الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي7%

الأمالي الشيخ الطوسي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 799

الأمالي الشيخ الطوسي المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 799 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 945340 / تحميل: 10617
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

[ ٢١ ]

مجلس يوم الجمعة

الحادي عشر من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمّد بن عبدالله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٧٤/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ الطوسيرضي‌الله‌عنه ، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد بن عبدالرحمن الهمداني بالكوفة وسألته، قال: حدّثنا محمّد بن المفضل بن إبراهيم بن قيس الاشعري، قال: حدّثنا عليّ بن حسان الواسطي، قال: حدّثنا عبدالرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده عليّ بن الحسينعليهم‌السلام ، قال: لما أجمع الحسن بن عليّعليه‌السلام على صلح معاوية خرج حتّى لقيه، فلما اجتمعا قام معاوية خطيبا، فصعد المنبر وأمر الحسنعليه‌السلام أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلم معاوية، فقال: أيها الناس، هذا الحسن بن عليّ وابن فاطمة، رآنا للخلافة أهلا، ولم ير نفسه لها أهلا، وقد أتانا ليبايع طوعا.

ثم قال: قم يا حسن؟ فقام الحسنعليه‌السلام فخطب فقال: الحمد لله المستحمد بالآلاء، وتتابع النعماء، وصارف الشدائد والبلاء، عند الفهماء وغير الفهماء،

٥٦١

المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه، وعلوه عن لحوق الاوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة المخلوقين، من أن تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده في ربوبيته، ووجوده ووحدانيته، صمدا لا شريك له، فردا لا ظهير له، وأشهد أن محمّدا عبده ورسوله، اصطفاه وانتجبه وارتضاه، وبعثه داعيا إلى الحق، وسراجا منيرا، وللعباد مما يخافون نذيرا، ولما يأملون بشيرا، فنصح للامة، وصدع بالرسالة، وأبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أموت وأحشر، وبها في الآجلة أقرب وأحبر.

وأقول معشر الخلائق فاسمعوا، ولكم أفئدة وأسماع فعوا: إنا أهل بيت أكرمنا الله بالاسلام، واختارنا واصطفانا واجتبانا، فأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا، والرجس هو الشك، فلا نشك في الله الحق ودينه أبدا، وطهرنا من كل أفن(١) وغية، مخلصين إلى آدم نعمة منه، لم يفترق الناس قط فرقتين إلا جعلنا الله في خيرهما، فأدت الامور وأفضت الدهور إلى أن بعث الله محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنبوة، واختاره للرسالة، وأنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدعاء إلى الله (عزّوجلّ) فكان أبيعليه‌السلام أول من استجاب لله (تعالى)، ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأول من آمن وصدق الله ورسوله، وقد قال الله (تعالى) في كتابه المنزل على نبيه المرسل:( أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) (٢) فرسول الله الذي على بينة من ربه، وأبي الذي يتلوه، وهو شاهد منه.

وقد قال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين أمره أن يسير إلى مكة والموسم ببراءة (سر بها يا علي، فإني أمرت أن لا يسير بها إلا أنا أو رجل مني، وأنت هو يا علي) فعلي من رسول الله، ورسول الله منه، وقال له نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالبعليهما‌السلام ومولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة: (أما أنت لا علي فمني وأنا منك، وأنت ولي كل مؤمن بعدي).

____________________

(١) أفن الرجل: ضعف رأيه.

(٢) سورة هود ١١: ١٧.

٥٦٢

فصدّق أبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سابقا ووقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كل موطن يقدمه، ولكل شديدة يرسله ثقة منه وطمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته لله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنه أقرب المقربين من الله ورسوله، وقد قال الله (عزّوجلّ):( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ، أُولَـٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (١) وكان أبي سابق السابقين إلى الله (عزّوجلّ) وإلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأقرب الاقربين، فقد قال الله (تعالى):( لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَـٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً ) (٢) .

فأبي كان أولهم إسلاما وايمانا، وأولهم إلى الله ورسوله هجرة ولحوقا وأولهم على وجده ووسعه نفقة، قال (سبحانه):( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (٣) فالناس من جميع الامم يستغفرون له بسبقه إياهم الايمان بنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك أنه لم يسبقه إلى الايمان أحد، وقد قال الله (تعالى):( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ ) (٤) فهو سابق جميع السابقين، فكما أن الله (عزّوجلّ) فضل السابقين على المتخلفين والمتأخرين، فكذلك فضل سابق السابقين على السابقين، وقد قال الله (عزّوجلّ:( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) (٥) . (فكان أبي المؤمن بالله واليوم الآخر) والمجاهد في سبيل الله حقا، وفيه نزلت هذه الآية.

وكان ممن استجاب لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمه حمزة وجعفر ابن عمه، فقتلا شهيدينرضي‌الله‌عنهما في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ،

____________________

(١) سورة الواقعة ٥٦: ١٠، ١١.

(٢) سورة الحديد ٥٧: ١٠.

(٣) سورة الحشر ٥٩: ١٠.

(٤) سورة التوبة ٩: ١٠٠.

(٥) سورة التوبة ٩: ١٩.

٥٦٣

فجعل الله (تعالى) حمزة سيد الشهداء من بينهم، وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، وذلك لمكانهما من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ومنزلتهما وقرابتهما منهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وصلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.

وكذلك جعل الله (تعالى) لنساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للمحسنة منهن أجرين، وللمسيئة منهن وزرين ضعفين، لمكانهن من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وجعل الصلاة في مسجد رسول الله بألف صلاة في سائر المساجد إلا مسجد خليله إبراهيمعليه‌السلام بمكة، وذلك لمكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ربه.

وفرض الله (عزّوجلّ) الصلاة على نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على كافة المؤمنين، فقالوا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: « اللهم صل على محمّد وآل محمّد » فحق على كل مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فريضة واجبة.

وأحل الله (تعالى) خمس الغنيمة لرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأوجبها له في كتابه، وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له، وحرم عليه الصدقة وحرمها علينا معه، فأدخلنا - فله الحمد - فيما أدخل فيه نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخرجنا ونزهنا مما أخرجه منه ونزهه عنه، كرامة أكرمنا الله (عزّوجلّ) بها، وفضيلة فضلنا بها على سائر العباد، فقال الله (تعالى) لمحمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجوه:( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّـهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (١) فأخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الانفس معه أبي، ومن البنين إياي وأخي، ومن النساء أمي فاطمة من الناس جميعا، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه، ونحن منه وهو منا.

وقد قال الله (تعالى):( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ

____________________

(١) سورة آل عمران ٣: ٦١.

٥٦٤

تَطْهِيرًا ) (١) . فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنا وأخي وأمي وأبي، فجللنا ونفسه في كساء لام سلمة خيبري، وذلك في حجرتها وفي يومها، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، وهؤلاء أهلي وعترتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فقالت أم سلمةرضي‌الله‌عنه : أدخل معهم يا رسول الله؟ فقال لهاصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يرحمك الله، أنت على خير وإلى خير، وما أرضاني عنك! ولكنها خاصة لي ولهم.

ثم مكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ذلك بقية عمره حتّى قبضه الله إليه، يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر فيقول: « الصلاة يرحمكم الله، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا »

وأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسد الابواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلموه في ذلك، فقال: « إني لم أسد أبوابكم وافتح باب علي من تلقاء نفسي، ولكني اتبع ما يوحى إلي، وإن الله أمر بسدها وفتح بابه » فلم يكن من بعده ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويولد فيه الاولاد غير رسول الله وأبي علي ابن أبي طالبعليها‌السلام تكرمة من الله (تعالى) لنا، وفضلا اختصنا به على جميع الناس.

وهذا باب أبي قرين باب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مسجده، ومنزلنا بين منازل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذلك أن الله أمر نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يبني مسجده، فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لبنيه وأزواجه وعاشرها وهو متوسطها لابي فها هو لبسبيل مقيم، والبيت هو المسجد المطهر، وهو الذي قال الله (تعالى):( أَهْلَ الْبَيْتِ ) فنحن أهل البيت، ونحن الذين أذهب الله عنا الرجس وطهرنا تطهيرا.

أيها الناس، إني لو قمت حولا فحولا أذكر الذي أعطانا الله (عزّوجلّ) وخصنا به من الفضل في كتابه وعلى لسان نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم أحصه، وأنا ابن النبيّ النذير البشير، السراج المنير، الذي جعله الله رحمة للعالمين، وأبي علي، ولي المؤمنين، وشبيه هارون، وإن معاوية بن صخر زعم أني رأيته للخلافة أهلا، ولم أر نفسي لها

____________________

(١) سورة الاحزاب ٣٣: ٣٣.

٥٦٥

أهلا، فكذب معاوية، وأيم الله لانا أولى الناس بالناس في كتاب الله وعلى لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، غير أنا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا، ونزل على رقابنا، وحمل الناس على أكتافنا، ومنعنا سهمنا في كتاب الله (من الفئ) والغنائم، ومنع أمنا فاطمة إرثها من أبيها.

إنا لا نسمي أحدا، ولكن أقسم بالله قسما تاليا، لو أن الناس سمعوا قول الله (عزّوجلّ) ورسوله، لاعطتهم السماء قطرها، والارض بركتها، ولما اختلف في هذه الامة سيفان، ولاكلوها خضراء خضرة إلى يوم القيامة، وما طمعت فيها يا معاوية، ولكنها لما أخرجت سالفا من معدنها، وزحزحت عن قواعدها، تنازعتها قريش بينها، وترامتها كترامي الكرة حتّى طمعت فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك، وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ما ولت أمة أمرها رجلا قط وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل أمرهم يذهب سفالا حتّى يرجعوا إلى ما تركوا »

وقد تركت بنو إسرائيل - وكانوا أصحاب موسىعليه‌السلام - هارون أخاه وخليفته ووزيره، وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريهم، وهم يعلمون أنه خليفة موسى، وقد سمعت هذه الامة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول ذلك لابيعليه‌السلام (إنه مني بمنرلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) وقد رأوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين نصبه لهم بغدير خم وسمعوه، ونادى له بالولاية، ثم أمرهم أن يبلغ الشاهد منهم الغائب، وقد خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حذارا من قومه إلى الغار - لما أجمعوا أن يمكروا به، وهو يدعوهم - لما لم يجد عليهم أعوانا، ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم.

