الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق10%

الأمالي شيخ الصدوق مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 780

الأمالي شيخ الصدوق
  • البداية
  • السابق
  • 780 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 462736 / تحميل: 8965
الحجم الحجم الحجم
الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف:
العربية

١

مركز الطباعة والنشر في مؤسسة البعثة

الامالي

تأليف: الشيخ الصدوق

تحقيق: قسم الدراسات الاسلامية - مؤسسة البعثة - قم

الطبعة: الاولى ١٤١٧ ه‍. ق

الكمية: ١٠٠٠ نسخة

التوزيع: مؤسسة البعثة

طهران - شارع سمية - بين شارعي الشهيد مفتح وفرصت

هاتف: ٨٨٢٢٢٤٤ - ٨٨٢٢٣٧٤، فاكس: ٨٨٢١٣٧٠، ص. ب: ١٣٦١/١٥٨١٥

بيروت - ص. ب: ١٢٤/٢٤، تلكس: ٤٠٥١٢ كمك

جميع الحقوق محفوظة ومسجلة لمؤسسة البعثة

شابك ISBN ٤٦٩ - ٩٠٣ - ٨٦٠ - X ٤٦٩ - ٩٠٣ - ٨٦٠ – X

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

ترجمة المؤلف

اسمه ونسبه:

هو الشيخ الصدوق محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، أبوجعفر القمي.

ولادته:

ولد في قم، ولم نعلم على وجه الدقة سنة ولادته، ولكن يستفاد من كتابه (كمال الدين) ومن (غيبة الشيخ الطوسي) المتوفى سنة ٤٦٠ ه‍ و (رجال النجاشي) المتوفى سنة ٤٥٠ ه‍ أن ولادة الشيخ الصدوق كانت بعد وفاة محمّد بن عثمان العمري ثاني السفراء الاربعة والمتوفى سنة ٣٠٥ ه‍ وفي أول سفارة أبي القاسم الحسين بن روح ثالث السفراء الاربعة المتوفى سنة ٣٢٦ ه‍.

قال الشيخ الصدوق في كتابه (كمال الدين وتمام النعمة): حدّثنا أبوجعفر محمّد بن عليّ الاسود رضي الله عنه قال: سألني عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه رضي الله عنه بعد موت محمّد بن عثمان العمري رضي الله عنه أن أسأل أبا القاسم الروحي أن يسأل مولانا صاحب الزمان عليه السلام أن يدعو الله عزّوجلّ أن يرزقه ولدا ذكرا، قال: فسألته فأنهى ذلك، ثم أخبرني بعد ذلك بثلاثة أيام أنه قد دعا لعليّ بن الحسين وأنه سيولد له ولد مبارك ينفع الله تعالى به وبعده أولاد.

قال أبوجعفر محمّد بن عليّ الاسود رضي الله عنه: فولد لعليّ بن

٣

الحسين رضي الله عنه محمّد بن عليّ وبعده أولاد(١) .

وروى مثله الشيخ الطوسي في (الغيبة)(٢) .

وذكر أبوالعباس النجاشي في ترجمة والد الشيخ الصدوق عليّ بن الحسين بن موسى رضي الله عنه أنه قدم العراق واجتمع مع أبي القاسم الحسين بن روح رحمه الله وسأله مسائل ثم كاتبه بعد ذلك على يد عليّ بن جعفر بن الاسود يسأله أن يوصل له رقعة إلى الصاحب عليه السلام ويسأله فيها الولد فكتب إليه: قد دعونا الله لك بذلك وسترزق ولدين ذكرين خيرين. فولد له أبوجعفر وأبو عبدالله من أم ولد(٣) .

وروى الشيخ الطوسي في (الغيبة) عن أبي العباس بن نوح، عن أبي عبدالله الحسين بن محمّد بن سورة القمي، قال: حدثني عليّ بن الحسين بن يوسف الصائغ القمي، ومحمّد بن أحمد بن محمّد الصيرفي المعروف بابن الدلال وغيرهما من مشايخ أهل قم: أن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه كانت تحته بنت عمه محمّد ابن موسى بن بابويه فلم يرزق منها ولدا، فكتب إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه أن يسأل الحضرة أن يدعو الله أن يرزقه أولادا فقهاء، فجاء الجواب: أنك لا ترزق من هذه، وستملك جارية ديلمية وترزق منها ولدين فقيهين(٤) ، وروى مثله الشيخ قطب الدين الراوندي في (الخرائج)(٥) والطبرسي في (إعلام الورى)(٦) .

ويظهر مما تقدم أن الشيخ الصدوق ولد بعد وفاة محمّد بن عثمان العمري، أي بعد سنة ٣٠٥ ه‍، وفي أوائل سفارة الحسين بن روح، حيث قدم والده الشيخ علي ابن الحسين إلى العراق واجتمع بأبي القاسم وسأله مسائل، ثم رجع إلى قم وكاتبه

______________

(١) كمال الدين: ٥٠٢/٣١.

(٢) الغيبة: ٣٢٠/٢٦٦.

(٣) رجال النجاشي: ٢٦١/٦٨٤.

(٤) الغيبة: ٣٠٨/٢٦١.

(٥) الخرائج والجرائح ٢: ٧٩٠/١١٣.

(٦) إعلام الورى: ٤٥٠.

٤

بعد ذلك على يد عليّ بن جعفر بن الاسود كما في (رجال النجاشي)، أو على يد أبي جعفر محمّد بن عليّ الاسود كما روي عن شيخنا الصدوق نفسه في (كمال الدين)، وسأله أن يوصل رقعته إلى الصاحب عليه السلام ليدعو له أن يرزقه الله ولدا، وعليه فولادته تكون نحو سنة ٣٠٦ ه‍، ويكون مقامه مع والده ومع شيخه الكليني في الغيبة الصغرى نيفا وعشرين سنة، لان وفاتهما سنة ٣٢٩ ه‍ وهي السنة التي توفي فيها السمري آخر السفراء.

وكان الشيخ الصدوق رحمه الله يفتخر بولادته ويقول: أنا ولدت بدعوة صاحب الامر عليه السلام(١) ، وكان يقول أيضا: كان أبوجعفر محمّد بن عليّ الاسود رضي الله عنه كثيرا ما يقول - إذا رآني اختلف إلى مجالس شيخنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، وأرغب في كتب العلم وحفظه -: ليس بعجب أن تكون لك هذه في العلم وأنت ولدت بدعاء الامام عليه السلام(٢) .

وكان أبوعبدالله بن سورة يقول: كلما روى أبوجعفر وأبو عبدالله(٣) ابنا عليّ بن الحسين شيئا يتعجب الناس من حفظهما، ويقولون لهما: هذا الشأن خصوصية لكما بدعوة الامام لكما، وهذا أمر مستفيض في أهل قم(٤) .

نشأته:

نشأ الشيخ الصدوق في بيت علم وتربى في أحضان فضيلة، فقد كان أبوه علي ابن الحسين بن موسى بن بابويه شيخ القميين في عصره ومتقدمهم وفقيههم

______________

(١) رجال النجاشي: ٢٦١/٦٨٤.

(٢) كمال الدين: ٥٠٣/٣١، الغيبة: ٣٢٠/٢٦٦.

(٣) وهو الحسين بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، أبوعبدالله القمي، أخو الشيخ الصدوق، كان فقيها صالحا ماهرا في الحفظ، توفي سنة ٤١٨ ه‍، قال النجاشي: ٦٨/١٦٣، ثقة روى عن أبيه إجازة، له كتب، منها: كتاب التوحيد ونفي التشبيه، وكتاب عمله للصاحب أبي القاسم بن عباد.

(٤) الغيبة: ٣٠٩/٢٦١.

٥

وثقتهم(١) .

وقد عاش شيخنا الصدوق في كنف أبيه وظل رعايته نيفا وعشرين سنة ينهل من معارفه ويستمد من فيض علومه ويقتبس من أخلاقه وآدابه.

وكانت نشأة شيخنا الصدوق الاولى في بلدة قم من بلاد إيران، وهي إحدى مراكز العلم يومئذ، حيث كانت تعج بالعلماء وحملة الحديث، وكانت مهبط شيوخ الرواية، يقصدونها من شتى ديار الاسلام.

وقد أكثر الشيخ الصدوق من مجالسة العلماء في قم والسماع منهم والرواية عنهم، أمثال الشيخ محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، وحمزة بن محمّد بن أحمد ابن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ عليه السلام وغيرهما.

وفي مثل هذه الاجواء، بدت في شيخنا الصدوق ملامح النبوغ والرقي، وذلك بدعاء الامام عليه السلام له ونعته بالفقه والبركة وانتفاع الناس به، ولم تمض برهة حتى أصبح الشيخ الصدوق آية في الحفظ والذكاء، ففاق أقرانه بالفضل والعلم وطار صيته حتى أشير إليه بالبنان.

وقد كانت الفترة التي عاشها شيخنا الصدوق هي فترة حكم الديالمة آل بويه وأمرائهم المعروفين بحسن خدمتهم لاهل العلم وتأييدهم لهم والمبالغة في إكرامهم وتبجيلهم، مما له بالغ الاثر في مسيرة شيخنا الصدوق العلمية، وتوجهاته وأسفاره، وقد كان أمراء البلاد الاسلامية في تلك الفترة جلهم من الشيعة فاضافة إلى الديالمة في إيران (٣٢١ - ٤٤٧ ه) هناك الدولة العبيدية الفاطمية في شمال أفريقيا (٢٩٦ - ٥٦٧ ه) والحمدانية في الموصل وبلاد الشام (٣٣٣ - ٣٩٤ ه).

رحلاته وأسفاره:

لم تكن همة الشيخ الصدوق مقصورة على الاخذ من مشايخ بلدته قم

______________

(١) رجال النجاشي: ٢٦١/٦٨٤.

٦

فحسب، بل تعالت همته حتى تحمل وعثاء السفر طلبا للعلم، فغادر بيئته وطاف البلاد ورحل إلى الامصار، وتتابعت أسفاره في أمهات الحواضر العلمية آنذاك، واجتمع في تلك الرحلات مع مشيخة العلم والحديث ممن كانت تشد إليهم الرحال لتحمل الرواية والعلم.

