مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٤

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل11%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 508

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 508 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 228358 / تحميل: 5387
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٤

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

وفي اعلام الورى للطبرسي (١٤) نقلا عن كتاب ابان في سياق غزوة الفتح، ونزول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، مر الظهران مع عشرة آلاف راجل، واربعمائة فارس، ومجئ ابي سفيان، ومبيته عند العباس، قال: فلما اصبح سمع بلالا يؤذن، قال: ما هذا المنادي يا أبا الفضل؟ قال: هذا مؤذّن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، قم فتوضّأ وصلّ، الخبر.

وفي مجمع البيان (١٥) قال السائب: كان لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، مؤذن واحد بلال، الخبر.

وفي ما ورد من صفات المؤذن وآدابه، ككونه صيتا، بصيرا، عارفا، على مرتفع من الأرض، اشارة إلى ما ايّدناه.

ويؤيده انهم ذكروا بعد المنع من الاجرة عليه مطلقا أنه لا بأس بالارتزاق في أذان الاعلام من بيت مال المسلمين، المعدّ لمصالحهم، فلو كان مستحبّا عينيا كالنوافل، صالحا لقيام كلّ به في وقت واحد، لا يعد من المصالح، كغيره من السنن، وايّ مصلحة لهم في اذان واحد في بيته، من غير ان يسمعه أحد، كما هو لازم من اجازه، وتخصيصه ببعض ما مرّ، يوجب انقسام اذان الاعلام، ولا اظنّ احدا يلتزم به.

وفي التحرير (١٦): ولو احتيج في الاعلام إلى زيادة على اثنين استحب، ومنه يظهر أنّ الاعلام علّة لا حكمة، كما اشار إليه في الجواهر، بل قال (ره) فيه: لا بأس بتعدد المؤذنين للاعلام بالوقت،

____________________________

(١٤) اعلام الورى ص ١٠٨.

(١٥) مجمع البيان ج ٥ ص ٢٨٨.

(١٦) تحرير الاحكام ص ٣٥.

٨١

مجتمعين في محلّ واحد، أو محال متعددة، أو مرتبين مع بقاء الوقت، الذى هو سبب لمشروعيّة الأذان، لاطلاق الادلّة، والسيرة المستقيمة، ولما فيه من زيادة اقامة الشعار، وتكرير ذكر الله، وتنبيه الغافلين، وايقاظ النائمين، انتهى.

والاطلاق مقيّد بما مرّ، والسيرة منقطعة في عصر الأئمة عليهم‌السلام، لكون البلاد تحت سلطنة المخالفين، والامام، والقاضي، والمؤذّن، والوالي، وامثالهم كانوا على حسب تعيينهم، فلا عبرة بالتعدد والوحدة فيه، وامّا في عصر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، فالسيرة على خلاف ما ذكره، ولا يخفى ما في باقي الوجوه، مع أنه لو صعد كلّ مكلّف في أوّل الوقت، على سطح دار أو منارة، واذّنوا جميعا في وقت واحد، لا لصلاتهم، يعدّ من المنكرات، وقد خرجنا في هذا المقام عن وضع الكتاب.

٨٢

أبواب أفعال الصلاة

١ - ( باب كيفيّتها، وجملة من احكامها، وآدابها )

٤٢٠٣ / ١ - البحار عن العلل، لمحمّد بن علي بن ابراهيم بن هاشم: عن أبيه، عن جده، عن حماد بن عيسى، قال: قال لي أبو عبدالله عليه‌السلام يوما: « تحسن ان تصلي يا حمّاد » قال فقلت: يا سيدي انا احفظ كتاب حريز في الصلاة، قال: فقال: « لا عليك قم صلّ » قال: فقمت بين يديه، متوجها إلى القبلة، فاستفتحت الصلاة، وركعت، وسجدت، فقال: « يا حماد لا تحسن ان تصلّي، ما أقبح بالرجل أن يأتي عليه ستون سنة، أو سبعون سنة فما يقيم صلاة واحدة بحدودها تامّة » قال حمّاد: فأصابني في نفسي الذل فقلت: جعلت فداك فعلمني الصلاة.

فقام أبو عبدالله عليه‌السلام، مستقبل القبلة منتصبا، فأرسل يديه جميعا على فخذيه، قد ضم اصابعه، وقرّب بين قدميه، حتى كان بينهما قدر ثلاثة اصابع مفرّجات، واستقبل باصابع رجليه جميعا لم يحرفهما عن القبلة، بخشوع واستكانة وقال: الله أكبر، ثم قرأ الحمد بترتيل، وقل هو الله احد، ثم صبر هنيأة بقدر ما يتنفس وهو قائم،

____________________________

أبواب أفعال الصلاة

الباب - ١

١ - البحار ج ٨٤ ص ١٨٥ ح ١ عن أمالي الصدوق باختلاف، يسير وذكر في ذيله: عن العلل مثله.

٨٣

ثم قال: الله أكبر وهو قائم، ثم ركع وملأ كفيه من ركبتيه منفرجات، وردّ ركبتيه إلى خلف، حتى استوى ظهره، حتى لو صبّ عليه قطرة من ماء أو دهن لم تزل لاستواء ظهره، ومدّ عنقه وغمّض عينيه، ثم سبّح ثلاثا بترتيل، فقال: سبحان ربّي العظيم وبحمده، ثم استوى قائما، فلما استمكن من القيام، قال: سمع الله لمن حمده، ثم كبر وهو قائم، ورفع يديه حيال وجهه، ثم سجد ووضع كفيّه مضمومتي الاصابع بين ركبتيه، حيال وجهه، فقال: سبحان ربّي الاعلى وبحمده، ثلاث مرّات، ولم يضع شيئا من بدنه على شئ، وسجد على ثمانية اعظم: الجبهة، والكفين، وعيني الركبتين، وأنامل ابهامي الرجلين، فهذه السبعة فرض، ووضع الانف على الأرض سنّة، وهو الارغام، ثم رفع رأسه من السجود، فلما استوى جالسا، قال: الله اكبر، ثم قعد على جانبه الايسر، قد وضع ظاهر اليمنى على باطن قدمه الايسر، وقال: استغفر الله ربّي واتوب إليه، ثم كبر وهو جالس، وسجد السجدة الثانية، وقال كما قال في الاولى، ولم يستعن بشئ (١) من جسده على شئ في ركوع ولا سجود، مجنّحا، ولم يضع ذراعيه على الأرض، فصلّى ركعتين على هذا، ويداه مضمومتا الاصابع، وهو جالس في التشهد، فلمّا فرغ من التشهد سلّم، فقال: « يا حمّاد هكذا صلّ ولا تلتفت، ولا تعبث بيديك واصابعك، ولا تبزق عن يمينك، ولا عن يسارك، ولا بين يديك ».

٤٢٠٤ / ٢ - وبالاسناد عن حمّاد، عن حريز، عن زرارة قال: سألت أباجعفر عليه‌السلام عن كبار حدود الصلاة، فقال: « سبعة:

____________________________

(١) في نسخة: شئ، منه قدّه.

٢ - البحار ج ٨٣ ص ١٦٣ ح ٣.

٨٤

الوضوء، والوقت، والقبلة، وتكبيرة الافتتاح، والركوع، والسجود، والدعاء، فهذه فروض (١) على كلّ مخلوق، وفرض على الأقوياء والعلماء الأذان، والاقامة، والقراءة، والتسبيح، والتشهّد، وليست فرضا في نفسها، ولكنّها سنّة، واقامتها فرض على العلماء والاقوياء، ووضع عن النساء، والمستضعفين، والبله، الأذان والاقامة، ولا بدّ من الركوع، والسجود، وما احسنوا من القراءة والتسبيح، والدعاء، وفي الصلاة فرض وتطوّع فامّا الفرض فمنه الركوع (٢) وامّا التطوع فما زاد في التسبيح، والقراءة، والقنوت، واجب، والاجهار بالقراءة واجب في صلاة المغرب والعشاء والفجر، والعلة في ذلك من اجل القنوت، حتى إذا قطع الامام القراءة، علم من خلفه انه قنت فيقنتون، وقد قال العالم عليه‌السلام: « ان للصلاة اربعة آلاف حد ».

قلت: الظاهر أنّ من قوله: وفي الصلاة، أو من قوله: والعلّة في ذلك، من كلام المؤلف كما لا يخفى على المتأمل.

٤٢٠٥ / ٣ - زيد النرسي في اصله: عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام، انه رآه يصلّي فكان إذا كبّر في الصلاة الزق أصابع يديه الابهام، والسبابة، والوسطى، والتى تليها، وفرج بينها وبين الخنصر، ثم رفع يديه بالتكبير قبالة وجهه، (ثم يرسل يديه، ويلزق بين الفخذين، ولا يفرّج بين اصابع يديه، فإذا ركع كبّر ورفع يديه بالتكبير قبالة وجهه) (١) ثم يلقم ركبتيه كفّيه، ويفرّج بين الاصابع،

____________________________

(١) في المصدر: فرض.

(٢) وفيه زيادة: وأما السنّة فثلاث تسبيحات في الركوع.

٣ - كتاب زيد النرسي ص ٥٣.

(١) مابين القوسين ليس في المصدر.

٨٥

فإذا اعتدل لم يرفع يديه، وضمّ الاصابع بعضها إلى بعض كما كانت، ويلزق يديه مع الفخذين، ثم يكبّر ويرفعهما قبالة وجهه كما هي، ملتزق الاصابع، فيسجد ويبادر بهما الأرض (٢) من قبل ركبتيه، ويضعهما مع الوجه بحذائه فيبسطهما على الأرض بسطا، ويفرّج بين الاصابع كلها، ويجنّح بيديه، ولا يجنّح في الركوع، فرأيته كذلك يفعل، ويرفع يديه عند كلّ تكبيرة فيلزق الاصابع، ولا يفرّج بين الاصابع الّا في الركوع والسجود، وإذا بسطهما على الأرض.

