عيون الغرر في فضائل الآيات والسور

عيون الغرر في فضائل الآيات والسور15%

عيون الغرر في فضائل الآيات والسور مؤلف:
تصنيف: علوم القرآن
الصفحات: 379

عيون الغرر في فضائل الآيات والسور
  • البداية
  • السابق
  • 379 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 185852 / تحميل: 10025
الحجم الحجم الحجم
عيون الغرر في فضائل الآيات والسور

عيون الغرر في فضائل الآيات والسور

مؤلف:
العربية

image001

١

image002

٢

image002

الإهداء:

إلى العالمة الجليلة.

إلى التي تغرّبت من أجل رؤية أخيها الغريب.

إلى كريمة أهل البيتعليهم‌السلام .

إلى شفيعتي وشفيعة المؤمنين المقرّين بفضلها وعلمها.

إلى سيّدتي ومولاتي فاطمة بنت الإمام موسى الكاظمعليهما‌السلام .

أهدي ثواب عملي هذا إليك وأنت يا سيدتي المفظالة عليَّ طوال غربتي وأنا اللائذ بجوارك فتلطّفي عليَّ بدعائك المستجاب بالتوفيق والتسديد.

٣

بسم الله الرّحمن الرحيم

الحمد لله كلّما وقب ليل وغسق ، والحمد لله كلّما لاح نجم وخفق ، والحمد لله غير مفقود الإنعام ولا مكافأ الإفضال ، نحمده على ما كان ، ونستعينه من أمرنا على ما يكون ، ونسأله المعافاة في الأديان كما نسأله المعافاة في الأبدان ، ثمّ الصلاة والسلام على خاتم رسله نبي الرحمة وشفيع الاُمّة وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين.

في البدء أقول : إنّ من الدوافع التي جعلتني حريصاً على تقديم أبسط خدمة لكتاب الله العزيز ، كما قدّمنا خدمة ـ من خلال عملنا في التحقيق ـ لأحاديث أهل البيتعليهم‌السلام ، فمن خلال معايشتي لأصدقائي وأقربائي رأيت مكتبات أكثرهم إن لم يكن جلّهم تفتقر إلى كثير من دورات الكتب الحديثية والتفسيرية ، ولذا خطر ببالي أن أجمع من هذه المجاميع كلّ ما يتعلّق بفضائل الآيات والسور.

فسعيت ـ بعد الاتكال على الله عزّوجلّ والتوسّل بالنبيّ وآله صلوات الله عليهم أجمعين ـ بجدّ على جمع الأحاديث من الوسائل والمستدرك وتفسير

٤

البرهان والبحار ومجمع البيان وبعض المصادر المتفرقة من كتب الأدعية كعدّة الداعي وفلاح السائل ودعوات الراوندي ، ومن الحديثيّة كالكافي ومكارم الأخلاق وجامع الأخبار والمحاسن وغيرهنّ ، وهناك بعض المصادر نقلت عنها بالواسطة كتفسير أبي الفتوح الرازي ولب اللباب وخواصّ القرآن وغيرها.

ثمّ عمدت على تبويبها ، وكما هو المتعارف في كتب التفسير حيث بوّبتها حسب تسلسل سور القرآن المجيد ، ثمّ جعلت لكتابي هذا مقدمة تحتوي على إثني عشر فصلاً تبرّكاً بالأئمّة الاثني عشر عليهم أفضل الصلاة والسلام مع إضافة فصل في فضل البسملة ، جاهداً نفسي على الاختصار والفصول هي على التوالي :

١ ـ توقير كتاب الله العزيز.

٢ ـ آداب قراءة القرآن.

٣ ـ فضل قراءة القرآن.

٤ ـ كيفية قراءة القرآن.

٥ ـ أهل البيتعليهم‌السلام وقراءة القرآن.

٦ ـ تعليم القرآن وتعلّمه.

٧ ـ قراءة القرآن في البيوت.

٨ ـ التعوّذ من الشيطان عند قراءة القرآن.

٩ ـ فضل الاستماع للقرآن.

١٠ ـ ما ينبغي أن يقال عند قراءة بعض الآيات.

١١ ـ ما يستحب قراءته في الفرائض والنوافل.

١٢ ـ القراءة والنظر في القرآن.

٥

و في ختام فضائل السور أضفت فصلين : الأوّل ، اختص القسم الأول منه بفضائل بعض الآيات من بعض السور التي تفيد عند النوم أو عند الخروج من المنزل وما شابه ذلك ، والقسم الثاني اختص بفضائل قصار السور مثلاً كسورة التوحيد والمعوّذتين والكافرون وغيرهن ، فمن قرأهن معاً فله كذا من الثواب.

وأمّا الفصل الثاني ، فاختصّ بفضل آية الكرسي ، وجعلتها خاتمة لكتابي هذا لعظيم فضلها فهي إن شاء الله خاتمة مسك.

آملاً أن ينال رضى الله عزّوجلّ ورضى النبيّ وآله صلوات الله عليهم ، ورضى القارئ الكريم ، وما توفيقي إلاّ بالله العزيز القدير ، وصلّ اللّهمّ على محمّد وآل محمّد وعجّل فرجهم.

الفقير الى رحمة ربّه الغني

مشتاق المظفر

٢٠ جمادى الآخرة ١٤٢٢ ه‍

٦

٧

توقير كتاب الله العزيز

١ ـ الشريف الرضي في نهج البلاغة : قالعليه‌السلام : « اعلموا أنّ هذا القرآن هو الناصح الذي لا يغش ، والهادي الذي لا يضل ، والمحدّث الذي لا يكذب ، وما جالس هذا القرآن أحد إلاّ قام عنه بزيادة أو نقصان : زيادة في هدى ، ونقصان من عمى.

واعلموا أنّه ليس على أحد بعد القرآن من فاقة ، ولا لأحد قبل القرآن من غنى ، فاستشفوه أدوائكم ، واستعينوا به على لأوائكم(١) ، فإنّ فيه شفاء من أكبر الداء ، وهو الكفر والنفاق والغي والضلال ، فاسألوا الله به ، وتوجّهوا إليه بحبّه ، ولا تسألوا به خلقه ، إنّه ما توجّه العباد إلى الله بمثله.

واعلموا أنّه شافع مشفّع ، وقائل مصدّق ، وأنّه من شفع له القرآن يوم القيامة شفّع فيه ، ومن محل(٢) به القرآن يوم القيامة صُدِّقَ عليه ، فإنّه ينادي مناد يوم القيامة : ألا أنّ كلّ حارث مبتلى في حرثه ، وعاقبة عمله ، غير حرثة القرآن ،

__________________

(١) اللأواء : الشدّة وضيق المعيشة. النهاية في غريب الحديث ٤ : ٢٢١.

