ولهذا قلنا : إنّه إذا بلغه أنّ المشتري زيدٌ فترك الشفعة ثمّ بان أنّه عمرو ، لم تبطل شفعته ، كذا هنا.

أمّا لو طالب بالشفعة فامتنع عليه المشتري من الدفع بعد أن بذل المال ، لم تسقط شفعته.

فإن باع نصيبه حالة المنع منها ثمّ تمكّن من الطلب ، ففي ثبوته إشكال ينشأ : من استحقاقه للطلب أوّلاً وقد طلب ، فلا تبطل شفعته بالبيع ، والبيع معذور فيه ، لإمكان حاجته ، ومن بطلان العلّة الموجبة للشفعة ، وهي الشركة. وهو أقرب.

ولو تملّك بالشفعة فقال : تملّكت بالشفعة ، حالة منع المشتري منها ،

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٤٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٩١ - ١٩٢.

٣٣٠

فالأقرب : أنّه يملك الشقص بذلك ، فإذا باع نصيبه بعد ذلك ، لم تسقط شفعته على هذا التقدير قطعاً. وكذا له النماء من المشتري والاُجرة.

مسالة ٧٩٦ : إذا وجبت الشفعة واصطلح الشفيع والمشتري على تركها بعوض‌ ، صحّ عندنا ، وسقطت الشفعة - وبه قال مالك(١) - لعموم جواز الصلح. ولأنّه عوض على إزالة ملك في ملك ، فجاز ، كأخذ العوض على تمليك امرأته أمرها في الخلع.

وقال أبو حنيفة والشافعي : لا تصحّ المعاوضة ؛ لأنّه خيار لا يسقط إلى مال ، فلا يجوز أخذ العوض عنه ، كخيار المجلس(٢) .

وهل تبطل الشفعة؟ للشافعي وجهان :

أحدهما : البطلان ؛ لأنه تركها بعوض لا يسلم له ، فكان كما لو تركها.

والثاني : لا تسقط ؛ لأنّه لم يرض بإسقاطها مجّاناً ، وإنّما رضي بالمعاوضة عنها ، فإذا لم تثبت له المعاوضة ، كانت الشفعة باقيةً(٣) .

وهذان الوجهان جاريان في الردّ بالعيب إذا عاوض عنه وقلنا : لا تصحّ المعاوضة.

وعندنا أنّه تصحّ المعاوضة أيضاً.

مسالة ٧٩٧ : إذا وجبت الشفعة في شقص فقال صاحب الشفعة : أخذت نصف الشقص ، لم يكن له ذلك.

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٥ : ٤٨٢.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٢٤٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٥٣ ، المغني ٥ : ٤٨٢ - ٤٨٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨١ - ٤٨٢.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٢٤٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٥٣ - ٣٥٤.

٣٣١

وهل تسقط شفعته؟ قال محمّد بن الحسن وبعض الشافعيّة : نعم ؛ لأنّه إذا طلب بعضها ، فقد أخّر بعضها ، فقد ترك شفعته في بعضها ، وإذا ترك بعضها ، سقطت كلّها ؛ لأنّها لا تتبعّض(١) .

وقال أبو يوسف : لا تسقط ؛ لأنّ اختياره لبعضها طلب للشفعة ، فلا يجوز أن يكون هو بعينه تركاً لها ؛ لعدم دلالة الشي‌ء على نقيضه. ولأنّه لمـّا لم يجز له أن يأخذ بعضها دون بعض كان طلب بعضها كطلب جميعها(٢) .

واعتُرض : بأنّ طلب البعض لا يكون طلباً للجميع ، ولا معنى لطلب الجميع بطلب البعض ، ولا غرض ، فتسقط(٣) .

البحث السابع : في تفاريع القول بالشفعة مع الكثرة.

مسالة ٧٩٨ : اختلف القائلون بثبوت الشفعة مع الكثرة - من أصحابنا ومن العامّة - هل هي على عدد الرؤوس أو على قدر الأنصباء؟

فذهب بعض علمائنا إلى أنّها تثبت على عدد الرجال(٤) ، فلو كان لأحد الشركاء النصفُ وللباقين النصفُ الآخَر بالسويّة فباع صاحب الربع نصيبَه ، كانت الشفعة بين صاحب النصف وصاحب الربع بالسويّة - وبه قال‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٢٤٤ ، حلية العلماء ٥ : ٢٩٢ ، المغني ٥ : ٤٨٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٨٩ - ٤٩٠.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٢٤٤ ، حلية العلماء ٥ : ٢٩٣ ، المغني ٥ : ٤٨٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩٠.

(٣) المغني ٥ : ٤٨٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩٠.

(٤) كما في المبسوط - للطوسي - ٣ : ١١٣ ، ونسبه الفاضل الآبي في كشف الرموز ٢ : ٣٩٣ إلى ابن الجنيد.

٣٣٢

الشعبي والنخعي وابن أبي ليلى وابن شُبْرمة وأبو حنيفة وأصحابه والمزني والشافعي في أحد القولين ، وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لقول أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الشفعة على عدد الرجال »(٢) .

ولأنّ كلّ واحد منهم لو انفرد ، كان له أخذ الكلّ ، فإذا اجتمعوا اشتركوا ، كالبنين في الميراث، وكما لو كان لواحد من الثلاثة نصف عبد وللثاني ثلثه وللثالث سدسه فأعتق صاحب الثلث والسدس حصّتهما معاً دفعةً وهُما موسران ، فإنّ النصف يقوَّم عليهما بالسويّة وإن اختلف استحقاقهما.

وقال بعض علمائنا : إنّها تثبت على قدر النُّصّب(٣) - وبه قال عطاء ومالك وإسحاق وأحمد في الرواية الاُخرى والشافعي في القول الآخَر ، وهو مذهب سوار القاضي وعبيد الله بن الحسن العنبري(٤) - لأنّه حقّ يستفاد بسبب الملك ، فكان على قدر الأملاك كالغلّة.

____________________

(١) المغني ٥ : ٥٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩٠ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ٢٥ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٨ / ١٩٦٥ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٨ ، حلية العلماء ٥ : ٢٩١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٢ ، الوسيط ٤ : ٩٤ ، الوجيز ١ : ٢١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٧ و ٥٢٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٢ ، المحلّى ٩ : ٩٨ - ٩٩ ، الاستذكار ٢١ : ٢٨١ / ٥ - ٣١٣٧٤.

(٢) الفقيه ٣ : ٤٥ / ١٥٦ ، التهذيب ٧ : ١٦٦ / ٧٣٦ ، الاستبصار ٣ : ١١٦ - ١١٧ / ٤١٦.

(٣) كما في المبسوط - للطوسي - ٣ : ١١٣ ، والمهذّب - لابن البرّاج - ١ : ٤٥٣.

(٤) المغني ٥ : ٥٢٣ ، الشرح الكبير ٥ : ٤٩٠ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٦٠ ، الاستذكار ٢١ : ٢٨٠ / ٣١٣٧٠ ، و ٢٨١ / ٣ - ٣١٣٧٢ ، المعونة ٢ : ١٢٦٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٨ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٩ ، حلية العلماء ٥ : ٢٩١ - ٢٩٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٢ ، الوسيط ٤ : ٩٤ ، الوجيز ١ : ٢١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٧ و ٥٢٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٢ ، المحلّى ٩ : ٩٩ ، مختصر اختلاف العلماء ٤ : ٢٤٨ ، ١٩٦٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٤ : ٢٥.