٤٢٠٦ / ٤ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن الحسن القطان، عن الحسن بن علي السكّري، عن محمّد بن زكريا الجوهري، عن جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن جابر الجعفي، قال: سمعت أبا جعفر محمّد بن علي الباقر عليهما‌السلام يقول: « ليس على النساء أذان - إلى أن قال -: فإذا قامت في صلاتها ضمّت رجليها، ووضعت يديها على صدرها، وتضع يديها في ركوعها على فخذيها، وتجلس إذا أرادت السجود سجدت لاطئة (١) بالأرض، وإذا رفعت رأسها من السجود جلست ثم نهضت إلى القيام وإذا قعدت للتشهد رفعت رجليها، وضمت فخذيها وإذا سبحت عقدت الأنامل، لأنّهن مسؤولات.

٤٢٠٧ / ٥ - البحار: وجدت بخط الشيخ محمّد بن علي الجبعي، نقلا من جامع البزنطي، بإسناده عن أبي عبدالله عليه‌السلام، قال: « إذا

____________________________

(٢) في المصدر: إلى الأرض.

٤ - الخصال ص ٥٨٥ ح ١٢.

(١) في الحديث « تسجد المرأة لاطئة بالأرض » اي لازقة بها « ولا تتخوى كالرجل فتبدو عجيزتها.. » (مجمع البحرين - لطا - ج ١ ص ٣٧٥).

٥ - البحار ج ٨٤ ص ٢٢٣ ح ٢، ومجموعة الشهيد (ره) ص ١٦٩ - أ.

٨٦

قمت في صلاتك فاخشع فيها، ولا تحدّث نفسك ان قدرت على ذلك، واخضع برقبتك، ولا تلتفت فيها، ولا يجز طرفك موضع سجودك، وصفّ قدميك واثبتهما، وارخ يديك، ولا تكفر، ولا تورّك ».

قال البزنطي رحمه الله: فانه بلغني عن أبي عبدالله عليه‌السلام ان قوما عذبوا لأنهم كانوا يتورّكون تضجّرا بالصلاة.

٤٢٠٨ / ٦ - وفيه: وجدت بخطّ بعض الافاضل، نقلا عن جامع البزنطي، عن الحلبي، قال: قال الصادق عليه‌السلام: « ان قوما عذّبوا بانّهم كانوا يتورّكون في الصلاة، يضع احدهم كفّيه على وركيه من ملالة الصلاة » فقلنا: الرجل يعيي في المشي فيضع يديه على وركه، قال: « لا بأس ».

مجموعة الشهيد (١): نقلا عن جامع البزنطي، مثل الخبرين.

٤٢٠٩ / ٧ - فقه الرضا عليه‌السلام: « فإذا اردت ان تقوم إلى الصلاة، فلا تقم إليها متكاسلا، ولا متناعسا، ولا مستعجلا، ولا متلاهيا، ولكن تأتيها على السكون والوقار والتؤدة، وعليك الخشوع والخضوع، متواضعا لله عزّوجلّ، متخاشعا، عليك الخشية وسيماء الخوف، راجيا، خائفا، بالطمأنينة على الوجل والحذر، فقف بين يديه كالعبد الآبق المذنب بين يدي مولاه، فصفّ قدميك، وانصب نفسك، ولا تلتفت يمينا وشمالا، وتحسب كأنك تراه، فإن لم تكن تراه

____________________________

٦ - البحار ج ٨٤ ص ٢٢٣ ح ٧.

(١) مجموعة الشهيد ص ١٠٩ - أ.

٧ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٧ باختلاف يسير في الألفاظ، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٠٤ ح ٣.

٨٧

فإنه يراك، ولا تعبث بلحيتك، ولا بشئ من جوارحك، ولا تفرقع اصابعك، ولا تحك بدنك، ولا تولّع بانفك، ولا بثوبك، ولا تصلّ وانت متلثم، ولا يجوز للنساء الصلاة، وهن متنقبات، ويكون بصرك في موضع سجودك ما دمت قائما، واظهر عليك الجزع، والهلع، والخوف، وارغب مع ذلك إلى الله عزّوجلّ، ولا تتّك مرة على رجلك، ومرة على الاخرى، وتصلي صلاة مودّع، ترى أنك لا تصلي ابدا.

واعلم انك بين يدي الجبار، ولا تعبث بشئ من الاشياء، ولا تحدّث لنفسك وافرغ قلبك، وليكن شغلك في صلاتك، وارسل يديك الصقهما بفخذيك، فإذا افتتحت الصلاة فكبّر، وارفع يديك بحذاء اذنيك، ولا تجاوز بابهاميك حذاء اذنيك، ولا ترفع يديك بالدعاء في المكتوبة حتى تجاوز بهما رأسك، ولا بأس بذلك في النافلة، والوتر، فإذا ركعت فالقم ركبتيك راحتيك، وتفرّج بين اصابعك، واقبض عليهما، وإذا رفعت رأسك من الركوع، فانصب قائما حتى ترجع مفاصلك كلّها إلى المكان، ثم اسجد، وضع جبينك على الأرض، وارغم على راحتيك، واضمم اصابعك وضعهما مستقبل القبلة، وإذا جلست فلا تجلس على يمينك ولكن انصب يمينك، واقعد على اليتيك، ولا تضع يديك بعضها على بعض، لكن ارسلهما ارسالا، فإنّ ذلك تكفير أهل الكتاب، ولا تتمطّى في صلاتك، ولا تتجشأ، وامنعهما بجهدك وطاقتك، فإذا عطست فقل: الحمد لله ولا تطأ موضع سجودك، ولا تتقدم مرّة ولا تتأخّر اخرى، ولا تصل وبك شئ من الاخبثين، فان كنت في الصلاة فوجدت غمزا فانصرف، الا ان يكون شيئا تصبر عليه، من غير اضرار بالصلاة.

٨٨

وقال عليه‌السلام في موضع آخر (١): وتضم اصابع يديك في جميع الصلاة، تجاه القبلة عند السجود، وتفرّقها عند الركوع، والقم راحتيك بركبتيك، ولا تلصق احدى القدمين بالاخرى وانت قائم، ولا في وقت الركوع، وليكن بينهما اربع اصابع أو شبر (٢) وادنى ما يجزئ في الصلاة، فيما يكمل به الفرائض تكبير الافتتاح، وتمام الركوع والسجود، وادنى ما يجزئ من التشهد الشهادتان (٣)، فإذا كبّرت فاشخص ببصرك نحو سجودك، وارسل منكبيك، وضع يديك على فخذيك قبالة ركبتيك، فانه احرى أن تقيم بصلاتك، ولا تقدم رجلا على رجل، ولا تنفخ في موضع سجودك، ولا تعبث بالحصا، فإن اردت ذلك فليكن ذلك قبل دخولك في الصلاة.

إلى ان قال عليه‌السلام (٤): والمرأة إذا قامت إلى صلاتها ضمّت رجليها، ووضعت يديها على صدرها من مكان ثدييها، فإذا ركعت وضعت يديها على فخذيها، ولا تتطأطأ كثيراً لئلا ترفع عجيزتها، فإذا سجدت جلست ثم سجدت لاطئة بالأرض، فإذا ارادت النهوض تقوم من غير أن ترفع عجيزتها، فإذا قعدت للتشهد رفعت رجليها وضمّت فخذيها ».

وقال عليه‌السلام (٥): « اعلم أن الصلاة: ثلثها وضوء: وثلثها ركوع، وثلثها سجود، وانّ لها اربعة آلاف حدّ، وان فروضها عشرة: ثلاث منها كبار، وهي تكبيرة الافتتاح، والركوع، والسجود، وسبعة صغار، وهي القراءة، وتكبير الركوع، وتكبير

____________________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام ص ٨ باختلاف يسير في بعض الالفاظ.

(٢ و ٣ و ٤) فقه الرضا عليه‌السلام ص ٩.

(٥) فقه الرضا عليه‌السلام ص ٨.

٨٩

السجود، وتسبيح الركوع، وتسبيح السجود، والقنوت، والتشهّد، وبعض هذه افضل من بعض ».

٤٢١٠ / ٨ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن زرارة: عن أبي جعفر عليه‌السلام، قال: « لا تقم إلى الصلاة متكاسلا، ولا متناعسا، ولا متثاقلا، فإنّها من خلل النفاق، فإن الله نهى المؤمنين أن يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى، يعني من النوم ».

٤٢١١ / ٩ - عوالي اللآلي: حدث ابن عجلان، عن علي بن يحيى الزرقي، عن أبيه عن عمّه وكان بدريا، قال: كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، إذ دخل المسجد رجل فقام (فصلّى) (١) ناحية، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يرمقه، ولا يشعر، ثم انصرف، فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ فسلّم عليه فردّ عليه‌السلام، وقال له: « ارجع وصلّ، فانّك لم تصلّ » حتى فعل ثلاثا، فقال الرجل: والذي انزل عليك الكتاب لقد جهدت، وحرصت فعلّمني، وآذنّي (٢) فقال: « إذا اردت الصلاة فأحسن الوضوء، ثم قم فاستقبل القبلة، ثم كبّر، ثم اقرأ، ثم اركع حتى تطمئن راكعا، ثم ارفع حتى تعدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن قاعدا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، فإذا صنعت ذلك فقد قضيت صلاتك، وما نقصت من ذلك، فإنّما تنقصه من (٣)

____________________________

٨ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٤٢ ح ١٣٤ وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٣١ ح ٤.

٩ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١١٦ ح ٣٨.

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: وأرني.

(٣) في المصدر: عن.

٩٠

صلاتك ».

وعنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ انه قال: « إنّما صلاتنا هذه، تكبير، وقراءة، وركوع، وسجود » (٤).

٢ - ( باب تأكّد استحباب الخشوع في الصلاة، واستحضار عظمة الله، واستشعار هيبته، وأن يصلّي صلاة مودّع )

٤٢١٢ / ١ - السيد علي بن طاووس في فلاح السائل: ذكر الكراجكي في كنز الفوائد (١) قال: جاء في الحديث: ان ابا جعفر المنصور خرج في يوم الجمعة، متوكّئا على يدي الصادق جعفر بن محمّد عليهما‌السلام، فقال رجل يقال له رزام مولى خالد (٢) بن عبدالله: من هذا الذي بلغ من خطره ما يعتمد أميرالمؤمنين على يده؟ فقيل له: هذا أبو عبدالله جعفر بن محمّد الصادق عليهما‌السلام، فقال: انّي والله ما علمت، لوددت أن خدّ أبي جعفر نعل لجعفر عليه‌السلام، ثم قام فوقف بين يدي المنصور، فقال له: اسأل يا أميرالمؤمنين؟ فقال له المنصور: سل هذا، فقال: إنّي اريدك بالسؤال، فقال له المنصور: سل هذا، فالتفت رزام إلى الإمام جعفر بن محمّد عليهما‌السلام فقال له: اخبرني عن الصلاة، وحدودها.

