الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات0%

الشفاء الإلهيّات مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف: مكتبة الفلسفة والعرفان
الصفحات: 489

الشفاء الإلهيّات

مؤلف: ابن سينا
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف:

الصفحات: 489
المشاهدات: 93925
تحميل: 8061

توضيحات:

الشفاء الإلهيّات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 489 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93925 / تحميل: 8061
الحجم الحجم الحجم
الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات

مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
العربية

وقد فرضت (١) علة (٢) تمامية (٣) فإذا كان كذلك فمن جوز (٤) أن تكون العلل التمامية تستمر واحدة بعد أخرى (٥) ، فقد رفع العلل التمامية في (٦) أنفسها (٧) ، وأبطل طبيعة الخير التي هي العلة (٨) التمامية ، إذ الخير هو الذي يطلب لذاته ، وسائر الأشياء تطلب لأجله ، فإذا كان شيء يطلب لشيء آخر كان نافعا لا خيرا حقيقيا (٩) ، فقد اتضح أن في إيجاب لا تناهي العلل التمامية رفع العلل التمامية ، فإن من جوز أن (١٠) وراء كل تمام تماما فقد أبطل فعل العقل ، فإنه من البين بنفسه أن العاقل إنما يفعل (١١) ما يفعل (١٢) بالعقل ، لأنه يؤم مقصودا وغاية (١٣) ، حتى إنه (١٤) إذا كان (١٥) فاعل ما منا يفعل (١٦) فعلا وليس له غاية عقلية ، قيل إنه يعبث ويجازف (١٧) ويفعل لا بما هو ذو عقل ، ولكن بما هو حيوان ، وإذا كان هذا هكذا فيجب أن تكون الأمور التي يفعلها العاقل بما هو عاقل (١٨) محدودة ، تفيد غايات مقصودة لأنفسها ، وإذا كان الفعل العقلي لا يكون إلا محدود الغاية ، وليس ذلك للفعل العقلي من جهة ما هو فعل عقلي ، بل من جهة ما هو فعل (١٩) يؤم به الفاعل الغاية ، فهو إذن كذلك من جهة ما هو ذو غاية ، فإذن كونه ذا غاية يمنع أن يكون لكل غاية غاية (٢٠) ، فظاهر أنه لا يصح قول القائل : إن كل غاية وراءها غاية ، وأما (٢١) الأفعال الطبيعية والحيوانية ، فقد علم أيضا (٢٢) في (٢٣) مواضع أخرى أنها لغايات (٢٤).

وأما العلة الصورية للشيء فيفهم عن قريب تناهيها بما قيل في المنطق ، وبما علم من تناهي الأجزاء الموجودة للشيء بالفعل على ترتيب طبيعي ، وأن الصورة التامة للشيء واحدة ، وأن الكثير يقع منها (٢٥) على نحو العموم والخصوص ، وأن العموم والخصوص يقتضي الترتيب الطبيعي ، وما له ترتيب طبيعي فقد علم (٢٦) تناهيه ، وفي تأمل (٢٧) هذا القدر كفاية وغنية عن التطويل.

__________________

(٣) وقد فرضت علة تمامية : ساقطة من م. (١) فرضت : + أنه د. (٢) علة : علته د. (٤) جوز : زعم د. (٥) أخرى : واحدة ط. (٦) فى : ساقطة من ص ، ط. (٧) أنفسها : نفسها د. (٨) العلة : للعلة د. (٩) حقيقيا : ساقطة من م. (١٠) أن : + يكون ص. (١١) إنما يفعل : ساقطة من د ، ط. (١٢) ما يفعل : بالفعل ص. (١٣) وغاية : + نعنى د. (١٤) إنه : إن ح ، م ، هـ ؛ ساقطة من ب. (١٥) إذا كان : كل د ، م. (١٦) يفعل : + الى د. (١٧) ويجازف : ساقطة من ب. (١٨) عاقل : فاعل د. (١٩) بل من جهة من هو فعل : ساقطة من ح ، ص ، ط .. (٢٠) لكل غاية غاية : لكل غاية د. (٢١) وأما : فأما ، م. (٢٢) أيضا : ساقطة من م. (٢٣) فى : من د. (٢٤) لغايات : الغايات ح ، ط ، ص ، م. (٢٥) منها : فيها ح ، د ، ص ، ط ، م. (٢٦) علم : عرف ص ، عرفت ح. (٢٧) وفى تأمل : ويتأمل ح ، م.

٣٤١

ونبتدئ فنقول : إذا (١) قلنا مبدأ أول فاعلي ، بل مبدأ أول مطلق (٢) فيجب أن يكون واحدا. وأما إذا قلنا علة أولى عنصرية ، وعلة (٣) أولى صورية ، وغير ذلك ، لم يجب (٤) أن تكون واحدة وجوب ذلك في واجب (٥) الوجود ، لأنه (٦) لا تكون ولا واحد (٧) منها علة أولى مطلقا ، لأن واجب (٨) الوجود واحد ، وهو في طبقة المبدإ الفاعلي ، فيكون الواحد الواجب الوجود هو أيضا مبدأ وعلة (٩) لتلك الأوائل.

فقد بان من هذا ومما سلف لنا شرحه ، أن (١٠) واجب الوجود واحد بالعدد ، وبان أن ما سواه إذا اعتبر ذاته (١١) كان ممكنا في وجوده ، فكان معلولا ، ولاح أنه ينتهي في المعلولية لا محالة إليه ، فإذن كل شيء إلا الواحد الذي هو (١٢) لذاته واحد ، والموجود الذي هو لذاته موجود ، فإنه مستفيد الوجود (١٣) عن غيره ، وأيس به ، وليس (١٤) في ذاته ، وهذا المعنى كون الشيء مبدعا أي نائل الوجود عن غيره ، وله عدم يستحقه في ذاته مطلق ، ليس إنما يستحق العدم بصورته (١٥) دون مادته ، أو بمادته (١٦) دون صورته ، بل بكليته (١٧) ، فكليته (١٨) إذا لم تقترن (١٩) بإيجاب الموجد له ، واحتسب أنه منقطع عنه وجب عدمه بكليته ، فإذن إيجاده عن الموجد له بكليته ، فليس جزء منه يسبق وجوده بالقياس إلى هذا المعنى ، لا مادته ولا صورته (٢٠) ، إن كان ذا مادة وصورة.

فالكل إذن بالقياس إلى العلة الأولى مبدع ، وليس إيجاده لما يوجد عنه إيجادا يمكن العدم البتة من جواهر الأشياء بل إيجادا (٢١) يمنع العدم مطلقا فيما يحتمل السرمد ، فذلك (٢٢) هو الإبداع المطلق ، والتأييس المطلق ليس (٢٣) تأييسا ما ، وكل شيء حادث عن ذلك الواحد ، وذلك الواحد محدث له إذ المحدث هو الذي كان بعد ما لم يكن ، وهذا البعد إن كان زمانيا سبقه القبل وعدم مع حدوثه ، فكان شيء (٢٤) هو الموصوف بأنه قبله (٢٥) ، وليس الآن ،

__________________

(١) إذا : فإذا م. (٢) مطلق : ساقطة من ط. (٣) أولى عنصرية وعلة : ساقطة من د. (٤) لم يجب : فلم يجب ب ، ط. (٥) فى واجب : فى الواجب ب ، د ، م. (٦) لأنه : ولأنه د. (٧) ولا واحد : ولا واحدا ح ، ص ، ط. (٨) واجب : الواجب ب ، م. (٩) أيضا مبدأ وعلة : مبدأ أيضا ب ، ح ، د ، م ؛ علة أيضا ص. (١٠) أن : ساقطة من ح ، ص ، ط. (١١) ذاته : بذاته ط. (١٢) هو : ساقطة من م. (١٣) الوجود : للوجود ح ، ص ، ط. (١٤) وليس : ليس ب ، م : أيس ح ، ص ، ط. (١٥) بصورته : فصورته م. (١٦) بمادته : مادته د ، م. (١٧) بكليته : بكلية ح ، د ، ص ، ط. (١٨) فكليته : وكلية ح ، ص ، ط ؛ وكليته م ؛ لكليته د. (١٩) تقترن : تقرن ب ، ح ، ص ، ط. (٢٠) ولا صورته : وصورته م. (٢١) إيجادا : إيجاد ب. (٢٢) فذلك : فلذلك ب ، ح ، د ، م. (٢٣) ليس : ساقطة من د. (٢٤) فكان شيء : فكان للشيء ط ؛ وكان شيء ص. (٢٥) قبله : + زمانا ص ، ط.

