حقائق الاصول الجزء ٢

حقائق الاصول0%

حقائق الاصول مؤلف:
تصنيف: متون أصول الفقه
الصفحات: 617

حقائق الاصول

مؤلف: السيد محسن الطباطبائى الحكيم
تصنيف:

الصفحات: 617
المشاهدات: 209470
تحميل: 4838


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 209470 / تحميل: 4838
الحجم الحجم الحجم
حقائق الاصول

حقائق الاصول الجزء 2

مؤلف:
العربية

إلى وجوب الضدين أو لزوم المتناقضين لا فيما إذا كان مؤدى احدهما حكما غير الزامي فانه حينئذ لا يزاحم الآخر، ضرورة عدم صلاحية ما لا اقتضاء فيه ان يزاحم به ما فيه الاقتضاء. إلا أن يقال: بان قضية اعتبار دليل غير الالزامي

______________________________

عقلاء أم لفظيا كالكتاب والسنة إلا أن عنوان معلوم الكذب مما يعلم عدم انطباقه على كل منهما فيكون كل منهما داخلا تحت دليل الحجية إلا أن بدعى عدم شمول الأدلة اللبية للمتعارضين معا وهو كلام آخر غير ما ذكر (قوله: إلى وجوب الضدين) يعني ينظر فان كان أحدهما أهم يتعين الأخذ به وان تساويا فان لم يكن لهما ثالث يتخير بينهما عقلا وان كان لهما ثالث يجب الأخذ باحدهما، لكن هذا بالنظر إلى المدلول المطابقي اما بالنظر إلى المدلول الالتزامي يكون كل من الضدين مما دل الدليل على وجوبه وعدمه فيدخلان فيما لو دل أحدهما على حكم الزامي والآخر على حكم غير الزامي وسيأتي حكمه (قوله: أو لزوم المتناقضين) فينظر الأهم فيؤخذ به وان تساويا يتخير بين الفعل والترك عقلا (قوله: لا فيما إذا) يعني لا يعمل بقاعدة التزاحم لو كان أحدهما دالا على حكم الزامي والآخر على حكم غير الزامي كما لو دل أحدهما على الوجوب والآخر على الاباحة لأن الاباحة من الأحكام غير الاقتضائية فلا يزاحم الوجوب الذي هو حكم اقتضائي (إلا أن) يدعى: أن الاباحة وإن كانت من الأحكام غير الاقتضائية في نفسها إلا أن مقتضى القول بالسببية ان تكون اقتضائية لأن معنى السببية أن يكون قيام الامارة على حكم موجبا لثبوت مقتضي الحكم، فإذا قامت الامارة على اباحة شئ كان قيامها موجبا للاباحة فتكون الاباحه اقتضائية فتصلح لمزاحمة الوجوب، وبهذا التزاحم يكون المورد كأنه مما ليس فيه مقتضي الالزام ولا مقتضي اللا إلزام، والحكم فيه الاباحة لأنه يكفي فيها عدم مقتضي الالزام، ولا يكفي في الوجوب عدم مقتضي اللا إلزام (ويمكن) تقرير التعارض على القول بالسببية من وجهين (الاول) ان القول بالسببية إنما هو لو قامت الامارة على خلاف الواقع دون ما لو قامت الامارة على نفس الواقع فان ثبوت الحكم فيه من جهة مقتضي الواقع، فإذا قام أحد الدليلين على الوجوب

٥٦١

أن يكون عن اقتضاء فيزاحم به حينئذ ما يقتضي الالزامي ويحكم فعلا بغير الالزامي ولا يزاحم بمقتضاه ما يقتضي غير الالزامي لكفاية عدم تمامية علة الالزامي في الحكم بغيره (نعم) يكون باب التعارض من باب التزاحم (مطلقا) لو كان قضية الاعتبار هو لزوم البناء والالتزام بما يؤدي إليه من الأحكام لا مجرد العمل على وفقه بلا لزوم الالتزام به، وكونهما من تزاحم الواجبين حينئذ وان كان واضحا

______________________________

والآخر على عدمه فان كان الدليل الأول مخالفا للواقع كان قيامه مقتضيا للوجوب وقيام الدليل على الوجوب لا يصلح لمزاحمته وان كان الامر بالعكس كان الحكم على العكس، وحيث لا يعلم الموافق من المخالف يقع التعارض، ولا وجه للتزاحم. نعم لو احتمل كذب الدليلين معا تم ما ذكر. فتأمل (الثاني) أن ظاهر كل واحد من الدليلين فعلية الحكم الالزامي واللا إلزامي، وحيث يمتنع اجتماع النقيضين لابد أن يتكاذبا، والأخذ باحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح، وانما يكونان من المتزاحمين لو دل كل منهما على ثبوت المقتضي فقط، لكنه خلاف مفروض تنافي الدليلين (فان قلت): الدليلان وإن دلا على فعلية الحكمين إلا أنه لما امتنع اجتماعهما فعليين يجمع بينهما عرفا بالحمل على الاقتضائي كما في جميع موارد التزاحم مثل: أكرم العالم وأهن الفاسق (قلت): محل الكلام ما إذا لم يكن الجمع العرفي بين الدليلين ممكنا فالجمع بينهما بذلك جمع غير عرفي. وبالجملة: إذا كان أحدهما نصا في ثبوت الوجوب والآخر نصا في عدم الوجوب فدليل الاعتبار في شموله كلا منهما يمنع من شموله للآخر، وشموله لاحدهما ترجيح من دون مرجح فلابد من الحكم بخروجهما معا. ومن هنا يظهر لك أن الحكم في جميع الصور المذكورة في المتن هو التعارض على القول بالسببية أيضا (قوله: ان يكون عن) يعني أن يكون الحكم غير الالزامي عن اقتضاء (قوله: ولا يزاحم بمقتضاه) يعني لا يزاحم الالزامي بمقتضي مقتضي الحكم غير الالزامي (قوله: مطلقا) يعني ولو على الطريقية (قوله: من تزاحم الواجبين) حيث ان دليل اعتبار

