بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 621

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 104499 / تحميل: 9052
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ورجل آخر من البلاط هو يزداد النصراني تلميذ بختيشوع طبيب البلاط، أسلم عند موته حينما شاهد احدى معاجز الامام عليه‌السلام ، روى ذلك الطبري بالاسناد عن أبي الحسين محمد بن إسماعيل بن أحمد الفهقلي الكاتب بسر من رأى، عن أبيه قال: لما اعتل يزداد بعث إلي فحضرت عنده، فقال: إن قلبي قد ابيض بعد سواده، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن علي ابن محمد حجة الله على خلقه وناموسه الأعلم، ثم مات في مرضه ذلك (1) .

وأبو عبد الله الجنيدي الذي عهد إليه عمر بن الفرج الرخجي أن يعلم الامام عليه‌السلام بأمر المعتصم، وكان معروفاً بعداء أهل البيت عليهم‌السلام ، وقد ذهل من حدّة ذكاء الامام عليه‌السلام وغزارة علمه، الأمر الذي جعله ينزع نفسه عن النصب والعداء لأهل البيت عليهم‌السلام ، ويدين بالولاء لهم ويعتقد بالامامة ويهتدي إلى سواء السبيل (2) .

ورجل آخر من ديار ربيعة، وكان نصرانياً، من أهل كفرتوثا، يسمى يوسف بن يعقوب، أسلم ابنه ببركة الامام الهادي عليه‌السلام وحسن اسلامه بعد أن لاحظ بعض دلائل الامام عليه‌السلام (3) .

وكان الامام عليه‌السلام سبباً في هداية أحد القياصرة الذي أعجب بتفوقه

__________________

(1) دلائل الإمامة / الطبري: 419 / 382 - مؤسسة البعثة - قم - 1413 هـ، نوادر المعجزات / الطبري: 188 / 7 - مؤسسة الإمام المهدي عليه‌السلام - قم - 1410 هـ، فرج المهموم: 233.

(2) إثبات الوصية / المسعودي: 222.

(3) الخرائج والجرائح 1: 396 / 3.

١٢١

العلمي، كما جاء عن ابن أمير الحاج في شرح شافية أبي فراس، قال: ومما نقل أن قيصراً ملك الروم كتب إلى خليفة من خلفاء بني العباس كتاباً يذكر فيه: إنا وجدنا في الانجيل أنه من قرأ سورة خالية من سبعة أحرف حرم الله تعالى جسده على النار، وهي: الثاء والجيم والخاء والزاي والشين والظاء والفاء، فإنا طلبنا هذه السورة في التوراة فلم نجدها، وطلبناها في الزبور فلم نجدها، فهل تجدونها في كتبكم؟

فجمع العلماء وسألهم في ذلك، فلم يجب منهم أحد عن ذلك إلا النقي علي ابن محمد بن الرضا عليهم‌السلام ، فقال: « إنها سورة الحمد، فإنها خالية من هذه السبعة أحرف ».... فلما وصل الجواب إلى قيصر وقرأه فرح بذلك فرحاً شديداً وأسلم لوقته ومات على الاسلام (1) .

هذه هي بعض آثار الإمام الهادي عليه‌السلام في مخالفيه ومناوئيه، فعلينا أن ننفتح عليها لنزداد هديا من هديه، وعلما من علمه، ووعيا ممّا يعطينا من عناصر الوعي.

* * *

__________________

(1) شرح شافية أبي فراس / ابن أمير الحاج: 563 - مؤسسة الطباعة والنشرـ وزارة الثقافة والارشاد - ايران.

١٢٢

الفصل الثّالث

الهوية الشخصية للإمام الهادي عليه السلام

نسبه الشريف:

هو أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم ابن جعفر الصادق بن محمد باقر العلم بن علي زين العابدين بن الحسين السبط الشهيد بن علي أمير المؤمنين وسيد الوصيين صلوات اللّه عليهم أجمعين.

ألقابه:

أشهر ألقاب الإمام أبي الحسن عليه‌السلام هو النقي والهادي، وقيل: بل أشهرها المتوكل، لكنه عليه‌السلام كان يخفي ذلك ويأمر أصحابه أن يعرضوا عن هذا اللقب، لكونه يومئذ لقباً لجعفر المتوكل بن المعتصم العباسي.

