مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٤

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل11%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 508

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 508 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 228359 / تحميل: 5387
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

بخلاف الغرس(١) .

فإن قال صاحب الغرس : لا تقلعه وعلَيَّ أُجرة الأرض ، لم يُجبر صاحب الأرض عليه ؛ لأنّ أحداً لا يملك الانتفاع بملك غيره بأُجرته إلّا برضاه.

ولو انعكس الفرض ، فقال صاحب الأرض : أقرّه في الأرض وادفع إلَيَّ الأُجرة ، وقال الغارس : اقلعه وعليك ما نقص ، لم تجب إجابته ؛ لأنّ صاحب الغرس لا يُجبر على اكتراء الأرض له.

ولو قال صاحب الأرض : خُذْ قيمته ، وقال الغارس : بل أقلعه وعلَيَّ ما نقص ، فالقول قول الغارس ؛ لأنّا لا نجبره على بيع ماله.

ولو قال ربّ الأرض : اقلعه وعلَيَّ ما نقص ، وقال الغارس : ادفع إلَيَّ قيمته ، قدّم قول صاحب الأرض ؛ لأنّا لا نجبره على ابتياع مال غيره.

ولو قال ربّ الأرض : خُذ القيمة ، وقال الغارس : خُذ الأُجرة وأقرّه في الأرض ، أو قال الغارس : ادفع إلَيَّ قيمته ، وقال ربّ المال : ادفع إلَيَّ الأُجرة وأقرّه ، لم يُجبَر واحد منهما على ذلك.

مسألة ٢١٦ : إذا أذن المالك للعامل في التصرّف وأطلق ، اقتضى الإطلاق فعل ما يتولّاه المالك من عرض القماش على المشترين والراغبين ونشره وطيّه وإحرازه وبيعه وقبض ثمنه وإيداعه الصندوق واستئجار ما يعتاد للاستئجار له ، كالدلّال والوزّان والحمّال.

ولو استأجر لما يجب عليه مباشرته ، كانت الأُجرة عليه خاصّةً ، ولو‌ عمل بنفسه ما يستأجر له عادةً ، لم يستحق أُجرةً ؛ لأنّه متبرّع في ذلك ،

____________________

(١) راجع : التهذيب - للبغوي - ٣ : ٣٧٩ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ٣٣٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ١٩٩.

٤١

وفي الأوّل استأجر لما يجب عليه فعله ، فتكون الأُجرة عليه.

مسألة ٢١٧ : لو خصّص المالك الإذنَ ، تخصّص ، فلا يجوز للعامل التعدّي ، فإن خالف ضمن ، ولا يبطل القراض بالتخصيص ، فلو قال له : لا تشتر إلّا من رجلٍ بعينه ، أو سلعة بعينها ، أو لا تبع إلّا على زيد ، أو لا تشتر إلّا ثمرة بستانٍ معيّن ، أو نخلة بعينها ، أو لا تشتر إلّا ثوباً بعينه ، جاز ، ولزم هذا الشرط ، وصحّ القراض ، سواء كان وجود ما عيّنه عامّاً في الأصقاع والأزمان ، أو في أحدهما ، أو خاصّاً فيهما ، وسواء قلّ وجوده وعزّ تحصيله وكان نادراً ، أو كثر ، عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة وأحمد(١) - لأنّه لـمّا جاز أن تكون المضاربة خاصّةً في نوعٍ جاز أن تكون خاصّةً في رجلٍ بعينه أو سلعةٍ بعينها ، كالوكالة.

ولما رواه الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : في الرجل يعطي الرجل مضاربةً فيخالف ما شرط عليه ، قال : « هو ضامن ، والربح بينهما »(٢) .

وفي الصحيح عن محمّد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يعطي المال مضاربةً وينهى أن يخرج به ، فيخرج به ، قال : « يضمن المال ، والربح بينهما »(٣) .

وفي الصحيح عن رجلٍ(٤) عن الصادقعليه‌السلام : في رجلٍ دفع إلى رجلٍ‌

____________________

(١) تحفة الفقهاء ٣ : ٢٢ ، بدائع الصنائع ٦ : ٩٨ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٣١ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨٧ / ٣٤٥٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٠٤ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، الاستذكار ٢١ : ١٤١ / ٣٠٨١٥ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٥ / ١٢٤٩ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، المغني ٥ : ١٨٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٢٥.

(٢) التهذيب ٧ : ١٩٠ / ٨٣٨.

(٣) التهذيب ٧ : ١٨٩ / ٨٣٦.

(٤) كذا قوله : « رجل » في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة ، وبدله في المصدر : « جميل ».

٤٢

مالاً يشتري به ضرباً من المتاع مضاربةً ، فذهب فاشترى غير الذي أمره ، قال : « هو ضامن ، والربح بينهما على ما شرط »(١) .

وقال الشافعي ومالك : يشترط في صحّة القراض أن لا يضيّق المالك على العامل بالتعيين ، فلو عيّن المالك نوعاً بعينه ، فإن كان ممّا يندر وجوده كالياقوت الأحمر والخَزّ الأدكن والخيل البُلق والصيد حيث يوجد نادراً ، فسد القراض ؛ لأنّ هذا تضييق يُخلّ بمقصوده ، وهو التقليب وطلب الربح.

وإن لم يكن نادرَ الوجود فإن كان ممّا يدوم شتاءً وصيفاً - كالحبوب والحيوان والخَزّ والبَزّ - صحّ القراض ، وإن لم يدم كالثمار الرطبة ، فوجهان ، أحدهما : إنّه لا يجوز ، كما إذا قارضه مدّةً معيّنة ، ومَنَعه من التصرّف بعدها.

ولو قال : لا تشتر إلّا من رجلٍ بعينه ، أو سلعة بعينها ، لم يصح القراض - وبه قال مالك - لأنّ ذلك [ يمنع ](٢) مقصود القراض ، وهو التقليب وطلب الربح ، لأنّه إذا لم يشتر إلّا من رجلٍ بعينه فإنّه قد لا يبيعه ، وقد يطلب منه أكثر من ثمنه ، وكذا السلعة ، وإذا كان كذلك لم يصح ، كما لو قال : لا تبع ولا تشتر إلّا من فلان(٣) .

والجواب : نمنع كون هذا الشرط مانعاً من مقصود القراض.

نعم ، إنّه يكون مخصّصاً للإطلاق ، وذلك جائز بالإجماع ، فكذا هنا.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٩٣ / ٨٥٣.

(٢) ما بين المعقوفين يقتضيه السياق.

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٤ - ٣١٦ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٦ - ١٩٧ ، الوسيط ٤ : ١٠٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨٧ / ٣٤٥٥ ، الاستذكار ٢١ : ١٤١ / ٣٠٨١٣ ، و ١٤٢ / ٣٠٨١٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، عيون المجالس ٤ : ١٧٨٤ / ١٢٤٩ ، المغني ٥ : ١٨٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٢٥ - ١٢٦.

٤٣

فروع :

أ - لو شرط أن لا يشتري إلّا نوعاً بعينه ، وذلك النوع يوجد في بعض السنة وينقطع ، جاز عندنا وعند أكثر الشافعيّة(١) .

وقال بعضهم : لا يجوز(٢) ؛ لأنّ الشافعي قال بعد هذه المسألة : وإن اشترط أن يشتري صيداً موجوداً كما إذا قارضه مدّةً وشرط أنّها إذا انقضت لا يبيع ولا يشتري ، فإنّه لا يصحّ القراض(٣) .

والصحيح عندهم : الأوّل(٤) ؛ لأنّ ذلك لا يمنع مقصود المضاربة ، بخلاف ما إذا قدّره بمدّةٍ ؛ لأنّه قد تنقضي المدّة وبيده أعيان لا فائدة فيها إلّا ببيعها ، فإذا منعه البيع تعذّر المقصود بالمضاربة ، وما ذكرناه لا يوجد فيه ذلك ، فافترقا ، على أنّا نمنع بطلان القراض مع الاقتران بالمدّة ، أقصى ما في الباب أنّ هذا التأقيت لا يفيد إلّا منع العامل من العمل بعدها ،

ب - لو قال : اشتر هذا الشي‌ء - وكان ممّا ينقطع - فإذا انقطع فتصرَّف في كذا ، جاز.

أمّا عندنا : فظاهر.

وأمّا عند الشافعي : فلدوام القراض(٥) .

ج - لا فرق عندنا بين أن يقول : لا تشتر إلّا هذه السلعة وإلّا هذا العبد ، وبين أن يقول : لا تشتر هذا العبد ولا هذه السلعة في الجواز.

____________________

(١ و ٢ و ٤) حلية العلماء ٥ : ٣٤٥.

(٣) لم نهتد إلى مظانّه فيما بين أيدينا من المصادر.

(٥) راجع : بحر المذهب ٩ : ١٩٧ ، والتهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ - ٣٨٥ ، والبيان ٧ : ١٧٣ ، والعزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، وروضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

٤٤

ومَنَع الشافعي من الأوّل - كما تقدّم(١) - دون الثاني ؛ لأنّ للعامل السعي فيما سواهما ، وهو كثير لا ينحصر(٢) .

