الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي7%

الأمالي الشيخ الطوسي مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 799

الأمالي الشيخ الطوسي المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 799 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 945551 / تحميل: 10634
الحجم الحجم الحجم
الأمالي الشيخ الطوسي

الأمالي الشيخ الطوسي

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

غذاؤه جحن ومحثل وجدع، وكلما غذي بغير أمه يقال له عجي ويقال عند بني فلان حوار يعاجونه بغير أمه، قال النمر بن تولب :

فأعطت كلما غذيت شبابا

فأنبتها نباتا غير حجن

وقال أوس بن حجر :

وذات هدم عار نواشرها

تصمت بالماء تولبا جدعا

وقال العجاج :

ولم يجلها لائحات الانكال

ولم ينبت شبر بالاحثال

ويقال أصابت الناس سنة فقرقمت السخال أي ساء غذاؤها فصغرت عليه، قال الشاعر [ وهو امرؤ القيس ] :

تطعم فرخا لها صغيرا

قرقمة الجوع والاحثال

قلوب خزان ذي أورال

قوتا كما يرزق العيال

ويقال عوى الفصيل ولا يقال لشئ من البهائم عوى إلا الكلب والذئب، قال ذو الرمة :

به الذئب محزونا كأن عواء‌ه

عواء فصيل آخر الليل محثل

واليتم في البهائم موت الام وفي الانس موت الاب، قال أبو النجم :

خوصاء ترمي باليتيم المحثل

لا تحفل الرجز ولا قيل حل

تخبط الذائد أن لم يرحل ويقال للبعير إذا حسن غذاؤه كانت له درة أمه وعلالتها وعفافتها، فأما الدرة فما ينزل من صلبها إلى ضرتها، وأما العلالة فلبن ينزل

٨١

بعد لبن وأصل ذلك من قولك نهل البعير وعل، فأما النهل فالشربة الاولى وأما العلل فالثانية، وأما العفافة فأن يحلب الرجل الناقة أو الشاة ويلقي ولدها عليها فما أنزلت بعد ذلك فهي العفافة، قال الاعشى وذكر ظبية ترضع ولدها ما تجافى عنه النهار وما تعجوه إلا عفافة أو فواق الفواق ما بين الحلبتين يقال انتظره فواق ناقة، ويقال قد اجتمع فيقة في ضرعها فاحلب، ويقال استفق ناقتك أي انظر هل دنا فواقها الذي يجتمع فيه اللبن، ويقال أفاقت هي وإفاقتها نزول اللبن بعد الحلب وجيئته بعد وقت حلبها، وما اجتمع في الضرع سمي فيقة، قال الاعشى :

حتى إذا فيقة في ضرعها اجتمعت

جاء‌ت لترضع شق النفس لو رضعا

وفيقات جمع فيقة، وقال الراجز :

غزر له بوقات فيقات بوق

اعمد براعيس أبوها ذعلوق

ذعلوق اسم فحل، بوق فعل من البائقة وهي الدفعة الشديدة من المطر، ويقول أهل الحجاز رضع يرضع ويقول قيس وتميم رضع يرضع، قال وأنشدنا عيسى بن عمر [ لعبدالله بن همام السلولي ] قال ينشده أهل الحجاز :

وذموا لنا الدنيا وهم يرضعونها

أفاويق حتى ما يدر لها ثعل

الثعل خلف زائد في الاخلاف، والثعل أيضا سن زائدة في الاسنان، ويقال شاة ثعول، فإذا خدجت الناقة لسبعة أشهر أو ثمانية فعطفت على ولدها الذي من عام أول فهي الصعود يقال

٨٢

ناقة صعود وإبل صعائد، فإذا خدجت الناقة أو مات فعطفت على غيره فرئمته فهي رائم ورؤوم، فإذا لم ترأم دس في حيائها خرق ثم خل عليها ثم لطخ الولد الذي يريدون أن يعطفوها بسلاها وبما يخرج منها ثم يشد منخراها فيأخذها لذلك كرب فإذا جهدت نزعت غمامتها من أنفها وسل ما في حيائها وأدني منها الولده فوجدت حس ما يخرج منها وتنفس، فإذا خرجت غمامتها من أنفها وجدت ريح السلا من الحوار الذي قرب إليها فتدر وترأمه، والذي يكون في الحياء يسمى الدرجة، وأنشد :

وقد شدت غمامتها عليها

ودرجتا وخيسها الهجار

وقال الآخر :

وكنت كذات البو تعطف كرهة

فطابقت حتى خرمتك الغمائم

فإذا عطفت على الولد فدرت عليه فهي ظؤور ولاهلها ما فضل عن الولد، فإن عطفت على اثنين قسم اللبن بينهما واستعين عليها بلبن أخرى، فإذا غذي الولد كذا بغير أمه فهو عجي والجميع العجايا، فإذا عطف ثلاث على واحد أو ثنتان على واحد فرئمتاه جميعا فغذي الواحد بالواحدة وتخلى أهل البيت بالاخرى لانفسهم فهي تسمى الخلية، فإذا تركت الناقة مع ولدها ولم تعطف على غيره فهي بسط وبسط والجماع أبساط، قال أبوالنجم :

بلهاء لم تحفظ ولم تضيع

يدفع عنها الجوع كل مدفع

خمسون بسطا في خلايا أربع يصف امرأة يقول لم تكن تخاف فيوضع عليها رقيب ولم تكن ممن

٨٣

يهون على أهله فيتركوها فهي بين ذلك، وقوله في خلايا أربع أي مع خلايا أربع كقول النابغة الجعدي :

ولوح الذراعين في بركة

إلى جؤجؤ رهل المنكب

إنما أراد مع بركة، فإذا رئمت بأنفها ومنعت درتها فهي العلوق، قال النابغة الجعدي :

وكيف تواصل من أصبحت

خلالته كأبي مرحب

رآك ببث فلم يلتفت

إليك وقال كذاك ادأب

وما نحني كمناح العلو

ق ما تر من غرة تضرب

قال وأنشدني أبوعمرو بن العلاء [ لافنون التغلبي ] :

عما جزوا عامرا سوأى بحسنهم

أم عم يجزونني السوأى من الحسن

أم كيف ينفع ما تعطى العلوق به

رئمان أنف إذا ما ضن باللبن

وإذا نفرت عن الولد قيل ناقة مذائر فإذا صرت فالخشب الذي يشد بالخيط على خلفها التودية و [ الجماع ] التوادي، قال الراجز :

يحملن في سحق من الخفاف

تواديا شوبهن من خلاف

وقال الآخر ينوء بقلع راعيها التوادي والقلع الخف الخلق أو جلدة شبه الزنفالجة، ينوء [ بقلع ] راعيها يقول تثقل فيه التوادي حتى يميل، فإذا صرت الناقة فخشي عليها إذا حفلت أو يضيق الصرار جعل بين الخيط والخلف بعرة من بعرها فذلك البعر الذيار، قال الراجز

٨٤

حرقها من النجيل أشهبه

ومرتع من ذي الفلاة يطلبه

قرب وهدانا له مدربه

لا يشتري العطر ولا يستوهبه

إلا ذيارا بيديه جلبه فإذا عضن الصرار حتى يضر به قيل ناقة مجددة الاخلاف، قال حميد الارقط يذكر قطا :

ضربا على جآجئ منحات

أولاد أبساط مجددات

منحات متحرفة وهي مجددة ليس لها ضرع وهي مخلاة وولدها يعني القطاط، قال [ مالك بن خالد الخناعي ]

الهذلي رويد عليا جد ما ثدي أمهم

إلينا ولكن ودهم متماين

وقال مسافر بن أبي عمرو :

تمد إلى الاقصاء ثديك كله

وثدي الاداني ذو عوار مجدد

وأصل الجد القطع يقال جد الناس النخل إذا صرموه، قال الشاعر :

كأن المشرفية تختليهم

مخالب خيبر زمن الجداد

فإذا بركت الناقة على بول أو ندى أو أصابتها عين فتعقد لبنها في ضرعها فخرج اللبن خاثرا متقطعا كأنه قطع الاوتار وسائر اللبن ماء أصفر رقيق قيل قد أخرطت ناقة فلان فهي مخرط وهن نوق مخارط ولبنها الخرط، والمنغر التي تحلب لبنا خلطه دم، ويقال ممغر ومنغر ويقال أمغرت وأنغرت والجماع المماغير والمناغير، فإذا كان ذلك من عادتها فهي ممغار ومنغار فإذا حلبت الناقة فحبست لبنها وكرهت الولد وأنكرت الحالب فرفعت درتها قيل غارت تغار مغارة وغرارا وهى ناقة مغار يا فتى، قال العجاج يصف المنجنيق

٨٥

وبضربها مثلا للناقة إذا قل لبنها :

إذا رأى أو رهب الغرارا

موج الوضين قدم الذيارا

الغرار شفرة السيف والسهم، قال حميد الارقط سن غرارية مداويس القين وقال [ الداخل بن حرام ] الهذلي سليم النصل لم يدحض عليه الغرار فقدحه زعل دروج ويقال ما كان نوم فلان إلا غرارا أي خفيف ثم ينقطع، فإذا بعتت بطيبة النفس والدرة قيل نعوس، ودرة الابل مع النعاس ودرة الغنم مع الاجترار، قال حدثني أبوعمرو بن العلاء قال سمعت جندل بن الراعي ينشد بلال بن أبي بردة [ لابيه ] :