٣٤٢

فلم يكن يتهيأ أن يحدث شيء إلا وقبله شيء آخر يعدم بوجوده ، فيكون الإحداث عن الليس المطلق وهو الإبداع باطلا لا معنى له بل البعد الذي هاهنا هو البعد الذي بالذات (١) ، فإن الأمر الذي للشيء من تلقاء نفسه قبل (٢) الذي (٣) له من غيره (٤) ، وإذا كان له من غيره الوجود والوجوب فله من نفسه العدم والإمكان ، وكان عدمه قبل وجوده ، ووجوه بعد عدمه قبلية وبعدية بالذات ، فكل (٥) شيء غير الأول الواحد فوجوده (٦) بعد ما لم يكن (٧) باستحقاق نفسه.

[ الفصل الرابع ]

( د ) فصل

(٨) في الصفات الأولى (٩) للمبدإ الواجب (١٠) الوجود

فقد ثبت لك الآن (١١) شيء واجب الوجود ، وكان ثبت لك أن واجب الوجود واحد ، فواجب الوجود واحد (١٢) لا يشاركه في رتبته شيء ، فلا شيء سواه واجب الوجود ، وإذ لا شيء سواه واجب الوجود ، فهو مبدأ وجوب (١٣) الوجود لكل (١٤) شيء ، ويوجبه إيجابا أوليا أو بواسطة ، وإذا كان كل شيء غيره فوجوده من وجوده فهو أول. ولا نعني بالأول معنى ينضاف (١٥) إلى وجوب وجوده حتى يتكثر به وجوب وجوده ، بل نعني به اعتبار إضافته إلى غيره.

واعلم أنا إذا قلنا بل بينا أن واجب الوجود لا يتكثر بوجه من الوجوه ، وأن ذاته وحداني صرف محض حق ، فلا نعني بذلك أنه أيضا لا يسلب عنه وجودات ، ولا تقع

__________________

(١) الذي بالذات : بالذات ب. (٢) قبل : + الإبداع ح. (٣) الذي : التي د. (٤) غيره : غير د. (٥) فكل : وكل ح ، ط. (٦) فوجوده : موجود ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٧) يكن : + موجودا ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٨) فصل : ساقطة من د. (٩) فى الصفات الأولى : فى الصفات الأول ح ؛ فى صفات الأول ص. (١٠) الواجب : لواجب م. (١١) الآن : ساقطة من م. (١٢) فواجب الوجود واحد : ساقطة من د ، م. (١٣) وجوب : الوجوب د. (١٤) الوجود لكل : وجود كل ب ، د ، ص ، ط ، م. (١٥) ينضاف : مضاف ب.

٣٤٣

له إضافة إلى وجودات ، فإن هذا لا يمكن. وذلك لأن كل موجود فيسلب عنه أنحاء (١) من الوجود مختلفة كثيرة ، ولكل موجود إلى (٢) الموجودات نوع من الإضافة والنسبة ، وخصوصا الذي يفيض عنه كل وجود ، لكنا نعني بقولنا إنه وحداني (٣) الذات لا يتكثر أنه كذلك في ذاته ، ثم إن تبعته إضافات إيجابية وسلبية (٤) كثيرة فتلك (٥) لوازم للذات معلولة للذات ، توجد بعد وجود الذات ، وليست (٦) مقومة للذات ولا أجزاء لها (٧).

فإن قال قائل : فإن كانت تلك معلولة (٨) فلها أيضا إضافة أخرى ، ويذهب إلى غير النهاية.

فإنا نكلفه أن يتأمل ما حققناه في باب المضاف من هذا الفن ، حيث أردنا أن نبين أن الإضافة تتناهى وفي (٩) ذلك انحلال شكه.

ونعود فنقول : إن الأول لا ماهية له غير الإنية ، وقد عرفت معنى الماهية ، وبما ذا (١٠) تفارق الإنية فيما تفارقه في افتتاح (١١) (١٢) تبياننا (١٣) هذا فنقول : إن واجب الوجود لا يصح أن يكون له ماهية يلزمها وجوب الوجود ، بل نقول من رأس : إن واجب الوجود قد (١٤) يعقل نفس واجب الوجود ، كالواحد قد يعقل نفس الواحد ، وقد يعقل من ذلك أن ماهيته هي مثلا إنسان أو جوهر آخر من الجواهر ، وذلك (١٥) الإنسان هو الذي هو واجب الوجود ، كما أنه قد يعقل من الواحد أنه ماء أو هواء أو إنسان وهو واحد.

وقد تتأمل فتعلم (١٦) ذلك مما وقع فيه الاختلاف في (١٧) أن المبدأ في الطبيعيات واحد أو كثير.

فبعضهم جعل المبدأ واحدا ، وبعضهم جعله (١٨) كثيرا.

__________________

(١) أنحاء : أنحانا د. (٢) إلى : من د ، ص ، ط. (٣) وحدانى : أحدى ح ، ص ، ط. (٤) وسلبية : أو سلبية م. (٥) فتلك : لوازم د. (٦) وليست : ليست د. (٧) ولا أجزاء لها : والأجزاء لها د. (٨) معلوله : + لها د. (٩) وفى : بقى د ؛ ففى م. (١٠) وبما ذا : بما ذا م. (١١) فيما تفارقه فى افتتاح : ساقطة من د. (١٢) افتتاح : ابتداء م. (١٣) تبياننا : بيانها د. (١٤) قد : ساقطة من ب. (١٥) وذلك : ذلك ب ، م. (١٦) تتأمل فتعلم : بينا د. (١٧) فى : وفى ح. (١٨) وبعضهم جعله : وجعل بعضهم د.

٣٤٤

والذي جعله منهم واحدا فمنهم من جعل المبدأ الأول لا ذات الواحد ، بل شيئا هو الواحد ، مثل ماء أو هواء أو نار (١) أو غير ذلك.

ومنهم من جعل المبدأ (٢) ذات الواحد من حيث هو واحد ، لا شيء عرض له الواحد ، ففرق إذن بين ماهية (٣) يعرض لها (٤) الواحد والموجود ، وبين (٥) الواحد والموجود من حيث هو واحد (٦) وموجود (٧).

فنقول : إن واجب الوجود لا يجوز أن يكون على الصفة التي فيها تركيب حتى يكون هناك ماهية (٨) ما ، وتكون تلك الماهية واجبة (٩) الوجود ، فيكون لتلك الماهية معنى غير حقيقتها وذلك المعنى وجوب الوجود مثلا إن كانت تلك الماهية أنه إنسان ، فيكون أنه إنسان غير أنه (١٠) واجب الوجود ، فحينئذ (١١) لا يخلو (١٢) إما أن يكون لقولنا وجوب الوجود هناك حقيقة ، أو لا يكون ، ومحال أن لا يكون لهذا المعنى حقيقة ، وهي مبدأ كل حقيقة ، بل هي تؤكد الحقيقة وتصححها (١٣).

فإن كان له (١٤) حقيقة وهي غير تلك (١٥) الماهية ، فإن كان ذلك الوجوب من الوجود يلزمه أن يتعلق بتلك الماهية ولا يجب دونها ، فيكون معنى واجب الوجود من حيث هو واجب الوجود يوجد بشيء ليس هو ، فلا يكون (١٦) واجب الوجود ، من حيث هو واجب الوجود ، وبالنظر إلى (١٧) ذاته من حيث هو واجب الوجود ليس (١٨) بواجب الوجود ، لأن له شيئا به يجب ، وهذا محال إذا أخذ (١٩) مطلقا غير مقيد بالوجود الصرف الذي يلحق الماهية ، وإذا أخذ لاحقا للماهية (٢٠) فإنه وإن كان قد يقارن (٢١) ذلك (٢٢) الشيء فليست (٢٣) تلك الماهية البتة

__________________

(١) أو نار : ونار د (٢) لا ذات الواحد .... من جعل المبدأ : ساقطة من م .. (٣) ماهية : ماهيته ص ، م. (٤) لها : له ح ، د ، م. (٥) وبين : ومن م. (٦) واحد : واجب د. (٧) وموجود : ساقطة من ح ، د ، ص ، ط ، م. (٨) ماهية : ماهيته م. (٩) واجبة : واجب ح. (١٠) غير أنه : غيره. (١١) فحينئذ : محال ح ، ص ، ط ؛ ومحال د. (١٢) لا يخلو : ولا يخلو د. (١٣) وتصححها : فتصححها م. (١٤) كان له : كانت له م. (١٥) تلك : ذلك د. (١٦) فلا يكون : فيكون ب ، ح ، ص ، ط. (١٧) إلى : فى ب ، د ، م. (١٨) ليس : ساقطة من د. (١٩) أخذ : أخذنا ح. (٢٠) للماهية : لماهيته م ؛ لماهية د. (٢١) يقارن : يفارق د ، م. (٢٢) ذلك : + ذلك ح. (٢٣) فليست : فليس ب ، ط.