وعرف عليه‌السلام بالعسكري، وكذلك ابنه الحسن عليه‌السلام الامام بعده، نسبة إلى محلة العسكر التي كان يسكنها عليه‌السلام في سامراء، وهو عسكر المعتصم الذي بناه لجيشه (1) .

قال الشيخ الصدوق: سمعت مشايخنا رضي اللّه عنهم يقولون: إنّ المحلّة التي

__________________

(1) راجع: الانساب / للسمعاني 4: 194، معجم البلدان - المجلد الثالث: 328، الأئمّة الاثناعشر / لابن طولون: 113.

١٢٣

يسكنها الإمامان علي بن محمد والحسن بن علي عليهما‌السلام بسرّ من رأى كانت تسمّى عسكر، فلذلك قيل لكلّ واحدٍ منهما العسكري (1) .

وقيل: هو اسم سرّ من رأى، قال الفيروزآبادي: وعسكر اسم سر من رأى، وإليه نسب العسكريان أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر، وولده الحسن، وماتا بها (2) .

وكان هو وولده العسكري وجده الجواد عليهم‌السلام يعرف كلّ منهم في زمانه بابن الرضا (3) .

وهناك ألقاب اُخرى تطلق على الإمام الهادي عليه‌السلام وفي كلّ منها دلالة على كمال من كمالاته أو مظهر من مظاهر شخصيته، منها: المرتضى، والعالم، والدليل، والموضح، والرشيد، والشهيد، والوفي، والنجيب، والمتقي، والخالص، والناصح، والفتاح، والفقيه، والأمين، والطيب (4) .

قال الشاعر:

هو النقي لم يزل نقيا

وكان عند ربه مرضيا

وسره بكل معناه نقي

فإنه سر الوجود المطلق

__________________

(1) علل الشرائع / الشيخ الصدوق 1: 230 - باب 176، معاني الأخبار / الشيخ الصدوق: 65 / 17 باب معاني أسماء محمد وعلي وفاطمة والأئمّة عليهم‌السلام ، بحار الأنوار 50: 113 / 1 و 235 / 1.

(2) القاموس المحيط / الفيروزآبادي - عسكر - 2: 92 - دار الجيل - بيروت.

(3) المناقب لابن شهرآشوب 4: 455، الفصول المهمة 2: 1080، إعلام الورى 2: 131.

(4) الهداية الكبرى / الخصيبي: 313، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 401، الفصول المهمة 2: 1080، دلائل الامامة: 411، إعلام الورى 2: 109 و 131.

١٢٤

فهو نقي السر والسريره

وسر جده بحكم السيره

وكيف لا وهو ابن من تدلى

في قربه من العلي الأعلى

ما كذب الفؤاد ما رآه

مذ بلغ الشهود منتهاه

مرآته نقية من الكدر

فما طغى قط وما زاغ البصر (1)

كنيته:

اشتهر الإمام الهادي عليه‌السلام بكنية واحدة عرف بها عند المؤرخين والمحدثين، هي أبو الحسن، وقد يخصص فيقال له عليه‌السلام أبو الحسن الثالث، اذ أن المشهور بين المحدثين في التعبير عنهم بأبي الحسن ثلاثة: موسى الكاظم، وعلي الرضا، وعلي الهادي عليهم‌السلام ، وإن شاركهم بعض باقي الأئمّة عليهم‌السلام في هذه الكنية، فإذا ورد حديث عن أبي الحسن وأطلق أو خصص بالماضي فهو موسى الكاظم عليه‌السلام ، وإذا قيد بالثاني فهو علي الرضا عليه‌السلام ، وإذا قيد بالثالث فهو علي الهادي عليه‌السلام (2) .

ولادته:

ولد الامام علي الهادي عليه‌السلام في بصريا (3) من أعمال المدينة، للنصف من ذي الحجة سنة 212 هـ (4)، وعن شيخ الطائفة الطوسيفي المصباح، قال: وروي أنه

__________________

(1) الأنوار القدسية / محمد حسين الأصفهاني: 96.

(2) التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام / السيد تاج الدين العاملي: 137.

