بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 621

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 104602 / تحميل: 9064
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ولنعيّن لك صفحات روايات أحمد في مسنده ؛ لترجع إليها عند الحاجة ، فإنّه روى :

حديث سعد ، صفحة ١٧٥ من الجزء الأوّل

وحديث ابن عبّاس ، صفحة ٣٣١ من الجزء الأوّل أيضا

وحديث ابن عمر ، صفحة ٢٦ من الجزء الثاني

وحديث زيد بن أرقم ، صفحة ٣٦٩ من الجزء الرابع

ولعلّه لأحمد أحاديث أخر.

فأنت ترى أنّ طرق الحديث مستفيضة أو متواترة ، ولا سيّما بضميمة أخبارنا ، وقد صحّح القوم جملة من أحاديثهم كما عرفت ، حتّى صحّح الحاكم في « المستدرك » طريقين منها(١) ، وأقرّه الذهبي ـ مع ما تعلمه من حاله ـ على صحّة حديث زيد بن أرقم ، الذي رواه مع حديث عمر ، صفحة ١٢٥ من الجزء الثالث(٢) .

فمع هذا كلّه ، كيف يجوز لابن الجوزي دعوى الوضع لمجرّد رواية الصحيحين لحديث استثناء باب أبي بكر ، وهو أقرب إلى الوضع ؛ لأنّه من حديث المتّهمين والنصّاب ، مع ضعف رجال سنده كما عرفت(٣) ، وعدم تعدّد طرقه؟! ولكن لا حيلة مع التعصّب ومجانبة الإنصاف!!

* * *

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ح ٤٦٣١ و ٤٦٣٢.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ح ٤٦٣١.

(٣) راجع الصفحتين ١١٠ و ١١١ من هذا الجزء.

١٢١

١٣ ـ حديث المؤاخاة

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

الثالث عشر : في مسند أحمد بن حنبل ، من عدّة طرق ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين الناس وترك عليّا حتّى بقي آخرهم لا يرى له أخا ، فقال : يا رسول الله! آخيت بين أصحابك وتركتني؟!

فقال : «إنّما تركتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك ، فإن ذكرك أحد فقل : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يدّعيها بعدك إلّا كذّاب.

والذي بعثني بالحقّ ، ما أخّرتك إلّا لنفسي ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، وأنت أخي ، ووارثي »(٢) .

وفي « الجمع بين الصحاح الستّة » ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : «مكتوب على باب الجنّة : محمّد رسول الله ، عليّ أخو رسول الله ،

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢١٧.

(٢) أخرجه أحمد في « المسند » كما في ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ح ١ ، وفي فضائل الصحابة ٢ / ٧٦٥ ح ١٠٥٥ وص ٧٩٢ ح ١٠٨٥ وص ٨٢٩ ح ١١٣٧ ؛ وانظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٩٥ ح ٣٧٢٠ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ١٦ ، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٣ / ٣٦ ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ١٤٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥ ـ ١٦ ح ٤٢٨٨ ـ ٤٢٨٩ ، الاستيعاب ٣ / ١٠٩٨ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٨٨ ـ ٨٩ ح ٥٧ ـ ٦٠ ، مصابيح السنّة ٤ / ١٧٣ ح ٤٧٦٩ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٥١ ـ ٦٢ ، كنز العمّال ١٣ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ح ٣٦٣٤٥ وص ١٤٠ ح ٣٦٤٤٠.

١٢٢

قبل أن يخلق الله السموات بألفي عام »(١) .

* * *

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٨٢٧ ـ ٨٢٨ ح ١١٣٤ ـ ١١٣٥ وص ٨٣١ ـ ٨٣٢ ح ١١٤٠ ، المعجم الأوسط ٥ / ٥٠٤ ح ٥٤٩٨ ، حلية الأولياء ٧ / ٢٥٦ ، تاريخ بغداد ٧ / ٣٨٧ رقم ٣٩١٩ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٢٢ ـ ١٢٣ ح ١٣٤ ، فردوس الأخبار ٢ / ٣٤٠ ح ٦٧١٠ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ١٤٤ ح ١٦٨ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٥٩ ، الرياض النضرة ٣ / ١٢٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١١ ، كنز العمّال ١١ / ٦٢٤ ح ٣٣٠٤٣ وج ١٣ / ١٣٨ ح ٣٦٤٣٥.

١٢٣

وقال الفضل(١) :

حديث المؤاخاة مشهور معتبر معوّل عليه ، ولا شكّ أنّ عليّا أخ(٢) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومحبّه وحبيبه ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شديد الحبّ له ، وهذا كلّه يؤخذ من صحاحنا ومن مذهبنا ، ولكن لا يدلّ على النصّ ؛ لأنّ أبا بكر كان خليل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووزيره وقرينه ، وله أيضا من الفضائل ما لا يعدّ ولا يحصى ، والكلام ليس في عدّ الفضائل وإثباتها ، بل وجود النصّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٣٩.

(٢) كذا في الأصل ، وليس بعزيز من مثل الفضل ، والصواب لغة : « أخو ».

١٢٤

وأقول :

نقل في « ينابيع المودّة » ، في الباب التاسع ، حديث المؤاخاة عن أحمد في مسنده ، عن زيد بن أبي أوفى(١) .

كما نقله المصنّفرحمه‌الله في « منهاج الكرامة » ، عن « المسند » أيضا(٢) .

وقد سبق ذكره في الآية الثانية والثلاثين ، وأنّ ابن تيميّة زعم أنّه من زيادات القطيعي(٣) .

وسبق أنّه قد نقله في « كنز العمّال » و « تذكرة الخواصّ » ، عن أحمد في « الفضائل »(٤) .

ثمّ حكى في « الينابيع » أيضا ، عن أحمد في « مسنده » ، عن حذيفة ابن اليمان ، قال : « آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين المهاجرين والأنصار ، وكان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، ثمّ أخذ بيد عليّعليه‌السلام ، فقال : هذا أخي »(٥) .

وحكى أيضا عن عبد الله بن أحمد في « زوائد المسند » ثمانية أحاديث في مؤاخاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام (٦) .

__________________

(١) ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ح ١.

(٢) منهاج الكرامة : ١٤٤ ـ ١٤٥.

(٣) انظر : ج ٥ / ١٤٣ من هذا الكتاب ، منهاج السنّة ٧ / ٢٧٨.

(٤) فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٩٢ ح ١٠٨٥ ، وانظر : كنز العمّال ١٣ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ح ٣٦٣٤٥ ، تذكرة الخواصّ : ٢٩ و ٣١.

(٥) ينابيع المودّة ١ / ١٧٨ ح ٤.

(٦) إنّما هما حديثان عن « زوائد المسند » ، فانظر : ينابيع المودّة ١ / ١٧٨ ح ٣ وص ١٧٩ ح ٦ ، ويبدو أنّ ذلك من سهو القلم ، فمجموعة أحاديث المؤاخاة المذكورة

١٢٥

فيمكن أن يكون المصنّفرحمه‌الله أشار إلى هذه الأحاديث بقوله : « من عدّة طرق » ، وكأنّ القوم قد تعلّلوا لحذفها من « المسند » في الطبع ، بدعوى أنّها من الزيادات ، فإنّي لم أعثر على شيء منها!

وروى الترمذي حديث المؤاخاة في فضائل عليّعليه‌السلام من « سننه » ، عن ابن عمر ، وحسّنه ، ثمّ قال : وفيه عن زيد بن أبي أوفى(١) .

ورواه في « الاستيعاب » بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن أبي الطفيل ، قال : « لمّا احتضر عمر جعلها شورى بين عليّ ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن ، وسعد ، فقال لهم عليّ : أنشدكم الله هل فيكم أحد آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبينه ـ إذ آخى بين المسلمين ـ غيري؟!

قالوا : اللهمّ لا ».

ثمّ قال : « وروينا من وجوه عن عليّ أنّه كان يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يقولها أحد غيري إلّا كذّاب ».

ثمّ قال : « قال أبو عمر(٢) : آخى رسول الله بين المهاجرين [ بمكّة ] ، ثمّ آخى بين المهاجرين والأنصار [ بالمدينة ] ، وقال في كلّ واحدة منهما لعليّ :أنت أخي في الدنيا والآخرة ؛ وآخى بينه وبين نفسه ؛ فلذلك كان هذا القول وما أشبهه من عليّ ».

انتهى ما في « الاستيعاب »(٣) .

__________________

في ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ـ ١٨١ ب‍ ٩ ح ١ ـ ٧ هي من مصادر مختلفة وبطرق متعدّدة ؛ فلاحظ!

(١) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٥ ح ٣٧٢٠.

(٢) هو صاحب كتاب « الاستيعاب في معرفة الأصحاب » ، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ الأندلسي ، المتوفّى سنة ٤٦٣ ه‍.

(٣) الاستيعاب ٣ / ١٠٩٨ ـ ١٠٩٩.

١٢٦

وروى الحاكم حديث المؤاخاة في « المستدرك » ، في كتاب الهجرة ، من طرق ، عن ابن عمر(١)

وحكى في « كنز العمّال »(٢) ، عن الخلعي ، والبيهقي في « سننه »(٣) ، والضياء في « المختارة » ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : «آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين عمر وأبي بكر ، وبين حمزة بن عبد المطّلب وزيد بن حارثة ـ إلى أن قال : ـوبيني وبين نفسه »

وحكى في « الكنز » أيضا(٤) ، عن أبي يعلى في « مسنده »(٥) ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : «آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين الناس وتركني ـ إلى أن قال : ـ قال : إنّما تركتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك ، فإن حاجّك أحد فقل : إنّي عبد الله وأخو رسوله ، لا يدّعيها أحد بعدك إلّا كذّاب ».

وحكى في « الكنز » أيضا نحوه(٦) ، عن ابن عديّ ، بسنده عن يعلى ابن مرّة.

وحكى فيه أيضا ، عن الطبراني ، عن ابن عبّاس : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : «أغضبت [ عليّ ] حين واخيت بين المهاجرين والأنصار ، ولم أواخ بينك وبين أحد منهم؟!

__________________

(١) ص ١٤ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٥ ـ ١٦ ح ٤٢٨٨ ]. منهقدس‌سره .

(٢) ص ٣٩٤ من الجزء السادس [ ١٣ / ١٢٠ ح ٣٦٣٨٤ ]. منهقدس‌سره .

(٣) لم نعثر عليه في « السنن » المطبوع!

(٤) ص ٣٩٩ من ج ٦ [ ١٣ / ١٤٠ ح ٣٦٤٤٠ ]. منهقدس‌سره .

(٥) لم نعثر عليه في « مسند أبي يعلى » المطبوع!