٣٤٥

واجبة (١) الوجود مطلقا ، ولا عارضا لها وجوب الوجود مطلقا ، لأنها لا تجب في كل (٢) وقت ، وواجب (٣) الوجود مطلقا (٤) يجب في كل وقت ، وليس هكذا حال الوجود (٥) إذا أخذ مطلقا غير مقيد بالوجوب الصرف الذي يلحق الماهية (٦) (٧) ، فلا ضير (٨) لو قال قائل (٩) : إن ذلك الوجود (١٠) معلول للماهية (١١) من هذه الجهة أو لشيء (١٢) آخر.

وذلك لأن الوجود يجوز أن يكون معلولا ، والوجوب المطلق الذي بالذات (١٣) لا يكون معلولا ، فبقي أن يكون واجب الوجود بالذات مطلقا متحققا من حيث هو واجب الوجود بنفسه ، واجب الوجود من (١٤) دون تلك الماهية ، فتكون تلك الماهية عارضة لواجب (١٥) الوجود المتحقق القوام بنفسه إن كان يمكن ، فواجب الوجود مشار (١٦) إليه بالعقل (١٧) في ذاته ، ويتحقق (١٨) واجب الوجود وإن لم (١٩) تكن تلك (٢٠) الماهية العارضة (٢١) ، فإذن ليست تلك الماهية ماهية للشيء (٢٢) المشار إليه بالعقل أنه واجب الوجود ، بل ماهية لشيء (٢٣) آخر لا حق له ، وقد كانت فرضت ماهية (٢٤) لذلك الشيء لا شيء آخر (٢٥) ، هذا خلف ، فلا ماهية لواجب الوجود غير أنه واجب الوجود ، وهذه هي الإنية.

ونقول (٢٦) : إن الإنية والوجود لو صارا (٢٧) عارضين للماهية فلا يخلو (٢٨) إما (٢٩) أن يلزمها (٣٠) لذاتها ، أو لشيء من خارج ، ومحال أن يكون لذات (٣١) الماهية ، فإن التابع (٣٢) لا يتبع إلا موجودا فيلزم أن يكون للماهية وجود قبل وجودها ، وهذا محال (٣٣) (٣٤). ونقول (٣٥) إن كل ما له ماهية غير

__________________

(١) واجبة : بواجب د ، م : واجب ح ، ص ، ط. (٢) كل : ساقطة من م. (٣) وواجب : وهو واجب ط. (٤) مطلقا : ساقطة من د. (٥) الوجود : الوجوب ب ، ص. (٦) إذا أخذ مطلقا ... يلحق الماهية : ساقطة من م. (٧) الذي يلحق الماهية : إذا أخذ لاحقا لماهيته د ، ط. (٨) فلا ضير : فإنه لا ضير ط. (٩) قائل : النائل د ، م. (١٠) الوجود : الوضع ط. (١١) للماهية : لماهية ب ، د ، م. (١٢) لشيء : بشيء ح. (١٣) الذي بالذات : الذي للذات د. (١٤) الوجود من : الوجود م. (١٥) لواجب : لوجوب م. (١٦) مشار : المشار ب ، ح ، د ، ص ، ط. (١٧) بالعقل : بالفعل د. (١٨) ويتحقق : يتحقق ب ، ص ، ط. (١٩) لم : ساقطة من ط. (٢٠) تلك : ساقطة من م. (٢١) العارضة : العرضية د. (٢٢) ماهية للشيء : ماهيته الشىء ط ، م. (٢٣) لشيء : شيء م. (٢٤) ماهية : + له د. (٢٥) لا شيء آخر : ساقطة من ب ، ص ، ط ؛ وشيء آخر م ؛ وشيئا آخر د. (٢٦) ونقول : بل نقول ب ، ط. (٣١) ونقول أن الإنية : ... يكون لذات : ساقطة من م. (٢٧) لو صارا : ساقطة من ط. (٢٨) فلا يخلو : ولا يخلو ب. (٢٩) إما : ساقطة من ب. (٣٠) يلزمها : يلزمه د. (٣٢) التابع : البالغ ب. (٣٣) وهذا محال : ساقطة من ب. (٣٤) الماهية ... محال : ساقطة من م. (٣٥) ونقول : فنقول ب.

٣٤٦

الإنية فهو معلول ، وذلك لأنك علمت أن الإنية والوجود لا يقوم من الماهية التي هي خارجة عن الإنية مقام الأمر المقوم ، فيكون من اللوازم ، فلا يخلو :

إما أن يلزم الماهية لأنها تلك الماهية

وإما أن يكون لزومها إياها بسبب شيء. ومعنى قولنا اللزوم اتباع الوجود ، ولن (١) يتبع موجود إلا موجودا ، فإن كانت الإنية تتبع الماهية وتلزمها لنفسها ، فتكون الإنية قد تبعت في جودها وجودا ، وكل ما يتبع في وجوده وجودا فإن متبوعه موجود بالذات قبله ، فتكون الماهية موجودة بذاتها قبل وجودها (٢) ، وهذا خلف. فبقي (٣) أن يكون الوجود لها عن علة ، فكل (٤) ذي ماهية (٥) معلول ، وسائر الأشياء غير الواجب الوجود فلها ماهيات ، وتلك (٦) الماهيات (٧) هي التي (٨) بأنفسها ممكنة الوجود ، وإنما يعرض لها وجود من خارج.

فالأول لا ماهية له ، وذوات الماهيات (٩) يفيض عليها (١٠) الوجود منه ، فهو مجرد الوجود بشرط سلب العدم وسائر الأوصاف عنه ، ثم سائر الأشياء التي لها ماهيات فإنها (١١) ممكنة توجد به ، وليس معنى قولي : إنه مجرد الوجود (١٢) بشرط (١٣) سلب سائر الزوائد عنه أنه الوجود (١٤) المطلق المشترك فيه إن (١٥) كان موجود هذه صفته ، فإن ذلك ليس الموجود المجرد بشرط السلب بل الموجود لا بشرط الإيجاب ، أعني في الأول أنه الموجود مع شرط لا زيادة (١٦) تركيب ، وهذا (١٧) الآخر هو الموجد لا بشرط الزيادة ، فلهذا ما كان الكلي يحمل على كل شيء ، وذلك (١٨) لا يحمل على كل (١٩) ما هناك زيادة ، وكل شيء غيره فهناك زيادة.

والأول أيضا لا جنس له (٢٠) ، وذلك لأن الأول لا ماهية له ، وما لا ماهية له فلا جنس له ، إذ الجنس مقول في جواب ما هو والجنس من وجه هو بعض الشيء ، والأول قد تحقق أنه غير مركب.

__________________

(١) ولن : ولمن د. (٢) وجودها : + أى وجود الماهية ب ، ح ، ص ، ط. (٣) فبقى : فيبقى ط. (٤) فكل : وكل د. (٥) ماهية : + هى د ، م. (٦) وتلك : تلك ب ، د ، ص ، ح ، م. (٧) الماهيات : الماهية ب. (٨) التي : + هى ص ، ط. (٩) الماهيات : الماهية ب ، ح ، ص ، ط. (١٠) عليها : عليه د. (١١) فإنها : وأنها ص. (١٢) الوجود ( الأولى ) : الموجود م. (١٣) بشرط : وبشرط د. (١٤) الوجود ( الثانية ) : الموجود ب ، ح ، د ، م. (١٥) إن : إذا د. (١٦) لا زيادة : لا زيادات ه. (١٧) وهذا : وهذه د. (١٨) وذلك : وهذا ب ، د ، ص ، ط ، م. (١٩) على كل : + شيء ب ؛ على ح ، ص ، ط ، م. (٢٠) له ( الأولى ) : ساقطة من ب.

٣٤٧

وأيضا أن معنى الجنس لا يخلو :

إما أن يكون واجب الوجود فلا يتوقف إلى أن يكون هناك فصل (١).

وإن لم يكن واجب الوجود وكان مقوما لواجب (٢) الوجود كان واجب الوجود متقوما بما ليس بواجب الوجود ، وهذا خلف ، فالأول لا جنس له.

ولذلك (٣) فإن الأول لا فصل له ، وإذ لا جنس له ولا فصل له فلا حد له ، ولا برهان عليه ، لأنه لا علة له ، ولذلك (٤) لا لم له ، وستعلم (٥) أنه لا لمية لفعله. ولقائل أن يقول : إنكم إن تحاشيتم (٦) أن تطلقوا على الأول اسم الجوهر فلستم (٧) تتحاشون أن تطلقوا عليه معناه ، وذلك لأنه موجود لا في موضوع ، وهذا (٨) المعنى هو (٩) الجوهر الذي جنستموه (١٠) له. فنقول : ليس هذا معنى الجوهر الذي جنساه (١١) ، بل معنى ذلك أنه الشيء ذو الماهية المتقررة (١٢) الذي (١٣) وجوده (١٤) ليس في موضوع كجسم (١٥) أو نفس ، والدليل على أنه إذا لم يعن بالجوهر هذا لم يكن جنسا البتة ، هو أن (١٦) المدلول عليه بلفظ (١٧) الموجود ليس يقتضي جنسيته (١٨) ، والسلب (١٩) الذي يلحق به لا يزيد ، على الوجود إلا نسبة مباينة : وهذا المعنى ليس فيه إثبات (٢٠) شيء محصل (٢١) بعد الوجود ، ولا هو معنى لشيء بذاته ، بل هو بالنسبة فقط ، فالموجود لا في موضوع إنما المعنى الإثباتي فيه الذي يجوز أن يكون لذات ما ، هو الموجود ، وبعده شيء سلبي ومضاف خارج عن الهوية التي (٢٢) تكون للشيء. فهذا المعنى إن أخذ على هذا الوجه لم يكن جنسا ، وأنت قد علمت هذا في المنطق علما متقنا (٢٣).

