المناقب

المناقب14%

المناقب مؤلف:
تصنيف: شخصيات إسلامية
الصفحات: 417

المناقب
  • البداية
  • السابق
  • 417 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 66161 / تحميل: 7361
الحجم الحجم الحجم
المناقب

المناقب

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

- وكرهه ابن عمر والحسن البصري والزهري ومالك وأبو حنيفة(١) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يفعله ، فلا يجوز فعله ؛ لقولهعليه‌السلام : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٢) .

ولأنّها فريضة ذات عدد ، فلا تجوز الزيادة عليه ، كالصلاة.

ولأنّ الكاظمعليه‌السلام سُئل عن الرجل يطوف يُقرن بين اُسبوعين ، فقال : « لا تقرن بين اُسبوعين ، كلّما طَفْتَ أسبوعاً فصلّ ركعتين »(٣) .

وقال عطاء وطاوُس وسعيد بن جبير وأحمد وإسحاق : لا بأس به ؛ لأنّ عائشة فَعَلته(٤) .

ولا حجّة فيه. ويحتمل أن يكون قد فَعَلَتْه في الندب.

إذا عرفت هذا ، فيجوز القران بين الطوافين في النافلة ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إنّما يكره أن يجمع الرجل بين السبوعين والطوافين في الفريضة ، فأمّا في النافلة فلا »(٥) .

وإذا جمع بين طوافين ، استحبّ أن ينصرف على وتر ، فلا ينصرف على اُسبوعين ولا على أربعة ولا على ستّة وهكذا ، بل على خمسة أو ثلاثة(٦) وهكذا ؛ لأنّ الباقرعليه‌السلام كان يكره أن ينصرف في الطواف إلّا على‌

____________________

(١) المغني ٣ : ٤٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٥ ، المدوّنة الكبرى ١ : ٤٠٧ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٨٩ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٥٠.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٣) الكافي ٤ : ٤١٨ - ٤١٩ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١١٥ / ٣٧٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٠ - ٢٢١ / ٧٥٩.

(٤) المغني ٣ : ٤٠٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٥.

(٥) الكافي ٤ : ٤١٨ / ١ ، التهذيب ٥ : ١١٥ / ٣٧٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٠ / ٧٥٧ ، وفيها : « فلا بأس».

(٦) كذا ، والأنسب : بل على ثلاثة أو خمسة.

١٢١

وتر من طوافه(١) .

مسألة ٤٨٤ : لو شكّ هل طاف سبعة أو ثمانية ، قطع ولا شي‌ء عليه ؛ لأنّه يتيقّن حصول السبع.

ولأنّ الحلبي سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر سبعة طاف أو ثمانية ، فقال : « أمّا السبع فقد استيقن ، وإنّما وقع وهمه على الثامن فليصلّ ركعتين »(٢) .

ولو شكّ فلم يدر ستّة طاف أو سبعة أو ثمانية ، فإن كان طواف الفريضة ، أعاد ؛ لأنّه لم يتيقّن حصول السبعة.

ولو طاف أقلّ من سبعة ناسياً ، عاد ، وتمّم طوافه إن كان قد طاف أربعة أشواط ، وإن كان قد طاف دونها ، أعاد من أوّله.

ولو لم يذكر حتى رجع إلى أهله ، أمر مَنْ يطوف عنه سبعة أشواط إن كان قد طاف أقلّ من أربعة ، وإن كان قد طاف أربعة ، تمّمه.

وكذا لو أحدث في طواف الفريضة ، فإن كان قد جاوز النصف ، تطهّر وبنى ، وإن لم يبلغه ، استأنف.

ولو طاف وعلى ثوبه نجاسة عامداً ، أعاد ، ولو كان ناسياً وذكر في أثناء الطواف ، قَطَعه وأزال النجاسة أو نزع الثوب وتمّم طوافه ، ولو لم يذكر حتى فرغ منه ، نزع الثوب أو غسله وصلّى الركعتين ؛ لأنّ يونس بن يعقوب سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف ، قال : « ينظر الموضع الذي يرى فيه الدم فيعرفه ثم يخرج فيغسله ثم يعود فيتمّ طوافه »(٣) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١١٦ / ٣٧٧.

(٢) التهذيب ٥ : ١١٤ / ٣٧٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٠ / ٧٥٦.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٦ / ٤١٥.

١٢٢

تذنيب : ولو تحلّل من إحرام العمرة ثم أحرم بالحجّ وطاف وسعى له‌ ثم ذكر أنّه طاف مُحدثاً أحد الطوافين ولم يعلم هل هو طواف عمرة التمتّع أو طواف الحجّ ، قيل : يطوف للحجّ ويسعى له ثم يعتمر بعد ذلك عمرةً مفردة ، ويصير حجّة مفردة ؛ لاحتمال أن يكون في طواف العمرة فيبطل وقد فات وقتها ، وأن يكون للحجّ ، فيعيد ، فلهذا أوجبنا عليه إعادة طواف الحجّ وسعيه والإتيان بعمرة مفردة بعد الحجّ ؛ لبطلان متعته ، قاله بعض العامّة.

والوجه : أنّه يعيد الطوافين ؛ لأنّ العمرة لا تبطل بفوات الطواف.

مسألة ٤٨٥ : المريض لا يسقط عنه الطواف ، فإن تمكّن من الطواف بطهارة ، طيف به إذا لم يتمكّن من المشي أو الركوب ، وإن لم يتمكّن ، انتظر به يوم أو يومان وأزيد مع السعة ، فإن برأ ، طاف بنفسه ، وإلّا طيف عنه ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام طيف به في محمل وهو شديد المرض(١) .

وسأل إسحاقُ بن عمّار - في الصحيح - الكاظمعليه‌السلام : عن المريض يطاف عنه بالكعبة ، قال : « لا ، ولكن يطاف به »(٢) .

وفي الصحيح عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « المريض المغلوب والمغمى عليه يُرمى عنه ويُطاف به»(٣) .

ولقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى عنهما»(٤) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢٢ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٢٢ / ٣٩٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٣ / ٣٩٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٥ / ٧٧٥.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٣ / ٤٠٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٥ / ٧٧٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٢٢ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٢٤ / ٤٠٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٦ / ٧٨٠.

١٢٣

وهذا محمول على أنّ الكسير لا يستمسك الطهارة ، ولو كان يستمسك ، طيف به ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « الكسير يُحمل فيطاف به ، والمبطون يُرمى ويُطاف عنه ويُصلّى عنه »(١) .

ولو مرض في الأثناء ، فإن تمكّن من الإتمام ، أتمّه ، وإلّا انتظر إلى البرء ثم يُتمّه إن كان قد تجاوز النصف ، وإلّا استأنف. هذا مع سعة الوقت ، فإن ضاق ، طيف به.

مسألة ٤٨٦ : لو حمل مُحرمٌ مُحْرماً وطاف به ونوى كلّ واحد منهما الطواف ، أجزأ عنهما‌ - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لحصول الطواف من كلّ واحد منهما.

ولأنّ حفص بن البختري سأل الصادقَعليه‌السلام : في المرأة تطوف بالصبي وتسعى به هل يجزئ ذلك عنها وعن الصبي؟ فقال : « نعم »(٣) .

وللشافعي قولان : أحدهما : أنّه يجزئ عن المحمول. والثاني : أنّه يجزئ عن الحامل دون المحمول؛ لأنّه فعل واحد ، فإذا وقع عن الحامل لم يقع عن المحمول ؛ لأنّ الفعل الواحد لا يقع عن اثنين(٤) .

ونمنع اتّحاد الفعل ؛ لأنّ اختلاف السبب وتغاير الأمكنة ثابت في حقّ كلّ واحد منهما ، لكن لأحدهما بالذات وليس شرطاً ؛ لأنّه وافقنا على جواز‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٢٥ / ٤٠٩.

(٢) المغني ٣ : ٢١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المجموع ٨ : ٢٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٢.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢٩ / ١٣ ، التهذيب ٥ : ١٢٥ / ٤١١.

(٤) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٩ ، المجموع ٨ : ٢٨ ، روضة الطالبين ٢ : ٣٦٤ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٢ - ١٥٣ ، المغني ٣ : ٢١١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٦.

١٢٤

الركوب(١) .

وينتقض بالواقف بعرفة إذا حمل غيره ؛ فإنّه وافقنا على تجويزه(٢) .

مسألة ٤٨٧ : يجوز الكلام بالمباح في الطواف إجماعاً ؛ لما رواه العامّة من قولهعليه‌السلام : (الطواف بالبيت صلاة إلّا أنّكم تتكلّمون فيه )(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية علي بن يقطين - في الصحيح - عن الرضاعليه‌السلام ، قال : سألته عن الكلام في الطواف وإنشاد الشعر والضحك في الفريضة أو غير الفريضة أيستقيم ذلك؟ قال : « لا بأس به »(٤) .

ويستحب قراءة القرآن في الطواف ولا يكره عند علمائنا - وبه قال عطاء ومجاهد والثوري وابن المبارك والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي(٥) - لما رواه العامّة أنّ عائشة روت أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول في طوافه :( رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النّارِ ) (٦) (٧) وهو من القرآن.

ومن طريق الخاصّة : قول الجوادعليه‌السلام : « وطواف الفريضة لا ينبغي أن تتكلّم فيه إلّا بالدعاء وذكر الله وقراءة القرآن »(٨) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٥١ ، فتح العزيز ٧ : ٣١٥ ، المجموع ٨ : ٢٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المغني ٣ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٤.

(٢) لم نجده في مظانّه.

(٣) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٩٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٠٩ نقلاً عن الترمذي والأثرم ، وفي سنن الترمذي ٣ : ٢٩٣ / ٩٦٠ بتفاوت.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢٧ / ٤١٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٧ / ٧٨٤.

(٥) المغني ٣ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٧ : ٣٢٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٢ ، المجموع ٨ : ٤٤ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٣١.

(٦) البقرة : ٢٠١.

(٧) المغني ٣ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١.

(٨) التهذيب ٥ : ١٢٧ / ٤١٧ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٧ / ٧٨٥.

١٢٥

وقال مالك : إنّها مكروهة. وهو مروي عن عروة والحسن(١) .