____________________________

(٤) عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٢١ ح ٩٧.

الباب - ٢

١ - فلاح السائل ص ٢٣، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٥٠ ح ٤٥.

(١) كنز الفوائد: النسخة المطبوعة خالية منه.

(٢) في المصدر: خادم وما في المتن هو الصحيح «راجع رجال الشيخ ص ١٩٥ ومجمع الرجال ج ٣ ص ١٢».

٩١

فقال له الصادق « صلوات الله عليه »: « للصلاة أربعة آلاف حدّ، لست تؤاخذ بها » فقال: أخبرني بما لا يحل تركه، ولا تتم الصلاة إلّا به، فقال أبو عبدالله عليه‌السلام: « لا تتم الصلاة إلّا لذي طهر سابغ، وتمام بالغ، غير نارغ (٣) ولا زائغ عرف فوقف، وأخبث فثبت، فهو واقف بين اليأس والطمع، والصبر والجزع، كأن الوعد له صنع، والوعيد به وقع، بذل (٤) عرضه، ويمثّل غرضه (٥)، وبذل في الله المهجة، وتنكبّ إليه المحجّة، غير مرتغم بارتغام (٦)، يقطع علائق الاهتمام، بعين من له قصد، وإليه وفد، ومنه استرفد، فإذا أتى بذلك، كانت هي الصلاة التى بها أُمر، وعنها أُخبر، وانّها هي الصلاة التي تنهي عن الفحشاء والمنكر ».

فالتفت المنصور إلى أبي عبدالله عليه‌السلام فقال له: يا أبا عبدالله لا نزال من بحرك نغترف، وإليك نزدلف، تبصر من العمى، وتجلو بنورك الطخياء، فنحن نعوم في سبحات قدسك، وطامي بحرك.

٤٢١٣ / ٢ - وفيه: روى صاحب كتاب زهرة المهج وتواريخ الحجج: بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبدالعزيز العبدي، عن ابن أبي يعفور، قال: قال مولانا الصادق عليه‌السلام: « كان علي بن الحسين

____________________________

(٣) في المصدر: نازع.

(٤) في نسخة: يذلّ (منه قدّس سرّه)، وفي المصدر بذل غرضه.

(٥) في المصدر: تمثّل عرضه.

(٦) في المصدر: مرتعم بارتعام.

٢ - فلاح السائل ص ١٠١.

٩٢

عليهما‌السلام، إذا حضرت الصلاة اقشعر جلده، واصفر لونه، وارتعد كالسعفة ».

٤٢١٤ / ٣ - وروينا بإسنادنا في كتاب الرسائل: عن محمّد بن يعقوب الكليني، باسناده إلى مولانا زين العابدين عليه‌السلام أنه قال: « فامّا حقوق الصلاة، فان تعلم انّها وفادة إلى الله، وانّك فيها قائم بين يدي الله، فإذا علمت ذلك، كنت خليقا ان تقوم فيها مقام العبد الذليل، الراغب الراهب، الخائف الراجي، المسكين المتضرع، المعظّم مقام من يقوم بين يديه، بالسكون والوقار، وخشوع الاطراف، ولين الجناح، وحسن المناجاة له في نفسه، والطلب إليه في فكاك رقبته، التي احاطت بها خطيئته، واستهلكتها ذنوبه، ولا قوّة إلّا بالله ».

٤٢١٥ / ٤ - وروى جعفر بن أحمد القمي، في كتاب زهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، قال: كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ إذا قام إلى الصلاة، تربّد وجهه خوفا من الله تعالى، وكان لصدره (أو لجوفه) (١) ازيز كازيز المرجل.

٤٢١٦ / ٥ - وقال في رواية أُخرى: أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ كان إذا قام إلى الصلاة كأنّه ثوب ملقى.

وذكر مصنّف كتاب اللؤلؤيات، في باب الخشوع قال: كان

____________________________

٣ - فلاح السائل: لم نجده في النسخة المطبوعة، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٤٨.

٤ - فلاح السائل ص ١٦١، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٤٨.

(١) ليس في المصدر.

٥ - فلاح السائل ص ١٦١، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٤٨.

٩٣

علي بن أبي طالب عليه‌السلام، إذا حضر وقت الصلاة يتزلزل، ويتلوّن، فيقال له: ما لك يا أميرالمؤمنين فيقول: « جاء وقت أمانة الله، التي عرضها على السموات والأرض، فأبين أن يحملنها واشفقن منها، وحملها الإنسان، فلا أدري أحسن أداء ما حملت، أم لا ».

٤٢١٧ / ٦ - ورويت بأسانيدي، من كتاب أصل جامع ما يحتاج إليه المؤمن في دينه في اليوم والليلة، عن أبي أيوب قال: كان أبو جعفر، وأبوعبدالله عليهما‌السلام، إذا قاما إلى الصلاة تغيّرت ألوانهما حمرة ومرّة صفرة، وكانا يناجيان شيئاً يريانه.

٤٢١٨ / ٧ - وعن الحسن بن محبوب، في كتاب المشيخة: عن العبد الصالح عبدالله بن أبي يعفور رضوان الله عليه، قال: قال أبو عبدالله عليه‌السلام: « يا عبدالله، إذا صلّيت صلاة فريضة، فصلّها لوقتها، صلاة مودّع يخاف ان لا يعود إليها أبداً، ثم اضرب ببصرك إلى موضع سجودك، فلو تعلم من عن يمينك وشمالك لأحسنت صلاتك، واعلم انّك قدّام من يراك ولا تراه ».

٤٢١٩ / ٨ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي البقاء إبراهيم بن الحسين البصري، عن محمّد بن الحسن بن عتبة، عن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن وهبان الدبيلي، عن علي بن أحمد بن كثير العسكري، عن أبي سلمة أحمد بن المفضّل الاصبهاني، عن أبي علي راشد بن علي بن وابل (١) القرشي، عن عبدالله بن حفص

____________________________

٦ - فلاح السائل ص ١٦١، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٤٨.

٧ - فلاح السائل ص ١٥٧، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٣٤.

٨ - بشارة المصطفى ص ٢٨، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٢٩ ح ٢.

(١) في المصدر: وايل.

٩٤

المدني، عن محمّد بن اسحاق، عن سعيد بن زيد بن ارطاة، عن كميل بن زياد، عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام أنه قال: « يا كميل لا تغترّ باقوام يصلّون فيطيلون، ويصومون فيداومون، ويتصدّقون فيحسبون أنّهم موفّقون.

يا كميل أقسم بالله، لسمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، يقول: أن الشيطان إذا حمل قوما على الفواحش، مثل الزنا، وشرب الخمر، والربا، وما أشبه ذلك من الخنا، والمآثم، حبّب إليهم العبادة الشديدة، والخشوع، والركوع، والخضوع، والسجود، ثم حملهم على ولاية الأئمة الذين يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون.

يا كميل، ليس الشأن أن تصلّي، وتصوم، وتتصدّق، [ إنّما ] (٢) الشأن أن تكون الصلاة فعلت بقلب تقي (٣) وعمل عند الله مرضي، وخشوع سوي، وابقاء للجد فيها »، الوصية.

ورواها الحسن بن علي بن شعبة، في تحف العقول (٤).

وتوجد في بعض نسخ نهج البلاغة.

٤٢٢٠ / ٩ - مصباح الشريعة: قال الصادق عليه‌السلام: « إذا استقبلت القبلة فانس الدنيا وما فيها، والخلق وما هم فيه، (واستفرغ قلبك من كلّ شاغل يشغلك عن الله) (١) وعاين بسرّك عظمة الله،

____________________________

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: نقي.

(٤) تحف العقول ص ١١٧.

٩ - مصباح الشريعة ص ٨٧، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٣٠.

(١) مابين القوسين ليس في المصدر.

٩٥

واذكر وقوفك بين يديه يوم تبلو كلّ نفس ما اسلفت وردّوا إلى الله مولاهم الحقّ (٢)، وقف على قدم الخوف والرجاء، فإذا كبّرت فاستصغر ما بين السموات العلى والثرى، دون كبريائه، فإنّ الله تعالى إذا اطلع على قلب العبد وهو يكبّر، وفي قلبه عارض عن حقيقة تكبيره، قال: يا كاذب اتخدعني، وعزتي وجلالي لأحرمنك حلاوة ذكري، ولاحجبنك عن قربي، والمسارة بمناجاتي، واعلم أنه غير محتاج إلى خدمتك، وهو غني عن عبادتك ودعائك، وإنّما دعاك بفضله ليرحمك، ويبعدك من عقوبته، وينشر عليك من بركات حنانيّته، ويهديك إلى سبيل رضاه، ويفتح عليك باب مغفرته، فلو خلق الله عزّوجلّ على ضعف ما خلق من العوالم أضعافا مضاعفة على سرمد الأبد، لكان عنده سواء: كفروا بأجمعهم به، أو وحدوه، فليس له من عبادة الخلق إلّا اظهار الكرم والقدرة، فاجعل الحياء رداء، والعجز ازارا، وادخل تحت ستر (٣) سلطان الله تغنم فوائد ربوبيّته، مستعيناً به ومستغيثاً إليه ».

٤٢٢١ / ١٠ - ابن الشيخ الطوسي في مجالسه: عن أبيه، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن الحسن بن علي العاقولي، عن موسى بن عمر بن يزيد، عن معمّر بن خلاد، عن الرضا، عن آبائه عليهم‌السلام، قال: « جاء خالد بن زيد، إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌، فقال: يا رسول الله اوصني، وأقلل لعلّي أن أحفظ، قال: أوصيك بخمس - إلى أن قال -: وصلّ صلاة مودع » الخبر.

