المناقب

المناقب9%

المناقب مؤلف:
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 417

المناقب
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 67245 / تحميل: 7506
الحجم الحجم الحجم
المناقب

المناقب

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

بكر لم تر الشمس إلا خرجت وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعلي بين يديه والحسن عن يمينه قابضا بيده ، والحسين عن شماله وفاطمة خلفه ثم قال : هلموا فهؤلاء ابناؤنا الحسن والحسين وهؤلاء أنفسنا لعلي ونفسه وهذه نساؤنا لفاطمة ، قال فجعلوا يستترون بالأساطين ويستتر بعضهم ببعض ، تخوفا أن يبدأهم بالملاعنة ثم أقبلوا حتى بركوا بين يديه ، وقالوا أقلنا أقالك الله يا أبا القاسم ، قال أقلتكم وصالحوه على الفي حلة(١) .

الآثار :

١٩٠ - وأخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ، أخبرنا الاستاذ الامين أبو الحسن علي بن مردك الرازي ، أخبرنا الحافظ أبو سعيد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان ، أخبرنا أبو طالب محمد بن الحسين القرشي بن الصباغ بالكوفة - بقراءتي عليه - حدثنا الحسن ابن محمد السكوني ، حدثنا الحضرمي ، حدثنا محمد بن سعيد المحاربي ، حدثنا حسين الاشقر ، عن قيس ، عن عمار الدهني ، عن سالم قال : قيل لعمر : نراك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي ٩؟ قال : انه مولاي(٢) .

١٩١ - وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا ظاهر بن محمد بن سمعان الجواليقي - بعسكر مكرم(٣) بقراءتي عليه - حدثني أبو طاهر عبد الرحمان ، ابن عبد الوارث بن ابراهيم العسكري ، حدثني أبي ، حدثنا عمرو ، حدثنا ابراهيم بن محمد بن اسماعيل الزبيدي ، عن ابراهيم بن حيان ، عن أبي جعفر

__________________________________________

(١) انظر تفسير الدر المنثور ٢ / ٣٧ وما بعدها - وذكره ابن المغازلي في مناقبه / ٢٦٣ باختصار.

(٢) ذكره ابن حجر في صواعقه / ٢٦.

(٣) عسكر مكرم ، بضم الميم وسكون الكاف وفتح الراء : بلدة مشهورة من نواحي خوزستان - مراصد الاطلاع.

١٦١

قال : جاء اعرابيان إلى عمر يختصمان ، فقال عمر يا أبا الحسن اقض بينهما ، فقضى علي على أحدهما ، فقال المقضى عليه : يا أمير المؤمنين هذا يقضى بيننا؟ فوثب إليه عمر فأخذ بتلبيبه ثم قال : ويحك ما تدري من هذا ، هذا مولاى ومولى كل مؤمن ، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن(١) .

١٩٢ - وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الجوهرى ببغداد بقراءتي ، حدثنا محمد بن عمران بن موسى ، حدثنى أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي ، حدثنا ابو العيناء ، حدثنى يعقوب بن إسحاق بن أبي اسرائيل ، قال : نازع عمر بن الخطاب رجل في مسألة ، فقال له عمر : بينى وبينك هذا الجالس ، واومى إلى عليعليه‌السلام ، فقال الرجل : أهذا الهن؟ فنهض عمر عن مجلسه فأخذ بأذنيه حتى اشاله من الأرض وقال : ويلك أتدرى من صغرت؟ مولاى ومولى كل مسلم(٢) .

١٩٣ - وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بامويه بقراءتي عليه ، وعبد الرحمان بن محمد النجيبي بمصر بقراءتي عليه ، قالا : حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الاعرابي ، حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي ، حدثنا علي بن قادم ، حدثنا زافر ، عن الصلت بن بهرام ، عن الشعبي قال : نظر أبو بكر الصديق إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام مقبلا ، فقال : من سره ان ينظر إلى أقرب الناس قرابة من نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأجوده منه منزلة ، واعظمهم عند الله غناء ، واعظمهم عليه فلينظر إلى علي. فقال علي : لئن هذا لانه ارأف الناس بالناس ، وانه لأوّاه وانه لصاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الغار وانه لأعظم غناء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذات يده ، ثم قال علي بن قارم : من

__________________________________________

(١) ذخائر العقبى للمحب الطبري / ٦٨.

(٢) الرياض النضرة ٢ / ١٢٨.

١٦٢

اتاك بخلاف هذا عنهم فلا تقبل منهم. قال عبد الرحمان : ينبئهم وقال فلينظر إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام (١) .

١٩٤ - وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن مجالد الشروطي بالكوفة بقراءتي عليه ، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا محمد بن عمران العجلي الربعي ، حدثنا مسهر بن عبد الملك بن مسلم ، عن أبيه عن عبد خير قال : اجتمع عند عمر جماعة من قريش فيهم علي بن أبي طالبعليه‌السلام فتذاكروا الشرف وعليعليه‌السلام ساكت فقال عمر : مالك يا أبا الحسن ساكتاً وهو ساكت فكأن علياًعليه‌السلام كره الكلام فقال عمر لتقولن يا أبا الحسن فقال علي :

الله أكرمنا بنصر نبيه

وبنا أعز شرائ-ع الاسلام

في كل معترك تزيل سيوفنا

فيها الجماجم عن فراخ الهام

ويزورنا جبريل في أبياتنا

بفرائض الإسلام والاحكام

فتكون أول مستحل حله

ومحرم لله كل حرام

نحن الخيار من البرية كلها

ونظامها وزمام كل زمام

إنا لنمنع من أردنا منع-ه

ونقيم رأس الاصيد القمقام

وترد عادية الخميس سيوفنا

فالحمد للرحمان ذى الانعام(٢)

وقال السيد الحميري :

يا بايع الدين بدنياه

ليس بهذا أمر الله

من أين أبغضت علي الرضا

وأحمد قد كان يرضاه

__________________________________________

(١) ورد نظيره في تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ١ / ١٦٢ ونظيره في ج ٣ / ٧٠ وكنز العمال ١٣ / ١١٥.

(٢) تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ٣ / ٣٠٠.

١٦٣

من الذي أحمد من بينهم

يوم غدير الخم ناداه

أقامه من بين أصحابه

وهم حواليه فسماه

هذا علي بن أبي طال-ب

مولى لمن قد كنت مولاه

فوال من والاه يا ذا العلى

وعاد من قد كان عاداه

ولبديع الزمان أبي الفضل أحمد بن الحسين الهمداني « ره » :

يا دار منتجع الرسالة

وبيت مختلف الملائك

يابن الفواطم والعوات-ك

والترايك والارائك

أنا حائ-ك ان لم أكن

مولى ولائك وابن حائك

١٦٤

الفصل الخامس عشر

في بيان امر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إياه بتبليغ سورة براءة

١٩٥ - أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا الباغندي ، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، حدثنا عباد ابن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث أبا بكر ببراءة وأمره بان ينادي بهؤلاء الكلمات ثم أتبعه علياً ، فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء(١) ناقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القصوى ، فخرج أبو بكر فزعاً فظن انه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإذا علي فدفع إليه كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمره على الموسم ، وأمر علياً أن ينادي بهؤلاء الكلمات ، فانطلقا فحجا فقام علي أيام التشريق فنادى فقال : ان الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بريئان من كل مشرك ، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر(٢) ولا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطوفن بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن ، قال فكان ينادى بهذا فإذا بحّ(٣) قام أبو هريرة فنادى بها(٤)

__________________________________________

(١) الرغاء كغراب : صوت ذوات الخف ، رغا البعير : إذا ضج مجمع البحرين.

(٢) فسيحوا : سيروا آمنين.

(٣) البح بالضم : غلظة بالصوت - النهاية.

(٤) صحيح الترمذي ٥ / ٢٧٥ - انساب الاشراف ٢ / ١٥٤ - مستدرك الصحيحين ٢ / ٥٢.

١٦٥

فهذه الرواية تصرح بان الأمير علي الحاج كان أبا بكر وانما خرج عليعليه‌السلام بقراءة براءة والنداء بهؤلاء الكلمات - وعلى هذا أهل المغازي -.

١٩٦ - وبهذا الأسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، حدثنا أبو عمرو بن السماك ، حدثنا حنبل بن إسحاق ، حدثني أبو عبد الله - وهو أحمد بن حنبل - قال : حدثني وكيع ، قال : قال اسرائيل ، قال أبو إسحاق ، عن زيد بن يثيع. عن أبي بكر : ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعثه ببراءة إلى أهل مكة : لا يحج العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول الله مدة فأجله إلى مدته ، والله بريء من المشركين ورسوله قال : فسار بها ثلاثاً ثم قال لعلي : الحقه فرد علي أبا بكر وبلغها أنت ، قال ففعل ، فلما قدم على النبي أبو بكر بكى ، وقال : يا رسول الله احدث في شيء؟ قال لا ، ولكن امرت ان لا يبلغها إلا أنا أو رجل مني(١) .

١٩٧ - وبهذا الأسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، اخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمد آبادي ، حدثنا أبو قلابة ، حدثنا عبد الصمد وموسى بن اسماعيل قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن انس بن مالك : ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث سورة براءة مع أبي بكر ، ثم ارسل فاخذها فدفعها إلى علي وقال : لا يؤدي عني الا انا أو رجل مني ، من اهل بيتي(٢) .

* * *

__________________________________________

(١) فضائل الصحابة لابن حنبل ٢ / ٦٤٠ - مسنده ١ / ٣ - تفسير الطبري ١٠ / ٤٦.

(٢) فضائل الصحابة ٢ / ٥٦٢ - مسنده ٣ / ٢١٢ مع اختلاف يسير.

