الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات0%

الشفاء الإلهيّات مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف: مكتبة الفلسفة والعرفان
الصفحات: 489

الشفاء الإلهيّات

مؤلف: ابن سينا
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف:

الصفحات: 489
المشاهدات: 93904
تحميل: 8061

توضيحات:

الشفاء الإلهيّات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 489 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93904 / تحميل: 8061
الحجم الحجم الحجم
الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات

مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
العربية

على الوجه الذي بالعرض ، إذ (١) علم أنه يكون ضرورة فلم يعبأ به (٢) ، فالخير مقتضى (٣) بالذات والشر مقتضى (٤) بالعرض وكل بقدر. وكذلك فإن المادة قد علم من أمرها أنها تعجز عن أمور ، وتقصر (٥) عنها الكمالات في أمور ، لكنها يتم لها ما لا نسبة له كثيرا (٦) إلى ما يقصر عنها ، فإذا كان كذلك فليس من الحكمة الإلهية أن تترك الخيرات الفائقة (٧) الدائمة ، والأكثرية لأجل شرور في أمور شخصية غير دائمة ، بل نقول : إن الأمور في الوهم إما أمور إذا توهمت موجودة ، يمتنع (٨) أن تكون إلا شرا على الإطلاق ، وإما أمور وجودها أن يكون خيرا ، ويمتنع أن تكون شرورا وناقصة ، وإما أمور تغلب فيها (٩) الخيرية إذا وجدت وجودها ، ولا يمكن غير ذلك لطباعها ، وإما أمور تغلب فيها الشرية (١٠) ، وإما أمور متساوية الحالين. فأما (١١) ما لا شرية (١٢) فيه ، فقد وجد في الطباع ، وأما ما كله شر أو الغالب أو المساوي (١٣) أيضا ، فلم يوجد. وأما الذي (١٤) الغالب في وجوده الخير فالأحرى به أن يوجد ، إذا (١٥) كان الأغلب (١٦) فيه أنه خير.

فإن قيل : فلم لم تمنع الشرية عنه أصلا. حتى كان يكون كله خيرا ، فيقال حينئذ لم يكن هي هي إذ قلنا إن وجودها الوجود الذي يستحيل أن يكون ، بحيث لا يعرض عنها شر فإذا صيرت بحيث لا يعرض عنها شر فلا يكون وجودها الوجود الذي لها بل يكون وجود أشياء أخرى وجدت وهي غيرها وهي حاصلة. أعني ما خلق بحيث لا يلزمه شر لزوما أوليا (١٧). ومثال هذا ، أن النار إذا كان وجودها (١٨) أن تكون محرقة ، وكان (١٩) وجود المحرق هو أنه إذا مس ثوب الفقير أحرقه ، وكان (٢٠) وجود ثوب الفقير أنه قابل للاحتراق (٢١) وكان (٢٢) وجود كل واحد منهما (٢٣) أن يعرض له حركات شيء ، وكان وجود الحركات الشتى (٢٤)

__________________

(١) إذ : إذا د. (٢) يعبأ به : يعباه د. (٣) مقتضى : مقضى ب ، م. (٤) مقتضى : مقضى ب ، د. (٥) وتقصر : تقصر ب. (٦) كثيرا : كثرة ، ب ، ح ، د ، ص ، ط. (٧) الفائقة : الفائضة ح ، هـ ؛ القائمة د. (٨) اذا توهمت موجودة يمتنع : توهمت موجودة وجودها يمتنع ح ؛ وجودها يمتنع ب ؛ وجودها اذا توهمت موجودة يمتنع د ، ط ؛ إذا توهمت موجوده وجودها لفتع م. (٩) فيهاء فيه ط. (١٠) الشرية : الشرورية د. (١١) فأما : وأما د. (١٢) شريه : شر ب. (١٣) المساوى : المتساوى ص. (١٤) الذي : + فى ط. (١٥) إذا : إذ ط. (١٦) الأغلب : الغالب ط. (١٧) لزوما أوليا : ساقطة من ب ، ح ، م. (١٨) وجودها : + وجودا د. (١٩) وكان : فكان د. (٢٠) وكان : إذ كان ب ، ح ، د ، ط ؛ أو كان م. (٢١) للاحتراق : للإحراق ح ، د ، ص ، ط. (٢٢) وكان : فكان د. (٢٣) منهما : منها ب ، د. (٢٤) الشتى : الشيء ، ح ، د ، ص ، ط.

٤٢١

في الأشياء على هذه الصفة وجود ما يعرض (١) له الالتقاء ، وكان وجود الالتقاء بين الفاعل والمنفعل بالطبع وجودا يلزمه الفعل والانفعال ، فإن لم تكن الثواني (٢) لم تكن الأوائل ، فالكل أنما رتبت (٣) فيه (٤) القوى الفعالة (٥) والمنفعلة السماوية والأرضية الطبيعية (٦) والنفسانية ، بحيث تؤدي إلى النظام الكلي مع استحالة أن تكون (٧) هي على ما هي عليه ولا تؤدي إلى شرور. فيلزم من أحوال العالم بعضها بالقياس إلى بعض أن يحدث في نفس ما (٨) صورة اعتقاد ردىء أو كفر أو شر (٩) آخر (١٠) في نفس أو بدن ، بحيث لو لم يكن كذلك لم يكن النظام الكلي يثبت (١١) ، فلم يعبأ ولم يلتفت إلى اللوازم الفاسدة التي تعرض بالضرورة. وقيل : خلقت هؤلاء للنار ولا أبالي ، وخلقت هؤلاء للجنة ولا أبالي ، وقيل : كل ميسر لما خلق له.

فإن قال قائل : ليس الشر شيئا نادرا أو أقليا ، بل هو أكثري. فليس هو (١٢) كذلك بل الشر كثير ، وليس بأكثري ، وفرق بين الكثير والأكثري ، فإن هاهنا أمورا كثيرة (١٣) هي كثيرة وليست بأكثرية (١٤) كالأمراض ، فإنها كثيرة وليست أكثرية (١٥). فإذا (١٦) تأملت هذا الصنف الذي نحن في ذكره من الشر (١٧) وجدته أقل من الخير الذي يقابله ، ويوجد في مادته فضلا عنه بالقياس إلى الخيرات الأخرى الأبدية. نعم الشرور التي هي نقصانات للكمالات الثانية هي (١٨) أكثرية ، لكنها ليست من الشرور التي كلامنا فيها ، وهذه الشرور مثل الجهل بالهندسة (١٩) ، ومثل فوت (٢٠) الجمال الرائع وغير ذلك مما (٢١) لا يضر في الكمالات (٢٢) الأولى ، ولا في الكمالات التي تليها مما يظهر منفعتها ، وهذه الشرور ليست بفعل فاعل ، بل لأن (٢٣) (٢٤) لا يفعل (٢٥) الفاعل لأجل أن القابل ليس مستعدا أو ليس (٢٦) يتحرك (٢٧) إلى القبول. وهذه الشرور هي أعدام خيرات من باب الفضل والزيادة.

__________________

(١) ما يعرض : بالعرض د. (٢) الثوانى : الوالى د. (٣) رتبت : رتب د ، ط. (٤) فيه : فيها ح ، د ، ص ، ط ، م. (٥) الفعالة : الفعال د. (٦) الطبيعية : والطبيعية د ، ط. (٧) تكون : + شيء ب ، د ، ح. (٨) ما : ساقطة من ب ، ح ، م. (٩) شر : شرية د. (١٠) آخر : أخرى د. (١١) يثبت : مثبت ح. (١٢) فليس هو : فليس ب ، د ح ، ط ، م. (١٣) أمورا كثيرة : أمورا د. (١٤) بأكثرية : أكثرية د. (١٥) كالأمراض .... أكثرية : ساقطة من م. (١٦) فإذا : وإذا ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٧) الشر : الشرور ط. (١٨) هى : فهى : ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٩) بالهندسة : بالهندسية ط. (٢٠) فوت : قوة د. (٢١) مما : ما ط. (٢٢) فى الكمالات : بالكمالات م. (٢٣) بل لأن : لأن د. (٢٤) لأن : بأن ب ، ح ، ص ، ط. (٢٥) يفعل : + الفعل د. (٢٦) أو ليس : وليس م. (٢٧) يتحرك : محركه د.

٤٢٢

[ الفصل السابع ]

( ز ) فصل (١) في المعاد

وبالحري (٢) أن نحقق هاهنا أحوال الأنفس (٣) الإنسانية إذا فارقت أبدانها ، وأنها (٤) إلى أية (٥) حال (٦) ستصير ، فنقول : يجب أن يعلم أن المعاد منه ما هو منقول (٧) من (٨) الشرع ولا سبيل إلى إثباته إلا من طريق (٩) الشريعة وتصديق خبر النبوة (١٠) وهو الذي للبدن عند البعث ، وخيرات البدن وشروره معلومة (١١) لا يحتاج إلى أن (١٢) تعلم ، وقد بسطت الشريعة الحقة التي أتانا بها نبينا (١٣) وسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وعلى (١٤) آله (١٥) حال السعادة والشقاوة التي بحسب البدن.