٥٦٢

ضرورة عدم إمكان الالتزام بحكمين في موضوع واحد من الاحكام إلا انه لا دليل نقلا ولا عقلا على الموافقة الالتزامية للاحكام الواقعية فضلا عن الظاهرية كما مر تحقبقه، وحكم التعارض بناء على السببية فيما كان من باب التزاحم هو التخيير لو لم يكن أحدهما معلوم الأهمية أو محتملها في الجملة حسبما فصلناه في مسألة الضد وإلا فالتعيين، وفيما لم يكن من باب التزاحم هو لزوم الأخذ بما دل على الحكم الالزامي لو لم يكن في الآخر مقتضيا لغير الالزامي وإلا فلا بأس بأخذه والعمل عليه لما أشرنا إليه من وجهه آنفا (فافهم) هذا هو قضية القاعدة في تعارض الامارات لا الجمع بينها بالتصرف في أحد المتعارضين أو في كليهما، كما هو قضية ما يتراءي مما قيل من أن الجمع مهما أمكن أولى من الطرح إذ لا دليل عليه فيما لا يساعد عليه العرف مما كان المجموع أو أحدهما قرينة عرفية على التصرف في أحدهما بعينه أو فيهما كما عرفته في الصور السابقة، مع أن في الجمع كذلك أيضا طرحا للامارة أو الامارتين، ضرورة سقوط اصالة الظهور في أحدهما أو كليهما معه وقد عرفت أن التعارض بين الظهورين فيما كان سنداهما قطعيين وفي السندين إذا كانا ظنيين، وقد عرفت أن قضية التعارض إنما هو سقوط المتعارضين في خصوص كل ما يؤديان إليه من الحكمين لا بقاؤهما على الحجية بما

______________________________

كل منهما يقتضي وجوب الالتزام بمضمونه فإذا تعذر الالتزام بهما لزم الالتزام باحدهما تخييرا (قوله: ضرورة عدم) قد تقدم الاشكال فيه وأنه لا مانع من امكان الالتزام بحكمين في موضوع واحد إذ التنافي انما هو بين الحكمين لا بين الالتزامين بهما على تقدير جواز ثبوتهما معا (قوله: ما يتراءي) حيث يتراءي منه كون المراد من الامكان العقلي (قوله: مما كان) بيان لما يساعد (قوله: أيضا طرحا) فلا وجه لكونه أولى من الطرح بخلاف ما لو كان التصرف عرفيا فانه ليس طرحا لاصالة الظهور لعدم حجية اصالة الظهور في الاضعف مع منافاتها بالظهور الأقوى (قوله: ضرورة) تعليل لكونه طرحا (قوله: معه) يعني مع هذا الجمع (قوله: لا بقاؤهما على) معطوف على

٥٦٣

يتصرف فيهما أو في أحدهما أو بقاء سنديهما عليها كذلك بلا دليل يساعد عليه من عقل أو نقل، فلا يبعد أن يكون المراد من إمكان الجمع هو إمكانه عرفا، ولا ينافيه الحكم بأنه أولى مع لزومه حينئذ وتعينه فان أولويته من قبيل الأولوية في أولي الأرحام وعليه لا إشكال فيه ولا كلام

فصل

لا يخفي أن ما ذكر من قضية التعارض بين الامارات إنما هو بملاحظة القاعدة في تعارضها، وإلا فربما يدعى الاجماع على عدم سقوط كلا المعارضين في الأخبار كما اتفقت عليه كلمة غير واحد من الاخبار. ولا يخفى أن اللازم فيما إذا لم تنهض حجة على التعيين أو التخيير بينهما هو الاقتصار على الراجح منهما للقطع بحجيته تخييرا أو تعيينا بخلاف الآخر لعدم القطع بحجيته والاصل عدم حجية ما لم يقطع بحجيته بل ربما ادعي الاجماع أيضا على حجية خصوص الراجح واستدل عليه بوجوه أخر أحسنها الاخبار وهي على طوائف (منها) ما دل على التخيير على

______________________________

سقوط. والوجه في ذلك: عدم الدليل على حجية الكلام في المؤول (قوله: بلا دليل) متعلق ببقاء سنديهما (قوله: أو نقل) كما سيأتي من أدلة الترجيح أو التخيير (قوله: ان اللازم فيما) يعني الأصل عند الدوران بين التعيين والتخير في الحجية هو التعيين وربما يتوهم أنه من صغريات الدوران بين التعيين والتخيير في المكلف به فيلحقه حكمه، ولكنه كما ترى إذ لا مجال للوجوب التخييري في العمل بالحجة لما عرفت من أنه قد يكون مؤداهما نقيضين أو ضدين لا ثالث لهما فيمتنع الوجوب التخييري بينهما، وربما لا يكون مؤداهما معا حكما الزاميا إذ لا معنى للوجوب في المقام فيتعين كون المرجع عند الشك اصالة عدم الحجية في غير ما يحتمل التعيين واما محتمل التعيين فمعلوم الحجية قطعا (قوله: بوجوه أخر) سيأتي تفصيلها عن قريب (قوله: وهي على طوائف) الضمير راجع إلى نفس

٥٦٤

الاطلاق كخبر الحسن بن الجهم عن الرضا عليه السلام (قلت: يجيئنا الرجلان وكلاهما ثقة بحديثين مختلفين ولا يعلم أيهما الحق، قال: فإذا لم يعلم فموسع عليك بأيهما أخذت) وخبر الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام: (إذا سمعت من اصحابك الحديث وكلهم ثقة فموسع عليك حتى ترى القائم فترد عليه) ومكاتبه عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام: (اختلاف اصحابنا في رواياتهم عن أبي عبد الله - عليه السلام - في ركعتي الفجر فروي بعضهم: صل في المحمل، وروي بعضهم: لا تصلها إلا في الأرض، فوقع عليه السلام: موسع عليك بأية عملت) ومكاتبة الحميري إلى الحجة - عليه السلام -... إلى أن قال: في الجواب عن ذلك حديثان... إلى أن قال عليه السلام: (وبأيهما أخذت من باب التسليم كان صوابا) إلى غير ذلك من الاطلاقات (ومنها) ما دل على التوقف مطلقا (ومنها) ما دل على ما هو الحائط منها (ومنها) ما دل على الترجيح بمزايا مخصوصة ومرجحات منصوصة من مخالفة القوم وموافقة الكتاب والسنة والاعدلية

______________________________

الأخبار لا خصوص أخبار الترجيح وإلا فاخبار التخيير مطلقا ليس منها (قوله: إلى غير ذلك) كمرسل الكافي: بايهما أخذتم من باب التسليم وسعكم (قوله: ما دل على التوقف) كخبر سماعة عن أبي عبد الله (ع) قلت: يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالأخذ به والآخر ينهانا عنه قال (ع): لا تعمل بواحد منهما حتى تلقي صاحبك فتسأله. قلت: لابد أن نعمل بواحد منهما قال: خذ بما خالف فيه العامة. ومكاتبة محمد بن علي بن عيسى إلى علي بن محمد (ع) يسأله عن العلم المنقول الينا عن آبائك وأجدادك (ع) قد اختلف علينا فيه فكيف العلم به على اختلافه والرد اليك فيما اختلف فيه ؟ فكتب (ع): ما علمتم أنه قولنا فالزموه وما لم تعلموا فردوه الينا (قوله: ما هو الحائط) لم أجد فيما يحضرني ما دل على الاحتياط مطلقا غير ما دل على التوقف. نعم في مرفوعة زرارة ذكر