٣٣٣

ثمّ نقضوا الأوّل(١) بالفرسان والرجّالة في الغنيمة ، مَن انفرد منهم استحقّ الكلّ ، وإذا اجتمعوا تفاضلوا ، وكذا أصحاب الديون إذا كان مَنْ عليه الدَّيْن ماله مثل أقلّ الديون ، والمعتقان استويا ؛ لأنّ العتق إتلاف النصيب الباقي ، وسبب الإتلاف يستوي فيه القليل والكثير ، كالنجاسة تقع في المائع ، وهنا يستحقّ بسبب الملك ، فافترقا(٢) .

والفرق ظاهر ؛ فإنّ الفرس كالفارس ، فلا تفاضل في الحقيقة ، والدَّيْن كالكسب الحاصل لأرباب الديون ، فكانوا فيه على قدر رؤوس أموالهم.

إذا ثبت هذا ، فإن قلنا : الشفعة على عدد الرءوس ، فلا بحث.

وإن قلنا : على قدر الأنصباء ، فلو كان لأحدهما النصفُ وللآخَر الربعُ والمبيع الربعُ ، استحقّ صاحب النصف ثلثي المبيع ، وصاحب الربع ثلثه ، فتقسّم الجملة من اثني عشر ، لصاحب النصف ثمانية ، ولصاحب الربع أربعة ، فقد صار لأحدهما الثلثان وللآخَر الثلث.

مسالة ٧٩٩ : إذا تزاحم الشركاء ، فالأقسام ثلاثة :

الأوّل : أن يتّفقوا على الطلب ، فإن كانوا حاضرين بأجمعهم حالة البيع ، فتثبت بينهم الشفعة على عدد الأنصباء أو على عدد الرؤوس ، فلو كانت الدار بين أربعة بالسويّة باع أحدهم نصيبه ، كان للثلاثة الباقية أخذها بالشفعة ، فتصير الدار أثلاثاً بعد أن كانت أرباعاً.

الثاني : أن لا يكونوا بأجمعهم حاضرين فإمّا أن يكونوا بأجمعهم غُيّاباً أو بعضهم ، وعلى كلا التقديرين لا تسقط شفعة الغائب بغيبته مع التأخّر ؛ لمكان العذر. فإن قدموا بأجمعهم ، فحكمهم حكم الحاضرين.

____________________

(١) أي القول الأوّل.

(٢) راجع المغني ٥ : ٥٢٣ ، والشرح الكبير ٥ : ٤٩١.

٣٣٤

وإن حضر بعضهم ، فحكمه حكم ما إذا غاب البعض خاصّةً.

إذا ثبت هذا ، فإن كان الحاضر واحداً أو قدم بعد غيبة الجميع ، فليس له أخذ حصّته فقط ؛ لما فيه من التبعيض ، والشفعة وُضعت لإزالته ، فلا تكون سبباً فيه. ولما فيه من تضرّر المشتري ، ولا يكلّف الصبر إلى حضور الغُيّاب ؛ لأنّه إضرار به وبالمشتري ، بل يأخذ الجميع ؛ لأنّ الحاضر هو المستحقّ للجميع بطلبه ، والغُيّاب لم يوجد منهم مطالبة بالشفعة ، فحينئذٍ إمّا أن يأخذ الحاضر الجميعَ أو يترك.

ولو كان الحاضر اثنين أو قدم اثنان ، تساويا في أخذ الجميع أو الترك.

الثالث : أن يطلب بعض الشركاء ويعفو بعضهم ، فالطالبون بالخيار بين أخذ الكلّ أو تركه ولو كان الباقي واحداً ؛ لأنّ الشفعة إنّما تثبت بسوء المشاركة ومئونة القسمة ، فإذا أراد أن يأخذ من المشتري بعض الشقص ، لم يزل الضرر الذي لأجله تثبت الشفعة. ولأنّ الشفعة إنّما تثبت لإزالة الضرر عنه ، وفي تبعيض الشقص إضرار بالمشتري ، فلا يزال الضرر بإلحاق ضررٍ.

مسالة ٨٠٠ : ليس للشفيع تشقيص الشفعة‌ ، بل إمّا أن يأخذ بالجميع(١) أو يترك الجميع ، لما في التشقيص من الإضرار بالمشتري.

إذا ثبت هذا ، فلو عفا عن بعض الشفعة ، سقطت شفعته ، كالقصاص ، وهو أحد وجوه الشافعيّة.

والثاني : لا يسقط شي‌ء ، كعفوه عن بعض حدّ القذف.

____________________

(١) في « س ، ي » : « الجميع ».

٣٣٥

والثالث : يسقط ما عفا عنه ، ويبقى الباقي(١) .

قال الصيدلاني منهم : موضع هذا الوجه ما إذا رضي المشتري بتبعيض الصفقة ، فإن أبى وقال : خُذ الكلّ أو دَعْه ، فله ذلك(٢) .

وقال الجويني : هذه الأوجُه إذا لم نحكم بأنّ الشفعة على الفور ، فإن حكمنا به ، فطريقان : منهم مَنْ قطع بأنّ العفو عن البعض تأخير لطلب الباقي ، ومنهم مَنْ احتمل ذلك إذا بادر إلى طلب الباقي ، وطرّد الأوجُه(٣) (٤) .

إذا تقرّر هذا ، فنقول : إذا استحقّ اثنان شفعةً فعفا أحدهما عن حقّه ، سقط نصيب العافي ، ويثبت جميع الشفعة للآخَر ، فإن شاء أخذ الجميع ، وإن شاء تركه ، وليس له الاقتصار على قدر حصّته ؛ لئلّا تتبعّض الصفقة على المشتري ، وهو أحد وجوه الشافعيّة.

والثاني : أنّه يسقط حقّهما - وهو اختيار ابن سريج - كالقصاص.

والثالث : لا يسقط حقّ واحد منهما تغليباً للثبوت.

والرابع : يسقط حقّ العافي ، وليس لصاحبه أن يأخذ إلّا قسطه ، وليس للمشتري إلزامه بأخذ الجميع(٥) .

هذا إذا ثبتت الشفعة لعددٍ ابتداءً ، ولو ثبتت لواحدٍ فمات عن اثنين فعفا أحدهما ، فهل له كما لو ثبتت لواحدٍ فعفا عن بعضها ، أم كثبوتها‌

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٤.

(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « الوجه » بدل « الأوجه ». وما أثبتناه من « روضة الطالبين ». وبدلها في « العزيز شرح الوجيز » : « الوجوه ».

(٤) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣١ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨١.

(٥) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨١.

٣٣٦

لاثنين عفا أحدهما؟ للشافعيّة وجهان(١) .

تذنيب : لو كان للشقص شفيعان فمات كلٌّ عن اثنين فعفا أحدهم عن حقّه ، فللشافعيّة وجوه :

أ - أنّه يسقط جميع الشفعة.

ب - يبقى جميع الشفعة للأربعة ؛ لبطلان العفو.

ج - يسقط حقّ العافي وأخيه خاصّةً ؛ لاتّحادهما في سبب الملك ، ويأخذه الآخَران.

د - ينتقل حقّ العافي إلى الثلاثة ، فيأخذون الشقص أثلاثاً.

ه- يستقرّ حقّ العافي للمشتري ، ويأخذ الثلاثة ثلاثةَ أرباع الشقص.

و - نتقل حقّ العافي إلى أخيه فقط(٢) .

وعلى ما اخترناه نحن قبل ذلك فالوجه المعتمد هو الخامس من هذه الوجوه.

