الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي5%

الأمالي الشيخ الطوسي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 799

الأمالي الشيخ الطوسي المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 799 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 945454 / تحميل: 10627
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

المرزباني، قال: حدّثنا عليّ بن سليمان، قال: حدّثنا محمّد بن حميد، قال: حدّثنا محمّد بن إسحاق المسيبي، قال: حدّثنا محمّد بن فليح، عن موسى بن عقبة، عن محمّد بن شهاب الزهري، قا ل: لما قدم جعفر بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه من بلاد الحبشة، بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى مؤتة، واستعمل على الجيش معه زيد بن حارثة وعبدالله بن رواحة، فمضى الناس معهم حتّى كانوا بتخوم البلقاء، فلقيهم جموع هرقل من الروم والعرب، فانحاز المسلمون إلى قرية يقال لها مؤتة، فالتقى الناس عندها واقتتلوا قتالا شديدا، وكان اللواء يومئذ مع زيد بن حارثة، فقاتل به حتّى شاط(١) في رماح القوم، ثم أخذه جعفر فقاتل به قتالا شديدا، ثم اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها وقاتل حتّى قتل.

قال: وكان جعفر أول رجل من المسلمين عقر فرسه في الاسلام، ئم أخذ اللواء عبدالله بن رواحة فقاتل حتّى قتل، فأعطى المسلمون اللواء بعدهم خالد بن الوليد، فناوش القوم وراوغهم حتّى انحاز بالمسلمين منهزما، ونجابهم من الروم، وأنفذ رجلا من المسلمين يقال له عبدالرحمن بن سمرة إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالخبر.

فقال عبدالرحمن: فصرت إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلما وصلت إلى المسجد قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : على رسلك يا عبدالرحمن. ثم قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أخذ اللواء زيد فقاتل به فقتل، رحم الله زيدا، ثم أخذ اللواء جعفر وقاتل وقتل، رحم الله جعفرا، ثم أخذ اللواء عبدالله بن رواحة وقاتل وقتل، فرحم الله عبدالله.

قال: فبكى أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهم حوله، فقال لهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : وما يبكيكم؟ فقالوا: وما لنا لا نبكي وقد ذهب خيارنا وأشرافنا، وأهل الفضل منا!

فقال لهمعليه‌السلام : لا تبكوا، فإنما مثل أمتي مثل حديقة قام عليها صاحبها،

____________________

(١) شاط: هلك.

١٤١

فأصلح رواكبها(١) ، وبنى مساكنها، وحلق سعفها، فأطعمت عاما فوجا، ثم عاما فوجا، ثم عاما فوجا، فلعل آخرها طعما أن يكون أجودها قنوانا، وأطولها شمراخا، أما والذي بعثني بالحق نبيا، ليجدن عيسى بن مريم في أمتي خلقا من حواريه.

قال: وقال كعب بن مالك يرثي جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه وعن المستشهدين معه):

هدت العيون ودمع عينك يهمل

سخا كما وكف(٢) الضباب المخضل

وكأنما بين الجوانح والحشا

مما تأوبني شهاب مدخل

وجدا على النفر الذين تتابعوا

يوما بمؤتة أسندوا لم يقفلوا(٣)

فتغير القمر المنير لفقدهم

والشمس قدكسفت وكادت تأفل

قوم علابنيانهم من هاشم

فرع أشم وسؤدد ما ينقل

قوم بهم نصر الالة عبادة

وعليهم نزل الكتاب المنزل

وبهديهم رضي الاله لخلقه

وبجدهم نصر النبيّ المرسل

بيض الوجوه يرى بطون أكفهم

تندى إذا أغبر الزمان الممحل

 ٢٣١/٤٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن محمّد بن المظفر البزاز، قال: حدّثنا أحمد بن عبيد العطاردي، قال: حدّثنا أبوبشر بن بكير، قال: حدّثنا زياد بن المنذر، قال: حدثني أبوعبدالله مولى بني هاشم، قال: حدّثنا أبوسعيد الخدري، قال: لما كان يوم أحد شج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وجهه، وكسرت رباعيته، فقامعليه‌السلام رافعا يديه يقول: إن الله اشتد غضبه على اليهود أن قالوا: عزير بن الله، واشتد غضبه على النصارى أن قالوا: المسيح بن الله، وإن الله اشتذ غضبه على من أراق دمي وآذاني في عترتي.

٢٣٢/٤٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن عليّ بن مالك

____________________

(١) وهي الفسائل في أعلى النخلة متدلية لا تبلغ الارض.

(٢) أي قطر وسال.

(٣) أي لم يعودوا.

١٤٢

النحوي، قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدّثنا بشر بن بكر، عن محمّد بن إسحاق، عن مشيخته، قال: لما رجع عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام من أحد نا ناول فاطمة سيفه وقال:

أفاطم هاك السيف غير ذميم

فلست برعديد(١) ولا بلئيم

لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد

ومرضاة رب للعباد رحيم

قال: وسمع يوم أحد، وقد هاجت ريح عاصف، كلائم هاتف يهتف، وهو يقول:

لا سيف إلاذ والفقار

ولا فتى إلا علي

فإذا ندبتم هالكاً

فابكوا الوفن أخا الوفي

٢٣٣/٤٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب، قال: أخبرني الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدثني أبوإسحاق إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا محمّد بن عثمان، عن أبي عبد(٢) الله الاسلمي، عن موسى بن عبدالله الاسدي، قال: لما انهزم أهل البصرة أمر عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أن تنزل عائشة قصر أبي خلف، فلقا نزلت جاءها عمار بن ياسررضي‌الله‌عنه فقال لها: يا أمت كيف رأيت ضرب بنيك دون دينهم بالسيف؟ فقالت: استبصرت يا عمار من أجل أنك غلبت.

قال: أنا أشد استبصارا من ذلك، أما والله لو ضربتمونا حتّى تبلغونا سعفات هجر لعلمنا أنا على الحق وأنكم على الباطل.

فقالت له عائشة: هكذا يخيل إليك، اتق الله يا عمار، فإن سنك قد كبرت، ودق عظمك، وفنى أجلك، وأذهبت دينك لابن أبي طالب.

فقال عمّاررحمه‌الله : إني والله اخترت لنفسي في أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فرأيت عليا أقرأهم لكتاب الله (عزّوجلّ)، وأعلمهم بتأويله، وأشدهم

____________________

(١) الرعديد: الجبان الذي يرعد في الحرب جبنا.

(٢) في نسخة: عبيد.

١٤٣

تعظيما لحرمته، وأعرفهم بالسنة، مع قرابته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعظم عنائه وبلائه في الاسلام، فسكتت.

٢٣٤/٤٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن بن الوليدرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن عبدالله بن الوليد، قال: دخلنا على أبي عبداللهعليه‌السلام في زمن بني مروان، فقال: ممن أنتم؟ قلنا: من أهل الكوفة. قال: ما من البلدان أكثر محبا لنا من أهل الكوفة، لا سيما هذه العصابة، إن الله هداكم لامر جهله الناس، فأحببتمونا وأبغضنا الناس، وبايعتمونا وخالفنا الناس، وصدقتمونا وكذبنا الناس، فأحياكم الله محيانا، وأماتكم مماتنا، فأشهد على أبي كان يقول: ما بين أحدكم وبين أن يرى ما تقر به عينه أو يغتبط إلا أن تبلغ نفسه هكذا - وأهوى بيده إلى خلقه - وقد قال الله (عزّوجلّ) في كتابة:( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ) (١) فنحن ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) .

٢٣٥/٤٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد ابن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد ابن سنان، عن المفضل بن عمر، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول: إن في السماء الرابعة ملائكة يقولون في تسبيحهم « سبحان من دل هذا الخلق القليل من هذا الخلق الكثير على هذا الدين العزيز »

٢٣٦/٤٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا عبيد بن

____________________

(١) سورة الرعد ١٣: ٣٨.

(٢) يأتي في الحديث: ١٤٠.

١٤٤

حمدون، قال: حدّثنا محمّد بن حسان بن سهيل، قال: حدّثنا عامر بن الفضل(١) ، عن بشر بن سالم البجلي ومحمّد بن عمران الذهلي، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من نسي الصلاة علي أخطأ طريق الجنة.

٢٣٧/٥٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويهرضي‌الله‌عنه ، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا سعد بن عبدالله، قال حدّثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سيف بن عميرة، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليه‌السلام ، عن آبائهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجبرئيلعليه‌السلام : أي البقاع أحب إلى الله (تبارك وتعالى)؟ قال: المساجد، وأحب أهلها إلى الله أولهم دخولا إليها وآخرهم خروجا منها.

قال: فأي البقاع أبغض إلى الله تعالى؟ قال: الاسواق، وأبغض أهلها إليه أولهم دخولا إليها، وآخرهم خروجا منها.

٢٣٨/٥١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا عبدالله بن أحمد بن مستورد، قال: حدّثنا عبدالله بن يحيى، قال: حدّثنا محمّد بن عثمان بن زيد ابن بكار بن الوليد الجهني، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول: من دخل سوقا فقال: « أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّداً عبده ورسوله، اللهم إني أعوذ بك من الظلم والمأثم والمغرم » كتب الله له من الحسنات عدد من فيها من فصيح وأعجم.

٢٣٩/٥٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدثني أحمد بن يوسف الجعفي، قال: حدّثنا محمّد بن حسان، قال: حدّثنا حفص بن راشد الهلالي، قال: حدّثنا محمّد بن عباد بن سريع البارقي، قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام

____________________

(١) في نسخة: المفضل.