٥٦٥

والأصدقية والأفقهية والأورعية والأوثقية والشهرة على اختلافها في الاقتصار على بعضها وفي الترتيب بينها ولاجل اختلاف الاخبار اختلفت الانظار (فمنهم) من أوجب الترجيح بها مقيدين باخباره إطلاقات التخيير، وهم بين من اقتصر على الترجيح بها ومن تعدى منها إلى ساير المزايا الموجبة لأقوائية ذي المزية وأقربيته - كما صار إليه شيخنا العلامة اعلى الله مقامه - أو المفيدة للظن - كما ربما يظهر من غيره - فالتحقيق أن يقال: إن أجمع خبر للمزايا المنصوصة في الاخبار هو المقبولة والمرفوعة مع اختلافهما وضعف سند المرفوعة جدا، والاحتجاج بهما على وجوب الترجيح في مقام الفتوى لا يخلو عن إشكال لقوة احتمال اختصاص الترجيح بها بمورد الحكومة

______________________________

الاحتياط بعد عدم المرجح (قوله: لأقوائية ذي) يعني وان لم توجب الظن وبهذا افترق عن القول الآتي (قوله: مع اختلافهما) لتقديم الترجيح بصفات الرواي في المقبولة على الشهرة وتأخيره عنها في المرفوعة، لكن دفعه شيخنا الاعظم (ره) بان الترجيح بالصفات في المقبولة إنما كان للحكم لا للرواية فتأمل. (قوله: وضعف سند) إذ لم يروها الا ابن ابي جمهور عن العلامة (ره) مرفوعا إلى زرارة (قوله: اختصاص الترجيح) يأبى هذا الاختصاص تعليل الترجيح بالشهرة بأن المجمع عليه لا ريب فيه فان مقتضاه بعد ما كان ارتكازيا عدم الفرق في الحكم بين مورد الرواية وغيره ولا سيما بملاحظة تثليث الامور، والاستشهاد على رد المشكل إلى الله تعالى بقول النبي صلى الله عليه وآله: حلال بين... الخ لامتناع الاقتصار على المورد بعد ذلك كله، واما الترجيح بالصفات فيشكل لعدم ذكره في ترجيح الرواية الا في المرفوعة وهي ضعيفة السند، ولم يعتمد عليها الاصحاب في ذلك وانما اعتمد من رجح بالصفات على المقبولة التي عرفت انها ليست ظاهرة الا في ترجيح احد الحكمين على الآخر، واما الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة فمذكور في كثير من نصوص الترجيح ولا ينحصر ذكرهما بالمقبولة حتى يحتاج في التعدي عن مودرها إلى معمم. مع أن تعليل الترجيح بمخالفة العامة

٥٦٦

لرفع المنازعة وفصل الخصومة كما هو موردهما ولا وجه معه للتعدي منه إلى غيره كما لا يخفى، ولا وجه لدعوى تنقيح المناط مع ملاحظة أن رفع الخصومة بالحكومة في صورة تعارض الحكمين وتعارض ما استند إليه من الروايتين لا يكاد يكون إلا بالترجيح ولذا أمر - عليه السلام - بارجاء الواقعة إلى لقائه - عليه السلام - في صورة تساويهما فيما ذكر من المزايا بخلاف مقام الفتوى، ومجرد مناسبة الترجيح لمقامها ايضا لا يوجب ظهور الرواية في وجوبه مطلقا ولو في غير مورد الحكومة كما لا يخفى. وإن أبيت إلا عن ظهورهما في الترجيح في كلا المقامين فلا مجال لتقييد إطلاقات التخيير في مثل زماننا مما لا يتمكن من لقاء الامام - عليه السلام - بهما لقصور المرفوعة سندا وقصور المقبولة دلالة لاختصاصها بزمان التمكن من لقائه عليه السلام. ولذا ما أرجع إلى التخيير بعد فقد الترجيح - مع أن تقييد الاطلاقات الواردة في مقام الجواب عن سؤال حكم المتعارضين بلا استفصال عن كونهما متعادلين أو متفاضلين

______________________________

بكون الرشد في خلافهم يقتضي التعدي عن مورده ايضا (قوله: ولا وجه لدعوى) لا حاجة إلى هذه الدعوى (قوله: لا يكاد يكون الا بالترجيح) إذ التخيير لا يقطع الخصومة إذ قد يختار كل من الخصمين خلاف ما يختاره الآخر (قوله: ولذا ما ارجع إلى) هذا - اعني عدم الارجاع والامر بالارجاء بعد فقد الترجيح - يوجب المباينة بين المقبولة وبين الاطلاقات لأن حمل الاطلاقات على صورة فقد المرجح طرح للمقبولة من حيث دلالتها على وجوب الارجاء، والجمع بينهما بحمل المقبولة على زمان الحضور والاطلاقات على زمان الغيبة مما تأباه كلتا الطائفتين، اما تخصيص الاطلاقات بحال الغيبة فيأباه صريح رواية الحارث، ومكاتبة عبد الله، واما تخصيص المقبولة بحال الحضور فلأن ظاهرها كون الارجاء لخصوصية الواقعة لا لخصوصية زمان الحضور، لكن هذا الاشكال يختص بالبناء على التعدي من مورد المقبولة إلى الفتوى بملاحظة المناسبة بين موردها وغيره، أما لو كان التعدي للتعليل المذكور فيها فلا اشكال. ويكون الجمع العرفي تقييد

٥٦٧

مع ندرة كونهما متساويين جدا - بعيد قطعا بحيث لو لم يكن ظهور المقبولة في ذاك الاختصاص لوجب حملها عليه أو على ما لا ينافيها من الحمل على الاستحباب كما فعله بعض الاصحاب ويشهد به الاختلاف الكثير بين ما دل على الترجيح من الاخبار. ومنه قد انقدح حال سائر اخباره، مع أن في كون أخبار موافقة الكتاب أو مخالفة القوم من أخبار الباب نظرا وجهه قوة احتمال أن يكون الخبر المخالف للكتاب في نفسه غير حجة، بشهادة ما ورد في أنه زخرف وباطل وليس بشئ، أو انه لم نقله، أو أمر بطرحه على الجدار، وكذا الخبر الموافق للقوم ضرورة أن أصالة عدم صدوره تقية بملاحظة الخبر المخالف لهم مع الوثوق بصدوره لولا القطع به غير جارية للوثوق حينئذ بصدوره كذلك، وكذا الصدور أو الظهور في الخبر المخالف للكتاب يكون