(٢) محل : محل فلان بفلان ، إذا قال عليه قولاً يوقعه في مكروه. مجمع البحرين ٥ : ٤٧٢ ـ محل.

٨

فكونوا من حرثته وأتباعه ، واستدلّوه على ربّكم ، واستنصحوه على أنفسكم ، واتّهموا عليه آراءكم ، واستغشوا فيه أهواءكم »(١) .

٢ ـ جامع الأخبار : عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، انه قال : « القرآن أفضل كل شيء دون الله ، فمن وقّر القرآن فقد وقّر الله ، ومن لم يوقّر القرآن فقد استخفّ بحرمة الله ، حرمة القرآن على الله كحرمة الوالد على ولده »(٢) .

٣ ـ وعنه : عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « يا حملة القرآن تحبّبوا إلى الله بتوقير كتابه يزدكم حبّاً ويحبّبكم إلى خلقه »(٣) .

__________________

(١) نهج البلاغة ٢ : ١١١ / خطبة ١٧١ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٣٩ / ٤٥٩٤.

(٢) جامع الاخبار : ١١٥ / ٢٠١ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٣٦ / ٤٥٨٥.

(٣) نفس المصدر : ١١٥ / قطعة من حديث ٢٠٢ ، وعنه في البحار ٩٢ : ١٩ / قطعة من حديث ١٨.

٩

آداب قراءة القرآن

٤ ـ البرقي في المحاسن : عن أبي سمينة ، عن إسماعيل بن أبان الحنّاط ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نظّفوا طريق القرآن ! قيل : يا رسول الله وما طريق القرآن ؟ قال : أفواهكم ، قيل : بماذا ؟ قال : بالسّواك »(١) .

٥ ـ ابن بابويه في الخصال : عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد ، عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « حدّثني أبي ، عن جدي ، عن آبائه ، عن عليعليه‌السلام ـ في حديث الأربعمائة ـ قال : لا يقرأ العبد القرآن إذا كان على غير طهور حتّى يتطهّر »(٢) .

٦ ـ عبدالله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد : عن محمّد بن عبدالحميد ، عن محمّد بن الفضيل ، عن أبي الحسنعليه‌السلام قال : سألته أقرأ المصحف ثمّ يأخذني البول فأقوم فأبول وأستنجي وأغسل يدي وأعود إلى المصحف فأقرأ فيه ؟ قال :

__________________

(١) المحاسن : ٥٥٨ / ٩٢٨ ، وعنه في الوسائل ٢ : ٢٢ / ١٣٦٦ ، وورد أيضاً في دعوات الراوندي : ١٦١ / ٤٤٤ ، ومكارم الاخلاق ١ : ١١٨ / ٢٨٢.

(٢) الخصال : ٦٢٧ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٩٦ / ٧٧١٧.

١٠

« لا ، حتّى تتوضّأ للصلاة »(١) .

٧ ـ السيد علي بن طاووس في كتاب اقبال الاعمال : باسناده إلى يونس بن عبدالرحمن ، عن علي بن ميمون الصانع أبي الأكراد ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنه كان من دعائه إذا أخذ مصحف القرآن والجامع ، قبل أن يقرأ القرآن ، وقبل أن ينشره ، يقول حين يأخذه بيمينه :

« بسم الله ، اللهم إنّي أشهد أنّ هذا كتابك المنزل من عندك ، على رسولك محمّد بن عبداللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكتابك الناطق على لسان رسولك ، فيه حكمك ، وشرائع دينك ، أنزلته على نبيّك ، وجعلته عهداً منك إلى خلقك ، وحبلاً متصلاً فيما بينك وبين عبادك ، اللهم إنّي نشرت عهدك وكتابك ، اللهم فاجعل نظري فيه عبادة وقراءتي تفكّراً ، وفكري اعتباراً.

واجعلني ممّن اتّعظ ببيان مواعظك فيه ، واجتنب معاصيك ، ولا تطبع عند قراءتي كتابك ، على قلبي ولا على سمعي ، ولا تجعل على بصري غشاوة ، ولا تجعل قراءتي قراءة لا تدبّر فيها ، بل اجعلني أتدبّر آياته وأحكامه ، آخذاً بشرائع دينك ، ولا تجعل نظري فيه غفلة ، ولا قراءتي هذرمة(٢) ، إنّك أنت الرؤوف الرحيم »(٣) .

ورواه المفيد فيالاختصاص (٤) .

__________________

(١) قرب الاسناد : ٣٩٥ / ١٣٨٦ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٩٦ / ٧٧١٦.

(٢) الهذرمة : السرعة في القراءة. الصحاح ٥ : ٢٠٥٧ ـ هذرم.

(٣) إقبال الأعمال : ١١٠ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٣٧٢ / ٤٩٧٧.

(٤) الاختصاص : ١٤١.

١١

فضل قراءة القرآن

٨ ـ الكليني في الكافي : عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطيّة ، عن منهال القصّاب ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « من قرأ القرآن وهو شابٌّ مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه ، وجعله الله عزَّوجلَّ مع السفرة الكرام البررة ، وكان القرآن حجيزاً عنه يوم القيامة ، يقول : يا ربّ إنَّ كلَّ عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي فبلّغ به أكرم عطاياك.

قال : فيكسوه الله العزيز الجبّار حلّتين من حلل الجنّة ويوضع على رأسه تاج الكرامة ثمَّ يقال له : هل أرضيناك فيه ؟ فيقول القرآن : يا ربّ قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا فيعطى الأمن بيمينه والخلد بيساره ثمَّ يدخل الجنّة ، فيقال له : اقرأ واصعد درجة ، ثمَّ يقال له : هل بلغنا به وأرضيناك ؟ فيقول : نعم. قال : ومن قرأه كثيراً وتعاهده بمشقّة من شدَّة حفظه أعطاه الله عزّوجلّ أجر هذا مرَّتين »(١) .

ورواه الصدوق فيثواب الأعمال : بسنده عن أبي عبداللهعليه‌السلام (٢) .

٩ ـ وعنه : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن عيسى ،

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٠٣ / ٤ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٧٧ / ٧٦٧٠.

(٢) ثواب الأعمال : ١٢٦ / ١.

١٢

عن سليمان بن رشيد ، عن أبيه ، عن معاوية بن عمّار ، قال : قال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : « من قرأ القرآن فهو غنيٌّ ، ولا فقر بعده وإلاّ ما به غنىً »(١) .