مسالة ٨٠١ : لو مات عن اثنين وله دار ، فهي بينهما بالسويّة‌ ، فلو مات أحدهما وورثه ابنان له فباع أحدهما نصيبه فإنّ الشفعة تثبت لأخيه وعمّه - وبه قال الشافعي في الإملاء ، قال : وهو القياس ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد والمزني(٣) - لأنّهما شريكان حال ثبوت الشفعة ، فكانت الشفعة بينهما ، كما لو ملك الثلاثة بسببٍ واحد.

وقال في القديم : أنّ أخاه أحقّ بالشفعة - وبه قال مالك - لأنّ الأخ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٢ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨١.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٣٢ - ٥٣٣ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٤ - ١٨٥.

(٣) المغني ٥ : ٥٢٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٨ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٥ ، حلية العلماء ٥ : ٢٩٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٢ ، الوسيط ٤ : ٩٤ - ٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٣.

٣٣٧

أخصّ بشركته من العمّ ؛ لاشتراكهما في سبب الملك ، ولهذا لو قُسّمت الدار ، كانا حزباً والعمّ حزباً آخَر(١) .

ولا معنى(٢) للاختصاص ؛ لأنّ الاعتبار بالشركة لا بسببها. وأمّا القسمة فإنّ القاسم يجعل الدار أربعة أجزاء : اثنان للعمّ ، ولكلّ واحد جزء ، كما يفعل ذلك في الفرائض.

فروع :

أ - لو قلنا : تختصّ بالأخ - كما هو أحد قولي الشافعي - لو عفا عن الشفعة ، ففي ثبوتها للعمّ عند الشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّها لا تثبت ؛ لأنّه لو كان مستحقّاً ، لما تقدّم عليه غيره.

والثاني : تثبت له ؛ لأنّه شريك ، وإنّما يُقدّم الأخ لزيادة قُرْبه ، كما أنّ المرتهن يقدَّم في المرهون على باقي الغرماء ، فلو أسقط حقّه ، أمسكه الباقون(٣) .

ب - هذا الحكم لا يختصّ بالأخ والعمّ ، بل في كلّ صورة مَلَكَ شريكان عقاراً بسببٍ واحد ، وغيرهما من الشركاء بسببٍ آخَر ، فلو اشترى نصف دار واشترى آخَران النَصف الآخَر ثمّ باع أحد الآخَرين نصيبه ، فهل‌

____________________

(١) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٨ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٦ ، حلية العلماء ٥ : ٣٠٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٣ ، الوسيط ٤ : ٩٥ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٨ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٣ ، المغني ٥ : ٥٢٤.

(٢) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « فلا معنى ». والظاهر ما أثبتناه حيث إنّه ردٌّ على الشافعي في قوله القديم.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٨ ، الحاوي الكبير ٧ : ٢٥٦ ، حلية العلماء ٥ : ٣٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٨ - ٥٢٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٣.

٣٣٨

الشفعة للآخَر الذي يشاركه في الشراء خاصّةً ، أو لَه وللأوّل صاحب النصف؟ للشافعي قولان ؛ لاختلاف سبب الملك(١) .

وكذا لو ورث ثلاثة داراً فباع أحدهم نصيبه من اثنين وعفا الآخَر ثمّ باع أحد المشتريين نصيبه ، فهل تثبت الشفعة للمشتري الآخَر أم [ للكلّ ](٢) ؟ على القولين(٣) .

ج - لو مات صاحب عقار وخلّف ابنتين واُختين ، فالمال بأجمعه - عندنا - للبنتين.

وعند العامّة للبنتين الثلثان ، وللأختين الثلث.

فلو باعت إحدى الاُختين نصيبها ، فهل تثبت الشفعة لاُختها أو لها وللبنتين؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّ ذلك مبنيّ على القولين اللّذين ذكرناهما ؛ لاختلاف سبب الملك.

والثاني : [ أنّهنّ يشتركن ](٤) في الشفعة قولاً واحداً ؛ لأنّ السبب واحد - وهو الميراث - وإن اختلف قدر الاستحقاق(٥) .

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٣ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٣.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة بدل « للكلّ » : « لذلك ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٨ - ٣٨٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٦٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٠٠.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « أنّهم يشتركون ». والصحيح ما أثبتناه.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٨٩ ، حلية العلماء ٥ : ٣٠١ ، العزيز شرح الوجيز ٥ : ٥٢٩ ، روضة الطالبين ٤ : ١٨٣.

٣٣٩

د - لو مات الرجل عن ثلاثة(١) بنين وخلّف داراً ثمّ مات أحدهم وخلّف ابنين فباع أحد العمّين نصيبه ، فهل يكون العمّ الآخَر أحقَّ بالشفعة ، أو يشترك هو وابنا(٢) أخيه؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّ ذلك على القولين.

والثاني : أنّهم يشتركون(٣) .

والفصل بين هذه وما تقدّم من مسألة الأخ والعمّ : أنّ هنا يقوم أبناء الميّت منهم مقام أبيهم ويخلفونه في الملك ، ولو كان أبوهم باقياً ، شارَك أخاه في الشفعة ، فلهذا شاركوه ، وفي مسألة الأخ والعمّ البائعُ ابن أخيهم ، وهُمْ لا يقومون مقام أخيهم ، وإنّما يقومون مقام أبيهم.

ه- إذا قلنا : إنّ الشفعة للجماعة ، قسّم بينهم إمّا على قدر النصيب أو على عدد الرؤوس.

فإن قلنا : إنّ الشفعة لشريكه في النصيب دون غيره ، فلو عفا عن الشفعة ، فهل تثبت للشريك الآخر؟ للشافعيّة وجهان ، أحدهما : أنّها(٤) تثبت(٥) ؛ لأنّه شريكه ، وإنّما يقدَّم عليه مَنْ كان أخصّ بالبائع ، فإذا عفا ، ثبتت للشريك الآخَر ، كما لو قتل واحد جماعةً واحداً بعد واحد ، ثبت القصاص للأوّل ، فإذا عفا الأوّل ، ثبت القصاص للثاني ، كذا هنا(٦) .

مسالة ٨٠٢ : قد ذكرنا أنّه إذا قدم واحد من الأربعة وتخلّف اثنان وكان‌

____________________

(١) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ثلاث » وما أثبتناه هو الصحيح.

(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « ابني ». والصحيح ما أثبتناه.

(٣) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.

(٤) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « أنّه ». وما أثبتناه لأجل السياق.

(٥) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : « لا تثبت » بزيادة « لا ». والصحيح ما أثبتناه.

(٦) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

فكرهت أن أدع مائة ألف ضعف مضمونة لواحدة لا أدري تستجاب أم لا(١) .

٧٢٤/٣ - حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام الكليني رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، عن عليّ بن محمّد، عن محمّد بن سليمان، عن إسماعيل ابن إبراهيم، عن جعفر بن محمّد التميمي، عن الحسين بن علوان، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ما من مؤمن أو مؤمنة مضى من أول الدهر أو هو آت إلى يوم القيامة إلا وهم شفعاء لمن يقول في دعائه: اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات، وإن العبد ليؤمر به إلى النار يوم القيامة فيحسب فيقول المؤمنون والمؤمنات: يا ربنا هذا الذي كان يدعو لنا، فشفعنا فيه، فيشفعهم الله فيه فينجو(٢) .

٧٢٥/٤ - حدّثنا أحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي، عن جدي، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: من قدم في دعائه أربعين من المؤمنين ثم دعا لنفسه استجيب له(٣) .

