المناقب

المناقب14%

المناقب مؤلف:
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 417

المناقب
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66096 / تحميل: 7348
الحجم الحجم الحجم
المناقب

المناقب

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

بكر لم تر الشمس إلا خرجت وخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعلي بين يديه والحسن عن يمينه قابضا بيده ، والحسين عن شماله وفاطمة خلفه ثم قال : هلموا فهؤلاء ابناؤنا الحسن والحسين وهؤلاء أنفسنا لعلي ونفسه وهذه نساؤنا لفاطمة ، قال فجعلوا يستترون بالأساطين ويستتر بعضهم ببعض ، تخوفا أن يبدأهم بالملاعنة ثم أقبلوا حتى بركوا بين يديه ، وقالوا أقلنا أقالك الله يا أبا القاسم ، قال أقلتكم وصالحوه على الفي حلة(١) .

الآثار :

١٩٠ - وأخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ، أخبرنا الاستاذ الامين أبو الحسن علي بن مردك الرازي ، أخبرنا الحافظ أبو سعيد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان ، أخبرنا أبو طالب محمد بن الحسين القرشي بن الصباغ بالكوفة - بقراءتي عليه - حدثنا الحسن ابن محمد السكوني ، حدثنا الحضرمي ، حدثنا محمد بن سعيد المحاربي ، حدثنا حسين الاشقر ، عن قيس ، عن عمار الدهني ، عن سالم قال : قيل لعمر : نراك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من أصحاب النبي ٩؟ قال : انه مولاي(٢) .

١٩١ - وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا ظاهر بن محمد بن سمعان الجواليقي - بعسكر مكرم(٣) بقراءتي عليه - حدثني أبو طاهر عبد الرحمان ، ابن عبد الوارث بن ابراهيم العسكري ، حدثني أبي ، حدثنا عمرو ، حدثنا ابراهيم بن محمد بن اسماعيل الزبيدي ، عن ابراهيم بن حيان ، عن أبي جعفر

__________________________________________

(١) انظر تفسير الدر المنثور ٢ / ٣٧ وما بعدها - وذكره ابن المغازلي في مناقبه / ٢٦٣ باختصار.

(٢) ذكره ابن حجر في صواعقه / ٢٦.

(٣) عسكر مكرم ، بضم الميم وسكون الكاف وفتح الراء : بلدة مشهورة من نواحي خوزستان - مراصد الاطلاع.

١٦١

قال : جاء اعرابيان إلى عمر يختصمان ، فقال عمر يا أبا الحسن اقض بينهما ، فقضى علي على أحدهما ، فقال المقضى عليه : يا أمير المؤمنين هذا يقضى بيننا؟ فوثب إليه عمر فأخذ بتلبيبه ثم قال : ويحك ما تدري من هذا ، هذا مولاى ومولى كل مؤمن ، ومن لم يكن مولاه فليس بمؤمن(١) .

١٩٢ - وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الجوهرى ببغداد بقراءتي ، حدثنا محمد بن عمران بن موسى ، حدثنى أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي ، حدثنا ابو العيناء ، حدثنى يعقوب بن إسحاق بن أبي اسرائيل ، قال : نازع عمر بن الخطاب رجل في مسألة ، فقال له عمر : بينى وبينك هذا الجالس ، واومى إلى عليعليه‌السلام ، فقال الرجل : أهذا الهن؟ فنهض عمر عن مجلسه فأخذ بأذنيه حتى اشاله من الأرض وقال : ويلك أتدرى من صغرت؟ مولاى ومولى كل مسلم(٢) .

١٩٣ - وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن أحمد بن بامويه بقراءتي عليه ، وعبد الرحمان بن محمد النجيبي بمصر بقراءتي عليه ، قالا : حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الاعرابي ، حدثنا أحمد بن عبد الحميد الحارثي ، حدثنا علي بن قادم ، حدثنا زافر ، عن الصلت بن بهرام ، عن الشعبي قال : نظر أبو بكر الصديق إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام مقبلا ، فقال : من سره ان ينظر إلى أقرب الناس قرابة من نبيهمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأجوده منه منزلة ، واعظمهم عند الله غناء ، واعظمهم عليه فلينظر إلى علي. فقال علي : لئن هذا لانه ارأف الناس بالناس ، وانه لأوّاه وانه لصاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الغار وانه لأعظم غناء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذات يده ، ثم قال علي بن قارم : من

__________________________________________

(١) ذخائر العقبى للمحب الطبري / ٦٨.

(٢) الرياض النضرة ٢ / ١٢٨.

١٦٢

اتاك بخلاف هذا عنهم فلا تقبل منهم. قال عبد الرحمان : ينبئهم وقال فلينظر إلى علي بن أبي طالبعليه‌السلام (١) .

١٩٤ - وبهذا الاسناد عن أبي سعد هذا ، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن مجالد الشروطي بالكوفة بقراءتي عليه ، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني ، حدثنا محمد بن عبيد ، حدثنا محمد بن عمران العجلي الربعي ، حدثنا مسهر بن عبد الملك بن مسلم ، عن أبيه عن عبد خير قال : اجتمع عند عمر جماعة من قريش فيهم علي بن أبي طالبعليه‌السلام فتذاكروا الشرف وعليعليه‌السلام ساكت فقال عمر : مالك يا أبا الحسن ساكتاً وهو ساكت فكأن علياًعليه‌السلام كره الكلام فقال عمر لتقولن يا أبا الحسن فقال علي :

الله أكرمنا بنصر نبيه

وبنا أعز شرائ-ع الاسلام

في كل معترك تزيل سيوفنا

فيها الجماجم عن فراخ الهام

ويزورنا جبريل في أبياتنا

بفرائض الإسلام والاحكام

فتكون أول مستحل حله

ومحرم لله كل حرام

نحن الخيار من البرية كلها

ونظامها وزمام كل زمام

إنا لنمنع من أردنا منع-ه

ونقيم رأس الاصيد القمقام

وترد عادية الخميس سيوفنا

فالحمد للرحمان ذى الانعام(٢)

وقال السيد الحميري :

يا بايع الدين بدنياه

ليس بهذا أمر الله

من أين أبغضت علي الرضا

وأحمد قد كان يرضاه

__________________________________________

(١) ورد نظيره في تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ١ / ١٦٢ ونظيره في ج ٣ / ٧٠ وكنز العمال ١٣ / ١١٥.

(٢) تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ٣ / ٣٠٠.

١٦٣

من الذي أحمد من بينهم

يوم غدير الخم ناداه

أقامه من بين أصحابه

وهم حواليه فسماه

هذا علي بن أبي طال-ب

مولى لمن قد كنت مولاه

فوال من والاه يا ذا العلى

وعاد من قد كان عاداه

ولبديع الزمان أبي الفضل أحمد بن الحسين الهمداني « ره » :

يا دار منتجع الرسالة

وبيت مختلف الملائك

يابن الفواطم والعوات-ك

والترايك والارائك

أنا حائ-ك ان لم أكن

مولى ولائك وابن حائك

١٦٤

الفصل الخامس عشر

في بيان امر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إياه بتبليغ سورة براءة

١٩٥ - أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا الباغندي ، حدثنا سعيد بن سليمان الواسطي ، حدثنا عباد ابن العوام ، عن سفيان بن حسين ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث أبا بكر ببراءة وأمره بان ينادي بهؤلاء الكلمات ثم أتبعه علياً ، فبينا أبو بكر في بعض الطريق إذ سمع رغاء(١) ناقة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم القصوى ، فخرج أبو بكر فزعاً فظن انه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإذا علي فدفع إليه كتاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمره على الموسم ، وأمر علياً أن ينادي بهؤلاء الكلمات ، فانطلقا فحجا فقام علي أيام التشريق فنادى فقال : ان الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بريئان من كل مشرك ، فسيحوا في الأرض أربعة أشهر(٢) ولا يحجن بعد العام مشرك ، ولا يطوفن بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا مؤمن ، قال فكان ينادى بهذا فإذا بحّ(٣) قام أبو هريرة فنادى بها(٤)

__________________________________________

(١) الرغاء كغراب : صوت ذوات الخف ، رغا البعير : إذا ضج مجمع البحرين.

(٢) فسيحوا : سيروا آمنين.

(٣) البح بالضم : غلظة بالصوت - النهاية.

(٤) صحيح الترمذي ٥ / ٢٧٥ - انساب الاشراف ٢ / ١٥٤ - مستدرك الصحيحين ٢ / ٥٢.

١٦٥

فهذه الرواية تصرح بان الأمير علي الحاج كان أبا بكر وانما خرج عليعليه‌السلام بقراءة براءة والنداء بهؤلاء الكلمات - وعلى هذا أهل المغازي -.

١٩٦ - وبهذا الأسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، حدثنا أبو عمرو بن السماك ، حدثنا حنبل بن إسحاق ، حدثني أبو عبد الله - وهو أحمد بن حنبل - قال : حدثني وكيع ، قال : قال اسرائيل ، قال أبو إسحاق ، عن زيد بن يثيع. عن أبي بكر : ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعثه ببراءة إلى أهل مكة : لا يحج العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، ومن كان بينه وبين رسول الله مدة فأجله إلى مدته ، والله بريء من المشركين ورسوله قال : فسار بها ثلاثاً ثم قال لعلي : الحقه فرد علي أبا بكر وبلغها أنت ، قال ففعل ، فلما قدم على النبي أبو بكر بكى ، وقال : يا رسول الله احدث في شيء؟ قال لا ، ولكن امرت ان لا يبلغها إلا أنا أو رجل مني(١) .

١٩٧ - وبهذا الأسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، اخبرنا أبو طاهر الفقيه ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمد آبادي ، حدثنا أبو قلابة ، حدثنا عبد الصمد وموسى بن اسماعيل قالا : حدثنا حماد بن سلمة ، عن سماك بن حرب ، عن انس بن مالك : ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث سورة براءة مع أبي بكر ، ثم ارسل فاخذها فدفعها إلى علي وقال : لا يؤدي عني الا انا أو رجل مني ، من اهل بيتي(٢) .