وعن أحمد روايتان(٢) .

ويستحب الدعاء في أثناء الطواف والإكثار من ذكر الله تعالى.

ويجوز له الشرب في الطواف ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله شرب في الطواف(٣) .

ومن طريق الخاصّة : رواية يونس بن يعقوب عن الصادقعليه‌السلام : هل نشرب ونحن في الطواف؟ قال : « نعم »(٤) .

تذنيب : قال الشيخ في الخلاف : الأفضل أن يقال : طواف وطوافان وثلاثة أطواف ، وإن قال : شوطاً وشوطين وثلاثة أشواط ، جاز. وقال الشافعي : أكره ذكر الشوط. وبه قال مجاهد(٥) .

مسألة ٤٨٨ : لا يجوز الطواف وعلى الطائف بُرْطُلَّة(٦) في طواف العمرة ؛ لاشتماله على تغطية الرأس وهو مُحْرم ، أمّا في طواف الحجّ فإنّه مكروه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تطوفنّ بالبيت وعليك بُرْطُلَّة »(٧) .

وقال الصادقعليه‌السلام ليزيد بن خليفة : « قد رأيتك تطوف حول الكعبة‌

____________________

(١) المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٩٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٤٣ ، المغني ٣ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١.

(٢) المغني ٣ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠١.

(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١٤٤ ، سنن البيهقي ٥ : ٨٥.

(٤) الكافي ٤ : ٤٢٩ / ١٥ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ / ٤٤٤.

(٥) الخلاف ٢ : ٣٢٢ ، المسألة ١٢٨ ، وانظر : الاُم ٢ : ١٧٦ ، والمجموع ٨ : ٤١ و ٥٥ ، والمنتقى - للباجي - ٢ : ٢٨٥.

(٦) البُرْطُلَّة : قلنسوة. لسان العرب ١١ : ٥١. « برطل ».

(٧) الكافي ٤ : ٤٢٧ / ٤ ، التهذيب ٥ : ١٣٤ / ٤٤٢.

١٢٦

وعليك بُرْطُلَّة ، لا تلبسها حول الكعبة فإنّها من زيّ اليهود »(١) .

والشيخ -رحمه‌الله - أطلق المنع(٢) ، والتفصيل الذي ذكرناه أجود.

مسألة ٤٨٩ : مَنْ نذر أن يطوف على أربع ، قال : الشيخرحمه‌الله : يجب عليه طوافان : اُسبوع ليديه ، واُسبوع لرجليه(٣) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام في امرأة نذرت أن تطوف على أربع ، قال : تطوف اُسبوعاً ليديها واُسبوعاً لرجليها »(٤) .

وفي الطريق ضعف.

وقال ابن إدريس : يبطل النذر ؛ لأنّه غير مشروع ، فلا ينعقد(٥) . وهو حسن.

مسألة ٤٩٠ : طواف الحجّ ركن فيه ، وهو واجب بالإجماع.

قال الله تعالى :( وَلْيَطَّوَّفُوا ) (٦) .

قال ابن عبد البرّ : أجمع العلماء على أنّ هذه الآية فيه(٧) .

وما رواه العامّة : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال عن صفيّة لمـّا حاضت : ( أحابستنا هي؟ ) قالوا : يا رسول الله إنّها قد أفاضت يوم النحر ، قال : ( اخرجوا )(٨) فدلّ على وجوب الطواف ، وأنّه حابس لمن لم يأت به.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « على المتمتّع بالعمرة إلى‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٣٤ / ٤٤٣.

(٢) النهاية : ٢٤٢ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٥٩.

(٣) النهاية : ٢٤٢ ، المبسوط - للطوسي - ١ : ٣٦٠ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ ذيل الحديث ٤٤٥.

(٤) التهذيب ٥ : ١٣٥ / ٤٤٦ ، والكافي ٤ : ٤٣٠ / ١٨.

(٥) السرائر : ١٣٥.

(٦) الحجّ : ٢٩.

(٧ و ٨ ) المغني ٣ : ٤٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٧٥.

١٢٧

الحجّ ثلاثة أطواف بالبيت وسعيان بين الصفا والمروة »(١) .

ولأنّه أحد النسكين ، فكان الطواف فيه ركناً ، كالعمرة.

إذا عرفت هذا ، فإن أخلّ به عامداً ، بطل حجّه ، وإن أخلّ به ناسياً ، وجب عليه أن يعود ويقضيه ، فإن لم يتمكّن ، استناب فيه.

وقال الشافعي : إن كان قد طاف طواف الوداع ، أجزأ عنه ، وإلّا وجب عليه الرجوع ، ولا تحلّ له النساء حتى يطوفه وإن طال زمانه وخرج وقته(٢) .

إذا ثبت هذا ، فلو نسي طواف النساء ، لم تحلّ له النساء حتى يزور البيت ويأتي به ، ويجوز له أن يستنيب فيه ؛ لما رواه معاوية بن عمّار - في الحسن - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت له : رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله ، قال : « لا تحلّ له النساء حتى يزور البيت » وقال : « يأمر أن يقضى عنه إن لم يحجّ ، فإن توفّي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليّه أو غيره »(٣) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٢٩٥ ( باب ما على المتمتّع من الطواف ) الحديث ١ ، التهذيب ٥ : ٣٥ / ١٠٤.

(٢) فتح العزيز ٧ : ٣٨١ - ٣٨٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٩٢ ، المجموع ٨ : ٢٢٠.

(٣) الكافي ٤ : ٥١٣ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٢٨ / ٤٢٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٩.

١٢٨

١٢٩

الفصل الرابع

في السعي والتقصير‌

وفيه مباحث :

الأوّل : في مقدّماته ، وهي عشرة(١) كلّها مندوبة :

الأوّل : الطهارة ، وهي مستحبّة في السعي غير واجبة ، عند علمائنا - وهو قول عامّة العلماء(٢) - للأصل.

ولما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعائشة حين حاضت : ( اقضي ما يقضي الحاجّ غير أن لا تطوفي بالبيت )(٣) .

وعن عائشة واُمّ سلمة قالتا : إذا طافت المرأة بالبيت وصلّت ركعتين ثم حاضت فلتطف بالصفا والمروة(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « لا بأس أن تقضي المناسك كلّها على غير وضوء إلّا الطواف ، فإنّ فيه صلاة ، والوضوء أفضل »(٥) .

الثاني : استلام الحجر الأسود قبل السعي‌ إذا صلّى ركعتي الطواف‌

____________________

(١) عدّد المصنّف –قدس‌سره - منها هنا ستّة اُمور.

(٢) المغني ٣ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٠ - ٤٢١.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٨١ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٧٣ / ١١٩ ، سنن النسائي ١ : ١٨٠ ، مسند أحمد ٦ : ٣٩ ، شرح معاني الآثار ٢ : ٢٠١ ، المغني ٣ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢١.

(٤) المغني ٣ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢١ نقلاً عن الأثرم.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٤ / ٥٠٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٤١ / ٨٤١.

١٣٠

إجماعاً ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فَعَل ذلك(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « فإذا فرغت من الركعتين فائت الحجر الأسود فقبِّلْه واستلمه أو(٢) أشر إليه فإنّه لا بدّ من ذلك »(٣) .

الثالث : الشرب من ماء زمزم وصبّ الماء على الجسد من الدلو المقابل للحجر الأسود ، والدعاء ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « إذا فرغ الرجل من طوافه وصلّى ركعتين فليأت زمزم فيستقي منه ذَنُوباً أو ذنوبين فليشرب منه وليصبّ على رأسه وظهره وبطنه ، ويقول حين يشرب : اللهم اجعله علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاءً من كلّ داء وسقم ، ثم يعود إلى الحجر الأسود »(٤) .

وعن الصادق والكاظمعليهما‌السلام - في الصحيح - : « وليكن ذلك من الدلو الذي بحذاء الحجر »(٥) .

الرابع : الخروج إلى الصفا من الباب المقابل للحجر الأسود بالسكينة والوقار‌ ، ولا نعلم فيه خلافاً.

روى الشيخ - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : « ثم اخرج إلى الصفا من الباب الذي خرج منه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو الباب الذي يقابل الحجر الأسود حتى تقطع الوادي ، وعليك السكينة والوقار »(٦) .

الخامس : الصعود على الصفا إجماعاً ، إلّا مَنْ شذّ ذهب إلى وجوبه ؛

____________________

(١) سنن النسائي ٥ : ٢٢٨ - ٢٢٩.

(٢) في النسخ الخطية والحجرية : و. وما أثبتناه من المصدر.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٠ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٤ / ٤٧٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٠ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٤٤ / ٤٧٧.

(٥) التهذيب ٥ : ١٤٥ / ٤٧٨.

(٦) التهذيب ٥ : ١٤٦ / ٤٨١.

١٣١

فإنّه لا يصحّ السعي حتى يصعد إلى الصفا والمروة بقدر ما يستوفي السعي بينهما ؛ لأنّه لا يمكنه استيفاء ما بينهما إلّا بذلك ، فيجب كوجوب غسل جزء من الرأس وصيام جزء من الليل(١) .

وهو خطأ ؛ لأنّه يمكنه الاستيفاء بأن يجعل عقبه ملاصقاً للصفا وأصابع رجليه ملاصقةً للمروة وبالعكس في الرجوع.

واستحبابه ؛ لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « فاصعد الصفا حتى تنظر إلى البيت ، وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود ، فاحمد الله وأثن عليه »(٢) الحديث.

السادس : حمد الله على الصفا والثناء عليه واستقبال الكعبة ورفع يديه والدعاء وإطالة الوقوف على الصفا‌ ، لقول الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - : « واحمد الله وأثن عليه واذكر من آلائه وبلائه وحسن ما صنع إليك »(٣) الحديث.

قال الصادقعليه‌السلام : « وإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقف على الصفا بقدر ما يقرأ سورة البقرة مترسّلاً »(٤) .

وعن علي بن النعمان - رفعه - قال : « كان أمير المؤمنينعليه‌السلام إذا صعد الصفا استقبل الكعبة ثم يرفع يديه ثم يقول »(٥) وذكر الدعاء.

وقال الصادقعليه‌السلام : « إذا أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا »(٦) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٥ ، المجموع ٨ : ٦٤ - ٦٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٦.

