بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة6%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 617

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 617 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 199391 / تحميل: 7651
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ١٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

بيعقوب » قال الرّجل: يا ابن رسول الله، ما الّذي نزل بيعقوب؟ قال: « كان يعقوب النّبيعليه‌السلام ، يذبح لعياله في كلّ يوم شاة، ويقسم لهم من الطّعام مع ذلك ما يسعهم، وكان في عصره نبي من الأنبياء كريم على الله لا يؤبه له، قد أخمل نفسه ولزم السّياحة، ورفض الدّنيا فلا يشتغل بشئ منها، فإذا بلغ من الجهد توخّى دور الأنبياء وأبناء الأنبياء والصّالحين، ووقف لها وسأل ممـّا يسأل السّؤال، من غير أن يعرف به، فإذا أصاب ما يسمك رمقه مضى لمـّا هو عليه، (ولمـّا أغري)(١) ليلة بباب يعقوب وقد فرغوا من طعامهم، وعندهم منه بقيّة كثيرة، فسأل فأعرضوا عنه، فلا هم أعطوه شيئاً ولا صرفوه، وأطال الوقوف ينتظر ما عندهم، حتّى أدركه ضعف الجهد وضعف طول القيام، فخرّ من قامته قد غشي عليه، فلم يقم إلّا بعد هَوِىّ من اللّيل، فنهض لمـّا به ومضى لسبيله، فرأى يعقوب في منامه تلك اللّيلة ملكاً أتاه فقال: يا يعقوب، يقول لك ربّ العالمين: وسعت عليك في المعيشة، وأسبغت عليك النّعمة، فيعتري ببابك نبيّ من أنبيائي كريم عليّ، قد بلغ الجهد فتعرض أنت وأهلك عنه، وعندكم من فضول ما أنعمت به عليكم ما القليل منه يحييه، فلم تعطوه شيئاً ولم تصرفوه فيسأل غيركم، حتّى غشي عليه فخرّ من قامته لاصقاً بالأرض عامّة ليلته، وأنت في فراشك مستبطن متقلّب في نعمتي عليك، وكلاكما بعيني، وعزّتي وجلالي لأبتلينّك ببليّة تكون لها حديثاً في الغابرين، فانتبه يعقوبعليه‌السلام مذعوراً، وفزغ إلى محرابه فلزم البكاء والخوف حتّى أصبح، أتاه بنوه يسألونه ذهاب يوسف معهم » ثمّ ذكر أبو جعفرعليه‌السلام قصّة يوسف بطولها.

____________________________

(١) في المصدر: وأنه أعترى ذات، والظاهر أنّه أصوب إذ أن عراه وأعتراه: غشيه طالباً معروفه (لسان العرب ج ١٥ ص ٤٤).

٢٠١

[ ٨٠٣٢ ] ١٠ - عماد الدّين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي البقاء ابراهيم بن الحسين البصري، عن أبي طالب محمّد بن الحسن، عن أبي الحسن محمّد بن الحسين بن أحمد، عن محمّد بن وهبان الدّبيلي، عن عليّ بن أحمد بن كثير العسكري، عن أحمد بن المفضّل أبي سلمة الأصفهاني، عن أبي علي راشد بن عليّ بن وائل القرشي، عن عبدالله بن حفص المدني، عن محمّد بن إسحاق، عن سعيد بن زيد بن أرطأة، عن كميل بن زياد، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال فيما أوصاه إليه: « البركة في المال من إعطاء(١) الزكاة، ومواساة المؤمنين، وصلة الأقربين، وهم الأقربون(٢) يا كميل، زد قرابتك المؤمن على ما تعطي سواه من المؤمنين، وكن بهم أرأف وعليهم أعطف، وتصدّق على المساكين، يا كميل، لا تردّن سائلاً ولو بشقّ تمرة، أو من شطر عنب، يا كميل، الصّدقة تنمى عند الله تعالى » الخبر.

ورواه الحسن بن عليّ بن شعبة في تحف العقول(٣) ، ويوجد في بعض نسخ نهج البلاغة.

[ ٨٠٣٣ ] ١١ - الشيخ ابراهيم الكفعمي في كتاب مجموع الغرائب: عن الجواهر للشّيخ الفاضل محمّد بن محاسن البادرائي، أنّه روى: أنّ عيسىعليه‌السلام قال: من ردّ السائل محروماً، لا تغشى الملائكة بيته سبعة أيّام.

____________________________

١٠ - بشارة المصطفى ص ٢٥.

(١) في المصدر: إيتاء.

(٢) وفيه: الأقربون لنا.

(٣) تحف العقول ص ١١٥.

١١ - مجموع الغرائب:

٢٠٢

[ ٨٠٣٤ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « للسّائل حقّ وإن جاء على فرس ».

[ ٨٠٣٥ ] ١٣ - وعن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، أنّ سائلاً كان يسأل يوماً، فقالعليه‌السلام : « أتدرون ما يقول؟ » قالوا: لا، يا ابن رسول الله قالعليه‌السلام : « يقول: أنا رسولكم إن أعطيتموني شيئاً أخذته وحملته إلى هناك، وإلا أرد إليه وكفّي صفر ».

[ ٨٠٣٦ ] ١٤ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لو لا أنّ السّائلين(١) يكذبون، ما قدّس من ردّهم ».

[ ٨٠٣٧ ] ١٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه كان يقول: « اللّهم أحيني مسكيناً وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين » فقالت له إحدى زوجاته: لم تقول هكذا؟ قال: « لأنهم يدخلون الجنّة قبل الأغنياء بأربعين عاماً، ثمّ قال: أنظري ألّا تزجري المسكين، وإن سأل شيئاً فلا تردّيه ولو بشقّ تمرة، واحبيه وقربيه إلى نفسك، حتّى يقرّبك الله تعالى إلى رحمته ».

[ ٨٠٣٨ ] ١٦ - وروي: أنّ الله تعالى يقول يوم القيامة لبعض عباده: استطعمتك فلم تطعمني، واستقيتك فلم تسقني، واستكسيتك فلم

____________________________

١٢ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧، وفي ج ٥ ص ٥٤٨، وأخرجه في البحار ج ٩٦ ص ١٧ ح ٢ عن جامع الأخبار ص ١٦٢.

١٣ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

١٤ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٧.

(١) في المصدر: السؤّال.

١٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٦٦.

١٦ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ٢ ص ٢٨١.

٢٠٣

تكسني، فيقول العبد: إلهي أنّه كان، وكيف كان؟ فيقول تعالى: العبد الفلاني الجائع استطعمك فما أطعمته، والفلاني العاري استكساك فما كسوته، فلأمنعنك اليوم فضلي كما منعته.

[ ٨٠٣٩ ] ١٧ - أبو علي محمّد بن همام في كتاب التّمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتّى يحتوي على مائة وثلاث خصال - إلى أن عدّصلى‌الله‌عليه‌وآله منها - لا يردّ سائلاً، ولا يبخل بنائل ».

[ ٨٠٤٠ ] ١٨ - البحار، عن الديلمي في أعلام الدين: عن أبي أمامة، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « قال الخضرعليه‌السلام : من سُئل بوجه الله عزّوجلّ فردّ سائله، وهو قادر على ذلك، وقف يوم القيامة ليس لوجهه جلد ولا لحم، (إلّا)(١) عظم يتقعقع » الخبر.

[ ٨٠٤١ ] ١٩ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن زيد الشحّام، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: « ما سئل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيئاً قطّ، فقال: لا، إن كان عنده أعطاه، وإن لم يكن عنده، قال: يكون إن شاء الله ».

[ ٨٠٤٢ ] ٢٠ - القطب الراوندي في لبّ اللّباب: عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنّه خرج ذات يوم معه خمسة دراهم، فأقسم عليه

____________________________

١٧ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

١٨ - البحار ج ١٣ ص ٣٢١ ح ٥٥ عن أعلام الدين ص ١١٢.

(١) في أعلام الدين: ولا.

١٩ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٦١ ح ٢١٢.

٢٠ - لبّ اللباب: مخطوط.

٢٠٤

فقير فدفعها إليه، فلمّا مضى فإذا بأعرابي على جمل، فقال له: اشتر هذا الجمل، قال: « ليس معي ثمنه »، قال: اشتر نسية، فاشتراه بمائة درهم، ثمّ أتاه إنسان فاشتراه منه بمائة وخمسين درهماً نقداً، فدفع إلى البايع مائة، وجاء بخمسين إلى داره، فسألته - أي فاطمةعليها‌السلام - عن ذلك، فقال: « أتجّرت مع الله، فأعطيته واحداً فأعطاني مكانه عشرة ».

[ ٨٠٤٣ ] ٢١ - وعن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من نهر سائلاً، نهرته الملائكة يوم القيامة ».

٢١ -( باب جواز ردّ السّائل، بعد إعطاء ثلاثة)

[ ٨٠٤٤ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه وقف به سائل وهو مع جماعة من أصحابه، فسأله فأعطاه، ثمّ جاء آخر فسأله فأعطاه ثمّ جاء الثّالث(١) فأعطاه ثمّ جاء الرّابع فقال له: « يرزقنا الله وإيّاك » ثمّ قال لأصحابه: « لو أنّ رجلاً عنده مائة ألف، ثمّ أراد ان يضعها موضعها لوجد ».

[ ٨٠٤٥ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن عجلان، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام ، فجاءه سائل، فقام إلى مكتل فيه تمر فملأ يده ثمّ ناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده

____________________________

٢١ - لب اللباب: مخطوط.

