الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق7%

الأمالي شيخ الصدوق مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 780

الأمالي شيخ الصدوق
  • البداية
  • السابق
  • 780 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 466073 / تحميل: 8998
الحجم الحجم الحجم
الأمالي شيخ الصدوق

الأمالي شيخ الصدوق

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

مسألة ١٥٤ : والأذان من وكيد السنن إجماعاً‌ ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة يغبطهم الأولون والآخرون : رجل ينادي بالصلوات الخمس في كلّ يوم وليلة ، ورجل يؤم قوماً وهم به راضون ، وعبد أدّى حقّ الله وحقّ مواليه )(١) .

وقالعليه‌السلام : ( من أذّن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة ، وكتب له بكل أذان ستون حسنة ، وبكلّ إقامة ثلاثون حسنة )(٢) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أذّن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنّة »(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « ثلاثة في الجنّة على المسك الأذفر : مؤذن أذن احتساباً ، وإمام أمّ قوماً وهم به راضون ، ومملوك يطيع الله ويطيع مواليه »(٤) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « من أذّن سبع سنين احتساباً جاء يوم القيامة ولا ذنب له »(٥) .

مسألة ١٥٥ : الإمامة أفضل من الأذان‌ وهو أحد قولي الشافعي(٦) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فعل الإِمامة ولم يشتغل بالاذان والإِقامة بل قام بهما غيره ، ولا يجوز أن يترك الأفضل لغيره ، ولأن الإِمام يحتاج الى معرفة أحوال الصلاة‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠٧ / ٢٧ ، عوالي اللآلي ٤ : ١٦ / ٤١ ، سنن الترمذي ٤ : ٦٩٧ / ٢٥٦٦ ، مسند أحمد ٢ : ٢٦.

(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤١ / ٧٢٨ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٠٥.

(٣) الفقيه ١ : ١٨٥ / ٨٨١ ، التهذيب ٢ : ٢٨٣ / ١١٢٦ ، ثواب الاعمال : ٥٢ / ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٨٣ - ١١٢٧.

(٥) الفقيه ١ : ١٨٦ / ٨٨٣ ، التهذيب ٢ : ٢٨٣ / ١١٢٨ ، ثواب الاعمال : ٥٢ / ١.

(٦) المجموع ٣ : ٧٨ - ٧٩ ، فتح العزيز ٣ : ١٩٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦١ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٨ ، كفاية الاخيار ١ : ٧٠ ، السراج الوهاج : ٣٨.

٤١

والقيام بما تحتاج إليه الإِمامة ، وتحصيل الفضيلة ، ولهذا نقل أنّه ضامن والمؤذن أمين(١) ، والضامن أكثر عملاً من الأمين فثوابه أكثر ، وفي الآخر : الأذان أفضل(٢) لقولهعليه‌السلام : ( الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء ، فأرشد الله الأئمة ، وغفر للمؤذّنين )(٣) [ وبه ](٤) قال الشيخ(٥) .

والإِقامة أفضل من الأذان. ويؤيّده : شدّة تأكيد الطهارة والاستقبال والقيام وترك الكلام وغير ذلك في الإقامة على الأذان.

مسألة ١٥٦ : وعدد فصول الاذان ثمانية عشر فصلاً عند علمائنا : التكبير أربع مرات ، وكلٌّ من الشهادتين ، والدعاء إلى الصلاة ، والى الفلاح ، والى خير العمل ، والتكبير ، والتهليل مرتان مرتان ؛ لأن الصادقعليه‌السلام حكى الأذان فقال : « الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أشهد أن محمداً رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، حي على الصلاة حي على الصلاة ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، حي على خير العمل حي على خير العمل ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلّا الله ، لا إله إلّا الله»(٦) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « الاذان والإِقامة خمسة وثلاثون حرفاً ، الأذان ثمانية عشر حرفاً. والإِقامة سبعة عشر حرفاً »(٧) ‌وخالف الجمهور في‌

____________________

(١) اُنظر : الهامش (٣) من هذه الصفحة : والتهذيب ٢ : ٢٨٢ / ١١٢١.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ٦١ ، المجموع ٣ : ٨٧ - ٧٩ ، فتح العزيز ٣ : ١٩٣.

(٣) سنن أبي داود ١ : ١٤٣ / ٥١٧ ، سنن الترمذي ١ : ٤٠٢ / ٢٠٧ ، مسند أحمد ٢ : ٣٨٢ ، سنن البيهقي ١ : ٤٣٠.

(٤) زيادة يقتضيها السياق ، والضمير راجع الى عنوان المسألة.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٩٨.

(٦) التهذيب ٢ : ٦٠ / ٢١١ ، الاستبصار ١ : ٣٠٦ / ١١٣٥.

(٧) الكافي ٣ : ٣٠٢ / ٣ ، التهذيب ٢ : ٥٩ / ٢٠٨ ، الاستبصار ١ : ٣٠٥ / ١١٣٢.

٤٢

مواضع :

أ - قال مالك ، وأبو يوسف : التكبير في أوله مرّتان(١) - ووافقنا الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، والثوري(٢) - لأن عبد الله بن زيد قال له الرجل في المنام : الله أكبر مرتين(٣) .

وهو غلط ، لما بيّنا من أن الأذان بوحي إلهي ، وقد روى محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده قال ، قلت : يا رسول الله علّمني سنة الأذان. فمسح مقدم رأسه ، وقال : ( تقول : الله أكبر ) فذكر أربع مرات(٤) .

ب - منع الجمهور من قول : حيّ على خير العمل(٥) ، وأطبقت الإِمامية على استحبابه لتواتر النقل به عن الأئمةعليهم‌السلام (٦) ، والحجة في قولهم.

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ٥٧ ، بلغة السالك ١ : ٩١ ، بداية المجتهد ١ : ١٠٥ ، القوانين الفقهية : ٥٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٧ ، المجموع ٣ : ٩٣ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٠ ، سبل السلام ١ : ٢٠٠.

(٢) الاُم ١ : ٨٤ - ٨٥ ، المجموع ٣ : ٩٣ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٠ ، مختصر المزني : ١٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٥ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٧ ، اللباب ١ : ٥٩ ، المغني ١ : ٤٥٠ ، المحرر في الفقه ١ : ٣٦ ، العدة شرح العمدة : ٦٠ ، بداية المجتهد ١ : ١٠٥ ، القوانين الفقهية : ٥٣ - ٥٤.

(٣) سنن الدارقطني ١ : ٢٤١ - ٢٩ ، وانظر أيضاً سنن الترمذي ١ : ٣٦٠ ذيل الحديث ١٨٩.

(٤) سنن أبي داود ١ : ١٣٦ - ٥٠٠ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩٤.

(٥) المجموع ٣ : ٩٨ ، المغني ١ : ٤٥٠ ، المحلى ٣ : ١٤٩.

(٦) انظر على سبيل المثال : التهذيب ٢ : ٦٠ - ٢١٠ ، الاستبصار ١ : ٣٠٥ - ١١٣٣.

٤٣

ج - أطبقت الإِمامية على استحباب التهليل مرتين في آخر الأذان ، وخالف فيه الجمهور كافة واقتصروا على المرة ،(١) وهو مدفوع بأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بلالاً أن يشفع الأذان ويوتر الإِقامة ، رواه أنس(٢) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام لـمّا وصف الأذان : « لا إله إلّا الله لا إله إلّا الله »(٣) .

وكذا في حديث الباقرعليه‌السلام لـمّا وصف أذان جبرئيل لـمّا اُسري بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

مسألة ١٥٧ : الإِقامة عندنا سبعة عشر فصلاً‌ كالاذان إلّا أنه ينقص التكبير من أولها مرتين والتهليل من آخرها مرة ويزيد : ( قد قامت الصلاة ) بعد ( حيّ على خير العمل ) مرتين - وبه قال أبو حنيفة(٥) - لما رواه أبو محذورة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علّمه الإقامة سبع عشر كلمة(٦) ، ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « والإِقامة مثنى مثنى »(٧) .

____________________

(١) مختصر المزني : ١٢ ، المغني ١ : ٤٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٥ ، الشرح الصغير ١ : ٩٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٥٧ ، العدة شرح العمدة : ٦١ ، القوانين الفقهية : ٥٤ ، المحلى ٣ : ١٥٠.

(٢) صحيح البخاري ١ : ١٥٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٨٦ - ٣٧٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤١ - ٧٢٩ ، سنن الترمذي ١ : ٣٦٩ - ٣٧٠ - ١٩٣ ، سنن الدارمي ١ : ٢٧٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٤١ - ٥٠٨ ، سنن النسائي ٢ : ٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٥٩ - ٢٠٩ ، الاستبصار ١ : ٣٠٥ - ١١٣٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٦٠ - ٢١٠ ، الاستبصار ١ : ٣٠٥ - ١١٣٤.

(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٨ ، اللباب ١ : ٥٩ ، المجموع ٣ : ٩٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٥٨ ، ، المغني ١ : ٤٥١ ، بداية المجتهد ١ : ١١٠ ، القوانين الفقهية : ٥٥.

(٦) سنن الترمذي ١ : ٣٦٧ - ١٩٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٥ - ٧٠٩ ، سنن النسائي ٢ : ٤ ، سنن الدارمي ١ : ٢٧١.

(٧) الكافي ٣ : ٣٠٣ - ٤ ، التهذيب ٢ : ٦٢ - ٢١٧ ، الاستبصار ١ : ٣٠٧ - ١١٤١.

٤٤

وقال الشافعي : الإِقامة أحد عشر كلمة ، التكبير مرتان ، والشهادتان مرتان ، والدعاء إلى الصلاة مرة ، والدعاء الى الفلاح مرة ، والإِقامة مرتان ، والتكبير مرتان ، والتهليل مرة. وبه قال الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور(١) .

قال ابن المنذر : وهو مذهب عروة بن الزبير ، والحسن البصري ، وعمر بن عبد العزيز ، ومكحول ، والزهري(٢) ، لأنّ أنساً روى أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أن يوتر الإِقامة(٣) ، وهو استناد الى المنام الذي ضعفناه.

