بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 199442 / تحميل: 7654
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

محمد؟ فقال كعب : اعرضوا عليَّ دينكم ، فقال أبو سفيان : نحن ننحر للحجيج الكَوْمَاء ، ونسقيهم الماء ، ونَقْرِي الضيف ، ونفك العاني ، ونصل الرحم ، ونعمر بيت ربنا ، ونطوف به ، ونحن أهل الحرم ، ومحمد فارق دين آبائه ، وقطع الرحم ، وفارق الحرم ، وديننا القديم ، ودين محمد الحديث. فقال كعب : أنتم والله أهدى سبيلاً مما هو عليه ، فأنزل الله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ) يعني كعباً وأصحابه. الآية.

[١٥١]

قوله تعالى :( أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ ) الآية. [٥٢].

٣٢٢ ـ أخبرنا أحمد بن إبراهيم المقري ، قال : أخبرنا سفيان بن محمد ، قال : أخبرنا مكي بن عبدان ، قال : حدَّثنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا رَوْح ، قال : حدَّثنا سعيد ، عن قتادة ، قال :

نزلت هذه الآية في كعب بن الأشْرَف وحُيَيِّ بن أخْطَب ـ رجلين من اليهود من بين النَّضِير ـ لقيا قريشاً بالموسم فقال لهما المشركون : أنحن أهدى أم محمد وأصحابه ، فإنا أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم؟ فقالا : بل أنتم أهدى من محمد ، وهما يعلمان أنهما كاذبان ، إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه ، فأنزل الله تعالى :( أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً ) فلما رجعا إلى قومهما قال لهما قومهما : إن محمداً يزعم أنه قد نزل فيكما كذا وكذا ، فقالا : صدق ، والله ما حملنا على ذلك إلا بغضه وحسده.

[١٥٢]

قوله تعالى :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) . [٥٨].

٣٢٣ ـ نزلت في عثمان بن طَلْحَةَ الحَجَبِيّ ، من بني عبد الدار ، كان سَادِن

__________________

[٣٢٢] مرسل.

[٣٢٣] قال الحافظ في الإصابة (٢ / ٤٦٠) : وقع في تفسير الثعلبي بغير سند في قوله تعالى( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) .

١٦١

الكعبة ، فلما دخل النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم مكة يوم الفتح ، أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح ، فطلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم المفتاح ، فقيل إنه مع عثمان ، فطلب منه فأبى وقال : لو علمت أنه رسول الله لما منعته المفتاح ، فلوى عليّ بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب ، فدخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم البيت وصلى فيه ركعتين ، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ليجمع له بين السقاية والسِّدَانة فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم علياً أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه ، ففعل ذلك عليّ ، فقال له عثمان : يا علي أَكْرهْتَ وآذيت ثم جئت ترفق! فقال : لقد أنزل الله تعالى في شأنك ، وقرأ عليه هذه الآية فقال عثمان : أشهد أن محمداً رسول الله ، وأسلم ، فجاء جبريلعليه‌السلام وقال : ما دام هذا البيت فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان. وهو اليوم في أيديهم.

٣٢٤ ـ أخبرنا أبو حسان المُزَكّي ، قال : أخبرنا هارون بن محمد الأسْتَرآبَاذِي ، قال : حدَّثنا أبو محمد الخُزاعي ، قال : حدَّثنا أبو الوليد الأزْرَقي ، قال : حدَّثنا جدي ، عن سفيان ، عن سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، عن مجاهد في قول الله تعالى :( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ) قال :

نزلت في [عثمان] بن طَلْحَة ، قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم مفتاح الكعبة ، فدخل الكعبة يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية ، فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح ، وقال : خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله ، لا ينزعها منكم إلا ظالم.

٣٢٥ ـ أخبرنا أبو نصر المِهْرَجَاني ، قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد الزاهد ،

__________________

إن عثمان المذكور أسلم يوم الفتح بعد أن دفع له النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم مفتاح البيت.

وهذا منكر فالمعروف أنه أسلم وهاجر مع عمرو بن العاص وخالد بن الوليد.

قلت : قال ابن عبد البر في الاستيعاب (٣ / ٩٢) : أنه أسلم في هدنة الحديبية.

[٣٢٤] مرسل.

[٣٢٥] إسناده ضعيف : مصعب بن شيبة : قال الحافظ في التقريب : لين الحديث [تقريب ٢ / ٢٥١] ، وقال المزي في تهذيب الكمال ٣ / ١٣٣٣ : قال أبو بكر الأثرم عن أحمد بن حنبل : روى أحاديث مناكير ، وقال إسحاق ابن منصور عن يحيى بن معين : ثقة ، وقال أبو حاتم : لا يحمدونه وليس بقوي ، وقال النسائي فيما قرأت بخطه : مصعب منكر الحديث وقال في موضع آخر : في حديثه شيء أ. ه.

١٦٢

قال : أخبرنا أبو القاسم المُقْرِي ، قال : حدَّثني أحمد بن زهير ، قال : أخبرنا مُصْعَب ، قال : حدَّثنا شَيْبَةُ بن عثمان بن أبي طَلْحَةَ ، قال :

دفع النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم المفتاح إليَّ وإلى عثمان ، وقال : خذوها يا بني أبي طلحة خالدة تَالِدَة ، لا يأخذها منكم إلا ظالم. فبنو أبي طلحة ـ الذين يَلُونَ سِدَانَةَ الكعبة ـ من بني عبد الدَّار.

[١٥٣]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) الآية. [٥٩].

٣٢٦ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد العَدْل ، قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي زكريا الحافظ ، قال : أخبرنا أبو حامد بن الشَّرقي ، قال : حدَّثنا محمد بن يحيى ، قال : حدَّثنا حَجَّاج بن محمد ، عن ابن جُرَيْج ، قال : أخبرني يَعْلَى بن مُسْلِم ، عن سعيد بن جُبَيْر ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) قال :

نزلت في عبد الله بن حُذَافة بن قَيْس بن عَدِي ، بعثه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في سَرِيَّة. رواه البخاري عن صدقة بن الفضل ، ورواه مسلم عن زهير بن حرب ، كلاهما عن حجاج.

٣٢٧ ـ وقال ابن عباس في رواية بَاذَان : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم خالد بن

__________________

قلت : له ترجمة في الميزان وذكر الذهبي له حديثاً عند أبي داود وقال أبو داود : مصعب ضعيف

[٣٢٦] صحيح : أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٨٤).

وأخرجه مسلم في الإمارة (٣١ / ١٨٣٤) ص ١٤٦٥.

وأبو داود في الجهاد (٢٦٢٤) والترمذي في الجهاد (١٦٧٢).

والنسائي في التفسير (١٢٩).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٥٦٥١) للنسائي في البيعة.

والنسائي في السير في الكبرى.

وأخرجه أحمد في مسنده (١ / ٣٣٧) وأخرجه ابن جرير (٥ / ٩٤) وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٠).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٧٦) للبيهقي في الدلائل وابن أبي حاتم وابن المنذر.

[٣٢٧] بإذن هو أبو صالح قال ابن حبان لم يسمع من ابن عباس.

١٦٣

الوليد في سَرِيّة ، إلى حيّ من أحياء العرب ، وكان معه عمَّار بن يَاسِر ، فسار خالد حتى إذا دنا من القوم عَرَّسَ لكي يُصَبِّحَهُم ، فأتاهم النذير فهربوا غير رجل قد كان أسلم ، فأمر أهله أن يتأَهَبُوا للمسير ، ثم انطلق حتى أتى عسكر خالد ، ودخل على عمّار فقال : يا أبا اليَقْظَان! إِني منكم ، وإنّ قومي لمّا سمعوا بكم هربوا ، وأقمت لإسلامي ، أفَنَافِعِي ذلك ، أم أهرب كما هرب قومي؟ فقال : أقم فإن ذلك نافعك. وانصرف الرجل إلى أهله وأمرهم بالمقام ، وأصبح خالد فأغار على القوم ، فلم يجد غير ذلك الرجل ، فأخذه وأخذ ماله ، فأتاه عمّار فقال : خل سبيل الرجل فإِنه مسلم ، وقد كنت أَمَّنته وأمرته بالمُقام. فقال خالد : أنت تجِيرُ عليّ وأنا الأمير؟ فقال : نعم ، أنا أجير عليك وأنت الأمير. فكان في ذلك بينهما كلام ، فانصرفوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبروه خبرَ الرجل ، فأمَّنه النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأجاز أمان عمّار ، ونهاه أن يجير بعد ذلك على أمير بغير إذنه.

قال : واسْتَبَّ عمّار وخالد بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأغلظ عمّار لخالد ، فغضب خالد وقال : يا رسول الله أتدع هذا العبد يشتمني؟ فو الله لو لا أنت ما شتمني ـ وكان عمار مولى لهاشم بن المغيرة ـ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يا خالد ، كفّ عن عمار فإنه من يسب عماراً يسبّه الله ، ومن يبغض عماراً يبغضه الله». فقام عمار ، فتبعه خالد فأخذ بثوبه وسأله أن يرضى عنه ، فرضي عنه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمر بطاعة أولي الأمر.

[١٥٤]

قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ) الآية [٦٠].

٣٢٨ ـ أخبرنا سعيد بن محمد العدل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حَمْدان ،

__________________

[٣٢٨] إسناده صحيح.

وعزاه السيوطي في الدر (٢ / ١٧٨) للطبراني وابن أبي حاتم بسند صحيح. وقال الحافظ في الإصابة (٤ / ١٩) : وعند الطبراني بسند جيد عن ابن عباس فذكره.

١٦٤

قال : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حدثنا أبو اليمان ، قال : حدثنا صَفْوَان بن عمرو ، عن عِكْرِمَة ، عن ابن عباس ، قال :

كان أبو بُرْدَةَ الأَسْلَمِي كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه ، فتنافر إليه أناس من أسْلَمَ ، فأنزل الله تعالى( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ ) إِلى قَوْلِهِ( وَتَوْفِيقاً ) .

٣٢٩ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، قال : حدَّثنا أبو صالح شُعَيب بن محمد ، قال : حدَّثنا أبو حاتم التَّميمي ، قال : حدَّثنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا رُوَيْمٌ ، قال : حدَّثنا سعيد عن قتادة قال :

ذكِرَ لنا أن هذه الآية أنزلت في رجل من الأنصار يقال له : قيس ، وفي رجل من اليهود ـ في مُدارَأة كانت بينهما في حق تَدَارَآ فيه ، فتنافرا إلى كاهن بالمدينة ليحكم بينهما ، وتركا نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فعاب الله تعالى ذلك عليهما ، وكان اليهودي يدعوه إلى نبي الله وقد علم أنه لن يَجُورَ عليه ، وجعل الأنصاري يأبى عليه ، وهو يزعم أنه مسلم ، ويدعوه إلى الكاهن. فأنزل الله تعالى ما تسمعون ، وعاب على الذي يزعم أنه مسلم ، وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب ـ فقال :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) إلى قوله( يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً ) .

