الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات0%

الشفاء الإلهيّات مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف: مكتبة الفلسفة والعرفان
الصفحات: 489

الشفاء الإلهيّات

مؤلف: ابن سينا
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
تصنيف:

الصفحات: 489
المشاهدات: 93911
تحميل: 8061

توضيحات:

الشفاء الإلهيّات
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 489 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 93911 / تحميل: 8061
الحجم الحجم الحجم
الشفاء الإلهيّات

الشفاء الإلهيّات

مؤلف:
الناشر: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
العربية

فتكون العلة لهذا إمكان وجود ذلك ، وإمكان وجود ذلك ليس علته (١) هذا ، فيكونان غير متكافئين ، أعني ما هو علته بالذات ومعلول بالذات.

ثم يعرض شيء آخر وهو ، أنه إذا كان إمكان وجود ذلك هو علة إيجاب وجود هذا ، لم يتعلق وجود هذا بوجوبه ، بل بإمكانه (٢). فوجب أن يجوز وجوده مع عدمه وقد فرضا (٣) متكافئين ، هذا خلف فإذن ليس يمكن أن يكونا متكافئي الوجود (٤) ، في حال ما ، لا يتعلقان بعلة (٥) خارجة ، بل يجب أن يكون أحدهما هو الأول بالذات ، أو يكون هناك سبب خارج آخر (٦) يوجبهما جميعا بإيجاب العلاقة التي بينهما أو يوجب العلاقة بإيجابهما. والمضافان ليس أحدهما واجبا بالآخر ، بل مع الآخر ، والموجب لهما العلة التي جمعتهما (٧) ، وأيضا المادتان أو (٨) الموضوعان أو الموصوفان بهما. وليس يكفي وجود المادتين أو الموضوعين لهما وحدهما (٩) ، بل وجود ثالث يجمع بينهما. وذلك لأنه لا يخلو إما أن يكون وجود كل واحد من الأمرين وحقيقته هو أن يكون مع الآخر ، فوجوده بذاته يكون غير واجب ، فيصير ممكنا (١٠) ، فيصير معلولا ، ويكون كما قلنا ليس علته مكافئة في الوجود ، فتكون إذن علته أمرا آخر ، فلا يكون هو والآخر علة للعلاقة التي بينهما ، بل ذلك الآخر. وأما أن لا يكون ، فتكون المعية طارئة على وجوده (١١) الخاص لاحقة له. وأيضا فإن الوجود الذي يخصه لا يكون عن مكافيه من حيث هو مكافيه ، بل عن علة متقدمة إن كان معلولا. فحينئذ إما أن يكون وجوده ذلك عن صاحبه ، لا من حيث يكافيه (١٢) ،

__________________

(١) علته : علة ص

(٢) بامكانه : وجوده إمكانه ج ، ط

(٣) فرضا : فرضنا ج ، ص ، ط

(٤) متكافئى الوجود : متكافئين فى الوجود طا

(٥) بعلة : بعلته ط

(٦) خارج آخر : خارج ب ؛ آخر ط

(٧) جمعتهما : جمعتها ط ، طا

(٨) أو : ساقطة من ص ، م

(٩) وحدهما : أو أحدهما م

(١٠) فيصير ممكنا : فيكون ممكنا ج

(١١) وجوده : وجود ص ، م

(١٢) يكافيه : مكافيه ص.

٤١

بل من حيث وجود صاحبه الذي يخصه ، فلا يكونان متكافئين ، بل علة ومعلولا. ويكون صاحبه أيضا علة للعلاقة (١) الوهمية بينهما كالأب والابن. وإما أن يكونا متكافئين من جملة ما يكون الأمر أن ليس أحدهما علة للآخر ، وتكون العلاقة لازمة لوجودهما ، فتكون العلة الأولى للعلاقة هي أمر خارج موجد (٢) لذاتيهما على ما علمت ، والعلاقة عرضية ، فيكون لا تكافؤ هناك إلا بالعرض المباين أو اللازم (٣). وهذا غير ما نحن فيه ، ويكون للذي (٤) بالعرض علة لا محالة ، فيكونان من حيث التكافؤ معلولين.

__________________

(١) للعلاقة : العلاقة ب

(٢) موجد : موجود بخ

(٣) اللازم : للازم م

(٤) الذي : الذي ب ، طا.

٤٢

[ الفصل السابع ]

( ز ) فصل

في أن واجب (١) الوجود واحد

ونقول أيضا : إن واجب الوجود يجب أن يكون ذاتا واحدة. وإلا فليكن كثرة (٢) ويكون (٣) كل واحد منها واجب الوجود ، فلا يخلو إما أن يكون كل واحد منها في المعنى الذي هو حقيقته ، لا يخالف الآخر البتة أو يخالفه. فإن كان لا يخالف الآخر في المعنى الذي لذاته بالذات ، ويخالفه بأنه ليس هو ، وهذا خلاف لا محالة ، فيخالفه في غير المعنى. وذلك لأن المعنى الذي هو فيهما غير مختلف ، وقد قارنه شيء به (٤) صار هذا أو في هذا ، أو قارنه نفس أنه هذا أو في (٥) هذا ، ولم (٦) يقارنه هذا المقارن في الآخر ، بل ما به صار ذاك ذاك (٧) ، أو نفس أن ذاك ذاك (٨) ، وهذا تخصيص ما قارن ذلك المعنى ، وبينهما به (٩) مباينة.