١٦٦

الفصل السادس عشر

في بيان محاربته مردة الكفار ومبارزته أبطال المشركين

والناكثين والقاسطين والمارقين وبيان ما جاء عن النبي ٩

في حيازته من الفضائل بذلك وهي أربعة فصول :

الفصل الأول

في بيان محاربة الكفار

١٩٨ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا علي بن أحمد ابن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا اسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن حارثة ، عن علي في قصة بدر ، قال : فنزل عتبة واتبعه أخوه شيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة فقال : من يبارز؟ فانتدب له شاب من الأنصار فقال : لا حاجة لنا في قتالكم ، إنا نريد بني عمنا ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قم يا علي ، قم يا حمزة ، قم يا عبيدة ، فقتل حمزة عتبة ، وقال علي : عمدت إلى شيبة فقتلته ، واختلف الوليد وعبيدة ضربتين فأثخن كل واحد منهما صاحبه ، قال : فملنا على الوليد فقتلناه واسرنا منهم سبعين وقتلنا منهم سبعين(١) .

__________________________________________

(١) سنن البيهقي ٣ / ٢٧٦ - مستدرك الصحيحين ٢ / ٣٨٥.

١٦٧

١٩٩ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا علي بن حماد ، حدثنا محمد بن المغيرة ، حدثنا القاسم بن الحكم ، حدثنا مسعر ، عن الحكم بن عتيبة عن عيينة ، عن مقسم ، عن ابن عباس : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دفع الراية إلى علي يوم بدر وهو ابن عشرين سنة(١) .

٢٠٠ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الملك بن نصر الاموي ببخارى ، حدثنا أبو أيوب سليمان بن أحمد بن يحيى الثغرى بحمص ، حدثنا أبو عمارة محمد ابن أحمد بن يزيد بن المهتدى ، حدثنا عبد الجبار بن عبد الله ، حدثنا سليمان ابن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بدر : هذا رضوان ملك من ملائكة الله ينادي : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي(٢) .

٢٠١ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله بن الحسين الغضائري ببغداد ، حدثنا أبو جعفر الرزاز ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، حدثنا يونس بن بكير ، عن المسيب بن مسلم الازدي ، حدثنا عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ربما أخذته الشقيقة فيلبث اليوم واليومين لا يخرج ، فلما نزل خيبر اخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس ، وأن أبا بكر أخذ راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم

__________________________________________

(١) للحديث مصادر كثيرة منها : مستدرك الصحيحين ٣ / ١١١ - مناقب ابن المغازلي / ٣٦٦ و ٤٣٤ الاغاني لابي الفرج الاصفهاني ٤ / ١٧٥ - وليس فيه « ابن عشرين » ورواه أحمد في فضائل الصحابة ٢ / ٦٥٠ مع اختلاف يسير.

(٢) مناقب ابن المغازلي / ١٩٨ - ذخائر العقبى / ٧٤.

١٦٨

نهض فقاتل قتالاً شديداً ، ثم رجع ، فاخذها عمر فقاتل قتالا هو أشد من القتال الأول ، ثم رجع ، فاخبر بذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأعطينها غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، يأخذها عنوة ، وليس ثم علي ، فتطاولت لها قريش ورجا كل واحد منهم ان يكون صاحب ذلك ، فاصبح وجاء علي على بعير له حتى اناخ(١) قريباً وهو ارمد قد عصب عينه بشقة برد قطرى(٢) ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مالك؟ قال رمدت بعدك ، فقال ادن منى ، فتفل في عينه فما وجعها حتى مضى لسبيله ، ثم اعطاه الراية فنهض بالراية معه وعليه جبة ارجوان حمراء ، قد أخرج خملها فأتى مدينة خيبر وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر مظهر(٣) يمانى ، وحجر وقد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يقول :

قد علمت خيبر أنى مرحب

شاكى السلاح بطل مجرب

إذا الليوث اقبل-ت تلهب

واحجمت عن صولة المغلب

قال عليعليه‌السلام :

انا الذي سمتنى امي حيدرة

هزبر غابات شديد القسورة

أكيلكم(٤) بالسيف كيل السندرة(٥)

فاختلفا ضربتين فضربه علي فقد الحجر والمغفر ورأسه ، حتى وقع في

__________________________________________

(١) اناخ الجمل : ابركه ، برك البعير : ناخ في موضع فلزمه - مجمع البحرين.

(٢) البرود القطرية : حمر لها اعلام فيها بعض الخشونة - لسان العرب.

(٣) الخمل : الهدب ، والهدب طرف الثوب الذي لم ينسج - المظهر : القوى الظهر.

(٤) في [ ر ] اكيلهم.

(٥) السندرة : مكيال واسع أي اقتلكم قتلاً واسعاً ذريعاً.

١٦٩

الاضراس وأخذ المدينة(١) .

٢٠٢ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين البيهقي هذا ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنى أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن اسحاق قال : وخرج عمرو بن عبد ود فنادى : من يبارز؟ فقام علي فقال : انا لها يا نبي الله ، فقال : انه عمرو ، اجلس ، ونادى عمرو : ألا رجل وهو يؤنبهم ويقول : اين جنتكم التى تزعمون أنه من قتل منكم دخلها ، أفلا تبرزون الي رجلاً؟ فقام علي فقال : يا رسول الله انا ، فقال : انه عمرو ، قال : وان كان عمراً ، فاذن له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فمشى إليه حتى أتاه وهو يقول :

لا تعجل-ن فلقد اتا

ك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة

والصدق منجا كل فائ-ز

إني لارجو ان اقيم

عليك نائحة الجنائ-ز

من ضربة نجلاء يبقى

ذكرها عند الهزاه-ز

فقال له عمرو : من أنت؟ قال : أنا علي ، قال ابن عبد مناف؟ قال أنا علي بن أبي طالب ، قال : غيرك يابن أخي من أعمامك ، فانى اكره ان اهريق دمك ، فقال علي : لكني والله ما اكره أن اهريق دمك ، فغضب ونزل فسل سيفه كأنه شعلة نار ، ثم أقبل نحو علي مغضبا ، واستقبله على بدرقته(٢) فضربه عمرو في الدرقة ، فقدها وأثبت فيها السيف ، وأصاب رأسه فشجه وضربه علي على حبل العاتق فسقط وثار العجاج ، وسمع رسول الله

__________________________________________

(١) للحديث مصادر كثيرة منها : مناقب ابن المغازلي / ١٧٦ مسند أحمد ١ / ١٩٩ - فضائل الصحابة له ٢ / ٥٦٤ - الطبقات لابن سعد ٢ / ١١٠ - مستدرك الصحيحين ٣ / ٣٨.

(٢) الدرقة جمع درق : الترس من جلود ليس فيه خشب ولا عقب.

١٧٠

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التكبير ، فعرف أن عليا قد قتله ، ثم اقبل علي نحو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووجهه يتهلل(١) .

٢٠٣ - وأخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ، أخبرنا الاستاذ الامين أبو الحسن علي بن مردك الرازي ، أخبرنا الحافظ أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان ، حدثنا أبو حاتم محمد ابن عبد الواحد بن محمد الخزاعي املاء لفظا ، أخبرني أبو محمد ابراهيم بن محمد بن أسد بن عبد الملك السروي الحافظ ، حدثنا صالح بن أحمد بن يونس الهروي ، حدثنى علي بن أحمد بن عبد الرحمان الدمشقي ، حدثنا ضمرة ابن ربيعة ، عن مالك بن أنس ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، كرارا غير فرار ، يفتح الله عليه ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، فبات المسلمون كلهم يستشرفون لذلك ، فلما أصبح قال : أين علي بن أبي طالب؟ قالوا : أرمد العين ، قال : ائتونى به فاتى به فلما أتاه قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ادن مني فدنا منه ، فتفل في عينيه ومسحهما بيده ، فقام علي بن أبي طالبعليه‌السلام من بين يديه وكأنه لم يرمد(٢) .

٢٠٤ - وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا أبي شيرويه ، أخبرنا

__________________________________________

(١) مستدرك الصحيحين ٣ / ٣٢ - تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ١ / ١٦٩ - ح / ٢١٧.

(٢) الحديث رواه عدة من الحفاظ منها : أبو نعيم في حلية الاولياء ١ / ٦٥ - ابن سعد في الطبقات ٢ / ١١١ - الخطيب في تاريخ بغداد ٨ / ٥.

١٧١

أبو الفضل ، أخبرنا أبو علي ، أخبرنا أحمد بن نصر ، حدثنا صدقة بن موسى ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن ابن عباس قال : لما قتل علي بن أبي طالبعليه‌السلام عمرو بن عبد ود ، دخل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيفه يقطر دماً ، فلما رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كبر ، فكبر المسلمون ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم اعط عليا فضيلة لم تعطها أحداً قبله ، ولا تعطيها أحداً بعده ، فهبط جبرئيل ومعه اترجة من الجنة ، فقال له : ان الله عزوجل يقرأ عليك السلام ويقول لك حى بهذه علي بن أبي طالب ، فدفعها إليه فانفلقت في يده فلقتين ، فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب فيها سطران بخضرة : تحية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب(١) .

الآثار :

٢٠٥ - وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرنا شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرني والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول : سمعت أحمد بن عبد الجبار العطاردي يقول : سمعت يحيى بن آدم يقول : ما شبهت قتل علي عمراً إلا بقول الله عزوجل(٢) : « فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت »(٣) .

٢٠٦ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله

__________________________________________

(١) كتاب مائة منقبة لابن شاذان / ١٢٧ ح / ٦٢ مع اختلاف في ذيل الحديث ورواه أيضا الكنجي في كفاية الطالب / ٧٧.

(٢) البقرة : ٢٥١.