وقد علمت (٢٤) في المنطق أيضا أنا إذا قلنا : كل « ا » مثلا ، عنينا كل شيء موصوف بأنه « ا » ولو كانت (٢٥) له حقيقة غير الألفية ، فقولنا في حد الجوهر : إنه الموجود لا في موضوع ،

__________________

(١) فصل : ساقطة من ط. (٢) لواجب : بواجب ح ، ص ، ط. (٣) ولذلك : وكذلك د ، ص. (٤) ولذلك : وكذلك د ، ص ، ط ، م. (٥) وستعلم : وستعلم ب. (٦) إن تحاشيتم : إن حاشيتم ح ؛ حاشيتم م. (٧) فلستم : ساقطة من ط. (٨) وهذا : هذا م. (٩) المعنى هو : معنى ط ؛ المعنى د ؛ المعنى هو معنى م. (١٠) جنستموه : جنبتموه له ب ، د ؛ حددتموه ج. (١١) جنسناه : جنبناه ب ، د. (١٢) المتقررة : المنفردة د ؛ ساقطة من م. (١٣) الذي : التي له فى د. (١٤) وجوده : + وجود ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٥) كجسم : لجسم م. (١٦) هو أن : وأن د. (١٧) بلفظ : بلفظة م. (١٨) جنسيته : جنسية د ، م. (١٩) السلب : ساقطة من ط. (٢٠) إثبات : الثبات ط. (٢١) محصل : يحصل د. (٢٢) التي : + أن ح. (٢٣) متقنا : متيقنا د. (٢٤) علمت : تعلمت ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٢٥) كانت : كان ...

٣٤٨

معناه أنه الشيء الذي يقال عليه موجود لا في موضوع ، على أن الموجود لا في موضوع محمول عليه ، وله (١) في نفسه ماهية مثل الإنسان والحجر (٢) ، والشجر ، فهكذا يجب أن يتصور الجوهر حتى يكون جنسا. والدليل على أن بين الأمرين فرقا و (٣) أن الجنس أحدهما دون الآخر ، أنك تقول لشخص إنسان ما مجهول الوجود : إنه لا محالة هو ما وجوده أن لا يكون في موضوع ، ولا تقول : إنه لا محالة موجود الآن (٤) لا في موضوع ، وكأنا قد بالغنا في تعريف هذا حيث تكلمنا في المنطق.

[ الفصل الخامس ]

( هـ ) فصل

(٥) كأنه توكيد وتكرار (٦) لما سلف من توحيد واجب الوجود

وجميع صفاته السلبية على سبيل الإنتاج

وبالحري أن نعيد القول في أن حقيقة الأول موجودة للأول دون غيره ، وذلك لأن الواحد ـ بما (٧) هو واجب الوجود ـ يكون (٨) ما هو به هو (٩) ، وهو ذاته ، ومعناه إما مقصورا عليه لذات ذلك (١٠) (١١) المعنى ، أو لعلة ، مثلا : لو كان (١٢) الشيء الواجب الوجود (١٣) هو هذا (١٤) الإنسان ، فلا يخلو إما أن يكون هو هذا للإنسانية ولأنه إنسان ، أو لا يكون.

فإن كان لأنه إنسان هو هذا ، فالإنسانية تقتضي أن يكون هذا فقط ، فإن وجدت لغيره فما اقتضت الإنسانية أن يكون هذا (١٥) ، بل إنما صار هذا لأمر (١٦) غير الإنسانية.

وكذلك الحال (١٧) في حقيقة واجب الوجود ، فإنها إن كانت لأجل نفسها هي (١٨) هذا المعين (١٩) استحال أن تكون تلك الحقيقة لغيره ، فتكون تلك الحقيقة ليست إلا (٢٠) هذا. وإن كان

__________________

(١) وله : ولا د. (٢) والحجر : ساقطة من ب ، ط ، ص. (٣) فرقا و : ساقطة من ط. (٤) الآن : ساقطة من د. (٥) فصل : ساقطة من د. (٦) توكيد وتكرار : تأكيد أو تكرار ب ، د ، م ؛ تكرار وتأكيد ح ؛ تأكيد وتكرار ص. (٧) بما : مما ب ، م. (٨) يكون : ويكون ط. (٩) به هو : به د. (١٠) لذات ذلك : لذلك م. (١١) ذلك : ساقطة من ب ، د. (١٢) كان : + فى د. (١٣) الوجود : + شيئا ط ؛ + شيء د. (١٤) هو هذا : + الإنسان ط. (١٥) هذا : + هذا ب. (١٦) لأمر : الأمر ح ، د ، ص ، ط. (١٧) الحال : الحالة د. (١٨) هى : ساقطة من د. (١٩) المعين : المعنى م. (٢٠) الا : بسبب د : ساقطة من ب ، م.

٣٤٩

تحقق هذا المعنى لهذا المعين (١) لا عن ذاته ، بل عن غيره ، وإنما هو هو لأنه هذا المعين (٢) ، فيكون وجوده الخاص له مستفادا من غيره ، فلا يكون واجب (٣) الوجود ، وهذا (٤) خلف ، فإذن حقيقة الواجب الوجود الواحد فقط. وكيف تكون الماهية المجردة عن المادة لذاتين ، والشيئان إنما يكونان اثنين إما بسبب المعنى ، وإما بسبب الحامل للمعنى ، وإما بسبب الوضع أو المكان (٥) ، أو بسبب الوقت والزمان ، وبالجملة لعلة من العلل؟لأن كل اثنين لا يختلفان بالمعنى ، فإنما (٦) يختلفان بشيء (٧) عارض للمعنى مقارن له ، فكل (٨) ما ليس له وجود إلا وجود معنى (٩) ، ولا يتعلق بسبب خارج أو حالة (١٠) خارجة ، فبما ذا يخالف مثله؟ فإذن لا يكون له مشارك في معناه ، فالأول لا ند له.

وأيضا ، فإنا نقول : إن وجوب الوجود لا يجوز أن يكون معنى مشتركا فيه لعدة بوجه من الوجوه ، لا متفقي الحقائق والأنواع ولا مختلفي الحقائق والأنواع.

أما أول ذلك فإن وجوب الوجود لا ماهية له تقارنه (١١) غير (١٢) وجوب الوجود ، فلا يمكن أن يكون لحقيقة وجوب الوجود اختلاف بعد وجوب الوجود.

وأيضا ، لا يخلو إما أن يكون ما يختلف به (١٣) آحاد واجب الوجود بعد الاتفاق في وجوب الوجود أشياء موجودة لكل واحد من المتفقين فيه بها يخالفه (١٤) صاحبه ، أو غير موجودة (١٥) لشيء منها ، أو موجودة لبعضها وليس في البعض الآخر إلا عدمها. فإن كانت غير موجودة (١٦) وليس هناك شيء يقع به الاختلاف بعد الاتفاق ، فلا اختلاف بينهما (١٧) في الحقائق ، فهي متفقة الحقائق ، وقد قلنا إنها تختلف حقائقها بعد ما اشتركت فيه ، وإن (١٨) كانت (١٩) غير موجودة في بعضها وموجودة (٢٠) في بعضها ، مثلا أن يكون أحدهما

__________________

(١) المعين ( الأولى ) : المعنى م. (٢) المعين ( الثانية ) : المعنى م. (٣) الواجب : واجب ب ، ح ، ط. (٤) وهذا هذا ، م. (٥) أو المكان : والمكان ب ، ح ، د ، ص ، م. (٦) فإنما : وإنما ح ، ص ، ط. (٧) بشيء : لشيء م. (٨) فكل : وكل د ، ط. (٩) معنى : معين د ؛ + معين ط. (١٠) أو حالة : وحالة م. (١١) تقارنه : مقارنة ب. (١٢) غير : عن م. (١٣) به : ساقطة من د. (١٤) يخالفه : يخالف ب ، د ، م. (١٥) أو غير موجودة : أو غير موجود د. (١٦) لشيء منها ... غير موجودة : ساقطة من م. (١٧) بينهما : ساقطة من م. (١٨) وإن : فإن ط ، م. (١٩) كانت : كان ب ؛ + فيه د. (٢٠) وموجودة ؛ وموجودا ب ، ط ، م ؛ أو موجودة د.