وقد كف أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث ولم ينصر، ولو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، وقد جعل في سعة كما جعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سعة.

وقد خذلتني الامة وبايعتك يابن حرب، ولو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، وقد جعل الله (عزّوجلّ) هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه، كذلك أنا

٥٦٦

وأبي في سعة حين تركتنا الامة وبايعت غيرنا، ولم نجد عليهم أعوانا، وإنما هي السنن والامثال تتبع بعضها بعضا.

أيها الناس، إنكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جده رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبوه وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم تجدوا غيري وغير أخي، فاتقوا الله ولا تضلوا بعد البيان، وكيف بكم وأنى ذلك منكم! ألا وإني قد بايعت هذا - وأشار بيده إلى معاوية –( وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ) (١) .

أيها الناس، إنه لا يعاب أحد بترك حقه، وإنما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكل صواب نافع، وكل خطأ ضار لاهله، وقد كانت القضية ففهمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضر داود، فاما القرابة فقد نفعت المشرك وهي والله للمؤمن أنفع، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعمه أبي طالب وهو في الموت: « قل لا إله إلا الله، أشفع لك بها يوم القيامة » ولم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول له إلا ما يكون منه على يقين، وليس ذلك لاحد من الناس كلهم غير شيخنا - أعني أبا طالب - يقول الله (عزّوجلّ:( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) (٢) .

أيها الناس، اسمعوا وعوا، واتقوا الله وراجعوا، وهيهات منكم الرجعة إلى الحق، وقد صارعكم النكوص، وخامركم الطغيان والجحود( أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ ) (٣) والسلام على من اتبع الهدى.

قال: فقال معاوية: والله ما نزل الحسن حتّى أظلمت علي الارض، وهممت أن أبطش به، ثم علمت أن الاغضاء أقرب إلى العافية.

____________________

(١) سورة الانبياء ٢١: ١١١.

(٢) سورة النساء ٤: ١٨.

(٣) سورة هود ١١: ٢٨.

٥٦٧

[ ٢٢ ]

مجلس يوم الجمعة

السابع عشر من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمّد بن عبدالله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٧٥/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أبوعلي أحمد بن عليّ بن مهدي بن صدقة البرقي أملاه علي إملاء من كتابه، قال: حدّثنا (لابي، قال: حدّثنا) الرضا أبوالحسن عليّ بن موسى، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن عليّعليهم‌السلام ، قال: لما أتى أبوبكر وعمر إلى منزل أميرالمؤمنينعليه‌السلام وخاطباه في البيعة وخرجا من عنده، خرج أميرالمؤمنينعليه‌السلام إلى المسجد، فحمد الله وأثنى عليه بما اصطنع عندهم أهل البيت، إذ بعث فيهم رسولا منهم، وأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.

ثم قال: إن فلانا وفلانا أتياني وطالباني بالبيعة لمن سبيله أن يبايعني، أنا ابن عم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأبو ابنيه، والصديق الاكبر، وأخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا يقولها أحد غيري إلا كاذب، وأسلمت وصليت، وأنا وصيه، وزوج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة بنت محمّدعليهما‌السلام ، وأبو حسن وحسين سبطي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونحن أهل بيت الرحمة، بنا هداكم الله، وبنا استنقذكم من الضلالة، وأنا صاحب يوم الدوح،

٥٦٨

وفي نزلت سورة من القرآن، وأنا الوصي على الاموات من أهل بيتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنا بقيته على الاحياء من أمته، فاتقوا الله يثبت أقدامكم ويتم نعمته عليكم، ثم رجععليه‌السلام إلى بيته.

١١٧٦/٢ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن الحسنيرحمه‌الله في رجب سنة سبع وثلاث مائة، قال: حدثني محمّد بن عليّ بن الحسين (بن زيد بن عليّ بن الحسين) بن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: حدثني الرضا عليّ بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمّد، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: طلب العلم فريضة على كل مسلم، فاطلبوا العلم من مظانه، واقتبسوه من أهله، فإن تعليمه لله حسنة، وطلبه عبادة، والمذاكرة فيه تسبيح، والعمل به جهاد، وتعليمه من لا يعلمه صدقة، وبذله لاهله قربة إلى الله (تعالى)، لانه معالم الحلال والحرام، ومنار سبيل الجنة، والمؤنس في الوحشة، والصاحب في الغربة والوحدة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الاعداء، والزين عند الاخلاء، يرفع الله به أقواما ويجعلهم في الخير (قادة)(١) .

١١٧٧/٣ - وباسناده عن عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، في قول الله (عزّوجلّ):( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) (٢) قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة.

١١٧٨/٤ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن أميرالمؤمنين

____________________

(١) تقدمت قطعة منه في الحديث: ١٠٦٩.

(٢) سورة الرحمن ٥٥: ٦٠.

٥٦٩

عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام في رجب سنة سبع وثلاث مائة، قال: حدئني محمّد بن عليّ بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام منذ خمس وسبعين سنة قال: حدّثنا الرضا عليّ بن موسى، قال: حدّثنا أبي موسى بن جعفر، قال: حدّثنا أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: التوحيد ثمن الجنة، والحمد لله وفاء شكر كل نعمة، وخشية الله مفتاح كل حكمة، والاخلاص ملاك كل طاعة.

١١٧٩/٥ - وباسناده، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إني سميت فاطمة لانها فطمت وذريتها من النار، من لقي الله منهم بالتوحيد والايمان بما جئت به.

١١٨٠/٦ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن الحسين بن حمزة بن الحسن بن عبيدالله بن العباس بن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، قال: حدّثنا عمي عليّ بن حمزة، قال: حدّثنا عليّ بن جعفر بن محمّد، عن أخيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين، عن عليعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما اختلج عرق ولا عثرت قدم إلا بما قدمت أيديكم، وما يعفو الله (عزّوجلّ) عنه أكثر.

١١٨١/٧ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا عليّ بن محمّد بن مهرويه الصامغاني بقزوين، قال: حدّثنا داود بن سليمان الغازي القزويني، قال: حدّثنا عليّ بن موسى الرضا، قال: حدّثنا أبي موسى، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يقول الله (عزّوجلّ): يابن آدم ما تنصفني، أتحبب إليك بالنعم، وتتمقت إلي بالمعاصي، خيري إليك منزل، وشرك إلي صاعد، ولا يزال ملك كريم يعرج إلي عنك في كل يوم وليلة بعمل قبيح، يابن آدم

٥٧٠

لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تدري من الموصوف إذن لسارعت إلى مقته(١) .

١١٨٢/٨ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبومحمّد عبدالله بن محمّد بن ياسين بن محمّد بن عجلان التميمي العابد مولى الباقرعليه‌السلام ، قال: حدثني مولاي أبوالحسن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه الصادق، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الناس اثنان: رجل أراح ورجل استراح، فالمؤمن استراح من الدنيا وتعبها، وأفضى إلى رحمة الله وكريم ثوابه، وأما الذي أراح فالفاجر أراح منه الناس والشجر والدواب، وأفضى إلى ما قدم.

١١٨٣/٩ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوعلي أحمد بن محمّد بن الحسين بن إسحاق بن جعفر بن محمّد العلوي العريضي بحران، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن إبراهيم بن موسى بن جعفر، قال: حدثني عماي عليّ بن موسى والحسين بن موسى، عن أبيهما موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن عليعليهم‌السلام ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال: يوحي الله (عزّوجلّ) إلى الحفظة الكرام: لا تكتبوا على عبدي المؤمن عند ضجره شيئا.

١١٨٤/١٠ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوأحمد عبيدالله بن الحسين بن إبراهيم، عن عليّ بن عبدالله بن الحسين بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: حدّثنا عليّ بن القاسم بن الحسين بن زيد بن علي، عن أبيه القاسم بن الحسين، عن أبيه الحسين بن زيد، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لولا أن الذنب خير للمؤمن من العجب ما خلى الله (عزّوجلّ) بين عبده

____________________

(١) تقدم في الحديث: ١٩٧، والحديث: ٥٣٢.

٥٧١

المؤمن وبين ذنب أبدا.

١١٨٥/١١ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: أخبرنا رجاء ابن يحيى بن سامان العبرتائي الكاتب، قال: حدّثنا هارون بن مسلم بن سعدان الكاتب بسر من رأى سنة أربعين ومائتين، قال: حدّثنا مسعدة بن صدقة العبدي، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يحدث عن أبيه، عن جده، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : المجالس بالامانة، ولا يحل لمؤمن أن يأئر(١) عن مؤمن - أو قال: عن أخيه المؤمن - قبيحا.

١١٨٦/١٢ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني محمّد ابن جعفر بن محمّد بن رياح الاشجعي، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب الاسدي، قال: أخبرنا إبراهيم بن محمّد الرؤاسي الخثعمي، قال: حدثني عدي بن زيد الهجري، عن أبي خالد الواسطي، قال إبراهيم بن محمّد: ولقيت أبا خالد عمرو بن خالد فحدثني عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: كنت عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه الذي قبض فيه، فكان رأسه في حجري والعباس يذب عن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأغمي عليه إغماءة ثم فتح عينيه، فقال: يا عباس يا عم رسول الله، اقبل وصيتي واضمن ديني وعداتي. فقال: يا رسول الله، أنت أجود من الريح المرسلة، وليس في مالي وفاء لدينك وعداتك. فقال النبيّعليه‌السلام ذلك ثلاثا يعيده عليه والعباس في كل ذلك يجيبه بما قال أول مرة.

فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لاقولنها لمن يقبلها، ولا يقول - يا عباس - مثل مقالتك. قال: فقال: يا علي، اقبل وصيتي، واضمن ديني وعداتي. قال: فخنقتني العبرة، وارتج جسدي، ونظرت إلى رأس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يذهب ويجئ في حجري، فقطرت دموعي على وجهه، ولم أقدر أن أجيبه، ثم ثنى فقال: يا علي، اقبل وصيتي واضمن ديني وعداتي. قال: قلت: نعم بأبي وأمي. قال: اجلسني، فأجلسته،

____________________

(١) أثر الحديث: نقله ورواه عن غيره.

٥٧٢

فكان ظهره في صدري، فقال: يا علي، أنت أخي في الدنيا والآخرة، ووصيي وخليفتي في أهلي.

ثم قال: يا بلال، هلم سيفي ودرعي وبغلتي وسرجها ولجامها ومنطقتي التي أشدها على درعي، فجاء بلال بهذه الاشياء، فوقف بالبغلة بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: قم يا علي فاقبض. قال: فقمت وقام العباس فجلس مكاني، فقمت فقبضت ذلك، فقال: انطلق به إلى منزلك، فانطلقت ثم جئت فقمت بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنظر إلي ثم عمد إلى خاتمه فنزعه ثم دفعه إلي، فقال. هاك يا علي هذا في الدنيا والآخرة، والبيت غاص من بني هاشم والمسلمين، فقال: يا بني هاشم، يا معشر المسلمين، لا تخالفوا عليا فتضلوا، ولا تحسدوه فتكفروا، يا عباس قم من مكان علي. فقال. تقيم الشيخ وتجلس الغلام! فأعادها عليه ثلاث مرات، فقام العباس فنهض مغضبا وجلست مكاني، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا عباس، يا عم رسول الله، لا أخرج من الدنيا وأنا ساخط عليك، فيدخلك سخطي عليك النار، فرجع فجلس.

٥٧٣

[ ٢٣ ]

مجلس يوم الجمعة

الرابع والعشرين من صفر سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقتة أحاديث أبي المفضل محمّد بن عبدالله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٨٧/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي (قدس الله ررحه)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أحمد بن عبيدالله بن محمّد بن عمار الثقفي، قال: حدثني عليّ بن محمّد بن سليمان النوفلي سنة خمس وأربعين ومائتين، قال: حدثني أبي، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن أبيه، عن المغيرة بن الحارث بن نوفل بن الحارث، عن أبيه، عن جده نوفل: أنه كان يحدث عن يوم حنين، قال: فر الناس جميعا وأعروا(١) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلم يبق معه إلا سبعة نفر من بني عبد المطلب: العباس، وابنه الفضل، وعلي، وأخوه عقيل، وأبو سفيان، وربيعة، ونوفل بنو الحارث بن عبد المطلب، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مصلت سيفه في المجتلد، وهو على بغلته الدلدل، وهو يقول:

أنا النبيّ لا كذب

أنا ابن عبد المطلب

____________________

(١) أعراه: تركه ولم ينصره.

٥٧٤

قال الحارث بن نوفل: فحدثني الفضل بن العباس، قال: التفت العباس يومئذ وقد أقشع الناس(١) عن بكرة أبيهم، فلم ير علياعليه‌السلام في من ثبت، فقال: شوهة بوهة، أفي مثل هذا الحال يرغب ابن أبي طالب بنفسه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو صاحب ما هو صاحبه! - يعني المواطن المشهورة له - فقلت: نقص قولك لابن أخيك يا أبه. قال: ما ذاك، يا فضل؟ قلت: أما تراه في الرعيل الاول، أما تره في الرهج(٢) ، قال: أشعره لي يا بني. قلت: ذو كذا ذو كذا ذو البردة. قال: فما تلك البرقة؟ قلت: سيفه يزيل به بين الاقران. فقال: بر بن بر، فداه عم وخال. قال: فضرب عليّعليه‌السلام يومئذ أربعين مبارزا، كلهم يقده حتّى أنفه وذكره، قال: وكانت ضرباته مبتكرة(٣) .

١١٨٨/٢ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا صالح بن أحمد بن أبي مقاتل القيراطي، ومحمّد بن القاسم بن زكريا المحاربي، قال: حدّثنا أبوطاهر محمّد بن تسنيم الحضرمي الوراق، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن حكيم الخثعمي، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن رقبة بن مصقلة بن عبدالثه بن خوتعة بن صبرة العبدي، عن أبيه، عن جده عبدالله بن خوتعة، قال: قدمنا وفد عبد القيس في إمارة عمر بن الخطاب، فسأله رجلان منا عن طلاق الامة، فقام معهما قال: انطلقا، فجاء إلى حلقة فيها رجل أصلع، فقال: يا أصلع، ما طلاق الامة؟ قال: فأشار له باصبعيه هكذا - يعني اثنتين - قال: فالتفت عمر إلى الرجلين فقال: طلاقها اثنتان. فقال له أحدهما: سبحان الله، جئناك وأنت أميرالمؤمنين فسألناك، فجئت إلى رجل فوالله ما كلمك! فقال له عمر: ويلك أتدري من هذا؟ هذا عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، سمعتي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: لو أن السماوات والارض وضعتا في كفة، ووضع

____________________

(١) أي تفرقوا.

(٢) الرهج: الغبار.

(٣) أي إن ضربته كانت بكرا، يقتل بواحدة منها، لا يحتاج أن يعيد الضربة ثانيا، يقال: ضربة بكر. إذا كانت قاطعة لا تثنى.

٥٧٥

إيمان علي في كفة، لرجح إيمان علي.

١١٨٩/٣ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوالطيب محمّد بن الحسين بن حميد بن الربيع اللخمي الكوفي ببغداد، قال: حدّثنا أبوعبدالله جعفر بن عبدالله بن جعفر العلوي المحمّدي، قال: حدّثنا منصور بن أبي بريرة، قال: حدثني نوح بن دراج القاضي، عن ثابت بن أبي صفية، قال: حدثني يحيى ابن أم الطويل، عن نوف بن عبدالله البكالي، قال: قال لي عليّعليه‌السلام : يا نوف، خلقنا من طينة طيبة، وخلق شيعتنا من طينتنا، فإذا كان يوم القيامة ألحقوا بنا.

قال: نوف: فقلت: صف لي شيعتك، يا أميرالمؤمنين؟ فبكى لذكرى شيعته، ثم قال: يا نوف، شيعتي والله الحلماء العلماء بالله ودينه، العاملون بطاعته وأمره، المهتدون بحبه، أنضاء(١) عبادة، أحلاس زهادة(٢) ، صفر الوجوه من التهجد، عمش العيون من البكاء، ذبل الشفاه من الذكر، خمص البطون من الطوى، تعرف الربانية في وجوههم، والرهبانية في سمتهم، مصابيح كل ظلمة، وريحان كل قبيل، لا يثنون من المسلمين سلفا، ولا يقفون لهم خلفا، شرورهم مكنونة، وقلوبهم محزونة، وأنفسهم عفيفة، وحوائجهم خفيفة، أنفسهم منهم في عناء، والناس منهم في راحة، فهم الكاسة الالباء، والخالصة النجباء، وهم الرواغون فرارا بدينهم، إن شهدوا لم يعرفوا، وان غابوا لم يفتقدوا، أولئك شيعتي الاطيبون، وإخواني الاكرمون، ألا هاه شوقا إليهم.

١١٩٠/٤ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوأحمد عبيدالله بن حسين بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبوإسماعيل إبراهيم بن أحمد بن إبراهيم العلوي الحسني، قال: حدثني عمي الحسن بن إبراهيم، قال: حدثني أبي إبراهيم بن إسماعيل، عن أبيه إسماعيل، عن أبيه إبراهيم بن الحسن بن الحسن، عن امه فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال:

____________________

(١) الانضاء: جمع نضو، المهزول.

(٢) أي ملازمون للزهد، أو ملازمون للبيوت لزهدهم.

٥٧٦

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من أعطي أربع خصال في الدنيا، فقد اعطي خير الدنيا والآخرة، وفاز بحظه منهما: ورع يعصمه عن محارم الله، وحسن خلق يعيش به في الناس، وحلم يدفع به جهل الجاهل، وزوجة صالحة تعينه على أمر الدنيا والآخرة.

١١٩١/٥ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوالقاسم جعفر بن محمّد العلوي في منزله بمكة سنة ثماني عشرة وثلاث مائة، قال: حدّثنا عبيدالله بن أحمد بن نهيك، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن أبيه الحسين بن علي، عن عليعليهم‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : طالب العلم بين الجهال كالحي بين الاموات.

١١٩٢/٦ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوعبدالله جعفر بن محمّد العلوي الحسني، قال: حدّثنا أحمد بن عبد المنعم الصيداوي، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّد، عن أبيه أبي عبداللهعليه‌السلام ، عن آبائه، عن عليّعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سيد الاعمال ثلاثة: إنصاف الناس من نفسك، ومواساة الاخ في الله، وذكر الله على كل حال.

١١٩٣/٧ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا عبد الرزاق بن سليمان بن غالب الازدي بأرتاح، ومحمّد بن سعيد بن شرحبيل الترخمي بحمص، قالا: حدّثنا أبوعبد الغني الحسن بن عليّ بن عبد الغني الازدي بمعان، قال: حدّثنا عبد الوهاب بن همام الحميري، قال: حدثني أبي همام بن نافع، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن عبدالله بن عباس، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال: أنا مدينة الجنة وعلي بابها، فمن أراد الجنة فليأتها من بابها.

١١٩٤/٨ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أحمد بن عيسى بن محمّد بن الفراء الكبير ببغداد سنة عشر وثلاث مائة، قال: حدّثنا محمّد بن عبدالله بن عمرو بن مسلم الا حقي الصفار بالبصرة سنة أربع وأربعين ومائتين، قال: حدّثنا أبوالحسن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن

٥٧٧

محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: قال لي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وأنت الباب، وكذب من زعم أنه يصل إلى المدينة لا من قبل الباب.