______________________________

اطلاقات التخيير بفقد المرجح من دون فرق بين زماني الحضور والغيبة (قوله: مع ندرة كونهما) يمكن منع الندرة في التساوي في المرجحات الثلاث اعني الشهرة والموافقة للكتاب والمخالفة للعامة، نعم يندر التساوي في صفات الراوي لكن عرفت عدم الدليل على الترجيح بها في الرواية (قوله: لوجب حملها) لئلا يلزم الحمل على النادر (قوله: بشهادة ما ورد) هذا وان ورد في جملة من النصوص لكن اخبار الترجيح بموافقة الكتاب خالية عنه مع انه لابد من رفع اليد عن ظاهره في الجملة إذ المقبولة قد اشتملت على الترجيح به بعد الترجيح بالشهرة، ومقتضى الظاهر جواز الاخذ بالمخالف إذا كان مشهورا بين الاصحاب فتدل على حجية الخبر المخالف في الجملة (قوله: وكذا الخبر) معطوف على قوله: ان يكون الخبر (قوله: غير جارية للوثوق) هذا ممنوع، والمراد من الوثوق بالصدور النوعي بملاحظة ما عليه الخبر من الخصوصيات فانه المعول عليه عند العقلاء، ومثل هذا الوثوق لا ينافيه وجود المعارض نظير الوثوق بالصدور الذي لا ينافيه وجود المعارض والا سقط الخبران عن الحجية اقتضاء وذاتا لا بالتعارض (قوله: وكذا الصدور) يعني أن الخبر المخالف للكتاب لا مجال

٥٦٨

* موهونا بحيث لا يعمه أدلة اعتبار السند والظهور كما لا يخفى، فتكون هذه الأخبار في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة لا ترجيح الحجة على الحجة (فافهم) وإن أبيت عن ذلك فلا محيص عن حملها توفيقا بينها وبين الاطلاقات إما على ذلك أو على الاستحباب كما أشرنا إليه آنفا. هذا ثم إنه لولا التوفيق بذلك للزم التقييد أيضا في أخبار المرجحات وهي آبية عنه كيف يمكن تقييد مثل: (ما خالف قول ربنا لم أقله) أو زخرف أو باطل ؟ كما لا يخفى (فتلخص) مما ذكرنا أن إطلاقات التخيير محكمة وليس في الأخبار ما يصلح لتقييدها (نعم) قد استدل على تقييدها ووجوب الترجيح في المتفاضلين بوجوه آخر (منها) دعوى الاجماع على الاخذ بأقوى الدليلين (وفيه) أن دعوى الاجماع

______________________________

لجريان اصالة حجية السند أو اصالة الظهور فيه لعدم الوثوق بظهوره ولا بصدوره فلا يدخل تحت دليل حجية الصدور أو الظهور (أقول): لازم ما ذكر عدم حجية الخبر المخالف للكتاب ولو لم يكن له معارض، لكنه خلاف المحقق وخلاف المفروض في المقام، إذ الكلام في الخبرين المتعارضين بعد الفراغ عن حجية كل منهما لولا المعارضة، وقد تقدم منه في العموم والخصوص جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد والجواب عن هذه الاخبار. نعم تقدم منه في مبحث الخبر عدم حجية المخالف عند المعارضة (قوله: أبيت عن ذلك) يعني عن عدم جريان اصالة السند والظهور وعدم التقية (قوله: على ذلك) يعني على كونها في مقام تمييز الحجة عن اللاحجة وان كان خلاف ظاهرها إلا أن ارتكابه لازم لانه أولى من تقييد الاطلاقات لانه أقرب منه (قوله: للزم التقييد) يعني لو بني على الاخذ باطلاقات التخيير عند فقد المرجح يلزم التقييد في أدلة المرجحات فيحكم بحجية المخالف للكتاب مثلا مع تساوي الخبرين في ذلك وهي آبية عن التقييد (قوله: مثل ما خالف) قد عرفت أنه ليس في اخبار الترجيح ما يشتمل على ذلك بل مثله دال على عدم الحجية فلابد ان يحمل على المخالفة بنحو المباينة

٥٦٩

- مع مصير مثل الكليني إلى التخيير وهو في عهد الغيبة الصغري ويخالط النواب والسفراء قال في ديباجة الكافي: ولا نجد شيئا أوسع ولا أحوط من التخيير مجازفة (ومنها) أنه لو لم يجب ترجيح ذي المزية لزم ترجيح المرجوح على الراجح وهو قبيح عقلا بل ممتنع قطعا (وفيه) أنه إنما يجب الترجيح لو كانت المزية موجبة لتأكد ملاك الحجية في نظر الشارع، ضرورة إمكان أن تكون تلك المزية بالاضافة إلى ملاكها من قبيل الحجر في جنب الانسان وكان الترجيح بها بلا مرجح وهو قبيح كما هو واضح. هذا - مضافا إلى ما هو في الاضراب من الحكم بالقبح إلى الامتناع من أن الترجيح بلا مرجح في الافعال الاختيارية ومنها الاحكام

______________________________

لا مطلقا فلا يكون مما نحن فيه (قوله: مع مصير مثل الكليني) لم ينقل الخلاف عنه (قدس سره) في الترجيح وانما المنقول عنه السيد الصدر من اصحابنا والجبائيان من العامة، بل عبارته المحكية كالصريحة في وجوب الترجيح. قال (ره): اعلم يا اخي ارشدك الله تعالى انه لا يسع احدا تمييز شئ مما اختلف الرواية فيه من العلماء برأيه الا ما اطلقه العالم (ع) بقوله (ع): اعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله عزوجل فذروه، وقوله (ع): دعواما وافق القوم فان الرشد في خلافهم، وقوله (ع): خذوا بالمجمع عليه فان المجمع عليه لا ريب فيه، ولا نعرف من جميع ذلك الا اقله، ولا نجد شيئا احوط ولا اوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم، وقبول ما وسع من الامر فيه بقوله: بايهما اخذتم من باب التسليم وسعكم. انتهي فانه اشار بصدر عبارته إلى مضمون المقبولة فهو مفت به، واما قوله (ره): ولا تجد... الخ فلعله - بقرينة قوله: ولا نعرف - يريد به انه حيث لا يمكن العلم غالبا بثبوت هذه المرجحات يجب الرجوع إلى اطلاقات التخيير ولا يجوز الأخذ بالظن فلاحظ (قوله: موجبة لتأكد) إذ لولا ذلك لا يكون صاحب المزية ارجح فلا يكون جواز الاخذ بغيره ترجيحا للمرجوح (قوله: من ان الترجيح بيان ل‍ (ما هو)