٧٢٦/٥ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ الكوفي، عن الحسن بن أبي عقبة الصيرفي، عن الحسين بن خالد الصيرفي، قال: قلت لابي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام: الرجل يستنجي وخاتمه في إصبعه، ونقشه لا إله إلا الله، فقال: أكره ذلك له.

فقلت: جعلت فداك، أو ليس كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وكل واحد من آبائك عليهم السلام يفعل ذلك، وخاتمه في إصبعه؟ قال: بلى، ولكن اولئك كانوا يتختمون في اليد اليمنى، فاتقوا الله وانظروا لانفسكم.

______________

(١) رجال الكشي: ٥٨٦/١٠٩٧ « نحوه » فلاح السائل ٤٣: « نحوه » بحار الانوار ٩٣: ٣٨٤/٨.

(٢) بحار الانوار ٩٣: ٣٨٥/١٠.

(٣) بحار الانوار ٩٣: ٣٨٤/٦.

٥٤١

قلت ما كان نقش خاتم أميرالمؤمنين عليه السلام؟ فقال: ولم لا تسألني عمن كان قبله؟ قلت: فإني أسألك.

قال: كان نقش خاتم آدم عليه السلام: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله. هبط به معه. وإن نوحا عليه السلام لما ركب السفينة أوحى الله عزّوجلّ إليه: يا نوح، إن خفت الغرق فهللني ألفا، ثم سلني النجاة أنجك من الغرق ومن آمن معك. قال: فلما استوى نوح عليه السلام ومن معه في السفينة ورفع القلس(١) ، عصفت الريح عليهم، فلم يأمن نوح الغرق، فأعجلته الريح، فلم يدرك أن يهلل ألف مرة، فقال بالسريانية: هلوليا ألفا ألفا يا ماريا اتقن. قال: فاستوى القلس، واستمرت السفينة، فقال نوح عليه السلام: إن كلاما نجاني الله به من الغرق لحقيق أن لا يفارقني، قال: فنقش في خاتمه: لا إله إلا الله ألف مرة، يا رب أصلحني.

قال: وإن إبراهيم عليه السلام لما وضع في كفة المنجنيق غضب جبرئيل عليه السلام، فأوحى الله عزّوجلّ إليه: ما يغضبك يا جبرئيل؟ قال: يا رب خليلك ليس من يعبدك على وجه الارض غيره، سلطت عليه عدوك وعدوه! فأوحى الله عزّوجلّ إليه: اسكت، إنما يعجل العبد الذي يخاف الفوت مثلك، فأما أنا فإنه عبدي آخذه إذا شئت. قال: فطابت نفس جبرئيل عليه السلام، فالتفت إلى إبراهيم عليه السلام فقال: هل لك من حاجة؟ فقال: أما إليك فلا. فأهبط الله عزّوجلّ عندها خاتما فية ستة أحرف: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، فوضت أمري إلى الله، أسندت ظهري إلى الله، حسبي الله، فأوحى الله جل جلاله إليه أن تختم بهذا الخاتم، فإني أجعل النار عليك بردا وسلاما.

قال: وكان نقش خاتم موسى عليه السلام حرفين، اشتقهما من التوراة: اصبر تؤجر، اصدق تنج. قال: وكان نقش خاتم سليمان عليه السلام: سبحان من ألجم الجن بكلماته. وكان نقش خاتم عيسى عليه السلام حرفين، اشتقهما من الانجيل: طوبي لعبد

______________

(١) القلس: حبل غليظ من حبال السفن.

٥٤٢

ذكر الله من أجله، وويل لعبد نسى الله من أجله.

وكان نقش خاتم محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا إله إلا الله، محمّد رسول الله. وكان نقش خاتم أميرالمؤمنين عليه السلام: الملك لله وكان نقش خاتم الحسن عليه السلام: العزة لله. وكان نقش خاتم الحسين عليه السلام: إن الله بالغ أمره. وكان عليّ بن الحسين عليهما السلام يتختم بخاتم أبيه الحسين عليه السلام. وكان محمّد بن عليّ عليه السلام يتختم بخاتم الحسين عليه السلام. وكان نقش خاتم جعفر بن محمّد عليهما السلام: الله وليي وعصمتي من خلقه. وكان نقش خاتم أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام: حسبي الله.

قال الحسين بن خالد: وبسط أبوالحسن الرضا عليه السلام كفه وخاتم أبيه عليه السلام في إصبعه حتى أراني النقش(١) .

٧٢٧/٦ - حدّثنا محمّد بن محمّد بن عصام رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد، عن محمّد بن سليمان، عن إسماعيل ابن إبراهيم، عن جعفر بن محمّد التميمي، عن الحسين بن علوان، عن عمرو بن خالد، عن زيد بن عليّ عليه السلام، قال: سألت أبي سيد العابدين عليه السلام فقلت له: يا أبه، أخبرني عن جدنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، لما عرج به إلى السماء وأمره ربه عزّوجلّ بخمسين صلاة، كيف لم يسأله التخفيف عن أمته حتى قال له موسى بن عمران عليه السلام: ارجع إلى ربك فسله التخفيف، فإن امتك لا تطيق ذلك؟

فقال: يا بني، إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يقترح على ربه عزّوجلّ ولا يراجعه في شئ يأمره به، فلما سأله موسى عليه السلام، ذلك وصار شفيعا لامته إليه، لم يجز له رد شفاعة أخيه موسى عليه السلام، فرجع إلى ربه يسأله(٢) التخفيف، إلى أن ردها إلى خمس صلوات.

قال: فقلت له: يا أبه، فلم لم يرجع إلى ربه عزّوجلّ ولم يسأله التخفيف من

______________

(١) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٥٤/٢٠٦، بحار الانوار ١١: ٦٢/١.

(٢) في نسخة: فسأله.

٥٤٣

خمس صلوات، وقد سأله موسى عليه السلام أن يرجع إلى ربه ويسأله التخفيف؟

فقال: يا بني، أراد صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يحصل لامته التخفيف مع أجر خمسين صلاة، لقول الله عزّوجلّ:( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (١) ، ألا ترى أنه صلّى الله عليه وآله وسلّم لما هبط إلى الارض نزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمّد، إن ربك يقرئك السلام ويقول: إنها خمس بخمسين، ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد؟

قال: فقلت له: يا أبه، أليس الله تعالى ذكره لا يوصف بمكان؟ فقال: بلى، تعالى الله عن ذلك.

فقلت: فما معنى قول موسى عليه السلام لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ارجع إلى ربك؟

فقال: معناه معنى قول إبراهيم عليه السلام:( إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ ) (٢) ومعنى قول موسى عليه السلام:( وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ ) (٣) ومعنى قوله عزّوجلّ:( فَفِرُّوا إِلَى اللَّـهِ ) (٤) يعني حجوا إلى بيت الله.

يا بني، إن الكعبة بيت الله، فمن حج بيت الله فقد قصد إلى الله، والمساجد بيوت الله، فمن سعى إليها فقد سعى إلى الله وقصد إليه، والمصلي ما دام في صلاته فهو واقف بين يدي الله جل جلاله، وأهل موقف عرفات هم وقوف بين يدي الله عزّوجلّ، وإن الله تبارك وتعالى بقاعا في سماواته، فمن عرج به إلى بقعه منها فقد عرج به إليه، ألا تسمع الله عزّوجلّ يقول:( تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ) (٥) ،

______________

(١) الانعام ٦: ١٦٠.