(٢ و ٣ ) الكافي ٤ : ٤٣١ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٦ / ٤٨١.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٢ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٤٦ / ٤٨١.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٢ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٤٧ / ٤٨٢.

(٦) التهذيب ٥ : ١٤٧ / ٤٨٣ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٨ / ٨٢٧.

١٣٢

ولو لم يتمكّن من إطالة الوقوف والدعاء بالمنقول ، دعا بما تيسّر.

قال بعض أصحابنا : كنت في قفاء الكاظمعليه‌السلام على الصفا أو على المروة وهو لا يزيد على حرفين : « اللّهم إنّي أسألك حسن الظنّ بك على كلّ حال ، وصدق النيّة في التوكّل عليك »(١) .

البحث الثاني : في الكيفية.

مسألة ٤٩١ : يجب في السعي النيّة ؛ لأنّه عبادة‌ وقد قال الله تعالى :( وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٢) .

ولقولهعليه‌السلام : ( لا عمل إلّا بنيّة )(٣) .

وهي شرط فيه يبطل السعي بالإخلال بها عمداً وسهواً.

ويجب فيها تعيين الفعل وأنّه سعي عمرة متمتّع بها أو مفردة أو سعي الحجّ الواجب أو الندب ، حجّة الإسلام أو غيرها ، والتقرّب إلى الله تعالى.

مسألة ٤٩٢ : يجب فيه الترتيب بأن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة‌ إجماعاً - إلّا من أبي حنيفة(٤) - لما رواه العامّة عن جعفر الصادقعليه‌السلام عن جابر في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وبدأ بالصفا ، وقال : ( ابدؤوا بما بدأ الله تعالى به )(٥) .

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٣٣ / ٩ ، التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٨ / ٨٢٨.

(٢) البيّنة : ٥.

(٣) أمالي الطوسي ٢ : ٢٠٣.

(٤) بدائع الصنائع ٢ : ١٣٤ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٧ ، المجموع ٨ : ٧٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٦.

(٥) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٨ ، وبتفاوت يسير في صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، وسنن الترمذي ٣ : ٢١٦ / ٨٦٢ ، وسنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، وسنن الدار قطني ٣ : ٢٥٤ / ٨١ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ / ٣٠٧٤ ، وسنن البيهقي ٥ : ٩٣.

١٣٣

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين فرغ من طوافه وركعتيه قال : ابدؤوا بما بدأ الله به ، إنّ الله عزّ وجلّ يقول :( إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ) (١) »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « تبدأ بالصفا وتختم بالمروة »(٣) .

مسألة ٤٩٣ : يجب أن يسعى بين الصفا والمروة سبعة أشواط‌ يحتسب ذهابه من الصفا إلى المروة شوطاً وعوده من المروة إلى الصفا آخر ، هكذا سبع مرّات ، عند علمائنا أجمع - وهو قول عامّة العلماء(٤) - لما رواه العامّة عن الصادق عن الباقرعليهما‌السلام عن جابر في صفة حجّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبّت(٥) قدماه رمل في بان الوادي حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ، ففعل على المروة كما فعل على الصفا ، فلمـّا كان آخر طوافه على المروة ، ففعل على المروة كما فعل على الصفا ، فلمـّا كان آخر طوافه على المروة قال : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة )(٦) وهذا يقتضي أنّه آخر طوافه.

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الشيخ : « طُفْ بينهما سبعة أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة»(٧) .

وقال أبو بكر الصيرفي من الشافعية : يحتسب سعيه من الصفا إلى‌

____________________

(١) البقرة : ١٥٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٤٥ / ٤٨١.

(٣) الكافي ٤ : ٤٣٤ - ٤٣٥ / ٦ ، التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٧.

(٤) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٩ ، المجموع ٨ : ٧١ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٧.

(٥) أي : انحدرت. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ٣ « نصب ».

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٨ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٤ / ١٩٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦.

(٧) التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٧.

١٣٤

المروة ومنها إلى الصفا شوطاً واحداً(١) .

مسألة ٤٩٤ : يجب السعي بين الصفا والمروة في المسافة التي بينهما ، فلا يجوز الإخلال بشي‌ء منها ، بل يلصق عقبه بالصفا في الابتداء وأصابع رجليه به في العود وبالعكس في المروة. ولا تحلّ له النساء حتى يكمله.

ولا يجب الصعود على الصفا ولا المروة - خلافاً لبعض الشافعية ، وقد تقدّم(٢) - لقوله تعالى :( فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ) (٣) .

قال المفسّرون : أراد بينهما. وهو يصدق وإن لم يصعد عليهما.

ويستحب له أن يسعى ماشياً ، ويجوز الركوب إجماعاً.

ولما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله طاف راكباً بالبيت وبالصفا والمروة(٤) .

ومن طريق الخاصّة : رواية الحلبي - الحسنة - أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام : عن السعي بين الصفا والمروة على الدابّة ، قال : « نعم وعلى المحمل »(٥) .

وقال معاوية بن عمّار : سألت الصادقَعليه‌السلام : عن الرجل يسعى بين الصفا والمروة راكباً ، قال : « لا بأس والمشي أفضل »(٦) .

مسألة ٤٩٥ : يستحب أن يمشي من الصفا إلى المنارة ، وأن يُهرول ما بين المنارة وزقاق العطّارين ثم يمشي من زقاق العطّارين إلى المروة ، ولو‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٤ : ١٥٩ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٧ ، المجموع ٨ : ٧١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٦.

(٢) تقدّم في الأمر الخامس من مندوبات السعي في ص ١٣٠.

(٣) البقرة : ١٥٨.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ١٧٦ - ١٧٧ / ١٨٧٩ و ١٨٨٠ ، سنن البيهقي ٥ : ١٠٠.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٧ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٥٥ / ٥١١.

(٦) الكافي ٤ : ٤٣٧ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٥٥ / ٥١٢.

١٣٥

كان راكباً ، حرّك دابّته في موضع الهرولة إجماعاً.

روى العامّة أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سعى بين الصفا والمروة(١) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « ثم انحدر ماشياً وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المنارة ، وهي طرف المسعى ، واسع ملأ فروجك وقُلْ : بسم الله الله أكبر وصلّى الله على محمد وآله ، وقُلْ : اللّهم اغفر وارحم واعْفُ عمّا تعلم وأنت الأعزّ الأكرم ، حتى تبلغ المنارة الاُخرى ، وكان المسعى أوسع ممّا هو اليوم ، ولكنّ الناس ضيّقوه ، ثم امش وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المروة »(٢) الحديث.

ولأنّ موضع الرمل من وادي محسّر ، فاستحبّ قطعه بالهرولة ، كما يستحب قطع وادي محسّر. ويستحب الدعاء حالة السعي.

ولو ترك الرمل ، لم يكن عليه شي‌ء إجماعاً.

روى العامّة عن ابن عمر ، قال : إن أسْعَ بين الصفا والمروة فقد رأيتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يسعى ، وإن أمْشِ فقد رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمشي وأنا شيخ كبير(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول سعيد الأعرج : سألتُ الصادقَعليه‌السلام : عن رجل ترك شيئاً من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة ، قال : « لا شي‌ء عليه »(٤) .

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ١٩٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١٧ / ٨٦٣ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٥ / ٨٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٩٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٤٨ / ٤٨٧.

(٣) سنن ابن ماجة ٢ : ٩٩٥ / ٢٩٨٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٩٩ ، وفي سنن أبي داود ٢ : ١٨٢ / ١٩٠٤ بتقديم وتأخير.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٦ / ٩ ، التهذيب ٥ : ١٥٠ - ١٥١ / ٤٩٤.

١٣٦

وليس على النساء رمل ولا صعود على الصفا والمروة ؛ لأنّ ترك ذلك أستر.

ولو نسي الرجل الرمل حتى يجوز موضعه ثم ذكر ، فليرجع القهقرى إلى المكان الذي يرمل فيه.

البحث الثالث : في الأحكام.

مسألة ٤٩٦ : السعي واجب وركن من أركان الحجّ والعمرة‌ يبطلان بالإخلال به عمداً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال عروة ومالك والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين(١) - لما رواه العامّة عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( اسعوا فإنّ الله كتب عليكم السعي )(٢) .

ومن طريق الخاصّة : رواية الحسن(٣) بن علي الصيرفي عن بعض أصحابنا قال : سُئل أبو عبد اللهعليه‌السلام : عن السعي بين الصفا والمروة فريضة أو سنّة؟ فقال : « فريضة »(٤) .

وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار عن الصادقعليه‌السلام : في رجل ترك السعي متعمّداً ، قال : « لا حجّ له »(٥) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٧ : ٣٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٥ ، أحكام القرآن - لابن العربي - ١ : ٤٨ ، تفسير القرطبي ٢ : ١٨٣ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٠.

(٢) سنن الدار قطني ٢ : ٢٥٥ / ٨٦.

(٣) في التهذيب : الحسين.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٥ / ٨ ، التهذيب ٥ : ١٤٩ / ٤٩٠.

(٥) الكافي ٤ : ٤٣٦ / ١٠ ، التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩١ ، وفيهما : « عليه الحجّ من قابل » بدل « لا حجّ له ».

١٣٧

وقال أحمد في الرواية الاُخرى : إنّه مستحب لا يجب بتركه دم. وهو مروي عن ابن الزبير وابن سيرين(١) .

وقال أبو حنيفة : هو واجب وليس بركن إذا تركه وجب عليه دم - وهو مذهب الحسن البصري والثوري - لقوله تعالى :( فَلا جُناحَ ) (٢) ورفع الجناح دليل عدم وجوبه(٣) .

وهو غلط ؛ فإنّ رفع الجناح لا يستلزم عدم الوجوب.

ولو ترك السعي ناسياً ، أعاده لا غير ، ولا شي‌ء عليه ، فإن كان قد خرج من مكّة ، عاد للسعي ، فإن لم يتمكّن ، أمر مَنْ يسعى عنه ؛ لأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام : رجل نسي السعي بين الصفا والمروة ، قال : « يعيد السعي » قلت : فإنّه خرج ، قال : « يرجع فيعيد السعي إنّ هذا ليس كرمي الجمار ، الرمي سنّة والسعي بين الصفا والمروة فريضة »(٤) .