ومنه ما هو مدرك (١٦) بالعقل والقياس البرهاني وقد صدقته النبوة وهو السعادة والشقاوة (١٧) الثابتتان بالقياس (١٨) اللتان للأنفس وإن كانت الأوهام هاهنا (١٩) تقصر عن تصورهما (٢٠) الآن لما نوضح من العلل ، والحكماء الإلهيون رغبتهم في إصابة (٢١) هذه السعادة (٢٢) أعظم من رغبتهم في إصابة السعادة البدنية ، بل كأنهم لا يلتفتون (٢٣) إلى تلك ، وإن أعطوها ، ولا يستعظمونها في جنبة هذه السعادة التي هي (٢٤) مقاربة الحق الأول ، وهي على ما سنصفها (٢٥) عن قريب ، فلنعرف حال هذه السعادة ، والشقاوة المضادة لها فإن البدنية مفروغ منها (٢٦) في الشرع ، فنقول : يجب أن تعلم أن لكل قوة نفسانية لذة وخيرا يخصها وأذى وشرا يخصها ، مثاله أن لذة الشهوة وخيرها أن يتأدى إليها كيفية محسوسة ملاءمة من الخمسة ، ولذة الغضب الظفر ، ولذة الوهم الرجاء ، ولذة الحفظ تذكر (٢٧) الأمور الموافقة الماضية.

__________________

(١) فصل : ساقطة من د. (٢) وبالحرى : فبالحرى ح ، د ، ص ، ط. (٣) الأنفس : النفس ح ، ط. (٤) وأنها : ساقطة من د. (٥) أية : أى ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٦) حال : حالة ب ، م. (٧) منقول : مقبول ب ، ح ، د ص ، م. (٨) من : منه فى ط. (٩) طريق : طرق د. (١٠) النبوة : النبي ط. (١١) معلومة : معلوم د. (١٢) أن : ساقطة من ح ، ص ، ط. (١٣) نبينا : ساقطة من م. (١٥) نبينا ... آله : صلعم ب. (١٤) على : ساقطة من ح ، د ، ص ، ط. (١٦) مدرك : يدرك د. (١٧) التي بحسب .... والشقاوة : ساقطة من م. (١٨) بالقياس : بالمقياس م. (١٩) هاهنا : منا ب ، ح ، ص ، ط ، م. (٢٠) تصورهما : تصورها ح ، د ، ص ، ط. (٢١) فى إصابة : + هذه د. (٢٢) السعادة : + والشقاوة ص. (٢٣) لا يلتفتون : لا يبتغون د. (٢٤) هى : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص ، ط. (٢٥) سنصفها : سنصفه ص ؛ نصفه ، ح ، د ، م. (٢٦) منها : عنها ح ، ص ، ط. (٢٧) تذكر : ذكر د.

٤٢٣

وأذى كل واحد منها ما يضاده ويشترك (١) كلها نوعا من الشركة في أن الشعور بموافقتها (٢) وملائمتها (٣) هو الخير واللذة الخاصة بها ، وموافق كل واحد منها بالذات والحقيقة هو حصول الكمال الذي هو بالقياس إليه كمال (٤) بالفعل ، فهذا (٥) أصل.

وأيضا فإن هذه القوى وإن اشتركت (٦) في هذه المعاني فإن مراتبها في الحقيقة مختلفة ، فالذي كماله أفضل وأتم ، والذي كماله أكثر ، والذي كماله أدوم ، والذي كماله أوصل إليه وأحصل له ، والذي هو في نفسه أكمل فعلا وأفضل (٧) ، والذي هو في نفسه أشد إدراكا ، فاللذة التي له هي (٨) أبلغ وأوفر (٩) لا محالة ، وهذا أصل.

وأيضا فإنه قد يكون الخروج إلى الفعل في كمال ما بحيث يعلم (١٠) أنه كائن ولذيذ ولا يتصور كيفيته ولا يشعر بالتذاذه ما لم يحصل ، وما لم يشعر به لم يشتق إليه ولم ينزع نحوه ، مثل العنين (١١) فإنه متحقق (١٢) أن للجماع لذة لكنه (١٣) لا يشتهيه ولا يحن نحوه (١٤) الاشتهاء والحنين اللذين يكونان مخصوصين به ، بل شهوة (١٥) أخرى كما يشتهي من يجرب من حيث يحصل به (١٦) إدراك وإن (١٧) كان مؤذيا ، وبالجملة (١٨) ، فإنه (١٩) لا يتخيله. وكذلك حال الأكمه عند الصور الجميلة ، والأصم عند الألحان المنتظمة ، ولهذا يجب أن لا يتوهم العاقل أن كل لذة فهي (٢٠) كما (٢١) للحمار (٢٢) في بطنه وفرجه ، وأن المبادي الأولى المقربة عند رب العالمين عادمة اللذة (٢٣) والغبطة ، وأن (٢٤) رب العالمين ليس له في سلطانه وخاصيته البهاء الذي له وقوته الغير المتناهية أمر في غاية الفضيلة والشرف والطيب (٢٥) نجله عن (٢٦) أن نسميه (٢٧) لذة ، وللحمار (٢٨) والبهائم حالة طيبة ولذيذة ، كلا (٢٩) بل أي نسبة تكون لما للعالية إلى هذه الخسيسة ، ولكنا (٣٠) نتخيل هذا ونشاهده ولم نعرف

__________________

(١) ويشترك : فيشترك د. (٢) بموافقتها : بمراففتها ط. (٣) وملائمتها : وملائمها ح ، ط. (٤) كمال : كان ط. (٥) فهذا : فهو د. (٦) اشتركت : اشترك د. (٧) وأفضل : وأيضا ط. (٨) هى : ساقطة ب ، ح ، د ، ص ، م. (٩) وأوفر : وأفى ب ، م. (١٠) يعلم : ساقطة من م. (١١) العنين : العليل ب. (١٢) فإنه متحقق : فأن يتحقق د. (١٣) لكنه : ولكنه م. (١٤) نحوه : نحو د. (١٥) شهوة : لشهوة د. (١٦) به : بها ب ، ح ، د ، ص ، ط. (١٧) وإن : فأن د. (١٨) وبالجملة : وفى الجملة م ؛ فى الجملة ح ، د ، ص ، ط. (١٩) فإنه : ذاته م. (٢٠) فهى : فهو د ، م. (٢١) كما : كمال ح. (٢٢) للحمار : كالحمار د. (٢٣) اللذة : للذة ب ، د ، م. (٢٤) وأن : فأن د. (٢٥) والطيب : والطبيب ح ، ص ، ط. (٢٦) عن : من ط. (٢٧) نسميه : نسمى ب ، م. (٢٨) وللحمار : ثم للحمار ت ، ح ، د ، ص ، م. (٢٩) كلا : كل ح. (٣٠) ولكنا : ولكننا ط.

٤٢٤

ذلك بالاستشعار بل بالقياس ، فحالنا عنده كحال الأصم الذي لم يسمع قط (١) ، في عدم (٢) تخيل اللذة اللحنية وهو متيقن (٣) لطيبها (٤) ، وهذا أصل.

وأيضا فإن الكمال والأمر الملائم قد يتيسر (٥) للقوة الدراكة وهناك مانع أو شاغل (٦) للنفس فتكرهه وتؤثر ضده عليه مثل كراهية (٧) بعض المرضى للطعم (٨) الحلو وشهوتهم للطعوم الردية الكريهة بالذات (٩) ، وربما لم يكن كراهية ، ولكن كان عدم الاستلذاذ به كالخائف يجد (١٠) الغلبة أو اللذة فلا يشعر بها (١١) ولا يستلذها (١٢) ، وهذا أصل.

وأيضا فإنه (١٣) قد تكون القوة الدراكة ممنوة بضد ما (١٤) هو كمالها ولا تحس به ولا تنفر عنه حتى إذا زال (١٥) العائق ورجعت إلى غريزتها تأذت به (١٦) مثل (١٧) الممرور فربما لا (١٨) يحس بمرارة فمه إلى أن يصلح مزاجه ويستنقي أعضاءه ، فحينئذ ينفر (١٩) عن الحال (٢٠) العارضة له (٢١) ، وكذلك (٢٢) قد يكون الحيوان غير مشته للغذاء البتة ، بل (٢٣) كارها له ، وهو أوفق شيء له ويبقى عليه مدة طويلة ، فإذا زال العائق عاد إلى واجبه في طبعه ، فاشتد جوعه وشهوته للغذاء حتى لا يصبر عنه (٢٤) ويهلك عند فقدانه ، وقد يحصل سبب الألم العظيم مثل إحراق (٢٥) النار وتبريد الزمهرير إلا أن الحس مئوف فلا يتأذى البدن (٢٦) به حتى تزول الآفة فيحس حينئذ بالألم العظيم.