د - لا فرق عندنا بين أن يقول المالك : لا تبع إلّا من فلان ولا تشتر إلّا من فلان ، وبين أن يقول : لا تبع من فلان ، أو لا تشتر منه في جواز القراض ووجوب الامتثال.

وفرّق أكثر الشافعيّة فجوّزوا الثاني دون الأوّل(٣) على ما مرّ(٤) .

وقال بعضهم : إنّ الثاني لا يجوز أيضاً كالأوّل(٥) .

ه - لا فرق بين أن يعيّن شخصاً للمعاملة وسلعةً للشراء لا ينقطع عنده المتاع الذي يتّجر على نوعه غالبا ، وبين شخصٍ ينقطع عنده ذلك المتاع الذي يتّجر على نوعه غالباً في جواز القراض معهما.

وأكثر الشافعيّة على عدم الفرق في عدم الجواز معهما(٦) .

وقال بعض الشافعيّة : يجوز في الأوّل دون الثاني ، فقال : إذا كان الشخص - الذي نصّ المالك على تعيين المعاملة معه - بيّاعاً لا ينقطع عنده المتاع الذي يتّجر على نوعه غالباً ، جاز تعيينه(٧) .

مسألة ٢١٨ : يجوز للمالك أن يطلق المشيئة إلى العامل في شراء أيّ نوعٍ شاء وبيع أيّ نوعٍ أراد ، ولا يشترط في صحّة القراض تعيين نوعٍ يتصرّف فيه العامل ؛ لأنّ الغرض تحصيل الفائدة والاسترباح ، فربما رأى العامل المصلحة في نوعٍ يخفى عن المالك ، فكان له أن يفوّض الأمر إليه‌

____________________

(١) في ص ٤٢.

(٢) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

(٣ و ٥) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

(٤) في ص ٤٢.

(٦ و ٧) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠١.

٤٥

تحصيلاً للغاية الذاتيّة.

وللشافعيّة قولان في اشتراط تعيين نوعٍ يتصرّف فيه العامل ، كالخلاف في الوكالة.

والظاهر عندهم : إنّه لا يشترط ؛ لأنّ الوكالة نيابة محضة ، والحاجة تمسّ إليها في الأشغال الخاصّة ، والقراض معاملة يتعلّق بها غرض كلّ واحدٍ من المتعاقدين ، فمهما كان العامل أبسط يداً كان أفضى إلى مقصودها(١) .

ونحن نجوّز تعميم المشيئة للوكيل.

مسألة ٢١٩ : لا خلاف في أنّه إذا جرى تعيين صحيح ، لم يكن للعامل مجاوزته ، ولا له العدول عنه ، كما في سائر التصرّفات المستفادة من الإذن ، فإن تجاوز ضمن ، وإن ربح كان الربح بينهما على ما شرطاه ؛ لما تقدّم(٢) من الروايات.

ولما رواه أبو بصير عن الصادقعليه‌السلام في الرجل يعطي الرجل مالاً مضاربةً وينهاه عن أن يخرج به إلى أرض أُخرى ، فعصاه ، فقال : « هو له ضامن ، والربح بينهما إذا خالف شرطه وعصاه »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فالإذن في البزّ يتناول كلّ ما يُلبس من المنسوج من الإبريسم أو القطن أو الكتّان أو الصوف ، ولا يتناول البُسُط والفُرُش.

وفي الأكسية احتمال ؛ لأنّها ملبوسة ، لكن بائعها لا يُسمّى بزّازاً.

والأقرب : اتّباع الاسم.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٣ - ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢) في ص ٤١ - ٤٢.

(٣) تقدّم تخريجه في ص ٨ ، الهامش (٩)

٤٦

وللشافعيّة فيه وجهان(١) .

مسألة ٢٢٠ : قد بيّنّا أنّ المضاربة عقد جائز من الطرفين لكلٍّ منهما فسخها متى شاء ، وهي تتضمّن تصرّف العامل في رقبة مال ربّ المال بإذنه ، فكان جائزاً كالوكالة ، فلا معنى للتأقيت فيها ، ولا يعتبر فيها بيان المدّة ، بخلاف المساقاة ؛ لأنّ العامل في المساقاة لا يتصرّف في رقبة المال ، وإنّما يعمل في إصلاح المال ، ولهذا افتقرت المساقاة إلى مدّةٍ معلومة ، والمقصود من المساقاة الثمرة ، وهي تنضبط بالمدّة ، فإنّ للثمرة أمداً معيّناً ووقتاً مضبوطاً ، أمّا المقصود من القراض فليس له مدّة مضبوطة ، فلم يشترط فيه التأقيت.

إذا عرفت هذا ، فلو وقّت القراض فقال : قارضتك على هذا المال سنةً ، فلا يخلو إمّا أن يُطلق أو يُقيّد.

فإن أطلق واقتصر ، لم يلزم التأقيت ، ولكلٍّ من المالك والعامل فسخ القراض قبل السنة.

نعم ، إنّه يفيد منع العامل بعد ذلك من التصرّفات إلّا بإذنٍ مستأنف ؛ لأنّ الأصل عصمة مال الغير ، ومنع الغير من التصرّف فيه إلّا بإذن مالكه ، والإذن لم يقع عامّاً ، فيتبع ما عيّنه المالك.

وإن قيّد فقال : قارضتك سنةً فإذا انقضت لا تبع ولا تشتر ، فالأقوى(٢) عندي : الجواز ؛ عملاً بالشرط ، ولأنّه مقتضى الإطلاق.

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٦ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٧ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٧ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٥ ، البيان ٧ : ١٧٦ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢) في « ث ، ج ، ر » : « فالأقرب » بدل « فالأقوى ».

٤٧

وقال الشافعي : يبطل القراض ؛ لأنّه شرط شرطاً فاسداً فأفسده ؛ لأنّ عقد القراض يقع مطلقاً ، فإذا شرط قطعه لم يصح ، كالنكاح ، ولأنّ هذا الشرط ليس من مقتضى العقد ، ولا له فيه مصلحة ، فلم يصح ، كما لو قال : على أن لا تبع ، وإنّما لم يكن من مقتضاه ؛ لأنّ القراض يقتضي ردّ رأس المال تامّاً ، فإذا منعه من التصرّف لم يكن له ذلك ، ولأنّ هذا الشرط يؤدّي إلى الإضرار بالعامل وإبطال غرضه ؛ لأنّ الربح والحظّ قد يكون في تبقية المتاع وبيعه بعد سنةٍ ، فيمنع ذلك مقتضاه(١) .

ونحن نمنع فساد العقد ؛ فإنّه المتنازع. نعم ، إنّه لا يلزم وقوع العقد مطلقاً ، ولا ينافي قطعه بالشرط ، كسائر الشروط في العقود ، والمقيس عليه ممنوع على ما يأتي ، وإنّما يقتضي القراض ردّ رأس المال لو لم يمنعه المالك ، وبالشرط قد منعه ، وإضرار العامل ينتفي بدفع أُجرته إليه ، ومراعاة مصلحة العامل كمراعاة مصلحة المالك ، فقد يكون المالك محتاجاً إلى رأس ماله.

مسألة ٢٢١ : لو قال : قارضتك سنةً على أنّي لا أملك منعك فيها ، فسد القراض ؛ لأنّ القراض من العقود الجائزة لكلٍّ من المتعاقدين فسخه ، فلا يجوز أن يشترط فيه لزومه ، كالشركة والوكالة ؛ لأنّه شرط ما ينافي مقتضى العقد ، وكذا لو قال : قارضتك سنةً على أنّي(٢) لا أملك الفسخ قبل‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣١١ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، الوجيز ١ : ٢٢٢ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، البيان ٧ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢ ، المغني ٥ : ١٨٥ - ١٨٦ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٨.

(٢) في « خ » والطبعة الحجريّة : « أن » بدل « أنّي ».

٤٨

انقضائها ، وبه قال الشافعي(١) أيضاً.

ولو قال : قارضتك سنةً فإذا انقضت السنة فلا تشتر بعدها وبِعْ ، صحّ القراض ، وبه قال الشافعي(٢) أيضاً ، وكذا لو قال : قارضتك سنةً على أن لا تشتر بعد السنة ولك البيع ؛ لأنّ لصاحب المال أن يرجع عن القراض أيّ وقتٍ شاء ، ويتمكّن من منع العامل من الشراء مهما شاء ، فإذا شرط منعه من الشراء ، كان قد شرط ما يقتضيه الإطلاق ، فلا يمنع ذلك صحّة العقد.

ولو قال : قارضتك سنةً فإذا مضت فلا تبع بعدها ، فالأقرب : الصحّة.

وقال الشافعي : إنّه يبطل ، وصار كما لو شرط منعه من التصرّف مطلقاً بعد السنة ؛ لأنّه يُخلّ بمقصود العقد ، ويخالف مقتضاه.

أمّا أنّه يُخلّ بالمقصود : فلأنّه قد لا يجد راغباً في المدّة ، فلا تحصل التجارة والربح.