____________________________

(٢) اقتباس من آية ٣٠ يونس ١٠.

(٣) في المصدر: سرّ.

١٠ - أمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ١٢٢، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٣٧.

٩٦

٤٢٢٢ / ١١ - محمّد بن علي بن شهر آشوب في المناقب: من كتاب الانوار، في سياق أحوال السجاد عليه‌السلام أنه كان قائما يصلّي، حتى وقف ابنه محمّد عليه‌السلام وهو طفل، إلى بئر في داره بالمدينة، بعيدة القعر فسقط فيها، فنظرت إليه امّه فصرخت، واقبلت نحو البئر، تضرب بنفسها حذاء البئر وتستغيث، وتقول يا ابن رسول الله، غرق ولدك محمّد، وهو لا ينثني عن صلاته، وهو يسمع اضطراب ابنه في قعر البئر، فلمّا طال عليها ذلك قالت حزنا على ولدها: ما أقسى قلوبكم يا أهل بيت رسول الله، فأقبل على صلاته ولم يخرج عنها إلّا عن كمالها وإتمامها، ثم أقبل عليها، وجلس على أرجاء البئر، ومدّ يده إلى قعرها، وكانت لا تنال إلّا برشاء طويل، فأخرج ابنه محمّدا على يديه يناغي ويضحك، لم يبتل له ثوب، ولا جسد بالماء، فقال: « هاك يا ضعيفة اليقين بالله »، فضحكت لسلامة ولدها، وبكت لقوله: يا ضعيفة اليقين بالله، فقال: « لا تثريب عليك اليوم، لو علمت انّي كنت بين يدي جبار، لو ملت بوجهي عنه لمال بوجهه عنّي، أفمن يرى راحماً (١) بعده ».

ورواه الحضيني في الهداية مرفوعا عن الصادق عليه‌السلام، مثله، باختلاف يسير، وفيه: « أما علمت أني كنت » (٢).

ورواه في البحار (٣): عن كتاب العدد القوية، لأخ العلّامة،

____________________________

١١ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ١٣٥، وعنه في البحار ج ٤٦ ص ٣٤ ح ٢٩.

(١) في المصدر: راحم.

(٢) الهداية للحضيني ص ٤٥.

(٣) البحار ج ٤٦ ص ٣٥ ح ٣٠، عن العدد القوية ص ١١.

٩٧

مثله، وفيه: « أفمن ترى أرحم لعبده منه ».

٤٢٢٣ / ١٢ - فقه الرضا عليه‌السلام: « سئل بعض العلماء من آل محمّد عليهم‌السلام، فقيل له: جعلت فداك ما معنى الصلاة في الحقيقة؟ قال: صلة الله للعبد بالرحمة، وطلب الوصال إلى الله من العبد، إذا كان يدخل بالنية، ويكبّر بالتعظيم والاجلال، ويقرأ بالترتيل، ويركع بالخشوع، ويرفع بالتواضع، ويسجد بالذلّ والخضوع، ويتشهّد بالاخلاص مع الأمل، ويسلّم بالرحمة والرغبة، وينصرف بالخوف والرجاء، فإذا فعل ذلك ادّاها بالحقيقة.

ثم قيل: ما آداب الصلاة؟ قال: حضور القلب، وإفراغ الجوارح، وذلّ المقام بين يدي الله تبارك وتعالى، ويجعل الجنّة عن يمينه، والنار يراها عن يساره، والصراط بين يديه، والله امامه، وقيل: ان الناس متفاوتون في أمر الصلاة، فعبد يرى قرب الله منه في الصلاة، وعبد يرى قيام الله عليه في الصلاة، وعبد يرى شهادة الله في الصلاة، وهذا كلّه على مقدار مراتب ايمانهم، وقيل: إنّ الصلاة أفضل العبادة لله، وهي أحسن صورة خلقها الله، فمن ادّاها بكمالها وتمامها فقد ادّى واجب حقّها، ومن تهاون بها ضرب بها وجهه ».

٤٢٢٤ / ١٣ - عوالي اللآلي: قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌: « إن الرجلين من امّتي يقومان في الصلاة، وركوعهما وسجودهما واحد، وإن ما بين صلاتيهما مثل ما بين السماء والأرض ».

____________________________

١٢ - فقه الرضا عليه‌السلام ص ٦٣ (في القسم الاخير المعروف بنوادر أحمد بن عيسى)، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٤٦ ح ٣٧.

١٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٢٢ ح ٥٧، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٤٩ ح ٤١.

٩٨

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ (١): « من صلّى ركعتين، ولم يحدث نفسه فيهما بشئ من أُمور الدنيا، غفر الله له ذنوبه ».

وروى معاذ بن جبل عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ (٢)، أنه قال: من عرف من على يمينه وشماله متعمّدا في الصلاة فلا صلاة له ».

وقال (٣): « إنّ العبد ليصلّي الصلاة لا يكتب له سدسها، ولا عشرها، وإنّما يكتب للعبد من صلاته ما عقل منها ».

٤٢٢٥ / ١٤ - البحار، عن بيان التنزيل لابن شهر آشوب، عن تفسير القشيري: انّ أميرالمؤمنين عليه‌السلام [ كان ] (١) إذا حضر وقت الصلاة تلوّن وتزلزل، فقيل له: ما لك؟ فقال: « جاء وقت امانة عرضها الله على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها، واشفقن منها، وحملها الإنسان، وأنا في ضعفي، فلا أدري أحسن اداء ما حملت، أم لا ».

وعن ربيعة (٢)، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « إذا صلّيت فصلّ صلاة مودّع ».

____________________________

(١) عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٢٢ ح ٥٩.

(٢) عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٢٤ ح ٦٤ وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٤٩ ح ٤١.

(٣) عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٢٥ ح ٦٥، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٤٩ ح ٤١.

١٤ - البحار ج ٨٤ ص ٢٥٦ ح ٥٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) البحار ج ٨٤ ص ٢٥٧ ذيل الحديث ٥٤ عن دعوات الراوندي.

٩٩

٤٢٢٦ / ١٥ - أحمد بن محمّد بن فهد في عدة الداعي: روي أن إبراهيم عليه‌السلام كان يسمع تأوّهه على حدّ ميل، حتى مدحه الله بقوله: ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ ) (١) وكان في صلاته يسمع له ازيز كازيز المرجل، وكذلك كان يسمع من صدر سيّدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ مثل ذلك وكانت فاطمة عليها‌السلام تنهج (٢) في الصلاة من خيفة الله.

٤٢٢٧ / ١٦ - وروى المفضّل بن عمر، عن الصادق، عن أبيه، عن جده: ان الحسن بن علي عليهم‌السلام، كان إذا قام في صلاته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عزّوجلّ، إذا ذكر الجنّة والنار، اضطرب اضطراب السليم، وسأل الله الجنّة، وتعوّذ بالله من النار.

٤٢٢٨ / ١٧ - وقالت عائشة: كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يحدّثنا، ونحدّثه فإذا حضرت الصلاة فكأنّه لم يعرفنا، ولم نعرفه.

٤٢٢٩ / ١٨ - ومن سنن إدريس عليه‌السلام: إذا دخلتم في الصلاة فاصرفوا إليها خواطركم وأفكاركم، وادعوا الله دعاء ظاهرا منفرجا، وأسألوه مصالحكم ومنافعكم، بخضوع وخشوع، وطاعة واستكانة.

____________________________

١٥ - عدّة الداعي ص ١٣٩ قطعة منه، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٥٨ ذيل الحديث ٥٥.

(١) هود ١١: ٧٥.

(٢) النهيج: تواتر النفس من شدة الحركة، ونهج: بكى (لسان العرب - نهج - ج ٢ ص ٣٨٣).

١٦ - عدّة الداعي ص ١٣٩، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٥٨ ح ٥٦.

١٧ - عدّة الداعي ص ١٣٩، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٥٨ ح ٥٦.

١٨ - عدّة الداعي ص ١٦٨، وعنه في البحار ج ٨٤ ص ٢٥٩ ح ٥٧.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وكذا إذا اشترى رجل سلعة بثمن فجاء آخَر قبل لزوم العقد ، فقال للبائع : أنا أشتريها بأكثر من الثمن الذي اشتراها هذا ، فإنّه مكروه عندنا ، وحرام عند الشافعي ؛ لأنّه في معنى نهيهعليه‌السلام . ولأنّ اللفظ مشتمل عليه ؛ لأنّ اسم البائع يقع عليهما ، ولهذا يسمّيان متبايعين. ولأنّهعليه‌السلام نهى عن أن يخطب الرجل على خطبة أخيه(١) ، والمشتري في معنى الخاطب(٢) .

مسالة ٦٦٧ : يكره السوم على سوم المؤمن‌ ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا يسوم الرجل على سوم أخيه »(٣) .

فإن وجد من البائع تصريح بالرضا بالبيع ولم يعقد أو أذن فيه لوكيله ، كره السوم.

وقال الشافعي : يحرم ، كما تحرم الخطبة(٤) .

والأصل عندنا مكروه.

وأمّا إن لم يوجد ذلك ولا ما يدلّ عليه بل سكت ولم(٥) يُجِبْ إلى البيع ، لم يحرم السوم ، وبه قال الشافعي(٦) .

وأمّا أن يكون لم يصرّح بالرضا ، بل ظهر منه ما يدلّ على الرضا بالبيع ، فهو عند الشافعي مبنيّ على القولين في الخطبة.

____________________

(١) سنن البيهقي ٧ : ١٨٠ ، سنن النسائي ٧ : ٢٥٨ ، مسند أحمد ٢ : ٢٨٧ / ٦١٠٠.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٤ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٠ - ١٣١ ، روضة الطالبين ٣ : ٨١ ، المغني ٤ : ٣٠١ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٨.

(٣) سنن الترمذي ٣ : ٥٨٧ / ١٢٩٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٤ ، شرح معاني الآثار ٣ : ٣.

(٤) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٤ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٨ ، الوسيط ٣ : ٦٥ - ٦٦ ، حلية العلماء ٤ : ٣٠٨ ، التهذيب - للبغوي - ٣ : ٥٣٨ - ٥٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٠.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « فلم ».