فإذا تقررت هذه الأصول فيجب أن ننصرف إلى الغرض (٢٧) الذي نؤمه فنقول : إن النفس الناطقة كمالها الخاص بها أن تصير عالما عقليا مرتسما فيها صورة (٢٨) الكل والنظام المعقول في الكل والخير الفائض في الكل مبتدئة (٢٩) من مبدإ الكل سالكة (٣٠) إلى الجواهر (٣١)

__________________

(١) قط : فقط د. (٢) عدم : عدمه ب ، د ، ط ، م. (٣) متيقن : متعين د. (٤) لطيبها بطيبها ب ، ط ؛ لطربها د. (٥) يتيسر : تيسر ب ، د ، ح ، ص ، ط. (٦) أو شاغل : وشاغل ح. (٧) كراهية : كراهة ص. (٨) للطعم ؛ للمطعم د. (٩) بالذات : ساقطة من د. (١٠) يجد : بعد م. (١١) يشعر بها : يشعرها د ؛ يشعر لها ب. (١٢) ولا يستلذها : ولا يستلذ بها ح ، د ، ص ، ط. (١٣) فإنه : ساقطة من م. (١٤) بضد ما : لضدها د. (١٥) زال : أزال د. (١٦) ورجعت الى غريزتها تأذت به : تأذت به ورجعت الى غريزتها م. (١٧) مثل : مثلا ح. (١٨) لا : د ، م. (١٩) ينفر : يتنفر له د. (٢٠) الحال : الحالة ب ، ح ، د ، ص ، ط. (٢١) له : ساقطة من د. (٢٢) وكذلك : ولذلك ح ، ط. (٢٣) بل : ساقطة من ط. (٢٤) عنه : عليه د. (٢٥) إحراق : حرق ب. (٢٦) البدن : بالبدن ط. (٢٧) الغرض : ساقطة من د. (٢٨) صورة : صور ب ، ح ، د ، ص ، ط. (٢٩) مبتدئة : مبتدئا ب ، ح ، د ، ص ، م. (٣٠) سالكة : سالكا ، ب ، ح ، د ؛ وسالكا ص ، م. (٣١) الجواهر : الجوهر د ، ط.

٤٢٥

الشريفة (١) الروحانية المطلقة ثم الروحانية (٢) المتعلقة نوعا ما (٣) بالأبدان ، ثم الأجسام (٤) العلوية بهيئاتها وقواها (٥) ، ثم كذلك حتى تستوفي في نفسها هيئة الوجود كله ، فتنقلب عالما معقولا موازيا للعالم الموجود كله مشاهدة (٦) لما هو الحسن المطلق والخير المطلق والجمال الحق المطلق (٧) ومتحدة (٨) به ومنتقشة (٩) بمثاله وهيئته ومنخرطة (١٠) في سلكه وصائرة (١١) من جوهره ، فإذا (١٢) قيس هذا (١٣) بالكمالات المعشوقة التي للقوى الأخرى وجد (١٤) في المرتبة التي (١٥) بحيث يقبح (١٦) معها أن يقال : إنه أفضل وأتم منها بل لا نسبة لها (١٧) إليه بوجه من الوجوه فضيلة وتماما وكثرة سائر ما يتم به التذاذ (١٨) المدركات مما ذكرناه (١٩). وأما (٢٠) الدوام فكيف يقاس الدوام الأبدي (٢١) بدوام المتغير الفاسد. وأما شدة الوصول فكيف يكون حال ما وصوله بملاقاة السطوح بالقياس إلى ما هو سار في جوهر (٢٢) قابله حتى يكون كأنه هو هو (٢٣) بلا انفصال ، إذ (٢٤) العقل والعاقل والمعقول واحد أو قريب (٢٥) من الواحد ، وأما أن المدرك في نفسه أكمل فأمر لا يخفى ، وأما أنه أشد إدراكا فأمر أيضا تعرفه بأدنى تأمل (٢٦) وتذكر (٢٧) لما سلف بيانه ، فإن النفس النطقية أكثر (٢٨) عدد مدركات ، وأشد (٢٩) تقصيا للمدرك وأشد تجريدا له عن الزوائد الغير الداخلة في معناه إلا بالعرض ولها (٣٠) الخوض في باطن المدرك وظاهره (٣١) ، بل كيف يقاس هذا (٣٢) الإدراك بذلك الإدراك (٣٣) أو كيف (٣٤) تقاس هذه (٣٥) اللذة باللذة الحسية والبهيمية والغضبية ، ولكنا (٣٦) في عالمنا وبدننا هذين وانغمارنا في الرذائل لا نحس بتلك اللذة إذا حصل عندنا شيء من أسبابها كما أومأنا إليه في بعض ما قدمناه من الأصول ولذلك لا نطلبها ولا نحن (٣٧) إليها اللهم إلا أن نكون قد خلعنا ربقة الشهوة والغضب وأخواتهما (٣٨) عن أعناقنا (٣٩) ، وطالعنا شيئا من تلك

__________________

(١) الشريفة : الشريف د. (٢) المطلقة ثم الروحانية : ساقطة من ب. (٣) نوعا ما : نوعا ما من التعلق ح ؛ نوعا من التعلق ص ؛ نوعا د. (٤) الأجسام : أجسام ح. (٥) وقواها : وقوامها ط. (٦) مشاهدة : مشاهدا ب ، ح ، د ، ص ، م. (٧) الحق المطلق : الحق د ، ص ، م ؛ المطلق ب ، ح. (٨) ومتحدة : ومتحدا ب ، ح ، د ، ص م. (٩) ومنتقشة : ومنتقشا ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٠) ومنخرطة : ومنخرطا ب ، ح ، د ، ص ، م. (١١) وصائرة : وصائرا ب ، ح ، د ، ص ، م. (١٢) فإذا : واذا ب ، ح ، ص ، ط ، م. (١٣) هذا : هذه ح ، ط. (١٤) وجد : يوجد ب ، ح. (١٥) التي : ساقطة من ب. (١٦) يقبح : يصح ح. (١٧) لها : ساقطة من ط. (١٨) التذاذ : ألذاذ ص ، ط ، م. (١٩) مما ذكرناه : ما ذكرناه م ؛ مما ذكرنا ط ؛ كما ذكرناه ح. (٢٠) وأما : فأما ب. (٢١) الدوام الأبدى : دوام الأبدى ص ، م. (٢٢) جوهر : الجوهر ح. (٢٣) هو هو : هو ، ب ، ح ، د ، ص ، ط. (٢٤) إذ : إذا ، ط. (٢٥) أو قريب : وقريب د. (٢٦) تأمل : ساقطة من ب ، م. (٢٧) تذكر : + منك ب ، ح ، د ، ص ، ط. (٢٨) أكثر : + من ط. (٢٩) أشد : ساقطة من ، ب ، د ، م. (٣٠) ولها : وله ب ، ح ، د ، ط ، م. (٣١) وظاهره : فظاهره م. (٣٢) هذا : ساقطة من ط. (٣٣) بذلك الإدراك : ساقطة من ط. (٣٤) أو كيف : وكيف م. (٣٥) هذه : هذا ب ، ط. (٣٦) ولكنا : ولكننا ص. (٣٧) نحن : يخس ح. (٣٨) وأخواتهما : وأخواتها ب ، د ، م. (٣٩) أعناقنا : أعناقها د.

٤٢٦

اللذة ، فحينئذ ربما تخيلنا منها (١) خيالا طفيفا ضعيفا (٢) ، وخصوصا (٣) عند انحلال المشكلات واستيضاح المطلوبات النفسية ونسبة التذاذنا هذا إلى التذاذنا ذلك ، ونسبة الالتذاذ الحسي بنشق روائح المذاقات اللذيذة إلى الالتذاذ بتطعمها ، بل أبعد من ذلك بعدا غير محدود.

وأنت (٤) تعلم (٥) إذا تأملت عويصا يهمك وعرضت عليك شهوة وخيرت بين الظفرين ، استخففت بالشهوة إن كنت كريم النفس ، والأنفس العامية أيضا فإنها تترك الشهوات المعترضة (٦) وتؤثر الغرامات والآلام الفادحة بسبب افتضاح (٧) أو خجل أو تغيير (٨) أو سوء قالة. وهذه كلها أحوال عقلية تؤثر هي وأضداد ( ها ) (٩) على المؤثرات الطبيعية ويصبر لها (١٠) على المكروهات الطبيعية فيعلم (١١) من ذلك أن الغايات العقلية أكرم على النفس (١٢) من محقرات الأشياء فكيف في الأمور البهية العالية؟ إلا أن النفس (١٣) الخسيسة تحس بما يلحق المحقرات (١٤) من الخير والشر ، ولا تحس بما (١٥) يلحق الأمور (١٦) البهية لما قيل من المعاذير.