وللشافعي في القديم : أنها عشر كلمات. فجعل الإِقامة مرة. وبه قال مالك ، وداود(٤) للحديث(٥) وقد بينا ضعفه.

مسألة ١٥٨ : قد ورد عندنا استحباب التكبير في آخر الأذان أربع مرات‌

____________________

(١) المغني ١ : ٤٥١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣١ - ٤٣٢ ، مسائل أحمد : ٢٧ ، العدة شرح العمدة : ٦٠ ، الأم ١ : ٨٥ ، المجموع ٣ : ٩٢ ، فتح العزيز ٣ : ١٦١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٤ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٦ ، بداية المجتهد ١ : ١١٠ ، القوانين الفقهية : ٥٥.

(٢) المجموع ٣ : ٩٤ وفيه : البيهقي بدل ابن المنذر فلاحظ.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٥٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٨٦ - ٣٧٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤١ - ٧٢٩ ، سنن الترمذي ١ : ٣٦٩ - ٣٧٠ - ١٩٣ ، سنن الدارمي ١ : ٢٧٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٤١ - ٥٠٨ ، سنن النسائي ٢ : ٣.

(٤) المجموع ٣ : ٩٢ و ٩٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٦١ و ١٦٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٥٨ ، بداية المجتهد ١ : ١١٠ ، القوانين الفقهية : ٥٥ ، المغني ١ : ٤٥٢ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٢١.

(٥) صحيح البخاري ١ : ١٥٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٨٦/ ٣٧٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤١ / ٧٢٩ ، سنن الدارمي ١ : ٢٧٠. سنن الترمذي ١ : ٣٦٩ - ٣٧٠ / ١٩٣ ، سنن أبي داود ١ : ١٤١ / ٥٠٨ ، سنن النسائي ٢ : ٣.

٤٥

كأوله ، والباقي كما تقدم(١) ، وروي أيضا استحباب التكبير في أول الإقامة أربعا ، وفي آخرها أربعاً ، والتهليل في آخرها مرتين(٢) ، قال الشيخ : ولو عمل عامل بذلك لم يكن مأثوما ، فأمّا ما روي في شواذ الأخبار من قول : « أن علياً ولي الله ، وآل محمد خير البرية » فممّا لا يعمل عليه في الأذان فمن عمل به كان مخطئاً(٣) .

ويجوز في حال الاستعجال ، والسفر إفراد الفصول ، جمعاً بين فضيلة الأذان وإزالة المشقة عن المسافر والمستعجل ، لما رواه أبو عبيدة الحذاء في الصحيح قال : رأيت الباقرعليه‌السلام يكبّر واحدة واحدة في الأذان ، فقلت له : لم تكبّر واحدة؟ فقال : « لا بأس به إذا كنت مستعجلاً »(٤) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « الأذان يقصر في السفر كما تقصر الصلاة ، الأذان واحداً واحداً ، والإِقامة واحدة »(٥) .

تذنيب : تثنية الإِقامة أفضل من إفراد الاذان والإِقامة ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لأن أقيم مثنى مثنى أحب إليّ من أن اُؤذّن واُقيم واحداً واحداً »(٦) .

مسألة ١٥٩ : يكره الترجيع عند علمائنا‌ - وهو تكرار الشهادتين مرتين في‌

____________________

(١) مصباح المتهجد : ٢٦.

(٢) مصباح المتهجد : ٢٦.

(٣) النهاية : ٦٩. وقال في المبسوط ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٦٢ / ٢١٦ ، الاستبصار ١ : ٣٠٧ / ١١٤٠.

(٥) التهذيب ٢ : ٦٢ / ٢١٩ ، الاستبصار ١ : ٣٠٨ / ١١٤٣.

(٦) التهذيب ٢ : ٦٢ / ٢١٨ ، الإستبصار ١ : ٣٠٨ / ١١٤٢.

٤٦

الأذان ، وبه قال الثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي(١) .

وربما قال أبو حنيفة : إنّه بدعة(٢) . وهو جيد عندي ؛ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( الأذان مثنى )(٣) ولم يذكر الترجيع عبد الله بن زيد الذي أسندوا الأذان إليه(٤) .

ومن طريق الخاصة حكاية الباقر والصادقعليهما‌السلام صفة الأذان ولم يذكرا الترجيع(٥) .

وقال الشافعي ، ومالك : باستحبابه(٦) ، وروى ابن المنذر عن أحمد أنه قال : إن رجع فلا بأس وإن ترك فلا بأس(٧) ، حتى أن للشافعي قولين في الاعتداد بالأذان مع تركه(٨) لأنّ أبا محذورة قال : علّمني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سنّة الأذان ثم تقول : أشهد أن لا إله إلا الله. فذكر مرتين ، أشهد أن محمداً رسول الله فذكر مرتين ، تخفض بها صوتك ، ثم‌

____________________

(١) المغني ١ : ٤٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٠ ، العدة شرح العمدة : ٦٠ ، المحرر في الفقه ١ : ٣٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٨.

(٢) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفرة لدينا.

(٣) اُنظر سنن النسائي ٢ : ٣.

(٤) سنن ابي داود ١ : ١٣٥ / ٤٩٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٢ / ٧٠٦ ، سنن الدارمي ١ : ٢٦٨ ، سنن الترمذي ١ : ٣٥٩ / ١٨٩ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٤١ / ٢٩.

(٥) التهذيب ٢ : ٦٠ / ٢١٠ و ٢١١ و ٦١ / ٢١٢ ، الاستبصار ١ : ٣٠٥ / ١١٣٣ و ١١٣٤.

(٦) مختصر المزني : ١٢ ، المجموع ٣ : ٩١ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٥ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٦ ، السراج الوهاج : ٣٧ ، الميزان ١ : ١٣٣ ، بداية المجتهد ١ : ١٠٥ ، بلغة السالك ١ : ٩٢ ، المنتقى ١ : ١٣٥ ، القوانين الفقهية : ٥٣ ، المغني ١ : ٤٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٨.

(٧) مسائل أحمد : ٢٧ ، العدة شرح العمدة : ٦١ ، الانصاف ١ : ٤١٣.

(٨) المجموع ٣ : ٩١ - ٩٢ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٨.

٤٧

ترفع صوتك بالشهادة أشهد أن لا إله إلا الله. فذكر مرتين ، أشهد أن محمداً رسول الله. فذكر مرتين(١) .

وليس حجة ؛ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فعل به ذلك ليقر بالشهادتين لأنه كان يحكي أذان مؤذن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مستهزئاً فسمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صوته فدعاه فأمره بالأذان قال : ولا شي‌ء عندي ولا أنقص من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا مما يأمرني به(٢) فقصد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نطقه بالشهادتين سراً ليسلم بذلك ، ولم يوجد هذا في أمر بلال ولا غيره ممن كان ثابت الإِسلام.

تذنيب : قال الشيخ : لو أراد المؤذن تنبيه غيره جاز له تكرار الشهادتين مرتين(٣) لقول الصادقعليه‌السلام : « لو أن مؤذنا أعاد في الشهادة أو في حي على الصلاة ، أو حي على الفلاح المرتين والثلاث وأكثر من ذلك إذا كان إماماً يريد القوم ليجمعهم لم يكن به بأس »(٤) .

مسألة ١٦٠ : التثويب عندنا بدعة ، وهو قول الصلاة خير من النوم ، في شي‌ء من الصلوات - وبه قال الشافعي في الجديد(٥) - لأن عبد الله بن زيد لم‌

____________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٢٨٧ / ٣٧٩ ، سنن ابي داود ١ : ١٣٦ / ٥٠٠ ، سنن النسائي ٢ : ٦ ، مسند احمد ٣ : ٤٠٨ - ٤٠٩ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٣٣ / ١.

(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٤ / ٧٠٨ ، مسند احمد ٣ : ٤٠٩ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٣٣ / ١.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٩٥.

(٤) الكافي ٣ : ٣٠٨ / ٣٤ ، التهذيب ٢ : ٦٣ / ٢٢٥ ، الاستبصار ١ : ٣٠٩ / ١١٤٩.

(٥) الاُم ١ : ٨٥ ، المجموع ٣ : ٩٢ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٩ ، مختصر المزني : ١٢ ، بداية المجتهد ١ : ١٠٦ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٨.

٤٨

يحكه في أذانه(١) ، وأهل البيتعليهم‌السلام لمـّا حكوا أذان الملك لم يذكروه(٢) .

وقال الشافعي في القديم : باستحباب التثويب بعد الحيعلتين في الصبح خاصة. وبه قال مالك ، والأوزاعي ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور(٣) لأنّ أبا محذورة قال : لما علمني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال بعد قوله حي على الفلاح : فإن كانت صلاة الصبح قلت : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم(٤) .

وهو معارض بإنكار الشافعي - في كتاب استقبال القبلة - للتثويب وقال : إنّ أبا محذورة لم يحكه(٥) . قال أبو بكر بن المنذر : هذا القول سهو من الشافعي ونسيان حين سطر هذه المسألة فإنه حكى ذلك في الكتاب العراقي عن أبي محذورة.

وعن أبي حنيفة روايات : إحداها كقول الشافعي في القديم(٦) ، والثانية : أنه يقول بين الأذان والإقامة : حي على الصلاة حي على‌

____________________

(١) سنن ابي داود ١ : ١٣٥ / ٤٩٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٢ / ٧٠٦ ، سنن الدارمي ١ : ٢٦٨ ، مسند احمد ٤ : ٤٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٦٠ / ٢١٠.

(٣) مختصر المزني : ١٢ ، المجموع ٣ : ٩٢ و ٩٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٩ ، الوجيز ١ : ٣٦ ، المدونة الكبرى ١ : ٥٧ ، المنتقى ١ : ١٣٥ ، الشرح الصغير ١ : ٩١ ، القوانين الفقهية : ٥٤ ، المغني ١ : ٤٥٣ - ٤٥٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٣ ، مسائل أحمد : ٢٧ ، العدة شرح العمدة : ٦٢ ، المحرر في الفقه ١ : ٣٦.