نعوس إذا درت جروز إذا غدت

بويزل عام أو سديس كبازل

قال فكاد صدري ينفرج، قال جبيهاء الاشجعي :

رقود لو ان الدف يضرب تحتها

لتنحاش من قاذورة لم يناكر

وقال الراجز :

إذا انفججن رقدا قياما

حسبت في أرفاغها سلاما

والخلفان المقدمان يسميان القادمين والمؤخران يسميان الآخرين، فإذا تركت الناقة بغير صرار فهي باهل والجميع بهل، ويقال أبهلها مع ولدها تشرب متى شاء‌ت، ويقا للسخلة إذا خلي مع أمه من الغنم قد أرجل فهو يرجل إرجالا وكذلك هو من الابل، قال أبو النجم فظل حولا في رضاع نرجله

٨٦

فإذا درت الناقة على غير ولدها أو على غير ما تعطف عليه فهي مرئ كما ترى، ويقال درت تدر درورا إذا أنزلت اللبن، ودر الخراج إذا كثر، وجمع مري مرايا، ومسح الضرع لتدر المرية مضموم وإنما سميت مرايا أنها تدر على المسح، والمسح المري، قال أبوزبيد :

شامذا تتقي المبس عن المر

ية كرها بالصرف ذي الطلاء

وهو الدم الذي يطلى به، والشامذ التي ترفع ذنبها، والمبس الذي يقول لها بس على ذا، والمرية الاسم من المري، يقال مراه يمريه مريا ومرية، ويقال للبعير إذا ظلع فجعل لا يتمكن من الوطي تركته يمري مريا، قال الشاعر :

إذا حل عنها الرحل ألقت برأسها

إلى شذب العيدان أو صفنت تمري

تمري تمسح كأنها معيية فهي تمسح الارض، فإذا اشتدت درتها قيل حفلت وحشكت واشتكرت، فإذا امتلا الضرع إلا شيئا قليلا قيل حالق، قال الخطيئة :

وإن لم يكن إلا الاماليس [ أصبحت ]

بها حالقا ضراتها شكرات

الحالق التي قد دنا ضرعها من الامتلاء، قال ابن لجاء في الضرة :

كأنها نطت إلى ضراتها

من خشب الطلح مجوفاتها

ويروى من نخر الطلح يريد سعة مخارج اللبن، وقال زهير :

كما استغاث بسئ فز غيطلة

خاف العيون فلم ينظر به الحشك

ويقال حشك الوادي بمل‌ء جنبيه إذا دفع، والصرف صبغ أحمر.

٨٧

قال أنشدنا أبوعمرو بن العلاء [ السلمة بن الخرشب الانماري ] :

كميت غير محلفة ولكن

كلون الصرف عل به الاديم

قال وحدثنا أبوعمرو بن العلاء قال يطلع كوكب قبل سهيل يقال له ثور أبيض يسمى المحلف لان الناس يشكون فيه حتى يتحالفون أنه سهيل فمن ثم قيل للشئ يشكون فيه محلف، قال وحدثنا أبوعمرو قال يطلع كوكبان أسفل من ذلك أو معه يقال لهما حضار والوزن وإنما قيل حضار لبياضه، ويقال للابل البيض الحضار، قال أبوذؤيب :

معتقة صهباء صرف سباؤها

بنات المخاض شومها وحضارها

والشوم السود، قال ولم أسمعه إلا في الجماع، ويقال رفقت الناقة ترفق رفقا إذا استدت الاحاليل من ورم وهي مخارج اللبن فخرج اللبن دقيقا، قال ومثل من الامثال يضرب للرجل يخطئ فيكثر شخب في الاناء وشخب في الارض، والشخب ماخرج عند كل غمزة والشخب العمل، فإذا قصر خلف الناقة فلم يخرج لبنها إلا بأصبعين فتلك المصور، قال رجل من فرسان العرب.

أوكل بالخزازة كل يوم

ويقسم بيننا لبن مصور

والعمل المصر، فإذا اتسع الشخب فهي ثرة يقال ناقة ثرة بينة الثرور، ويقال للطعنة الكثيرة الدم ثرة، فإذا أسرع انقطاع لبن الناقة فلم يبق إلا قليلا حتى يحف فهي قطوع، فإذا دام عزرها فهي مكود [ ومنوح ] وإبل مكائد ومنائح ويقال ما نحت ناقة فلان العام أجمع، قال الراجز

٨٨

إن شرك الغزر المكود الدائم

فاعمد براعيس أبوها الرائم

البراعيس جمع برعيس وهي الغزيرة الطيبة النفس بالدرة، فإذا درت الناقة على الجوع والقر فهي مجالح بغير هاء ويقال قد جالحت الناقة تجالح مجالحة شديدة، قال رجل من غطفان :

لها شعر داج وجيد مقلص

وجسم خداري وضرع مجالح

وقال الفرزدق :

مجاليح الشتاء خبعثنات

اذا النكباء ناوحت الشمالا

وكل غليظ الجسم من الابل وغيهرا خبعثن، قال أبوزبيد يصف الاسد :

خبعثنة في ساعديه تزايل

تقول وعى من بعد ما قد تكسرا

والصمرد القليلة اللبن البكيئة، والخنجور الغزيرة، والرهشوش الرقيقة الغزيرة، قال رؤبة :

أنت الجواد رقة الرهشوش

تكرما والهش للهشيش

وقال الحطيئة [ ومنعت وفرا جمعت فيها ] مذممة خناجر أي غزار والواحدة خنجور، والتزنيم أن تشق أذن الناقة ثم تفتل حتى تيبس فتصير معلقة، قال المسيب بن علس:

رأوا نعما سودا فهموا بأخذه

إذا التف من دون الجميع المزنم

رأوا نعما يقول يجاء بهذه الابل قرب البيوت فتلتف فيراها أهل الحوار فيعجبون بها، فإذا كانت الناقة سريعة الاستعطاش

٨٩

قيل ناقة هافة وناقة مهياف، والعسوس شيئان في الابل فأحدهما أن الناقة إذا ضجرت عند الحلب قيل ناقة عسوس وفيها عسس وهو سوء الخلق، ويقال بئس العسوس أي بئست مطلب الدرة، وطلب الدرة أن يدخل فيروز ويمسح الضرع، قال ابن أحمر :

وراحت الشول ولم يحبها

فحل ولم يعتس فيها مدر

أي لم يرز من جهد الناس، ومثل العسوس القسوس وهي التي تطلب في الابل وتبتغى منها الدرة، فإذا شالت الناقة للقاح فهي شائل والجماع الشول، فإذا أتى عليها سبعة أشهر من نتاجها أو ثمانية فهي شائلة بالهاء والجمع شول، قال وهذا عجب ومخرجه صائم وصوم وصاحب وصحب ونائم ونوم وشارب وشرب ويقال مثله ناصر ونصر يريد النصار، قال العجاج :

بواسط أفضل دار دارا

والله سمى نصرك ألانصارا

وقال في أخرى إن قال قيل لم أكن في القيل قائل وقيل من القائلة يقول إن قال أناس لم أكن فيهم يريد القائلين، قال ابن احمر :

وما كنت أخشى أن تكون منيتي

ضريب جلاد الشول حمطا وصافيا

والضريب لبن يجلب بعضه على بعض حتى يتلبد ولا يكون إلا من إبل شتى لا يكون من واحدة، ويقال أكفأ فلان فلانا وهو

٩٠

أن يعطيه أولادها وأوبارها وألبانها تلك السنة كلها كما قال ذو الرمة :

ترى كفأيتها تنفضان ولم يجد

لها ثيل سقب في النتاجين لامس

سبحلا أبا شرخين أحيا بناته

مقاليتها فهي اللباب الحبائس

الشرخان نتاج سنتين من الابل والناس، قال حسان إن شرخ الشباب والشعر الاسود ما لم يعاص كان جنونا شرخ الشباب النتاج الذي ولد مع الشباب، قال الفرزدق :

نأتني الغانبات فقلن هذا

أبونا جاء من تحت السلام

ولو جداتهن سألن عني

رددن علي أضعاف السلام

رأين شروخهن مؤزرات

وشرخ لدي أسنان الهرام

وقال العجاج :

إذا الاعادي حسبونا بخبخوا

صيد تسامى وشروخ شرخ

الصيد داء يأخذ الانف فيميل منه رأس البعير ويسيل منه زبد فيقال للرجل الذي به كبر أصيد فلما كثر تشبيههم به قالوا رجل أصيد وقوم صيد، قال رؤبة يذكر السيوف :

نعصى بغربي كل نصل قداد

إذا استعيرت من جفون الاغماد

فقأن بالصقع يرابيع الصاد ويقال الصيد والصاد ويقال أخذه صيد وصاد إذا أخذه ورم في أنفه، فشبه الورم باليربوع، وقوله تنفضان أي تذهبان، ويقال أنفض بنو فلان إذا ذهب زادهم ويقال أصبح بنو فلان منفضين إذا لم يبق معهم زاد، والمقلات التي لا يعيش

٩١

لها ولد، قال والقلت الهلاك، قال وسمعت شيخا من بلعنبر يقول إن ابن آدم ومتاعه لعلى قلت إلا ما وقى الله، وقال [ أبو المثلم ] الهذلي :