٣٣٠ ـ أخبرني محمد بن عبد العزيز المَرْوزِيّ في كتابه ، قال : أخبرنا محمد بن الحسين قال : أخبرنا محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا إسحاق الحنْظَليّ ، قال : أخبرنا المُؤَمِّل ، قال : حدَّثنا يزيد بن زُرَيْع ، عن دَاود ، عن الشَّعبي ، قال :

كان بين رجل من المنافقين ورجل من اليهود خصومة ، فدعا اليهودي المنافق إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لأنه علم أنه لا يقبل الرشوة ، ودعا المنافق اليهودي إلى حكامهم ، لأنه علم أنهم يأخذون الرّشوة في أحكامهم. فلما اختلفا اجتمعا على

__________________

[٣٢٩] مرسل. وعزاه في الدر (٢ / ١٧٩) لعبد بن حميد وابن جرير.

[٣٣٠] مرسل. وعزاه في الدر (٢ / ١٧٨) لابن جرير وابن المنذر.

١٦٥

أن يُحكَّما كاهنا في جُهَيْنَة ، فأنزل الله تعالى في ذلك :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) يعني المنافق( وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ) يعني اليهودي :( يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ ) إلى قوله :( وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

٣٣١ ـ وقال الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس : نزلت في رجل من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة ، فقال اليهودي : انطلق بنا إلى محمد ، وقال المنافق : بل نأتي كعب بن الأشرف ـ وهو الذي سماه الله تعالى الطاغوت ـ فأبى اليهودي إلا أن يخاصمه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فلما رأى المنافق ذلك أتى معه إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فاختصامه إليه ، فقضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لليهودي. فلما خرجا من عنده لَزِمَهُ المنافق وقال : ننطلق إلى عمر بن الخطاب. فأقبلا إلى عمر ، فقال اليهودي : اختصمت أنا وهذا إلى محمد فقضى لي عليه ، فلم يرض بقضائه ، وزعم أنه مخاصم إليك ، وتعلق بي فجئت معه ، فقال عمر للمنافق : أكذلك؟ قال : نعم ، فقال لهما : رُوَيْداً حتى أخرج إليكما. فدخل عمر [البيت] وأخذ السيف فاشتمل عليه ، ثم خرج إليهما وضرب به المنافق حتى بَرَدَ ، وقال : هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله. وهرب اليهودي ، ونزلت هذه الآية. وقال جبريلعليه‌السلام : إن عمر فَرَقَ بين الحق والباطل. فسمي الفارُوق.

٣٣٢ ـ وقال السُّدِّي : كان ناس من اليهود أسلموا ونافق بعضهم ، وكانت قريظة والنَّضِير في الجاهلية إذا قَتل رجلٌ من بني قريظة رجلاً من بني النَّضِيرِ قُتِلَ به وأخذ ديته مائة وَسقٍ من تمر ، وإذا قتل رجلٌ من بني النَّضير رجلاً من قُرَيْظَةَ لم يقتل به ، وأعطى ديته ستين وَسقاً من تمر. وكانت النّضِير حلفاء الأَوْس. وكانوا أكبر وأشرف من قُرَيْظَة ، وهم حلفاء الخزْرَج ، فقتل رجلٌ من النضير رجلاً من قريظة ، واختصموا في ذلك ، فقالت بنو النضير : إنا وأنتم [كنا] اصطلحنا في الجاهلية على أن نقتل منكم ولا تقتلوا منا ، وعلى أنّ ديتكم ستون وَسْقاً ـ والوسق : ستون صاعاً ـ وديتنا مائة وَسْق ، فنحن نعطيكم ذلك. فقالت الخزرج : هذا شيء

__________________

[٣٣١] إسناده ضعيف لضعف الكلبي.

[٣٣٢] مرسل ، الدر (٢ / ١٧٩) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم.

١٦٦

كنتم فعلتموه في الجاهلية ، لأنكم كَثُرْتُم وقَلَلنَا فقهرتمونا ، ونحن وأنتم اليوم إِخوة وديننا ودينكم واحد ، وليس لكم علينا فضل. فقال المنافقون : انطلقوا إلى أبي بُرْدَة الكاهن الأسلمي ، وقال المسلمون : لا بل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فأبى المنافقون وانطلقوا إلى أبي بُرْدَةَ ليحكم بينهم ، فقال : أعظموا اللّقمة ـ يعني الرشوة ـ فقالوا : لك عشرة أوْسُق ، قال : لا بل مائة وسق ديتي ، فإني أخاف إِن نَفَّرْت النَضِيري قتلتني قُرَيْظَةُ ، وإن نَفَّرت القُرَيْظِي قتلني النّضِير. فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوسق ، وأبى أن يحكم بينهم. فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فدعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم كاهن أسْلم إلى الإسلام ، فأبى فانصرف ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم لابنيه : أدركا أباكما فإنه إنْ جَاوَزَ عَقَبةَ كذا لم يسلم أبداً ، فأدركاه فلم يزالا به حتى انصرف وأسلم ، وأمر النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم منادياً فنادى : أَلا إنَّ كاهِنَ أسْلَم قد أسْلَم.

[١٥٥]

قوله تعالى :( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ) [٦٥].

نزلت في الزُّبَير بن العَوَّام وخصمه حاطِب بن أبي بَلْتَعَة ، وقيل : هو ثعلبة بن حاطب.

٣٣٣ ـ أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن حمدان ، قال : أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك قال : حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدَّثنِي أبي ، قال : حدَّثنا أبو اليمان ، قال : حدَّثنا شُعيَب عن الزُّهْري ، قال : أخبرني عُرْوَةُ بن الزُّبير ، عن أبيه :

__________________

[٣٣٣] أخرجه البخاري في المساقاة (٢٣٦١) وفي التفسير (٤٥٨٥) من طريق معمر عن الزهري به.

وأخرجه في المساقاة (٢٣٦٢) من طريق ابن جريج عن ابن شهاب به.

وأخرجه في الصلح (٢٧٠٨) وأحمد (١ / ١٦٥) من طريق شعيب عن الزهري به وأخرجه الحاكم في المستدرك (٣ / ٣٦٤) والبيهقي في السنن (٦ / ١٥٣).

وأخرجه ابن جرير (٥ / ١٠٠) ، والنسائي في المجتبى (٨ / ٢٣٨).

وأخرجه أبو الشيخ في أخلاق النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم (ص ٤١ ـ ٤٢) من طريق الزهري عن عروة به.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٨٠) لعبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر.

١٦٧

أنه كان يحدث : أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهد بدراً ، إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في شِرَاج الحَرَّة كانا يسقيان بها كِلَاهُما ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم للزُّبْير : اسْقِ ثم أرسل إلى جارك ، فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله أَنْ كان ابنَ عَمّتك! فتلوَّن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ثم قال للزّبير : «اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى المُجدُرِ» فاستوفى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم للزبير حقّه. وكان قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه سعةً للأنصاري وله ، فلما أحفظ الأنصاري رسول الله استوفى للزبير حقه في صريح الحكم.

قال عروة : قال الزبير : والله ما أحْسِبُ هذه الآية أنزلت إلا في ذلك :( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) رواه البخاري عن علي بن عبد الله عن محمد بن جعفر عن مَعْمَرٍ ، ورواه مسلم عن قتيبة عن الليث ، كلاهما عن الزُّهري.

٣٣٤ ـ أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي حامد ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد الحافظ ، قال : حدَّثنا أبو أحمد محمد بن محمد بن الحسن الشيباني ، قال : حدَّثنا أحمد بن حماد [بن] زُغْبَة ، قال : حدَّثنا حامد بن يحيى بن هانئ البَلْخِي ، قال : حدَّثنا سفيان ، قال : حدَّثني عمرو بن دينار عن أبي سَلَمة ، عن أم سَلَمة :

أن الزبير بن العوام خاصم رجلاً فقضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم للزبير ، فقال الرجل : إنما قضى له أنه ابن عمته. فأنزل الله تعالى :( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ ) الآية.

[١٥٦]

قوله تعالى :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ ) الآية. [٦٩].

٣٣٤ م ـ قال الكلبي : نزلت في ثَوْبَانَ مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان شديد

__________________

[٣٣٤] أخرجه الحميدي (٣٠٠) والطبراني في الكبير (٢٣ / ٢٩٤) من طريق سفيان عن عمرو بن دينار حدثني سلمة رجل من ولد أم سلمة به.

وعزاه في الدر (٢ / ١٨٠) للحميدي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني ـ وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٦)

[٣٣٤] م بدون إسناد.

١٦٨

الحب له ، قليل الصبر عنه ، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه ، يعرف في وجهه الحزن ، فقال له [رسول الله] : يا ثَوبَانُ ، ما غيَّر لونك؟ فقال : يا رسول الله ما بي من ضر ولا وجع ، غير أني إذا لم أَرَكَ اشتقت إليك ، واستوحشت وحشة شديدة حتى ألقاك ، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك ، لأني أعرف أنك تُرْفَعُ مع النبيّين ، وأني إن دخلت الجنة كنت في منزلة أدنى من منزلتك ، وإن لم أدخل الجنة فذاك أحْرَى أن لا أراك أبداً. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٣٣٥ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي نصر ، أخبرنا إبراهيم النَّصْرَابَاذِي ، قال : أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي الجَوْهَرِيّ ، قال : حدَّثنا عبد الله بن محمود السَّعْدِي ، قال : حدَّثنا موسى بن يحيى ، قال : حدَّثنا عَبيدَةُ ، عن منصور عن مُسلم بن صُبَيْح عن مسروق ، قال

قال أصحاب رسول الله : ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا ، فإنك إذا فارقتنا رُفِعْتَ فوقنا. فأنزل الله تعالى :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ) .

٣٣٦ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، أخبرنا شعيب ، قال : أخبرنا مَكِّي ، قال : أخبرنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا رَوْح عن سعيد ، [عن شعبة] عن قتادة قال :

ذكر لنا أن رجالاً قالوا : يا نبي الله نراك في الدنيا ، فأما في الآخرة فإنك ترفع عنا بفضلك فلا نراك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٣٣٧ ـ أخبرني أبو نعيم الحافظ فيما أذن لي في روايته ، قال : أخبرنا

__________________

[٣٣٥] مرسل ، ابن جرير (٥ / ١٠٤) ، لباب ص ٨٣.

الدر (٢ / ١٨٢) وزاد نسبته لابن أبي حاتم وعبد بن حميد.

[٣٣٦] مرسل ، ابن جرير (٥ / ١٠٤) الدر (٢ / ١٨٢) وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.

[٣٣٧] عزاه في الدر (٢ / ١٨٢) للطبراني وابن مردويه وأبي نعيم في الحلية والضياء المقدسي في صفة الجنة ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٢).

وهو عند الطبراني في الصغير (٥٢) وذكر الهيثمي في مجمع الزوائد (٧ / ٧) وقال : رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران العابدي وهو ثقة.