وسأل زيد الشحّام الصادقعليه‌السلام : عن رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة حتى يرجع إلى أهله ، فقال : « يطاف عنه »(٥) .

مسألة ٤٩٧ : قد سبق(٦) وجوب ترتيب السعي بأن يبدأ بالصفا ويختم بالمروة‌ ، فلو عكس فبدأ بالمروة وختم بالصفا ، أعاد السعي ؛ لأنّه لم يأت بالمأمور به على وجهه ، فيبقى في عهدة التكليف.

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٠ ، المجموع ٨ : ٧٧ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٥.

(٢) البقرة : ١٥٨.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٥٠ ، المغني ٣ : ٤١٠ و ٤١١ ، المجموع ٨ : ٧٧ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٥ ، تفسير القرطبي ٢ : ١٨٣.

(٤) التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٨ / ٨٢٩.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٠ / ٤٩٣.

(٦) سبق في المسألة : ٤٩٢.

١٣٨

وما رواه معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « من بدأ بالمروة قبل الصفا فليطرح ما سعى ويبدأ بالصفا قبل المروة »(١) .

إذا عرفت هذا ، فلو طاف سبعة أشواط وشكّ فيما بدأ به ، فإن كان في آخر السابع على الصفا ، أعاد السعي من أوّله ؛ لأنّه يكون قد بدأ من المروة.

وقالت العامّة : يسقط الشوط الأوّل ، ويبني على أنّه بدأ من الصفا ، فيضيف إليه آخر(٢) .

وهو غلط ؛ لما بيّنّا من الأخبار الدالّة على وجوب البدأة بالصفا ، والإعادة على مَنْ بدأ بالمروة.

وكذا لو تيقّن عدد الأشواط فيما دون السبعة وشكّ في المبدأ ، فإن كان في المزدوج على الصفا ، صحّ سعيه ؛ لأنّه يكون قد بدأ به ، وإن كان على المروة ، أعاد ، وينعكس الحكم مع انعكاس الفرض.

مسألة ٤٩٨ : لو سعى أقلّ من سبعة أشواط ولو خطوةً ، وجب عليه الإتيان بها ، ولا يحلّ له ما يحرم على المـُحْرم قبل الإتيان به ، فإن رجع إلى بلده ، وجب عليه العود مع المكنة وإتمام السعي ؛ لأنّ الموالاة لا تجب فيه إجماعاً.

ولو لم يذكر حتى واقع أهله أو قصّر أو قلّم ، كان عليه دم بقرة وإتمام السعي ؛ لما رواه سعيد بن يسار ، قال : سألت الصادقَعليه‌السلام : رجل متمتّع سعى بين الصفا والمروة ستّة أشواط ثم رجع إلى منزله وهو يرى أنّه‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٥١ / ٤٩٥.

(٢) المغني ٣ : ٤٠٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٢٠ ، المجموع ٨ : ٧٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٦٠.

١٣٩

قد فرغ منه وقلّم أظافيره وأحلّ ثم ذكر أنّه سعى ستّة أشواط ، فقال لي : « يحفظ أنّه قد سعى ستّة أشواط؟ فإن كان يحفظ أنّه قد سعى ستّة أشواط فليعد وليُتمّ شوطاً وليُرق دماً » فقلت : دم ما ذا؟ قال : « بقرة » قال : « وإن لم يكن حفظ أنّه سعى ستّة أشواط فليبتدئ السعي حتى يُكمله سبعة أشواط ثم ليُرق [ دم ](١) بقرة »(٢) .

ولو لم يُحصّل عدد الأشواط ، استأنف السعي.

مسألة ٤٩٩ : لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط ، فإن زاد عمداً ، استأنف السعي ، وإن كان سهواً ، طرح الزيادة واعتدّ بالسبعة ، وإن شاء أكمل أربعة عشر شوطاً ؛ لأنّها عبادة ذات عدد ، فأبطلتها الزيادة عمداً ، كالصلاة والطواف.

ولقول الكاظمعليه‌السلام : « الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة ، فإذا زدت عليها فعليك الإعادة وكذلك السعي »(٣) .

ويدلّ على طرح الزيادة مع السهو : قول الكاظمعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل سعى بين الصفا والمروة ثمانية أشواط ما عليه؟ فقال : « إن كان خطأً طرح واحداً واعتدّ بسبعة »(٤) .

وعلى جواز إتمام أربعة عشر شوطاً : قول أحدهماعليهما‌السلام - في الصحيح - : « وكذلك إذا استيقن أنّه سعى ثمانية أضاف إليها ستّة »(٥) .

مسألة ٥٠٠ : يجوز أن يجلس الإنسان في أثناء السعي للاستراحة‌

____________________

(١) أضفناها من المصدر.

(٢) التهذيب ٥ : ١٥٣ / ٥٠٤.

(٣) التهذيب ٥ : ١٥١ / ٤٩٨ ، الإستبصار ٢ : ٢٣٩ / ٨٣١.

(٤) الكافي ٤ : ٤٣٦ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١٥٢ / ٤٩٩ ، الاستبصار ٢ : ٢٣٩ / ٨٣٢.

(٥) التهذيب ٥ : ١٥٢ - ١٥٣ / ٥٠٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٤٠ / ٨٣٥.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

الكتيبة وهم كباش الكتائب.

قال رضي الله عنه : وكان معاوية على التل ، مع وجوه قريش ، ينظر إلى عليعليه‌السلام يقتل كل من بارزه ، فقال : لقد دعاني علي إلى البراز حتى استحييت من قريش فقال له عتبة : أله عن هذا كأن لم تسمعه ، فقد علمت انه قتل حريثا وفضح عمراً وقتل كل من برز إليه وانما يقوم مقامك بسر بن ارطاة ، فقال بسر : ما كان أحد أحق بمبارزته من ابن حرب ، فاما إذا ابيتموه فانا له وكان عند بسر ابن عم له فقال :

أنت له يابسر ان كنت مثله

وإلا فان الليث للضبع آكل

كأنك يابسر بن ارطاة جاهل

بشداته في الحرب أو متجاهل

متى تلقه فالموت في رأس رمحه

وفي سيفه شغل لنفسك شاغل

وما بعده في آخر الخيل عاط-ف

وما قبله في أول الخيل حامل(١)

 فقال بسر : خرج مني شيء ، فانا استحي أن ارجع عنه ، فغدا بسر إلى المعركة فرأى علياعليه‌السلام في أول الخيل منقطعاً عن خيله مع الاشتر وهو يريد التل ويقول :

أني علي فسلوني تخبروا

سيفي حسام وسناني أزهر

منا النبي الطاهر المطهر

وحمزة الخير وصنوي جعفر

له جناح في الجنان أخضر

ذا أسد الله وفيه مفخر

هذا الهزبر وابن هند مجحر(٢)

مطرد مذبذب مؤخّر

فاستقبله بسر قريبا من التل فطعنه عليعليه‌السلام ولم يعرف أنه بسر ، فانحنى سيفه فدفعه بيده فصرعه على وجهه وانكشفت عورته فانصرف عنه علي ، فناداه الاشتر : يا أمير المؤمنين انه بسر ، فقال : دعه لعنه الله فحمل ابن

__________________________________________

(١) رجل عطوف وعطاف : يحمى المنهزمين.

(٢) من « أجحره » : ألجأه السبع أن يدخل جحره.

٢٤١

عم بسر على عليعليه‌السلام وهو يقول :

أرديت بسراً والغلام ثائره

أرديت شيخاً غاب عنه ناصره

فحمل عليه الاشتر وهو يقول :

اكل يوم رجل شيخ شاغرة

وعورة وسط العجاج ظاهرة

تبرزها طعنة كف واترة

عمرو وبسر رميا بالفاقرة(١)

وطعنه الاشتر فكسر صلبه ، قام بسر من ضربة عليعليه‌السلام وولت خيله وناداه أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : يا بسر معاوية كان أحق بهذا منك ، فرجع بسر إلى معاوية فقال له معاوية : ارفع طرفك فقد ادال الله عمرا منك فقال في ذلك النضر بن الحارث :

أفي كل يوم فارس تندبونه

له عورة وسط العجاجة بادية

يكف بها عنه علي سنانه

ويضح-ك منها في الخلاء معاوية

بدت أمس من عمر وفقنع رأسه

وعورة بسر مثلها فرج جارية(٢)

فقولا لعمرو وابن ارطاة ابصرا

سبيلكما لا تلقيا الليث ثانية

ولا تحمدا إلا الحيا وخصاكما

كما كانتا والله للنفس واقية

فلولاهما لم تنجوا من سنانه

وتلك بما فيها عن العود ناهية

متي تلقيا الخيل المشيحة صبحة

وفيها علي فاتركا الخيل ناحية

وكونا بعيدا حديث لا تبلغ القنا

وحمى الوغى ان التجارب كافية

وان كان منه بعد في النفس حاجة

فعودا إلى ما شئتما هي ماهية

وكان بسر بعد ذلك إذا لقى الخيل التي فيها عليعليه‌السلام تنحى ناحية عنه(٣) .

وروى أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام كان يقول أيام

__________________________________________

(١) وقعة صفين / ٤٦١ - والفاقرة : الداهية تكسر فقار الظهر.

(٢) وفي وقعة صفين : وعورة بسر مثلها حذو حاذية ولا يخلو من مناسبة.

(٣) وقعة صفين / ٤٦٢.

٢٤٢

صفين : والله ما سمعت بامة قد آمنت بنبيها وقاتلت أهل بيت نبيها غيركم.

قال رضي الله عنه : وروى عن حبة العرني قال : لما نزل عليعليه‌السلام بمكان يقال له البليخ(١) على جانب الفرات نزل راهب من صومعته فقال لعليعليه‌السلام : ان عندنا كتابا توارثناه من آبائنا كتبه أصحاب عيسى بن مريمعليه‌السلام اعرضه عليك؟ فقال عليعليه‌السلام : نعم فما هو قال الراهب :

بسم الله الرحمن الرحيم.