له عكة وله ظبية

إذا أنفض الناس لم ينفض

متى ما أشأ غير زهو الرجا

ل أجعلك رهطا على حيض

وأكحلك بالصاب أو بالجلا

ففقح لكحلك أو غمض

قال الاصمعي قلت لشيخ من هذيل ما فعل أبوك قال رفع رأسه ففقح أي فتح عينيه من المرض، والرهط أديم يؤخذ ويترك أعلاه ويشق الذي يلي الساقين والفخذين فيستتر بالصحيح منه ويهون المشي فيه للشقيق، يقول أجعلك ثوب امرأة حائض، والصاب شجر له لبن إذا قطر على الجلد أحرقه فإن كحل به فذلك البلاء، قال أبوذؤيب :

نام الخلي وبت الليل مشتجرا

كأن عيني فيها الصاب مذبوح

وقال الآخر :

كأن الخزامى طلة في ثيابها

إذا طرقت أو فار مسك يذبح

يقول كأن الخزامى ندية في ثيابها يعني طيب ريحها ولو كانت يابسة ذهب ريحها، وقال المتنخل:

بطعن يفجر اللبات ثر

وضرب مثل تعطيط الرهاط

أي مثل تشقيق الرهاط، ويقال ما في إبله قاضية أي ليس فيها ما يجوز عند أصحاب الصدقة ولا في الديات، والقاضية التي تقضي عنه، قال ابن أحمر

٩٢

لعمرك ما أعان أبوحكيم

بقاضية ولا بكر نجيب

فصدق ما أقول بحبحبي

كفرخ الصعو في العام الجديب

فلا تبعد فقد بعدت وضاعت

قلاص العقل بعد بني حبيب

وهي القواضي قال أدنى ما يجوز في الدية [ القاضية ] والفريضة من مخاض، وفي الابل الطرف والتلد، فأما الطرف فالتي اشتريت حديثا والتلد واحدها تليد وهو الذي اشتري منذ حين فتلد عندهم أي طال مقامه، والتلاد الذي ولد عندهم والتلاد الواحد والجميع فيه سواء، قال الشاعر :

أخذت الدين أدفع عن تلادي

وأخذ الدين أهلك للتلاد

والتلاد من أتلدنا عندنا فنحن نتلد إتلادا، سمعت المنتجع بن نبهان يقول لرجل حلف على باطل :

كأنما تأكل مالا متلدا

وإنما تأكل جمرا موقدا

قال وأصله من الواو مثل التكلان والتخمة، قال الاعشى :

كثير النوافل تبري له

مرازى لست بعدادها

ومنكوحة غير ممهورة

وأخرى يقال لها فادها

ومنزوعة من فناء امرئ

لمبرك أخرى ومرتادها

تدرك على غير أسمائها

مطرفة بعد إتلادها

ويقال لسنام البعير السنام، والشرف، والذروة، والقمعة، والقحدة، والهودة، يقال إبل لها هود ضخام، والعريكة والكتر، قال علقمة :

قد عريت زمنا حتى استطف لها

كتر كحافة كير القين ملموم

٩٣

قال ولم أسمع بالكتر إلا في هذا البيت، واستطف ارتفع، فإذا كانت الناقة مفترشا سنامها في جنبيها وليس بمشرف قيل ناقة دكاء كما ترى وهو الدكك، فإذا كانت مشرفة السنام فهي مسنمة وسنمة، قال رجل من أهل البادية يذكر الطعام في اليوم البارد:

جزور سنمة وموسى

خذمة في غداة شبمة

فإذا عظم جنبا السنام وجريا بالشحم على الاضلاع قيل جزور شطوط وهن جزر شطائط، ويقال جزور عظيمة الشطين أي عظيمة جنبي السنام،

قال الراجز [ وهو أبوالنجم ] :

شط أمر فوقه بشط

لم ينزل في البطن ولم ينحط

ومما يذكر به غزارة الابل يقال ناقة رهشوش إذا كانت رقيقة خوارة غزيرة والغزر مع الخؤورة، قال رؤبة بن العجاج أنت الجواد رقة الرهشوش ويقال ناقة خبر إذا كانت غزيرة وأصل ذلك من المزادة تسمى الخبر، قال النابغة يذكر إبلا الماء للخيل في المزادة مقرنة بالادم والصهب كالقطا عليها الخبور محقبات المراجل ويقال ناقة برعيس إذا كانت رقيقة غزيرة، ويقال ناقة صفي وهن الصفايا إذا كن غزارا، وناقة لهموم إذا كانت غزيرة وإبل لهاميم، وناقة خنجور وهي الغزيرة،

٩٤

ما يذكر به البك‌ء والبك‌ء المصدر وهو قلة الغزر يقال بكؤت الناقة وبكأت تبكأ بكئا، قال سلامة بن جندل :

يقال محبسها أدنى لمرتعها

ولو تعادى ببك‌ء كل محلوب

وناقة بكئ وبكيئة، قال الشاعر [ وهو أبومكعت الاسدي ] :

فليأزلن وتبكأن لبونه

وليصمتن صبيه بسمار

السمار المذق القليل الذي قد اخضر يقال أتانا بسمار وسجاج ومذق وضياح، ويقال جاء‌نا بمذيقة خضراء، قال الشاعر :

نشربه محضا ونسقي عياله

سجاجا كأقراب الثعالب أورقا

ويقال أتانا بمذيقة مثل قرب الذئب ومثل طرة الخنيف، والخنيف ثوب من كتاب أخضر وشبه اللبن بطرة الثوب الاخضر، وكل لبن شد مذقه [ بالماء فهو مجهود ] يقال أتانا بلبن مجهود، ويقال أتانا بشربة خرساء إذا كانت ثخينة إذا صبت، ويقال أتانا بالمرضة وهي شربة ثقيلة خاثرة، وكل ثقيل فهو مرض، وناقة صمرد إذا كانت قليلة اللبن، وناقة فتوح إذا كانت إذا مشت شخبت أخلافها، ويقال ناقة ضروس إذا كانت سيئة الخلق عند الحلب،

قال بشر بن أبي خازم:

عطفنا لهم عطف الضروس من الملا

بشهباء لا يأتي الضراء رقيبها

٩٥

الملا أرض مستوية، ويقال ناقة نخور وهي التي لا تدر حتى يضرب أنفها، وناقة عصوب وهي التي لا تدر حتى يعصب فخذاها، قال الحطيئة :

تدرون إن شد العصاب عليكم

ونأبى إذا شد العصاب فلا ندر

ويقال للناقة إذا أصاب أحد أخلافها شئ فيبس ناقة ثلوث، قال [ صخر الغي ] الهذلي [ ألا قولا لعبد الجهل ] إن الصحيحة لا تحالبها الثلوث وإذا بركت الناقة وسط الابل قيل ناقة دفون، فإذا بركت في ناحية قيل ناقة كنوف، وإذا كثر وبر الناقة وكانت جلدة قيل ناقة مدفأة، قال الشماخ :

وكيف يضيع صاحب مدفآت

على أثباجهن من الصقيع

[ و ] يقال ناقة نزوع وجمل نزوع الذكر فيه والانثى سواء وهو الذي يطرب إلى بلاده فينزع إليها واسم ذلك النزاع، قال الراعي :

واستقبلت سربهم هيف يمانية

هاجت نزاعا وحاد خلفهم غرد

وقال ذو الرمة :

ظللت كأني واقف عند رسمها

بجاجة مقصور له القيد نازع

والنزائع من الابل والخيل والناس، يقال ما أنجب النزائع أي الغرائب، قال طفيل في نزائع الخيل:

نزائع مقذوفا على سرواتها

بما لم يخالسها الغزاة وتسهب

وقال الطرماح:

٩٦

نزيعان من جرم بن زبان إنهم

أبوا أن يريقوا في الهزاهز محجما

وقال العجير :

أمن أهل الاراك هوى نزيع

نعم أسقيهم لو نستطيع

ويقال ناقة قذور إذا كانت تبرك مع الابل، ويقال ناقة زحوف إذا كانت تجر رجليها، ويقال ناقة صفوف إذا كانت تجمع بين محلبين، ويقال ناقة رفود إذا كانت تملا الرفد، والرفد العس، قال الاعشى :

رب رفد هرقته ذلك اليو

م وأسرى من معشر أقتال:

الاقتال الاعداء يقال هو قتلك أي عدوك، ويقال ناقة مخزاب وهي التي لا تزال يكون في ضرعها غلظ يقال خزبت الناقة تخزب خزبا فيسخن لها الجباب فيدهن به ضرعها، قال النابغة :

نفجتم لمما لهم

عصلا كأذناب الثعالب

يجري الجباب على المفا

رق جامد منه وذائب

ويقال ناقة كزوم إذا كانت قصيرة الخطم كزته، [ ويقال ناقة مسياع وهي التى نصبر على الاضاعة والجفاء وسوء القيام عليها ] ويقال رجل مسياع إذا كان مضياعا لا يحسن أن يقوم على ماله، قال والافقار في الابل أن يعطى الرجل الناقة أو البعير فيركبه ثم يرده، والاطراق أن يعار الفحل فيضرب ثم يرد، ويقال لضراب الفحل طرقه، قال الراعي :

كانت نجائب منذر ومحرق

أماتهن وطرقهن فحيلا

٩٧

الفحيل من الابل الذي يصلح للضراب، ويقال بعير للرحلة إذا أريد للركوب، ويقال بعير ذو رحلة إذا كان قويا على الركوب، ويقال بعير ذو فحلة إذا كان يصلح للافتحال، ويقال بعير مسدم إذا حبس عن آلافة ولا يكون إلا في الذكور، والافيل ابن مخاض وابن لبون والانثى أفيلة، قال إهاب بن عمير :

ظللت بمندح الرحى مثولها

ثامنة ومعولا أفيلها

المندح المتسع ومثولها قيامها، ومعولا أفيلها يقول يرغو من العطش، وطروقة الجمل ما بلغ أن يحمل عليه الجمل، فإذا كانت الناقة حقة فقد بلغت أن تكون طروقة، ويقال طرق البعير يطرق طرقا إذا كان في إحدى يديه استرخاء، ويقال بعير أعقل وناقة عقلاء إذا اشتد فرش رجلها، قال النابغة [ الجعدي مطوية الزور طي البئر دوسرة ] مفروشة الرجل فرشا لم يكن عقلا والفرش أن يكون فيه انحناء، فإذا أفرط فهو عقل، ويقال ناقة قسطاء وجمل أقسط إذا كان في يديه انتصاب ويبس، وناقة خفجاء إذا كانت إذا مشت هزت إحدى فخذيها دون الاخرى، وبه سمي خفاجة، ويقال بعير به رجز وبعير أرجز وهو أن ترعد رجلاه حين يقوم، وأنشد [ لابي النجم ] :

تجد القيام كأنما هو نجدة

حتى يقوم تكلف الرجزاء

ويقال بعير أركب وناقة ركباء إذا كان وارم الركبة، ويقال

٩٨

ناقة حلبانة ركبانة إذا كانت تصلح للركوب وللحلب.