ويمكن إجمال مجموع أسفاره ورحلاته بما يلي:

١ - الريّ:

استدعاه إلى الري ركن الدولة البويهي المتوفى سنة ٣٦٦ ه‍ بطلب من أهالي البلد، فلبى طلبهم وسافر إلى الري وأقام هناك، ولا نعرف على وجه التحديد السنة التي انتقل فيها الشيخ الصدوق إلى الري إلا أنه يمكن تحديدها بين سنة ٣٣٩ و ٣٤٧ ه‍، حيث روى بقم عن الشيخ حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام في رجب سنة ٣٣٩ ه(١) ، وحدث بالري عن الشيخ أبي الحسن محمّد بن أحمد بن عليّ بن أسد الاسدي، المعروف بابن جرادة البردعي في رجب سنة ٣٤٧ ه(٢) ، ومهما يكن الامر فانه أصبح بعد سنة ٣٤٧ ه‍ مصدر الفتيا والاحكام لابناء الري، والتف حوله ذوو الفضل والعلم فأفاض عليهم من علومه ومعارفه، وأخذ هو عن شيوخهم وعلمائهم، حيث سمع من الشيخ ابن جرادة البردعي ويعقوب بن يوسف بن يعقوب، وأحمد بن محمّد بن الصقر الصائغ العدل، وأبي علي أحمد بن الحسن القطان وغيرهم.

٢ - خراسان:

قال الشيخ الصدوق: لما استأذنت الامير السعيد ركن الدولة في زيارة مشهد الرضا عليه السلام فأذن لي في ذلك في رجب من سنة ٣٥٢ ه(٣) . والظاهر أن هذه أولى زياراته لمشهد الامام عليّ بن موسى الرضا عليه السلام.

وله زيارة أخرى في سنة ٣٦٧ ه‍ حيث أملى بها المجلس (٢٥) من كتاب

______________

(١) الخصال: ١١/٤٠.

(٢) الخصال: ٦٤١/٢٠.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٢٧٩.

٧

(الامالي) بمشهد الرضا عليه السلام يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة بقين من ذي الحجة، وأملي المجلس (٢٦) يوم غدير خم لاثنتي عشرة ليلة بقين من ذي الحجة من نفس السنة المذكورة، ورجع من زيارته سنة ٣٦٨ ه‍ حيث أملى المجلس (٢٧) في يوم الجمعة غرة المحرم من سنة ٣٦٨ ه‍ بعد رجوعه من المشهد المقدس.

والظاهر أن له زيارة ثالثة لمشهد الامام الرضا عليه السلام، وذلك عند خروجه إلى بلاد ما وراء النهر، حيث أملى المجالس (٩٤، ٩٥، ٩٦) يوم الثلاثاء والاربعاء والخميس من (١٧ - ١٩) من شعبان سنة ٣٦٨ ه‍ في مشهد الامام الرضا عليه السلام. وخلال طريقه إلى خراسان مر باستراباد وجرجان(١) وسمع بهما من الشيخ أبي الحسن محمّد بن القاسم المفسر الاسترابادي الخطيب، ومن الشيخ أبي محمّد القاسم بن محمّد الاسترابادي، ومن الشيخ أبي محمّد عبدوس بن عليّ بن العباس الجرجاني، ومن الشيخ محمّد بن عليّ الاسترابادي.

وبعد منصرفه من زيارته لمشهد الرضا عليه السلام أقام في نيسابور مدة، قال في مقدمة كتابه (كمال الدين): إني لما قضيت وطري من زيارة عليّ بن موسى الرضا (صلوات الله عليه) رجعت إلى نيسابور وأقمت بها، فوجدت أكثر المختلفين إلي من الشيعة قد حيرتهم الغيبة، ودخلت عليهم في أمر القائم عليه السلام الشبهة، وعدلوا عن طريق التسليم إلى الآراء والمقاييس، فجعلت أبذل مجهودي في إرشادهم إلى الحق وردهم إلى الصواب بالاخبار الواردة في ذلك عن النبي والائمة (صلوات الله عليهم)(٢) .

وحدث في نيسابور عن كثير من مشايخها، منهم الشيخ أبوعلي الحسين بن أحمد البيهقي حدثه بداره فيها، والشيخ عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوري، والشيخ أبومنصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوزي، والشيخ أبوسعيد

______________

(١) أسترآباد: بلدة مشهورة من أعمال طبرستان بين سارية وجرجان. وجرجان: مدينة مشهورة عظيمة بين طبرستان وخراسان. « مراصد الاطلاع ١: ٧٠ و ٣٢٣ ».

(٢) كمال الدين: ٢.

٨

محمّد بن الفضل بن محمّد بن إسحاق المذكر النيسابوري المعروف بأبي سعيد المعلم، والشيخ أبوالطيب الحسين بن أحمد بن محمّد الرازي، والشيخ عبدالله بن محمّد بن عبد الوهاب السجزي، والشيخ أبونصر أحمد بن الحسين بن أحمد الضبي المرواني النيسابوري وغيرهم.

ومر أيضا بمرو الروذ(١) وأخذ عن جماعة، منهم الشيخ محمّد بن عليّ المرو الروذي، والشيخ أبويوسف رافع بن عبدالله بن عبد الملك.

وورد سرخس(٢) أيضا، وحدث بها عن الشيخ أبي نصر محمّد بن أحمد بن تميم السرخسي الفقيه.

٣ - بغداد:

سافر إلى بغداد سنة ٣٥٢ ه‍ وسمع منه جملة من شيوخها، كما أنه حدث بها عن الشيخ أبي الحسن عليّ بن ثابت الدواليبي.

وورد بغداد سنة ٣٥٥ ه‍ أيضا كما في رجال النجاشي(٣) ، والظاهر أنه وردها بعد منصرفه من الحج حيث أقام بها وسمع من شيوخها، منهم الشيخ أبومحمّد الحسن بن محمّد بن يحيى الحسيني العلوي المعروف بابن أبي طاهر، والشيخ إبراهيم بن هارون الهيتي وغيرهما.

٤ - مكة والمدينة:

تشرف شيخنا الصدوق بحج بيت الله الحرام سنة ٣٥٤ ه‍، وزار قبر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقبور أهل البيت عليهم السلام.

وفي طريقه إلى الحج ورد الكوفة سنة ٣٥٤ ه‍، وسمع بمسجدها من جماعة، كالشيخ محمّد بن بكران النقاش، والشيخ أحمد بن إبراهيم بن هارون الفامي، والشيخ الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي، والشيخ أبي الحسن عليّ بن عيسى المجاور، وحدث بالكوفة أيضا عن الشيخ أبي ذر يحيى بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز،

______________

(١) مرو الروذ: مدينة من مرو الشاهجان، ومرو الشاهجان، هي أشهر مدن خراسان. « مراصد الاطلاع ٣: ١٢٦٢ ».

(٢) سرخس: مدينة قديمة، من نواحي خراسان كبيرة، بين نيسابور ومرو، في وسط الطريق. « مراصد الاطلاع ٢: ٧٠٥ ».

(٣) رجال النجاشي: ٣٨٩/١٠٤٩.

٩

والشيخ أبي القاسم الحسن بن محمّد السكوني المذكر الكوفي، وسمع من الشيخ أبي الحسن عليّ بن الحسين بن سفيان بن يعقوب بن الحارث بن إبراهيم الهمداني في منزله بالكوفة.

وبعد منصرفه من بيت الله الحرام ورد فيد(١) وحدث بها عن الشيخ أبي علي أحمد بن أبي جعفر البيهقي.

وورد همدان(٢) بعد منصرفه من الحج أيضا سنة ٣٥٤ ه‍ وحدث بها، وسمع من شيوخها، منهم الشيخ أبوأحمد القاسم بن محمّد بن أحمد بن عبدويه السراج الزاهد الهمداني، وأجازه بها الشيخ أبوالعباس الفضل بن الفضل بن العباس الكندي الهمداني، ومحمّد بن الفضل بن زيدويه الجلاب الهمداني.

٥ - بلاد ما وراء النهر:

ويظهر أنه سافر إليها خلال زيارته الثالثة لمشهد سنة ٣٦٨ ه‍، حيث أملى المجلس (٩٤) يوم الثلاثاء السابع عشر من شعبان سنة ٣٦٨ ه‍ في مشهد الامام الرضا عليه السلام عند خروجه إلى ديار ما وراء النهر.

وقد رحل إلى إيلاق وبلخ وسمرقند وفرغانة، وفي مدة إقامته بإيلاق(٣) اجتمع بالشريف أبي عبدالله محمّد بن الحسن الموسوي المعروف بنعمة، ووقف الشريف نعمة على جملة مصنفات الشيخ الصدوق والبالغة آنذاك (٢٤٥) كتابا، وقد نسخ وسمع منه أكثرها ورواها عنه، وسأله أن يصنف له كتابا في الفقه والحلال والحرام والشرائع والاحكام، ويسميه (من لا يحضره الفقيه)، فأجابه الشيخ الصدوق وصنفه له، قال في مقدمته: « لما ساقني القضاء إلى بلاد الغربة، وحصلني القدر منها بأرض بلخ من قصبة إيلاق، وردها الشريف الدين أبوعبدالله المعروف بنعمة، وهو محمّد بن الحسن بن إسحاق بن الحسن بن الحسين بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمّد بن

______________

(١) فيد: بليدة في نصف طريق مكة من الكوفة. « مراصد الاطلاع ٣: ١٠٤٩ ».

(٢) همدان: مدينة في إيران جنوب غربي طهران. « المنجد في الاعلام: ٧٣٠ ».

(٣) إيلاق: من قرى بخارى. « مراصد الاطلاع ١: ١٣٨ ».

١٠

عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، فدام بمجالسته سروري، وأنشرح بمذاكرته صدري، وعظم بمودته تشرفي لاخلاق قد جمعها إلى شرفه من ستر وصلاح، وسكينة ووقار، وديانة وعفاف، وتقوى وإخبات، فذاكرني بكتاب صنفه محمّد بن زكريا المتطبب الرازي، وترجمه بكتاب (من لا يحضره الطبيب) وذكر أنه شاف في معناه، وسألني أن اصنف له كتابا في الفقه والحلال والحرام، والشرائع والاحكام، موفيا على جميع ما صنفت في معناه، واترجمه بكتاب (من لا يحضره الفقيه) ليكون إليه مرجعه، وعليه معتمده، وبه أخذه، ويشترك في أجره من ينظر فيه، وينسخه ويعمل بمودعه، هذا مع نسخه لاكثر ما صحبني من مصنفاتي وسماعه لها وروايتها عني، ووقوفه على جملتها، وهي مائتا كتاب وخمسة وأربعون كتاب، فأجبته أدام الله توفيقه إلى ذلك لاني وجدته أهلا له وصنفت له هذا الكتاب ».

وروى بايلاق عن الشيخ أبي الحسن محمّد بن عمرو بن عليّ بن عبدالله البصري، والشيخ أبي نصر محمّد بن الحسن بن إبراهيم الكرخي الكاتب، والشيخ أبي محمّد بكر بن عليّ بن محمّد بن الفضل الحنفي الشاشي الحاكم، والشيخ أبي الحسن عليّ بن عبدالله بن أحمد الاسواري وغيرهم.

