مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٤

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل11%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 508

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 508 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 228283 / تحميل: 5376
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

مسألة ٩٣ : لو مات وله نخل وعليه دَيْن مستوعب تعلّق الدَّين بالنخل‌ ، فإذا أثمر بعد وفاته فالوجه أنّ الثمرة للورثة ؛ لأنّ الدَّين - على ما اخترناه نحن - لا يمنع انتقال الملك إلى الورثة ، والثمرة حدثت في ملكهم فلا يتعلّق الدَّين بها ، فإذا بدا صلاحها وجب العُشر أو نصفه ، وبه قال الشافعي(١) ، ومن منع الانتقال جعل الدَّين متعلّقاً بالثمرة والأصل معاً.

فإن مات بعد أن أطلع النخل تعلّق الدَّين بالأصل والثمرة معاً ، وانتقل الملك في الاُصول والثمرة إلى الورثة ، فإذا بدا صلاحها وجبت الزكاة على الورثة.

فإن كان لهم مال أخرجوه من مالهم ؛ لأنّ الوجوب حصل في ملكهم ، وتعلّق حق الغرماء بذلك لا يمنع من وجوب الزكاة كالمرهون وما حدث من الزيادة في ملك الورثة ؛ فإنّها زيادة غير متميزة فتبعت أصلها كزيادة الرهن.

فإن لم يكن للورثة ما يؤدّون الزكاة احتمل سقوطها ، لتعلّق الدّين بالعين هنا فمنع من تعلّق الزكاة ، ووجوبها ؛ لأنّ الزكاة تتعلّق بالعين وهي استحقاق جزء من المال فتقدّم على حقوق الغرماء.

مسألة ٩٤ : تضمّ الزروع المتباعدة والثمار المتفرقة في الحكم‌ سواء اتّفقت في الإِيناع أو اختلفت ، وسواء اتّفقت في الاطلاع أو اختلفت إذا كانت لعام واحد ، فلو كان له نخل بتهامة يسرع إدراكه لحرارتها ، وآخر بنجد يبطئ لبرودتها ، وبلغا معاً خمسة أوسق وجبت الزكاة وإن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر.

ولو كان له نخل في بعضها رطب ، وفي بعضها بسر ، وفي بعضها طلع ، فجذّ الرطب ، ثم بلغ البسر فجذّ ، ثم بلغ الطلع فجذّ ، فإنّه يضمّ بعضها إلى بعض ، لتعذّر إدراك الثمرة في وقت واحد ؛ وإن كانت في نخلة واحدة.

____________________

(١) المجموع ٥ : ٥٨٨ - ٥٨٩.

١٦١

فلو اعتبر اتّحاد وقت الإِدراك لم تجب الزكاة غالباً ، وقد أجمع المسلمون على ضمّ ما يدرك إلى ما تأخّر.

ولو كان له نخل بتهامة وأخر بنجد فأثمرت التهامية وجذّت ، ثم بلغت النجدية فإنّها تضمّ إلى التهامية.

ولو كان له نخل يطلع في السنة مرّتين ، قال الشيخ : لا يضمّ الثاني إلى الأول ، لأنّه في حكم ثمرة سنتين(١) ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقيل : تضمّ ، لأنّها ثمرة عام واحد(٣) ، وهو الأقوى.

ولو كان بعضه يحمل مرة والباقي مرّتين ضمّمنا الجميع.

وعلى قول الشيخ ، يضمّ الأول منهما إلى الحمل الواحد ، ويكون للثاني حكم نفسه.

مسألة ٩٥ : الثمرة إن كانت كلّها جنساً واحداً اُخذ منه‌ سواء كان جيّداً ، كالبُردي ، وهو أجود نخل بالحجاز ، أو رديئاً كالجُعرور ومُصران الفأرة ، وعذق ابن حُبَيْق ، ولا يطالب بغيره.

ولو تعدّدت الأنواع اُخذ من كلّ نوع بحصته لينتفي الضرر عن المالك بأخذ الجيّد ، وعن الفقراء بأخذ الردي‌ء ، وهو قول عامة أهل العلم(٤) .

وقال مالك والشافعي : إذا تعدّدت الأنواع اُخذ من الوسط(٥) .

والأولى أخذ عُشر كلّ واحد ، لأنّ الفقراء بمنزلة الشركاء.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢١٥.

(٢) المجموع ٥ : ٤٦٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٧٣ ، المغني ٢ : ٥٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٨.

(٣) القائل هو المحقّق في المعتبر : ٢٦٨.

(٤) المغني ٢ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٣ - ٥٧٤ ، والمجموع ٥ : ٤٨٨.

(٥) المغني ٢ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ٨١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٦ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٨ ، وانظر : المجموع ٥ : ٤٨٨ - ٤٨٩ ، وفتح العزيز ٥ : ٥٨١.

١٦٢

ولا يجوز إخراج الردي‌ء ، لقوله تعالى :( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ) (١) .

ونهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يؤخذ الجُعْرور وعذق ابن حُبَيْق(٢) ، لهذه الآية ، وهما ضربان من التمر ، أحدهما يصير قشراً على نوى ، والآخر إذا أثمر صار حشفاً(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « يترك معافارة(٤) واُم جُعرور لا يزكّيان »(٥) .

ولا يجوز أخذ الجيّد عن الردي‌ء ، لقولهعليه‌السلام : ( إيّاك وكرائم أموالهم )(٦) فإن تطوّع المالك جاز وله ثواب عليه.

والعَذْق بفتح العين ، وقيل : بكسرها(٧) .

تذنيب : لا يجزئ أخذ الرطب عن التمر ، ولا العنب عن الزبيب ، فإن أخذه الساعي رجع بما نقص عن الجفاف.

وهل يجوز على سبيل القيمة؟ الأقرب ذلك ، ويجوز أن يأخذ كلّاً من الرطب والعنب عن مثله.

مسألة ٩٦ : يجوز الخرص على أرباب الغلّات والثمار‌ بأن يبعث الإِمام ساعياً إذا بدا صلاح الثمرة أو اشتدّ الحَبُّ ليخرصها ويعرف قدر الزكاة ويُعرِّف المالك ذلك ، وبه قال الحسن وعطاء والزهري ومالك والشافعي وأحمد وأبو‌

____________________

(١) البقرة : ٢٦٧.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١١٠ - ١١١ / ١٦٠٧ ، وسنن الدارقطني ٢ : ١٣١ ذيل الحديث ١١.

(٣) الحَشَف من التمر : ما لم يُنْو ، فإذا يَبِس صَلُب وفسد. لسان العرب ٩ : ٤٧ « حشف ».

(٤) معافارة : ضرب ردي‌ء من التمر. مجمع البحرين ٣ : ٤٠٩ « عفر ».

(٥) الكافي ٣ : ٥١٤ / ٧ ، والتهذيب ٤ : ١٨ / ٤٧.

(٦) سنن أبي داود ٢ : ١٠٤ / ١٥٨٤ ، سنن النسائي ٥ : ٥٥ ، ومسند أحمد ١ : ٢٣٣.

(٧) العذق ، بالفتح : النخلة. وبالكسر : العرجون بما فيه من الشماريخ. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ١٩٩.

١٦٣

عُبَيْد وأبو ثور وأكثر العلماء(١) ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يبعث إلى الناس من يخرص عليهم كرومَهم وثمارَهم(٢) .

وقال الشعبي : الخرص بدعة(٣) .

وقال أصحاب الرأي : إنّه ظنٌّ وتخمين لا يلزم به حكم ، وإنّما كان الخرص تخويفاً للأَكَرَة(٤) لئلّا يخونوا ، فأمّا أن يلزم به حكم فلا(٥) .

ونمنع عدم تعلّق الحكم به فإنّه اجتهاد في معرفة قدر الثمرة وإدراكه بالخرص الذي هو نوع من المقادير فهو كتقويم المتلفات.

فروع :

أ - وقت الخرص حين بدوّ الصلاح ، لأنّهعليه‌السلام كان يبعث حين يطيب قبل أن يؤكل منه(٦) .

ولأنّ فائدته معرفة الزكاة وإطلاق أرباب الثمار في التصرف فيها ، والحاجة إنّما تدعو إلى ذلك حين بدوّ الصلاح ، وتجب الزكاة فيه.

ب - محلّ الخرص : النخل والكرم ، أمّا الغلّات فقول الشيخ يعطي جوازه ، فإنّه قال : يجوز الخرص في الغلّات(٧) ، لوجود المقتضي وهو‌

____________________

(١) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٩ ، الشرح الصغير ١ : ٢١٦ ، المجموع ٥ : ٤٧٨ ، حلية العلماء ٣ : ٧٨ ، المغني ٢ : ٥٦٤ - ٥٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٨.

(٢) اُنظر على سبيل المثال : سنن الترمذي ٣ : ٣٦ / ٦٤٤ ، وسنن ابن ماجة ١ : ٥٨٢ / ١٨١٩.

(٣) حكاه ابنا قدامة في المغني ٢ : ٥٦٥ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٦٨.

(٤) أَكَرَة : جمع أكّار : الفلّاح. الصحاح ٢ : ٥٨٠ ، القاموس المحيط ١ : ٣٦٥ « أكر ».

(٥) المغني ٢ : ٥٦٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٨ ، بداية المجتهد ١ : ٢٦٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

(٦) راجع : سنن أبي داود ٢ : ١١٠ / ١٦٠٦.

(٧) الخلاف ٢ : ٦٠ ، المسألة ٧٣.