وحلباة ركباة مثلها، ويقال بعير أحرد وناقة حرداء إذا كان بنفض إحدى يديه إذا سار، قال أبونخيلة :

ضربا لكل ناكث وملحد

جلدا كتلقيف البعير الاحرد

وقال الراعي :

بين المرافق مبتل مآزرهم

ذأو الجآجئ في أيديهم حرد

وقال رؤبة :

فذاك بخال أروز الارز

وكل مخلاف وكلئز

أحرد أو جعد اليدين جبز ويقال بعير ذو ضب إذا كان بحقه ورم، قال الاغلب ليس بذي عرك ولا ذي ضب والعرك الضاغط الصغير، والضاغط جلد يمور ويجتمع يكاد يسد الابط، وأنشد [ لابن حبناء التميمي فإن استك الكوماء عيب وعورة ] تطرطب فيها ضاغطان وناكت والناكت أن ينكت المرفق في الجنب، وقال ذو الرمة :

وجوف كجوف القصر لم ينتكت لها

بآباطها الملس الزحاليق مرفق

ويقال بعير واسع الفروج إذا كان بعيد اليدين من الجنبين بعيد ما بين الرجلين، قال بعض الرجاز نابي الفروج من أذاة العركين وقال النمر بن تولب :

كأن بهو ذراعيه وبركته

إذا توجه يمشي مقبلا باب

٩٩

ويقال ناقة طرفة إذا كانت تتبع المرعى وتستطرفه، ويقال ناقة أزية إذا كانت لا تشرب إلا عند مصب الدلو، ومهراق الدلو يسمى الازاء، قال ابن لجاء :

حتى ترى الشنة في إهوائها

ككرة الاعب وانتزائها

من مسقط الدلو إلى إزائها ويقال إبل حوائم إذا كانت عطاشا تحوم حول الحوض، ويقال ظلت الابل تلوب يومها أجمع إذا كانت تدور حول الماء، قال المخبل :

يقاسون جيش الهرمزان كأنهم

قوارب أحواض الكلاب تلوب

ويقال جاء‌ت الابل تصل إذا جاء‌ت عطاشا، قال الراعي :

فسقوا صوادي يسمعون عشية

للماء في أجوافهن صليلا

قال وأنشدني أبومهدي عن مزاحم العقيلي :

غدت من عليه بعد ما تم ظمؤها

تصل وعن قيض بزيزاء مجهل

من عليه يريد من فوقه، وقال آخر [ وهو عمرو بن شأس الاسدي ] :

ألم تعلمي يا أم حسان أنني

إذا عبرة نهنهتها فتجلت

رجعت إلى صدر كجرة حنتم

إذا قرعت صفرا من الماء صلت

ويقال ناقة تاجرة إذا كانت نافقة إذا أدخلت السوق، ويقال ناقة وذمة وهي التي في حيائها مثل الثآليل فيقال وذموها فيقطع ذلك فتلقح، ويقال ناقة عائط وهي تعتاط رحمها لا تحمل أعواما، ويقال اعتاطت أعواما لا تحمل، واعتاطت رحمها

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

لمولاه معتب: والله ما عنى غيري(١) .

١٥٢٠/٤ - وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن محمّد بن الفضيل، وزياد ابن النعمان، وسيف بن عميرة، عن هشام بن أحمر، قال: أرسل إلي أبوعبداللهعليه‌السلام في يوم شديد الحر، فقال لي: اذهب إلى فلان الافريقي، فاعترض جارية عنده من حالها كذا وكذا، ومن صفتها كذا وكذا، فأتيت الرجل فاعترضت ما عنده، فلم أر ما وصف لي، فرجعت إليه فأخبرته، فقال: عد إليه فإنها عنده، فرجعت إلى الافريقي فحلف لي ما عنده شئ إلا وقد عرضه علي ثم قال: عندي وصيفة مريضة محلوقة الرأس ليست مما يعرض. فقلت له: اعرضها علي، فجاء بها متوكئة على جاريتين، تخط برجليها الارض، فرأيتها فعرفت الصفة فقلت: بكم هي؟ فقال لا: اذهب بها إليه فيحكم فيها. ثم قال لي: قد والله أردتها منذ ملكتها، فما قدرت عليها، وأخبرني الذي اشتريتها منه عند ذلك أنه لم يصل إليها، وحلفت الجارية أنها نظرت إلى القمر وقع في حجرها، فأخبرت أبا عبداللهعليه‌السلام بمقالته، فأعطاني مائتي دينار فذهبت بها إليه، فقال الرجل: هي حرة لوجه الله (تعالى)، إن لم يكن بعث إلي بشرائها من المغرب، فأخبرت أبا عبداللهعليه‌السلام بمقالته فقال أبوعبداللهعليه‌السلام : يابن أحمر، أما إنها تلد مولودا ليس بينه وبين الله حجاب.

١٥٢١/٥ - وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن إبراهيم بن مهزم، قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّدعليهما‌السلام يقول: من أخرجه الله (عزّوجلّ) من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه بلا مال، وأعزه بلا عشيرة، وآنسه بلا بشر، ومن خاف الله لم يخف من كل شئ ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شئ، ومن رضي من الله باليسير من المعاش رضي الله منه باليسير من العمل، ومن لم يستح من طلب

____________________

(١) سقط تمام هذا الحديث من المطبوع، وسقط أوله من الحجرية، وقد روى الحر العاملي قطعة منه بهذا الاسناد - وهو الاسناد المتقدم في الحديث: ١٥١٢ - انظر الوسائل ١٧: ٣٠٩/٢٤، طبع مؤسسة آل البيتعليهم‌السلام .

٧٢١

الحلال خفت مؤنته ونعم أهله، ومن زهد في الدنيا أثبت الله الحكمة في قلبه، وأطلق بها لسانه، وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها، وأخرجه الله من الدنيا سالما إلى دار السلام.

١٥٢٢/٦ - وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن سلام الحناط، عن هاشم ابن سعيد، وسليمان الديلمي، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: خرجت مع أبي حتّى انتهينا إلى القبر والمنبر، فإذا أناس من أصحابه، فوقف عليهم فسلم، وقال: والله إني لاحبكم، وأحب ريحكم وأرواحكم، فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد، فإنكم لن تنالوا ولايتنا إلا بالورع والاجتهاد، من ائتم بامام فليعمل بعمله.

ثم قال: أنتم شرطة الله، وأنتم شيعة الله، وأنتم السابقون الاولون، والسابقون الآخرون، أنتم السابقون في الدنيا إلى ولايتنا، والسابقون في الآخرة إلى الجنة، ضمنا لكم الجنة بضمان الله (عزّوجلّ) وضمان رسوله، أنتم الطيبون، ونساؤكم الطيبات، كل مؤمن صديق، وكل مؤمنة حوراء، كم من مرة قد قال عليّعليه‌السلام لقنبر: بشر وابشر واستبشر، فوالله لقد مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنه لساخط على جميع أمته إلا الشيعة، إن لكل شئ عروة، وإن عروة الدين الشيعة، ألا وإن لكل شئ إماما، وإن إمام الارض أرض تسكنها الشيعة، ألا وإن لكل شئ شهوة، وإن شهوة الدنيا لسكني الشيعة فيها، والله لولا ما في الارض منكم ما استكمل أهل خلافكم طيبات مالهم، وما لهم في الآخرة من نصيب، وكل مخالف - وإن تعبد - منسوب إلى هذه الآية:( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ ، عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ ، تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً ، تُسْقَىٰ مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ ) (١) .

والله ما دعا مخالف دعوة خير إلا كانت إجابة دعوته لكم، ولا دعا منكم أحد دعوة خير إلا كانت له من الله مائة، ولا سأله إلا كانت له من الله مائة، ولا عمل أحد منكم حسنة إلا لم تحص تضاعيفها، والله إن صائمكم ليرتع في رياض الجنة، والله إن حاجكم ومعتمركم لمن خاصة الله، وإنكم جميعا لاهل دعوة الله وأهل إجابته، لا

____________________

(١) سورة الغاشية ٨٨: ٢ - ٥.

٧٢٢

خوف عليكم ولا أنتم تحزنون، كلكم في الجنة، فتنافسوا في الدرجات، فوالله ما أحد أقرب إلى عرش الله من شيعتنا، ما أحسن صنيع الله إليهم!