* * *

__________________________________________

(١) فضائل الصحابة لابن حنبل ٢ / ٦٤٠ - مسنده ١ / ٣ - تفسير الطبري ١٠ / ٤٦.

(٢) فضائل الصحابة ٢ / ٥٦٢ - مسنده ٣ / ٢١٢ مع اختلاف يسير.

١٦٦

الفصل السادس عشر

في بيان محاربته مردة الكفار ومبارزته أبطال المشركين

والناكثين والقاسطين والمارقين وبيان ما جاء عن النبي ٩

في حيازته من الفضائل بذلك وهي أربعة فصول :

الفصل الأول

في بيان محاربة الكفار

١٩٨ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا علي بن أحمد ابن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا عثمان بن عمر ، حدثنا عبد الله بن رجاء ، حدثنا اسرائيل ، عن أبي اسحاق ، عن حارثة ، عن علي في قصة بدر ، قال : فنزل عتبة واتبعه أخوه شيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة فقال : من يبارز؟ فانتدب له شاب من الأنصار فقال : لا حاجة لنا في قتالكم ، إنا نريد بني عمنا ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قم يا علي ، قم يا حمزة ، قم يا عبيدة ، فقتل حمزة عتبة ، وقال علي : عمدت إلى شيبة فقتلته ، واختلف الوليد وعبيدة ضربتين فأثخن كل واحد منهما صاحبه ، قال : فملنا على الوليد فقتلناه واسرنا منهم سبعين وقتلنا منهم سبعين(١) .

__________________________________________

(١) سنن البيهقي ٣ / ٢٧٦ - مستدرك الصحيحين ٢ / ٣٨٥.

١٦٧

١٩٩ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا علي بن حماد ، حدثنا محمد بن المغيرة ، حدثنا القاسم بن الحكم ، حدثنا مسعر ، عن الحكم بن عتيبة عن عيينة ، عن مقسم ، عن ابن عباس : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دفع الراية إلى علي يوم بدر وهو ابن عشرين سنة(١) .

٢٠٠ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الملك بن نصر الاموي ببخارى ، حدثنا أبو أيوب سليمان بن أحمد بن يحيى الثغرى بحمص ، حدثنا أبو عمارة محمد ابن أحمد بن يزيد بن المهتدى ، حدثنا عبد الجبار بن عبد الله ، حدثنا سليمان ابن بلال ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بدر : هذا رضوان ملك من ملائكة الله ينادي : لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي(٢) .

٢٠١ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله بن الحسين الغضائري ببغداد ، حدثنا أبو جعفر الرزاز ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ، حدثنا يونس بن بكير ، عن المسيب بن مسلم الازدي ، حدثنا عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ربما أخذته الشقيقة فيلبث اليوم واليومين لا يخرج ، فلما نزل خيبر اخذته الشقيقة فلم يخرج إلى الناس ، وأن أبا بكر أخذ راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم

__________________________________________

(١) للحديث مصادر كثيرة منها : مستدرك الصحيحين ٣ / ١١١ - مناقب ابن المغازلي / ٣٦٦ و ٤٣٤ الاغاني لابي الفرج الاصفهاني ٤ / ١٧٥ - وليس فيه « ابن عشرين » ورواه أحمد في فضائل الصحابة ٢ / ٦٥٠ مع اختلاف يسير.

(٢) مناقب ابن المغازلي / ١٩٨ - ذخائر العقبى / ٧٤.

١٦٨

نهض فقاتل قتالاً شديداً ، ثم رجع ، فاخذها عمر فقاتل قتالا هو أشد من القتال الأول ، ثم رجع ، فاخبر بذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأعطينها غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، يأخذها عنوة ، وليس ثم علي ، فتطاولت لها قريش ورجا كل واحد منهم ان يكون صاحب ذلك ، فاصبح وجاء علي على بعير له حتى اناخ(١) قريباً وهو ارمد قد عصب عينه بشقة برد قطرى(٢) ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مالك؟ قال رمدت بعدك ، فقال ادن منى ، فتفل في عينه فما وجعها حتى مضى لسبيله ، ثم اعطاه الراية فنهض بالراية معه وعليه جبة ارجوان حمراء ، قد أخرج خملها فأتى مدينة خيبر وخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر مظهر(٣) يمانى ، وحجر وقد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يقول :

قد علمت خيبر أنى مرحب

شاكى السلاح بطل مجرب

إذا الليوث اقبل-ت تلهب

واحجمت عن صولة المغلب

قال عليعليه‌السلام :

انا الذي سمتنى امي حيدرة

هزبر غابات شديد القسورة

أكيلكم(٤) بالسيف كيل السندرة(٥)

فاختلفا ضربتين فضربه علي فقد الحجر والمغفر ورأسه ، حتى وقع في

__________________________________________

(١) اناخ الجمل : ابركه ، برك البعير : ناخ في موضع فلزمه - مجمع البحرين.

(٢) البرود القطرية : حمر لها اعلام فيها بعض الخشونة - لسان العرب.

(٣) الخمل : الهدب ، والهدب طرف الثوب الذي لم ينسج - المظهر : القوى الظهر.

(٤) في [ ر ] اكيلهم.

(٥) السندرة : مكيال واسع أي اقتلكم قتلاً واسعاً ذريعاً.

١٦٩

الاضراس وأخذ المدينة(١) .

٢٠٢ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين البيهقي هذا ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، حدثنى أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن اسحاق قال : وخرج عمرو بن عبد ود فنادى : من يبارز؟ فقام علي فقال : انا لها يا نبي الله ، فقال : انه عمرو ، اجلس ، ونادى عمرو : ألا رجل وهو يؤنبهم ويقول : اين جنتكم التى تزعمون أنه من قتل منكم دخلها ، أفلا تبرزون الي رجلاً؟ فقام علي فقال : يا رسول الله انا ، فقال : انه عمرو ، قال : وان كان عمراً ، فاذن له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فمشى إليه حتى أتاه وهو يقول :

لا تعجل-ن فلقد اتا

ك مجيب صوتك غير عاجز

ذو نية وبصيرة

والصدق منجا كل فائ-ز

إني لارجو ان اقيم

عليك نائحة الجنائ-ز

من ضربة نجلاء يبقى

ذكرها عند الهزاه-ز

فقال له عمرو : من أنت؟ قال : أنا علي ، قال ابن عبد مناف؟ قال أنا علي بن أبي طالب ، قال : غيرك يابن أخي من أعمامك ، فانى اكره ان اهريق دمك ، فقال علي : لكني والله ما اكره أن اهريق دمك ، فغضب ونزل فسل سيفه كأنه شعلة نار ، ثم أقبل نحو علي مغضبا ، واستقبله على بدرقته(٢) فضربه عمرو في الدرقة ، فقدها وأثبت فيها السيف ، وأصاب رأسه فشجه وضربه علي على حبل العاتق فسقط وثار العجاج ، وسمع رسول الله

__________________________________________

(١) للحديث مصادر كثيرة منها : مناقب ابن المغازلي / ١٧٦ مسند أحمد ١ / ١٩٩ - فضائل الصحابة له ٢ / ٥٦٤ - الطبقات لابن سعد ٢ / ١١٠ - مستدرك الصحيحين ٣ / ٣٨.

(٢) الدرقة جمع درق : الترس من جلود ليس فيه خشب ولا عقب.

١٧٠

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التكبير ، فعرف أن عليا قد قتله ، ثم اقبل علي نحو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووجهه يتهلل(١) .

٢٠٣ - وأخبرنا العلامة فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي ، أخبرنا الاستاذ الامين أبو الحسن علي بن مردك الرازي ، أخبرنا الحافظ أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان ، حدثنا أبو حاتم محمد ابن عبد الواحد بن محمد الخزاعي املاء لفظا ، أخبرني أبو محمد ابراهيم بن محمد بن أسد بن عبد الملك السروي الحافظ ، حدثنا صالح بن أحمد بن يونس الهروي ، حدثنى علي بن أحمد بن عبد الرحمان الدمشقي ، حدثنا ضمرة ابن ربيعة ، عن مالك بن أنس ، عن ابن عمر ، عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لاعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، كرارا غير فرار ، يفتح الله عليه ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره ، فبات المسلمون كلهم يستشرفون لذلك ، فلما أصبح قال : أين علي بن أبي طالب؟ قالوا : أرمد العين ، قال : ائتونى به فاتى به فلما أتاه قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ادن مني فدنا منه ، فتفل في عينيه ومسحهما بيده ، فقام علي بن أبي طالبعليه‌السلام من بين يديه وكأنه لم يرمد(٢) .

٢٠٤ - وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي الهمداني - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا أبي شيرويه ، أخبرنا

__________________________________________

(١) مستدرك الصحيحين ٣ / ٣٢ - تاريخ ابن عساكر ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ١ / ١٦٩ - ح / ٢١٧.

(٢) الحديث رواه عدة من الحفاظ منها : أبو نعيم في حلية الاولياء ١ / ٦٥ - ابن سعد في الطبقات ٢ / ١١١ - الخطيب في تاريخ بغداد ٨ / ٥.

١٧١

أبو الفضل ، أخبرنا أبو علي ، أخبرنا أحمد بن نصر ، حدثنا صدقة بن موسى ، حدثنا سلمة بن شبيب ، حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن ابن عباس قال : لما قتل علي بن أبي طالبعليه‌السلام عمرو بن عبد ود ، دخل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيفه يقطر دماً ، فلما رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كبر ، فكبر المسلمون ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهم اعط عليا فضيلة لم تعطها أحداً قبله ، ولا تعطيها أحداً بعده ، فهبط جبرئيل ومعه اترجة من الجنة ، فقال له : ان الله عزوجل يقرأ عليك السلام ويقول لك حى بهذه علي بن أبي طالب ، فدفعها إليه فانفلقت في يده فلقتين ، فإذا فيها حريرة خضراء مكتوب فيها سطران بخضرة : تحية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب(١) .