١٦٩

سليمان بن أحمد اللَّخْمِي ، قال : حدَّثنا أحمد بن عمرو الخَلال ، قال : حدَّثنا عبد الله بن عمْران العابدي ، قال : حدَّثنا فُضَيل بن عِياض ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة ، قالت :

جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا رسول الله إنك لأحبُّ إليَّ من نفسي وأهلي وولدي ، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك ، وإذا ذكرتُ موتي وموتك عرفت أنك إِذا دخلتَ الجنة رُفِعتَ مع النبيين ، وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك. فلم يرد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم شيئاً ، حتى نزل جبريلعليه‌السلام بهذه الآية :( وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ) الآية.

[١٥٧]

قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ) الآية. [٧٧].

٣٣٨ ـ قال الكلبي : نزلت هذه الآية في نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، منهم :

عبد الرحمن بن عَوْف ، والمِقْدادُ بن الأسْوَد ، وقُدَامَة بن مَظعُون وسعد بن أبي وقَّاص. كانوا يلقون من المشركين أذىً كثيراً ، ويقولون : يا رسول الله ائذن لنا في قتال هؤلاء ، فيقول لهم : كفوا أيديكم عنهم ، فإني لم أومر بقتالهم. فلما هاجر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة ، وأمرهم الله تعالى بقتال المشركين ـ كرهه بعضهم وشق عليهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٣٣٩ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد العدل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال : حدَّثنا محمد بن علي ، قال : سمعت أبي يقول : أخبرنا الحسين بن وَاقِد ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس :

__________________

[٣٣٨] بدون إسناده ، والكلبي ضعيف.

[٣٣٩] صحيح : أخرجه النسائي في الجهاد (٦ / ٣) وفي التفسير (١٣٢) والحاكم في المستدرك (٢ / ٦٦) وصححه ووافقه الذهبي وأخرجه البيهقي في السنن (٩ / ١١) وابن جرير (٥ / ١٠٨).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٣).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٨٤) لأبي أبي حاتم.

١٧٠

أن عبد الرحمن [بن عوف] وأصحاباً له أتوا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم بمكة ، فقالوا : يا نبي الله كنا في عز ونحن مشركون ، فلما آمنا صرنا أذلة! فقال : إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم. فلما حوّله الله إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا ، فأنزل الله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ) .

[١٥٨]

قوله تعالى :( أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ ) [٧٨].

٣٤٠ ـ قال ابن عباس في رواية أبي صالح : لما استشهد الله من المسلمين مَنِ استشهد يوم أحد ، قال المنافقون الذين تخلفوا عن الجهاد : لو كان إخواننا الذين قتلوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[١٥٩]

قوله تعالى :( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ ) الآية. [٨٨].

٣٤١ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : حدَّثنا أبو عمرو إسماعيل بن نَجِيد ، قال : حدَّثنا يوسف بن يعقوب القاضي ، قال : حدَّثنا عمرو بن مَرْزُوق ، قال : حدَّثنا شُعْبَة ، عن عَدِيّ بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد بن ثابت :

أن قوماً خرجوا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى أُحد ، فرجعوا. فاختلف فيهم

__________________

[٣٤٠] أبو صالح لم يسمع من ابن عباس.

[٣٤١] أخرجه البخاري في الحج (١٨٨٤) وفي المغازي (٤٠٥٠) وفي التفسير (٤٥٨٩).

وأخرجه مسلم في كتاب صفات المنافقين (٦ / ٢٧٧٦) ص ٢١٤٢ والترمذي في التفسير (٣٠٢٨) وقال : حسن صحيح.

والنسائي في التفسير (١٣٣).

وأحمد في مسنده (٥ / ١٨٤ ، ١٨٧ ، ١٨٨).

وابن جرير في تفسيره (٥ / ١٢١) وأخرجه عبد بن حميد (٢٤٢ منتخب) وذكره السيوطي في اللباب ص ٨٤.

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٩٠) لأبي داود الطيالسي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل.

١٧١

المسلمون : فقالت فرقة : نقتلهم ، وقالت فرقة : لا نقتلهم. فنزلت هذه الآية.

رواه البخاري عَنْ بُنْدار ، عن غُنْدَر.

ورواه مسلم عن عبد الله بن معاذ ، عن أبيه ، كلاهما عن شُعْبة.

٣٤٢ ـ أخبرنا عبد الرحمن بن حَمْدَان العدل ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك ، قال : حدَّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثنا الأسود بن عامر ، قال : حدَّثنا حماد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن أبيه :

أن قوماً من العرب أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم فأسلموا ، وأصابوا وباء المدينة وحُمَّاها فأُرْكِسوا ، فخرجوا من المدينة ، فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : ما لكم رجعتم؟ فقالوا : أصابنا وباء المدينة فاجْتَوَيْنَاهَا فقالوا : ما لكم في رسول الله أسوة [حسنة؟] فقال بعضهم : نافقوا ، وقال بعضهم : لم ينافقوا هم مسلمون ، فأنزل الله تعالى :( فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا ) الآية.

٣٤٢ م ـ وقال مجاهد في هذه الآية : هم قوم خرجوا من مكة حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون ، ثم ارتدوا بعد ذلك ، فاستأذنوا النبيعليه‌السلام [أن يخرُجُوا] إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها ، فاختلف فيهم المؤمنون : فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون. فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية ، وأمر بقتلهم في قوله :( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ ) فجاءوا ببضائعهم يريدون هِلالَ بن عُوَيمر الأَسْلَمي وبَيْنَه وبين النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم حلف ، وهو الذي حَصِرَ صَدْرُه أن يقاتل المؤمنين ، فرفع عنهم القتل بقوله تعالى :( إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ ) الآية.

__________________

[٣٤٢] إسناده ضعيف : أبو سلمة لم يسمع من أبيه ، وابن إسحاق مدلس وقد عنعنه ، مجمع الزوائد (٧ / ٧) وقال : رواه أحمد وفيه ابن إسحاق وهو مدلس وأبو سلمة لم يسمع من أبيه أ. ه. والحديث عند أحمد (١ / ١٩٢).

وعزاه السيوطي في الدر (٢ / ١٩٠) لأحمد بسند فيه انقطاع.

[٣٤٢] م مرسل ، عزاه في الدر (٢ / ١٩٠) لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.

١٧٢

[١٦٠]

قوله تعالى :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) الآية [٩٢].

٣٤٣ ـ أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن نجيد ، قال : حدَّثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله [قال : حدَّثنا] ابن حَجَّاج ، قال : حدَّثنا حماد ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه :

أن الحارث بن يزيد كان شديداً على النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجاء وهو يريد الإسلام ، فلقيه عَيَّاش بن أبي ربيعة ، والحارث يريد الإسلام ، وعياش لا يشعر ، فقتله. فأنزل الله تعالى :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) الآية.

وشرح الكلبي هذه القصة فقال : إن عياش بن أبي رَبيعة المَخْزُوميّ أسلم وخاف أن يظهر إسلامه ، فخرج هارباً إِلى المدينة فَقَدمهَا ، ثم أتى أُطُماً من آطامِهَا فتحصَّن فيه. فجزعت أمه جزعاً شديداً ، وقالت لابنيها أبي جهل والحارث بن هشام ـ وهما [أخواه] لأمه ـ : والله لا يظلني سقف بيت ، ولا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى تأتوني به ، فخرجا في طلبه وخرج معهم الحارث بن زيد بن أبي أنيسة ، حتى أتوا المدينة ، فأتوا عَيَّاشاً وهو في الأُطُم ، فقالا له : انزل فإِن أمّك لم يؤوها سقف بيت بعدك ، وقد حلفت لا تأكل طعاماً ولا شراباً حتى ترجع إليها ، ولك الله علينا أن لا نكرهك على شيء ، ولا نحول بينك وبين دينك. فلما ذكرا له جزع أمه وأوثقا له نزل إليهم ، فأخرجوه من المدينة وأوثقوه بِنِسْع ، وجلَدَه كل واحد منهم مائة جلدة ، ثم قدموا به على أمه فقالت : والله لا أحلك من وثاقك حتى تكفر بالذي آمنت به ، ثم تركوه موثقاً في الشمس وأعطاهم بعض الذي أرادوا ، فأتاه الحارث بن يزيد وقال : [يا] عياش ، والله لئن كان الذي كنت عليه هُدىً لقد تركت الهدى ، وإن كان ضلالة لقد كنت عليها. فغضب عياش من مقالته ، وقال : والله لا ألقاك خالياً إلا قتلتك. ثم إن عياشاً أسلم بعد ذلك وهاجر إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بالمدينة. ثم

__________________

[٣٤٣] مرسل. وأخرجه البيهقي في السنن (٨ / ٧٢) وقال : وقد رويناه من حديث جابر موصولاً ، وعزاه في الدر (٢ / ١٩٣) للبيهقي في السنن وابن المنذر.

وذكره الحافظ ابن حجر في الإصابة (١ / ٢٩٥) في ترجمة الحارث بن يزيد.

١٧٣

إن الحارث بن يزيد أسلم وهاجر [بعد ذلك إلى رسول الله بالمدينة] وليس عياش يومئذ حاضراً ، ولم يشعر بإسلامه. فبينا هو يسير بظهر قَباء إِذ لقي الحارث بن يزيد ، فلما رآه حمل عليه فقتله ، فقال الناس : أي شيء صنعت ، إنه قد أسلم. فرجع عياش إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا رسول الله ، كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت ، وإني لم أشعر بإسلامه حتى قتلته. فنزل عليه جبريلعليه‌السلام بقوله تعالى :( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً ) .

[١٦١]

قوله تعالى :( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ) الآية. [٩٣].

٣٤٤ ـ قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : إن مَقِيس بن صُبَابَة وجد أخاه هشام بن صُبَابة قتيلاً في بني النّجار ، وكان مسلماً ، فأتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فذكر له ذلك ، فأرسل رسول اللهعليه‌السلام معه رسولاً من بني فِهْر فقال له : ائت بني النجار ، فأقرئهم السلام وقل لهم : «إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يأمركم إن علمتم قاتل هشام بن صُبَابة أن تدفعوه إلى أخيه فيقتصّ منه ، وإن لم تعلموا له قاتلاً أن تدفعوا إليه ديته». فأبلغهم الفِهْرِي ذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : سمعاً وطاعة لله ولرسوله ، والله ما نعلم له قاتلاً ، ولكن نؤدي إليه ديته. فأعطوه مائة من الإبل. ثم انصرفا راجعين نحو المدينة ، وبينهما وبين المدينة قريب ، فأتى الشيطان مَقِيساً فوسوس إليه فقال : أيّ شيء صنعت؟ تقبل دية أخيك فيكون عليك سبة؟ اقتل الذي معك فيكونَ نفس مكان نفس وفَضْلُ الدية! ففعل مَقِيس ذلك ، فرمى الفِهْرِيّ بصخرة فشدخ رأسه ، ثم ركب بعيراً منها وساق بقيتها راجعاً إلى مكة كافراً ، وجعل يقول في شعره :

قَتَلْتُ بِهِ فهْراً وَحَمَّلْتُ عَقْلَهُ

سَرَاةَ بَنِي النَّجَارِ أَرْبَابِ فَارعِ

وأدْرَكْتُ ثأْرِي واضطَجَعْتُ مُوَسَّداً

وكُنْتُ إلى الأوْثَانِ أَوّلَ رَاجِعِ

فنزلت هذه الآية :( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ) الآية. ثم أهدر النبيعليه‌السلام دمه يوم فتح مكة ، فأدركه الناس بالسوق فقتلوه.)