(٦) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٨ ، الوسيط ٣ : ٦٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٨١.

١٦١

قال في القديم : تحرم الخطبة ؛ لعموم النهي.

وقال في الجديد : لا تحرم ؛ لحديث فاطمة بنت قيس ، وقوله [صلى‌الله‌عليه‌وآله ] لها : « انكحي اُسامة» وقد خطبها معاوية وأبو جهم(١) ، فالبيع مثل ذلك(٢) .

هذا إذا تساوما بينهما ، فأمّا إذا كانت السلعة في النداء ، فإنّه يجوز أن يستامها واحد بعد واحد ، لأن صاحبها لم يرض بأن يبيعها أو يسومها مع واحد ، بل سامها للكلّ ولم يخصّ واحداً.

وأصله أنّ رجلاً من الأنصار شكا إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الشدّةَ والجهد ، فقال له : « ما بقي لك شي‌ء؟ » فقال : بلى قدح وحلس ، قال : « فأتني بهما » فأتاه بهما ، فقال : « مَنْ يبتاعهما؟» فقال رجل : أنا أبتاعهما بدرهم ، وقال(٣) رجل آخر : عليَّ درهمين ، فقال النبيّ : « هُما لك بالدرهمين »(٤) .

ولأنّه قد يبيعهما من واحد ويقصد إرفاقه ويخصّصه(٥) ، فإذا سامها آخَر ، فسد غرضه ، وإذا نادى عليها ، فلم يقصد إلّا طلب الثمن ، فافترقا.

تذنيب : يكره السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، لدلالته على شدّة الحرص في طلب الدنيا ، لأنّه وقت طلب الرزق من الله تعالى.

ولما رواه عليّ بن أسباط رَفَعه ، قال : « نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عن السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس »(٦) .

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ١١١٤ / ١٤٨٠ ، سنن البيهقي ٧ : ١٧٧ - ١٧٨ ، ١٨١ ، ٤٧١ ، شرح معاني الآثار ٣ : ٥ و ٦.

(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٥ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٠.

(٣) في « س ، ي » : « فقال ».

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٤٠ / ٢١٩٨ ، سنن أبي داوُد ٢ : ١٢٠ / ١٦٤١ ، مسند أحمد ٣ : ٥٥٨ - ٥٥٩ / ١١٧٢٤ بتفاوت.

(٥) في الطبعة الحجريّة : « أو تخصيصه ».

(٦) الكافي ٥ : ١٥٢ / ١٢.

١٦٢

وتكره الزيادة وقت النداء ، بل إذا سكت المنادي ، زاد ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « كان أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام يقول : إذا نادى المنادي فليس لك أن تزيد ، وإنّما يحرّم الزيادةَ النداءُ ، ويُحلّها السكوت »(١) .

مسالة ٦٦٨ : لا يجوز للرجل أن يأخذ من ولده البالغ شيئاً إلّا بإذنه - إلّا مع خوف التلف - إن كان غنيّاً ، أو كان الولد ينفق عليه ؛ لأصالة عصمة مال الغير.

ولو كان الولد صغيراً أو مجنوناً ، فالولاية للأب ، فله الاقتراض مع العسر واليسر.

ويجوز له أن يشتري من مال ولده الصغير لنفسه بثمن المثل ، ويكون موجباً قابلاً ، وأن يقوّم جاريته عليه ، ويطأها حينئذٍ.

ولو كان الأب معسراً ، جاز أن يتناول من مال ولده الموسر قدر مؤونة نفسه خاصّةً إذا مَنَعه الولد.

روى محمّد بن مسلم - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يحتاج إلى مال ابنه ، قال : « يأكل منه ما شاء من غير سرف » وقال : « وفي كتاب عليّعليه‌السلام أنّ الولد لا يأخذ من مال والده شيئاً إلّا بإذنه ، والوالد يأخذ من مال ابنه ما شاء ، وله أن يقع على جارية ابنه إذا لم يكن الابن وقع عليها ، وذكر أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لرجل : أنت ومالك لأبيك »(٢) .

وعن الباقرعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لرجل : أنت ومالك لأبيك » ثمّ قال الباقرعليه‌السلام : « لا نحبّ أن يأخذ من مال ابنه إلّا ما احتاج إليه‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ٣٠٥ - ٣٠٦ / ٨ ، وبتفاوت يسير في التهذيب ٧ : ٢٢٧ - ٢٢٨ / ٩٩٤.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٤٣ / ٩٦١ ، وفي الاستبصار ٣ : ٤٨ / ١٥٧ عن الإمام الباقرعليه‌السلام .

١٦٣

ممّا لا بُدّ منه ، إنّ الله عزّ وجلّ لا يحبّ الفساد »(١) .

وعن عليّ بن جعفر عن أخيه الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يأكل من مال ولده ، قال : « لا ، إلّا أن يضطرّ إليه ، فليأكل منه بالمعروف ، ولا يصلح للولد أن يأخذ من مال والده شيئا إلّا بإذن والده »(٢) .

مسالة ٦٦٩ : والولد يحرم عليه مال والده‌ ، فلا يحلّ له أن يأخذ منه شيئاً إلّا بإذنه ، فلو اضطرّ الولد المعسر إلى النفقة ومَنَعه الأب ، كان للولد أن يأخذ قدر مؤونته ؛ لأنّه كالدَّيْن على الأب.

ويحرم على الاُمّ أن تأخذ من مال ولدها شيئاً إلّا إذا مَنَعها النفقة الواجبة عليه.

وكذا يحرم على الولد أخذ مال الاُمّ إلّا إذا وجب نفقته عليها ومَنَعْته.

وليس لها أن تقترض من مال ولدها الصغير كما سوّغنا ذلك للأب ؛ لأنّ الولاية له دونها ؛ لما رواه - في الحسن - محمّد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل لابنه مال فيحتاج الأب إليه ، قال : « يأكل منه ، فأمّا الاُمّ فلا تأكل منه إلّا قرضاً على نفسها »(٣) .

ويجوز للأب أن يقترض من مال ابنه الصغير ويحجّ عنه ؛ للولاية.

ولما رواه سعيد بن يسار قال : قلت للصادقعليه‌السلام : أيحجّ الرجل من مال ابنه وهو صغير؟ قال : « نعم » قلت : أيحجّ حجّة الإسلام وينفق منه؟ قال : « نعم بالمعروف » ثمّ قال : « نعم ، يحجّ منه وينفق منه ، إنّ مال الولد‌

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٣٥ / ٣ ، التهذيب ٦ : ٣٤٣ / ٩٦٢ ، الاستبصار ٣ : ٤٨ / ١٥٨.

(٢) الكافي ٥ : ١٣٥ / ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٤٤ / ٩٦٣ ، الاستبصار ٣ : ٤٨ - ٤٩ / ١٥٩ ، وفيها : « فيأكل» بدل « فليأكل ».

(٣) الكافي ٥ : ١٣٥ / ١ ، التهذيب ٦ : ٣٤٤ / ٩٦٤ ، الاستبصار ٣ : ٤٩ / ١٦٠.

١٦٤

للوالد ، وليس للولد أن ينفق من مال والده إلّا بإذنه »(١) .

وسأل ابنُ سنان - في الصحيح - الصادقَعليه‌السلام : ما ذا يحلّ للوالد من مال ولده؟ قال : « أمّا إذا أنفق عليه ولده بأحسن النفقة فليس له أن يأخذ من ماله شيئاً ، فإن كان لوالده جارية للولد فيها نصيب فليس له أن يطأها إلّا أن يقوّمها قيمة تصير لولده قيمتها عليه » قال : « ويعلن ذلك فإن كان للرجل ولد صغار لهم جارية ، فأحبّ أن يفتضّها فليقوّمها على نفسه قيمة ثمّ يصنع بها ما شاء ، إن شاء وطئ ، وإن شاء باع »(٢) .

وعلى هذا تُحمل الأحاديث المطلقة.

مسالة ٦٧٠ : لا يحلّ لكلٍّ من الزوجين أن يأخذ من مال الآخَر شيئاً‌ ؛ لأصالة عصمة مال الغير ، إلّا بإذنه ، فإن سوّغت له ذلك ، حلّ.

ولو دَفَعتْ إليه مالاً وقالت له : اصنع به ما شئت ، كره له أن يشتري به جاريةً ويطأها ؛ لأنّ ذلك يرجع بالغمّ عليها.

روى هشام عن الصادقعليه‌السلام في الرجل تدفع إليه امرأته المال فتقول : اعمل به واصنع به ما شئت ، أله أن يشتري الجارية ثمّ(٣) يطأها؟ قال : « ليس له ذلك »(٤) ومقصود الإمامعليه‌السلام الكراهة ؛ لأصالة الإباحة.

روى الحسين بن المنذر قال : قلت للصادقعليه‌السلام : دَفَعَتْ إليَّ امرأتي مالاً أعمل به ، فأشتري من مالها الجارية أطأها؟ قال : فقال : « أرادت أن تقرّ‌

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٤٥ / ٩٦٧ ، الاستبصار ٣ : ٥٠ / ١٦٥.

(٢) التهذيب ٦ : ٣٤٥ / ٩٦٨ ، الاستبصار ٣ : ٥٠ / ١٦٣.

(٣) كلمة « ثمّ » لم ترد في المصدر.

(٤) التهذيب ٦ : ٣٤٦ - ٣٤٧ / ٩٧٥.

١٦٥

عينك وتسخن عينها »(١) .

وقد وردت رخصة في أنّ المرأة لها أن تتصدّق بالمأدوم إذا لم تجحف به ، إلّا أن يمنعها فيحرم.

قال ابن بكير : سألت الصادقَعليه‌السلام عمّا يحلّ للمرأة أن تتصدّق به من مال زوجها بغير إذنه؟ قال : « المأدوم »(٢) .

وسأل عليّ بن جعفر أخاه ( موسى بن جعفرعليهما‌السلام )(٣) : عن المرأة لها أن تعطي من بيت زوجها بغير إذنه؟ قال : « لا ، إلّا أن يحلّلها »(٤) .