وأما إذا انفصلنا عن البدن ، وكانت النفس منا تنبهت في البدن لكمالها الذي هو معشوقها ولم تحصله ، وهي بالطبع نازعة إليه إذ (١٧) عقلت بالفعل أنه موجود. إلا أن اشتغالها بالبدن كما قلنا قد أنساها ذاتها ومعشوقها كما ينسي المرض (١٨) الحاجة إلى بدل ما يتحلل وكما ينسي المرض (١٩) الاستلذاذ بالحلو (٢٠) واشتهاءه ، ويميل بالشهوة (٢١) من المريض إلى المكروهات في الحقيقة عرض لها حينئذ (٢٢) من الألم لفقدانه (٢٣) كفاء ما يعرض (٢٤) من اللذة التي أوجبنا وجودها (٢٥) ودللنا على عظم منزلتها ، فيكون ذلك هو الشقاوة والعقوبة التي لا يعد لهما (٢٦) تفريق النار

__________________

(١) منها : منهما ط. (٢) ضعيفا : ساقطة من ط. (٣) وخصوصا : ( إلى هنا تنتهى نسخة م ). (٤) وأنت : أنت د. (٥) تعلم : ساقطة من ب. (٦) المعتزضة : المعرضة ح ، د. (٧) افتضاح : استقباح ط. (٨) تغيير : تغير ب ، د ، م. (٩) تؤثر هى وأضدادها : تؤثر بعضها وأضداد بعضها ح ، ص ، ط ؛ بعضها وأضداد بعضها تؤثر ، د. (١٠) لها : بها ، د. (١١) فيعلم : ويعلم ح ، ط. (١٢) النفس : الأنفس ب ، ح ، ص ، ط. (١٣) النفس : الأنفس ب ، ح ، د ، ص. (١٤) المحقرات : المعقولات ح. (١٥) ولا تحس بما : ولا تحس ما ح ؛ ولا تحس مما ط. (١٦) الأمور : الأمر د. (١٧) إذ : إذا ح ؛ أو ، د. (١٨) المرض : المرضى ، ح د ، ص ، ط. (١٩) المرض : المريض ح ؛ الأمراض د ، ص ، ط. (٢٠) بالحلو : الحلو د. (٢١) بالشهوة : الشهوة د. (٢٢) لها حينئذ : حينئذ لها د. (٢٣) لفقدانه : بفقدانه ب ، د. (٢٤) كفاء ما يعرض : كذا بالعرض د. (٢٥) أوجبنا وجودها : أوجبتها وجوده د. (٢٦) يعد لهما : يعد لها ب ، ح ، د ، ص.

٤٢٧

للاتصال (١) وتبديل الزمهرير للمزاج (٢) ، فيكون مثلنا (٣) حينئذ مثل الخدر الذي أومأنا إليه فيما سلف ، أي (٤) الذي قد (٥) عملت (٦) فيه نار أو زمهرير (٧) ، فمنعت المادة الملابسة (٨) وجه الحس عن الشعور به فلم يتأذ ، ثم عرض أن زال العائق (٩) فشعر بالبلاء العظيم. وأما إذا كانت القوة العقلية بلغت من النفس حدا من الكمال يمكنها به إذا فارقت البدن أن تستكمل (١٠) الاستكمال التام (١١) الذي لها أن تبلغه ، كان مثلها مثل الخدر الذي أذيق المطعم (١٢) الألذ وعرض للحالة (١٣) الأشهى وكان لا يشعر به ، فزال عنه الخدر وطالع (١٤) اللذة العظيمة دفعة ، وتكون تلك اللذة لا من جنس اللذة الحسية والحيوانية بوجه (١٥) ، بل لذة تشاكل الحال (١٦) الطيبة التي هي للجواهر الحية المحضة ، وهي أجل من كل لذة وأشرف.

فهذه (١٧) هي (١٨) السعادة وتلك هي الشقاوة ، وتلك الشقاوة ليست تكون لكل واحد من الناقصين ، بل للذين اكتسبوا للقوة العقلية التشوق (١٩) إلى كمالها وذلك عند ما يبرهن لهم أن من شأن النفس إدراك ماهية الكل بكسب المجهول من المعلوم والاستكمال بالفعل ، فإن ذلك ليس فيها بالطبع الأول ، ولا أيضا في (٢٠) سائر القوى ، بل شعور أكثر القوى بكمالاتها أنما يحدث بعد أسباب. وأما النفوس والقوى الساذجة الصرفة ، فكأنها هيولى موضوعة لم تكتسب البتة هذا الشوق (٢١) ، لأن هذا الشوق أنما يحدث حدوثا وينطبع في جوهر النفس إذا برهن (٢٢) للقوة النفسانية أن هاهنا أمورا يكتسب العلم بها بالحدود الوسطى على ما عملت. وأما قبل ذلك فلا يكون ، لأن هذا الشوق يتبع رأيا ، إذ كل شوق يتبع رأيا ، وليس هذا الرأي للنفس رأيا (٢٣) أوليا بل رأيا مكتسبا. فهؤلاء إذا اكتسبوا (٢٤) هذا الرأي ، لزم النفس ضرورة هذا الشوق ، وإذا (٢٥) فارقت (٢٦) ولم (٢٧) يحصل معها (٢٨) ما تبلغ (٢٩) به (٣٠) بعد الانفصال التام

__________________

(١) للاتصال : اتصال ب ؛ + وتبديلها ب ، ح ، د ، ط. (٢) للمزاج : المزاج ب ، د ، ط. (٣) مثلنا : مثلها د ، ص ، ط. (٤) اى : أو ب د ،. (٥) قد : ساقطة من د ، ص ، ط. (٦) عملت : عمل ب ، د ، ص ، ط. (٧) أو زمهرير : فزمهرير ح. (٨) الملابسة : اللامسة ب ، د ، ص. (٩) أن زال العائق : إزالة المائق د. (١٠) تستكمل : يستكملها د. (١١) التام : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص. (١٢) المطعم : الطعم د ، ط. (١٣) للحالة : الحالة د. (١٤) وطالع : فطالع ب ، د. (١٥) بوجه : بوجهه ب. (١٦) الحال : الحالة ح ، د ، ص ، ط. (١٧) فهذه : وهذا ط ؛ فهذا ب ، د ، ص. (١٨) هى : هو ب ، د ، ص ، ط. (١٩) التشوق : الشوق ح ، ص. (٢٠) فى : ساقطة من د. (٢١) هذا الشوق : هذا د. (٢٢) برهن : تبرهن ب. (٢٣) للنفس رأيا : للنفس ب. (٢٤) اكتسبوا : كسبوا د. (٢٥) وإذا : فإذا ب ، د ، ص. (٢٦) فارقت : فارق ب ، د ، ط. (٢٧) ولم : فلم د. (٢٨) معها : معه ب ، د ، ح. (٢٩) ما تبلغ : ما تبع ح. (٣٠) به : ساقطة من ب ، د ، ط.

٤٢٨

وقعت (١) في هذا النوع من الشقاء الأبدي ، لأن أوائل الملكة العلمية أنما كانت (٢) تكتسب بالبدن لا غير وقد فات ، وهؤلاء إما مقصرون عن السعي في كسب الكمال الأسنى (٣) ، وإما معاندون جاحدون (٤) متعصبون لآراء فاسدة مضادة للآراء الحقيقية ، والجاحدون (٥) أسوأ حالا لما اكتسبوا من هيئات مضادة للكمال. وأما أنه كم ينبغي أن يحصل عند نفس الإنسان من تصور (٦) المعقولات حتى يجاوز به الحد الذي في مثله تقع هذه الشقاوة ، وفي تعديه وجوازه (٧) ترجى هذه السعادة ، فليس يمكنني (٨) أن أنص عليه نصا إلا بالتقريب. وأظن أن ذلك أن يتصور نفس الإنسان المبادي المفارقة (٩) تصورا حقيقيا ، وتصدق بها (١٠) تصديقا يقينيا لوجودها عندها (١١) بالبرهان وتعرف العلل الغائية للأمور الواقعة في الحركات الكلية دون الجزئية التي لا تتناهى ، وتتقرر عندها (١٢) هيئة الكل ونسب (١٣) أجزاء (١٤) بعضها إلى بعض ، والنظام الآخذ من المبدإ (١٥) الأول إلى أقصى الموجودات الواقعة في ترتيبه ، وتتصور (١٦) العناية وكيفيتها ، وتتحقق أن الذات المتقدمة للكل أي وجود يخصها ، وأية (١٧) وحدة تخصها ، وأنها كيف تعرف حتى لا يلحقها تكثر وتغير بوجه من الوجوه ، وكيف ترتيب نسبة الموجودات إليها. ثم كلما ازداد الناظر استبصارا ازداد للسعادة (١٨) استعدادا ، وكأنه (١٩) ليس يتبرأ الإنسان عن هذا العالم وعلائقه إلا أن يكون أكد العلاقة مع ذلك العالم فصار له شوق إلى ما هناك وعشق لما هناك فصده عن الالتفات إلى ما خلفه جملة.