(3) وهي قرية بناها الامام موسى بن جعفر عليه‌السلام على ثلاثة أميال من المدينة. مناقب ابن شهر آشوب 4: 328.

(4) الارشاد 2: 297، أصول الكافي1: 497، كشف الغمة 3: 166.

١٢٥

ولد عليه‌السلام يوم 27 من ذي الحجة (1)، وقيل: في رجب سنة 214 في ملك المأمون (2)، واختلف في اليوم من شهر رجب فقيل: انه ولد في الثاني منه (3)، وقيل: في الثالث منه (4)، وقيل: في الخامس منه (5) .

حليته:

وصف الامام الهادي عليه‌السلام بأنه شديد السمرة، أدعج العينين، شثن الكفين، عريض الصدر، أقنى الأنف، أفلج الأسنان، حسن الوجه، طيب الريح، جسيم البدن، ولم يكن بالقصير المتردد ولا بالطويل الممغط، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس (6)، معتدل القامة (7) .

قال الشاعر:

ووجهه في مصحف الامكان

فاتحة الكتاب في القرآن

__________________

(1) في رحاب أئمة أهل البيت عليهم‌السلام / السيد محسن الأمين 4: 173.

(2) تذكرة الخواص: 362، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 135، تاريخ بغداد 12: 57 / 6440 عن سهل بن زياد، الأنساب / السمعاني 4: 194 دون ذكر الشهر.

(3) مصباح الكفعمي: 523.

(4) دلائل الامامة: 409 برواية عن الامام الحسن العسكري عليه‌السلام .

(5) إعلام الورى 2: 131.

(6) الدعج: شدة سواد العين مع سعتها. الشثن: الغليظ الخشن. القصير المتردد: المفرط في القصر. الطويل الممغط: المفرط في الطول.

(7) راجع: المناقب / ابن شهر آشوب 4: 402، حياة الامام الهادي عليه‌السلام / جعفر شريف القرشي: 21 عن مآثر الكبراء في تاريخ سامراء 3: 20 وجوهرة الكلام في مدح السادة الأعلام: 151.

١٢٦

بل وجهه عنوان حسن الذات

ديباجة الأسماء والصفات

طلعته مطلع نور النور

ومشرق الشموس والبدور

غرته في أفق الامامه

بارقة العزة والكرامه

نور الهدى والرشد في جبينه

بحر الندى والجود في يمينه

بل هي بيضاء سماء المعرفه

بها أضاء كل اسم وصفه

كلتا يديه مبدأ الأيادي

وفيهما آية المراد

ففي اليمين قلم العنايه

وفي الشمال علم الهدايه

واليمن والأمان في يمناه

واليسر واليسار في يسراه

وعينه باصرة البصائر

ونورها النافذ في الضمائر

بل عينه في النور والشعاع

إنسان عين عالم الابداع

بل هي في الضياء والبهاء

قرة عين عالم الأسماء (1)

نقش خاتمه:

كان له عليه‌السلام خاتم نقش فصه ثلاثة أسطر: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، أستغفر الله. وروي أن نقش خاتمه عليه‌السلام : هو الله ربي وهو عصمني من خلقه.

وفي مصباح الكفعمي: أن نقش خاتمه: حفظ العهود من أخلاق المعبود. وقيل في معناه: أن حفظ الامور التي عهد الله بها إلينا من فعل أو ترك من الأخلاق التي يحبها الله (2) .

__________________

(1) الأنوار القدسية / الشيخ محمد حسين الاصفهاني: 96.

(2) دلائل الامامة 4: 411، الفصول المهمة 2: 1080، نور الأبصار: 334، مصباح الكفعمي: 325، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 136.

١٢٧

بوابه:

بوابه عليه‌السلام : عثمان بن سعيد العمري. وعن ابن شهرآشوب: بوابه محمد بن عثمان العمري (1) .

وكلاؤه:

أهم وكلاؤه عليه‌السلام المذكورين في مصادر الرجال: إبراهيم بن عبدة النيسابوري، أيوب بن نوح بن دراج النخعي، جعفر بن سهيل الصيقل، الحسن ابن راشد، زنكان أبو سليم، علي بن جعفر الهمداني، علي بن الريان بن الصلت الأشعري.