ورواه الصدوق فيثواب الأعمال : بسنده عن أبي عبداللهعليه‌السلام (٢) .

١٠ ـ وعنه : عن عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، وسهل بن زياد ، وعليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن عبدالله بن سنان ، عن معاذ بن مسلم ، عن عبدالله بن سليمان ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : « من قرأ القرآن قائماً في صلاته كتب الله له بكلّ حرف مائة حسنة ، ومن قرأه في صلاته جالساً كتب الله له بكلّ حرف خمسين حسنة ، ومن قرأه في غير صلاته كتب الله له بكلّ حرف عشر حسنات ».

قال ابن محبوب : وقد سمعته عن معاذ على نحو ممّا رواه ابن سنان(٣) .

ورواه الصدوق فيثواب الاعمال : بسنده عن أبي جعفرعليه‌السلام (٤) .

١١ ـ الجعفريات : بإسناده عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جده علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال : « ثلاث يذهبن بالبلغم : قراءة القرآن ، واللبان ، والعسل »(٥) .

١٢ ـ وعنه : بهذا الاسناد : عن عليعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قارئ

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٠٥ / ٨ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٧٨ / ٧٦٧٢.

(٢) ثواب الأعمال : ١٢٨ / ١.

(٣) الكافي ٢ : ٦١١ / ١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٨٧ / ٧٦٩٠ ، وورد أيضاً في دعوات الراوندي : ٢١٧ / ٥٨٨.

(٤) ثواب الأعمال : ١٢٦ / ١.

(٥) الجعفريات : ٢٤١ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٦١ / ٤٦٤٤.

١٣

القرآن والمستمع ، في الأجر سواء »(١) .

١٣ ـ الكشّي في كتاب الرجال : عن جعفر بن محمّد ، عن علي بن الحسن بن فضّال ، عن عبدالرحمن بن أبي نجران ، عن أبي هارون قال : كنت ساكناً دار الحسن بن الحسين فلمّا علم انقطاعي إلى أبي جعفر وأبي عبداللهعليهما‌السلام أخرجني من داره ، قال : فمرّ بي أبو عبداللهعليه‌السلام فقال : « يا أبا هارون ، بلغني أنّ هذا أخرجك من داره ؟ » قلت : نعم ، قال : « بلغني أنّك كنت تكثر فيها تلاوة كتاب الله ، والدار إذا تلي فيها كتاب الله كان لها نور ساطع في السماء ، وتعرف من بين الدور »(٢) .

١٤ ـ علي بن إبراهيم في تفسيره : عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود ، رفعه إلى علي بن الحسينعليهما‌السلام قال : « عليك بالقرآن ، فإنّ الله خلق الجنة بيده ، لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، جعل ملاطها(٣) المسك ، وترابها الزعفران ، وحصبائها اللؤلؤ ، وجعل درجاتها على قدر آيات القرآن ، فمن قرأ القرآن قال له : اقرأ وارق ، ومن دخل منهم الجنة ، لم يكن أحد في الجنة أعلى درجة منه ، ما خلا النبيّون والصدّيقون »(٤) .

١٥ ـ الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « أفضل العبادة قراءة القرآن »(٥) .

١٦ ـ وعنه : قالعليه‌السلام « يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارق ، ورتّل كما كنت

__________________

(١) الجعفريات : ٣١ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٦١ / ٤٦٤٥.

(٢) رجال الكشي ٢ : ٤٨٦ / ٣٩٥ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٢٠٠ / ٧٧٢٩.

(٣) الملاط : الطين الذي يجعل بين سافي البناء ، يملط به الحائط. الصحاح ٣ : ١١٦١ ـ ملط.

(٤) تفسير القمّي ٢ : ٢٥٩ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٥٦ / ٤٦٣٥.

(٥) مجمع البيان ١ : ١٥ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٩١ / ٧٧٠١.

١٤

ترتّل في الدنيا ، فإنّ منزلك عند آخر آية تقرؤها »(١) .

١٧ ـ القطب الراوندى في الدعوات : قال : قال الحسن بن عليعليهما‌السلام : « من قرأ القرآن كانت له دعوة مجابة ، إمّا معجّلة وإمّا مؤجّلة »(٢) .

١٨ ـ جامع الأخبار : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يا سلمان عليك بقراءة القرآن ، فإنّ قراءته كفّارة للذنوب ، وسترة من النار ، وأمان من العذاب ، ويكتب لمن يقرأ بكل آية ثواب مائة شهيد ، ويعطى بكلّ سورة ثواب نبي ، وتنزل على صاحبه الرحمة ، وتستغفر له الملائكة ، واشتاقت إليه الجنة ، ورضي عنه المولى »(٣) .

١٩ ـ وعنه : قال الإمام عليعليه‌السلام : « ليكن كلّ كلامكم ذكر الله وقراءة القرآن ، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل : أيّ الأعمال أفضل عند الله ؟ قال : قراءة القرآن ، وأنت تموت ولسانك رطب من ذكر الله تعالى »(٤) .

٢٠ ـ أحمد بن فهد في عدّة الداعي : عن الإمام الرضاعليه‌السلام يرفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « اجعلوا لبيوتكم نصيباً من القرآن ، فإنّ البيت إذا قرئ فيه القرآن يسّر على أهله ، وكثر خيره ، وكان سكّانه في زيادة ، وإذا لم يقرأ فيه القرآن ضيّق على أهله ، وقلّ خيره ، وكان سكّانه في نقصان »(٥) .

٢١ ـ وعنه : قالعليه‌السلام : « لقارئ القرآن بكلّ حرف يقرأه في الصلاة قائماً

__________________

(١) مجمع البيان ١ : ١٦ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٩١ / ٧٧٠٣.

(٢) دعوات الراوندي : ٢٤ / ٣١ ، وعنه في البحار ٩٢ : ٢٠٤ / ٣١ ، والمستدرك ٤ : ٢٦٠ / ٤٦٤٢.

(٣) جامع الأخبار : ١١٣ / ١٩٧ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٥٧ / ٤٦٣٧.

(٤) نفس المصدر : ١١٦ / ٢٠٨ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٥٩ / ذيل ح ٤٦٣٨.

(٥) عدّة الداعي : ٣٢٨ / ٦ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٢٠٠ / ٧٧٢٨.

١٥

مائة حسنة ، وقاعداً خمسون حسنة ، ومتطهّراً في غير صلاة خمس وعشرون حسنة ، وغير متطهّر عشر حسنات ، أما إنّي لا أقول :( المر ) ، بل له بالألف عشر ، وباللام عشر ، وبالميم عشر ، وبالراء عشر »(١) .