الباب - ٢١

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٥ ح ١٢٦٦.

(١) في المصدر زيادة: فسأله.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢٨٩ ح ٥٩، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٦٩ ح ٥٩.

٢٠٥

فناوله، ثمّ جاء آخر فسأله، فقال: « رزقنا الله وإيّاك »(١) .

٢٢ -( باب عدم جواز الرّجوع في الصّدقة، وحكم صدقة الغلام)

[ ٨٠٤٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « إذا تصدّق الرّجل بصدقة، لم يحلّ له أن يشتريها، ولا أن يستوهبها، ولا أن يملكها، بعد أن تصدّق بها، إلّا بالميراث، فإنّها(١) إن دارت له بالميراث حلّت له ».

[ ٨٠٤٧ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن كتاب الفنون، قال: نام رجل من الحاجّ في المدينة فتوهّم أنّ هميانه سرق، فخرج فرأى جعفر الصّادقعليه‌السلام ، مصلّيا ولم، يعرفه فتعلّق به وقال له: أنت أخذت همياني، قال: « ما كان فيه؟ » قال: ألف دينار، قال: فحمله إلى داره، ووزن له ألف دينار، وعاد إلى منزله ووجد هميانه، فرجع(١) إلى جعفرعليه‌السلام معتذراً بالمال فأبى قبوله، وقالعليه‌السلام : « شئ خرج من يدي لا يعود إليّ » (إلى أن)(٢)

____________________________

(١) ورد في هامش الطبعة الحجرية، منه (قدّه) ما نصّه: « هذا الخبر رواه الكليني في الكافي ج ٤ ص ٥٥ ح ٧ بإسناده عن عجلان كما في الأصل، وفيه أنهم كانوا أربعة أعطى ثلاثة منهم وردّ الرابع فالظاهر أنّه سقط في نسخة العياشي جملة أخرى، والله العالم ».

الباب - ٢٢

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٩ ح ١٢٧٥.

(١) في الطبعة الحجرية « فانهما » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٢٧٤.

(١) في المصدر: فعاد.

(٢) ليس في المصدر.

٢٠٦

قال: فسأل(٣) الرّجل، فقيل: هذا جعفر الصّادقعليه‌السلام ، قال: لا جرم هذا فعال مثله.

[ ٨٠٤٨ ] ٣ - السيّد عليّ بن طاووس في مهج الدّعوات: نقلاً من كتاب عتيق، حدّثنا محمّد بن أحمد بن عبدالله بن صفوة، عن محمّد بن العبّاس العاصمي، عن الحسن بن عليّ بن يقطين، عن أبيه، عن محمّد بن الرّبيع الحاجب، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام - في حديث طويل - أنّه قال: « إنّا أهل بيت لا نرجع في معروفنا » الخبر.

٢٣ -( باب استحباب التماس الدّعاء من السّائل، واستحباب دعاء السّائل لمن أعطاه)

[ ٨٠٤٩ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا تستخفوا بدعاء المساكين للمرضى منكم، فإنّه يستجاب لهم فيكم، ولا يستجاب لهم في أنفسهم ».

[ ٨٠٥٠ ] ٢ - الشّيخ المفيد في الاختصاص: عن القاسم، عن بريد العجلي، عن أبيه، قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ، فقلت له: جعلت فداك، قد كان الحال حسنة، وإنّ الأشياء اليوم متغيّرة، فقال: « إذا قدمت الكوفة فاطلب عشرة دراهم، فإن لم تصبها فبع وسادة من وسائدك بعشرة دراهم، ثمّ ادع عشرة من أصحابك واصنع لهم طعاماً، فإذا أكلوا فاسألهم فيدعوا الله لك » قال: فقدمت الكوفة فطلبت عشرة دراهم فلم أقدر عليها، حتّى بعت

____________________________

(٣) وفيه: فسأل عنه.

٣ - مهج الدعوات ص ١٩٦.

الباب - ٢٣

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٣٦ ح ٤٧٨.

٢ - الاختصاص ص ٢٤.

٢٠٧

وسادة لي بعشرة دراهم كما قال، وجعلت لهم طعاماً، ودعوت أصحابي عشرة، فلمّا أكلوا سألتهم أن يدعوا الله لي، فما مكثت حتّى مالت إليّ(١) الدّنيا.

٢٤ -( باب استحباب المساعدة على إيصال الصّدقة والمعروف إلى المستحقّ)

[ ٨٠٥١ ] ١ - الصّدوق في الخصال: عن حمزة بن محمّد العلوي(١) ، عن عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن جعفر الأشعري، عن عبدالله بن ميمون القداح، عن الصّادقعليه‌السلام ، عن آبائه، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٢ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من شفع شفاعة حسنة أو أمر بمعروف، فإن الدّال على الخير كفاعله ».

[ ٨٠٥٣ ] ٣ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: قال: روي أنّ الصّدقة لتجري على سبعين رجلاً، تكون أجر آخرهم كأوّلهم.

____________________________

(١) في المصدر عليّ.

الباب - ٢٤

١ - الخصال ص ١٣٤ ح ١٤٥.

(١) كذا في المصدر، وفي النسخة الحجرية « حمزة بن الحسن العلوي » راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٢٧٨ و ٢٨١، ومجمع الرجال ج ٧ ص ٢٣٦.

٢ - الجعفريات ص ١٧١.

٣ - لب اللباب: مخطوط.

٢٠٨

[ ٨٠٥٤ ] ٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الخازن الأمين الذي يؤدّي ما ائتمن به، طيبة به نفسه فإنّه أحد المتصدّقين ».

[ ٨٠٥٥ ] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صدقة المرأة من بيت زوجها، غير مسرفة ولا مضرّة، مع علم عدم كراهيّة، لها أجر وله مثلها، لها بما أنفقت، وله بما اكتسب، وللخازن مثل ذلك ».

٢٥ -( باب مواساة المؤمن في المال)

[ ٨٠٥٦ ] ١ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « أشدّ الأعمال ثلاثة: إنصاف النّاس من نفسك، حتّى لا ترضى لهم إلّا ما ترضى به لها منهم، ومواساة الأخ في الله(١) ، وذكر الله على كلّ حال ».

[ ٨٠٥٧ ] ٢ - وعن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: قلت: ما أشدّ ما عمل العباد؟ قال: « إنصاف المرء من نفسه، ومواساة المرء أخاه، وذكر الله على كلّ حال » الخبر.

[ ٨٠٥٨ ] ٣ - الصّدوق في مصادقة الإخوان: عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « إختبر شيعتنا في خصلتين، فإن كانتا

____________________________

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

٥ - درر اللآلي ج ١ ص ١٥.

الباب - ٢٥.

١ - الغايات ص ٧٣.

(١) في المصدر: المال.

٢ - الغايات ص ٧٤.

٣ - مصادقة الإخوان ص ٣٦ ح ٢.

٢٠٩

فيهم (وإلّا فاغرب ثمّ اغرب)(١) ، قلت: ما هما؟ قال: المحافظة على الصّلاة(٢) ، والمواساة للإخوان وإن كان الشّئ قليلاً ».

[ ٨٠٥٩ ] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « المواساة أفضل الأعمال، وقال(١) : أحسن الإحسان مواساة الإخوان ».

[ ٨٠٦٠ ] ٥ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « يجئ أحدكم إلى أخيه، فيدخل يده في كيسه فيأخذ حاجته فلا يدفعه »، فقلت: ما أعرف ذلك فينا، قال: فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلا شئ إذاً »، قلت: فالهلكة إذاً؟ قال: « إنّ القوم لم يعطوا أحلامهم بعد ».

[ ٨٠٦١ ] ٦ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سيّد الأعمال ثلاث: إنصاف النّاس من نفسك ومواساة الأخ في الله، وذكرك الله تعالى في كلّ حال ».

[ ٨٠٦٢ ] ٧ - أصل من أصول القدماء: قال: دخل رجل إلى جعفر بن

____________________________

(١) في المصدر: وإلّا فأعزب ثمّ أعزب.

(٢) في المصدر: الصلوات في مواقيتهن.

٤ - درر الحكم ودرر الكلم ص ٤٧ ح ١٣٥٩.

(١) نفس المصدر ص ١٨٤ ح ١٩٧.

٥ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٣.

٦ - الجعفريات ص ٢٣٠.

٧ - أصل من أصول القدماء.

٢١٠

محمّدعليهما‌السلام ، وقال: يابن رسول الله، ما المروّة؟ قال: « ترك الظّلم ومواساة الإخوان في السّعة » الخبر.

[ ٨٠٦٣ ] ٨ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه أوصى لبعض(١) شيعته فقال: يا معشر شيعتنا، اسمعوا وافهموا وصايانا وعهدنا إلى أوليائنا، اصدقوا في قولكم، وبرّوا في أيمانكم لأوليائكم واعدائكم، وتواسوا بأموالكم، وتحابّوا بقلوبكم » الخبر.

وباقي أخبار الباب، يأتي في أبواب العشرة من كتاب الحجّ.

٢٦ -( باب استحباب الإيثار على النّفس ولو بالقليل، لغير صاحب العيال)

[ ٨٠٦٤ ] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن سماعة، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألناه عن الرّجل لا يكون عنده إلّا قوت يومه، ومنهم من عنده قوت شهر، ومنهم من عنده قوت سنة، أيعطف من عنده قوت يوم على من ليس عنده شئ؟ ومن عنده قوت شهر على من دونه؟ والسّنة(١) على نحو ذلك؟ وذلك كلّه الكفاف الذي لا يلام عليه، فقالعليه‌السلام : « هما أمران، أفضلهم(٢) فيه أحرصكم على الرّغبة فيه والأثرة على نفسه، إنّ الله عزّوجلّ

____________________________

٨ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٦٤.