والله لقد قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : يخرج شيعتنا من قبورهم قريرة أعينهم، قد أعطوا الامان، يخاف الناس ولا يخافون، ويحزن الناس ولا يحزنون.

والله ما سعى أحد منكم إلى الصلاة إلا وقد اكتنفته الملائكة من خلفه، يدعون الله له بالفوز حتّى يفرغ، ألا وإن لكل شئ جوهرا، وجوهر ولد آدم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنتم يا سليمان.

وزاد فيه عيثم بن أسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : لولا ما في الارض منكم ما زخرفت الجنة، ولا خلقت حوراء، ولا رحم طفل، ولا أذيقت بهيمة، والله إن الله أشد حبا لكم منا.

١٥٢٣/٧ - وبهذا الاسناد، عن إبراهيم بن صالح، عن زيد بن الحسن، عن أبيه، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : رقدت بالابطح على ساعدي، وعلي عن يميني، وجعفر عن يساري، وحمزة عند رجلي. قال: فنزل جبرئيل وميكائيل واسرافيل، ففزعت لخفق أجنحتهم. قال: فرفعت رأسي، فإذا إسرافيل يقول لجبرئيل: إلى أي الاربعة بعثت وبعثنا معك؟ قال: فركض برجله، فقال: إلى هذا - وهو محمّد سيد النبيين - ثم قال: من هذا الآخر؟ قال: هذا أخوه ووصيه وابن عمه، وهو سيد الوصيين. ثم قال: فمن الآخر؟ قال: جعفر بن أبي طالب، له جناحان خضيبان، يطير بهما في الجنة. قال: ثم قال: فمن الآخر؟ قال: عمه حمزة، وهو سيد الشهداء يوم القيامة.

١٥٢٤/٨ - وعنه، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن الصلت، قال: أخبرنا أحمد ابن محمّد بن سعيد الهمداني، قال: حدّثنا أحمد بن القاسم أبوجعفر الاكفاني من أصل كتابه، قال: حدّثنا عباد بن يعقوب، قال: حدّثنا أبومعاذ زياد بن رستم بياع الادم، عن عبد الصمد، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: قلت: يا أبا عبدالله، حدّثنا حديث عقيل. قال: نعم، جاء عقيل إليكم بالكوفة، وكان عليّعليه‌السلام جالسا في

٧٢٣

صحن المسجد، وعليه قميص سنبلاني(١) ، قال: فسأله، فقال: اكتب لك إلى ينبع. قال: ليس غير هذا. قال: لا.

فبينما هو كذلك إذ أقبل الحسينعليه‌السلام فقال: اشتر لعمك ثوبين، فاشترى له، قال: يابن أخي ما هذا؟ قال: هذه كسوة أميرالمؤمنين، ثم أقبل حتّى انتهى إلى عليّعليه‌السلام فجلس، فجعل يضرب يده على الثوبين وجعل يقول: ما ألين هذا الثوب يا أبا يزيد! قال: يا حسن، أخد(٢) عمك. قال: والله ما أملك صفراء ولا بيضاء. قال: فمر له ببعض ثيابك. قال: فكساه بعض ثيابه. قال: ثم قال: يا محمّد، أخد عمك. قال: والله لا أملك درهما ولا دينارا. قال: فاكسه بعض ثيابك.

قال عقيل: يا أميرالمؤمنين، إئذن لي إلى معاوية. قال: في حل محلل، فانطلق نحوه، وبلغ ذلك معاوية، فقال: اركبوا أفره دوابكم، والبسوا من أحسن ثيابكم، فإن عقيلا قد أقبل نحوكم، وأبرز معاوية سريره، فلما انتهى إليه عقيل قال معاوية: مرحبا بك يا أبا يزيد، ما نزع بك؟ قال: طلب الدنيا من مظانها. قال: وفقت وأصبت، قد أمرنا لك بمائة ألف، فأعطاه المائة ألف.

ثم قال: أخبرني عن العسكرين اللذين مررت بهما، عسكري وعسكر علي. قال: في الجماعة أخبرك، أو في الوحدة؟ قال: لا بل في الجماعة. قال: مررت على عسكر علي، فإذا ليل كليل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونهار كنهار النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلا أن رسول الله ليس فيهم، ومررت على عسكرك فإذا أول من استقبلني أبوالأعور وطائفة من المنافقين والمنفرين برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلا أن أبا سفيان ليس فيهم. فكف عنه حتّى إذا ذهب الناس قال له: يا أبا يزيد، أيش صنعت بي؟ قال: ألم أقل لك: في الجماعة أو في الوحدة، فأبيت علي؟ قال: أما الآن فاشفني من عدوي. قال: ذلك عند الرحيل.

____________________

(١) القميص السنبلاني: السابغ الطول، وقيل: المنسوب إلى بلد بالروم.

(٢) يقال: أخديته، أي أعطيته.

٧٢٤

فلما كان من الغد شد غرائره ورواحله، وأقبل نحو معاوية، وقد جمع معاوية حوله، فلما انتهى إليه قال: يا معاوية، من ذا عن يمينك؟ قال: عمرو بن العاص، فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش أنه لم يكن أحصى لتيوسها من أبيه، ثم قال: من هذا؟ قال: هذا أبوموسى، فتضاحك ثم قال: لقد علمت قريش بالمدينة أنه لم يكن بها امرأة أطيب ريحا من قب(١) أمه.

قال: أخبرني عن نفسي يا أبا يزيد. قال: تعرف حمامة، ثم سار، فألقي في خلد معاوية، قال: ام من أمهاتي لست أعرفها! فدعا بنسابين من أهل الشام، فقال: أخبراني عن أم من أمهاتي يقال لها حمامة لست أعرفها. فقالا: نسألك بالله لا تسألنا عنها اليوم. قال: أخبراني أو لاضربن أعناقكما، لكما الامان. قالا: فإن حمامة جدة أبي سفيان السابعة وكانت بغيا، وكان لها بيت توفي فيه. قال جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : وكان عقيل من أنسب الناس.

١٥٢٥/٩ - وعنه، قال: أخبرنا ابن الصلت، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: أخبرنا أحمد بن القاسم، قال: أخبرنا عباد، قال: حدّثنا عليّ بن عابس، عن الحصين، عن عبدالله بن معقل، عن عليّعليه‌السلام : أنه قنت في الصبح فلعن معاوية وعمرو بن العاص وأبا موسى وأبا الاعور وأصحابهم.

____________________

(١) القب: ما بين الاليتين أو الوركين.

٧٢٥

[ ٤٤ ]

مجلس يوم الجمعة

الثالث من ذي القعدة سنة سبع وخمسين وأربع مائة

فيه بقية أحاديث ابن الصلت الاهوازي.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٥٢٦/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسي (قدس الله روحه)، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن موسى بن الصلت، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد، عن أحمد بن القاسم، عن عباد، عن عبدالله بن الزبير، عن عبدالله بن شريك، عن أبيه، قال: صعد عليّعليه‌السلام المنبر يوم جمعة، فقال: أنا عبدالله وأخو رسوله، لا يقولها بعدي إلا كذاب، ما زلت مظلوما منذ قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتال الناكثين طلحة والزبير، والقاسطين معاوية وأهل الشام، والمارقين وهم أهل النهروان، ولو أمرني بقتال الرابعة لقاتلتهم.

١٥٢٧/٢ - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن محمّد بن جبارة، عن سعاد بن سلمان، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال: شهد مع عليّعليه‌السلام يوم الجمل ثمانون من أهل بدر، وألف وخمس مائة من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٧٢٦

١٥٢٨/٣ - وبهذا الاسناد، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، عن الحسن بن عليّ ابن عفان، عن الحسن بن عطية، قال: حدّثنا ناصح أبي عبدالله، عن قريبة جارية لهم، قالت: كان عندنا رجل خرج على الحسينعليه‌السلام ، ثم جاء بجمل وزعفران، قالت: فلما دقوا الزعفران صار نارا. قالت: فجعلت المرأة تأخذ منه الشئ فتلطخه على يدها فيصير منه برص. قالت: ونحروا البعير، قالت: فكلما حزوا بالسكين صار مكانها نارا. قالت: فجعلوا يسلخونه فيصير مكانه نارا. قالت: فقطعوه فخرجت منه النار. قالت: فطبخوه فكلما أوقدوا النار فارت القدر نارا. قالت: فجعلوه في الجفنة فصار نارا. قالت: وكنت صبية يومئذ فأخذت عظما منه فطينت عليه، فسقط وأنا يومئذ امرأة، فأخذناه نصنع منه اللعب. قالت: فلما حززناه بالسكين صار مكانه نارا، فعرفنا أنه ذلك العظم فدفناه.

١٥٢٩/٤ - وعنه، قال: أخبرنا ابن الصلت، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا الحسن بن عليّ بن عفان، عن الحسن بن عطية، قال: سمعت جدي أبا أمي بزيعا، قال: كنا نمر ونحن غلمان زمن خالد على رجل في الطريق جالس، أبيض الجسد أسود الوجه، وكان الناس يقولون: خرج على الحسينعليه‌السلام .

١٥٣٠/٥ - وعنه، قال: أخبرنا ابن الصلت، عن أحمد بن محمّد بن سعيد، قال: حدّثنا الحسن بن صالح الهمداني أبوعلي من كتابه في ربيع الاول سنة ثمان وسبعين، وأحمد بن يحيى، قالا: حدّثنا محمّد بن عمرو، قال: حدّثنا عبد الكريم، قال: حدّثنا القاسم بن أحمد، قال: حدّثنا أبوالصلت عبد السلام بن صالح الهروي.