١١٩٥/٩ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثني أحمد ابن إسحاق بن العباس بن إسحاق بن موسى بن جعفر بن محمّد العلوي بديبل، قال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن بيان، عن حمران المدائني قاضي تفليس، قال: حدثني جدي لامي شريف بن سابق التفليسي، قال: حدّثنا الفضل بن أبي قرة التميمي، عن جابر الجعفي، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، عن أبي ذر، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها ربي، فليتول عليا بعدي، وليوال وليه، وليقتد بالائمة من بعده، فإنهم عترتي، خلقهم الله من لحمي ودمي، وحباهم فهمي وعلمي، ويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، لا أنالهم الله شفاعتي.

٥٧٨

[ ٢٤ ]

مجلس يوم الجمعة

التاسع من ربيع الاول سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث أبي المفضل محمّد بن عبدالله الشيباني.

بسم الله الرحمن الرحيم

١١٩٦/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسيرضي‌الله‌عنه ، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا محمّد بن معاذ ابن سعيد الحضرمي بالجار، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا بن سارية المكي القرشي بجدة، قال: حدثني أبي، عن كثير بن طارق مولى بني هاشم، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن أبي ذر، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد قدم عليه وفد أهل الطائف: « يا أهل الطائف، والله لتقيمن الصلاة، ولتؤتن الزكاة، أو لابعثن إليكم رجلا كنفسي، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، يقصعكم بالسيف » فتطاول لها أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأخذ بيد عليّعليه‌السلام فأشالها، ثم قال: هو هذا. فقال أبوبكر وعمر: ما رأينا كاليوم في الفضل قط.

١١٩٧/٢ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا عبدالله ابن محمّد بن عبيد بن ياسين بن محمّد بن عجلان مولى الباقرعليه‌السلام ، قال: سمعت مولاي أبا الحسن عليّ بن محمّد بن الرضاعليهم‌السلام يذكر عن آبائه، عن جعفر بن

٥٧٩

محمّدعليه‌السلام ، قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : ما أنعم الله على عبد نعمة فشكرها بقلبه إلا استوجب المزيد فيها قبل أن يظهر شكرها على لسانه.

١١٩٨/٣ - قال: وقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : من أصبح والآخرة همه، استغنى بغير مال، واستأنس بغير أهل، وعز بغير عشيرة.

١١٩٩/٤ - قال: وقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : المؤمن لا يحيف على من يبغض، ولا يأثم فيمن يحب، وإن بغي عليه صبر حتّى يكون الله (عزّوجلّ) هو المنتصر.

١٢٠٠/٥ - قال: وقال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : إن من العزة بالله أن يصبر العبد على المعصية، ويتمنى على الله المغفرة.

١٢٠١/٦ - قال: وسمع أميرالمؤمنينعليه‌السلام رجلا يقول: اللهم إني أعوذ بك من الفتنة. قال: أراك تتعوذ من مالك وولدك، يقول الله (تعالى):( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ) (١) ولكن قل: اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن.

١٢٠٢/٧ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا رجاء بن يحيى أبوالحسين العبرتائي، قال: حدّثنا يعقوب بن السكيت النحوي، قال: سمعت أبا الحسن عليّ بن محمّد بن الرضاعليها‌السلام يقول: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : إياكم والايكال بالمنى، فإنها من بضائع العجزة.

قال: وأنشدني ابن السكيت:

إذا ما رمى بي الهم في ضيق مذهب

رمت بي المنى عنه إلى مذهب رحب

١٢٠٣/٨ - وعنه، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدّثنا أبوالحسين رجاء بن يحيى العبرتائي، قال: حدّثنا يعقوب بن السكيت النحوي، قال: سألت أبا الحسن عليّ بن محمّد بن الرضاعليهم‌السلام : ما بال القرآن لا يزداد على النشر والدرس إلا غضاضة؟

قال: إن الله (تعالى) لم يجعله لزمان دون زمان ولا لناس دون ناس، فهو في كل

____________________

(١) سورة التغابن ٦٤: ١٥.

٥٨٠

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

ركعة، ولا يجوز القرآن بين سورتين في الفريضة، فأما في النافلة فلا بأس بأن يقرأ(١) الرجل ما شاء، ولا بأس بقراءة العزائم في النوافل، لانه إنما يكره ذلك في الفريضة، ويجب أن يقرأ في صلاة الظهر يوم الجمعة سورة الجمعة والمنافقين، فبذلك جرت السنة.

والقول في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات، وخمس أحسن، وسبع أفضل، وتسبيحة تامة تجزي في الركوع والسجود للمريض والمستعجل، فمن نقص من الثلاث التسبيحات في ركوعه أو في سجوده تسبيحة، ولم يكن بمريض ولا مستعجل فقد نقص ثلث صلاته، ومن ترك تسبيحتين فقد نقص ثلثي صلاته، ومن لم يسبح في ركوعه وسجوده فلا صلاة له إلا أن يهلل أو يكبر أو يصلي على النبي وآله بعدد التسبيح، فإن ذلك يجزيه، ويجزي في التشهد الشهادتان، فما زاد فتعبد، والتسليم في الصلاة يجزي مرة واحدة مستقبل القبلة ويميل بعينه إلى يمينه، ومن كان في جمع من أهل الخلاف سلم تسليمتين، عن يمينه تسليمة، وعن يساره تسليمة كما يفعلون، للتقية.

وينبغي للمصلي أن يسبح بتسبيح فاطمة الزهراء عليها السلام في دبر كل صلاة فريضة، وهي أربع وثلاثون تكبيرة، وثلاث وثلاثون تسبيحة، وثلاث وثلاثون تحميدة، فإنه من فعل ذلك بعد الفريضة قبل أن يثني رجليه غفر الله له، ثم يصلي على النبي والائمة عليهم السلام، ويدعو لنفسه بما أحب، ويسجد بعد فراغه من الدعاء سجدة الشكر، يقول فيها ثلاث مرات: شكرا لله، ولا يدعها إلا إذا حضر مخالف للتقية.

ولا يجوز التكفير في الصلاة، ولا قول (آمين) بعد فاتحة الكتاب، ولا وضع الركبتين على الارض في السجود قبل اليدين، ولا يجوز السجود إلى على الارض أو على ما أنبتت الارض إلا ما أكل أو لبس، ولا بأس بالصلاة في شعر ووبر كل ما أكل

______________

(١) في نسخة: يقرن.

٧٤١

لحمه، وما لا يؤكل لحمه فلا يجوز الصلاة في شعره ووبره إلا ما خصته الرخصة، وهي الصلاة في السنجاب والسمور والفنك والخز(١) ، والاولى أن لا يصلي فيها، ومن صلى فيها جازت صلاته، وأما الثعالب فلا رخصة فيها إلا في حالة التقية والضرورة.

والصلاة يقطعها الريح إذا خرج من المصلي، أو غيرها مما ينقض الوضوء، أو يذكر أنه على غير وضوء، أو وجد أذى، أو ضربانا لا يمكنه الصبر عليه، أو رعف فخرج من أنفه دم كثير، أو التفت حتى يرى من خلفه، ولا يقطع صلاة المسلم شئ يمر بين يديه من كلب أو امرأة أو حمار أو غير ذلك.

ولا سهو في النافلة، فمن سها في نافلة(٢) فليبن على ما شاء، وإنما السهو في الفريضة، فمن سها في الاوليين أعاد الصلاة، ومن شك في المغرب أعاد الصلاة، ومن شك في الغداة أعاد الصلاة، ومن شك في الثانية والثلاثة، أو في الثالثة والرابعة، فليبن على الاكثر، فإذا سلم أتم ما ظن أنه قد نقص، ولا تجب سجدتا السهو على المصلي إلا إذا قام في حال قعود، أو قعد في حال قيام، أو ترك التشهد، أو لم يدر زاد في صلاته أم نقص منها، وهما بعد التسليم في الزيادة والنقصان، ويقال فيهما: (بسم الله وبالله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته).

وأما سجدة العزائم فيقال فيها: (لا إله إلا الله حقا حقا، لا إله إلا الله إيمانا وتصديقا، لا إله إلا الله عبودية ورقا، سجدت لك يا رب تعبدا ورقا لا مستنكفا ولا مستكبرا، بل أنا عبد ذليل خائف مستجير) ويكبر إذا رفع رأسه.

ولا يقبل من صلاة العبد إلا ما أقبل عليه منها بقلبه، حتى إنه ربما قبل من صلاته ربعها أو ثلثها أو نصفها أو أقل من ذلك أو أكثر، ولكن الله عزّوجلّ يتمها بالنوافل.

______________

(١) السمور: حيوان بري يشبه السنور، يتخذ من جلده فراء ثمينة. والفنك: ضرب من الثعالب، فروته أجود أنواع الفراء. والخز: حيوان من القواضم، أكبر من ابن عرس وبحجم السنور الاهلي، وفراؤه أثمن الفراء.

(٢) زاد في نسخة: فليس عليه شئ.

٧٤٢

وأولى الناس بالتقدم في جماعة، أقرؤهم للقرآن، فإن كانوا في القراءة سواء فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الحجرة سواء فأسنهم، فإن كانوا في السن سواء فأصبحهم وجها، وصاحب المسجد أولى بمسجده، ومن صلى بقوم وفيهم من هو أعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة.

والجماعة يوم الجمعة فريضة واجبة، وفي سائر الايام سنة، من تركها رغبة عنها وعن جماعة المسلمين من غير علة فلا صلاة له، ووضعت الجمعة عن تسعة: عن الصغير، والكبير، والمجنون، والمسافر، والعبد، والمرأة، والمريض، والاعمى، ومن كان على رأس فرسخين، وتفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاة الرجل وحده خمس وعشرين درجة في الجنة.