(١) في المصدر: بعض، والظاهر هو الصحيح.

الباب - ٢٦

١ - المؤمن ص ٤٤ ح ١٠٢.

(١) في المصدر: ومن عنده قوت سنة على من دونه.

(٢) وفيه: أفضلكم.

٢١١

يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٣) وإلّا لا يلام عليه، اليد العليا خير اليد السّفلى، ويبدأ بمن يعول ».

[ ٨٠٦٥ ] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « قد فرض الله التّحمل على الأبرار في كتاب الله »، قيل: وما التّحمل؟ قال: « إذا كان وجهك آثر من(١) وجهه التمست له، وقال في قول الله عزّوجلّ:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (٢) وقال: لا تستأثر عليه بما هو أحوج إليه منك ».

[ ٨٠٦٦ ] ٣ - سبط الشّيخ الطّبرسي في مشكاة الأنوار: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه سئل: ما أدنى حقّ المؤمن على أخيه؟ قال: « أن لا يستأثر عليه بما هو أحوج إليه منه ».

[ ٨٠٦٧ ] ٤ - وعن أنس [ قال ](١) : أنّه أهدي لرجل من أصحاب النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، رأس شاة مشوي فقال: إنّ أخي فلاناً وعياله أحوج إلى هذا حقّاً، فبعث [ به ](٢) إليه، فلم يزل يبعث به واحد بعد واحد، حتّى تداولوا بها سبعة أبيات، حتّى رجعت إلى الأوّل، فنزل( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٢ - المؤمن ص ٤٤ ج ١٠٤.

(١) في الطبعة الحجرية « عن » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٩٢.

٤ - مشكاة الأنوار ص ١٨٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه ليستقيم المعنى.

٢١٢

نَفْسِهِ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٣) وفي رواية: فتداولته تسعة أنفس، ثمّ عاد إلى الأوّل.

[ ٨٠٦٨ ] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « ثلاثة من حقائق الإيمان: الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من نفسك، وبذل السّلام لجميع العالم ».

[ ٨٠٦٩ ] ٦ - زيد الزرّاد في أصله: قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : نخشى أن لا نكون مؤمنين، قال: « ولم ذاك؟ » فقلت: وذلك أنّا لا نجد فينا من يكون أخوه عنده آثر من درهمه وديناره، ونجد الدّينار والدّرهم آثر عندنا من أخ قد جمع بيننا وبينه موالاة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: « كلّا، إنّكم مؤمنون ولكن لا تكملون إيمانكم حتّى يخرج قائمنا، فعندها يجمع الله أحلامكم فتكونون مؤمنين كاملين، ولو لم يكن في الأرض مؤمنون كاملون، إذاً لرفعنا الله إليه، وأنكرتم الأرض وأنكرتم السّماء، [ بل ](١) والذي نفسي بيده، إنّ في الأرض في أطرافها مؤمنين، ما قدر الدّنيا كلّها عندهم يعدل جناح بعوضة - إلى أن قالعليه‌السلام - هم البررة بالإخوان في حال اليسر والعسر، والمؤثرون على أنفسهم في حال العسر، كذلك وصفهم الله فقال:( وَيُؤْثِرُونَ ) (٢) الآية - إلى أن

____________________________

(٣) الحشر ٥٩: ٩.

٥ - الجعفريات ص ٢٣١.

٦ - أصل زيد الزرّاد ص ٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الحشر ٥٩: ٩.

٢١٣

قال - حليتهم طول السكوت بكتمان السّر، والصّلاة، والزّكاة، والحجّ، والصوم: والمواساة للإخوان في حال اليسر والعسر » الخبر.

[ ٨٠٧٠ ] ٧ - وفيه: قال زيد: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: « خياركم سمحاؤكم، وشراركم بخلاؤكم، ومن خالص الإيمان البرّ بالإخوان، وفي ذلك محبّة من الرّحمان، ومرغمة من الشّيطان، وتزحزح عن النّيران ».

[ ٨٠٧١ ] ٨ - الشّيخ الطّوسي في أماليه: بإسناده عن أبي ذر رحمه الله، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أيّ الصّدقة أفضل؟ قال: « جهد من مقل إلى فقير (في سرّ)(١) ».

كتاب الغايات(٢) لجعفر بن أحمد القمي: مثله.

[ ٨٠٧٢ ] ٩ - وعن أبي بصير، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: قلت: ما أفضل الصّدقة؟ قال: « جهد المقلّ، أما سمعت الله يقول:( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) ويرى هيهنا فضلاً ».

[ ٨٠٧٣ ] ١٠ - محمّد بن علي بن شهر آشوب في المناقب: قال: روى جماعة عن عاصم بن كليب، عن أبيه واللّفظ له، عن أبي هريرة: أنّه جاء

____________________________

٧ - أصل زيد الزراد ص ٢.

٨ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ١٥٣.

(١) كان في الطبعة الحجرية « محتال ».

(٢) الغايات ص ٦٨.

٩ - الغايات ص ٧٧.

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٠ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٤.

٢١٤

رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فشكا إليه الجوع، فبعث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى أزواجه، فقلن: ما عندنا إلّا الماء، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من لهذا الرّجل اللّيلة؟ » فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أنا يا رسول الله » فأتى فاطمةعليها‌السلام وسألها: « ما عندك يا بنت رسول الله؟ فقالت: ما عندنا إلّا قوت الصّبية، لكنّا نؤثر ضيفنا به، فقالعليه‌السلام : يا بنت محمّد نوّمي الصّبية، واطفئي المصباح، وجعلا يمضغان بألسنتهما، فلمّا فرغا من الأكل أتت فاطمةعليها‌السلام بسراج، فوجدت الجفنة مملوّة من فضل الله، فلمّا أصبح صلى مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلمّا سلّم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من صلاته، نظر إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام وبكى بكاءً شديداً وقال: « يا أمير المؤمنين، لقد عجب الرّب من فعلكم البارحة، إقرأ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) » أي مجاعة الخبر.

[ ٨٠٧٤ ] ١١ - وعن محمّد بن العتمة(١) ، عن أبيه، عن عمّه، قال: رأيت في المدينة رجلاً على ظهره قربة وفي يده صحفة، يقول: « اللّهم وليّ المؤمنين(٢) وجار المؤمنين، اقبل قرباني اللّيلة، فما أمسيت أملك سوى ما في صحفتي وغير ما يواريني، فإنّك تعلم إنّي منعت نفسي [ مع شدّة ](٣) سغبي، أطلب القربة إليك غنماً، اللّهم فلا تخلق وجهي ولا تردّ دعوتي » فأتيته حتّى عرفته فإذا هو عليّ بن أبي طالب

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١١ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦، وعنه في البحار ج ٤١ ص ٢٩.

(١) في المصدر: الصمة.

(٢) في المصدر زيادة: وإله المؤمنين.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٢١٥

عليه‌السلام ، فأتى رجلاً فأطعمه.

[ ٨٠٧٥ ] ١٢ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن شقيق بن سلمة، عن عبدالله بن مسعود، قال: صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة صلة العشاء، فقام رجل من بين الصّف، فقال: يا معاشر المهاجرين والأنصار، أنا رجل غريب فقير، وأسألكم في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاطعموني، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أيّها الحبيب لا تذكر الغربة، فقد قطعت نياط قلبي، أمّا الغرباء فأربعة، قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: مسجد ظهراني قوم لا يصلّون فيه، وقرآن في أيدي قوم لا يقرؤون فيه، وعالم بين قوم لا يعرفون حاله ولا يتفقّدونه، وأسير في بلاد الرّوم بين الكفّار لا يعرفون الله، ثمّ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من الذي يكفي مؤونة هذا الرّجل؟ فيبوّئه الله في الفردوس الأعلى، فقام أمير المؤمنينعليه‌السلام وأخذ بيد السائل، وأتى به إلى حجرة فاطمةعليها‌السلام ، فقال: يا بنت رسول الله، انظري في أمر هذا الضّيف، فقالت فاطمةعليها‌السلام : يا ابن العمّ، لم يكن في البيت إلّا قليل من البرّ، صنعت منه طعاماً، والأطفال محتاجون إليه، وأنت صائم، والطّعام قليل لا يغني غير واحد، فقال: أحضريه، فذهبت وأتت بالطّعام ووضعته، فنظر إليه أمير المؤمنينعليه‌السلام فرآه قليلاً، فقال في نفسه: لا ينبغي أن آكل من هذا الطّعام، فإن أكلته لا يكفي الضيف، فمدّ يده إلى السّراج يريد أن يصلحه فأطفأه، وقال لسيّدة النّساءعليها‌السلام : تعلّلي في إيقاده، حتّى يحسن الضّيف أكله ثمّ إثتيني به، وكان أميرالمؤمنينعليه‌السلام يحرّك فمه المبارك، يري الضّيف أنّه يأكل ولا يأكل، إلى أن فرغ الضّيف من

____________________________

١٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٨٩.