وأمّا مخالفة مقتضاه : فلأنّه قد يكون عنده عروض عند انقضاء السنة ، وقضيّة عقد القراض أن ينضّ العامل ما في يده في آخر الآمر ليتميّز رأس المال عن الربح(٣) .

وقد بيّنّا أنّ للعامل مع فسخ العقد الأُجرة ، وهو يدفع المحاذير.

ولو قال : قارضتك سنةً ، وأطلق ، فقد بيّنّا الجواز عندنا ، وعدم‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣١١ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٤ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٣) الوسيط ٤ : ١٠٩ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

٤٩

اللزوم.

وللشافعيّة وجهان :

أصحّهما عندهم : المنع ؛ لأنّ قضيّة انتفاء القراض امتناع التصرّف بالكلّيّة ، ولأنّ ما يجوز فيه الإطلاق من العقود لا يجوز فيه التأقيت ، كالبيع والنكاح.

والثاني : يجوز ، ويُحمل على المنع من الشراء دون البيع ، استدامةً للعقد(١) .

على أنّ لهم وجهاً ضعيفاً فيما إذا قارضه سنةً وشرط أن لا يشتري بعدها ، قاضياً بالبطلان ؛ لأنّ ما وضعه على الإطلاق من العقود لا يجوز فيه التأقيت(٢) .

لكن المعتمد عندهم : الجواز(٣) .

تذنيب : لو قال : قارضتك الآن ولكن لا تتصرّف حتى يجي‌ء رأس الشهر ، جاز ؛ عملاً بمقتضى الشرط - وهو أحد وجهي الشافعيّة - كما جاز في الوكالة.

والثاني - وهو الأصحّ عندهم - : المنع ، كما لو قال : بعتك بشرط أن لا تملك إلّا بعد شهرٍ(٤) .

____________________

(١) الوسيط ٤ : ١١٠ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، البيان ٧ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٢ و ٣) الوسيط ٤ : ١١٠ ، البيان ٧ : ١٧١ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٤ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

(٤) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٢.

٥٠

والفرق ظاهر.

البحث الخامس : في الربح.

وشروطه أربعة :

الأوّل : اختصاصه بالمتعاقدين ، فلو شرط بعض الربح لغيرهما ، لم يصح ، سواء كان قريباً أو بعيداً ، كما لو قال : على أن يكون لك ثلث الربح ، ولي الثلث ، ولزوجتي أو لابني أو لأجنبيٍّ الثلثُ الآخَر ، ويبطل القراض ؛ لأنّه ليس بعاملٍ ولا مالكٍ للمال.

أمّا لو شرط عمل الثالث فإنّه يصحّ ، ويكون في الحقيقة هنا عاملان لا واحد.

ولو كان المشروط له عبدَ المالك أو عبدَ العامل ، فقد بيّنّا أنّه يجوز ؛ لأنّه يكون ما شرطه للعبد للمالك ، فقد ضمّ المالك أو العامل إلى حصّته حصّةً أُخرى.

ولو قال : نصف الربح لك ونصفه لي ومن نصيبي نصفه لزوجتي ، صحّ القراض ، وكان ما عيّنه للزوجة وعداً منه لها إن شاء أعطاها وإن شاء منعها.

ولو قال للعامل : لك الثلثان على أن تعطي امرأتَك نصفَه أو ابنك ، لم يلزم الشرط ، فإن أوجبه فالأقوى : البطلان.

وقال بعض الشافعيّة : إن أوجب ذلك عليه فسد القراض ، وإلّا‌

٥١

لم يفسد(١) .

الشرط الثاني : أن يكون الربح مشتركاً بينهما ، فلو شرط أن يكون جميع الربح للمالك بأن قال : قارضتك على أن يكون جميع الربح لي ، فسد القراض - وبه قال الشافعي(٢) - لمنافاة الشرط مقتضاه ؛ فإنّ مقتضاه الاشتراك في الربح ؛ لأنّ إسحاق بن عمّار سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن مال المضاربة ، قال : « الربح بينهما ، والوضيعة على المال »(٣) .

وقال أبو حنيفة : إنّه يبطل القراض ، ويكون بضاعةً(٤) .

وقال مالك : يصحّ القراض ، ويكون الربح للمالك ؛ عملاً بشرطه ، لأنّهما دخلا في القراض ، فإذا شرط الربح لأحدهما جعل كأنّه وهب له الآخَر نصيبه ، فلا يمنع ذلك صحّة العقد(٥) .

وهو غلط ؛ لأنّ الهبة لا تصحّ قبل حصول الموهوب.

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ١٩٥ ، البيان ٧ : ١٧٢ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٢ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٩ ، الوسيط ٤ : ١١١ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٢ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨١ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨١ / ٣٤١٩ ، المغني ٥ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٣) التهذيب ٧ : ١٨٨ / ٨٢٩ ، الاستبصار ٣ : ١٢٦ / ٤٥٢.

(٤) الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٨ ، المبسوط - للسرخسي - ٢٢ : ٢٤ ، الهداية - للمرغيناني - ٣ : ٢٠٢ ، روضة القُضاة ٢ : ٥٨١ / ٣٤١٨ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٢ - ٣٣٣ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ - ٦٤٣ / ١١١٦ ، المغني ٥ : ١٤٤ - ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٥) الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، المغني ٥ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

٥٢

ولو قال : قارضتك على أن يكون جميع الربح لك ، فسد القراض أيضاً عندنا - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(١) - لما تقدّم(٢) .

وقال مالك : يصحّ ، ويكون الربح بأسره للعامل ؛ لأنّهما دخلا في القراض ، فإذا شرط الربح للعامل أو المالك ، كان لمن جعل له ، كأنّ المالك قد وهبه نصيبه من الربح ، فلا يمنع ذلك صحّة العقد(٣) .

وقد تقدّم(٤) بطلانه ، وأنّ هذا الشرط منافٍ للقراض ؛ لاقتضاء القراض كون الربح بينهما ؛ لأنّه عبارة عن أن يكون من أحدهما المال ومن الآخَر العمل ، وذلك يقتضي الاشتراك ، فإذا شرطا ما يخالف ذلك فسد ، كشركة العنان إذا شرطا أن يكون الربح لأحدهما.

إذا عرفت هذا ، فإذا قال : قارضتك على أن يكون الربح كلّه لك ، فالقراض فاسد.

وما حكمه؟ للشافعيّة وجهان :

أحدهما : إنّه قراض فاسد ؛ رعايةً للّفظ.

والثاني : إنّه قرض صحيح ؛ رعايةً للمعنى(٥) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٣٣ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٢ - ٣٣٣ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨١ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣ ، الاختيار لتعليل المختار ٣ : ٢٨ ، بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، المغني ٥ : ١٤٤ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٢) في ص ٥١.

(٣) بداية المجتهد ٢ : ٢٣٨ ، الإشراف على نكت مسائل الخلاف ٢ : ٦٤٢ / ١١١٦ ، المعونة ٢ : ١١٢٣ ، بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، المغني ٥ : ١٤٥ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣٢.

(٤) في ص ٥١.

(٥) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨١ ، البيان ٧ : ١٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٥ - ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

٥٣

ولو قال : قارضتك على أنّ الربح كلّه لي ، فهو قراض فاسد أو إبضاع؟ فيه الوجهان للشافعيّة(١) .

أمّا لو قال : خُذْ هذه الدراهم وتصرَّفْ فيها والربح كلّه لك ، فهو قرض صحيح ، وبه قال ابن سريج(٢) ، بخلاف ما لو قال : قارضتك على أنّ الربح كلّه لك ؛ لتصريح اللّفظ بعقدٍ آخَر.

وقال بعض الشافعيّة : لا فرق بين الصورتين(٣) .

وليس جيّداً.

وعن بعضهم : إنّ الربح والخسران للمالك ، وللعامل أُجرة المثل ، ولا يكون قرضاً ؛ لأنّه لم يملكه(٤) .

ولو قال : تصرَّفْ في هذه الدراهم والربح كلّه لي ، فهو إبضاع.

مسألة ٢٢٢ : لو ضمّن المالكُ العاملَ ، انقلب القراض قرضاً ، وكان الربح بأسره للعامل ؛ لأنّ عقد القراض ينافي الضمان.

ولما رواه محمّد بن قيس عن الباقرعليه‌السلام قال : « مَنْ ضمّن مُضاربه فليس له إلّا رأس المال ، وليس له من الربح شي‌ء »(٥) .

وعن محمّد بن قيس عن الباقرعليه‌السلام قال : « مَنْ ضمّن تاجراً فليس له إلّا رأس ماله ، وليس له من الربح شي‌ء »(٦) .

إذا عرفت هذا ، فإن أراد المالك الاستيثاق ، أقرضه بعضَ المال ،

____________________

(١) بحر المذهب ٩ : ٢٢٠ ، البيان ٧ : ١٧٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) البيان ٧ : ١٦٩ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٣ و ٤) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٥) التهذيب ٧ : ١٨٨ / ٨٣٠ ، الاستبصار ٣ : ١٢٦ - ١٢٧ / ٤٥٣.