وفرض السفر ركعتان، إلا المغرب، فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تركها على حالها في السفر والحضر، ولا يصلى في السفر من نوافل النهار شئ، ولا يترك فيه من نوافل الليل شئ، ولا يجوز صلاة الليل من أول الليل إلا في السفر، وإذا قضاها الانسان فهو أفضل له من أن يصليها في(١) أول الليل.

وحد السفر الذي يجب فيه التقصير في الصلاة والافطار في الصوم ثمانية فراسخ، فإن كان سفر الرجل أربعة فراسخ، ولم يرد الرجوع من يومه، فهو بالخيار إن شاء أتم وإن شاء قصر، وإن أراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب، ومن كان سفره معصية فعليه التمام في الصوم والصلاة، والمتمم في السفر كالمقصر في الحضر، والذين يجب عليهم التمام في الصلاة والصوم في السفر: المكاري، والكري(٢) ، والاشتقان - وهو البريد - والراعي والملاح لانه عملهم، وصاحب الصيد إذا كان صيده بطرا، أو أشرا(٣) ، وإن كان صيده مما يعود به على عياله فعليه التقصير في

______________

(١) في نسخة: من.

(٢) يقال: المكاري: مكري الدواب، والكري: مكري الابل.

(٣) في نسخة: وأشرا.

٧٤٣

الصوم والصلاة، وليس من البر أن يصوم الرجل في سفره تطوعا، ولا يجوز للمفطر في السفر في شهر رمضان أن يجامع.

والصلاة ثلاثة أثلاث: فثلث طهور، وثلث ركوع، وثلث سجود، ولا صلاة إلا بطهور، والوضوء مرة مرة، ومن توظأ مرتين فهو جائز إلا أنه لا يؤجر عليه، والماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر، ولا يفسد الماء إلا ما كانت له نفس سائلة، ولا بأس بالوضوء بماء الورد والاغتسال به من الجنابة، وأما الماء الذي تسخنه الشمس فلا بأس بالوضوء منه، وإنما يكره الوضوء به وغسل الثياب والاغتسال لانه يورث البرص، والماء إذا كان قدر كر لم ينجسه شئ، والكر ألف رطل ومائتا رطل بالعراقي(١) ، وروي أن الكر هو ما يكون ثلاثة أشبار طولا في ثلاثة أشبار عرضا في ثلاثة أشبار عمقا(٢) ، وماء البئر طهور كله ما لم يقع فيه شئ ينجسه، وماء البحر طهور كله.

ولا ينقض الوضوء إلا ما خرج من الطرفين من بول أو غائط أو ريح أو مني، والنوم إذا ذهب بالعقل، ولا يجوز المسح على العمامة، ولا على القلنسوة، ولا يجوز المسح على الخفين والجوربين إلا من عدو يتقى أو ثلج يخاف منه على الرجلين، فيقام الخفان مقام الجبائر فيمسح عليهما، وروت عائشة عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: أشد الناس حسرة يوم القيامة من رأى وضوءه على جلد غيره. وقالت عائشة: لئن أمسح على ظهر عير(٣) بالفلاة أحب إلي من أن أمسح على خفي.

ومن لم يجد الماء فليتيمم كما قال الله عزّوجلّ:( فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) (٤) والصعيد: الموضع المرتفع، والطيب: الذي ينحدر عنه الماء، فإذا أراد الرجل أن يتيمم ضرب بيديه على الارض مرة واحدة، ثم ينفضهما فيمسح بهما وجهه، ثم يضرب بيده اليسرى الارض فيمسح بها يده اليمنى من المرفق إلى أطراف الاصابع،

______________

(١) في نسخة: بالمدني.

(٢) في نسخة: ثلاثة أشبار في طول في ثلاثة أشبار في عرض في ثلاثة أشبار في عمق.

(٣) العير: الحمار.

(٤) النساء ٤: ٤٣.

٧٤٤

ثم يضرب بيمينه الارض فيمسح بها يساره من المرفق إلى أطراف الاصابع(١) . وقد روي أن يمسح الرجل جبينه وحاجبيه، ويمسح على ظهر كفيه، وعليه مضى مشايخنا (رضي الله عنهم).

وما ينقض الوضوء ينقض التيمم، والنظر إلى الماء ينقض التيمم، ومن تيمم وصلى ثم وجد الماء وهو في وقت الصلاة، أو قد خرج الوقت، فلا إعادة عليه، لان التيمم أحد الطهورين، فليتوضأ لصلاة أخرى، ولا بأس أن يصلي الرجل بوضوء واحد صلاة الليل والنهار كلاهما لم يحدث، وكذلك للمتيمم ما لم يحدث أو يصب ماء(٢) .

والغسل في سبعة عشر موطنا: غسل ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، وليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وللعيدين، وعند دخول الحرمين، وعند الاحرام(٣) ، وغسل الزيادة، وغسل الدخول إلى البيت، ويوم التروية، ويوم عرفة، وغسل الميت، وغسل من غسل ميتا أو كفنه أو مسه بعد ما يبرد(٤) ، وغسل يوم الجمعة، وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله ولم يعلم به الرجل، وغسل الجنابة فريضة، وكذلك غسل الحيض، لان الصادق عليه السلام قال: (غسل الجنابة والحيض واحد)، وكل غسل فيه وضوء في أوله إلا غسل الجنابة، لانه فريضة، وإذا اجتمع فرضان فأكبرهما يجزي عن أصغر هما.

ومن أراد الغسل من الجنابة فليجتهد أن يبول ليخرج ما بقي في إحليله من المني، ثم يغسل يديه ثلاثا من قبل أن يدخلهما الاناء، ثم يستنجي وينقي فرجه، ثم

______________

(١) في نسخة: فإذا فقد الرجل الماء تيمم، ضرب الارض ضربة للوضوء، ويمسح بها وجهه من قصاص شعر الرأس إلى طرف الانف الاعلى، وإلى الاسفل أولى، ثم يمسح بيده اليسرى يده اليمنى، ثم يمسح ظهر يده اليسرى كذلك، ويضرب بدل غسل الجنابة ضربتين، ضربة يمسح [ بها ] وجهه، وضربة أخرى يمسح بها ظهر كفيه.

(٢) في نسخة: وكذلك التيمم ما لم يحدث أو يصيب الماء.

(٣) في نسخة: وغسل الاحرام.

(٤) في نسخة: بعد برده بالموت، وقبل تطهيره بالماء، وهذه الاغسال الثلاثة فريضة.

٧٤٥

يضع على رأسه ثلاث أكف من الماء، ويميز الشعر بأنامله حتى يبلغ الماء أصل الشعر كله، ثم يتناول الاناء بيده ويصبه على رأسه وبدنه مرتين، ويمر يده على بدنه كله، ويخلل اذنيه بإصبعيه، وكل من أصابه الماء فقد طهر، وإذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك من غسله، وإن قام في المطر حتى يغسله فقد أجزاه ذلك من غسله، ومن أحب أن يتمضمض ويستنشق في غسل الجنابة فليفعل، وليس ذلك بواجب لان الغسل على ما ظهر لا على ما بطن، غير أنه إذا أراد أن يأكل أو يشرب قبل الغسل لم يجز له إلا أن يغسل يديه ويتمضمض ويستنشق، فإنه إن أكل أو شرب قبل ذلك خيف عليه البرص، وإذا عرق الجنب في ثوبه، وكانت الجنابة من حلال، فحلال الصلاة في الثوب، وإن كانت من حرام فحرام الصلاة فيه.

وأقل الحيض ثلاثة أيام، وأكثرها عشرة أيام، وأقل الطهر عشرة أيام، وأكثره لا حد له، وأكثر أيام النفساء التي تقعد فيها عن الصلاة ثمانية عشر يوما، وتستظهر بيوم أو يومين إلا أن تطهر قبل ذلك.

والزكاة على تسعة أشياء: على الحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والابل، والبقر، والغنم، والذهب، والفضة، وعفا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عما سوى ذلك، ولا يجوز دفع الزكاة إلا إلى أهل الولاية، ولا يعطى من أهل الولاية الابوان والولد والزوج والزوجة والمملوك وكل من يجبر الرجل على نفقته.

والخمس واجب في كل شئ بلغ قيمته دينارا، من الكنوز، والمعادن، والغوص، والغنيمة، وهو الله عزّوجلّ، ولرسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولذي القربى من الاغنياء والفقراء، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل من أهل الدين.

وصيام السنة ثلاثة أيام في كل شهر: خميس في أوله، وأربعاء في وسطه، وخميس في آخره، وصيام شهر رمضان فريضة، وهو بالرؤية، وليس بالرأي ولا بالتظني، ومن صام قبل الرؤية أو أفطر قبل الروية فهو مخالف لدين الامامية، ولا تقبل شهادة النساء في الطلاق، ولا في رؤية الهلال.

والصلاة في شهر رمضان كالصلاة في غيره من الشهور، فمن أحب أن يزيد

٧٤٦

فليصل كل ليلة عشرين ركعة، ثماني ركعات بين المغرب والعشاء الآخرة، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء الآخرة إلى أن تمضي عشرون ليلة من شهر رمضان، ثم يصلي كل ليلة ثلاثين ركعة، ثمان ركعات منها بين المغرب والعشاء، واثنتين وعشرين ركعة بعد العشاء، ويقرأ في كل ركعة منها الحمد وما تيسر له من القرآن، إلا في ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين، فإنه يستحب إحياؤهما، وأن يصلي الانسان في كل ليلة منهما مائة ركعة، يقرأ في كل ركعة الحمد مرة و( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) عشر مرات، ومن أحيا هاتين الليلتين بمذاكرة العلم فهو أفضل.

وينبغي للرجل إذا كان ليلة الفطر أن يصلي المغرب ثلاثا، ثم يسجد ويقول في سجوده: يا ذا الطول، يا ذا الحول، يا مصطفي محمّد وناصره، صل على محمّد وآل محمّد، واغفر لي كل ذنب أذنبته ونسيته وهو عندك في كتاب مبين، ثم يقول مائة مرة: أتوب إلى الله عزّوجلّ. ويكبر بعد المغرب والعشاء الآخرة وصلاة الغداة والعيد والظهر والعصر كما يكبر أيام التشريق، يقول: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أبلانا، ولا يقول فيه: ورزقنا من بهيمة الانعام، فإن ذلك في أيام التشريق.