٥٧٠

الشرعية لا يكون إلا قبيحا ولا يستحيل وقوعه إلا على الحكيم تعالى والا فهو بمكان من الامكان لكفاية ارادة المختار علة لفعله، وإنما الممتنع هو وجود الممكن بلا علة فلا استحالة في ترجيحه تعالى للمرجوح الا من باب امتناع صدوره منه تعالى وأما غيره فلا استحالة في ترجيحه لما هو مرجوح مما باختياره (وبالجملة): الترجيح بلا مرجح بمعني بلا علة محال وبمعني بلا داع عقلائي قبيح ليس بمحال فلا تشتبه (ومنها) غير ذلك مما لا يكاد يفيد الظن فالصفح عنه أولى وأحسن (ثم) إنه لا إشكال في الافتاء بما اختاره من الخبرين في عمل نفسه وعمل مقلديه ولا وجه للافتاء بالتخيير في المسألة الفرعية لعدم الدليل عليه فيها (نعم) له الافتاء به في المسألة الأصولية، فلا بأس حينئذ باختيار المقلد غير ما اختاره المفتي فيعمل بما يفهم منه بصريحه أو بظهوره الذي

______________________________

 (وتوضيح) الاشكال: ان الاضراب خلط بين الترجيح بلا مرجح والترجح بلا مرجح، إذ الاول انما يكون في الافعال الاختيارية وهو لا يكون الا قبيحا لا ممتنعا لان ارادة المرجوح قبيحة، والثاني انما يكون في الامور غير الاختيارية ويراد به ان ترجح احد طرفي الممكن بلا علة محال والمقام - اعني الحكم الشرعي وهو جواز الاخذ بغير ذي المزية - من قبيل الاول (قوله: لا اشكال في الافتاء بما) اعلم أن وجوب التخيير ليس شرعيا مولويا إذ لا عقاب على مخالفته زائدا على مخالفة الواقع، بل هو ارشادي عقلي بمناط وجوب تحصيل الحجة فيدل على حجية ما يختاره المكلف من الخبرين فإذا اختار احدهما كان حجة بعينه فتجب الفتوى بمضمونه لا غير فيجب على المقلد الاخذ بها تعيينا كما يجب على المجتهد نفسه العمل به كذلك، وحينئذ فلا وجه للفتوى بالتخيير الفرعي بمعنى الاباحة من جهة انها فتوى بلا دليل إذ التخيير كذلك ليس مؤدى احد الخبرين، وكذا بمعنى الوجوب التخييري مع أنه لا يعقل الوجوب التخييري بين الوجود والعدم كما تقدم (قوله: نعم له الافتاء) يعني بان يفتي بان ما يختاره المكلف حجة،

٥٧١

لا شبهة فيه وهل التخيير بدوي أم استمراري ؟ قضية الاستصحاب لو لم نقل بانه قضية الاطلاقات ايضا كونه استمراريا (وتوهم) أن المتحير كان محكوما بالتخيير ولا تحير له بعد الاختيار فلا يكون الاطلاق ولا الاستصحاب مقتضيا للاستمرار لاختلاف الموضوع فيهما (فاسد) فان التحير بمعنى تعارض الخبرين باق على حاله، وبمعني آخر لم يقع في خطاب موضوعا للتخيير أصلا كما لا يخفى

فصل

هل على القول بالترجيح يقتصر فيه على المرجحات المخصوصة المنصوصة

______________________________

أو بوجوب التخيير بين الخبرين العقلي (قوله: لا شبهة فيه) أما ما كان محتاجا إلى نظر يعجز عنه المقلد فلابد فيه من الرجوع إلى المجتهد (قوله: قضية الاطلاقات) يعني اطلاقات التخيير من حيث الزمان فكما تقتضي ثبوت التخيير في الزمان الاول تقتضي ثبوته ايضا في الزمان الثاني بلا فرق بين الزمانين (فان) قلت: التخيير المأخوذ موضوعا للوجوب مقتضي اطلاقه كونه ملحوظا بنحو صرف الوجود ولازمه سقوط حكمه بمجرد حصوله في الزمان الاول (قلت): قد عرفت أن التخيير ليس بواجب شرعا بل واجب عقلا بمناط وجوب تحصيل الحجة فاطلاقه تابع لاطلاق دليل الحجية، فإذا كان اطلاقه دالا على حجية ما يختاره الملكف في كل زمان كان اللازم وجوب التخيير كذلك، ولا يختص بالزمان الأول ثم إنه على تقدير سقوط الاطلاق فالمرجع الاستصحاب لكنه موقوف على حجية الاستصحاب التعليقي فان تمت جرى (ودعوى) أن موضوع التخيير هو المتحير كما صدرت من شيخنا الاعظم (ره) ولا تحير بعد اختيار احد الخبرين فلا استصحاب لارتفاع موضوعه (مدفوعة) بان المراد من المتحير إن كان من تعارض عنده الخبران ان فهو حاصل في جميع الأزمان وان كان بمعنى آخر ينافيه الاختيار فهو مما لم يؤخذ في الادلة موضوعا للتخيير مع انه لو سلم فارتفاع التحير

٥٧٢

أو يتعدى إلى غيرها ؟ قيل بالتعدي لما في الترجيح بمثل الأصدقية والأوثقية ونحوهما مما فيه من الدلالة على أن المناط في الترجيح بها هو كونها موجبة للأقربية إلى الواقع ولما في التعليل بأن المشهور مما لا ريب فيه من استظهار أن العلة هو عدم الريب فيه بالاضافة إلى الخبر الآخر ولو كان فيه الف ريب ولما في التعليل بأن الرشد في خلافهم ولا يخفى ما في الاستدلال بها (أما الأول) فان جعل خصوص شئ فيه جهة الاراءة والطريقية حجة أو مرجحا لا دلالة فيه على ان الملاك فيه بتمامه جهة إراءته بل لا اشعار فيه كما لا يخفى لاحتمال دخل خصوصيته في مرجحيه أو حجيته لا سيما قد ذكر فيها ما لا يتحمل الترجيح به الا تعبدا فافهم (وأما الثاني) فلتوقفه على عدم كون الرواية المشهورة في نفسها مما لا ريب فيها، مع أن الشهرة في الصدر الأول بين الرواة واصحاب الأئمة - عليهم السلام - موجبة لكون الرواية مما يطمأن بصدورها بحيث يصح ان يقال عرفا: إنها مما لا ريب فيها، كما لا يخفى ولا بأس بالتعدي منه إلى مثله مما يوجب الوثوق والاطمينان بالصدور لا إلى كل مزية ولو لم توجب إلا أقربية ذي المزية إلى الواقع من المعارض الفاقد لها