(٤) مسند احمد ٣ : ٤٠٨ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٦ / ٥٠٠ ، سنن النسائي ٢ : ٧ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٣٤ / ٣ و ٢٣٥ / ٤.

(٥) فتح العزيز ٣ : ١٧٠.

(٦) فتح العزيز ٣ : ١٧٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٠ ، اللباب ١ : ٥٩ ، شرح فتح القدير ١ : ٢١٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤١.

٤٩

الفلاح(١) ، والثالثة : أن الاُولى في نفس الأذان ، والثانية بعده(٢) ، والرابعة : أنه يقول : الصلاة خير من النوم بين الأذان والإِقامة(٣) ، لأن بلالاً كان إذا أذن أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسلّم عليه ، ثم قال : حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، يرحمك الله(٤) .

وأذن بلال يوماً ، فتأخر خروج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء الى باب الحجرة ، فقيل : إنّه نائم فنادى بلال الصلاة خير من النوم مرتين فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأقرّه عليه(٥) .

وهذا كلّه باطل عندنا ؛ لأنه ليس للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجتهد في الأحكام ، بل يأخذها بالوحي لا بالاستحسان.

فروع :

أ - كما أنّه لا تثويب في الصبح عندنا فكذا في غيره‌ ، وبنفي غيره ذهب أكثر العلماء(٦) ، لأن ابن عمر دخل مسجداً يصلّي فسمع رجلاً يثوّب في أذان الظهر فخرج عنه فقيل له : إلى أين تخرج؟ فقال : أخرجتني البدعة(٧) .

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٠ و ١٣١ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٣ : ١٧٢ ، المغني ١ : ٤٥٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٣.

(٢) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفرة لدينا.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٠ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٨ ، رحمة الاُمة ١ : ٣٦.

(٤) الطبقات الكبرى لابن سعد ٣ : ٢٣٤.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٠٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٧ / ٧١٦ ، سنن الدارمي ١ : ٢٧٠ ، سنن البيهقي ١ : ٤٢٢ ، المحرر في الحديث ١ : ١٦٥ ذيل الحديث ١٧٨.

(٦) منهم : ابنا قدامة في المغني ١ : ٤٥٤ ، والشرح الكبير ١ : ٤٣٣.

(٧) أورده ابنا قدامة في المغني ١ : ٤٥٤ ، والشرح الكبير ١ : ٤٣٣.

٥٠

وحكي عن الحسن بن صالح بن حي استحبابه في العشاء ؛ لأنه وقت ينام فيه الناس فصار كالغداة(١) .

وقال النخعي : إنه مستحب في جميع الصلوات ؛ لأن ما يسن في الأذان لصلاة يسن لجميع الصلوات كسائر الألفاظ(٢) .

والأصل في الأول ، والعلة في الثاني ممنوعان.

ب - لا يستحب أن يقول بين الأذان والإِقامة : حي على الصلاة حي على الفلاح‌ - وبه قال الشافعي(٣) - لأن عمر قدم مكة فأتاه أبو محذورة وقد أذن فقال : الصلاة يا أمير المؤمنين حي على الصلاة ، حي على الفلاح فقال : ويحك أمجنون أنت؟ ما كان في دعائك الذي دعوت ما نأتيك حتى تأتينا(٤) .

وحكى ابن المنذر عن الأوزاعي أنه سئل عن التسليم على الاُمراء فقال : أول من أحدثه معاوية وأقره عمر بن عبد العزيز(٥) ، وقال النخعي : إن الناس أحدثوا حي على الصلاة حي على الفلاح وليس بسنّة(٦) ، وقالعليه‌السلام : ( كل محدث بدعة )(٧) .

ج - التثويب : الرجوع‌ ، فالمؤذن يقول : حي على الصلاة ، ثم عاد بقوله : الصلاة خير من النوم ، إلى الدعاء إلى الصلاة ، وحيّ معناه : هلمّ ، ويقرن‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ٩٨ ، الميزان ١ : ١٣٣ ، رحمة الاُمة ١ : ٣٦ ، المحلى ٣ : ١٦١.

(٢) المجموع ٣ : ٩٨ ، الميزان ١ : ١٣٣ ، رحمة الاُمة ١ : ٣٦.

(٣) حكاه الشيخ الطوسي عنه في الخلاف ١ : ٢٨٩ مسألة ٣٣.

(٤) كنز العمال ٨ : ٣٤٠ - ٢٣١٦٨.

(٥) انظر كتاب الأوائل لأبي هلال العسكري : ١٦٤.

(٦) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفرة لدينا.

(٧) سنن ابن ماجة ١ : ١٨ / ٤٦ ، سنن النسائي ٣ : ١٨٨ - ١٨٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٢١٤.

٥١

بـ ( على ) و ( الى ) معاً ، والفلاح : البقاء والدوام وهو ثواب الصلاة.

مسألة ١٦١ : الترتيب شرط في الاذان والإِقامة‌ لأنّهما أمران شرعيان فيقفان على مورده ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « من سهى في الاذان فقدم أو أخر أعاد على الأول الذي أخّره حتى يمضي على آخره »(١) ولأنّ الاذان يتميز بترتيبه عن جميع الأذكار فإذا لم يرتبه لم يعلم أنه أذان ولم تحصل الفائدة ؛ وبه قال الشافعي(٢) .

مسألة ١٦٢ : يكره الكلام خلال الاذان والإِقامة‌ لئلا ينقطع توالي ألفاظه ، فإن تكلّم في الأذان لم يُعده ، عامداً كان أو ساهياً - وبه قال الشافعي - لأنّ الكلام لا يقطع الخطبة وهي آكد من الاذان(٣) ، وحكي عن سليمان بن صرد أنّه كان يأمر بحاجته في أذانه وكان له صحبة(٤) . وللشافعي قول باستحباب إعادة الأذان(٥) .

فروع :

أ - لو طال الكلام‌ حتى خرج عن نظام الموالاة أعاد.

ب - لو كان الكلام لمصلحة الصلاة لم يكره‌ إجماعاً لأنّه سائغ في الإِقامة ففي الأذان أولى.

ج - لو سكت طويلاً يخرج به في العادة عن الأذان أعاد‌ وإلّا فلا لعدم الانفكاك من القليل كالتنفس والاستراحة ، وبه قال الشافعي(٦) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠٥ / ١٥ ، التهذيب ٢ : ٢٨٠ - ١١١٥.

(٢) المجموع ٣ : ١١٣ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٣ ، الوجيز ١ : ٣٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٥ ، السراج الوهاج : ٣٧ - ٣٨.

(٣) المجموع ٣ : ١١٣ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٥ - ١٨٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٥.

(٤) فتح الباري ٢ : ٧٧ ، المغني ١ : ٤٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٠.

(٥) المجموع ٣ : ١١٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٥.

(٦) المجموع ٣ : ١١٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٥ - ١٨٦ ، الوجيز ١ : ٣٦.

٥٢

د - لو اُغمي عليه. أو جُنّ ، أو نام في خلاله استحب له الاستئناف‌ لخروجه عن التكليف ، ولو تمم غيره ثم أفاق جاز البناء عليه قاله الشيخ(١) .

ه - لو ارتد في أثنائه ثم رجع الى الإِسلام استأنف ، وهل يبنى عليه؟ للشافعي وجهان : المنع - وهو الأقوى عندي - لبطلانه بالردة ، والجواز ؛ لأنّ الردة لا تحبط العمل إلّا اذا اتصل بها الموت فصار كاعتراض الجنون والإِغماء لو بنى عليه جاز(٢) .

ولو ارتد بعد فراغه من الأذان ، قال الشيخ : جاز أن يعتد به ، ويُقيم غيره ، لأنّه أذّن أذاناً مشروعاً محكوماً بصحته فلا يؤثر فيه الارتداد المتعقب(٣) .

وقال الشافعي : لا يعتد بأذانه(٤) .

و - لو تكلّم خلال الإِقامة أعادها‌ - وبه قال الزهري(٥) - لوقوع الصلاة عقيبها بلا فصل فكان لها حكمها ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا تتكلم إذا أقمت الصلاة فإنك إذا تكلمت أعدت الإِقامة »(٦) .

وقال الشافعي : لا يعيد لأنّها دعاء الى الصلاة فلم يقطعها الكلام كالأذان(٧) ، والفرق ما تقدم.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٩٦.

(٢) المجموع ٣ : ١١٥ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٥ ، الوجيز ١ : ٣٦.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٩٦.

(٤) المجموع ٣ : ٩٩ و ١١٥ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٦ - ١٨٧.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢١٣ ، حلية العلماء ٢ : ٣٨.

(٦) التهذيب ٢ : ٥٥ / ١٩١ ، الاستبصار ١ : ٣٠١ - ١١١٢.

(٧) الاُم ١ : ٨٥.

٥٣

ز - الكلام وإن كره في الأذان فإنه في الإِقامة آكد‌ ، وقال الشيخان ، والمرتضى : إذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة حرم الكلام على الحاضرين إلّا بما يتعلق بالصلاة من تقديم إمام ، أو تسوية صف(١) ، لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا أقام المؤذن الصلاة فقد حرم الكلام إلّا أن يكون القوم ليس يعرف لهم إمام »(٢) وهو محمول على شدة الكراهة ، وفي الطريق ضعف.

مسألة ١٦٣ : يستحب ترك الإِعراب في أواخر فصول الأذان والإِقامة‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال أحمد(٣) - وحكاه ابن الأنباري عن أهل اللغة(٤) ، لأن إبراهيم النخعي قال : شيئان مجزومان كانوا لا يعربونهما : الأذان والإِقامة(٥) . وهذا إشارة إلى جماعتهم.

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء ، والإِقامة حدر »(٦) ونحوه عن الصادقعليه‌السلام (٧) .

وقال الباقون : يستحب الإِعراب فيهما.