ونقول أيضا : إن هذه السعادة الحقيقية لا تتم إلا بإصلاح الجزء العملي من النفس ، ولنقدم (٢٠) لذلك مقدمة ، وكأنا قد ذكرناها فيما سلف ، فنقول : إن الخلق هو ملكة يصدر بها من (٢١) النفس أفعال ما بسهولة من غير تقدم روية ، وقد أمر في كتب الأخلاق بأن يستعمل التوسط بين الخلقين (٢٢) الضدين لا بأن نفعل أفعال التوسط دون أن تحصل ملكة التوسط ،

__________________

(١) وقعت : وقع د ، ب. (٢) كانت : ساقطة من د ، ص. (٣) الأسنى : ساقطة من ح ، ص. (٤) جاحدون : جاهدون ط. (٥) والجاحدون : والجاهدون ط. (٦) تصور : تصورات د. (٧) وجوازه : وجوازيه ب ، ح ، ص ، ط. (٨) يمكننى : يمكنى د. (٩) المفارقة : العالية ح. (١٠) بها : لها د. (١١) عندها : عنده ب ، د. (١٢) عندها : عنده ، ب ، د. (١٣) نسب : ساقطة من د. (١٤) أجراء : إجرائه ب ، د. (١٥) من المبدأ : مبدأ د. (١٦) وتتصور : وتصور د. (١٧) وأية : وأى ب. (١٨) للسعادة : فإسعاده ب. (١٩) وكأنه : كأنه د. (٢٠) ولنقدم : ونقدم ب ؛ فنقدم د. (٢١) من : عن ب ، ح ، د ، ص. (٢٢) بين الخلقين ... التوسط : ساقطة من د.

٤٢٩

بل أن تحصل التوسط ، وملكة التوسط (١) كأنها (٢) موجودة للقوة الناطقة وللقوى (٣) الحيوانية معا ، أما القوى (٤) الحيوانية فبأن (٥) تحصل فيها هيئة الإذعان ، وأما القوة (٦) الناطقة فبأن تحصل فيها هيئة الاستعلاء والانفعال ، كما أن ملكة الإفراط والتفريط موجودة للقوة الناطقة وللقوى (٧) الحيوانية معا ، ولكن بعكس هذه النسبة. ومعلوم أن الإفراط والتفريط هما مقتضى (٨) القوى (٩) الحيوانية ، وإذا قويت القوى (١٠) الحيوانية وحصل لها ملكة استعلائية حدثت (١١) في النفس الناطقة هيئة إذعانية وأثر انفعالي قد رسخ في النفس الناطقة من شأنها أن يجعلها قوية العلاقة مع البدن شديدة الانصراف إليه.

وأما ملكة التوسط فالمراد منها التنزيه عن الهيئات الانقيادية وتبقية النفس الناطقة على جبلتها مع إفادة هيئة الاستعلاء والتنزه (١٢) ، وذلك غير مضاد لجوهرها ولا مائل بها إلى جهة البدن ، بل عن جهته ، فإن المتوسط (١٣) يسلب عنه (١٤) الطرفان (١٥) دائما. ثم جوهر النفس إنما كان البدن هو الذي يغمره ويلهيه ، ويغفله عن الشوق الذي يخصه ، وعن (١٦) طلب الكمال الذي له ، وعن الشعور بلذة الكمال إن حصل له ، والشعور (١٧) بألم الكمال (١٨) إن قصر عنه ، لا بأن النفس منطبعة في البدن أو منغمسة (١٩) فيه ، ولكن العلاقة (٢٠) التي كانت بينهما (٢١) وهو الشوق الجبلي إلى تدبيره والاشتغال بآثاره وبما (٢٢) تورده (٢٣) عليه من عوارضه ، وبما يتقرر فيه من ملكات (٢٤) مبدؤها البدن ، فإذا فارق وفيه الملكة الحاصلة بسبب الاتصال به كان (٢٥) قريب الشبه من حاله (٢٦) وهو فيه ، فبما ينقص من ذلك تزول غفلته عن حركة الشوق الذي له إلى كماله (٢٧) ، وبما يبقى (٢٨) منه معه يكون (٢٩) محجوبا عن (٣٠) الاتصال الصرف بمحل (٣١) سعادته (٣٢) ، ويحدث هناك من الحركات المشوشة (٣٣) ما يعظم

__________________

(١) التوسط وملكة التوسط : ساقطة من ط. (٢) كأنها : كان د. (٣) الناطقة وللقوى : ساقطة من د. (٤) القوى : القوى ح ، د ، ص ، ط. (٥) فبأن : بأن د. (٦) القوة : للقوة د. (٧) وللقوى : وللقوة د. (٨) مقتضى : مقتضيا ب ، ح ، ص ، ط. (٩) للقوى : القوة ط. (١٠) قويت القوى : قويت القوة ط. (١١) حدثت : حدث ب. (١٢) والتنزه : والتبرئة ط. (١٣) المتوسط : التوسط ح ، ص. (١٤) عنه : منه د. (١٥) الطرفان : الطرف د. (١٦) وعن : عن د. (١٧) والشعور : أو الشعور ب. (١٨) الكمال : النقصان ص. (١٩) أو منغمسة : ومنغمسة ح. (٢٠) العلاقة : للعلاقة ص. (٢١) بينهما : بينها د. (٢٢) وبما : وما ب ؛ وربما د. (٢٣) نورده : نوردها د. (٢٤) من ملكات : ملكات د. (٢٥) كان : وكان د. (٢٦) حاله : + لها ص. (٢٧) إلى كماله : الكمال ح. (٢٨) يبقى : بقى ب. (٢٩) يكون : فيكون د. (٣٠) عن : عنه ب ، ط. (٣١) بمحل : لمحل ب ، د. (٣٢) سعادته : ساقطة من ب ، د ، ط. (٣٣) المشوشة : المتشوة ب ، ح ، ص ، ط.

٤٣٠

أذاه (١). ثم إن تلك الهيئة البدنية مضادة لجوهرها مؤذية له (٢) ، وإنما (٣) كان يلهيها عنها (٤) أيضا البدن وتمام انغماسها فيه ، فإذا (٥) فارقت (٦) النفس البدن أحست بتلك المضادة العظيمة وتأذت بها أذى عظيما ، لكن هذا الأذى وهذا الألم ليس لأمر (٧) لازم ، بل لأمر (٨) عارض غريب ، والأمر العارض الغريب لا يدوم ولا يبقى ، ويزول ويبطل مع ترك الأفعال التي كانت تثبت تلك الهيئة بتكررها ، فيلزم إذن (٩) أن تكون العقوبة التي بحسب ذلك غير خالدة ، بل تزول وتنمحي قليلا قليلا حتى تزكو النفس وتبلغ السعادة التي تخصها.

وأما النفوس البله التي لم تكتسب (١٠) الشوق فإنها إذا فارقت البدن وكانت غير مكتسبة للهيئات الردية صارت (١١) إلى سعة من (١٢) رحمة الله تعالى (١٣) ونوع من الراحة ، وإن كانت مكتسبة للهيئات البدنية الردية وليس لها (١٤) عندها هيئة غير ذلك ولا معنى تضاده وتنافيه (١٥) فتكون لا محالة ممنوة بشوقها إلى (١٦) مقتضاها ، فتتعذب (١٧) عذابا شديدا بفقد (١٨) البدن ومقتضيات (١٩) البدن من غير أن يحصل المشتاق إليه ، لأن آلة ذلك قد (٢٠) بطلت وخلق التعلق بالبدن قد بقي.

ويشبه أيضا (٢١) أن يكون ما قاله بعض العلماء حقا وهو أن هذه الأنفس إن كانت زكية وفارقت البدن وقد رسخ فيها نحو من الاعتقاد في العاقبة التي تكون لأمثالهم على مثل ما يمكن أن يخاطب به العامة وتصور ذلك في أنفسهم من ذلك (٢٢) ، فإنهم إذا فارقوا الأبدان (٢٣) ولم يكن لهم معنى جاذب إلى الجهة التي (٢٤) فوقهم ، لا كمال فيسعدوا تلك السعادة ، ولا شوق كمال (٢٥) فيشقوا تلك الشقاوة ، بل جميع (٢٦) هيئاتهم النفسانية متوجهة نحو الأسفل منجذبة إلى (٢٧) الأجسام ، ولا منع من المواد (٢٨) السماوية من أن (٢٩) تكون موضوعة لفعل (٣٠) نفس فيها ، قالوا فإنها تتخيل (٣١)

__________________

(١) أذاه : أذاها د. (٢) له : ساقطة من د. (٣) وإنما : فإنما د. (٤) يلهيها عنها : يلهيها عنه ب ، ح ، د ؛ لهيها عنها ط. (٥) فإذا : واذا د. (٦) فارقت : فارق ب ، د. (٧) لأمر ( الأولى ) : بأمر ح ؛ ساقطة من ط. (٨) لأمر ( الثانية ) : الأمر ح. (٩) إذن : ساقطة من ب. (١٠) فيلزم ... لم تكتسب : ساقطة من د. (١١) الشوق ... صارت : ساقطة من د. (١٢) من : ساقطة من د. (١٣) تعالى : ساقطة من ب ، د. (١٤) لها : ساقطة من ب ، د ، ص. (١٥) وتنافيه : ولا ينافيه د ، ص. (١٦) ممنوة بشوقها إلى : ممنو ط. (١٧) فتتعذب : فتعذب ح ، د ؛ ساقطة من ط. (١٨) بفقد : بفقدان ب ؛ لفقدان د. (١٩) ومقتضيات : وبمقتضيات ب ، ح ، ص ؛ ولمقتضيات د. (٢٠) لأن آلة ذلك قد : لا ط. (٢١) أيضا : ساقطة من ب. (٢٢) من ذلك : ساقطة من ب ، ح ، د ، ط. (٢٣) الأبدان : البدن ح. (٢٤) التي : + هى د ، ص. (٢٥) فيسعدوا تلك السعادة ولا شوق كمال : عدم د. (٢٦) جميع : كل ب. (٢٧) منجذبة إلى : تجذيه د. (٢٨) من المواد : فى المواد ب ، ح ، د ، ص. (٢٩) من أن : عن أن ح ، د ، ص. (٣٠) لفعل : بفعل د. (٣١) تتخيل : تخيل د ؛ + من ط.