وسمع من مشايخ بلخ(١) أيضا، منهم الشيخ أبوعبدالله الحسين بن محمّد الاشناني الرازي العدل والشيخ أبوعبدالله الحسين بن أحمد الاسترابادي العدل والشيخ أبوعلي الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن عمرو العطار والشيخ أبوالقاسم عبدالله بن أحمد الفقيه، والشيخ طاهر بن محمّد بن يونس بن حيوة الفقيه، والشيخ أبوالحسن محمّد بن سعيد بن عزيز السمرقندي الفقيه، والحاكم أبوحامد أحمد بن الحسين بن الحسن بن عليّ وغيرهم.

______________

(١) بلخ: مدينة ذات شأن في العصور القديمة والعصور الوسطى، هي اليوم قرية صغيرة في أفغانستان. « المنجد في الاعلام: ١٤٠ ».

١١

وحدّثه بسمرقند(١) أبومحمّد عبدوس بن عليّ بن العباس الجرجاني، والشيخ أبوأسد عبد الصمد بن شهيد الانصاري وغيرهما.

وحدّثه بفرغانة(٢) الشيخ تميم بن عبدالله بن تميم القرشي، والشيخ أبوأحمد محمّد بن جعفر البندار الشافعي الفرغاني، والشيخ إسماعيل بن منصور بن أحمد القصار، والشيخ أبومحمّد محمّد بن أبي عبدالله الشافعي وغيرهم.

مرجعيته:

يتضح من جملة الكتب التي أثبتها النجاشي في رجاله أن الشيخ الصدوق رحمه الله كان يجيب على مسائل ورسائل ترده من مختلف الاطراف والبلدان، مما يدل على سعة وامتداد مرجعيته في الفتيا والاحكام في حواضر إسلامية مختلفة، قال أبوالعباس النجاشي: وله كتب كثيرة، منها: كتاب جوابات المسائل الواردة عليه من واسط، كتاب جوابات المسائل الواردة عليه من قزوين، كتاب جوابات مسائل وردت من مصر، كتاب جوابات مسائل وردت من البصرة، كتاب جوابات مسائل وردت من الكوفة، جواب مسألة وردت عليه من المدائن في الطلاق، كتاب جواب مسألة نيسابور، كتاب رسالته إلى أبي محمّد الفارسي في شهر رمضان، كتاب الرسالة الثانية إلى أهل بغداد في شهر رمضان(٣) ، وله أيضا رسالة في الغيبة إلى أهل الري والمقيمين بها وغيرهم(٤) .

تقريظه:

قرظ الشيخ الصدوق جملة من العلماء والمورخين وعلى فترات تاريخية

______________

(١) سمرقند: بلد معروف مشهور، قيل: إنه من بناء ذي القرنين بما وراء النهر. « مراصد الاطلاع ٢: ٧٣٦ ».

(٢) فرغانة: مدينة وكورة واسعة بما وراء النهر، متاخمة لبلاد تركستان. « مراصد الاطلاع ٣: ١٠٢٩ ».

(٣) رجال النجاشي: ٣٩٢/١٠٤٩.

(٤) الفهرست: ١٥٧/٦٩٥.

١٢

متعاقبة، وهم كثيرون لا يسعنا ذكرهم جميعا، بل سنقتصر على ذكر المتقدمين منهم:

١ - قال النجاشي المتوفى سنة ٤٥٠ ه‍ في رجاله: « أبوجعفر القمي، نزيل الري، شيخنا وفقيهنا، ووجه الطائفة بخراسان، وكان ورد بغداد سنة ٣٥٥ ه‍، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، وله كتب كثيرة »(١) .

٢ - وقال شيخ الطائفة المتوفى سنة ٤٦٠ ه‍ في رجاله: « جليل القدر حفظة بصبر بالفقه والاخبار والرجال »(٢) .

وقال في الفهرست: « جليل القدر، يكنى أبا جعفر، كان جليلا حافظا للاحاديث، بصيرا بالرجال، ناقدا للاخبار، لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو من ثلاثمائة مصنف وفهرست كتبه معروفة »(٣) .

٣ - وقال الخطيب البغدادي المتوفى سنة ٤٦٣ ه‍ في تاريخه: «... نزل بغداد وحدث بها عن أبيه، وكان من شيوخ الشيعة ومشهوري الرافضة، حدّثنا عنه محمّد ابن طلحة النعالي »(٤) .

٤ - وقال ابن شهر آشوب المتوفى سنة ٥٨٨ ه‍ في معالم العلماء: «... مبارز القميين، له نحو من ثلاثمائة مصنف... »(٥) .

٥ - وقال ابن إدريس المتوفى سنة ٥٩٨ ه‍ في السرائر في كتاب النكاح: « فانه - أي ابن بابويه - كان ثقة جليل القدر، بصيرا بالاخبار، ناقدا للآثار، عالما بالرجال، حفظة، وهو استاذ شيخنا المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان »(٦) .

٦ - وقال الحسن بن عليّ بن داود المتوفى سنة ٧٠٧ ه‍ في رجاله: « أبوجعفر،

______________

(١) رجال النجاشي: ٣٨٩/١٠٤٩.

(٢) رجال الطوسي: ٤٩٥/٢٥.

(٣) الفهرست: ١٥٧/٦٩٥.

(٤) تاريخ بغداد ٣: ٨٩.

(٥) معالم العلماء: ١١١/٧٦٤.

(٦) السرائر ٢: ٥٢٩.

١٣

جليل القدر، حفظة، بصير بالفقه والاخبار، شيخ الطائفة وفقيهها ووجهها بخراسان، كان ورد بغداد سنة ٣٥٥ ه‍، سمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، له مصنفات كثيرة، لم ير في القميين مثله في الحفظ وفي كثرة علمه »(١) .

٧ - وقال العلامة الحلي المتوفى سنة ٧٢٦ ه‍ في الخلاصة: « أبوجعفر، نزيل الري، شيخنا وفقيهنا، ووجه الطائفة بخراسان، ورد بغداد سنة ٣٥٥ ه‍، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، كان جليلا حافظا للاحاديث، بصيرا بالرجال، ناقدا للاخبار، لم ير في القميين مثله في حفظه وكثرة علمه، له نحو ثلاثمائة مصنف، ذكرنا أكثرها في كتابنا الكبير، مات رضي الله عنه في الري سنة ٣٨١ ه »(٢) .

٨ - وقال الشيخ حسين بن عبد الصمد الحارثي المتوفى سنة ٩٨٥ ه - والد الشيخ البهائي -: « وأما كتاب مدينة العلم ومن لا يحضره الفقيه فهما للشيخ الجليل النبيل أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويه القمي، وكان هذا الشيخ جليل القدر، عظيم المنزلة في الخاصة والعامة، حافظا للاحاديث، بصيرا بالفقه والرجال، والعلوم العقلية والنقلية، ناقدا للاخبار، شيخ الفرقة الناجية وفقيهها ووجهها بخراسان وعراق العجم، وله أيضا كتب جليلة، لم ير في عصره مثله في حفظه وكثرة علمه، ورد بغداد سنة ٣٥٥ ه‍، وسمع منه شيوخ الطائفة وهو حدث السن، ومات في الري سنة ٣٨١ ه »(٣) .

وفاته:

توفي الشيخ الصدوق رحمه الله في الري سنة ٣٨١ ه‍، وقبره بها بالقرب من قبر السيد عبد العظيم الحسني رضي الله عنه، وهو مزار يرده الناس ويتبركون به، وقد جدد

______________

(١) رجال ابن داود: ١٧٩/١٤٥٥.

(٢) الخلاصة: ١٤٧/٤٤.

(٣) الدراية: ٧٠.

١٤

عمارة المرقد الشريف السلطان فتح علي شاه القاجاري حدود سنة ١٢٣٨ ه‍ على أثر ما شاع من حصول كرامة من صاحب المرقد بعد وفاته رحمه الله، وقد ذكر تفصيلها الخوانساري في (الروضات)(١) ، والمامقاني في (تنقيح المقال)(٢) ، والقمي في (الفوائد الرضوية)(٣) .

مشايخه ومن روى عنهم:

لقد رحل الشيخ الصدوق في طلب العلم لمختلف ديار الاسلام، واجتمع خلال رحلاته مع مشيخة العلم والحديث، فقرأ عليهم وسمع منهم واستجازهم في مختلف الفنون، وأدناه قائمة بأسماء المشايخ مأخوذة من الكتب التي ترجمت للشيخ الصدوق، ومن كتبه المطبوعة كالامالي، ومن لا يحضره الفقيه، والتوحيد، وثواب الاعمال، وعقاب الاعمال، وعلل الشرائع، وعيون أخبار الرضا عليه السلام، وكمال الدين، ومعاني الاخبار، ومصادقة الاخوان، وفضائل الشيعة وغيرها، وهذه القائمة مرتبة وفقا للحرف الاول فالثاني:

١ - أبوإسحاق إبراهيم بن محمّد بن حمزة بن عمارة الحافظ(٤) .

٢ - أبوالحسن إبراهيم بن هارون الهيتي(٥) .

٣ - أحمد بن إبراهيم بن إسحاق.

٤ - أبومنصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوزي(٦) .

______________

(١) روضات الجنات ٦: ١٣٢.

(٢) تنقيح المقال ٣: ١٥٤/١١١٠٤.

(٣) الفوائد الروضوية: ٥٦٠.

(٤) كذا في الخصال: ٤١٠، ٤١٧، وفي خاتمة مستدرك الوسائل ٣: ٧١٣: ابن أبي حمزة.

(٥) في معاني الاخبار: الهيسي، وفي خاتمة المستدرك ٣: ٧١٣: الهيبستي، وكلاهما تصحيف صحيحه ما أثبتناه من التوحيد: ١٥٧ و ١٥٨.

(٦) كذا في الخصال: ٣٢٤ و ٣٤٣، وفي التوحيد: ٢٢ و ٣٧٦: الخوري، ولعله تصحيف الجوري، نسبة إلى جور، =

١٥

٥ - أحمد بن إبراهيم بن هارون الفامي.

٦ - أحمد بن إبراهيم بن الوليد السلمي.

٧ - أبوالحسن أحمد بن ثابت الدواليبي.

٨ - أحمد بن أبي جعفر البيهقي.

٩ - أحمد بن الحسن العطار.

١٠ - أحمد بن الحسن القطان.

١١ - أبوالعباس أحمد بن الحسن بن عبدالله بن محمّد بن مهران الازدي الآبي العروضي.