٢١٦

أكله وشبع، وأتت خير النّساءعليها‌السلام بالسّراج ووضعته، وكان الطّعام بحاله، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام لضيفه: لم ما أكلت الطّعام؟ فقال: يا أبا الحسن أكلت الطّعام وشبعت، ولكنّ الله تعالى بارك فيه، ثمّ أكل من الطّعام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وسيّدة النّساء، والحسنانعليهم‌السلام ، وأعطوا منه جيرانهم، وذلك ممـّا بارك الله تعالى فيه، فلمّا أصبح أمير المؤمنينعليه‌السلام أتى إلى مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا علي، كيف كنت مع الضّيف؟ فقال: بحمد الله - يا رسول الله - بخير، فقال: إنّ الله تعالى تعجّب ممـّا فعلت البارحة، من إطفاء السّراج والامتناع من الأكل للضّيف، فقال: من أخبرك بهذا؟ فقال: جبرائيل، وأتى بهذه الآية في شأنك( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ ) (١) الآية ».

[ ٨٠٧٦ ] ١٣ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنّه رأى يوماً جماعة فقال: « من أنتم؟ » قالوا: نحن قوم متوكّلون، فقال: « ما بلغ بكم توكّلكم؟ » قالوا: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا، فقالعليه‌السلام : « هكذا يفعل الكلاب عندنا »، فقالوا: كيف نفعل يا أمير المؤمنين؟ فقال: « كما نفعله، إذا فقدنا شكرنا، وإذا وجدنا آثرنا ».

____________________________

(١) الحشر ٥٩: ٩.

١٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٢٩٠.

٢١٧

٢٧ -( باب استحباب تقبيل الإنسان يده بعد الصّدقة، وتقبيل ما تصدّق به، وشمّه بعد القبض، وتقبيل يد السّائل)

[ ٨٠٧٧ ] ١ - الشّيخ في مجالسه: عن أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمّد بن الزّبير، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن أبي أسامة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام يقول: الصّدقة تطفئ غضب الرّب، قال: وكان يقبل الصّدقة قبل أن يعطيها السّائل، قيل له: ما يحملك على هذا؟ قال: فقال: لست أقبل يد السّائل، إنّما أقبل يد ربي، إنها تقع في يد ربي، قبل أن تقع في يد السّائل ».

٢٨ -( باب استحباب القرض للصّدقة، وصدقة من عليه قرض، واستحباب الزّيادة في قضاء الدين)

[ ٨٠٧٨ ] ١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن ذريح المحاربي، قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « أتى رجل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسأله، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل: أنا يا رسول الله، وأسلفه أربعة أوساق، ولم يكن له غيرها، فأعطاها السائل، فمكث رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما شاء الله، ثمّ أنّ المرأة قالت لزوجها: أما

____________________________

الباب - ٢٧

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٥.

الباب - ٢٨

١ - بل كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي ص ٨٣.

٢١٨

آن لك أن تطلب سلفك، فتقاضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: سيكون ذلك، ففعل ذلك الرّجل مرّتين أو ثلاثاً، ثمّ أنّه دخل ذات يوم عند اللّيل، فقال له ابن له: جئت بشئ؟ فإنّي لم أذق شيئاً اليوم، ثمّ قال: والولد فتنة، فغدا الرّجل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: سلفي، فقال: سيكون ذلك، فقال: حتّى متى سيكون ذلك؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عنده سلف؟ فقال رجل من الأنصار: أنا يا رسول الله، فأسلفه ثمانية أوساق، فقال الرّجل: إنّما لي أربعة، فقال له: خذها، فأعطاها إيّاه ».

[ ٨٠٧٩ ] ٢ - إبن شهر آشوب في المناقب: قال: روت الخاصّة والعامّة، عن الخدري: أنّ عليّاًعليه‌السلام أصبح ساغباً، فسأل فاطمةعليها‌السلام طعاماً، فقالت: « ما كان إلّا ما أطعمتك منذ يومين، آثرت به على نفسي وعلى الحسن والحسين » - إلى أن قال - فخرج واستقرض من النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ديناراً، فخرج يشتري به شيئاً، فاستقبله المقداد قائلاً: ما شاء الله، فناوله عليّعليه‌السلام الدينار، ثمّ دخل المسجد فوضع رأسه ونام الخبر.

وهذا الخبر، رواه جماعة من أصحابنا، بألفاظ مختلفة، أجمعها وأطولها ما رواه الشّيخ أبوالفتوح الرّازي(١) في تفسيره، وقد أخرجناه في كتابا المسمّى بالكلمة الطّيبة.

____________________________

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٦.

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٦٣.

٢١٩

٢٩ -( باب تحريم السّؤال من غير احتياج)

[ ٨٠٨٠ ] ١ - الشيخ الطوسي في مجالسه: عن الحسين بن إبراهيم، عن محمّد بن وهبان، عن أحمد بن إبراهيم، عن الحسن بن علي الزّعفراني، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « يا محمّد، لو يعلم السّائل ما في المسألة، ما سأل أحد أحداً، ولو يعلم المعطي ما في العطيّة، ما ردّ أحد أحداً - قال: ثمّ قال لي - يا محمّد، أنّه من سأل وهو بظهر(١) غنى، لقي الله مخموشاً وجهه ».

[ ٨٠٨١ ] ٢ - القطب الرّاوندي في الخرائج: روى أنّ رجلاً جاء إلى النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما طعمت طعاماً منذ يومين، فقال: « عليك بالسّوق » فلمّا كان من الغد، دخل فقال: يا رسول الله، أتيت السّوق أمس فلم أصب شيئاً، فبتّ بغير عشاء، قال: « فعليك بالسّوق » فأتى بعد ذلك أيضاً، فقال: « عليك بالسّوق » فانطلق إليها، فإذا عير قد جاءت وعليها متاع فباعوه بفضل دينار، فأخذه الرّجل وجاء إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: ما أصبت شيئاً، قال: « بل أصبت من عير آل فلان شيئاً » قال: لا، قال: « بلى، ضرب لك فيها بسهم، وخرجت منها بدينار » قال: نعم، قال: « فما حملك على أن تكذب؟ » قال: أشهد أنّك صادق، ودعاني إلى ذلك إرادة أن أعلم، أتعلم ما يعمل النّاس؟ وأن أزداد خيراً إلى

____________________________

الباب - ٢٩

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٧٧.

(١) في المصدر: يظهر غنى.

٢ - الخرائج والجرايح ص ٨٠ باختلاف يسير.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

و كانت الخوارج تسمّيه الساحر ، لأنّهم كانوا يدبّرون أمرا فيجدونه سبقهم إلى نقضه ، و تمثّل كل من قطري رئيس الخوارج و الحجاج في شأن المهلب بأبيات لقيط الأيادي :

ما زال يحلب هذا الدهر أشطره

يكون متبعا طورا و متبعا

حتى استمرت على شزر سريرته

مستحكم الرأي لا قحما و لا ضرعا

و من آرائه في التدبير على الخوارج : أنّ رجلا حدادا من الأزارقة كان يعمل نصالا مسمومة فيرمي بها أصحاب المهلب ، فرفع ذلك إليه فقال : أنا أكفيكموه ، فوجّه رجلا من أصحابه بكتاب و ألف درهم إلى عسكر قطري فقال : الق هذا الكتاب في عسكره و احذر على نفسك ففعل ، و كان في الكتاب « أما بعد ، فإنّ نصالك قد وصلت إليّ و قد وجهت إليك بألف درهم فاقبضها و زدنا من هذه النصال » فوقع الكتاب و الدراهم إلى قطري فدعا بالرجل فقال :

ما هذا الكتاب ؟ قال : لا أدري قال : فهذه الدراهم ؟ قال : ما أعلم فأمر به فقتل ،

فجاءه عبد ربه الصغير مولى بني قيس بن ثعلبة فقال له : أقتلت رجلا على غير ثقة و لا تبيّن فقال له : ما حال هذه الدراهم ؟ فقال : يجوز أن يكون أمرها كذبا و يجوز أن يكون حقّا فقال له قطري : قتل رجل في صلاح الناس غير منكر ،

و للامام أن يحكم بما رآه صالحا ، و ليس للرعية أن تعترض عليه فتنكر له عبد ربه و جماعة و لم يفارقوه .

فبلغ ذلك المهلب فدسّ إليه رجلا نصرانيا فقال له : إذا رأيت قطريا فاسجد له ، فإذا نهاك فقل سجدت لك ففعل فقال له قطري : إنّما السجود للّه .

فقال له : ما سجدت إلاّ لك فقال له رجل من الخوارج :إنّكم و ما تعبدون من دون اللّه حصب جهنّم أنتم لها واردون ١ فقال قطري : إنّ هؤلاء النصارى قد

____________________

( ١ ) الأنبياء : ٩٨ .

٥٨١

عبدوا عيسى ابن مريم فما ضرّ ذلك عيسى شيئا فقام رجل من الخوارج إلى النصراني ، فقتله ، فأنكر ذلك عليه قطري و قال : أقتلت ذمّيا ؟ فاختلفت الكلمة ،

فبلغ ذلك المهلب فوجّه إليهم رجلا يسألهم عن شي‏ء تقدم به إليه ، فأتاهم الرجل فقال : أرأيتم رجلين خرجا مهاجرين إليكم فمات أحدهما في الطريق و بلغكم الآخر فامتحنتموه فلم يجز المحنة فقال بعضهم : أمّا الميت فمؤمن من أهل الجنّة و أمّا الآخر الذي لم يجز المحنة فكافر حتى يجيزها و قال قوم آخرون : بل هما كافران حتى يجيزا المحنة ، فكثر الاختلاف ، فخرج قطري إلى حدود اصطخر فأقام شهرا و القوم في اختلافهم١ .