__________________

(١) نفس المصدر : ٣٢٩ / ذيل ح ٨ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٩٦ / ٧٧١٨.

١٦

كيفيّة قراءة القرآن

٢٢ ـ محمّد بن يعقوب في الكافي : عن حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمّد الأسدي ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن محمّد بن الفضيل ، قال : قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « يكره أن تقرأ( قل هو الله أحد ) بنفس واحد »(١) .

٢٣ ـ وعنه : عن محمّد بن يحيى باسناد له عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « يكره أن يقرأ( قل هو الله أحد ) في نفس واحد »(٢) .

٢٤ ـ دعائم الاسلام : عن الامام عليعليه‌السلام أنّه سئل عن قول الله عزّوجلّ( ورتّل القرآن ترتيلاً ) (٣) قال : « بيّنه تبياناً ولا تنثره نثر الدقل(٤) ولا تهذَّه هذَّ الشعر ، ولا تنثره نثر الرّمل ، ولكن أقرع به القلوب القاسية ، ولا يكوننّ همُّ أحدكم آخر السّورة »(٥) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦١٦ / ١٢ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧٠ / ٧٣٧١.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٤ / ١١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧٠ / ٧٣٧٢.

(٣) سورة المزّمّل ٧٣ : ٤.

(٤) الدقل : هو رديء التمر ويابسه ، وما ليس له اسم خاص ، فتراه ليبسه ورداءته لا يجتمع ويكون منثوراً. لسان العرب ١١ : ٢٤٦ ـ دقل.

(٥) دعائم الاسلام ١ : ١٦١ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٧٦ / ٤٤٢٠ ، وورد أيضاً في مجمع البيان ٥ : ٣٧٨ ، والجعفريات : ١٨٠ ، ونوادر الراوندي : ٣٠ ، وتفسير القمي ٢ : ٣٩٢.

١٧

٢٥ ـ جامع الأخبار : عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اقرؤا القرآن بلحون العرب وأصواتها ، وإيّاكم ولحون أهل الفسق وأهل الكبائر ، وسيجيء قوم من بعدي يرجّعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح ، لا يجاوز حناجرهم ، مفتونة قلوبهم ، وقلوب الذين يعجبهم شأنهم »(١) .

٢٦ ـ وعنه : عن البرّاء بن عازب ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « زيّنوا القرآن بأصواتكم ، فإنّ الصوت الحسن يزيد القرآن حسناً »(٢) .

٢٧ ـ وعنه : عن علقمة بن قيس ، قال : كنت حسن الصوت بالقرآن ، وكان عبدالله بن مسعود يرسل إليّ فأقرأ عليه ، فإذا فرغت من قراءتي ، قال : زدنا من هذا ـ فداك أبي واُمي ـ فإنّي سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « إنّ حسن الصوت زينة القرآن »(٣) .

__________________

(١) جامع الأخبار : ١٣٠ / ٢٦٠ ، وعنه في البحار ٩٢ : ١٩٠ / ١ ، والمستدرك ٤ : ٢٧٢ / ٤٦٧٧.

(٢) نفس المصدر : ١٣١ / ٢٦١ ، وعنه في البحار ٩٢ : ١٩٠ / ٢ ، والمستدرك ٤ : ٢٧٢ / ٤٦٧٨.

(٣) نفس المصدر : ١٣١ / ٢٦٢ ، وعنه في البحار ٩٢ : ١٩٠ ، والمستدرك ٤ : ٢٧٣ / ٤٦٧٩.

١٨

أهل البيتعليهم‌السلام وقراءة القرآن

٢٨ ـ تفسير العياشي : عن أبان بن عثمان ، عن محمّد ، قال : قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « إقرأ » قلت : من أيّ شيء أقرأ ؟ قال : « إقرأ من السورة السابعة » قال : فجعلت ألتمسها ، فقال : « إقرأ سورة يونس » فقرأت حتى انتهيت إلى( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلّة ) (١) ثمّ قال : « حسبك ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّي لأعجب كيف لا أشيب إذا قرأت القرآن »(٢) .

٢٩ ـ وعنه : عن محمّد بن علي الحلبي ، قال : سمعته ـ يعني أبا عبداللهعليه‌السلام ـ ما لا اُحصي وأنا اُصلّي خلفه ، يقرأ( إهدنا الصراط المستقيم ) (٣) .

٣٠ ـ علي بن إبراهيم في تفسيره : عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود المنقري ، عن حفص بن غياث ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، في حديث قال : ثمّ تلا قوله تعالى( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوّا في

__________________

(١) سورة يونس ١٠ : ٢٦.

(٢) تفسير العياشي ٢ : ١١٩ / ١ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٣٨ / ٤٥٩١.

(٣) نفس المصدر ١ : ٢٤ / ٢٦ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٢١ / ٤٥٤٣ ، والبحار ٩٢ : ٢٤٠ / ٤٥.

١٩

الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتّقين ) (١) وجعل يبكي ويقول : « ذهبت والله الأماني عند هذه الآية »(٢) .

٣١ ـ محمّد بن يعقوب في الكافي : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعليّ بن محمّد القاساني جميعاً ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمان بن داود ، عن سفيان بن عيينة ، عن الزهري ـ في حديث ـ قال : كان عليّ بن الحسينعليه‌السلام إذا قرأ( مالك يوم الدين ) يكرّرها حتّى يكاد أن يموت(٣) .

٣٢ ـ ابن بابويه في كتاب الفقيه : قال : حكى من صحب الرضاعليه‌السلام إلى خراسان أنّه كان يقرأ في الصلوات في اليوم والليلة في الركعة الاُولى( الحمد ) و( إنّا أنزلناه ) ، وفي الثانية( الحمد ) و( قل هو الله أحد ) (٤) ، الحديث.

وفيعيون الأخبار : بسنده عن رجاء بن أبي الضحّاك ، عن الرضاعليه‌السلام ، مثله(٥) .

٣٣ ـ وفي التوحيد : عن أحمد بن الحسين ، عن محمّد بن سليمان ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن عبدالله الرقاشيّ ، عن جعفر بن سليمان ، عن يزيد الرِّشك ، عن مطرف بن عبدالله ، عن عمران بن حصين : أنَّ النبيَّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث سريّة واستعمل عليها عليّاًعليه‌السلام ، فلمّا رجعوا سألهم فقالوا : كلُّ خير غير أنّه قرأ بنا في كلِّ الصلاة ب‍( قل هو الله أحد ) ، فقال : « يا عليُّ لم فعلت هذا ؟ فقال : لحبّي ل‍( قل هو

__________________

(١) سورة القصص ٢٨ : ٨٣.