الذي قضى فيما قضى ، وسطر فيما كتب ، انه باعث في الأميين رسولا منهم يعلمهم الكتاب والحكمة ويدلهم على سبيل الله لا فظ ولا غليظ ولا سخاب في الاسواق ولا يجزى بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح ، أمته الحمادون الذين يحمدون الله على كل نشز(٢) وفي كل صعود وهبوط تذل(٣) السنتهم بالتهليل والتكبير وينصره الله على كل من ناواه فإذا توفاه الله اختلفت امته ثم اجتمعت فلبثت بذلك ما شاء ، ثم يمر رجل من أمته بشاطئ هذا الفرات يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقضى بالحق ولا يوكس(٤) الحكم ، الدنيا أهون عليه من الرماد في يوم عصفت به الريح والموت أهون عليه من شرب الماء على الظماء يخاف الله في السر وينصح له في العلانية لا يخاف في الله لومة لائم ، فمن ادرك ذلك النبي من أهل هذه البلاد فآمن به كان ثوابه رضوان والجنة ؛ ومن ادرك ذلك العبد الصالح

__________________________________________

(١) البليخ : اسم نهر بالرقة يجتمع فيه الماء من عيون ويتشعب من ذلك الموضع انهار تسقي بساتين وقرى ثم تصب في الفرات تحت الرقة بميل - معجم البلدان.

(٢) النشز بالفتح والتحريك : المتن المرتفع من الأرض - والصعود والهبوط : ما ارتفع وما انخفض من الارض.

(٣) يذل ، من الذل بالكسر والضم : اللين.

(٤) الوكس : النقص.

٢٤٣

فلينصره فان القتل معه شهادة فأنا مصاحبك لا افارقك حتى يصيبني ما اصابك قال : فبكى علي وقال : الحمد لله الذي لم يجعلني عنده منسياً ، الحمد لله الذي ذكرني عنده في كتب الأبرار ، فمضى الراهب معه وكان فيما ذكر يتغدى مع أمير المؤمنينعليه‌السلام ويتعشى حتى اصيب بصفين ، فلما خرج الناس يدفنون قتلاهم قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : اطلبوه فلما وجده صلى عليه ودفنه وقال : هذا منا أهل البيت واستغفر له مراراً(١) .

« قال رضي الله عنه » : وفي اليوم السابع والعشرين نادى أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : هل من معين؟ فقال اثنا عشر الفاً : نموت بين يديك وكسروا جفون سيوفهم وسار عليعليه‌السلام بهم وهو يقول :

دبوا دبيب النمل لا تفوتوا

واصبحوا بحربكم وبيتوا

حتى تنالوا الثار أو تموتوا

أو لا فأني طال ما عصيت

قد قلتم لو جئتنا فجيت

ليس لكم ما شئتم وشيت

بل ما يشاء المحيي المميت

وحمل الأشتر وقال :

ابعد عمار وبعد هاشم

وابن بديل فارس الملاحم

نرجو البقاء ضل حكم الحاكم

وحمل حارثة بن قدامة وقال :

جرت باسباب الفناء مذحج

يحار فيها البطل المدجج(٢)

يقدمها تميمها والمذح-ج

قوم إذا ما حسموها انضجوا

روحوا إلى الله ولا تعرجوا

دين قويم وسبيل منهج(٣)

وحمل عليعليه‌السلام والناس معه وخرق الصفوف وأزال الألوف

__________________________________________

(١) وقعة صفين / ١٤٧.

(٢) المدجج : اللابس السلاح كانه المستتر به.

(٣) وقعة صفين / ٤٠٣.

٢٤٤

فرآه معاوية فركب فرسه ومر هاربا.

فقال معاوية ثم ذكرت قول قيس بن الحطيم فنزلت وقلت لاصحابي ما يمنعني من الانهزام إلا قول قيس حيث يقول :

أبت لي اسرتي وأبى بلائي

واخذي الحمد بالثمن الربيح

واعطائي على العلات مالي

وضربي هامة البطل المشيح

وقولي كلما جشأت وجاش-ت

مكانك تحمدي أو تستريحي

لأدفع(١) عن مآثر صالحات

واحمى بعد عن عرض صحيح

ألا من مبل-غ الاحلاف عني

وقد تهدى النصيحة للنصيح(٢)

واشتد القتال وحمل الرؤساء على الرؤساء واضطرب الناس ولم يسمع إلا وقع الحديد على الحديد والهام.

قال رضي الله عنه وروى ان في اليوم الخامس والثلاثين ، اجتمع أهل العراق عند خيمة أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ينتظرون خروجه ، فخرج وركب فرسه البحر وعليه درع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، متقلداً سيفه ، متختماً بخاتمه ، متعمما بعمامته السحاب وخرج إلى المعركة ولم يكلم أحداً ، وكان معاوية سبق علياًعليه‌السلام إلى المعركة فقال له عمرو بن قيس بن عامر العكي - وهو رئيس عك - اما عك فلا تخرج من قولى ولكن مر القواد والرؤساء وفرسان الشام فليحملوا بحملتي فانهم ان فعلوا ذلك هزمت أهل العراق وارحتك مما أنت فيه ، وكانت عك اشجع أهل الشام وأصبرهم على القتال واشدهم على أهل العراق وكانوا يلزمون الارض ويشدون أنفسهم ، بعضهم ببعض وربيعة وهمدان ومذحج أشجع أهل العراق وأصبرهم على حر القتال وأطوعهم لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وأشدهم على معاوية وقومه ، وقد لقى هو وقومه منهم كل بلاء ثم حمل رئيس

__________________________________________

(١) في [ ر ] : (خ ل) اناضل عن مآثر.

(٢) وقعة صفين / ٤٠٤.

٢٤٥

عك وحمل محمد ابن الحنفية والعباس بن ربيعة الهاشمي وعبد الله بن جعفر وارتفع الغبار وثار القتام(١) ، وجرت الدماء واختلط القوم ولم يعرف أحد صاحبه واشتد البلاء وقتل الاشتر من عك خلقاً كثيراً ، وفقد أهل العراق أمير المؤمنينعليه‌السلام وساءت الظنون وقالوا : لعله قتل ، فعلا البكاء والنحيب ، ونهاهم الحسن من ذلك وقال : ان علمت الأعداء ذلك منكم ، اجترؤا عليكم وان أمير المؤمنينعليه‌السلام أخبرني بأن قتله يكون بالكوفة ، وكانوا على ذلك إذ أتاهم شيخ يبكي وقال : قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام وقد رأيته صريعاً بين القتلى ، فكثر البكاء والانتحاب ، فقال الحسن : يا قوم هذا الشيخ يكذب فلا تصدقوه وإن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : يقتلني رجل من مراد في كوفتكم هذه.

وروى أنه حكى للرشيد : ان الابطال بصفين جثوا على الركب وكسفت الشمس ، وثار القتام واظلمت الدنيا ، وضلت الألوية وفقدت الرايات ومرت مواقيت الصلاة لا يسجد فيها إلا تكبيراً ولا يسمع إلا وقع الحديد على الهام ، حتى تكادموا بالأفواه ونادى القوم في تلك الغمرات : يا معاشر العرب ، الله الله في الحرمات من النساء والبنات فغشي على الرشيد حتى رش عليه الماء ، فأفاق وقد اصفر لونه ودموعه تنحدر على لحيته ، وكان الاشتر يطلب أمير المؤمنينعليه‌السلام في ذلك اليوم راية راية ، وقال لغلامه هاشم : أنظر هل رجع إلى موقفه وأنا أطلبه في العسكر ، فان بشرتني برجوعه فلك كذا وكذا ، وكان عليعليه‌السلام حينئذ مع سعيد بن قيس الهمداني وهمدان فوارسه الخواص فوجده الأشتر عنده فرآه عليعليه‌السلام متغيراً باكياً ، فقال له : ما خبرك؟ أفقدت ابنك ابراهيم ، أم ما أصابك غير ذلك؟

__________________________________________

(١) القتام : الغبار الاسود أو الظلام.

٢٤٦

فقال الاشتر :

كل شيء سوى الامام صغير

وهلاك الامير أمر كبير

قد رضينا وقد اصيب لنا اليوم

رجال هم الحماة الصقور

من رأى غرة الوصي علي

انه في دجى الحنادس نور

قال رضي الله عنه يقال كدمه : عضه بادنى الفم ، وحمار مكدم : معضض ، وتكادموا : تفاعل من ذلك ؛ وقولهم : الدواب تكدم الحشيش إذا لم تستمكن من الحشيش ، وفي المرعى كدامة بقية ، مجاز ما قدمنا.

واشتدت المناجزة بين همدان وعك حتى قتل من همدان يومئذ ثلاثمائة رجلاً واثنا عشر رجلاً : وقتل من عك ثمانمائة وسبعون وقيل : ثمان مائة وثمانون رجلاً قال سعيد بن القيس الهمداني وهو رئيسهم :

وقد علمت عك بصفين اننا

إذا ما التقى الخيلان نطعنهم شزرا

ونحمل رايات الطعان بحقها

فنوردها بيضا ونصدرها حمرا

« قال رضي الله عنه » : روى انه في اليوم السابع والثلاثين من حروب صفين لما أصبح أمير المؤمنينعليه‌السلام أتاه أولا سعيد بن قيس الهمداني ووقف خيله مع راياته ، ثم أتاه الأشتر في عسكره ، وحجر بن عدى الكندي وقيس بن سعد بن عبادة ، ثم أتاه عبد الله بن عباس وسليمان بن صرد وصغيرة بن خالد والأحنف بن قيس ورفاعة بن شداد وجندب بن زهير ، وخرج أمير المؤمنينعليه‌السلام في درع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفوقها خفتان أخضر محشو بالقز وهو متقلد سيف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعه حجفته ، وبيده قضيب رسول الله الممشوق ، وسلم عليه القوم وانصرفوا إلى معسكرهم وأقبل [ عليعليه‌السلام ] على الاشتر فقال : يا مالك معى راية لم أخرجها إلا يومى هذا وهي أول راية أخرجها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد قال لي عند وفاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا أبا الحسن انك لتحارب الناكثين والقاسطين والمارقين وأي تعب ونصب يصيبك من أهل الشام

٢٤٧

فاصبر على ما أصابك ، ان الله مع الصابرين ، وأخرج الراية وقد عفت وبليت وبكى الناس لما رأوها بكاء عالياً وقبلها من وجد إليها سبيلا وقال عليعليه‌السلام لقنبر : اخرج رمح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الملموس [ بيده ] ويرثه منى الحسن ولا يستعمله وينكسر بيد ابني الحسين ولقد أخبرني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باخبار كثيرة.