الآثار :

٢٠٥ - وأخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي الخوارزمي ، أخبرنا شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرني والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب يقول : سمعت أحمد بن عبد الجبار العطاردي يقول : سمعت يحيى بن آدم يقول : ما شبهت قتل علي عمراً إلا بقول الله عزوجل(٢) : « فهزموهم باذن الله وقتل داود جالوت »(٣) .

٢٠٦ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله

__________________________________________

(١) كتاب مائة منقبة لابن شاذان / ١٢٧ ح / ٦٢ مع اختلاف في ذيل الحديث ورواه أيضا الكنجي في كفاية الطالب / ٧٧.

(٢) البقرة : ٢٥١.

(٣) مستدرك الصحيحين ٣ / ٣٤.

١٧٢

الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهله ، عن أبي رافع - مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - قال : خرجنا مع علي حين بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم برايته ، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود ، فطرح ترسه من يده فتناول علي باب الحصن فترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ، ثم القاه من يده فلقد رأيتنى في نفر من سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب ما استطعنا ان نقلبه(١) .

٢٠٧ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، اخبرنا أبو عبد الله الصفار ، حدثنا ابراهيم بن اسماعيل الشوطي ، حدثنا فضيل بن عبد الوهاب ، حدثنا المطلب بن زياد ، عن ليث ، عن أبي جعفر ، عن جابر بن عبد الله قال : حمل عليعليه‌السلام باب خيبر يومئذ فجرب بعده فلم يحمله إلا أربعون رجلا(٢) .

٢٠٨ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق بن يسار قال : قال علي بن أبي طالبعليه‌السلام حين ناول فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم السيف :

أفاطم هاك السيف غير ذميم

فلست ب رعديد ولا بلئيم

لعمري لقد اعذرت عن نصر أحمد

ومرضاة رب بالعباد رحيم

__________________________________________

(١) الحديث رواه أحمد في المسند ٦ / ٨ ورواه أيضا الجويني في فرائد السمطين ١ / ٢٦١.

(٢) تاريخ بغداد ١١ / ٣٤٢ وفيه جربوه كنز العمال ١٣ / ١٣٦ مع اختلاف يسير ورواه أيضاً الجويني في فرائد السمطين ١ / ٢٦١.

١٧٣

قال ابن اسحاق : وسمع في ذلك اليوم ، وهاجت ريح شديدة فسمع مناد ينادي ؛ يقول :

لا سيف إلا ذو الفقار

ولا فتى إلا علي

فاذا ندبتم هالكا

فابكوا الوفى اخا الوفى(١)

٢٠٩ - وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا أبو هاشم ، عن أبي مجلز ، عن أبي قيس بن عباد القيسي قال : سمعت أبا ذر يقسم قسما ان هذه الآية : « هذان خصمان اختصموا في ربهم »(٢) نزلت في الذين برزوا يوم بدر الثلاثة : والثلاثة حمزة وعلي وعبيدة بن الحارث وعتبة وشيبة والوليد(٣) أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث هشيم.

٢١٠ - وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، حدثنا أحمد بن كامل بن خالد بن كامل القاضي ، حدثنا العباس بن حمد ، حدثنا سعيد بن يحيى بن الازهر ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن سالم بن أبي حفصة ، عن مازن العابدي قال : قال علي ابن أبي طالب : ما وحدت من قتال القوم بداً أو الكفر بما انزل الله على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) .

__________________________________________

(١) سيرة ابن هشام ٢ / ١٠٠ مع اختلاف تاريخ الطبري ٢ / ٢١١ ورواه أيضا الجويني في فرائد السمطين ١ / ٢٥٢.

(٢) الحج : ١٩.

(٣) حديث مشهور رواه الحفاظ الاثبات منها : البخاري في صحيحه ٥ / ٩٥ - كتاب المغازلي وكتابا لتفسير [ سورة الحج : ١٩ - ٢١ ] - مسلم في صحيحة كتاب التفسير ٨ / ٢٤٦ وابن المغازلي في مناقبه / ٢٦٤ والحاكم في مستدركه ٢ / ٣٨٦.

(٤) رواه ابن عساكر في ترجمة الإمام علي عليه‌السلام ٣ / ٢٢٠ وفيه : عن ابن نباته - انساب الاشراف للبلاذرى ٢ / ٢٣٦ عن طارق بن شهاب.

١٧٤

وللسيد الحميري :

وعلي يوم بدر عممت

كفه السيف وليداً فانعفر

ذاك يرويه سليمان لنا

صدق الاعمش في ذاك وبر

وحد الله ولم يشرك به

وقريش أهل عود وحجر

وللصاحب كافي الكفاة :

من كمولانا علي

والوغى تحمي لظاها

من يصيد الصيد فيها

بالضبا حين انتضاها

انتضاها ثم امضاها

عليهم فارتضاها

من له في كل يوم

وقعات لا تضاهي

كم وكم حرب عقام(١)

سد بالصمصام فاها

اذكرا افعال بدر

لست ابغى ما سواها

اذكرا غ-زوة احد

انه شمس ضحاها

اذكرا حرب حنين

إنه بدر دجاها

واذكرا الاحزاب تعلم

إنه ليث شراها(٢)

واذكرا أمر براءة

واصدقاني من تلاها

واذكرا مهجة عمرو

كيف أقناها تجاها

واذكرا من زوج ال-ز

هراء كيما يتباهى

واذكرا بكرة طير

فلقد طار نباها

واذكرا لي قلل العلم

ومن حل ذراها

حاله حالة هارون

لموسى فافهماها

أعلى حب على لا

مني القوم سفاها

__________________________________________

(١) حرب عقام : شديدة لا يلوى فيها احد على احد يكثر فيها القتل ويبقى النساء أيامي - لسان العرب.

(٢) الشرى : تقدم معناه.

١٧٥

اهملوا قرباه جهلا

وتخطوا مقتضاها

ردت الشمس عليه

بعد ما غاب سناها

أول الناس صلاة

جعل التقوى حلاها

الفصل الثاني

في بيان قتال أهل الجمل وهم الناكثون

٢١١ - أخبرني الشيخ الامام شهاب الدين أبو النجيب سعد بن عبد الله ابن الحسن الهمداني - المعروف بالمروزي فيما كتب الي من همدان - أخبرنا الحافظ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد باصبهان - فيما اذن لي في الرواية عنه - أخبرنا الشيخ الأديب أبو يعلى عبد الرزاق بن عمر بن إبراهيم الطهراني - سنة ثلاث وسبعين واربعمائة - أخبرنا الإمام الحافظ طراز المحدثين أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه الاصبهاني حدثنا وقال أبو النجيب سعد ابن عبد الله بن الحسن الهمداني المعروف بالمروزي ، وأخبرنا بهذا الحديث عالياً الإمام الحافظ سليمان بن إبراهيم الاصبهاني في كتابه إلى من اصفهان - سنة ثمان وثمانين واربعمائة - عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه ، حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، أخبرنا شهاب بن عباد ، حدثنى جعفر بن سليمان ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد قال : ذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليعليه‌السلام ما يلقى من بعده ، قال : فبكى وقال : أسألك بحق قرابتي وبحق صحبتي الا دعوت الله لي ان يقبضني الله ، قال يا علي تسألني ان ادعو الله لأجل مؤجل ، قال : فقال : يارسول الله على ما اقاتل القوم؟ قال : على الاحداث في الدين.

٢١٢ - وبهذا الاسناد عن أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا ، حدثنا محمد بن علي بن دحيم ، حدثنا أحمد بن حازم ، حدثنا عثمان بن

١٧٦

محمد ، حدثنا يونس بن أبي يعقوب ، حدثنا حماد بن عبد الرحمان الانصاري ، عن أبي سعيد التميمي ، عن عليعليه‌السلام قال : عهد إلي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ان اقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، فقيل له : يا أمير المؤمنين من الناكثون؟ قال : الناكثون اصحاب الجمل ، والمارقون الخوارج ، والقاسطون أهل الشام(١)

٢١٣ - وبهذا الأسناد عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه هذا ، حدثنا محمد بن أحمد البرزاز ، حدثنا جدى محمد بن الخطاب ، حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ، حدثنا عبد الجبار بن العباس ، عن عمار الدهنى ، عن سالم بن أبي الجعد قال : ذكر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خروج بعض امهات المؤمنين ، فضحكت عايشة فقال : انظري يا حميرا لا تكونين هي ، ثم التفت إلى علي بن أبي طالب فقال : يا أبا الحسن ان وليت من امرها [ شيئاً ] فارفق بها(٢) .

٢١٤ - وأخبرني سيد الحفاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا أبو الفتح عبدوس بن عبد الله بن عبدوس الهمداني كتابة ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري باصبهان ، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الاصبهاني ، حدثنا محمد بن الحسين الدقاق البغدادي ، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا إبراهيم بن الحسن التغلبي ، حدثنا يحيى بن يعلى ، حدثنا عمر بن يزيد ، حدثنا عبد الله بن حنظلة ، حدثنى شهر بن حوشب قال : كنت عند ام سلمة « رض » فسلم رجل ، فقيل من أنت؟ قال : أنا أبو ثابت مولى أبي ذر ، قالت : مرحباً بأبي ثابت ، أدخل فدخل فرحبت به فقالت : اين طار قلبك حين طارت القلوب مطايرها ، قال مع علي بن

__________________________________________

(١) اسد الغابة لابن اثير الجزري : ٤ / ٣٣.

(٢) مستدرك الصحيحين ٣ / ١١٩.