__________________

[٣٤٤] إسناده ضعيف لضعف الكلبي ، انظر الإصابة (٣ / ٦٠٣)

١٧٤

[١٦٢]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) . [٩٤].

٣٤٥ ـ أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد ، قال : أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار ، قال : حدَّثنا محمد بن عَبَّاد ، قال : حدَّثنا سفيان ، عن عَمْرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال :

لحق المسلمون رجلاً في غُنَيْمَةٍ له ، فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غُنَيْمَتَهُ. فنزلت هذه الآية :( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) [أي] تلك الغنيمة. رواه البخاري عن علي بن عبد الله ، ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة ، كلاهما عن سفيان.

٣٤٦ ـ وأخبرنا إسماعيل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن نجيد ، قال : حدَّثنا محمد بن الحسن بن الخليل ، قال : حدَّثنا أبو كريب ، قال : حدَّثنا عبيد الله ، عن إسرائيل ، عن سِمَاك ، عن عَكْرَمَة ، عن ابن عباس ، قال :

مرّ رجل من سُلَيم على نفر من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومعه غنم [له]

__________________

[٣٤٥] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٩١) ومسلم في التفسير (٢٢ / ٣٠٢٥) ص ٢٣١٩ ، وأبو داود في الحروف (٣٩٧٤).

والنسائي في التفسير (١٣٦).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٥٩٤٠) للنسائي في السير في الكبرى.

وأخرجه ابن جرير (٥ / ١٤١).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٩٤).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٩٩) لعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.

[٣٤٦] أخرجه الترمذي في التفسير (٣٠٣٠) وقال : هذا حديث حسن والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٣٥) وصححه ووافقه الذهبي.

وأحمد في مسنده (١ / ٢٢٩ ، ٢٧٢ ، ٣٢٤).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٩٩) لابن أبي شيبة والطبراني وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير لباب النقول (ص ٨٦)

١٧٥

فسلم عليهم ، فقالوا : ما سلم عليكم إِلا لِيَتَعَوَّذَ منكم ، فقاموا إِليه فقتلوه ، وأخذوا غنمه ، وأتوا بها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) .

٣٤٧ ـ أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : أخبرنا أبو يحيى الرازي ، قال : حدَّثنا سهل بن عثمان ، قال : حدَّثنا وكيع عن سفيان ، عن حَبِيب بن أبي عَمْرَة ، عن سَعيد بن جُبَيْر ، قال :

خرج المِقْدَادُ بن الأَسْوَد في سَرِيَّة ، فمروا برجل في غُنَيْمةٍ له فأرادوا قتله ، فقال : لا إِله إِلَّا الله ، فقتله المقداد ، فقيل له : أقتلته وقد قال : لا إِله إِلا الله؟ ودَّ لو فرَّب بأهله وماله. فلما قدموا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ذكروا ذلك له ، فنزلت :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) .

٣٤٨ ـ وقال الحسن : إن أصحاب النبيعليه‌السلام خرجوا يطوفون فلقوا المشركين فهزموهم ، فشد منهم رجل فتبعه رجل من المسلمين وأراد متاعه ، فلما غشيه بالسّنان قال : إني مسلم ، إني مسلم. فكذبه ثم أوْجَرَهُ بالسنان فقتله وأخذ متاعه وكان قليلاً ، فرفع ذلك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : قتلته بعد ما زعم أنه مسلم؟ فقال : يا رسول الله ، إنما قالها مُتَعَوِّذاً. قال : فهلا شققت عن قلبه! [قال : لم يا رسول الله؟ قال] : لتنظر أصادق هو أم كاذب؟ قال : وكنت أعلم ذلك يا رسول الله؟ قال : ويك إنك [إِن] لم تكن تعلم ذلك ، إنما كان يبين [عنه] لسانه. قال : فما لبث القاتل أن مات فدفن ، فأصبح وقد وضع إِلى جنب قبره. قال : ثم عادوا فحفروا له وأمكنوا ودفنوه ، فأصبح وقد وضع إِلى جنب قبره مرتين أو ثلاثاً. فلما رأوا أن الأرض لا تقبله أَلْقُوه في بعض تلك الشعاب. قال : وأنزل الله تعالى هذه الآية.

قال الحسن : إن الأرض تُجِنُّ من هو شر منه ، ولكن وُعِظَ القومُ أَن لا يعودوا.)

__________________

[٣٤٧] مرسل ، أخرجه ابن جرير (٥ / ١٤٢) وزاد نسبته في الدر (٢ / ٢٠١) لابن أبي شيبة.

[٣٤٨] مرسل ، وعزاه في الدر (٢ / ٢٠١) لابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.

١٧٦

٣٤٩ ـ أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد المُزَكّي ، قال : أخبرنا عبيد الله بن محمد بن بَطَّة ، قال : أخبرنا أبو القاسم البَغَوِيّ ، قال : حدَّثنا سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدَّثني أبي ، قال : حدَّثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن عبد الله بن قُسَيْط ، عن القَعْقَاع بن عبد الله بن أبي حَدْرَد ، عن أبيه ، قال :

بعثنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم في سَرِيَّة إِلى إضَم ، قبل مخرجه إلى مكة ، قال : فمر بنا عامر الأَضْبط الأَشجَعِي ، فحيانا تحية الإسلام فنزعنا عنه ، وحمل عليه محلَّم بن جَثَّامة ، لشر كان بينه وبينه في الجاهلية ، فقتله واستلب بعيراً له ووطاء ومُتَيِّعاً كان له. قال : فأنهينا شأننا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبرناه بخبره ، فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) إلى آخر الآية).

٣٥٠ ـ وقال السدي : بعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أسامَةَ بن زيد على سرية ، فلقي مِرْدَاس بن نهيك الضَّمْرِي فقتله ، وكان من أهل «فَدَكَ» ولم يسلم من قومه غيره ، وكان يقول : لا إِله إلا الله محمد رسول الله ، ويسلِّم عليهم. قال أسامة : فلما قدمت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أخبرته فقال : قتلت رجلاً يقول : لا إله إلا الله؟ فقلت : يا رسول الله ، إنما تَعَوَّذَ من القتل. فقال : كيف أنت إذا خاصَمَكَ يوم القيامة بلا إله إلا الله ، قال : فما زال يرددها عليّ : أقتلت رجلاً يقول : لا إله إلا الله؟ حتى تمنيت لو أن إسلامي كان يومئذ ، فنزلت :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا ) الآية. ونحو هذا قال الكلبي وقتادة).

[و] يدل على صحته الحديث الذي.

٣٥١ ـ أخبرناه أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي ، قال : أخبرنا محمد بن

__________________

[٣٤٩] في إسناده محمد بن إسحاق : وهو ثقة مدلس ، ولكنه صرح بالتحديث في مسند أحمد.

والحديث : أخرجه أحمد في مسنده (٦ / ١١) وابن جرير (٥ / ١٤٠) والبيهقي في الدلائل (٤ / ٣٠٥).

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٩٩) لابن سعد وابن أبي شيبة والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي نعيم في الدلائل ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٧)

[٣٥٠] مرسل.

[٣٥١] أخرجه البخاري في المغازي (٤٢٦٩) وفي الديات (٦٨٧٢)

١٧٧

عيسى بن عمرويه ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن سفيان ، قال : حدَّثنا مسلم قال : حدَّثني يعقوب الدَّوْرَقي ، قال : حدَّثنا هشيم ، قال : أخبرنا [ابن] حصين ، قال : حدَّثنا أبو ظبيان ، قال : سمعت أسامة بن زيد بن حارثة يحدث ، قال :

بعثنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى الحرقة من جُهَيْنَةَ ، فصبحنا القوم فهزمناهم. قال : فلحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم ، فلما غشيناه قال : لا إله إلا الله. قال : فكفّ عنه الأنصاري فطعنته برمحي فقتلته ، فلما قدمنا بلغ ذلك النبيعليه‌السلام فقال : يا أسامة ، أقتلته بعد ما قال : لا إله إلا الله؟ قلت : يا رسول الله ، إنما كان متعوذاً. قال : أقتلته بعد ما قال : لا إله إلا الله؟ قال : فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم.

[١٦٣]

قوله تعالى :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) الآية. [٩٥].

٣٥٢ ـ أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد العدل ، قال : أخبرنا جدي ، قال : أخبرنا محمد بن إسحاق السّراج ، قال : حدَّثنا محمد بن حميد الرّازي ، قال : حدَّثنا سلمة بن الفضل ، عن محمد بن إسحاق ، عن الزُّهْري ، عن سهل بن سعد ، عن مروان بن الحكم ، عن زيد بن ثابت ، قال :

__________________

وأخرجه مسلم في الإيمان (١٥٨ ، ١٥٩ / ٩٦) ص ٩٦ ـ ٩٧ وأبو داود في الجهاد (٢٦٤٣).

وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٨٨) للنسائي في السير في الكبرى.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٠٢) لابن أبي شيبة.

[٣٥٢] إسناده ضعيف : محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعنه.

وله شاهد صحيح من طريق آخر :

أخرجه البخاري في الجهاد (٢٨٣٢) وفي التفسير (٤٥٩٢) والترمذي في التفسير (٣٠٣٣) وقال : حسن صحيح.

والنسائي في الجهاد (٦ / ٩).

وأخرجه أحمد في مسنده (٥ / ١٨٤).

والبيهقي في السنن (٩ / ٢٣) وابن جرير (٥ / ١٤٥) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٠٢) لابن سعد وعبد بن حميد وأبي داود وابن المنذر وأبي نعيم في الدلائل. وذكره في لباب النقول ص ٨٨.

١٧٨

كنت عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم حين نزلت عليه :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) ( وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ولم يذكر أُولي الضرر ، فقال ابن أَم مكتوم ، كيف وأنا أَعمى لا أبصر؟ قال زيد : فتَغَشَّى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم في مجلسه الوحي ، فاتكأ على فخذي ، فو الذي نفسي بيده لقد ثقل على فخذي حتى خشيت أن يَرُضَّها ، ثم سُرِّيّ عنه فقال : اكتب( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) فكتبتها.

رواه البخاري عن إسماعيل بن عبد الله ، عن إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن الزهري.

٣٥٣ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا محمد بن جعفر بن مطر ، قال : حدَّثنا أبو خليفة ، قال : حدَّثنا أبو الوليد ، قال : حدَّثنا شعبة ، قال : أنبأنا أبو إسحاق : سمعت البَرَاء يقول :

لما نزلت هذه الآية :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ ) دعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم زيداً فجاء بِكَتِفٍ وكتبها ، فشكا ابن أم مَكْتُوم ضَرَارَتُه ، فنزلت :( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) . رواه البخاري عن أبي الوليد ، ورواه مسلم عن بُنْدَار عن غندر ، [كلاهما] عن شُعْبة.