قال أبوالعباس أحمد بن محمّد: وحدّثنا القاسم بن الحسن العلوي الحسني، قال: حدّثنا أبوالصلت، قال: حدّثنا عليّ بن عبدالله بن النعجة، قال: حدّثنا أبوسهيل ابن مالك، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال: لما ولي عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أسرع الناس إلى بيعته المهاجرون والانصار وجماعة الناس، لم يتخلف عنه أحد من أهل الفضل إلا نفر يسير خذلوا وبايع الناس.

وكان عثمان قد عود قريشا والصحابة كلهم، وصبت عليهم الدنيا صبا، وآثر

٧٢٧

بعضهم على بعض، وخص أهل بيته من بني أمية، وجعل لهم البلاد، وخولهم العباد، فاظهروا في الارض الفساد، وحمل أهل الجاهلية والمؤلفة قلوبهم على رقاب الناس حتّى غلبوه على أمره، فأنكر الناس ما رأوا من ذلك، فعاتبوه فلم يعتبهم، وراجعوه فلم يسمع منهم، وحملهم على رقاب الناس حتّى انتهى إلى أن ضرب بعضا، ونفى بعضا، وحرم بعضا، فرأى أصحاب رسول الله أن يدفعوه بالبيعة، وما عقدوا له في رقابهم، فقالوا: إنما بايعناه على كتاب الله وسنة نبيه والعمل بهما، فحيث لم يفعل ذلك لم تكن له علينا طاعة.

فافترق الناس في أمره على خاذل وقاتل، فأما من قاتل فرأى أنه حيث خالف الكتاب والسنة، واستأثر بالفئ، واستعمل من لا يستأهل، رأوا أن جهاده جهاد، وأما من خذله، فإنه رأى أنه يستحق الخذلان، ولم يستوجب النصرة بترك أمر الله حتّى قتل.

واجتمعوا على عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام فبايعوه، فقام وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، وصلى على النبيّ وآله، ثم قال: أما بعد، فإني قد كنت كارها لهذه الولاية، يعلم الله في سماواته وفوق عرشه على أمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتّى اجتمعتم على ذلك، فدخلت فيه، وذلك أني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: أيما وال ولي أمر أمتي من بعدي أقيم يوم القيامة على حد الصراط، ونشرت الملائكة صحيفته، فإن نجا فبعدله، وإن جار انتقض به الصراط انتقاضة تزيل ما بين مفاصله حتّى يكون بين كل عضو وعضو من أعضائه مسيرة مائة عام، يخرق به الصراط، فأول ما يلقى به النار أنفه وحر وجهه، ولكني لما اجتمعتم علي نظرت فلم يسعني ردكم حيث اجتمعتم، أقول ما سمعتم، واستغفر الله لي ولكم.

فقام إليه الناس فبايعوه، فأول من قام فبايعه طلحة والزبير، ثم قام المهاجرون والانصار وسائر الناس حتّى بايعه الناس، وكان الذي يأخذ عليهم البيعة عمار بن ياسر وأبو الهيثم بن التيهان، وهما يقولان: نبايعكم على طاعة الله وسنة رسوله، وإن لم نف لكم فلا طاعة لنا عليكم، ولا بيعة في أعناقكم، والقرآن إمامنا وإمامكم.

٧٢٨

ثم التفت عليّعليه‌السلام عن يمينه وعن شماله، وهو على المنبر، وهو يقول: ألا لا يقولن رجال منكم غدا قد غمرتهم الدنيا، فاتخذوا العقار، وفجروا الانهار، وركبوا الخيول الفارهة، واتخذوا الوصائف الروقة، فصار ذلك عليهم عارا وشنارا إن لم يغفر لهم الغفار، إذا منعوا ما كانوا فيه، وصيروا إلى حقوقهم التي يعلمون، يقولون: حرمنا ابن أبي طالب، وظلمنا حقوقنا، ونستعين بالله ونستغفره، وأما من كان له فضل وسابقة منكم، فإنما أجره فيه على الله، فمن استجاب لله ولرسوله ودخل في ديننا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فقد استوجب حقوق الاسلام وحدوده.

فأنتم أيها الناس، عباد الله المسلمون، والمال مال الله يقسم بينكم بالسوية، وليس لاحد على أحد فضل إلا بالتقوى، وللمتقين عند الله خير الجزاء وأفضل الثواب، لم يجعل الله الدنيا للمتقين جزاء، وما عند الله خير للابرار، إذا كان غدا فاغدوا، فإن عندنا مالا اجتمع، فلا يتخلفن أحد كان في عطاء، أو لم يكن إذا كان مسلما حرا، احضروا رحمكم الله.

فاجتمعوا من الغد، ولم يتخلف عنه أحد، فقسم بينهم ثلاثة دنانير لكل إنسان الشريف والرضيع والاحمر والاسود، لم يفضل أحدا، ولم يتخلف عنه أحد إلا هؤلاء الرهط: طلحة والزبير وعبدالله بن عمر وسعيد بن العاص ومروان بن الحكم وناس معهم.

فسمع عبيدالله بن أبي رافع وهو كاتب عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام عبدالله بن الزبير وهو يقول للزبير وطلحة وسعيد بن العاص: لقد التفت إلى زيد بن ثابت فقلت له: اياك أعني واسمعي يا جارة. فقال له عبيدالله: يا سعيد بن العاص وعبدالله بن الزبير، إن الله يقول في كتابه:( وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ ) (١) . قال عبيدالله: فأخبرت علياعليه‌السلام فقال: لئن سلمت لاحملنهم على الطريق، قاتل الله ابن العاص، لقد علم في كلامي أني اريده وأصحابه بكلامي، والله المستعان.

____________________

(١) سورة المؤمنون ٢٣: ٧٠.

٧٢٩

قال مالك بن أوس: وكان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام أكثر ما يسكن القناة(١) ، فبينا نحن في المسجد بعد الصبح إذ طلع الزبير وطلحة، فجلسا في ناحية عن عليّعليه‌السلام ، ثم طلع مروان وسعيد وعبدالله بن الزبير والمسور بن مخرمة فجلسوا، وكان عليّعليه‌السلام جعل عمار بن ياسر على الخيل، فقال لابي الهيثم بن التيهان ولخالد بن زيد أبي أيوب ولابي حية ولرفاعة بن رافع في رجال من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قوموا إلى هؤلاء القوم، فإنه بلغنا عنهم ما نكره من خلاف أميرالمؤمنين إمامهم، والطعن عليه، وقد دخل معهم قوم من أهل الجفاء والعداوة، وإنهم سيحملونهم على ما ليس من رأيهم.

قال: فقاموا، وقمنا معهم حتّى جلسوا إليهم، فتكلم أبوالهيثم بن التيهان، فقال: إن لكما لقدما في الاسلام وسابقة وقرابة من أميرالمؤمنين، وقد بلغنا عنكما طعن وسخط لامير المؤمنين، فإن يكن أمر لكما خاصة فعاتبا ابن عمتكما وإمامكما، وإن كان نصيحة للمسلمين فلا تؤخراه عنه، ونحن عون لكما، فقد علمتما أن بني أمية لن تنصحكما أبدا وقد عرفتما - وقال أحمد: عرفتم - عداوتهم لكما، وقد شركتما في دم عثمان ومالاتما، فسكت الزبير وتكلم طلحة، فقال: افرغوا جميعا مما تقولون، فإني قد عرفت أن في كل واحد منكم خبطة.

فتكلم عمار بن ياسررحمه‌الله فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقال: أنتما صاحبا رسول الله، وقد أعطيتما إمامكما الطاعة والمناصحة، والعهد والميثاق على العمل بطاعة الله وطاعة رسوله، وأن يجعل كتاب الله إمامنا - قال أحمد: وجعل كتاب الله إماما -، وهو عليّ بن أبي طالب طلق النفس عن الدنيا، وقدم كتاب الله، ففيم السخط والغضب على عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ! فغضب الرجال في الحق: انصرا نصركما الله.

فتكلم عبدالله بن الزبير، فقال: لقد تهذرت يا أبا اليقظان. فقال له عمار: مالك

____________________

(١) القناة: واد من أودية المدينة.

٧٣٠

تتعلق في مثل هذا يا أعبس، ثم أمر به فأخرج، فقام الزبير فالتفت إلى عماررحمه‌الله فقال: عجلت يا أبا اليقظان على ابن أخيك رحمك الله. فقال عمار بن ياسر: يا أبا عبدالله، أنشدك الله أن تسمع قول من رأيت، فإنكم معشر المهاجرين لم يهلك من هلك منكم حتّى استدخل في أمره المؤلفة قلوبهم. فقال الزبير: معاذ الله أن نسمع منهم. فقال عمار: والله يا أبا عبدالله، لو لم يبق أحد إلا خالف عليّ بن أبي طالب لما خالفته، ولا زالت يدي مع يده، وذلك لان عليا لم يزل مع الحق منذ بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإني أشهد أنه لا ينبغي لاحد أن يفضل عليه أحدا.