مسالة ٦٧١ : في الاحتكار قولان لعلمائنا :

التحريم ، وهو أصحّ قولي الشافعي(٥) ؛ لما رواه العامّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « لا يحتكر إلّا خاطئ »(٦) أي آثم.

وقالعليه‌السلام : « الجالب مرزوق ، والمحتكر ملعون »(٧) .

وقالعليه‌السلام : « من احتكر الطعام أربعين ليلة فقد بري‌ء من الله وبري‌ء الله منه »(٨) .

____________________

(١) التهذيب ٦ : ٣٤٧ / ٩٧٦.

(٢) الكافي ٥ : ١٣٧ ( باب الرجل يأخذ من مال امرأته ) الحديث ٢ ، التهذيب ٦ : ٣٤٦ / ٩٧٣.

(٣) بدل ما بين القوسين في « س ، ي » : « الكاظمعليه‌السلام ».

(٤) التهذيب ٦ : ٣٤٦ / ٩٧٤.

(٥) المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٩٩ ، حلية العلماء ٤ : ٣١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٨.

(٦) صحيح مسلم ٣ : ١٢٢٨ / ١٣٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٢٨ / ٢١٥٤ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٧١ / ٣٤٤٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٦٧ / ١٢٦٧ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٤٨.

(٧) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٢٨ / ٢١٥٣ ، سنن البيهقي ٦ : ٣٠ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٤٩.

(٨) المستدرك - للحاكم - ٢ : ١١ - ١٢ ، مسند أحمد ٢ : ١١٦ ، ٤٨٦٥.

١٦٦

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يحتكر الطعام إلّا خاطئ»(١) .

وعن الصادقعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الجالب مرزوق ، والمحتكر ملعون »(٢) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « الحكرة في الخصب أربعون يوماً ، وفي الشدّة والبلاء ثلاثة أيّام ، فما زاد على الأربعين يوماً في الخصب فصاحبه ملعون ، وما زاد في العسرة على ثلاثة أيّام فصاحبه ملعون »(٣) .

وروي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله « من احتكر على المسلمين لم يمت حتى يضربه الله بالجذام والإفلاس »(٤) .

والكراهة ؛ للأصل.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « وإن كان الطعام قليلا لا يسع الناس فإنّه يكره أن يحتكر الطعام ويترك الناس ليس لهم طعام »(٥) .

مسالة ٦٧٢ : الاحتكار هو حبس الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن والملح بشرطين : الاستبقاء للزيادة ، وتعذّر غيره ، فلو استبقاها لحاجته أو وُجد غيره ، لم يمنع.

وقيل : أن يستبقيها في الغلاء ثلاثة أيّام ، وفي الرخص أربعين‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٥٩ / ٧٠١ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ / ٤٠٣.

(٢) الكافي ٥ : ١٦٥ / ٧ ، الفقيه ٣ : ١٦٩ / ٧٥١ ، التهذيب ٧ : ١٥٩ / ٧٠٢ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ / ٤٠٤.

(٣) الكافي ٥ : ١٦٥ / ٧ ، التهذيب ٧ : ١٥٩ / ٧٠٣ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ / ٤٠٥.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٢٩ / ٢١٥٥ ، الترغيب والترهيب ٢ : ٥٨٣ / ٤ بتفاوت.

(٥) الكافي ٥ : ١٦٥ / ٥ ، التهذيب ٧ : ١٦٠ / ٧٠٨ ، الاستبصار ٣ : ١١٥ - ١١٦ / ٤١١.

١٦٧

يوماً(١) .

وفسّر الشافعيّةُ الاحتكارَ : أن يشتري ذو الثروة من الطعام ما لا يحتاج إليه في حال ضيقه وغلاة على الناس فحبسه عنهم(٢) .

فأمّا إذا اشترى في حال سعته ، وحَبَسه ليزيد نفعه(٣) ، أو كان له طعام في زرعه فحبسه ، جاز ما لم يكن بالناس ضرورة ، فأمّا إذا كان بهم ضرورة ، وجب عليه بذله لهم لأحيائهم ، وبه قال الشافعي(٤) أيضاً.

ولا بأس أن يشتري في وقت الغلاء لنفقة نفسه وعياله ثمّ يفضل شي‌ء فيبيعه في وقت الغلاء.

ولا بأس أن يشتري في وقت الرخص ليربح في وقت الغلاء.

ولا بأس أن يمسك غلّة ضيعته ليبيع في وقت الغلاء ، ولكنّ الأولى أن يبيع ما فضل عن كفايته.

وهل يكره إمساكه؟ للشافعيّة وجهان(٥) .

وتحريم الاحتكار مختصّ بالأقوات ، ومنها : التمر والزبيب ، ولا يعمّ جميع الأطعمة ، قاله الشافعي(٦) .

وقال الصادق ٧ : « الحكرة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والسمن »(٧) .

____________________

(١) القائل بذلك من أصحابنا الإماميّة هو الشيخ الطوسي في النهاية : ٣٧٤ - ٣٧٥.

(٢و٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٨.

(٣) في « س » و الطبعة الحجريّة : « ليريد منعه » و في « ي » : « ليزيد منعه » والظاهر ما أثبتناه

(٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٨ - ٧٩.

(٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٦ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

(٧) الكافي ٥ : ١٦٤ / ١ ، التهذيب ٧ : ١٥٩ / ٧٠٤ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ / ٤٠٦.

١٦٨

وسأل الحلبي الصادقَعليه‌السلام : عن الزيت ، فقال : « إذا كان عند غيرك فلا بأس بإمساكه»(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « الحكرة أن يشتري طعاماً ليس في المصر غيره فيحتكره ، فإن كان في المصر طعام أو يباع غيره فلا بأس أن يلتمس بسلعته الفضل »(٢) .

مسالة ٦٧٣ : يجبر الإمام أو نائبه المحتكر على البيع.

وهل يسعّر عليه؟ قولان لعلمائنا ، المشهور : العدم ؛ لما رواه العامّة أنّ السعر غلا على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا : يا رسول الله سعِّر لنا ، فقال : « إنّ الله هو المسعِّر القابض الباسط ، وإنّي لأرجو أن ألقى ربّي وليس أحد(٣) منكم يطلبني بمظلمةٍ بدمٍ ولا مالٍ »(٤) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « فقد الطعام على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأتى المسلمون فقالوا : يا رسول الله فقد الطعام ولم يبق منه شي‌ء إلاّ عند فلان ، فمره يبع ، قال : فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : يا فلان إنّ المسلمين ذكروا أنّ الطعام قد فُقد إلّا شيئاً عندك ، فأخرجه وبِعْه كيف شئت ولا تحبسه »(٥) ففوّض السعر إليه.

وعن أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام قال : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مرّ بالمحتكرين فأمر بحكرتهم أن تخرج إلى بطون الأسواق وحيث تنظر‌

____________________

(١و٢) الكافي ٥ : ١٦٤ - ١٦٥ / ٣ ، التهذيب ٧ : ١٦٠ / ٧٠٦ ، الاستبصار ٣ : ١١٥ / ٤٠٩.

(٣) في « س ، ي » والطبعة الحجريّة : « لأحد ». وما أثبتناه من المصادر.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٤١ / ٢٢٠٠ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٧٢ / ٣٤٥١ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٤٩ ، مسند أحمد ٣ : ٦٢٩ / ١٢١٨١ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧.

(٥) الكافي ٥ : ١٦٤ / ٢ ، التهذيب ٧ : ١٥٩ / ٧٠٥ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ / ٤٠٧.

١٦٩

الأبصار إليها ، فقيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو قوّمت عليهم ، فغضبعليه‌السلام حتى عرف الغضب من وجهه ، فقال : أنا اُقوّم عليهم!؟ إنّما السعر إلى الله يرفعه إذا شاء ، ويخفضه إذا شاء »(١) .

إذا ثبت هذا ، فإنّه لا يجوز أن يسعّر حالة الرخص عندنا وعند الشافعي(٢) .

وأمّا حالة الغلاء فكذلك عندنا.

وللشافعي وجهان :

أحدهما : يجوز له أن يسعّر - وبه قال مالك - رفقاً بالضعفاء.

وأصحّهما : أنّه لا يجوز تمكيناً للناس من التصرّف في أموالهم. ولأنّهم قد يمتنعون بسبب ذلك عن البيع ، فيشتدّ الأمر(٣) .

وقال بعض الشافعيّة : إن كان الطعام يجلب إلى البلدة ، فالتسعير حرام. وإن كان يزرع بها ويكون عند التناه(٤) فيها ، فلا يحرم(٥) .

وحيث جوّزنا التسعير فإنّما هو في الأطعمة خاصّة دون سائر الأقمشة والعقارات.

ويلحق بها علف الدوابّ ، وهو أظهر وجهي الشافعيّة(٦) .

وإذا قلنا بالتسعير فسعَّر الإمام فخالف واحدٌ ، عُزّر ، وصحّ البيع.

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٦١ - ١٦٢ / ٧١٣ ، الاستبصار ٣ : ١١٤ - ١١٥ / ٤٠٨.

(٢و٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

(٤) في « العزيز شرح الوجيز » : « الغلاء » بدل « التناه ». وفي « ي » : « التناء ». والظاهر أنّ كلمة « التناه » مأخوذة من ناه الشي‌ء ينوه : ارتفع وعلا. اُنظر : لسان العرب ١٣ :٥٥٠ « نوه ».

(٥و٦) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

١٧٠

وللشافعي في صحّته قولان(١) .

مسالة ٦٧٤ : تلقّي الركبان منهيّ عنه إجماعاً.

وهل هو حرام أو مكروه؟ الأقرب : الثاني ؛ لأنّ العامّة روت أنّ النبيّعليه‌السلام قال : « لا تتلقّوا الركبان للبيع »(٢) .

ومن طريق الخاصّة : قول الباقرعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهعليه‌السلام :

لا يتلقّى أحدكم تجارة خارجاً من المصر ، ولا يبيع حاضر لباد ، والمسلمون يرزق الله بعضهم من بعض »(٣) .