(٦) ص ٥٤ من ج ٦ [ ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٣٩ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : الكامل في ضعفاء الرجال ٥ / ٣٥ رقم ١٢٠٥.

١٢٧

أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي؟!

ألا من أحبّك حفّ بالأمن والإيمان ، ومن أبغضك أماته الله ميتة الجاهلية »(١) .

وحكى أيضا حديث المؤاخاة بين النبيّ وعليّ ، عن ابن عساكر ، عن أبي رافع ، عن أبي أمامة(٢) .

ونقل سبط ابن الجوزي في « تذكرة الخواصّ » ثلاث روايات في المؤاخاة ، عن أحمد في « الفضائل » ، كما هي عادته في النقل عنها ، وأثبت وثاقتها ، ونقل أيضا عن أحمد ما نقله المصنّفرحمه‌الله عن « الجمع بين الصحاح »(٣) .

وحكى في « ينابيع المودّة » ، في الباب التاسع ، عن ابن المغازلي ، أنّه أخرج ستّة أحاديث في المؤاخاة ، وعن أخطب خوارزم اثني(٤) عشر حديثا ، وعن الحمويني حديثين ، بأسانيدهم عن ابن عبّاس ، وابن عمر ، وحذيفة ، وأنس ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن أبي أوفى ، وأبي أمامة ، وغيرهم(٥) .

__________________

(١) كنز العمّال ١١ / ٦٠٧ ح ٣٢٩٣٥ ، وانظر : المعجم الأوسط ٨ / ٧٣ ـ ٧٤ ح ٧٨٩٤ ، المعجم الكبير ١١ / ٦٢ ـ ٦٣ ح ١١٠٩٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١١.

(٢) ص ٤٠٠ من ج ٦ [ ١٣ / ١٤٤ ح ٣٦٤٥٠ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : تاريخ دمشق ٤٢ / ٥١.

(٣) تذكرة الخواصّ : ٢٩ ـ ٣١.

(٤) في المصدر : « إحدى ».

(٥) ينابيع المودّة ١ / ١٧٩ ضمن ح ٥ ، وانظر : مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٨٨ ـ ٨٩ ح ٥٧ ـ ٦٠ وص ١٣٥ ح ١٥٤ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام

١٢٨

وقد مرّ في الآية الثالثة والعشرين الأحاديث في قول أمير المؤمنين : «أنا عبد الله وأخو رسوله »(١) .

ونقل في « كنز العمّال »(٢) ، عن العدني ، عن أبي يحيى ، قال : سمعت عليّا يقول : «أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يقولها أحد بعدي إلّا كاذب » ؛ فقالها رجل فأصابته جنّة

ويشهد لصحّة أخبار المؤاخاة بين المهاجرين ، ما رواه البخاري في باب « كيف يكتب : هذا ما صالح فلان بن فلان » ، من كتاب « الصلح »(٣) .

وفي باب « عمرة القضاء » ، من كتاب « المغازي » ، أنّه اختصم عليّ وجعفر وزيد بن حارثة في كفالة ابنة حمزة لمّا تبعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وتناولها عليّعليه‌السلام ؛ فقال عليّعليه‌السلام : أنا أخذتها ، وهي بنت عمّي.

وقال جعفر : هي ابنة عمّي ، وخالتها تحتي.

وقال زيد : ابنة أخي(٤) .

ومثله في « مستدرك » الحاكم(٥) .

إذ لا معنى لقول زيد : « ابنة أخي » ومنازعته لأمير المؤمنين وجعفر ،

__________________

_ للخوارزمي ـ : ١١١ ـ ١١٢ ح ١٢٠ و ١٢١ وص ١٤٠ ح ١٥٩ وص ١٤٤ ح ١٦٨ وص ١٥٢ ضمن ح ١٧٨ وص ١٥٧ ح ١٨٦ وص ٢٩٤ ح ٢٨٢ وص ٣٠١ ضمن ح ٢٩٦ وص ٣٤١ ح ٣٦١ وص ٣٤٤ ضمن ح ٣٦٤ وص ٣٥٩ ح ٣٧٢ ، فرائد السمطين ١ / ١١٢ ـ ١١٦ ح ٨٠ و ٨١.

(١) راجع : ج ٥ / ٩٧ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٢) ص ٣٩٦ من الجزء السادس [ ١٣ / ١٢٩ ح ٣٦٤١٠ ]. منهقدس‌سره .

(٣) صحيح البخاري ٤ / ٢٢ ح ٩.

(٤) صحيح البخاري ٥ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ح ٢٦٣.

(٥) ص ١٢٠ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٣٠ ح ٤٦١٤ ]. منهقدس‌سره .

١٢٩

وهما هما مع رحمهما الماسّة بابنة عمّهما لو لا المؤاخاة التي عقدها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بين حمزة وزيد ، وهما مهاجريّان(١) .

لكنّ ابن تيميّة أنكر المؤاخاة بين المهاجرين ، وبين النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين(٢) ، قال : لأنّ المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار لإرفاق بعضهم ببعض ، ولتأليف قلوب بعضهم ببعض ، فلا معنى لمؤاخاة مهاجريّ لمهاجريّ(٣) .

وفيه : إنّ الإرفاق والتأليف أيضا مطلوبان بين المهاجرين بعضهم مع بعض ، مع اشتمال المؤاخاة على حكم كثيرة أخر.

قال في « السيرة »(٤) : « قال الحافظ ابن حجر : وهذا ردّ للنصّ بالقياس ، وبعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة ، فآخى بين الأعلى والأدنى ، ليرتفق الأدنى بالأعلى ، وليستعين الأعلى بالأدنى.

ولهذا تظهر مؤاخاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام ؛ لأنّه كان هو الذي يقوم بأمره قبل البعثة(٥) .

وفي ( الصحيح ) ، في عمرة القضاء ، أنّ زيد بن حارثة قال : ( إنّ بنت حمزة بنت أخي ) ؛ أي بسبب المؤاخاة(٦) » ؛ انتهى.

__________________

(١) انظر : السيرة النبوية ـ لابن كثير ـ ٢ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٨١.

(٢) انظر : منهاج السنّة ٤ / ٣٢ ـ ٣٣ وج ٥ / ٧١ وج ٦ / ١٧٢ وج ٧ / ٢٧٩ و ٣٦١ و ٣٦٢.

(٣) كما في : السيرة النبوية ـ لابن كثير ـ ٢ / ٣٢٦ ولم يصرّح باسم ابن تيميّة ، فتح الباري ٧ / ٣٤٥ ب‍ ٥٠ ح ٣٩٣٧ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٨١ ـ ١٨٢.

(٤) ص ٢٢ من الجزء الثاني [ السيرة الحلبية ٢ / ١٨٢ ]. منهقدس‌سره .

(٥) فتح الباري ٧ / ٣٤٥ ب‍ ٥٠ ح ٣٩٣٧.

(٦) تقدّم تخريجه في الصفحة السابقة ه‍ ٤.

١٣٠

وهو كلام حسن ، سوى إنّ مؤاخاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ ليست للارتزاق ؛ لغنى عليّعليه‌السلام حينئذ بالغنائم وغيرها ، وبلوغه منزلة يعول بها ولا يعال به.

وإنّما الغرض من مؤاخاته لعليّ تعريف منزلته ، وبيان فضله على غيره ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، كما دلّ عليه بعض الأخبار(١) ؛ لأنّ ذلك أقرب إلى التعاون والتعاضد ، وأوجب للتأليف ، فيكون أمير المؤمنينعليه‌السلام هو النظير لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

كما جعلته آية المباهلة نفسه ؛ وذلك رمز لإمامته ؛ ولذا احتجّ به أمير المؤمنين يوم الشورى(٢) .

كما أشار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أيضا ـ إلى ذلك بقوله في كثير من هذه الأحاديث : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ».

وقوله :أنت أخي ووارثي ؛ فقال عليّ :وما أرث منك ؟ قال :ما ورّث الأنبياء قبلي ؛ قال :وما ورّثوا ؟ قال :كتاب الله وسنن أنبيائه ؛ كما سبق في الآية الثانية والثلاثين(٣) .

فإنّ عليّاعليه‌السلام إذا ورث مواريث الأنبياء كان من خلفائهم وإمام الأمّة ؛ إذ ليس الإمام إلّا من كان كذلك.

ويشهد لذلك وصف عليّعليه‌السلام بالأخوّة في عرض وصف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة ، في ما هو مكتوب على باب الجنّة ، كما في الخبر

__________________

(١) انظر علاوة على أحاديث المؤاخاة المتقدّمة : مطالب السؤول : ٨٧ ـ ٨٨ ، كفاية الطالب : ١٩٤ ، الرياض النضرة ٣ / ١٨٧ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٨.

(٢) انظر مبحث آية المباهلة في ج ٤ / ٣٩٩ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٣) انظر : ج ٥ / ١٤٣ وما بعدها من هذا الكتاب.

١٣١

الذي نقله المصنّفرحمه‌الله عن « الجمع بين الصحاح »(١) ، ونقلناه عن « تذكرة الخواصّ »(٢) ، ونقله في « كنز العمّال » عن الطبراني والخطيب(٣) ، وعن ابن عساكر(٤) ، بأسانيدهم عن جابر(٥) .

وأمّا مناظرة الفضل للحديث بأنّ أبا بكر خليل رسول الله ووزيره وقرينه ، فمن مقاومة حجّتنا عليهم بما ليس حجّة علينا.

والظاهر ، أنّه أشار بقوله : « خليل رسول الله » إلى ما رووه من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو كنت متّخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا »(٦) .

وأنت ترى أنّه نفي للخلّة(٧) لا إثبات لها.

نعم ، فيه خلّة فرضية لا تساوي الأخوّة الفعليّة ، مع أنّ الأخوّة فوق الخلّة.

وسيأتي إن شاء الله تعالى ما على هذا الخبر من دلائل أنّه من الموضوعات.

__________________

(١) انظر الصفحة ١٢٢ ـ ١٢٣ من هذا الجزء.

(٢) تذكرة الخواصّ : ٣٠ ، وانظر الصفحة ١٢٥ ه‍ ٤ من هذا الجزء.

(٣) ص ١٥٩ من الجزء السادس [ ١١ / ٦٢٤ ح ٣٣٠٤٣ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : المعجم الأوسط ٥ / ٥٠٤ ح ٥٤٩٨ ، المتّفق والمفترق ١ / ٤٩٨ ح ٢٦٠ ، تاريخ بغداد ٧ / ٣٨٧ رقم ٣٩١٩.

(٤) ص ٣٩٩ من هذا الجزء [ ١٣ / ١٣٨ ح ٣٦٤٣٥ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : تاريخ دمشق ٤٢ / ٥٩.