٣٥٤ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم النَّصْرَابَاذِي ، قال : أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، قال : أخبرنا محمد بن عبدوس ، قال : حدَّثنا علي بن الجعد ، قال : حدَّثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن البَرَاء ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه قال :

ادع لي زيداً وقل له : يجيء بالكَتِفِ والدَّواة أو اللوح ، وقال : اكتب لي :

__________________

[٣٥٣] أخرجه البخاري في الجهاد (٢٨٣١) وفي التفسير (٤٥٩٣) وأخرجه مسلم في الإمارة (١٤١ ، ١٤٢ / ١٨٩٨) ص ١٥٠٨ ، ١٥٠٩ وأخرجه البيهقي في السنن (٩ / ٢٣) وابن جرير (٥ / ١٤٤) وأحمد (٤ / ٢٨٢) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ٢٠٢) لابن سعد وعبد بن حميد والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبغوي في معجمه. وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٨٨)

[٣٥٤] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٩٤) وفي فضائل القرآن (٤٩٩٠) وابن أبي شيبة في المصنف (٥ / ٣٤٣)

١٧٩

( لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) أحسبه قال :( وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) فقال ابن أُمّ مَكْتُوم : يا رسول الله يعينيّ ضرر ، قال : فنزلت قبل أن يَبْرَح( غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ ) . رواه البخاري عن محمد بن يوسف ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق.

[١٦٤]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) الآية [٩٧].

٣٥٥ ـ نزلت هذه الآية في ناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام ولم يهاجروا ، وأظهروا الإيمان وأسرُّوا النفاق ، فلما كان يوم بدر خرجوا مع المشركين إلى حرب المسلمين فقُتِلوا ، فضربت الملائكة وجوهَهم وأدبارهم ، وقالوا لهم ما ذكر الله سبحانه.

٣٥٦ ـ أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : أخبرنا أبو يحيى ، قال : حدَّثنا سهل بن عثمان ، قال : حدَّثنا عبد الرحيم بن سليمان ، عن أشعث بن سواد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس :( إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وتلاها إلى آخرها ، قال :

كانوا قوماً من المسلمين بمكة ، فخرجوا في قوم من المشركين في قتال ، فقتلوا معهم. فنزلت هذه الآية.

[١٦٥]

قوله تعالى :( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ) . [١٠٠].

٣٥٧ ـ قال ابن عباس في رواية عطاء : كان عبد الرحمن بن عوف بخبر أهل

__________________

[٣٥٥] بدون سند.

[٣٥٦] أشعث بن سوار ضعيف تقريب [١ / ٧٩] وله شاهد صحيح :

أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٩٦) والنسائي في التفسير (١٣٩). وابن جرير (٥ / ١٤٨)

[٣٥٧] بدون إسناد وانظر الإصابة (١ / ٢٥١) ترجمة جندع بن ضمرة. وانظر مجمع الزوائد (٧ / ٩ ـ ١٠)

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

١٩في الخطبة ( ١٥١ )

 وَ إِنَّ اَلْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ اَلنَّهْيَ عَنِ اَلْمُنْكَرِ لَخُلُقَانِ مِنْ خُلُقِ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ إِنَّهُمَا لاَ يُقَرِّبَانِ مِنْ أَجَلٍ وَ لاَ يَنْقُصَانِ مِنْ رِزْقٍ أقول : انّه عين ما في سابقه و انما زيد في هذا ( لخلقان من خلق اللَّه سبحانه ) .

و كيف كان فقد قال تعالى :ان اللَّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ان اللَّه نعما يعظكم به . .١ ان اللَّه يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي يعظكم لعلّكم تذكرون ٢ .

و في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام انما يؤمر بالمعروف و ينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ أو جاهل فيتعلم و أما صاحب سوط أو سيف فلا و من تعرّض لسلطان جائر فأصابته بلية لم يؤجر عليها و لم يرزق الصبر عليها .

و عنهعليه‌السلام قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من طلب برضاء الناس ما يسخط اللَّه كان حامده ذاما و من آثر طاعة اللَّه تعالى بما يغضب الناس كفاه اللَّه عداوة كلّ عدوّ و بغي كلّ باغ و كان اللَّه له ناصرا و ظهيرا .

٢٠ الحكمة ( ١١٠ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ يُقِيمُ أَمْرَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ إِلاَّ مَنْ لاَ يُصَانِعُ وَ لاَ يُضَارِعُ

____________________

( ١ ) النساء : ٥٨ .

( ٢ ) النحل : ٩٠ .

٢٠١

وَ لاَ يَتَّبِعُ اَلْمَطَامِعَ في ( تاريخ ) بغداد عن شعيب بن حرب بينا أنا في طريق مكة إذ رأيت الرشيد فقلت لنفسي وجب عليك الأمر و النهي فقالت لي لا تفعل فان هذا رجل جبّار يضرب عنقك فقلت لنفسي لا بد من ذلك .

فلمّا دنا مني صحت يا هارون قد أتعبت الأمة و اتعبت البهائم فقال خذوه فأدخلت عليه و هو على كرسي و بيده عمود يلعب به فقال ممّن الرجل قلت من افناء الناس فقال ممّن ؟ ثكلتك امك قلت من الأبناء أي أبناء خراسان قال فما حملك على أن تدعوني باسمي فقلت أنا أدعو اللَّه باسمه فأقول يا اللَّه يا رحمان و لا أدعوك باسمك و قد رأيت اللَّه سمى في كتابه أحبّ الخلق إليه محمّد و كنى أبغض الخلق إليه أبا لهب فقال أخرجوه فأخرجت .

و في ( الحلية ) عن ابن ( طاووس ) اليماني قال كنت لا أزال أقول لأبي انّه ينبغي أن نخرج على هذا السلطان فخرجنا حجاجا فنزلنا في بعض القرى و فيها عامل يقال له ابن نجيح و كان من أخبث العمّال فشهدنا صلاة الصبح في المسجد فاذا ابن نجيح قد اخبر بطاووس فجاء فقعد بين يديه فسلم عليه فلم يجبه فكلّمه فأعرض عنه ثم عدل إلى الشق الأيسر فأعرض عنه و هكذا فلمّا رأيت ما به قمت إليه فمددت بيده و جعلت أسأله و قلت له ان أبا عبد الرحمان لم يعرفك قال بلى معرفتي به فعل بي ما رأيت فمضى و هو ساكت لا يقول لي شيئا فلمّا دخلت المنزل التفت الي و قال يا لكع بينما أنت زعمت أن تخرج عليهم بسيفك لم تستطع أن تحبس عنهم لسانك .

و في ( كامل ) المبرد روى ان معاوية لمّا نصب يزيد لولاية العهد أقعده فيى قبّة حمراء فجعل الناس يسلمون على معاوية ثم يميلون الى يزيد حتى جاء رجل ففعل ذلك ثم رجع إلى معاوية فقال اعلم انك لو لم تول هذا أمور

٢٠٢

المسلمين لأضعتها و الأحنف جالس فقال له معاوية ما بالك لا تقول يا أبا بحر فقال أخاف اللَّه ان كذبت و أخافكم ان صدقت فلمّا خرج الأحنف لقيه الرجل بالباب فقال له اني لأعلم ان من شرّ خلق اللَّه هذا و ابنه و لكنهم قد استوثقوا من هذه الأمال بالأبواب و الأفقال فلسنا نطمع في استخراجها إلاّ بما سمعت فقال له الأحنف يا هذا امسك فان ذا الوجهين خليق ألا يكون عند اللَّه وجيها و روي ان يزيد قال لمعاوية في يوم بويع له فجعل الناس يمدحونه و اللَّه ما ندري أنخدع الناس أم يخدعوننا فقال له معاوية كلّ من أردت خدعه فتخادع لك حتى تبلغ منه حاجتك فقد خدعته .

و في ( الحلية ) عن أبي سعيد الخدري لمّا نزلإذا جاء نصر اللَّه و الفتح ١ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( أنا و أصحابي خير و الناس خير لا هجرة بعد الفتح ) فحدثت بهذا الحديث مروان و كان أميرا على المدينة فقال كذبت و كان عنده زيد بن ثابت و رافع بن خديج و هما معه على السرير فقلت اما ان هذين لو شائا لحدثاك و لكن هذا يعني رافعا يخشى على عرافة قومه و هذا يعني زيدا يخشى أن تنزعه عن الصدقة .

٢١ الحكمة ( ١٧٤ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ أَحَدَّ سِنَانَ اَلْغَضَبِ لِلَّهِ قَوِيَ عَلَى قَتْلِ أَشِدَّاءِ اَلْبَاطِلِ أقول قريب منه قوله :

إذا كان هادي الفتى في البلاد صدر القناة ما أطاع الأمير في ( تاريخ بغداد ) كانت الخيزران أم الرشيد قد وجهت رجلا نصرانيا على الطراز

____________________

( ١ ) النصر : ١ .

٢٠٣

بالكوفة و كتب إلى موسى بن عيسى ألا يعصي له أمرا فكان مطاعا بالكوفة فخرج يوما معه جماعة من أصحابه عليه جبّة خز و طيلسان على برذون فاره و إذا رجل بين يديه مكتوف و هو يقول « وا غوثاه باللَّه ثم بالقاضي » و إذا آثار سياط في ظهره فسلّم على شريك و جلس إلى جانبه فقال المضروب لشريك أنا رجل أعمل الوشي كراء مثلي مائة في الشهر أخذني هذا مذ أربعة أشهر فاحتبسني في طراز يجري على القوت ولي عيال قد ضاعوا فأفلت اليوم منه فلحقني ففعل بظهري ما ترى .

فقال قم يا نصراني فاجلس مع خصمك فقال يا هذا أنا من خدم السيدة مر به إلى الحبس قال قم ويلك فاجلس معه كما يقال لك فجلس معه فقال له شريك ما هذه الآثار التي بظهر هذا الرجل من أثرها به قال أنا ضربته بيدي أسواطا و هو يستحق أكثر ، مر به إلى الحبس ، فألقى شريك كسائه و دخل داره فأخرج سوطا ربذيا ثم ضرب بيده إلى مجامع ثوب النصراني و قال للرجل انطلق إلى أهلك .

ثم رفع السوط فجعل يضرب به النصراني و يقول له لا تضرب و اللَّه المسلم بعدها أبدا فهمّ أعوانه أن يخلصوه فقال شريك من ههنا من فتيان الحي خذوا هؤلاء فاذهبوا بهم إلى الحبس فهرب القوم جميعا و افردوا النصراني فضربه أسواطا فجعل النصراني يعصر عينيه و يبكي و يقول له ستعلم فألقى شريك السوط في الدهليز و قام النصراني إلى البرذون ليركبه فاستعصى عليه و لم يكن له من يأخذ بركابه فجعل يضرب البرذون .

فقال له شريك و يلك ارفق به فانه أطوع للَّه منك فمضى النصراني فقيل لشريك يكون لفعلك هذا عاقبة مكروهة فقال « أعز أمر اللَّه يعزّك اللَّه » و ذهب النصراني إلى موسى بن عيسى فقال له من فعل هذا بك قال شريك و غضب

٢٠٤

الأعوان و صاحب الشرط ، فقال موسى لا و اللَّه ما أتعرض لشريك ، فمضى النصراني إلى بغداد فما رجع .