وصورته أن ترد طائفة إلى بلد بقماش ليبيعوا فيه ، فيخرج الإنسان يتلقّاهم فيشتريه منهم قبل قدوم البلد ومعرفة سعره. فإن اشترى منهم من غير معرفة منهم بسعر البلد ، صحّ البيع ؛ لأنّ النهي لا يعود إلى معنى في البيع ، وإنّما يعود إلى ضرب من الخديعة والإضرار ، لأنّ في الحديث « فإن تلقّاه متلقّ فاشتراه فصاحبه بالخيار إذا قدم السوق »(٤) فأثبت البيع مع ذلك.

إذا ثبت هذا ، فإنّه لا خيار لهم قبل أن يقدموا البلد ويعرفوا السعر ، وبعده يثبت لهم الخيار مع الغبن ، سواء أخبر كاذباً أو لم يخبر. ولو انتفى الغبن ، فلا خيار.

وقال الشافعي : إذا كان الشراء بسعر البلد أو زائداً ، ففي ثبوت الخيار(٥) وجهان :

أحدهما : يثبت ؛ لظاهر الخبر.

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ٣٤٨ ، مسند أحمد ٣ : ٢٩٤ / ١٠١٣٨.

(٣) الكافي ٥ : ١٦٨ ( باب التلقّي ) الحديث ١ ، التهذيب ٧ : ١٥٨ / ٦٩٧.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٧ / ١٧ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٨.

(٥) في « س » : « ثبوته » بدل « ثبوت الخيار ».

١٧١

وأصحّهما : العدم ؛ لأنّه لم يوجد تغرير وخيانة(١) .

ولا فرق بين أن يكون مشترياً منهم أو بائعاً عليهم.

ولو ابتدأ الباعة والتمسوا منه الشراء مع علمٍ منهم بسعر البلد أو غير علم ، فالأقرب : ثبوت الخيار مع الغبن كما قلنا.

وللشافعي(٢) القولان السابقان.

ولو خرج اتّفاقاً لا بقصد التلقّي ، بل خرج لشغلٍ(٣) آخر من اصطياد وغيره فرآهم مقبلين فاشترى منهم شيئاً ، لم يكن قد فَعَل مكروهاً.

وللشافعيّة وجهان :

أحدهما : أنّه يعصي ؛ لشمول المعنى.

والثاني : لا يعصي ؛ لأنّه لم يتلقّ.

والأظهر عندهم : الأوّل(٤) .

فعلى الثاني لا خيار لهم وإن كانوا مغبونين ، عند الشافعي(٥) .

وعندنا يثبت الخيار للمغبون مطلقاً.

وقال بعض الشافعيّة : إن أخبر بالسعر كاذباً ، ثبت(٦) الخيار.

وحيث ثبت الخيار فهو على الفور ، كخيار العيب.

وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، وهو أصحّهما. والثاني : أنّه يمتدّ ثلاثة أيّام ، كخيار التصرية(٧) .

ولو تلقّى الركبان وباع منهم ما يقصدون شراءه في البلد ، فهو‌

____________________

(١و٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٠.

(٣) في « س » والطبعة الحجريّة : « بشغل ».

(٤و٥) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٠.

(٦) في الطبعة الحجريّة : « يثبت ».

(٧) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٠.

١٧٢

كالتلقّي.

وللشافعي وجهان :

أحدهما : لا يثبت فيه حكمه ؛ لأنّ النهي ورد عن الشراء.

والثاني : نعم ؛ لما فيه من الاستبداد بالرفق الحاصل منهم(١) .

وقال مالك : البيع باطل(٢) .

وحدّ التلقّي عندنا أربعة فراسخ ، فإن زاد على ذلك ، لم يكره ولم يكن تلقّياً ، بل كان تجارةً وجلباً ؛ لما رواه منهال عن الصادقعليه‌السلام قال : قال : « لا تلقّ فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن التلقّي » قلت : وما حدّ التلقّي؟ قال : « ما دون غدوة أو روحة » قلت : وكم الغدوة والروحة؟ قال : « أربعة فراسخ » قال ابن أبي عمير : وما فوق ذلك فليس بتلقّ(٣) .

مسالة ٦٧٥ : يكره أن يبيع حاضر لباد فيكون الحاضر وكيلا للبادي.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يبيع حاضر لباد »(٤) .

وصورته أن يجلب أهل البادية متاعا إلى بلد أو قرية فيجي‌ء إليه الحاضر في البلد فيقول : لا تبعه فأنا أبيعه لك بعد أيّام بأكثر من ثمنه الآن.

وليس محرّما ، للأصل.

وقال الشافعي : إنّه محرّم ، للنهي(٥) .

ويحصل له الإثم بشروط أربعة :

____________________

(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٨٠.

(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٩.

(٣) الكافي ٥ : ١٦٩ / ٤ ، التهذيب ٧ : ١٥٨ / ٦٩٩.

(٤) صحيح مسلم ٣ : ١١٥٥ / ١١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٤ / ٢١٧٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٥٢٥ / ١٢٢٢ ، سنن النسائي ٧ : ٢٥٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٦.

(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

١٧٣

أ - أن يكون البدوي يريد البيع.

ب - أن يريد بيعه في الحال.

ج - أن يكون بالناس حاجة إلى المتاع وهُمْ في ضيق.

د - أن يكون الحاضر استدعى منه ذلك.

روى ابن عباس أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : « لا يبيع حاضر لباد » قال طاوُس : وكيف لا يبيع؟ فقال : لا يكون له سمساراً(١) .

والأصل في المنع أنّ فيه إدخال الضرر على أهل الحضر وتضييقاً عليهم ، فلهذا نهي عنه.

فإن لم توجد هذه الشرائط أو شرط منها ، جاز ذلك ؛ لأنّه إذا لم يكن بأهل البلد حاجة ، فلا ضرر في تأخير بيع ذلك.

وكذا إذا لم يرد صاحبه بيعه أو لم يرد بيعه في الحال ، فإنّه يجوز للحضري أن يتولّى له البيع.

ولو وُجدت الشرائط وخالف الحاضر وباع ، صحّ البيع ؛ لأنّ النهي لا لمعنى يعود إلى البيع.

وشرط بعض الشافعيّة أن يكون الحاضر عالماً بورود النهي فيه ، وهذا شرط يعمّ جميع المناهي. وأن يظهر من ذلك المتاع سعة في البلد ، فإن لم تظهر إمّا لكبر البلد وقلّة ذلك الطعام أو لعموم وجوده ورخص السعر ، ففيه عندهم وجهان ، أوفقهما لمطلق الخبر : أنّه يحرم. والثاني : لا ، لأنّ المعنى المحرّم تفويت الرزق ، والربح على الناس ، وهذا المعنى لم يوجد هنا. وأن يكون المتاع المجلوب إليه ممّا تعمّ الحاجة إليه ، كالصوف والأقِط‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ٩٤ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٥٧ / ١٥٢١ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٦٩ / ٣٤٣٩ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٦.

١٧٤

وسائر أطعمة القرى ، وأمّا ما لا يحتاج إليه إلّا نادراً فلا يدخل تحت النهي(١) .

ولو استشار البدوي بالحضري فيما فيه حظّه ، قال بعض الشافعيّة : إذا كان الرشد في الادّخار والبيع على التدريج ، وجب عليه إرشاده إليه بذْلاً للنصيحة(٢) .

وقال بعضهم : لا يرشده إليه توسّعاً على الناس(٣) .

مسالة ٦٧٦ : روى العامّة أنّه قد نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن بيع العربان(٤) . ويقال : عربون ، وأربان وأربون. والعامّة يقولون : ربون.

وهو أن يشتري السلعة فيدفع درهما أو دينارا على أنّه إن أخذ السلعة ، كان المدفوع من الثمن. وإن لم يدفع الثمن وردّ السلعة ، لم يسترجع ذلك المدفوع - وبه قال الشافعي(٥) - للنهي الذي رواه العامّة.

ومن طريق الخاصّة : قول الصادق ٧ : « كان أمير المؤمنين ٧ يقول : لا يجوز بيع العربون إلاّ أن يكون نقدا من الثمن »(٦) .

وقال أحمد : لا بأس به ؛ لما روي أنّ نافع بن عبد الحارث اشترى لعمر دار السجن من صفوان، فإن رضي عمر ، وإلّا له كذا وكذا. وضعّف‌

____________________

(١) الحاوي الكبير ٥ : ٣٤٧ - ٣٤٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٧ - ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩.

(٢ و ٣ ) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٩ - ٨٠.

(٤) سنن ابن ماجة ٢ : ٧٣٨ / ٢١٩٢ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٢٨٣ / ٣٥٠٢ ، سنن البيهقي ٥ : ٣٤٢.

(٥) حلية العلماء ٤ : ٣١٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٣٤ ، المغني ٤ : ٣١٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٦.

(٦) الكافي ٥ : ٢٣٣ ( باب العربون ) الحديث ١ ، التهذيب ٧ : ٢٣٤ / ١٠٢١.

١٧٥

حديث النهي(١) .

قالت الشافعيّة : إنّه ليس بصحيح ؛ لأنّه شرط أن يكون للبائع شي‌ء بغير عوض ، فهو كما لو شرط للأجنبيّ(٢) .

ويفسّر العربون أيضاً بأن يدفع دراهم إلى صانع ليعمل له شيئاً من خاتم يصوغه أو خفّ يخرزه أو ثوب ينسجه على أنّه إن رضيه بالمدفوع في الثمن ، وإلّا لم يستردّه منه. وهُما(٣) متقاربان.

مسالة ٦٧٧ : بيع التلجئة باطل عندنا‌ ، وهو أن يتّفقا على أن يُظهرا العقد خوفاً من ظالم من غير بيع ، ويتواطآ على الاعتراف بالبيع ، أو لغير ذلك - وبه قال أحمد وأبو يوسف ومحمّد(٤) - لأنّ الأصل بقاء الملك على صاحبه ، ولم يوجد ما يخرجه عن أصالته. ولأنّهما لم يقصدا البيع ، فلا يصحّ منهما ، كالهازلَيْن.

وقال أبو حنيفة والشافعي : هو صحيح ؛ لأنّ البيع تمّ بأركانه وشروطه خاليةً عن مقارنة مُفسدٍ ، فصحّ ، كما لو اتّفقا على شرطٍ فاسد ثمّ عقدا البيع بغير شرط(٥) .

ونمنع تماميّة البيع.