١٤٥

يقول: لما ولد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولد ليلا، فأتى رجل من أهل الكتاب إلى الملا من قريش وهم مجتمعون: هشام بن المغيرة، ووليد بن المغيرة، وعتبة، وشيبة، فقال: أولد فيكم الليلة مولود؟ قالوا: لا، وما ذاك؟ قال: لقد ولد فيكم الليلة أو بفلسطين مولود اسمه أحمد، به شامة، يكون هلاك أهل الكتاب على يديه. فسألوا فأخبروا، فطلبوه فقالوا: لقد ولد فينا غلام. فقال: قبل أن آتيكم أو بعد؟ قالوا: قبل. قال: فانطلقوا معي أنظر إليه، فأتوا أمه وهو معهم، فأخبرتهم كيف سقط، وما رأت من النور، قال اليهودي: فأخرجيه، فنظر إليه ونظر إلى الشامة فخر مغشيا عليه، فأدخلته أمه، فلما أفاق قالوا له: ويلك مالك؟ قال ذهبت نبوة بني إسرائيل إلى يوم القيامة، هذا والله مبيرهم(١) ، ففرحت قريش لذلك، فلما رأى فرحهم قال: والله ليسطون بكم سطوة يتحدث بها أهل المشرق وأهل المغرب.

٢٤٠/٥٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالطيب الحسين بن محمّد التمار، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم الانباري، قال: حدّثنا أحمد بن عبيد، قال: حدّثنا عبد الرحيم بن قيس الهلالي، قال: حدّثنا العمري عن أبي وجزة السعدي، عن أبيه، قال: أوصى أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام إلى الحسن بن عليّعليه‌السلام فقال فيما أوصى به إليه: يا بني، لا فقر أشد من الجهل، ولا عدم أعدم من العقل، ولا وحدة أوحش من العجب، ولا حسب كحسن الخلق، ولا ورع كالكف عن محارم الله، ولا عبادة كالتفكر في صنعة الله (عزّوجلّ). يا بني، العقل خليل المرء، والحلم وزيره، والرفق والده، والصبر من خير جنوده. يا بني، إنه لابد للعاقل من أن ينظر في شأنه، فليحفظ لسانه، وليعرف أهل زما نه. يا بني، إن من البلاء الفاقة، وأشد من ذلك مرض البدن، وأشد من ذلك مرض

____________________

(١) أي مهلكهم.

١٤٦

القلب، وإن من النعم سعة المال، وأفضل من ذلك صحة البدن، وأفضل من ذلك تقوى القلوب.

يا بني، للمؤمن ثلاث ساعات: ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها بين نفسه ولذتها فيما يحل ويجمل، وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة لمعاد، أو لذة في غير محرم.

٢٤١/٥٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد ابن قولويهرحمه‌الله قال: حدثني محمّد بن يعقوب الكلينيرحمه‌الله ، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن حنان بن سدير الصيرفي، عن أبيه، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام ، قال: جلس جماعة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ينتسبون ويفتخرون، وفيهم سلمانرحمه‌الله فقال له عمر: ما نسبتك أنت يا سلمان، وما أصلك؟

فقال: أنا سلمان بن عبدالله، كنت ضالا فهداني الله بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهذا حسبي ونسبي يا عمر.

ثم خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فذكر له سلمان ما قال عمر، وما أجابه، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا معشر قريش، إن حسب المرء دينه، ومروء ته خلقه، وأصله عقله، قال الله (تعالى):( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ ) (١) ثم أقبل على سلمانرحمه‌الله فقال له: يا سلمان، إنه ليس لاحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله، فمن كنت أتقى منه فأنت أفضل منه.

٢٤٢/٥٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أبوعوانة

____________________

(١) سورة الحجرات ٤٩: ١٣.

١٤٧

موسى بن يوسف بن راشد الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى الاودي، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدّثنا فضيل بن الزبير، قال: حدّثنا أبوعبدالله مولى بني هاشم، عن أبي سخيلة، قال: حججت أنا وسلمان الفارسيرحمه‌الله فمررنا بالربذة، وجلسنا إلى أبي ذز الغفاريرحمه‌الله ، فقال لنا: إنه ستكون بعدي فتنة، ولابد منها، فعليكم بكتاب الله والشيخ عليّ بن أبي طالب فالزموهما، فأشهد على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أني سمعته وهو يقول: علي أول من آمن بي، وأول صدقني، وأول من يصافحني يوم القيامة، وهو الصد يق الاكبر، وهو فاروق هذه الامة يفرق بين الحق والباطل، وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين.

٢٤٣/٥٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن صفوان ابن يحيى، عن يعقوب بن شعيب، عن صالح بن ميثم التمار (رحمه الله عنه)، قال: وجدت في كتاب ميثمرضي‌الله‌عنه يقول: تمسينا ليلة عند أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فقال لنا: ليس من عبد امتحن الله قلبه بالايمان إلا أصبح يجد مودتنا على قلبه، ولا أصبح عبد ممن سخط الله عليه إلا يجد بغضنا على قلبه، فأصبحنا نفرح بحب المؤمن لنا، ونعرف بغض المبغض لنا، وأصبح محبنا مغتبطا بحبنا برحمة من الله ينتظرها كل يوم، وأصبح مبغضنا يؤسس بنيانه على شفا جرف هار، فكان ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنم، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت لاصحاب الرحمة، فهنيئا لاصحاب الرحمة رحمتهم، وتعسا لاهل النار مثواهم، إن عبدا لن يقصر في حبنا لخير جعله الله في قلبه، ولن يحبنا من يحب مبغضنا، إن ذلك لا يجتمع في قلب واحد و( مَّا جَعَلَ اللَّـهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) (١) يحب بهذا قوما، ويحب بالاخر عدوهم، والذي يحبنا فهو يخلص حبناكما يخلص الذهب لا غش فيه.

نحن النجباء وأفراطنا أفراط الانبياء، وأنا وصي الاوصياء، وأنا حزب الله

____________________

(١) سورة الاحزاب ٣٣: ٤.

١٤٨

ورسولهعليه‌السلام ، والفئة الباغية حزب الشيطان، فمن أحب أن يعلم حاله في حبنا فليمتحن قلبه، فإن وجد فيه حب من ألب علينا فليعلم أن الله عدوه وجبرئيل وميكائيل، والله عدو للكافرين.

٢٤٤/٥٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، عن فضالة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام قال: إنا وشيعتنا خلقنا من طينة من عليين، وخلق عدونا من طينة خبال من حمأ مسنون.

٢٤٥/٥٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن يوسف بن إبراهيم، قال: حدّثنا محمّد بن زياد، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمّد بن عبدة النيسابوري، قال: قلت لابي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام إن الناس يروون عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن في الليل ساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن بدعوة إلا استجيب له؟ قال: نعم.

قلت: متى هي، جعلت فداك؟ قال: ما بين نصف الليل إلى الثلث الباقي منه.

قلت له: أهي ليلة من الليالي معلومة، أوكل ليلة؟ قال: بل كل ليلة.

٢٤٦/٥٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى بن أبي سليمان بن زياد المروزي، قال: حدّثنا عبيدالله بن محمّد العيشي، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي هريرة: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: هذا شهر رمضان، وهو شهر مبارك، افترض الله (تعالى) صيامه، تفتح فيه أبواب الجنان، وتصفد فيه الشياطين، وفيه ليلة خير من ألف شهر، فمن حرمها فقد حرم، يردد ذلك ثلاث مرات.

٢٤٧/٦٠ - أخبرتم محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى بن أبي سليمان، قال: حدّثنا عبيدالله بن محمّد العيشي، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن محمّد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي

١٤٩

هريرة، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من صام شهر رمضان إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن صلى ليلة القدر إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدم من ذنبه.

٢٤٨/٦١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا عليّ بن الحسن بن فضال، عن الحسن بن عليّ بن يوسف، عن زكريا بن محمّد، عن أبي عبدالله المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: أربعة لا ترد لهم دعوة: الامام العادل لرعيته، والاخ لاخيه بظهر الغيب يوكل الله به ملكا يقول له: ولك مثل ما دعوت لاخيك، والوالد لولده، والمظلوم يقول الرب (عزّوجلّ): وعزتي وجلالي لانتقمن لك ولو بعد حين.

تمّ المجلس الخامس، ويتلوه المجلس السادس من أمالي الشيخ الجليل أبي جعفر الطوسي رحمة الله عليه ورضي عنه.

١٥٠

[ ٦ ]

المجلس السادس

فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان.

بسم الله الرحمن الرحيم

٢٤٩/١ - حدّثنا أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان (رحمه الله عنه)، قال: حدّثنا أبوحفص عمر بن محمّد، قال: حدّثنا أبوعبدالله الحسين بن إسماعيل، قال: حدّثنا عبدالله بن شبيب، قال: حدثني محمّد بن محمّد بن عبد العزيز، قال: وجدت في كتاب أبي، عن الزهري، عن عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباس، قال: وجدت حفصة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع أم إبراهيم في يوم عائشة، فقالت: لاخبرنها. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اكتمي ذلك وهي علي حرام، فأخبرت حفصة عائشة بذلك، فأعلم الله نبيهعليه‌السلام ، فعرف حفصة أنها أفشت سره فقالت له: من أنبأك هذا؟ قال: نبأني العليم الخبير، فآلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من نسائه شهرا، فأنزل الله (عزّاسمه)( إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّـهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ) (١) .