(٢) تفسير القمّي ٢ : ١٤٦ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٧٧ / ٤٦٩٢.

(٣) الكافي ٢ : ٦٠٢ / ١٣ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٥١ / ٧٥٩٣.

(٤) الفقيه ١ : ٢٠١ / ٩٢٢ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧٩ / ٧٣٩٧.

(٥) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢ : ١٨٢.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

٣٦١

٣٦٢

وقد عارض الفخر الرازي حديث الغدير بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وغفار مواليّ دون الناس كلّهم، ليس لهم موالي دون الله ورسوله ».

ولكن هذه المعارضة باطلة لوجوه:

١. إنه من أخبار المخالفين

إن هذا الحديث من أخبار أهل السنة، قد انفردوا بروايته، فلا حجية له عند أهل الحق الشيعة الامامية حتى يقابل به حديث الغدير.

بل إن التمسّك والاستدلال بأحاديث أهل السنة لا يفيد لافحام الشيعة مطلقا، ولا يجوز للمناظر أن يلزم خصمه إلّا بما رواه قومه في كتبهم المعتبرة وبأسانيدهم المعتمدة، ولذا ترى ( الدهلوي ) يدّعى في مقدمة ( تحفته ) الالتزام بأنْ لا يستدل إلّا بكتب الشيعة، ليتمّ له مراده ويثبت مرامه في الاحتجاج معهم.

٢. ليس من الأحاديث المشتهرة

بل ليس هذا الحديث من الأحاديث المتفق على روايتها لدى أهل السنة

٣٦٣

أنفسهم أيضاً، فلم يرد في كتبهم إلّا قليلا، بل لم يرو في جميع صحاحهم، وقد أوضح ابن الأثير أنه مما تفرد به الشيخان(١) .

٣. هو خبر واحد عن أبي هريرة

ثم هو من أخبار الآحاد، إذ لم يخرجه الشيخان عن غير أبي هريرة، وهذا لا يصلح لأن يذكر في مقابلة حديث رواه أكثر من مائة نفس من أصحاب رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ومنهم أبو هريرة نفسه

٤. حديث الغدير برواية أبي هريرة

فقد روى أبو هريرة حديث الغدير واعترف بصحته وسماعه إيّاه من رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - في غدير خم

قال الخوارزمي: « قال الأصبغ: دخلت على معاوية وهو جالس على نطع من الأدم متكياً على وسادتين خضراوتين عن يمينه عمرو بن العاص وحوشب وذو الكلاع، وعن يساره أخوه عتبة وابن عامر وابن كريز والوليد بن عقبة وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد وشرحبيل بن السمط، وبين يديه أبو هريرة وأبو الدرداء والنعمان بن بشير وأبو أمامة الباهلي.

فلما قرأ الكتاب قال: إنّ عليّاً لا يدفع إلينا قتلة عثمان.

فقلت له: يا معاوية لا تعتل بدم عثمان، فإنك تطلب الملك والسلطان، ولو كنت أردت نصرته حياً، ولكنك تربصت به لتجعل ذلك سبباً إلى وصولك إلى الملك. فغضب.

فأردت أن يزيد غضبه فقلت لأبي هريرة: يا صاحب رسول الله! إني أحلّفك بالله الذي لا إله إلّا هو عالم الغيب والشهادة، وبحق حبيبه المصطفى

___________________

(١). جامع الأصول ١٠ / ١٣٦.

٣٦٤

عليه‌السلام - إلّا أخبرتني أشهدت غدير خم؟

فقال: بلى شهدته.

قلت: فما سمعته يقول في علي؟

قال: سمعته يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله.

قلت له: فاذن أنت واليت عدوه وعاديت وليه.

فتنفس أبو هريرة الصّعداء وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون.

فتغيّر معاوية عن حاله وغضب وقال: كف عن كلامك »(١) .

٥. أبو هريرة كذّاب

هذا كله بناء على توثيق أبي هريرة، ولكن أبا هريرة لم يكن ثقة في حديثه عن رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - لدى كبار الصحابة ومن دونهم

فمن الصّحابة الّذين كذّبوه: أمير المؤمنين عليّ، وعمر بن الخطّاب وعثمان ابن عفّان، وعبد الله بن الزبير، وعائشة بنت أبي بكر كما لا يخفى على من راجع كتاب ( الردّ على من قال بتناقض الحديث لابن قتيبة ) و ( عين الإِصابة فيما استدركته عائشة على الصحابة للسيوطي ) و ( التاريخ لابن كثير ) وغير ذلك.

بل رووا عن أبي هريرة نفسه قوله مخاطباً لأصحاب رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم -: « الا إنكم تحدّثون أنّي أكذب على رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - » راجع ( الجمع بين الصّحيحين ) و ( المفاتيح في شرح المصابيح ) وغيره من الشروح.

بل ثبت أنّ عمر نهاه عن التحديث قائلاً له: « لتتركنّ الحديث عن رسول الله أو لألحقنّك بأرض دوس »، وقد روي هذا الكلام بلفظ آخر والمعنى واحد

___________________

(١). مناقب علي بن أبي طالب، لأخطب خطباء خوارزم ١٣٤ - ١٣٥.

٣٦٥

... أنظر ( الأصول للسّرخسي ) و ( التاريخ لابن كثير ) وغيرهما.

وأمّا قصّة عزل عمر إيّاه عن البحرين فمشهورة، وممّن رواها بالتفصيل:

١ - ابن عبد ربه في العقد الفريد

٢ - جار الله الزمخشري في الفائق في غريب الحديث.

٣ - ياقوت الحموي في معجم البلدان.

٤ - ابن كثير الدمشقي في تاريخه.

ومن التابعين والفقهاء الذين كذّبوه وصرّحوا بعدم الثقة به: « أبو حنيفة » فقد رووا عنه قوله: « أترك قولي بقول الصّحابة إلّا ثلاثة منهم: أبو هريرة، وأنس ابن مالك وسمرة بن جندب » راجع ( روضة العلماء للزندويستي ) و ( كتائب أعلام الأخيار للكفوي ) وغيرهما.

ومنهم: عيسى بن أبان الفقيه الحنفي، فقد ذكر عنه الزندويستي قوله: « أقلّد أقاويل جميع الصحابة إلّا ثلاثة منهم: أبو هريرة ووابصة بن معبد، وأبو سنابل بن بعك ».

ومنهم: جماعة من الحنفية، كذّبوا أبا هريرة في حديث المصراة كما في ( المحلّى لابن حزم ) و ( فتح الباري لابن حجر ) وغيرهما.