١٧٧

أبي طالبعليه‌السلام ، قالت وفقت والذي نفس ام سلمة بيده لسمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : علي مع القرآن والقرآن مع علي ، لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ، ولقد بعثت إبنى عمر ، وابن أخى عبد الله - أبي امية - وأمرتهما ان يقاتلا مع علي من قاتله ولولا أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم امرنا أن نقر في حجالنا أو في بيوتنا ، لخرجت حتى أقف في صف علي(١) .

٢١٥ - وأخبرني أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي هذا - فيما كتب الي من همدان - أخبرنا عبدوس هذا كتابة ، عن الشريف أبي طالب المفضل بن محمد بن طاهر الجعفري باصبهان ، عن الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه بن فورك الاصبهاني ، حدثنى محمد بن عبد الله بن الحسين ، حدثنا علي بن الحسين بن اسماعيل ، حدثنا محمد بن الوليد العقيلي ، حدثنى قثم بن أبي قتادة الحراني ، حدثنا وكيع ، عن خالد النواء ، عن الأصبغ بن نباتة قال : لما ان اصيب زيد بن صوحان يوم الجمل ، أتاه علي وبه رمق ، فوقف عليه أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام فهو لما به فقال : رحمك الله يا زيد ، فوالله ما عرفناك إلا خفيف المؤنة ، كثير المعونة ، قال : فرفع إليه رأسه فقال وأنت ، يرحمك الله ، فوالله ما عرفتك إلا بالله عالما ، وبآياته عارفا ، والله ما قاتلت معك من جهل ولكني سمعت حذيفة بن اليمان يقول : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : علي أمير البررة ، وقاتل الفجرة ، منصور من نصره ، مخذول من خذله ، ألا وان الحق معه ، ألا وان الحق معه يتبعه ، ألا فميلوا معه(٢) .

٢١٦ - وأخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي

__________________________________________

(١) نظيره في مستدرك الصحيحين ٣ / ١١٩ و ١٢٤ - ورواه أيضا الجويني / في فرائد السمطين ١ / ١٧٧.

(٢) رواه الكشي في رجاله / ٦٣ - انساب الاشراف ٢ / ١٦٣ مع اختلاف في المتن.

١٧٨

الخوارزمي ، أخبرنا القاضي الإمام شيخ القضاة إسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدى شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا الحسن بن علي بن عفان العامري ، حدثنا عبيدالله بن موسى ، حدثنا ابو ميمونة ، عن أبي بشير الشيباني قال : لما قتل عثمان ، اختلف الناس في علي يقولون له : نبايعك ومعهم طلحة والزبير والمهاجرون والانصار ، فقال لا حاجة لى في الإمرة ، انظروا إلى من تختارون اكون معكم ، قال فاختلفوا إليه أربعين ليلة ، فابوا عليه إلا أن يكون يفعل ، وقالوا نحن منذ أربعين ليلة ليس أحد يأخذ على سفيهنا ، قال على : اصلى بكم ويكون مفتاح بيت المال بيدي وليس أمرى دونكم ، أترضون بهذا؟ قالوا نعم ، قال وليس أن أعطى أحداً درهماً دونكم؟ قالوا : نعم ، يقول ذلك لهم ثلاثة أيام ، قالوا نعم ، فقعد على المنبر وبايعه الناس قال فنزل واعطى كل ذي حق حقه ، وسكن الناس وهدؤا قال فلم يكن إلا يسيراً حتى دخل عليه طلحة والزبير فقالا. يا أمير المؤمنين ان أرضنا أرض شديدة ، وعيالنا كثير. ونفقتنا كثيرة ، قال : الم أقل لكم اني لا أعطى أحدا دون أحد؟ قالوا بلى قال فأتوا باصحابكم فان رضوا بذلك أعطيتكم وإلا لم أعطكم دونهم ، ولو كان عندي شيء اعطيتكم من الذي لي لو انتظرتم حتى يخرج عطائي أعطيتكم من عطائي قالوا ما نريد من الذي لك شيئاً ، وخرجا من عنده فلم يلبثا إلا قليلاً حتى دخلوا عليه فقالوا ائذن لنا في العمرة؟ قال : ما تريدون العمرة ولكن تريدون الغدرة ، قالوا كلا قال قد اذنت لكما ، اذهبا ، قال فخرجوا حتى أتوا مكة وكانت ام سلمة وعائشة بمكة فدخلوا على ام سلمة فقالوا لها وشكوا إليها فوقعت فيهما وقالت انتم تريدون الفتنة ونهتهم عن ذلك نهياً شديداً ، قال فخرجوا من عندها حتى أتوا عائشة فقالوا لها مثل ذلك ، وقالوا نريد أن تخرجي معنا نقاتل هذا الرجل قالت نعم.

١٧٩

قال فكتب أمير مكة إلى علي : أن طلحة والزبير جاءا فاخرجا عائشة ، ما ندري أين خرجوا بها(١) فصعد المنبر فدعا الناس فقال : انا كنت أعلم بكم فأبيتم ، قالوا وما ذاك؟ قال : ان طلحة والزبير أتياني فذكرا حالهما ، فقلت : ليس عندي شيء ، فاستأذناني في العمرة ، فقد أخرجا عائشة إلى البصرة تقاتلكم ، قالوا : نحن معك فمرنا بامرك ، قال : ان هؤلاء يجتمعون عليكم وارضكم شديدة ، سيروا أنتم إليهم ، وكتب إلى أمير الكوفة : يستنفر الناس قال : فاجتمعوا بالبصرة فقال علي : من ياخذ المصحف ثم يقول لهم ماذا تنقمون ، تريقون دماءنا ودمائكم؟ فقال رجل : انا يا أمير المؤمنين ، قال : انك مقتول ، قال : لا ابالي ، قال : خذ المصحف قال : فذهب إليهم فقتلوه ، ثم قال من الغد مثل ما قال بالامس ، فقال رجل : انا ، قال : انك مقتول كما قتل صاحبك بالامس ، قال : لا ابالى ، قال فذهب فقتل ، ثم قتل آخر كل يوم واحد فقال علي : قد حل لكم قتالهم الآن ، قال فبرز هؤلاء وهؤلاء فاقتتلوا قتالاً شديداً ، قال وقتل طلحة في المعركة وانهزم أصحاب الجمل ، قال وعايشة واقفة على بعيرها ليس عندها أحد ، فقال علي لمحمد بن أبي بكر : خذ بزمام بعير اختك ، فأتاها فقالت : من أنت؟ قال ابنك(٢) ، قالت كلا ، قال بلى ولو كرهت ، قال وقد كان عليعليه‌السلام قبل ذلك قال أين الزبير؟ قالوا هوذا واقف ، فأرسل إليه رسولا : ادن منى حتى أخبرك ، قال وهو في السلاح قال وعلي قباطان وبرنس وسيف وقلنسوة ، فقال له الحسن : يا أمير المؤمنين ذاك في السلاح وليس عليك إلا ما أرى ، قال له علي : أنته عني ، قال فدنا كل واحد منهما من الآخر حتى اختلفت رؤوس دابتيهما ، فقال له علي : تذكر يوم كنت أنا وأنت في مكان كذا وكذا ، فمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : لتقاتلن هذا وأنت ظالم له؟ قال له الزبير : ذكرتني ما قد

__________________________________________

(١) الامامة والسياسة ١ / ٦٢.

(٢) مراده ان عائشة ام المؤمنين.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وأمّا عند الشافعي على تقدير صحّة التقاطها يتعلّق الضمان بذمّة سيّدها دون رقبتها ؛ لأنّه لا يجوز بيعها ، وإنّما منع السيّد بالإحبال من بيعها ، فضمن عنها.

وهذا مبنيٌّ على أصله من أنّ الضمان في القِنّ يتعلّق برقبته دون ذمّته ، أمّا هنا فلا يمكن بيعها ، فلزم الضمان مولاها ، سواء علم بالتقاطها أو لم يعلم ؛ لأنّ جناية أُمّ الولد على سيّدها(١) .

هذا هو المشهور عند الشافعيّة.

وقال الشافعي في الأُم : ليس للعبد أن يلتقط ؛ لأنّ أخذه اللّقطة غرر ، وكذلك المدبَّر وأُمّ الولد ، وإن علم بها سيّدها فالضمان في ذمّته ، وإن لم يعلم بها فالضمان في ذمّتها(٢) .

وهذا مخالف لما ذكره الأصحاب(٣) ، فمنهم مَنْ نسب ذلك إلى سهو الكاتب(٤) ، وقال بعضهم : يكون هذا على القول الذي يقول : لها أن تلتقط(٥) .

وهذا لا وجه له ؛ لأنّه لا نصّ في هذا الكلام على أنّه ليس للعبد الالتقاط.

وتأوّله بعضهم بأنّه يكون قد التقطت لسيّدها لا لنفسها ، قال : ويجوز‌

____________________

(١) البيان ٧ : ٤٧٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٦٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٢.

(٢) الأُم ٤ : ٦٨ ، وراجع : البيان ٧ : ٤٧٥ ، والعزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٠ ، وروضة الطالبين ٤ : ٤٦٢.

(٣) أي : الأصحاب من الشافعيّة.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٢.

(٥) البيان ٧ : ٤٧٥.

٢٠١

ذلك ، فإذا لم تدفعه إلى سيّدها ضمنته في ذمّتها ، كالقرض الفاسد ، قال هذا القائل : وكذا العبد القِنّ إذا التقط لسيّده(١) .

مسألة ٣٢٤ : لو التقط الصبي أو المجنون أو السفيه ، فإن كان من الحرم أخذها الوليُّ منهم ؛ لأنّ هذه اللّقطة مجرّد أمانةٍ ، ولا يجوز تملّكها ، ومَنْ ليس يملك(٢) لا يصحّ استئمانه ، فيجب على الوليّ انتزاعها من يده واحتفاظها لصاحبها.