(٥) وانظر مبحث حديث المؤاخاة في : تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات ٣ / ٢٤٢ ـ ٢٤٩!

(٦) انظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٦٧ ـ ٥٦٨ ح ٣٦٥٩ و ٣٦٦٠ ، مسند أحمد ١ / ٣٧٧ و ٤٣٣.

(٧) الخلّة : الصداقة المختصّة التي ليس فيها خلل ؛ انظر : لسان العرب ٤ / ٢٠٢ مادّة « خلل ».

١٣٢

١٤ ـ حديث : إنّ عليّا منّي وأنا من عليّ

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

الرابع عشر : من مسند أحمد بن حنبل ، وفي الصحاح الستّة ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من عدّة طرق : «إنّ عليّا منّي وأنا من عليّ ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ، لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو عليّ »(٢) .

وفيه أيضا : لمّا قتل عليّ أصحاب الألوية يوم أحد قال جبرئيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ هذه [ لهي ](٣) المواساة.

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢١٨.

(٢) مسند أحمد ٤ / ١٦٤ و ١٦٥ و ٤٣٨ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٣٥ ح ١٠١٠ وص ٧٤٢ ح ١٠٢٣ ، صحيح البخاري ٤ / ٢٢ ح ٩ وج ٥ / ٨٧ « باب مناقب عليّ بن أبي طالب ، القرشيّ الهاشميّ ، أبي الحسن رضي الله عنه ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ : أنت منّي وأنا منك » ولم نجد في هذا الباب حديثا يدلّ على قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا! وص ٢٩٢ ذ ح ٢٦٣ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٩٤ ح ٣٧١٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٤ ح ١١٩ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٤٥ ح ٨١٤٦ ـ ٨١٤٧ وص ١٢٦ ح ٨٤٥٣ وص ١٢٨ ح ٨٤٥٩ وص ١٣٣ ح ٨٤٧٤ ، مسند الطيالسي : ١١١ ح ٨٢٩ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٥ ح ٨ وص ٥٠٤ ح ٥٨ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٥٠ ح ١١٨٧ وص ٥٥١ ح ١١٨٩ ، مسند أبي يعلى ١ / ٢٩٣ ح ٣٥٥ ، مسند الروياني ١ / ٦٢ ح ١١٩ ، المعجم الكبير ١٨ / ١٢٩ ح ٢٦٥ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٢ ح ٦٨٩٠ ، حلية الأولياء ٦ / ٢٩٤ رقم ٢٨٧ ، مناقب الإمام عليّ ٧ ـ لابن المغازلي ـ : ٢٠٥ ـ ٢١١ ح ٢٦٧ ـ ٢٧٦ ، مصابيح السنّة ٤ / ١٧٢ ح ٤٧٦٦ و ٤٧٦٨.

(٣) أثبتناه من « فضائل الصحابة ».

١٣٣

فقال : النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ عليّا منّي وأنا منه ».

فقال جبرئيل : وأنا منكما يا رسول الله(١) .

* * *

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٨١٦ ـ ٨١٧ ح ١١١٩ و ١١٢٠ ، المعجم الكبير ١ / ٣١٨ ح ٩٤١ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٥ ، الأغاني ١٥ / ١٨٧ ، ربيع الأبرار ١ / ٨٣٣ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٧٦ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٤٩ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٤ / ٢٥١ ، الرياض النضرة ٣ / ١٣١ عن أحمد ، ذخائر العقبى : ١٢٧ ، فرائد السمطين ١ / ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ح ١٩٨ ، مجمع الزوائد ٦ / ١١٤ و ١٢٢ ، كنز العمّال ١٣ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ح ٣٦٤٤٩.

١٣٤

وقال الفضل(١) :

إتّصال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعليّ في النسب ، وأخوّة الإسلام ، والنصرة ، والمؤازرة ، غير خفيّ على أحد ، ولا دلالة على النصّ بخلافته ؛ لأنّ مثل هذا الكلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لغير عليّ ، كما ذكر أنّه قال : « الأشعريّون إذا قحطوا أرملوا(٢) ، أنا منهم وهم منّي »(٣) .

ولا شكّ أنّ الأشعريّين بهذا الكلام لم يصيروا خلفاء ، فلا يكون هذا نصّا.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٤٣.

(٢) أرمل القوم : أي نفد زادهم ، وأصله من الرّمل كأنّهم لصقوا بالرّمل ، كما قيل للفقير : التّرب ؛ انظر : لسان العرب ٥ / ٣٢١ مادّة « رمل ».

(٣) صحيح البخاري ٣ / ٢٧٦ ح ٤ ، صحيح مسلم ٧ / ١٧١ كتاب الفضائل / باب فضائل الأشعريّين ، مختصر تاريخ دمشق ١٣ / ٢٤٠ رقم ٦٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٥٦ ح ٣٣٩٧٣.

١٣٥

وأقول :

روى البخاري والحاكم في « المستدرك » ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ : «أنت منّي وأنا منك »(١) ، وذلك في قصّة مخاصمة أمير المؤمنين وجعفر وزيد في ابنة حمزة ، كما أشرنا إليها في المبحث السابق(٢) .

وروى الحاكم في « المستدرك »(٣) ، عن عمران بن حصين ـ وصحّحه على شرط مسلم ـ ، قال عمران ما حاصله : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله استعمل عليّا على سريّة ، فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، فتعاقد أربعة أن يخبروا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبره أحدهم ، فأعرض عنه ، وكذلك الثاني والثالث.

ثمّ قام الرابع فأخبره ، فأقبل عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والغضب في وجهه فقال : «ما تريدون من عليّ؟! إنّ عليّا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن ».

ونحوه في « سنن الترمذي » ، في مناقب عليّعليه‌السلام (٤) .

وفي « مسند أحمد »(٥) و « كنز العمّال »(٦) ، نقلا عن ابن أبي شيبة ،

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ / ٢٢ ح ٩ وج ٥ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ح ٢٦٣ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٠ ح ٤٦١٤.

(٢) انظر الصفحة ١٢٥ من هذا الجزء.

(٣) ص ١١٠ من الجزء الثالث [ ٣ / ١١٩ ح ٤٥٧٩ ]. منهقدس‌سره .

(٤) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٠ ـ ٥٩١ ح ٣٧١٢.

(٥) ص ٤٣٧ من الجزء الرابع. منهقدس‌سره .

(٦) ص ١٥٤ من الجزء السادس [ ١١ / ٥٩٩ ح ٣٢٨٨٣ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : كنز العمّال ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٤٠ وج ١٣ / ١٤٢ ح ٣٦٤٤٤.

١٣٦

جميعا عن عمران(١) .

وفي رواية أخرى لأحمد(٢) ، ولابن أبي شيبة ، كما في « الكنز »(٣) ، كلاهما عن بريدة ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لا تقع في عليّ عليه‌السلام ، فإنّه منّي وأنا منه ، وهو وليّكم بعدي ».

وفي حديث آخر لابن أبي شيبة ، كما في « الكنز »(٤) ، عن عمران ، ـ وقال : صحيح ـ : «عليّ منّي وأنا من عليّ ، وعليّ وليّ كلّ مؤمن بعدي ».

وقد سبق في الحديث السادس أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «عليّ منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو عليّ »(٥) .

رواه أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة(٦) .

ودلالة الجميع على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ظاهرة ؛ لأنّ جعل كلّ من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّعليه‌السلام بعضا من الآخر دليل على اتّحادهما بالمزايا والفضل والإمامة.

كما يشهد له مضيّ فعل عليّعليه‌السلام في اصطفاء الجارية من السبي ، كما مرّ في رواية عمران وبريدة.

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٤٩ ـ ٧٥٠ ح ١٠٣٥ وص ٧٦٨ ح ١٠٦٠ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٤ ح ٥٨.

(٢) ص ٣٥٦ من الجزء الخامس. منهقدس‌سره .

(٣) في الصحيفة السابقة [ ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٤٢ ]. منهقدس‌سره .

(٤) في الصحيفة السابقة أيضا [ ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٤١ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٤ ذ ح ٥٨.

(٥) راجع الصفحة ٦٥ وما بعدها من هذا الجزء.

(٦) انظر : مسند أحمد ٤ / ١٦٤ و ١٦٥ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٩٤ ح ٣٧١٩ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٢٨ ح ٨٤٥٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٤ ح ١١٨.

١٣٧

وبهذا يعلم أنّه أراد الإمامة بقوله : «هو وليّ كلّ مؤمن » ؛ إذ لا يصلح إرادة غيرها في المقام.

وبالجملة ، قد دلّت هذه الروايات على صحّة اصطفاء أمير المؤمنين للجارية ، ومضيّ فعله ؛ لأنّه من رسول الله ورسول الله منه ، فيفهم منها أنّه إمام فعلا.

بل يفهم من مجرّد قوله : « هو منّي وأنا منه » ، أنّه بمنزلته فعلا ، فيكون إماما فعليّا.

ولا ينافيه التقييد بالبعديّة في بعض الأخبار المذكورة ؛ لأنّ المراد بها التأخّر في الرتبة ، والإشارة إلى قيامه بعده بتمام شؤون الإمامة ، كما سبق تحقيقه في الآية الأولى من الآيات التي استدلّ بها المصنّفرحمه‌الله على الإمامة(١) .

وأمّا معارضة الفضل بما ورد عندهم في شأن الأشعريّين ، ففي غير محلّها ؛ لأنّه من حديث المخالفين ، وهو ليس حجّة علينا

مع أنّه من رواية أبي موسى الأشعري ، وهو محلّ التهمة ، ومنافق ؛ لبغضه عليّا(٢) ، والمنافق أعظم الفاسقين ، فلا تقبل روايته لو صحّ السند

__________________

(١) راجع : ج ٤ / ٣٠٤ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٢) لا يخفى نفاق أبي موسى الأشعري وانحرافه وسوء مواقفه وبغضه لأمير المؤمنين الإمام عليّعليه‌السلام ، ومن سبر سيرته يعلم ذلك جليّا

فموقفه لمّا أتاه كتاب الإمام عليّ عليه‌السلام بيد محمّد بن أبي بكر ومحمّد بن جعفر ـ رضوان الله عليهما ـ ليجمع له أهل الكوفة لحرب الجمل ، فثبّطهم عن الخروج ، فأرسل له أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه‌السلام الإمام الحسن عليه‌السلام وعمّار بن ياسر رضي الله عنه إلى الكوفة ليستنهضا أهلها ، فماطلهما وخذّل الناس عن الاستجابة لهما ، حتّى أتى

١٣٨

إليه.