يا مالك ان الدنيا دنية خلقت للفناء والخير خير الآخرة ، فانها خلقت للبقاء ، ثم سار ومعه الناس إلى المعركة وصفوا الصفوف وتأهبوا للقتال ، فأول من برز من صف أهل الشام رجل عليه درع مذهبة وبيضة عادية وبيده سيف حميري وصاح : يا أهل العراق ، تزعمون ان اليوم تجرى الدماء على الأرض كما تجرى [ الماء ] في النهر؟ وقد صدقتم اليوم نسفك دماءكم ، فليبرز الي أشجعكم ، فبرز إليه عمرو بن عدي بن وهب بن خصيب بن يعمر النخعي وقال له : يا شامى أنت أول قتيل يومنا هذا ، ثم تكافحا فسبقه عمرو بالضربة فصرعه ووقف مكانه ونادى : يا أهل الشام ليبرز إلي آخر ، فبرز إليه رجل مشهور بالشجاعة ، مذكور بالحماسة ، كان معاوية يعده لشدته يقال له أبو جندب عبيد بن ذويب السكوني اليماني ، فقتل أبو جندب عمراً فبرز إليه عبد الله بن بشر بن عوز(١) النخعي فقتله أيضاً أبو جندب فبرز إليه الشخير بن يحيى النخعي وكان فقيها صالحاً سخيا جواداً ، فقتله أبو جندب أيضاً فقال الاشتر وقد اغتاظ لأنه قتل جماعة من قومه لبعض بني عمه وهو طرفة بن عبيدة : انزع درعك وناولني رايتك فانى أبرز إليه ولعله يعرفني إذا بزرت إليه في زيي ، فلا يحاربني ، فاعطاه ذلك فبرز إليه الاشتر وأبو جندب ينظر إلى قتلاه ، فصاح عليه الاشتر وقال : قاتلك الله إذ قتلت سادات نخع ، فقال : لان القتل وجب عليهم بخروجهم على الامام عثمان وقتال

__________________________________________

(١) في [ و ] عون.

٢٤٨

معاوية ، فقال الاشتر : ما أعظم حماقتكم وقد خدعكم معاوية بهذا ، انتم اطوع الناس لمخلوق واعصاهم للخالق ، ولم يعلم أبو جندب انه الاشتر فحمل عليه أبو جندب وضربه بسيفه فاتقاه الاشتر بحجفته ، ثم ضربه الاشتر على رأسه فرمى به ووقف مكانه ودعا بآخر ، فبرز إليه فقتله الاشتر وكان يقتل كل من برز إليه حتى قتل منهم أحد عشر رجلا ، ثم انصرف وكأنه مصاب فقال له أخوه : كم مرة تخاطر بنفسك وبروحك وقد قيل في المثل :

ياجرة يستقى بها زمناً

لابد من أن تصير منكسرة

فقال الاشتر :

أبعد عمار وبعد هاشم

وابن بديل فارس الملاحم

أرجوا البقاء ضل حكم الحاكم

لقد عضضنا امس بالأباهم

فاليوم لا نقرع(١) سن النادم

وكان قبل ذلك قتل عمار بن ياسر وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص ابن أخي سعد بن أبي وقاص وعبد الله بن بديل الخزاعي « رض » وكانوا فرسان العراق ومردة الحروب ورجال المعارك وحتوف الأقران وامراء الاجناد وانياب أمير المؤمنين وقد فعلوا باهل الشام ما بقى ذكره على ممر الاحقاب حتى احتالوا لقتلهم فقتلوا فذكرهم الاشتر في شعره متأسفاً.

ثم برز من أهل الشام رجل ونادى : يا أهل العراق من الذي قتل منا احد عشر رجلا وفيهم أخي وعمي وابن خالتي فقال [ الأشتر : ] وأنت تلحق بهم ان شاء الله الساعة ، فقال الشامي :

انا الغلام الاريحي الكندي

اختال في الديباج والفرند

فضربه الأشتر فرمى برأسه ثم دعا أمير المؤمنينعليه‌السلام قنبراً وقال له : سر إلى الميمنة وقل لعبدالله بن جعفر ولا بني محمد : إذا حملت فاحملوا معي

__________________________________________

(١) في [ و ] : يقرع.

٢٤٩

وقال لكميل بن زياد : قل لسليمان بن صرد وتكون على الميسرة وكذلك أرسل إلى أصحاب الميسرة واوصاهم بذلك ثم تقدم وانتظر الناس حملته ومعه الاشتر ومحمد وغيرهما ، وزحف الناس بعضهم إلى بعض وارتموا بالنبل حتى فنيت ثم تطاعنوا بالرماح حتى تكسرت ، ثم تضاربوا بالسيوف وعمد الحديد واشتد القتال حتى جرت الدماء جري الماء ، وانهزم عرب اليمن وكان وقع الحديد على الحديد أشد هولاً من الصواعق والجبال حين تنهدم وانكسفت الشمس وثار القتام وضلت الألوية والرايات ووصلوا النهار بالليل وهي ليلة الهرير واصبح أهل العراق والمعركة خلف ظهورهم وافترقوا عن سبعين الف قتيل.

في رواية : وحمل الوليد بن عقبة على أمير المؤمنينعليه‌السلام مع الف فارس فحمل عليه أمير المؤمنين مع الف فارس ، فانهزم الوليد ومن معه ولم يتبعهم أمير المؤمنين ، وكذلك كان يفعل ، فقال الاصبغ بن نباته وصعصعة بن صوحان : يا أمير المؤمنين كيف يكون لنا الفتح وإذا هزمناهم لم نقتلهم وإذا هزمونا قتلونا؟ فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ان معاوية لا يعمل بكتاب الله ولا بسنة رسوله ولست انا كمعاوية ولو كان عنده علم وعمل لما حاربني والله بيني وبينه. قيل لم ير رئيس قوم مذ خلق الله الدنيا قتل بيده ما قتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في ذلك اليوم وتلك الليلة وهي ليلة الهرير إذ وصلوا الليل بالنهار في القتال حتى روي انه قتل في تلك الليلة بيده خمسمائة رجل وزيادة وفي رواية قتل من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام في ذلك اليوم والليلة الفا رجل وسبعون رجلا وفيهم اويس القرنى زاهد زمانه وخزيمة بن ثابت الانصاري ذو الشهادتين وقتل من أصحاب معاوية [ في ذلك اليوم ] سبعة آلاف رجل.

قال رضي الله عنه : ومن المكاتبات التي جرت بين أمير المؤمنينعليه‌السلام وبين معاوية لعنه الله أيام صفين ، كتب علي بن أبي طالب إلى

٢٥٠

معاوية لعنه الله : اما بعد فان لله عباداً آمنوا بالتنزيل وعرفوا التأويل ، وفقهوا في الدين وبين الله فضلهم في القرآن الحكيم ، وانتم في ذلك الزمان اعداء الرسول تكذبون بالكتاب وتجتمعون على حرب المسلمين من ثقفتم منهم ، عذبتموه أو قتلتموه حتى اذن الله تعالى باعزاز دينه واظهار نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وادخل العرب في دينه افواجاً واسلمت له هذه الامة طوعاً وكرهاً ، فكنتم ممن دخل في هذا الدين اما رغبة واما رهبة ، حتى فاز أهل السبق بسبقهم وفاز المهاجرون الاولون بفضلهم ، فلا ينبغي لمن ليست له مثل سوابقهم ان ينازعوهم في الامر الذين هم أهله واولياؤه فيجور ويظلم ولا ينبغي لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد أن يجهل قدره ويعدو طوره ولا يشقي نفسه بالتماس ما ليس له ولا هو أهله وان اولى الناس بهذا الامر قديما وحديثا اقربهم من الرسول واعلمهم بالكتاب والتأويل وأفقههم في الدين وأولهم اسلاماً وافضلهم اجتهادا فاتقوا الله الذي إليه ترجعون ، ولا تلبسوا الحق بالباطل لتدحضوا الحق وانتم تعلمون(١) ، واعلموا ان خيار عباد الله الذين يعملون بما يعلمون وشر عباد الله الجهال الذين ينازعون بالجهل أهل العلم. ألا واني ادعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه وحقن دماء هذه الامة ، فان قبلتم اصبتم وهديتم ، وان ابيتم إلا الفرقة وشق عصا هذه الامة لم تزدادوا من الله إلا بعداً ولم يزداد الله عليكم الا سخطاً(٢) .

فلما وصل الكتاب إلى معاوية قام إليه أبو مسلم الخولانى فقال : صدق علي ، فعلام نقاتله؟ فوالله ، انه لأحق بالأمر منك قال : أجل ولكنه أطالبه بدم عثمان ، قال فاكتب إليه بحجتك حتى أحمل كتابك وآتيه فان أقر بدمه ، سألته الحجة وان أنكر ، نظرنا في أمرنا قال نعم فكتب [ معاوية ] إلى عليعليه‌السلام .

__________________________________________

(١) البقرة : ٤٢.

(٢) وقعة صفين / ١٥٠.