٣٥٠

انفصل (١) عن الآخر بأن له (٢) حقيقة وجوب الوجود ، وشيئا (٣) هو الشرط في الانفصال ، وللآخر حقيقة وجوب الوجود (٤) مع عدم الشرط الذي لذلك ، وإنما فارقه لأجل هذا العدم فقط ، وليس هناك شيء إلا العدم ينفصل به عن (٥) الآخر ، فيكون من شأن وجوب الوجود بالحقيقة (٦) التي له أن تثبت قائمة مع عدم شرط يلحق به ، والعدم (٧) لا معنى له محصلا في الأشياء ، وإلا لكان في شيء واحد معان بلا نهاية فإن فيه اختلاف (٨) أشياء بلا نهاية.

فلا يخلو إما أن يكون وجوب الوجود متحققا في الثاني من دون الزيادة التي له ، أو لا يكون. فإن لم يكن ، فيكون ليس له دونه وجوب الوجود ، ويكون شرطا في وجوب الوجود (٩) في الآخر أيضا. وإن كان ، فتكون الزيادة فصلا أيضا ، وليس من (١٠) شرط (١١) وجوب الوجود ، وهو مع ذلك مركب ، وواجب الوجود غير مركب. وإن كان لكل واحد منهما (١٢) ما ينفصل به (١٣) عن الآخر ، فهو يقتضي التركيب في كل واحد منهما (١٤).

ثم لا يخلو أيضا ، إما أن يكون وجوب الوجود يتم وجوب وجود (١٥) دون كل واحد من الزيادتين ، أو يكون ذلك شرطا له في أن يتم. فإن تم ، فوجوب الوجود لا اختلاف فيه بالذات (١٦) ، إنما الاختلاف في (١٧) العوارض التي تلحقه (١٨) ، وقد قام الوجود واجبا مستغنيا في قوامه عن تلك اللواحق.

وإن لم يتم فلا يخلو : إما أن (١٩) لا يتم دون ذلك في أن يكون له حقيقة وجوب الوجود ، وإما (٢٠) أن يكون وجوب الوجود معنى متحققا في نفسه ، وليس ذانك ولا أحدهما داخلا في هويته من حيث هو واجب الوجود ، ولكنه لا بد من أن يصير حاصل الوجود

__________________

(١) انفصل : انفصال د. (٢) عن الآخر بأن له : للآخر د. (٣) وشيئا : وشىء ح ، ص ، ط. (٤) وشيئا هو الشرط ... وجوب الوجود : ساقطة من ب. (٥) عن : من ب ، د ، ط. (٦) بالحقيقة : والحقيقة ح ، د ، ص ، ط ، م. (٧) والعدم : فالعدم ط ، م. (٨) اختلاف : خلاف ب ، د ، ص ، م. (٩) الوجود : + ويكون ط. (١٠) من : فى د. (١١) شرط : ساقطة من ب ، ح ، د. (١٢) منهما : منها ص ، ط. (١٣) به : ساقطة من د. (١٤) فى كل واحد منهما : فى كل واحد منها م. (١٥) وجوب وجود : وجوب الموجود ح ؛ ساقطة من م. (١٦) بالذات : فى الذات ب ، ص ، ط. (١٧) فى : فيه م. (١٨) العوارض التي تلحقه : بعوارض تلحقه ب ، د ، ص ، ط ، م. (١٩) إما أن : + يكون ح ، د ، م. (٢٠) الوجود وإما : وجود وأما م.

٣٥١

بأحدهما ، مثل أن الهيولى ـ وإن كانت (١) لها جوهريتها في حد هيوليتها (٢) ـ فإن وجودها بالفعل إما بهذه الصورة أو بالأخرى (٣) ، وأيضا (٤) اللون ، فإنه وإن (٥) كان فصل السواد لا يقومه ـ من حيث هو لون ولا فصل البياض ـ فإن كل واحد منهما كالعلة له في أن يوجد بالفعل ويحصل ، وليس أحدهما علة له بعينه (٦) ، بل أيهما اتفق ، ولكن ذلك في حال ، وذلك في حال.

فإن كان الأمر على مقتضى الوجه الأول ، فكل (٧) واحد منهما داخل في تقويم وجوب الوجود وشرط فيه ، فحيث كان وجوب الوجود ، وجب أن يكون معه ، وإن كان على مقتضى المعنى الثاني فواجب (٨) الوجود يحتاج إلى شيء يوجد به ، فيكون واجب الوجود (٩) ـ من بعد ما يتقرر له معنى أنه واجب الوجود ـ يحتاج إلى شيء آخر يوجد به ، وهذا محال.

وأما في اللون ، وفي الهيولى ، فليس الأمر هناك على هذه الصورة ، فإن الهيولى في أنها هيولى شيء (١٠) ، واللون في أنه لون شيء ، وفي أنه موجود شيء. ونظير (١١) اللون هناك هو (١٢) واجب (١٣) الوجود هاهنا ، ونظير فصلي (١٤) السواد والبياض (١٥) هناك هو (١٦) ما يختص به كل واحد من (١٧) المفروضين (١٨) هاهنا ، فكما (١٩) أن (٢٠) كل واحد من فصلي السواد والبياض لا مدخل لهما (٢١) في تقرير (٢٢) اللونية (٢٣) ، كذلك يجب أن يكون خاصة كل واحد من هذين المفروضين لا مدخل لهما (٢٤) في تقرير (٢٥) وجوب الوجود.

__________________

(١) كانت : كان د ، م. (٢) هيوليتها : هيوليتها ح ، ص ، م. (٣) أو بالأخرى : وأما بالأخرى ب ، د ، م. (٤) وأيضا : وأما د. (٥) وإن : إن ح ، ص ، ط. (٦) بعينه : + بالفعل ب. (٧) فكل : وكل ح ، ص ، ط. (٨) فواجب : فوجوب ح ، ص ، ط ، م. (٩) يحتاج ... الوجود : ساقطة من ط. (١٠) فى أنها هيولى شيء : فى أنه هيولى شيء م ؛ فى ذاته هيولى ط. (١١) ونظير : فنظير ح ، ص ، ط ، م ؛ فيظهر د. (١٢) هو ( الأولى ) : ساقطة من د. (١٣) واجب : الواجب ح ، ص ، ط ، م. (١٤) فصلى : فصل د. (١٥) والبياض : أو البياض م. (١٦) هو : ساقطة من د. (١٧) من : + واحد ط ؛ + واحد واحد ص. (١٨) المفروضين : + به ص. (١٩) فكما : وكما ( الثانية ) ح ، د ، ص ، م. (٢٠) أن : ساقطة من ط. (٢١) لهما : له ط ، م. (٢٢) تقرير : تقرر ب ، د ، م. (٢٣) اللونية : + لونية ب ، ح ، ص ، م ؛ + لون ط. (٢٤) لهما : له ، ب ، د ، ح ، م : لها ص. (٢٥) تقرير : تقرر ب ، د ؛ + الكونية كذلك يجب أن تكون خاصة كل واحد من هذين المفروضين إلى د.

٣٥٢

وأما هناك ، فكان المدخل للفصلين في أن صار (١) اللون موجودا ، أي صار اللون شيئا هو (٢) غير اللون ، وزائدا على أنه لون ، وهاهنا (٣) ليس يمكن ذلك ، لأن وجوب الوجود يكون متقرر الوجود ، بل هو تقرر الوجود ، بل الوجود شرط في تقرير (٤) ماهية (٥) واجب (٦) الوجود ، أو هو (٧) نفسه مع عدم عدم ، أو امتناع بطلان.