(٣) مستدرك الصحيحين ٣ / ٣٤.

١٧٢

الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهله ، عن أبي رافع - مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال : خرجنا مع علي حين بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برايته ، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود ، فطرح ترسه من يده فتناول علي باب الحصن فترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ، ثم القاه من يده فلقد رأيتنى في نفر من سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب ما استطعنا ان نقلبه(١) .

٢٠٧ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، اخبرنا أبو عبد الله الصفار ، حدثنا ابراهيم بن اسماعيل الشوطي ، حدثنا فضيل بن عبد الوهاب ، حدثنا المطلب بن زياد ، عن ليث ، عن أبي جعفر ، عن جابر بن عبد الله قال : حمل عليعليه‌السلام باب خيبر يومئذ فجرب بعده فلم يحمله إلا أربعون رجلا(٢) .

٢٠٨ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق بن يسار قال : قال علي بن أبي طالبعليه‌السلام حين ناول فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السيف :

أفاطم هاك السيف غير ذميم

فلست ب رعديد ولا بلئيم

لعمري لقد اعذرت عن نصر أحمد

ومرضاة رب بالعباد رحيم

__________________________________________

(١) الحديث رواه أحمد في المسند ٦ / ٨ ورواه أيضا الجويني في فرائد السمطين ١ / ٢٦١.

(٢) تاريخ بغداد ١١ / ٣٤٢ وفيه جربوه كنز العمال ١٣ / ١٣٦ مع اختلاف يسير ورواه أيضاً الجويني في فرائد السمطين ١ / ٢٦١.

١٧٣

قال ابن اسحاق : وسمع في ذلك اليوم ، وهاجت ريح شديدة فسمع مناد ينادي ؛ يقول :

لا سيف إلا ذو الفقار

ولا فتى إلا علي

فاذا ندبتم هالكا

فابكوا الوفى اخا الوفى(١)

٢٠٩ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو هاشم ، عن أبي مجلز ، عن أبي قيس بن عباد القيسي قال : سمعت أبا ذر يقسم قسما ان هذه الآية : « هذان خصمان اختصموا في ربهم »(٢) نزلت في الذين برزوا يوم بدر الثلاثة : والثلاثة حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة والوليد(٣) أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث هشيم.

٢١٠ - وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، حدثنا أحمد بن كامل بن خالد بن كامل القاضي ، حدثنا العباس بن حمد ، حدثنا سعيد بن يحيى بن الازهر ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن مازن العابدي قال : قال علي ابن أبي طالب : ما وحدت من قتال القوم بداً أو الكفر بما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) .

__________________________________________

(١) سيرة ابن هشام ٢ / ١٠٠ مع اختلاف تاريخ الطبري ٢ / ٢١١ ورواه أيضا الجويني في فرائد السمطين ١ / ٢٥٢.

(٢) الحج : ١٩.

(٣) حديث مشهور رواه الحفاظ الاثبات منها : البخاري في صحيحه ٥ / ٩٥ - كتاب المغازلي وكتابا لتفسير [ سورة الحج : ١٩ - ٢١ ] - مسلم في صحيحة كتاب التفسير ٨ / ٢٤٦ وابن المغازلي في مناقبه / ٢٦٤ والحاكم في مستدركه ٢ / ٣٨٦.

(٤) رواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ٣ / ٢٢٠ وفيه : عن ابن نباته - انساب الاشراف للبلاذرى ٢ / ٢٣٦ عن طارق بن شهاب.

١٧٤

وللسيد الحميري :

وعلي يوم بدر عممت

كفه السيف وليداً فانعفر

ذاك يرويه سليمان لنا

صدق الاعمش في ذاك وبر

وحد الله ولم يشرك به

وقريش أهل عود وحجر

وللصاحب كافي الكفاة :

من كمولانا علي

والوغى تحمي لظاها

من يصيد الصيد فيها

بالضبا حين انتضاها

انتضاها ثم امضاها

عليهم فارتضاها

من له في كل يوم

وقعات لا تضاهي

كم وكم حرب عقام(١)

سد بالصمصام فاها

اذكرا افعال بدر

لست ابغى ما سواها

اذكرا غ-زوة احد

انه شمس ضحاها

اذكرا حرب حنين

إنه بدر دجاها

واذكرا الاحزاب تعلم

إنه ليث شراها(٢)

واذكرا أمر براءة

واصدقاني من تلاها

واذكرا مهجة عمرو

كيف أقناها تجاها

واذكرا من زوج ال-ز

هراء كيما يتباهى

واذكرا بكرة طير

فلقد طار نباها

واذكرا لي قلل العلم

ومن حل ذراها

حاله حالة هارون

لموسى فافهماها

أعلى حب على لا

مني القوم سفاها

__________________________________________

(١) حرب عقام : شديدة لا يلوى فيها احد على احد يكثر فيها القتل ويبقى النساء أيامي - لسان العرب.

(٢) الشرى : تقدم معناه.

١٧٥

اهملوا قرباه جهلا

وتخطوا مقتضاها

ردت الشمس عليه

بعد ما غاب سناها

أول الناس صلاة

جعل التقوى حلاها

الفصل الثاني

في بيان قتال أهل الجمل وهم الناكثون

٢١١ - أخبرني الشيخ الامام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله ابن الحسن الهمداني - المعروف بالمروزي فيما كتب الي من همدان - أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد باصبهان - فيما اذن لي في الرواية عنه - أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني - سنة ثلاث وسبعين واربعمائة - أخبرنا الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني حدثنا وقال أبو النجيب سعد ابن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي ، وأخبرنا بهذا الحديث عالياً الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الاصبهاني في كتابه إلى من اصفهان - سنة ثمان وثمانين واربعمائة - عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، أخبرنا شهاب بن عباد ، حدثنى جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد قال : ذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام ما يلقى من بعده ، قال : فبكى وقال : أسألك بحق قرابتي وبحق صحبتي الا دعوت الله لي ان يقبضني الله ، قال يا علي تسألني ان ادعو الله لأجل مؤجل ، قال : فقال : يارسول الله على ما اقاتل القوم؟ قال : على الاحداث في الدين.

٢١٢ - وبهذا الاسناد عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا ، حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا عثمان بن

١٧٦

محمد ، حدثنا يونس بن أبي يعقوب ، حدثنا حماد بن عبد الرحمان الانصاري ، عن أبي سعيد التميمي ، عن عليعليه‌السلام قال : عهد إلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقيل له : يا أمير المؤمنين من الناكثون؟ قال : الناكثون اصحاب الجمل ، والمارقون الخوارج ، والقاسطون أهل الشام(١)

٢١٣ - وبهذا الأسناد عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا ، حدثنا محمد بن أحمد البرزاز ، حدثنا جدى محمد بن الخطاب ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهنى ، عن سالم بن أبي الجعد قال : ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خروج بعض امهات المؤمنين ، فضحكت عايشة فقال : انظري يا حميرا لا تكونين هي ، ثم التفت إلى علي بن أبي طالب فقال : يا أبا الحسن ان وليت من امرها [ شيئاً ] فارفق بها(٢) .

٢١٤ - وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري باصبهان ، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الاصبهاني ، حدثنا محمد بن الحسين الدقاق البغدادي ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا إبراهيم بن الحسن التغلبي ، حدثنا يحيى بن يعلى ، حدثنا عمر بن يزيد ، حدثنا عبد الله بن حنظلة ، حدثنى شهر بن حوشب قال : كنت عند ام سلمة « رض » فسلم رجل ، فقيل من أنت؟ قال : أنا أبو ثابت مولى أبي ذر ، قالت : مرحباً بأبي ثابت ، أدخل فدخل فرحبت به فقالت : اين طار قلبك حين طارت القلوب مطايرها ، قال مع علي بن

__________________________________________

(١) اسد الغابة لابن اثير الجزري : ٤ / ٣٣.

(٢) مستدرك الصحيحين ٣ / ١١٩.

١٧٧

أبي طالبعليه‌السلام ، قالت وفقت والذي نفس ام سلمة بيده لسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : علي مع القرآن والقرآن مع علي ، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ولقد بعثت إبنى عمر ، وابن أخى عبد الله - أبي امية - وأمرتهما ان يقاتلا مع علي من قاتله ولولا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم امرنا أن نقر في حجالنا أو في بيوتنا ، لخرجت حتى أقف في صف علي(١) .

٢١٥ - وأخبرني أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي هذا - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا عبدوس هذا كتابة ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري باصبهان ، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الاصبهاني ، حدثنى محمد بن عبد الله بن الحسين ، حدثنا علي بن الحسين بن اسماعيل ، حدثنا محمد بن الوليد العقيلي ، حدثنى قثم بن أبي قتادة الحراني ، حدثنا وكيع ، عن خالد النواء ، عن الأصبغ بن نباتة قال : لما ان اصيب زيد بن صوحان يوم الجمل ، أتاه علي وبه رمق ، فوقف عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فهو لما به فقال : رحمك الله يا زيد ، فوالله ما عرفناك إلا خفيف المؤنة ، كثير المعونة ، قال : فرفع إليه رأسه فقال وأنت ، يرحمك الله ، فوالله ما عرفتك إلا بالله عالما ، وبآياته عارفا ، والله ما قاتلت معك من جهل ولكني سمعت حذيفة بن اليمان يقول : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : علي أمير البررة ، وقاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، ألا وان الحق معه ، ألا وان الحق معه يتبعه ، ألا فميلوا معه(٢) .

٢١٦ - وأخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي

__________________________________________

(١) نظيره في مستدرك الصحيحين ٣ / ١١٩ و ١٢٤ - ورواه أيضا الجويني / في فرائد السمطين ١ / ١٧٧.