ومنهم: محمد بن الحسن الشيباني كما في ( المحلى ) في مسألة أن البائع أحق بالمتاع إذا أفلس

٦. وجوه القدح في أبي هريرة

هذا بالاضافة إلى وجوهٍ أخرى من القدح والطعن في أبي هريرة، وهي أمور يكفي كل منها لسقوطه عن درجة الاعتبار، أو يفيد فسقه بوضوح، وإليك بعضها:

ألف - كان يلعب بالشطرنج: قال الدميري: « وروى الصعلوكي تجويزه - أي الشطرنج - عن عمر بن الخطاب والحسن البصري والقاسم بن محمد وأبي

٣٦٦

قلابة وأبي مجلز وعطا والزهري وربيعة بن عبد الرحمن وأبي زناد،رحمهم‌الله .

والمروي عن أبي هريرة من اللعب به مشهور في كتب الفقه »(١) .

وقال ابن الأثير: « وفي حديث بعضهم، قال: رأيت أبا هريرة يلعب بالسدر والسدر لعبة يقامر بها »(٢) .

وكذا قال محمد طاهر الكجراتي الفتني(٣) .

ولا ريب في أنّ الشطرنج حرام. وقال ابن تيمية:

« مذهب جمهور العلماء أن الشطرنج حرام، وقد ثبت عن علي بن أبي طالب مرّ بقوم يلعبون بالشطرنج، فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون.

وكذلك النهي عنها معروف عن أبي موسى وابن عباس وابن عمر وغيرهم من الصحابة.

وتنازعوا في [ أنّ ] أيّهما أشدّ تحريماً الشطرنج أو النرد، فقال مالك: الشطرنج أشد من النرد. وهذا منقول عن ابن عمر، وهذا لأنّها تشغل القلب بالفكر الذي يصدّ عن ذكر الله وعن الصلاة أكثر من النرد. وقال أبو حنيفة وأحمد: النرد أشد »(٤) .

ب - كان مخلّطاً: قال ابن كثير الدمشقي: « وقال مسلم بن الحجاج: ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ثنا مروان الدمشقي، عن الليث بن سعد، حدثني بكير بن الأشج، قال: قال لنا بشر بن سعيد: إتقوا الله وتحفّظوا من الحديث، فو الله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدّث حديث رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - عن كعب وحديث كعب عن رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم -.

وفي رواية: يجعل ما قاله كعب عن رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

___________________

(١). حياة الحيوان: « الهر ».

(٢). النهاية في غريب الحديث: « السدر ».

(٣). مجمع البحار: « السدر ».

(٤). منهاج السنة ٢ / ٩٨.

٣٦٧

وما قاله رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - عن كعب، فاتقوا الله وتحفّظوا في الحديث »(١) .

ج - كان مدلّسا: قال ابن كثير: « وقال يزيد بن هارون: سمعت شعبة يقول: أبو هريرة كان يدلّس. أي: يروي ما سمعه من كعب وما سمعه من رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ولا يبين، [ يميّز ] هذا من هذا. ذكره ابن عساكر.

وكان شعبة يشير بهذا إلى حديثه: من أصبح جنبا فلا صيام له. فإنّه لمـّا حوقق عليه، قال: أخبرنيه مخبر ولم أسمعه من رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - »(٢) .

د - كان متروكا: قال ابن كثير: « وقال شريك، عن مغيرة، عن ابراهيم قال: كان أصحابنا يدعون من حديث أبي هريرة.

وروى الأعمش، عن إبراهيم، قال: ما كانوا يأخذون من كل حديث أبي هريرة.

قال الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، قال: كانوا يرون في أحاديث أبي هريرة شيئاً، وما كانوا يأخذون من حديثه إلّا ما كان من حديث صفة جنة أو نار أو حديث على عمل صالح أو نهي عن شيء جاء القرآن به ».

قال ابن كثير: « وقد انتصر ابن عساكر لأبي هريرة وردّ هذا الذي قاله إبراهيم النخعي، وقد قال ما قاله ابراهيم طائفة من الكوفيين والجمهور على خلافهم. وقد كان أبو هريرة من الصّدق والحفظ والديانة والعبادة والزهادة والعمل الصالح على جانب عظيم »(٣) .

___________________

(١). تاريخ ابن كثير ٨ / ١٠٩ مع اختلاف.

(٢). تاريخ ابن كثير ٨ / ١٠٩.

(٣). تاريخ ابن كثير ٨ / ١٠٩ - ١١٠.

٣٦٨

وثبوته نعم إن ذلك يقدح في الأحاديث التي اشتملت على حضوره عنده -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - وأخذه بيده، وقد صرح بهذا المعنى الشريف الجرجاني في ( شرح المواقف )(١) .

* * *

وجاء بعضهم وأراد التشكيك في صحة هذا الحديث بنحو آخر، ذكره العلامة الأمير وقد أجاد في ردّه، حيث قال:

« تنبيه - اعترض بعض من قصر نظره عن بلوغ مرتبة التحقيق في حديث الغدير الذي رواه زيد بن أرقم -رضي‌الله‌عنه - مشكّكاً ذلك المعترض بقوله: إن في الرواية أنه -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - خطب بالجحفة يوم ثامن عشر في شهر ذي الحجة، وأنه لا يمكن بلوغ الجحفة لمن خرج بعد الحج من مكة في ذلك اليوم، وجعله قادحاً في الحديث.

وأقول: هذا تشكيك بلا دليل وخبط جبان خال عن عدة الأدلة ذليل. فقد ثبت أنهعليه‌السلام خرج من مكة يوم الخميس خامس عشر ذي الحجة، راجعا إلى المدينة، وثبت أن الجحفة على اثنين وثمانين ميلا من مكة كما صرح به مجد الدين في القاموسرحمه‌الله . وثبت أن المرحلة العربية أربعة برد كمن جدة إلى مكة، كما أخرجه البخاري تعليقا من حديث ابن عباس وابن عمر أنّهما كانا يقصّران من مكة إلى العرفات، وثبت تقدير الأربعة البرد بالمرحلة بما رواه الشافعي بسند صحيح: أنه قيل لابن عباس أتقصر من مكة إلى العرفات؟ قال: لا، ولكن إلى عرفات وإلى جدة وإلى الطائف، وكل جهة من هذه مرحلة إلى مكة. فإذا كانت المرحلة أربعة برد، والبريد اثني عشر ميلاً، يكون المرحلة ثمانية وأربعين ميلا.

___________________

(١). شرح المواقف ٨ / ٣٦٠.