وإن كانت لقطة غير الحرم ، صحّ التقاطهم ؛ لأنّهم من أهل التكسّب ، ويصحّ منهم الاحتطاب والاحتشاش والاصطياد - وهو أصحّ قولَي الشافعيّة(٣) - فإذا أخذ أحدهم اللّقطة ، تثبت يده عليها.

فإن لم يعرف الوليُّ بالتقاطه وأتلفه الصبي ، ضمن ، وإن تلف في يده بغير تفريطٍ منه ، لم يضمن ؛ لأنّه أخذ ما لَه أخذه ، فلا يكون عليه ضمان ، كما لو أُودع مالاً فتلف عنده.

وإن علم الوليُّ ، لزمه أخذها منه ؛ لأنّه ليس من أهل الحفظ والأمانة ، فإن تركها في يد الصبي ضمنها الوليُّ ؛ لأنّه يجب عليه حفظ ما يتعلّق بالصبي من أمواله وتعلّقاته وحقوقه ، وهذا قد تعلّق به حقّه ، فإذا تركها في يده صار مضيّعاً لها فضمنها ، وإذا أخذها الوليُّ عرّفها ؛ لأنّ الصبي والمجنون ليسا من أهل التعريف ، وبه قال الشافعي(٤) .

وعنه قولٌ آخَر : إنّ الوليّ إذا لم يعلم باللّقطة وتلفت في يد الصبي من غير تفريطٍ من الصبي ، كان الصبي ضامناً لها أيضاً ؛ لأنّه وإن كان أهلاً‌

____________________

(١) لم نعثر عليه في مظانّه.

(٢) في النُّسَخ الخطّيّة : « ومَنْ ليس له تملّك ».

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٢.

٢٠٢

للالتقاط فلا يُقرّ المال في يده ، ولا يُجعل أهلاً للأمانة ، بخلاف الوديعة ؛ لأنّ مالك الوديعة سلّطه عليه(١) .

ونحن نقول : تسليط الشرع يُغني عن تسليط المالك.

مسألة ٣٢٥ : إذا انتزع وليّ الطفل أو المجنون اللّقطة منهما وعرّفها حولاً ، اعتمد المصلحة.

فإن رأى المصلحة في تمليك الصبي إيّاها وتضمينه لها ، فَعَل ذلك ، كما يجوز له أن يقترض عليه ؛ لأنّ تملّك اللّقطة استقراض.

وحينئذٍ اختلفت الشافعيّة :

فقال بعضهم : إذا اقتضت المصلحة تمليك الصبي ملّكه حيث يجوز له الاستقراض ، ولا يجوز حيث لا يجوز له الاستقراض(٢) .

وقال بعضهم : يجوز أن يتملّك وإن كان ممّن لا يجوز عليه الاستقراض ؛ لاستغنائه عنه ؛ لأنّ الظاهر عدم صاحبه ؛ لأنّا نلحقه على هذا القول بالاكتساب(٣) .

وهو المعتمد عندي ؛ لأنّه لو جرى مجرى الاقتراض في ذلك لم يصح الالتقاط من الصبي والمجنون ، فلهذا جعلناه بمنزلة الاكتساب.

وإن رأى أنّ المصلحة للطفل والمجنون في عدم التمليك ، احتفظها الوليُّ أمانةً ، أو سلّمها إلى القاضي.

ولو احتاج التعريف إلى مئونةٍ ، لم يصرف مال الصبي إليه ، بل يرفع الأمر إلى الحاكم ليبيع جزءاً من اللّقطة لمئونة التعريف.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٢.

(٢ و ٣) البيان ٧ : ٤٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٢ ، المغني ٦ : ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٩٩.

٢٠٣

ولو تلفت اللّقطة في يد الصبي قبل الانتزاع من غير تقصيرٍ ، فلا ضمان على الصبي.

وإن كان الوليُّ قصّر بتركها في يده حتى تلفت أو أتلفها ، فعليه الضمان ، كما لو احتطب الصبي وتركه الوليُّ في يده حتى تلف أو أتلفه ، يجب الضمان على الوليّ ؛ لأنّ عليه حفظَ الصبي عن مثله ، ثمّ يعرّف التالف ، وبعد التعريف يتملّك الصبي إن كان النظر له فيه.

وللشافعي قولٌ آخَر : إنّه لا يصحّ من الصبي والمجنون الالتقاط ، فلو التقط وتلفت اللّقطة في يده أو أتلفها ، وجب الضمان في ماله ، وليس للوليّ أن يُقرّها في يده ، بل يسعى في انتزاعها ، فإن أمكنه رَفْعُ الأمر إلى القاضي فَعَل ، فإذا انتزع القاضي ففي براءة الصبي عن الضمان للشافعيّة وجهان ، كالخلاف في انتزاع القاضي للمغصوب من الغاصب ، وأولى بحصول البراءة ؛ نظراً للطفل ، وإن لم يمكنه رَفْعُ الأمر إلى القاضي ، أخذه بنفسه ، وفي براءة الصبي عن الضمان للشافعيّة قولان ، كالخلاف في براءة الغاصب بأخذ الآحاد ، فإن لم تحصل البراءة ، ففائدة الأخذ صون عين المال عن التضييع والإتلاف(١) .

وإذا أخذه الوليّ ، فإن أمكنه التسليم إلى القاضي فلم يفعل حتى تلف ، قال الشافعي : يكون عليه الضمان ، وإن لم يمكنه فقرار الضمان على الصبي ، وفي كون الوليّ طريقاً وجهان(٢) .

هذا إذا أخذ الوليُّ لا على قصد الالتقاط ، أمّا إذا قصد ابتداء الالتقاط ، ففيه له وجهان(٣) .

____________________

(١ و ٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٣.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٤.

٢٠٤

وكذا الخلاف في الأخذ من العبد على هذا القصد إذا لم يصح التقاطه(١) .

وعندي في ذلك نظر ، أقربه - بناءً على بطلان التقاط الصبي - : عدم الضمان على الوليّ ، ويكون أخذه التقاطاً مبتدأً ، ولا حاجة إلى نيّة الالتقاط ، كما لو أخذه من الأرض لا بنيّة الالتقاط.

ولو قصّر الوليُّ وترك المالَ في يده ، قال بعض الشافعيّة : لا ضمان عليه ؛ بناءً على أنّه لا يصحّ التقاط الصبي ؛ لأنّه لم يحصل في يده ، ولا حقّ للصبي فيه حتى يلزمه الحفظ له ، بخلاف ما إذا قلنا : إنّه يصحّ التقاطه(٢) .

وخصّص بعض الشافعيّة هذا بما إذا قلنا : إنّ أخذه لا يُبرئ الصبي ، أمّا إذا قلنا : إنّه يُبرئه ، فعليه الضمان ؛ لإلقائه الطفل في ورطة الضمان ، ويجوز أن يضمن وإن قلنا : إنّ أخذه لا يُبرئ الصبي ؛ لأنّ المال في يد الصبي في معرض الضياع ، فمن حقّه أن يصونه(٣) .

والمجنون والسفيه المحجور عليه كالصبي في الالتقاط ، إلّا أنّه يصحّ تعريف السفيه ، دون الصبي والمجنون.

الركن الثالث : في المال الملقوط.

اللّقطة كلّ مالٍ ضائعٍ أُخذ ولا يد لأحدٍ عليه.

فإن كان في الحرم ، لم يجز تملّكه ، عند علمائنا أجمع ، بل في جواز التقاطها قولان.

ولا خلاف في الكراهة الشاملة للتحريم والتنزيه.

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٢ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٤.

٢٠٥

وعلى القول بالتحريم أو الكراهة لا يجوز التقاطها للتملّك قطعاً عندنا ، بل ليحتفظها لصاحبها دائماً ، ويعرّفها حولاً ، ويتصدّق بها بعد الحول عن صاحبها.

وفي الضمان لعلمائنا قولان مع التصدّق ، المشهور : ثبوته ؛ لأنّه دفع مال غيره المعصوم إلى غير مالكه ، فكان ضامناً له.

ولما رواه عليّ بن أبي حمزة عن العبد الصالح موسى الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجلٍ وجد ديناراً في الحرم فأخذه ، قال : « بئس ما صنع ، ما كان ينبغي له أن يأخذه » قال : قلت : ابتلى بذلك ، قال : « يُعرّفه » قلت : فإنّه قد عرّفه فلم يجد له باغياً ، فقال : « يرجع إلى بلده فيتصدّق به على أهل بيتٍ من المسلمين ، فإن جاء طالبه فهو له ضامن »(١) .

وقال بعض علمائنا : لا يضمن إذا تصدّق بها بعد الحول ؛ لأنّه امتثل الأمر بالصدقة بها ، فلا ضمان عليه(٢) .

والمشهور : الأوّل.

إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ أحمد بن حنبل - في إحدى الروايتين - ذهب إلى ما اخترناه من الفرق بين لقطة الحِلّ والحرم ، فحرّم التقاط لقطة الحرم للتملّك ، وإنّما يجوز التقاطها لحفظها لصاحبها ، فإن التقطها عرّفها أبداً حتى يأتي صاحبها - وهو أحد قولَي الشافعي - لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تحلّ ساقطتها إلّا لـمُنشدٍ »(٣) معناه : لا تحلّ لقطة مكة إلّا لمن يُعرّفها ؛

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٩٥ - ٣٩٦ / ١١٩٠.

(٢) المفيد في المقنعة : ٦٤٦ ، والطوسي في النهاية : ٣٢٠ ، وسلاّر في المراسم : ٢٠٦ ، وابن البرّاج في المهذّب ٢ : ٥٦٧ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٢٧٨ ، والمحقّق الحلّي في شرائع الإسلام ٣ : ٢٩٢.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٦٤ - ١٦٥ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٨٨ / ١٣٥٥.

٢٠٦

لأنّها خُصّت بهذا من بين سائر البلدان.

وفي حديثٍ آخَر : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن لقطة الحاج(١) .

قال ابن وهب : يعني يتركها حتى يجدها صاحبها(٢) .