(٢) رواه الكشي في رجاله / ٦٣ - انساب الاشراف ٢ / ١٦٣ مع اختلاف في المتن.

١٧٨

الخوارزمي ، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدى شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري ، حدثنا عبيدالله بن موسى ، حدثنا ابو ميمونة ، عن أبي بشير الشيباني قال : لما قتل عثمان ، اختلف الناس في علي يقولون له : نبايعك ومعهم طلحة والزبير والمهاجرون والانصار ، فقال لا حاجة لى في الإمرة ، انظروا إلى من تختارون اكون معكم ، قال فاختلفوا إليه أربعين ليلة ، فابوا عليه إلا أن يكون يفعل ، وقالوا نحن منذ أربعين ليلة ليس أحد يأخذ على سفيهنا ، قال على : اصلى بكم ويكون مفتاح بيت المال بيدي وليس أمرى دونكم ، أترضون بهذا؟ قالوا نعم ، قال وليس أن أعطى أحداً درهماً دونكم؟ قالوا : نعم ، يقول ذلك لهم ثلاثة أيام ، قالوا نعم ، فقعد على المنبر وبايعه الناس قال فنزل واعطى كل ذي حق حقه ، وسكن الناس وهدؤا قال فلم يكن إلا يسيراً حتى دخل عليه طلحة والزبير فقالا. يا أمير المؤمنين ان أرضنا أرض شديدة ، وعيالنا كثير. ونفقتنا كثيرة ، قال : الم أقل لكم اني لا أعطى أحدا دون أحد؟ قالوا بلى قال فأتوا باصحابكم فان رضوا بذلك أعطيتكم وإلا لم أعطكم دونهم ، ولو كان عندي شيء اعطيتكم من الذي لي لو انتظرتم حتى يخرج عطائي أعطيتكم من عطائي قالوا ما نريد من الذي لك شيئاً ، وخرجا من عنده فلم يلبثا إلا قليلاً حتى دخلوا عليه فقالوا ائذن لنا في العمرة؟ قال : ما تريدون العمرة ولكن تريدون الغدرة ، قالوا كلا قال قد اذنت لكما ، اذهبا ، قال فخرجوا حتى أتوا مكة وكانت ام سلمة وعائشة بمكة فدخلوا على ام سلمة فقالوا لها وشكوا إليها فوقعت فيهما وقالت انتم تريدون الفتنة ونهتهم عن ذلك نهياً شديداً ، قال فخرجوا من عندها حتى أتوا عائشة فقالوا لها مثل ذلك ، وقالوا نريد أن تخرجي معنا نقاتل هذا الرجل قالت نعم.

١٧٩

قال فكتب أمير مكة إلى علي : أن طلحة والزبير جاءا فاخرجا عائشة ، ما ندري أين خرجوا بها(١) فصعد المنبر فدعا الناس فقال : انا كنت أعلم بكم فأبيتم ، قالوا وما ذاك؟ قال : ان طلحة والزبير أتياني فذكرا حالهما ، فقلت : ليس عندي شيء ، فاستأذناني في العمرة ، فقد أخرجا عائشة إلى البصرة تقاتلكم ، قالوا : نحن معك فمرنا بامرك ، قال : ان هؤلاء يجتمعون عليكم وارضكم شديدة ، سيروا أنتم إليهم ، وكتب إلى أمير الكوفة : يستنفر الناس قال : فاجتمعوا بالبصرة فقال علي : من ياخذ المصحف ثم يقول لهم ماذا تنقمون ، تريقون دماءنا ودمائكم؟ فقال رجل : انا يا أمير المؤمنين ، قال : انك مقتول ، قال : لا ابالي ، قال : خذ المصحف قال : فذهب إليهم فقتلوه ، ثم قال من الغد مثل ما قال بالامس ، فقال رجل : انا ، قال : انك مقتول كما قتل صاحبك بالامس ، قال : لا ابالى ، قال فذهب فقتل ، ثم قتل آخر كل يوم واحد فقال علي : قد حل لكم قتالهم الآن ، قال فبرز هؤلاء وهؤلاء فاقتتلوا قتالاً شديداً ، قال وقتل طلحة في المعركة وانهزم أصحاب الجمل ، قال وعايشة واقفة على بعيرها ليس عندها أحد ، فقال علي لمحمد بن أبي بكر : خذ بزمام بعير اختك ، فأتاها فقالت : من أنت؟ قال ابنك(٢) ، قالت كلا ، قال بلى ولو كرهت ، قال وقد كان عليعليه‌السلام قبل ذلك قال أين الزبير؟ قالوا هوذا واقف ، فأرسل إليه رسولا : ادن منى حتى أخبرك ، قال وهو في السلاح قال وعلي قباطان وبرنس وسيف وقلنسوة ، فقال له الحسن : يا أمير المؤمنين ذاك في السلاح وليس عليك إلا ما أرى ، قال له علي : أنته عني ، قال فدنا كل واحد منهما من الآخر حتى اختلفت رؤوس دابتيهما ، فقال له علي : تذكر يوم كنت أنا وأنت في مكان كذا وكذا ، فمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : لتقاتلن هذا وأنت ظالم له؟ قال له الزبير : ذكرتني ما قد

__________________________________________

(١) الامامة والسياسة ١ / ٦٢.

(٢) مراده ان عائشة ام المؤمنين.

١٨٠

نسيت ، فلن أسل عليك سيفا فأدبر ، فقال له عبد الله ابنه : ما هذا الذي ذكر لك علي؟ قال : ذكرني شيئا كنت قد نسيته ، فقال : بعد ما أخرجت القوم تتركهم وتذهب ، قال ابو بشر : فرد عليهم ما كان في العسكر حتى القدر. وروى ان ابنه عبد الله وبخه بتركه القتال وقال : لعلك رأيت الموت الاحمر تحت رايات ابن أبي طالبعليه‌السلام ، لقد فضحتنا فضيحة لا نغسل منها رؤوسنا أبداً ، فغضب الزبير من ذلك وصاح بفرسه وحمل على أصحاب عليعليه‌السلام حملة منكرة ، فقال علي لأصحابه : فرجوا له فانه محرج ، فأوسعوا له ، فشق الصفوف حتى خرج منها ، ثم رجع فشقها ثانية ، ولم يطعن أحداً ولم يضرب ، ثم رجع إلى ابنه فقال : هذه حملة جبان؟ فقال له ابنه عبد الله : فلم تنصرف عنا الآن وقد التقت حلقتا البطان؟ فقال الزبير : يا بني ارجع والله لأخبار كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عهدها إلى فانسيتها حتى أذكرنيها علي فعرفتها قال : ثم خرج الزبير من عسكرهم تائباً مما كان فيه وهو ينشد ويقول :

ترك الأمور التي تخشى عواقبها

لله أجمل في الدنيا وفي الدين

نادى علي بأمر لست أنكره

قد كان عمر أبيك الخير مذ حين

فاخترت عاراً على نار مؤججة

أنى بقوم لها خلق من الطين

أخال طلحة وسط القوم منجدلا

ركن الضعيف ومأوى كل مسكين

قد كنت أنصر احيانا وينصرني

في النائبات ويرمى من يرامينى

حتى ابتلينا بامر ضاق مصدره

فأصبح اليوم ما يعنيه يعنينى

قال ثم مضى الزبير منفرداً وتبعه خمسة من الفرسان ، فحمل عليهم وفرقهم وفرق جمعهم ، ومضى حتى إذا صار إلى واد السباع(١) ، فنزل على قوم

__________________________________________

(١) في مراصد الاطلاع : وادي السباع الذي قتل فيه الزبير بين البصرة ومكة ووادي السباع من نواحي الكوفة.

١٨١

من بني تميم فقام إليه عمرو بن جرموز المجاشعى ، فقال له : أبا عبد الله كيف تركت القوم؟ فقال الزبير : تركتهم والله قد عزموا على القتال ولا شك الا وقد التقوا ، قال فسكت عنه عمرو بن جرموز وامر له بطعام وشئ من لبن فأكل الزبير وشرب ، ثم قام فصلى واخذ مضجعه ، فلما علم ابن جرموز أن الزبير قد نام ، وثب إليه فضربه بسيفه ضربة على ام رأسه فقتله(١) .

قال رضي الله عنه : التقت حلقتا البطان يضرب في تناهي الأمر(٢) ، لأن البطان هو الرحل ، وانما تلتقي حلقتاه وعروتاه إذا اضطرب حزام الرجل واستأخر حتى التفت عروتاه وهو لا يقدر على النزول فرقا ليشد.

٢١٧ - وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدى أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد ، اخبرنا اسماعيل بن محمد الصفار ، حدثنا سعدان بن نصر ، حدثنا عمرو بن شيب ، حدثنا الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب قال : أول شهود شهدوا في الاسلام بالزور واخذوا عليه الرشا ، الشهود الذين شهدوا عند عائشة حين مرت بماء الحوأب(٣) ، فقالت عائشة : ردوني ، ردوني مرتين ، فأتوها بسبعين شيخا فشهدوا أنه ماؤنا وما هو بماء الحوأب(٤) .

__________________________________________

(١) رواه الطبري في وقايع سنة ٣٦ ج ٤ / ٥٣٥.

(٢) في [ ر ] : الشر.

(٣) حوأب : موضع في طريق البصرة محاذي البقرة ماءة أيضا من مياههم - معجم البلدان وقد تذكرت عائشة تحذير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن محاربة علي في موقع آخر وبمناسبة اخرى ودلك عندما احضروا لها بعيرا فلما رأته اعجبها وانشأ الجمال يحدثها بقوته وشدته ويقول : في اثناء كلامه : « عسكر » فلما سمعت هذه اللفظة استرجعت وقالت : ردوه لا حاجة لي فيه ، وذكرت حين سئلت أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكر لها هذا الاسم ونهاها عن ركوبه - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٦ / ٢٢٤.