(٦) الكافي ٥ : ٢٤٠ / ٣ ، التهذيب ٧ : ١٩٢ - ١٩٣ / ٨٥٢.

٥٤

وضاربه على الباقي ، ويكون ذلك قرضاً صحيحاً وقراضاً جائزاً ؛ لأنّ كلّ واحدٍ منهما سائغ ، ولم يحدث عند الاجتماع شي‌ء زائد.

ولما رواه عبد الملك بن عتبة قال : سألتُ بعضَ هؤلاء - يعني أبا يوسف وأبا حنيفة - فقلت: إنّي لا أزال أدفع المال مضاربةً إلى الرجل فيقول : قد ضاع ، أو قد ذهب ، قال : فادفع إليه أكثره قرضاً والباقي مضاربةً ، فسألت أبا عبد الله الصادقعليه‌السلام عن ذلك ، فقال : « يجوز »(١) .

وسأل عبدُ الملك بن عتبة الكاظمَعليه‌السلام : هل يستقيم لصاحب المال إذا أراد الاستيثاق لنفسه أن يجعل بعضه شركةً ليكون أوثق له في ماله؟ قال : « لا بأس به »(٢) .

الشرط الثالث : أن تكون الحصّة لكلٍّ منهما معلومة ، فلو قارضه على أن يكون له في الربح شركة أو نصيب أو حصّة أو شي‌ء أو سهم أو حظّ أو جزء ، ولم يبيّن ، بطل القراض ، ولا(٣) يحمل الشي‌ء ولا السهم ولا الجزء على الوصيّة ؛ اقتصاراً بالنقل على مورده ، ولا خلاف في بطلان القراض مع تجهيل الربح.

ولو قال : خُذْه مضاربةً ولك من الربح مثل ما شرطه فلان لعامله ، فإن علما معاً ما شرطه فلانٌ صحّ ؛ لأنّهما أشارا إلى معلومٍ عندهما ، ولو جهلاه معاً أو أحدهما بطل القراض ؛ لأنّه مجهول.

ولو قال : والربح بيننا ، ولم يقل : نصفين ، صحّ ، وحُكم بالنصف للعامل والنصف للمالك ، كما لو أقرّ بالمال ، ولو قال : إنّه بيني وبين فلان ،

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٨٨ - ١٨٩ / ٨٣٢ ، الاستبصار ٣ : ١٢٧ / ٤٥٥.

(٢) التهذيب ٧ : ١٨٩ / ٨٣٣ ، الاستبصار ٣ : ١٢٧ / ٤٥٦.

(٣) فيما عدا « ج » من النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « ولم » بدل « ولا ».

٥٥

فإنّه يكون إقراراً بالنصف ، فكذا هنا ، والأصل في ذلك أصالة عدم التفاوت ، وقد أضاف الربح إليهما إضافة واحدة ، لم يرجّح فيها أحدهما على الآخَر ، فاقتضى التسوية ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة.

والثاني : الفساد ؛ لأنّه لم يبيّن ما لكلّ واحدٍ منهما ، فأشبه ما إذا شرطا أن يكون الربح بينهما أثلاثاً ، ولم يبيّن صاحب الثلثين مَنْ هو ، ولا صاحب الثلث مَنْ هو ، ولأنّ التثنية تصدق مع التفاوت كصدقها مع التساوي ، والعامّ لا دلالة له على الخاصّ(١) .

ونحن نمنع صدقها بالتواطؤ ، بل دلالتها على التنصيف أقوى ، وعليه يُحمل إطلاقها ، ويفتقر التفاوت إلى قرينةٍ.

مسألة ٢٢٣ : لو قال : خُذْ هذا المال مضاربةً ، ولم يُسمّ للعامل شيئاً من الربح ، فسد القراض ، وكان الربح بأسره لربّ المال ، وعليه أُجرة المثل للعامل ، والوضيعة على المالك - وبه قال الثوري والشافعي وإسحاق وأبو ثور وأحمد وأصحاب الرأي(٢) - لأنّ المضارب إنّما يستحقّ بالشرط ولم يوجد.

وقال الحسن وابن سيرين والأوزاعي : الربح بينهما نصفين ؛ لأنّه لو قال : والربح بيننا ، كان بينهما نصفين ، وكذا إذا لم يزد شيئاً(٣) .

____________________

(١) الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٧ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٣٩٢ ، الوسيط ٤ : ١١٣ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣١ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٠ ، البيان ٧ : ١٦٤ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

(٢) الإشراف على مذاهب أهل العلم ٢ : ٣٩ ، الحاوي الكبير ٧ : ٣٤٤ ، بحر المذهب ٩ : ٢١٧ - ٢١٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٣٣ ، المغني ٥ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ٥ : ١٣١.

(٣) نفس المصادر ما عدا « الحاوي الكبير » و « بحر المذهب » و « حلية العلماء ».

٥٦

وهو ممنوع ؛ لأنّ قوله : « مضاربةً » يقتضي أنّ له جزءاً من الربح مجهولاً ، فلا يصحّ.

ولو قال : على أنّ ثلث الربح لك وما بقي فثلثه لي وثلثاه لك ، صحّ.

وحاصله اشتراط سبعة أتساع الربح للعامل ؛ لأنّ الحساب من عدد لثلثه ثلاث ، وأقلّه تسعة.

هذا إذا علما عند العقد أنّ المشروط للعامل بهذه اللفظة كم هو ، فإن جهلاه أو أحدهما ، فوجهان للشافعيّة ، أحدهما : الصحّة(١) .

وهو حسن ؛ لسهولة معرفة ما تضمّنه اللّفظ.

وكذا لو قال : على أنّ لك من الربح سُدس رُبْع عُشْر الثُّمْن ، وهُما لا يعرفان قدره عند العقد ، أو أحدهما.

ولو قال : لك الرُّبْع ورُبْع الباقي ، فله ثلاثة أثمان ونصف ثُمنٍ ، سواء عرفا الحساب أو جهلاه ؛ لأنّها أجزاء معلومة.

ولو قال : لك ثلث الربح ورُبْع ما بقي ، فله النصف.

الشرط الرابع : أن يكون العلم به من حيث الجزئيّة المشاعة ، كالنصف أو الثلث أو الربع أو غير ذلك من الأجزاء الشائعة ، لا بالتقدير ، فلو قال : قارضتك على أنّ لك من الربح مائة والباقي بيننا بالسويّة ، فسد القراض ؛ لأنّه ربما لا يربح إلّا ذلك القدر ، فيلزم أن يختصّ به أحدهما.

وكذا إذا قال : على أنّ لي من الربح مائة والباقي بيننا ، لم يصح القراض.

وكذا لو قال : لك نصف الربح سوى درهم ، أو : لك نصف الربح‌

____________________

(١) التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٠ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٦ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٣.

٥٧

ودرهم.

مسألة ٢٢٤ : لو دفع إليه ألفين وقال : قارضتك على هاتين الألفين على أن يكون لك ربح ألفٍ منهما ولي ربح الألف الأُخرى ، فإمّا أن تكونا متميّزتين أو ممتزجتين.

فإن كانتا متميّزتين وشرط تميّزهما ، لم يصح القراض ؛ لأنّه لا شركة بينهما في الربح ؛ إذ كلّ واحدةٍ من الألفين متميّزة عن الأُخرى ، وربح إحداهما بعينها للمالك لا يشاركه العامل فيه ، وربح الأُخرى بعينها للعامل لا يشاركه المالك فيه ، مع أنّ كلّ واحدةٍ منهما مال قراضٍ ، فلا يوجد فيه مقتضى القراض فيبطل ، ولأنّه ربما يختصّ الربح بإحداهما دون الأُخرى ، فيحصل كلّ الربح لأحدهما ويمنع الآخَر منه ، وذلك منافٍ لمقتضى القراض.

وإن كانتا ممتزجتين غير متميّزتين ، فالأقرب : الصحّة ، ويُحمل على الإشاعة والتسوية في الربح ؛ إذ لا فرق بين ذلك وبين قوله : الربح بيننا نصفين ، ولا بينه وبين أن يقول : نصف ربح الألفين لك ونصفه لي ، وهو قول بعض الشافعيّة(١) .

وقال ابن سريج : لا يصحّ ؛ لأنّه خصّصه بربح بعض المال ، فأشبه ما إذا كان الألفان متميّزين ، وما إذا دفع إليه ألفاً على أن يكون له ربحها ليتصرّف له في ألف أُخرى(٢) .

والفرق ظاهر.

ولو قال : على أنّ لي ربح أحد الثوبين ولك ربح الآخَر ، أو : على أنّ‌

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٤.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧.

٥٨

لي ربح إحدى السفرتين ولك ربح الأُخرى ، أو : على أنّ لك ربح تجارة شهر كذا ولي ربح تجارة شهر كذا ، لم يصح.

إذا عرفت هذا ، فإذا دفع إليه مالاً قراضاً وشرط أن يكون له نصف ربحه ، جاز ، وكذا لو شرط له ربح نصفه.