مسألة ١٦٤ : يستحب أن يترسل في أذانه‌ بأن يتمهل فيه مأخوذ من قولهم جاء فلان على رسله أي على هنيئة من غير عجل ولا متعب نفسه ، وأن يحدر الإِقامة ويدرجها إدراجاً مبيناً لألفاظها مع الإدراج - ولا نعلم فيه خلافاً - لقول‌

____________________

(١) المقنعة : ١٥ ، النهاية : ٦٦ - ٦٧ ، المبسوط للطوسي ١ : ٩٩ ، ونقل المحقق قول المرتضى في المعتبر : ١٦٥.

(٢) التهذيب ٢ : ٥٥ - ١٩٠ ، الاستبصار ١ : ٣٠٢ / ١١١٧.

(٣) المغني ١ : ٤٥٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٤ ، الإِنصاف ١ : ٤١٤ ، كشاف القناع ١ : ٢٣٨.

(٤) عمدة القاري ٥ : ١٠٨ ، المغني ١ : ٤٥٣ ، الإِنصاف ١ : ٤١٤.

(٥) المغني ١ : ٤٥٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٤ ، الإِنصاف ١ : ٤١٤.

(٦) التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٣.

(٧) الفقيه ١ : ١٨٤ / ٨٧١ ، التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٤.

٥٤

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لبلال : ( إذا أذّنت فرتّل ، وإذا أقمت فاحدر )(١) (٢) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء ، والإِقامة حدر»(٣) .

ولأن القصد من الأذان إعلام الغائبين ، والتثبت فيه أبلغ للإِعلام ، والإِقامة لإِعلام الحاضرين ، وافتتاح الصلاة فلا فائدة للتطويل فيها ، ولو أخلّ بهذه الهيئة أجزأه لأنّها مستحبة فيه ولا يخلّ تركها به.

مسألة ١٦٥ : يستحب رفع الصوت بالأذان‌ ، وعليه إجماع العلماء ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( يغفر للمؤذن مدى صوته ، ويشهد له كل رطب ويابس )(٤) .

وقال أبو سعيد الخدري لرجل : إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذّنت بالصلاة فارفع صوتك فإنه لا يسمع صوتك جن ولا إنس إلّا شهد لك يوم القيامة ، سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إذا أذّنت فلا تخفين صوتك فإن الله يأجرك مدّ صوتك فيه »(٦) ، ولأن القصد به الإِعلام وهو يكثر برفع الصوت فيكون النفع به أتم.

____________________

(١) فاحدر : أي أسرع. لسان العرب ٤ : ١٧٢ مادة حدر.

(٢) سنن الترمذي ١ : ٣٧٣ / ١٩٥ ، سنن البيهقي ١ : ٤٢٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٣.

(٤) المقنعة : ١٥ ، سنن ابي داود ١ : ١٤٢ / ٥١٥ ، سنن النسائي ٢ : ١٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٠ / ٧٢٤.

(٥) صحيح البخاري ١ : ١٥٨ ، سنن النسائي ٢ : ١٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٩ / ٧٢٣ ، الموطأ ١ : ٦٩ / ٥ ، مسند أحمد ٣ : ٤٣.

(٦) التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٥.

٥٥

وقد روي أن رفع الصوت بالاذان في المنزل يزيل العلل والأسقام ويكثر النسل ، فإن هشام بن إبراهيم شكى الى الرضاعليه‌السلام سقمه وأنه لا يولد له فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله قال : ففعلت ، فأذهب الله عني سقمي ، وكثر ولدي.

قال محمد بن راشد : وكنت دائم العلّة ما انفك منها في نفسي وجماعة خدمي فلما سمعت كلام هشام عملت به فأذهب الله عني وعن عيالي العلل(١) .

ولا يجهد نفسه في رفع صوته زيادة على طاقته لئلّا يضر بنفسه وينقطع صوته ، فإن أذّن لعامة الناس جهر بجميع الأذان ، ولا يجهر ببعض ، ويخافت ببعض لئلا يفوت مقصود الأذان وهو الإِعلام ، وإن أذّن لنفسه أو لجماعة حاضرين جاز أن يخافت ويجهر ، ويخافت ببعض ويجهر ببعض.

مسألة ١٦٦ : يستحب الفصل بين الأذان والإِقامة‌ بجلسة ، أو سجدة ، أو سكتة ، أو خطوة ، أو صلاة ركعتين في الظهرين إلّا المغرب فإنه لا يفصل بينهما إلّا بخطوة ، أو سكتة أو تسبيحة عند علمائنا - وبه قال أحمد(٢) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لبلال : ( اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله ، والشارب من شربه ، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته )(٣) .

ومن طريق الخاصة ما رواه سليمان بن جعفر قال : سمعته يقول : « افرق بين الأذان والإِقامة بجلوس أو ركعتين »(٤) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠٨ / ٣٣ ، الفقيه ١ : ١٨٩ / ٩٠٣ ، التهذيب ٢ : ٥٩ / ٢٠٧.

(٢) المغني ١ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٤ ، الإِنصاف ١ : ٤٢١.

(٣) سنن الترمذي ١ : ٣٧٣ / ١٩٥ ، المستدرك للحاكم ١ : ٢٠٤.

(٤) التهذيب ٢ : ٦٤ / ٢٢٧.

٥٦

وقال الصادقعليه‌السلام : « بين كل أذانين قعدة إلّا المغرب فإن بينهما نفساً »(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام أو الكاظمعليه‌السلام : « يؤذن للظهر على ست ركعات ، ويؤذن للعصر على ست ركعات بعد الظهر(٢) .

وروي عن الصادقعليه‌السلام « من جلس بين أذان المغرب والإِقامة كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله »(٣) ولأنّ الاذان للإِعلام فيسن الإِنتظار ليدرك الناس الصلاة.

إذا عرفت هذا فقد قال أحمد باستحباب الفصل في المغرب بجلسة خفيفة(٤) . وحكي عن أبي حنيفة ، والشافعي أنه لا يسن في المغرب(٥) .

وسئل الصادقعليه‌السلام ما الذي يجزي من التسبيح بين الاذان والإِقامة ، قال : « يقول : الحمد لله »(٦) .

وقد روي أنه يقول إذا جلس بعد الأذان : « اللهم اجعل قلبي باراً ، ورزقي داراً ، واجعل لي عند قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قراراً ومستقراً »(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٦٤ / ٢٢٩ ، الإِستبصار ١ : ٣٠٩ / ١١٥٠.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٨٦ / ١١٤٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٦٥ / ٢٣١ ، الاستبصار ١ : ٣٠٩ / ١١٥١ ، المحاسن : ٥٠ / ٧٠.

(٤) المغني ١ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٤ ، المجموع ٣ : ١٢١.

(٥) المجموع ٣ : ١٢١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٢ ، بدائع الصنائع ١ : ١٥٠ ، عمدة القارئ ٥ : ١٣٨ ، المغني ١ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٤.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٨٠ / ١١١٤.

(٧) الكافي ٣ : ٣٠٨ / ٣٢ ، التهذيب ٢ : ٦٤ / ٢٣٠.

٥٧

البحث الثاني : المحلّ‌

مسألة ١٦٧ : لا يسن الأذان لشي‌ء من النوافل‌ ، ولا لشي‌ء من الفرائض - عدا الخمس اليومية - كالعيدين ، والكسوف ، والأموات ، بل يقول المؤذن في الكسوف والعيدين : الصلاة ثلاثاً ، وكذا في الاستسقاء ، وفي الجنازة إشكال ينشأ من العموم ، ومن انتفاء الحاجة لحضور المشيعين - وللشافعي وجهان(١) - وعليه إجماع علماء الأمصار ، وفعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الصلوات من غير أذان(٢) .

ويستحب في الفرائض الخمس اليومية ، ويتأكد الاستحباب فيما يجهر فيه بالقراءة ، وآكده الغداة ، والمغرب ؛ لأنّ في الجهر دلالة على طلب الإِعلام فيها ؛ والتنبيه بالأذان زيادة في المطلوب شرعاً ، وشدّة تأكيده في الصبح والمغرب لعدم التقصير فيهما فلا يقصر مندوباتهما ، وليكون افتتاح النهار والليل بذكر الله تعالى.

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا تدع الأذان في الصلوات كلّها ، فإن تركته فلا تتركه في المغرب والفجر ، فإنه ليس فيهما تقصير »(٣) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « إنّ أدنى ما يجزي من الأذان أن يفتتح الليل بأذان وإقامة ، ويفتتح النهار بأذان وإقامة ، ويجزيك في سائر الصلوات إقامة بغير أذان »(٤) .

مسألة ١٦٨ : يستحب الأذان والإِقامة للفوائت من الخمس‌ كما يستحب‌

____________________

(١) الاُم ١ : ٨٣ ، المجموع ٣ : ٧٧ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٨.

(٢) انظر على سبيل المثال : صحيح مسلم ٢ : ٦٠٤ / ٨٨٧.

(٣) التهذيب ٢ : ٤٩ / ١٦١ ، الاستبصار ١ : ٢٩٩ / ١١٠٤.

(٤) الفقيه ١ : ١٨٦ / ٨٨٥.

٥٨

للحاضرة عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(١) - لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته )(٢) ولأنّ ما يسنّ للصلاة في أدائها يسنّ في قضائها كسائر الأذكار.

وقال الشافعي : يقيم لكلّ صلاة ، وفي الأذان له ثلاثة أقوال ، أحدها : لا يستحب الأذان - وبه قال مالك ، والأوزاعي ، وإسحاق(٣) - لرواية أبي سعيد الخدري قال : حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهويّ(٤) من الليل فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بلالاً فأمره فأقام الظهر فصلّاها ثم أقام العصر فصلّاها(٥) ، ولأنّ الأذان وضع للإِعلام بدخول الوقت وهو منتف هنا.