و من أمثالهم « زاحم بعود أودع » و العود المسن من الإبل و الشاء ، قال الكرماني في ( أمثاله )٢ : أي لا تستعن إلاّ بأهل السن و التجربة في الامور .

و قال الشاعر :

حنى الشيب ظهري فاستمرت عزيمتي

و لو لا انحناء القوس لم ينفذ السهم٣

و قال ابن المعتز :

و ما ينتقص من شباب الرجال

يزد في نهاها و ألبابها٤

و قال البحتري في خضر بن أحمد :

و مصيب مفاصل الرأي ان حارب

كانت آراؤه من جنوده٥

و قال المتنبي كما في ( ابن أبي الحديد ) :

____________________

( ١ ) ذكر وقعة المهلب ابن ابي الحديد في شرح نهج البلاغة ٤ : ١٩٥ ١٩٧ .

( ٢ ) الأمثال للميداني ١ : ٣٣٣ .

( ٣ ) نهج ٢٠ : ١٩١ .

( ٤ ) ديوان ابن المعتز : ٣١ .

( ٥ ) البحتري ٢ : ١٦٧ .

٥٨٢

الرأي قبل شجاعة الشجعان

هو أوّل و هي المحلّ الثاني

فإذا هما اجتمعا لنفس مرّة

بلغت من العلياء كلّ مكان

و لربما طعن الفتى أقرانه

بالرأي قبل تطاعن الأقران

لو لا العقول لكان أدنى ضيغم

أدنى إلى شرف من الإنسان١

قول المصنّف : « و روي » هكذا في ( المصرية )٢ و ابن ميثم ) و لكن في ( ابن أبي الحديد )٣ « و يروى » .

« من مشهد الغلام » قد عرفت أنّ الجاحظ رواه « من جلد الشاب » .

و كيف كان فنظير قولهعليه‌السلام هذا قوله « وصول مقل خير من جاف مكثر » .

هذا ، و كما أنّ رأي الشيخ خير من جلد الشاب ، قالوا : قضاء الحوائج عند الشبّان أسرع منها عند الشيوخ .

و في ( عيون ابن قتيبة ) : قال عثمان بن عطا : قضاء الحوائج عند الشباب أسهل منها عند الشيوخ ، ثم قرأ شاهدا قول يوسف لإخوته .لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللّه لكم .٤ و قول يعقوب لهم .سوف استغفر لكم ربّي إنّه هو الغفور الرحيم ٥ ٦ .

قال البحتري في محمد بن يوسف :

علم الروم أنّ غزوك ما كان

عقابا لهم و لكن فناء

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٨ : ٢٣٧ ، و ٢٠ : ٤٣ .

( ٢ ) الطبعة المصرية : ٦٧٥ رواية ٨٦ ، ابن ميثم شرح نهج البلاغة ٥ : ٢٨٤ حكمة ٧٨ .

( ٣ ) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ١٨ : ٢٣٧ رواية ٧٣ .

( ٤ ) يوسف : ٩٢ .

( ٥ ) يوسف : ٩٨ .

( ٦ ) عيون الأخبار ٣ : ١٣٤ .

٥٨٣

بسباء سقاهم البين صرفا

و بقتل نسوا لديه السباء

يوم فرّقت من كتائب آرائك

جندا لا يأخذون عطاء

بين حزب يفلق الهام انصافا

و طعن يفرج الغماء

و بود العدو لو تضعف الجيش

عليهم و تصرف الآراء١

____________________

( ١ ) ديوان البحتري ٢ : ٣٠١ .

٥٨٤

الفصل التاسع و الاربعون في ذمّ أهل الشام و مدح أهل الكوفة

٥٨٥

ذكر في ( ١١ ) من فصل أخبارهعليه‌السلام بالغيوب ذمّ البصرة و أهلها ، و كذلك في ١٢ منه و في ( ١٤ ) منه مدح الكوفة و أهلها و في ( ١٢ ) من فصل عثمان مدح أهلها .

١ الخطبة ( ٢٣٦ ) و من خطبة لهعليه‌السلام في شأن الحكمين و ذم أهل الشام :

جُفَاةٌ طَغَامٌ عَبِيدٌ أَقْزَامٌ جُمِعُوا مِنْ كُلِّ أَوْبٍ وَ تُلُقِّطُوا مِنْ كُلِّ شَوْبٍ مِمَّنْ يَنْبَغِي أَنْ يُفَقَّهَ وَ يُؤَدَّبَ وَ يُعَلَّمَ وَ يُدَرَّبَ وَ يُوَلَّى عَلَيْهِ وَ يُؤْخَذَ عَلَى يَدَيْهِ لَيْسُوا مِنَ اَلْمُهَاجِرِينَ وَ اَلْأَنْصَارِ وَ لاَ مِنَ اَلَّذِينَ تَبَوَّؤُا اَلدَّارَ وَ اَلْإِيمانَ ٢ ٦ ٥٩ : ٩ أَلاَ وَ إِنَّ اَلْقَوْمَ اِخْتَارُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَقْرَبَ اَلْقَوْمِ مِمَّا يُحِبُّونَ وَ إِنَّكُمُ اِخْتَرْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ أَقْرَبَ اَلْقَوْمِ مِمَّا تَكْرَهُونَ وَ إِنَّمَا عَهْدُكُمْ ؟ بِعَبْدِ اَللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ؟ بِالْأَمْسِ يَقُولُ إِنَّهَا فِتْنَةٌ فَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ وَ شِيمُوا سُيُوفَكُمْ فَإِنْ كَانَ صَادِقاً فَقَدْ أَخْطَأَ بِمَسِيرِهِ غَيْرَ مُسْتَكْرَهٍ وَ إِنْ كَانَ

٥٨٦

كَاذِباً فَقَدْ لَزِمَتْهُ اَلتُّهْمَةُ فَادْفَعُوا فِي صَدْرِ ؟ عَمْرِو بْنِ اَلْعَاصِ ؟ ؟ بِعَبْدِ اَللَّهِ بْنِ اَلْعَبَّاسِ ؟ وَ خُذُوا مَهَلَ اَلْأَيَّامِ وَ حُوطُوا قَوَاصِيَ اَلْإِسْلاَمِ أَ لاَ تَرَوْنَ إِلَى بِلاَدِكُمْ تُغْزَى وَ إِلَى صَفَاتِكُمْ تُرْمَى أقول : روى صدره ابن قتيبة في ( خلفائه )١ و الكليني في ( رسائله )٢ و الثقفي في كتابه ، ففي الأول : إنّ حجر بن عدي و عمرو بن الحمق و غيرهما قاموا إلى عليعليه‌السلام ٣ و قالوا : بيّن لنا قولك في أبي بكر و عمر و عثمان فقال عليعليه‌السلام : أو قد تفرغتم لهذا و هذه مصر قد افتتحت و شيعتي فيها قد قتلت ، إنّي مخرج إليكم كتابا أنبئكم فيه ما سألتموني عنه إلى أن قال في كتابهعليه‌السلام بعد ذكر الثلاثة و طلحة و الزبير ثم نظرت بعد ذلك في أهل الشام فإذا هم أعراب و أحزاب ، و أهل طمع جفاة تجمّعوا من كلّ أوب ممّن كان ينبغي أن يؤدّب و يولّى عليه و يؤخذ على يديه ، ليسوا من المهاجرين و لا الأنصار و التابعين بإحسان .

و في الثاني : نظرت إلى أهل الشام فإذا هم بقية الأحزاب و ذئاب طمع ممن ينبغي له أن يؤدّب و يحمل على السنّة ، ليسوا من المهاجرين و لا الأنصار و لا التابعين بإحسان ، فدعوتهم إلى الطاعة و الجماعة فأبوا إلاّ فراقي و شقاقي ،

ثم نهضوا في وجه المسلمين ينضحونهم بالنبل و يشجرونهم بالرماح . .

و في الثالث : ثم إنّي نظرت في أمر أهل الشام فإذا أعراب أحزاب و أهل طمع جفاة طغاة ، يجتمعون من كلّ أوب ممّن كان ينبغي أن يؤدّب و يولّى عليه و يؤخذ على يديه ، ليسوا من المهاجرين و لا الأنصار و لا التابعين بإحسان ،

____________________

( ١ ) الخلفاء لابن قتيبة : ١٥٤ .

( ٢ ) لا وجود لكتاب رسائل الائمة للكليني ، و قد نقل العلامة الكليني رسائل للائمة سندا لهذا الكتاب عن طريق السيد ابن طاووس في كتاب كشف المحجة : راجع ٥٠ : ١٥٥ في بحار الأنوار .

( ٣ ) كتاب الثقفي .

٥٨٧

فسرت إليهم . .

قول المصنّف : « و من خطبة لهعليه‌السلام » حكم بكون الكلام من خطبتهعليه‌السلام الأخير ، و أما الأوّلان و ان ذكرا تفصيلا بأنّهم سألوه عن الثلاثة فكتب لهم كتابا منه ما مر ، إلاّ أنّ في الثاني أنّ عبيد اللّه بن أبي رافع خطب بكتابهعليه‌السلام و بالجملة هو من خطبة لهعليه‌السلام إلاّ أنّه كتبها ليقرأها على الناس بعض أصحابه لمقام ذمه للمتقدّمين .