(٢) الصافات ٣٧: ٩٩.

(٣) طه ٢٠: ٨٤.

(٤) الذاريات ٥١: ٥٠.

(٥) المعارج ٧٠: ٤.

٥٤٤

ويقول عزّوجلّ في قصة عيسى عليه السلام:( بَل رَّفَعَهُ اللَّـهُ إِلَيْهِ ) (١) ، ويقول عزّوجلّ:( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (٢) ؟

٧٢٨/٧ - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عبد السلام بن صالح الهروي، قال: قلت لعلي ابن موسى الرضا عليه السلام: يا بن رسول الله، ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: إن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة.

فقال عليه السلام: يا أبا الصلت، إن الله تبارك وتعالى فضل نبيه محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل طاعته طاعته، ومتابعته متابعته، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته، فقال عزّوجلّ:( مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّـهَ ) (٣) ، وقال:( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّـهَ يَدُ اللَّـهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) (٤) ، وقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله جل جلاله. ودرجة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في الجنة أرفع الدرجات، فمن زاره إلى درجته في الجنة من منزله، فقد زار الله تبارك وتعالى.

قال: فقلت له: يا بن رسول الله، فما معنى الخبر الذي رووه: أن ثواب لا إله إلا الله النظر إلى وجه الله؟

فقال عليه السلام: يا أبا الصلت، من وصف الله بوجه كالوجوه فقد كفر، ولكن وجه الله أنبياؤه ورسله وحججه (صلوات الله عليهم)، هم الذين بهم يتوجه إلى الله وإلى دينه ومعرفة، وقال الله عزّوجلّ:( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ، وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ) (٥) ، وقال عز

______________

(١) النساء ٤: ١٥٨.

(٢) التوحيد:١٧٦/٨، علل الشرائع: ١٣٢/١، بحار الانوار١٨: ٣٤٨/٦٠، والآية من سورة فاطر ٣٥: ١٠.

(٣) النساء ٤: ٨٠.

(٤) الفتح ٤٨: ١٠.

(٥) الرحمن ٥٥: ٢٦، ٢٧.

٥٤٥

وجل:( كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) (١) فالنظر إلى أنبياء الله ورسله وحججه عليهم السلام في درجاتهم ثواب عظيم للمؤمنين يوم القيامة.

وقد قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: من أبغض أهل بيتي وعترتي، لم يرني ولم أره يوم القيامة. وقال عليه السلام: إن فيكم من لا يراني بعد أن يفارقني.

يا أبا الصلت، إن الله تبارك وتعالى لا يوصف بمكان، ولا يدرك الابصار والاوهام.

قال: فقلت له يا بن رسول الله، فأخبرني عن الجنة والنار، أهما اليوم مخلوقتان؟ فقال: نعم، وإن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد دخل الجنة ورأى النار لما عرج به إلى السماء.

قال: فقلت له: فإن قوما يقولون إنهما اليوم مقدرتان غير مخلوقين؟

فقال عليه السلام: ما أولئك منا ولا نحن منهم، من أنكر خلق الجنة والنار فقد كذب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وكذبنا، وليس من ولايتنا على شئ، وخلد في نار جهنم، قال الله عزّوجلّ:( هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ، يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ ) (٢) ، وقال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لما عرج بي إلى السماء أخذ بيدي جبرئيل عليه السلام فأدخلني الجنة، فناولني من رطبها فأكلته، فتحول ذلك نطفة في صلبي، فلما هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، ففاطمة حوراء إنسية، فكلما اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة(٣) .

٧٢٩/٨ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، قال: حدثني أبي، عن جده أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه، عن أحمد بن النضر الخزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي عبدالله

______________

(١) القصص ٢٨: ٨٨.

(٢) الرحمن ٥٥: ٤٣، ٤٤.

(٣) التوحيد: ١١٧/٢١، عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ١١٥/٣، الاحتجاج: ٤٠٨، بحار الانوار ٤: ٣/٤، و: ٣١/٦.

٥٤٦

الصادق عليه السلام، قال: جاء رجل إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا رسول الله، إني راغب في الجهاد نشيط. قال: فجاهد في سبيل الله، فإنك إن تقتل كنت حيا عند الله ترزق، وإن مت فقد وقع أجرك على الله، وإن رجعت خرجت من الذنوب كما ولدت.

فقال: يا رسول الله، إن لي والدين كبيرين، يزعمان أنهما يأنسان بي ويكرهان خروجي؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أقم مع والديك، فو الذي نفسي بيده لانسهما بك يوما وليلة خير من جهاد سنة(١) .

٧٣٠/٩ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد، قال: حدّثنا أبوالقاسم الكوفي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، قال: قلت لابي جعفر الباقر عليه السلام: هل يجزي الولد والده؟ فقال: ليس له جزاء إلا في خصلتين: أن يكون الوالد مملوكا فيشتريه فيعتقه، أو يكون عليه دين فيقضيه عنه(٢) .

٧٣١/١٠ - حدّثنا أبوعلي أحمد بن زياد الهمداني رحمه الله، قال: حدّثنا علي ابن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن يونس بن عبد الرحمن، عن ابن أسباط، عن عليّ بن سالم، عن أبيه، عن ثابت بن أبي صفية، قال: نظر سيد العابدين عليّ بن الحسين عليهما السلام إلى عبيد الله بن العباس بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام فاستعبر، ثم قال: ما من يوم أشد على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من يوم أحد، قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، وبعده يوم مؤته قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب.

ثم قال عليه السلام: ولا يوم كيوم الحسين عليه السلام ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل، يزعمون أنهم من هذه الامة كل يتقرب إلى الله عزّوجلّ بدمه، وهو بالله يذكرهم فلا يتعظون، حتى قتلوه بغيا وظلما وعدوانا.

______________

(١) بحار الانوار ٧٤: ٦٦/٣٤.

(٢) بحار الانوار ٧٤: ٦٦/٣٥.

٥٤٧

ثم قال عليه السلام: رحم الله العباس، فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه، فأبدله الله عزّوجلّ بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة(١) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

______________

(١) الخصال: ٦٨/١٠١ من قوله: رحم الله العباس، بحار الانوار ٤٤: ٢٩٨/٤.

٥٤٨

[ ٧١ ]

المجلس الحادي والسبعون

مجلس يوم الجمعة

غرة جمادي الآخرة سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٧٣٢/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، عن موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن مسلم، قال: حدّثنا أبونعيم البلخي، عن مقاتل بن حيان، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن أبي ذر الغفاري (رحمة الله عليه)، قال: كنت آخذا بيد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ونحن نتماشي جميعا، فما زلنا ننظر إلى الشمس حتى غابت، فقلت: يا رسول الله، أين تغيب؟

قال: في السماء، ثم ترفع من سماء إلى سماء حتى ترفع إلى السماء السابعة العليا، حتى تكون تحت العرش، فتخر ساجدة، فتسجد معها الملائكة الموكلون بها، ثم تقول: يا رب، من أين تأمرني أن أطلع، أمن مغربي أم من مطلعي، فذلك قوله عزّوجلّ:( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) (١) يعني بذلك صنع الرب العزيز في ملكه بخلقه.

______________

(١) يس ٣٦: ٣٨.

٥٤٩

قال: فيأتيها جبرئيل بحلة ضوء من نور العرش على مقادير ساعات النهار، في طوله في الصيف، أو قصره في الشتاء، أو ما بين ذلك في الخريف والربيع. قال: فتلبس تلك الحلة كما يلبس أحدكم ثيابه، ثم تنطلق بها في جو السماء حتى تطلع من مطلعها.

قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: فكأني بها قد حبست مقدار ثلاث ليال، ثم لا تكسى ضوءا، وتؤمر أن تطلع من مغربها، فذلك قوله عزّوجلّ:( إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ ، وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ ) (١) والقمر كذلك من مطلعه ومجراه في افق السماء ومغربه وارتفاعه إلى السماء السابعة، ويسجد، تحت العرش، وجبرئيل يأتيه بالحلة من نور الكرسي، فذلك قوله عزّوجلّ:( هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا ) (٢) . قال: أبوذر (رحمة الله عليه): ثم اعتزلت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فصلينا المغرب(٣) .

٧٣٣/٢ - حدّثنا محمّد بن عليّ ما جيلويه رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، قال: حدّثنا محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن عيسى بن محمّد، عن عليّ بن مهزيار، عن عبدالله بن عمر، عن عبدالله بن حماد، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: إن ذا القرنين لما انتهى إلى السد، جاوزه فدخل في الظلمات، فإذا هو بملك قائم على جبل طوله خمسمائة ذراع، فقال له الملك: يا ذا القرنين، أما كان خلفك مسلك؟ فقال له ذو القرنين: من أنت؟ قال: أنا ملك من ملائكة الرحمن، موكل بهذا الجبل، فليس من جبل خلقه الله عزّوجلّ إلا وله عرق إلى هذا الجبل، فإذا أراد الله عزّوجلّ أن يزلزل مدينة أوحى إلي فزلزلتها(٤) .

٧٣٤/٣ - وبهذا الاسناد، قال: قال الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام: إن الصاعقة لا تصيب ذاكرا لله عزّوجلّ(٥) .

______________

(١) التكوير ٨١: ١، ٢.

(٢) يونس ١٠: ٥.

(٣) التوحيد: ٢٨٠/٧، بحار الانوار ٥٨: ١٤٤/٣.

(٤) تفسير العياشي ٢: ٣٥٠/٨٢، بحار الانوار ١٢: ١٨٠/٨.

(٥) بحار الانوار ٩١: ١٤٧/٤.

٥٥٠

٧٣٥/٤ - حدّثنا أحمد بن الحسن القطان رضي الله عنه، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ السكري، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا البصري، قال: حدّثنا محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه عليهما السلام، قال: إن الزلازل والكسوفين والرياح الهائلة من علامات الساعة، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فتذكروا قيام القيامة وافزعوا إلى مساجدكم(١) .

٧٣٦/٥ - حدّثنا أبي، قال: حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، عن عليّ بن معبد، عن عليّ بن سليمان النوفلي، عن فطر ابن خليفة، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: لما نزلت هذه الآية( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّـهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ) (٢) صعد إبليس جبلا بمكة يقال له ثور، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته فاجتمعوا إليه. فقالوا: يا سيدنا، لم دعوتنا؟ قال: نزلت هذه الآية، فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين، فقال: أنا لها بكذا وكذا. قال: لست لها. فقام آخر فقال مثل ذلك، فقال: لست لها. فقال الوسواس الخناس: أنا لها. قال: بماذا؟ قال: أعدهم وأمنيهم حتى يواقعوا الخطيئة، فإذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار، فقال: أنت لها، فوكله بها إلى يوم القيامة(٣) .

٧٣٧/٦ - حدّثنا الحسين بن أحمد بن إدريس رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: أخبرني محمّد بن يحيى الخزاز، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، عن أميرالمؤمنين عليه السلام، قال: إن يهوديا كان له على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دنانير فتقاضاه، فقال له: يا يهودي، ما عندي ما أعطيك. قال: فإني لا افارقك - يا محمّد - حتى تقضيني. فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: إذن أجلس معك. فجلس صلّى الله عليه وآله وسلّم معه حتى

______________

(١) بحار الانوار ٩١: ١٤٧/٤.

(٢) آل عمران ٣: ١٣٥.

(٣) بحار الانوار ٦٣: ١٩٧/٦.

٥٥١

صلى في ذلك الموضع الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والغداة.

وكان أصحاب رسول الله يتهددونه ويتواعدونه، فنظر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إليهم فقال: ما الذي تصنعون به؟ فقالوا: يا رسول الله، يهودي يحبسك! فقال صلّى الله عليه وآله وسلّم: لم يبعثني ربي عزّوجلّ بأن أظلم معاهدا ولا غيره.

فلما علا النهار قال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمّد عبده ورسوله، وشطر ما لي في سبيل الله، أما والله ما فعلت بك الذي فعلت إلا لانظر إلى نعتك في التوراة، فإني قرأت نعتك في التوراة: محمّد بن عبدالله، مولده بمكة، ومهاجره بطيبة، وليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب، ولا متزين(١) بالفحش ولا قول الخنا(٢) ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وهذا مالي فاحكم فيه بما أنزل الله، وكان اليهودي كثير المال(٣) .

٧٣٨/٧ - ثم قال علي عليه السلام: كان فراش رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عباءة، وكانت مرفقته أدم، حشوها ليف، فثنيت له ذات ليلة، فلما أصبح قال: لقد منعني الفراش الليلة الصلاة، فأمر صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يجعل بطاق واحد(٤) .

٧٣٩/٨ - وبهذا الاسناد، قال: قال علي عليه السلام: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دخل على ابنته فاطمة عليها السلام، وإذا في عنقها قلادة، فأعرض عنها، فقطعتها ورمت بها، فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أنت مني، يا فاطمة. ثم جاء سائل فناولته القلادة، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: اشتد غضب الله وغضبي على من أهرق دمي وآذاني في عترتي(٥) .

______________

(١) في نسخة: مترين، قال المجلسي رحمه الله: قوله عليه السلام: ولا متزين، في بعض النسخ بالزاي المعجمة، أي لم يجعل الفحش زينة كما يتخذه اللئام، وفي بعضها بالراء أي لا يدنس نفسه بذلك.

(٢) الخنا: الفحش في المنطق.

(٣) بحار الانوار ١٦: ٢١٦/٥.

(٤) بحار الانوار ١٦: ٢١٧/٥.

(٥) كشف الغمة: ١: ٤٧١، بحار الانوار ٤٣: ٢٢/١٥.

٥٥٢

٧٤٠/٩ - وبهذا الاسناد، قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث سرية، فلما رجعوا قال: مرحبا بقوم قضوا الجهاد الاصغر وبقي عليهم الجهاد الاكبر، قيل: يا رسول الله، وما الجهاد الاكبر؟ قال: جهاد النفس(١) ثم قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه(٢) .

٧٤١/١٠ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الصادق جعفر بن محمّد عليهما السلام، قال: عاد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سلمان الفارسي (رحمة الله عليه) في علته، فقال: يا سلمان، إن لك في علتك ثلاث خصال: أنت من الله عزّوجلّ بذكر، ودعاؤك فيه مستجاب، ولا تدع العلة عليك ذنبا إلا حطته، متعك الله بالعافية إلى انقضاء أجلك(٣) .