ويحمل على العذر بالسفر ، والخوف ، وضيق وقت المغرب حينئذ ، مع أنه روي أنه أمر بلالاً فأذّن ثم أقام فصلّى الظهر ثم أقام فصلّى العصر(٦) ، ونفي المظنة لا يوجب نفي السبب كالمشقة ، وينتقض بالإِقامة ، ونمنع العلية.

الثاني : يؤذن للاُولى خاصة - وبه قال أحمد ، وأبو ثور ، وابن المنذر(٧) - لأن عمران بن حصين قال : سرنا مع رسول الله صلّى الله عليه‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٦ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٢ ، شرح فتح القدير ١ : ٢١٩ ، اللباب ١ : ٦٠ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٧ ، المغني ١ : ٤٦٣.

(٢) عوالي اللئالي ٢ : ٥٤ / ١٤٣ و ٣ : ١٠٧ / ١٥٠.

(٣) المجموع ٣ : ٨٤ و ٨٥ ، الوجيز ١ : ٣٦ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٩ ، المدونة الكبرى ١ : ٦١ - ٦٢ ، الشرح الصغير ١ : ٩١ ، المغني ١ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٦.

(٤) الهوي : الساعة الممتدة من الليل. لسان العرب ١٥ : ٣٧٢ مادة هوا.

(٥) سنن النسائي ٢ : ١٧ ، مسند احمد ٣ : ٤٩ ، سنن البيهقي ١ : ٤٠٢.

(٦) سنن البيهقي ١ : ٤٠٣.

(٧) المجموع ٣ : ٨٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٢ ، السراج الوهاج : ٣٧ ، المغني ١ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٦.

٥٩

وآله في غزاة أو سرية فلما كان آخر السحر عرسنا فما أيقظنا إلّا حرّ الشمس فأمرنا فارتحلنا ثم سرنا حتى ارتفعت الشمس ونزلنا فقضى القوم حوائجهم ، وأمر بلالاً فأذّن فصلّينا ركعتين ، ثم أمره فأقام فصلّى الغداة(١) . ولا حجة فيه.

الثالث : إن كان يرجو اجتماع الناس أذّن(٢) لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يؤذن بعرفات للعصر ، ولا بمزدلفة للعشاء(٣) لاجتماع الناس. ولا حجة فيه لسقوطه هناك للاشتغال بالعبادة.

فروع :

أ - الأذان وإن استحب‌ لكنّه في الأداء أفضل إجماعا.

ب - يجزيه مع التعدد الأذان لأول ورده ، ثم الإقامة للبواقي‌ ، وإن اقتصر على الإقامة في الجميع أجزأه.

ج - إذا جمع بين صلاتين أذّن للاُولى منهما وأقام ، ويقيم للثانية‌ خاصة سواء كان في وقت الاُولى أو الثانية وفي أي موضع كان ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام روى عن أبيه عن جابر : « أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة بأذان واحد وإقامتين »(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا يقيم ولا يؤذّن للعشاء بمزدلفة(٥) لأنّ ابن عمر صلّى‌

____________________

(١) مسند احمد ٤ : ٤٤١ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٨٥ - ١١.

(٢) المجموع ٣ : ٨٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٢ ، المغني ١ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٧.

(٣) سنن النسائي ٢ : ١٥ و ١٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٥ / ٣٠٢١.

(٤) سنن النسائي ٢ : ١٦.

(٥) المبسوط للسرخسي ٤ : ١٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٤٥ ، عمدة القارئ ١٠ : ١٢ فتح العزيز ٣ : ١٥٦ ، الموطأ برواية الشيباني : ١٦٥ ذيل الحديث ٤٩٠.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

ميثاقهم على الوفاء، وعاند أهل الشقاق والنفاق، وألحدوا في ذلك، فصرفوه عن حده الذي حده الله، فقالوا: القرابة هم العرب كلها وأهل دعوته، فعلى أي الحالتين كان، فقد علمنا أن المودة هي للقرابة، فأقربهم من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أولاهم بالمودة، كلما قربت القرابة كانت المودة على قدرها.

وما أنصفوا نبي الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في حيطته ورأفته، وما من الله به على امته، مما تعجز الالسن عن وصف الشكر عليه، أن لا يودوه في ذريته وأهل بيته، وأن لا يجعلوهم منهم كمنزلة العين من الرأس حفظا لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وحبا لنبيه(١) ، فكيف والقرآن ينطق به ويدعو إليه؟ والاخبار ثابتة بأنهم أهل المودة، والذين فرض الله مودتهم، ووعد الجزاء عليها، أنه ما وفى أحد بهذه المودة مؤمنا مخلصا إلا استوجب الجنة، لقول الله عزّوجلّ في هذه الآية:( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ، ذَٰلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّـهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) (٢) مفسرا ومبينا.

ثم قال أبوالحسن عليه السلام: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه، عن الحسين بن عليّ عليهم السلام، قال: اجتمع المهاجرون والانصار إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا: إن لك - يا رسول الله - مؤونة في نفقتك وفيمن يأتيك من الوفود، وهذه أموالنا مع دمائنا فاحكم فيها بارا، مأجورا، أعط ما شئت، وأمسك ما شئت، من غير حرج، قال: فأنزل الله عزّوجلّ عليه الروح الامين فقال: يا محمّد،( قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ) يعني أن تودوا قرابتي من بعدي، فخرجوا، فقال المنافقون: ما حمل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على ترك ما عرضنا عليه إلا ليحثنا على قرابته من بعده، إن هو إلا شئ افتراه في مجلسه، وكان ذلك من قولهم عظيما، فأنزل الله عزّوجلّ

______________

(١) في نسخة: لبنيه.

(٢) الشورى ٤٢: ٢٢ و ٢٣.

٦٢١

جبرئيل بهذه الآية( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا هُوَ أَعْلَمُ بِمَا تُفِيضُونَ فِيهِ كَفَىٰ بِهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) (١) فبعث إليهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: هل من حدث؟ فقالوا: إي والله يا رسول الله، لقد قال بعضنا كلاما غليظا كرهناه، فتلا عليهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الآية فبكوا واشتد بكاؤهم، فأنزل الله عزّوجلّ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) (٢) ، فهذه السادسة.

وأما الآية السابعة: فقول الله تبارك وتعالى:( إِنَّ اللَّـهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (٣) وقد علم المعاندون منهم أنه لما نزلت هذه الآية قيل: يا رسول الله، قد عرفنا التسليم عليك، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: تقولون اللهم صل على محمّد وآل محمّد كما صليت على إبراهيم و(٤) آل إبراهيم إنك حميد مجيد، فهل بينكم - معاشر الناس - في هذا خلاف؟ قالوا لا.

قال المأمون: هذا ما(٥) لا خلاف فيه أصلا، وعليه الاجماع، فهل عندك في الآل شئ أوضح من هذا في القرآن؟

قال أبوالحسن عليه السلام: نعم، أخبروني عن قول الله عزّوجلّ:( يس ، وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ، إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ، عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) (٦) ، فمن عنى بقوله:( يس ) ؟ قالت العلماء:( يس ) محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم، لم يشك فيه أحد.

قال أبوالحسن عليه السلام: فإن الله أعطى محمّدا صلّى الله عليه وآله وسلّم وآل محمّد من

______________

(١) الاحقاف ٤٦: ٨.

(٢) الشورى ٤٢: ٢٥.

(٣) الاحزاب ٣٣: ٥٦.

(٤) في نسخة زيادة: على.

(٥) في نسخة: مما.

(٦) يس ٣٦: ١ - ٤.

٦٢٢

ذلك فضلا لا يبلغ أحد كنه وصفه إلا من عقله، وذلك أن الله لم يسلم على أحد إلا على الانبياء (صلوات الله عليهم)، فقال تبارك وتعالى:( سَلَامٌ عَلَىٰ نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ) (١) ، وقال:( سَلَامٌ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ ) (٢) وقال:( سَلَامٌ عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ ) (٣) ، ولم يقل: سلام على آل نوح، ولم يقل: سلام على آل موسى ولا على آل إبراهيم، وقال:( سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ) (٤) ، يعني آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم - فقال المأمون: قد علمت أن في معدن النبوة شرح هذا وبيانه - فهذه السابعة.

وأما الثامنة: فقول الله عزّوجلّ:( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ ) فقرن سهم ذي القربى مع سهمه وسهم رسوله، فهذا فصل أيضا بين الآل والامة، لان الله جعلهم في حيز، وجعل الناس في حيز دون ذلك، ورضي لهم ما رضي لنفسه، واصطفاهم فيه، فبدأ بنفسه، ثم برسوله، ثم بذي القربى بكل ما كان من الفئ والغنيمة وغير ذلك مما رضيه عزّوجلّ لنفسه ورضيه لهم، فقال وقوله الحق:( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ ) فهذا تأكيد مؤكد وأثر قائم لهم إلى يوم القيامة في كتاب الله الناطق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

وأما قوله:( وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ ) (٥) فإن اليتيم إذا انقطع يتمه خرج من الغنائم، ولم يكن له فيها نصيب، وكذلك المسكين إذا انقطعت مسكنته لم يكن له نصيب من المغنم، ولا يحل له أخذه، وسهم ذي القربى إلى يوم القيامة قائم لهم، للغني والفقير منهم، لانه لا أحد أغنى من الله عزّوجلّ ولا من رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فجعل لنفسه معهما سهما ولرسوله سهما، فما رضيه لنفسه ولرسوله رضيه لهم.

______________

(١) الصافات ٣٧: ٧٩.

(٢) الصافات ٣٧: ١٠٩.

(٣) الصافات ٣٧: ١٢٠.

(٤) الصافات ٣٧: ١٣٠، وهي قراءة نافع وابن عامر. (الكشف عن وجوه القراءات السبع ٢: ٢٢٧).

(٥) الانفال ٨: ٤١.

٦٢٣

وكذلك الفئ ما رضيه منه لنفسه ولنبيه رضيه لذي القربى، كما أجراهم في الغنيمة، فبدأ بنفسه جل جلاله، ثم برسوله، ثم بهم، وقرن سهمهم بسهم الله وسهم رسوله.