٣٦٩

وإذا عرفت هذا، عرفت أن من مكة إلى الجحفة لا يكون إلّا دون المرحلتين الكاملتين، لأنّهما اثنان وثمانين ميلاً. واذا عرفت أن رسول الله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - خرج من مكة يوم خامس عشر من ذي الحجة فيوم ثامن عشر رابع أيام سفره، فعلم أنه بات ليلة ثامن عشر في الجحفة وصلى بها الظهر وخطب بعد الصلاة.

فيا للعجب ممن قصر نظره عن البحث، كيف يقدح فيما صح باتفاق الكل بأمر يرجع إلى المحسوس المشاهد. لقد نادى على نفسه بالبلاهة وسوء الظن وعدم الدراية.

ولا يقال: إنه باعتبار هذه الأزمنة لا يمكن.

لأنا نقول: إنْ أريد أسفار أهل الرفاهة والمترفين والمرضى والزمناء فلا اعتبار به. وإنْ أريد في أسفار العرب، ففي هذا الزمن يبلغ من مكة الى المدينة على الركاب في أربع، وأهل المدينة يسافرون الحج في زماننا هذا يوم خامس أو رابع ذي الحجة، ويوافون عرفات. وأمّا أهل الرفاهة فلا اعتبار بهم. وقد كان -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - على نهج العرب، وقد كان بلغ في دخوله بمكة في تلك الحجة في سبعة أيام أو ثمانية على اختلاف الرواية.

وبالجملة فالتشكيك بهذا نوع من الهذيان، فقد عرفت بما قدمنا أن الحديث متواتر والأسفار تختلف وليس محالاً عادة ولا عرفاً. ثم حديث الموالاة قد ثبت باتفاق الفريقين، فلا يسمع هذا التشكيك من قائله، والله الموفق »(١) .

___________________

(١). الروضة الندية - شرح التحفة العلوية: ٧٨.

٣٧٠

الخاتمة

فيها كلمات في ذم الفخر الرازي

ومن المناسب - في خاتمة الرد على الفخر الرازي ودحض مزاعمه - أن نورد طرفاً من كلمات بعض علماء الرجال والحديث في الفخر الرازي:

قال الذهبي: « الفخر ابن الخطيب صاحب تصنيف، رأس في الذكاء والتعليقات، لكنه عري من الآثار، وله تشكيكات على مسائل من دعائم الدين تورث حيرة، نسأل الله أن يثبت الإِيمان في قلوبنا.

وله كتاب: السر المكتوم في مخاطبة النجوم، سحر صريح، فلعلّه تاب من تأليفه إن شاء الله »(١) .

وقال ابن تيمية في الكلام على الصفات بعد كلام له:

« وأمّا الجبرية، فمنهم من ينفيها ومنهم من يتوقف فيها كالرازي والآمدي وغيرهم، ونفاة الصفات من الجبرية منهم من يتأوّل نصوصها ومنهم من يفوض معناها الى الله تعالى »(٢) .

___________________

(١). ميزان الاعتدال ٣ / ٣٤٠.

(٢). منهاج السنة. مبحث صفات الباري ١ / ١١١.

٣٧١

وهذا الكلام صريح في كون الرازي من الجبرية.

وقال الشعراني في ( ارشاد الطالبين ): « وقد طلب الشيخ فخر الدين الرازي الطريق إلى الله، فقال له الشيخ نجم الدين البكري: لا تطيق مفارقة صنمك الذي هو علمك، فقال: يا سيدي، لا بدّ إنْ شاء الله تعالى. فأدخله الشيخ خلوة وسلبه جميع ما معه من العلوم، فصاح في الخلوة بأعلى صوته: لا تطيق، فأخرجه وقال: أعجبني صدقك وعدم نفاقك ».

وقال المولوي عبد العلي في مبحث الإجماع: « واستدل ثانياً بقوله -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تجتمع أمتي على الضلالة، فانه يفيد عصمة الأمة عن الخطأ فانه متواتر المعنى، فانه قد ورد بألفاظ مختلفة يفيد كلها العصمة، وبلغت رواة تلك الألفاظ حد التواتر

[ واستحسنه ابن الحاجب ] فانه دليل لا خفاء فيه بوجه ولا مساق للارتياب فيه.

[ واستبعد الامام الرازي ] صاحب المحصول، كما هو دأبه من التشكيكات في الأمور الظاهريّة [ التواتر المعنوي على حجيته ]

وهذا الاستبعاد في بعد بعيد كبرت كلمة خرجت من فيه »(١) .

وقال الحافظ ابن حجر بترجمته بعد كلام الذهبي المتقدم ما ملخصه:

« وقد عاب التاج السبكي على المصنف، ذكره هذا الرجل في هذا الكتاب، وقال: إنه ليس من الرواة، وقد تبرأ المصنف من الهوى والعصبية في هذا الكتاب.

والفخر كان من أئمة الأصول وكتبه في الأصلين شهيرة، وله ما يقبل وما يرد، وقد ترجم له جماعة من الكبار بما ملخصه:

انّ مولده سنة ٥٣٣ واشتغل على والده، وكان من تلامذة البغوي. ثمّ

___________________

(١). فواتح الرحموت ٢ / ٢١٥.

٣٧٢

اشتغل على الكمال السمناني وتمهّر في عدة علوم، وأقبل على التصنيف. فصنّف التّفسير الكبير، والمحصول في أصول الفقه، والمعالم، والمطالب العالية، والأربعين، والخمسين، والملخّص، والمباحث المشرقية، وطريقه في الخلاف، ومناقب الشافعي.

قال ابن الربيب: وكان مع تبحره في الأصول يقول: من التزم دين العجائز فهو فائز، وكان يعاب بايراد الشبه الشديدة ويقصر في حلها، قال بعض المغاربة: يورد الشبهة نقداً ويحلها نسيئة.

وقد ذكره ابن دحية فمدح وذم.

وذكره ابن شامة فحكى عنه أشياء ردية.

وكانت وفاته بهراة سنة ٦٥٦.

ورأيت في الاكسير في علم التفسير للنجم الطوخي ما ملخصّه: ما رأيت في التفاسير أجمع لغالب علم التفسير من القرطبي ومن تفسير الامام فخر الدين إلّا أنّه كثير العيوب. فحدّثني شرف الدين النصيبي عن شيخه سراج الدين السرمساجي المغربي أنّه صنّف كتاب المآخذ في مجلدين، بيّن فيهما ما في تفسير الفخر من الزيف والبهرج، وكان ينقم عليه كثيراً.

قال الطوخي: ولعمري هذا دأبه في الكتب الكلامية حتى اتّهمه بعض الناس.