« في شأن الحكمين و ذمّ أهل الشام » ليس في تلك الخطبة ما نقله من قوله « ألا . » في الحكمين ، فلا بدّ أنّه نقله من موضع آخر و جمعه مع ذاك الكلام بالمناسبة .

و في ( اشتقاق أبي بكر الأنباري ) : قال أهل الأثر : سميت الشام شاما لأنّ قوما من كنعان بن حام خرجوا عند التفريق فتشاموا إليها أي أخذوا ذات الشمال .

قولهعليه‌السلام « جفاة » أي : أهل الجفاء .

« طغام » أي : أوغاد و رذال .

« عبيد أقزام » أي : سفلة ، قال الشاعر :

حصنوا أمّهم من عبدهم

تلك أفعال القزام الوكعة١

« جمعوا من كلّ أوب » أي : ناحية لما استولى يزيد بن المهلب على البصرة في خلعه يزيد بن عبد الملك و جاءه مسلمة بن عبد الملك و العباس بن الوليد في جنود أهل الشام لحربه قال : أتياكم في برابرة و صقالبة و جرامقة و أقباط و أنباط و أخلاط ، أقبل إليكم الفلاحون و الأوباش كأشلاء اللحم و في ( لطائف الثعالبي ) : إنّ أهل الشام مخصوصون من جميع البلدان

____________________

( ١ ) لسان العرب ١٥ : ٣٨٥ .

٥٨٨

طاعة السلطان ، و يقال : إنّ « الطّائين » من خصائص الشام يعني الطاعة و الطاعون و لم تزل الشام كثير الطواعين حتى صارت تواريخ ، و منها كانت تمتدّ إلى العراق و غيرها١ .

« و تلقطوا » أي : أخذوا ، و في ( الصحاح ) : تلقط فلان التمر أي التقطه من ههنا و ههنا ، و الألقاط من الناس : القليل المتفرقون٢ .

« من كل شوب » أي : خلط ، قال الشاعر :

من معشر كحلت باللؤم أعينهم

قفر الأكف لئام غير صياب

[ و قال آخر : ]

إن ينتسب ينسب إلى عرق و رب

أهل خزومات و شحاح و صخب٣

و قال آخر :

أبيت أهوى في شياطين ترن

مختلف نجراهم حن و جن

هذا ، و في ( المعجم ) : طلب المنصور رجالا يجعلهم بوّابين له ، فقيل له : لا يضبطهم إلاّ قوم لئام الأصول أنذال النفوس صلاّب الوجوه و لا تجدهم إلاّ في رقيق اليمامة فاشتري له مائتا غلام٤ .

في ( تفسير القمي ) : قيل لأمير المؤمنينعليه‌السلام معاوية في مائة ألف من أهل الشام فقالعليه‌السلام : لا تقولوا من أهل الشام و لكن قولوا من الشؤم ، هم من أبناء مصر لعنوا على لسان داودعليه‌السلام فجعل منهم القردة و الخنازير٥ .

و في ( صفين نصر ) : حرّض عليعليه‌السلام الناس لقتال أهل الشام فقال :

____________________

( ١ ) لا وجود له في الظرائف و اللطائف و لا في مخطوطة اللطائف للثعالي .

( ٢ ) الصحاح ٢ : ١١٥٧ ١١٥٨ مادة ( لقط ) .

( ٣ ) لسان العرب ١١ : ٢٥٢ .

( ٤ ) لا وجود له في المعجم .

( ٥ ) تفسير القمي ٢ : ٢٦٨ .

٥٨٩

سيروا إلى أعداء السنن و القرآن ، سيروا إلى بقية الأحزاب و قتلة المهاجرين و الأنصار فقام أربد الفزاري فقال : أتريد أن تسير بنا إلى إخواننا من أهل الشام فنقتلهم لك كما سرت بنا إلى إخواننا من أهل البصرة فقتلناهم كلا فقام الأشتر و قال : من لهذا ؟ فهرب فلحق في مكان من السوق تباع فيه البراذين ،

فوطؤوه بأرجلهم و ضربوه بأيديهم و نعالهم حتى قتل فقال عليعليه‌السلام : قتيل عمية ، لا يدرى من قتله ، ديته من بيت المال فقال علاقة التيمي :

أعوذ بربي أن تكون منيتي

كما مات في سوق البراذين أربد

تعاوره همدان خفق نعالهم

إذا رفعت عنه يد وضعت يد١

و في ( صفين نصر ) : لما كتبت صحيفة الصلح في التحكيم بين عليعليه‌السلام و معاوية و أهل الشام ، قيل لعليعليه‌السلام : أتقرّ أنّهم مؤمنون مسلمون ؟ فقال : ما أقرّ لمعاوية و لا لأصحابه أنّهم مؤمنون و لا مسلمون و لكن يكتب معاوية ما شاء٢ .

و في ( الاستيعاب ) : قام عبد اللّه بن بديل يوم صفين فقال : ألا إنّ معاوية ادّعى ما ليس له و نازع الأمر أهله و جادل بالباطل ليدحض به الحق و صال عليكم بالأحزاب و الأعراب و زيّن لهم الضلالة و زرع في قلوبهم حبّ الفتنة و لبّس عليهم الأمر ، و أنتم و اللّه على الحق على نور من ربكم ، فقاتلوا الطغاة الجفاة ، قاتلوهم يعذّبهم اللّه بأيديكم و يشف صدور قوم مؤمنين ، قاتلوا الفئة الباغية الذين نازعوا الأمر أهله و قد قاتلتموهم مع رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فو اللّه ما هم في هذه بأزكى و لا أتقى و لا أبرّ٣ .

____________________

( ١ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٩٤ .

( ٢ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٥٠٩ .

( ٣ ) الاستيعاب ، لابن عبد البر ١ : ٣٥١ في ترجمة عبد اللّه بن بديل .

٥٩٠

و في ( مروج المسعودي ) : دخل صعصعة على معاوية فقال له معاوية :

يابن صوحان إنّك لذو معرفة بالعرب و بحالها فسأله عن أهل البصرة و أهل الكوفة و أهل الحجاز ، ثم أمسك معاوية فقال له صعصعة : سل يا معاوية و إلاّ أخبرتك بما تحيد عنه قال : و ما ذاك يابن صوحان ؟ قال : أهل الشام قال :

فأخبرني عنهم قال : أطوع الناس لمخلوق و أعصاهم للخالق ، عصاة الجبّار و خلفة الأشرار ، فعليهم الدمار و لهم سوء الدار فقال معاوية : يابن صوحان إنّك لحامل مديتك منذ أزمان ، و لكن حلم ابن أبي سفيان يردّ عنك فقال صعصعة : بل أمر اللّه و قدره ، إنّ أمر اللّه كان قدرا مقدورا١ .

و في ( الطبري ) : لما خلع يزيد بن المهلب يزيد بن عبد الملك و خرج بالبصرة مرّ الحسن البصري على الناس و قد اصطفوا و نصبوا الرايات و الرماح ينتظرون خروج ابن المهلب و يقولون إنّه يدعونا إلى سنّة العمرين .

فقال الحسن : إنّما كان ابن المهلب بالأمس يضرب أعناق هؤلاء الذين ترون ثم يسرح بها إلى بني مروان يريد رضاهم ، فلما غضب غضبة نصب قصبا ثم وضع عليها خرقا و قال : إنّي خالفتهم فخالفوهم ، فقال له ناس من أصحابه :

و اللّه لكأنّك راض عن أهل الشام فقال : أنا راض عن أهل الشام قبّحهم اللّه و برحهم ، أليس هم الذين أحلّوا حرم الرسول ، يقتلون أهله ثلاثة أيام و ثلاث ليال ، قد أباحوهم لأنباطهم و أقباطهم ، يحملون الحرائر ذوات الدين ، لا ينتهون عن انتهاك حرمه ، ثم خرجوا إلى بيت اللّه الحرام فهدموا الكعبة و أوقدوا النيران بين أحجارها و أستارها ، عليهم لعنة اللّه و سوء الدار٢ .

« ممّن ينبغي أن يفقّه » في ( رحلة ابن بطوطة ) : نزلت في خارج مدينة

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٤٣ .

( ٢ ) تاريخ الطبري ٤ : ٨٠ ، نسخة دار الكتب العلمية .

٥٩١

( صور ) من بلاد الشام على قرية معمورة على بعض المياه أريد الوضوء ،

فأتى بعض أهل تلك القرية فبدأ يغسل رجليه ثم غسل وجهه ، فأخذت عليه في فعله فقال : إنّ البناء انما ابتدأه من الأساس١ .

« و يؤدّب و يعلم و يدرب » أي : يعوّد .

« و يولّى عليه و يؤخذ على يديه » في ( المروج ) : دخل رجل من أهل الكوفة في منصرفهم عن صفين على بعير له إلى دمشق ، فتعلّق به رجل منهم فقال :

هذه ناقتي أخذت مني بصفين فارتفع أمرهما إلى معاوية ، فأقام الدمشقي خمسين رجلا بيّنة يشهدون أنّها ناقته ، فقضى معاوية على الكوفي و أمره بتسليم البعير إليه فقال الكوفي : إنّه جمل و ليس بناقة فقال معاوية : هذا حكم قد مضى و دسّ إلى الكوفي بعد تفرّقهم فأحضره و سأله عن ثمن بعيره ، فدفع إليه ضعفه و برّه و أحسن إليه و قال له : أبلغ عليّا أنّي اقابله بمائة ألف ما فيهم من يفرّق بين الناقة و الجمل .