وأما في اللون ، فالوجود لاحق يلحق ماهية هي اللون ، فتوجد الماهية التي هي بنفسها (٨) لون عينا (٩) موجودة بالوجود (١٠). فلو كانت الخاصة (١١) ليست (١٢) علة في تقرير (١٣) ماهية وجوب الوجود (١٤) ، بل في (١٥) أن يحصل له الوجود ، وكان الوجود أمرا خارجا عن تلك الماهية خروجها عن ماهية (١٦) اللون ، كان الأمر مستمرا على قياس سائر الأشياء (١٧) العامة المنفصلة بفصول ، وبالجملة المنقسمة في معان مختلفة ، لكن الوجود يجب أن يكون حاصلا حتى يكون وجوبه (١٨) ، فتكون الخاصة (١٩) كأنها (٢٠) تحتاج إليها كشيء (٢١) في أمر (٢٢) هو الذي استغنى فيه عنه ، وهذا فخلف ، محال (٢٣) ، بل الوجوب (٢٤) ليس له الوجود كشيء ثان يحتاج إليه ، كما للونية (٢٥) وجود ثان (٢٦) (٢٧). وبالجملة كيف يكون شيء خارج عن وجوب الوجود شرطا في وجوب الوجود؟ ومع (٢٨) ذلك فإن (٢٩) حقيقة وجوب الوجود كيف يتعلق بموجب له (٣٠) ، فيكون وجوب الوجود في نفسه إمكان الوجود؟

__________________

(١) صار : + يثبت د ، م. (٢) هو : + شيء ص. (٣) وهاهنا : وهناك ص. (٤) تقرير : تقرر ب ، م. (٥) ماهية : الماهية ح ، د. (٦) واجب : لواجب ح. (٧) أو هو : وهو ح ، ص ، ط ؛ + فى ط. (٨) التي هى بنفسها : هى هى بنفسها ط. (٩) عينا : + ما هو ط. (١٠) موجودة بالوجود : موجود بالفعل ط. (١١) الخاصة : الخاصية ب ، م. (١٢) ليست : ليس د. (١٣) تقرير : تقرر ب ، م. (١٤) الوجود ( الأولى ) : + الوجوب الوجود د. (١٥) فى : ساقطة من د. (١٦) ماهية : + تلك د. (١٧) الأشياء : الأسماء ب ، د ، م. (١٨) وجوبه : وجود به ط. (١٩) الخاصة : الخاصية ح ، ص ، ط. (٢٠) كأنها : كأنه م. (٢١) كشيء : ساقطة من ح ، ص ، ط. (٢٢) أمر : آخر م. (٢٣) محال : ساقطة من ح ، ص ، ط. (٢٦) بل الوجوب ... وجود ان : ساقطة من م. (٢٤) الوجوب : الوجوب ب ، ح ، ص. (٢٧) ثان : + حتى ص. (٢٥) كما للونية : كاللونية د. (٢٨) ومع : مع ط. (٢٩) خارج عن وجوب الوجود شرطا فى وجوب الوجود ومع ذلك فإن : غير محتاج الى وجود ثان يلحقها احتياج حقيقة اللونية الى وجود يكون لأشياء وعلة وجود م. (٣٠) له : لها ح ، د ، ص ، ط ، م.

٣٥٣

ونقرر من رأس فنقول : بالجملة إن (١) الفصول وما يجري مجراها لا يتحقق بها حقيقة المعنى الجنسي من حيث (٢) معناه ، بل (٣) إنما كانت علة لتقويم (٤) الحقيقة موجودة ، فإن الناطق ليس (٥) شرطا يتعلق به الحيوان في أن له معنى الحيوان وحقيقته ، بل في أن يكون موجودا معينا. وإذا كان المعنى (٦) العام هو نفس واجب الوجود ، وكان الفصل يحتاج إليه في أن يكون واجب الوجود موجودا ، فقد (٧) دخل ما هو كالفصل في ماهية ما هو كالجنس ، والحال فيما يقع به اختلاف غير فصلي في جميع هذا ظاهر (٨) ، فبين أن وجوب الوجود ليس مشتركا فيه ، فالأول لا شريك له ، وإذ هو بريء عن كل مادة وعلائقها وعن الفساد ، وكلاهما شرط مع (٩) ما يقع (١٠) تحت التضاد ، فالأول لا ضد له.

فقد وضح أن الأول لا جنس له ، ولا ماهية له ، ولا كيفية له ، ولا كمية له (١١) ، ولا أين له ، ولا متى له ، ولا ند له ، ولا شريك له ، ولا ضد له ، تعالى وجل ، وأنه لا حد له ، ولا برهان عليه ، بل هو البرهان على كل شيء ، بل هو (١٢) إنما عليه الدلائل الواضحة ، وأنه إذا حققته (١٣) فإنما (١٤) يوصف بعد الإنية بسلب المشابهات عنه ، وبإيجاب الإضافات كلها إليه (١٥) ، فإن كل شيء منه وليس هو مشاركا لما منه (١٦) ، وهو مبدأ (١٧) كل شيء وليس هو شيئا من الأشياء بعده.

__________________

(١) إن : ساقطة من ط. (٢) حيث : + هو ص ، ط. (٣) بل : ربما ب ، د ، ص ، ط ، م. (٤) لتقويم : بتقويم ط. (٥) ليس : ساقطة من ط. (٦) المعنى : معنى ح ، ص ، ط. (٧) فقد : ساقطة من ب ، د ، م. (٨) ظاهر : أظهر ج ، د ، ص ، ط ، م. (٩) مع : ساقطة من ب ، د ، ص ، ط ، م. (١٠) يقع : + به ط. (١١) ولا كمية له : ولا كمية ب. (١٢) شىء بل هو : شىء بل ب ، ح ، د ، ط ، م. (١٣) حققته : حقيقته ب ، ح ؛ كان حقيقته د ، ص. (١٤) فإنما : وإنما ب. (١٥) إليه : له ح ؛ + له م. (١٦) لما منه : كالماهية د ، ط. (١٧) مبدأ : ساقطة من ، ب ، د ، ح ، م.

٣٥٤

[ الفصل السادس ]

( و ) فصل

(١) في أنه تام بل فوق التام (٢) ، وخير ، ومفيد (٣) كل شيء بعده ، وأنه حق ، وأنه عقل

محض ، ويعقل (٤) كل شيء (٥) ، وكيف ذلك ، وكيف يعلم ذاته ، وكيف يعلم

الكليات (٦) ، وكيف يعلم الجزئيات ، وعلى أي وجه لا يجوز أن يقال (٧) يدركها

فواجب الوجود تام الوجود ، لأنه ليس شيء من وجوده وكمالات وجوده (٨) قاصرا عنه ، ولا شيء من جنس وجوده خارجا (٩) عن وجوده يوجد (١٠) لغيره ، كما يخرج في غيره ، مثل الإنسان ، فإن أشياء (١١) كثيرة من كمالات وجوده قاصرة عنه ، وأيضا فإن إنسانيته توجد لغيره. بل واجب الوجود فوق التمام ، لأنه (١٢) ليس إنما له الوجود الذي له فقط ، بل كل وجود أيضا فهو فاضل عن وجوده ، وله ، وفائض عنه.

وواجب الوجود بذاته (١٣) خير محض ، والخير (١٤) بالجملة (١٥) هو (١٦) ما يتشوقه كل شيء وما يتشوقه كل شيء هو الوجود ، أو كمال الوجود من باب الوجود. والعدم من حيث هو عدم لا يتشوق إليه (١٧) ، بل من حيث يتبعه وجود أو كمال للوجود ، فيكون المتشوق بالحقيقة الوجود (١٨) ، فالوجود خير محض وكمال محض.

فالخير (١٩) بالجملة هو ما يتشوقه كل شيء في حده ويتم به وجوده ، والشر لا ذات له ، بل هو إما عدم جوهر ، أو عدم صلاح لحال الجوهر. فالوجود خيرية ، وكمال الوجود

__________________

(١) فصل : ساقطة من د. (٢) التام : التمام ب ، ح ، ط ، ه. (٣) ومفيد : ويفيد ب ، د ، م. (٤) ويعقل : يعقل م. (٥) شىء : + بعده م. (٦) وكيف يعلم الكليات : وأنه كيف يعلم الكليات د. (٧) يقال : + أنه م. (٨) وكمالات وجوده : + شيئا د ، ص ، م. (٩) خارجا : خارج ب. (١٠) يوجد : ساقطة من ب ، د ، ص ، ط ، م. (١١) فإن أشياء : فى أشياء ح. (١٢) لأنه : فإنه ط. (١٣) بذاته : + هو م. (١٤) والخير : فالخير ح ، د ، م ، ه. (١٥) بالجملة : + ما ب. (١٦) هو : ساقطة من م. (١٧) إليه : ساقطة من ب ، ح ، د ، م ، ه. (١٨) للوجود : الموجود ب ، ح ، ط ؛ ساقطة من م. (١٩) فالخير : والخير ح ، د ، م.

٣٥٥

خيرية الوجود. والوجود الذي لا يقارنه عدم ـ لا عدم جوهر ، ولا عدم شيء للجوهر ، بل هو دائما بالفعل ـ فهو خير محض ، والممكن الوجود بذاته ليس خيرا محضا ، لأن ذاته بذاته لا يجب له الوجود بذاته ، فذاته (١) تحتمل العدم ، وما احتمل (٢) العدم بوجه ما فليس من جميع جهاته بريئا من الشر والنقص ، فإذن ليس الخير المحض إلا الواجب الوجود بذاته.

وقد يقال أيضا : خير ، لما كان مفيدا لكمالات الأشياء وخيراتها ، وقد بان أن (٣) واجب (٤) الوجود يجب أن يكون لذاته مفيدا لكل وجود (٥) ، ولكل كمال وجود ، فهو من هذه الجهة خير أيضا (٦) لا يدخله نقص ولا شر ، وكل واجب الوجود فهو حق ، لأن حقية (٧) كل شيء خصوصية وجوده الذي يثبت له ، فلا أحق إذن من واجب الوجود.