٢٥١

أما بعد ، فان الله اختار بعلمه محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجعله الامين على وحيه ورسولا إلى خلقه ، واختار له من المسلمين أعوانا ، فكانوا في منازلهم عنده على قدر فضائلهم في الاسلام ، كان افضلهم اسلاماً وانصحهم لله ولرسوله خليفته وخليفة خليفته والخليفة الثالث المظلوم ، عثمان بن عفان فكلهم حسدت وعلى كلهم بغيت. عرفنا ذلك في نظرك الشزر وقولك الهجر وتنفسك الصعداء في ابطائك بالبيعة عن الخلفاء ، في كل ذلك تقادكما يقاد الجمل المخشوش(١) حتى تبايع وأنت كاره ، ولم تكن لأحد منهم اشد حسداً منك لابن عمك عثمان بن عفان وكان احقهم ان لا تفعل ذلك به لقرابته وصهره فهجنت محاسنه وقطعت رحمه واظهرت له العداوة حتى ضربت إليه الابل من الآفاق ، وندبت إليه الخيل العراب(٢) ، فشهر عليه السلاح في حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسمع الواعية في داره فلم ترد عليه بقول ولا فعل ، واقسم ان لو قمت مقاماً واحداً ، تنهى الناس عنه ما عدل بك احد(٣) ، ولمحي عنك عيب ما كنت تقرف به واخرى ، أربت(٤) بها عند اولياء عثمان وانصاره ، إيواؤك قتلته. فهم يدك وعضدك وانصارك وقد ذكر لى أنك تنتفى من دمه ، فان كنت صادقاً فادفع الي قتلته ثم نحن اسرع الناس اليك اجابة ، وإلا فانه ليس لك ولا لأصحابك عندنا إلا السيوف ، ووالله الذي لا إله غيره ، لنطلبن قتلة عثمان في البر والبحر والسهل والجبل حتى نقتلهم به أو تلحق ارواحنا بالله تعالى(٥) : فاخذ أبو مسلم الخولاني كتابه

__________________________________________

(١) المخشوش : الذي جعل في عظم انفه الخشاش وهو بالكسر ، عويد يجعل في انف البعير يشد به الزمام ليكون اسرع في انقياده.

(٢) خيل عراب أو إبل عراب : كرائم سالمة من الهجنة.

(٣) عدل فلانا بفلان يسوى بينهما - المعجم الوسيط - المستعمل في المتن على صيغة المجهول من هذه الباب.

(٤) أرب فلان بالشيء : كلف به ولزمه - المعجم الوسيط.

(٥) وقعة صفين - لنصر بن مزاحم ص ٨٧.

٢٥٢

وذهب به مع نفر من قراء الشام حتى دخلوا على عليعليه‌السلام فاوصلوا إليه كتاب معاوية ، فلما قرأه ، كتب جوابه :

أما بعد ، فإن أخا خولان أتاني منك بكتاب تذكر فيه محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والحمد لله الذي صدق له الوعد ومكن له في البلاد وأظهره على أهل عداوته والشنآن من قومه الذين البوا(١) عليه العرب وهم قومه الادنى فالادنى إلا قليلا ممن عصمه الله. ذكرت إن الله اختار له من المسلمين أعوانا ، أفضلهم زعمت في الاسلام وانصحهم لله ولرسوله خليفته وخليفة خليفته لعمري ان مكانهما في الاسلام لعظيم وان المصاب بهما مجرح لجليل. جزاهما الله تعالى بأحسن ما عملا وسعيا وذكرت عثمان في الفضل ثالثا فان يكن محسنا فسيلقى ربا شكوراً ، يضاعف [ له ] الحسنات ، ويجزى الثواب الجسيم ، وان يك مسيئاً ، فسيلقى رباً لا يتعاظمه ذنب يغفره ، ولعمري ، اني لأرجو إذا أعطى الله الناس على قدر فضائلهم في الاسلام ، كنا أهل البيت أول من آمن وصدق بما ارسل به فاراد قومنا قتل نبينا واجتياح أصلنا وهموا بنا الهموم وفعلوا بنا الافاعيل وامسكوا منا(٢) المادة وقطعوا منا الميرة(٣) ومنعونا الماء العذب واحلونا الخوف واضطرونا إلى جبل وعر(٤) وكتبوا بينهم كتاباً أن لا يواكلونا ولا يشاربونا ولا يبايعونا ولا يناكحونا ولا نأمن فيهم حتى ندفع إليهم نبينا فيقتلوه ويمثلوا به ، فحج الناس كفاراً ونحن نحج مؤمنين ، اكبر ذلك أبوك وأنت فعزم الله على منعه والذب عن حوزته ، فمؤمننا يرجو الثواب ، وكافرنا يحامي عن الاصل ، وانا أول أهل بيتي اسلاماً معه ومن أسلم بعدنا أهل البيت من قريش فحليف ممنوع وذو عشيرة تحامي عنه ، ثم

__________________________________________

(١) ألب القوم : جمعهم - المعجم الوسيط.

(٢) في المخطوطات : عنا.

(٣) الميرة بالكسر : ما يجلب من الطعام.

(٤) الوعر : المكان المخيف الوحش - المكان الصلب ضد السهل.

٢٥٣

أمر الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقتال المشركين ، فكان يقدم أهل بيته إلى حر الأسنة والسيوف حتى قتل عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب يوم بدر وقتل حمزة يوم أُحد وقتل جعفر بمؤتة وزيد بن حارثة وأسلم الناس نبيهم يوم حنين غير العباس عمه ، وأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عمه ، وأراد من لو شئت يا معاوية ، ذكرت اسمه ، مثل الذي أرادوا من الشهادة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غيره إلا أن آجالا أجلت ومنية أخرت. والله ولي الاحسان إليهم والمنان على أهل بيتى بما اسلفوا من الصالحات وقد أنزل الله تعالى في كتابه فضلهم يوم حنين فقال : « فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين »(١) وانما عنانا بذلك دون غيرنا فتذكر في الفضل غيرنا وتدعنا فلم لا تذكر فيه من استشهد في الله ورسوله منا؟ وما ذاك إلا لحسدك إيانا وبغيك علينا ، كما ان تلك عادتك فينا فهل سمعت يا معاوية بأهل بيت نبي في سالف الأمم ، اصبر على الضراء واللأواء(٢) وحين البأس والمواطين الكريهة من هؤلاء النفر الذين عددتهم من أهل بيتي؟ وفي المهاجرين والانصار خير كثير. جزاهم الله بأحسن اعمالهم ، وذكرت يا معاوية حسدي الخلفاء وبغيى عليهم فمعاذ الله من الحسد والبغي ، بل أنا المحسود المبغي عليه فاما الابطاء عنهم والنكرة لأمرهم فانى لست أعتذر إلى الناس منه ان الله تعالى لما قبض محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اختلف الناس فقالت قريش : منا الامير ، وقالت الانصار : منا الامير ، فقالت قريش : ان محمدا منا ونحن أحق بالامر منكم ، فعرفت الانصار ذلك فسلموا إليهم الامر والسلطان ، فاستحقتها قريش بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فان يكن هذا هكذا فان اولى الناس بمحمد ، أولاهم بها وإلا فان الانصار أعظم الناس سهماً في الإسلام ولا أرى أصحابي سلموا من أن يكونوا حقي أخذوا وللانصار ظلموا بل قد عرفت أن حقي ، هو

__________________________________________

(١) الفتح : ٢٦.

(٢) اللأواء : الشدة وضيق المعيشة - النهاية.

٢٥٤

المأخوذ. فقد تركته لهما ، اما عدلا واما صلحاً غير حرجين ولا متبوعين واما ما ذكرت من أمر عثمان فانه فعل ما قد علمت ورأيت من الحدث وفعل الناس ما قد رأيت من التعيير وقد علمت يا معاوية اني كنت من أمر عثمان في عزلة يسعني من ذلك ما وسع أصحاب محمد(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الا أن تتجنى فتجن ما بدا لك ، ولعمري لقد ايفنت ما دم عثمان عندي ولا قبلى ولا أنت وليه وان دونك لاولياء ولكن الدنيا آثرت ولها كدحت وأنت بعثمان تربصت وقد استنصرك في حياته فما نصرت وأما ما ذكرت من دفع قتلة عثمان اليك فانه لا يسعني دفعهم اليك ولا إلى غيرك لأنهم محتجون في دم عثمان بان عثمان قد قتل منهم ، قبل قتلهم اياه فهم متأولون في ذلك ومحتجون فيه [ فاما ما ذكرت من انك تطلبهم في البر والبحر فاقسم بالله لئن لم تنته وتنزع عن سفهك يابن آكلة الاكباد لتجدنهم يطلبونك ولا يكلفونك طلبهم وكان أبوك أتاني حين ولى الناس أبا بكر فقال : أنت أحق الناس بهذا الأمر منهم كلهم بعد محمد وانا يدك على من شئت فابسط يدك ، أبايعك فانت أعز العرب دعوة فكرهت ذلك ، كراهة للفرقة وشق عصى الامة ، لقرب عهدهم بالكفر والارتداد فان كنت تعرف من حقى ما كان أبوك يعرفه أصبت رشدك وان لم تفعل ، استعنت بالله عليك ونعم المستعان وعليه توكلت واليه انيب ](٢) .

روى انه قال للخولاني : يا أبا مسلم من معاوية حتى أدفع إليه قتلة عثمان؟ إنما عليه أن يبايعني كما بايعني المهاجرون والانصار ، ثم يجتمع أولياء عثمان ويقتص لهم الامام من قتلة والدهم ، ويحكم بما أمر الله به ، ولكن معاوية لا يجد ما يستغوى به الناس غير هذا ، ولعمري لو وجدت سبيلا

__________________________________________

(١) في [ و ] : يمنعنى ما يمنع اصحاب محمد.

(٢) وقعة صفين / ٨٨ وما بين المعقوفتين في [ ر ] تقديم وتأخير وما في المتن على ترتيب [ و ].

٢٥٥

إلى الاقادة منهم في حكم الله تعالى ما اخذتني في [ أهل ] مصر لابن « أروى »(١) هوادة.

فلما وصل كتابه إلى معاوية وأتاه أبو مسلم بالحجج ، قال معاوية : لست انكر كل ما قال في فضائل نفسه وأهل بيته غير انه لا يقنعني إلا أن يدفع الي قتلة عثمان ، فخرج أبو مسلم في جماعة كثيرة حتى لحق بعلي رضي الله عنه.