١٦٤

الاحتياج إلى الأكل منه كالفريك(١) وغيره.

ومنع عطاء والزهري ومالك وأحمد ، لأنّ الشرع لم يرد بالخرص فيه(٢) .

ج - صفة الخرص - إن كان نوعاً واحداً - أن يدور بكلّ نخلة أو شجرة وينظر كَم في الجميع رطباً أو عنباً ، ثم يقدّر ما يجي‌ء منه تمراً ، وإن كان أنواعاً خرص كلّ نوع على حدته ، لأنّ الأنواع تختلف ، فمنها ما يكثر رطبه ويقلّ تمره ، ومنها بالعكس ، وكذا العنب يختلف ، ولأنّه يحتاج إلى معرفة كلّ نوع حتى يخرج عُشرة.

مسألة ٩٧ : إذا خرص الخارص خيّر المالك‌ بين أن يضمن الحصّة للفقراء ، ويسلّم إليه الثمرة ليتصرّف فيها بأكل وبيع وغير ذلك ، وبين إبقائه أمانة إلّا أنّه لا يجوز له التصرف في شي‌ء منه بأكل أو بيع ، وبين أن يضمن الخارص حصّة المالك ، لأنّ عبد الله بن رواحة خرص على أهل خيبر ، وقال : إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي ، فكانوا يأخذونه(٣) .

فإن اختار الحفظ ثم أتلفها أو فرّط فتلفت ضمن نصيب الفقراء بالخرص ، وإن أتلفها أجنبي ضمن قيمة ما أتلف ، والفرق : أنّ ربّ المال وجب عليه تجفيف هذا الرطب بخلاف الأجنبي ، ولهذا لو أتلف اُضحيته المعيّنة ضمن اُضحيةً مكانها ، وإن أتلفها أجنبي ضمن القيمة.

ولو تلفت بجائحة(٤) من السماء أو أتلفها ظالم سقط الخرص والضمان عن المتعهد إجماعاً ، لأنّها تلفت قبل استقرار الزكاة ، ويقبل قول المالك لو‌

____________________

(١) أفرك السنبل. أي : صار فريكاً ، وهو حين يصلح أن يفرك فيؤكل. لسان العرب ١٠ : ٤٧٣ « فرك ».

(٢) المغني ٢ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٢ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٩ ، الشرح الصغير ١ : ٢١٦.

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ١٣٣ / ٢٣ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٢٣.

(٤) الجائحة : كلّ ما أذهب الثمر أو بعضها من أمر سماوي. لسان العرب ٢ : ٤٣١ « جوح ».

١٦٥

ادّعى التلف بغير تفريط.

مسألة ٩٨ : لو لم يضمن المالك ولا الخارص بل اختار المالك إبقاءها أمانةً جاز‌ ، فإذا حفظها إلى وقت الإِخراج كان عليه زكاة الموجود خاصة سواء اختار الضمان أو حفظها على سبيل الأمانة ، وسواء كانت أكثر ممّا خرصه الخارص أو أقلّ - وبه قال الشافعي وأحمد(١) - لأنّ الزكاة أمانة فلا تصير مضمونةً بالشرط كالوديعة.

وقال مالك : يلزمه ما قال الخارص زاد أو نقص إذا كانت الزكاة متقاربة ؛ لأنّ الحكم انتقل إلى ما قال الساعي لوجوب ما قال عند تلف المال(٢) .

ويمنع الانتقال ، وإنّما يعمل بقوله إذا تصرّف في الثمرة ولم يعلم قدرها ، لأنّ الظاهر إصابته.

مسألة ٩٩ : يجزئ الخارص الواحد‌ - وبه قال مالك وأحمد(٣) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يبعث عبد الله بن رواحة فيخرص وحده(٤) ، ولأنّ الخارص يفعل ما يؤدّي اجتهاده إليه فهو كالحاكم ، وهو أحد قولي الشافعي(٥) .

وفي الثاني : لا بدّ من اثنين ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث مع عبد الله بن رواحة غيره(٦) ، ولأنّ الخارص يقدّر الواجب فهو بمنزلة المقوِّمين(٧) .

____________________

(١) فتح العزيز ٥ : ٥٨٨ ، المغني ٢ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٩.

(٢) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٦٢ ، المغني ٢ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٩.

(٣) المنتقى - للباجي - ٢ : ١٦٠ ، الشرح الصغير ١ : ٢١٧ ، المغني ٢ : ٥٦٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٩ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ١١٠ / ١٦٠٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٢ / ١٨٢٠.

(٥) المجموع ٥ : ٤٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

(٦) نقله في الاُم ٢ : ٣٤.

(٧) الاُم ٢ : ٣٤ ، المجموع ٥ : ٤٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩.

١٦٦

وإنفاذ غيره معه لا يدلّ على أنّه خارص ، ويحتمل أن يكون مُعيناً وكاتباً ، ولأنّه جائز عندنا ، والكلام في الوجوب ، ويخالف الخارصُ المقوّمين ، لأنّهم ينقلون ذلك إلى الحاكم فافتقر إلى العدد كالشهادة بخلاف الخرص فإنّه حكم يجزئ فيه الواحد.

وله قول ثالث : إن كان الخرص على صبي أو مجنون أو غائب فلا بدّ من اثنين(١) .

إذا ثبت هذا ، فيشترط في الخارص الأمانة والمعرفة إجماعاً ، لأنّ الخرص إنّما يتمّ بهما.

مسألة ١٠٠ : وعلى الخارص أن يترك في خرصه ما يحتاج المالك إليه‌ من أكل أضيافه وإطعام جيرانه وأصدقائه وسؤّاله - المستحقّين للزكاة - ويحسبه منها ، وما يتناثر من الثمرة ويتساقط وينتابه الطير ، ويأكل منها المارّة ، فلو استوفى الكلّ أضرّ بالمالك.

وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : ( خفّفوا على الناس فإنّ في المال العريّة والواطية والآكلة)(٢) .

والعرية : النخلة والنخلات تهب إنساناً ثمرتها(٣) . وقد قالعليه‌السلام : ( ليس في العرايا صدقة )(٤) .

والواطئة : السابلة. سمّوا به ، لوطئهم بلاد الثمار مجتازين(٥) .

والآكلة : أرباب الثمار وأهلهم(٦) ، وقالعليه‌السلام : ( إذا خرصتم‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٨٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٧.

(٢) سنن البيهقي ٤ : ١٢٤.

(٣) راجع : الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٨ ، والصحاح ٦ : ٢٤٢٣ « عرا ».

(٤) الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٧ / ١٤٥١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٤.

(٥) راجع : الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٧ ، والنهاية - لابن الأثير - ٥ : ٢٠٠.

(٦) راجع أيضاً : الأموال - لأبي عبيد - : ٤٨٨.

١٦٧

فخذوا ودعوا الثُلْث فإن لم تدعوا الثُلْث فدعوا الربع )(١) .

وتأوّل الشافعي ذلك بأمرين :

أحدهما : إذا خرصتم فدعوا لهم الثُلْث أو الرُبع ليفرّقوه بأنفسهم على جيرانهم ومن يسألهم ويتبعهم.

والثاني : إذا لم يرض بما خرصه الساعي منعه من التصرف فيه ، فأمرهم أن يدعوا لهم الثلث أو الربع ليتصرّفوا فيه ، ويضمنوا حقّه بقدر ما يجي‌ء من الباقي(٢) .

مسألة ١٠١ : يخرص الخارص الجميع‌ ؛ لإِطلاق النصوص المقتضية لوجوب العُشر ، وهو الجديد للشافعي ، وفي القديم : يترك للمالك نخلة أو نخلات يأكل منها هو وأهله ، ويختلف ذلك بقلّة العيال وكثرتهم(٣) .

والوجه : المنع ، لتعلّق حقّ الفقراء.

وقال أحمد : لا يحتسب على المالك ما يأكله بالمعروف(٤) .

وليس بجيّد ؛ لأنّ الفقراء شركاء ، نعم لو قلّ جدّاً لم يحتسب ، لعسر الاحتراز منه.

مسألة ١٠٢ : لو ادّعى المالك غلط الخارص بالمحتمل قبل من غير يمين‌ ، وبه قال أحمد(٥) .

وقال الشافعي : لا بدّ من اليمين(٦) ، وسيأتي.

____________________

(١) مصنّف ابن أبي شيبة ٣ : ١٩٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٥ / ٦٤٣ ، سنن أبي داود ٢ : ١١٠ / ١٦٠٥ ، سنن النسائي ٥ : ٤٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٣.

(٢) لم نجده في مظانّه من المصادر المتوفّرة لدينا.

(٣) المجموع ٥ : ٤٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٨٧.

(٤) المغني ٢ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٢.

(٥) المغني ٢ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٠.

(٦) المجموع ٥ : ٤٨٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩١.

١٦٨

وإن ادّعى غير المحتمل لم تسمع دعواه في حطّ ذلك القدر.

وهل يحطّ القدر المحتمل؟ إشكال ينشأ من ظهور كذبه ومن ادّعاء القليل ضمناً ، وللشافعية وجهان(١) .

ولو ادّعى تعمّد الإِجحاف لم يلتفت إلى قوله كما لو ادّعى الكذب على الشاهد ، والجور على الحاكم.

ولو قال : أخذت كذا وبقي كذا ولا أعلم غير ذلك ، قُبل قوله وإن كان ممّا لا يقع غلطاً في الخرص ؛ لأنّه لم يضف ذلك إلى خطأ الخارص.