(٤) انساب الأشراف ٢ / ٢٢٤ اطول من ذلك الامامة والسياسة ١ / ٦٣ - مروج الذهب ٢ / ٣٥٨.

١٨٢

٢١٨ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو إسحاق المدني وأبو الحسن الحافظ قالا : حدثنا محمد بن اسحاق الثقفي ، حدثنا سليمان بن خالد بن صبيح - مولى سهل بن حنيف - أبو عمر الرقى حدثنا أبو علية ، عن أبي سفيان بن العلاء ، عن أبي عتيق قال : قالت عائشة : إذا مر ابن عمر فأرونيه ، فلما مر قيل لها : هذا بن عمر ، قالت : يا أبا عبد الرحمان ما يمنعك أن تنهاني عن مسيري؟ قال : قد رأيت رجلا قد غلب عليك وظننت أن لا تخالفيه ، قالت : أما انك لو نهيتني ما خرجت.

٢١٩ - وبهذا الاسناد عن أبي سفيان بن العلا هذا ، عن بن أبي عتيق قال : قالت عائشة : إذا ذكرت يوم الجمل أخذت مني هاهنا ، وتشير بيدها إلى حلقها.

٢٢٠ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ببغداد ، أخبرنا أحمد بن عثمان الآدمي ، حدثنا أبو جعفر محمد بن سويد الطحان ، حدثنا سفيان بن محمد المصيصي ، حدثنا يوسف بن أسباط ، حدثنا سفيان الثوري ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه قال : ما ذكرت عائشة مسيرها إلا بكت حتى تبل خمارها ، وتقول : يا ليتني كنت نسياً منسياً(١) .

٢٢١ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو الوليد الامام وابو بكر بن قريش قالا : حدثنا الحسين بن سفيان ، حدثنا أحمد بن عبدة ، حدثنا الحسن بن الحسين ، حدثنا رفاعة بن أياس الضبي ، عن أبيه ، عن جده قال : كنا مع علي يوم الجمل ، فبعث إلى طلحة بن عبيدالله أن القني فأتاه ، فقال : نشدتك الله هل سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : من كنت مولاه فعلى مولاه ، اللهم وال من والاه ،

____________________________________

(١) تاريخ بغداد ٩ / ١٨٥ - ونظيره في انساب الاشراف ٢ / ٢٦٥.

١٨٣

وعاد من عاداه ، قال نعم ، قال فلم تقاتلني؟ قال : لم اذكر ، قال فانصرف طلحة(١) .

٢٢٢ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان ، أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا بن نمير ، حدثنا وكيع ، حدثنا اسماعيل بن أبي خالد ، عن قيس قال : كان مروان مع طلحة والزبير يوم الجمل ، فلما نشبت الحرب ، قال مروان لا اطلب بثأري بعد اليوم ، فرماه بسهم فاصاب ركبته(٢) - يعني طلحة -.

٢٢٣ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو نصر بن عمر بن عبد العزيز عمر بن قتادة ، أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن السراج ، حدثنا أبو جعفر الحضرمي مطين ، حدثنا جندل بن والق ، حدثنا محمد بن عمر المازني ، عن أبي عامر الانصاري ، عن بلال بن ثور بن مجزأة السدوسي ، عن أبيه ، عن جده قال : مررت بطلحة وهو صريع بآخر رمق ، فقال : من أنت؟ فانى أرى وجهك كالقمر ليلة البدر؟ قال قلت : رجل من أصحاب أمير المؤمنين ، قال : فمد يدك أبايعك لأمير المؤمنين ، فبسطت يدي فبايعني ، ثم قضى نحبه فاتيت علياً فأخبرته بمقالته ، فقال : الله اكبر صدق الله ورسوله ، أبي الله أن يدخله الجنة الا وبيعتي في عنقه ، وأما الزبير بن العوام فانه أيضاً خرج يطلب بدم عثمان ثم تلهف على ذلك حين أحس الفتنة.

قال رضي الله عنه : وذكر ابن اعثم في فتوحه : أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام كتب إلى طلحة والزبير قبل قتال الجمل اخذاً للحجة عليهما : أما بعد فقد علمتما اني لم أرد الناس حتى أرادوني ، ولم ابايعهم حتى اكرهوني ، وانتما ممن أراد بيعتي وبايعوا ، ولم تبايعا لسلطان غالب ولا لغرض

__________________________________________

(١) مروج الذهب ٢ / ٣٦٤.

(٢) رواه البلاذري في انساب الاشراف ٢ / ٢٤٦ اطول من ذلك.

١٨٤

حاضر(١) ، فإن كنتما بايعتما طائعين ، فتوبا إلى الله وارجعا عما أنتما عليه ، وان كنتما مكروهين فقد جعلتما لي السبيل(٢) عليكما باظهاركما الطاعة وكتمانكا المعصية ، وأنت يا زبير فارس قريش ، وأنت يا طلحة شيخ المهاجرين ودفعكما هذا الأمر قبل ان تدخلا فيه أوسع لكما من خروجكما منه بعد إقراركما(٣)

وكتب إلى عائشة : أما بعد ، فإنك قد خرجت من بيتك عاصية لله ولرسوله محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تطلبين أمراً كان عنك موضوعاً ثم تزعمين أنك تريدين الاصلاح بين المسلمين ، فخبريني ما للنساء وقود العساكر والاصلاح بين الناس؟ وطلبت كما زعمت بدم عثمان وعثمان رجل من بني أمية ، وأنت امرأة من بني تيم بن مرة ، ولعمر الله ان الذي عرضك للبلاء وحملك على المعصية لأعظم اليك ذنبا من قتلة عثمان ، وما غضبت حتى اغضبت ولا هجت حتى هيجت ، فاتق الله يا عائشة وارجعي إلى منزلك واسبلي عليك سترك والسلام(٤) .

وروى : انه راسلهم مرة بعد اخرى ليكفوا عن الحرب ، وحمل زيد ابن صوحان وعبد الله بن عباس رسالاته إليهم ، فلما لم يجيبوا إلى ذلك جمع من تابعه من الناس من اهل بيعته فخطبهم فقال : يا أيها الناس اني قد تأنيت هؤلاء القوم وراقيتهم وناشدتهم كيما يرجعوا ويرتدعوا ، فلم يفعلوا ولم يستجيبوا وقد بعثوا إلي ان ابرز إلى الطعان واثبت للجلاد وقد كنت وما اهدد بالحروب ولا أدعى إليها وقد انصف من راماها ، ولعمري لئن ابرقوا

__________________________________________

(١) هكذا في الأصلين ولكن في شرح لنهج البلاغة لابن أبي الحديد : « لحرص حاضر » وفي شرح لنهج البلاغة لعبده : « لعرض حاضر » وفي هامشه : والعرض ، بفتح فسكون - أو بالتحريك - : هو المتاع ، وما سوى النقدين من المال ومعناه ولا لطمع في مال حاضر.

(٢) السبيل : الحجة.

(٣) شرح نهج البلاغة لعبده ولابن أبي الحديد ١٧ / ١٣١ الكتاب / ٥٤.

(٤) الامامة والسياسة لابن قتيبة الدينوري ١ / ٧٠.

١٨٥

وارعدوا فلقد عرفوني وراوا نكايتي القارة ، أنا أبو الحسن الذي فللت حدهم ، وفرقت جماعتهم فبذلك القلب القى عدوي وأنا على بينة من ربي لما وعدني من النصر والظفر ، واني لعلي غير شبهة من أمري ، ألا ان الموت لا يفوته المقيم ولا يعجزه الهارب ، ومن لم يقتل يمت ، وان أفضل الموت القتل ، والذي نفس على بيده لألف ضربة بالسيف أهون علي من ميتة الفراش ، ثم رفع يده إلى السماء وهو يقول : اللهم ان طلحة بن عبيدالله اعطاني صفقة يمينه طائعا ثم نكث بيعتى ، اللهم فعاجله ولا تمهله ، اللهم وان الزبير بن العوام قطع قرابتي ونكث عهدي وظاهر عدوي ونصب الحرب لي وهو يعلم انه ظالم لي ، فاكفنيه كيف شئت وانى شئت. قال « رض » أنصف القارة من راماها ، القارة قبيلة وهم عضل والديش وهم ابناء الهون بن خزيمة ، سموا قارة لاجتماعهم والتفافهم ، تشبيهاً بالقارة التي هي الاكمة ، وقد أراد الشداخ أن يفرقهم في قبائل كنانة فقال رجل منهم :

دعونا قارة لا تنفرونا

فنجفل مثل اجفال الظليم

أي دعونا مجتمعين ، وكانوا رماة الحدق زعموا أن أربعين منهم احسوا بشيء في الليلة المظلمة فرموه فاصبحوا فرأوا الأربعين سهما في هرة (١) والتقى قاري واسدى فقال القاري : ان شئت صارعتك ، وأن شئت راميتك ، وان شئت سابقتك ، فاختار الاسدي المراماة ، فقال القاري :

قد علمت سلمى ومن والاها

إنا نصد الخيل من هواها

قد انصف القارة من راماها

إنا إذا ما فئة نلقاها

نرد اولاها على أخراها

نردها دامية كلاها

ثم انتزع القاري له بسهم فشك به فؤاده ، ضربه أمير المؤمنين مثلا فيمن

__________________________________________

(١) وفي [ ر ] : هزة وهو تصحيف.

١٨٦

أختار محاربته وهو ابن بجدتها(١) فقد انصفه.