و فيه تقدم إلى شريك القاضي وكيل لمؤنسه مع خصم له فجعل يستطيل على خصمه ادلالا بموضعه من مؤنسه فقال له شريك كفّ لا أبا لك قال اتقول لي هذا و أنا وكيل مؤنسه ، فأمر به شريك فصفع عشر صفعات فانصرف و دخل على مؤنسه و شكا فكتب مؤنسه إلى المهدي فعزل شريكا و كان قبل هذا قد دخل شريك على المهدي فقال له ما ينبغي أن تقلد الحكم بين المسلمين قال و لم قال لخلافك على الجماعة و قولك بالامامة .

قال أما قولك بخلافي على الجماعة فعن الجماعة أخذت ديني فكيف أخالفهم و هم أصلي في ديني و أما قولك ( و قولي بالامامة ) فما أعرف إلاّ كتاب اللَّه و سنّة رسوله .

و أما قولك مثلك ما يقلد الحكم بين المسلمين فهذا شي‏ء أنتم فعلتموه فان كان خطأ فاستغفروا اللَّه منه و ان كان صوابا فامسكوا عليه فقال له المهدي ما تقول في علي بن أبي طالب ؟

قال أقول فيه ما قاله فيه جداك العباس و عبد اللَّه قال و ما قالا فيه ؟ قال فاما العباس فمات و علي عنده أفضل الصحابة و قد كان يرى كبراء المهاجرين يسألونه عمّا ينزل بهم من النوازل و ما احتاج هو إلى أحد حتى لحق باللَّه و أما عبد اللَّه فانّه كان يضرب بين يديه بسيفين و كان في حروبه رأسا متبعا و قائدا مطاعا فلو كانت إمامته على جور كان أوّل من يقعد عنها أبوك لعلمه بدين اللَّه و فقهه في أحكام اللَّه فسكت المهدي و أطرق و لم يمض بعد هذا المجلس إلاّ قيل حتى عزل شريكا .

و فيه أيضا أتت شريكا يوما امرأة من ولد جرير البجلي الصحابي و هو

٢٠٥

في مجلس الحكم فقالت أنا باللَّه ثم بالقاضي امرأة من ولد جرير صاحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ورددت فقال لها أيها عنك الآن من ظلمك قالت الأمير موسى بن عيسى كان لي بستان على شاطئ الفرات لي فيه نخل ورثته عن آبائي و قاسمت اخوتي و بنيت بيني و بينهم حايطا و جعلت فيه فارسيا يحفظ النخل و يقوم ببستاني فاشترى الأمير من أخوتي جميعا و ساومني و أرغبني فلم أبعه فلمّا كان في هذه الليلة بعث بخمسمائة فاعل فاقتلعوا الحائط فأصبحت لا أعرف من نخلي شيئا و اختلط بنخل اخوتي فقال يا غلام طينه فختم .

ثم قال لها أمضي إلى بابه حتى يحضر معك فجاءت المرأة بالطينة فأخذها الحاجب و دخل على موسى فقال أعدي شريك عليك قال ادع لي صاحب الشرط فدعا به فقال امضي إلى شريك فقل يا سبحان اللَّه ما رأيت أعجب من أمرك امرأة ادّعت دعوى لم تصح أعديتها عليّ فقال له صاحب الشرطة ان رأى الأمير أن يعفيني فليفعل .

فقال امض و يلك فخرج و أمر غلمانه أن يتقدموا إلى الحبس بفراش و غيره من آلة الحبس فلمّا جاء فوقف بين يدي شريك فأدّى الرسالة قال خذيا غلام بيده فضعه في الحبس قال قد و اللَّه يا أبا عبد اللَّه عرفت انّك تفعل بي هذا فقدمت ما يصلحني إلى الحبس و بلغ موسى بن عيسى الخبر .

فوجّه الحاجب إليه فقال هذا من ذاك رسول أي شي‏ء عليه فلمّا وقف بين يديه و أدّى الرسالة قال الحقه بصاحبه فحبس فلمّا صلّى الأمير العصر بعث إلى إسحاق بن صباح الأشعثي و جماعة من وجوه أهل الكوفة من أصدقاء شريك فقال امضوا إليه و ابلغوه السّلام و اعلموه انّه قد استخف بي و اني لست كالعامة فمضوا و هو جالس في مسجده بعد العصر فدخلوا فأبلغوه الرسالة فلمّا انقضى كلامهم قال لهم مالي لا أراكم جئتم في غيره من

٢٠٦

الناس كلمتموني من ههنا من فتيان الحي فيأخذ كلّ واحد منكم بيد رجل فيذهب به إلى الحبس لا ينم و اللَّه إلاّ فيه قالوا أجاد أنت قال حقّا حتى لا تعودوا برسالة ظالم فحبسهم و ركب موسى بن عيسى في الليل إلى باب الحبس ففتح الباب و أخرجهم جميعا .

فلمّا كان الغد و جلس شريك للقضاء جاء السجّان فأخبره فدعا بالقمطر فختمها و وجه بها إلى منزله و قال لغلامه الحقني بثقلي إلى بغداد و اللَّه ما طلبنا هذا الأمر منهم و لكن أكرهونا عليه و لقد ضمنوا لنا الاعزاز فيه إذ تقلدناه لهم و مضى نحو قنطرة الكوفة إلى بغداد و بلغ موسى بن عيسى الخبر .

فركب في موكبه فلحقه و جعل يناشده اللَّه و يقول يا أبا عبد اللَّه تثبت أنظر اخوانك تحبسهم دع أعواني قال نعم لأنّهم مشوا لك في أمر لم يجب عليهم المشي فيه و لست ببارح حتى يردوا جميعا إلى الحبس و إلاّ مضيت إلى الخليفة فاستعفيته ممّا قلدني فأمر بردهم جميعا إلى الحبس و هو واقف مكانه حتى جاءه السجّان فقال قد رجعوا .

فقال لأعوانه خذا بلجامه و قودوه بين يدي جمعا إلى مجلس الحكم فمروا به بين يديه حتى أدخل معه مجلس القضاء فقال أين الجويرية المتظلمة منه فجاءت فقال هذا خصمك قد حضر و هو جالس معها بين يديه .

فقال موسى أولئك يخرجون من الحبس قبل كلّ شي‏ء قال شريك أما الآن فنعم أخرجوهم ثم قال له ما تقول في ما تدّعيه قال صدقت قال ترد جميع ما أخذ منها و تبني حائطا سريعا كما هدم قال أفعل هل بقي شي‏ء تدّعيه قال تقول المرأة بيت الفارسي و متاعه قال و يرد ذلك بقي شي‏ء تدّعينه قالت لا و جزاك اللَّه خيرا قال قومي و زبرها ثم و ثب من مجلسه فأخذ بيد موسى بن عيسى فأجلسه في مجلسه ثم قال السّلام عليك أيها الأمير تأمر

٢٠٧

بشي‏ء قال أي شي‏ء وضحك .

٢٢ الحكمة ( ٢٤٩ ) و قالعليه‌السلام :

أَفْضَلُ اَلْأَعْمَالِ مَا أَكْرَهْتَ نَفْسَكَ عَلَيْهِ في ( الأمالي ) عن الباقرعليه‌السلام كان عليعليه‌السلام ليأكل أكل العبد و يجلس جلسة العبد و ان كان ليشتري القميصين السنبلايين فيخيّر غلامه خيرهما ثم يلبس الآخر فان جاز أصابعه قطعه و ان جاز كعبه حذفه و لقد ولّى خمس سنين ما وضع آجرة على آجرة و لا لبنة على لبنة و لا أقطع قطيعا و لا أورث بيضاء و لا حمراء و انّه كان ليطعم الناس خبز البر و اللحم و ينصرف إلى منزله و يأكل خبز الشعير و الزيت و الخل .

و ما ورد عليه أمران كلاهما للَّه رضى إلاّ أخذ بأشدهما على بدنه و لقد اعتق الف مملوك من كدي يده تربت فيه يداه و عرق فيه وجهه و ما أطاق عمله أحد من الناس و انّه كان يصلّي في اليوم و الليلة ألف ركعة ، و كان أقرب الناس شبها به علي بن الحسينعليه‌السلام ما أطاق عمله أحد من الناس بعده .

و روي فوق كلّ عقوق عقوق حتى يقتل والديه و فوق كلّ بر بر حتى يقتل في سبيل اللَّه .

٢٣ الحكمة ( ٣٦٨ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَضَعَ اَلثَّوَابَ عَلَى طَاعَتِهِ وَ اَلْعِقَابَ عَلَى مَعْصِيَتِهِ ذِيَادَةً لِعِبَادِهِ عَنْ نِقْمَتِهِ وَ حِيَاشَةً لَهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ

٢٠٨

أقول في ( العلل ) عن الرضاعليه‌السلام فان قيل لم أمر اللَّه تعالى العباد و نهاهم قيل لأنّه لا يكون بقاؤهم و صلاحهم إلاّ بالأمر و النهي و المنع من الفساد و التغاصب فان قيل فلم يجب أن يعبدوه قيل لئلا يكونوا ناسين لذكره و لا تاركين لأدبه و لا لاهين عن أمره و نهيه إذ كان فيه صلاحهم و قوامهم فلو تركوا بغير تعبّد لطال عليهم الأمد فقست قلوبهم ، هذا و ( ذيادة ) من ( ذدته عن كذا ) دفعته عنه و ( حياشة ) من ( حشت الصيد أحوشه إلى الخبالة ) إذا جئته من حواليه لتصرفه إليها .

٢٤ الحكمة ( ٢٧٨ ) و قالعليه‌السلام :

قَلِيلٌ تَدُومُ عَلَيْهِ أَرْجَى مِنْ كَثِيرٍ مَمْلُولٍ مِنْهُ و الحكمة ( ٤٤٤ ) و قالعليه‌السلام :

قَلِيلٌ تَدُومُ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مَمْلُولٍ مِنْهُ أقول هو تكرار اعتذر في الديباجة عنه بقوله « و ربما بعد العهد بما اختير أولا فأعيد بعضه سهوا أو نسيانا لا قصدا و اعتمادا » .

و في ( الكافي ) عن أبي جعفرعليه‌السلام ما من شي‏ء أحبّ إلى اللَّه تعالى من عمل يداوم عليه و ان قل و عن الصادقعليه‌السلام إذا كان الرجل على عمل فليدم عليه سنة ثم يعدل عنه ان شاء و ذلك ان ليلة القدر يكون فيها في عامه ذلك ما شاء اللَّه أن يكون .

و عنهعليه‌السلام مر بي أبي و أنا بالطواف و أنا حدث و قد اجتهدت فرآني و أنا اتصاب عرقا فقال يا بني ان اللَّه إذا أحب عبدا أدخله الجنّة و رضى عنه باليسير .

٢٠٩

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان هذا الدين متين فاوغلوا فيه برفق و لا تكرهوا عبادة اللَّه إلى عباده و في خبر و لا تبغض إلى نفسك عبادة ربك .