٤٣١

جميع ما كانت اعتقدته من الأحوال (١) الأخروية ، وتكون الآلة (٢) يمكنها بها (٣) التخيل شيئا من الأجرام السماوية فتشاهد جميع ما قيل لها في الدنيا من أحوال القبر والبعث والخيرات الأخروية ، وتكون الأنفس الردية أيضا تشاهد العقاب بحسب ذلك المصور لهم في الدنيا وتقاسيه ، فإن الصور (٤) الخيالية (٥) ليست تضعف عن الحسية بل تزداد (٦) عليها تأثيرا وصفاء (٧) كما يشاهد في المنام ، فربما كان المحلوم (٨) به أعظم شأنا في بابه من المحسوس ، على أن الأخروي (٩) أشد استقرارا من الموجود (١٠) في المنام بحسب قلة العوائق وتجرد النفس وصفاء القابل ، وليست (١١) الصورة التي ترى في المنام ، بل ولا (١٢) التي (١٣) تحس في اليقظة ، كما علمت ، إلا المرتسمة في النفس. إلا أن أحدهما (١٤) يبتدئ من باطن وينحدر إليه ، والثاني يبتدئ من خارج ويرتفع إليه ، فإذا ارتسم في النفس تم هناك الإدراك (١٥) المشاهد ، وإنما (١٦) يلذ ويؤذي بالحقيقة هذا المرتسم في النفس لا الموجود من خارج (١٧) ، فكلما (١٨) ارتسم في النفس فعل فعله وإن (١٩) لم يكن يسبب (٢٠) من خارج ، فإن السبب الذاتي هو هذا المرتسم ، والخارج هو سبب (٢١) بالعرض (٢٢) أو سبب السبب (٢٣).

فهذه هي السعادة (٢٤) والشقاوة الخسيستان (٢٥) اللتان (٢٦) بالقياس إلى الأنفس الخسيسة ، وأما (٢٧) الأنفس المقدسة فإنها تبعد عن مثل هذه الأحوال وتتصل بكمالاتها (٢٨) بالذات وتنغمس في اللذة الحقيقية ، وتتبرأ عن (٢٩) النظر إلى ما خلفها ، وإلى المملكة (٣٠) التي كانت لها ، كل التبري. ولو كان بقي فيها من ذلك أثر (٣١) اعتقادي أو خلقي تأذت به (٣٢) ، وتخلفت لأجله عن درجة العليين (٣٣) إلى أن تنفسخ وتزول (٣٤).

__________________

(١) الأحوال : أحوال د. (٢) التي : ساقطة من د. (٣) بها : به ب ، ح ، د. (٤) الصور : الصورة ح ، د ، ص. (٥) الخيالية : الخالية د. (٦) تزداد : يراد د. (٧) وصفاء : وصفاها د. (٨) المحلوم : المحكوم د. (٩) الأخروى : الأخرى ب ، ح ، ص ، ط. (١٠) الموجود : الموجودة ب ، د ، ص. (١١) وليست : وليس د. (١٢) ولا : ساقطة من ب ، د. (١٣) التي : والتي ب ، د. (١٤) أحدهما : أحدها ب. (١٥) الادراك : ساقطة من د. (١٦) وإنما : إنما ح ، ص ، ط. (١٧) من خارج : فى خارج ح ؛ فى الخارج د ، ص ، ط. (١٨) فكلما : وكلما ص. (١٩) وان : ساقطة من د. (٢٠) بسبب : سبب ب ؛ له سبب د ، ص. (٢١) هو سبب : سبب من ب ، د. (٢٢) بالعرض : ما يعرض ح. (٢٣) السبب : للسبب ب. (٢٤) السعادة : ساقطة من د. (٢٥) الخسيستان : الخسيسان ح ، د ص ، ط. (٢٦) اللتان : واللتان ب. (٢٧) وأما : فأما : د. (٢٨) بكمالاتها : بكمالها ب ، ح ، د ، ص. (٢٩) عن : من ب. (٣٠) المملكة : الملكة ب ، ح ، د ، ط. (٣١) من ذلك أثر : أثر من ذلك د. (٣٢) به : ساقطة من د. (٣٣) للعليين : عليين ب ؛ عليان د. (٣٤) وتزول : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص.

٤٣٢

المقالة العاشرة

وفيها خمسة فصول

٤٣٣
٤٣٤

[ الفصل الأول ]

( ا ) فصل (١)

في المبدإ والمعاد بقول مجمل ، وفي الإلهامات والمنامات (٢) ، والدعوات (٣) المستجابة ، والعقوبات السماوية ، وفي أحوال النبوة ، وفي حال (٤) أحكام النجوم

فالوجود (٥) إذا ابتدأ (٦) من عند الأول (٧) لم يزل كل تال (٨) منه أدون مرتبة من الأول ، ولا يزال ينحط (٩) درجات ، فأول ذلك درجة الملائكة الروحانية المجردة التي تسمى عقولا ، ثم (١٠) مراتب (١١) الملائكة الروحانية التي تسمى نفوسا ، وهي الملائكة العملة (١٢) ، ثم مراتب الأجرام السماوية ، وبعضها أشرف من بعض إلى أن يبلغ آخرها ، ثم (١٣) بعدها يبتدئ وجود المادة القابلة للصور الكائنة الفاسدة ، فيلبس أول شيء صور العناصر ثم (١٤) يتدرج يسيرا يسيرا فيكون أول الوجود فيها (١٥) أخس وأدون (١٦) مرتبة من (١٧) الذي يتلوه ، فيكون أخس ما فيه المادة ثم العناصر ، ثم المركبات الجمادية ، ثم النباتات (١٨) ، وأفضلها الإنسان ، وبعده الحيوانات (١٩) ثم النبات (٢٠) ، وأفضل الناس (٢١) من استكملت (٢٢) نفسه عقلا بالفعل ، ومحصلا للأخلاق التي تكون فضائل عملية ، وأفضل هؤلاء هو المستعد لمرتبة النبوة وهو الذي في قواه النفسانية خصائص ثلاث ذكرناها : وهي (٢٣) أن (٢٤) يسمع كلام الله تعالى (٢٥) ، ويرى ملائكته وقد تحولت له على صورة يراها. وقد بينا (٢٦) كيفية هذا ، وبينا أن هذا الذي يوحى إليه تتشبح الملائكة له (٢٧) ويحدث له في سمعه صوت يسمعه يكون من قبل الله والملائكة ، فيسمعه من غير أن

__________________

(١) فصل : ساقطة من د. (٢) والمنامات : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص. (٣) والدعوات : وفى الدعوات ح ، د ، ص ، ط. (٤) وفى حال : وفى أحوال ح. (٥) فالوجود : والوجود د. (٦) ابتدأ : بتدأ ط. (٧) الأول : + يقال ط. (٨) تال : ثان ط. (٩) ينحط : + عن ط. (١٠) ثم : ساقطة ب ، د. (١١) مراتب : ودرجة د ؛ ومراتب ب. (١٢) العملة : العملية ح ، د ، ص ، ط. (١٣) ثم : + من ح ، ط. (١٤) ثم : لم د. (١٥) فيها : منها د. (١٦) وأدون : وأرذل د. (١٧) من : ساقطة من د. (١٨) النباتات : الناميات ب ، ح ، د ، ص. (١٩) الحيوانات : + الناميات ب. (٢٠) النبات : النباته د. (٢١) الناس : الإنسان ص. (٢٢) استكملت : استكمل ص ، ط. (٢٣) وهى : وهو ب ، د ، ط. (٢٤) أن : أنه د ؛ ساقطة من ح. (٢٥) تعالى : ساقطة من ب ، د ، ص ، ط. (٢٦) وقد بينا : فقد بينا د. (٢٧) الملائكة له : له الملائكة ح ، د ، ص.

٤٣٥

يكون ذلك كلاما من الناس (١) والحيوان الأرضي ، وهذا هو الموحى إليه ، وكما أن أول الكائنات من الابتداء إلى درجة العناصر (٢) كان عقلا (٣) ثم نفسا (٤) ثم جرما (٥) ، فهاهنا يبتدئ الوجود من الأجرام ، ثم تحدث نفوس ، ثم عقول ، وإنما تفيض هذه الصور لا محالة من عند (٦) تلك المبادي ، والأمور الحادثة في هذا العالم تحدث من مصادمات القوى الفعالة السماوية (٧) ، والمنفعلة الأرضية (٨) تابعة لمصادمات القوى الفعالة السماوية ، وأما القوى الأرضية فيتم حدوث ما يحدث فيها (٩) بسبب شيئين :

أحدهما القوى الفعالة فيها : إما الطبيعية وإما الإرادية.