وذكر ابن خليل السكوني في كتاب الرد على الكشاف: ان ابن الخطيب قال في كتبه في الأصول إنّ مذهب الجبر هو المذهب الصحيح، وقال بصحة بقاء الأعراض وبنفي صفات الله الحقيقيّة، وزعم أنها مجرّد نسب وإضافات كقول الفلاسفة، وسلك طريق أرسطو في دليل التمانع.

ونقل عن تلميذه التاج الأرموي: إنه نظر كلامه فهجره إلى مصر وهمّوا به فاستتر، ونقلوا عنه أنه قال: عندي كذا وكذا مائة شبهة على القول بحدوث العالم.

٣٧٣

ثم أسند عن ابن الطباخ: إن الفخر كان شيعياً يقدم محبة أهل البيت كمحبة الشيعة، حتى قال في بعض تصانيفه: وكان علي شجاعاً بخلاف غيره، وعاب عليه تسميته لتفسيره مفاتيح الغيب.

وقد مات الفخر يوم الاثنين سنة ست وخمسين وستمائة بمدينة هراة، واسمه محمد بن عمر بن الحسين، وأوصى بوصية تدل على حسن اعتقاده »(١) .

___________________

(١). لسان الميزان ٤ / ٤٢٦.

٣٧٤

وقفة مع من أنكر

تواتر حديث الغدير

٣٧٥

٣٧٦

وأمّا دعوى عدم تواتر حديث الغدير فمن العجائب المضحكة، خصوصاً دعوى عدم تواتره لدى الشيعة « كبرت كلمة تخرج من أفواههم إنْ يقولون إلّا كذباً » وكيف يتفوّه بهذه الهفوة الباطلة عاقل بالنسبة إلى حديث رواه أكثر من مائة صحابي، وجمع طرقه جمع من كبار الحفاظ في مصنفات عديدة!؟ قد علمت أنه ليس متواتراً عند الشيعة فحسب، بل صرح بتواتره كبار حفّاظ أهل السنة، كالحافظ الذهبي الذي تمسك ابن حجر المكي بتصحيحه طرق حديث الغدير حيث قال: « فقد ورد ذلك من طرق صحيح الذهبي كثيراً منها »(١) . فمن العجيب تمسكه بتصحيح الذهبي بعض طرق الحديث وإعراضه عن تصريحه وتنصيصه على تواتره.

ومن الطريف دعوى ابن حجر تواتر حديث صلاة أبي بكر لرواية ثمانية من الصحابة إيّاه - مع العلم ببطلانه لدى الشيعة - وهو ينكر تواتر حديث الغدير المروي عن أكثر من مائة نفس من الصحابة، ولا أقل من الثلاثين، العدد الذي اعترف ابن حجر نفسه به، وهل هذا إلّا تناقض قبيح وتحكّم لا يعتضد بشيء من

___________________

(١). الصواعق المحرقة / ٢٥.

٣٧٧

الترجيح؟

نور الدين الحلبي

وقد نسج نور الدين الحلبي على منوال ابن حجر الهيتمي - المكي، فقال في جواب حديث الغدير: « وقد ردّ عليهم في ذلك بما بسطته في كتابي المسمّى بالقول المطاع في الرد على أهل الابتداع، لخصّت فيه الصواعق للعلامة ابن حجر الهيتمي، وذكرت أن الرد عليهم في ذلك من وجوه:

أحدها: إن هؤلاء الشيعة والرافضة اتفقوا على اعتبار التواتر فيما يستدلون به على الامامة من الأحاديث، وهذا الحديث مع كونه احاداً طعن في صحته جماعة من أئمة الحديث كأبي داود وأبي حاتم الرازي كما تقدم، فهذا منهم مناقضة »(١) .

وهذا الكلام مردود من وجوه:

أحدها: إنّ نفي تواتر حديث الغدير مصادمة مع الواقع وإنكار للحقيقة الراهنة، وقد صرح بتواتره كبار أئمة أهل السنة كما سبق.

الثاني: إنه يكفي ثبوت تواتره لدى الشيعة.

الثالث: إنّه يكفي في الالزام في باب الامامة الاستدلال بالحديث الوارد من طرق أهل السنّة ولو احاداً، ولا ضرورة لأن يكون متواتراً حتى يجوز الاحتجاج به وإلزامهم به.

الرابع: إن ذكر طعن بعض أئمة الحديث في صحة حديث الغدير، هو في الحقيقة إثبات للطعن في هؤلاء الأئمّة المتعصبين.

الخامس: نسبة الطعن في صحته إلى أبي داود، كذب صريح وبهتان مبين كما دريت سابقاً.

___________________

(١). انسان العيون ٣ / ٣٣٧ - ٣٣٨.

٣٧٨

علي القاري

ولقد ناقض الشيخ نور الدين علي بن سلطان الهروي القاري نفسه وجاء بكلماتٍ متهافتة حول حديث الغدير، فقال مرّة:

« ثمّ هذا الحديث مع كونه احاداً مختلف في صحته، فكيف ساغ للشيعة أن يخالفوا ما اتفقوا عليه اشتراط التواتر في أحاديث الامامة، ما هذا إلّا تناقض صريح وتعارض قبيح؟! »(١) .

فهو هنا يزعم كونه احاداً وأنه مختلف في صحّته لدى العلماء، والحال أنه قد ذكر قبل هذا الكلام بقليل: « والحاصل أن هذا حديث لا مرية فيه، بل بعض الحفّاظ عدّه متواتراً، إذ في رواية لأحمد أنه سمعه من النبي -صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم - ثلاثون صحابياً وشهدوا به لعلي لما نوزع أيام خلافته »(٢) .

فهل من الانصاف دعوى كونه آحادا مختلفا في صحته مع الاعتراف بأنه صحيح لا مرية فيه، بل بعض الحفاظ عدّه متواتراً ...؟

وقال في موضع آخر: « رواه أحمد في مسنده، وأقلّ مرتبته أن يكون حسناً، فلا التفات لمن قدح في ثبوت هذا الحديث »(٣) .

فأيّ تحقيق هذا؟ وأيّ إنصاف هذا؟ وأيّ ضبط هذا؟ أن يتلون الرجل في كتاب واحد حول حديث واحد، ما هذا إلّا تناقض صريح وتعارض قبيح!! ولو فرض عدم تواتر هذا الحديث عند أهل السنة، لصحّ استدلال الشيعة به بلا ريب لوجهين:

الأول: لكونه متواتراً لدى الشيعة، واعتضاده بروايات المخالفين يفيد القطع واليقين.

___________________

(١). المرقاة ٥ / ٥٧٤.

(٢). نفس المصدر ٥ / ٥٦٨.

(٣). نفس المصدر ٥ / ٥٧٤.

٣٧٩