قال رضي الله عنه : ولما تقابل العسكران : عسكر أمير المؤمنين عليعليه‌السلام وعسكر أصحاب الجمل ، جعل أهل البصرة يرمون أصحاب علي بالنبل حتى عقروا منهم جماعة ، فقال الناس : يا أمير المؤمنين انه قد عقرنا نبلهم فما انتظارك بالقوم ، فقال علي : اللهم اني اشهدك اني قد اعذرت وانذرت فكن لي عليهم من الشاهدين ، ثم دعا على بالدرع ، فأفرغها عليه وتقلد بسيفه واعتجر بعمامته واستوى على بغلة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم دعا بالمصحف فأخذه بيده وقال : يا أيها الناس من ياخذ هذا المصحف فيدعوا هؤلاء القوم إلى ما فيه؟ قال فوثب غلام من مجاشع يقال له مسلم ، عليه قباء أبيض ، فقال له : انا آخذه يا أمير المؤمنين ، فقال له علي : يافتى ان يدك اليمنى تقطع فتأخذه باليسرى فتقطع ، ثم تضرب عليه بالسيف حتى تقتل ، فقال الفتى : لا صبر لي على ذلك(٢) يا أمير المؤمنين ، قال فنادى علي ثانية ، والمصحف في يده ، فقام إليه ذلك الفتى وقال : أنا آخذه يا أمير المؤمنين ، قال فاعاد عليه على مقالته الاولى ، فقال الفتي : لا عليك يا أمير المؤمنين فهذا قليل في ذات الله ، ثم اخذ الفتى المصحف وانطلق به إليهم ، فقال : يا هؤلاء ، هذا كتاب الله بيننا وبينكم ، قال فضرب رجل من أصحاب الجمل يده اليمنى فقطعها ، فأخذ المصحف بشماله فقطعت شماله ، فاحتضن المصحف بصدره فضرب عليه حتى قتل - رحمة الله عليه - قال فنظرت إليه امه فرثته بأبيات من الشعر ، قال ثم رفع علي رأيته إلى ابنه محمد بن الحنفية وقال : تقدم يا بني ، فتقدم محمد ثم وقف بالراية لا يبرح بها ،

__________________________________________

(١) هو ابن بجدتها : يقال للعالم المتقن ، واصله الدليل الهادي في الصحراء ، ومن لا يبرح عن قوله - المعجم الوسيط.

(٢) في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد - لأصبر على ذلك.

١٨٧

فصاح به علي : اقتحم لا ام لك ، فحمل محمد بالراية وطعن بها في أصحاب الجمل طعناً منكراً ، وعلي ينظر فاعجبه ما رأى من فعاله فجعل يقولعليه‌السلام :

اطعن بها طعن أبيك تحمد

لا خير في الحرب إذا لم توقد

قال فقاتل بالراية محمد بن الحنفية ساعة ، ثم رجع وضرب علي بيده إلى سيفه فاسله ، ثم حمل على القوم فضرب فيهم يمينا وشمالاً ، ثم رجع وقد انحنى سيفه فجعل يسويه بركبته فقال له أصحابه : نحن نكفيك ذلك يا أمير المؤمنين ، فلم يجب أحداً حتى سواه ثم حمل ثانية حتى اختلط فيهم ، فجعل يضرب فيهم قدما حتى انحنى سيفه ، ثم رجع إلى أصحابه ووقف يسوي السيف بركبته وهو يقول : والله ما أريد بذلك إلا وجه الله والدار الآخرة ، ثم التفت إلى ابنه محمد بن الحنفية وقال : هكذا فاصنع يا بني(١) ثم تقدم رجل من أصحاب الجمل يقال له عبد الله بن يبرى فجعل يرتجز ويقول :

يا رب أني طالب أبا الحسن

ذاك الذي يعرف حقاً بالفتن

ذاك الذي نطلبه على الاحن

ونقض-ه شريعة من السنن

قال فخرج إليه علي وهو يقول :

ان كنت تبغي ان ترى أبا حسن

وكنت ترميه بايثار الفت-ن

فاليوم تلقاه مليا فاعلمن

بالضرب والطعن عليما بالسنن

قال ثم شد عليه علي بالسيف فضربه ضربة هتك بها عاتقه فسقط قتيلاً ، فوقف عليه علي وقال : قد رأيت أبا الحسن فكيف رأيته؟(٢) قال وخرج أخوه عبد الله بن يبرى وهو يرتجز ويقول :

أضربكم ولو أرى علياً

عممته أبيض مشرفياً

واسمراً عنطنطا خطيا

ابكي عليه الولد والوليا

__________________________________________

(١) و (٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ٢٥٧ و ٩ / ١١١ و ١ / ٢٥٦.

١٨٨

قال : فخرج إليه عليعليه‌السلام متنكرا وهو يقول :

يا طالبا في حربه عليا

يمنحه أبيض مشرفيا

أثبت لتلقاه بها عليا

مهذبا سميدعاً كميا

قال ثم حمل عليه علي فضربه ضربة على وجهه فرمى بنصف رأسه ، وأنصرف علي يريد إلى أصحابه ، فصاح به صائح من ورائه والتفت فإذا بعبدالله بن خلف الخزاعي - وهو صاحب منزل عائشة بالبصرة - فلما رآه عليعليه‌السلام عرفه فنادى : ما تشاء يابن خلف؟ قال هل لك في المبارزة؟ قال عليعليه‌السلام : ما اكره ذلك ولكن ويحك يابن خلف ما راحتك في القتل ، وقد علمت من أنا ، فقال عبد الله بن خلف ، زرني من بذخك يابن أبي طالب وادن مني لترى أينا يقتل صاحبه فثنى إليه عليعليه‌السلام عنان فرسه ، قال : والتقيا للضراب فبدره عبد الله بن خلف بضربة ، دفعها عليعليه‌السلام بححفته ، ثم ضربه ضربة رمى بيمينه ثم ثناه بأخرى ، فاطار قحف رأسه(١) (٢) .

قال « رضي الله عنه » العنطنط : الطويل المضطرب ، والسميدع : السيد الكريم الموطأ الاكتاف. وجال الأشتر بين الصفين وقتل من شجعان أهل الجمل جماعة واحداً بعد واحد مبارزة ، وكذلك عمار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر واشتبكت الحرب بين العسكرين واقتتلوا قتلاً شديداً لم يسمع بمثله ، وقطعت على خطام الجمل ثماني وتسعون يداً ، وصار الهودج كأنه القنفذ(٣) مما فيه من النبل والسهام ، واحمرت الارض بالدماء ، وعقر الجمل من ورائه فعج(٤) ورغا ، فقال علي : عرقبوه فانه شيطان ، ثم التفت إلى محمد بن أبي بكر وقال : انظر

__________________________________________

(١) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ٢٦١.

(٢) قحف الرأس : فوق الدماغ - النهاية.

(٣) و (٤) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ٢٦٢ - ٢٦٦.

١٨٩

إذا عرقب الجمل فادرك اختك فوارها ، وقد عرقب الجمل فوقع لجنبه وضرب بجرانه الارض ، ورغا رغاء شديداً وبادر عمار بن ياسر فقطع أنساع الهودج بسيفه واقبل عليعليه‌السلام على بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقرع الهودج برمحه ، ثم قال : يا عائشة اهكذا أمرك رسول الله ٩؟ فقالت عائشة [ يا ] أبا الحسن قد ظفرت فأحسن ، وملكت فاسجح ، وقال عليعليه‌السلام لمحمد بن أبي بكر : شأنك باختك فلا يدنو أحد سواك ، فأدخل محمد يده إلى عائشة فاحتضنها ، ثم قال : اصابك شيء؟ قالت لا ، ولكن من أنت ويحك فقد مسست مني ما لا يحل لك؟ فقال محمد : اسكتي فأنا محمد أخوك ، فعلت بنفسك ما فعلت ، وعصيت ربك وهتكت سترك وابحت حرمتك ، وتعرضت للقتل ، ثم ادخلها البصرة وانزلها في دار عبد الله بن خلف الخزاعي(١) .

قال رضي الله عنه : ومن كلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في ذم البصرة وأهلها : « كنتم جند المرأة واتباع البهيمة ، رغا فأجبتم ، وعقر فهربتم ، أخلاقكم دقاق ، وعهدكم شقاق ، ودينكم نفاق ، وماؤكم زعاق ، المقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه ، والشاخص عنكم متدارك برحمة من ربه ، كأني بمسجدكم كجوجؤ سفينة قد بعث إليها العذاب من فوقها ومن تحتها وغرق من في ضمنها »(٢) .

قال « رض » الزعاق : الماء الشديد الملوحة.

الفصل الثالث

في بيان قتال أهل الشام أيام صفين وهم القاسطون

٢٢٤ - أخبرنا سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار

__________________________________________

(١) انساب الاشراف ٢ / ٢٤٩ اقصر من ذلك.

(٢) خطبة ٦ من نهج البلاغة لصبحي الصالح.

١٩٠

الديلمي - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ، حدثنا الحسين بن الحكم الحبري ، حدثنا اسماعيل بن أبان ، حدثنا اسحاق ابن ابراهيم الإزدي عن أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري قال : أمرنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقلنا : يا رسول الله أمرتنا بقتال هؤلاء ، فمع من؟ قال : مع علي بن أبي طالب ، معه يقتل عمار بن ياسر(١) .

٢٢٥ - وأخبرنا أبو منصور شهردار هذا أخبرنا أبو الفتح عبدوس هذا كتابة ، أخبرنا الامام أبو بكر أحمد بن اسحاق الفقيه ، حدثنا الحسن بن علي ، حدثنا زكريا بن الخزاز المقري ، حدثنى اسماعيل بن عباد المقري ، حدثنا شريك ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأتى منزل ام سلمة ، فجاء علي فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هذا والله قاتل الناكثين والقاسطين والمارقين بعدي(٢) .