وكذلك في الطاعة، قال:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (١) ، فبدأ بنفسه، ثم برسوله، ثم بأهل بيته.

وكذلك آية الولاية:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّـهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) (٢) فجعل ولايتهم مع طاعة الرسول مقرونة بطاعته، كما جعل سهمهم مع سهم الرسول مقرونا بسهمه في الغنيمة والفئ، فتبارك الله وتعالى ما أعظم نعمته على أهل هذا البيت! فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه، ونزه رسوله، ونزه أهل بيته، فقال:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ) (٣) فهل تجد في شئ من ذلك أنه جعل عزّوجلّ سهما لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى؟ لانه لما نزه نفسه عن الصدقة ونزه رسوله نزه أهل بيته، لا بل حرم عليهم، لان الصدقة محرمة على محمّد وآله، وهي أوساخ أيدي الناس لا تحل لهم، لانهم طهروا من كل دنس ووسخ، فلما طهرهم الله وأصطفاهم رضي لهم ما رضي لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه عزّوجلّ، فهذه الثامنة.

وأما التاسعة: فنحن أهل الذكر الذين قال الله في محكم كتابه:( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) (٤) فقالت العلماء: إنما عنى بذلك اليهود والنصارى.

فقال أبوالحسن عليه السلام سبحان الله! وهل يجوز ذلك؟ إذن يدعونا إلى دينهم. ويقولون: إنه أفضل من دين الاسلام.

______________

(١) النساء ٤: ٥٩.

(٢) المائدة ٥: ٥٥.

(٣) التوبة ٩: ٦٠.

(٤) النحل ١٦: ٤٣.

٦٢٤

فقال المأمون: فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا، يا أبا الحسن؟

فقال عليه السلام: نعم، الذكر: رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ونحن أهله، وذلك بين في كتاب الله عزّوجلّ حيث يقول في سورة الطلاق:( فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّـهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا ، رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّـهِ مُبَيِّنَاتٍ ) (١) فالذكر رسول الله، ونحن أهله، فهذه التاسعة.

وأما العاشرة: فقول الله عزّوجلّ في آية التحريم:( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ ) (٢) الآية إلى آخرها، فأخبروني هل تصلح ابنتي أو ابنة ابني وما تناسل من صلبي لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: لا. قال: فأخبروني هل كانت ابنة أحدكم تصلح له أن يتزوجها لو كان حيا؟ قالوا: لا. قال: ففي هذا بيان، لاني أنا من آله ولستم من آله، ولو كنتم من آله لحرم عليه بناتكم كما حرم عليه بناتي، لاني(٣) من آله وأنتم من امته، فهذا فرق ما بين الآل والامة، لان الآل منه، والامة إذا لم تكن من الآل ليست منه، فهذه العاشرة.

وأما الحادية عشرة: فقول الله عزّوجلّ في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون:( وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّـهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ) (٤) ، تمام الآية، فكان ابن خال فرعون، فنسبه إلى فرعون بنسبه، ولم يضفه إليه بدينه، وكذلك خصصنا نحن إذ كنا من آل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بولادتنا منه، وعممنا الناس بالدين، فهذا فرق ما بين الآل والامة، فهذه الحادية عشرة.

وأمّا الثانية عشرة: فقول الله عزّوجلّ:( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ

______________

(١) الطلاق ٦٥: ١٠ و ١١.

(٢) النساء ٤: ٢٣.

(٣) في نسخة: لانا.

(٤) غافر ٤٠: ٢٨.

٦٢٥

عَلَيْهَا ) (١) فخصنا الله بهذه الخصوصية، أن أمرنا مع الامة بإقامة الصلاة، ثم خصنا من دون الامة، فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يجيئ إلى باب علي وفاطمة بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر كل يوم عند حضور كل صلاة خمس مرات، فيقول: الصلاة رحمكم الله. وما أكرم الله أحدا من ذراري الانبياء بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها، وخصنا من دون جميع أهل بيته.

فقال المأمون والعلماء: جزاكم الله أهل بيت نبيكم عن الامة خيرا، فما نجد الشرح والبيان فيما اشتبه علينا إلا عندكم(٢) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله وسلم كثيرا

______________

(١) طه ٢٠: ١٣٢.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١: ٢٢٨/١، تحف العقول: ٤٢٥، بحار الانوار ٢٥: ٢٢٠/٢٠.

٦٢٦

[ ٨٠ ]

المجلس الثمانون

مجلس يوم الثلاثاء

لأربع خلون من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة.

٨٤٤/١ - حدّثنا الشيخ الفقيه أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن أبي إسحاق(١) بن أحمد الليثي، قال حدّثنا محمّد بن الحسين الرازي، قال: حدّثنا أبوالحسين عليّ بن محمّد بن عليّ المفتي، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد المروزي، عن أبيه، عن يحيى بن عياش، قال: حدّثنا عليّ بن عاصم، قال: حدّثنا أبوهارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ألا إن رجب شهر الله الاصم وهو شهر عظيم، وإنما سمي الاصم لانه لا يقاربه(٢) شهر من الشهور حرمة وفضلا عند الله تبارك وتعالى، وكان أهل الجاهلية يعظمونه في جاهليتها، فلما جاء الاسلام لم يزدد إلا تعظيما وفضلا.

ألا إن رجب وشعبان شهراي، وشهر رمضان شهر أمتي، ألا فمن صام من رجب يوما إيمانا واحتسابا استوجب رضوان الله الاكبر، وأطفأ صومه في ذلك اليوم غضب

______________

(١) في نسخة: محمّد بن إسحاق.

(٢) في نسخة: لا يقارنه.

٦٢٧

الله، وأغلق عنه باب من أبواب النار، ولو أعطى ملء الارض ذهبا ما كان بأفضل من صومه، ولا يستكمل أجره بشئ من الدنيا دون الحسنات، إذا أخلصه لله عزّوجلّ، وله إذا أمسى عشر دعوات مستجابات، إن دعا بشئ في عاجل الدنيا أعطاه الله عزّوجلّ، وإلا ادخر له من الخير أفضل مما دعا به داع من أوليائه وأحبائه وأصفيائه.

ومن صام من رجب يومين لم يصف الواصفون من أهل السماء والارض ما له عند الله من الكرامة، وكتب له من الاجر مثل أجور عشرة من الصادقين في عمرهم، بالغة أعمارهم ما بلغت، ويشفع يوم القيامة في مثل ما يشفعون فيه، ويحشر معهم في زمرتهم حتى يدخل الجنة، ويكون من رفقائهم.

ومن صام من رجب ثلاثة أيام جعل الله عزّوجلّ بينه وبين النار خندقا أو حجابا طوله مسيرة سبعين عاما، ويقول الله عزّوجلّ له عند إفطاره: لقد وجب حقك علي، ووجبت لك محبتي وولايتي، أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

ومن صام من رجب أربعة أيام عوفي من البلايا كلها، من الجنون والجذام والبرص وفتنة الدجال، وأجير من عذاب القبر، وكتب له مثل اجور أولي الالباب التوابين الاوابين، وأعطي كتابه بيمينه في أوائل العابدين.

ومن صام من رجب خمسة أيام كان حقا على الله عزّوجلّ أن يرضيه يوم القيامة، وبعث يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر، وكتب له عدد رمل عالج حسنات، وادخل الجنة بغير حساب، ويقال له: تمن على ربك ما شئت.

ومن صام من رجب ستة أيام خرج من قبره ولوجهه نور يتلالا أشد بياضا من نور الشمس، واعطي سوى ذلك نورا يستضئ به أهل الجمع يوم القيامة، وبعث من الآمنين حتى يمر على الصراط بغير حساب، ويعافى من عقوق الوالدين وقطيعة الرحم.

٦٢٨

ومن صام من رجب سبعة أيام، فإن لجهنم سبعة أبواب، يغلق الله عنه(١) بصوم كل يوم بابا من أبوابها، و حرم اله عزّوجلّ جسده على النار.

و من صام من رجب ثمانية أيام، فإن للجنة ثمانية أبواب، يفتح الله عزّوجلّ له بصوم كل يوم من أبوابها، وقال له: ادخل من أي أبواب الجنان شئت.

ومن صام من رجب تسعة أيام خرج من قبره وهو ينادي بلا إله إلا الله، ولا يصرف وجهه دون الجنة، وخرج من قبره ولوجهه نور يتلالا لاهل الجمع حتى يقولوا: هذا نبي مصطفى. وإن أدنى ما يعطى أن يدخل الجنة بغير حساب.

ومن صام من رجب عشرة أيام جعل الله عزّوجلّ له جناحين أخضرين منظومين بالدر والياقوت يطير بهما على الصراط كالبرق الخاطف إلى الجنان، ويبدل الله سيئاته حسنات، وكتب من المقربين القوامين لله بالقسط، وكأنه عبدالله عزّوجلّ ألف عام قائما صابرا محتسبا.

ومن صام أحد عشر يوما من رجب لم يواف يوم القيامة عبد أفضل ثوابا منه إلا من صام مثله أو زاد عليه.

ومن صام من رجب اثني عشر يوما كسي يوم القيامة حلتين خضراوين من سندس وإستبرق، ويحبر(٢) بهما، لو دليت حلة منهما إلى الدنيا لاضاء ما بين شرقها وغربها، ولصارت الدنيا أطيب من ريح المسك.

ومن صام من رجب ثلاثة عشر يوما وضعت له يوم القيامة مائدة من ياقوت أخضر في ظل العرش، قوائمها من در، أوسع من الدنيا سبعين مرة، عليها صحاف الدر والياقوت، في كل صحفة سبعون ألف لون من الطعام، لا يشبه اللون اللون، ولا الريح الريح، فيأكل منها، والناس في شدة شديدة وكرب عظيم.

ومن صام من رجب أربعة عشر يوما أعطاه الله عزّوجلّ من الثواب ما لا عين

______________

(١) في نسخة: عليه.