فإذن كل واحد منهما يباين الآخر به ، وليس يخالفه في نفس (١٠) المعنى ، فيخالفه في غير المعنى (١١).

والأشياء (١٢) التي هي غير المعنى وتقارن المعنى هي الأعراض واللواحق الغير الذاتية. وهذه اللواحق فإما أن تعرض لوجود (١٣) الشيء بما هو (١٤) ذلك الوجود

__________________

(١) واجب : الواجب ج ، ص ، ط

(٢) كثرة : كثيرة ص ، م

(٣) ويكون : فيكون ج ، ص ، ط ، م

(٤) به : ساقطة من ج ، ط

(٥) أو فى : فى م

(٦) ولم : أو لم ط

(٧) ذاك ذاك : ذلك ذلك ج

(٨) ذاك ذاك : ذلك ذلك ج

(٩) به : ساقطة من م

(١٠) نفس : ساقطة من ص ؛ + أصل ج ، ص ، ط

(١١) فيخالفه ... المعنى : ساقطة من م

(١٢) والأشياه : فالأشياء ج ؛ بل نقول الأشياء ط

(١٣) لوجود : لحقيقة ص ، ط. (١٤) هو : + تلك الحقيقة أو لوجوده بما هو ص ، ط.

٤٣

فيجب أن يتفق الكل فيه (١) وقد فرض أنها (٢) مختلفة فيه ، وهذا (٣) خلف. وإما أن تعرض له عن أسباب خارجة لا عن نفس ماهيته ، فيكون لو لا تلك العلة لم تعرض ، فيكون لو لا تلك العلة لم يختلف ، فيكون لو لا تلك العلة لكانت (٤) الذوات واحدة أو لم تكن ، فيكون لو لا تلك العلة ليس هذا بانفراده واجب الوجود ، وذلك بانفراد ، واجب الوجود لا من حيث الوجود (٥) ، بل من حيث الأعراض (٦) ، فيكون وجوب وجود كل واحد منهما (٧) الخاص به ، المنفرد له ، مستفادا من غيره. وقد قيل إن كل ما هو واجب الوجود بغيره فليس واجب الوجود بذاته ، بل هو في حد ذاته ممكن الوجود ، فتكون كل واحدة (٨) من هذه ، مع أنها واجبة الوجود بذاتها (٩) ، ممكنة الوجود في حد ذاتها (١٠) وهذا (١١) محال (١٢).

ولنفرض الآن أنه يخالفه في معنى أصلي ، بعد ما يوافقه في المعنى ، فلا يخلو ذلك (١٣) المعنى إما أن يكون شرطا في وجوب الوجود ، أو لا يكون. فإن كان شرطا في وجوب الوجود ، فظاهر أنه يجب أن يتفق فيه كل ما هو واجب الوجود ، وإن لم يكن شرطا في وجوب الوجود ، فوجوب الوجود متقرر دونه وجوب وجود ، وهو داخل عليه ، عارض ، مضاف إليه ، بعد ما تم ذلك وجوب وجود ، وقد منعنا هذا وبينا فساده. فإذن لا يجوز أن يخالفه في المعنى.

__________________

(١) فيه : فيها طا

(٢) أنها : أنهما ج

(٣) وهذا : فهذا ب ؛ هذا م

(٤) لكانت : كانت ج ، ص ، م ؛ لكان ط.

(٦) وذلك ... الأعراض : ساقطة من ب

(٥) لا من حيث الوجود : ساقطة من ج ، ص ، م.

(٧) منهما : منها ط ، طا.

(٨) واحدة : واحد ط

(٩) بذاتها : بذواتها م.

(١٠) حد ذاتها : حدود ذواتها ص ؛ حد ذواتها م

(١١) وهذا : وهو ط.

(١٢) محال : هذا طا.

(١٣) ذلك : لذلك ص.

٤٤

بل يجب أن نزيد لهذا بيانا من وجه آخر وهو : أن انقسام معنى وجوب الوجود في الكثرة لا يخلو من وجهين : إما أن يكون على سبيل انقسامه بالفصول وإما (١) على سبيل انقسامه بالعوارض. ثم من المعلوم أن الفصول لا تدخل في حد ما يقام مقام الجنس. فهي لا تفيد الجنس حقيقته (٢) ، وإنما تفيده القوام بالفعل (٣) ، وذلك كالناطق ، فإن الناطق لا يفيد الحيوان معنى الحيوانية ، بل يفيده القوام بالفعل ذاتا موجودة خاصة.

فيجب أيضا أن تكون فصول وجوب الوجود ، إن صحت ، بحيث لا تفيد وجوب الوجود حقيقة وجوب الوجود ، بل يفيده الوجود بالفعل. وهذا محال من وجهين : أحدهما ، أنه ليس حقيقة وجوب الوجود إلا نفس تأكد الوجود ، لا كحقيقة الحيوانية التي هي معنى غير تأكد الوجود ، والوجود لازم لها ، أو داخل عليها ، كما علمت. فإذن إفادة الوجود لوجوب الوجود ، هي إفادة شرط من حقيقته ضرورة ، وقد منع جواز هذا ما بين الجنس والفصل.

والوجه الثاني ، أنه (٤) يلزم أن تكون حقيقة وجوب الوجود متعلقة في أن تحصل بالفعل بموجب له (٥) ، فيكون المعنى الذي به يكون الشيء واجب الوجود يجب وجوده بغيره (٦) ، وإنما كلامنا في وجوب الوجود بالذات ، فيكون الشيء الواجب الوجود بذاته واجب الوجود بغيره ، وقد أبطلنا هذا.