١٢ - أبونصر أحمد بن الحسين بن أحمد الضبي المرواني النيسابوري.

١٣ - أبوحامد أحمد بن الحسين بن الحسن بن عليّ الحاكم.

١٤ - أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني.

١٥ - أحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم القمي.

١٦ - أبوحامد أحمد بن عليّ بن الحسين الثعالبي.

١٧ - أبوعلي أحمد بن محمّد بن أحمد بن إبراهيم الهرمزي البيهقي.

١٨ - أبوالعباس أحمد بن محمّد بن أحمد بن الحسين الحاكم.

١٩ - أحمد بن محمّد بن أحمد السناني المكتب.

٢٠ - أبوالحسن أحمد بن محمّد بن أحمد بن غالب الانماطي.

٢١ - أحمد بن محمّد بن إسحاق الدينوري القاضي.

٢٢ - أحمد بن محمّد بن إسحاق المعاذي.

٢٣ - أحمد بن محمّد الاسدي.

٢٤ - أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسين البزاز النيسابوري.

٢٥ - أحمد بن محمّد بن حمدان المكتب.

______________

= وهي محلة بنيسابور.

١٦

٢٦ - أبوعبدالله أحمد بن محمّد الخليلي.

٢٧ - أحمد بن محمّد بن رزمة القزويني.

٢٨ - أبوالحسن أحمد بن محمّد الصقر الصائغ العدل شيخ لاهل الري.

٢٩ - أحمد بن محمّد بن عبد الرحمن المروزي المقرئ الحاكم.

٣٠ - أبوالحسن أحمد بن محمّد بن عيسى بن أحمد بن عيسى بن عليّ بن الحسين (بن عليّ بن الحسين) بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

٣١ - أحمد بن محمّد بن الهيثم العجلي.

٣٢ - أحمد بن محمّد بن يحيى العطار الاشعري القمي.

٣٣ - أحمد بن هارون الفامي.

٣٤ - أحمد بن يحيى المكتب(١) .

٣٥ - أبومعمر إسماعيل بن إبراهيم بن معمر.

٣٦ - إسماعيل بن حكيم العسكري.

٣٧ - إسماعيل بن منصور بن أحمد القصار.

٣٨ - الحاكم أبومحمّد بكر بن عليّ بن محمّد بن الفضل الحنفي الشاشي.

٣٩ - أبوالمفضل تميم بن عبدالله بن تميم القرشي الحيري.

٤٠ - أبومحمّد جعفر بن أحمد بن عليّ الفقيه المروزي الايلاقي.

٤١ - جعفر بن الحسين.

٤٢ - جعفر بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عبدالله بن المغيرة الكوفي.

٤٣ - جعفر بن محمّد بن مسرور.

٤٤ - أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن موسى بن قولويه القمي.

٤٥ - أبومحمّد جعفر بن نعيم بن شاذان الحاكم النيسابوري.

______________

(١) كذا في الامالي مجلس (١) الحديث (٥) ومعاني الاخبار: ٣٠٨، وفي معاني الاخبار: ٨٤: أبوعلي أحمد بن يحيى المؤدب، والظاهر اتحادهما.

١٧

٤٦ - الحسن بن أبي علي أحمد بن إدريس الاشعري القمي.

٤٧ - أبومحمّد الحسن بن أحمد المكتب.

٤٨ - أبومحمّد الحسن بن حمزة بن عليّ بن عبدالله بن محمّد بن الحسن بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

٤٩ - أبوأحمد الحسن بن عبدالله بن سعيد بن الحسن(١) بن إسماعيل بن حكيم العسكري.

٥٠ - الحسن بن عليّ بن أحمد الصائغ.

٥١ - أبومحمّد الحسن بن عليّ بن شعيب الجوهري.

٥٢ - أبوعلي الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن عمرو العطار القزويني.

٥٣ - الحسن بن محمّد بن سعيد الهاشمي الكوفي.

٥٤ - أبوالقاسم الحسن بن محمّد السكوني المذكر الكوفي.

٥٥ - أبومحمّد الحسن بن محمّد بن يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

٥٦ - الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب(٢) .

٥٧ - الحسين بن إبراهيم بن ناتانه

٥٨ - الحسين بن أحمد بن إدريس.

٥٩ - أبوعبدالله الحسين بن أحمد الاسترابادي العدل(٣) .

٦٠ - أبوعلي الحسين بن أحمد البيهقي الحاكم.

٦١ - الحسين بن أحمد المالكي.

٦٢ - أبوعبدالله الحسين بن أحمد بن محمّد بن أحمد الاشناني الدارمي الفقيه

______________

(١) كذا، والظاهر زيادة الحسن، مع بعض الاختلاف في آخر نسبه، انظر معجم الادباء ٨: ٢٣٣، ومعجم البلدان ٤: ١٢٤، وأعلام الزركلي ٢: ١٩٦.

(٢) كذا في مواضع مختلفة من مصنفاته، وفي التوحيد: ٢٢٤، ٢٨٩: المؤدب.

(٣) كذا في الخصال: ٣١١، ولعله متحد مع رقم (٦٢).

١٨

العدل.

٦٣ - أبوالطيب الحسين بن أحمد بن محمّد الرازي.

٦٤ - أبوعبدالله الحسين بن أحمد بن محمّد بن عليّ بن عبدالله بن جعفر(١) بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

٦٥ - أبوعبدالله الحسين بن إسماعيل الكندي.

٦٦ - الحسين بن الحسن بن محمّد.

٦٧ الحسين بن عبدالله بن سعيد بن الحسن بن إسماعيل بن حكيم العسكري.

٦٨ - الحسين بن عليّ بن أحمد الصائغ، تقدم في الحسن.

٦٩ - أبومحمّد الحسين بن عليّ بن شعيب الجوهري، تقدم في الحسن.

٧٠ - الحسين بن عليّ الصوفي.

٧١ - الحسين بن عليّ بن محمّد القمي، المعروف بأبي علي البغدادي.

٧٢ - أبوعبدالله الحسين بن محمّد الاشناني الرازي العدل.

٧٣ - الحسين بن موسى.

٧٤ - أبوعبدالله الحسين بن يحيى بن ضريس البجلي.

٧٥ - حمزة بن محمّد بن أحمد بن جعفر بن محمّد بن زيد بن عليّ بن الحسين ابن عليّ بن أبي طالب عليهم السلام.

٧٦ - القاضي أبوسعيد الخليل بن أحمد السجزي.

٧٧ - أبويوسف رافع بن عبدالله بن عبد الملك.

٧٨ - سليمان بن أحمد أيوب اللخمي.

٧٩ - أبوالحسن صالح بن شعيب الطالقاني.

٨٠ - صالح بن عيسى بن أحمد بن محمّد العجلي.

٨١ - طاهر بن محمّد بن يونس بن حيوة أبوالحسن الفقيه.

______________

(١) زاد في معاني الاخبار: ١٠٥: بن عبدالله بن جعفر.

١٩

٨٢ - الحاكم عبد الحميد بن عبد الرحمن بن الحسين النيسابوري الفقيه.

٨٣ - عبد الرحمن بن محمّد بن حامد البلخي.

٨٤ - عبد الرحمن بن محمّد بن خالد البرقي.

٨٥ - أبوأسد عبد الصمد بن شهيد الانصاري.

٨٦ - أبوالقاسم عبدالله بن أحمد الفقيه.

٨٧ - أبومحمّد عبدالله بن حامد.

٨٨ - أبوالهيثم عبدالله بن محمّد.

٨٩ - أبوالقاسم عبدالله بن محمّد الصائغ.

٩٠ - عبدالله بن محمّد بن عبد الوهاب القرشي الاصفهاني.

٩١ - عبدالله بن محمّد بن عبد الوهاب بن نصر بن عبد الوهاب بن عطاء بن واصل السجزي.

٩٢ - عبدالله بن نضر بن سمعان التميمي الخرقاني.

٩٣ - عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس العطار النيسابوري.

٩٤ - أبومحمّد عبد وس بن عليّ بن العباس الجرجاني.

٩٥ - أبوالقاسم عتاب بن محمّد بن عتاب الوراميني الحافظ.

٩٦ - عليّ بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني.

٩٧ - عليّ بن إبراهيم الرازي.

٩٨ - أبوالحسين عليّ بن أحمد الجيرفتي النسابة.

٩٩ - عليّ بن أحمد الرازي.

١٠٠ - عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي.

١٠١ - عليّ بن أحمد بن محمّد بن إسماعيل البرمكي.

١٠٢ - عليّ بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقاق.

١٠٣ - عليّ بن أحمد بن مهزيار.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الجهاد أُسلوب تربوي حاسم

قال تعالى:

( الّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدَوا فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ) ، (التوبة: 20).

( إِنّمَا الْمُؤْمِنُونَ الّذِينَ آمَنُوا بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ثُمّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُولئِكَ هُمُ الصّادِقُونَ ) ، (الحجرات: 15).

( وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنّ اللّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) ، (العنكبوت: 69).

( لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلّاً وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى‏ وَفَضّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى‏ الْقَاعِدِينَ أَجْرَاً عَظِيماً ) ، (النساء: 95).

( الّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشّيْطَانِ إِنّ كَيْدَ الشّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً ) ، (النساء: 76).

طُرح الجهاد في سبيل الله في الآيات المذكورة، بأشكال متنوّعة، ففي الآية الأولى: وُصف المجاهدون بأنّهم الفائزون.

وفي الآية الثانية: وُصفوا بأنّهم المؤمنون الصادقون.

وفي الثالثة: يقول الله تعالى بأنّه هو الذي يهدي المجاهدين إلى سبيل الحق.

وفي الرابعة: عدَّ الامتناع عن الجهاد بدون عذر مشروع أمراً غير مقبول، وصُرّح فيها بأنّ منزلة المجاهدين أعلى من منزلة الآخرين.

وفي الخامسة: قُورن بين سبيل الله وسبيل الشرك والكفر، وطُرح الجهاد في الآية التّالية بأنّه: عمل يُقصد منه مساعدة المستضعفين وتحريرهم من شرّ الظالمين:

( وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرّجَالِ وَالنّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِن لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِن لَدُنكَ نَصِيراً ) ، (النساء: 75).

١٨١

فالجهاد في سبيل الله - وهو سبيل الكمال الإنساني، وسبيل الحكمة، وسبيل العدالة، وسبيل الإيثار ونكران الذات - هو أحدُ الأركان الأصليةِ للإسلام.