ولو سلّم قبولها ، فاستعمال التبعيض في حديث الأشعريّين ـ بغير الإمامة ، بقرينة المقام وغيره ـ لا يستلزم مثله في ما نحن فيه ، الذي عرفت ظهوره في الاتّحاد بالفضل والمنزلة ؛ ولذا اقتضى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قصّة براءة : «لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي » انعزال أبي بكر ، والحال أنّه ليس دون الأشعريّين عند القوم.

وممّا بيّنّا يعلم وجه الاستدلال بقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيل : « إنّ

__________________

_ مالك الأشتر رضي الله عنه وطرده. انظر حوادث سنة ٣٦ ه‍ في : تاريخ الطبري ٣ / ٢٥ وما بعدها ، الكامل في التاريخ ٣ / ١١٨ وما بعدها.

وما رواه سويد بن غفلة ، قال : سمعت أبا موسى الأشعري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « يكون في هذه الأمّة حكمين ضالّين ، ضالّ من اتّبعهما » فقلت : يا أبا موسى! انظر لا تكون أحدهما؟! قال : فو الله ما مات حتّى رأيته أحدهما. انظر : تاريخ دمشق ٣٢ / ٩٢.

وما روي عن شقيق ، قال : كنّا مع حذيفة جلوسا ، فدخل عبد الله [ أي : ابن مسعود ] وأبو موسى المسجد ، فقال : أحدهما منافق ؛ ثمّ قال : إنّ أشبه الناس هديا ودلّا وسمتا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عبد الله. انظر : تاريخ دمشق ٣٢ / ٩٣.

وهذا تلميح أبلغ من التصريح كما لا يخفى ؛ ومن الثابت أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر حذيفة رضي الله عنه بأسماء المنافقين. انظر مثلا : أسد الغابة ١ / ٤٦٨ رقم ١١١٣.

وما روي عن حكيّم ، قال : كنت جالسا مع عمّار فجاء أبو موسى ، فقال : ما لي ولك؟! قال : ألست أخاك؟! قال : ما أدري! إلّا أنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلعنك ليلة الجمل [ أي : ليلة العقبة ] ؛ قال : إنّه استغفر لي ؛ قال عمّار : قد شهدت اللعن ولم أشهد الاستغفار. انظر : تاريخ دمشق ٣٢ / ٩٣.

ولا يخفى دلالة هذا النصّ على أنّ أبا موسى الأشعري كان من النفر الّذين أرادوا قتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم العقبة.

ثمّ موقفه المشين يوم التحكيم في صفّين.

.. إلى غير ذلك من المواقف التي تؤكّد انحرافه عن الإمام عليّ عليه السلام وبغضه له ، فكان مصداقا لقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : « لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق ».

١٣٩

عليّا منّي وأنا منه » ؛ لدلالته على أنّه نفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فله منزلته وفضله ، وقد كرّم جبرئيل نفسه يجعلها بعضا منهما.

وقد روى هذا الحديث المصنّفرحمه‌الله عن « مسند أحمد » في ظاهر كلامه(١) .

وحكاه في « كنز العمّال »(٢) ، عن الطبراني ، عن رافع بن خديج.

ورواه الطبري في « تاريخه »(٣) ، وذكر فيه قتل عليّعليه‌السلام لأصحاب الألوية ، وتفريقه لمن أراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من جماعات المشركين ، وقتله لبعضهم.

ومثله في « كامل » ابن الأثير(٤) .

ونحوه في « شرح النهج » لابن أبي الحديد(٥) ، نقلا عن غلام ثعلب(٦) ، ومحمّد بن حبيب في « أماليه » ، وجماعة من المحدّثين ، وقال :

__________________

(١) راجع الصفحة ١٣٣ من هذا الجزء.

(٢) ص ٤٠٠ ج ٦ [ ١٣ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ح ٣٦٤٤٩ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : المعجم الكبير ١ / ٣١٨ ح ٩٤١.

(٣) ص ١٧ من الجزء الثالث [ ٢ / ٦٥ ]. منهقدس‌سره .

(٤) ص ٧٤ من الجزء الثاني [ ٢ / ٤٩ ]. منهقدس‌سره .

(٥) نحوه في آخر ص ٣٧١ من المجلّد الثالث [ ١٤ / ٢٥٠ ـ ٢٥١ ]. منهقدس‌سره .

(٦) هو : أبو عمر محمّد بن عبد الواحد بن أبي هاشم المطرّز الباوردي ، المعروف بالزاهد ، أحد أعلام اللغة المكثرين في التصنيف ، صحب أبا العبّاس ثعلبا النحوي زمانا حتّى لقّب ب‍ « غلام ثعلب » ، وكانت صنعته تطريز الثياب فنسب إليها.

كان نهاية في النصب والميل على الإمام عليّ عليه السلام ، مغاليا في حبّ معاوية! وصنّف جزءا في فضائله!! وكان إذا ورد عليه من يروم الأخذ عنه ألزمه بقراءة ذلك الجزء! ومن مصنّفاته : غريب القرآن ، غريب الحديث ، شرح الفصيح ، فائت الفصيح ، فائت العين ، فائت الجمهرة.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

و لا يروا مكانه و لا تناله أيديهم( ١) .

(بيان) النغف: دود يكون في أنوف الابل و الشاة و في النواة.

و روى الصدوق: ان رجلا قال للصادقعليه‌السلام : بلغنا أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال:

«أيما رجل ترك دينارين فهما كي بين عينيه». فقالعليه‌السلام : أولئك قوم كانوا أضيافا على النبي، فإذا أمسى قال لأصحابه: يا فلان اذهب فعش هذا، فإذا أصبح قال: يا فلان اذهب فغد هذا، فلم يكونوا يخافون أن يصبحوا بغير غداء و لا عشاء، فجمع رجل منهم دينارين، فقال النبي فيه هذه المقالة، و للرجل أن يأخذ ما يكفيه و يكفي عياله من السنة الى السنة( ٢) .

و روى (سنن أبي داود): أن رجلا سأل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن المباشرة للصائم، فرخص له، و أتاه آخر فنهاه، فاذا الذي رخص له شيخ، و الذي نهاه شاب( ٣) .

و في الفقيه عن خالد بياع القلانس قلت للصادقعليه‌السلام : رجل أتى أهله و عليه طواف النساء. قال: عليه بدنة، ثم جاءه آخر، فسأله، فقال: عليه بقرة، ثم جاءه آخر، فسأله، فقال: عليه شاة. فقلت له بعد ما قاموا: كيف قلت: عليه بدنة؟

قال: أنت موسر عليك بدنة، و على الوسط بقرة، و على الفقير شاة( ٤) .

و في (التهذيب) عنهعليه‌السلام ذكر أبو الخطاب فلعنه ثم قال: انه لم يكن يحفظ شيئا، حدثته أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غابت له الشمس في مكان كذا و كذا، و صلّى المغرب بالشجرة، و بينهما ستة أميال، فأخبرته بذلك

____________________

(١) المصدر السابق.

(٢) أخرجه الصدوق في معاني الأخبار: ١٥٢ ح ١.

(٣) سنن ابي داود ٢: ٣١٢ ح ٢٣٨٧.

(٤) الفقيه ٢: ٢٣١ ح ٧٥.

٢٨١

في السفر، فوضعه في الحضر( ١) .

و روى الصدوق ان رجلا سأل الصادقعليه‌السلام عمّا يحلّ من مال الابن.

فقال: قوته بغير سرف. فقال الرجل: فقول النبي: «انما أنت و مالك لأبيك» كيف؟ فقالعليه‌السلام : جاء رجل بأبيه الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و قال: ان أبي هذا قد ظلمني ميراثي من امي. فأخبره الأب أنّه قد أنفقه عليه و على نفسه. فقال له: أنت و مالك لأبيك، و لم يكن عند الرجل شي‏ء، أو كان النبي يحبس الأب بالابن( ٢) .

و قال الباقرعليه‌السلام : انما نهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن أكل لحوم الحمر من أجل ظهورها مخافة أن يفنوها، و ليست الحمير بحرام، قال تعالى: قل لا أجد فى ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه( ٣ ) الآية( ٤) .

«و كلام عام فيسمعه من لا يعرف ما عنى اللَّه سبحانه» كلمة «سبحانه» أخذتها (المصرية) عن (ابن أبي الحديد)، و ليست في (ابن ميثم)( ٥) .

«به و لا ما عنى رسول اللَّه» هكذا في (المصرية) و فيها سقط، و الأصل «به رسول اللَّه» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم)( ٦) .

«فيحمله السامع و يوجهه على غير معرفة بمعناه و ما قصد به و ما خرج من أجله» في (المروج): روى أبو مسعود البدري: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «لا يبقى على وجه الأرض بعد مائة أحد إلاّ مات»، و استفاضت روايته، فجزع الأكثر،

فأفضى ذلك الى عليعليه‌السلام ، فقال: صدق أبو مسعود فيما قاله و ذهب عنه

____________________

(١) التهذيب ٢: ٢٥٨ ح ٦٥.

(٢) أخرجه الصدوق في الفقيه ٣: ١٠٩ ح ٢.

(٣) الأنعام: ١٤٥.

(٤) أخرجه الصدوق في علل الشرائع ٢: ٥٦٣ ح ٢.

(٥) توجد الكلمة في شرح ابن أبي الحديد ١١: ٣٩ و شرح ابن ميثم ٤: ٢١.

(٦) كذا في شرح ابن ميثم ٤: ٢١، لكن في شرح ابن أبي الحديد ١١: ٣٩ مثل المصرية.

٢٨٢

المراد بذلك، و انما مراد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله انّه لا يبقى على وجه الأرض أحد بعد رأس مائة ممن رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلاّ مات( ١) .

و صدقعليه‌السلام ، فكان آخر من مات ممن رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أبا الطفيل الكناني مات سنة مائة، و كان يقول ما بقي على وجه الأرض عين تطرف ممن رأى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله غيري.

و في خبر آخر أنّهعليه‌السلام قال له لما روي ذلك: «أخطأت استك الحفرة،

و غلطت في أوّل ظنّك، انما عنى من حضره يومئذ، و هل الرخاء إلا بعد المائة( ٢) .

قلت: و الظاهر انّهعليه‌السلام أشار في قوله «و هل الرخاء إلا بعد المائة» الى تزلزل أمر بني امية الذين كان الناس منهم في غاية الشدّة، فبعد سنة مائة قام مبلغوا العباسيين و دعاتهم.

و روى (الكافي): أن الناس كانوا اذا مرت عليهم جنازة يقومون، سمعوا ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مرت عليه جنازة فقام، و كان الحسينعليه‌السلام يوما جالسا، فمرت جنازة، فقام الناس و لم يقمعليه‌السلام ، و قال: انما مرت جنازة يهودي على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقام لأنّه كره أن يعلو رأسه جنازة يهودي( ٣) .