قال ابن عباس: فسألت عمر بن الخطاب من اللتان تظاهرتا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال: حفصة وعائشة.

____________________

(١) سورة التحريم ٦٦: ٤.

١٥١

٢٥٠/٢ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبونصر محمّد بن الحسين البصير، قال: حدّثنا العباس بن السري المقرئ، قال: حدّثنا شداد بن عبدالله المخزومي، عن عامر بن حفص، قال: قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه محمّد بن عروة، فدخل محمّد دار الدواب، فضربته دابة فخر ميتا، ووقعت في رجل عروة الاكلة(١) ، ولم تدع(٢) وركه تلك الليلة، فقال له الوليد: اقطعها، فقال: لا، فترقت إلى ساقة فقال له: اقطعها وإلا أفسدت عليك جسدك، فقطعها بالمنشار وهو شيخ كبير لم يمسكه أحد، وقال: لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا.

وقدم على الوليد في تلك السنة قوم من بني عبس فيهم رجل ضرير، فسأله الوليد عن عينه وسبب ذهابها، فقال: يا أميرالمؤمنين، بت ليلة في بطن واد، ولا أعلم عبسيا تزيد حاله على حالي، فطرقنا سيل، فذهب ماكان لي من أهل وولد ومال غير بعير وصبي مولود، وكان البعير صغيرا صعبا فند(٣) ، فوضعت الصبي، وأتبعت البعير، فلم أجاوز إلا قليلا حتّى سمعت صيحة ابني، فرجعت إليه وراس الذئب في بطنه يأكله، ولحقت البعير لاحتبسه فنفحني برجله في وجهي فحطمه وذهب بعيني، فأصبحت لا مال لي ولا أهل ولا ولد ولا بصر. فقالى الوليد: انطلقوا به إلى عروة ليعلم أن في الناس من هو أعظم منه بلاء.

وشخص عروة إلى المدينة فأتته قريش والانصار، فقال له عيسى بن طلحة بن عبيدالله: ابشر يا أبا عبدالله، فقد صنع الله بك خيرا، والله ما بك حاجة إلى المشي. فقال: ما أحسن ما صنع الله بي! وهب لي سبعة بنين فمتعني بهم ما شاء، ثم أخذ واحدا وترك ستة، ووهب لي ستة جوارح متعني بهن ما شاء ثم أخذ واحدة وترك خمسا: يدين، ورجلا وسمعا وبصرا. ثم قال: إلهي لئن كنت أخذت لقد أبقيت،

____________________

(١) الاكلة: الحكة، وداء في العضو يأتكل منه.

(٢) ودع يدع: سكن واستقر.

(٣) ند البعير: نفر وشرد.

١٥٢

وإن كنت ابتليت لقد عافيت.

٢٥١/٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد بن يوسف الجعفي، قال: حدّثنا الحسين بن محمّد، قال: حدّثنا أبي، عن آدم بن عيينة الهلالي، قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: كم من صبر ساعة قد أورث فرحا طويلا، وكم من لذة ساعة قد أورثت حزنأ طويلا.

٢٥٢/٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالطيب الحسين بن محمّد التمار، قال: حدّثنا عليّ بن ماهان، قال: حدّثنا الحارث بن محمّد بن داهر، قال: حدّثنا داود بن المحبر، قال: حدّثنا عباد بن كثير، عن سهيل بن عبدالله، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: سمعت أبا القاسم (صلوات الله عليه) يقول: استرشدوا العاقل، ولا تعصوه فتند موا.

٢٥٣/٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا الحسن بن جعفر، قال: حدثني عمي طاهر بن مدرك، قال: حدثني زر بن أنس، قال: سمعت جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: لا يكون المؤمن مؤمنا حتّى يكون كامل العقل، ولا يكون كامل العقل حتّى تكون فيه عشر خصال. الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، يستقل كثير الخير من نفسه، ويستكثر قليل الخير من غيره، ويستكثر قليل الشر من نفسه، ويستقل كثير الشر من غيره، ولا يتبرم بطلب الحوائج قبله، ولا يسأم من طلب العلم عمره، الذل أحب إليه من العز، والفقر أحب إليه من الغنى، حسبه من الدنيا قوت، والعاشرة وما العاشرة: لا يلقى أحدا إلا قال: هو خير مني وأتقى. إنما الناس رجلان: رجل خير منه وأتقى، وآخر شر منه وأدنى، فإذالقي الذي هو خير منه تواضع له ليلحق به، وإذا لقي الذي هو شرمنه وأدنى قال: لعل شر هذا ظاهر وخيره باطن، فإذا فعل ذلك علا وساد أهل زمانه.

٢٥٤/٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا الشريف الصالح أبومحمّد

١٥٣

الحسن بن حمزة العلوي الطبري الحسيني، قال: حدّثنا محمّد بن الفضل بن حاتم، المعروف بأبي بكر النجار الطبري الفقيه، قال: حدّثنا محمّد بن عبد الحميد، قال: حدّثنا داهر بن محمّد بن يحيى الاحمري، قال: حدّثنا المنذر بن الزبير، عن أبي ذر الغفاريرحمه‌الله قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تضادوا بعلي أحداً فتكفروا، ولا تفضلوا عليه أحدا فترتدوا.

٢٥٥/٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسين زيد بن محمّد بن جعفر السلمي إجازة، قال: حدّثنا أبوعبدالله الحسين بن الحكم الكندي، قال: حدّثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري، قال: حدّثنا خالد بن العلاء، عن المنهال بن عمرو، قال: كنت جالسا مع محمّد بن عليّ الباقرعليهما‌السلام إذ جاءه رجل فسلم عليه فرد عليه السلام، قال الرجل: كيف أنتم؟

فقال له محمّدعليه‌السلام : أوما آن لكم أن تعلموا كيف نحن، إنما مثلنا في هذه الامة مثل بني إسرائيل، كان يذبح أبناؤهم وتستحيا نساؤهم، ألا وإن هؤلاء يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا، زعمت العرب أن لهم فضلا على العجم، فقالت العجم: وبماذا؟ قالوا: كان محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عربيا. قالوا لهم: صدقتم، وزعمت قريش أن لها فضلا على غيرها من العرب، فقالت لهم العرب من غيرهم: وبما ذاك؟ قالوا: كان محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرشيا. قالوا لهم: صدقتم؟ فإن كان القوم صدقوا فلنا فضل على الناس، لانا ذرية محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأهل بيته خاصة وعترته، لا يشركه في ذلك غيرنا.

فقال له الرجل: والله إني لاحبكم أهل البيت. قال: فاتخذ للبلاء جلبابا، فوالله إنه لاسرع إلينا والى شيعتنا من السيل في الوادي، وبنا يبدأ البلاء ثم بكم، وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم.

٢٥٦/٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوأحمد إسماعيل بن يحيى العبسي، قال: حدّثنا أبوجعفر محمّد بن جرير الطبري، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل الضراري، قال: حدثني عبد السلام بن صالح الهروي، قال: حدّثنا الحسين

١٥٤

ابن الحسن الاشقر، قال: حدّثنا قيس بن الربيع، عن الاعمش، عن عباية بن ربعي الاسدي، عن أبي أيوب الانصاري، قال: مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرضة، فأتته فاطمةعليهما‌السلام تعوده، فلما رأت ما برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المرض والجهد استعبرت وبكت حتّى سألت دموعها على خديها، فقال لها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا فاطمة، إني لكرامة الله إياك زوجتك أقدمهم سلما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما، إن الله (تعالى) اطلع إلى أهل الارض إطلاعة فاختارني منها فبعثني نبيا، واطلع إليها ثانية فاختار بعلك فجعله وصيا.

فسرت فاطمةعليها‌السلام فاستبشرت، فأراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يزيدها مزيد الخير، فقال: يا فاطمة، إنا أهل بيت أعطينا سبعا لم يعطها أحد قبلنا ولا يعطاها أحد بعدنا: نبينا أفضل الانبياء وهو أبوك، ووصينا أفضل الاوصياء وهو بعلك، وشهيدنا أفضل الشهداء وهو عمك، ومنا من جعل الله له جناحين يطير بهما مع الملائكة وهو ابن عمك، ومنا سبطا هذه الامة وهما ابناك. والذي نفسي بيده لابد لهذه لامة من مهدي، وهو والله من ولدك.

٢٥٧/٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا محمّد بن أحمد بن عبيدالله المنصوري إجازة، قال: حدّثنا أبوالفضل محمود بن محمّد، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يزيد، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبان، قال: حدّثنا الاعمش، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان، عن سلمانرضي‌الله‌عنه ، قال: بايعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على النصح للمسلمين، والائتمام بعليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، والموالاة له.