و لقد بلغ من طاعتهم له أنّه صلّى بهم عند مسيرهم إلى صفين الجمعة في يوم الأربعاء ، و أعاروه رؤوسهم عند القتال و حملوه بها ، و ركنوا إلى قول عمرو بن العاص أنّ عليّا هو الذي قتل عمّار بن ياسر حين أخرجه لنصرته ثم ارتقى بهم الأمر في طاعته إلى أن جعلوا لعن عليعليه‌السلام سنّة ينشأ عليها الصغير و يهلك الكبير٢ .

و ذكر بعض الأخباريين أنّه قال لرجل من زعماء أهل الشام و أهل الرأي و العقل منهم : من أبو تراب هذا الذي يلعنه الإمام على المنبر ؟ قال : أراه لصّا

____________________

( ١ ) رحلة ابن بطوطة : ٣٥ .

( ٢ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٣١ .

٥٩٢

من لصوص الفتن١ .

و فيه : و قد كان عبد اللّه بن علي حين خرج في طلب مروان إلى الشام وجّه إلى السفاح أشياخا من أهل الشام من أرباب النعم و الرئاسة ، فحلفوا للسفاح أنّهم ما علموا للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قرابة و لا أهل بيت يرثونه غير بني امية حتى و لّيتم الخلافة٢ .

و فيه : لما أرسل عبد الملك الحجاج لقتال ابن الزبير بمكّة أقام بالطائف شهورا ثم زحف إلى مكّة فحاصر ابن الزبير بها و كتب إلى عبد الملك أنّي قد ظفرت بأبي قبيس ، فلما ورد كتابه على عبد الملك كبر عبد الملك فكبّر من في داره و اتصل التكبير بمن في جامع دمشق فكبّروا و اتصل ذلك بأهل الأسواق ،

ثم سألوا عن الخبر فقيل لهم : إنّ الحجاج حاصر ابن الزبير بمكة و ظفر بأبي قبيس فقالوا : لا نرضى حتى يحمل أبا قبيس الترابي الملعون إلينا مكبّلا على رأسه برنس على جمل يمرّ بنا في الأسواق٣ .

و في ( الطبري ) بعد ذكر قتل عمّار في صفين قال أبو عبد الرحمن السلمي : فلما كان الليل قلت : لأدخلن إلى أهل الشام حتى أعلم هل بلغ منهم قتل عمّار ما بلغ منّا و كنّا إذا توادعنا من القتال تحدّثوا إلينا و تحدّثنا إليهم ، فركبت فرسي ثم دخلت فإذا أنا بأربعة معاوية و أبو الأعور السلمي و عمرو بن العاص و ابنه عبد اللّه بن عمرو و هو خير الأربعة يتسايرون ، فأدخلت فرسي بينهم مخافة أن يفوتني ما يقول أحد الشقين فقال عبد اللّه لأبيه : يا أبه قتلتم هذا الرجل في يومكم هذا و قد قال فيه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ما قال قال : و ما قال ؟

____________________

( ١ ) مروج الذهب ٣ : ٤١ ٤٢ ، دار المعرفة .

( ٢ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٣٣ .

( ٣ ) مروج الذهب ٣ : ١٢٠ ، دار المعرفة .

٥٩٣

قال : ألم تكن معنا و نحن نبني المسجد و الناس ينقلون حجرا حجرا و لبنة لبنة و عمّار ينقل حجرين حجرين و لبنتين لبنتين فغشي عليه فأتاه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يمسح التراب عن وجهه و يقول : و يحك يابن سمية الناس ينقلون حجرا حجرا و لبنة لبنة و أنت تنقل حجرين حجرين و لبنتين لبنتين رغبة منك في الأجر ،

و أنت ويحك مع ذلك تقتلك الفئة الباغية ، فدفع عمرو بن العاص صدر فرسه ثم جذب معاوية إليه فقال : يا معاوية أما تسمع ما يقول عبد اللّه ؟ قال : و ما يقول ؟

فأخبره الخبر فقال معاوية : انّك شيخ أخرق و لا تزال تحدّث الحديث و أنت تدحض في قولك ، أو نحن قتلنا عمّارا ، انّما قتل عمّارا من جاء به قال أبو عبد الرحمن السلمي : فما أدري من كان أعجب هو أو هم١ .

و في ( المروج ) : قال المستكفي العباسي : ذكروا أنّ الحجاج كان قد اجتبى قوما من أهل العراق وجد عندهم من الكفاية ما لم يجد عند مختصّيه من أهل الشام فشقّ ذلك عليهم و تكلّموا فيه ، فبلغ إليه كلامهم فركب في جماعة من الفريقين و أو غل بهم في الصحراء ، فلاح لهم من بعد قطار إبل ،

فدعا برجل من أهل الشام فقال له : أمض فاعرف ما هذه الأشباح و استقص أمرها فلم يلبث أن جاء و أخبره أنّها إبل ، فقال : أمحمّلة هي أم غير محمّلة ؟

قال : لا أدري و لكن أعود و أتعرّف ذلك و قد كان الحجاج أتبعه برجل من أهل العراق و أمره بمثل ما كان أمر الشامي فلما رجع العراقي أقبل عليه الحجاج و أهل الشام يسمعون فقال : ما هي ؟ قال : إبل قال : و كم عددها ؟ قال : ثلاثون .

قال : و ما تحمل ؟ قال : زيتا قال : و من أين صدرت ؟ قال : من موضع كذا قال :

و من ربّها ؟ قال : فلان فالتفت إلى أهل الشام فقال :

____________________

( ١ ) تاريخ الامم ٤ : ٣٨ .

٥٩٤

ألام على عمرو و لو مات أو نأى

لقلّ الذي يغني غناءك يا عمرو١

و في ( عيون ابن قتيبة ) : مات رجل من جند أهل الشام ، فحضر الحجاج جنازته و كان عظيم القدر فصلّى و جلس على قبره و قال : لينزل قبره بعض إخوانه ، فنزل نفر منهم فقال أحدهم و هو يسوّي عليه أرحمك اللّه أبا فلان إن كان ما علمتك لتجيد الغناء و تسرع إلى ربّ الكأس ، و لقد وقعت موقع سوء لا تخرج منه إلى الدكة فما تمالك الحجاج أن ضحك فأكثر و كان لا يكثر الضحك في جد و لا هزل ثم قال له : لا أم لك هذا موضع هذا ؟ قال : أصلح اللّه الأمير فرسي :

حبيس لو سمعه يتغني

يا لبيني أوقدي النارا

لانتشر الأمير على سعنه و كان الميت يلقب سعنه و كان من أوحش خلق اللّه صورة فقال الحجاج : إنّا للّه ، أخرجوه عن القبر ثم قال : ما أبين حجّة أهل العراق في جهلكم يا أهل الشام ، و لم يبق أحد حضر القبر إلاّ استفرغ ضحكا٢ .

هذا ، و وصف أبو أحمد العسكري رجلا لئيما فقال : حقير فقير نذل رذل غثّ رثّ لئيم زنيم ، أشحّ من كلب و أذلّ من نقد و أجهل من بغل ، سريع إلى الشرّ بطي‏ء عن الخير ، مغلول عن الحمد مكتوف عن البذل ، جواد بشتم الأعراض سخي بضرب الأبشار ، لجوج حقود خرق نزق عسر نكد شكس شرس دعيّ زنيم ، يعتزى إلى أنباط سقاط أهل لؤم أعراق و دقة أخلاق ، و ينتمي إلى أخبث البقاع ترابا و أمرّها شرابا و أكمدها ثيابا ، فهو كما قال تعالى .و الذي خبث

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٤ : ٢٦٣ .

( ٢ ) عيون الأخبار لابن قتيبة ٢ : ٥ .

٥٩٥

لا يخرج إلاّ نكداً .١ ثم كما قال الشاعر :

نبطي آباؤه لم يلده

ذو صلاح و لم يلد ذا صلاح

معشرا شبّهوا القرود و لكن

خالفوها في خفّة الأرواح

و في ( العقد ) : دخل عدي بن أرطاة الشامي على شريح القاضي ، فقال له :

أين أنت ؟ قال : بينك و بين الجدار قال : إنّي رجل من أهل الشام قال : نائي المحل سحيق الدار قال : قد تزوجت عندكم قال : بالرفاء و البنين قال : ولد لي غلام قال : ليهنك الفارس قال : و أردت أن أرحلها قال : الرجل أحقّ بأهله قال :

و شرطت لها دارها قال : الشرط أملك قال : فاحكم الآن بيننا قال : قد فعلت .

قال : على من قضيت ؟ قال : على ابن امّك قال : بشهادة من ؟ قال : بشهادة ابن اخت خالتك يريد إقراره٢ .

و في ( خلفاء القتيبي ) : بعث يزيد عبد اللّه بن مسعدة الفزاري إلى المدينة ،

فخطب الناس و قال : أهل الشام جند اللّه الأعظم و خير الخلق فقام الحارث بن مالك و قال : لعمر اللّه لنحن خير من أهل الشام ، ما نقمت من أهل المدينة إلاّ لأنّهم قتلوا أباك و هو يسرق لقاح النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنسيت طعنة أبي قتادة است أبيك بالرمح فخرج منه جعموص مثل هذا و أشار إلى ساعده ثم جلس٣ .