وفي روايةٍ أُخرى أنّه قال في مكة : « لا يُنفَّر صيدها ، ولا يُعضد شجرها ، ولا يُختلى خلاها ، ولا تحلّ لقطتها إلّا لـمُنشدٍ »(٣) يعني لمعرّفٍ(٤) .

وهذا القول يوافق قول علمائنا من وجهٍ ، ويخالفه من وجهٍ آخَر.

أمّا وجه الموافقة : ففي تحريم تملّكها للّاقط.

وأمّا وجه المخالفة : فإنّ أصحابنا جوّزوا الصدقة بها بعد تعريفها حولاً ، وفي الضمان حينئذٍ خلاف.

ولم يذكر هؤلاء العامّة الصدقةَ.

والقول الثاني للشافعي : إنّه لا فرق بين لقطة الحرم والحِلّ ، بل هُما سواء في الحكم من التعريف حولاً وتملّكها بعده - ورواه العامّة عن ابن عباس وابن عمر وعائشة وابن المسيّب ، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين - لعموم الأحاديث ، ولأنّه أحد الحرمين ،

____________________

(١) صحيح مسلم ٣ : ١٣٥١ / ١٧٢٤ ، سنن أبي داوُد ٢ : ١٣٩ / ١٧١٩ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٩ ، مسند أحمد ٤ : ٥٥٨ / ١٥٦٤٠ ، المستدرك - للحاكم - ٢ : ٦٤ - ٦٥.

(٢) سنن أبي داوُد ٢ : ١٣٩ ، ذيل ح ١٧١٩.

(٣) صحيح البخاري ٣ : ١٦٤ ، سنن النسائي ٥ : ٢١١.

(٤) المغني ٦ : ٣٦٠ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨٥ ، الحاوي الكبير ٨ : ٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٢ - ٥٢٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٢ ، البيان ٧ : ٤٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٧ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧٧ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٠٢ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٧.

٢٠٧

فأشبه المدينة ، ولأنّها أمانة ، فلم يختلف حكمها بالحِلّ والحرم ، كالوديعة(١) .

والعمومات قد تُخصّص بالأدلّة ، وقد بيّنّاه ، والحرمة في حرم مكة أعظم منه في حرم المدينة ، ولهذا حرم فيه أشياء هي مباحة في المدينة ، وجاز أن تختلف الأمانة باختلاف المحلّ ، فلا يتمّ القياس.

مسألة ٣٢٦ : لقطة غير الحرم إن كانت قليلةً جاز تملّكها في الحال ، ولا يجب تعريفها ، ولا نعلم خلافاً بين أهل العلم في إباحة أخذ القليل والانتفاع به من غير تعريفٍ ، ورواه العامّة عن عليٍّعليه‌السلام وعن عمر وابن عمر وعائشة ، وبه قال عطاء وجابر بن زيد وطاوُوس والنخعي ويحيى بن أبي كثير ومالك والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد بن حنبل(٢) وإن اختلفوا في حدّ القليل.

والأصل فيه : ما روى العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه لم يُنكر على واجد التمرة حيث أكلها ، بل قال له : « لو لم تأتها لأتتك »(٣) .

ورووا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه رأى تمرةً فقال : « لو لا إنّي أخشى أن تكوني من‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٨ : ٥ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٤٣٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٥٣ ، البيان ٧ : ٤٤٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٧١ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٦ ، المغني ٦ : ٣٦٠ - ٣٦١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٨٥ ، الهداية - للمرغيناني - ٢ : ١٧٧ ، بدائع الصنائع ٦ : ٢٠٢ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٧.

(٢) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ١٥١ ، المغني ٦ : ٣٥١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٧ ، بداية المجتهد ٢ : ٣٠٨ ، البيان ٧ : ٤٣٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٤٨.

(٣) المغني ٦ : ٣٥١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٧ ، وفي صحيح ابن حبّان - بترتيب ابن بلبان - ٨ : ٣٣ / ٣٢٤٠ ، وكتاب السنّة - لابن أبي عاصم - : ١١٧ / ٢٦٥ بتفاوتٍ.

٢٠٨

تمر الصدقة لأكلتكِ »(١) .

وعن جابر قال : رخّص [ لنا ] رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في العصا والسوط والحبل وأشباهه يلتقطه الرجل ينتفع به(٢) .

وعن عائشة أنّها قالت : لا بأس بما دون الدرهم أن يستنفع به(٣) .

وعن سويد بن غفلة قال : خرجتُ مع [ سلمان بن ربيعة ](٤) وزيد بن صوحان حتى إذا كُنّا بالعُذَيب التقطتُ سوطاً [ فقالا ](٥) لي : ألقه [ فأبيتُ ](٦) فلـمّا قدمنا المدينة أتيتُ أُبيّ بن كعب فذكرتُ ذلك له ، فقال : أصبت(٧) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه محمّد بن أبي حمزة عن بعض أصحابنا عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن اللّقطة ، قال : « تعرّف سنةً قليلاً كان أو كثيراً » قال : « وما كان دون الدرهم فلا يُعرّف »(٨) .

مسألة ٣٢٧ : وقد اختلف في حدّ القليل الذي لا يجب تعريفه ، فالذي عليه علماؤنا أنّه ما نقص عن الدرهم ، فهذا لا يجب تعريفه ، ويجوز تملّكه‌

____________________

(١) أورده الطوسي في المبسوط ٣ : ٣٠٢ ، وفي صحيح البخاري ٣ : ١٦٤ ، وصحيح مسلم ٢ : ٧٥٢ / ١٠٧١ ، وسنن البيهقي ٦ : ١٩٥ بتفاوتٍ يسير.

(٢) سنن أبي داوُد ٢ : ١٣٨ / ١٧١٧ ، سنن البيهقي ٦ : ١٩٥ ، المغني ٦ : ٣٥١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٧ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصادر.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٦.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « سعد ». والمثبت كما في المصدر.

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « فقال ». والمثبت كما في المصدر.

(٦) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.

(٧) سنن ابن ماجة ٢ : ٨٣٧ - ٨٣٨ / ٢٥٠٦ ، المغني ٦ : ٣٥١ - ٣٥٢ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٨.

(٨) الكافي ٥ : ١٣٧ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٨٩ / ١١٦٢ ، الاستبصار ٣ : ٦٨ / ٢٢٦.

٢٠٩

في الحال عند علمائنا أجمع ، وما زاد على ذلك يجب تعريفه حولاً ؛ لحديث محمّد بن أبي حمزة(١) .

وفي الحسن عن حريز عن الصادقعليه‌السلام قال : « لا بأس بلقطة العصا والشظاظ والوتد والحبل والعقال وأشباهه » قال : « وقال الباقرعليه‌السلام : ليس لهذا طالب »(٢) .

وفي الصحيح عن عليّ بن جعفر عن أخيه موسى الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يصيب درهماً أو ثوباً أو دابّةً كيف يصنع؟ قال : « يُعرّفها سنةً ، فإن لم يعرف حفظها في عرض ماله حتى يجي‌ء طالبها فيعطيها إيّاه ، وإن مات أوصى بها وهو لها ضامن »(٣) .

وقال الشافعي : حدّ القليل ما لا تتبعه النفس ولا تطلبه ، فهذا يجوز الانتفاع به من غير تعريفٍ(٤) .

وهذا غلط ؛ لأنّه غير مضبوطٍ ولا مقدَّر بقدرٍ ، ولا يجوز التحديد به ، وهو مضطرب مختلف باختلاف النفوس شرفاً وضعةً وغناءً وفقراً ، ومثل ذلك لا يجوز من الشارع أن [ يجعله ](٥) مناطاً للأحكام.

وقال مالك وأبو حنيفة : لا يجب تعريف ما لا يقطع به السارق ، وإن اختلفا في القدر الذي يقطع به السارق ، فعند مالك ربع دينار ، فما نقص‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٣٧ / ٤ ، التهذيب ٦ : ٣٨٩ / ١١٦٢ ، الاستبصار ٣ : ٦٨ / ٢٢٦.

(٢) الكافي ٥ : ١٤٠ - ١٤١ / ١٥ ، التهذيب ٦ : ٣٩٣ / ١١٧٩.

(٣) الفقيه ٣ : ١٨٦ / ٨٤٠ ، التهذيب ٦ : ٣٩٧ - ٣٩٨ / ١١٩٨.

(٤) الحاوي الكبير ٨ : ١٦ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٨ ، البيان ٧ : ٤٣٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٦ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٧.

(٥) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « يجعلها ». والظاهر ما أثبتناه.

٢١٠

عنه لا يجب تعريفه ، وعند أبي حنيفة عشرة دراهم ، فما نقص عنه لا يجب تعريفه ؛ لأنّ ما دون ذلك تافه ، فلا يجب تعريفه ، كالتمرة واللّقمة ، وقد قالت عائشة : كانوا لا يقطعون في الشي‌ء التافه(١) .

وروى العامّة عن عليٍّعليه‌السلام : إنّه وجد ديناراً فتصرّف فيه(٢) .

وهو عندنا ضعيف ، ويُحمل على غير اللّقطة.

ورووا عن سلمى بنت كعب قالت : وجدتُ خاتماً من ذهبٍ في طريق مكة ، فسألتُ عائشة عنه ، قالت : تمتّعي به(٣) (٤) .

وليس قول عائشة بحجّةٍ البتّة ، والتحديد بما يجب فيه القطع منافٍ للأصل ، وهو عصمة مال الغير ، وقد ثبت تحريم مال المسلم ، وأنّ حرمته كحرمة دمه(٥) ، صِرْنا إلى ما نقص عن الدرهم ؛ للإجماع ، فيبقى الباقي على الأصل.

فروع :

أ - لو تملّك ما دون الدرهم ثمّ وجد صاحبه ، فالأقرب : وجوب‌

____________________

(١) المحلّى ١١ : ٣٣٨ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ٢ : ٤٢٦ ، الكامل - لابن عدي - ٤ : ١٥٠٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٥ ، المغني ٦ : ٣٥١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٨.