مسألة ١٠٣ : لو لم يخرج الإِمام خارصاً فاحتاج ربّ المال إلى التصرّف في الثمرة‌ فأخرج خارصاً جاز أن يأخذ بقدر ذلك ، ولو خرص هو وأخذ بقدر ذلك جاز أيضاً ، ويحتاط في أن لا يأخذ أكثر ممّا [ له ](٢) أخذه ، ولو لم يخرص لم يجز أن يتناول من الثمرة شيئاً وإن قلّ - خلافاً لأحمد(٣) - إن كان بعد بدوّ الصلاح ، ويجوز قبله.

مسألة ١٠٤ : لو ادّعى المالك التلف أو تلف البعض قُبل قوله بغير يمين‌ ، لأنّه حقّ لله تعالى فلا يمين فيه كالصلاة والحدّ - خلافاً للشافعي(٤) - سواء كان بسبب ظاهر كوقوع الجراد أو نزول الأكراد ، أو خفي كالسرقة ، إلّا أن يعلم كذبه ، لأنّ الشارع جعل الأمر إليه ، لقولهعليه‌السلام للساعي : ( قل لهم : هل لله في مالكم حقّ؟ ).

وقال الشافعي : إن ادّعى سبباً ظاهراً افتقر إلى البيّنة ، لأنّه مدّعٍ(٥) .

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٨٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩١ - ٥٩٢.

(٢) زيادة يقتضيها السياق.

(٣) المغني ٢ : ٥٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٢.

(٤ و ٥ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٢ ، المجموع ٥ : ٤٨٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٧٩ - ٨٠.

١٦٩

وتجب الزكاة في الباقي إن كان التلف بعد بدوّ الصلاح أو قبله وكان الباقي نصاباً ، ولو كان بعد بدوّ الصلاح وقصر الباقي عن النصاب وجبت أيضاً لو بلغ مع التالف ، خلافاً لبعض الجمهور حيث قال : إنّ الزكاة إنّما تجب يوم الحصاد(١) .

ولو ادّعى أنّها سرقت بعد نقلها إلى البيدر ضمن إن كان بعد إمكان الأداء وإلّا فلا.

مسألة ١٠٥ : لو تلفت الثمرة قبل بدوّ الصلاح ، أو الزرع قبل اشتداد الحبّ لم تجب الزكاة‌ إجماعاً ، وكذا إن أتلفه المالك سواء قصد الفرار من الزكاة أو لا عندنا ؛ لعدم المقتضي وأصالة البراءة ، وبه قال الشافعي(٢) .

وقال أحمد ومالك : إن فعله فراراً وجبت الزكاة(٣) ، وليس بجيّد.

وكذا الخلاف لو أتلف النصاب أو بعضه قبل الحول فراراً ، أو سبك الذهب أو الفضة أو صاغهما حُليّاً وغيره.

مسألة ١٠٦ : لو احتاج إلى قطع الثمرة أجمع بعد بدوّ الصلاح لئلّا تتضرّر النخلة بمصّ الثمرة جاز القطع‌ إجماعاً ، لأنّ الزكاة تجب على طريق المواساة فلا يكلّف ما يتضرّر به ويهلك أصل ماله ، ولأنّ في حفظ الاُصول حظّاً للفقراء لتكرّر حقّهم.

ولا يضمن المالك خرصها ، بل يقاسم الساعي بالكيل أو الوزن بُسراً أو رطباً ، وله بيع الجميع ، ويأخذ الساعي حصّة الفقراء من الثمن ، ولو كفى تجفيف الثمرة جفّفها وأخرج الزكاة ممّا قطعه بعد بدوّ الصلاح.

وهل للمالك قطعها لمصلحة من غير ضرورة؟ الوجه ذلك ، لأنّ الزكاة‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٤.

(٢) المجموع ٥ : ٤٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٩.

(٣) المغني ٢ : ٥٦٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٤.

١٧٠

وجبت مواساةً فلا يجوز تفويت مصلحته(١) بسببها فيقاسم.

وفي قطعها لغير مصلحة إشكال ينشأ من تضرّر الفقراء بقطعها لغير فائدة ، ومن عدم منع المالك من التصرف في ماله كيف شاء.

ومنع الشافعي من قطعها مطلقاً بدون إذن الساعي(٢) .

ولو أراد قطع الثمرة لتحسين الباقي منها جاز.

وقال بعض الجمهور : إذا قطع البعض لمصلحة كان عليه فيه الزكاة يابساً(٣) ، وهو رواية عن أحمد(٤) ، وليس بمعتمد.

مسألة ١٠٧ : يجوز للساعي أن يقاسم الثمرة مع المالك قبل الجذاذ وبعده‌ ، وهو أحد قولي الشافعي ؛ لأنّهما شريكان فيما تصحّ قسمته فجازت.

وفي الثاني : لا تجوز على رؤوس النخل بناء على أنّ القسمة بيع(٥) ؛ وهو ممنوع.

فإذا اختار المالك أن يسلّم عُشرها مشاعاً إلى الساعي تعيّن حقّ الفقراء فيه فإنّ الفقراء وإن ملكوا جزءاً من المال فإنّ ملكهم لا يستقرّ لجواز أن يدفع إليهم من غيره فإذا تسلّم ذلك تعيّن حقّهم فيه.

ويجوز للساعي أن يبيع نصيب الفقراء من صاحب الثمرة أو غيره ، أو يبيعا(٦) جميعاً ويقتسما الثمن ، وإذا قسّمها قبل الجذاذ قسّمها بالخرص ويأخذ نصيبهم نخلات منفردة ويأخذ ثمرها.

____________________

(١) في نسخة « ط » : مصلحة.

(٢) المجموع ٥ : ٤٧٢ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩٢.

(٣) وهو قول أبي بكر من فقهاء الحنابلة. راجع : المغني ٢ : ٥٧١ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٦٧.

(٤) المغني ٢ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٧.

(٥) المجموع ٥ : ٤٧٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩٢.

(٦) أي : يبيع الساعي وصاحب الثمرة.

١٧١

ولو قطعها المالك جاز قسمتها كيلاً أو وزناً ، وللشافعي قولان : أحدهما : المنع ، لاشتماله على الربا ، بل يأخذ الساعي العُشر مشاعاً ويبيعه(١) .

وهو ممنوع ، للتعديل ، ولأنّ للمالك أن يدفع إلى الفقراء أكثر ممّا يستحقّون.

مسألة ١٠٨ : إذا خرص الخارص وضمن المالك الحصة تصرّف في الثمرة كيف شاء‌ من أكل وبيع وغير ذلك ، لأنّه فائدة التضمين.

فإذا قطعها بعد الخرص قبل التضمين للحاجة أخذ الساعي عُشرها بسراً ، وإن كان لا لحاجة فكذلك.

وقال الشافعي : يأخذ عُشرها تمراً ، لأنّ الثمرة تجب تبقيتها إلى إدراكها ، فإذا قطعها ضمن خرصها بخلاف القطع للعطش(٢) . واختاره الشيخ في المبسوط(٣) .

وأمّا طلع الفحال فلا شي‌ء فيه إجماعاً ، لأنّه لا يجي‌ء منه شي‌ء تجب فيه الزكاة فهو بمنزلة ثمرة لا زكاة فيها.

وإذا ضمن المالك الحصّة فأكلها رطباً ضمن الزكاة بحكم الخرص تمراً ، وإن كان قبل التضمين بعد الخرص أو قبله كان القول قوله فيما وصل إليه ، ولا يمين عندنا - خلافاً للشافعي(٤) - ويضمن الحصة رطباً ، لأنّه الواجب عليه والمالك يضمن الزكاة بالمثل ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر : يضمن قيمة الرطب ، لأنّ الرطب لا مثل له(٥) ، وهو ممنوع.

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٧٣ - ٤٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ٨٢.

(٢) المجموع ٥ : ٤٧٥ - ٤٧٦.

(٣) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢١٧.

(٤) الاُم ٢ : ٣٢.

(٥) المجموع ٥ : ٤٧١ - ٤٧٢ و ٤٨٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٨٩.

١٧٢

وحكم العنب حكم الرطب في ذلك كلّه.

مسألة ١٠٩ : يصحّ تصرف المالك في النصاب قبل الخرص وبعده‌ بالبيع والهبة وغيرهما إذا ضمن حصّة الفقراء ، فإذا باع كانت الصدقة عليه ، وكذا لو وهبها - وبه قال الحسن ومالك والثوري والأوزاعي(١) - لأنّها كانت واجبةً عليه ، ولأنّ الزكاة في العين.

ولو شرطها على المشتري جاز - وبه قال الليث(٢) - لأنّه شرط سائغ ، ولأنّ الزكاة تجب في العين التي انتقلت إلى المشتري فتجب على المشتري عملاً بالشرط.

ولو لم يضمن البائع الزكاة ولا شرطها على المشتري احتمل صحّة البيع في الجميع فيضمن البائع الزكاة ، لأنّه تصرف في مال الغير ، وبطلان البيع في قدر نصيب الفقراء ، لتعلّق حقّهم بالعين فهم شركاء فيتخيّر المشتري لو لم يعلم ، لتبعّض الصفقة عليه.