شاعره:

شعراؤه عليه‌السلام : العوفي والديلمي ومحمد بن إسماعيل بن صالح الصيمري (2) .

عمره ومدة إمامته:

عمره يوم وافاه الأجل احدى وأربعون سنة وستة أشهر أو أربعون سنة، بحسب الاختلاف الذي مضى في ولادته عليه‌السلام ، فقد ولد في ذى الحجة سنة 212 هـ، أو رجب سنة 214 هـ، واستشهد عليه‌السلام في رجب أو جمادى الآخرة سنة 254 هـ، وعاش نحو ثمانية أعوام في ظلّ أبيه الإمام الجواد عليه‌السلام الذي استشهد سنة 220 هـ، ومدّة إمامته بعد أبيه نحو أربع وثلاثين سنة (3) .

__________________

(1) تأريخ الأئمّة / ابن أبي الثلج: 33، الفصول المهمة 2: 1080، نور الأبصار: 334، المناقب / ابن شهر آشوب 4: 403، دلائل الامامة: 411.

(2) الفصول المهمة 2: 1080، في رحاب أئمة أهل البيت عليهم‌السلام 4: 174.

(3) راجع: أصول الكافي1: 497 - باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليه‌السلام من

١٢٨

أمه:

أمه عليه‌السلام أم ولد اسمها سُمانة، ويقال لها أيضاً: سُمانة المغربية، وقيل: متفرشة المغربية، ومن أسمائها الأخرى: سوسن، وجمانة. وكنيتها: أُم الفضل. ولقبها: السيدة (1) .

وقد ورد في حقها ما يستفاد منه أنها كانت على درجة كبيرة من الفضائل والصفات الحميدة، فضلاً عن معرفة حق الامام عليه‌السلام والتسليم بامامته وغير ذلك من المزايا التي بوأتها درجات أمهات الصديقين والصالحين.

روى أبو جعفر الطبري الامامي وغيره بالاسناد عن محمد بن الفرج بن إبراهيم بن عبد الله بن جعفر، قال: دعاني أبو جعفر محمد بن علي بن موسى عليهم‌السلام ، فأعلمني أن قافلة قد قدمت وفيها نخاس معه جوارٍ، ودفع إلي سبعين ديناراً، وأمرني بابتياع جارية وصفها لي، فمضيت وعملت بما أمرني به،

__________________

كتاب الحجة، الارشاد 2: 297 و 313، تاج المواليد / الطبرسي: 134، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 401، دلائل الإمامة: 409، كشف الغمة 3: 174 و 195، إعلام الورى 2: 131، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 142، بحار الأنوار 50: 236 و 238.

(1) أصول الكافي1: 498 - باب مولد أبي الحسن علي بن محمّد عليهما‌السلام من كتاب الحجّة، إكمال الدين 1: 307 - باب 27 - خبر اللوح، الإرشاد 2: 297، إثبات الوصية: 220، دلائل الإمامة: 411، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 401، كشف الغمة 3: 164، الهداية الكبرى / الخصيبي: 313، روضة الواعظين: 246، إعلام الورى 2: 131 و 109، نور الأبصار: 181، الفصول المهمة: 2: 1080، بحار الأنوار 50: 114.

١٢٩

فكانت تلك الجارية أم أبي الحسن عليه‌السلام (1) .

وعن محمد بن الفرج وعلي بن مهزيار، عن الامام الهادي عليه‌السلام ، أنه قال: « أمي عارفة بحقي، وهي من أهل الجنة، لا يقربها شيطان مارد، ولا ينالها كيد جبار عنيد، وهي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، ولا تتخلف عن أمهات الصديقين والصالحين » (2) .

زوجته:

نقل عن بعض التواريخ أنه عليه‌السلام كانت له سرية لا غير (3) . وجاء في أغلب التواريخ أن زوجته عليه‌السلام اُمّ ولد، يقال لها سوسن، وتكنى اُمّ الحسن، وأُم أبي محمّد، وتعرف بالجدّة، أي جدّة الإمام صاحب الزمان عليه‌السلام .

ولها أسماء اُخرى، فيقال لها: حُديث، وحُديثة، وسليل، وسمانة، وشكل النوبية، وعسفان، وقيل: ان سبب تعدد أسمائها لأنه قد جرت العادة على تغيير اسم الجواري عند شرائها. غير أن أشهر أسمائها: سوسن، وحديث (4) .