و روت العامة أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مر على شاة مهزولة ميتة، فقال: «ما كان على أهلها إذ لم ينتفعوا بلحمها أن ينتفعوا باهابها»، فقالوا لروايتهم بطهارة اهاب الشاة الميتة، فقال الصادقعليه‌السلام : تلك الشاة المهزولة الميتة كانت شاة سودة بنت زمعة زوجته، فقال ما قال، و مراده بكلامه أنّهم لم لم يذكوها حتى

____________________

(١) رواه أحمد بطريقين في مسنده ١: ٩٣ و جمع آخر و لكن لم اظفر عليه في مروج الذهب.

(٢) رواه الاسكافي في النقض عنه شرح ابن أبي الحديد ٤: ٧٦ و أحمد في مسنده ١: ١٤٠، و الحاكم في المستدرك ٤:

٤٩٨.

(٣) الكافي ٣: ١٩٢ ح ٢.

٢٨٣

ينتفعوا بأهابها اذ كان لحمها لا ينتفع به لهزالها، و ليس مرادهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما توهموا( ١) .

و روى (سنن أبي داود) عن أبي بكرة: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: لا يقولن أحدكم اني صمت رمضان كلّه، قمته كلّه. و قال: لا أدري أكره التزكية، أو قال لا بد من نومة أو رقدة( ٢) .

و أقول: لم يردصلى‌الله‌عليه‌وآله واحدا مما قال، و انما أراد لا تقتصروا على قول «رمضان» بل قولوا «شهر رمضان»، لأن رمضان اسم من أسماء اللَّه تعالى كما نبّه على ذلك أهل بيتهعليهم‌السلام ( ٣) .

و روى (سنن أبي داود) عن غالب بن أبجر قال: أصابتنا سنة، فلم يكن في مالي شي‏ء أطعم أهلي، و قد كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حرم لحوم الحمر الأهلية،

فأتيت النبي و قلت له ذلك، فقال: اطعم أهلك من سمين حمرك، انما حرمتها من أجل جوال القرية يعني الجلاّلة( ٤) .

و روى (سنن أبي داود) في باب الصلاة بجمع عن عمر: كان أهل الجاهلية لا يفيضون حتى يروا الشمس على ثبير، فخالفهم النبي، فدفع قبل طلوع الشمس( ٥) .

قلت: سمع أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خالف أهل الجاهلية في الافاضة و لم يعرف مرادهصلى‌الله‌عليه‌وآله . روى الصدوق و الشيخ عن معاوية بن عمار عن الصادقعليه‌السلام

____________________

(١) رواه الكليني في الكافي ٦: ٢٥٩ ح ٧، و الطوسي في التهذيب ٩: ٧٩ ح ٧٠.

(٢) سنن أبي داود ٢: ٣١٩ ح ٢٤١٥.

(٣) روى هذا الكليني في الكافي ٤: ٦٩ ح ٢، و الصدوق في الفقيه ٢: ١١٢ ح ١١، و معاني الأخبار: ٣١٥ ح ١ عن الباقرعليه‌السلام و رواه الصدوق في فضائل الأشهر الثلاثة: ٩٨ ح ٨٤ عن الرضاعليه‌السلام .

(٤) سنن أبي داود ٣: ٣٥٦ ح ٣٨٠٩.

(٥) سنن أبي داود ٢: ١٩٤ ح ١٩٣٨.

٢٨٤

قال: كان أهل الجاهلية يقولون اشرق ثبير كيما نغير، و انما أفاض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خلاف أهل الجاهلية، كانوا يفيضون بايجاف الخيل و ايضاع الابل، فأفاض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خلاف ذلك بالسكينة و الوقار و الدعة( ١) .

و انما في بعض الأخبار أفضلية الافاضة قبل الطلوع بقليل إذا لم يجز وادي محسر، و ان لم يعمل به إلا بعض اصحابنا و قد اجمعوا على الجواز بعده( ٢) .

فإن قيل: أي ربط لنقل فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مع قول أهل الجاهلية؟ قلت: انما ربطه انهم قالوا «كيما نغير» أي: نسرع في السير بالايجاف و الايضاع،

فخالفهم النبي في ذلك لا في انتظار اشراق ثبير بالشمس كما توهمه عمر.

و عنون (ميزان الذهبي) لسعدة بن اليسع و قال: روى عن جعفر عن أبيه ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كسا عليّاعليه‌السلام بردة يقال لها «السحاب»، فأقبل و هي عليه، فقال النبي: هذا علي قد أقبل في السحاب. قال جعفر: فحرفها هؤلاء و قالوا علي في السحاب.

و قيل للصادقعليه‌السلام : ان العامة رووا ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ان العرش اهتز لموت سعد بن معاذ. فقالعليه‌السلام : أراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالعرش السرير الذي كان عليه( ٣) .

و قيل للصادقعليه‌السلام : ان العامة رووا ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: «حدّث عن بني اسرائيل و لا حرج». قالعليه‌السلام : نعم. قيل فنتحدث بما نسمع و لا حرج علينا؟

فقال: لا كيف و قد قالوا: «كفى بالمرء كذبا أن يحدّث بكل ما سمع»، و انما مراد

____________________

(١) أخرجه الصدوق في العلل ١: ٤٤٤ ح ١، و الطوسي في التهذيب ٥: ١٩٢ ح ١٤.

(٢) راجع وسائل الشيعة ١٠: ٤٧ ٥٢ الأبواب ١٥ ١٧، و المختلف: ٣٠٠.

(٣) أخرجه الصدوق في معاني الأخبار: ٣٨٨ ح ٢٥.

٢٨٥

النبي أن ما حكى القرآن انّه كان في بني إسرائيل فحدّث انه كان في هذه الامة و لا حرج( ١) .

قلت: و صدقعليه‌السلام ، ففي الأخبار المستفيضة ان بني اسرائيل لو كانوا دخلوا جحر ضب لدخلته هذه الامة( ٢ ) ، و بنو اسرائيل افتتنوا بعد غيبة موسى،

و عبدوا العجل، و أرادوا قتل خليفته هارون، فلا بد بمقتضى تلك الأخبار المتواترة و ذاك الخبر وقوع مثله في هذه الامة بعده، و الى ذلك أشار أمير المؤمنينعليه‌السلام لما جاؤوا به لبيعة أبي بكر و هددوه بالقتل، فلاذعليه‌السلام بقبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و قال: يا ابن أمّ ان القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني، كما روى ذلك ابن قتيبة في خلفائه( ٣) .

و نظيره ما رواه (الكافي) عن محمد بن مارد قال: قلت لأبي عبد اللَّهعليه‌السلام :

حديث روي لنا انك قلت: «اذا عرفت فاعمل ما شئت». فقال: قد قلت ذلك. قلت:

و ان زنوا، أو سرقوا، أو شربوا الخمر. فقال لي: انا للَّه و إنّا إليه راجعون، و اللَّه ما أنصفونا أن نكون أخذنا بالعمل، و وضع عنهم. انما قلت اذا عرفت فاعمل ما شئت من قليل الخير أو كثيره، فإنّه يقبل منك( ٤) .

و قال عباد بن صهيب للصادقعليه‌السلام : أنتم أفضل أم أبو ذر و قد قال النبي فيه «ما أظلّت الخضراء و لا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر»؟

فقالعليه‌السلام : ان أبا ذر كان في قوم من الصحابة، فتذاكروا فضائل الامة، فقال أبو ذر: أفضلهم علي بن أبي طالب صدّيقهم، و فاروقهم، و هو قسيم الجنة

____________________

(١) أخرجه الصدوق في معاني الأخبار: ١٥٨ ح ١.

(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ٤: ٢٦٤، و مسلم في صحيحه ٤: ٢٠٥٤ ح ٦، و ابن ماجة في سننه ٢: ١٣٢٣ ح ٣٩٩٤ و غيرهم.

(٣) الامامة و السياسة ١: ١٣.

(٤) الكافي ٢: ٤٦٤ ح ٥.

٢٨٦

و النار، و حجة اللَّه على الامة، فما بقي أحد منهم إلا أعرض عنه بوجهه، و أنكر على أبي ذر قوله و كذّبه، فذهب أبو امامة الباهلي من بينهم الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

فأخبره بقول أبي ذر، و اعراضهم عنه، و تكذيبهم له، فقال النبي: ما أظلّت الخضراء و لا أقلّت الغبراء يعني منكم يا ابا امامة على ذي لهجة أصدق من أبي ذر.

و قالعليه‌السلام لعباد: نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد، كما ان شهر رمضان لا يقاس به شهر، و ان كان من الأربعة الحرم أي: شهر غيره فان فيه ليلة العمل فيها أفضل من ألف شهر( ١) .

قلت: و صدقعليه‌السلام ، الخبر لا يستفاد منه أفضلية أبي ذر من أهل بيتهعليهم‌السلام ، حيث انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال بالإضافة الى خصمائه من الصحابة، و انما يستفاد منه حقيقة أمر خلفائهم، فلما قال أبو ذر لعثمان و هو ابن عفان بن أبي العاص اني سمعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: «اذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلا اتخذوا مال اللَّه دولا، و عباده خولا، و دينه دغلا» و كذّبه عثمان، صدقه أمير المؤمنينعليه‌السلام بالحديث المتفق عليه من النبي فيه: «ما أظلت الخضراء» الخبر( ٢) .

و روى سنن ابي داود عن أبي مرة مولى ام هاني انّه دخل مع عبد اللَّه بن عمرو بن العاص على أبيه، فقرب اليهما طعاما، فقال: اني صائم. فقال: كل فهذه الأيام التي كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يأمرنا بافطارها، و ينهانا عن صيامها، قال مالك: و هي أيام التشريق( ٣ ) . قلت: انما نهىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن صيام تلك الأيام لمن كان

____________________

(١) أخرجه الصدوق في علل الشرائع ١: ١٧٧ ح ٢، و النقل بتصرف في العبارة.

(٢) الحديثان مشهوران و القصة رواها الواقدي كما في شرح ابن أبي الحديد ٨: ٢٥٨.

(٣) سنن أبي داود ٢: ٣٢٠ ح ٢٤١٨.

٢٨٧

بمنى، لا لمن كان في سائر الأمصار.