فقد ظهر أن انقسام وجوب الوجود إلى تلك الأمور ، لا يكون انقسام المعنى الجنسي إلى الفصول (٧). فتبين (٨) أن المعنى الذي يقتضي وجوب الوجود لا يجوز

__________________

(١) وإما : أو ط

(٢) حقيقته : حقيقة ب ، ج ، ط ، م

(٣) بالفعل : ذاتا موجودة ط

(٤) أنه : ساقطة من ط

(٥) له : لها ب

(٦) بغيره : لغيره ط

(٧) إلى الفصول : بالفصول ص

(٨) فتبين : فبين م.

٤٥

أن يكون معنى جنسيا ينقسم بفصول أو أعراض ، فبقي أن يكون معنى نوعيا. فنقول (١) : ولا يجوز أن تكون نوعيته (٢) محمولة على كثيرين ، لأن أشخاص النوع الواحد ، كما بينا ، إذا لم تختلف في المعنى الذاتي ، وجب أن تكون إنما (٣) تختلف بالعوارض ، وقد منعنا إمكان هذا في وجوب الوجود ، وقد يمكن أن نبين (٤) هذا بنوع (٥) من الاختصار ، ويكون الغرض راجعا إلى ما أردناه.

فنقول : إن وجوب الوجود إذا كان صفة للشيء وموجودا له ، فإما أن يكون واجبا في هذه الصفة ، أي في وجوب الوجود (٦) ، أن تكون عين تلك (٧) الصفة موجودة (٨) لهذا الموصوف ، فيمتنع الواحد منها أن يوجد وجودا لا يكون صفة له ، فيمتنع أن يوجد لغيره ، فيجب أن يوجد له وحده ، وإما أن يكون وجودها له ممكنا غير واجب. فيجوز أن يكون هذا الشيء غير واجب الوجود بذاته وهو واجب الوجود بذاته ، هذا خلف. فوجوب الوجود لا يكون إلا لواحد فقط.

فإن قال قائل : إن وجوده لهذا ، لا يمنع وجوده صفة للآخر فكونه (٩) صفة للآخر لا يبطل (١٠) وجوب كونه صفة له. فنقول : كلامنا في تعيين وجوب الوجود صفة له ، من حيث هو له ، من حيث لا يلتفت فيه إلى الآخر ، فذلك ليس صفة للآخر بعينه ، بل مثلها الواجب فيها ما يجب في تلك بعينها. وبعبارة أخرى نقول : إن كون (١١) الواحد منها واجب الوجود ، وكونه هو بعينه ، إما أن يكون واحدا ، فيكون كل ما هو واجب الوجود فهو هو (١٢) بعينه وليس غيره. وإن كان

__________________

(١) فنقول : قلنا طا

(٢) نوعيته : نوعيه ط

(٣) إنما تختلف : إنما اختلفت ب ؛ إنما اختلف ج ، م

(٤) فنبين : فنبين م

(٥) بنوع : نحوم

(٦) أى ... الوجود : ساقطة من م

(٧) تلك : هذه م

(٨) موجودة : الموجودة ج ، ط

(٩) فكونه : وكونه ط

(١٠) لا يبطل : ليس يبطل ب

(١١) كون : كان ط

(١٢) فهو هو : فهو ص.

٤٦

كونه واجب الوجود ، غير كونه هو بعينه ، فمقارنة واجب الوجود لأنه هو بعينه ، إما أن يكون أمرا لذاته ، أو لعلة وسبب (١) موجب غيره. فإن كان لذاته ، ولأنه واجب الوجود ، فيكون كل ما هو واجب الوجود هذا بعينه ، وإن كان لعلة وسبب موجب غيره ، فلكونه هذا بعينه سبب ، فلخصوصية وجوده المنفرد سبب ، فهو معلول.

فإذن واجب الوجود واحد بالكلية ليس كأنواع تحت جنس ، وواحد بالعدد ليس كأشخاص تحت نوع ، بل معنى شرح اسمه له فقط ، ووجوده غير مشترك فيه. وسنزيد هذا إيضاحا في موضع (٢) آخر. فهذه الخواص التي يختص بها واجب الوجود.

وأما الممكن الوجود ، فقد تبين من ذلك خاصيته (٣) وهو أنه يحتاج ضرورة إلى شيء آخر يجعله بالفعل موجودا. وكل ما هو ممكن الوجود فهو دائما ، باعتبار ذاته ، ممكن الوجود ، لكنه ربما عرض أن يجب وجوده بغيره ، وذلك إما أن يعرض له دائما ، وإما أن يكون وجوب وجوده عن غيره ليس دائما ، بل في وقت دون وقت. فهذا يجب أن يكون له مادة تتقدم وجوده بالزمان ، كما سنوضحه.

والذي يجب وجوده بغيره (٤) دائما ، فهو أيضا غير بسيط الحقيقة. لأن الذي له باعتبار ذاته ، غير الذي له من غيره ، وهو حاصل الهوية منهما جميعا في الوجود ، فلذلك لا شيء غير واجب الوجود تعرى عن ملابسة ما بالقوة والإمكان باعتبار نفسه ، وهو الفرد ، وغيره زوج تركيبي.

__________________

(١) وسبب : أو سبب م.

(٢) موضع : مواضع ب.

(٣) خاصيته : خاصته ب ، ط.