وقال عليعليه‌السلام : إني لا اتعجب من معاوية وبغضه وحسده ولكن أتعجب من النعمان بن بشير وعبد الله بن عامر بن كريز وقد رأوا منزلتي عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعل يقول :

أسأت إذ أحسنت ظنى بكم

والحزم سوء الظن بالناس

من أحسن الظن باعدائ-ه

تجرع الهم بانفاس

وكتب معاوية إلى عليعليه‌السلام مع رجل من السكاسك يقال له عبد الله بن عقبة وكان من ناقلة العراق(٢) فكتب :

أما بعد ، فاني أظنك ان لو علمت ان الحرب تبلغ بك ما بلغت وعلمنا لم نجبها بعضنا على بعض وإن كنا قد غلبنا على عقولنا ، فقد بقي منها ما تندم على ما مضى ونصلح به ما بقى وقد كنت سألتك الشام ، على أن لا تلزمني(٣) لك طاعة ولا بيعة فأبيت ذلك علي(٤) فأعطاني الله ما منعت وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس فإنك لا ترجو من البقاء إلا ما أرجو ولا أخاف من القتل إلا ما تخاف ، وقد والله رقت الاجناد وذهبت الرجال ونحن بنو

__________________________________________

(١) ابن اروى : اسم آخر لعثمان ، كان ينادى به ، وإروى ، هي امه وهي بنت كريز بن عبدالشمس - راجع اسد الغابة ٥ / ٣٩١.

(٢) وفي [ و ] وكتب معاوية الباغي الطاغي إلى أمير المؤمنين ٧.

(٣) في الأصلين : « على ان تلومني » بدل « تلزمني » وهو تصحيف.

(٤) في [ و ] : وقد كنت سألتك الشام على ان يكون مني لك طاعة ولا بيعة

٢٥٦

عبد مناف ليس لبعضنا على بعض فضل إلا فضل لا يستذل به عزيز ولا يسترق به حر والسلام(١)

فلما انتهى كتاب معاوية إلى علي ، قرأه قال : العجب لمعاوية وكتابه إلي ، ثم دعا عبد الله بن أبي رافع كاتبه فقال : اكتب إلى معاوية : أما بعد فقد جاءني كتابك ، تذكر فيه : انك لو علمت وعلمنا أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت لم يجبها(٢) بعضنا على بعض وأنا واياك منها في غاية لم نبلغها بعد.

فاما طلبك مني الشام فاني لم اكن لاعطيك اليوم ما منعتك أمس ، وأما استواؤنا في الخوف والرجاء فإنك لست على الشك أمضى مني على اليقين وليس أهل الشام بأحرص على الدنيا من أهل العراق على الآخرة ، وأما قولك ؛ انا بنو عبد مناف ، ليس لبعضنا على بعض فضل فكذلك نحن ولكن ليس أمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا المحق كالمبطل ، وفي أيدينا فضل النبوة التي بها قتلنا الحر العزيز وبعنا الحر الذليل(٣) .

فلما أتى معاوية كتاب عليعليه‌السلام ، كتمه عمراً أياماً ثم دعاه بعد ذلك فاقرأ الكتاب فشمت به عمرو ولم يكن أحد من قريش أشد تعظيما لعليعليه‌السلام من عمرو بعد يوم لقيه عمرو فيما كان اشاربه على معاوية.

وكتب معاوية إلى ابن عباس ومكان يجيبه بقول لين ، وذلك قبل أن تعظم الحرب. فلما قتل أهل الشام ، قال معاوية ان ابن عباس ، رجل قرشي واني كاتب إليه في عداوة بني هاشم بني امية ومخوفه عواقب هذه الحرب ، لعله يكف عنا فكتب إليه : أما بعد ، فانكم يا معشر بني هشام لستم إلى أحد

__________________________________________

(١) وقعة صفين لنصر بن مزاحم / ٤٧٠.

(٢) في وقعة صفين. « لم يجنها ».

(٣) وقعة صفين / ٤٧٠ - ٤٧١.

٢٥٧

بالمساءة أسرع منكم إلى أنصار ابن عفان حتى انكم قتلتم طلحة والزبير لطلبهما دمه واستعظامهما ما نيل منه فان يك ذلك لسلطان بني أمية فقد ورثها عدى وتيم واظهرتم العارفة وقد وقع من الامر ما قد ترى واكلت هذه الحرب بعضها من بعض حتى استوينا فيها فما اطمعكم فينا ، اطمعنا فيكم وما آيسكم منا ، آيسنا منكم وقد رجونا غير الذي كان وخشينا دون ما وقع ولستم بملاقينا اليوم باحد من حد أمس ولا غداً بأحد من حد اليوم وقد منعنا بما كان من ملك الشام ومنعتم بما كان منكم وابقوا على قريش فانما بقي من رجالنا ستة : رجلان بالشام ورجلان بالعراق ورجلان بالحجاز فاما اللذان بالشام فانا وعمرو وأما اللذان بالعراق فأنت وعلي وأما اللذان بالحجاز فسعد وابن عمر ، و[ اثنان ] من الستة ناصبان لك واخران واقفان عليك وأنت رأس هذا الجمع اليوم وغدا ولو بايع الناس لك بعد عثمان ، كنا اليك أسرع [ اجابة ] منا إلى علي. في كلام كثير كتب به إليه(١) .

فلما انتهى الكتاب إلى ابن عباس ، استضحك ثم قال : حتى متى يخطب إلى عقلي وحتى متى احجم(٢) على ما في نفسي. فكتب إليه.

أما بعد ، فاما ما ذكرت من سرعتنا اليك بالمساءة والى انصار ابن عفان وسلطان بني امية ، فلعمري لقد ادركت في عثمان حاجتك حين استنصرك فلم تنصره ، حتى صرت إلى ما صرت إليه وبيني وبينك في ذلك ابن عمك واخو عثمان ، الوليد بن عقبة(٣) واما طلحة والزبير فطلبا الملك ونقضا البيعة فقاتلهما على النكث.

واما قولك : انه لم يبق من قريش غير ستة فما اكثر رجالهما واحسن بقيتها

__________________________________________

(١) وقعة صفين / ٤١٤.

(٢) في وقعة صفين :.. متى أجمجم ، والجمجمة : ان لا يبين كلامه من غير عيّ - لسان العرب.

(٣) هو اخوه لامه.

٢٥٨

وقد قاتلك من خيارها من قاتلك ولم يخذلنا إلا من خذلك واما اغراؤك ايانا بعدي وتيم فأبوبكر وعمر خير من عثمان كما ان عثمان خير منك وقد بقي لك منا يوم ينسيك ما قبله وتخاف ما بعده واما قولك اما انه لو بايع الناس لي لاستقامت لي ، فقد بايع الناس علياعليه‌السلام وهو خير منى فلم تستقم له ، وانما الخلافة لمن كان في الشورى فما أنت والخلافة يا معاوية وأنت طليق وابن طليق ، وابن رأس الاحزاب وابن آكلة الأكباد ، فلما انتهى الكتاب إلى معاوية قال هذا عملي بنفسي لا والله لا اكتب إليه كتابا سنة(١) .

وكتب معاوية بن ابي سفيان إلى قيس بن سعد بن عبادة اما بعد ، فانك يهودي وابن يهودي ان ظفر الفريقان اليك عزلك واستبدل بك وان ظفر أبغضهما اليك نكل بك وقتلك وقد كان أبوك وتر قوسه ورمى غرضه واكثر الحز واخطأ المفصل فخذله قومه وادركه يومه حتى مات بحوران(٢) طريداً(٣) .

فكتب إليه قيس : اما بعد ، فانما أنت وثن ابن وثن ، دخلت في الاسلام كرهاً وخرجت منه طوعاً لم يقدم ايمانك ولم يحدث نفاقك وقد كان أبي وتر قوسه ورمى غرضه فشعب به من لم يبلغ عقبه ، ولا شق غباره ونحن انصار الدين الذي منه خرجت واعداء الدين الذي فيه دخلت(٤) .

الفصل الرابع

في بيان قتال الخوارج وهم المارقون

٢٤١ - أخبرنا الشيخ الزاهد أبو الحسين علي بن أحمد العاصمي ، أخبرنا

__________________________________________

(١) وقعة صفين / ٤١٥.

(٢) حوران ، بالفتح : كورة واسعة من اعمال دمشق في القبلة ، ذات قرى كثيره ومزارع ، قصبتها بصري ومنها اذرعا وزرع ، وحوران ايضاً ماء بنجد - مراصد الاطلاع.

(٣) و (٤) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ١٦ / ٤٣.

٢٥٩

القاضي الامام شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد الواعظ ، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن فورك « ره » ، أخبرني أبو عبد الله بن جعفر الاصبهاني ، حدثنا يونس بن حبيب ، حدثنا أبو داود ، حدثنا القاسم بن الفضل ، حدثنا أبو نصر ، عن أبي سعيد : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قل : تكون فرقة بين طائفتين من امتى تمرق بينهما مارقة يقتلها اولى الطائفتين بالحق(١) رواه مسلم في الصحيح.

٢٤٢ - وبهذا الأسناد عن أحمد بن الحسين هذا ، أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو محمد المزني ، أخبرنا علي بن محمد بن عيسى ، حدثنا أبو اليمان ، أخبرني شعيب ، عن الزهري ، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمان : ان أبا سعيد الخدري قال : بينا نحن عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يقسم قسما ، أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم ، فقال : يا رسول الله اعدل ، فقال : ويحك ومن يعدل إذا لم اعدل ، لقد خبت وخسرت ان لم اكن اعدل ، فقال عمر بن الخطاب : يارسول الله إئذن لى في ضرب عنقه ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعه فان له اصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته ، وصيامه مع صيامه ، يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية ، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى رصافته فلا يوجد فيه شيء ، ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم ، آيتهم رجل اسود وإحدى ثدييه مثل ثدي المرأة ومثل البضعة(٢) تدردر(٣) يخرجون على خير فرقة من الناس.

قال أبو سعيد : فاشهد أني سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________________________________

(١) صحيح مسلم الجزء الثالث كتاب الزكاة ص ١١٣ - كنز العمال ١١ / ٢٠٢ و ١٩٦ - فردوس الاخبار ٢ / ٦٣ ، ح / ٣٣٥٨ صحيح أبي داود ٤ / ٢١٧ - ح ٤٦٦٧ - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ٢٦٧.

(٢) في [ و ] - البيضة.

(٣) تدردر : أصله - تتدردر ، معناه : تضطرب وتذهب وتجيء. النهاية.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417