٢٥٨/١٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني محمّد بن أحمد بن عبيدالله المنصوري، قال: حدّثنا سليمان بن سهل، قال: حدّثنا عيسى بن إسحاق القرشي، قال: حدّثنا حمدان بن عليّ الخفاف، قال: حدّثنا عاصم بن حميد، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام ، عن أبيه عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، عن محمّد بن عمار بن ياسر، عن أبيه عماررضي‌الله‌عنه ، قال: لما مرضت فاطمةعليها‌السلام مرضها الذي توفيت فيه وثقلت، جاءها العباس بن

١٥٥

عبد المطلبرضي‌الله‌عنه عائدا، فقيل له: إنها ثقيلة، وليس يدخل عليها أحد، فانصرف إلى داره، فأرسل إلى عليّعليه‌السلام فقال لرسوله: قل له: يابن أخ، عمك يقرئك السلام، ويقول لك: قد فجأني من الغم بشكاة حبيبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقرة عينه وعيني فاطمة ما هدني، وإني لاظنها أولنا لحوقا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله يختار لها ويحبوها ويزلفها لديه، فإن كان من أمرها ما لابد منه، فاجمع - أنا لك الفداء - المهاجرين والانصار حتّى يصيبوا الاجر في حضورها والصلاة عليها، وفي ذلك جمال للد ين. فقال عليّعليه‌السلام لرسوله وأنا حاضر عنده: أبلغ عمي السلام، وقل: لا عدمت إشفاقك وتحننك، وقد عرفت مشورتك ولرأيك فضله، إن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تزل مظلومة من حقها ممنوعة، وعن ميراثها مدفوعة، لم تحفظ فيها وصية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولا رعي فيها حقه، ولا حق الله (عزّوجلّ)، وكفى بالله حاكما ومن الظالمين منتقما، وإني أسألك يا عم أن تسمح لي بترك ما أشرت به، فإنها وصتني بستر أمرها.

قال: فلما أتى العباس رسوله بما قاله عليّعليه‌السلام قال: يغفر الله لابن أخي، فإنه لمغفور له، إن رأي ابن أخي لا يطعن فيه، إنه لم يولد لعبد المطلب مولود أعظم بركة من علي إلا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إن عليا لم يزل أسبقهم إلى كل مكرمة، وأعلمهم بكل قضية، وأشجعهم في الكريهة، وأشدهم جهادا للاعداء في نصرة الحنيفية، وأول من آمن بالله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٢٥٩/١١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا محمّد بن القاسم الحارثي، قال: حدّثنا أحمد بن صبيح، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل الهمداني، عن الحسين بن مصعب، قال: سمعت جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول: من أحبنا لله، وأحب محبنا لا لغرض دنيا يصيبها منه، وعادى عدونا لا لا حنة(١)

____________________

(١) الاحنة: الحقد والعداوة.

١٥٦

كانت بينه وبينه، ثم جاء يوم القيامة وعليه من الذنوب مثل رمل عالج وزبد البحر، غفرها الله (تعالى) له.

٢٦٠/١٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن عبيد، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد، قال: حدّثنا أبي، عن محمّد بن المثنى الازدي: أنه سمع أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام يقول: نحن السبب بينكم وبين الله (عزّوجلّ).

٢٦١/١٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، عن أبي بكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى، قال: حدّثنا أسيد بن زيد، عن محمّد بن مروان، عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بكروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتخطاها.

٢٦٢/١٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسين محمّد بن المظفر البزاز، قال: حدّثنا الحسن بن رجاء، قال: حدّثنا عبيدالله بن سليمان، عن محمّد بن عليّ العطار، عن هارون بن أبي بردة، عن عبيدالله بن موسى، عن المبارك بن حسان، عن عطية، عن ابن عباس، قال: قيل: يا رسول الله، أي الجلساء خير؟ قال: من ذكركم بالله رؤيته، وزادكم في علمكم منطقه، وذكركم بالاخرة عمله.

٢٦٣/١٥ - حدثني محمّد بن محمّد، قال: حدثني أبوحفص عمربن محمّد الصيرفي، قال: حدثني عليّ بن مهرويه القزويني، قال: حدثني داود بن سليمان الغازي، قال: حدّثنا الرضا عليّ بن موسىعليه‌السلام ، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين ابن علي، عن أميرالمؤمنينعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ثلاثة أخافهن على أمتي: الضلالة بعد المعرفة، ومضلات الفتن، وشهوة البطن والفرج.

٢٦٤/١٦ - أخبرني محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا الحسن بن

١٥٧

عتبة، قال: حدّثنا أحمد بن النضر، قال: حدّثنا محمّد بن الصامت الجعفي، قال: كنا عند أبي عبداللهعليه‌السلام وعنده قوم من البصريين، فحدثهم بحديث أبيه عن جابر ابن عبدالله في الحج أملاه عليهم، فلما قاموا قال أبوعبداللهعليه‌السلام : إن الناس أخذوا يمينا وشمالا، وإنكم لزمتم صاحبكم، فإلى أين ترون يرد بكم؟ إلى الجنة، والله إلى الجنة، والله إلى الجنة، والله.

٢٦٥/١٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوحفص عمر بن محمّد الصيرفي، قال: حدّثنا أبوعبدالله الحسين بن إسماعيل الضبي، قال: حدّثنا عبدالله بن شبيب، قال: حدثني إسماعيل ابن أبي أويس، قال: حدثني إسحاق بن يحيى، عن أبي بردة الاسلمي، عن أبيه، قال: كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا صلى الصبح رفع صوته حتّى يسمع أصحابه يقول: « اللهم اصلح لي ديني الذي جعلته لي عصمة » ثلاث مرات، « اللهم اصلح لي دنياي التي جعلت فيها معاشي » ثلاث مرات، « اللهم اصلح لي آخرتي التي جعلت إليها مرجعي » ثلاث مرات، « اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بعفوك من نقمتك » ثلاث مرات، « اللهم إني أعوذ بك منك، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد » .

٢٦٦/١٨ - أخبرني محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن بابويهرحمه‌الله قال: حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الأسدي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر الجعفي، قال: قال أبوعبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : إن الله (تعالى) ضمن للمؤمن ضمانا. قال: قلت: وما هو؟ قال: ضمن له إن أقر لله بالربوبية، ولمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوة، ولعليّعليه‌السلام بالامامة، وأدى ما افترض عليه، أن يسكنه في جواره.

قال: فقلت: هذه والله هي الكرامة التي لا يشبهها كرامة الادميين. ثم قال أبوعبداللهعليه‌السلام : اعملوا قليلا تنعموا كثيرا.

٢٦٧/١٩ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن بلال

١٥٨

المهلبي، قال: حدّثنا مزاحم بن عبد الوارث بن عباد البصري بمصر، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا الغلابي، قال: حدّثنا العباس بن بكار، قال: حدّثنا أبوبكر الهذلي، عن عكرمة، عن ابن عباس.

قال الغلابي: وحدّثنا أحمد بن محمّد الواسطي، قال: حدّثنا محمّد بن صالح ابن النطاح ومحمّد بن الصلت الواسطي، قالا: حدّثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس.

قال: وحدّثنا أبوعيسى عبيدالله بن الفضل الطائي، قال: حدّثنا الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن عمربن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: حدثني محمّد بن سلام الكوفي، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد الواسطي، قال: حدّثنا محمّد بن صالح، ومحمّد بن الصلت، قالا: حدّثنا عمر بن يونس اليمامي، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال: دخل الحسين بن عليّعليهما‌السلام على أخيه الحسن بن عليّعليهما‌السلام في مرضه الذي توفي فيه، فقال له: كيف تجدك يا أخي؟ قال: أجدني في أول يوم من أيام الاخرة وآخر يوم من أيام الدنيا، واعلم أني لا أسبق أجلي، وأني وارد على أبي وجديعليهما‌السلام ، على كره مني لفراقك وفراق إخوتك وفراق الاحبة، واستغفر الله من مقالتي هذه وأتوب إليه، بل على محبة مني للقاء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ولقاء فاطمة وحمزة وجعفرعليهم‌السلام ، وفي الله (عزّوجلّ) خلف من كل هالك، وعزاء من كل مصيبة، ودرك من كل ما فات.

رأيت يا أخي كبدي آنفا في الطست، ولقد عرفت من دهاني، ومن أين أتيت، فما أنت صانع به يا أخي؟ فقال الحسينعليه‌السلام : أقتله والله.

قال: فلا أخبرك به أبدا حتّى نلقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولكن اكتب: « هذا ما أوصى به الحسن بن عليّ إلى أخيه الحسين بن علي، أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنه يعبده حق عبادته، لا شريك له في الملك، ولاولي له من الذل، وأنه خلق كل شئ فقدره تقديرا، وأنه أولى من عبد وأحق من حمد، من

١٥٩

أطاعه رشد، ومن عصاه غوى، ومن تاب إليه اهتدى.

فإني أوصيك يا حسين بمن خلفت من أهلي وولدي وأهل بيتك، أن تصفح عن مسيئهم، وتقبل من محسنهم، وتكون لهم خلفا و والداً، وأن تدفنني مع جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإني أحق به وببيته ممن أدخل بيته بغير إذنه ولا كتاب جاءهم من بعده، قال الله (تعالى) فيما أنزله على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كتابه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النبيّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (١) فوالله ما أذن لهم في الدخول عليه في حياته بغير إذنه، ولا جاءهم الاذن في ذلك من بعد وفاته، ونحن مأذون لنا في التصرف فيما ورثناه من بعده، فإن أبت عليك الامرأة فأنشدك بالقرابة التي قرب الله (عزّوجلّ) منك، والرحم الماسة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن لا تهريق في محجمة(٢) من دم حتّى نلقى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنختصم إليه، ونخبر بما كان من الناس إلينا بعده » ثم قبضعليه‌السلام .

قال ابن عباس: فدعاني الحسينعليه‌السلام وعبدالله بن جعفر وعليّ بن عبدالله بن العباس فقال: اغسلوا ابن عمكم، فغسلناه وحنطناه وألبسناه أكفانه، ثم خرجنا به حتّى صلينا عليه في المسجد، وإن الحسينعليه‌السلام أمر أن يفتح البيت، فحال دون ذلك مروان بن الحكم وآل أبي سفيان ومن حضر هناك من ولد عثمان بن عفان، وقالوا: أيدفن أميرالمؤمنين عثمان الشهيد القتيل ظلما بالبقيع بشر مكان ويدفن الحسن مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ! والله لا يكون ذلك أبدا حتّى تكسر السيوف بيننا وتنقصف الرماح وينفد النبل.