والثاني القوى الانفعالية : إما الطبيعية وإما النفسانية.

وأما القوى السماوية فتحدث عنها آثارها (١٠) في هذه الأجرام التي تحتها على ثلاثة وجوه (١١) : أحدها من تلقائها بحيث لا تسبب فيها (١٢) للأمور الأرضية بوجه من الوجوه ، وتلك إما عن طبائع أجسامها (١٣) وقواها (١٤) الجسمانية بحسب التشكيلات الواقعة منها مع القوى الأرضية والمناسبات بينها (١٥) ، وإما عن طبائعها النفسانية.

والوجه الثاني (١٦) فيه شركة ما مع الأحوال الأرضية وتسبب (١٧) بوجه من الوجوه على الوجه الذي أقول إنه قد اتضح لك ، أن لنفوس تلك (١٨) الأجرام السماوية ضربا من التصرف في المعاني الجزئية على سبيل إدراك غير عقلي محض وأن (١٩) لمثلها أن يتوصل إلى إدراك الحادثات الجزئية ، وذلك يمكن (٢٠) بسبب إدراك تفاريق أسبابها الفاعلة والقابلة الحاصلة (٢١) من حيث هي أسباب وما يتأدى إليه ، وأنها دائما (٢٢) تنتهي إلى طبيعية أو إرادية (٢٣) موجبة ليست إرادية فاترة (٢٤) غير حاتمة ولا جازمة. ولا تنتهي إلى القسر ، فإن القسرية إما قسر

__________________

(١) الناس : النفس د. (٢) العناصر : العنصر ب ، ح ، د ، ص. (٣) عقلا : عقل ب. (٤) نفسا : نفس ب. (٥) جرما : جرم ب. (٦) من عند : ساقطة من ط. (٧) السماوية : ساقطة من ب. (٨) الأرضية : + لا والمنفعلة الأرضية د ؛ + والمنفعلة الأرضية ح ، ص ، ط. (٩) فيها : منها ب. (١٠) آثارها : آثار ب. (١١) وجوه : أوجه د ، ص. (١٢) فيها : منها ب ؛ فيه ح ، ط. (١٣) أجسامها : أجسام د. (١٤) وقواها : وقوتها د. (١٥) بينها : بينهما ح ، ص ، ط. (١٦) الثاني : الثالث ب ، ح ، د ، ط. (١٧) وتسبب : وسبه د. (١٨) تلك : ساقطة من ب. (١٩) وأن : فأن د. (٢٠) يمكن : يكن د. (٢١) الحاصلة : والحاصلة د ؛ ساقطة من ح ، ص. (٢٢) دائما : ساقطة من ب ، د ، ص. (٢٣) أو إرادية : وإرادية ب ، ح ، د ، ص. (٢٤) فاترة : ساقطة من د.

٤٣٦

عن طبيعة ، وإما قسر عن إرادة ، وإليهما (١) ينتهي التحليل في القسريات أجمع. ثم إن الإرادات كلها كائنة بعد ما لم تكن ، فلها أسباب تتوافى فتوجبها ، وليس (٢) توجد إرادة بإرادة وإلا لذهبت (٣) إلى غير النهاية ، ولا عن طبيعة للمريد (٤) وإلا للزمت الإرادة ما دامت الطبيعة ، بل الإرادات تحدث بحدوث (٥) علل هي الموجبات ، والدواعي تستند إلى أرضيات وسماويات ، وتكون موجبة ضرورة (٦) لتلك الإرادة (٧) ، وأما الطبيعية فإن (٨) كانت ثابتة (٩) فهي أصل وإن كانت (١٠) قد حدثت فلا محالة أنها تستند أيضا إلى أمور سماوية وأرضية.

عرفت جميع هذا فيما قبل وأن لازدحام (١١) هذه العلل وتصادمها واستمرارها نظاما ينجر بحسب (١٢) الحركة السماوية ، فإذا (١٣) علمت الأوائل بما هي أوائل وهيئة انجرارها إلى الثواني (١٤) ، علمت الثواني ضرورة. فمن هذه الأشياء علمنا (١٥) أن النفوس السماوية وما فوقها عالمة بالجزئيات ، وأما (١٦) ما فوقها فعلمها بالجزئيات (١٧) على نحو كلي ، وأما هي فعلى نحو جزئي كالمباشر أو المتأدي (١٨) إلى المباشر أو المشاهد بالحواس ، فلا محالة أنها تعلم ما يكون ، لا محالة (١٩) أنها (٢٠) تعلم في كثير منها على (٢١) الوجه الذي هو أصوب والذي هو أصلح وأقرب (٢٢) من الخير المطلق من الأمرين الممكنين ، وقد بينا أن التصورات التي لتلك العلل مبادئ لوجود (٢٣) تلك الصور هاهنا إذا كانت ممكنة ولم تكن هناك أسباب سماوية ، تكون أقوى من تلك التصورات مما هو أقدم ومما (٢٤) هو في أحد القسمين من الثلاثة غير هذا الثالث. وإذا كان الأمر كذلك وجب أن يحصل ذلك الأمر الممكن موجودا لا عن (٢٥) سبب أرضي ولا عن سبب طبيعي في السماء ، بل عن (٢٦) تأثير بوجه ما لهذه الأمور في الأمور السماوية. وليس هذا بالحقيقة تأثيرا ، بل التأثير لمبادئ وجود ذلك (٢٧) من الأمور السماوية ، فإنها إذا ، عقلت الأوائل عقلت ذلك الأمر ، وإذا ، عقلت ذلك الأمر (٢٨) عقلت ما هو الأولى

__________________

(١) واليهما : وإليها د ، ط. (٢) وليس : فليس ح ، ص ، ط. (٣) لذهبت : لذهب ب ، ح ، د. (٤) للمريد : المريد د. (٥) بحدوث : حدوث ب. (٦) ضرورة : ساقطة من ط. (٧) الارادة : الارادات ح. (٨) فإن : فإنها أن ح. (٩) ثابتة : راهنة ب ؛ لراهنة د ؛ راهنته ح ، ط. (١٠) وإن كانت : فأن كان د. (١١) لازدحام : بالازدحام د. (١٢) بحسب : تحت ب ، ح ، د ، ط. (١٣) فإذا : وإذا ه. (١٤) الثوانى : التوالى د. (١٥) علمنا : علمت ب ، ح ، ط. (١٦) وأما : أما ب. (١٧) بالجزئيات : ساقطة من ب. (١٨) أو المتأدى : المتأدى د ؛ ذو المتأدى ب. (١٩) لا محالة : ولا محالة ص ، ط. (٢٠) أنها : وأنها ح. (٢١) على : ساقطة من ب ، ح ، ص ، ط. (٢٢) وأقرب : + هو د. (٢٣) لوجود : لوجودات ب ، ح ، ص ، ط. (٢٤) ومما : مما ب. (٢٥) لا عن : ألا عن ط. (٢٦) بل عن : بل من د .. (٢٧) ذلك : + الأمر ب ، د. (٢٨) واذا عقلت ذلك الأمر : ساقطة من د.

٤٣٧

بأن يكون ، وإذا عقلت ذلك كان (١) لا مانع فيه إلا عدم علة طبيعية أرضية (٢) أو وجود علة طبيعية أرضية ، وأما (٣) عدم العلة الطبيعية الأرضية ، مثلا أن يكون ذلك الشيء هو يوجد حرارة ، فلا يكون قوة مسخنة طبيعية أرضية ، فتلك (٤) السخونة تحدث للتصور السماوي بوجه (٥) كون الخير فيه ، كما أنها (٦) تحدث هي في أبدان الناس عن أسباب من تصورات الناس وعلى ما عرفته فيما سلف.

وأما مثال الثاني فأن يكون ليس المانع عدم سبب التسخين (٧) فقط ، بل وجود المبرد (٨) فالتصور السماوي للخير في وجود ضد ما يوجبه المبرد (٩) في ذلك أيضا يقسر المبرد كما يقسر تصورنا المغضب السبب المبرد فينا فيكون (١٠) الحر (١١) ، فتكون أصناف هذا القسم إحالات لأمور (١٢) طبيعية أو إلهامات تتصل بالمستدعي أو بغيره ، أو اختلاط من (١٣) ذلك يؤدي واحد منها أو جملة مجتمعة إلى الغاية النافعة ، ونسبة (١٤) التضرع إلى استدعاء هذه القوة نسبة التفكر إلى استدعاء البيان ، وكل يفيض من فوق. وليس هذا (١٥) يتبع التصورات السماوية (١٦) ، بل الأول الحق يعلم جميع ذلك على الوجه الذي قلنا : إنه يليق به ومن عنده يبتدئ كون ما يكون ، ولكن بالتوسط ، وعلى ذلك علمه. فبسبب هذه الأمور ما ينتفع بالدعوات والقرابين (١٧) وخصوصا في أمر الاستسقاء وفي أمور أخرى ، ولهذا ما يجب أن يخاف المكافاة على الشر ويتوقع المكافاة على الخير ، فإن في ثبوت حقية ذلك مزجرة عن الشر ، وثبوت حقية ذلك يكون (١٨) بظهور (١٩) آياته ، وآياته هي وجود جزئياته ، وهذه (٢٠) الحال معقولة عند المبادي ، فيجب أن يكون لها وجود ، فإن لم يوجد فهناك شر وسبب (٢١) لا ندركه ، أو سبب آخر يعاوقه ، وذلك أولى بالوجود من هذا (٢٢) ، ووجود (٢٣) ذلك ووجود (٢٤) هذا معا (٢٥) من المحال ، وإذا شئت أن تعلم أن الأمور التي عقلت