البحث الثاني

فيما ظنّ وجوب الزكاة فيه من الغلّات وليس كذلك‌

مسألة ١١٠ : لا زكاة في شي‌ء من الثمار والغلّات إلّا في التمر والزبيب والحنطة والشعير‌ عند علمائنا أجمع ، وهو رواية عن أحمد ، وبه قال ابن عمر وموسى بن طلحة والحسن البصري وابن سيرين والشعبي والحسن بن صالح بن حي وابن أبي ليلى وابن المبارك وأبو عبيد(٣) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٥ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٥٩.

(٢) المغني ٢ : ٥٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٦٥.

(٣) المجموع ٥ : ٤٥٦ ، المغني ٢ : ٥٤٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣ ، الأموال - لأبي عبيد - : ٤٧٢ - ٤٧٣ و ٤٧٨.

١٧٣

لقول عبد الله بن عمر : إنّما سنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في الحنطة والشعير والتمر والزبيب(١) .

وبعث(٢) أبا موسى ومعاذاً إلى اليمن يعلّمان الناس أمر دينهم ، فأمرهما أن لا يأخذا الصدقة إلّا من هذه الأربعة : الحنطة والشعير والتمر والزبيب(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وأمّا ما أنبتت الأرض من شي‌ء من الأشياء فليس فيه زكاة إلّا أربعة أشياء : البُرّ والشعير والتمر والزبيب »(٤) .

وقول الصادقعليه‌السلام : « وضع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الزكاة على تسعة أشياء : الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذهب والفضة والإِبل والبقر والغنم وعفا عمّا سوى ذلك »(٥) .

ولأنّ ما عدا هذه الغلّات لا نصّ فيها ولا إجماع ، ولا هي في معناها في غلبة « الاقتيات »(٦) بها وكثرة نفعها ووجودها ، فلا يصح قياسه عليها ، ولا إلحاقه بها فبقي الأصل ، وخالف جماعة من الجمهور في ذلك(٧) ، ونحن نذكره في مسائل :

مسألة ١١١ : لا زكاة في الحبوب‌ غير ما قلناه عند علمائنا ، وذهب‌

____________________

(١) سنن الدارقطني ٢ : ٩٤ / ١.

(٢) أي : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٣) سنن الدارقطني ٢ : ٩٨ / ١٥ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٥ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٠١.

(٤) التهذيب ٤ : ١٩ / ٥٠.

(٥) الكافي ٣ : ٥١٠ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٥ / ١١ ، الاستبصار ٢ : ٥ / ١١.

(٦) ورد في الطبعة الحجرية والنسخ الخطية المعتمدة في التحقيق : الأصناف. وهو تصحيف ، والصحيح ما أثبتناه.

(٧) راجع : المجموع ٥ : ٤٥٦ ، والمغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨ ، وبداية المجتهد ١ : ٢٥٣.

١٧٤

الشافعي ومالك إلى أنّه ليس فيما عدا النخل والكرم من الشجر زكاة ، وأمّا الحبوب فلا تجب إلّا فيما يصان ويدّخر(١) .

وقال أبو حنيفة : تجب في جميع ما يقصد بزراعته نماء الأرض فتجب في جميع ما تنبته الأرض إلّا الحطب والقصب والحشيش(٢) .

وقال أبو يوسف ومحمد : تجب في الحبوب والثمار الباقية(٣) .

وقال أحمد : تجب في جميع الثمار والحبوب التي تكال وتدّخر سواء أنبته الآدميون أو نبت لنفسه - وأوجب الزكاة من اللوز دون الجوز ، لأنّ اللوز يكال(٤) - لقولهعليه‌السلام : ( فيما سقت السماء العُشر )(٥) .

وهو معارض بقولهعليه‌السلام : ( ليس في الخضراوات صدقة )(٦) ولأنّه أعم ، ولأنّه ورد في معرض بيان قدر الواجب في هذا النوع من الأصناف التي تجب فيها الزكاة.

مسألة ١١٢ : لا زكاة في الزيتون‌ عند علمائنا أجمع - وهو الجديد‌

____________________

(١) المجموع ٥ : ٤٥٦ ، المغني ٢ : ٥٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٧٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٩٤ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ١٦٤.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٥٨ ، اللباب ١ : ١٥٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٩ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦‌

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٥٩ ، اللباب ١ : ١٥٠ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣.

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٥٦ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠٨ / ١٥٩٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٣١ / ٦٣٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٠ / ١٨١٦ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٧ / ٩ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٩ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٠١.

(٦) سنن الدارقطني ٢ : ٩٥ - ٩٦ / ٣ - ٦ و ٩٧ / ١٠ ، مصنّف عبد الرزاق ٤ : ١١٩ / ٧١٨٥.

١٧٥

للشافعي ، وقول ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وأبي عبيد وأحمد في رواية(١) - لأنّه لا يدّخر يابساً فأشبه الخضراوات ، ولأنّه ليس بمصان حالة الاختيار فلا تجب فيه الزكاة كغيره من الثمار ، ولأنّه إذا لم تجب في التين مع ما يمكن فيه من القوت فالزيتون أولى.

وقال في القديم : تجب فيه الزكاة ، وبه قال الزهري والأوزاعي ومالك والليث والثوري وأبو ثور وأحمد - في رواية - وأصحاب الرأي(٢) ، لقوله تعالى :( وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ ) (٣) في سياق( وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمّانَ ) (٤) .

ولا حجّة فيه ، لأنّها لم يرد بها الزكاة ، لنزولها(٥) بمكة ، والزكاة فرضت بالمدينة ، ولهذا ذكر الرمان ولا زكاة فيه.

والموجبون شرطوا بلوغ خمسة أوسق(٦) .

والذي يطلب زيته كالشامي والمدقوقي يخرج عُشره زيتوناً أو زيتاً ، وما لا يطلب زيته ، بل يؤكل أدماً كالبغدادي يخرج عُشرة إذا بدا صلاحه ، لأنّها حالة الادّخار.

مسألة ١١٣ : لا زكاة في الورس‌ عند علمائنا أجمع - وهو قول الشافعي في الجديد وأحمد - لأنّه ليس بمقتات.

وفي القديم : تجب فيه - وهو رواية عن أحمد - ولا يوسق بل يجب من‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦١ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٥ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦١ - ٥٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٩٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٤ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥٢.

(٣ و ٤ ) الأنعام : ١٤١.

(٥) يقصد بالضمير في ( لأنها ) و ( بها ) و ( لنزولها ) الآية.

(٦) المغني ٢ : ٥٥٢ و ٥٥٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٣ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣.

١٧٦

قليله وكثيرة ؛ لأنّ أبا بكر بعث إلى بني خُفّاش أن أدّوا زكاة الذرة والورس(١) ؛ وجاز أن يكون عن اجتهاد.

وكذا لا زكاة في غيره من الورق مثل السدر والخطمي والأشنان والسعتر والآس ، لأنّه ليس بمنصوص ولا في معناه.

مسألة ١١٤ : لا زكاة في الأزهار كالزعفران والعُصْفُر والقُطْن‌ عند علمائنا أجمع - وهو قول أحمد في رواية(٢) - للأصل ، ولأنّه ليس بحَبّ ولا تمر فأشبه الخضراوات.

ولقول عليعليه‌السلام : « ليس في الفاكهة والبقل والتوابل(٣) والزعفران زكاة »(٤) .

وللشافعي قولان في الزعفران : الوجوب وعدمه(٥) .

وأما القِرْطِمْ - وهو حَبّ العُصْفُر - فلا زكاة فيه عندنا - وهو الجديد للشافعي(٦) - لأنّه ليس بمقتات ، ولأنّ السِّمْسِم لا تجب فيه الزكاة ودهنه أنفع فهذا أولى.

وفي القديم : تجب وتعتبر الأوساق الخمسة بخلاف الزعفران ، لحديث أبي بكر(٧) . ولا حجّة فيه ، وحكي عن أحمد أنّ في القطن زكاةً(٨) .

____________________

(١) المهذب - للشيرازي - ١ : ١٦٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ ، المغني ٢ : ٥٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٠ - ٥٥١ ، وانظر : سنن البيهقي ٤ : ١٢٦.

(٢) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥١.

(٣) التوابل : جمع ، واحدها : تابل. وتبل القدر : جعل فيه التابل. والتابل : أبزار الطعام.

القاموس المحيط ٣ : ٣٤٠ « تبل ».

(٤) أورده ابن قدامة في الشرح الكبير ٢ : ٥٥١.

(٥) المجموع ٥ : ٤٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٢ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣.

(٦ و ٧ ) المجموع ٥ : ٤٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٧٤.

(٨) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٥١.

١٧٧

مسألة ١١٥ : العسل لا زكاة فيه‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال مالك والشافعي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح بن حي وابن المنذر(١) - للأصل ، والأحاديث الدالّة على نفي الزكاة عن غير التسعة ، ولأنّه مائع خارج من حيوان فأشبه اللبن.

وقال عمر بن عبد العزيز ومكحول والزهري وسليمان بن موسى والأوزاعي وأحمد وإسحاق : تجب فيه بكلّ حال(٢) ، لأنّ عمرو بن شعيب روى عن أبيه عن جدّه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يأخذ في زمانه من قرب العسل من كلّ عشر قرب قربة من أوسطها(٣) .

وقال أبو سيّارة : يا رسول الله إنّ لي نحلاً ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أدِّ العُشر ) قال : فاحم إذن جبلها. فحماه له(٤) .

ولا حجّة فيه ، لجواز أن لا يكون زكاة بل كان يأخذ خُمساً ونصفه لنفسهعليه‌السلام .

وقال أبو حنيفة : إن كان في غير أرض الخراج وجب فيه العُشر ؛ لأنّ العُشر والخراج لا يجتمعان(٥) .