فقال الحسينعليه‌السلام : أما والله الذي حرم مكة للحسن بن عليّ بن فاطمة أحق برسول الله وبيته ممن أدخل بيته بغير إذنه، وهو والله أحق به من حمال الخطايا، مسير أبي ذررحمه‌الله ، الفاعل بعمار ما فعل، وبعبدالله ما صنع، الحامي الحمى،

____________________

(١) سورة الاحزاب ٣٣: ٥٣.

(٢) المحجمة: أداة الحجم، والقارورة التي يجمع فيها دم الحجامة.

١٦٠

المؤوي لطريد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لكنكم صرتم بعده الامراء، وبايعكم على ذلك الاعداء وأبناء الاعداء.

قال: فحملناه، فأتينا به قبر أمه فاطمةعليها‌السلام فدفناه إلى جنبها (رضي الله عنه وأرضاه).

قال ابن عباس: وكنت أول من انصرف فسمعت اللغط وخفت أن يعجل الحسينعليه‌السلام على من قد أقبل، ورأيت شخصا علمت الشر فيه، فأقبلت مبادرا فإذا أنا بعائشة في أربعين راكبا على بغل مرحل تقدمهم وتأمرهم بالقتال، فلما رأتني قالت: إلي إلي يابن عباس، لقد اجترأتم علي في الدنيا تؤذونني مرة بعد أخرى، تريدون أن تدخلوا بيتي من لا أهوى ولا أحب.

فقلت: واسوأتاه! يوم على بغل، ويوم على جمل، تريدين أن تطفئي فيه نور الله، وتقاتلي أولياء الله، وتحولي بين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين حبيبه أن يدفن معه، ارجعي فقد كفى الله (تعالى) المؤنة، ودفن الحسن إلى جنب أمه، فلم يزدد من الله (تعالى) إلا قربا، وما ازددتم منه والله إلا بعدا، يا سوأتاه! انصرفي فقد رأيت ما سرك.

قال: فقطبت في وجهي، ونادت بأعلى صوتها: أما نسيتم الجمل يابن عباس، إنكم لذووا أحقاد. فقلت: أما والله ما نسيه أهل السماء، فكيف ينساه أهل الارض؟! فانصرفت وهي تقول:

فألقت عصاها فاستقرت بها النوى

كما قرعينا بالاياب المسافر

٢٦٨/٢٠ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن. قولويهرحمه‌الله ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن أبي محمّد الانصاري، عن معاوية بن وهب، قال: كنت جالسا عند جعفر بن محمّدعليهما‌السلام إذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته. فقال له أبوعبدالله: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، يا شيخ ادن مني، فدنا منه فقبل يده فبكى، فقال له أبوعبداللهعليه‌السلام : وما يبكيك يا شيخ؟

قال له: يابن رسول الله، أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مائة سنة، أقول

١٦١

هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم، ولا أراه فيكم، فتلومني أن أبكي! قال: فبكى أبوعبداللهعليه‌السلام ثم قال: يا شيخ، إن أخرت منيتك كنت معنا، وإن عجلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . فقال الشيخ: ما أبالي ما فاتني بعد هذا يابن رسول الله.

فقال له أبوعبداللهعليه‌السلام : يا شيخ، إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله المنزل، وعترتي أهل بيتي، تجئ وأنت معنا يوم القيامة.

قال: يا شيخ، ما أحسبك من أهل الكوفة. قال: لا. قال: فمن أين أنت؟ قال: من سوادها جعلت فداك.

قال: أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسينعليه‌السلام ؟ قال: إني لقريب منه. قال: كيف إتيانك له؟ قال: إني لاتيه وأكثر.

قال: يا شيخ، ذاك دم يطلب الله (تعالى) به، ما أصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسينعليه‌السلام ، ولقد قتلعليه‌السلام في سبعة عشر من أهل بيته، نصحوا لله وصبروا في جنب الله، فجزاهم أحسن جزاء الصابرين، إنه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه الحسينعليه‌السلام ويده على رأسه بقطر دما فيقول: يا رب، سل أمتي فيم قتلوا ولدي.

وقالعليه‌السلام : كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسينعليه‌السلام .

٢٦٩/٢١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن خالد المراغي، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين بن سفيان الكوفي الهمداني، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن سليمان الحضرمي، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: حدّثنا الوليد بن أبي ثور، قال: حدّثنا محمّد بن سليمان، قال: حدثني عمي، قال: لما خفنا أيام الحجاج، خرج نفر منا من الكوفة مستترين، وخرجت معهم فصرنا إلى كربلاء، وليس بها موضع نسكنه، فبنينا كوخا على شاطئ الفرات وقلنا ناوي إليه، فبينا نحن

١٦٢

فيه إذ جاءنا رجل غريب فقال: أصير معكم في هذا الكوخ الليلة فإني عابر سبيل، فأجبناه وقلنا غريب منقطع به.

فلما غربت الشمس وأظلم الليل أشعلنا، فكنا نشعل بالنفط، ثم جلسنا نتذاكر أمر الحسين بن عليّعليهما‌السلام ومصيبته وقتله ومن تولاه، فقلنا: ما بقي أحد من قتلة الحسين إلا رماه الله ببلية في بدنه. فقال ذلك الرجل: فأنا قد كنت فيمن قتله، والله ما أصابني سوء، له، وإنكم يا قوم تكذبون؟ فأمسكنا عنه، وقل ضوء النفط، فقام ذلك الرجل ليصلح الفتيلة باصبعه، فأخذت النار كفه، فخرج ونادى حتّى ألقى نفسه في الفرات يتغوص به، فوالله لقد رأيناه يدخل رأسه في الماء والنار على وجه الماء، فإذا أخرج رأسه سرت النار إليه فتغوصه إلى الماء، ثم يخرجه فتعود إليه، فلم يزل ذلك دأبه حتّى هلك.

٢٧٠/٢٢ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: حدثني أبوالقاسم جعفر بن محمّد ابن قولويهرحمه‌الله ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني سعد بن عبدالله، قال: حدثني أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن منصوربزرج، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، في قول الله (عزّوجلّ):( وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) (١) .

قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والعلامات الائمّة من بعدهعليهم‌السلام .

٢٧١/٢٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمّد ابن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن صالح بن حمزة، عن الحسين بن عبدالله، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة: أن أميرالمؤمنينعليه‌السلام قال لاصحابه: اعلموا يقينا أن الله (تعالى) لم يجعل للعبد - وإن عظمت حيلته، واشتد طلبه، وقويت مكائده - أكثر مما سنى له في الذكر الحكيم، فالعارف بهذا العاقل له أعظم الناس راحة في منفعته، والتارك له أعظم الناس شغلا

____________________

(١) سورة النحل ١٦: ١٦.

١٦٣

في مضرته، والحمد لله رب العالمين. ورب منعم عليه مستدرج، ورب مبتلى عند الناس مصنوع له، فأبق أيها المستمع من سعيك، وقصر من عجلتك، واذكر قبرك ومعادك، فإن إلى الله مصيرك، وكما تدين تدان.

٢٧٢/٢٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوحفص عمر بن محمّد، قال: حدّثنا عليّ بن مهرويه القزويني، قال: حدّثنا داود بن سليمان الغازي، قال: حدّثنا الرضا عليّ بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وقاتلهم وعلى المعترض عليهم والساب لهم،( أُولَـٰئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّـهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (١) .

٢٧٣/٢٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، قال: حدّثنا أبوعلي محمّد بن همام، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن مسعدة، قال: حدثني جدي مسعدة بن صدقة، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: والله لا يهلك هالك على حب عليّعليه‌السلام إلا رآه في أحب المواطن إليه، والله لا يهلك هالك على بغض عليّعليه‌السلام إلا رآه في أبغض المواطن إليه.

٢٧٤/٢٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن الحسين البصري البزاز، قال: حدّثنا أبوعلي أحمد بن عليّ بن مهدي، عن أبيه، عن الرضا علي ابن موسى، عن أبيه، عن جده، عن آبائه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حبنا أهل البيت يكفر الذنوب، ويضاعف الحسنات، وإن الله (تعالى) ليتحمل عن محبينا أهل البيت ما عليهم من مظالم العباد، إلا ماكان منهم فيها على إصرار وظلم للمؤمنين،

____________________

(١) سورة آل عمران ٣: ٧٧.

١٦٤

فيقول للسيئات: كوني حسنات.

٢٧٥/٢٧ - أخبرني محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن المظفر بن محمّد الخراساني، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر العلوي الحسيني، قال: حدّثنا الحسن ابن محمّد بن جمهور العمي، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام قال: أوحى الله إلى موسى بن عمرانعليه‌السلام : أتدري يا موسى، لم انتجبتك من خلقي، واصطفيتك لكلامي؟ فقال: لا، يا رب، فأوحى الله إليه: أني اطلعت إلى الارض فلم أجد عليها أشد تواضعا لي منك، فخر موسى ساجدا وعفر خديه في التراب تذللا منه لربه (عزّوجلّ)، فأوحى الله إليه: ارفع رأسك يا موسى، وامر يدك موضع سجودك، وامسح بها وجهك وما نالته من بدنك، فإنه أمان من كل سقم دواء وآفة وعاهة.