و قال ابراهيم بن هاشم القمي: قالت امرأة لأبي عبد اللَّهعليه‌السلام : اني كنت أقعد في نفاسي عشرين يوما حتى أفتوني بثمانية عشر. فقالعليه‌السلام لم أفتوك بثمانية عشر يوما؟ فقال رجل: للحديث الذي روى ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لأسماء بنت عميس حين نفست بمحمد بن أبي بكر ذلك. فقال: ان أسماء سألت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و قد أتى بها ثمانية عشر يوما، و لو سألته قبل ذلك لأمرها أن تغتسل، و تفعل ما تفعله المستحاضة( ١) .

قلت: و مرادهعليه‌السلام بعد العشرة.

و قد لا يتدبر السامع في السؤال فلا يفهم الجواب. روى الشيخ عن أبي بصير أن رجلا سأل الصادقعليه‌السلام عن التكبير على الجنائز، فقال: خمس تكبيرات، ثم دخل آخر، فسأله عن الصلاة على الجنائز، فقال: أربع صلوات،

فقال الأوّل لهعليه‌السلام : سألتك فقلت خمسا، و سألك هذا فقلت أربعا. فقالعليه‌السلام : انّك سألتني عن التكبير، و سألني هذا عن الصلاة( ٢) .

و مرادهعليه‌السلام بالصلاة الدعاء، فبين الخمس تكبيرات أربعة أدعية.

و نظير توجيه السامع كلام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله على غير معرفة بمعناه، و ما قصد به، و ما خرج من أهله، توجيه السامع كلام الامام كذلك، فروى الشيخ عن الصفار عن العبيدي عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن الصادقعليه‌السلام قلت له: رجل قطع بعض لسان انسان، فأفصح ببعض، و لم يفصح ببعض.

قال: يقرأ المعجم، فما أفصح به طرح من الدية، و ما لم يفصح به لزم الدية. قلت:

كيف هو؟ قال: على حساب الجمل ألف ديته واحد، و الباء اثنان، و الجيم ثلاثة،

____________________

(١) رواه الشيخ الحر في وسائل الشيعة ٢: ٦١٤ ح ١١، و المسؤول عنه الباقرعليه‌السلام .

(٢) أخرجه الطوسي في التهذيب ٣: ٣١٨ ح ١٢، و الاستبصار ١: ٤٧٦ ح ١١.

٢٨٨

و الدال أربعة، و الهاء خمسة، و الواو ستة، و الزاي سبعة، و الحاء ثمانية، و الطاء تسعة، و الياء عشرة، و الكاف عشرون، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون،

و النون خمسون، و السين ستون، و العين سبعون، و الفاء ثمانون، و الصاد تسعون، و القاف مائة، و الراء مائتان، و الشين ثلاثمائة، و التاء أربعمائة و كلّ حرف تزيد بعد هذا من «الف ب ت ث» زدت له مائة درهم.

ثم قال: ما تضمن الخبر من الحساب يشبه ان يكون من كلام بعض الرواة من حيث سمعوا انّه قال «يفرق ذلك على حروف الجمل» ظنوا انّه على ما يتعارفه الحسّاب من ذلك، و لم يكن القصد ذلك، و انما كان القصد أن يقسم على الحروف كلها أجزاء متساوية، و يجعل لكلّ حرف جزء من جملتها( ١) .

و نظيره قول الصادقعليه‌السلام : «الام و البنت سواء»، و مراده انّه اذا ملك امرأة و بنتها، فله وطي أيهما شاء، فتحرم الاخرى.

و الشاهد على ان مرادهعليه‌السلام ذلك ان أحمد بن محمد بن عيسى رواه في نوادره في باب الجمع بين الام و البنت في الملك، و توهم الشيخ أو مشايخ قبله غير ذلك، فرواه الشيخ و قال: يعني اذا تزوج المرأة، ثم طلقها قبل أن يدخل بها،

فانه ان شاء تزوج امها، و ان شاء ابنتها، و هو شاذ الخ( ٢) .

و على ما عرفت فليس بشاذ.

و روى الكشي عن الرضاعليه‌السلام قيل له: ان ابن بكير روى ان الصادقعليه‌السلام سئل أيام خروج محمد بن عبد اللَّه عن الخروج، فقال: اسكنوا ما سكنت السماء و الأرض. فقال: ابن بكير اذا كان هكذا فما من خروج و ما من قائم. فقالعليه‌السلام :

____________________

(١) أخرجه الطوسي في التهذيب ١٠: ٢٦٣ ح ٧٦، و الاستبصار ٤: ٢٩٣ ح ٦.

(٢) الحديث أخرجه أحمد بن محمد بن عيسى في النوادر: ٩٩ و ١٠٠ ح ٢٣٩ و ٢٤١ في باب «الرجل تموت امرأته أو يطلقها قبل أن يدخل بها فيتزوج امها أو ابنتها» و ما ذكره الشارح في نقد الحديث مقتبس من كلام الشيخ الحر في الوسائل ١٤: ٣٥٦.

٢٨٩

انما قال الصادق اسكنوا ما سكنت السماء من النداء، و الأرض في الخسف بالجيش، و ليس على ما تأوله ابن بكير( ١) .

و في الكافي في باب صومهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد روايته عن سماعة و عن الحلبي عن الصادقعليه‌السلام انّهصلى‌الله‌عليه‌وآله صام شعبان، فأما الذي جاء في صوم شعبان انه سئلعليه‌السلام عنه فقال: ما صامه النبي و لا أحد من آبائي. قال ذلك لأن قوما قالوا ان صيامه فرض مثل شهر رمضان و ان الكفارة في افطاره كالكفارة في افطار شهر رمضان، أي: ما صاموه فرضا تكذيبا لهم( ٢) .

هذا، و قد يحمل فعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله على غير مراده، ففي سنن أبي داود مسندا عن عائشة قالت: ما سبح النبي سبحة الضحى قط، و اني لأسبّحها، و ان كان النبي ليدع العمل و هو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم( ٣) .

فان ما قالته مغالطة، فانهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يداوم على المسنونات لئلا يظن كونها فرائض، و اما عدم فعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله لصلاة مخصوصة أبدا، كما أقرت به، فدليل على عدم مشروعيتها، لا عدم وجوبها. ٢ «و ليس كلّ أصحاب رسول اللَّه من» هكذا في (المصرية) و كلمة «من» زائدة، فليست في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٤) .

«كان يسأله و يستفهمه حتى ان كانوا ليحبون ان يجي‏ء الاعرابي و الطارئ» هكذا في (المصرية) و الصواب: «أو الطارئ» كما في (ابن أبي الحديد و ابن

____________________

(١) رواه عن طريق الكشي أبو علي الطوسي في أماليه ٢: ٢٦ جزء ١٤ و رواه أيضا الصدوق في معاني الأخبار: ٢٦٦ ح ١.

(٢) الكافي ٤: ٩٠ و ٩١.

(٣) سنن أبي داود ٢: ٢٨ ح ١٢٩٣.

(٤) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١١: ٣٩ لكن في شرح ابن ميثم ٤: ٢١ مثل المصرية.

٢٩٠

ميثم و الخطية)( ١ ) . و في (القاموس): «طرا طروا»: اتى من مكان بعيد( ٢ ) ، و في الجمهرة: «طرأت على القوم» إذا قدمت عليهم أو نزلت بهم و هم لا يعلمون فانا طارئ.

«فيسأله حتى يسمعوا» رووا ان عمر خطب الناس فقال: اني لعلّي أنهاكم عن أشياء تصلح لكم، و آمركم بأشياء لا تصلح لكم، و ان من آخر القرآن نزولا آية الربا، و انه قد مات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و لم يبيّنها لنا( ٣) .

قلت: فإذا كان اعترف بأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يبين له آية الربا، و لا يدري الصلاح و الفساد فيما يأمر و يزجر، فلم منع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الوصيّة و قال يكفينا كتاب اللَّه، و قد اعترف أيضا بعدم تبين ما قاله تعالى في القرآن انّه بينه من قوله في آخر سورة النساء: يستفتونك قل اللَّه يفتيكم في الكلالة الى يبيّن اللَّه لكم أن تضلوا و اللَّه بكلّ شي‏ء عليم( ٤) .

بل لم يعرف لفظ القرآن فضلا عن معناه، فروى الثعلبي في تفسيره في قوله تعالى: و السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار و الذين اتبعوهم بإحسان( ٥ ) يروى ان عمر بن الخطاب قرأ «و الأنصار» برفع الراء، و قرأ «الذين» بغير واو، فقال له ابي بن كعب انما هو «و الأنصار و الذين» بالواو فعاودوه مرارا، فقال أبي: و اللَّه لقد قرأتها على النبي «و الذين اتبعوهم باحسان»، و انك يومئذ تبيع القرص ببقيع الغرقد. فقال: صدقت حفظتم

____________________

(١) لفظ شرح ابن أبي الحديد ١١: ٣٩، و شرح ابن ميثم ٤: ٢١ مثل المصرية.

(٢) القاموس المحيط ٤: ٣٥٦، مادة (طرا).

(٣) أخرجه ابن ماجة في سننه ٢: ٧٦٤ ح ٢٢٧٦، و أحمد في مسنده ١: ٣٦ و ٤٩.

(٤) النساء: ١٧٦.

(٥) التوبة: ١٠٠.

٢٩١

و نسينا، و تفرغتم و شغلنا، و شهدتم و غبنا. ثم قال عمر لابي: أفيهم الأنصار؟

قال: نعم و لم يستأمر الخطاب و لا ابنه. فقال عمر: كنت أظن انا قد رفعنا درجة لا يبلغها أحد بعدنا( ١) .

و كيف قال «يكفينا كتاب اللَّه و الرجل يهجر»، و كان كثيرا ما يسأل باقي الصحابة عمّا قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففي الجمع بين الصحيحين قال أبو أوفى:

سألني عمر بن الخطاب عمّا قرأ به النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم العيد، فقلت: اقتربت الساعة، و ق و القرآن المجيد( ٢) .

و في (تاريخ بغداد): سأل عمر الناس بمنى عن الدية، فقال الضحاك بن سفيان: كتب الي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها( ٣) .

و في (الجمع بين الصحيحين) في مسند أبي سعيد الخدري ان أبا موسى استأذن عليه عمر ثلاثا فلم يأذن له، فقال له عمر: فما حملك على ما صنعت؟ قال: كنّا نؤمر بهذا. قال: لتقيمن على هذا بينة أو لأفعلن. فشهد له أبو سعيد الخدري بذلك عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال عمر: خفي هذا عليّ من أمر النبي،

ألهاني عنه الصفق بالأسواق( ٤) .

و رووا ان عمر خرج الى الشام حتى اذا كان ببعض الطريق لقيه امراء الأجناد، فأخبروه ان الوباء قد وقع بالشام، فقال لابن عباس: ادع لي

____________________

(١) رواه عن الثعلبي ابن طاووس في عين العبرة: ١٧ و عن جمع آخر السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٦٩.