ولو تبايعا بعد ذلك بعقدٍ صحيح ، صحّ البيع إن لم يوقعاه قاصدين لما تقدّم من المواطأة ؛ لأصالة الصحّة ، وعدم صلاحية سبق المواطاة للمانعيّة.

وكذا لو اتّفقا على أن يتبايعا بألف ويُظهرا ألفين فتبايعا بألفين ، فإنّ‌

____________________

(١) المغني ٤ : ٣١٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٦ ، حلية العلماء ٤ : ٣١٣ ، المجموع ٩ : ٣٣٥.

(٢) المغني ٤ : ٣١٣ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٦.

(٣) أي : هذا التفسير والتفسير المتقدّم في صدر المسألة.

(٤ و ٥ ) المغني ٤ : ٣٠٢ ، الشرح الكبير ٤ : ٤٩ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٣٤.

١٧٦

البيع لازم ، والاتّفاق السابق لا يؤثّر ، قاله الشافعي ، ورواه أبو يوسف عن أبي حنيفة(١) .

وروى محمّد عن أبي حنيفة أنّه لا يصحّ البيع إلّا على أن يتّفقا على أنّ الثمن ألف درهم ويتبايعاه بمائة دينار ، فيكون الثمن مائة دينار استحساناً - وإليه ذهب أبو يوسف ومحمّد - لأنّه إذا تقدّم الاتّفاق ، صارا كالهازلَيْن بالعقد ، فلم يصحّ العقد(٢) .

قالت الشافعيّة : الشرط السابق لحالة العقد لا يؤثّر فيه ، كما لو اتّفقا على شرطٍ فاسد ثمّ عقدا العقد ، فإنّه لا يثبت فيه(٣) .

مسالة ٦٧٨ : قد ذكرنا أنّ التجارة مستحبّة.

قال الصادقعليه‌السلام : « ترك التجارة ينقص العقل »(٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام لمعاذ في حديثٍ : « اسع على عيالك ، وإيّاك أن يكونوا هُم السعاة عليك »(٥) .

إذا ثبت هذا ، فينبغي لمن أراد التجارة أن يبدأ أوّلاً فيتفقّه.

قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « مَن اتّجر بغير علمٍ ارتطم في الربا ثمّ ارتطم »(٦) .

وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول على المنبر : « يا معشر التجّار الفقه ثمّ المتجر ، الفقه ثمّ المتجر، والله للربا في هذه الاُمّة أخفى من دبيب النملة على الصفا ، شوبوا أيمانكم بالصدقة(٧) ، التاجر فاجر ، والفاجر في النار إلّا‌

____________________

(١ - ٣ ) المجموع ٩ : ٣٣٤.

(٤) الكافي ٥ : ١٤٨ / ١ ، التهذيب ٧ : ٢ / ١.

(٥) الكافي ٥ : ١٤٨ - ١٤٩ / ٦ ، التهذيب ٧ : ٢ - ٣ / ٣.

(٦) الكافي ٥ : ١٥٤ / ٢٣ ، الفقيه ٣ : ١٢٠ / ٥١٣ ، التهذيب ٧ : ٥ / ١٤.

(٧) في الكافي « بالصدق ».

١٧٧

مَنْ أخذ الحقّ وأعطى الحقّ »(١) .

« وكان عليّعليه‌السلام بالكوفة يغتدي كلّ يوم بكرةً من القصر يطوف في أسواق الكوفة سوقاً سوقاً ومعه الدرّة على عاتقه فيقف على أهل كلّ سوق فينادي : يا معشر التجّار اتّقوا الله عزّ وجلّ ، فإذا سمعوا صوته ألقوا ما في أيديهم وأرعوا إليه بقلوبهم وسمعوا بآذانهم ، فيقول : قدّموا الاستخارة ، وتبرّكوا بالسهولة ، واقتربوا من المتبايعين ، وتزيّنوا بالحلم ، وتناهوا عن اليمين ، وجانبوا الكذب ، وتجافوا عن الظلم ، وأنصفوا المظلومين ، ولا تقربوا الربا ، وأوفوا الكيل والميزان ، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ، ولا تعثوا في الأرض مفسدين ، فيطوف في جميع الأسواق بالكوفة ثمّ يرجع فيقعد للناس »(٢) .

مسالة ٦٧٩ : يكره الحلف على البيع‌ ، وكتمان العيب ، ومدح البائع ، وذمّ المشتري ، والمبادرة إلى السوق أوّلاً ؛ لما فيه من شدّة الحرص في الدنيا.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مَنْ باع واشترى فليحفظ خمس خصال ، وإلّا فلا يشتر ولا يبع : الربا ، والحلف ، وكتمان العيب ، والحمد إذا باع ، والذمّ إذا اشترى »(٣) .

وقال الكاظمعليه‌السلام : « ثلاثة لا ينظر الله اليهم ، أحدهم : رجل اتّخذ الله عزّ وجلّ بضاعة لا يشتري إلّا بيمين ولا يبيع إلّا بيمين »(٤) .

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٥٠ / ١ ، الفقيه ٣ : ١٢١ / ٥١٩ ، التهذيب ٧ : ٦ / ١٦.

(٢) الكافي ٥ : ١٥١ / ٣ ، بتفاوت يسير في بعض الألفاظ ، التهذيب ٧ : ٦ / ١٧.

(٣) التهذيب ٧ : ٦ / ١٨ ، وفي الكافي ٥ : ١٥٠ - ١٥١ / ٢ ، والفقيه ٣ : ١٢٠ - ١٢١ / ٥١٥ بتفاوت يسير في بعض الألفاظ.

(٤) الكافي ٥ : ١٦٢ / ٣ ، التهذيب ٧ : ١٣ / ٥٦.

١٧٨

وقال الصادقعليه‌السلام : « إيّاكم والحلف ، فإنّه يمحق البركة ، وينفق السلعة »(١) .

وتكره معاملة ذوي العاهات.

قال الصادقعليه‌السلام : « لا تعامل ذا عاهة فإنّهم أظلم شي‌ء »(٢) .

وكذا تكره مخالطة السفلة والمحارفين والأكراد ، ولا يعامل إلّا مَنْ نشأ في خير.

قال الصادقعليه‌السلام : « إيّاكم ومخالطة السفلة فإنّ السفلة لا يؤول إلى خير »(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا تشتر من محارف ، فإنّ حرفته لا بركة فيها »(٤) .

وسأل أبو الربيع الشامي الصادقَعليه‌السلام ، فقلت : إنّ عندنا قوماً من الأكراد وإنّهم لا يزالون يجيئون بالبيع فنخالطهم ونبايعهم ، فقال : « يا أبا الربيع لا تخالطوهم ، فإنّ الأكراد حيّ من أحياء الجنّ كشف الله عنهم الغطاء ، فلا تخالطوهم »(٥) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا تخالطوا ولا تعاملوا إلّا مَنْ نشأ في الخير »(٦) .

واستقرض قهرمان لأبي عبد اللهعليه‌السلام من رجل طعاماً للصادقعليه‌السلام ، فألحّ في التقاضي ، فقال له الصادقعليه‌السلام : « ألم أنهك أن تستقرض ممّن‌

____________________

(١) التهذيب ٧ : ١٣ / ٥٧.

(٢) الكافي ٥ : ١٥٨ / ٣ ، التهذيب ٧ : ١١ / ٤٠.

(٣) الكافي ٥ : ١٥٨ / ٧ ، التهذيب ٧ : ١٠ / ٣٨.

(٤) التهذيب ٧ : ١١ / ٤١.

(٥) الكافي ٥ : ١٥٨ / ٢ ، التهذيب ٧ : ١١ / ٤٢.

(٦) الكافي ٥ : ١٥٨ / ٥ ، الفقيه ٣ : ١٠٠ / ٣٨٨ ، التهذيب ٧ : ١٠ / ٣٦.

١٧٩

لم يكن له فكان »(١) .

مسالة ٦٨٠ : يستحبّ إنظار المعسر ، وإقالة النادم‌ ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يأذن لحكيم بن حزام في تجارة حتى ضمن له إقالة النادم وإنظار المعسر وأخذ الحقّ وافياً أو غير وافٍ(٢) .

وعن الصادقعليه‌السلام قال : « لا يكون الوفاء حتى يرجّح »(٣) .

وقال : « لا يكون الوفاء حتى يميل الميزان »(٤) .

ولا ينبغي أن يتعرّض للكيل أو الوزن(٥) إلّا من يعرفهما حذراً من أخذ مال الغير.

مسالة ٦٨١ : لا يبيع المبيع في المواضع المظلمة التي لا يظهر فيها المبيع ظهوراً بيّناً ، حذراً من الغشّ.

قال هشام بن الحكم : كنت أبيع السابري في الظلال ، فمرّ بي الكاظمعليه‌السلام فقال : « يا هشام إنّ البيع في الظلال غشّ ، والغشّ لا يحلّ »(٦) .

ويحرم أن يزيّن المتاع بأن يُظهر جيّده ويكتم رديئه.

قال الباقرعليه‌السلام : « مرّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في سوق المدينة بطعام ، فقال لصاحبه : ما أرى طعامك إلّا طيباً ، وسأل عن سعره ، فأوحى الله تعالى [ إليه ](٧) أن يدير يده في الطعام ، ففَعَل فأخرج طعاماً رديئاً ، فقال لصاحبه :

____________________

(١) الكافي ٥ : ١٥٨ / ٤ ، التهذيب ٧ : ١٠ / ٣٩.

(٢) الكافي ٥ : ١٥١ / ٤ ، التهذيب ٧ : ٥ / ١٥.

(٣) الكافي ٥ : ١٦٠ ( باب الوفاء والبخس ) الحديث ٥ ، التهذيب ٧ : ١١ / ٤٣.

(٤) الكافي ٥ : ١٥٩ / ١ ، التهذيب ٧ : ١١ / ٤٤.

(٥) في « ي » : « للكيل والوزن ». وفي الطبعة الحجريّة : « الكيل والوزن ».

(٦) الكافي ٥ : ١٦٠ - ١٦١ / ٦ ، التهذيب ٧ : ١٣ / ٥٤.

(٧) ما بين المعقوفين من المصدر.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508