ولا حجّة فيه علينا بل على أحمد.

____________________

(١) المنتقي - للباجي - ٢ : ١٧٢ ، المهذب - للشيرازي - ١ : ١٦٠ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٧٣ - ٧٤ ، المغني ٢ : ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩.

(٢) المغني ٢ : ٥٧٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٣ ، حلية العلماء ٣ : ٧٤.

(٣) الأموال - لأبي عبيد - : ٤٩٦ - ١٤٨٩.

(٤) الأموال - لأبي عبيد - : ٤٩٦ / ١٤٨٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٤ / ١٨٢٣ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢٦ ، وانظر : المغني ٢ : ٥٧٣ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٥) بدائع الصنائع ٢ : ٦٢ ، اللباب ١ : ١٥٢ ، المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٧٩ و ٥٨٠ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦ ، حلية العلماء ٣ : ٧٤.

١٧٨

واختلف الموجبون ، فقال أبو يوسف ومحمد : نصابه خمسة أوساق(١) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة )(٢) .

وقال أبو حنيفة : تجب في قليله وكثيره ؛ بناءً على أصله في الحبوب والثمار(٣) .

وقال أحمد : نصابه عشرة أفراق ، والفَرْق ستّة عشر رطلاً بالعراقي ، وهو قول الزهري ، لقول عمر : إن أدّيتم صدقتها من كلّ عشرة أفراق فرقاً حميناها لكم(٤) ، ولا حجّة فيه.

مسألة ١١٦ : قال الشيخ : العَلَس نوع من الحنطة ، لأنّه حنطة حبّتان منه في كمام فتجب فيه الزكاة‌ حينئذٍ ، ويضمّ إلى نصاب الحنطة لو قصر إلّا به(٥) .

وأمّا السُّلْت ، فقال : إنّه شعير ، لمشابهته إيّاه في الصورة فيضمّ إليه حينئذٍ(٦) .

وقال بعض الشافعية : بل يضمّ إلى الحنطة ، لأنّه على طبعها(٧) .

وقال آخرون : إنّه أصل بنفسه(٨) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٦٧٣ / ٩٧٩ ، صحيح البخاري ٢ : ١٤٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن النسائي ٥ : ١٧.

(٣) بدائع الصنائع ٢ : ٦٢ ، اللباب ١ : ١٥٢ ، الميزان - للشعراني - ٢ : ٦ ، المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٤) المغني ٢ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٨٠.

(٥) المبسوط - للطوسي - ١ : ٢١٧.

(٦) الخلاف ٢ : ٦٥ ، المسألة ٧٧.

(٧) المجموع ٥ : ٥١٠.

(٨) المجموع ٥ : ٥٠٩.

١٧٩

وللشافعي قولان : الضمّ إلى الشعير ، وعدم ضمّه مطلقاً(١) ، وهو الأقرب عندي.

وجعل الشافعي نصاب العَلَس عشرة أوسق لأجل قشره(٢) .

مسألة ١١٧ : لا شي‌ء في الاُرز عندنا ، ولا في غيره من الحبوب سوى الحنطة والشعير‌ ، سواء كان من القُطنيّات التي تقطن في البيت وهي اللوبيا والعَدس والماش والحِمَّص والباقِلاء والهُرْطُمان ، أو من الأبازير(٣) كالكُسْفُرة والكَمُّون ، أو البُزُور كبَزْر الكتّان والقِثّاء والخيار ، أو حبّ البقول كالرشاد ، وحَبّ الفُجْل والقِرْطِمْ والسِّمْسِم وسائر الحبوب - خلافاً لأحمد(٤) - للأصل.

وقال الشافعي : لا تجب الزكاة في الزرع إلّا أن يكون ممّا ييبس ويدّخر ويقتات وينبته الآدميون وهي القطنيّة إذا بلغ كلٌّ منها نصاباً ، ولا يضمّ بعضها إلى بعض(٥) .

واختلفت الرواية عن أحمد في الضمّ(٦) .

وجعل الشافعي نصاب الاُرز عشرة أوسق لأجل قشره(٧) .

وقال أبو حنيفة : تجب الزكاة في كلّ ما يقصد بزراعته نماء الأرض إلّا الحَطَب والقَصَب والحشيش(٨) .

____________________

(١) المجموع ٥ : ٥٠٩ - ٥١٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٧٠.

(٢) المجموع ٥ : ٥٠٣ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦٩.

(٣) الأبازير جمع الجمع لـ ( أبزار ) واحدها : بزر. بمعنى : التابل. وهو ما يتطيّب به الطعام.

لسان العرب ٤ : ٥٦ « بزر ».

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٨.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٣ ، المجموع ٥ : ٤٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ٨٣.

(٦) المغني ٢ : ٥٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥٩.

(٧) المجموع ٥ : ٥٠٤ ، مغني المحتاج ١ : ٣٨٣.

(٨) بدائع الصنائع ٢ : ٥٨ ، اللباب ١ : ١٥٠ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٥٤٩ ، المجموع ٥ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٣ : ٨٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٣.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

واهل المغفرة.

اللهم اجعل ختمتنا هذه ابرك الختمات، وساعتنا هذه اشرف الساعات، اغفر لنا بها ما مضى من ذنوبنا وما هو آت، حيّنا بها باطيب التحيات، ارفع لنا اعمالنا في الباقيات الصالحات.

اللهم اجعل ختمتنا هذه ختمة مباركة تحط عنا بها اوزارنا، وتدر بها ارزاقنا، وتديم بها سلامتنا وعافيتنا، وتجمع بها شملنا، وتغني بها فقرنا، وتكتب بها سلامتنا، وتغفر بها ذنوبنا، وتستر بها عيوبنا، برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم لا تدع لنا بالقرآن ذنبا الا غفرته، ولا هما الا فرجته، ولا دينا الا قضيته، ولا عيبا الا سترته، ولا مريضا الا شفيته، ولا ميتا الا رحمته، ولا فاسدا الا اصلحته، ولا ضالا الا هديته، ولا عدوا الا اهلكته، ولا سعرا الا ارخصته، ولا شرابا الا اعذبته، ولا كبيرا الا وفقته، ولا صغيراً الا كبرته (١)، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة (٢)، الا اعنتنا على قضائها، برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم انصر جيوش الإسلام وفرسانه، وحماة الدين وشجعانه، وانصار الدين واعوانه، ليزيدوا دينك عزاً ويثبتوا اركانه، ويدكدكوا الكفر وينكسوا صلبانه، ويقلعوا سرير ملكه وسلطانه، واجعل اللهم لاسراء المسلمين منك فرجا، وسبب لهم إلى دار الإسلام مخرجا، برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم اعداؤنا ان سلكوا برا فاخسف بهم، وان سلكوا بحرا

____________________________

(١) في البحار: اكبرته.

(٢) ليس في البحار.

٣٨١

فغرقهم، وارمهم بحجرك الدامغ، وسيفك القاطع برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم من ارادنا بسوء فارده، ومن كادنا فكده، ومن بغى علينا فاهلكه، يا كثير الخير يا دائم المعروف، يا من لم يزل كريما ولا يزال رحيما، اللهم انت العالم بحوائجنا فاقضها، وانت العالم بسرائرنا فاصلحها، وانت العالم بذنوبنا فاغفرها، برحمتك يا ارحم الراحمين.

اللهم اغفر لنا ولآبائنا ولامهاتنا واخواننا واخواتنا ولاستادينا ولمعلمينا الخير، ولجميع المسلمين، برحمتك يا ارحم الراحمين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا برحمتك عذاب القبر، وعذاب النار، برحمتك يا ارحم الراحمين، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين ».

٤٩٨٤ / ١٣ - ثقة الإسلام في الكافي: عدة من اصحابنا، عن احمد بن محمّد بن خالد، عمن ذكره، عن عبدالله بن سنان، عن ابان بن تغلب، عن ابي عبدالله عليه‌السلام قال تقول:

« اللهم اني اسألك ولم يسأل العباد مثلك، أسألك بحق محمّد نبيك ورسولك، وابراهيم خليلك وصفيك، وموسى كليمك ونجيك، وعيسى كلمتك وروحك، وأسألك بصحف ابراهيم، وتوراة موسى، وزبور داود، وانجيل عيسى، وقرآن محمّد، وبكل وحي اوحيته، وقضاء امضيته، وحق قضيته، وغني اغنيته، وضال هديته، وسائل اعطيته، واسألك [ باسمك الذي وضعته على الليل فاظلم و ] (١)

____________________________

١٣ - الكافي ج ٢ ص ٤١٩ ح ١.

(١) مابين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

٣٨٢

باسمك الذي وضعته على النهار فاستنار، وباسمك الذي وضعته على الأرض فاستقرت، ودعمت به السماوات فاستقلت، ووضعته على الجبال فرست، وباسمك الذي بثثت (٢) به الأرزاق، واسألك باسمك الذي تحيي به الموتى وأسألك بمعاقد العز من عرشك، ومنتهى الرحمة من كتابك أسألك ان تصلي على محمّد وآل محمّد، وان ترزقني (٣) حفظ القرآن واصناف العلم، وان تثبتها في قلبي وسمعي وبصري، وان تخالط بها لحمي ودمي وعظامي ومخي، وتستعمل بها ليلي ونهاري، برحمتك وقدرتك، فانه لا حول ولا قوة الا بك، يا حي يا قيوم ».