(٢) أي يزين، أو يكرم وينعم ويسر.

٦٢٩

رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر من قصور الجنان التي بنيت بالدر والياقوت.

ومن صام من رجب خمسة عشر يوما وقف يوم القيامة موقف الآمنين، فلا يمر به ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا رسول إلا قال: طوباك، أنت آمن مقرب مشرف مغبوط محبور ساكن للجنان.

ومن صام من رجب ستة عشر يوما كان في أوائل من يركب على دواب من نور تطير بهم في عرصة الجنان إلى دار الرحمن.

ومن صام سبعة عشر يوما من رجب وضع له يوم القيامة على الصراط سبعون ألف مصباح من نور حتى يمر على الصراط بنور تلك المصابيح إلى الجنان، تشيعه الملائكة بالترحيب والتسليم.

ومن صام من رجب ثمانية عشر يوما زاحم إبراهيم في قبته في قبة الخلد على سرر الدر والياقوت.

ومن صام من رجب تسعة عشر يوما بنى الله له قصرا من لؤلؤ رطب بحذاء قصر آدم وإبراهيم عليهما السلام في جنة عدن، فيسلم عليهما ويسلمان عليه، تكرمة له، وإيجابا لحقه، وكتب له بكل يوم يصوم منها كصيام ألف عام:

ومن صام من رجب عشرين يوما فكأنما عبدالله عزّوجلّ عشرين ألف عام.

ومن صام من رجب أحدا وعشرين يوما شفع يوم القيامة في مثل ربيعة ومضر كلهم من أهل الخطايا والذنوب.

ومن صام من رجب اثنين وعشرين يوما نادى مناد من أهل السماء: أبشر - يا ولي الله - من الله بالكرامة العظيمة ومرافقة الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.

ومن صام من رجب ثلاثة وعشرين يوما نودي من السماء: طوبى لك يا عبدالله، نصبت قليلا ونعمت طويلا، طوبى لك إذا كشف الغطاء عنك، وأفضيت إلى

٦٣٠

جسيم ثواب ربك الكريم، وجاورت الجليل(١) في دار السلام.

ومن صام من رجب أربعة وعشرين يوما فإذا نزل به ملك الموت تراءى له في صورة شاب عليه حلة ديباج أخضر، على فرس من أفراس الجنان، وبيده حرير أخضر ممسك بالمسك الاذفر، وبيده قدح من ذهب مملوءة من شراب الجنان، فسقاه إياه عند خروج نفسه، يهون به عليه سكرات الموت، ثم يأخذ روحه في تلك الحريرة، فتفوح منها رائحة يستنشقها أهل سبع سماوات، فيظل في قبره ريان ويبعث من قبره ريان حتى يرد حوض النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.

ومن صام من رجب خمسة وعشرين يوما فنه إذا خرج من قبره تلقاه سبعون ألف ملك، بيد كل ملك منهم لواء من در وياقوت، ومعهم طرائف الحلي والحلل، فيقولون: يا ولي الله، النجاة إلى ربك، فهو من أول الناس دخولا في جنات عدن مع المقربين الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم.

ومن صام من رجب ستة وعشرين يوما بنى الله له في ظل العرش مائة قصر من در وياقوت على رأس كل قصر خيمة حمراء من حرير الجنان يسكنها ناعما والناس في الحساب.

ومن صام من رجب سبعة وعشرين يوما أوسع الله عليه القبر مسيرة أربعمائة عام، وملا جميع ذلك مسكا وعنبرا.

ومن صام من رجب ثمانية وعشرين يوما جعل الله عزّوجلّ بينه وبين النار سبعة خنادق، كل خندق ما بين السماء والارض مسيرة خمسمائة عام.

ومن صام من رجب تسعة وعشرين يوما غفر الله عزّوجلّ له، ولو كان عشارا، ولو كانت امرأة فجرت سبعين مرة(٢) ، بعد ما أرادت به وجه الله والخلاص من جهنم، لغفر الله لها.

______________

(١) في نسخة: الخليل.

(٢) في نسخة: بسبعين امرءا.

٦٣١

ومن صام من رجب ثلاثين يوما نادى مناد من السماء: يا عبدالله، أما ما مضى فقد غفر لك فاستأنف العمل فيما بقي، وأعطاه الله عزّوجلّ في الجنان كلها في كل جنة أربعين ألف مدينة من ذهب، في كل مدينة أربعون ألف ألف قصر، في كل قصر أربعون ألف ألف بيت، في كل بيت أربعون ألف ألف مائدة من ذهب، على كل مائدة أربعون ألف ألف قصعة، في كل قصعة أربعون ألف ألف لون من الطعام والشراب، لكل طعام وشراب من ذلك لون على حدة، وفي كل بيت أربعون ألف ألف سرير من ذهب، طول كل سرير ألفا ذراع في ألفي ذراع، على كل سرير جارية من الحور، عليها ثلاثمائة ألف ذؤابة من نور، تحمل كل ذؤابة منها ألف ألف وصيفة، تغلفها بالمسك والعنبر إلى أن يوافيها صائم رجب، هذا لمن صام شهر رجب كله.

قيل: يا نبي الله، فمن عجز عن صيام رجب لضعف أو لعلة كانت به، أو امرأة غير طاهر، يصنع ماذا لينال ما وصفته؟ قال: يتصدق كل يوم برغيف على المساكين، والذي نفسي بيده إنه إذا تصدق بهذه الصدقة كل يوم نال ما وصفت وأكثر، إنه لو اجتمع جميع الخلائق كلهم من أهل السماوات والارض على أن يقدروا قدر ثوابه ما بلغوا عشر ما يصيب في الجنان من الفضائل والدرجات.

قيل: يا رسول الله، فمن لم يقدر على هذه الصدقة، يصنع ماذا لينال ما وصفت؟ قال: يسبح الله عزّوجلّ كل يوم من رجب إلى تمام ثلاثين يوما بهذا التسبيح مائة مرة: سبحان الاله الجليل، سبحان من لا ينبغي التسبيح إلا له، سبحان الاعز الاكرم، سبحان من لبس العز وهو له أهل(١) .

٨٤٥/٢ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، قال: حدّثنا إبراهيم بن هاشم، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: ضغطة القبر للمؤمن

______________

(١) ثواب الاعمال: ٥٤، فضائل الاشهر الثلاثة: ٢٤/١٢، بحار الانوار ٩٧: ٢٦/١.

٦٣٢

كفارة لما كان منه من تضييع النعم(١) .

٨٤٦/٣ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن غالب، عن سعد الاسكاف، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، قال: أيما مؤمن غسل مؤمنا فقال إذا قلبه: اللهم هذا بدن عبدك المؤمن، وقد أخرجت روحه منه، وفرقت بينهما، فعفوك عفوك، غفر الله له ذنوب سنة إلا الكبائر(٢) .

٨٤٧/٤ - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن إسماعيل بن مرار، عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: من غسل ميتا مؤمنا فأدى فيه الامانة غفر له. قيل: وكيف يؤدي فيه الامانة؟ قال: لا يخبر بما يرى(٣) .

٨٤٨/٥ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن غياث بن كلوب، عن إسحاق بن عمار، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فإن من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة(٤) .

٨٤٩/٦ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن سيف، عن أخيه الحسين، عن أبيه سيف بن عميرة، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر عليه السلام، قال: من قدم أولادا يحتسبهم عند الله،

______________

(١) ثواب الاعمال: ١٩٧، علل الشرائع: ٣٠٩/٣، بحار الانوار ٦: ٢٢١/١٦.

(٢) ثواب الاعمال: ١٩٥، المقنع: ١٩، بحار الانوار ٨١: ٢٨٧/٥.

(٣) ثواب الاعمال: ١٩٥، المقنع: ١٩، الهداية: ٢٤، بحار الانوار ٨١: ٢٨٧/٦.

(٤) بحار الانوار ٩٣: ١٩٩/٢٦.

٦٣٣

حجبوه من النار بإذن الله عزّوجلّ(١) .

٨٥٠/٧ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن سيف بن عميرة، عن أشعث بن سوار، عن الاحنف بن قيس، عن أبي ذر الغفاري (رحمه الله عليه)، قال: كنا ذات يوم عند رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في مسجد قبا ونحن نفر من أصحابه إذ قال: معاشر أصحابي، يدخل عليكم من هذا الباب رجل هو أميرالمؤمنين وإمام المسلمين. قال: فنظروا وكنت فيمن نظر، فإذا نحن بعليّ بن أبي طالب عليه السلام قد طلع، فقام النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فاستقبله وعانقه وقبل ما بين عينيه، وجاء به حتى أجلسه إلى جانبه، ثم أقبل علينا بوجهه الكريم، فقال: هذا إمامكم من بعدي، طاعته طاعتي، ومعصيته معصيتي، وطاعتي طاعة الله، ومعصيتي معصية الله عزّوجلّ(٢) .

وصلّى الله على رسوله محمّد وآله، وحسبنا الله ونعم الوكيل

______________

(١) ثواب الاعمال: ١٩٦، بحار الانوار ٨٢: ١١٤/٢ و ٣.

(٢) بحار الانوار ٣٨: ١٠٦/٣٤.

٦٣٤

[ ٨١ ]

المجلس الحادي والثمانون

مجلس يوم الجمعة

لسبع خلون من رجب سنة ثمان وستين وثلاثمائة

٨٥١/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى ابن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن عبدالله الوراق، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن الهيثم بن أبي مسروق النهدي، قال: حدّثنا إسماعيل بن مهران، عن محمّد بن يزيد، عن سفيان الثوري، قال: حدثني جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أخيه الحسن، عن أبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: من صام يوما من رجب في أوله أو في وسطه أو في آخره غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام ثلاثة أيام من رجب في أوله وثلاثة أيام في وسطه وثلاثة أيام في آخره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ومن أحيا ليلة من ليالي رجب أعتقه الله من النار وقبل شفاعته في سبعين ألف رجل من المذنبين، ومن تصدق بصدقة في رجب ابتغاء وجه الله أكرمه الله يوم القيامة في الجنة من الثواب بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر(١) .