و عن الصادقعليه‌السلام ان من المسلمين من له سهم و من له سهمان و من له ثلاثة و من له أربعة إلى أن قال فليس ينبغي أن تحمل صاحب السهم على ما عليه صاحب السهمين و لا صاحب السهمين على ما عليه صاحب الثلاثة إلى أن قال و سأضرب لك مثلا كان له جار نصراني فدعاه إلى الاسلام و زيّنه له فأجابه فأتاه سحرا فقرع عليه الباب و قال له توضأ للصلاة فتوضأ و خرج معه فصليا ما شاء اللَّه ثم صليا الفجر ثم مكثا حتى أصبحا فقام الجار لمنزله فقال له الرجل أين تذهب النهار قصير و الذي بينك و بين الظهر قليل فجلس معه إلى الظهر ثم قال له و ما بين الظهر و العصر قليل فحبسه حتى صلّى العصر ثم قام و أراد أن ينصرف فقال له ان هذا آخر النهار و أقلّ من أوّله فاحتبسه حتى صلّى المغرب ثم أراد أن ينصرف فقال له انما بقي صلاة واحدة فمكث حتى صلّى العشاء الاخرة ثم تفرّقا فلمّا كان سحرا غدا عليه فضرب عليه الباب و قال له أخرج قال اطلب لهذا الدين من هو أفرغ مني و أنا انسان مسكين و لي عيال فأدخله في شي‏ء أخرجه منه هذا و قال ابن أبي الحديد قال الشاعر :

اني كثرت عليه في زيارته

فملّ و الشي‏ء مملول إذا كثر

٢٥ الحكمة ( ٣١٢ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ لِلْقُلُوبِ إِقْبَالاً وَ إِدْبَاراً فَإِذَا أَقْبَلَتْ فَاحْمِلُوهَا عَلَى اَلنَّوَافِلِ وَ إِذَا أَدْبَرَتْ فَاقْتَصِرُوا بِهَا عَلَى اَلْفَرَائِضِ

٢١٠

أقول و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قريبا منه ففي ( الكافي ) عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ان للقلوب إقبالا و إدبارا فاذا أقبلت فتنفلوا و إذا أدبرت فعليكم بالفريضة و روي ان أبا الحسن الأولعليه‌السلام كان إذا اهتم ترك النافلة .

٢٦ الحكمة ( ٣٩ ) و قالعليه‌السلام :

لاَ قُرْبَةَ بِالنَّوَافِلِ إِذَا أَضَرَّتْ بِالْفَرَائِضِ و الحكمة ( ٢٧٩ ) و قالعليه‌السلام :

إِذَا أَضَرَّتِ اَلنَّوَافِلُ بِالْفَرَائِضِ فَارْفُضُوهَا أي اتركوها في ( المقنع ) لا يجوز أن يتطوّع الرجل و عليه شي‏ء من الفرائض كذلك وجدته في كلّ الأحاديث١ .

و روى الشيخ عن زرارة سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن ركعتي الفجر قال قبل الفجر إلى أن قال أتريد أن تقايس لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوع ، إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدأ بالفريضة٢ .

و عن معاوية بن عمار عن الصادقعليه‌السلام في امرأة أوصت بثلثها يتصدّق به عنها و يعتق عنها و يحجّ عنها فلم يسع المال ذلك فقال ابدأ بالحج فان الحج فريضة و ما بقي فضعه في النوافل أي العتق و الصدقة .

و في ( الكافي ) عن الباقرعليه‌السلام جعل الذراع و الذراعان لمكان الفريضة فاذا بلغ الفي‏ء ذراعا بدأت بالفريضة و تركت النافلة عنهعليه‌السلام قال لي رجل من

____________________

( ١ ) الصدوق ، المقنع و الهداية : ٦٤ ( باب الرجل يتطوّع بالصيام ) ، مطبوعات دار العلم ، قم .

( ٢ ) الصدوق ، الاستبصار ١ : ٢٨٣ رواية ( ٥ ) .

٢١١

أهل المدينة مالي لا أراك تتطوع بين الاذان و الإقامة كالناس قلت انا إذا أردنا أن نتطوع كان تطوعنا في غير وقت فريضة فإذا دخلت الفريضة فلا تطوع .

هذا و قالعليه‌السلام أيضا في ذلك غير ما نقله المصنف ما رواه الحلبي في ( تحفه ) فقال : قالعليه‌السلام لا تقضوا النافلة في وقت الفريضة و لكن ابدأوا بالفريضة ثم صلّوا ما بدا لكم و لا يصل الرجل نافلة في وقت فريضة و لا يتركها إلاّ من عذر و ليقض بعد ذلك إذا أمكنه القضاء فانّه عز و جل يقولالذين هم على صلوتهم دائمون ١ و هم الذين يقضون ما فاتهم من الليل بالنهار و من النهار بالليل .

هذا ، و في خبر ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس فقضى أولا النافلة ثم الفريضة لفوت الوقتين و على صحّة الخبر فهو استثناء من العنوان ( لا قربة بالنوافل إذا أضرّت بالفرائض ) و كذا العنوان الآخر لكون قضاء الفريضة فورا .

٢٧ الحكمة ( ٣٢ ) و قالعليه‌السلام :

فَاعِلُ اَلْخَيْرِ خَيْرٌ مِنْهُ وَ فَاعِلُ اَلشَّرِّ شَرٌّ مِنْهُ أقول و ورد ( نية المؤمن خير من عمله و نيّة الكافر شرّ من عمله ) و وجه الكلامين كلامهعليه‌السلام و كلام الخبر أن الخير و الشر الخارجيين جزئيان منقطعان و فاعلهما كنيتي المؤمن و الكافر موجبان لصدور الخير و الشر دائما .

هذا ، و في ( الخصال ) عنهعليه‌السلام جمع الخير كلّه في ثلاث خصال : النظر

____________________

( ١ ) المعارج : ٢٣ .

٢١٢

و السكوت و الكلام فكلّ نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو و كلّ سكوت ليس فيه فكرة فهو غفلة و كلّ كلام ليس فيه ذكر فهو لغو فطوبى بمن كان نظره عبرا و سكوته فكرا و كلامه ذكرا و بكى على خطيئته و أمن الناس شرّه .

٢٨ الحكمة ( ٩٤ ) وَ سُئِلَ ع عَنِ اَلْخَيْرِ مَا هُوَ فَقَالَ :

لَيْسَ اَلْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَ وَلَدُكَ وَ لَكِنَّ اَلْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ وَ أَنْ يَعْظُمَ حِلْمُكَ وَ أَنْ تُبَاهِيَ اَلنَّاسَ بِعِبَادَةِ رَبِّكَ فَإِنْ أَحْسَنْتَ حَمِدْتَ اَللَّهَ وَ إِنْ أَسَأْتَ اِسْتَغْفَرْتَ اَللَّهَ وَ لاَ خَيْرَ فِي اَلدُّنْيَا إِلاَّ لِرَجُلَيْنِ رَجُلٍ أَذْنَبَ ذُنُوباً فَهُوَ يَتَدَارَكُهَا بِالتَّوْبَةِ وَ رَجُلٍ يُسَارِعُ فِي اَلْخَيْرَاتِ أقول : رواه تذكرة سبط ابن الجوزي عن ( حلية أبي نعيم ) مسندا عن عبد خير قال قال عليعليه‌السلام لي « ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك و لكن الخير أن يكثر علمك و يعظم حلمك و لا خير في الدنيا إلاّ لأحد رجلين رجل أذنب ذنوبا فهو يتدارك ذلك بتوبة و رجل يسارع في الخيرات و لا يقلّ عمل في تقوى فكيف يقل ما يتقبّل » و رواه الحلية في ابن خفيف١ .

قول المصنف « و سئلعليه‌السلام عن الخير » قد عرفت من رواية الحلية انّهعليه‌السلام قال لعبد خير و في ( الأمالي ) عنهعليه‌السلام لا يزال الناس بخير ما تفاوتوا فاذا استووا هلكوا٢ و روى ان رجلا قال لهعليه‌السلام أوصني فقال أوصيك ألا يكون لعمل الخير عندك غاية في الكثرة و لا لعمل الإثم عندك غاية في القلّة٣

____________________

( ١ ) أبو نعيم الاصفهاني ، حلية الأولياء ١٠ : ٣٨٨ ، و ذكره سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص : ١٣١ طبع المطبعة الحيدرية في النجف الأشرف بتاريخ ١٩٦٤ م .

( ٢ ) الصدوق ، الأمالي : ٢٦٧ و نقله المجلسي في بحار الأنوار ٧١ : ٣٨٣ رواية ١ باب ١٥ .

( ٣ ) ذكره المجلسي في بحار الأنوار ٧٨ : ٤٩ رواية ٧٠ باب ١٦ .

٢١٣

و عنهمعليهم‌السلام أبواب الخير ثلاثة : الصوم و الصدقة و صلاة الليل و عنهمعليهم‌السلام جعل الخير كلّه في بيت و جعل مفتاحه الزهد في الدنيا .

قولهعليه‌السلام « ليس الخير أن يكثر مالك و ولدك »ا يحسبون انما نمدّهم به من مال و بنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ١ « و لكن الخير أن يكثر علمك و يعظم حلمك و ان تباهي الناس بعبادة ربك فان أحسنت حمدت اللَّه و ان أسأت استغفرت اللَّه »ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون و الذين هم بآيات ربهم يؤمنون و الذين هم بربهم لا يشركون أولئك يسارعون في الخيرات و هم لها سابقون ٢ .

و قيل لهعليه‌السلام كما في ( المروج ) من خيار العباد قال الذين إذا أحسنوا استبشروا و إذا أساؤوا استغفروا و إذا ابتلوا صبروا و إذا غضبوا غفروا و في ( الأسد ) كتب سلمان إلى أبي الدرداء كتبت اليّ ان اللَّه رزقك مالا و ولدا ، فاعلم ان الخير ليس بكثرة المال و الولد بل ان يكثر حلمك و ان ينفعك علمك و كتبت الى انك نزلت الأرض المقدسة ان الأرض لا تعمل لأحد اعمل كأنّك ترى و أعدد نفسك من الموتى :

« و لا خير في الدنيا إلاّ لرجلين رجل أذنب ذنبا فهو يتداركها بالتوبة و رجل يسارع في الخيرات »يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم و لا أولادكم عن ذكر اللَّه و من يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ٣ .

____________________

( ١ ) المؤمنون : ٥٥ ٥٦ .

( ٢ ) المؤمنون : ٥٧ ٦١ .

( ٣ ) المنافقون : ٩ .

٢١٤

٢٩ الحكمة ( ٣٨٧ ) و قالعليه‌السلام :

مَا خَيْرٌ بِخَيْرٍ بَعْدَهُ اَلنَّارُ وَ مَا شَرٌّ بِشَرٍّ بَعْدَهُ اَلْجَنَّةُ وَ كُلُّ نَعِيمٍ دُونَ اَلْجَنَّةِ مَحْقُورٌ وَ كُلُّ بَلاَءٍ دُونَ اَلنَّارِ عَافِيَةٌ ( أقول ) : هو جزء خطبتهعليه‌السلام الوسيلة التي خطب بها بعد سبعة أيام من وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حين فرغ من جمع القرآن و تدوينه كما رواه ( روضة الكافي ) مسندا عن جابر الجعفي عن الباقرعليه‌السلام عنهعليه‌السلام .