______________________________

لا يوجب تبدل الموضوع عرفا (قوله: قيل بالتعدي لما) القائل شيخنا الاعظم (ره) ونسبه إلى جمهور المجتهدين (قوله: بان الرشد في) إذ ليس المراد منه الا كون خلافهم مظنة الرشد والا فقد يكون الرشد في وفاقهم (قوله: لا دلالة فيه) نعم يحصل الظن منه بذلك لكن الظن غير المستند إلى ظهور الكلام ليس بحجة. هذا كله مضافا إلى الاشكال في حصول الترجيح بهذه الصفات كما تقدم (قوله: الا تعبدا) كالاورعية والافقهية والاعدلية، لكنه لا يخلو من اشكال فانها مما توجب الاقربية في الجملة (قوله: مما يطمأن بصدورها) لو سلم حصول ذلك شخصيا بالنسبة إلى كل خبر مشهور فلا يسلم حصوله للشاذ كذلك فيدور الامر بين تخصيص الترجيح بالشهرة بصورة حصول الاطمئنان بالمشهور

٥٧٣

(واما الثالث) فلاحتمال أن يكون الرشد في نفس المخالفة لحسنها ولو سلم انه لغلبة الحق في طرف الخبر المخالف فلا شبهة في حصول الوثوق بأن الخبر الموافق المعارض بالمخالف لا يخلو من الخلل صدورا أو جهة ولا بأس بالتعدي منه إلى مثله كما مر آنفا، ومنه انقدح حال ما إذا كان التعليل لأجل انفتاح باب التقية فيه، ضرورة كمال الوثوق بصدوره كذلك مع الوثوق بصدورهما لولا القطع به في الصدر الاول لقلة الوسائط ومعرفتها هذا مع ما في عدم بيان الامام - عليه السلام - للكلية كي لا يحتاج السائل إلى إعادة السؤال مرارا، وما في أمره عليه السلام بالارجاء بعد فرض التساوي فيما ذكره من المزايا المنصوصة من الظهور في أن المدار في الترجيح على المزايا المخصوصة كما لا يخفى (ثم) إنه بناء على التعدي حيث كان في المزايا المنصوصة ما لا يوجب الظن

______________________________

وعدم حصوله في غيره تحكيما للتعليل على المعلل أو البناء على كون المراد نفي الريب بالاضافة، وحيث أن الثاني اقرب كان التعدي إلى كل ما يوجب نفي الريب بالاضافة في محله، فتأمل (قوله: فلاحتمال ان) هذا خلاف الظاهر (قوله: كما مر آنفا) لكن عرفت ما فيه (قوله: لاجل انفتاح باب) بحيث يكون صدوره للتقية، ويكون الفرق بين هذا الوجه وما قبله، ان المخالفة للعامة على هذا تكون من المرجحات الداخلية نظير الشهرة الروايتية، وعلى ما قبله تكون من المرجحات المضمونية نظير الشهرة الفتوائية (وحاصل) الجواب: ان تقديم المخالف إذا كان من جهة احتمال التقية في الموافق فإذا كان الخبران موثوقا بصدروهما معا يحصل الوثوق بان الموافق صادر تقية، ومع هذا الوثوق يسقط عن الحجية، لكن عرفت أن ظاهر الرواية كون كل منهما حجة لولا المعارضة فهي في مقام الترجيح بين الحجتين لا تمييز الحجة عن اللاحجة (قوله: كذلك) يعني تقية (قوله: القطع به) يعني بصدوره كذلك (قوله: في الصدر الاول) متعلق بالوثوق والقطع على التنازع (قوله: مع ما في عدم) لعل الوجه في

٥٧٤

بذي المزية ولا أقربيته كبعض صفات الراوي مثل الاورعية أو الافقهية إذا كان موجبهما مما لا يوجب الظن أو الاقربية كالتورع من الشبهات والجهد في العبادات وكثرة التتبع في المسائل الفقهية أو المهارة في القواعد الاصولية فلا وجه للاقتصار على التعدي إلى خصوص ما يوجب الظن أو الاقربية بل إلى كل مزية ولو لم تكن بموجبة لاحدهما كما لا يخفى (وتوهم) أن ما يوجب الظن بصدق أحد الخبرين لا يكون بمرجح بل موجب لسقوط الآخر عن الحجية للظن بكذبه حينئذ (فاسد) فان الظن بالكذب لا يضر بحجية ما اعتبر من باب الظن نوعا وإنما يضر فيما أخذ في اعتباره عدم الظن بخلافه ولم يؤخذ في اعتبار الاخبار صدورا ولا ظهورا ولا جهة ذلك. هذا مضافا إلى اختصاص حصول الظن بالكذب بما إذا علم بكذب أحدهما صدورا وإلا فلا يوجب الظن بصدور أحدهما لا مكان صدورهما مع عدم إرادة الظهور في أحدهما أو فيهما أو إرادته تقية كما لا يخفى (نعم) لو كان وجه التعدي اندراج ذي المزية في أقوى الدليلين لوجب الاقتصار على ما يوجب القوة في دليليته وفي جهة إثباته وطريقيته من دون التعدي إلى ما لا يوجب ذلك وإن كان موجبا لقوة مضمون ذيه ثبوتا كالشهرة الفتوائية أو الأولوية الظنية ونحوهما، فان المنساق من قاعدة أقوى الدليلين أو المتيقن منها إنما

______________________________

التفصيل التنبيه على موجبات الاقربية مع الاشارة إلى الكلية بالتعليل (قوله: كبعض صفات) قد عرفت الاشكال في ذلك، مضافا إلى الاشكال في كون الصفات مرجحة لاحد المتعارضين في المقبولة بل مرجحة لاحد الحكمين المختلفين (قوله: بل إلى كل مزية) هذا يتم لو كان التعدي لاجل إلغاء خصوصية المرجحات المنصوصة اما لو كان الاخذ بظاهر التعليل فهو انما يقتضي التعدي إلى كل ما يوجب الاقربية لا غير (قوله: لا يكون بمرجح) حيث ان الترجيح فرع كون المقتضي موجودا في كلا المتعارضين والظن بصدق احد الخبرين يوجب انتفاء مقتضي الحجية في الآخر (قوله: في اقوى الدليلين) فيدخل تحت قاعدة