٢٢٦ - وأخبرني أبو منصور شهردار هذا كتابة ، أخبرني أبو الفتح عبدوس هذا كتابة ، حدثنا أبو بكر محمد بن بالويه ، حدثنا الحسن بن علي ين شبيب المعمري ، حدثنا محمد بن حميد ، حدثنا سلمة بن الفضل ، قال حدثني أبو زيد الاحول ، عن عتاب بن ثعلبة قال : حدثني أبو أيوب الانصاري في خلافة عمر بن الخطاب قال : أمرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين مع علي بن أبي طالبعليه‌السلام (٣) .

٢٢٧ - وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ،

__________________________________________

(١) اسد الغابة لابن الاثير ٤ / ٣٢ - ورواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ٣ / ٢١٢.

(٢) تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ٣ / ٢٠٦.

(٣) مستدرك الصحيحين ٣ / ١٣٩ - تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ٣ / ٢١٣.

١٩١

أخبرنا القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد السبعى النيسابوري بها ، حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا ابراهيم بن مرزوق ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن سعيد بن أبي الحسن ، عن امه ، عن ام سلمة : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية(١) .

٢٢٨ - وبهذا الأسناد عن إبراهيم بن مرزوق هذا ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، عن خالد الحذاء ، عن الحسن بن أبي الحسن ، عن امه ، عن ام سلمة : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعمار : تقتلك الفئة الباغية(٢) أخرجه مسلم في الصحيح.

٢٢٩ - وبهذا الأسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو عبد الله ابن بطة الاصبهاني ، حدثنا الحسن بن الجهم ، حدثنا الحسين بن الفرج ، حدثنا محمد بن عمرو - هو الواقدي - حدثني عبد الله بن الحارث ، عن أبيه ، عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال : شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً ، وشهد صفين وقال لا اصلي ابداً(٣) حتى يقتل عمار ، فأنظر من يقتله فاني سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : تقتله الفئة الباغية ، قال : فلما قتل عمار ، قال خزيمة : قد جازت لي الصلاة ، ثم اقترب فقاتل حتى قتل ، وكان الذي قتل عماراً ابو عادية المزني طعنه برمح فسقط وكان يومئذ يقاتل وهو إبن أربع وتسعين سنة ، فلما وقع اكب عليه رجل آخر فاحتز رأسه فأقبلا يختصمان كلاهما يقول : أنا قتلته ،

__________________________________________

(١) و (٢) صحيح مسلم الجزء الثامن - / ١٨٦.

(٣) أي لا اصلي خلف امام حتى يتبين الإمام. هكذا في المخطوطات وروى ابن سعد في طبقاته ج ٣ ص ٢٥٩ هكذا : أنا لا أصل أبدا فلما قتل عمار.. قال خزيمة : قد بانت لي الضلالة وهكذا أيضاً رواه ابن الاثير في اسد الغابة ٤ / ٤٧.

١٩٢

فقال عمرو بن العاص : والله ان تختصمان إلا في النار ، فسمعها منه معاوية فلما انصرف الرجلان ، قال معاوية لعمرو : ما رأيت مثل ما صنعت ، قوم بذلوا أنفسهم دوننا تقول لهما : انكما لتختصمان في النار ، فقال عمرو : وهو والله ذاك والله انك لتعلمه ولو ددت اني مت قبل هذا بعشرين سنة(١) .

٢٣٠ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسن علي ابن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد ، حدثني محمد بن اسحاق الصفار ، حدثني وهب - هو بن بقية -(٢) ، حدثني خالد يعني - ابن عبد الله - عن خالد الحذاء ، عن عكرمة : أن ابن عباس قال له ولعلي بن عبد الله بن عباس : انطلقا [ إلى ] ابى سعيد فاسمعا من حديثه ، فأتيناه فإذا هو في حائط له ، فلما رآنا جاء فاخذ ردائه ثم قعد فأنشا يحدثنا حتى أتى على ذكر بناء المسجد قال : كنا نحمل لبنة لبنة ، وعمار لبنتين لبنتين ، فرآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجعل ينفض التراب عن رأس عمار ويقول : يا عمار الا تحمل كما يحمل أصحابك؟ قال : اني أريد الأجر من الله عزوجل قال فجعل ينفض التراب عنه ويقول : ويحك تقتلك الفئة الباغية ، تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار ، قال عمار : أعوذ بالرحمان - أظنه قال من الفتن -(٣) .

قال أحمد بن الحسين البيهقي هذا حديث صحيح على شرط البخاري.

٢٣١ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ،

__________________________________________

(١) مستدرك الصحيحين ٣ / ٣٨٥ ورواه ابن الاثير في اسد الغابة ٤ / ٤٧٤ والطبقات الكبرى لابن سعد ٣ / ٢٥٩. وهذا كلام قالته عائشة أيضا بعد حرب الجمل - انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ٢٦٤.

(٢) في [ ر ] : (خ ل) : منبه.

(٣) صحيح البخاري الجزء الأول ص ٣ باب التعاون في بناء المسجد - الطبقات الكبرى لابن سعد ٣ / ٢٥٢ و ٢٥٢ - والحديث أيضاً في الجزء الرابع منه ص ٢١ باب مسح الغبار عن الناس.

١٩٣

حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن اسحاق ، قال حدثني بريدة بن سفيان ، عن محمد بن كعب : أن كاتب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بهذا الصلح ، كان علي بن أبي طالبعليه‌السلام فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو ، فجعل على يتلكأ ويابى إلا أن يكتب : « محمد رسول الله » فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اكتب فان لك مثلها تعطيها وأنت مضطهد ، فكتب : هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله سهيل بن عمرو(١)

٢٣٢ - قال رضي الله عنه : وروى السيد أبو طالب باسناده عن علقمة والاسود قالا : أتينا أبا أيوب الانصاري فقلنا : يا أبا أيوب ، ان الله أكرمك بنبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أوحى إلى راحلته فبركت على بابك ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ضيفا لك ، فضيلة الله فضلك بها ، فاخبرنا عن مخرجك مع علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال أبو أيوب : فاني أقسم لكما : لقد كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذا البيت الذي أنتما فيه ، وما فيه غير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلي جالس عن يمينه ، وأنا جالس عن يساره ، وأنس بن مالك قائم بين يديه ، إذ تحرك الباب فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انظر من بالباب؟ فخرج أنس فنظر فقال : هذا عمار بن ياسر ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : افتح لعمار الطيب المطيب ، ففتح أنس ودخل عمار فسلم على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فرحب به ثم قال لعمار : انه سيكون في امتي من بعدي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم وحتى يقتل بعضهم بعضا وحتى يبرأ بعضهم من بعض ، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الأصلع عن يميني علي بن أبي طالب ، وان سلك الناس كلهم وادياً وسلك علي وادياً ، فاسلك وادى علي وخل عن الناس ، ان عليا لا يردك عن هدى ،

__________________________________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٢ / ٢٣٢ و ٢٣٣ من الطبقة الثالثة باختلاف يسير.

١٩٤

ولا يدلك على ردى ، يا عمار طاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله(١)

قال رضي الله عنه : يقال فيه هنات وهنوات وهنيات : خصال سوء قال لبيد : إن البرى من الهنات سعيد.

الآثار :

٢٣٣ - أخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا الشيخ العالم محيى السنة أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، أخبرنا أبو الحسين(٢) محمد بن أحمد بن تميم الحنظلي بقنطرة بردان(٣) ، حدثنا محمد بن سعيد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي ، حدثني عمى عمرو بن عطية بن سعد ، عن أخيه الحسن بن عطية ، حدثني جدى سعد بن عبادة ، عن عليعليه‌السلام ، قال : أمرت بقتال ثلاثة ، القاسطين والناكثين والمارقين ، فأما القاسطون فاهل الشام ، وأما الناكثون فذكرناهم ، وأما المارقون فاهل النهروان - يعنى الحرورية(٤) .

٢٣٤ - وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عمر عثمان بن أحمد الدقاق ، حدثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي ، حدثنا وهب بن جرير وأبو الوليد ، عن شعبة ، عن عمرو بن مرة قال : سمعت عبد الله بن سلمة يقول : رأيت عمار

__________________________________________

(١) حديث مشهور وله مصادر كثيرة منها : تاريخ الخطيب البغدادي ٣ / ١٨٦ ، تاريخ ابن عساكر ترجمه الإمام علي عليه‌السلام ٣ / ٢١٤ وفرائد السمطين للجويني ١ / ١٧٨.

(٢) في [ و ] : أبو الحسن.

(٣) قنطرة البردان ، بفتح الباء والراء : محلة ببغداد ، بناها رجل يقال له السرى بن الحطم صاحب الحطمية قرية قرب بغداد - معجم البلدان.

(٤) رواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ٣ / ٢٠٢ واورده البلاذري في انساب الاشراف ٢ / ١٣٨ عن علقمة وروى أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة ٢ / ٨٥٨ قطعة من الحديث.

١٩٥

بن ياسر يوم صفين شيخا آدما طويلا ، آخذ الحربة بيده ويده ترعد قال : والذي نفسي بيده لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاث مرات ، وهذه الرابعة ، والذي نفسي بيده لو ضربوا بنا حتى يبلغوا [ بنا ] سعفات هجر لعرفنا ان مسلحتنا على الحق وانهم على الضلالة(١) .