فاجتمع عمار بن ياسر وأبو الهيثم ورفاعة وابو أيوب وسهل بن حنيف، فتشاوروا أن يركبوا إلى عليّعليه‌السلام بالقناة فيخبروه بخبر القوم، فركبوا إليه فأخبروه باجتماع القوم وما هم فيه من إظهار الشكوى والتعظيم لقتل عثمان، وقال له أبوالهيثم: يا أميرالمؤمنين، انظر في هذا الامر، فركب بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودخل المدينة، وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، واجتمع أهل الخير والفضل من الصحابة والمهاجرين، فقالوا لعليّعليه‌السلام : إنهم قد كرهوا الاسوة، وطلبوا الاثرة، وسخطوا لذلك. فقال عليّعليه‌السلام : ليس لاحد فضل في هذا المال، وهذا كتاب الله بيننا وبينكم، ونبيكم محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيرته.

ثم صاح باعلى صوته: يا معشر الانصار، أتمنون علي باسلامكم - قال أحمد: على الله باسلامكم - بل لله ورسوله المن عليكم إن كنتم صادقين، أنا أبوالحسن القرم(١) . ونزل عن المنبر وجلس ناحية المسجد، وبعث إلى طلحة والزبير فدعاهما، ثم قال لهما: ألم تأتياني وتبايعاني طائعين غير مكرهين(٢) ، فما أنكرتم، أجور في

____________________

(١) القرم: النحل من الابل، وقيل للسيد العظيم على التشبيه بالفحل.

(٢) الظاهر أن سقطا في هذا الموضع، يدل عليه ما يأتي في جواب أميرالمؤمنينعليه‌السلام من ذكر الاستشارة، والسقط على ما في رواية ابن أبي الحديد ٧: ٤٠: « قالا: بلى. فقال: غير مجبرين ولا مقسورين، فاسلمتما لي بيعتكما، وأعطيتماني عهدكما؟ قالا: نعم. قال: فما دعاكما بعد إلى ما أرى؟ قالا: أعطيناك بيعتنا على ألا تقضي الامور ولا تقطعها دوننا، وأن تستشيرنا في كل أمر، ولا تستبد بذلك عليا، ولنا من الفضل على غيرنا ما قد علمت، فأنت تقسم القسم وتقطع الامر، وتمضي الحكم بغير مشاورتنا ولا علمنا » .

٧٣١

حكم أو استئثار في فئ؟ قالا: لا. قالعليه‌السلام : أو في أمر دعوتماني إليه من أمر المسلمين فقصرت عنه؟ قالا: معاذ الله.

قالعليه‌السلام : فما الذي كرهتما من أمري حتّى رأيتما خلافي؟ قالا: خلافك عمر بن الخطاب في القسم، وانتقاصنا حقنا من الفئ، جعلت حظنا في الاسلام كحظ غيرنا مما أفاء الله علينا بسيوفنا، ممن هو لنا فئ، فسويت بيننا وبينهم.

فقال عليّعليه‌السلام : الله أكبر، اللهم إني اشهدك وأشهد من حضر عليهما، أما ما ذكرتما من الاستشارة فوالله ما كانت لي في الولاية رغبة، ولا لي فيها محبة، ولكنكم دعوتموني إليها، وحملتموني عليها، فكرهت خلافكم، فلما أفضت إلي نظرت إلى كتاب الله وما وضع وأمر فيه بالحكم وقسم وسن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمضيته، ولم احتج فيه إلى رأيكما ودخولكما معي ولا غيركما، ولم يقع أمر جهلته فأتقوى فيه برأيكما ومشورتكما، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما، ولا عن غيركما، إذا لم يكن في كتاب الله ولا في سنة نبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأما ما كان فلا يحتاج فيه إلى أحد، وأما ما ذكرتما من أمر الاسوة فإن ذلك أمر لم أحكم أنا فيه، ووجدت أنا وأنتما ما قد جاء به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كتاب الله، فلم احتج فيه إليكما، قد فرغ من قسمه كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، وأما قولكما جعلتنا فيه كمن ضربناه بأسيافنا، وأفاء الله علينا، فقد سبق رجال رجالا فلم يفضلهم (رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )، ولم يستأثر عليهم من سبقهم، ولم يضرهم حين استجابوا لربهم، والله مالكم ولا لغيركم إلا ذلك، ألهمنا الله وإياكم الصبر عليه.

فذهب عبدالله بن الزبير يتكلم، فأمر به فوجئت عنقه وأخرج من المسجد، فخرج وهو يصيح ويقول: اردد إليه بيعته. فقال عليّعليه‌السلام : لست مخرجكما من أمر دخلتما فيه، ولا مدخلكما في أمر خرجتما منه، فقاما عنه فقالا: أما إنه ليس عندنا أمر إلا الوفاء. قال: فقال عليّعليه‌السلام : رحم الله عبدا رأى حقا فأعان عليه، أو رأى جورا فرده، وكان عونا للحق على من خالفه.

٧٣٢

[ ٤٥ ]

مجلس يوم الجمعة

السادس من صفر سنة ثمان وخمسين وأربع مائة

فيه أحاديث الشيخ المفيد.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٥٣١/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسيرحمه‌الله ، قال: أخبرنا محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر، قال: حدّثنا علي ابن العباس بن الوليد، قال: قال: لا إله إلا الله نصف الميزان، والحمد لله ملؤه.

١٥٣٢/٢ - وعنه، قال: أخبرنا محمّد، قال: حدّثنا أبوبكر محمّد بن عمر، قال: حدّثنا عليّ بن العباس بن الوليد، قال: حدّثنا ابن عثمان الحضرمي، عن الاعمش، عن مورق العجلي، قال: رأيت أبا ذر آخذا بحلقة باب الكعبة وهو يقول: من عرفني فأنا جندب، وإلا فأنا أبوذر الغفاري، برح الخفاء، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول: إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق، ومثل باب حظة، يحط الله به الخطايا.

١٥٣٣/٣ - وعنه، قال: أخبرنا الشيخ أبوعبدالله، قال: أخبرني أبوالحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن العلاء بن رزين، عن

٧٣٣

محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: من قال بعد صلاة الصبح قبل أن يتكلم: « بسم الله الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلق العظيم » يعيدها سبع مرات، دفع الله عنه سبعين نوعا من أنواع البلاء، أهونها الجذام والبرص.

١٥٣٤/٤ - وعنه، قال: أخبرنا الشيخ أبوعبدالله، قال: أخبرني أبونصر محمّد ابن الحسين المقرئ، قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة، قال: حدثني شيخ من أصحابنا يعرف بعبدالرحمن بن إبراهيم، قال: حدّثنا صباح الحذاء، قال: قال أبوعبداللهعليه‌السلام : من كانت له إلى الله حاجة فليقصد إلى مسجد الكوفة، وليسبغ وضوءه، وليصل في المسجد ركعتين، يقرأ في كل واحدة منهما فاتحة الكتاب وسبع سور معها، وهي: المعوذتان، وقل هو الله، وقل يا أيها الكافرون، وإذا جاء نصر الله والفتح، وسبح اسم زبك الاعلى، وإنا أنزلناه في ليلة القدر، فإذا فرغ من الركعتين وتشهد وسلم، سأل الله، فإنها تقضى بعون الله إن شاء الله.

قال عليّ بن الحسين بن فضال: وقال لي هذا الشيخ: إني فعلت ذلك، ثم دعوت الله أن يوسع رزقي، فأنا من الله بكل نعمة، ثم دعوته أن يرزقني الحج فرزقته، وعلمته رجلا من أصحابنا وكان مقترا عليه رزقه، فرزقه، الله (تعالى) ووسع عليه.

٧٣٤

[ ٤٦ ]

مجلس يوم التروية

من سنة ثمان وخمسين وأربع مائة

فيه أحاديث ابن أبي جيد القمي.

بسم الله الرحمن الرحيم

١٥٣٥/١ - حدّثنا الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسيرضي‌الله‌عنه في يوم التروية سنة ثمان وخمسين وأربع مائة في مشهد مولانا أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، قال: حدّثنا الشيخ ابن أبي جيد، عن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن يونس بن عبد الرحمن، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن جابر بن يزيد الجعفي، ورواه محمّد بن جعفر الاسدي أبوالحسين، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن عمرو بن شمر، عن جابر، قال: دخلت على أبي جعفر الباقرعليه‌السلام فقال لي: يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيع أن يقول بحبنا أهل البيت! فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يعرفون - يا جابر - إلا بالتواضع والتخشع والامانة وكثرة ذكر الله والصلاة والصوم، وبرا لوالدين، وتعاهد الجيران والفقراء والمساكين والغارمين والايتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكف الالسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الاشياء.

٧٣٥

قال جابر: فقلت: يابن رسول الله، ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة. فقال: يا جابر، لا تذهبن بك المذاهب، حسب الرجل أن يقول أحب عليا وأتولاه، ثم لا يكون مع ذلك فعالا، فلو قال: إني أحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورسول الله خير من علي، ثم لا يتبع سيرته، ولا يعمل بسنته، ما نفعه حبه إياه شيئا، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحب العباد إلى الله وأكرمهم عليه أتقاهم له، والله ما يتقرب إلى الله إلا بالعمل، وما معنا براءة من النار، وما لنا على الله (لاحد) من حجة، من كان (لله) مطيعا فهو لنا ولي، ومن كان (لله) عاصيا فهو لنا عدو، والله لا تنال ولايتنا إلا بالعمل.