٥٧٥

هو الاقوى دلالة كما لا يخفى فافهم (فصل) قد عرفت سابقا انه لا تعارض في موارد الجمع والتوفيق العرفي ولا يعمها ما يقتضيه الأصل في المتعارضين من سقوط احدهما رأسا وسقوط كل منهما في خصوص مضمونه كما إذا لم يكونا في البين فهل التخيير أو الترجيح يختص أيضا بغير مواردها أو يعمها ؟ قولان أولهما المشهور وقصارى ما يقال في وجهه: إن الظاهر من الأخبار العلاجية سؤالا وجوابا هو التخيير أو الترجيح في موارد التحير مما لا يكاد يستفاد المراد هناك عرفا لا فيما يستفاد ولو بالتوفيق فانه من أنحاء طرق الاستفادة عند ابناء المحاورة (ويشكل) بان مساعدة العرف على الجمع والتوفيق وارتكازه في أذهانهم على وجه وثيق لا يوجب اختصاص السؤالات بغير موارد الجمع لصحة السؤال بملاحظة التحير في الحال لاجل ما يترآى من المعارضة وان كان يزول عرفا بحسب المآل أو للتحير في الحكم واقعا وان لم يتحير فيه ظاهرا وهو كاف في صحته قطعا مع إمكان أن يكون لاحتمال الردع شرعا عن هذه الطريقة المتعارفة بين ابناء المحاورة وجل العناوين المأخوذة في الاسئلة لولا كلها يعمها كما لا يخفى (ودعوى) ان المتيقن منها غيرها (مجازفة) غايته انه كان

______________________________

وجوب العمل باقوى الدليلين بناء على ان المراد بالاقوى الاقوى دلالة (قوله: لا يخفى فافهم) لعله اشارة إلى انه لو كان منساقها غير ذلك فلا دليل عليها. إلى هنا انتهى الكلام في شعبان من النسة السابعة والاربعين بعد الالف والثلثمائة هجرية في جوار الحضرة المقدسة العلوية على صاحبها الف سلام وتحية هذا ختام ما كتبه مد ظله في الدورة الثانية ولما كان ذلك لا يستوفي مباحث التعادل والتراجيح مد ظله وكان قد كتبها في الدورة الاولى كاملة اتممنا هذا الجزء بما كتبه سابقا تتميما للفائدة (قوله: ويشكل بان مساعدة) اعلم: انه إذا بنينا علي ان الاظهر المنفصل يوجب ارتفاع ظهور الظاهر بالكلية وانعقاد ظهوره فيما يوافق الأظهر نظير القرائن المتصلة فلا ريب في عدم مجال اشكال لان الظاهر والاظهر لا نعارض بينهما بدوا فضلا عما لو لو حظت القواعد العرفية في الجمع، وهذا وإن ذهب إليه جمع من المحققين الا أنه خلاف التحقيق، وأن العرف يفرق بين القرائن المتصلة والمنفصلة، وأن

٥٧٦

* كذلك خارجا لا بحسب مقام التخاطب وبذلك ينقدح وجه القول الثاني (اللهم) الا أن يقال: إن التوفيق في مثل الخاص والعام والمقيد والمطلق كان عليه السيرة القطعية من لدن زمان الأئمة (عليهم السلام) وهي كاشفة إجمالا عما يوجب تخصيص أخبار العلاج بغير موارد التوفيق العرفي لو لا دعوى اختصاصها به وأنها سؤالا وجوابا بصدد الاستعلاج والعلاج في موارد التحير والاحتياج أو دعوى الاجمال وتساوى احتمال العموم مع احتمال الاختصاص، ولا ينافيها مجرد صحة السؤال لما لا ينافي العموم ما لم يكن هناك ظهور أنه لذلك فلم يثبت باخبار العلاج ردع عما هو عليه بناء العقلاء وسيرة العلماء من التوفيق وحمل الظاهر على الأظهر والتصرف فيما يكون صدورهما قرينة عليه فتأمل (فصل) قد عرفت حكم تعارض الظاهر والأظهر وحمل الأول على الآخر فلا إشكال فيما إذا ظهر أن أيهما ظاهر وأيهما أظهر ؟ وقد ذكر فيما اشتبه الحال لتمييز ذلك ما لا عبرة به أصلا فلا باس بالاشارة إلى جملة منها وبيان ضعفها (منها) ما قيل في ترجيح ظهور العموم على الاطلاق وتقديم التقييد على التخصيص فيما دار الامر بينهما (من) كون ظهور العام في العموم

______________________________

الأولى موجبة لعدم انعقاد الظهور الا بما هو موافق دون الثانية فانها لا تمنع من انعقاد الظهور وإنما تمنع من وجوب الأخذ به فعلا اما للمزاحمة بالاهم بناء على أن تقديم الاقوى ظهورا بذلك المناط أو للورود بناء على ان حجية الظهور في نظر العرف معلقة على عدم ورود ظاهر أقوى على الخلاف، فللمتكلم ان يلحق بكلامه ما شاء من القيود إذ ما لم يتم لم ينعقد له ظهور في شئ فإذا تم انعقد ظهوره وصار ظاهرا في معنى ولا ينتظر في مقام الحكم عليه بأنه ظاهر في كذا أن لا يرد كلام آخر منفصل ينافيه، (وإن) بنينا على مذهب المصنف (قده) وهو التحقيق فقد يتوجه الاشكال في عدم إطلاق لأدلة الترجيح والتخيير شامل لصورة إمكان الجمع العرفي بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين ما يمكن بينهما الجمع العرفي وما لا يمكن

٥٧٧

* تنجيزيا، بخلاف ظهور المطلق في الاطلاق فانه معلق على عدم البيان والعام يصلح بيانا فتقديم العام حينئذ لعدم تمامية، مقتضي الاطلاق معه بخلاف العكس فانه موجب لا تخصيصه بلا وجه إلا على نحو دائر (ومن) أن التقييد أغلب من التخصيص (وفيه) أن عدم البيان الذي هو جزء المقتضي في مقدمات الحكمة إنما هو عدم البيان في مقام التخاطب لا إلى الأبد (وأغلبية) التقييد مع كثرة التخصيص بمثابة قد قيل: ما من عام إلا وقد خص، (غير مفيد) ولا بد في كل قضية من ملاحظة خصوصياتها الموجبة لأظهرية أحدهما من الآخر فتدبر (ومنها) ما قيل فيما إذا دار بين التخصيص