(٤) بغيره : لغيره ص ، ط.

٤٧

[ الفصل الثامن ]

( ح ) فصل

في بيان الحق ، والصدق ، والذب عن أول الأقاويل (١) ،

في المقدمات الحقة

أما الحق فيفهم منه الوجود في الأعيان مطلقا ، ويفهم منه الوجود الدائم ، ويفهم منه حال القول أو العقد الذي يدل على حال الشيء في الخارج إذا كان مطابقا له ، فنقول : هذا قول حق ، وهذا اعتقاد حق. فيكون الواجب (٢) الوجود هو الحق بذاته دائما ، والممكن الوجود حق بغيره ، باطل في نفسه. فكل ما سوى الواجب الوجود الواحد باطل في نفسه.

وأما الحق من قبل المطابقة فهو كالصادق ، إلا أنه صادق فيما أحسب باعتبار نسبته إلى الأمر ، وحق باعتبار نسبة الأمر إليه.

وأحق الأقاويل أن يكون حقا ما كان صدقه دائما ، وأحق ذلك ما كان صدقه أوليا ليس لعلة.

وأول كل الأقاويل الصادقة الذي ينتهي إليه كل شيء في التحليل ، حتى أنه يكون مقولا بالقوة أو بالفعل في كل شيء يبين (٣) أو يتبين به ، كما بيناه (٤) في كتاب البرهان ، هو أنه : لا واسطة بين الإيجاب والسلب. وهذه الخاصة ليست من عوارض شيء إلا من عوارض الموجود بما هو موجود ، لعمومه في كل موجود.

__________________

(١) الأقاويل : الأوائل م.

(٢) الواجب : واجب ج ، ص.

(٣) يبين : يتبين م

(٤) بيتاه : بيانه م.

٤٨

والسوفسطائي إذا أنكر هذا ، فليس ينكره إلا بلسانه معاندا. أو يكون قد عرض له (١) شبهة في أشياء (٢) فسد عليه عنده فيها طرفا النقيض لغلط جرى عليه مثلا ، لأنه لا يكون حصل له (٣) حال التناقض وشرائطه. ثم إن تبكيت السوفسطائي ، وتنبيه المتحير أبدا ، إنما هو في كل حال على الفيلسوف ، ويكون لا محالة بضرب من المحاورة (٤). ولا شك أن تلك المحاورة تكون ضربا من القياس الذي يلزم مقتضاه ، إلا أنه لا يكون (٥) في نفسه قياسا يلزم مقتضاه ، ولكن يكون قياسا بالقياس.

وذلك لأن القياس الذي يلزم مقتضاه على وجهين : قياس في نفسه ، وهو الذي تكون مقدماته صادقة في أنفسها ، وأعرف عند العقلاء من النتيجة ، ويكون تأليفه تأليفا منتجا ، وقياس كذلك بالقياس ، وهو أن تكون حال المقدمات (٦) كذلك عند المحاور حتى يسلم الشيء وإن لم يكن صدقا ، وإن كان (٧) صدقا لم يكن أعرف من النتيجة التي يسلمها (٨) ، فيؤلف عليه بتأليف صحيح مطلق أو عنده. وبالجملة فقد كان القياس ما إذا سلمت مقدماته لزم منه شيء ، فيكون ذلك قياسا من حيث هو كذا. ولكنه ليس يلزم أن يكون كل قياس قياسا يلزم مقتضاه ، لأن مقتضاه يلزم إذا سلم ، فإذا لم يسلم كان قياسا. لأنه (٩) قد أورد فيه ما إذا وضع وسلم (١٠) لزم ، ولكن لما لم (١١) يسلم بعد لم يلزم مقتضاه ، فيكون القياس قياسا ، أعم من كونه قياسا يلزم مقتضاه.

__________________

(١) له : ساقطة من ب ، ط.

(٢) أشياء : + قد ص.

(٣) له : ساقطة من ب

(٤) المحاورة : [ تبدأ نسخة د بهذه الكلمة ].

(٥) يكون : ساقطة من د.

(٦) المقدمات : + ما د ، ط.

(٧) وإن كان : أو إن كان ب ، ط ، م.

(٨) يسلمها : لا يسلمها د ، ج ، ص ، م

(٩) لأنه : + كان ط

(١٠) وسلم : + ذلك ط

(١١) لم : ساقطة ط ، م.

٤٩

وكونه قياسا يلزم مقتضاه (١) ، هو أيضا على قسمين ، على ما علمت ، فالقياس الذي يلزم مقتضاه (٢) بحسب الأمر (٣) في نفسه ، هو الذي مقدماته مسلمة في أنفسها (٤) ، وأقدم من النتيجة. وأما (٥) الذي هو بالقياس ، فالذي قد سلم المخاطب مقدماته ، فتلزمه النتيجة.

ومن العجائب (٦) أن السوفسطائي الذي غرضه المماراة يضطر إلى أحد الأمرين (٧) : إما إلى السكوت والأعراض ، وإما إلى الاعتراف (٨) لا محالة بأشياء ، والاعتراف (٩) بأنها تنتج عليه.