(٢) نقله عن الجمع بين الصحيحين ابن طاووس في الطرائف ٢: ٤٧٥، و الحديث أخرجه مسلم في صحيحه ٢: ٦٠٧ ح ١٤ و ١٥ و المسؤول عنه أبو واقد الليثي و يعني بالسورتين القمر و ق.

(٣)

(٤) نقله عن الجمع بين الصحيحين ابن طاووس في الطرائف ٢: ٤٧٦، و الحديث أخرجه البخاري في صحيحه ٤: ٨٨،

و منسلم في صحيحه ٣: ١٦٩٤ و ١٦٩٥ ح ٣٣ ٣٥، عن أبي سعيد لكن لفظ ابن طاووس الى حديث عبيد بن عمير عن أبي موسى الذي أخرجه مسلم في صحيحه ٣: ١٩٦٥ ح ٣٦ أقرب من حديث ابي سعيد.

٢٩٢

المهاجرين، فدعاهم، فسألهم، فاختلفوا، فجاء عبد الرحمن بن عوف، فقال: اني سمعت من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله اذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، و إذا وقع بأرض و أنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا منه( ١) .

«و كان لا يمر بي من ذلك شي‏ء إلا سألت عنه و حفظته» قال الشاعر:

أتاك المرجفون برجم غيب

و جئتك بعد بالأمر المبين

صحيح ما اقول بفضل خبر

و لا أقضي‏بمشتبه الظنون

فمن يك قد أتاك بزور قول

فإني قد أتيتك باليقين

و كيف لا و قد قال تعالى فيه: و تعيها اذن واعية( ٢ ) و قال النبي: أنا مدينة العلم و علي بابها( ٣ ) ، و ان عنده علم ظاهر القرآن و باطنه( ٤ ) ، و لما قالعليه‌السلام أعلم كلّ آية نزلت في قريش، قيل له: فما آيتك؟ قال: قوله تعالى:

أفمن كان على بيّنة من ربه و يتلوه شاهد منه( ٥ ) فالنبي على بيّنة و أنا شاهد منه( ٦) .

و قال ابن أبي الحديد: كانعليه‌السلام مخصوصا من دون الصحابة بخلوات كان يخلو بها مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يطّلع الناس على ما يدور بينهما، و كان كثير السؤال للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن معاني القرآن و معاني كلامه، و إذا لم يسأل ابتدأه النبي بالتعليم و التثقيف، و لم يكن أحد من أصحاب النبي كذلك، بل كانوا أقساما،

____________________

(١) رواه ابن أبي الحديد في شرحه ١٢: ٧٧.

(٢) الحاقة: ١٢.

(٣) أخرجه جمع منهم الحاكم في المستدرك ٣: ١٢٦ و ١٢٧ و الكلابي في مسنده كما في منتخبه: ٤٢٦ ح ٢.

(٤) رواه الكنجي في كفاية الطالب: ٢٩٢ عن ابن مسعود موقوفا.

(٥) هود: ١٧.

(٦) رواه ابن المغازلي في مناقبه: ٢٧٠ ح ٣١٨، و ابن أبي حاتم و ابن مردويه و أبو نعيم في المعرفة عنهم الدر المنثور ٣:

٣٢٤.

٢٩٣

منهم من يهابه أن يسأله، و هم الذين كانوا يحبون ان يجي‏ء الاعرابي أو الطارئ، فيسأله و هم يسمعون، و منهم من كان بليدا بعيد الفهم قليل الهمّة في النظر و البحث، و منهم من كان مشغولا عن طلب العلم و المعاني بعبادة أو دنيا، و منهم المقلّد الذي يرى أن فرضه السكوت و ترك السؤال، و منهم المبغض الشانئ الذي ليس للدين عنده من الموقع ما يضيع وقته بالسؤال عن دقائقه و غوامضه، و انضاف الى الأمر الخاص بعليّعليه‌السلام ذكاؤه و فطنته،

و طهارة طينته و اشراق نفسه وضوؤها، و اذا كان المحل قابلا متهيئا، و كان الفاعل مؤثرا موجودا، و الموانع مرتفعة حصل الأثر على أتم ما يمكن، فلذلك كان علي كما قال الحسن البصري ربانيّ هذه الامة و ذا فضلها، و لذا تسميه الفلاسفة امام الأئمة و حكيم العرب( ١) .

قلت: و من الخلوات التي قال خلوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله معهعليه‌السلام يوم الطائف،

فأغضب الرجلين و غيرهما من نظرائهما. روى الترمذي مسندا عن جابر قال:

دعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عليّا يوم الطائف فانتجاه طويلا، فقال الناس: لقد طال نجواه مع ابن عمه، فبلغ ذلك النبي فقال: ما انتجيته و لكن اللَّه انتجاه. قال الترمذي:

معناه ان اللَّه أمرني أن أنتجي معه( ٢) .

و كان هذا حال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله معهعليه‌السلام الى حين وفاته. روى أحمد ابن حنبل مسندا عن ام سلمة قالت: و الذي يحلف به ان كان علي ابن ابي طالبعليه‌السلام لأقرب الناس عهدا بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مرض النبي مرض موته، فلما كان اليوم الذي قبض فيه دعا عليا، فناجاه طويلا و سارّه كثيرا ثم قبض( ٣) .

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١١: ٤٨.

(٢) سنن الترمذي ٥: ٦٣٩ ح ٣٧٢٦.

(٣) مسند أحمد ٦: ٣٠٠ و النقل بتصرف في اللفظ.

٢٩٤

ثم انه لم يذكر ان ائمته من أي قسم من الصحابة، فان أو لهم آسى حين احتضاره كما في الخلفاء على امور، منها انه ليت سأل النبي عن ميراث بنت الأخ و العمة، فإن في نفسه من ذاك شيئا( ١ ) ، و لم يكونوا ممن يهابوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ان يسألوه، فلما توفي عبد اللَّه بن ابي و سأل ابنه النبيّ أن يصلّى عليه، فتقدّم للصلاة، جاء الثاني، فجذبه من خلفه و قال له كما رووا ألم ينهك اللَّه أن تصلّي على المنافقين؟ فقال النبي له: اني خيّرت فاخترت( ٢) .

و من المضحك انهم قالوا ان عمر قال للنبي: ألم ينهك اللَّه عن الصلاة على المنافقين، ثم قالوا: أنزل اللَّه تعالى تصديقا لعمر و لا تصلّ على أحد منهم( ٣) .

و لم يكونوا من قسم المقلدة الذين يرون فرضهم السكوت و ترك السؤال، فاعترض الثاني على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في قبوله صلح الحديبية، مع تصريح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنه صلاح رآه اللَّه تعالى بكونه دنية في الدين( ٤) .

و كيف كانوا من ذاك القسم و كانوا يجتهدون في مقابل اللَّه تعالى، فقال الثاني: متعتان كانتا على عهد رسول اللَّه، و أنا أنهى عنهما، و اعاقب عليهما( ٥) .

فبقي ان يكونوا داخلين في الأقسام الباقية، اما من البليدين فقال تعالى:

و فاكهة و أبا. متاعا لكم و لأنعامكم( ٦ ) فلم يفهم الأول المراد من الابّ، مع

____________________

(١) رواه ابن قتيبة في الامامة و السياسة ١: ١٨، و الطبري في تاريخه ٢: ٦١٩، سنة ١٣، و الجوهري في السقيفة: ٣٩ و غيرهم.

(٢) رواه مسلم في صحيحه ٤: ٢١٤١ ح ٣ و ٤.

(٣) التوبة: ٨٤.

(٤) أخرجه البخاري في صحيحه ٢: ٢٠٥، و مسلم في صحيحه ٣: ١٤١١ ح ٩٤.

(٥) رواه ابو صالح كاتب الليث و الطحاوي عنهما منتخب كنز العمال ٦: ٤٠٤ و غيرهما.

(٦) عبس: ٣٢.

٢٩٥

قوله تعالى بأنّه متاع لأنعامهم( ١ ) ، و لما شكت امرأة زوجها الى الثاني لم يفهم مرادها، حتى دله كعب بن سور القاضي( ٢ ) ، و أعطى الهرمزان الأمان، و لم يشعر حتى ذكر ذلك له أنس و غيره( ٣ ) ، و أما من المشغولين بطلب الدنيا فمرة أنه قال لابي «تفرغتم و شغلنا»( ٤ ) ، و قال لأبي سعيد الخدري «خفي هذا علي من أمر النبي ألهاني عنه الصفق بالأسواق»( ٥ ) ، الا انهم لم يكونوا من المبغضين بالوصف الذي ذكر من عدم حضورهم لصرف وقتهم بسؤال الدين، لأنّهم كانوا من الأول ممّن يحب الرئاسة على المسلمين.

هذا، و السؤال واجب. و في بديع ابن المعتز عنهعليه‌السلام : «العلم قفل مفتاحه السؤال» «فهذه» الامور التي ذكرت «وجوه ما عليه الناس في اختلافهم» في أحاديثهم «و عللهم» أي: عيوبهم «في رواياتهم» من كذب بعضهم متعمدا، و وهم بعضهم لا قصدا، و عدم فهم بعضهم المراد بلادة.

هذا، و أما اختلاف أحاديث الشيعة فيزاد فيها على العلل الثلاث التقية،

فروى العيون عن الرضاعليه‌السلام في خبر أنا لم نرخص فيما لم يرخص فيه رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و لا نأمر بخلاف ما أمر به رسول اللَّه، إلاّ لعلّة خوف ضرورة الخبر( ٦) .

____________________

(١) رواه ابو عبيد في فضائله و عبد بن حميد في مسنده عنهما الدر المنثور ٦: ٣١٧، و الجاحظ في كتاب الفتيا و الثعلبي في تفسيره عنهما مناقب السروي ٢: ٣٥٧.

(٢) رواه ابن عبد البر في الاستيعاب ٣: ٣٠٣ و ٣٠٥ و ابن أبي شيبة في المصنف و الزبير بن بكار في المؤفقيات و ابن دريد في الأخبار المنشورة عنهم الاصابة ٣: ٣١٥.

(٣) رواه الطبري في تاريخه ٣: ١٨٣، سنة ١٧، و البلاذري في فتوح البلدان: ٣٧٤، و الثقفي و ابن أبي شيبة و علي بن حجر عنهم الاصابة ٣: ٦١٨.

(٤) رواه ابن طاووس في عين العبرة: ١٧، عن الثعلبي و السيوطي في الدر المنثور ٣: ٢٦٩ عن جمع.