والجهاد ضدّ الظلم والفساد من الواجبات المهمّة الملقاة على عاتق المسلمين أيضاً، فهو أمر دائم متواصلٌ بالنسبة إليهم. وهو نفسه يحافظ على حرارة البُعد الثوري والحركي للرسالة الإسلامية. وجهاد النفس أيضاً يكفل تكامل شخصيّة الإنسان وتطوّرها، لذلك فللجهاد معطيات فرديّة، وفي الآن ذاته، يجعل الحياة الجماعية تصبّ في صالح الإنسان.

والجهاد بمثابة عامل قوي يضع المجتمع الإسلامي في المسار التوحيدي، ذلك المسار الذي تُشكِّل فيه التقوى، والحكمة، والعدالة، والإيثار، الأهداف الأساسية، كما يجتثّ جذور الظلم والفساد، يقول الإمام عليعليه‌السلام بشأن الجهاد:

«أمّا بعد، فإنَّ الجهاد بابٌ من أبواب الجنّة، فتحه الله لخاصّة أوليائه، وهو لباس التقوى ودرعُ الله الحصينة، وجُنّتُه الوثيقة. فمَن تركه رغبةً عنه، ألبسَه الله ثوبَ الذُّلِ، وشَمْلَة البلاء، ودُيّثَ بالصّغار والقَماءة، وضُرِب على قلبهِ بالإسهاب، وأُديلَ الحقُّ منه بتضييع الجهاد، وسِيم الخَسْف، ومُنع النصَف».

جهاد النفس

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : «جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم». وأُثر عنه قوله بأنّ جهاد النفس أكبر من جهاد الأعداء، ولا يخفى فإنّ جنوح الإنسان إلى إشباع نزواته، وتقديمها على رغبات المجتمع يُفضي إلى مشاكل كثيرة.

إِنّ للإنسان رغبات فردية، ورغبات اجتماعية أيضاً، وفي الوقت ذاته، هو كائن يطمح إلى الكمال، أو يبحث عن الكمال. والبيئة الجماعية، وطريقة التربية، وأُسلوب تفكير المرء وحالته الطبقية، عوامل مؤثّرة في تحديد منهجيّة الحياة.

١٨٢

إنّ النزوات والرغبات الشخصية تجرّ الإنسان نحو الوصولية والنفعية، وحبّ التسلّط، والتعرّض إلى الآخرين. وهذه الدوافع هي منشأ الإختلافات والنزاعات والحروب بين الناس، وقد تكهرب الرغبات الشخصية الإنسان لتحكم قبضتها عليه، ومن انجرف وراءها، فسيصبح أسيراً لمصالحه ومباهجه ورفاهه كالعبد الذليل.

تصنع النوازع الذاتية من الإنسان عنصراً مضادّاً للجماعة غالباً، فهو يقدّم مصالحه على مصالحها، فيفضي ذلك إلى الاصطدام بها، وينبع التناقض الطبقي من نفس المصدر أيضاً. فعندما يتهافت ربّ العمل وراء ربح أكثر، فإنّه يستغلّ العامل، وبما أنّه - شخصياً - لا يستطيع أن يحول دون احتجاج العمّال، وكذلك ديدن سائر أرباب العمل حيث يتأثّرون بنفس الدافع، لذلك فإنّ النفعيّين أو أرباب العمل يُكوّنون طبقة أو شريحة قويّة لا ترعوي عن ارتكاب أيّ جريمة لتأمين مصالحها.

إنّ الإنسان الذي تأسره رغباته الذاتية، يفقد حريّته. وكما ذكرنا - فيما مضى - فإنّه يستسلم لرغباته ونزواته.

وتستعمل الأخلاق، والقانون، والعلم، والفن، وبقيّة مظاهر الحياة الجماعية، بوصفها وسائل لتأمين المصالح الطبقية. وفي المجتمعات التي لا تخضع لسيادة المال، فإنّ حبّ التسلّط على الآخرين، بوصفه محفّزاً قويّاً، يدفع الأشخاص إلى العمل من أجل التحكّم في رقاب الناس. وفي مثل هذه المجتمعات يقوم الفرد أو الجماعة بأيّ عمل من شأنه بقاء ذلك التحكّم. وما التصفيات الدموية، والمؤامرات، والصراعات الداخلية في الأحزاب إلاّ إفرازات طبيعية لغريزة حبّ التسلّط عند الأفراد أو الجماعات.

إنّ جهود الإنسان من أجل أن تكون الرغبات الذاتية في ظلّ الرغبات الاجتماعية مؤثّرة في انبثاق الأخلاق، ولابدّ أن يضحّي الإنسان بدوافعه ومحفّزاته الذاتية من أجل الدوافع والمحفّزات الاجتماعية، على أساس المعايير الأخلاقية. بيد أنّ قوّة الرغبات الذاتية تحول دون تحقيق هذا الأمر في حالات متنوّعة.

وكما مرّبنا سلفاً، فإنّ النفعية في المجتمعات التي يحتلّ فيها المال موقعاً أساسياً، تجذب

١٨٣

الأشخاص نحوها.

على نفس النسق، فإنّ حبّ التسلّط أو حبّ الجاه في المجتمعات الشيوعية يُفضي إلى أن يُضحّي الفرد بالمصالح الاجتماعية من أجل حب الجاه والمنصب. وفي حالات متنوّعة، فإنّ طرح الدوافع الأخلاقية أو الاجتماعية، وتشجيع الأشخاص على اختيار هذه الدوافع، يُمنى بالفشل.

من هذا المنطلق، ينبغي أن يكون هناك رصيد أقوى لسلوك الإنسان. وهنا تُطرح التقوى المنبثقة عن النظام التوحيدي. فترسيخ التقوى في نفوس الناس يحول دون النفعيّة وحب الجاه والمنصب. وبما أنّها تربط الإنسان بمصدر الكمال، والعدل، والحكمة، فهي تمنعه من الانحراف. في هذا المجال، يأخذ الجهاد في سبيل الله طابع الإيثار ونكران الذات وخدمة الناس.

في قسم من الآية التاسعة من سورة الحشر، يقول القرآن الكريم بشأن الانصار:

( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى‏ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ.. ) .

وجاء في آية أُخرى:

( وَأَمّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى النّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فإنّ الْجَنّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) ، (النازعات: 41، 42).

المكافأة والعقوبة

إنّ أُسلوب المكافأة والعقوبة هو أحد الأساليب السائدة في التربية والتعليم. يشعر الإنسان باللّذة والسرور ذاتياً بسبب المكافأة، وتعزف نفسه عن العقوبة. هذا الاتّجاه هو الّذي يرغّب الإنسان بإنجاز الأعمال الصالحة، ويحجزه عن إنجاز الأعمال الرديئة. وما تجارب الإنسان على مرّ التاريخ إلاّ مؤشر على دعم التأثير الذي يتركه مبدأ المكافأة والعقوبة.

فالجائزة، والتشجيع، والمدح، والاحترام، والحب من الأمور التي تحظى بها

١٨٤

العناصر الصالحة المفيدة في المجتمع. ووجود مثل هذه المفردات في المجتمعات البشرية يكشف لنا عن عدد من الملاحظات:

الأُولى: الأعمال الصالحة المقبولة تنال رضا الناس وتأييدهم.

الثانية: ينبغي أن تكون هناك مكافأة لتشجيع أفراد المجتمع على القيام بالأعمال الصالحة.

الثالثة: إنّ بعض العناصر الصالحة تقوم بالأعمال المقبولة المحمودة من أجل نيل المكافأة. علماً بأنّنا عندما نقول: بعض العناصر الصالحة، لا جميعها، فإنّما نقصد أنّ جميع هذه العناصر لا تفعل الإحسان من أجل المكافأة.

بكلمة بديلة: إنّ بعض الناس يبلغ مرحلة من الناحية الأخلاقية والدينية، يرى فيها أنّ عمل الخير واجب أو هو ممّا بنبغي فعله.

إنّ التغريم، والزجر، والتقريع والتأنيب، وهتك الحرمة، وتشويه السمعة من الأمور التي يجب أن تطيقها العناصر الرديئة بسبب ما تمارسه من أعمال. ووجود مثل هذه المفردات يفصح لنا عن عدد من الحقائق:

الأولى: إنّ الإنسان - ذاتياً - لا يستحسن الأعمال غير الصالحة.

الثانية: بما أنّ الإنسان يخضع لتأثير النزوات الشخصية، فهو يجنح لمهاجمة الآخرين، أو يفعل ما فيه ضرر الآخرين من أجل مصلحته الشخصية، عند ذلك يجب تحذيره من القيام بالأعمال السيّئة الرديئة من خلال فرض العقوبات.

الثالثة: إنّ فرض العقوبات ضروري ومؤثّر في آن واحد.

بكلمة بديلة: لقد ثبت عملياً أنّ العقوبات مفيدة للحيلولة دون بروز المخالفات. هذا وإنّ بعض الأشخاص يرتدعون عن القيام بالأعمال السيّئة المشينة خشيةَ العقوبة.

أساس علم النفس

يؤمن علماء النفس، ولا سيّما أنصار مدرسة السلوك بدور المكافأة والعقوبة. وكما وضّحنا في مقارنة التدريب مع الدراسة، فإنّ الناس يتعلّمون كثيراً من الأمور عن الطريق الشَّرطي. ووفقاً للنظرية الشَّرطية الكلاسيكية، وعلى أساس تجارب (بافلوف)، فإنّ الكائن الحي ينقل ردّ فعله الطبيعي حيال المحفّز الطبيعي إلى أمر

١٨٥

مجاور للمحفّز الطبيعي، ويظهر معه في ظروف خاصّة. وفي ضوء رأي أنصار مدرسة السلوك، فإنّ معظم ضروب التعلّم - سواء في المجال الفكري أو المجال الأخلاقي والقانوني - يتحقّق عن هذا الطريق.

وطبقاً للنظرية الشرطية - العلمية، التي وضعَ عالمُ النفس الأميركي المعروف (سكينر) حجرها الأساس، فإنّ المكافأة تفضي إلى ترسيخ سلوك خاص في الفرد، والعقوبة تردعه عن القيام بعمل معيّن، وكما مرّبنا - فيما مضى -، فإنّ الإنسان يتأثّر بالمكافأة والعقوبة عمليّاً. ويبرهن على هذا الأمر سَنّ القوانين، وفرض العقوبات في المجتمعات المتنوّعة ذات الأنظمة السياسية المختلفة.

يؤمن الإسلام أيضاً بمبدأ المكافأة والعقوبة بأشكال متنوّعة، حيث تحدّث القرآن وسائر المصادر الإسلامية الموثوقة حول الجنّة والنار، والربح والخسارة، والخير والصلاح، والشر والانتكاسة، وحسن العاقبة، وسوء العاقبة، والفوز، وأمثال ذلك.