ولو قال : على أنّ لك من الربح عشرةً ولي عشرة ، احتُمل البطلانُ ؛ لعدم العلم بحصولهما ، والصحّةُ إن قصد التناسب في مطلق الربح ، قلّ عن ذلك أو كثر أو ساواه.

مسألة ٢٢٥ : لو دفع إليه مالاً قراضاً وشرط عليه أن يولّيه سلعة كذا إذا اشتراها برأس المال ، احتُمل الصحّة ؛ عملاً بقولهعليه‌السلام : « المسلمون(١) عند شروطهم »(٢) ، والبطلانُ - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّه ربما لا يحصل الربح إلّا منها.

ولو شرط أن يلبس الثوب الذي يشتريه ويركب الدابّة التي يشتريها ، قال الشافعي : يبطل القراض أيضاً ؛ لأنّ القراض جُوّز على العمل المجهول بالعوض المجهول [ للحاجة ](٤) - ولا حاجة إلى ضمّ ما ليس من الربح إليه ، ولأنّه ربما ينتقص بالاستعمال ويتعذّر عليه التصرّف(٥) .

والأقوى عندي : الجواز.

تذنيب : لو دفع إليه ألفاً قراضاً على أنّ الربح بينهما ، وشرط المالك‌

____________________

(١) في النُّسَخ الخطّيّة : « المؤمنون ».

(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٥ ، الهامش (٣) ، وفي التهذيب ٧ : ٣٧١ / ١٥٠٣ ، والاستبصار ٣ : ٢٣٢ / ٨٣٥ ، والجامع لأحكام القرآن ٦ : ٣٣ : « المؤمنون ».

(٣) الحاوي الكبير ٧ : ٣١٣ ، بحر المذهب ٩ : ١٩٦ ، التهذيب - للبغوي - ٤ : ٣٨٢ ، البيان ٧ : ١٦٨ ، العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧ ، روضة الطالبين ٤ : ٢٠٤.

(٤) بدل ما بين المعقوفين في النُّسَخ الخطّيّة والحجريّة : « للراحة ». والمثبت من المصدر.

(٥) نفس المصادر في الهامش (٣) ما عدا « التهذيب ».

٥٩

أن يدفع إليه ألفاً يعمل بها بضاعةً بحيث يكون الربح بأسره للمالك فيها ، فالوجه : صحّة القراض والشرط معاً.

وقيل : يصحّ القراض ، ويبطل الشرط(١) .

وقيل : يبطلان معاً(٢) .

مسألة ٢٢٦ : لو دفع إلى عاملٍ ألفَ درهمٍ ، فقال له : اعمل على هذه وربحها لي ، ودفع إليه ألفاً أُخرى وقال : اعمل على هذه ويكون ربحها لك ، فإن قصد القراض ، بطل ؛ لأنّه شرط أن يكون جميع الربح في إحداهما للمالك وفي الأُخرى للعامل ، وهو باطل ؛ لأنّه لا يجوز أن ينفرد أحدهما بالربح ؛ لأنّ الربح يحصل بالمال والعمل معاً ، فلا يصحّ في واحدةٍ من الألفين.

وإن لم يقصد القراض ، صحّ ، وكان ما شرطه المالك له بضاعةً ، وما شرطه العامل لنفسه قرضاً.

ولو دفع الألفين وقال : قارضتك على هذه على أن يكون ربح ألفٍ منها لي وألف لك ، فالأقوى : الصحّة - وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور(٣) - لأنّه بمنزلة أن يقول : نصف الربح لي ونصفه لك ؛ لأنّه بمعناه.

قال ابن سريج : وهذا غلط ؛ لأنّ وضع القراض على أن يكون كلّ جزءٍ من المال ربحه بينهما ، فإذا شرط ربح ألفٍ فقد شرط لنفسه الانفراد بربح جزءٍ منه ، فكان فاسداً ، بخلاف ما إذا شرط نصف الربح ؛ لأنّ شرطه لم يتضمّن الانفراد بجزءٍ منه(٤) .

____________________

(١) كما في شرائع الإسلام ٢ : ١٤٥.

(٢) قال به الطوسي في المبسوط ٣ : ١٩٧ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٤٦٦.

(٣) بحر المذهب ٩ : ١٩٨ ، حلية العلماء ٥ : ٣٤٠.

(٤) راجع : العزيز شرح الوجيز ٦ : ١٧.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

واهل المغفرة.

اللهم اجعل ختمتنا هذه ابرك الختمات، وساعتنا هذه اشرف الساعات، اغفر لنا بها ما مضى من ذنوبنا وما هو آت، حيّنا بها باطيب التحيات، ارفع لنا اعمالنا في الباقيات الصالحات.

اللهم اجعل ختمتنا هذه ختمة مباركة تحط عنا بها اوزارنا، وتدر بها ارزاقنا، وتديم بها سلامتنا وعافيتنا، وتجمع بها شملنا، وتغني بها فقرنا، وتكتب بها سلامتنا، وتغفر بها ذنوبنا، وتستر بها عيوبنا، برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم لا تدع لنا بالقرآن ذنبا الا غفرته، ولا هما الا فرجته، ولا دينا الا قضيته، ولا عيبا الا سترته، ولا مريضا الا شفيته، ولا ميتا الا رحمته، ولا فاسدا الا اصلحته، ولا ضالا الا هديته، ولا عدوا الا اهلكته، ولا سعرا الا ارخصته، ولا شرابا الا اعذبته، ولا كبيرا الا وفقته، ولا صغيراً الا كبرته (١)، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة (٢)، الا اعنتنا على قضائها، برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم انصر جيوش الإسلام وفرسانه، وحماة الدين وشجعانه، وانصار الدين واعوانه، ليزيدوا دينك عزاً ويثبتوا اركانه، ويدكدكوا الكفر وينكسوا صلبانه، ويقلعوا سرير ملكه وسلطانه، واجعل اللهم لاسراء المسلمين منك فرجا، وسبب لهم إلى دار الإسلام مخرجا، برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم اعداؤنا ان سلكوا برا فاخسف بهم، وان سلكوا بحرا

____________________________

(١) في البحار: اكبرته.

(٢) ليس في البحار.

٣٨١

فغرقهم، وارمهم بحجرك الدامغ، وسيفك القاطع برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم من ارادنا بسوء فارده، ومن كادنا فكده، ومن بغى علينا فاهلكه، يا كثير الخير يا دائم المعروف، يا من لم يزل كريما ولا يزال رحيما، اللهم انت العالم بحوائجنا فاقضها، وانت العالم بسرائرنا فاصلحها، وانت العالم بذنوبنا فاغفرها، برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم اغفر لنا ولآبائنا ولامهاتنا واخواننا واخواتنا ولاستادينا ولمعلمينا الخير، ولجميع المسلمين، برحمتك يا ارحم الراحمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا برحمتك عذاب القبر، وعذاب النار، برحمتك يا ارحم الراحمين، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ».

٤٩٨٤ / ١٣ - ثقة الإسلام في الكافي: عدة من اصحابنا، عن احمد بن محمّد بن خالد، عمن ذكره، عن عبدالله بن سنان، عن ابان بن تغلب، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال تقول:

« اللهم اني اسألك ولم يسأل العباد مثلك، أسألك بحق محمّد نبيك ورسولك، وابراهيم خليلك وصفيك، وموسى كليمك ونجيك، وعيسى كلمتك وروحك، وأسألك بصحف ابراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وانجيل عيسى، وقرآن محمّد، وبكل وحي اوحيته، وقضاء امضيته، وحق قضيته، وغني اغنيته، وضال هديته، وسائل اعطيته، واسألك [ باسمك الذي وضعته على الليل فاظلم و ] (١)

____________________________

١٣ - الكافي ج ٢ ص ٤١٩ ح ١.

(١) مابين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

٣٨٢

باسمك الذي وضعته على النهار فاستنار، وباسمك الذي وضعته على الأرض فاستقرت، ودعمت به السماوات فاستقلت، ووضعته على الجبال فرست، وباسمك الذي بثثت (٢) به الأرزاق، واسألك باسمك الذي تحيي به الموتى وأسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك أسألك ان تصلي على محمّد وآل محمّد، وان ترزقني (٣) حفظ القرآن واصناف العلم، وان تثبتها في قلبي وسمعي وبصري، وان تخالط بها لحمي ودمي وعظامي ومخي، وتستعمل بها ليلي ونهاري، برحمتك وقدرتك، فانه لا حول ولا قوة الا بك، يا حي يا قيوم ».

قال: وفي حديث [ آخر ] (٤) زيادة: « وأسألك باسمك الذي دعاك به عبادك الذين استجبت لهم، وانبياؤك فغفرت لهم ورحمتهم، وأسألك بكل اسم انزلته (٥) في كتبك، وباسمك الذي استقر به عرشك، وباسمك الواحد الاحد الفرد الوتر المتعال، الذي يملأ الاركان كلها، الطاهر الطهر (٦) المبارك المقدس الحي القيوم، نور السماوات والأرض، الرحمن الرحيم الكبير المتعال، وكتابك المنزل بالحق، وكلماتك (٧) التامات، ونورك التام، وبعظمتك وأركانك ».