« ما خير بخير بعده النار و ما شرّ بشرّ بعده الجنّة » في الدعاء ( اللّهم اني أسألك خير الخير رضوانك و الجنّة و أعوذ بك من شرّ الشرّ سخطك و النار ) .

و عن الباقرعليه‌السلام كان عليعليه‌السلام بكرة يطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا و معه الدرة على عاتقه و كان لها طرفان و كانت تسمى السبية فيقف على سوق فينادي يا معشر التجار قدموا الاستخارة و تبركوا بالسهولة و اقتربوا من المبتاعين و تزينوا بالحلم و تناهوا عن اليمين و جانبوا الكذب و تجافوا عن الظلم و انصفوا المظلومين و لا تقربوا الربا و أوفوا الكيل و الميزان و لا تبخسوا الناس أشياءهم و لا تعثوا في الأرض مفسدين ثم ينشد هذه الأبيات :

تفنى اللذاذة ممّن نال صفوتها

من الحرام و يبقى الاثم و العار

تبقى عواقب سوء في مغبّتها

لا خير في لذّة ما بعدها النار

و عنهعليه‌السلام ما من رجل يغدو و يروح إلى سوقه فيقول حين يضع رجله في السوق اللّهم اني أسألك خيرها و خير أهلها و أعوذ بك من شرّها و شرّ أهلها إلاّ و كلّ اللَّه تعالى به من يحفظه و يحفظ عليه حتى يرجع إلى منزله

٢١٥

و يقول له قد اجرتك من شرّها و شرّ أهلها يومك هذا .

هذا و عدوا في الرجال حجر الخير و حجر الشرّ و سلمة الخير و سلمة الشر .

« و كلّ نعيم دون الجنة فهو » هكذا في ( المصرية ) و كلمة ( فهو ) زائدة لعدم وجودها في ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية .

« محقور و كلّ بلاء دون النار عافية » في الطبري لمّا زحف عمر بن سعد يوم الطف قال له الحر بن يزيد أمقاتل أنت هذا الرجل قال أي و اللَّه إلى أن قال فأخذ الحر يدنو من الحسينعليه‌السلام قليلا قليلا فقال له رجل من قومه يقال له المهاجر بن أوس ما تريد أ تريد أن تحمل ؟ فسكت و أخذه مثل العرواء فقال للحر و اللَّه ان أمرك لمريب و اللَّه ما رأيت منك في موقف قط مثل شي‏ء أراه الآن و لو قيل لي من أشجع أهل الكوفة ما عدوتك فما هذا الذي أرى منك قال اني و اللَّه أخيّر نفسي بين الجنّة و النار و و اللَّه لا اختار على الجنّة شيئا و لو قطعت و حرقت ثم ضرب فرسه فالحق بالحسينعليه‌السلام .

٣٠ الحكمة ( ٤٢٢ ) و قالعليه‌السلام :

اِفْعَلُوا اَلْخَيْرَ وَ لاَ تَحْقِرُوا مِنْهُ شَيْئاً فَإِنَّ صَغِيرَهُ كَبِيرٌ وَ قَلِيلَهُ كَثِيرٌ وَ لاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ اَلْخَيْرِ مِنِّي فَيَكُونَ وَ اَللَّهِ كَذَلِكَ إِنَّ لِلْخَيْرِ وَ اَلشَّرِّ أَهْلاً فَمَهْمَا تَرَكْتُمُوهُ مِنْهُمَا كَفَاكُمُوهُ أَهْلُهُ « افعلوا الخير » في ( الكافي ) عن الصادقعليه‌السلام في التوراة مكتوب يا ابن آدم تفرّغ لعبادتي املأ قلبك غنى و لا آكلك إلى طلبك و عليّ أن أسد فاقتك و أملأ قلبك خوفا مني و ألا تفرغ لعبادتي املأ قلبك شغلا بالدنيا ثم لا اسد فاقتك

٢١٦

و اكلك إلى طلبك .

« و لا تحقروا منه شيئا فان صغيره كبير و قليله كثير » فيه عنهعليه‌السلام أيضا إذا همّ أحدكم بعمل فلا يؤخره فان العبد ربما صلّى الصلاة أو صام الصيام فيقال له اعمل ما شئت بعدها فقد غفر لك و في خبر آخر و لا يستقل ما يتقرّب به إلى اللَّه تعالى و لو بشقّ تمرة .

و عنهعليه‌السلام إذا هممت بشي‏ء فلا تؤخره فانه تعالى ربما اطّلع و هو على شي‏ء من الطاعة فيقول و عزتي و جلالي لا أعذبك بعدها أبدا و إذا هممت بسيئة فلا تعملها فانّه ربما اطلع تعالى على العبد و هو على شي‏ء من المعصية فيقول و عزتي و جلالي لا أغفر لك بعدها أبدا .

« و لا يقولن أحدكم ان أحدا أولى بفعل الخير مني فيكون و اللَّه كذلك » فيه عنهعليه‌السلام إذا هم أحدكم بخير أو صلة فان عن يمينه و شماله شيطانين فليبادر لا يكفاه عن ذلك .

« ان للخير و الشر أهلا فمهما تركتموه منهما كفاكموه أهله » فيه عن أبي جعفرعليه‌السلام ان اللَّه ثقل الخير على أهل الدنيا كثقله في موازينهم يوم القيامة و ان اللَّه تعالى خفف الشر على أهل الدنيا كخفته في موازينهم يوم القيامة .

هذا ، و حيث ان الخير و الشر من الامور النسبية فقد يترك بعض أهل الشر شرّا فظيعا لأشرّ منه كما ترك المغيرة قتل حجر بن عدي لزياد بن أبيه ففي الطبري أقام المغيرة على الكوفة عاملا لمعاوية سبع سنين و أشهرا و هو أحسن شي‏ء سيرة غير انّه لا يدع ذمّ عليعليه‌السلام و الوقوع فيه و العيب لقتلة عثمان و اللعن لهم و الدعاء لعثمان بالرحمة و التزكية لأصحابه فكان حجر إذا سمع ذلك قال بل إياكم ذمم اللَّه و لعن ثم قام فقال ان اللَّه تعالى يقول .كونوا

٢١٧

قوامين بالقسط شهداء للَّه .١ و أنا أشهد ان من تذمون و تعيرون لأحق بالفضل و ان من تزكون و تطرون أولى بالذم فيقول له المغيرة يا حجر لقد رمى بسهمك إذ كنت أنا الوالي عليك ويحك اتق السلطان و اتق غضبه و سطوته فان غضبة السلطان أحيانا ممّا يهلك أمثالك كثيرا ثم يكفّ عنه و يصفح فلم يزل حتى كان في آخر امارته قام المغيرة فقال في علي و عثمان كما كان يقول و كانت مقالته اللّهم ارحم عثمان و تجاوز عنه و اجزه بأحسن عمله فانّه عمل بكتابك و اتبع سنّة نبيّك و جمع كلمتنا و حقن دماءنا و قتل مظلوما اللّهم فارحم انصاره و أولياءه و محبيه و الطالبين بدمه و يدعو على قتلته فقام حجر فنعر نعرة بالمغيرة سمعها كلّ من كان في المسجد و من كان خارجا منه و قال إنّك لا تدري بمن تولع من هرمك و قد أصبحت مولعا بذم أمير المؤمنين و تقريظ المجرمين فنزل المغيرة فدخل و استأذن عليه قومه فاذن لهم فقالوا على م تترك هذا الرجل يقول هذه المقالة و يجتري عليك في سلطانك هذه الجرأة فقال لهم المغيرة اني قد قتلته انه سيأتي بعدي أمير فيحسبه مثلي فيصنع به شبيها بما ترونه يصنع بي فيأخذه عند أوّل و هلة فيقتله شرّ قتلة انّه قد اقترب أجلي و لا أحبّ ان ابتدى‏ء أهل هذا المصر بقتل خيارهم فيسعدوا بذلك و أشقى و يعز في الدنيا معاوية و يذلّ يوم القيامة المغيرة .

هذا و عن ( دعوات القطب ) الراوندي عن الصادقعليه‌السلام مرض أمير المؤمنينعليه‌السلام فعاده قوم فقالوا كيف أصبحت قال بشرّ فقالوا سبحان اللَّه هذا كلام مثلك فقال يقول تعالى .و نبلوكم بالشرّ و الخير فتنة و إلينا

____________________

( ١ ) النساء : ١٣٥ .

٢١٨

ترجعون ١ فالخير الصحة و الغنى ، و الشرّ المرض و الفقر ابتلاء و اختبارا٢ .

هذا ، و لنا حجران حجر الخير و هو حجر بن عدي من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام و حجر الشرّ من أصحاب معاوية و في اللسان و في بني قشير سلمتان سلمة بن قشير ابن القشيرية و هو سلمة الخير و سلمة بن قشير ابن لبيني بنت كعب بن كلاب و هو سلمة الشر .

 ٣١ الحكمة ( ٤٤٧ ) و قالعليه‌السلام :

مَنِ اِتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْهٍ فَقَدِ اِرْتَطَمَ فِي اَلرِّبَا أي ارتبك فيه من ( ارتطم في الوحل ) و رواه ( الكافي ) عنهعليه‌السلام هكذا « من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم .

و روي عنهعليه‌السلام لا تقعدون في السوق إلاّ من يعقل الشراء و البيع يا معشر التجار الفقه ثم المتجر و اللَّه للربا في هذه الامة أخفى من دبيب النمل على الصفا شوبوا ايمانكم بالصدق ، التاجر فاجر و الفاجر في النار إلاّ من أخذ الحق و أعطى الحق .

هذا ، و في نزول أسباب الواحدي مسندا عن ابن عباس بلغنا ان آية الربا نزلت في بني عمرو بن عمير بن عوف من ثقيف و في بني المغيرة من بني مخزوم و كان بنو المغيرة يربون لثقيف فلما أظهر اللَّه تعالى رسوله على مكة

____________________

( ١ ) الانبياء : ٣٥ .

( ٢ ) الدعوات لقطب الدين الراوندي : ١٦٨ حديث ٤٦٩ ، مدرسة الامام المهدي ، قم ، و نقله عنه « البحار » ٨١ : ٢٠٩ « و المستدرك » ١ : ٩٥ .

٢١٩

وضع يومئذ الربا كلّه فأتى بنو عمرو و بنو المغيرة إلى عتاب بن أسيد و هو على مكة فقال بنو المغيرة ما جعلنا أشقى الناس بالربا .

وضع عن الناس غيرنا و قال بنو عمرو صولحنا على ان لنا ربانا فكتب عتاب في ذلك إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فنزلتيا أيها الذين آمنوا اتقوا اللَّه و ذروا ما بقي من الربوا ان كنتم مؤمنين فان لم تفعلوا فاذنوا بحرب من اللَّه و رسوله . .١ فعرف بنو عمر و ان لايدان لهم بحرب يقول تعالى .و أن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون فتأخذون أكثر و لا تظلمون ٢ فتبخسون منه .

____________________

( ١ ) البقرة : ٢٧٨ .

( ٢ ) البقرة : ٢٧٩ .

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617