وزكاة الفطرة واجبة تجب على الرجل أن يخرجها عن نفسه وعن كل من يعول من صغير وكبير وحر وعبد وذكر وأنثى، صاعا من تمر، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من بر، أو صاعا من شعير، وأفضل ذلك التمر، والصاع أربعة أمداد، والمد وزن مائتين واثنين وتسعين درهما ونصف، يكون ذلك ألف ومائة وسبعون درهما بالعراقي(١) ، ولا بأس بأن يدفع قيمته ذهبا أو ورقا، ولا بأس بأن يدفع عن نفسه وعن من يعول إلى واحد، ولا يجوز أن يدفع ما يلزم واحدا إلى نفسين، ولا بأس بإخراج الفطرة في أول يوم من شهر رمضان إلى آخره، وهي زكاة إلى أن يصلي العيد، فإن أخرجها بعد الصلاة فهي صدقة، وأفضل وقتها آخر يوم من شهر رمضان، ومن كان له مملوك مسلم أو ذمي

______________

(١) في نسخة: ويكون مجموع ذلك ألفا ومائة وسبعين وزنة.

٧٤٧

فليدفع عنه الفطرة، ومن ولد له مولود يوم الفطر قبل الزوال فليدفع عنه الفطرة، وإن ولد بعد الزوال فلا فطرة عليه، وكذلك إذا أسلم الرجل قبل الزوال وبعده، فعلى هذا.

والحاج على ثلاثة أوجه: قارن، ومفرد، ومتمتع بالعمرة إلى الحج، ولا يجوز لاهل مكة وحاضريها التمتع بالعمرة إلى الحج، وليس لهم إلا القران والافراد، لقول الله عزّوجلّ:( ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) (١) وحد حاضري المسجد الحرام أهل المكة وحواليها على ثمانية وأربعين ميلا، ومن كان خارجا عن هذا الحد فلا يحج إلا متمتعا بالعمرة إلى الحج ولا يقبل الله غيره، وينبغي أن يكون الاحرام من العقيق، وأوله من المسلح(٢) ، وأوسطه غمرة(٣) ، وآخره ذات عرق(٤) ، وأوله أفضل، فإن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقت لاهل العراق العقيق، ووقت لاهل الطائف قرن المنازل، ووقت لاهل اليمن يلملم، ووقت لاهل الشام المهيعة وهي الجحفة، ووقت لاهل المدينة ذا الحليفة وهو مسجد الشجرة، ولا يجوز الاحرام قبل بلوغ الميقات، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعلة أو تقية.

وفرائض الحج سبعة: الاحرام، والتلبيات الاربع، وهي: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك، وغير ذلك من التلبية سنة، وينبغي للملبي أن يكثر من قوله: « لبيك ذا المعارج لبيك » فإنها تلبية النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم، والطواف بالبيت فريضة، والركعتان عند مقام إبراهيم عليه السلام فريضة، والسعي بين الصفا والمروة فريضة، والوقوت بعرفة فريضة، والوقوف بالمشعر فريضة، وهدي التمتع فريضة، وما سوى ذلك من مناسك الحج سنة، ومن أدرك يوم التروية عند زوال الشمس إلى الليل فقد أدرك المتعة، ومن أدرك يوم النحر مزدلفة وعليه خمسة من الناس فقد أدرك الحج.

______________

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

(٢) المسلح: موضع من أعمال المدينة.

(٣) غمرة: منهل من مناهل طريق مكة.

(٤) ذات عرق: مهل أهل العراق، وهو الحد بين تهامة ونجد.

٧٤٨

ولا يجوز في الاضاحي من البدن إلا الثني، وهو الذي تم له خمس سنين ودخل في السادسة، ويجزي من البقر والمعز الثني وهو الذي تم له سنة ودخل في الثانية، ويجزي من الضأن الجذع(١) لسنة، ولا يجزي في الاضحية ذات عوار، وتجزي البقرة عن خمسة(٢) نفر إذا كانوا من أهل بيتي والثور عن واحد، والبدنة عن سبعة، والجزور(٣) عن عشرة متفرقين، والكبش عن الرجل وعن أهل بيته، وإذا عزت الاضاحي أجزأت شاة عن سبعين، وتجعل الاضحية ثلاثة أثلاث: ثلث يؤكل، وثلث يهدى، وثلث يتصدق به.

ولا يجوز صيام أيام التشريق، فإنها أيام أكل وشرب وبعال، وجرت السنة في الافطار يوم النحر بعد الرجوع من الصلاة، وفي الفطر قبل الخروج إلى الصلاة، والتكبير في أيام التشريق بمنى في دبر خمس عشرة صلاة من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الرابع، وبالامصار في دبر عشر صلوات من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الغداة يوم الثالث.

وتحل الفروج بثلاثة وجوه: نكاح بميراث، ونكاح بلا ميراث، ونكاح بملك اليمين، ولا ولاية لاحد على المرأة إلا لابيها مادامت بكرا، فإذا كانت ثيبا فلا ولاية لاحد عليها، ولا يزوجها أبوها ولا غيره إلا بمن ترضى بصداق مفروض، ولا يقع الطلاق إلا على الكتاب والسنة، ولا يمين في طلاق ولا في عتق، ولا طلاق قبل نكاح، ولا عتق قبل ملك، ولا عتق إلا ما أريد به وجه الله عزّوجلّ.

والوصية لا تجوز إلا بالثلث، ومن أوصى بأكثر من الثلث رد إلى الثلث، وينبغي للمسلم أن يوصي لذوي قرابته ممن لا يرث بشئ من ماله قل أم كثر، ومن لم يفعل ذلك فقد ختم عمله بمعصية، وسهام المواريث لا تعول على ستة، ولا يرث مع الولد

______________

(١) وهو من الضأن: ما بلغ ثمانية أشهر أو تسعة.

(٢) في نسخة: عن سبعة وسبعين.

(٣) الجزور: ما يصلح أن يذبح من الابل.

٧٤٩

والابوين أحد إلا زوج أو زوجة، والمسلم يرث الكافر، ولا يرث الكافر المسلم، وابن الملاعنة لا يرثه أبوه ولا أحد من قبل أبيه وترثه أمه، فإن لم تكن له ام فأخواله وأقرباؤه من قبل أمه، ومتى أقر الملاعن بالولد بعد الملاعنة الحق به ولده ولم ترجع إليه امرأته، فإن مات الاب ورثه الابن، وإن مات الابن لم يرثه الاب.

ومن شرائط دين الامامية: اليقين، والاخلاص، والتوكل، والرضا، والتسليم، والورع، والاجتهاد، والزهد، والعبادة، والصدق، والوفاء، وأداء الامانة إلى البر والفاجر ولو إلى قاتل الحسين عليه السلام، والبر بالوالدين، واستعمال المروة، والصبر، والشجاعة، واجتناب المحارم، وقطع الطمع عما في أيدي الناس، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله بالنفس والمال على شرائطه، ومواساة الاخوان، والمكافأة على الصنائع، وشكر المنعم، والثناء على المحسن، والقناعة، وصلة الرحم، وبر الآباء والامهات، وحسن المجاورة، والانصاف، والايثار، ومصاحبة الاخيار، ومجانبة الاشرار، ومعاشرة الناس بالجميل، والتسليم على جميع الناس مع الاعتقاد بأن سلام الله لا ينال الظالمين، وإكرام المسلم ذي الشيبة، وتوقير الكبير، ورحمة الصغير، وإكرام كريم كل قوم، والتواضع، والتخشع، وكثره ذكر الله عزّوجلّ، وتلاوة القرآن، والدعاء، والاغضاء، والاحتمال، والمجاملة(١) ، والتقية، وحسن الصحابة، وكظم الغيظ، والتعطف على الفقراء والمساكين، ومشاركتهم في المعيشة، وتقوى الله في السر والعلانية، والاحسان إلى النساء وما ملكت الايمان، وحفظ اللسان إلا من خير، وحسن الظن بالله عزّوجلّ، والندم على الذنب، واستعمال السخاء والجود، والاعتراف بالتقصير، واستعمال جميع مكارم الافعال والاخلاق للدين والدنيا، واجتناب مذامها في الجملة والتفصيل، واجتناب الغضب، والسخط، والحمية، والعصبية، والكبر، والتجبر، واحتقار الناس والفخر، والعجب، والبذاء، والفحش، والبغي، وقطيعة الرحم، والحسد، والحرص، والشره، والطمع، والخرق،

______________

(١) المجاملة: المعاملة بالجميل، وفي نسخة: المحاملة.

٧٥٠

والجهل، والسفه، والكذب، والخيانة، والفسق، والفجور، واليمين الكاذبة، وكتمان الشهادة، والشهادة بالزور، والغيبة، والبهتان، والسعاية، والسباب، واللعان، والطعان، والمكر، والخديعة، والغدر، والنكث، والقتل بغير حق، والظلم، والقساوة، والجفاء، والنفاق، والريا، والزنا واللواط، والربا، والفرار من الزحف، والتعرب بعد الهجرة، وعقوق الوالدين، والاحتيال(١) على الناس، وأكل مال اليتيم ظلما، وقذف المحصنة.

هذا ما اتفق إملاؤه على العجلة من وصف دين الامامية، وسأملي شرح ذلك وتفسير إذا سهل الله عز اسمه لي العود من المقصدي إلى نيسابور إن شاء الله(٢) .

١٠٠٧/٢ - بسم الله الرحمن الرحيم، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام، أنه قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرأ كل ليلة (إنا أنزلناه) ألف مرة، فإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فاشدد قلبك وافتح أذنيك بسماع العجائب مما ترى(٣) .