فحيناً يرى أنّ المخالفين ظالمون:

( ..وَمَن يَتَعَدّ حُدُودَ اللّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُون ) ، (البقرة: 229).

وحيناً آخر يهدد العاصين بالنار:

( وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خَالِداً فِيهَا.. ) ، (النساء: 14).

وذُكرت آثار العقوبات في بعض الآيات:

( وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الْأَلْبَابِ.. ) ، (البقرة: 170).

وطوراً يرى أنّ قتل النفس بدون حق، هو قتل للمجتمع كلّه، وإحياءها إحياءٌ للمجتمع كلّه، قال تعالى:

( ..أَنّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنّمَا قَتَلَ النّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنّمَا أَحْيَا النّاسَ جَمِيعاً.. ) ، (المائدة: 32).

وترى الآية الكريمة التالية أنّ الإمتناع عن القيام ببعض الأعمال يُفضي إلى

١٨٦

الفوز، وعلى نفس النسق، منعوا الناس من القيام بمثلها، قال تعالى:

( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا إِنّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ، (المائدة: 90).

وجاء في كثير من الآيات القرآنية الكريمة أنّ الإيمان والعمل الصالح يفضيان إلى الفوز أو الثواب العظيم، فقد قال تعالى:

( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ لَهُمْ جَنّاتُ النّعِيمِ ) ، (لقمان: 8).

وجاء في قسم من (الآية 62) من سورة البقرة:

( ..مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) .

إنّ الهدف من الناحية التربوية هو تربية وإعداد الأفراد بشكل هم يراقبون أعمالهم، فيفعلون ما هو صالح، وينتهون عمّا هو غير صالح. طبيعيّاً، إنّ تحقيق هذا الهدف - على هذا النمط المثالي - عسير على الصعيد العملي، لذلك شُرّعت القوانين الجنائية في جميع المجتمعات لمعاقبة المخالفين.

يتمّ التأكيد أحياناً على البعد التربوي في الآية القرآنية. قال تعالى:( قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكّاهَا ) ، (الشمس: 9).

( وَقَدْ خَابَ مَن دَسّاهَا ) ، (الشمس: 10).

وكما قلنا سلفاً، فإنّ الهدف من بعثة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ورسالته هو: تربية الناس، وتعليم الكتاب والحكمة، قال تعالى:

( هُوَ الّذِي بَعَثَ فِي الْأُمّيّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ.. ) ، (الجمعة: 2).

إنّ تربية الإنسان، وتعليم الحكمة والكلام المنطقي أو العلم المُبرهَن، كل ذلك لا يردع الإنسان عن ارتكاب المخالفة فحسب، بل ويجعله في مسار معرفة الله، وتحصيل الفضائل الأخلاقية.

والتقوى - بمعنى السيطرة على الذات ومراقبة الرغبات

١٨٧

والنزوات الذاتية - هي من أقوى العوامل المرشدة والموجّهة للإنسان. ويتجسّد المثل الأعلى للتربية الإسلامية في كلام الإمام عليعليه‌السلام وعمله، حيث يقول:

«إنّ قوماً عبدوا الله رغبة، فتلك عبادة التّجار، وإنّ قوماً عبدوا الله رهبة، فتلكَ عبادة العبيد، وإنّ قوماً عبدوا الله شكراً، فتلك عبادة الأحرار».

ويقول في كلام آخر:

«إِلهي ما عبدتك خوفاً من نارك، ولا طمعاً في جنّتك، بل وجدتُك أهلاً للعبادةِ فعبدتُك».

وهوعليه‌السلام المثال الأكمل للإنسان المدرّب على مفاهيم القرآن، والتجسيد الحقيقي للإسلام الأصيل. وفي مستوى شخصيّته، لا وجود لمسألة الجنّة والنار أو الترغيب والترهيب في قاموسه، بل إنّ ما يجب فعله، يفعلهعليه‌السلام .

جاء في (الآية 257) من سورة البقرة:

( اللّهُ وَلِيّ الّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِنَ الظّلُمَاتِ إلى النّورِ وَالّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِنَ النّورِ إلى الظّلُمَاتِ أُولئِكَ أَصْحَابُ النّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) .

التوبة أُسلوب تربوي

قال تعالى:( إِنّمَا التّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلّذِينَ يَعْمَلُونَ السّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً ) ، (النساء: 17).

( فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فإنّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) ، (المائدة: 39).

( وَالّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذّنُوبَ إِلّا اللّهُ وَلَمْ يُصِرّوا عَلَى‏ مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ، (آل عمران: 135).

كما يُلحظ في الآيات المذكورة، فإنّ الذين يرتكبون الأعمال القبيحة بجهالة، ويُبادرون إلى إصلاح سلوكهم، ولا يصرّون على ما فعلوا، يمكنهم إظهار التوبة، والله

١٨٨

- تعالى - يقبل منهم توبتهم.

وهنا ينبغي ملاحظة عدد من النقاط في مسألة التوبة:

الأُولى: إنّ الإنسان - في أيّ مستوىً من التقوى والإيمان كان - فهو معرّض للانحراف، وكحد أدنى، يمكن أن يرتكب الصغائر.

الثانية: إنّ التوبة تستلزم علم الإنسان بأعماله، وتقويم ما فعله.

الثالثة: إنّ المسألة القائلة بأنّ مخالفة الإنسان تغتفر، والطريق مفتوح لإصلاحه، محفّز قويّ لإصلاح سلوكه.

بإيجاز: تُضاعف التوبة من اطّلاع الإنسان على نفسه، وترغّبه لإصلاح سلوكه، وتمهّد له الطريق من أجل تكامله وتطوّره.

النصيحة والموعظة

لقد مرّبنا - فيما مضى - أَنَّ الموعظة طريقٌ من طرق دعوة الناس إلى معرفة الله، جاء في سورة لقمان، نموذج من نصيحة الأب لابنه، حيث يدعو لقمان ابنه إلى التوحيد واجتناب الشرك، ويطلب منه أن يحترم والديه، بيد أنّه يوصيه هنا أن لا يتّبعهما فيما إذا رغّباه في أمرٍ لا علم له به، أو هو غير مطّلع عليه.

إِنّ الناس معادن شتّى، فلا يمكن تربية الجميع على وتيرة واحدة. إنّ البعض يتربّى بالإرشاد، والبعض الآخر يُبادر إلى تربية نفسه وفقاً للظروف السائدة. والنصيحة والموعظة مؤثّرتان أيضاً في تربية كثير من الناس.

حيناً، توقظ الإنسان كلمةٌ أو جملةٌ قصيرة، أو تذكيرٌ أو نصيحة، فتجعله على علم بأعماله.

وحيناً آخر، تفعل النصيحة فعلها في الشخص، فتدفعه إلى التفكّر، وترغّبه في تربية نفسه.

وآياتُ القرآن الكريم، وأقوال أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام حافلة بالمواعظ والنصائح.

ذُكرتْ في الآية التّالية أساليب الدعوة:

( ادْعُ إِلَى‏ سَبِيلِ رَبّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالّتِي هِيَ أَحْسَنُ.. ) ، (النحل: 125).

فُطرحت الحكمة أو الأُسلوب المنطقي، بمعيّة الموعظة والجدال بالتي هي أحسن، في

١٨٩

هذه الآية.

التربية عن طريق ذكر المثل

قال تعالى:( مَثَلُ الّذِينَ اتّخَذُوا مِن دُونِ اللّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) ، (العنكبوت: 41).

يتّفق أحياناً أن تكون للمَثل جاذبيّة خاصّة، فيلفت نظَر الإنسان نحوه. ويحثّ المَثَل - أحياناً - المفكّرين والعلماء فينبروا إلى التحقيق، ليوسّعوا بذلك من علمهم ووعيهم، جاء في آخر الآية المار ذكرها:

( وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلّا الْعَالِمُونَ ) ، (العنكبوت: 43).

التربية عن طريق قصص الأُمم والشعوب

يلفت القرآن الكريم نظر الناس إلى المبادئ والحقائق الأخلاقية من خلال ذكر القصص، حيث يمكن أحياناً تربيتهم بِسَرْد القصص عليهم، وهذا اللون من التربية مفيد في مراحل النمو المتنوّعة. على سبيل المثال، من الأفضل أن تستعمل القصص والحكايات أحياناً، لكي يألف الناشئة والأحداث، المفاهيم والمبادئ الدينية والأخلاقية.

طبيعيّاً، إنّ قصّة حياة المسلمين الحقيقيّين، قيّمة ومفيدة للجميع، لذا يمكن تربية الكبار بشكل أفضل عن طريق سَرْد القصص. علماً بأنّ التربية عن طريق سَرْد القصص تكون عملية بصورة غير مباشرة. على أيّ حال، ينبغي توضيح النقاط الأساسية في القصص لدى سَرْدها، وذلك بالاستعانة بالشباب والكبار، والقصد - هنا - هو أن يؤخذ الهدف - وهو التربية الحقيقية - بعين الاعتبار، ضمن الاستفادة من جاذبيّة القصّة.

جاء في الآية الكريمة التالية:( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لاُِولِي الْأَلْبَابِ.. ) ، (يوسف: 111).

تُطرح نقاط تربوية أساسية في دراسة حياة الأُمم

١٩٠

والشعوب. فيتحدّد - هنا - سبب الرُقيّ والسموّ. وعلى نفس النسق، يتحدّد سبب ضمور الأُمم والشعوب وانقراضها.

جاء في القرآن الكريم أنّ سبب فوز الأُمم والشعوب وفلاحها هو الإيمان بالله، والجهاد في سبيله، وهو سبيل الكمال المعنوي، والحكمة، والعدالة، والإيثار ونكران الذات، قال تعالى:

( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا اتّقُوا اللّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ، (المائدة: 35).

وكما مرّبنا سلفاً، فإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس أُسلوباً تربوياً فحسب، بل هو وسيلة لفوز الأُمم والشعوب وفلاحها. قال تعالى:

( وَلِتَكُن مِنكُمْ أُمّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) ، (آل عمران: 104).

إنّ الظلم والفساد يسبّبان دمار الأمم والشعوب وهلاكها، قال تعالى:

( وَمَا كُنّا مُهْلِكِي الْقُرَى‏ إِلّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ ) ، (القصص: 59).

( وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمّرْنَاهَا تَدْمِيراً ) ، (الإسراء: 16).

بعامّة، فإنّ في البِين نقاطاً بشأن الموعظة والنصيحة، والأمثال، وتبيان قصص الأُمم والشعوب، وهي كمايلي:

1 - تنبيه الناس على المحمود من الأفعال، والمذموم منها.