٨٥٢/٢ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن

______________

(١) فضال الاشهر الثلاثة: ٣٧/١٥، بحار الانوار ٩٧: ٣٣/٨.

٦٣٥

أبي عبدالله الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، قال: سمعت مالك بن أنس الفقيه يقول: والله ما رأت عيني أفضل من جعفر ابن محمّد عليه السلام زهدا وفضلا وعبادة وورعا، وكنت أقصده فيكرمني ويقبل علي، فقلت له يوما: يا بن رسول الله، ما ثواب من صام يوما من رجب إيمانا واحتسبا؟ فقال - وكان والله إذا قال الصدق - حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من صام يوما من رجب إيمانا واحتسابا غفر له.

فقلت له: يا بن رسول الله، فما ثواب من صام يوما من شعبان؟ فقال: حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من صام يوما من شعبان إيمانا واحتسابا غفر له(١) .

٨٥٣/٣ - حدّثنا أبي (رضي اله عنه)، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عبيدالله بن عبدالله الدهقان، عن درست بن أبي منصور، عن عبدالله بن سنان، قال: قال أبوعبدالله الصادق عليه السلام: لا تمزح فيذهب نورك، ولا تكذب فيذهب بهاؤك وإياك وخصلتين: الضجر، والكسل، فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق، وإن كسلت لم تؤد حقا، قال: وكان المسيح عليه السلام يقول: من كثر همه سقم بدنه، ومن ساء خلقه عذب نفسه، ومن كثر كلامه كثر سقطه(٢) ، ومن كثر كذبه ذهب بهاؤه، ومن لاحى(٣) الرجال ذهبت مروءته(٤) .

٨٥٤/٤ - وبهذا الاسناد، عن درست بن أبي منصور، عن عبد الحميد بن عواض الطائي، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: الاكل على الشبع يورث البرص(٥) .

______________

(١) بحار الانوار ٤٧: ٢٠/١٦.

(٢) الملاحاة: المنازعة والمخاصمة.

(٣) السقط: الخطأ في القول والفعل.

(٤) قصص الانبياء للراوندي: ٢٧٣/٣٢٩، بحار الانوار ٧٢: ١٩٢/٨، و ٧٨: ١٩٩/٢٦.

(٥) بحار الانوار ٦٦: ٣٣١/٨.

٦٣٦

٨٥٥/٥ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أيوب بن نوح، عن صفوان بن يحيى، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إن آدم شكا إلى الله عزّوجلّ ما يلقى من حديث النفس والحزن، فنزل عليه جبرئيل عليه السلام فقال له: يا آدم، قل: لا حول ولا قوة إلا بالله، فقالها فذهب عنه الوسوسة والحزن(١) .

٨٥٦/٦ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمّد، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن أبيه، عن عمرو بن خالد، قال: قال زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام: في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه، وحجة زماننا ابن أخي جعفر بن محمّد، لا يضل من تبعه، ولا يهتدي من خالفه(٢) .

٨٥٧/٧ - حدّثنا أحمد بن عليّ بن إبراهيم بن هاشم رحمه الله، قال حدثني أبي، عن جدي، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أخبرني جبرئيل عن الله جل جلاله أنه قال: عليّ بن أبي طالب حجتي على خلقي وديان ديني، أخرج من صلبه أئمة يقومون بأمري، ويدعون إلى سبيلي، بهم أدفع العذاب عن عبادي وإمائي، وبهم أنزل رحمتي(٣) .

٨٥٨/٨ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا عبدالله بن جعفر الحميري، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن

______________

(١) بحار الانوار ٩٣: ١٨٦/٥.

(٢) بحار الانوار ٤٦: ١٧٣/٢٤.

(٣) بحار الانوار ٢٣: ١٢٧/٥٥.

٦٣٧

عبدالله بن سنان، قال سمعت أبا عبدالله الصادق عليه السلام يقول: ثلاثة هن فخر المؤمن وزينه في الدنيا والآخرة: الصلاة في آخر الليل، ويأسه مما في أيدي الناس، وولاية الامام من آل محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم.(١)

٨٥٩/٩ - حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطار رضي الله عنه، قال: حدّثنا أبي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العباس بن معروف، عن حماد بن عيسى، عن حريز بن عبدالله، أو غيره، قال: نزل على أبي عبدالله الصادق عليه السلام: قوم من جهينة فأضافهم، فلما أرادوا الرحلة زودهم ووصلهم وأعطاهم، ثم قال لغلمانه: تنحوا لا تعينوهم. فلما فرغوا جاءوا ليودعوه، فقالوا له: يا بن رسول الله، لقد أضفت فأحسنت الضيافة، وأعطيت فأجزلت العطية، ثم أمرت غلمانك أن لا يعينونا على الرحلة؟ فقال عليه السلام: إنا أهل بيت لا نعين أضيافنا على الرحلة من عندنا(٢) .

٨٦٠/١٠ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى العطار، عن محمّد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري، عن محمّد بن عيسى العبيدي. عن أبي زكريا المؤمن، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله الصادق عليه السلام، قال: إن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أتى شبابا من الانصار، فقال: إني أريد أن أقرأ عليكم، فمن بكى فله الجنة، فقرأ آخر الزمر( وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا ) (٣) إلى آخر السورة، فبكى القوم جميعا إلا شاب، فقال: يا رسول الله، قد تباكيت فما قطرت عيني. قال: إني معيد عليكم، فمن تباكى فله الجنة. قال: فأعاد عليهم فبكى القوم وتباكى الفتى، فدخلوا الجنة جميعا(٤) .

٨٦١/١١ - حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد المؤدب رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدثنا

______________

(١) بحار الانوار ٧٥: ١٠٧/٦.

(٢) بحار الانوار ٧٥: ٤٥١/٥.

(٣) الزمر ٣٩: ٧١.

(٤) ثواب الاعمال: ١٦٠، بحار الانوار ٩٣: ٣٢٨/٢.

٦٣٨

عبدالله بن أحمد بن داهر، قال: حدّثنا الفضل بن إسماعيل الكوفي، قال: حدّثنا علي ابن سالم، عن أبيه، قال: سألت الصادق جعفر بن محمّد عليه السلام، فقلت له: يا بن رسول الله، ما تقول في القرآن؟ فقال: هو كلام الله، وقول الله، وكتاب الله، ووحي الله وتنزيله، وهو الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد(١) .

٨٦٢/١٢ - حدّثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، قال: قلت للرضا عليه السلام: يا بن رسول الله، أخبرني عن القرآن، أخالق أو مخلوق؟ فقال: ليس بخالق ولا مخلوق، ولكنه كلام الله(٢) .

٨٦٣/١٣ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن إبراهيم بن هاشم، عن الريان بن الصلت، قال: قلت للرضا عليه السلام: ما تقول في القرآن؟ فقال: كلام الله، لا تتجاوزه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتظلوا(٣) .

٨٦٤/١٤ - حدّثنا أبي رضي الله عنه، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال: حدّثنا محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، قال: كتب عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى الرضا عليهم السلام إلى بعض شيعته ببغداد: بسم الله الرحمن الرحيم، عصمنا الله وإياك من الفتنة، فإن يفعل فأعظم بها نعمة! وإلا يفعل فهي الهلكة، نحن نرى أن الجدال في القرآن بدعة اشترك فيها السائل والمجيب، فتعاطى السائل ما ليس له، وتكلف المجيب ما ليس عليه، وليس الخالق إلا الله، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله، لا تجعل له اسما من عندك فتكون من الضالين، جعلنا الله وإياك من الذين يخشون ربهم

______________

(١) التوحيد: ٢٢٤/٣، بحار الانوار ٩٢: ١١٧/٣.

(٢) التوحيد: ٢٢٣/١، بحار الانوار ٩٢: ١١٧/١.

(٣) التوحيد: ٢٢٣/٢، بحار الانوار ٩٢: ١١٧/٢.

٦٣٩

بالغيب وهم من الساعه مشفقون(١) .

٨٦٥/١٥ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن جده أحمد بن أبي عبدالله، عن الحسن بن عليّ ابن فضال، عن عليّ بن عقبة، عن أبيه، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبدالله الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام، قال: ضحك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذات يوم حتى بدت نواجذه، ثم قال: ألا تسألوني مم ضحكت؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: عجبت للمرء المسلم أنه ليس من قضاء يقضيه الله عزّوجلّ له إلا كان خيرا له في عاقبة أمره(٢) .

٨٦٦/١٦ - حدّثنا عليّ بن عيسى رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد ماجيلويه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن زياد بن المنذر، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سمعت أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، يقول: سألت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن صفة المؤمن، فنكس صلّى الله عليه وآله وسلّم رأسه ثم رفعه، فقال: في المؤمنين عشرون خصلة، فمن لم تكن فيه لم يكمل إيمانه.

يا علي، إن المؤمنين هم الحاضرون للصلاة، والمسارعون إلى الزكاة، والحاجون لبيت الله الحرام، والصائمون في شهر رمضان، والمطعمون المسكين، والماسحون رأس اليتيم، المطهرون أظفارهم، المتزرون على أوساطهم، الذين إن حدثوا لم يكذبوا، وإذا وعدوا لم يخلفوا، وإذا ائتمنوا لم يخونوا، وإن تكلموا صدقوا، رهبان بالليل، أسد بالنهار، صائمون بالنهار، قائمون بالليل، لا يؤذون جارا، ولا يتأذى بهم جار، الذين مشيهم على الارض هونا وخطاهم إلى بيوت الارامل، وعلى أثر

______________

(١) التوحيد: ٢٢٤/٤، بحار الانوار ٩٢: ١١٨/٤.

(٢) بحار الانوار ٧١: ١٤٠/٣٢.

٦٤٠

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780