قال: وفي حديث [ آخر ] (٤) زيادة: « وأسألك باسمك الذي دعاك به عبادك الذين استجبت لهم، وانبياؤك فغفرت لهم ورحمتهم، وأسألك بكل اسم انزلته (٥) في كتبك، وباسمك الذي استقر به عرشك، وباسمك الواحد الاحد الفرد الوتر المتعال، الذي يملأ الاركان كلها، الطاهر الطهر (٦) المبارك المقدس الحي القيوم، نور السماوات والأرض، الرحمن الرحيم الكبير المتعال، وكتابك المنزل بالحق، وكلماتك (٧) التامات، ونورك التام، وبعظمتك وأركانك ».

وقال في حديث آخر قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « من اراد ان يوعيه الله عزّوجلّ القرآن والعلم، فليكتب هذا الدعاء

____________________________

(٢) في نسخة: تبث، منه قدّه.

(٣) في نسخة: وارزقني، منه قدّه.

(٤) أثبتناه من المصدر.

(٥) في نسخة: نزل، منه قدّه.

(٦) في نسخة: المطهر، منه قدّه.

(٧) في نسخة: بكلماتك، منه قدّه.

٣٨٣

في اناء نظيف بعسل مأذي (٨)، ثم يغسله بماء المطر قبل ان يمس الأرض، ويشربه ثلاثة ايام على الريق، فانه يحفظ ذلك ان شاء الله تعالى ».

٤٩٨٥ / ١٤ - وعنه: عن ابيه، عن حماد بن عيسى، رفعه إلى اميرالمؤمنين عليه‌السلام، قال: « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: اعلمك دعاء لا تنسى القرآن، قل:

اللهم احفظني (١) بترك معاصيك ابدا ما ابقيتني، وارحمني من تكلف ما لا يعنيني، وارزقني حسن المنظر (٢) فيما يرضيك عني، والزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وارزقني ان اتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم نور بكتابك بصري، واشرح به صدري، وفرج (٣) به قلبي، واطلق به لساني، واستعمل به بدني، وقوني على ذلك واعني عليه، انه لا معين الا انت لا اله الا انت ».

قال: ورواه بعض اصحابنا، عن وليد بن صبيح، عن حفص الاعور، عن ابي عبدالله عليه‌السلام.

٤٩٨٦ / ١٥ - السيد علي بن طاووس في جمال الاسبوع، في سياق اعمال ليلة الجمعة: صلاة اخرى لهذه الليلة، وهي صلاة حفظ القرآن،

____________________________

(٨) المأذي: العسل الأبيض (لسان العرب - مذي - ج ١٥ ص ٢٧٥).

١ - الكافي ج ٢ ص ٤٢٠ ح ٢.

(١) في نسخة: اللهم ارحمني، منه قده.

(٢) في نسخة: النظر، منه قده.

(٣) في المصدر: وفرح.

١٤ - جمال الاسبوع ص ١١٩.

٣٨٤

رواها ابن عباس (رض)، عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام، قال: « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: الا اعلمك كلمات ينفعك الله عزّوجلّ بهن، وينتفع (١) بهن من علمتهن، ويثبت ما علمته (٢) في صدرك؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: إذا كان ليلة الجمعة فقم في الثلث الثالث من الليل، فان لم تستطع فقبل ذلك، فصل اربع ركعات، تقرأ في الركعة الاولى منهن فاتحة الكتاب وسورة يس، وفي الثانية فاتحة الكتاب وتنزيل السجدة.

وفي الثالثة فاتحة الكتاب وحم الدخان، وفي الرابعة فاتحة الكتاب وتبارك الذي بيده الملك، فإذا فرغت من التشهد وسلمت، فاحمد الله عزّوجلّ واثن عليه، وصل عليّ باحسن الصلاة، ثم استغفر للمؤمنين، ثم قل:

اللهم ارحمني بترك المعاصي ابدا ما ابقيتني، وارحمني ان اتكلف طلب ما لا يعنيني، وارزقني حسن الظن فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والاكرام والعزة التي لا ترام، اسألك يا الله يا رحمن، بجلالك ونور وجهك، ان تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتنيه، وارزقني ان اتلوه على النحو الذي يرضيك عني.

اللهم بديع السماوات والأرض، ذا الجلال والاكرام، والعز الذي لا يرام، اسألك يا الله يا رحمن، بجلالك ونور وجهك، ان تنور بكتابك بصري، وان تشرح به صدري، وان تطلق به لساني، وان تفرج به عن قلبي، وان تستعمل به بدني، فانه لا يعينني على الخير

____________________________

(١) في المصدر: وتنفع.

(٢) وفيه: تعلّمته.

٣٨٥

غيرك، ولا يؤتيه الا انت، ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم ».

٤٩٨٧ / ١٦ - الحسين بن فضل الطبرسي في مكارم الاخلاق: صلاة لحفظ القرآن: صل ليلة الجمعة أو يومها، اربع ركعات: الاولى بفاتحة الكتاب ويس، والثانية حم الدخان، والثالثة حم السجدة، والرابعة تبارك الملك، فإذا سلمت فاحمد الله واثن عليه، وصل على النبي وآله « صلى الله عليهم »، واستغفر للمؤمنين مائة مرة ثم قل:

اللهم ارحمني (١) بترك معاصيك ابدا ما ابقيتني، وارحمني من ان اتكلف (٢) ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض [ يا ] (٣) ذا الجلال والاكرام، والعزة التي لا ترام، يا الله يا رحمن، اسألك بجلالك وبنور وجهك ان تلزم قلبي حفظ كتابك القرآن (٤) المنزل على رسولك وترزقني ان اتلوه على النحو الذي يرضيك عني، اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والاكرام، والعز الذى لا يرام، يا الله يا رحمن، اسألك بجلالك وبنور وجهك، ان تنور بكتابك بصري وتطلق به لساني، وتفرج به قلبي، وتشرح به صدري، وتستعمل به بدني، وتقويني على ذلك، وتعينني عليه، فانه لا يعين على الخير غيرك، ولا يوفق له الا انت، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

٤٩٨٨ / ١٧ - جامع الاخبار: عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: انه إذا

____________________________

١٦ - مكارم الاخلاق ص ٣٤١.

(١) في المصدر: ازجرني.

(٢) في المصدر زيادة: طلب.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) ليس في المصدر.

١٧ - جامع الاخبار ص ٤٩.

٣٨٦

قال المعلم للصبي: قل: بسم الله الرحمن الرحيم، فقال الصبى: بسم الله الرحمن الرحيم، كتب الله براءة للصبي، وبراءة لابويه، وبراءة للمعلم.

٤٩٨٩ / ١٨ - وعن ابن مسعود، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « من اراد ان ينجيه الله من الزبانية [ التسعة عشر ] (١) فليقرأ بسم الله الرحمن الرحيم [ فانها ] (٢) تسعة عشر حرفاً، ليجعل الله كل حرف منها جنة من واحد منهم ».

٤٩٩٠ / ١٩ - وعن عبدالله بن مسعود، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، قال: « من قرأ بسم الله الرحمن الرحيم، كتب الله له بكل حرف اربعة آلاف حسنة، ومحا عنه اربعة آلاف سيئة، ورفع له اربعة آلاف درجة ».

٤٩٩١ / ٢٠ - وعن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « من قال بسم الله الرحمن الرحيم، بنى الله له في الجنة سبعين الف قصر من ياقوتة حمراء، في كل قصر سبعون الف بيت من لؤلؤة بيضاء، في كل بيت سبعون الف سرير من زبرجدة خضراء، فوق كل سرير سبعون ألف فراش من سندس واستبرق وعليه زوجة من حور العين ولها سبعون ألف ذؤابة مكللّة بالدرر واليواقيت، مكتوب على خدها الايمن (محمّد رسول الله) وعلى خدها الايسر (علي ولي الله) وعلى جبينها (الحسن) وعلى ذقنها (الحسين) وعلى شفتيها (بسم الله الرحمن الرحيم) قلت: يا

____________________________

١٨ - جامع الاخبار ص ٤٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) اثبتناه من المصدر.

١٩ - جامع الاخبار ص ٤٩.

٢٠ - جامع الاخبار ص ٤٩.

٣٨٧

رسول الله لمن (١) هذه الكرامة؟ قال: لمن يقول بالحرمة والتعظيم: بسم الله الرحمن الرحيم ».

٤٩٩٢ / ٢١ - وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « إذا مر المؤمن على الصراط فيقول: بسم الله الرحمن الرحيم، طفيت لهب النيران وتقول: جز يا مؤمن، فان نورك قد اطفأ لهبي ».

٤٩٩٣ / ٢٢ - البحار، عن الدر المنثور للسيوطي: عن علي عليه‌السلام: « قال كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يحب هذه السورة ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) ».

٤٩٩٤ / ٢٣ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن ابيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن ابى طالب عليهم‌السلام، قال: « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: العبد المملوك إذا احسن القرآن، فعلى سيده ان يرفق به ويحسن صحبته ».

٤٩٩٥ / ٢٤ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن ابن مسعود، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « ان من قرأ بسم الله كتب الله له بكل حرف اربعة آلاف حسنة ومحا عنه اربعة آلاف سيئة، ورفع له اربعة آلاف درجة ».

____________________________

(١) في المصدر زيادة: هي.

٢١ - جامع الاخبار ص ٤٩.

٢٢ - البحار ج ٩٢ ص ٣٢٢ ح ٢ عن الدر المنثور ج ٦ ص ٣٣٧.