وقد (٨) يقال : حق ، أيضا ، لما يكون الاعتقاد بوجوده (٩) صادقا ، فلا أحق بهذه الحقيقة مما يكون الاعتقاد بوجوده (١٠) صادقا ، ومع صدقه دائما ، ومع دوامه لذاته لا لغيره ، وسائر الأشياء فإن ماهياتها كما علمت (١١) لا تستحق الوجود ، بل هي في أنفسها وقطع إضافتها إلى واجب الوجود تستحق العدم ، فلذلك كلها في أنفسها باطلة ، وبه حقة ، وبالقياس إلى الوجه الذي يليه حاصلة ، فلذلك كل شيء هالك إلا وجهه ، فهو أحق بأن يكون حقا.

وواجب الوجود عقل محض ، لأنه ذات مفارقة للمادة من كل وجه ، وقد عرفت أن السبب في أن لا يعقل الشيء هو المادة وعلائقها لا وجوده. وأما الوجود الصوري فهو الوجود العقلي وهو الوجود الذي إذا تقرر (١٢) في شيء صار للشيء به عقل ، والذي يحتمل نيله هو (١٣) عقل بالقوة ، والذي ناله (١٤) بعد (١٥) القوة هو عقل بالفعل على سبيل الاستكمال ، والذي

__________________

(١) بذاته فذاته : فذاته بذاته م ؛ بذاته فذاته بذاته ب ، ح ، د ، ص. (٢) وما احتمل : وما لا يحتمل ط. (٣) أن : ساقطة من د. (٥) وخيراتها ... لكل وجود : ساقطة من م. (٤) واجب : الواجب ح ، د ، ص ، ط. (٦) خير أيضا : أيضا خير ح ، ص ؛ أيضا خير محض د. (٧) حقيقة : حقيقة ب ، ح ، ط ، م. (٨) وقد : ساقطة من ط. (٩) بوجوده : لوجوده ب ، د ، م. (١٠) بوجوده : لوجوده ب ، م ؛ لوجود د. (١١) علمت : علمته د. (١٢) تقرر : تقدر د. (١٣) هو : وهو د. (١٤) ناله : + العقل ح ، ص ، ط ، م ؛ + العقل بالقوة د. (١٥) بعد : ساقطة من م.

٣٥٦

هو له ذاته هو عقل (١) بذاته. وكذلك هو معقول محض ، لأن المانع للشيء. أن يكون معقولا هو أن يكون في المادة (٢) وعلائقها ، وهو المانع عن (٣) أن يكون عقلا.

وقد (٤) تبين (٥) لك هذا فالبريء عن المادة والعلائق ، المتحقق بالوجود المفارق ، هو معقول لذاته ، ولأنه عقل بذاته وهو أيضا معقول بذاته فهو معقول ذاته ، فذاته عقل وعاقل (٦) ومعقول ، لا أن هناك أشياء متكثرة. وذلك لأنه بما هو هوية مجردة عقل ، وبما يعتبر له أن هويته المجردة لذاته فهو معقول لذاته ، وبما يعتبر له أن ذاته له هوية (٧) مجردة فهو (٨) عاقل ذاته ، فإن المعقول هو الذي ماهيته المجردة لشيء ، والعاقل هو الذي له ماهية مجردة لشيء ، وليس من (٩) شرط هذا الشيء أن يكون هو أو آخر ، بل شيء مطلقا ، والشيء مطلقا (١٠) أعم من هو أو غيره.

فالأول (١١) باعتبار (١٢) أن له ماهية مجردة لشيء ، هو عاقل ، وباعتبار أن ماهيته المجردة لشيء (١٣) ، هو معقول ، وهذا الشيء هو ذاته ، فهو عاقل بأن له الماهية المجردة التي لشيء هو ذاته ، ومعقول بأن ماهيته (١٤) المجردة هي لشيء هو ذاته.

وكل من تفكر قليلا علم أن العاقل يقتضي شيئا معقولا ، وهذا الاقتضاء لا يتضمن أن ذلك الشيء آخر أو هو ، بل المتحرك إذا اقتضى شيئا محركا لم يكن نفس هذا الاقتضاء يوجب أن يكون شيئا آخر أو هو ، بل نوع آخر من البحث يوجب ذلك ، وتبين أنه من المحال أن يكون ما يتحرك هو ما يحرك ، ولذلك لم يمتنع أن يتصور فريق لهم عدد أن في الأشياء شيئا متحركا عن ذاته (١٥) ، إلى وقت أن قام البرهان على امتناعه ، ولم يكن نفس تصور المحرك والمتحرك يوجب ذلك ، إذ (١٦) كان المتحرك يوجب أن يكون له شيء محرك مطلقا (١٧) بلا شرط أنه آخر أو هو ، والمحرك يوجب أن يكون له شيء متحرك عنه بلا شرط أنه آخر أو هو.

__________________

(١) هو عقل : فهو عقل د. (٢) المادة : مادة ب ، م. (٣) عن : ساقطة من د. (٤) وقد : قد ب ، د ، م ؛ فقد ح ، ص. (٥) تبين : بين د ، م. (٦) وعاقل : ساقطة من د. (٧) هوية : هويته د. (٨) فهو : هو ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٩) من ( الأولى ) : فى ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٠) والشىء مطلقا : والشىء ط. (١١) فالأول : + تعالى ط. (١٢) باعتبار : باعتبارك ب ، د ، ص ، ط ، م. (١٣) لشىء : شىء د ؛ ساقطة من م. (١٤) ماهيته : ماهية ط. (١٥) متحركا عن ذاته : محركا لذاته ب ، ح ، د ، ط ، م. (١٦) إذ : إذا د ، م. (١٧) مطلقا : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص ، م.

٣٥٧

وكذلك المضافات تعرف (١) اثنينيتها (٢) لأمر ، لا لنفس النسبة والإضافة (٣) المعروفة في الذهن ، فإنا نعلم علما (٤) يقينا (٥) أن لنا قوة نعقل بها الأشياء. فإما أن تكون القوة التي نعقل بها هذه القوة هي هذه القوة (٦) نفسها ، فتكون هي (٧) نفسها تعقل ذاتها ، أو تعقل ذلك قوة أخرى (٨) ، فتكون لنا قوتان : قوة نعقل الأشياء بها ، وقوة نعقل بها هذه القوة ، ثم يتسلسل الكلام إلى غير النهاية ، فيكون فينا قوى تعقل الأشياء بلا نهاية بالفعل ، فقد بان أن نفس كون الشيء معقولا لا يوجب أن يكون معقولا لشيء (٩) ، ذلك الشيء آخر.

وبهذا تبين (١٠) أنه ليس يقتضي العاقل أن يكون عاقل شيء آخر بل كل (١١) ما توجد له الماهية المجردة فهو عاقل ، وكل ماهية مجردة توجد له أو لغيره فهو معقول ، إذ كانت هذه الماهية لذاتها عاقلة ، ولذاتها أيضا معقولة لكل (١٢) ماهية مجردة تفارقها أو (١٣) لا تفارقها. فقد فهمت أن نفس كونه معقولا وعاقلا (١٤) ، لا يوجب أن يكون اثنين في الذات ، ولا اثنين في الاعتبار أيضا ، فإنه ليس تحصيل (١٥) الأمرين إلا اعتبار (١٦) أن ماهية مجردة لذاته (١٧) ، وأنه (١٨) ماهية (١٩) مجردة ذاته (٢٠) لها ، وهاهنا تقديم وتأخير في ترتيب المعاني ، والغرض المحصل شيء واحد بلا قسمة ، فقد بان أن كونه عاقلا ومعقولا لا يوجب فيه كثرة البتة.

وليس يجوز أن يكون واجب الوجود يعقل الأشياء من الأشياء ، وإلا فذاته إما (٢١) متقومة بما يعقل ، فيكون تقومها بالأشياء (٢٢) ، وإما عارضة لها أن تعقل ، فلا تكون واجبة (٢٣) الوجود من كل جهة ، وهذا (٢٤) محال. ويكون لو لا أمور من خارج لم يكن هو بحال ، ويكون له حال لا يلزم عن ذاته (٢٥) بل عن غيره (٢٦) فيكون لغيره فيه تأثير ، والأصول السالفة تبطل هذا

__________________

(١) تعرف : تعريف ط. (٢) إنيتها : اثنينيتها ب ، ح ، د ، ص ، م. (٣) والإضافة : أو الإضافة د. (٤) علما : ساقطة من ب ، ح ، د ، ط ، م. (٥) يقينا : ساقطة من ط. (٦) هى هذه القوة : ساقطة من د. (٧) فتكون هى : + فى ص. (٨) أخرى : + فى هذه القوة ، هى هذه القوة نفسها ح. (٩) معقولا لشىء : معقول شىء ب ، د ، ص ، ط ، م. (١٠) تبين : يثبت م. (١١) كل : كان د. (١٢) لكل : ولكل ص. (١٣) تفارقها أو : ساقطة من م. (١٤) وعاقلا : أو عاقلا د ، ط. (١٥) تحصيل : يحصل ب ، ح ، د ، ص ، ط. (١٦) إلا اعتبار : الاعتبار ط. (١٧) لذاته : لذاتها ب ، ح ، ص ، ط. (١٨) وأنه : وأن ب ، ح ، ص ، م. (١٩) وأنه ماهية : وأن ماهيته د. (٢٠) ذاته : ذاتها ب ، د ، ص ، ط. (٢١) إما : ساقطة من ط. (٢٢) بالأشياء : ساقطة من م. (٢٣) تكون واجبة : يكون واجبا ط. (٢٤) وهذا : هذا د. (٢٥) عن ذاته : من ذاته د ، ح. (٢٦) عن غيره : من غيره د.