٧٤٢/١١ - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله، قال: حدّثنا عمر ابن سهل بن إسماعيل الدينوري، قال: حدّثنا زيد بن إسماعيل الصائغ، قال: حدّثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عبد الملك بن عمير، عن خالد بن ربعي، قال: إن أميرالمؤمنين عليه السلام دخل مكة في بعض حوائجة، فوجد أعرابيا متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول: يا صاحب البيت البيت بيتك، والضيف ضيفك، ولكل ضيف من ضيفه قرى(٤) ، فاجعل قراي منك الليلة المغفرة. فقال أميرالمؤمنين عليه السلام لاصحابه: أما تسمعون كلام الاعرابي؟ قالوا. نعم فقال: الله أكرم من أن يرد ضيفه.

قال: فلما كان الليلة الثانية وجده متعلقا بذلك الركن وهو يقول يا عزيزا في عزك، فلا أعز منك في عزك، أعزني بعز عزك، في عز لا يعلم أحد كيف هو، أتوجه إليك، وأتوسل إليك، بحق محمّد وآل محمّد عليك، أعطني ما لا يعطيني أحد

______________

(١) الاختصاص: ٢٤٠.

(٢) معاني الاخبار: ١٦٠/١، بحار الانوار ٧٠: ٦٥/٧.

(٣) بحار الانوار ٨١: ١٨٥/٣٧.

(٤) القرى: ما يقدم إلى الضيف.

٥٥٣

غيرك، واصرف عني ما لا يصرفه أحد غيرك. قال: فقال أميرالمؤمنين عليه السلام لاصحابه: هذا والله الاسم الاكبر بالسريانية، أخبرني به حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، سأله الجنة فأعطاه، وسأله صرف النار وقد صرفها عنه.

قال: فلما كان الليلة الثالثة وجده وهو متعلق بذلك الركن وهو يقول: يا من لا يحويه مكان، ولا يخلو منه مكان، بلا كيفية كان ارزق الاعرابي أربعة آلاف درهم، قال: فتقدم إليه أميرالمؤمنين عليه السلام فقال: يا أعرابي، سألت ربك القرى فقراك، وسألته الجنة فأعطاك، وسألته أن يصرف عنك النار وقد صرفها عنك، وفي هذه الليلة تسأله أربعة آلاف درهم! قال الاعرابي: من أنت؟ قال: أنا عليّ بن أبي طالب. قال الاعرابي: أنت والله بغيتي، وبك أنزلت حاجتي. قال: سل يا أعرابي. قال أريد ألف درهم للصداق، وألف درهم أقضى به ديني، وألف درهم أشتري به دارا، وألف درهم أتعيش منه. قال: أنصفت يا أعرابي، فإذا خرجت من مكة فسل عن داري بمدينة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.

فأقام الاعرابي بمكة اسبوعا، وخرج في طلب أميرالمؤمنين عليه السلام إلى مدينة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، ونادى: من يدلني على دار أميرالمؤمنين علي عليه السلام؟ فقال الحسين بن عليّ عليهما السلام من بين الصبيان: أنا أدلك على دار أميرالمؤمنين، وأنا ابنه الحسين بن علي. فقال الاعرابي: من أبوك؟ قال: أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام. قال: من أمك؟ قال: فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين. قال: من جدك؟ قال: رسول الله محمّد بن عبدالله بن عبد المطلب. قال: من جدتك؟ قال: خديجة بنت خويلد. قال: من أخوك؟ قال: أبومحمّد الحسن بن علي. قال: قد أخذت الدنيا بطرفيها، امش إلى أميرالمؤمنين، وقل له إن الاعرابي صاحب الضمان بمكة على الباب.

قال: فدخل الحسين بن عليّ عليهما السلام فقال: يا أبه، أعرابي بالباب، يزعم أنه صاحب الضمان بمكة. قال: فقال: يا فاصمة، عندك شئ يأكله الاعرابي؟ قالت: اللهم لا.

قال: فتلبس أميرالمؤمنين عليه السلام وخرج، وقال: ادعوا لي أبا عبدالله سلمان

٥٥٤

الفارسي. قال: فدخل إليه سلمان الفارسي (رحمة الله عليه)، فقال: يا أبا عبدالله، أعرض الحديقة التي غرسها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لي على التجار. قال: فدخل سلمان إلى السوق، وعرض الحديقة فباعها باثني عشر ألف درهم، وأحضر المال، وأحضر الاعرابي، فأعطاه أربعة آلاف درهم وأربعين درهما نفقة.

ووقع الخبر إلى سؤال المدينة فاجتمعوا، ومضى رجل من الانصار إلى فاطمة عليها السلام، فأخبرها بذلك، فقالت: آجرك الله في ممشاك. فجلس علي عليه السلام والدراهم مصبوبة بين يديه، حتى اجتمع إليه أصحابه، فقبض قبضة قبضة، وجعل يعطي رجلا رجلا، حتى لم يبق معه درهم واحد.

فلما أتى المنزل قالت له فاطمة عليهما السلام: يا بن عم، بعت الحائط الذي غرسه لك والدي؟ قال: نعم، بخير منه عاجلا وآجلا. قالت: فأين الثمن؟ قال: دفعته إلى أعين استحييت أن أذلها بذل المسألة قبل أن تسألني. قالت فاطمة: أنا جائعة، وابناي جائعان، ولا أشك إلا وأنك مثلنا في الجوع، لم يكن لنا منه درهم! وأخذت بطرف ثوب علي عليه السلام، فقال علي: يا فاطمة، خليني. فقالت: لا والله، أو يحكم بيني وبينك أبي. فهبط جبرئيل عليه السلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا محمّد السلام يقرئك السلام ويقول: اقرأ عليا مني السلام وقل لفاطمة: ليس لك أن تضربي على يديه ولا تلمزي بثوبه.

فلما أتى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم منزل علي عليه السلام وجد فاطمة ملازمة لعلي عليه السلام، فقال لها: يا بنية، ما لك ملازمة لعلي؟ قالت: يا أبه، باع الحائط الذي غرسته له باثني عشر ألف درهم ولم يحبس لنا منه درهما نشتري به طعاما. فقال: يا بنية، إن جبرئيل يقرئني من ربي السلام، ويقول: أقرئ عليا من ربه السلام، وأمرني أن أقول لك: ليس لك أن تضربي على يديه. قالت فاطمة عليها السلام: فإني استغفر الله، ولا أعود أبدا.

قالت فاطمة عليها السلام: فخرج أبي عليه السلام في ناحية وزوجي علي في ناحية، فما لبث أن أتى أبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ومعه سبعة دراهم سود هجرية، فقال: يا فاطمة، أين

٥٥٥

ابن عمي؟ فقلت له: خرج. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: هاك هذه الدراهم، فإذا جاء ابن عمي فقولي له يبتاع لكم بها طعاما. فما لبث إلا يسيرا حتى جاء علي عليه السلام، فقال: رجع ابن عمي، فإني أجد رائحة طيبة؟ قالت نعم، وقد دفع إلى شيئا تبتاع لنا به طعاما. قال علي عليه السلام: هاتيه. فدفعت إليه سبعة دراهم سود هجرية، فقال: بسم الله والحمد لله كثيرا طيبا، وهذا من رزق الله عزّوجلّ.

ثم قال: يا حسن، قم معي، فأتيا السوق، فإذا هما برجل واقف وهو يقول: من يقرض الملي الوفي؟ قال: يا بني، تعطيه(١) ؟ قال: إي والله يا أبه. فأعطاه علي عليه السلام الدراهم، فقال الحسن. يا أبتاه، أعطيه الدراهم كلها؟ قال: نعم يا بني، إن الذي يعطي القليل قادر على أن يعطي الكثير. قال: فمضى علي عليه السلام باب رجل يستقرض منه شيئا، فلقيه أعرابي ومعه ناقة، فقال: يا علي، اشتر مني هذه الناقة. قال: ليس معي ثمنها. قال: فإني أنظرك به إلى القبض. قال: بكم، يا أعرابي؟ قال: بمائة درهم. قال علي عليه السلام خذها يا حسن، فأخذها.