٢٧٦/٢٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني القاضي أبوبكر محمّد بن عمر المعروف بالجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: أخبرنا محمّد بن يوسف بن إبراهيم الورداني، قال: حدّثنا أبي، قال: حدّثنا وهيب بن حفص، عن أبي حسان العجلي، قال: لقيت أمة الله بنت رشيد الهجري فقلت لها: أخبريني بما سمعت من أبيك. قالت: سمعته يقول: قال لي حبيبي أميرالمؤمنينعليه‌السلام : يا رشيد، كيف صبرك إذا أرسل إليك دعي بني أمية فقطع يديك ورجليك ولسانك؟ فقلت: يا أميرالمؤمنين، أيكون آخر ذلك إلى الجنة؟ قال: نعم يا رشيد، وأنت معي في الدنيا والآخرة.

قالت: فوالله ما ذهبت الا يام حتّى أرسل إليه الدعي عبيدالله بن زياد، فدعاه إلى البراءة من أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، فأبى أن يتبرأ منه، فقال له ابن زياد: فبأي ميتة قال لك صاحبك تموت؟ قال: أخبرني خليلي صلوات الله عليه أنك تدعوني إلى البراءة منه فلا أتبرأ، فتقدمني فتقطع يدي ورجلي ولساني.

فقال: والله لاكذبن صاحبك، قدمره فاقطعوا يده ورجله واتركوا لسانه، فقطعوه ثم حملوه إلى منزلنا فقلت له: يا أبه جعلت فداك، هل تجد لما أصابك ألما؟ قال:

١٦٥

والله لا يا بنية إلاكالزحام بين الناس.

ثم دخل عليه جيرانه ومعارفه يترجعون له فقال: إئتوني بصحيفة ودواة أذكر لكم ما يكون مما أعلمنيه مولاي أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، فأتوه بصحيفة ودواة، فجعل يذكر ويملي عليهم أخبار الملاحم والكائنات ويسندها إلى أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، فبلغ ذلك ابن زياد فأرسل إليه الحجام حتّى قطع لسانه، فمات من ليلته تلكرحمه‌الله ، وكان أمير المزمنبنعليه‌السلام يسميه رشيد المبتلى، وكان قد ألقىعليه‌السلام إليه علم البلايا والمنايا، فكان يلقى الرجل فيقول له: يا فلان بن فلان تموت ميتة كذا، وأنت يا فلان تقتل قتلة كذا، فيكون الامر كما قاله رشيدرحمه‌الله .

٢٧٧/٢٩ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوالطيب الحسين بن محمّد التمار، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى بن سلمان، قال: حدّثنا يحيى بن داود، قال: حدّثنا جعفر بن إسماعيل، قال: أخبرنا عمرو بن أبي عمرو، عن المقبري، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر.

٢٧٨/٣٠ - حدّثنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوحفص عمربن محمّد، قال: حدّثنا عليّ بن مهرويه القزويني، قال: حدثنا داود بن سليمان، قال: حدّثنا الرضا عليّ بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن أبي طالب أميرالمؤمنينعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال الله (عزّوجلّ): يا بن آدم، كلكم ضال إلا من هديت، وكلكم عائل إلا من أغنيت، وكلكم هالك إلا من أنجيت، فاسألوني أكفكم وأهدكم سبيل رشدكم، فإن من عبادي المؤمنين من لا يصلحه إلا الفاقة ولر أغنيته لافسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الصحة ولو أمرضته لا فسده ذلك، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا المرض ولو أصححت جسمه لافسده ذلك، وإن من عبادي لمن يجتهد في عبادتي وقيام الليل لي، فألقي عليه النعاس نظرا

١٦٦

مني له، فيرقد حثى يصبح ويقوم حين يقوم وهو ماقت لنفسه زار عليها، ولو خليت بينه وبين ما يريد لدخله العجب بعمله، ثم كان هلاكه في عجبه ورضاه من نفسه، فيظن أنه قد فاق العابدين وجاز باجتهاده حد المقصرين فيتباعد بذلك مني، وهو يظن أنه يتقرب إلي، فلا يتكل العاملون على أعمالهم وإن حسنت، ولا ييأس المذنبون من مغفرتي لذنوبهم وإن كثرت، لكن برحمتي فليثقوا، ولفضلي فليرجوا، وإلى حسن نظري فليطمئنوا، وذلك أني أدبر عبادي بما يصلحهم، وأنا بهم لطيف خبير.

٢٧٩/٣١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوجعفر محمّد بن الحسين البزوفريرحمه‌الله عن أبيه الحسين بن عليّ بن سفيان، قال: حدّثنا عبدالله بن زيدان البجلي، قال: حدّثنا الحسن بن أبي عاصم، قال: حدّثنا عيسى بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سلم علي في شئ من الارض أبلغتة، ومن سلم علي عند القبر سمعته.

٢٨٠/٣٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن حفص بن غياث، قال: قال أبوعبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام : من تعلم لله، وعمل لله، وعلم لله، دعي في ملكوت السماوات عظيما، فقيل: تعلم لله، وعمل لله، وعمل لله(١) .

٢٨١/٣٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدثني أبوحفص عمربن محمّد بن عليّ ابن الزيات، قال: أخبرني أبوعبدالله الحسين بن يحيى بن العباس التمار، قال: حدّثنا الحسن بن عبيدالله، قال: حدّثنا يزيد بن هارون، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن عليّ بن زيد، عن أبي عثمان، قال: كنا مع سلمان الفارسيرحمه‌الله تحت شجرة،

____________________

(١) تقدم في الحديث: ٥٨.

١٦٧

فأخذ غصنا منها، فنفضه فتساقط ورقه، فقال: ألا تسألوني عما صنعت؟ فقلنا: خبرنا، فقال: كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ظل شجرة فأخذ غصنا منها، فنفضه فتساقط ورقه، فقال: ألا تسألوني عما صنعت؟ فقلنا: أخبرنا، يا رسول الله، قال: إن العبد المسلم إذا قام إلى الصلاة تحاتت(١) عنه خطاياه، كما تحات ورق هذه الشجرة.

٢٨٢/٣٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، قال: حدّثنا محمّد بن يعقوب الكليني، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن خالد الطيالسي، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّد يقول: لم يزل الله (جل اسمه) عالما بذاته ولا معلوم، ولم يزل قادرا بذاته ولا مقدور.

قلت له: جعلت فداك، فلم يزل متكلما؟ فقال: الكلام فحدث، كان الله (عزّوجلّ) وليس بمتكلم، ثم أحدث الكلام.

٢٨٣/٣٥ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي، قال: حدّثنا إسماعيل بن صبيح، عن يحيى بن مساور، عن عليّ بن حزور، عن الهيثم بن عوف، عن خالد بن عرعرة، قال: سمعت علياعليه‌السلام يقول: إن بالكوفة مساجد مباركة، ومساجد ملعونة، فأما المباركة فمنها مسجد غني وهو مسجد مبارك، والله إن قبلته لقاسطة، ولقد أسسه رجل مؤمن، وإنه لفي سرة الارض، وإن بقعته لطيبة، ولا تذهب الليالي والا يام حتّى تنفجر فيه عيون، ويكون على جنبه جنتان، وإن أهله ملعونون وهو مسلوب منهم. ومسجد جعفي مسجد مبارك، وربما اجتمع فيه أناس من العرب من أوليائنا فيصلون فيه. ومسجد بني ظفر مسجد مبارك، والله إن فيه لصخرة خضراء، وما بعث الله نبي إلا فيها تمثال وجهه، وهو مسجد السهلة. ومسجد الحمراء وهو مسجد يونس بن متىعليه‌السلام ، ولتنفجرن

____________________

(١) أي تناثرت.

١٦٨

فيه عين تظهر على السبخة وما حولها.

وأما المساجد الملعونة فمسجد الاشعث بن قيس، ومسجد جرير بن عبدالله البجلي، ومسجد ثقيف، ومسجد سماك، ومسجد بالحمراء بني على قبر فرعون من الفرا عنة.

٢٨٤/٣٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن محمّد الكاتب، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عبد الكريم الزعفراني، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا عبيدالله بن إسحاق الضبي، عن حمزة بن نصر، عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي، قال: لما رجعت رسل أميرالمؤمنينعليه‌السلام من عند طلحة والزبير وعائشة، يؤذنونه بالحرب، قام فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على محمّد وآله، ثم قال:

يا أيها الناس، إني قد راقبت هؤلاء القوم كيما يرعووا(١) أو يرجعوا، وقد وبختهم بنكثهم وعرفتهم بغيهم، فليسوا يستجيبون، ألا وقد بعثوا إلي أن ابرز للطعان، واصبر للجلاد، فإنما منتك نفسك من أبنائنا الاباطيل، هبلتهم الهبول(٢) ، قد كنت وما أهدد بالحرب ولا أرهب بالضرب، وأنا على ما وعدني ربي من النصر والتأيبد والظفر، وإني لعلى يقين من ربي، وفي غير شبهة من أمري.

أيها الناس، إن الموت لا يفوته المقيم، ولا يعجزه الهارب، ليس عن الموت محيص، من لم يمت يقتل، إن أفضل الموت القتل، والذي نفس ابن أبي طالب بيده لالف ضربة بالسيف أهون علي من موت على فراش.

يا عجبا لطلحة، ألب على ابن عفان حتّى إذا قتل أعطاني صفقة يمينه طائعا، ثم نكث بيعتي، وطفق ينعى ابن عفان ظالما، وجاء يطلبني يزعم بدمه، والله ما صنع في أمر عثمان واحدة من ثلاث: لئن كان ابن عفان ظالما، كما كان يزعم حين حصره

____________________

(١) أي يكفوا.