(٢) المغني ٦ : ٣٥١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٨ ، وراجع : سنن أبي داوُد ٢ : ١٣٧ - ١٣٨ / ١٧١٤ و ١٧١٥.

(٣) كتاب الثقات ٤ : ٣٥١ ، المغنى ٦ : ٣٥١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٨.

(٤) بداية المجتهد ٢ : ٤٤٧ ، التلقين : ٥٠٨ ، المعونة ٣ : ١٤١٣ ، الجامع لأحكام القرآن ٦ : ١٦٠ ، المبسوط - للسرخسي - ٩ : ١٣٧ ، و ١١ : ٣ ، المغني ٦ : ٣٥١ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٤٨ ، حلية العلماء ٥ : ٥٢٨ ، و ٨ : ٤٩ - ٥٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٥ ، و ١١ : ١٧٥ ، الإفصاح عن معاني الصحاح ٢ : ٥٧ - ٥٨.

(٥) سنن البيهقي ٦ : ١٠٠ ، سنن الدارقطني ٣ : ٢٦ / ٩١ و ٩٢ ، مسند أحمد ٦ : ٦٩ / ٢٠١٧٢ ، مسند الشهاب ١ : ١٣٧ - ١٣٨ / ١٧٧ و ١٧٨ ، حلية الأولياء ٧ : ٣٣٤.

٢١١

دفعه إليه ؛ لأصالة بقاء ملك صاحبه عليه ، وتجويز التصرّف للملتقط لا ينافي وجوب ردّه.

ب - الأقرب : وجوب دفع العين مع وجود صاحبه.

ويحتمل القيمة مطلقاً كالكثير إذا تملّكه بعد التعريف ، والقيمة إن نوى التملّك ، وإلّا فالعين ، وهو أقرب.

ج - لو تلف بتفريطه ثمّ وجد صاحبه ، فالأقرب : وجوب الضمان ، مع احتمال عدمه.

د - الأقرب : إنّه فرقٌ بين لقطة الحرم والحِلّ فيما دون الدرهم ، كما في الزائد عليه ؛ لحرمة الحرم ، الشاملة للقليل والكثير.

مسألة ٣٢٨ : إذا بلغت اللّقطة درهماً فما زاد ، وجب فيها التعريف ، فلا يجوز تملّكها في الحال ، فإن نواه لم يملك وضمن ؛ لأنّ بعض أصحابنا سأل الصادقَعليه‌السلام عن اللّقطة ، قال : « تعرّف سنةً قليلاً كان أو كثيراً » قال : « وما كان دون الدرهم فلا يُعرّف »(١) فلزم من هذا وجوب تعريف الدرهم.

وعن محمّد بن قيس عن الباقرعليه‌السلام قال : « قضى عليٌّعليه‌السلام في رجلٍ وجد ورقاً في خربةٍ أن يُعرّفها ، فإن وجد مَنْ يعرفها وإلّا تمتّع بها »(٢) .

وعن داوُد بن سرحان عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في اللّقطة : « يُعرّفها سنةً ثمّ هي كسائر ماله »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإنّ وجوب التعريف حولاً إنّما هو في الأموال التي‌

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ٢٠٨ ، الهامش (٨)

(٢) التهذيب ٦ : ٣٩٨ / ١١٩٩.

(٣) تقدّم تخريجه في ص ١٦٦ ، الهامش (٣)

٢١٢

يمكن بقاؤها ولا يسرع الفساد إليها إمّا بمعالجةٍ كالرطب المفتقر إلى العلاج بالتشميس والكبس حتى يصير تمراً ، أو بغير معالجةٍ كالذهب والفضّة والثياب وغيرها.

وأمّا ما لا بقاء له - كالهريسة والطبيخ وشبههما - فإنّه يجوز تناوله بعد التقويم على نفسه ، ويضمنه للمالك.

مسألة ٣٢٩ : يكره التقاط ما تكثر فائدته وتقلّ قيمته ، كالنعلين والإداوة(١) والسوط وأشباه ذلك ؛ لأنّ عبد الرحمن بن أبي عبد الله سأل الصادقَعليه‌السلام عن النعلين ، والإداوة ، والسوط يجده الرجل في الطريق أينتفع به؟ قال : « لا يمسّه »(٢) .

ولأنّ الاكتساب في ذلك منتفٍ ، وربما تضرّر مالكه بضياعه عنه.

وقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بلقطة العصا والشظاظ والوتد والحبل والعقال وأشباهه »(٣) لا ينافي ما قلناه ؛ لحقارة هذه الأشياء ، فلا يطلبها المالك ، ولهذا روي في تتمّة الخبر عن أبيه الباقرعليه‌السلام قال : « قال أبو جعفرعليه‌السلام : ليس لهذا طالب »(٤) فدلّ ذلك على البناء على العادة في الإعراض عن هذه الأشياء ، فيكون في الحقيقة إباحة من المالك لها ، مع أنّ نفي البأس لا يضادّ الكراهة.

إذا عرفت هذا ، فلو التقط أحدٌ هذه الأشياء ثمّ ظهر مالكها ، كان له أخذها.

وبالجملة ، فأخذ اللّقطة مطلقاً عندنا مكروه ، ويتأكّد في مثل هذه‌

____________________

(١) الإداوة : إناء صغير من جلدٍ يُتّخذ للماء. لسان العرب ١٤ : ٢٥ « أدا ».

(٢) التهذيب ٦ : ٣٩٤ / ١١٨٣.

(٣ و ٤) تقدّم تخريجه في ص ٢٠٩ ، الهامش (٢)

٢١٣

الأشياء ، وتتأكّد الكراهة في مطلق اللّقطة للفاسق ، وآكد منه المعسر.

مسألة ٣٣٠ : ما ليس بمالٍ ممّا يجوز اقتناؤه ، مثل كلب الصيد إذا منعنا من بيعه ، وكذا غيره من الكلاب المنتفع بأعيانها - مثل كلب الماشية والزرع والحائط - فإنّه يجوز التقاطه ، ويُعرَّف سنةً ، وبه قال الشافعي ، إلّا أنّ الشافعي شرط في الالتقاط قصد الحفظ أبداً ؛ لأنّه لا يجوز له تملّكه بعد السنة بالعوض ؛ لأنّه لا قيمة له عنده ، وبغير عوضٍ مخالفٌ لوضع اللّقطة(١) .

وأمّا المنفعة فعلى وجهين ، إن جوّزوا إجارة الكلب كانت مضمونةً ، وإلّا فلا(٢) .

وقال أكثر الشافعيّة يُعرّفه سنةً - كما قلناه - ثمّ يختصّ به وينتفع به ، فإن ظهر صاحبه بعد ذلك وقد تلف لم يضمنه.

وهل عليه أُجرة المثل لمنفعة تلك المدّة؟ وجهان مبنيّان على جواز إجارة الكلب(٣) .

وأمّا عندنا فإن كان الكلب له قيمة مقدّرة في الشرع فإذا عرّفه حولاً ولم يجد صاحبه ، جاز له أن يتملّكه ، فيكون عليه القيمة الشرعيّة.

المطلب الثاني : في الأحكام.

ومباحثه أربعة :

الأوّل : الضمان وعدمه.

مسألة ٣٣١ : اللّقطة أمانة في يد الملتقط ما لم يَنْو التملّك أو يفرّط فيها أو يتعدّى ، فإذا أخذها بقصد الحفظ لصاحبها دائماً فهي أمانة في يده‌

____________________

(١ - ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٨.

٢١٤

ما لم يَنْو التملّك أو يفرّط أو يتعدّى وإن بقيت في يده أحوالاً إن قلنا بافتقار التملّك إلى نيّةٍ ؛ لأنّه بذلك مُحسنٌ في حقّ المالك بحفظ ماله وحراسته ، فلا يتعلّق به ضمان ؛ لقوله تعالى :( ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ) (١) ولأنّ حاله لم يختلف قبل الحول ولا بعده ، فكذا الحكم بعدم الضمان ينبغي أن لا يختلف.

وأمّا إن قلنا بدخولها في ملكه بعد الحول وإن لم يقصد التملّك ، فإنّه يضمنها بدخولها في ملكه.

لكن المعتمد عند علمائنا : الأوّل ، وسيأتي.

مسألة ٣٣٢ : إذا نوى الاحتفاظ لها دائماً ، فهي أمانة في يده على ما تقدّم.

فإن دفعها إلى الحاكم ، وجب عليه القبول ؛ لأنّه مُعدٌّ لمصالح المسلمين ، وأعظمها حفظ أموالهم ، بخلاف الوديعة ، فإنّه لا يلزمه قبولها - على أحد وجهي الشافعيّة(٢) - لأنّه قادر على الردّ إلى المالك ، بل لا يجوز له دفعها إلى الحاكم مع القدرة على صاحبها ؛ لقوله تعالى :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) (٣) .

ولو تعذّر عليه الردّ إلى المالك وافتقر إلى إيداعها ، أودعها الحاكم ؛ للضرورة.

ولو أخذ للتملّك ثمّ بدا له ودفعها إلى الحاكم ، لزمه القبول.

ولو قصد الحفظ أبداً ، لزمه التعريف حولاً ، ولا يسقط وجوب‌

____________________

(١) سورة التوبة : ٩١.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٩.

(٣) سورة النساء : ٥٨.

٢١٥

التعريف حولاً بقصد الحفظ دائماً ، وهو أحد وجهي الشافعيّة(١) على ما يأتي ، فإن لم يجب لم يضمن بتركه عندهم(٢) .

وإذا بدا له قصد التملّك ، عرّفها سنةً من حينئذٍ ، ولا يعتدّ بما عُرّف من قبلُ.

وإن أوجبناه ، فهو ضامن بالترك ، حتى لو ابتدأ بالتعريف بعد ذلك فهلك في سنة التعريف ضمن.