وقال في حديث آخر قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « من اراد ان يوعيه الله عزّوجلّ القرآن والعلم، فليكتب هذا الدعاء

____________________________

(٢) في نسخة: تبث، منه قدّه.

(٣) في نسخة: وارزقني، منه قدّه.

(٤) أثبتناه من المصدر.

(٥) في نسخة: نزل، منه قدّه.

(٦) في نسخة: المطهر، منه قدّه.

(٧) في نسخة: بكلماتك، منه قدّه.

٣٨٣

في اناء نظيف بعسل مأذي (٨)، ثم يغسله بماء المطر قبل ان يمس الأرض، ويشربه ثلاثة ايام على الريق، فانه يحفظ ذلك ان شاء الله تعالى ».

٤٩٨٥ / ١٤ - وعنه: عن ابيه، عن حماد بن عيسى، رفعه إلى اميرالمؤمنين عليه‌السلام، قال: « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: اعلمك دعاء لا تنسى القرآن، قل:

اللهم احفظني (١) بترك معاصيك ابدا ما ابقيتني، وارحمني من تكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن المنظر (٢) فيما يرضيك عني، والزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني ان اتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم نور بكتابك بصري، واشرح به صدري، وفرج (٣) به قلبي، واطلق به لساني، واستعمل به بدني، وقوني على ذلك واعني عليه، انه لا معين الا انت لا اله الا انت ».

قال: ورواه بعض اصحابنا، عن وليد بن صبيح، عن حفص الاعور، عن ابي عبدالله عليه‌السلام.

٤٩٨٦ / ١٥ - السيد علي بن طاووس في جمال الاسبوع، في سياق اعمال ليلة الجمعة: صلاة اخرى لهذه الليلة، وهي صلاة حفظ القرآن،

____________________________

(٨) المأذي: العسل الأبيض (لسان العرب - مذي - ج ١٥ ص ٢٧٥).

١ - الكافي ج ٢ ص ٤٢٠ ح ٢.

(١) في نسخة: اللهم ارحمني، منه قده.

(٢) في نسخة: النظر، منه قده.

(٣) في المصدر: وفرح.

١٤ - جمال الاسبوع ص ١١٩.

٣٨٤

رواها ابن عباس (رض)، عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام، قال: « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: الا اعلمك كلمات ينفعك الله عزّوجلّ بهن، وينتفع (١) بهن من علمتهن، ويثبت ما علمته (٢) في صدرك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: إذا كان ليلة الجمعة فقم في الثلث الثالث من الليل، فان لم تستطع فقبل ذلك، فصل اربع ركعات، تقرأ في الركعة الاولى منهن فاتحة الكتاب وسورة يس، وفي الثانية فاتحة الكتاب وتنزيل السجدة.

وفي الثالثة فاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الرابعة فاتحة الكتاب وتبارك الذي بيده الملك، فإذا فرغت من التشهد وسلمت، فاحمد الله عزّوجلّ واثن عليه، وصل عليّ باحسن الصلاة، ثم استغفر للمؤمنين، ثم قل:

اللهم ارحمني بترك المعاصي ابدا ما ابقيتني، وارحمني ان اتكلف طلب ما لا يعنيني، وارزقني حسن الظن فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والاكرام والعزة التي لا ترام، اسألك يا الله يا رحمن، بجلالك ونور وجهك، ان تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتنيه، وارزقني ان اتلوه على النحو الذي يرضيك عني.

اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والاكرام، والعز الذي لا يرام، اسألك يا الله يا رحمن، بجلالك ونور وجهك، ان تنور بكتابك بصري، وان تشرح به صدري، وان تطلق به لساني، وان تفرج به عن قلبي، وان تستعمل به بدني، فانه لا يعينني على الخير

____________________________

(١) في المصدر: وتنفع.

(٢) وفيه: تعلّمته.

٣٨٥

غيرك، ولا يؤتيه الا انت، ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ».

٤٩٨٧ / ١٦ - الحسين بن فضل الطبرسي في مكارم الاخلاق: صلاة لحفظ القرآن: صل ليلة الجمعة أو يومها، اربع ركعات: الاولى بفاتحة الكتاب ويس، والثانية حم الدخان، والثالثة حم السجدة، والرابعة تبارك الملك، فإذا سلمت فاحمد الله واثن عليه، وصل على النبي وآله « صلى الله عليهم »، واستغفر للمؤمنين مائة مرة ثم قل:

اللهم ارحمني (١) بترك معاصيك ابدا ما ابقيتني، وارحمني من ان اتكلف (٢) ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض [ يا ] (٣) ذا الجلال والاكرام، والعزة التي لا ترام، يا الله يا رحمن، اسألك بجلالك وبنور وجهك ان تلزم قلبي حفظ كتابك القرآن (٤) المنزل على رسولك وترزقني ان اتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والاكرام، والعز الذى لا يرام، يا الله يا رحمن، اسألك بجلالك وبنور وجهك، ان تنور بكتابك بصري وتطلق به لساني، وتفرج به قلبي، وتشرح به صدري، وتستعمل به بدني، وتقويني على ذلك، وتعينني عليه، فانه لا يعين على الخير غيرك، ولا يوفق له الا انت، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

٤٩٨٨ / ١٧ - جامع الاخبار: عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: انه إذا

____________________________

١٦ - مكارم الاخلاق ص ٣٤١.

(١) في المصدر: ازجرني.

(٢) في المصدر زيادة: طلب.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) ليس في المصدر.

١٧ - جامع الاخبار ص ٤٩.

٣٨٦

قال المعلم للصبي: قل: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال الصبى: بسم الله الرحمن الرحيم، كتب الله براءة للصبي، وبراءة لابويه، وبراءة للمعلم.

٤٩٨٩ / ١٨ - وعن ابن مسعود، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « من اراد ان ينجيه الله من الزبانية [ التسعة عشر ] (١) فليقرأ بسم الله الرحمن الرحيم [ فانها ] (٢) تسعة عشر حرفاً، ليجعل الله كل حرف منها جنة من واحد منهم ».

٤٩٩٠ / ١٩ - وعن عبدالله بن مسعود، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، قال: « من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، كتب الله له بكل حرف اربعة آلاف حسنة، ومحا عنه اربعة آلاف سيئة، ورفع له اربعة آلاف درجة ».

٤٩٩١ / ٢٠ - وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « من قال بسم الله الرحمن الرحيم، بنى الله له في الجنة سبعين الف قصر من ياقوتة حمراء، في كل قصر سبعون الف بيت من لؤلؤة بيضاء، في كل بيت سبعون الف سرير من زبرجدة خضراء، فوق كل سرير سبعون ألف فراش من سندس واستبرق وعليه زوجة من حور العين ولها سبعون ألف ذؤابة مكللّة بالدرر واليواقيت، مكتوب على خدها الايمن (محمّد رسول الله) وعلى خدها الايسر (علي ولي الله) وعلى جبينها (الحسن) وعلى ذقنها (الحسين) وعلى شفتيها (بسم الله الرحمن الرحيم) قلت: يا

____________________________

١٨ - جامع الاخبار ص ٤٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) اثبتناه من المصدر.

١٩ - جامع الاخبار ص ٤٩.

٢٠ - جامع الاخبار ص ٤٩.

٣٨٧

رسول الله لمن (١) هذه الكرامة؟ قال: لمن يقول بالحرمة والتعظيم: بسم الله الرحمن الرحيم ».

٤٩٩٢ / ٢١ - وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « إذا مر المؤمن على الصراط فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم، طفيت لهب النيران وتقول: جز يا مؤمن، فان نورك قد اطفأ لهبي ».

٤٩٩٣ / ٢٢ - البحار، عن الدر المنثور للسيوطي: عن علي عليه‌السلام: « قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يحب هذه السورة ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) ».

٤٩٩٤ / ٢٣ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن ابيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن ابى طالب عليهم‌السلام، قال: « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: العبد المملوك إذا احسن القرآن، فعلى سيده ان يرفق به ويحسن صحبته ».

٤٩٩٥ / ٢٤ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن ابن مسعود، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « ان من قرأ بسم الله كتب الله له بكل حرف اربعة آلاف حسنة ومحا عنه اربعة آلاف سيئة، ورفع له اربعة آلاف درجة ».

____________________________

(١) في المصدر زيادة: هي.

٢١ - جامع الاخبار ص ٤٩.

٢٢ - البحار ج ٩٢ ص ٣٢٢ ح ٢ عن الدر المنثور ج ٦ ص ٣٣٧.

٢٣ - الجعفريات ص ١٧٣.

٢٤ - لب اللباب: مخطوط، والبحار ج ٩٢ ص ٢٥٨ عن جامع الاخبار ص ٤٩.

٣٨٨

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « لو قرأت بسم الله، تحفظك الملائكة إلى الجنة، وهو شفاء من كل داء.

واوحى الله إلى عيسى عليه‌السلام: « ان اكثر من قول بسم الله، وافتح امورك به، ومن وافاني وفي صحيفته قبضة بسم الله، اعتقه من النار، قال وما قبضة بسم الله؟ قال: مائة مرة.