______________________________

لكن لا يخفى أنه إذا فرض أن بناء العرف والعقلاء على تقديم الأظهر وعدم حجية أصالة الظهور في الظاهر للمزاحمة أو الورود فحكم الشارع بالتخيير عند عدم المرجح أو الترجيح والاخذ بالراجح ولو كان هو الظاهر مع وجود المرجح لابد أن يكون رادعا عن طريقة العقلاء وجاعلا لحجية الظهور في الظاهر مع وجود الأقوى على خلاف طريقتهم، ولولا ذلك امتنع الاخذ بالظاهر لعدم حجية الظهور فيه حسب الفرض عند العقلاء، ولا طريق لاثبات حجيته الا بناؤهم أو بيان الشارع والمفروض عدم الأول فلابد من الثاني، ومن المعلوم بديهة ان الاخبار المذكورة ليست الا في مقام الترجيح أو التخيير بين الحجتين من حيث الصدور لا في مقام جعل الحجية للظهور (قوله: تنجزيا) أي غير معلق على شئ (قوله: الا على نحو دائر) لان رفع اليد عن العموم بالاطلاق يتوقف على عدم مانعية العموم عن الاطلاق وهو يتوقف على رفع اليد عن العموم بالاطلاق (قوله: ومن ان التقييد) وجه آخر للتقديم فهو معطوف على قوله من كون ظهور العام... الخ (قوله: لا إلى الابد) أي ليس جزء المقتضي في مقدمات الحكمة عدم البيان إلى لابد ليكون وجود العام - ولولا في مقام التخاطب - موجبا لارتفاع مقدمات الحكمة من أول الأمر (نعم) لو كان العام المعارض للمطق متصلا به أمكن تقديمه على العام لصلاحية كونه قرينة على التقييد فتأمل (قوله: وأغلبية التقييد) جواب عن الوجه الثاني

٥٧٨

والنسخ كما إذا ورد عام بعد حضور وقت العمل بالخاص حيث يدور بين أن يكون الخاص مخصصا، أو يكون العام ناسخا أو ورد الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام حيث يدور بين أن يكون الخاص للعام أو ناسخا له أو رافعا لاستمراره ودوامه في وجه تقديم التخصيص على النسخ من غلبة التخصيص وندرة النسخ، ولا يخفى أن دلالة الخاص أو العام على الاستمرار والدوام إنما هو بالاطلاق لا بالوضع، فعلى الوجه العقلي في تقديم التقييد على التخصيص كان اللازم في هذا الدوران تقديم النسخ على التخصيص أيضا، وان غلبة التخصيص إنما يوجب اقوائية ظهور الكلام في الاستمرار والدوام من ظهور العام في العموم إذا كانت مرتكزة في أذهان أهل المحاورة بمثابة تعد من القرائن المكتنفة بالكلام، وإلا فهي وإن كانت مفيدة للظن

______________________________

 (قوله: انما هو بالاطلاق لا بالوضع) قد تحقق في محله أن النسخ ليس من التخصيص بحسب الازمان ليكون من قبيل الدوران بين التخصيص والتقييد بل من سنخ التصرف بالجمهة، من حيث ان الناسخ يكشف عن أن المتكلم ليس في مقام بيان الواقع، وحينئذ فإذا تأخر الخاص عن العام ودار بين كونه ناسخا ومخصصا، فاللازم تعيين الثاني، لأن الدروان في الحقيقة يكون بين رفع اليد عن أصالة العموم في العام وأصالة الجهة فيه، ولا إشكال في تقديم الأول على الثاني، للعلم التفصيلي بسقوط اصالة الظهور على كل حال، لأن حجية الظهور إنما هي فيما لو أحرز كون المتكلم في مقام بيان الواقع، ففي المقام يعلم بان أصالة الظهور على خلاف الواقع، إما لعدم العموم، أو لعدم كون المتكلم في مقام بيان الواقع، والشك في سقوط اصالة الجهة حينئذ بلا معارض يوجب وجوب الاخذ بها وعدم رفع اليد عنها، نعم لو تأخر العام عن الخاص دار الامر بين سقوط أصالة العموم في العام وسقوط اصالة الجهة في الخاص، ولا علم تفصيلي بسقوط إحداهما بعينها كما في الصورة الاولى، فلابد في تقديم الثانية على الأولى من مرجح وهو قوة أصالة الجهة بالنسبة إلى اصالة الظهور (واما) لو كان النسخ من تخصيص الازمان (كما) هو

٥٧٩

* بالتخصيص إلا أنها غير موجبة لها كما لا يخفى، ثم إنه بناء على اعتبار عدم حضور وقت العمل في التخصيص لئلا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة يشكل الامر في تخصيص الكتاب أو السنة بالخصوصات الصادرة عن الائمة (عليهم السلام) فانها صادرة بعد حضور وقت العمل بعموماتها والتزام - نسخها بها - ولو قيل بجواز نسخهما بالرواية عنهم - كما ترى فلا محيص في حله من أن يقال: إن اعتبار ذلك حيث كان لأجل قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة، وكان من الواضح أن ذلك فيما إذا لم يكن هناك مصلحة في اخفاء الخصوصات أو مفسدة في ابدائها كاخفاء غير واحد من التكاليف في الصدر الاول لم يكن بأس بتخصيص عموماتها بها واستكشاف ان موردها كان خارجا عن حكم العام واقعا وإن كان داخلا فيه ظاهرا، ولأجله لا باس بالالتزام بالنسخ بمعني رفع اليد بها عن ظهور تلك العمومات باطلاقها في الاستمرار والدوام أيضا فتفطن.

______________________________

المشهور، وعليه بني المصنف (قده) الاشكال - فلا وجه لتقديم التخصيص عندهم إلا الأشيعية والأغلبية، وحينئذ فيشكل بأن الأغلبية انما تكون منشأ لتقديم التخصيص لو كانت بمثابة تعد من القرائن المكتنفة بالكلام بحيث تصلح لصرف الظهور، لكن لا يخفى انه يكفي اقل من هذا المقدار فإنها وإن لم تكن كالقرائن المكتنفة لكن إذا كانت موجبة لقوة أحد الظهورين على الآخر بحيث يكون العرف يرى الجمع بينهما بالتصرف في أحدهما دون الآخر كانت كافية، ومن المعلوم ثبوت هذا المقدار، فان ظهور الكلام الوارد من قبل الشارع في كونه حكما قانونيا مستمرا باستمرار الزمان أقوى من ظهور العام في العموم بعد شيوع التخصيص جدا، حتى قيل: ما من عام الا وقد خص مضافا الى ما قيل من ان النسخ يوجب التصرف في الكلامين: ظهور المنسوخ في الاستمرار والناسخ في كونه ثابتا من مبدأ الشريعة لا من حين صدوره، بخلاف التخصيص فانه ليس فيه الا رفع اليد عن ظهور العام فتأمل (قوله: كما ترى... الخ) فانه يتوقف على امكان نسخهم

٥٨٠