١٠٠٨/٣ - قال: وقال رجل لابي جعفر عليه السلام: يا بن رسول الله، كيف أعرف أن ليلة القدر تكون في كل سنة؟ قال: إذا أتى شهر رمضان فاقرأ سورة الدخان في كل ليلة مرة، وإذا أتت ليلة ثلاث وعشرين فإنك ناظر إلى تصديق الذي عنه سألت(٤) .

١٠٠٩/٤ - وروي عن أبي عبدالله عليه السلام، أنه قال: صبيحة يوم ليلة القدر مثل ليلة القدر، فاعمل واجتهد(٥) .

وصلّى الله على محمّد وآله

______________

(١) في نسخة: والاختيال.

(٢) بحار الانوار ١٠: ٣٩٣.

(٣) بحار الانوار ٩٦: ٣٧٩/٣.

(٤) بحار الانوار ٩٦: ٣٧٩/٣.

(٥) بحار الانوار ٩٧: ١١/١٦.

٧٥١

[ ٩٤ ]

المجلس الرابع والتسعون

أملاه يوم الثلاثاء

السابع عشر من شعبان سنة ثمان وستين وثلاثمائة

في المشهد المقدس (على ساكنه السلام) عند خروجه إلى ديار ما وراء النهر

١٠١٠/١ - حدّثنا الشيخ الجليل أبوجعفر محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي رضي الله عنه، قال: حدّثنا عليّ بن أحمد بن موسى الدقاق رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، قال: حدّثنا أبوسعيد سهل بن زياد الآدمي الرازي، قال: حدثني عبد العظيم بن عبدالله الحسني، قال: سمعت محمّد بن عليّ الرضا عليه السلام يقول: ما زار أبي عليه السلام أحد فأصابه أذى من مطر أو برد أو حر إلا حرم الله جسده على النار(١) .

١٠١١/٢ - حدّثنا محمّد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدّثنا محمّد بن جعفر الاسدي، قال: حدّثنا محمّد بن إسماعيل البرمكي، قال: حدّثنا عبدالله بن أحمد الشامي، قال: حدّثنا إسماعيل بن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبدالله الصادق عليه السلام عن موسى بن عمران عليه السلام لما رأى حبالهم وعصيهم، كيف أوجس في نفسه خيفة ولم يوجسها إبراهيم عليه السلام حين وضع في المنجنيق وقذف

______________

(١) بحار الانوار ١٠٢: ٣٦/٢٠.

٧٥٢

به في النار؟

فقال عليه السلام: إن إبراهيم عليه السلام حين وضع في المنجنيق كان مستندا إلى ما في صلبه من أنوار حجج الله عزّوجلّ، ولم يكن موسى عليه السلام كذلك، فلهذا أوجس في نفسه خيفة ولم يوجسها إبراهيم عليه السلام(١) .

١٠١٢/٣ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي هدبة، قال: رأيت أنس بن مالك معصوبا بعصابة فسألته عنها، فقال: هذه(٢) دعوة عليّ بن أبي طالب عليه السلام. فقلت له: وكيف كان ذاك(٣) ؟ فقال: كنت خادما لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فأهدي إليه طائر مشوي، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي، يأكل معي من هذا الطائر. فجاء علي عليه السلام، فقلت له: رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلا من قومي، فرفع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يديه الثانية، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي، يأكل معي من هذا الطائر. فجاء علي عليه السلام، فقلت له: رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلا من قومي، فرفع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يديه الثالثة، فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك وإلي، يأكل معي من هذا الطائر، فجاء علي عليه السلام، فقلت له: رسول الله عنك مشغول، وأحببت أن يكون رجلا من قومي، فرفع علي عليه السلام صوته فقال: وما يشغل رسول الله عني؟ فسمعه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: يا أنس، من هذا؟ فقلت: عليّ بن أبي طالب. قال: ائذن له. فلما دخل قال له: يا علي، إني قد دعوت الله عزّوجلّ ثلاث مرات أن يأتيني بأحب خلقه إليه وإلي يأكل معي من هذا الطائر، ولو لم تجئني في الثالثة لدعوت الله باسمك أن يأتيني بك.

فقال علي عليه السلام: يا رسول الله، إني قد جئت ثلاث مرات، كل ذلك يردني

______________

(١) بحار الانوار ١٢: ٣٥/١٢.

(٢) في نسخة: هي.

(٣) في نسخة: يكون ذلك.

٧٥٣

أنس ويقول: رسول الله عنك مشغول.

فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: يا أنس ما حملك على هذا؟ فقلت: يا رسول الله، سمعت الدعوة فأحببت أن يكون رجلا من قومي.

فلما كان يوم الدار استشهدني علي عليه السلام فكتمته، فقلت: إني نسيته، فرفع علي عليه السلام يده إلى السماء فقال: اللهم ارم أنسا بوضح(١) لا يستره من الناس، ثم كشف العصابة عن رأسه فقال: هذه دعوة علي، هذه دعوة علي، هذه دعوة علي(٢) .

١٠١٣/٤ - حدّثنا أبي رحمه الله، قال: حدّثنا عبدالله بن الحسن المؤدب، قال: حدّثنا أحمد بن عليّ الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، قال: حدّثنا أبورجاء قتيبة بن سعيد، عن حماد بن زيد، عن عبد الرحمن السراج، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من فضل أحدا من أصحابي على علي فقد كفر(٣) .

١٠١٤/٥ - حدّثنا محمّد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رضي الله عنه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمّد، قال: حدثني جعفر بن إسماعيل البزاز الكوفي، قال: حدثني عبدالله بن الفضل، عن ثابت بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن عبدالله بن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من أنكر إمامة علي بعدي كان كمن أنكر نبوتي في حياتي، ومن أنكر نبوتي كان كمن أنكر ربوبية ربه عزّوجلّ(٤) .

١٠١٥/٦ - حدّثنا عليّ بن عيسى القمي رضي الله عنه، قال: حدثني عليّ بن محمّد ماجيلويه، قال: حدثني أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن خلف بن حماد الاسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن علي عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم:

______________

(١) الوضح: البرص.

(٢) بحار الانوار ٣٨: ٣٥٣/٤.

(٣) بحار الانوار ٣٨: ١٤/١٩، ويأتي في المجلس (٩٦) الحديث (٥).

(٤) بحار الانوار ٣٨: ١٠٩/٣٩.

٧٥٤

يا علي، أنت أخي ووارثي ووصيي وخليفتي في أهلي وامتي، في حياتي وبعد مماتي، محبك محبي، ومبغضك مبغضي. يا علي، أنا وأنت أبوا هذه الامة، يا علي، أنا وأنت والائمة من ولدك سادة في الدنيا، وملوك في الآخرة، من عرفنا فقد عرف الله، ومن أنكرنا فقد أنكر الله عزّوجلّ(١) .

١٠١٦/٧ - حدّثنا محمّد بن أحمد السناني رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد بن أبي عبدالله الكوفي، قال: حدّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن عليّ بن سالم، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: قال الله جل جلاله: لو اجتمع الناس كلهم على ولاية علي ما خلقت النار(٢) .

١٠١٧/٨ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضي الله عنه، قال: حدّثنا الحسين ابن محمّد بن عامر، عن عمه عبدالله بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن إبراهيم ابن زياد الكرخي، قال: سمعت أبا عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام يقول: لو أن عدو علي جاء إلى الفرات، وهو يزخ زخيخا(٣) ، قد أشرف ماؤه على جنبتيه، فتناول منه شربة، وقال: بسم الله، فإذا شربها قال: الحمد لله، ما كان ذلك إلا ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير(٤) .

١٠١٨/٩ - حدّثنا الحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المؤدب رضي الله عنه، قال: حدّثنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري الكوفي، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن يزيد الزيات الكوفي، قال: حدّثنا سليمان بن حفص المروزي، قال: حدّثنا سعد بن طريف، عن الاصبغ بن نباتة، قال: سئل أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام عن علة دفنه لفاطمة بنت رسول

______________

(١) بحار الانوار ٢٣: ١٢٨/٥٩.

(٢) بحار الانوار ٣٩: ٢٤٧/٤.

(٣) يزخ زخيخا، أي يدفع بعضه بعضا لكثرته.

(٤) بحار الانوار ٢٧: ٢١٨/٣.

٧٥٥

الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ليلا. فقال عليه السلام: إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها، وحرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها(١) .

١٠١٩/١٠ - حدّثنا عليّ بن أحمد بن عبدالله بن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن جده أحمد بن أبي عبدالله، عن أبيه محمّد بن خالد، عن خلف بن حماد، عن أبي الحسن العبدي، عن الاعمش، عن عبابة بن ربعي، عن عبدالله بن عباس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: أتانى جبرئيل وهو فرح مستبشر، فقلت له: حبيبي جبرئيل مع ما أنت فيه من الفرح، ما منزلة أخي وابن عمي عليّ بن أبي طالب عند ربه؟

فقال جبرئيل: يا محمّد، والذي بعثك بالنبوة، واصطفاك بالرسالة، ما هبطت في وقتي هذا إلا لهذا. يا محمّد، الله العلي الاعلى يقرأ عليك السلام، ويقول: محمّد نبي رحمتي، وعلي مقيم حجتي، لا أعذب من والاه وإن عصاني، ولا أرحم من عاداه وإن أطاعني.

قال ابن عباس: ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: إذا كان يوم القيامة أتاني جبرئيل عليه السلام وبيده لواء الحمد وهو سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر، فيدفعه إلي فاخذه وأدفعه إلى عليّ بن أبي طالب.

فقال رجل: يا رسول الله، وكيف يطيق علي حمل اللواء، وقد ذكرت أنه سبعون شقة، الشقة منه أوسع من الشمس والقمر! فغضب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ثم قال: يا رجل، إنه إذا كان يوم القيامة أعطى الله عليا من القوة مثل قوة جبرئيل عليه السلام، ومن الجمال مثل جمال يوسف عليه السلام، ومن الحلم مثل حلم رضوان، ومن الصوت ما يداني صوت داود عليه السلام، ولولا أن داود خطيب في الجنان لاعطي علي مثل صوته، وإن عليا أول من يشرب من السلسبيل والزنجبيل، وإن لعلي وشيعته من

______________

(١) بحار الانوار ٤٣: ٢٠٩/٣٧.