فمضى علي عليه السلام، فلقيه أعرابي آخر، المثال واحد والثياب مختلفة، فقال: يا علي، تبيع الناقة؟ قال علي عليه السلام: وما تصنع بها؟ قال: أغزو عليها أول غزوة يغزوها ابن عمك. قال: إن قبلتها فهي لك بلا ثمن. قال: معي ثمنها، وبالثمن أشتريها، فبكم أشتريتها؟ قال: بمائة درهم. قال الاعرابي: فلك سبعون ومائة درهم. قال علي عليه السلام: خذ السبعين والمائة وسلم الناقة، المائة للاعرابي الذي باعنا الناقة، والسبعون لنا نبتاع بها شيئا. فأخذ الحسن عليه السلام الدراهم، وسلم الناقة.

قال علي عليه السلام: فمضيت أطلب الاعرابي الذي ابتعت منه الناقة لاعطيه ثمنها، فرأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جالسا في مكان لم أره فيه قبل ذلك ولا بعده على قارعة الطريق، فلما نظر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلي تبسم ضاحكا حتى بدت

______________

(١) في نسخة: نعطيه.

٥٥٦

نواجذه، قال علي عليه السلام: أضحك الله سنك وبشرك بيومك(١) . فقال: يا أبا الحسن، إنك تطلب الاعرابي الذي باعك الناقة لتوفيه الثمن؟ فقلت: إي والله، فداك أبي وأمي. فقال: يا أبا الحسن، الذي باعك الناقة جبرئيل، والذي اشتراها منك ميكائيل، والناقة من نوق الجنة، والدرهم من عند رب العالمين عزّوجلّ، فأنفقها في خير، ولا تخف إقتارا(٢) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل

______________

(١) قال المجلسي رحمه الله: قوله: وبشرك بيومك، أي يوم الشفاعة التي وعدها الله تعالى له.

(٢) بحار الانوار ٤: ٤٤/١.

٥٥٧

[ ٧٢ ]

المجلس الثاني والسبعون

مجلس يوم الثلاثاء

الخامس من جمادي الآخرة سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٧٤٣/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبوأحمد عبد العزيز بن يحيى بن أحمد بن عيسى الجلودي البصري، قال: حدّثنا محمّد بن سهل، قال: حدّثنا الخضر بن أبي فاطمة البلخي، قال: حدّثنا وهيب ابن نافع، قال: حدثني كادح، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، في قوله عزّوجلّ:( سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ) (١) ، قال: يا سين محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، ونحن آل ياسين(٢) .

٧٤٤/٢ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم، قال: حدّثنا عبد العزيز بن يحيى، قال: حدثني الحسين بن معاذ، قال: حدّثنا سليمان بن داود، قال: حدّثنا الحكم بن ظهير، عن السدي، عن أبي مالك، في قوله عزّوجلّ:( سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ) (٣) ، قال:

______________

(١) الصافات ٣٧: ١٣٠.

(٢) معاني الاخبار: ١٢٢/٢، تأويل الآيات ٢: ٤٩٩/١٤، بحار الانوار ١٦: ٨٧/١١، و ٢٣: ١٦٨/٧.

(٣) الصافات ٣٧: ١٣٠.

٥٥٨

يا سين محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم(١) .

٧٤٥/٣ - حدّثنا أبي رحمه الله: قال: حدّثنا عبدالله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن عليّ الاصبهاني، قال: أخبرني محمّد بن أبي عمر النهدي، قال: حدثني أبي، عن محمّد بن مروان، عن محمّد بن السائب، عن أبي صالح، عن ابن عباس، في قوله عزّوجلّ:( سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ) (٢) ، قال: على آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم(٣) .

٧٤٦/٤ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا عبدالله بن الحسن المؤدب، عن أحمد بن عليّ الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: أخبرنا مخول بن إبراهيم، قال: حدّثنا عبد الجبار بن العباس الهمداني، عن عمار بن أبي معاوية الدهني، عن عمرة بنت أفعى، قالت: سمعت أم سلمة (رضي الله عنها)، تقول: نزلت هذه الآية في بيتي( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٤) ، قالت: وفي البيت سبعة: رسول الله، وجبرئيل وميكائيل، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين (صلوات الله عليهم)، قالت: وأنا على الباب، فقلت: يا رسول الله، ألست من أهل البيت؟ قال: إنك من أزواج النبي، وما قال: إنك من أهل البيت(٥) .

٧٤٧/٥ - وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: أخبرنا إسماعيل ابن أبان الازدي، قال: حدّثنا عبدالله بن خراش الشيباني، عن العوام بن حوشب، عن التيمي، قال: دخلت على عائشة فحدثتنا أنها رأت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دعا عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام: فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا(٦) .

______________

(١) معاني الاخبار: ١٢٢/٣، بحار الانوار ٢٣: ١٦٩/٨.

(٢) الصافات ٣٧: ١٣٠.

(٣) معاني الاخبار: ١٢٢/٤، بحار الانوار ٢٣: ١٦٩/٩.

(٤) الاحزاب ٣٣: ٣٣.

(٥) الخصال: ٤٠٣/١١٣، بحار الانوار ٣٥: ٢٠٩/٩.

(٦) بحار الانوار ٣٥: ٢١٠ /.

٥٥٩

٧٤٨/٦ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن المعليّ بن محمّد البصري، عن جعفر بن سليمان، عن عبدالله بن الحكم، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن عليا وصيي وخليفتي، وزوجته فاطمة سيدة نساء العالمين ابنتي، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ولداي، من والاهم فقد والاني، ومن عاداهم فقد عاداني، ومن ناواهم فقد ناواني، ومن جفاهم فقد جفاني، ومن برهم فقد برني، وصل الله من وصلهم، وقطع من قطعهم، ونصر من نصرهم، وأعان من أعانهم، وخذل من خذلهم، اللهم من كان له من أنبيائك ورسلك ثقل وأهل بيت، فعلي وفاطمة والحسن والحسين أهل بيتي وثقلي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا(١) .

٧٤٩/٧ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن عليّ بن سالم، عن أبيه، عن ثابت بن أبي صفية، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من سره أن يجمع الله له الخير كله فليوال عليا بعدي، وليوال أولياءه، وليعاد أعداءه(٢) .

٧٥٠/٨ - حدّثنا أحمد بن الحسن القطان، قال: حدّثنا العباس بن الفضل، قال حدّثنا أبوزرعة، قال: حدّثنا عثمان بن محمّد بن أبي شيبة العبسي، قال: حدّثنا عبدالله بن نمير، عن الحارث بن حصيرة، عن أبي سليمان زيد بن وهب، عن عبدالله ابن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ولايتي وولاية أهل بيتي أمان من النار(٣) .

٧٥١/٩ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن جعفر بن محمّد الفزاري، عن عباد بن يعقوب، عن منصور بن أبي نويرة، عن أبي

______________

(١) بحار الانوار ٣٥: ٢١٠/١١.

(٢) بحار الانوار ٢٧: ٥٥/٩.

(٣) بحار الانوار ٢٧: ٨٨/٣٥.

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780