(٢) هبلتهم: ثكلتهم، والهبول: المرأة الثكول.

١٦٩

وألب عليه، إنه لينبغي أن يؤازر قاتليه وأن ينابذ ناصريه، وإن كان في تلك الحال مظلوما، إنه لينبغي أن يكون معه، وإن كان في شك من الخصلتين، لقد كان ينبغي أن يعتزله ويلزم بيته ويدع الناس جانبا، فما فعل من هذه الخصال واحدة، وها هو ذا قد أعطاني صفقة يمينه غير مرة ثم نكث بيعته، اللهم فخذه ولا تمهله.

ألا وإن الزبير قطع رحمي وقرابتي، ونكث بيعتي، ونصب لي الحرب، وهو يعلم أنه ظالم لي، اللهم فاكفنيه بما شئت.

٢٨٥/٣٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن مالك النحوي، قال: حدّثنا الحسين بن عطاء الصواف، قال: حدّثنا محمّد بن سعيد النصري، قال: حدّثنا أبوعبدالرحمن الاصباغي، عن عطاء بن مسلم، عن الحسن بن أبي الحسن البصري، قال: كنت غازيا زمن معاوية بخراسان، وكان علينا رجل من التابعين فصلى بنا يوما الظهر، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أيها الناس، إنه قد حدث في الاسلام حدث عظيم، لم يكن منذ قبض الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مثله، بلغني أن معاوية قتل حجرا وأصحابه، فإن يك عند المسلمين غيرفسبيل ذلك، له وإن لم يكن عندهم غير فأسأل الله أن يقبضني إليه، وأن يعجل ذلك. قال الحسن بن أبي الحسن: فلا والله ما صلى بنا صلاة غيرها حتّى سمعنا عليه الصياح.

٢٨٦/٣٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني القاضي أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا الحسن ابن القاسم، عن عليّ بن إبراهيم بن يعلى التيمي، قال: حدثني عليّ بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام ، قال: قال أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام : ما نزلت آية إلا وأنا عالم متى نزلت، وفي من أنزلت، ولو سألتموني عما بين اللوحين لحدثتكم.

٢٨٧/٣٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالحسن عليّ بن مالك

١٧٠

النحوي، قال: أخبرني أبوالحسن(١) أحمد بن عليّ المعدل بحلب، قال: حدّثنا عثمان بن سعيد، قال: حدّثنا محمّد بن سليمان الاصفهاني، قال: حدّثنا عمربن قيس المكي، عن عكرمة صاحب ابن عباس، قال: لما حج معاوية نزل المدينة فاستؤذن لسعد بن أبي وقاص عليه، فقال لجلسائه: إذا أذنت لسعد وجلس فخذوا من عليّ بن أبي طالب، فإذن له، وجلس معه على السرير.

قال: وشتم القوم أميرالمؤمنين (صلوات الله عليه)، فانسكبت عينا سعد بالبكاء، فقال له معاوية: ما يبكيك يا سعد؟ أتبكي أن يشتم قاتل أخيك عثمان بن عفان؟ قال: والله ما أملك البكاء، خرجنا من مكة مهاجرين حتّى نزل هذا المسجد - يعني مسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وكان فيه مبيتنا ومقيلنا، إذ أخرجنا منه وترك عليّ بن أبي طالب فيه، فاشتد ذلك علينا وهبنا نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن نذكر ذلك له، فأتينا عائشة فقلنا: يا أم المؤمنين، إن لنا صحبة مثل صحبة علي، وهجرة مثل هجرته، وإنا قد أخرجنا من المسجد وترك فيه، فلا ندري من سخط من الله، أو من غضب من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ فاذكري له ذلك فانا نهابه، فذكرت ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال لما: يا عائشة، لا والله ما أنا أخرجتهم، ولا أنا أسكنته، بل الله أخرجهم وأسكنه.

وغزونا خيبر فانهزم عنها من انهزم فقال نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لاعطين الراية اليوم رجلا يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فدعاه وهو أرمد فتفل في عينه وأعطاه الراية ففتح الله له.

وغزونا تبوك مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فودع علي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ثنية الوداع وبكى، فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما يبكيك؟ فقال كيف لا أبكي ولم أتخلف عنك في غزاة منذ بعثك الله (تعالى)، فما بالك تخلفني في هذه الغزاة؟ فقال له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟ فقال عليّعليه‌السلام : بل رضيت.

____________________

(١) في نسخة: الحسين.

١٧١

٢٨٨/٤٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: أخبرنا الحسن بن القاسم، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن يعلى التيمي، قال: حدّثنا عليّ بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، عن عبدالرحمن بن سيابة، عن حمران بن أعين، عن أبي حرب بن أبي الاسود الدؤلي، عن أبيه، قال: سمعت أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام يقول: والله لاذودن بيدي هاتين القصيرتين عن حوض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعداءنا، ولاوردنه(١) أحباءنا.

٢٨٩/٤١ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا القاضي أبوبكر محمّد بن عمر، عن أبي العباس أحمد بن محمّد، عن يحيى بن زكريا بن شيبان، عن الحسين بن سفيان، قال: حدثني أبي، قال: حدّثنا محمّد بن المشمعل، قال: حدّثنا أبوحمزة الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ بن الحسينعليهم‌السلام قال: من دعا الله بنا أفلح، ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك.

٢٩٠/٤٢ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن إبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليه‌السلام ، قال: إذا دعا أحدكم فليبدأ. بالصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإن الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مقبولة، ولم يكن الله ليقبل بعض الدعاء ويرد بعضا.

٢٩١/٤٣ - حدّثنا أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمان، قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه محمّد بن الحسن، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان ابن عثمان، عن بحر السقاء، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: إن من روح الله (تعالى) ثلاثة: التهجد بالليل، وإفطار الصائم، ولقاء الاخوان.

____________________

(١) في نسخة: وليردنه.

١٧٢

٢٩٢/٤٤ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا القاضي أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أحمد ابن عبد الحميد، قال: حدّثنا محمّد بن عمرو بن عتبة، قال: حدّثنا الحسن بن المبارك، قال: حدّثنا العباس بن عامر، عن مالك الاحمسي، عن سعد بن طريف، عن الاصبغ ابن نباتة، قال: كنت أركع عند باب أميرالمؤمنينعليه‌السلام وأنا أدعو الله، إذ خرج أميرالمؤمنينعليه‌السلام وقال: يا أصبغ. فقلت: لبيك. قال أي شئ كنت تصنع؟ قلت: ركعت وأنا أدعو. قال: أفلا أعلمك دعاء سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ قلت: بلى. قال: قل: « الحمد لله على ماكان، والحمد لله على كل حال » ثم ضرب بيده اليمنى على منكبي الايسر، وقال: يا أصبغ، لئن ثبتت قدمك، وتمت ولايتك، وانبسطت يدك، فالله أرحم بك من نفسك.

٢٩٣/٤٥ - أخبرني أبوعبدالله محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالحسن علي ابن محمّد الكاتب، قال: أخبرنا الحسن بن عليّ بن عبد الكريم، قال: حدّثنا إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل، عن زيد بن المعدل، عن يحيى بن صالح الطيالسي، عن إسماعيل بن زياد، عن ربيعة بن ناجذ، قال: لما وجه معاوية بن أبي سفيان، سفيان بن عوف الغامدي إلى الانبار للغارة، بعثه في ستة آلاف فارس، فأغار على هيت والانبار، وقتل المسلمين، وسبى الحريم، وعرض الناس على البراءة من أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، استنفر أميرالمؤمنينعليه‌السلام الناس وقد كانوا تقا عدواً عنه، واجتمعوا على خذلانه، وأمر مناديه في الناس فاجتمعوا، فقام خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم قال:

أمّا بعد: أيها الناس، فوالله لاهل مصركم في الامصار أكثر في العرب من الانصار، وما كانوا يوم عاهدوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يمنعوه ومن معه من المهاجرين حتّى يبلغ رسالات الله إلا قبيلتين صغير مولدهما، ما هما بأقدم العرب ميلادا، ولا باكثره عدد ا، فلما اووا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه، ونصروا الله ودينه، رمتهم العرب عن قوس واحدة، وتحالفت عليهم اليهود، وغزتهم القبائل قبيلة

١٧٣

بعد قبيلة، فتجردوا للدين، وقطعوا ما بينهم وبين العرب من الحبائل، وما بينهم وبين اليهود من العهود، ونصبوا لاهل نجد وتهامة وأهل مكة واليمامة وأهل الحزن وأهل السهل قناة الدين والصبر تحت حماس الجلاد، حتّى دانت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العرب، فرأى فيهم قرة العين قبل أن يقبضه الله إليه، فأنتم في الناس أكثر من أولئك في أهل ذلك الزمان من العرب.

فقال إليه رجل آدم(١) طوال فقال: ما أنت كمحمّد، ولا نحن كأولئك الذين ذكرت، فلا تكلفنا ما لا طاقة لنا به.

فقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : أحسن مسمعا تحسن إجابة، ثكلتكم الثواكل ما تزيدونني إلا غما، هل أخبرتكم أني مثل محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنكم مثل أنصاره، وإنما ضربت لكم مثلا، وأنا أرجو أن تأسوا بهم.

ثم قام رجل آخر فقال: ما أحوج أميرالمؤمنينعليه‌السلام ومن معه إلى أصحاب النهروان!