٢٣ - الجعفريات ص ١٧٣.

٢٤ - لب اللباب: مخطوط، والبحار ج ٩٢ ص ٢٥٨ عن جامع الاخبار ص ٤٩.

٣٨٨

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « لو قرأت بسم الله، تحفظك الملائكة إلى الجنة، وهو شفاء من كل داء.

واوحى الله إلى عيسى عليه‌السلام: « ان اكثر من قول بسم الله، وافتح امورك به، ومن وافاني وفي صحيفته قبضة بسم الله، اعتقه من النار، قال وما قبضة بسم الله؟ قال: مائة مرة.

وان لقمان رأى رقعة فيها بسم الله، فرفعها واكلها، فأكرمه بالحكمة ».

٤٩٩٦ / ٢٥ - وفي الخبر: ان المذنبين من المؤمنين، إذا ادخلوا النار، يقولون: بسم الله، فتفر النار عنهم مسيرة اربعين سنة، لفضل بسم الله.

٤٩٩٧ / ٢٦ - السيد الجليل بهاء الدين علي بن عبدالكريم بن عبدالحميد الحسيني النجفي في كتاب الانوار المضيئة: حديث القلاقل: روى الجد السعيد عبدالحميد، يرفعه إلى الرئيس ابي الحسن الكاتب البصري، وكان من الاسداء الادباء، قال: سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة، اسنت (١) البر سنين عديدة، وبعثت السماء درها، وخص الحباء (٢)

____________________________

٢٥ - لب اللباب: مخطوط.

٢٦ - الأنوار المضيئة: مخطوط، وحكاه عنه في البحار ج ٥١ ص ٢٥٨، وأخرجه في منتخب الانوار المضيئة ص ٩٨.

(١) اسنت القوم: إذا قحطوا ... والسنة ... الجدب. (مجمع البحرين ج ٦ ص ٣٤٨).

(٢) اللحباء: العطاء ... والحبي: السحاب الذي يشرف من الافق على الأرض، وقيل: حبي من حبا (لسان العرب ج ١٤ ص ١٦١ و ١٦٢) ولعله من الحيا، والحيا: الخصب. والمطر، وفي حديث الاستسقاء. =

٣٨٩

اكناف (٣) البصرة وتسامع العرب بذلك، فوردوها من الاقطار البعيدة والبلاد الشاسعة، على اختلاف لغاتهم وتباين قطرهم، فخرجت مع جماعة من الكتاب ووجوه التجار، نتصفح احوالهم ولغاتهم، ونلتمس فائدة ربما وجدناها عند احدهم، فارتفع لنا بيت عال فقصدناه، فوجدنا في كسره شيخا جالسا قد سقط حاجباه على عينيه كبرا، وحوله جماعة من عبيده واصحابه، فسلمنا عليه فرد التحية واحسن التلقية، فقال له رجل منا: هذا السيد - واشار الي - هو الناظر في معاملة الدرب، وهو من الفصحاء واولاد العرب، وكذلك الجماعة ما منهم الا من ينتسب إلى قبيلة، ويختص بسداد وفصاحة، وقد خرج وخرجنا معه حين ورد نلتمس الفائدة المستطرفة من احدكم، وحين شاهدناك رجونا ما نبغيه عندك لعلو سنك، فقال الشيخ: والله يا بني اخي - حياكم الله - ان الدنيا شغلتنا عما تبتغونه مني، فان اردتم الفائدة فاطلبوها عند ابي وها بيته، واشار إلى خباء كبير بازائه، فقلنا: النظر إلى مثل والد هذا الشيخ الهم (٤) فائدة تتعجل، فقصدنا ذلك البيت فوجدنا في كسره شيخا منضجعا، وحوله من الخدم والإماء أوفى مما شاهدناه اولا، ورأينا عليه من آثار السن ما يجوز له ان يكون والد ذلك الشيخ، فدنونا منه وسلمنا عليه فاحسن الرد واكرم الجواب، فقلنا له مثل ما قلنا لابنه، وما كان من جوابه وانه دلنا عليك فعرجنا بالقصد اليك، فقال: يا بني اخي - حياكم الله - ان الذي شغل ابني عما التمستموه هو الذي شغلني عما هذه سبيله، ولكن الفائدة تجدونها عند

____________________________

= (وحيا ربيعاً.. المطر لاحيائه الأرض، وقيل: الخصب وما تحيا به الأرض والناس .. (لسان العرب - ج ١٤ ص ٢١٥).

(٣) الاكناف: الجوانب والنواحي (مجمع البحرين ج ٥ ص ١١٦).

(٤) الهم: الشيخ الكبير، والمرأة همة.. (مجمع البحرين ج ٦ ص ١٨٩).

٣٩٠

والدي، وها هو بيته واشار إلى بيت منيف (٥) بنجوة (٦) منه، فقلنا فيما بيننا حسبنا من الفوائد مشاهدة والد هذا الشيخ الفاني، فان كانت منه فائدة (بعد ذلك) (٧) فهي ربح لم نحتسب، وقصدنا ذلك الخبا فوجدنا حوله عددا كبيرا من الاماء والعبيد، فحين رأونا تسرعوا الينا وبدؤوا بالسلام علينا وقالوا: ما تبغون حياكم الله؟ فقلنا: نبغي السلام على سيدكم وطلب الفائدة من عنده ببركتكم، فقالوا: الفوائد كلها عند سيدنا، ودخل منهم من يستأذن ثم خرج الاذن لنا فدخلنا، فإذا سرير في صدر البيت وعليه مخاد من جانبيه، ووسادة في اوله، وعلى الوسادة رأس شيخ قد بلى وطار شعره، والازار على المخاد التي من جانبي السرير لتستره، ولا يثقل منها عليه، فجهرنا بالسلام فاحسن الرد، وقال قائلنا مثل ما قال لولد ولده، واعلمناه انه ارشدنا إلى ابنه فحجنا بما احتج به، وان اباه ارشدنا اليك وبشرنا بالفائدة منك، ففتح الشيخ عينين قد غارتا في ام رأسه، وقال للخدم: أجلسوني، فلم تزل ايديهم تتهاداه بلطف إلى ان جلس، وستر بالازر التي طرحت على المخاد، ثم قال لنا: يا بني اخي لاحدثنكم بخبر تحفظونه عني، وتفيدون منه ما يكون فيه ثواب لي، كان والدي لا يعيش له ولد ويحب ان تكون له عاقبة، فولدت له على كبر، ففرح بي وابتهج بموردي، ثم قضى ولي سبع سنين فكفلني عمي بعده وكان مثله في الحذر علي، فدخل بي يوما على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ فقال له: يا رسول الله هذا ابن اخي وقد مضى

____________________________

(٥) منيف: اي عال مشرف.. (مجمع البحرين ج ٥ ص ١٢٦).

(٦) النجوة: ما ارتفع من الأرض فلم يعله السيل.. (لسان العرب ج ٥ ص ٣٠٥).

(٧) ليس في البحار.

٣٩١

ابوه لسبيله، وانني كفيل بتربيته وانني انفس به على الموت، فعلمني عوذة اعوذه بها ليسلم ببركتها، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « اين أنت عن ذات القلاقل؟ » فقال: يا رسول الله، وما ذات القلاقل؟ قال: « ان تعوذه فتقرأ عليه سورة الجحد ( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ ) إلى آخرها، وسورة الاخلاص ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ، اللَّـهُ الصَّمَدُ ) إلى آخرها، وسورة الفلق ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ، مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ) إلى آخرها، وسورة الناس ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ ) إلى آخرها » وانا إلى اليوم اتعوذ بها كل غداة، فما اصبت بولد ولا اصيب لي مال، ولا مرضت ولا افتقرت، وقد انتهى بي السن إلى ما ترون، فحافظوا عليها واستكثروا من التعوذ بها، فسمعنا ذلك منه وانصرفنا من عنده.

٤٩٩٨ / ٢٧ - ابراهيم بن محمّد الثقفي في كتاب الغارات: عن ابي صالح الحنفي، قال: رأيت عليا عليه‌السلام يخطب وقد وضع المصحف على رأسه، حتى رأيت الورق يتقعقع (١) على رأسه، قال: فقال: « اللهم قد منعوني ما فيه فاعطني ما فيه، اللهم قد ابغضتهم وابغضوني، ومللتهم وملوني، وحملوني على غير خلقي وطبيعتي، واخلاق لم تكن تعرف لي.

اللهم فأبدلني بهم خيرا منهم، وابدلهم بي شرا مني، اللهم امث قلوبهم (ميث الملح في الماء) (٢) ».

قلت: وروى صاحب كتاب تبر المذاب من علماء الشافعية، نظير

____________________________

٢٧ - الغارات ج ٢ ص ٤٥٨.

(١) القعقعة والعقعقة: حركة القرطاس.. والثوب الجديد. (لسان العرب - قعع - ج ٨ ص ٢٨٦).

(٢) في المصدر: كما يماث الملح في الماء.

٣٩٢

هذا الفعل من ابي عبدالله عليه‌السلام، في يوم عاشورا.

٤٩٩٩ / ٢٨ - دعائم الإسلام: عن علي عليه‌السلام قال: « شكوت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، تفلت القرآن (١) عني فقال: يا علي سأُعلمك كلمات يثبتن القرآن في قلبك، قل: اللهم ارحمني بترك معاصيك ابدا ما ابقيتني، وارحمني بترك ما لا يعنيني، وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني، والزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني، وان اتلوه على النحو الذي يرضيك عني (٢).