١٥٣٦/٢ - ذكر الفضل بن شاذانرحمه‌الله في كتابه الذي نقض به على ابن كرام، قال: روى عثمان بن عفان، عن محمّد بن عباد البصري صاحب عبادان ورئيس الغزاة، قال عثمان: قال لي محمّد بن عباد: يا شجري ألا أحدثك بأعجب حديث سمعته قط؟ قال: قلت: حدثني رحمك الله. قال: كان في جواري هاهنا رجل من أحد الصالحين، فبينا هو ذات ليلة نائم إذا رأى كأنه قد مات، وحشر إلى الحساب، وقرب إلى الصراط. قال: فلما جزت إلى الصراط، فإذا أنا بالنبيعليه‌السلام جالس على شفير الحوض، والحسن والحسينعليهما‌السلام بيديهما كأس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسقيان الامة، فدنوت إلى الحسنعليه‌السلام فقلت: اسقني، فأبى علي، فدنوت إلى الحسينعليه‌السلام فقلت له: اسقني، فأبى علي.

فأتيت النبيّعليه‌السلام فقلت: يا رسول الله، مر الحسن والحسين يسقياني، قال: لا تسقياه. قلت: بأبي أنت وأمي، أنا مؤمن بالله وبك، لم أخالفك، فكيف لا تسقونني! مر الحسن والحسين أن يسقياني، فقال: لا تسقياه، فإن في جواره رجلا يلعن عليا فلم يمنعه، فدفع إلي سكينا وقال: اذهب فاذبحه، فذهبت في منامي فذبحته، ثم رجعت فقلت بأبي أنت وأمي قد فعلت ما أمرتني به. قال: هات السكين، فدفعته، قال: يا حسين اسقه. قال: فسقاني الحسينعليه‌السلام وأخذت الكأس بيدي، ولا أدري شربت أم لا، ولكني استنبهت من نومي، وإذا بي من الرعب غير قليل، فقمت إلى صلاتي، فلم أزل أصلي وأبكي حتّى انفجر عمود الصبح، فإذا بولولة وصيحة، وإذا هم ينادون

٧٣٦

فلان ذج على فراشه، وإذا أنا بالحرس والشرطة يأخذون البرئ والجيران، فقلت. سبحان الله، هذا شئ رأيته في المنام، فحققه الله! فقمت إلى الامير فقلت: أصلحك فلان ذج على فراشه، وإذا أنا بالحرس والشرطة يأخذون البرئ والجيران، فقلت. سبحان الله، هذا شئ رأيته في المنام، فحققه الله! فقمت إلى الامير فقلت: أصلحك الله، هذا أنا فعلته والقوم براء. قال لي: ويحك ما تقول! فقلت: أيها الامير، هذه رؤيا رأيتها في منامي، فإن كان الله حققها فما ذنب هؤلاء وقصصت عليه الرؤيا، فقال الامير: اذهب فجزاك الله خيرا، أنت برئ، والقوم براء.

قال عثمان بن عفان: فهذا أعجب حديث سمعته قط.

١٥٣٧/٣ - قال الفضل: وروى محمّد بن رافع، وأحمد بن نصر، وحميد بن زنجويه، زاد بعضهم على بعض، عن عليّ بن عاصم، والنضر بن شميل، عن عوف عن أبي القموص، قال: شرب إنسان الخمر قبل أن تحرم، فاقبل ينوح على قتلى المشركين، الذين قتلهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بدر، فقال:

نحيي بالسلامة أم بكر

وهل لك بعد رهط من سلام

ذريني اصطبح يا بكر إني

رأيت الموت رحب عن(١) هشام

يود بنو المغيرة لو فدوه

بألف من رجال أو سوام

يحدثني النبيّ بأن سنحيا

وكيف حياة أصداء وهام

ألا من مبلغ الرحمن عني

بأني تارك شهر الصيام

أيقتلني إذا ما كنت حيا

ويحييني إذا رمت عظامي

إذا ما الرأس فارق منكبيه

فقد شبع الانيس من الطعام

وقال بعض الشعراء في ذلك:

لولا فلان وسوء سكرته

كانت حلالا كسائغ العسل

انتهى بحمد الله ومنه كتاب الامالي لشيخ الطائفة

محمّد بن الحسن الطوسي رحمه الله.

____________________

(١) كذا والظاهر أنه تصحيف: قرب من.

٧٣٧

فهرس المحتوى

المجلس الأوّل

فيه أحاديث الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن
النعمان، رواية أبي جعفر محمّد بن الحسن الطوسي.

كراهة كثرة الكلام بغير ذكر الله. ٣

خروج عليّ (عليه السلام) لمبارزة مرحب.. ٣

دعاء الأعرابي. ٥

خطبة معاوية بمسجد دمشق، وردّ صعصعة عليه ٥

حديث في الترغيب في الدعاء ٦

حديث في التعامل مع الترك. ٦

لا يعذّب الله قلباً وعي القرآن. ٦

وصيّة أميرالمومنين (عليه السلام) عند ما حضرته الوفاة ٧

خلافة أميرالمومنين (عليه السلام) بعهد من الله. ٨

تفسير قوله تعالي: (فَلِلَّـهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ) ٩

ستّ من العمل بواحدة أدخلته الجنّة ١٠

مكارم الأخلاق عشرة ١٠

خطبة أميرالمومنين (عليه السلام) و فيها ترغيب على الطاعات.. ١٠

قول ابن عباس (رضي الله عنه) في فضائل أميرالمومنين (عليه السلام) ١١

ما أوحي الله (تعالي) إلي عيسى بن مريم (عليه السلام) ١٢

كلام الذئب مع الراعي بشأن رسول الله (صلّي الله عليه و آله و سلّم) ١٢

ثلاثة من الذنوب تعجّل عقوبتها ١٣

كلام النجاشي في النصر النبيّ (صلّي الله عليه و آله و سلّم) علي عدوّه مع جعفر الطيّار ١٤

دعاء السجاد (عليه السلام) في المهمات.. ١٥

٧٣٨

أنا شجرة و فاطمة فرعها ١٨

لا إله إلا الله، نصف الميزان. ١٩

اعتراض قريش علي رسول الله ( صلّي الله عليه وآله وسلّم) ونزول سورة الكافرون وآية (ضَرَبَ لَنَا مَثَلًا ... ) ١٩

موعظة أميرالمومنين (عليه السلام) لكميل. ٢٠

افتتاح الدين و اختتامه بنا ٢١

طوبى لمن لم يبدّل نعمة الله كفراً ٢١

دعاء رسول الله ( صلّي الله عليه وآله وسلّم) لبني عبدالمطّلب.. ٢١

الناس عبيد لنا في الطاعة ٢٢

كلام الإمام الرضا (عليه السلام) في التوحيد. ٢٢

المعروف هديّتي إلي عبدي المؤمن. ٢٤

فاطمة بضعة منّي، وأعز البرية عليّ. ٢٤

كتاب أميرالمومنين (عليه السلام) لمحمّد بن أبي بكر وأهل مصر ٢٤

المجلس الثاني

فيه بقية أحاديث الشيخ المفيد محمّد بن محمّد بن النعمان.

لاتظهر الشماتة لأخيك.. ٣٣

قول الصادق (عليه السلام): إنكم علي دين الله. ٣٣

كلام صفيّة بنت حييّ بن أحطب مع رسول الله ( صلّي الله عليه وآله وسلّم)، وحديث الحارث الهمداني في حبّ أهل البيت (عليهم السلام) ٣٣

ركبان يوم القيامة ٣٤

دعاء الشدة للإمام الرضا (عليه السلام) ٣٥

خلتان لا تجمعان في منافق. ٣٦

محاسبة النفس و مواقف يوم القيامة ٣٦

الإيمان قول و عمل و عرفان. ٣٦

خطبة الإمام عليّ (عليه السلام) عن الإيمان. ٣٧

التختّم بالعقيق. ٣٨

٧٣٩

النهي عن صحبة الأحمق. ٣٩

تزويج عليّ بفاطمة (عليهما السلام) ٣٩

جهاز فاطمة (عليها السلام) ٤٠

أميرالمومنين كفؤ لفاطمة (عليهما السلام) ٤٣

التزوج بفاطمة (عليها السلام) بعد حرب بدر ٤٣

تحريم انساء علي عليّ (عليه السلام) ما دامت فاطمة (عليها السلام) حيّة ٤٣

السكوت عن عيوب الناس. ٤٤

بناء الإسلام علي عشرة أسهم. ٤٤

كمال اللإيمان في أربع. ٤٤

فضل صوم شهر رجب.. ٤٤

قول الصادق (عليه السلام) في عمر بن يزيد. ٤٥

سؤال هشام الصادق (عليه السلام) عن خمسمائة حرف من الكلام ٤٦

قول الصادق (عليه السلام) في هشام بن الحكم. ٤٦

صحيفة المؤمن بعد موته ٤٦

التعلّم و العمل و العلم لله. ٤٧

فضل زيارة الحسين (عليه السلام) في النصف من شعبان. ٤٧

اللإيمان و حبّ آل محمّد (عليهم السلام) ٤٨

حبّ عليّ (عليه السلام) ينفع في يوم القيامة ٤٨

التختّم بالفيروزج لطب الولد. ٤٨

شعر السيّد الحميري قبل وفاته بساعة ٤٩

قول النبيّ ( صلّي الله عليه وآله وسلّم) إذا أتاه أمر يكره، أو أمر يسره ٤٩

حديث المنزلة ٥٠

كلام والي المنصور في مسجد النبيّ ( صلّي الله عليه وآله وسلّم) عند ما قتل ابنا عبدالله بن الحسن  ٥٠

مواجهة عليّ (عليه السلام) مع الخضر (عليه السلام) في مسجد الكوفة ٥١

٧٤٠

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793

794

795

796

797

798

799