« ليسوا من المهاجرين و الأنصار و لا من الذين » هكذا في ( المصرية ) و الصواب : « و لا الذين » كما في ( ابن أبي الحديد و ابن ميثم ) .

« تبوؤا الدار و الإيمان » هكذا في ( المصرية ) أخذا من ابن أبي الحديد حيث جعل « و الإيمان » بين قوسين كما هو دأبه فيما يأخذه منه ، لكن الظاهر زيادته

____________________

( ١ ) الأعراف : ٥٨ .

( ٢ ) العقد الفريد ٣ : ١٠ .

( ٣ ) لم نعثر عليه في تاريخ الخلفاء لابن قتيبة .

٥٩٦

حيث قال ابن ميثم في نسخة الرضي « تبوؤا الدار » فقط و في سائر النسخ « و الإيمان » ، و لا معنى لكلامه فإنّ النهج للرضي فلا معنى لجعل نسخه من خطه هكذا و في نسخة غيره من خطه بطريق آخر ، لكن ما لم تتحقق نسخ يكون المتبع ما في نسخة ( ابن ميثم ) التي بخط المصنف .

و في ( صفين نصر ) : برز عوف بن مجزأة المرادي فارس أهل الشام يوم صفين و قال :

بالشام أمن ليس فيه خوف

بالشام عدل ليس فيه حيف

بالشام جود ليس فيه سوف

فخرج إليه عكبر الأسدي فارس أهل الكوفة و قال :

الشام محل و العراق ممطر

بها إمام طاهر مطهر

و الشام فيها أعور و معور١

« ألا و إنّ القوم اختاروا لأنفسهم أقرب القوم مما يحبّون ، و إنّكم اخترتم لأنفسكم أقرب القوم مما تكرهون » في ( صفين نصر ) : لمّا أراد الناس عليّاعليه‌السلام على أن يضح حكمين قال لهم : إنّ معاوية لم يكن ليضع لهذا الأمر أحدا هو أوثق برأيه و نظره من عمرو بن العاص ، و إنّه لا يصلح للقرشي إلاّ مثله ،

فعليكم بعبد اللّه بن عباس فارموه ، فإنّ عمرا لا يعقد عقدة إلاّ حلّها عبد اللّه و لا يحلّ عقدة إلاّ عقدها و لا يبرم أمرا إلاّ نقضه و لا ينقض أمرا إلاّ أبرمه فقال الأشعث : لا و اللّه لا يحكم فينا مضريان حتى تقوم الساعة ، و لكن اجعله رجلا من أهل اليمن إذ جعلوا رجلا من مضر فقال عليعليه‌السلام : إنّي أخاف أن يخدع يمينكم ، فان عمرا ليس من اللّه في شي‏ء حتى إذا كان له في أمر هواه فقال الأشعث : و اللّه لأن يحكما ببعض ما نكره و أحدهما من أهل اليمن أحبّ إلينا من

____________________

( ١ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٤٥٠ .

٥٩٧

أن يكون ما نحبّ في حكمهما و هما مضريان فقالعليه‌السلام : قد أبيتم إلاّ أبا موسى ؟ قالوا : نعم ، قال : فاصنعوا ما أردتم فبعثوا إلى أبي موسى و قد اعتزل بعرض من الشام .١ .

و في ( خلفاء ابن قتيبة ) : قال الأحنف لعليعليه‌السلام : إنّ أبا موسى رجل يماني و قومه مع معاوية إلى أن قال فقالعليه‌السلام : إنّ الأشعث و القراء أتوني بأبي موسى فقالوا : ابعث هذا فقد رضيناه و لا نريد سواه و اللّه بالغ أمره .٢ .

و منه يظهر أنّ جميع أفعالهم كان بمقتضى أغراضهم لا الديانة .

« و إنّما عهدكم بعبد اللّه بن قيس » قال ابن أبي الحديد : قال ابن عبد البر : لما قتل عثمان عزل عليعليه‌السلام أبا موسى عن الكوفة ، فلم يزل واجدا لذلك على عليعليه‌السلام و حتى جاء منه ما قال حذيفة فيه ، فقد روى لحذيفة فيه كلاما كرهت ذكره٣ .

قال ابن أبي الحديد الكلام الذي أشار إليه ابن عبد البر أنّ أبا موسى ذكر عند حذيفة بالدين فقال حذيفة : أما أنتم ، و أمّا أنا فأشهد أنّه عدوّ للّه و لرسوله و حرب لهما في الحياة الدّنيا و يوم يقوم الأشهاد يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم و لهم اللعنة و لهم سوء الدار و كان حذيفة عارفا بالمنافقين أسرّ إليه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمرهم و أعلمه أسماءهم٤ .

و قال : و روي ان عمّارا سئل عن أبي موسى فقال : لقد سمعت فيه من حذيفة قولا عظيما ، سمعته يقول صاحب البرنس الأسود ثم كلح كلوحا

____________________

( ١ ) وقعة صفين لنصر بن مزاحم : ٥٠٠ .

( ٢ ) خلفاء ابن قتيبة : ١٣١ .

( ٣ ) شرح ابن أبي الحديد ١٣ : ٣١٤ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٣ : ٣١٤ .

٥٩٨

علمت منه انّه كان ليلة العقبة بين ذلك الرهط١ .

و قال : و روي عن سويد بن غفلة قال : كنت مع أبي موسى على شاطى‏ء الفرات في خلافة عثمان ، فروى لي خبرا عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال سمعته يقول : إنّ بني اسرائيل اختلفوا فلم يزل الاختلاف بينهم حتى بعثوا حكمين ضالّين ضلاّ و أضلاّ من اتبعهما و لا ينفكّ أمر امتي حتى يبعثوا حكمين يضلاّن و يضلاّن من تبعهما فقلت له : احذر يا أبا موسى أن تكون أحدهما ، فخلع قميصه و قال :

أبرأ إلى اللّه من ذلك كما أبرأ من قميصي هذا٢ .

قال : و قال أبو محمد بن متويه من المعتزلة في كتابه ( الكفاية ) : أما أبو موسى فانّه عظم جرمه بما فعله و أدّى ذلك إلى الضرر الذي لم يخف حاله ،

و كان عليعليه‌السلام يقنت عليه و على غيره فيقول : « اللّهم العن معاوية أوّلا و عمرا ثانيا و أبا أعور السلمي ثالثا و أبا موسى الأشعري رابعا »٣ .

قلت : صدق إنّ فعل أبي موسى أدّى إلى الضرر الذي لم يخف حاله ، إلاّ ان فعل أبي موسى أيضا كان من فعل أركان سقيفتهم و كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضا قنت عليهم في تخلّفهم عن جيش اسامة .

و في ( مسترشد محمد بن جرير بن رستم الطبري الإمامي ) مخاطبا للعامّة : و من علمائكم أبو موسى الأشعري و قد شهد عليه حذيفة بن اليمان أنّه منافق رواه جرير بن عبد الحميد العيني٤ .

و في ( المروج ) : كان أبو موسى الأشعري يحدّث قبل وقعة صفين و يقول : إنّ الفتن لم تزل في بني اسرائيل ترفعهم و تخفضهم حتى بعثوا

____________________

( ١ ) المصدر نفسه ١٣ : ٣١٥ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٣ : ٣١٥ .

( ٣ ) المصدر نفسه .

( ٤ ) المسترشد : ١١ .

٥٩٩

حكمين إلى أن قال فقال له سويد بن غفلة : إيّاك إن أدركت ذلك الزمان أن تكون أحد الحكمين قال : أنا ؟ قال : نعم أنت فكان يخلع قميصه و يقول : لا جعل اللّه لي اذن في السماء مصعدا و لا في الأرض مقعدا فلقيه سويد بعد ذلك فقال :

يا أبا موسى أتذكر مقالتك ؟ قال : سل ربّك العافية١ .

و في ( أمالي المفيد ) مسندا عن سلمان قال : قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : تفترق امتي ثلاث فرق ، فرقة على الحق لا ينقص الباطل منه شيئا يحبوني و يحبون أهل بيتي ، مثلهم كمثل الذهب الجيد كلّما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلاّ جودة إلى أن قال و فرقة مدهدة على ملّة السامري لا يقولون لا مساس لكنّهم يقولون لا قتال ، إمامهم عبد اللّه بن قيس الأشعري٢ « بالأمس » و المراد أيام الجمل .

« يقول إنّها فتنة » و قد كانعليه‌السلام في ذاك الوقت أخبره بعمله في هذا الوقت و هو حكمه الباطل عليهعليه‌السلام .

ففي ( مروج المسعودي ) : كاتب عليعليه‌السلام لما أراد البصرة من الربذة أبا موسى الأشعري ليستنفر الناس ، فثبطهم أبو موسى و قال : إنّما هي فتنة .

فنمى ذلك إلى عليعليه‌السلام ، فولّى على الكوفة قرضة بن كعب الأنصاري و كتب إلى أبي موسى : اعتزل عملنا يابن الحائك ، فما هذا أوّل يومنا منك و إنّ لك فيها لهنات و هنيات٣ .

« فقطعوا أوتاركم » جمع الوتر بفتحتين واحد أوتار القوس .

« و شيموا سيوفكم » و المراد بشيموا هنا الأغماد و إن قيل إنّه من الأضداد .

____________________

( ١ ) مروج الذهب ، للمسعودي ٢ : ٣٩٢ .

( ٢ ) أمالي المفيد : ٣٠ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ٢ : ٣٥٨ .

٦٠٠

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617