اللهم نور بكتابك بصري (٣) واشرح به صدري، واستعمل به بدني، واعني عليه انه لا يعين عليه الا انت، فدعوت بهن فاثبت الله عزّوجلّ القرآن في صدري ».

____________________________

٢٨ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٣٧ ح ٤٨٤.

( ١ و ٢ ) في المصدر: مني.

(٣) في المصدر زيادة: واطلق به لساني.

٣٩٣
٣٩٤

أبواب القنوت

١ - ( باب استحبابه في كل صلاة جهرية أو اخفاتية، فريضة أو نافلة، وكراهة تركه )

٥٠٠٠ / ١ - الحسين بن حمدان الحضيني في هدايته: عن عيسى بن مهدي الجوهري وعسكر مولى ابي جعفر عليه‌السلام، والريان مولى الرضا عليه‌السلام، وجماعة اُخرى يقرب من نيف وسبعين رجلا، عن العسكري عليه‌السلام في حديث طويل انه قال: « ان الله عزّوجلّ اوحى إلى جدي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: اني خصصتك وعليا وحججي منه إلى يوم القيامة وشيعتكم، بعشر خصال - إلى ان قال - والقنوت في ثاني كل ركعتين - إلى ان قال - فخالفنا من اخذ حقنا وحزبه الضالون، فجعلوا صلاة التراويح في شهر رمضان، عوضا من صلاة الاحدى وخمسين - إلى ان قال - وآمين بعد ولا الضالين، عوضا عن القنوت ».

٥٠٠١ / ٢ - الصدوق في الهداية: قال الصادق عليه‌السلام: « ومن ترك القنوت متعمدا، فلا صلاة له ».

وفي المقنع (١): واياك ان تدع القنوت، فان من ترك قنوته

____________________________

أبواب القنوت

الباب - ١

١ - الهداية للحضيني ص ٦٩.

٢ - الهداية للصدوق ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٨٣ ص ١٦٣ ح ٤.

(١) المقنع ص ٣٥.

٣٩٥

متعمدا، فلا صلاة له.

٥٠٠٢ / ٣ - فقه الرضا عليه‌السلام: في ذكر فروض الصلاة: « وسبعة صغار، وهي القراءة - إلى ان قال - والقنوت، والتشهد، وبعض هذه افضل من بعض ».

٥٠٠٣ / ٤ - عوالي اللآلي: روى البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، لا يصلي مكتوبة الا قنت فيها.

٥٠٠٤ / ٥ - وروى الحسين (١) بن علي بن ابى طالب عليهما‌السلام، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، استحباب القنوت في كل صلاة.

وقال: « رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، يقنت في صلاته كلها، وانا يومئذ ابن ست سنين ».

وتقدم (٢) عن العلل لمحمّد بن علي بن ابراهيم: باسناده عن حماد، عن حريز، عن زرارة، عن ابي جعفر عليه‌السلام في حديث انه قال: « وفي الصلاة فرض وتطوع، فاما الفرض فمنه الركوع، واما التطوع فما زاد في التسبيح والقراءة، والقنوت واجب »، الخبر.

____________________________

٣ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٨، وعنه في البحار ج ٨٣ ص ١٦٣ ح ٢.

٤ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٤٢ ح ١٠٥.

٥ - المصدر السابق ج ٢ ص ٢١٩ ح ١٧.

(١) في المصدر السابق: الحسن.

(٢) تقدم في الباب (١) من ابواب افعال الصلاة الحديث (٢).

٣٩٦

٢ - ( باب تأكد استحباب القنوت في الجهرية، والوتر، والجمعة )

٥٠٠٥ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام قال: « اقنت في اربع صلوات: الفجر، والمغرب، والعتمة، وصلاة الجمعة ».

٥٠٠٦ / ٢ - عوالي اللآلي: روي ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، قنت في الصبح، ودعا على جماعة وسماهم.

ويأتي عن مزار المشهدي (١): مسندا عن عبدالرحمن بن الاسود الكاهلي، انه قال: صلى بنا علي بن ابي طالب عليه‌السلام، في مسجد بني كاهل الفجر فقنت بنا، الخبر.

٣ - ( باب استحباب القنوت في الركعة الثانية من كل فريضة أو نافلة حتى ركعتي الشفع، قبل الركوع وبعد القراءة، الا الجمعة )

٥٠٠٧ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام: « والقنوت كلها قبل الركوع، بعد الفراغ من القراءة ».

٥٠٠٨ / ٢ - الشيخ محمّد بن المشهدي، والشهيد الاول في مزارهما: عن

____________________________

الباب - ٢

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٨.

٢ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٤٣ ح ١٠٧.

(١) يأتي في الباب ٦ الحديث ٣.

الباب - ٣

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٨.

٢ - مزار المشهدي ص ١٤١، وعنهما في البحار ج ١٠٠ ص ٤٥٣.

٣٩٧

عبد الله بن يحيى الكاهلي، انه قال: صلى بنا أبو عبدالله عليه‌السلام في مسجد بني كاهل، الفجر فجهر في السورتين، وقنت قبل الركوع، وسلم واحدة.

٥٠٠٩ / ٣ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام، انه قال: « القنوت في الفجر، في الركعة الثانية بعد القراءة، وقبل الركوع ».

٥٠١٠ / ٤ - الشيخ الجليل فضل بن شاذان بن خليل (رحمه الله) في كتاب الغيبة: حدثنا محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن سعيد بن المسيب، عن عبدالرحمن بن سمرة، قال: قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « لما خلق الله تعالى ابراهيم الخليل، كشف عن بصره، فرأى نورا إلى جنب العرش، فقال: الهي ما هذا النور؟ قال: يا ابراهيم هذا نور محمّد صفوتي من خلقي - إلى ان ذكر انوار الأئمة عليهم‌السلام ثم قال - فقال ابراهيم: اني ارى انوارا قد احدقوا بهم لا يحصي عددهم الا انت، فقال: يا ابراهيم هذه انوار شيعتهم، شيعة علي بن ابي طالب اميرالمؤمنين عليه‌السلام، قال ابراهيم: فبما تعرف شيعة علي بن ابي طالب عليه‌السلام؟ قال: بصلاة احدى وخمسين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم، والقنوت قبل الركوع، وتعفير (١) الجبين، والتختم باليمين، فقال ابراهيم: اللهم اجعلني من شيعة اميرالمؤمنين

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٠٦.

٤ - الغيبة: مخطوط، وفي البحار ج ٣٦ ص ٢١٣ ح ١٥ عن الروضة والفضائل.

(١) تعفير الجبين: وضع الجبين على العفر وهو التراب (مجمع البحرين ج ٣ ص ٤٠٨).

٣٩٨

علي بن أبي طالب عليه‌السلام، قال تبارك وتعالى: قد جعلتك منهم، فلهذا انزل الله تعالى فيه في كتابه ( وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ ) (٢) »، قال المفضل بن عمر: قد روينا ان ابراهيم لما احس بالموت، روى هذا الخبر لاصحابه، وسجد فقبض في سجدته.

٤ - ( باب استحباب القنوت في الركعة الاولى من الجمعة قبل الركوع، وفي الثانية بعده، وفي ظهر الجمعة في الثانية قبل الركوع )

٥٠١١ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام: « والذي جاءت به الاخبار، ان القنوت في صلاة الجمعة في الركعة الاولى فصحيح، وهو للامام الذي يصلي ركعتين بعد الخطبة التي تنوب عن الركعتين، ففي تلك الصلاة يكون القنوت في الركعة الاولى بعد القراءة وقبل الركوع ».

وقال عليه‌السلام: « وسألت العالم عليه‌السلام عن القنوت يوم الجمعة، إذا صليت وحدي اربعا، فقال: نعم في الركعة الثانية خلف القراءة ».

____________________________

(٢) الصافات ٣٧: ٨٣.

الباب - ٤

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ١١، وعنه في البحار ج ٨٥ ص ٢٠١ ح ١٣.

٣٩٩

٥ - ( باب انه يجزئ في القنوت خمس تسبيحات، أو ثلاث، أو البسملة )

٥٠١٢ / ١ - فقه الرضا عليه‌السلام: « وادنى القنوت ثلاث تسبيحات ».

٥٠١٣ / ٢ - الصدوق في المقنع: وقد يجزئك عن الدعاء في القنوت، ان تقول: اللهم اغفر لنا وارحمنا، وعافنا واعف عنا، في الدنيا والآخرة، ويجزئك ثلاث تسبيحات.

٦ - ( باب استحباب الدعاء في القنوت بالمأثور )

٥٠١٤ / ١ - البحار، عن جامع البزنطي، نقلا من خط بعض الافاضل: عن جميل، عن زرارة، عن ابي جعفر عليه‌السلام قال: « تقول في القنوت: اللهم اغفر لي وارحمني (واعف عني) (١)، انك على كل شئ قدير ».

مجموعة الشهيد: نقلا عن جامع البزنطي، مثله.

٤٠١٥ / ٢ - العلامة في التذكرة: عن الحسن بن علي عليهما‌السلام قال: « علمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، كلمات في القنوت

____________________________

الباب - ٥

١ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٨.

٢ - المقنع ص ٤٠.

الباب - ٦

١ - البحار ج ٨٥ ص ٢٠٣ ح ١٩.

(١) في البحار: وعافني.

٢ - التذكرة ج ١ ص ١٢٨ وعنه في البحار ج ٨٥ ص ٢٠٩ ح ٢٨.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508