٢٣٥ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله مكي بن بندار الزنجاني ببغداد ، حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن رجاء الحنفي بمصر ، حدثنا هارون بن محمد بن أبي الهيدام العسقلاني ، حدثنا عثمان بن طالوت بن عباد الجحدري ، حدثنى بشر بن أبي عمرو بن العلا ، حدثني أبي ، حدثني الذيال بن حرملة قال : سمعت صعصعة بن صوحان يقول : لما عقد علي بن أبي طالبعليه‌السلام أخرج لواء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم ير ذلك اللواء مذ قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعقده ، ودعا قيس بن سعد بن عبادة فدفعه إليه واجتمعت الأنصار وأهل بدر ، فلما نظروا إلى لواء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بكوا فانشأ قيس بن سعد بن عبادة « رض » يقول :

هذا اللواء الذي كنا نحف به

دون النبي وجبريل لنا مدد

ما ضر من كانت الانصار عيبته

أن لا يكون لهم من غيرهم عضد(٢)

 ٢٣٦ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا محمد بن مصفى ، حدثني يحيى بن سعيد ، عن يحيى ابي معشر ، عن محمد بن قيس ، عن ابن عمارة ، عن خزيمة بن ثابت قال : ما زال جدى كافاً سلاحه حتى

__________________________________________

(١) حديث مشهور رواه جمع من الحفاظ منهم : ابن سعد في الطبقات ٣ / ٢٥٨ و ٢٥٩ - الحاكم في المستدرك ٢ / ١٤٨ - أحمد في المسند ٦ / ٢٨٩.

(٣) وقعة صفين لنصر بن مزاحم / ٤٥٣ ، والابيات هذه جاءت في اسد الغابة ٤ / ٢١٦.

١٩٦

قتل عمار بصفين ، فسل سيفه فقاتل حتى قتل.

قال أحمد بن الحسين البيهقي : لما قتل عمار بصفين ، اقتتل(١) أمير المؤمنين عليعليه‌السلام فيما زعم أهل التواريخ قتالاً شديداً وقتل من عدوه ليلة الهرير ناس كثير ، واتصلت الحرب بينهم حتى ولى اكثر أهل الشام أدبارهم ، فجعل معاوية ومن بقى معه مصاحفهم على رؤوس أرماحهم(٢) وقالوا : نحن ندعوكم إلى كتاب الله عزوجل وكان ذلك منهم مكراً وحيلة ، ليمسك أصحاب علي عن قتالهم فكان الأمر كما ظنوا واشاروا إلى عليعليه‌السلام بترك القتال(٣) .

٢٣٧ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا السيد ابو الحسن محمد بن الحسين العلوي ، أخبرنا أبو الأحرز محمد بن عمر بن جميل ، حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا ، حدثنا عبد الله بن يونس بن بكير ، حدثنا أبي ، عن الأعمش ، حدثني من رأى علياعليه‌السلام يوم صفين : يصفق بيديه ويعض عليهما فقال : يا عجبا أعصى ويطاع معاوية!(٤) .

٢٣٨ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرني الحاكم أبو عبد الله الحافظ في التاريخ ، قال : سمعت أبا عثمان سعيد بن نصر الاندلسي يقول : سمعت أبا علي اسماعيل بن محمد الصفار يقول : سمعت أحمد بن عبيد بن ناصح يقول : سمعت أبا عبيد(٥) يحدث عن أبي سنان العجلي قال : قال ابن عباس لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب : ابعثنى إلى معاوية بن أبي سفيان بينك وبينه فوالله لافتلن له حبلا لا ينقطع وسطه ولا ينقضى طرفه ، فقال علي : لست من مكرك ومكر معاوية في شيء ،

__________________________________________

(١) في [ ر ] : (خ ل) : قاتل.

(٢) ارماح : جمع رمح ويأتي جمعه على رماح أيضاً.

(٣) وقعة صفين - / ٤٧٦ وما بعدها.

(٤) وقعة صفين - لنصر بن مزاحم / ٣٨٨.

(٥) في [ و ] - أبا عبد الله.

١٩٧

والله لا اعطي معاوية إلا السيف حتى يغلب الحق الباطل ، قال ابن عباس : أو غير هذا ، قال كيف؟ قال [ ابن عباس ] : أنه يطاع ولا يعصى وانت عن قليل تعصى ولا تطاع ، قال فلما جعل اهل العراق يختلفون على عليعليه‌السلام قال : لله در ابن عباس انه لينظر إلى الغيب من ستر رقيق.

٢٣٩ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن الفضل ، حدثنا عبد الله بن جعفر ، حدثنا يعقوب بن سفيان ، حدثنا سعيد ابن أسد ، حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال : قطع يوم صفين أربعون الف قصبة ، فوضعت كل قصبة على قتيل فنفدت القصبه(١) ولم تحص القتلى.

قال يعقوب وروى حماد بن زيد ، عن هشام ، عن ابن سيرين قال : بلغ القتلى يوم صفين سبعين الفا ، فما قدروا على ان يعدوهم إلا بالقصب.

٢٤٠ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرني أبو عمرو بن السماك ، حدثنا حنبل بن إسحاق ، حدثنا يعلى بن أسد ، حدثنا حاتم بن وردان ، حدثني علي بن زيد ، حدثني رجل من بني سعد قال : كنت واقفاً إلى جنب الأحنف بصفين ، والأحنف إلى جنب عمار ، فقال عمار : حدثنى خليلي : ان آخر زادك من الدنيا ضيحة لبن ، قال فبينا نحن وقوف إذ سطع الغبار وقالوا : جاء أهل الشام فقام السقاة يسقون الناس ، فجاءت جارية معها قدح فناولته عماراً ، فشرب وأعطى الاحنف فضله فشرب الاحنف وناولني فضله فإذا هو لبن ، فأصغيت إلى الأحنف فقلت : ان كان صاحبك صادقا ليقتلن الآن قال قال وغشينا الناس فسمعته يقول : الجنة.

الجنة تحت الأسنة

اليوم القى الاحبة

محمّداً وحزبه

__________________________________________

(١) في [ و ] القصب.

١٩٨

فكان آخر العهد منه(١) .

قال « رضي الله عنه » : الضيح والضياح : اللبن الرقيق.

وروى ان أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ارسل إلى معاوية رسله الطرماح وجرير بن عبد الله البجلي وغيرهما قبل مسيره إلى صفين ، وكتب إليه مرة بعد اخرى يحتج عليه ببيعة أهل الحرمين له وسوابقه في الإسلام ، لئلا يكون بين أهل العراق وأهل الشام محاربة ، ومعاوية يعتل بدم عثمان ويستغوى بذلك جهال الشام واجلاف العرب ويستميل طلبة الدنيا بالاموال والولايات ، وكان يشاور في اثناء ذلك ثقاته وأهل مودته وعشيرته في قتال علي رضي الله عنه فقال له أخوه عتبة : هذا أمر عظيم لا يتم الا بعمرو ابن العاص فانه قريع زمانه في الدهاء والمكر ، يخدع ولا يخدع ، وقلوب أهل الشام مائلة إليه ، فقال معاوية : صدقت والله ، ولكنه يحب عليا فأخاف ان لا يجيئنى ، فقال : اخدعه بالاموال ومصر ، فكتب إليه معاوية :

من معاوية بن أبي سفيان خليفة عثمان بن عفان ، امام المسلمين وخليفة رسول رب العالمين ذي النورين ختن المصطفى على ابنتيه وصاحب جيش العسرة وبئر رومة ، المعدوم الناصر ، الكثير الخاذل ، المحصور في منزله ، المقتول عطشاً وظلماً في محرابه ، المعذب بأسياف الفسقة ، إلى عمرو بن العاص ، صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وثقته وأمير عسكره بذات السلاسل ، المعظم رأيه ، المفخم تدبيره.

أما بعد لن يخفى عليك احتراق قلوب المؤمنين وما اصيبوا به من الفجيعة بقتل عثمان وما ارتكب به جاره حسدا وبغيا بامتناعه من نصرته وخذلانه إياه واشلائه(٢) الغاغة عليه حتى قتلوه في محرابه ، فيالها من مصيبة

____________________________________

(١) الامامة والسياسة ١ / ١٢٦.

(٢) الإشلاء : الاغراء. يقال أشلى الكلب على الصيد وهو مأخوذ من الشلو ، لأن المراد به التسليط على أشلاء الصيد وهي اعضاؤه. والغاغة : الكثير المختلط من الناس.

١٩٩

عمّت جميع المسلمين وفرضت عليهم طلب دمه من قتلته ، وانا أدعوك إلى الحظ الأجزل من الثواب والنصيب الأوفر من حسن المآب بقتال من آوى قتلة عثمان.

فكتب إليه عمرو : من عمرو بن العاص صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى معاوية بن أبي سفيان.

اما بعد فقد وصل كتابك فقراته وفهمته ، فأما ما دعوتني إليه من خلع ربقة الإسلام من عنقي والتهور في الضلالة معك ، وإعانتي إياك على الباطل واختراط السيف على وجه علي وهو أخو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصيه ووارثه ، وقاضي دينه ومنجز وعده ، وزوج ابنته سيدة نساء أهل الجنة ، وأبو السبطين : الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ، فلن يكون ، واماما قلت إنك لخليفة عثمان ، فقد صدقت ولكن تبين اليوم عزلك عن خلافته وقد بويع لغيره فزالت خلافتك ، وأماما عظمتني ونسبتني إليه من صحبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وانى صاحب جيشه فلا أغتر بالتزكية ولا أميل بها عن الملة ، وأما ما نسبت أبا الحسن أخا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووصيه إلى الحسد والبغى على عثمان وسميت الصحابة فسقة ، وزعمت أنه اشلاهم على قتله ، فهذا كذب وغواية.

ويحك يا معاوية ، أما علمت أن أبا حسن بذل نفسه بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبات على فراشه وهو صاحب السبق إلى الإسلام والهجرة وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هو مني وأنا منه ، وهو منى بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدى ، وقد قال فيه يوم غدير خم : ألا من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وهو الذي قال فيهعليه‌السلام يوم خيبر : لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ، ويحبه الله ورسوله ، وهو الذي

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417