٣٥٨

وما أشبهه ، ولأنه مبدأ كل (١) وجود فيعقل من ذاته ما هو مبدأ له وهو (٢) مبدأ للموجودات التامة (٣) بأعيانها ، والموجودات الكائنة الفاسدة بأنواعها أولا وبتوسط ذلك بأشخاصها.

ومن وجه آخر لا يجوز (٤) أن يكون عاقلا لهذه المتغيرات مع تغيرها من حيث هي (٥) متغيرة عقلا زمانيا مشخصا (٦) بل على نحو (٧) آخر نبينه ، فإنه لا يجوز أن يكون تارة يعقل عقلا زمانيا منها أنها موجودة غير معدومة ، وتارة يعقل عقلا زمانيا منها أنها معدومة غير موجودة ، فيكون لكل واحد من الأمرين صورة عقلية (٨) على حدة (٩) ، ولا واحدة من الصورتين تبقى مع الثانية ، فيكون واجب الوجود متغير الذات (١٠) ، ثم الفاسدات إن عقلت بالماهية المجردة وبما يتبعها مما لا (١١) يتشخص لم تعقل بما هي فاسدة ، وإن أدركت بما هي مقارنة لمادة (١٢) وعوارض مادة ووقت (١٣) وتشخص (١٤) لم تكن معقولة بل (١٥) محسوسة أو متخيلة ، ونحن قد بينا في كتب أخرى أن كل صورة محسوسة (١٦) وكل صورة خيالية فإنما (١٧) تدرك من حيث هي محسوسة أو متخيلة (١٨) بآلة متجزئة ، وكما أن إثبات كثير من الأفاعيل للواجب الوجود نقص له ، كذلك (١٩) إثبات كثير من التعقلات ، بل واجب (٢٠) الوجود إنما يعقل كل (٢١) شيء على نحو كلي ، ومع ذلك فلا يعزب عنه شيء شخصي (٢٢) ، ولا يعزب (٢٣) عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض (٢٤) ، وهذا من العجائب التي (٢٥) يحوج (٢٦) تصورها إلى لطف قريحة.

وأما (٢٧) كيفية ذلك ، فلأنه إذا عقل ذاته وعقل أنه مبدأ كل موجود (٢٨) ، عقل أوائل الموجودات عنه وما يتولد عنها ، ولا شيء من الأشياء يوجد إلا وقد صار من جهة ما واجبا (٢٩) بسببه ، وقد (٣٠) بينا هذا ، فتكون هذه الأسباب يتأدى بمصادماتها إلى أن توجد

__________________

(١) كل : لكل ح ، د ، ه. (٢) وهو : فهو ح. (٣) التامة : الثابتة ط ؛ ساقطة من ح ، ه. (٤) لا يجوز : فلا يجوز ب ، د ، ص. (٥) هى : هو د. (٦) مشخصا : متشخصا د. (٧) نحو : وجه ح ، ص ، ط. (٨) عقلية : عقليته ح. (٩) حدة : وحدة د. (١٠) متغير الذات : متغير بالذات م. (١١) مما لا : مما لم د. (١٢) لمادة : للمادة د ، ط. (١٣) ووقت : ومركب م ؛ + وتركيب ط. (١٤) وتشخص : وتشخيص م ؛ تشخص ب. (١٥) بل : + هى ح ، د ، ص ، م. (١٨) « ونحن قد بينا ... أو متخيله » : ساقطة من م. (١٦) محسوسة : لمحسوسة ب ، ح ، د ، ص. (١٧) فإنما : فإنها د. (١٩) كذلك : لذلك ص. (٢٠) واجب : الواجب د ، ص ، ط. (٢١) كل : على م. (٢٢) شخصى : وشخصى د. (٢٣) ولا يعزب : فلا يعزب ب ، ح ، ص ، ط. (٢٤) ولا فى الأرض : والأرض ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٢٥) التي : الذي د. (٢٦) يحوج : يحرج د ، م. (٢٧) وأما : فأما م. (٢٨) موجود : + ووجود ط. (٢٩) ما واجبا : ما يكون واجبا ، ح ، د ، ص ، ط. (٣٠) وقد : قد ب.

٣٥٩

عنها الأمور الجزئية. والأول (١) يعلم الأسباب ومطابقاتها ، فيعلم ضرورة (٢) ما يتأدى إليها (٣) ، وما بينها من الأزمنة وما لها من العودات ، لأنه ليس يمكن أن يعلم تلك ولا يعلم هذا ، فيكون مدركا للأمور الجزئية من حيث هي كلية ، أعني من حيث لها صفات. وإن تخصصت بها (٤) شخصا فبالإضافة إلى زمان متشخص أو حال متشخصة لو أخذت تلك الحال بصفاتها كانت أيضا بمنزلتها لكنها (٥) تستند (٦) إلى مبادئ كل واحد منها نوعه في شخصه ، فتستند (٧) إلى أمور شخصية. وقد قلنا : إن مثل هذا الاستناد (٨) قد يجعل للشخصيات رسما ووصفا مقصورا عليها (٩). فإن كان (١٠) ذلك الشخص مما هو عند العقل شخصي (١١) أيضا ، كان للعقل إلى ذلك المرسوم سبيل ، وذلك هو الشخص (١٢) الذي هو واحد في نوعه لا نظير له (١٣) ، ككرة الشمس مثلا ، أو كالمشتري (١٤) ، وأما إذا كان النوع منتشرا في الأشخاص لم يكن للعقل إلى رسم ذلك الشيء (١٥) سبيل إلا أن يشار إليه ابتداء على ما عرفته.

ونعود (١٦) فنقول (١٧) : كما أنك (١٨) تعلم (١٩) حركات السماويات كلها ، فأنت تعلم كل كسوف وكل اتصال (٢٠) وكل انفصال (٢١) جزئي (٢٢) يكون (٢٣) بعينه ولكن على نحو كلي ، لأنك تقول في كسوف ما إنه كسوف يكون بعد (٢٤) زمان حركة يكون لكذا من كذا شماليا نصفيا ينفصل القمر منه (٢٥) إلى مقابلة كذا ، ويكون بينه وبين كسوف مثله سابق له أو متأخر عنه مدة كذا ، وكذلك بين حال الكسوفين الآخرين حتى لا تقدر (٢٦) عارضا من عوارض تلك الكسوفات إلا علمته (٢٧) ، ولكنك علمته كليا ، لأن هذا المعنى قد يجوز أن يحمل على كسوفات كثيرة كل واحد منها (٢٨) يكون حاله تلك الحال (٢٩) ، لكنك تعلم لحجة ما أن ذلك الكسوف لا يكون إلا واحدا

__________________

(١) والأول : فالأول ب ، ج ، د ، ص ، م. (٢) ضرورة : ضرورى د. (٣) إليها : إليه ح ، د ، ص ، م. (٤) بها : لها د. (٥) لكنها : لكونها ب ؛ بكونها م. (٦) تستند : مستندة ح. (٧) فتستند : مستند م. (٨) الاستناد : الأسناد د. (٩) عليها : عليهما ح ، ط. (١٠) كان : كل م. (١١) شخصى : شخص ط. (١٢) الشخص : الشخصى ب ، د. (١٣) لا نظير له : ولا نظير له ط. (١٤) أو كالمشترى : وكالمشترى د. (١٥) الشيء : الشخص ط. (١٦) ونعود : فنعود ح. (١٧) فنقول : ونقول ب ، د. (١٨) أنك : + إذا ب ، ح ، د ، ص ؛ + إذ م. (١٩) تعلم : + إذا علمت ط. (٢٠) وكل اتصال : ساقطة من د. (٢١) وكل انفصال : وانفصال ب ، م. (٢٢) جزئى : جزء ب. (٢٣) يكون : + يكون ط. (٢٤) يكون بعد : فيكون بعدد. (٢٥) منه : ساقطة من م. (٢٦) لا يقدر : لا يعرف ط ؛ لا يقادر د. (٢٧) علمته : وعلمته ح ، ص ، ط. (٢٨) منها : منهما ح ، ص ، ط. (٢٩) الحال : الحالة د.

٣٦٠