2 - توضيح دَوْر الأشخاص ومسؤوليتهم في إنجاز الأعمال.

3 - تجسيد آثار كل عمل ونتائجه.

4 - طرح المعايير الأساسية.

5 - ترغيب الناس في التعقل والتفكّر حول القصص، والعمل على تربية أنفسهم من خلالها.

الدعاء والتضرّع

إنّ الدعاء والتضرّع إلى الله هو أحد الأساليب التربوية الأساسية في الإسلام

١٩١

وقد وردت أهميّة الدعاء في كسب العناية الإلهية في (الآية 77) من سورة الفرقان:

( قُلْ مَا يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبّي لَوْلاَ دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامَاً ) .

الدعاء للهداية

( اهْدِنَا الصّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) ، (الفاتحة: 6).

( رَبّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنّكَ أَنْتَ الْوَهّابُ ) ، (آل عمران: 8).

( قُلْ إِنّنِي هَدَانِي رَبّي إِلَى‏ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ، (الأنعام: 161).

الدعاء للاستغفار والتوبة

جاء في قسم من (الآية 286) من سورة البقرة:

( ...وَاعْفُ عَنّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) .

وقال تعالى:( الّذِينَ يَقُولُونَ رَبّنَا إِنّنَا آمَنّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النّارِ * الصّابِرِينَ وَالصّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ ) ، (آل عمران: 16 - 17).

الدعاء لذكر الله دائماً

قال تعالى:( وَاذْكُر رَبّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوّ والآصَالِ وَلاَ تَكُن مِنَ الْغَافِلِينَ ) ، (الأعراف: 205).

الدعاء في مجال الإخلاص

قال تعالى:( فَادْعُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) ، (غافر: 14).

١٩٢

أمّا الآيات التي نُقل فيها الدعاء على لسان الأنبياء فكثيرة، فقد جاء على لسان إبراهيم واسماعيلعليهما‌السلام :

( رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرّيّتِنَا أُمّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنّكَ أَنْتَ التّوّابُ الرّحِيمُ * رَبّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكّيهِمْ إِنّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ، (البقرة: 128 - 129).

وجاء على لسان آدم وحوّاء:

( قَالاَ رَبّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِن لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) ، (الأعراف: 23).

فالدعاء وسيلة لتربية الإنسان، وهو طريق التقرّب إلى الله، وطريق التحلّي بالفضائل، وبه يمكن أن نُطهّر أنفسنا من الرذائل، ونُعلن الجهاد ضدّ الطاغوت.

والدعاء لون من ألوان الشكر، وهو أُسلوب لتحميد الله وتقديسه، ووسيلة لمعرفة عظمة الله، وطريق للمناجاة مع المحبوب، ونوع من محاسبة النفس، والإقرار بالذنب، واستصغار النفس بجميع ملوّثاتها أمامَ الله - تعالى - مَظْهر الفضائل. وهو الأمل والرجاء، والخوف، والخضوع أمام الله، والخشوع قبال قدرته وعظمته، والتعوّذ به والالتجاء إليه، ورفض القيم التافهة الكاذبة الرخيصة، وهو التوبة، والندم، وتزكية النفس، والهداية، والكمال، والتذلّل، وطلب العفو والرحمة.

وبإيجاز: هو التأهّب للقاء الله، فكلّ ما أُثر من أدعيةٍ عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام قبل الصلوات وبعدها، وفي أوقات متنوّعة، وعند التعامل مع مختلف الأحداث يدلّل على أهميّة الدعاء ومعطياتة الباهرة.

ومن أجل توضيح الأبعاد المتنوّعة للدعاء، ننقل فقرات قصيرة من الدرر الثمينة للإمام زين العابدين وسيّد الساجدين عليّ بن الحسينعليه‌السلام مستقّاة من

١٩٣

الصحيفة السجّادية الكاملة(*) ، علماً بأنّ مطالعة الصحيفة مطالعة كاملة، وكذلك مطالعة الأدعية المأثورة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام الموجودة في كتاب (مفاتيح الجنان) مفيدة للغاية، لِمَن يرومون إدراك عمق التربية الإسلامية.

يقول الإمامعليه‌السلام في التّحميد لله والثناء عليه: «... حمداً يكونُ وُصلةً إلى طاعته وعفوه، وسبباً إلى رضوانه، وذريعةً إلى مغفرته، وطريقاً إلى جنّته، وخفيراً من نقمته، وأمناً من غضبه، وظهيراً على طاعته، وحاجزاً عن معصيته، وعوناً على تأدية حقِّه ووظائفه، حمداً نَسعَدُ به في السعداءِ من أوليائه، ونصيرُ به في نظْم الشهداءِ بسيوف أعدائه، إنّه وليّ حميد».

ومن دعائهعليه‌السلام لنفسه وأهل ولايته: «اللهمّ إنّك مَن واليتَ لم يضرْره خِذلانُ الخاذلين، ومَن أعطيتَ لم يَنقُصْه منعُ المانعين، ومن هديتَ لم يُغْوِه إضلالُ المُضِلّين، فصلّ على محمّد وآله، وامنْعنا بعزِّك من عبادِك، وأَغنِنا عن غيرك بإرفادك، واسلُكْ بنا سبيلَ الحقِّ بأرشادك..».

ومن دعائهعليه‌السلام عند الصباح والمساء: «... واجعلْه أيمنَ يومٍ عهِدناه، وأفضلَ صاحبٍ صحِبناه، وخيرَ وقتٍ ظلِلْنَا فيه. واجعلنا مِن أرضى مَنْ مرَّ عليه الليلُ والنهار من جُملة خلْقِك، أشكرهم لِما أوليتَ مِن نِعمك، وأقومَهم بما شرّعتَ من شرائعك، وأوقفَهم عمّا حذّرتَ من نهيك». ومن دعائهعليه‌السلام إذا عرضت له مهمّة أو نزلت ملمّة به، وعند الكرب: «يا من تُحَلّ به عُقَدُ المكاره، ويا مَنْ يُفثأُ بهِ حدُّ الشدائد، ويا من يُلتَمسُ منه المخرج إلى رَوحِ الفرج. ذلّت لقدرتك الصِعاب، وتسبّبتْ بلطفك الأسباب، وجرى بقُدرتك القضاء.. وهب لي من لدنك رحمةً وفرجاً هنيئاً..».

____________________

(*) نؤكِّد على الطلبة الجامعيين وروّاد التربية الإسلامية، مطالعة الصحيفة السجّاديّة، لما فيها من فوائد عظيمة.

١٩٤

ومن دعائهعليه‌السلام في الاستعاذة من المكاره وسيّء الأخلاق ومذامّ الأفعال: «اللهمّ إنّي أعوذُ بك من هَيجانِ الحرص، وسَوْرَة الغضب، وغلبة الحسد، وضَعف الصبر، وقلّة القناعة، وشكاسة الخُلق، وإلحاحِ الشهوة، وملكَة الحميّة، ومتابعةِ الهوى، ومخالفة الهدى، وسِنةِ الغفلة، وتعاطي الكلفة، وإيثار الباطلِ على الحق، والإصرار على المأثم، واستصغارِ المعصية، واستكبار الطاعة، ومُباهات المكثرين، والإزْراءِ بالمُقلّين، وسوءِ الولاية لمن تحت أيدينا، وتركِ الشكر لمنِ اصطنع العارفة عندنا..».

ومن دعائهعليه‌السلام في مكارم الأخلاق ومرضيّ الأفعال: «اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وآلهِ وبلّغْ بأيماني أكملَ الإيمان، واجعلْ يقيني أفضلَ اليقين، وانْتهِ بنيّتي إلى أحسن النيّات، وبعملي إلى أحسنِ الأعمال. اللهمّ وفّرْ بلطفِك نيّتي، وصحّح بما عندك يقيني، واستصلح بقدرتك ما فسَد منّي...».

ومن دعائهعليه‌السلام لجيرانه وأوليائه: «اللهمّ صلّ على محمّد وآله، وتولّني في جيراني ومَوالِيَّ العارفينَ بحقّنا، والمنابذين لأعدائِنا بأفضل ولايتك ووفّقْهم لإقامة سُنّتِك، والأخذِ بمحاسن أدبك، في إرفاق ضعيفهم، وسدِّ خَلّتِهم، وعيادةِ مريضهم، وهداية مسترشدِهم..».

ومن دعائهعليه‌السلام في الرضا إذا نظر إلى أصحاب الدنيا: «... واجعل شكري لك على ما زويتَ عني اوفر من شكري اياك على ما خولتني، واعصمْني منْ أن أظُنَّ بذي عدَمٍ خساسة، أو اظنَّ بصاحبِ ثروة فضلا. فأنَّ الشريف مَن شرّفتْه طاعتُكَ، والعزيزَ مَنْ أعزّتُه عبادتُك، فصلّ على محمدٍ وآله، ومتّعنا بثروةٍ لا تنفَد، وأيّدْنا بعزٍّ لا يُفقد، وأسرِحْنا في مُلْك الأَبَد...».

ومن دعائهعليه‌السلام في طلب العفو والرحمة: «...اللهمّ وأَيُّما عبدٍ نالَ

١٩٥

منّي ما حظرتَ عليه، وانتهك منّي ما حجرتَ عليه، فمضى بظُلامتي ميّتاً، أو حصلتْ لي قِبلَهُ حيّا، فاغفرْ له ما ألمَّ به منّي، واعفْ له عمّا أدبَر به عنّي...».

ومن دعائهعليه‌السلام في استكشاف الهموم: «اللهمّ صلّ على محمّد وآله، واقبضْ على الصّدق نفسي، واقطع من الدنيا حاجتي، واجعل فيما عندك رغبتي شوقاً إلى لقائك، وهب لي صدقَ التوكّل عليك. أسألك من خير كتابٍ قد خلا، وأعوذ بك من شرِّ كتاب قد خلا. أسألك خوف العابدين لك، وعبادةَ الخاشعين لك، ويقين المتوكّلين عليك، وتوكّل المؤمنين عليك...».

محتوى النظام التربوي في الإسلام

يمكن أن نستخرج محتوى النظام التربوي في الإسلام من القرآن الكريم، وسيرة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة المعصومينعليهم‌السلام ، ومن نهج البلاغة. علماً بأنّ كتابنا هذا لا يسع الحديث حول محتوى الرسالة الإسلامية، وكما نعلم، فإنّ الإسلام تطرّق الى:

التوحيد ومعرفة الله، رسالة الأنبياء وإمامة الأمّة، المعاد، العدل الإلهي، العبادات وفروع الأحكام، الطبيعة والكائنات الطبيعية، الإنسان، الأُمم والشعوب، النُظُم السياسية، الزراعة والتجارة، المعايير الأخلاقية، علاقات المسلمين فيما بينهم، علاقات المسلمين مع غير المسلمين.