٧٥٦

الله عزّوجلّ مقاما يغبطهم به الاولون والآخرون(١) .

١٠٢٠/١١ - حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رضي الله عنه، قال: حدّثنا الحسن بن متيل الدقاق، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال: حدّثنا محمّد بن سنان، عن جعفر بن سليمان النهدي، قال: حدّثنا ثابت بن دينار الثمالي، عن سيد العابدين عليّ بن الحسين، عن أبيه عليهما السلام، قال: نظر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذات يوم إلى عليّ بن أبي طالب عليه السلام وقد أقبل وحوله جماعة من أصحابه، فقال: من أراد(٢) أن ينظر إلى يوسف في جماله، وإلى إبراهيم في سخائه، وإلى سليمان في بهجته، وإلى داود في قوته، فلينظر إلى هذا(٣) .

١٠٢١/١٢ - حدّثنا جعفر بن محمّد بن مسرور رضي الله عنه، قال: حدّثنا محمّد ابن عبدالله بن جعفر بن جامع الحميري، عن أبيه، عن يعقوب بن يزيد، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه عليهم السلام، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: علي مني وأنا من علي، قاتل الله من قاتل عليا، لعن الله من خالف عليا، علي إمام الخليقة بعدي، من تقدم على علي(٤) فقد تقدم علي، ومن فارقه فقد فارقني، ومن آثر عليه فقد آثر علي، أنا سلم لمن سالمه، وحرب لمن حاربه، وولي لمن والاه، وعدو لمن عاداه(٥) .

١٠٢٢/١٣ - حدّثنا أحمد بن عليّ(٦) بن إبراهيم رحمه الله، قال: حدّثنا أبي، عن ياسر، قال: لما ولي الرضا عليه السلام العهد سمعته وقد رفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إنك تعلم أني مكره مضطر، فلا تؤاخذني كما لم تؤاخذ عبدك ونبيك يوسف حين

______________

(١) بحار الانوار ٨: ٢/٢.

(٢) في نسخة: أحب.

(٣) بحار الانوار ٣٩: ٣٥/٢.

(٤) في نسخة: من تقدم عليا، وفي اخرى: من تقدم عليه.

(٥) بحار الانوار ٣٨: ١٠٩/٤٠.

(٦) في نسخة: عليّ بن أحمد.

٧٥٧

دفع إلى ولاية مصر(١) .

١٠٢٣/١٤ - حدّثنا الحسين بن أحمد البيهقي، قال: أخبرنا محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدّثنا أبوذكوان، قال: سمعت إبراهيم بن العباس يقول: ما رأيت الرضا عليه السلام سئل عن شئ قط إلا علمه، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كل شئ فيجيب فيه، وكان كلامه كله وجوابه وتمثيله بآيات من القرآن، وكان يختمه في كل ثلاث، ويقول: لو أردت أن أختمه في أقل من ثلاث لختمت، ولكن ما مررت بآية قط إلا فكرت فيها، وفي أي شئ أنزلت، وفي أي وقت، فلذلك صرت أختم في ثلاثة أيام(٢) .

١٠٢٤/١٥ - قال الصولي: وحدثنا الحسين(٣) بن الجهم، قال: حدّثنا أبي، قال: صعد المأمون المنبر ليبايع عليّ بن موسى الرضا عليه السلام، فقال: أيها الناس، جاءتكم بيعة عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ عليهم السلام، والله لو قرئت هذه الاسماء على الصم البكم لبرئوا بإذن الله(٤) .

١٠٢٥/١٦ - حدّثنا الحسين بن أحمد البيهقي، قال: أخبرنا محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدثني هارون بن عبدالله المهلبي، قال: حدّثنا دعبل بن عليّ الخزاعي، قال: جاءني خبر موت عليّ بن موسى الرضا عليه السلام وأنا مقيم بقم، فقلت قصيدتي الرائية هذه:

أرى أمية معذورين إن قتلوا

ولا أرى لبني العباس من عذر

أولاد حرب ومروان وأسرتهم(٥)

بني معيط ولاة الحقد والوغر

قوم قتلتم على الاسلام أولهم

حتى إذا استمكنوا جازوا على الكفر

______________

(١) بحار الانوار ٤٩: ١٣٠/٥.

(٢) بحار الانوار ٤٩: ٩٠/٣.

(٣) في نسخة: الحسن.

(٤) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ١٤٧/١٨، بحار الانوار ٤٩: ١٣٠/٦.

(٥) في نسخة: وأسوتهم.

٧٥٨

إربع(١) بطوس على قبر الزكي به

إن كنت تربع من دين على وطر

قبران في طوس خير الناس كلهم

وقبر شرهم هذا من العبر

ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا

على الزكي بقرب الرجس من ضرر

هيهات كل امرئ رهن بما كسبت

له(٢) يداه فخذ ما شئت أو فذر(٣)

١٠٢٦/١٧ - حدّثنا محمّد بن عليّ ماجيلويه رحمه الله، قال: حدثني عليّ بن إبراهيم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن أبي الصلت الهروي، قال: بينا أنا واقف بين يدي أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام إذ قال لي: يا أبا الصلت، ادخل هذه القبة التي فيها قبر هارون فأتني بتراب من أربع جوانبها. قال: فمضيت فأتيت به، فلما مثلت بين يديه قال لي: ناولني من هذا التراب، وهو من عند الباب، فناولته، فأخذه وشمه، ثم رمى به، ثم قال: سيحفر لي ها هنا قبر، وتظهر صخرة، لو جمع عليها كل معول بخراسان لم يتهيأ قلعها، ثم قال: في الذي عند الرجل والذي عند الرأس مثل ذلك، ثم قال: ناولني هذا التراب، فهو من تربتي.

ثم قال: سيحفر لي في هذا الموضع، فتأمرهم أن يحفروا لي سبع مراقي إلى أسفل، وأن يشق لي ضريحة، فإن أبوا إلا أن يلحدوا، فتأمرهم أن يجعلوا اللحد ذراعين وشبرا، فإن الله عزّوجلّ سيوسعه لي ما شاء، فإذا فعلوا ذلك فإنك ترى عند رأسي نداوة، فتكلم بالكلام الذي أعلمك، فإنه ينبع الماء حتى يمتلئ اللحد، وترى فيه حيتانا صغارا فتفت لها الخبز الذي اعطيك فإنها تلتقطه، فإذا لم يبق منه شئ خرجت منه حوتة كبيرة، فالتقطت الحيتان الصغار حتى لا يبقى منها شئ، ثم تغيب، فإذا غابت فضع يدك على الماء، وتكلم بالكلام الذي أعلمك، فإنه ينضب ولا يبقى منه شئ، ولا تفعل ذلك إلا بحضرة المأمون.

______________

(١) أي تمكث وانتظر.

(٢) في نسخة: به.

(٣) عيون أخبار الرضا عليه السلام ٢: ٢٥١/٢، بحار الانوار ٤٩: ٣١٨/٣.

٧٥٩

ثم قال عليه السلام: يا أبا الصلت، غدا أدخل إلى هذا الفاجر، فإن أنا خرجت وأنا مكشوف الرأس فتكلم اكلمك، وإن خرجت وأنا مغطى الرأس فلا تكلمني.

قال أبوالصلت: فلما أصبحنا من الغد لبس ثيابه وجلس في محرابه ينتظر، فبينا هو كذلك إذ دخل عليه غلام المأمون، فقال له: أجب أميرالمؤمنين، فلبس نعله ورداءه وقام يمشي وأنا أتبعه، حتى دخل على المأمون وبين يديه طبق عليه عنب، وأطباق فاكهة بين يديه، وبيده عنقود عنب قد أكل بعضه وبقي بعضه، فلما أبصر بالرضا (صلوات الله عليه) وثب إليه وعانقه، وقبل ما بين عينيه، وأجلسه معه، ثم ناوله العنقود وقال: يا بن رسول الله، هل رأيت(١) عنبا أحسن من هذا. فقال له: الرضا عليه السلام: ربما كان عنبا حسنا يكون من الجنة. فقال له: كل منه. فقال له الرضا عليه السلام: أو تعفيني منه؟ فقال: لا بد من ذلك، ما يمنعك منه، لعلك تتهمنا بشئ؟ فتناول العنقود فأكل منه، ثم ناوله فأكل منه الرضا عليه السلام ثلاث حبات ثم رمى به وقام، فقال له المأمون: إلى أين؟ قال: إلى حيث وجهتني.

وخرج عليه السلام مغطى الرأس، فلم أكلمه حتى دخل الدار، فأمر أن يغلق الباب فأغلق، ثم نام على فراشه، فمكثت واقفا في صحن الدار مهموما محزونا، فبينا أنا كذلك إذ دخل علي شاب حسن الوجه قطط الشعر، أشبه الناس بالرضا عليه السلام، فبادرت إليه فقلت له: من أين دخلت والباب مغلق؟ فقال لي: الذي جاء بي من المدينة في هذا الوقت، هو الذي أدخلني الدار والباب مغلق. فقلت له: ومن أنت؟ فقال لي: أنا حجة الله عليك يا أبا الصلت، أنا محمّد بن علي.

ثم مضى نحو أبيه عليهم السلام، فدخل وأمرني بالدخول معه، فلما نظر إليه الرضا عليه السلام وثب إليه وعانقه وضمه إلى صدره وقبل ما بين عينيه، ثم سحبه سحبا إلى فراشه(٢) ، وأكب عليه محمّد بن عليّ عليهما السلام يقبله ويساره بشئ لم

______________

(١) في نسخة: ما رأيت.

(٢) في نسخة: في فراشه.

٧٦٠

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799