وان لقمان رأى رقعة فيها بسم الله، فرفعها واكلها، فأكرمه بالحكمة ».

٤٩٩٦ / ٢٥ - وفي الخبر: ان المذنبين من المؤمنين، إذا ادخلوا النار، يقولون: بسم الله، فتفر النار عنهم مسيرة اربعين سنة، لفضل بسم الله.

٤٩٩٧ / ٢٦ - السيد الجليل بهاء الدين علي بن عبدالكريم بن عبدالحميد الحسيني النجفي في كتاب الانوار المضيئة: حديث القلاقل: روى الجد السعيد عبدالحميد، يرفعه إلى الرئيس ابي الحسن الكاتب البصري، وكان من الاسداء الادباء، قال: سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، اسنت (١) البر سنين عديدة، وبعثت السماء درها، وخص الحباء (٢)

____________________________

٢٥ - لب اللباب: مخطوط.

٢٦ - الأنوار المضيئة: مخطوط، وحكاه عنه في البحار ج ٥١ ص ٢٥٨، وأخرجه في منتخب الانوار المضيئة ص ٩٨.

(١) اسنت القوم: إذا قحطوا ... والسنة ... الجدب. (مجمع البحرين ج ٦ ص ٣٤٨).

(٢) اللحباء: العطاء ... والحبي: السحاب الذي يشرف من الافق على الأرض، وقيل: حبي من حبا (لسان العرب ج ١٤ ص ١٦١ و ١٦٢) ولعله من الحيا، والحيا: الخصب. والمطر، وفي حديث الاستسقاء. =

٣٨٩

اكناف (٣) البصرة وتسامع العرب بذلك، فوردوها من الاقطار البعيدة والبلاد الشاسعة، على اختلاف لغاتهم وتباين قطرهم، فخرجت مع جماعة من الكتاب ووجوه التجار، نتصفح احوالهم ولغاتهم، ونلتمس فائدة ربما وجدناها عند احدهم، فارتفع لنا بيت عال فقصدناه، فوجدنا في كسره شيخا جالسا قد سقط حاجباه على عينيه كبرا، وحوله جماعة من عبيده واصحابه، فسلمنا عليه فرد التحية واحسن التلقية، فقال له رجل منا: هذا السيد - واشار الي - هو الناظر في معاملة الدرب، وهو من الفصحاء واولاد العرب، وكذلك الجماعة ما منهم الا من ينتسب إلى قبيلة، ويختص بسداد وفصاحة، وقد خرج وخرجنا معه حين ورد نلتمس الفائدة المستطرفة من احدكم، وحين شاهدناك رجونا ما نبغيه عندك لعلو سنك، فقال الشيخ: والله يا بني اخي - حياكم الله - ان الدنيا شغلتنا عما تبتغونه مني، فان اردتم الفائدة فاطلبوها عند ابي وها بيته، واشار إلى خباء كبير بازائه، فقلنا: النظر إلى مثل والد هذا الشيخ الهم (٤) فائدة تتعجل، فقصدنا ذلك البيت فوجدنا في كسره شيخا منضجعا، وحوله من الخدم والإماء أوفى مما شاهدناه اولا، ورأينا عليه من آثار السن ما يجوز له ان يكون والد ذلك الشيخ، فدنونا منه وسلمنا عليه فاحسن الرد واكرم الجواب، فقلنا له مثل ما قلنا لابنه، وما كان من جوابه وانه دلنا عليك فعرجنا بالقصد اليك، فقال: يا بني اخي - حياكم الله - ان الذي شغل ابني عما التمستموه هو الذي شغلني عما هذه سبيله، ولكن الفائدة تجدونها عند

____________________________

= (وحيا ربيعاً.. المطر لاحيائه الأرض، وقيل: الخصب وما تحيا به الأرض والناس .. (لسان العرب - ج ١٤ ص ٢١٥).

(٣) الاكناف: الجوانب والنواحي (مجمع البحرين ج ٥ ص ١١٦).

(٤) الهم: الشيخ الكبير، والمرأة همة.. (مجمع البحرين ج ٦ ص ١٨٩).

٣٩٠

والدي، وها هو بيته واشار إلى بيت منيف (٥) بنجوة (٦) منه، فقلنا فيما بيننا حسبنا من الفوائد مشاهدة والد هذا الشيخ الفاني، فان كانت منه فائدة (بعد ذلك) (٧) فهي ربح لم نحتسب، وقصدنا ذلك الخبا فوجدنا حوله عددا كبيرا من الاماء والعبيد، فحين رأونا تسرعوا الينا وبدؤوا بالسلام علينا وقالوا: ما تبغون حياكم الله؟ فقلنا: نبغي السلام على سيدكم وطلب الفائدة من عنده ببركتكم، فقالوا: الفوائد كلها عند سيدنا، ودخل منهم من يستأذن ثم خرج الاذن لنا فدخلنا، فإذا سرير في صدر البيت وعليه مخاد من جانبيه، ووسادة في اوله، وعلى الوسادة رأس شيخ قد بلى وطار شعره، والازار على المخاد التي من جانبي السرير لتستره، ولا يثقل منها عليه، فجهرنا بالسلام فاحسن الرد، وقال قائلنا مثل ما قال لولد ولده، واعلمناه انه ارشدنا إلى ابنه فحجنا بما احتج به، وان اباه ارشدنا اليك وبشرنا بالفائدة منك، ففتح الشيخ عينين قد غارتا في ام رأسه، وقال للخدم: أجلسوني، فلم تزل ايديهم تتهاداه بلطف إلى ان جلس، وستر بالازر التي طرحت على المخاد، ثم قال لنا: يا بني اخي لاحدثنكم بخبر تحفظونه عني، وتفيدون منه ما يكون فيه ثواب لي، كان والدي لا يعيش له ولد ويحب ان تكون له عاقبة، فولدت له على كبر، ففرح بي وابتهج بموردي، ثم قضى ولي سبع سنين فكفلني عمي بعده وكان مثله في الحذر علي، فدخل بي يوما على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ فقال له: يا رسول الله هذا ابن اخي وقد مضى

____________________________

(٥) منيف: اي عال مشرف.. (مجمع البحرين ج ٥ ص ١٢٦).

(٦) النجوة: ما ارتفع من الأرض فلم يعله السيل.. (لسان العرب ج ٥ ص ٣٠٥).

(٧) ليس في البحار.

٣٩١

ابوه لسبيله، وانني كفيل بتربيته وانني انفس به على الموت، فعلمني عوذة اعوذه بها ليسلم ببركتها، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « اين أنت عن ذات القلاقل؟ » فقال: يا رسول الله، وما ذات القلاقل؟ قال: « ان تعوذه فتقرأ عليه سورة الجحد ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) إلى آخرها، وسورة الاخلاص ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ، اللَّـهُ الصَّمَدُ ) إلى آخرها، وسورة الفلق ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ) إلى آخرها، وسورة الناس ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ ) إلى آخرها » وانا إلى اليوم اتعوذ بها كل غداة، فما اصبت بولد ولا اصيب لي مال، ولا مرضت ولا افتقرت، وقد انتهى بي السن إلى ما ترون، فحافظوا عليها واستكثروا من التعوذ بها، فسمعنا ذلك منه وانصرفنا من عنده.

٤٩٩٨ / ٢٧ - ابراهيم بن محمّد الثقفي في كتاب الغارات: عن ابي صالح الحنفي، قال: رأيت عليا عليه‌السلام يخطب وقد وضع المصحف على رأسه، حتى رأيت الورق يتقعقع (١) على رأسه، قال: فقال: « اللهم قد منعوني ما فيه فاعطني ما فيه، اللهم قد ابغضتهم وابغضوني، ومللتهم وملوني، وحملوني على غير خلقي وطبيعتي، واخلاق لم تكن تعرف لي.

اللهم فأبدلني بهم خيرا منهم، وابدلهم بي شرا مني، اللهم امث قلوبهم (ميث الملح في الماء) (٢) ».

قلت: وروى صاحب كتاب تبر المذاب من علماء الشافعية، نظير

____________________________

٢٧ - الغارات ج ٢ ص ٤٥٨.

(١) القعقعة والعقعقة: حركة القرطاس.. والثوب الجديد. (لسان العرب - قعع - ج ٨ ص ٢٨٦).

(٢) في المصدر: كما يماث الملح في الماء.

٣٩٢

هذا الفعل من ابي عبدالله عليه‌السلام، في يوم عاشورا.

٤٩٩٩ / ٢٨ - دعائم الإسلام: عن علي عليه‌السلام قال: « شكوت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، تفلت القرآن (١) عني فقال: يا علي سأُعلمك كلمات يثبتن القرآن في قلبك، قل: اللهم ارحمني بترك معاصيك ابدا ما ابقيتني، وارحمني بترك ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، والزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وان اتلوه على النحو الذي يرضيك عني (٢).

اللهم نور بكتابك بصري (٣) واشرح به صدري، واستعمل به بدني، واعني عليه انه لا يعين عليه الا انت، فدعوت بهن فاثبت الله عزّوجلّ القرآن في صدري ».