وأما المتحير فعلاجه (١٠) حل شبهة ، وذلك لأن المتحير لا محالة إنما وقع فيما وقع فيه إما لما يراه من تخالف الأفاضل الأكثرين ، ويشاهده من كون رأي كل واحد منهم (١١) مقابلا لرأي الآخر الذي يجده قرنا له ، لا يقصر عنه ، فلا يجب عنده أن يكون أحد القولين أولى بالتصديق (١٢) من الآخر ، وإما لأنه سمع من المذكورين المشهورين المشهود لهم بالفضيلة أقاويل لم يقبلها عقله (١٣) بالبديهة ، كقول من قال : إن الشيء لا يمكنك أن تراه مرتين ، بل ولا مرة واحدة ، وإن لا وجود لشيء في نفسه ، بل بالإضافة. فإذا كان قائل مثل هذا القول مشهورا بالحكمة لم يكن بعيدا أن يتحير الشادي لقوله. وإما لأنه قد اجتمع عنده قياسات متقابلة النتائج ليس يقدر على أن (١٤) يختار واحدا منها ويزيف الآخر.

__________________

(١) وكونه .. مقتضاه : ساقطة من د ، ص

(٢) مقتضاه : + وكونه قياسا ط

(٣) الأمر : الأمور د

(٤) أنفسها : نفسها م

(٥) وأما : فأما د

(٦) العجائب : العجاب د

(٧) الأمرين : أمرين م

(٨) إلى الاعتراف : إلى اعتراف م

(٩) والاعتراف : واعتراف ب ، م

(١٠) فعلاجه : فخلاصه طا

(١١) منهم : منهما م

(١٢) بالتصديق : بالصدق ج ، د ص ، ط ، م

(١٣) عقله : ساقطة من د. (١٤) أن : + يقول ط.

٥٠

فالفيلسوف (١) يتدارك (٢) ما عرض لأمثال هؤلاء من وجهين : أحدهما حل ما وقع فيه من الشك ، والثاني التنبيه (٣) التام على أنه لا يمكن أن يكون بين النقيضين واسطة.

أما حل ما وقع فيه فمن ذلك أن يعرفه (٤) أن الناس (٥) ناس لا ملائكة. ومع ذلك فليس يجب أن يكونوا متكافئين في الإصابة ، ولا يجب إذا كان واحد (٦) أكثر صوابا في شيء من آخر ، أن لا يكون الآخر أكثر صوابا منه في شيء آخر. وأن يعرف أن أكثر المتفلسفين يتعلم المنطق وليس (٧) يستعمله ، بل يعود آخر الأمر فيه (٨) إلى القريحة فيركبها ركوب الراكض (٩) من غير كف عنان أو جذب خطام. وأن من الفضلاء من يرمز أيضا برموز ، ويقول ألفاظا ظاهرة (١٠) مستشنعة (١١) أو خطأ وله فيها (١٢) غرض خفي ، بل أكثر الحكماء ، بل الأنبياء الذين لا يؤتون من جهة غلطا أو سهوا هذه وتيرتهم. فهذا يزيل شغل قلبه من جهة (١٣) ما استنكر من العلماء. ثم يعرفه فيقول : إنك إذا تكلمت فلا يخلو إما أن تقصد بلفظك نحو شيء من الأشياء بعينه ، أو لا تقصد ، فإن قال إذا تكلمت لم (١٤) أفهم شيئا ، فقد خرج هذا من جملة المسترشدين المتحيرين ، وناقض الحال في نفسه ، وليس الكلام معه هذا الضرب من الكلام.

وإن قال : إذا تكلمت فهمت باللفظ كل شيء فقد خرج عن الاسترشاد.

__________________

(١) فالفيلسوف : والفيلسوف د

(٢) يندارك : سيتدارك طا.

(٣) التنبيه : تنبيهه ب ، ج ، ص ، م

(٤) ذلك أن يعرفه : ذلك يعرفه ط

(٥) يعرفه أن الناس : يعرفه الناس د

(٦) واحد : الواحد د ، ص ؛ واحدا م

(٧) وليس : فليس د

(٨) فيه : ساقطة من د

(٩) الراكض : الرابض طا

(١٠) ظاهرة : ظاهر ط

(١١) مستشنعة : مستبشعة ص

(١٢) فيها : فيه د ، ص

(١٣) جهة : حيث د

(١٤) لم : ولم ج.

٥١

فإن (١) قال : إذا تكلمت فهمت به شيئا بعينه ، أو أشياء كثيرة (٢) محدودة. فعلى كل حال فقد (٣) جعل للفظ دلالة على أشياء بأعينها (٤) لا يدخل في تلك الدلالة غيرها.

فإن كانت تلك الكثرة تتفق في معنى واحد فقد دل أيضا على معنى واحد ، وإن لم يكن كذلك فالاسم مشترك ، ويمكن (٥) لا محالة أن يفرد لكل واحد من تلك الجملة اسما ، فهذا يسلمه من قام مقام المسترشدين المتحيرين. وإذا كان الاسم دليلا على شيء واحد كالإنسان (٦) مثلا فاللاإنسان (٧) ، أعني ما هو مباين للإنسان (٨) لا يدل عليه ذلك الاسم بوجه من الوجوه. فالذي (٩) يدل عليه اسم الإنسان لا يكون الذي يدل عليه اسم اللاإنسان (١٠) ، فإن كان الإنسان يدل على اللاإنسان ، فيكون لا محالة الإنسان ، والحجر ، والزورق ، والفيل شيئا واحدا ، بل يدل على الأبيض ، والأسود ، والثقيل ، والخفيف ، وجميع ما هو خارج مما (١١) دل عليه اسم الإنسان. وكذلك حال المفهوم من الألفاظ (١٢) هذه ، فيلزم من هذا أن يكون كل شيء (١٣) وأن يكون ولا شيء (١٤) من الأشياء نفسه ، وأن لا يكون للكلام مفهوم.