ثم تكلم الناس من كل ناحية ولغطوا، فقام رجل فقال بأعلى صوته: استبان فقد الاشتر، على أهل العراق، لو كان حيا لقل اللغط، ولعلم كل امرئ ما يقول.

فقال لهم أميرالمؤمنين (صلوات الله عليه): هبلتكم الهوابل، لانا أوجب عليكم حقا من الاشتر، وهل للاشتر عليكم من الحق إلا حق المسلم على المسلم؟ وغضب فنزل. فقام حجر بن عدي وسعد بن قيس، فقالا: لا يسوؤك الله يا أميرالمؤمنين، مرنا بأمرك نتبعه، فوالله العظيم ما يعظم جزعنا على أموالنا أن تفرق، ولا على عشائرنا أن تقتل في طاعتك، فقال لهم: تجهزوا للسير إلى عدونا.

ثم دخل منزلهعليه‌السلام ودخل عليه وجوه أصحابه، فقال لهم: أشيروا علي برجل صليب ناصج يحشر الناس من السواد؟ فقال سعد بن قيس: عليك يا أميرالمؤمنين بالناصح الاريب الشجاع الصليب معقل بن قيس التميمي، قال: نعم، ثم

____________________

(١) الادم: الاسمر.

١٧٤

دعاه فوجهه وسار، ولم يعد حتّى أصيب أميرالمؤمنينعليه‌السلام .

٢٩٤/٤٦ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن العباس بن عامر القصباني، عن أبان بن عثمان الاحمر، عن بريد العجلي، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: لما توفيت خديجةرضي‌الله‌عنه جعلت فاطمة (صلوات الله عليها) تلوذ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتدور حوله، وتقول: يا أبه، أين أمي؟ قال: فنزل جبرئيلعليه‌السلام فقال له: ربك يأمرك أن تقرئ فاطمة السلام، وتقول لها: إن أمك في بيت من قصب، كعابه(١) من ذهب، وعمده ياقوت أحمر، بين آسية ومريم بنت عمران، فقالت فاطمةعليها‌السلام : إن الله هو السلام، ومنه السلام، وإليه السلام.

٢٩٥/٤٧ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدّثنا الحسين بن عبدالله(٢) الابلي، قال: حدّثنا أبوخالد الاسدي، عن أبي بكر بن عياش، عن صدقة بن سعيد الحنفي، عن جميع بن عمير، قال: سمعت عبدالله بن عمر بن الخطاب يقول: انتهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى العقبة فقال: لا يجاوزها أحد، فعوج الحكم بن أبي العاص فمه مستهزئا بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من اشترى شاة مصراة(٣) فهو بالخيار، فعوج الحكم فمه، فبصر به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدعا عليه فصرع شهرين ثم أفاق، فأخرجه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المدينة طريدا ونفاه عنها.

٢٩٦/٤٨ - أخبرنا محمّد بن محمّد بن النعمان، قال: أخبرني أبوالحسن علي ابن خالد المراغي، قال: حدّثنا العباس بن الوليد، قال: حدّثنا القناد، عن الحسين بن

____________________

(١) الكعاب: جمع كعبة، وهي الغرفة وكل بيت مربع.

(٢) في نسخة: عبيدالله.

(٣) المصراة: الناقة أو الشاة يصرى اللبن في ضرعها، أي يجمع ويحبس.

١٧٥

سعيد، عن أبيه، عن هارون بن سعيد، قال: صلى بنا الوليد بن عقبة بالكوفة صلاة الغداة - وكان سكرانا - فتغنى في الثانية منها، وزادنا ركعة أخرى، ونام في آخرها، فأخذ رجل من بكر بن وائل خاتمه من يده، فقال فيه علباء السدوسي:

تكلم في الصلاة وزاد فيها

مجاهرة وعالن بالنفاق

وفاح الخمر من سنن المصلى

ونادى والجميع إلى افتراق

أزيديكم على أن تحمدوني

فما لكم ومالي من خلاق

 ٢٩٧/٤٩ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبونصر محمّد بن الحسين المقرئ البصير، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عبدالله البغدادي بواسط، قال: حدّثنا عيسى بن مهران، قال: حدّثنا أبونعيم الفضل بن دكين، قال: حدّثنا موسى بن قيس، قال: حدّثنا الحسين بن أسباط العبدي، قال: سمعت عمار بن ياسررحمه‌الله يقول عند توجهه إلى صفين: اللهم لو أعلم أنه أرض لك أن أرمي بنفسي من فرق هذا الجبل لرميت بها، ولو أعلم أنه أرضى لك أن أوقد لنفسي نارا فأقع فيها لفعلت، وإني لا أقاتل أهل الشام إلا وأنا أريد بذلك وجهك، وأنا أرجو أن لا تخيبني وأنا أريد وجهك الكريم.

٢٩٨/٥٠ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوعبدالله بن أبي رافع الكاتب، قال: حدثني جعفر بن محمّد بن جعفر الحسيني، قال: حدّثنا عيسى بن مهران، قال: حدّثنا يحيى بن الحسن بن فرات، قال: حدّثنا أبوالمقوم ثعلبة بن زيد الالنصاري، قال: سمعت جابر بن عبدالله بن حزام الانصاريرحمه‌الله يقول: تمثل إبليس لعنه الله في أربع صور: تمثل يوم بدر في صورة سراقة بن جعشم المدلجي فقال لقريش:( لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ ) (١) .

وتصور يوم العقبة في صورة منبه بن الحجاج فنادى: أن محمّدا والصباة معه

____________________

(١) سورة الانفال ٨: ٤٨.

١٧٦

عند العقبة فأدركوهم، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للانصار: لا تخافوا فإن صوته لن يعدوهم.

وتصور يوم اجتماع قريش في دار الندوة في صورة شيخ من أهل نجد، وأشار عليهم في النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما أشار، فأنزل الله (تعالى):( وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّـهُ وَاللَّـهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ) (١) .

وتصوّر يوم قبض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صورة المغيرة بن شعبة فقال: أيها الناس، لا تجعلوها كسروانية ولا قيصرانية، وسعوها تتسع، فلا ترد وها في بني هاشم، فتنتظر بها الحبالى.

تمّ المجلس السادس، ويتلوه المجلس السابع من أمالي الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه الله.

____________________

(١) سورة الانفال ٨: ٣٠.

١٧٧

١٧٨

[ ٧ ]

المجلس السابع

فيه بقيّة أحاديث الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان.

بسم الله الرحمن الرحيم

٢٩٩/١ - أخبرنا أبوعبدالله محمّد بن محمّد بن النعمانرحمه‌الله قال: أخبرنا أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي، قال: دخل رجل على أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام ومعه صحيفة مسائل شبه الخصومة. فقال له أبوجعفرعليه‌السلام : هذه صحيفة تخاصم على الدين الذي يقبل الله فيه العمل؟

فقال: رحمك الله، هذا الذي أريد.

فقال أبوجعفرعليه‌السلام : اشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمّداً عبده ورسوله، وتقر بما جاء من عند الله، والولاية لنا أهل البيت، والبراءة من عدونا، والتسلم لنا، والتواضع والطمأنينة، وانتظار أمرنا، فإن لنا دولة إن شاء الله (تعالى) جاء بها.

٣٠٠/٢ - أخبرنا أبوعبدالله محمّد بن محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن هشام، عن محمّد بن إسماعيل البزاز، عن العباس بن عامر، عن أبان بن

١٧٩

عثمان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام يقول: إذا دخل أهل الجنة الجنة بأعمالهم، فأين عتقاء الله من النار؟ إنّ لله عتقاء من النار.

٣٠١/٣ - أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبوبكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا أبوعوانة موسى بن يوسف بن راشد، قال: حدّثنا عليّ بن حكيم الاودي، قال: أخبرنا عمرو بن ثابت، عن فضيل بن غزوان، عن الشعبي، عن الحارث، عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: من أحبني رآني يوم القيامة حيث يحب، ومن أبغضني رآني يوم القيامة حيث يكره.

٣٠٢/٤ - أخبرني جماعة، عن أبي عبيدالله محمّد بن عمران المرزباني، قال: حدّثنا محمّد بن موسى، قال: حدّثنا محمّد بن سهل، قال: أخبرنا هشام، قال: حدثني أبومخنف، قال: حدثني الحارث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن جندب بن عبدالله الازدي، قال: قام عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام في الناس ليستنفرهم إلى أهل الشام، وذلك بعد انقضاء المدة التي كانت بينه وبينهم، وقد شن معاوية على بلاد المسلمين الغارات، فاستنفرهم بالرغبة في الجهاد والرهبة فلم ينفروا، فأضجره ذلك فقال:

أيها الناس المجتمعة أبدانهم، المختلفة أهواؤهم، ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح قلب من قاساكم، كلامكم يوهن الصم الصلاب، وتثاقلكم عن طاعتي يطمع فيكم عدوكم، إذا أمرتكم قلتم: كيت وكيت، وليت وعسى، أعاليل أباطيل، وتسألوني التأخير دفاع ذي الدين المطول، هيهات هيهات، لا يدفع الضيم الذليل، ولا يدرك الحق إلا بالجد والصبر.

أي دار بعد داركم تمتعون، ومع أي إمام بعدي تقاتلون؟! المغرور والله من غررتموه، ومن فاز بكم فاز بالسهم الاخيب، أصبحت لا أطمع في نصرتكم، ولا أصدق قولكم، فرق الله بيني وبينكم، وأعقبني بكم من هو خير لي منكم.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799