____________________________

٢٨ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٣٧ ح ٤٨٤.

( ١ و ٢ ) في المصدر: مني.

(٣) في المصدر زيادة: واطلق به لساني.

٣٩٣
٣٩٤

أبواب القنوت

١ - ( باب استحبابه في كل صلاة جهرية أو اخفاتية، فريضة أو نافلة، وكراهة تركه )

٥٠٠٠ / ١ - الحسين بن حمدان الحضيني في هدايته: عن عيسى بن مهدي الجوهري وعسكر مولى ابي جعفر عليه‌السلام، والريان مولى الرضا عليه‌السلام، وجماعة اُخرى يقرب من نيف وسبعين رجلا، عن العسكري عليه‌السلام في حديث طويل انه قال: « ان الله عزّوجلّ اوحى إلى جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: اني خصصتك وعليا وحججي منه إلى يوم القيامة وشيعتكم، بعشر خصال - إلى ان قال - والقنوت في ثاني كل ركعتين - إلى ان قال - فخالفنا من اخذ حقنا وحزبه الضالون، فجعلوا صلاة التراويح في شهر رمضان، عوضا من صلاة الاحدى وخمسين - إلى ان قال - وآمين بعد ولا الضالين، عوضا عن القنوت ».

٥٠٠١ / ٢ - الصدوق في الهداية: قال الصادق عليه‌السلام: « ومن ترك القنوت متعمدا، فلا صلاة له ».

وفي المقنع (١): واياك ان تدع القنوت، فان من ترك قنوته

____________________________

أبواب القنوت

الباب - ١

١ - الهداية للحضيني ص ٦٩.

٢ - الهداية للصدوق ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٨٣ ص ١٦٣ ح ٤.

(١) المقنع ص ٣٥.

٣٩٥

متعمدا، فلا صلاة له.

٥٠٠٢ / ٣ - فقه الرضا عليه‌السلام: في ذكر فروض الصلاة: « وسبعة صغار، وهي القراءة - إلى ان قال - والقنوت، والتشهد، وبعض هذه افضل من بعض ».

٥٠٠٣ / ٤ - عوالي اللآلي: روى البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، لا يصلي مكتوبة الا قنت فيها.

٥٠٠٤ / ٥ - وروى الحسين (١) بن علي بن ابى طالب عليهما‌السلام، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، استحباب القنوت في كل صلاة.

وقال: « رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، يقنت في صلاته كلها، وانا يومئذ ابن ست سنين ».

وتقدم (٢) عن العلل لمحمّد بن علي بن ابراهيم: باسناده عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن ابي جعفر عليه‌السلام في حديث انه قال: « وفي الصلاة فرض وتطوع، فاما الفرض فمنه الركوع، واما التطوع فما زاد في التسبيح والقراءة، والقنوت واجب »، الخبر.

____________________________

٣ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٨، وعنه في البحار ج ٨٣ ص ١٦٣ ح ٢.

٤ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٤٢ ح ١٠٥.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢١٩ ح ١٧.

(١) في المصدر السابق: الحسن.

(٢) تقدم في الباب (١) من ابواب افعال الصلاة الحديث (٢).

٣٩٦

٢ - ( باب تأكد استحباب القنوت في الجهرية، والوتر، والجمعة )

٥٠٠٥ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام قال: « اقنت في اربع صلوات: الفجر، والمغرب، والعتمة، وصلاة الجمعة ».

٥٠٠٦ / ٢ - عوالي اللآلي: روي ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، قنت في الصبح، ودعا على جماعة وسماهم.

ويأتي عن مزار المشهدي (١): مسندا عن عبدالرحمن بن الاسود الكاهلي، انه قال: صلى بنا علي بن ابي طالب عليه‌السلام، في مسجد بني كاهل الفجر فقنت بنا، الخبر.

٣ - ( باب استحباب القنوت في الركعة الثانية من كل فريضة أو نافلة حتى ركعتي الشفع، قبل الركوع وبعد القراءة، الا الجمعة )

٥٠٠٧ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام: « والقنوت كلها قبل الركوع، بعد الفراغ من القراءة ».

٥٠٠٨ / ٢ - الشيخ محمّد بن المشهدي، والشهيد الاول في مزارهما: عن

____________________________

الباب - ٢

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٨.

٢ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٤٣ ح ١٠٧.

(١) يأتي في الباب ٦ الحديث ٣.

الباب - ٣

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٨.

٢ - مزار المشهدي ص ١٤١، وعنهما في البحار ج ١٠٠ ص ٤٥٣.

٣٩٧

عبد الله بن يحيى الكاهلي، انه قال: صلى بنا أبو عبدالله عليه‌السلام في مسجد بني كاهل، الفجر فجهر في السورتين، وقنت قبل الركوع، وسلم واحدة.

٥٠٠٩ / ٣ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام، انه قال: « القنوت في الفجر، في الركعة الثانية بعد القراءة، وقبل الركوع ».

٥٠١٠ / ٤ - الشيخ الجليل فضل بن شاذان بن خليل (رحمه الله) في كتاب الغيبة: حدثنا محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن سعيد بن المسيب، عن عبدالرحمن بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « لما خلق الله تعالى ابراهيم الخليل، كشف عن بصره، فرأى نورا إلى جنب العرش، فقال: الهي ما هذا النور؟ قال: يا ابراهيم هذا نور محمّد صفوتي من خلقي - إلى ان ذكر انوار الأئمة عليهم‌السلام ثم قال - فقال ابراهيم: اني ارى انوارا قد احدقوا بهم لا يحصي عددهم الا انت، فقال: يا ابراهيم هذه انوار شيعتهم، شيعة علي بن ابي طالب اميرالمؤمنين عليه‌السلام، قال ابراهيم: فبما تعرف شيعة علي بن ابي طالب عليه‌السلام؟ قال: بصلاة احدى وخمسين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والقنوت قبل الركوع، وتعفير (١) الجبين، والتختم باليمين، فقال ابراهيم: اللهم اجعلني من شيعة اميرالمؤمنين

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٠٦.

٤ - الغيبة: مخطوط، وفي البحار ج ٣٦ ص ٢١٣ ح ١٥ عن الروضة والفضائل.

(١) تعفير الجبين: وضع الجبين على العفر وهو التراب (مجمع البحرين ج ٣ ص ٤٠٨).

٣٩٨

علي بن أبي طالب عليه‌السلام، قال تبارك وتعالى: قد جعلتك منهم، فلهذا انزل الله تعالى فيه في كتابه ( وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ) (٢) »، قال المفضل بن عمر: قد روينا ان ابراهيم لما احس بالموت، روى هذا الخبر لاصحابه، وسجد فقبض في سجدته.

٤ - ( باب استحباب القنوت في الركعة الاولى من الجمعة قبل الركوع، وفي الثانية بعده، وفي ظهر الجمعة في الثانية قبل الركوع )

٥٠١١ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام: « والذي جاءت به الاخبار، ان القنوت في صلاة الجمعة في الركعة الاولى فصحيح، وهو للامام الذي يصلي ركعتين بعد الخطبة التي تنوب عن الركعتين، ففي تلك الصلاة يكون القنوت في الركعة الاولى بعد القراءة وقبل الركوع ».

وقال عليه‌السلام: « وسألت العالم عليه‌السلام عن القنوت يوم الجمعة، إذا صليت وحدي اربعا، فقال: نعم في الركعة الثانية خلف القراءة ».

____________________________

(٢) الصافات ٣٧: ٨٣.

الباب - ٤

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ١١، وعنه في البحار ج ٨٥ ص ٢٠١ ح ١٣.

٣٩٩

٥ - ( باب انه يجزئ في القنوت خمس تسبيحات، أو ثلاث، أو البسملة )

٥٠١٢ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام: « وادنى القنوت ثلاث تسبيحات ».

٥٠١٣ / ٢ - الصدوق في المقنع: وقد يجزئك عن الدعاء في القنوت، ان تقول: اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعف عنا، في الدنيا والآخرة، ويجزئك ثلاث تسبيحات.

٦ - ( باب استحباب الدعاء في القنوت بالمأثور )

٥٠١٤ / ١ - البحار، عن جامع البزنطي، نقلا من خط بعض الافاضل: عن جميل، عن زرارة، عن ابي جعفر عليه‌السلام قال: « تقول في القنوت: اللهم اغفر لي وارحمني (واعف عني) (١)، انك على كل شئ قدير ».

مجموعة الشهيد: نقلا عن جامع البزنطي، مثله.

٤٠١٥ / ٢ - العلامة في التذكرة: عن الحسن بن علي عليهما‌السلام قال: « علمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، كلمات في القنوت

____________________________

الباب - ٥

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٨.

٢ - المقنع ص ٤٠.

الباب - ٦

١ - البحار ج ٨٥ ص ٢٠٣ ح ١٩.

(١) في البحار: وعافني.

٢ - التذكرة ج ١ ص ١٢٨ وعنه في البحار ج ٨٥ ص ٢٠٩ ح ٢٨.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508