ثم لا يخلو إما أن يكون هذا حكم كل لفظ ، وحكم كل مدلول عليه باللفظ ، أو يكون بعض هذه الأشياء بهذه الصفة ، وبعضها بخلافها. فإن كان هذا في كل شيء فقد عرض أن لا خطاب ولا كلام ، بل لا شبهة ولا حجة أيضا. وإن كان في بعض الأشياء قد تتميز الموجبة عن (١٥) السالبة ، وفي بعضها لا تتميز ، فحيث تتميز يكون (١٦) لا محالة ما يدل عليه الإنسان غير ما يدل عليه باللاإنسان (١٧) ، وحيث

__________________

(١) فإن : وإن ب

(٢) كثيرة : معدودة ط

(٣) فقد : قد ب ، د ، ص ، م

(٤) بأعينها : بأعيانها د ، ص ، م ؛ بعينها ج

(٥) ويمكن : يكون طا

(٦) كالإنسان : كاللانسان م

(٧) فاللاإنسان : فالإنسان ج ، د ، ط

(٨) للإنسان : للا إنسان د ، ط. (٩) فالذى : والذي ج ، ص ؛ الذي ب ، ط

(١٠) اللاإنسان : للا إنسان ط. (١١) مما : عما م

(١٢) الألفاظ : ألفاظ م. (١٣) شىء : + كل شىء م

(١٤) ولا شيء : لا شىء ج ، د ، ص ، ط. (١٥) عن : من ب ، ج ، د ، ط ، م

(١٦) تتميز يكون : لا تتميز تكون م. (١٧) باللاإنسان : بالإنسان ط.

٥٢

لا يتميز مثلا كالأبيض واللاأبيض يكون (١) مدلولهما واحدا ، فيكون كل شيء هو لا أبيض فهو أبيض ، وكل شيء هو أبيض (٢) فهو (٣) لا أبيض ، فالإنسان (٤) إذا كان له (٥) مفهوم متميز فإن كان أبيض فهو أيضا لا أبيض (٦) الذي هو والأبيض واحد ، واللاإنسان كذلك ، فيعرض مرة أخرى أن يكون الإنسان واللاإنسان غير متميزين.

فهذا وأمثاله قد يزيح علة المتحير المسترشد في أن يعرف أن الإيجاب والسلب لا يجتمعان ، ولا يصدقان معا. وكذلك أيضا قد تبين (٧) له أنهما لا يرتفعان ولا يكذبان معا ، فإنه إذا كذبا معا في شيء ، كان ذلك الشيء ليس بإنسان مثلا ، وليس أيضا بلا إنسان. فيكون قد اجتمع الشيء الذي هو اللاإنسان وسالبه (٨) الذي هو لا لا إنسان ، وقد نبه على بطلانه. فهذه الأشياء وما يشبهها مما لا يحتاج أن نطول فيه ، وبحل الشبه (٩) المتقابلة من قياسات المتحير يمكننا أن نهديه.

وأما المتعنت فينبغي أن يكلف شروع النار ، إذ النار واللانار واحد ، وأن يؤلم ضربا ، إذ الوجع واللاوجع واحد ، وأن يمنع الطعام والشراب ، إذ الأكل والشرب وتركهما واحد.

فهذا المبدأ الذي ذببنا عنه من يكذبه ، هو أول مبادئ البراهين ، وعلى الفيلسوف الأول أن يذب عنه. ومبادئ البراهين تنفع في البراهين. والبراهين تنفع في معرفة الأغراض الذاتية لموضوعاتها. لكن معرفة جوهر الموضوعات

__________________

(١) يكون : فيكون ص

(٢) فهو أبيض ، وكل شىء هو أبيض : ساقطة من د

(٣) فهو : هو ج

(٤) فالإنسان : والانسان ب ، م

(٥) له : ساقطة من د

(٦) لا أبيض : اللاأبيض ط ،

(٧) قد تبين : قد يتبين د ؛ ساقطة من ط

(٨) وسالبه : وسالبته م

(٩) وبحل الشبه : ومحل الشبهه ج ، ص ، ط.

٥٣

الذي كان (١) فيما سلف يعرف بالحد فقط ، فمما (٢) يلزم الفيلسوف هاهنا أن يحصله ، فيكون لهذا العلم الواحد أن يتكلم في الأمرين جميعا.

لكن قد يتشكك (٣) على هذا أنه إن تكلم فيها (٤) ، على سبيل التحديد والتصور (٥) ، فهو ذلك الذي يتكلم فيه صاحب العلم الجزئي ، وإن تكلم فيها في التصديق صار الكلام فيها برهانيا.

فنقول : إن هذه التي (٦) كانت موضوعات في علوم أخرى (٧) تصير عوارض في هذا العلم ، لأنها أحوال تعرض للموجود ، وأقسام له ، فيكون ما لا يبرهن عليه في علم آخر ، يبرهن (٨) عليه هاهنا.