مسألة ٣٣٣ : لو نوى الخيانة والتملّك بغير تعريفٍ حين الالتقاط وأخفاها عن المالك ، كان ضامناً غاصبا ، ولا يحلّ له أخذها بهذه النيّة ، فإن أخذها لزمه ضمانها ، سواء تلفت بتفريطه أو بغير تفريطه.

فإن دفعها إلى الحاكم ، فالأقرب : زوال الضمان ؛ لأنّه نائب عن المالك ، فكأنّه قد دفع إلى المالك ، وهو أحد وجهي الشافعيّة ، كما في الغاصب(٣) .

ولو لم يدفعها إلى الحاكم بل عرّفها حولاً ، فالأقرب : إنّه يجوز له التملّك ؛ لأنّه قد وُجد سبب التملّك(٤) ، وهو التعريف والالتقاط ، فيملكها به ، كالاصطياد والاحتشاش ، فإنّه لو دخل حائط غيره بغير إذنه فاصطاد منه صيداً مَلَكه وإن كان دخوله محرَّماً ، كذا هنا.

ولأنّ عموم النصّ يتناول هذا الملتقط ، فيثبت حكمه فيه.

ولأنّا لو اعتبرنا نيّة التعريف وقت الالتقاط ، لافترق الحال بين العَدْل‌

____________________

(١ و ٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٥٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٩.

(٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٦٩ - ٤٧٠.

(٤) في النُّسَخ الخطّيّة : « الملك » بدل « التملّك ».

٢١٦

والفاسق والصبي والسفيه ؛ لأنّ الغالب على هؤلاء الالتقاط للتملّك من غير تعريفٍ.

وهو أحد قولَي الشافعيّة.

والأظهر عندهم والأشهر بينهم : إنّه لا يُمكَّن من التملّك ؛ لأنّه أخذ مال غيره(١) .

وعلى وجهٍ : لا يجوز له أخذه ، فأشبه الغاصب(٢) . ولا بأس به.

مسألة ٣٣٤ : لو أخذ اللّقطة بنيّة التعريف حولاً والتملّك بعده ، فإنّها في الحول أمانة غير مضمونة لو تلفت بغير تفريطٍ منه أو نقصت ، فلا ضمان عليه كالوديعة ، إلّا بالتعدّي أو التفريط أو نيّة التملّك.

وأمّا بعد السنة فالأقرب : إنّها تصير مضمونةً عليه إذا كان عزم التملّك مطّرداً وإن لم يَجْر حقيقةً ؛ لأنّه صار ممسكاً لنفسه ، فأشبه المستام.

هذا إن قلنا : إنّ اللّقطة لا تُملك بمضيّ السنة ، فإن قلنا : تُملك ، فإذا تلفت تلفت منه لا محالة ، وهذا قول بعض الشافعيّة(٣) .

وأكثرهم على أنّها أمانة إذا لم يختر التملّك قصداً أو لفظاً إذا اعتبرنا اللفظ كما كانت قبل الحول. نعم ، إذا اختار وقلنا : لا بدّ من التصرّف ، فحينئذٍ يكون مضموناً عليه ، كالقرض(٤) .

وقد اعتُرض على ذلك : بأنّه قد يغيّر القصد إلى الحفظ ما لم يتملّك ، فلا يكون ممسكاً لنفسه ، فلو كان قصد التملّك يجعله ممسكاً لنفسه ، لزم أن يكون الذي لا يقصد بالتعريف إلّا تحقيق شرط التملّك ممسكاً لنفسه في‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٤٥٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٠.

(٢ - ٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٩ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٠.

٢١٧

مدّة السنة أيضاً(١) .

مسألة ٣٣٥ : لو أخذ اللّقطة بنيّة الأمانة والتعريف ثمّ قصد الخيانة ، ضمن بقصده ؛ لأنّ سبب أمانته مجرّد نيّته ، وإلّا فأخذ مال الغير بغير رضاه ممّا يقتضي الضمان ، ولأنّه استئمان ضعيف ؛ لأنّه ثبت من غير جهة المالك ، فيكفي في زواله أدنى سبب ، ولأنّ نيّة الخيانة لو حصلت حالة الالتقاط لاقتضت الضمان ، فكذا بعده ؛ لبراءة ذمّته قبل الالتقاط وحالة الأمانة ، وهو أحد وجهي الشافعيّة(٢) .

والأصحّ عندهم : إنّه لا يصير المال مضموناً عليه بمجرّد القصد ، كالمستودع لو جدّد نيّة الخيانة في الوديعة بعد نيّة الحفظ لم يصر ضامناً بذلك ، كذا الملتقط(٣) .

والفرق ظاهر بين الملتقط والمستودع ؛ لأنّ المستودع مسلّط مؤتمن من جهة المالك ، على أنّ في المستودع وجهاً للشافعيّة : إنّه يضمن بمجرّد القصد(٤) .

وعلى الظاهر من مذهب الشافعيّة - من أنّ الودعيّ لا يضمن بقصد الخيانة بعد نيّة الحفظ - لو أخذ الوديعة على قصد الخيانة في الابتداء وجهان للشافعيّة في أنّه هل يكون ضامناً أم لا؟(٥) .

وإذا قلنا : صار الملتقط ضامناً في الدوام إمّا بنفس الخيانة أو بقصدها ثمّ رجع عن نيّة الخيانة وقَصَد الأمانة وأراد أن يُعرّف ويتملّك للشافعيّة

____________________

(١) راجع : العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٩.

(٢ و ٣) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٥٩ - ٣٦٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٠.

(٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٠.

(٥) الوسيط ٤ : ٢٩٢ ، العزيز شرح الوجيز ٧ : ٣٠٤ ، روضة الطالبين ٥ : ٢٩٧.

٢١٨

وجهان :

أحدهما : المنع ؛ لأنّه قد تعدّى في أمانته ، وصار مضموناً عليه بنيّة الخيانة أوّلاً ، فلا يبرأ من الضمان ؛ لأنّ الأمانة لا تعود بترك التعدّي.

والثاني : إنّ التقاطه في الابتداء وقع مفيداً للتملّك ، فلا يبطل حكمه بتفريطٍ يطرأ ، ولأنّ سبب التملّك هو الالتقاط ، والتعريف غير محرَّمٍ ، وإنّما المحرَّم ما قصده ، ولم يتّصل به تحقيق(١) .

مسألة ٣٣٦ : قال الشيخ ; : اللّقطة تُضمن بمطالبة المالك لا بنيّة التملّك(٢) . وفيه نظر ؛ لأنّ المطالبة تترتّب على الاستحقاق ، فلو لم يثبت الاستحقاق أوّلاً لم يكن لصاحبها المطالبة ، فلو ترتّب الاستحقاق على المطالبة لزم الدور.

ولو أخذ الملتقط اللّقطة ولم يقصد خيانةً ولا أمانةً ، لم تكن مضمونةً عليه ، وله أن يتملّك بشرطه ، وكذا لو أضمر أحدهما ونسي ما أضمره ؛ لأصالة البراءة.

البحث الثاني : في التعريف.

مسألة ٣٣٧ : ينبغي للملتقط أن يقف على اللّقطة ليميّزها عن أمواله ، فلا يختلط أمرها عليه ويشتبه بما يختصّ به ، وأيضاً يستدلّ بها على معرفة صدق مدّعيها إذا جاء وطلبها ، فحينئذٍ يستحبّ أن يعرف عفاصها - وهو الوعاء من جلدٍ أو خرقٍ أو غيرهما - ووكاءها - وهو الخيط الذي يشدّ به -

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ٣٦٠ ، روضة الطالبين ٤ : ٤٧٠.

(٢) المبسوط - للطوسي - ٣ : ٣٣٠ - ٣٣١.

٢١٩

لورود ذلك في الخبر : إنّهعليه‌السلام قال : « اعرف عفاصها ووكاءها »(١) .

وينبغي أن يعرف أيضاً جنسها هل هي ذهب أو فضّة ، أو ثوب هرويّ أو مرويّ ، ويعرف قدرها بالوزن أو العدد إن كان ممّا يُعدّ في العادة ؛ لما ورد في حديث أُبيّ بن كعب : « اعرف عدّتها »(٢) ومهما ازداد عرفاناً ازداد احتياطاً في حفظها وتبيّنها على أنّه لا يفرّط في طرفها.

وينبغي أن يقيّد ذلك بالكتابة لئلّا ينسى ما عرفه منها.

مسألة ٣٣٨ : ويجب على الملتقط تعريف اللّقطة إذا بلغت درهماً فما زاد ، والإنشاد بها ليظهر خبرها لصاحبها فيأخذها ، سواء قصد الملتقط حفظها دائماً لصاحبها ، أو نوى التملّك بعد السنة ، عند علمائنا - وبه قال أحمد(٣) - لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث زيد بن خالد الجهني ، قال : جاء رجل إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يسأله عن اللّقطة ، فقال : « اعرف عفاصها ووكاءها ثمّ عرِّفها سنةً ، فإن جاء صاحبها وإلّا فشأنك بها »(٤) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه داوُد بن سرحان عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في اللّقطة : « يُعرّفها سنةً ثمّ هي كسائر ماله »(٥) .

وفي الصحيح عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام في اللّقطة في حديثٍ قال : « يُعرّفها سنةً ، فإن جاء لها طالب وإلّا فهي كسبيل ماله »(٦) .

ولأنّه مال للغير حصل في يده فيجب عليه دفعه إلى مالكه ، ولا طريق‌

____________________

(١) تقدّم تخريجه في ص ١٦٦ ، الهامش (١)

(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٧٠ ، الهامش (١)

(٣) المغني ٦ : ٣٤٧ ، الشرح الكبير ٦ : ٣٧٣.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ١٦٦ ، الهامش (١)

(٥) تقدّم تخريجه في ص ١٦٦ ، الهامش (٣)

(٦) تقدّم تخريجه في ص ١٦٨ ، الهامش (١)

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417