وعشرات المواضيع الأُخرى.

ولقد تحدّثنا حول بعض هذه المواضيع ضمن دراستنا للأبعاد التربوية، ولكلِّ واحد من هذه المواضيع بُعد تربوي في حدوده المقرّرة، ويمكن أن يكون كل منها كتاباً كاملاً. على سبيل المثال: يمكن أن يشكّل موضوع المعاد كتاباً كبيراً من حيث الهدف، والدافع، ومبدأ الكمال ودوره المستمر في تنمية الأشخاص وتطوّرهم.

(أرجو أن يحالفني الحظ لاؤلّف كتاباً مفصّلاً يتناول الأبعاد التربوية لهذه المواضيع).

١٩٦

ما هو النظام التربوي؟

إنّ كلمة النظام من الكلمات التي لها اعتبارها العلمي، لذلك يحاول بعض الكتّاب أو أصحاب الأفكار والعقائد المتنوّعة أن يصبّوا نظرياتهم على شكل نظام.

وقد تطرّقَت الكتابات الفلسفية والاجتماعية والاقتصادية غالباً إلى النظام الفكري، والنظام المثالي، والنظام الاجتماعي، والنظام الاقتصادي. وقبل أن نتناول النظام التربوي بالبحث والدراسة، نرى من الضروري أن نوضّح معنى النظام.

عندما يدور الحديث حول النظام، فإنّنا نتعامل - عادةً - مع أجزائه، وهيكله العام، والعلاقة والتأثير المتبادلين بين الأجزاء والهيكل العام، ووحدتهما وتناسقهما ودورهما.

وعندما نخوض في الحديث حول النظام الفكري، فإنّ المفاهيم، والنظريات، والمبادئ والقواعد في هذا النظام مترابطة فيما بينها ارتباطاً منطقياً في نمط معيّن. والارتباط المنطقي بين هذه الأشياء يكشف عن وحدتها وتنظيمها.

بكلمة بسيطة: يجب أن تكون المفاهيم، والنظريات، والمبادئ والقوانين متناسقة فيما بينها، ومترابطة في خطّة منطقيّة.

في النظام التربوي، مضافاً إلى المفاهيم والنظريات، والمبادئ والقواعد، فإنّ أُموراً من نحو: الهدف، والأُسلوب، والنشاطات تشكّل الأجزاء الأصلية للنظام، مضافاً إلى ذلك، فإنّ النظام التربوي ينبغي أن يكون جزءاً من النظام الفكري والنظام المثالي للمجتمع. وعندما نقول هذا، لا يتبادر إلى الذهن أنّ النظام التربوي يفقد استقلاله في ظلِّ النظام الفكري للمجتمع إلى حدٍ لا يستطيع معه أداء رسالته.

وكما ذكرنا - فيما مضى - فإنّ أجزاء النظام تعيش علاقةً وتأثيراً متبادلين، سواء في علاقات بعضها مع البعض الآخر، أو في علاقاتها مجتمعة مع النظام كلّه، لذلك كلّما كان النظام ذا اتّجاه عقلي ومنطقي، فإنّ التأثير المتبادل يتضاعف.

وبناء على

١٩٧

ما مرّ من كلامٍ، فإنّ مجموعة المعلومات المبعثرة، والنظريات المفكّكة لا تشكّل نظاماً.

وفيما يخصّ النظام التربوي، يجب الأخذ بعين الإعتبار العلاقة الثنائية والمنطقية معاً للأجزاء، وكما قلنا، في النظام التربوي يجب أن يكون هناك ترابط بين الأهداف، والأساليب، والنشاطات، والنظريات، والقواعد في خطّة منطقية. وفي الوقت ذاته، يكون النظام التربوي جزءاً فاعلاً بالنسبة إلى النظام الفكري للمجتمع، ليؤدّي رسالته.

النظام التربوي في إيران

ينبغي أن نلاحظ: هل إنّ جهاز التعليم الرسمي في بلادنا، منذ تأسيس التربية والتعليم في المجتمع، تَبَلْور على شكل نظام أم لا؟

فكما يُلحظ، أنّنا نتحدث حول التعليم الرسمي في بلادنا، ونريد أن نرى هل إنّ هذا التعليم الذي يجري في المدارس الابتدائية، والثانويات، والجامعات تبلور على شكل نظام أم لا؟

ندرس وضع المدارس القديمة، والحوزات العلمية، بمعزل عن التعليم الرسمي في البلاد.

المؤسّسات التعليمية الجديدة

لقد تم تأسيس (دار الفنون) لسدّ الحاجة إلى الاختصاصيّين في الفروع: الطبيّة، والمعمارية، والعسكرية إلى حدٍّ ما. ونظراً إلى أنّ أساتذةً أجانب كانوا يُزاولون التدريس فيها، لذلك لا مندوحة من تأثّر البرامج التعليمية هدفاً وأُسلوباً ومحتوىً بالنُظُم التربوية الغربية منذ البداية، وفي عقيدتي، فإنّ النُظُم التربوية في الغرب كانت فاقدةً للتماسك الحقيقي آنذاك.

بكلمة بديلة: كان الغموض يكتنف الأهداف، والأساليب، والنشاطات، والنظريات التربوية في النُظُم التربوية الغربية، وليس هناك ترابط منطقي فيما بينها.

أمّا التعليم العالي في بلادنا فقد بدأ

١٩٨

بشكل رسمي بعد تأسيس (دار الفنون) متأثراً بالثقافة الغربية.

وكانت مدارسنا الابتدائية والثانوية أيضاً تحاكي المؤسّسات التربوية الغربية من حيث تنظيم الدروس، ومنهجّيتها، ومحتواها، إلى حدٍّ بعيد. وقد نُقل أنّ أوّلَ وزيرٍ للتربية في إيران زار فرنسا، ولمّا عاد، طبّق النظام السائد في المدارس هناك على المدارس الإيرانية. ونظرة قصيرة على نظام المدارس تبيّن لنا فقدان الهدف، والأُسلوب، والبرامج المحدّدة.

نحن نعلم بأنّ المرحلة الابتدائية ذات السنوات الست، بدأت في إيران على غِرار المنظّمات التربوية القائمة في فرنسا، فانقسمت الدراسة الإعدادية إلى مرحلتين:

الأولى: وأمدها ثلاث سنوات، وكانت ذات بُعد عام إلى حدّ ما.

والثانية: وانقسمت إلى فروعين: الفرع العلمي، والفرع الأدبي.

وبعد ردح من الزمن، قاموا بإجراء تغيير في جهاز التعليم الثانوي. فتمدّدت المرحلة الأُولى أو المرحلة العامّة من ثلاث سنوات إلى خمس سنوات، وفي السنة السادسة من المرحلة الثانوية، تأسّست الفروع الطبيعيّة، والرياضية، والأدبية.

وبعد بضع سنين، تغيّر نظام التعليم الثانوي مرّةً أُخرى، وعاد إلى ما كان عليه في السابق، حيث إنّ المرحلة الأُولى من التعليم الثانوي كانت ثلاث سنوات. والمرحلة الثانية كذلك، وشملت الفروع الطبيعية والرياضية والأدبية، ثم أُضيف فرع التجارة إلى برامج التعليم الثانوي.

وتقارَن تأسيس المدارس المهنية مع المدارس الثانوية. وبالرغم من أنّه يمكن تكييف برنامج المدارس المهنية لِيُلبّي الحاجات الاجتماعية بسهولة، بيد أنّه أيضاً، تمّ تأسيس المدارس المهنية لتحاكي المؤسسات المهنية في الدول الغربية إلى حدٍّ كبير.

وكان خريجو المدارس المهنية أيّام رضا خان إمّا يعملون حرّاساً، وإمّا موظّفين عاديين في الدوائر الحكومية بسبب عدم توفر فرص عمل مناسبة لهم، فمن تخرّج من فرع التجارة مثلاً، كان يعمل في دائرة الأحوال المدنية.

وفي تلك الفترة أيضاً زاول

١٩٩

خرّيجو كليّة الهندسة التدريس في الثانويات، بسبب عدم إتاحة فُرَص عمل مناسبة لهم في المؤسّسات المهنية. ومن الواضح أنّ هذه الحالة لا تسري على جميع المهندسين أو خرّيجي المدارس المهنية. مع هذا كلّه، كان جليّاً بأنّ تأسيس الفروع المهنية على المستوى الثانوي والجامعي لم يتحقّق وفقاً لحاجات البلاد.

النظام المصطلح عليه حديثاً: التربية والتعليم

نظراً لوجود بعض المسائل التعليمية، لاسيّما تضاعُف عدد خريجي المدارس الثانوية، ورغبتهم في اجتياز امتحانات القبول ليحصلوا على مقاعد جامعية، قرّر مسؤولوا التربية والتعليم - بتصوّرهم - تغيير النظام التعليمي.

وبما أنّ ما يُسمّون بالمسؤولين، تنقصهم المعلومات التربوية (تعاون عدد يسير من أساتذة الجامعات المختصّين في علم النفس، وعلم الاجتماع، مع المسؤولين عن التربية والتعليم، علماً أنّه ليس لهم إلمام بالتربية والتعليم والتخطيط التعليمي) ولم يشعروا بالمسؤولية أمام المجتمع، وفقط تظاهروا بأنّهم قاموا بعمل ما، وشغلوا أوقات الناس بضجيج دعاياتهم المزيّفة، لذلك انتخبوا - مرة أُخرى - نظاماً تعليميّاً سائداً في إحدى الدول، وقدّموه بوصفه نظاماً جديداً.

إنّ استعراض الأهداف الستّة لهذا النظام، والمبادئ العشرين، التي تتكفّل بتبيان تلك الأهداف بحذافيرها، يدلُّ على أنّ واضعي ما يُسمّى بالنظام التربوي، لم يفهموا معنى النظام التربوي، ولم يكن لهم علم بأُسس التعليم الابتدائي والثانوي.

لقد قلّصوا المرحلة الابتدائية من ست سنوات إلى خمس سنوات، بدون سبب، ووضعوا منهج الدراسة في المرحلة المتوسطة بشكل كان إدراكه عسيراً على المعلّم والطالب. ولم يكن تأسيس دورة المشاورة وإعداد المشاور مُجدياً أيضاً، لأنّ الجمود على المعايير السابقة، واعتبار الدرجات مهمّة في انتخاب الفروع الفنيّة، حالا دون تحقيق الهدف الذي كانت تتوخاه المرحلة المتوسّطة.

ويدلّ وضع التعليم الثانوي

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780