وأيضا إذا لم يلتفت إلى علم آخر وقسم موضوع (٩) هذا العلم نفسه إلى جوهر وعوارض تكون خاصة له ، فيكون ذلك الجوهر الذي هو موضوع لعلم ما أو الجوهر مطلقا ، ليس موضوع هذا العلم ، بل قسما من موضوعه ، فيكون ذلك (١٠) بنحو ما عارضا لطبيعة موضوعه ، الذي هو الموجود ، إن صار ذلك الجوهر دون شيء آخر لطبيعة الموجود أن تقارنه أو يكون هو. فإن الموجود طبيعة (١١) يصح حملها على كل شيء ، كان ذلك الجوهر (١٢) أو غيره. فإنه ليس لأنه موجود هو جوهر ، أو جوهر ما ، وموضوع (١٣) ما ، على ما فهمت ، قبل هذا ، فيما سلف.

ومع هذا كله فليس البحث عن مبادئ التصور والحد حدا ولا تصورا ، ولا البحث عن مبادئ البرهان برهانا ، حتى يصير البحثان المتخالفان بحثا واحدا.

__________________

(١) الذي كان : التي كانت د ، ص ؛ التي كان ج ، ط

(٢) فمما : فقد ط ؛ ساقطة من ب ، م

(٣) يتشكك : يشكل ج ، د ، ط ؛ يشكك ص ، م

(٤) فيها : فى هذا ج ، د ، ص ، ط

(٥) والتصور : والتصوير ص.

(٦) التي : إن د ؛ الذي م

(٧) أخرى : أخر ط

(٨) يبرهن : يتبرهن م

(٩) موضوع : ساقطة من ب ، د ، م

(١٠) ذلك : ساقطة من ج ، د ، ص ، م

(١١) طبيعة : وطبيعة د

(١٢) الجوهر : جوهر ط. (١٣) وموضوع : أو موضوع ص ، م.

٥٤

المقالة الثانية (١)

وفيها أربعة فصول (٢)

__________________

(١) الثانية : + من الجملة الرابعة من الكتاب م.

(٢) أربعة فصول : ساقطة من ج ، د ، ص ، ط ، طا.

٥٥
٥٦

[ الفصل الأول ]

( ا ) فصل

في تعريف الجوهر وأقسامه بقول كلي

فنقول : إن الوجود للشيء قد يكون بالذات مثل وجود الإنسان إنسانا (١) ، وقد يكون بالعرض مثل وجود زيد (٢) أبيض (٣). والأمور التي بالعرض لا تحد (٤).

فلنترك الآن ذلك ولنشتغل بالموجود ، والوجود الذي بالذات.

فأقدم أقسام الموجودات بالذات هو الجوهر ، وذلك لأن الموجود على قسمين : أحدهما ، الموجود (٥) في شيء آخر ، ذلك (٦) الشيء (٧) الآخر متحصل القوام والنوع في نفسه ، وجودا لا كوجود جزء منه ، من غير أن تصح مفارقته (٨) لذلك الشيء ، وهو الموجود في موضوع ، والثاني ، الموجود من غير أن يكون في شيء من الأشياء بهذه الصفة ، فلا يكون (٩) في موضوع البتة ، وهو الجوهر.

وإن (١٠) كان ما أشير إليه في القسم الأول (١١) موجودا في موضوع ، فذلك الموضوع لا يخلو أيضا من أحد هذين الوصفين ، فإن كان الموضوع جوهرا فقوام العرض في الجوهر (١٢) ، وإن لم يكن جوهرا كان أيضا في موضوع ورجع البحث

__________________

(١) الانسان إنسانا : الأشياء ط

(٢) زيد : فهد ب ؛ ساقطة من ط

(٣) أبيض : الأبيض د

(٤) لاتحد : + هاهنا د

(٥) الموجود : الوجود ج ، ص ، ط

(٦) ذلك : وذلك ج ، ص ، ط

(٧) الشىء : ساقطة من ط

(٨) مفارقته : مفارقة ج ، ص ، ط

(٩) فلا يكون : ولا يكون ط

(١٠) وإن : وإذ ب ؛ وإذا ج ، ص ؛ فإذ م

(١١) القسم الأول : القسمة الأولى ج ، م ؛ الصفة الأولى ط

(١٢) العرص فى الجوهر : الجوهر العرض فى م.

٥٧

إلى الابتداء ، واستحال ذهاب ذلك إلى غير نهاية (١) ، كما سنبين في مثل هذا المعنى خاصة. فيكون لا محالة آخره (٢) فيما ليس في موضوع ، فيكون في جوهر ، فيكون الجوهر مقوم العرض موجودا ، وغير متقوم بالعرض ، فيكون الجوهر هو المقدم في الوجود.

وأما أنه هل يكون عرض في (٣) عرض ، فليس بمستنكر (٤) ، فإن السرعة في الحركة ، والاستقامة في الخط ، والشكل المسطح في البسيط ، وأيضا فإن الأعراض تنسب إلى الوحدة والكثرة ، وهذه ، كما سنبين لك ، كلها أعراض. والعرض وإن كان في عرض فهما جميعا معا (٥) في موضوع ، والموضوع بالحقيقة هو الذي يقيمهما (٦) جميعا ، وهو قائم بنفسه.

ثم قد جوز كثير ممن يدعي المعرفة أن يكون شيء (٧) من الأشياء جوهرا وعرضا معا بالقياس إلى شيئين ، فيقول (٨) : إن الحرارة عرض في غير جسم النار ، لكنها في جملة النار ليست بعرض لأنها موجودة فيه (٩) كجزء ، وأيضا ليس يجوز رفعها عن النار ، والنار تبقى ، فإذن وجودها في النار ليس وجود العرض فيها ، فإذا لم يكن وجودها فيها وجود العرض (١٠) ، فوجودها فيها وجود الجوهر. وهذا غلط كبير ، وقد (١١) أشبعنا القول فيه في أوائل المنطق ، وإن لم يكن ذلك موضعه ، فإنهم إنما غلطوا فيه (١٢) هناك.