__________________

(١) كان : + إذ كان ب ، ح ، ص ، ط. (٢) أرضية : أو أرضية ح. (٣) وأما : أما ب. (٤) فتلك : فكب د. (٥) بوجه : لوجه ب. (٦) أنها : أنه ب ، ح ، د ، ص. (٧) التسخين : التسخن ب ، ح ، ط ؛ المسخن د. (٨) المبرد : البرد د. (٩) المبرد : البرد د. (١٠) فيكون : ويكون ب ، د. (١١) الحر : الخير ب ، د. (١٢) احالات لأمور : حالات لا أمور ح ، ص ، ط. (١٣) من : عن ح. (١٤) ونسبة : نسبته د. (١٥) هذا : هو ص ؛ هذا هو ح ، د ؛ ساقطة من ط. (١٦) التصورات السماوية : تصورات السماويات ب. (١٧) والقرابين : وللقرابين د. (١٨) يكون : ساقطة من ب. (١٩) بظهور : لظهور د. (٢٠) وهذه : وهذا ب. (٢١) وسبب : أو سبب ب ، د ، ص. (٢٢) وذلك أولى بالوجود من هذا : ذلك الوجود أولى من هذا ب ؛ وذلك بالوجود أولى من هذا ح ، د ؛ وذلك بالموجود أولى من هذا ط. (٢٣) ووجود : أو وجود د ، ط. (٢٤) ذلك ووجود : ساقطة من د. (٢٥) معا : ساقطة من د.

٤٣٨

نافعة مؤدية إلى المصالح قد (١) أوجدت في الطبيعة على النحو (٢) من الإيجاد الذي (٣) علمته وتحققته فتأمل حال (٤) منافع الأعضاء في الحيوانات والنباتات (٥) ، وأن كل واحد كيف خلق. وليس هناك البتة سبب (٦) طبيعي ، بل مبدؤه (٧) لا محالة من العناية (٨) على الوجه الذي علمت العناية. فكذلك يصدق (٩) بوجود (١٠) هذه المعاني ، فإنها متعلقة بالعناية على الوجه (١١) الذي علمت العناية تعلق تلك.

واعلم أن أكثر ما يقربه الجمهور ويفزع إليه ، ويقول به ، فهو حق وإنما يدفعه هؤلاء المتشبهة بالفلاسفة (١٢) جهلا منهم بعلله (١٣) وأسبابه ، وقد عملنا في هذا الباب كتاب البر والإثم فتأمل (١٤) شرح هذه الأمور من هناك وصدق بما يحكى من العقوبات الإلهية النازلة على مدن فاسدة ، وأشخاص ظالمة ، وانظر أن الحق كيف ينصر ، واعلم أن السبب في الدعاء منا أيضا وفي الصدقة وغير ذلك وكذلك حدوث الظلم والإثم إنما يكون من هناك فإن مبادئ جميع هذه الأمور تنتهي إلى الطبيعة والإرادة والاتفاق ، والطبيعة مبدؤها من هناك ، والإرادات التي لنا كائنة بعد ما لم تكن ، وكل (١٥) كائن بعد ما لم يكن فله علة ، وكل إرادة لنا فلها علة ، وعلة تلك الإرادة ليست إرادة متسلسلة في ذلك إلى غير النهاية ، بل أمور تعرض من خارج ، أرضية وسماوية ، والأرضية تنتهي إلى السماوية ، واجتماع ذلك كله يوجب وجود الإرادة.

وأما (١٦) الاتفاق فهو حادث عن (١٧) مصادمات (١٨) هذه ، فإذا حللت الأمور كلها استندت (١٩) إلى مبادئ إيجابها ، تنزل (٢٠) من عند الله تعالى (٢١).

والقضاء من الله تعالى (٢٢) هو الوضع الأول البسيط.

__________________

(١) قد : فقد د. (٢) النحو : نحو ح. (٣) الذي : ساقطة من ط. (٤) حال : أن ط. (٥) والنباتات : والنبات ب. (٦) البتة سبب : سبب البتة ب : ساقطة من ط. (٧) مبدؤه : ساقطة من ب ، د ، ط. (٨) العناية : ساقطة من د. (٩) يصدق : فصدق ب ، ص ، ط. (١٠) بوجود : لوجود د. (١١) الوجه : ساقطة من د. (١٢) بالفلاسفة : بالفلسفة ط. (١٣) بعلله : لعلله د. (١٤) فتأمل : فليتأمل ب ، ح ، د ، ط. (١٥) وكل : فكل ب ، ح ، ص ، ط. (١٦) وأما : فأما د. (١٧) عن : من د. (١٨) مصادمات : مصادفات د. (١٩) استندت : اسندت د. (٢٠) تنزل : تنزل د ؛ منزل ب ، ط. (٢١) تعالى : ساقطة من ب ، د. (٢٢) من الله تعالى : من الله ب ؛ من الله سبحانه وتعالى د ؛ ساقطة من ط.

٤٣٩

والتقدير هو ما يتوجه إليه القضاء على التدريج كأنه موجب اجتماعات من الأمور البسيطة التي تنسب من حيث هي بسيطة إلى القضاء والأمر الإلهي الأول. ولو أمكن إنسانا (١) من الناس أن يعرف الحوادث التي في الأرض والسماء جميعها (٢) وطبائعها (٣) ، لفهم كيفية جميع (٤) ما يحدث في المستقبل. وهذا المنجم (٥) القائل بالأحكام ـ مع (٦) أن أوضاعه الأولى ومقدماته ليست تستند إلى برهان ، بل عسى أن يدعي فيها التجربة أو الوحي ، وربما حاول قياسات شعرية أو خطابية في إثباتها ـ فإنه إنما يعول على دلائل جنس واحد من أسباب الكائنات وهي التي في السماء ، على أنه لا يضمن (٧) من عنده الإحاطة بجميع الأحوال التي في السماء ، ولو ضمن (٨) لنا ذلك ووفى به لم يمكنه أن يجعلنا ونفسه بحيث نقف على وجود جميعها في كل وقت ، وإن كان جميعها من حيث فعله وطبعه معلوما عنده (٩) ، وذلك مما لا يكفي أن يعلم أنه وجد أو لم يوجد. وذلك لأنه لا يكفيك (١٠) أن تعلم أن النار حارة مسخنة وفاعلة كذا وكذا ، في أن تعلم أنها سخنت ما لم تعلم أنها حصلت ، وأي (١١) طريق من (١٢) الحساب (١٣) يعطينا المعرفة بكل حدث (١٤) وبدعة في الفلك ، ولو أمكنه أن يجعلنا ونفسه بحيث نقف على وجود جميع ذلك لم يتم (١٥) لنا به الانتقال إلى المغيبات. فإن الأمور المغيبة التي في طريق الحدوث أنما تتم بمخالطات بين الأمور السماوية التي لنا (١٦) تسامح (١٧) أنا حصلناها بكمال عددها ، وبين الأمور الأرضية المتقدمة واللاحقة ، فاعلها ومنفعلها ، طبيعيها وإراديها (١٨) وليس تتم (١٩) بالسماويات وحدها ، فما لم يحط بجميع الحاضر من الأمرين ، وموجب كل واحد منهما خصوصا ما كان متعلقا بالمغيب ، لم (٢٠) يتمكن من الانتقال إلى المغيب. فليس (٢١) لنا إذن (٢٢) اعتماد على أقوالهم ، وإن سلمنا متبرعين أن جميع ما يعطوننا (٢٣) من مقدماتهم الحكمية صادقة.

__________________

(١) انسانا : انسان ب. (٢) جميعها : جميعا ب ، ح ، ص ، ط. (٣) وطبائعها : وطبائعهما ب. (٤) جميع : ساقطة من ب ، د. (٥) المنجم : + بل د. (٦) مع : من د. (٧) لا يضمن : لا يظهر د. (٨) ضمن : ظهر د. (٩) عنده : عندنا ص. (١٠) يكفيك : يمكنك د. (١١) وأى : فأى ح. (١٢) من : فى د. (١٣) الحساب : الحسيات ح. (١٤) حدث : حدوث ح ، د. (١٥) لم يتم : لما تم ص. (١٦) لنا : ساقطة من ب ، ح ، د ، ص. (١٧) تسامح : لتسامح ب ، ح ، ص ، ط. (١٨) طبيعيها وإراديها : طبيعها وإراديا د. (١٩) وليس يتم : وليست تتم د ، ص. (٢٠) لم : لا ح. (٢١) فليس : فليست د. (٢٢) لنا إذن : إذن لنا ح ، ص. (٢٣) يعطوننا : يعطونا ب ، د ، ص.

٤٤٠