(٥) رواه مسلم في صحيحه ٣: ١٦٩٥ ح ٣٦.

(٦) عيون الأخبار الصدوق ٢: ١٩ ح ٤٥.

٢٩٦

و لذا قالوا في الجمع بين الحديثين المختلفين بالأخذ بالحديث المخالف للعامة، و روى العلل عن الصادقعليه‌السلام قال: أتدري لم أمرتم بالأخذ بخلاف ما تقوله العامة؟ ان عليّاعليه‌السلام لم يكن يدين اللَّه بدين إلا خالف عليه الامة الى غيره إرادة لإبطال أمره، و كانوا يسألونه عن الشي‏ء الذي لا يعلمونه، فإذا أفتاهم جعلوا له ضدا من عندهم ليلتبسوا على الناس( ١) .

و من علل الحديث ان لا ينقل صدر الحديث أو ذيله الدالاّن على المراد، فيحمل على غير ما اريد به، فالكلام لا يصحّ الاستناد اليه إلا بعد تمامه، فلو لم يراع ذلك يكون نظير ما قالوا ان المخبل السعدي و الزبرقان بن بدر توافقا للمهاجاة، و اجتمع الناس عليهما، فابتدأ المخبل،

فقال:

نبئت ان الزبرقان يسبني

سفها و يكره ذو الخرير خصالي

الى أن أراد انشاده:

و أبوك بدر كان مشترط الخصى

و أبي الجواد ربيعة بن قبال

فلما بلغ الى قوله «و أبي» انقطع عليه كلامه اما بشرق أو انقطاع نفس،

فما علم الناس ما يريد أن يقوله بعد قوله «و أبي»، فسبقه الزبرقان قبل أن يتم و يبين، فقال: صدقت و ما في ذاك ان كان شيخانا قد اشتركا في صنعه، فغلبه الزبرقان، و ضحكوا من قوله، و تفرقوا و انقطع بالمخبل قوله، فترى جعل «و أبي» لعدم تمام الكلام عطفا على «و أبوك»، فيكون الخبر «كان مشترط الخصى» لهما مع انّه كلام مستأنف.

____________________

(١) علل الشرائع ٢: ٥٣١ ح ١.

٢٩٧

٣ - الخطبة (١٧) و من كلام لهعليه‌السلام فى صفة من يتصدّى للحكم بين الأمة و ليس لذلك بأهل:

إنَّ أَبْغَضَ اَلْخَلاَئِقِ إِلَى اَللَّهِ رَجُلاَنِ رَجُلٌ وَكَلَهُ اَللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ فَهُوَ جَائِرٌ عَنْ قَصْدِ اَلسَّبِيلِ مَشْغُوفٌ بِكَلاَمِ بِدْعَةٍ وَ دُعَاءِ ضَلاَلَةٍ فَهُوَ فِتْنَةٌ لِمَنِ اِفْتَتَنَ بِهِ ضَالٌّ عَنْ هَدْيِ مَنْ كَانَ قَبْلَهُ مُضِلٌّ لِمَنِ اِقْتَدَى بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَ بَعْدَ وَفَاتِهِ حَمَّالٌ خَطَايَا غَيْرِهِ رَهْنٌ بِخَطِيئَتِهِ وَ رَجُلٌ قَمَشَ جَهْلاً مُوضِعٌ فِي جُهَّالِ اَلْأُمَّةِ عَادٍ فِي أَغْبَاشِ اَلْفِتْنَةِ عَمٍ بِمَا فِي عَقْدِ اَلْهُدْنَةِ قَدْ سَمَّاهُ أَشْبَاهُ اَلنَّاسِ عَالِماً وَ لَيْسَ بِهِ بَكَّرَ فَاسْتَكْثَرَ مِنْ جَمْعٍ مَا قَلَّ مِنْهُ خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ حَتَّى إِذَا اِرْتَوَى مِنْ آجِنٍ وَ اِكْتَنَزَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ جَلَسَ بَيْنَ اَلنَّاسِ قَاضِياً ضَامِناً لِتَخْلِيصِ مَا اِلْتَبَسَ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ نَزَلَتْ بِهِ إِحْدَى اَلْمُبْهَمَاتِ هَيَّأَ لَهَا حَشْواً رَثًّا مِنْ رَأْيِهِ ثُمَّ قَطَعَ بِهِ فَهُوَ مِنْ لَبْسِ اَلشُّبُهَاتِ فِي مِثْلِ نَسْجِ اَلْعَنْكَبُوتِ لاَ يَدْرِي أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ فَإِنْ أَصَابَ خَافَ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْطَأَ وَ إِنْ أَخْطَأَ رَجَا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصَابَ جَاهِلٌ خَبَّاطُ جَهَالاَتٍ عَاشٍ رَكَّابُ عَشَوَاتٍ لَمْ يَعَضَّ عَلَى اَلْعِلْمِ بِضِرْسٍ قَاطِعٍ يُذْرِي اَلرِّوَايَاتِ إِذْرَاءَ اَلرِّيحِ اَلْهَشِيمَ لاَ مَلِي‏ءٌ وَ اَللَّهِ بِإِصْدَارِ مَا وَرَدَ عَلَيْهِ وَ لاَ هُوَ أَهْلٌ لِمَا فُوِّضَ إِلَيْهِ لاَ يَحْسَبُ اَلْعِلْمَ فِي شَيْ‏ءٍ مِمَّا أَنْكَرَهُ وَ لاَ يَرَى أَنَّ مِنْ وَرَاءِ مَا بَلَغَ مَذْهَباً لِغَيْرِهِ وَ إِنْ أَظْلَمَ أَمْرٌ اِكْتَتَمَ بِهِ لِمَا يَعْلَمُ مِنْ جَهْلِ نَفْسِهِ تَصْرُخُ مِنْ جَوْرِ قَضَائِهِ اَلدِّمَاءُ وَ تَعَجُّ مِنْهُ اَلْمَوَارِيثُ

٢٩٨

إِلَى اَللَّهِ أَشْكُو مِنْ مَعْشَرٍ يَعِيشُونَ جُهَّالاً وَ يَمُوتُونَ ضُلاَّلاً لَيْسَ فِيهِمْ سِلْعَةٌ أَبْوَرُ مِنَ اَلْكِتَابِ إِذَا تُلِيَ حَقَّ تِلاَوَتِهِ وَ لاَ سِلْعَةٌ أَنْفَقُ بَيْعاً وَ لاَ أَغْلَى ثَمَناً مِنَ اَلْكِتَابِ إِذَا حُرِّفَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَ لاَ عِنْدَهُمْ أَنْكَرُ مِنَ اَلْمَعْرُوفِ وَ لاَ أَعْرَفُ مِنَ اَلْمُنْكَرِ أقول: قال ابن قتيبة في (عيون أخباره): حدّثني علي بن محمد، عن إسماعيل بن إسحاق الأنصاري عن عبد اللَّه بن لهيعة عن عبد اللَّه بن هبيرة عن عليعليه‌السلام قال: ذمتي رهينة و أنا به زعيم لمن صرحت له العبر، لا يهلك على التقوى زرع قوم و لا يظمأ على التقوى سنخ أصل، ألا و ان أبغض خلق اللَّه الى اللَّه: رجل قمش جهلا غارا بأغباش الفتنة عمياء بما في عقد الهدنة، سمّاه أشباهه من الناس عالما و لم يعن في العلم يوما سالما، بكّر فاستكثر ما قلّ منه فهو خير مما كثر، حتى اذا ارتوى من آجن و اكتنز من غير طائل قعد بين الناس قاضيا لتخليص ما التبس على غيره، ان نزلت به احدى المبهمات هيأ حشوا رثا من رأيه، فهو من قطع الشبهات في مثل غزل العنكبوت، لا يعلم اذا أخطأ لأنّه لا يعلم ءأخطأ أم أصاب، خباط عشوات، ركاب جهالات، لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم و لا يعض في العلم بضرس قاطع يذرو الرواية ذرو الريح الهشيم، تبكي منه الدماء و تصرخ منه المواريث و يستحل بقضائه الفرج الحرام، لا ملي‏ء و اللَّه بأصدار ما ورد عليه و لا أهل لما قرّظ به.

و قال ابن أبي الحديد نقله ابن قتيبة في (غريبه)( ١) .

و رواه باب البدع و الرأي من كتاب العقل و الجهل من الكافي مسندا و مرفوعا و مرسلا هكذا.

محمد بن يحيى عن بعض أصحابه و علي بن إبراهيم عن هارون بن

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١: ٢٨٥.

٢٩٩

مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد اللَّهعليه‌السلام ، و علي بن ابراهيم عن أبيه عن ابن محبوب رفعه عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: ان من أبغض الخلائق الى اللَّه تعالى لرجلين: رجل و كله اللَّه الى نفسه، فهو جائر عن قصد السبيل،

مشغوف بكلام بدعة، قد لهج بالصوم و الصلاة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدى من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته و بعد موته، حمّال خطايا غيره رهن بخطيئته، و رجل قمش جهلا في جهال الناس، عان بأغباش الفتنة،

قد سمّاه أشباه الناس عالما، و لم يغن فيه يوما سالما، بكّر فاستكثر ما قل منه خير مما كثر، حتى اذا ارتوى من آجن و اكتنز من غير طائل جلس بين الناس قاضيا ضامنا لتخليص ما التبس على غيره، و ان خالف قاضيا سبقه لم يأمن من ان ينقض حكمه من يأتي بعده كفعله بمن كان قبله، و ان نزلت به احدى المبهمات المعضلات هيألها حشوا من رأيه ثم قطع به، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ، لا يحسب العلم في شي‏ء مما أنكر و لا يرى أن وراء ما بلغ فيه مذهبا، ان قاس شيئا بشي‏ء لم يكذّب نظره،

و ان أظلم عليه امر اكتتم به لما يعلم من جهل نفسه لكيلا يقال له لا يعلم ثم جسر فقضى، فهو مفتاح عشوات ركاب شبهات خباط جهالات لا يعتذر مما لا يعلم فيسلم و لا يعض في العلم بضرس قاطع فيغنم، يذري الروايات ذرو الريح الهشيم، تبكي منه المواريث و تصرخ منه الدماء، يستحل بقضائه الفرج الحرام و يحرم بقضائه الفرج الحلال، لا ملي‏ء باصدار ما ورد عليه و لا هو أهل لما منه فرط من ادعائه علم الحق( ١) .

و في (ارشاد المفيد): و من كلامهعليه‌السلام في أهل البدع و من قال في الدين برأيه و خالف طريق أهل الحق في مقاله ما رواه ثقات أهل النقل عند العامة

____________________

(١) الكافي ١: ٥٤ ح ٦.

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621