__________________

(١) نهاية : النهاية د ، ص

(٢) آخره : بآخره ب ، ج ، ص ، ط

(٣) يكون عرض فى : يكون فى د

(٤) فليس بمستنكر : فليس ذلك يستنكر ج ؛ فليس ذلك بمستنكر ص ، م

(٥) معا : ساقطة من ب

(٦) يقيمهما : يقومها د

(٧) شىء : + واحد ص

(٨) فيقول : وقال ج ، د ، ص ، م

(٩) فيه : فيها ج ، ص

(١٠) العرض : + فيها د ، ط

(١١) وقد : قد ج ، د ، ص

(١٢) غلطوا فيه : خلطوا فيه ج ، د ، ص ، طا ؛ غلطوا من ط.

٥٨

فنقول : قد علم ، فيما سلف ، أن بين المحل والموضوع فرقا (١) ، وأن الموضوع يعني (٢) به ما صار بنفسه ونوعيته قائما ، ثم صار سببا لأن يقوم به شيء فيه ليس كجزء منه. وأن المحل كل شيء يحله شيء فيصير بذلك الشيء بحال (٣) ما ، فلا يبعد أن يكون شيء موجودا في محل (٤) ويكون ذلك المحل لم يصر بنفسه نوعا قائما كاملا بالفعل ، بل إنما تحصل قوامه من ذلك الذي حله وحده ، أو مع شيء آخر ، أو أشياء أخرى اجتمعت ، فصيرت ذلك الشيء موجودا بالفعل ، أو صيرته نوعا بعينه (٥). وهذا الذي يحل هذا المحل يكون لا محالة موجودا لا في موضوع.

وذلك لأنه ليس يصلح أن (٦) يقال : إنه في شيء ، إلا في الجملة ، أو في المحل ، وهو في الجملة كجزء ، وكان الموضوع ما يكون فيه الشيء ، وليس كجزء منه ، وهو في المحل ليس كشيء حصل في شيء ، ذلك الشيء قائم بالفعل نوعا ، ثم يقيم الحال فيه ، بل هذا المحل جعلناه إنما يتقوم بالفعل بتقويم ما حله ، وجعلناه (٧) إنما (٨) يتم له به نوعيته إذا كانت نوعيته إنما (٩) تحصل أو تصير له نوعية (١٠) باجتماع أشياء جملتها يكون ذلك النوع. فبين أن بعض ما في المحل ليس في موضوع. وأما إثبات هذا الشيء الذي هو في محل دون موضوع ، فذلك علينا إلى قريب.

وإذا (١١) أثبتناه ، فهو الشيء الذي يخصه في مثل هذا الموضع (١٢) باسم الصورة ، وإن كنا قد نقول لغيره أيضا صورة باشتراك الاسم. وإذا كان الموجود

__________________

(١) فرقا : فرقانا ص

(٢) يعنى : بمعنى د

(٣) بحال : كحال ب ؛ محال د ، ط

(٤) محل : المحل ب ، ج ، ص ، م

(٥) بعينه : بنفسه ط

(٦) أن : لأن طا

(٨) ينقوم ... إنما : ساقطة من ط

(٧) وجعلناه : أو جعلناه ط

(٩) نوعيته إنما : نوعية إنما ط

(١٠) نوعية : نوعيته ص ؛ نوعيتها هامش ص

(١١) وإذا : فإذا ص

(١٢) الموضع : الموضوع د.

٥٩

لا في موضوع (١) هو المسمى جوهرا ، فالصورة أيضا جوهر. فأما المحل الذي لا يكون في محل آخر فلا يكون في موضوع لا محالة ، لأن كل موجود في موضوع فهو موجود في محل ولا ينعكس (٢). فالمحل الحقيقي أيضا جوهر ، وهذا المجتمع أيضا جوهر.

وقد عرفت من الخواص التي لواجب الوجود أن واجب الوجود لا يكون إلا واحدا ، وأن ذا الأجزاء أو المكافي لوجوده (٣) لا يكون واجب الوجود ، فمن هذا يعرف أن هذا المركب ، وهذه الأجزاء كلها في أنفسها ، ممكنة الوجود ، وأن لها لا محالة سببا يوجب وجودها.

فنقول أولا : إن كل جوهر فإما أن يكون جسما ، وإما أن يكون غير جسم ، فإن كان غير جسم (٤) فإما أن يكون جزء جسم ، وإما أن لا يكون جزء جسم ، بل يكون مفارقا للأجسام بالجملة (٥). فإن كان جزء جسم فإما أن يكون صورته ، وإما أن يكون مادته. وإن كان مفارقا ليس جزء جسم فإما أن تكون له (٦) علاقة تصرف ما في الأجسام بالتحريك ويسمى نفسا ، أو يكون متبرئا عن المواد من كل جهة ويسمى عقلا. ونحن نتكلم (٧) في إثبات كل واحد من هذه الأقسام.

__________________

(١) موضوع : موضع ط

(٢) ولا ينعكس : وليس ينعكس ط

(٣) لوجوده : الوجود طا

(٤) غير جسم : + بل يكون ط

(٥) بالجملة : وبالجملة د

(٦) له : ساقطة من د

(٧) تتكلم : ساقطة من ب ، ج ، د ، ص ، م.

٦٠