__________________

(1) دلائل الإمامة: 410 / 368.

(2) دلائل الامامة: 410 / 369، إثبات الوصية: 193.

(3) مصباح الكفعمي: 523، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 138.

(4) راجع: أصول الكافي1: 503 - باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام من كتاب الحجة، التهذيب / الشيخ الطوسي 6: 92 - باب 42 من كتاب المزار، الإرشاد 2: 313، إكمال الدين: 307 آخر الباب 27 خبر اللوح، إثبات الوصية: 244، دلائل الإمامة: 424، المناقب / ابن شهرآشوب 4: 455، روضة الواعظين: 251، تاريخ مواليد الأئمة عليهم‌السلام / ابن الخشاب: 199 - مطبوع ضمن مجموعة نفيسة - مكتبة السيد المرعشي - قم، الفصول المهمة 2: 1080، تذكرة

١٣٠

ورجح صاحب عيون المعجزات أن اسمها سليل حيث قال: ان اسمها على ما رواه أصحاب الحديث سليل، وقيل: حديث، والصحيح سليل، وكانت من العارفات الصالحات (1) .

ولعلّ ذلك مبني على الحديث الوارد عن المعصوم، وهو يشيد بفضلها وعفتها وصلاحها، رواه المسعودي عن العالم عليه‌السلام أنه قال: « لمّا اُدخلت سليل اُمّ أبي محمد على أبي الحسن عليه‌السلام ، قال: سليل مسلولة من الآفات والعاهات والأرجاس والأنجاس » (2) .

وبعثها ولدها الإمام العسكري عليه‌السلام إلى الديار المقدسة سنة 259 هـ، وأخبرها عما يناله سنة 60، فأظهرت الجزع وبكت، فقال عليه‌السلام : « لابد من وقوع أمر اللّه فلا تجزعي » (3) .

وفي صفر سنة 260 هـ كانت في المدينة المنورة، فجعلت تخرج إلى خارجها تتجسّس الأخبار وقد أخذها الحزن والقلق (4)، وحينما اتصل بها خبر شهادة الإمام عليه‌السلام عادت إلى سامراء، فكانت لها أقاصيص يطول شرحها مع ولدها جعفر المعروف بالكذاب لمطالبته إياها بالميراث، وسعايته بها إلى السلطان، وكشف ما أمر اللّه ستره، فضلاً عن أن بني العباس هجموا على دار الامام

__________________

الخواص: 324، كشف الغمة 3: 271، إعلام الورى 2: 131، تاج المواليد: 133، بحار الأنوار 50: 235 و 236 و 238.

(1) بحار الأنوار 50: 238 / 11.

(2) إثبات الوصية: 244.

(3) إثبات الوصية: 217.

(4) إثبات الوصية: 253، مهج الدعوات: 343، بحار الأنوار 50: 313 و 330.

١٣١

وفتّشوها وعرّضوا أهل بيته ومنهم السيدة سوسن الى أشدّ المضايقات والتنكيل (1) .

وتوفيت السيدة سوسن في سامراء وكانت قد أوصت أن تدفن في الدار إلى جنب زوجها وولدها الإمامين العسكريين عليهما‌السلام ، فنازعهم جعفر وقال: الدار داري لا تدفن فيها (2) .

روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن محمّد بن صالح قال: لمّا ماتت الجدَّة - أم الحسن العسكري - أمرت أن تُدفن في الدار؟ فنازعهم جعفر وقال: لي الدار لا تُدفن فيها. فخرج الحجّة المنتظر عليه‌السلام فقال: « يا جعفر أدارك هي؟ » ثمّ غاب عنه ولم يره بعد ذلك (3) . ودفنت بجنب ولدها العسكري عليه‌السلام (4) .

وجاء في رواية أحمد بن عبيد اللّه بن يحيى بن خاقان: أنّ أمّ العسكري عليه‌السلام ادّعت وصيته، فقسم ميراثه بينها وبين أخيه جعفر، وثبت ذلك عند القاضي (5) .

ولده:

ذكر المؤرخون أن له أربعة اولاد، وهم: الحسن عليه‌السلام ، وهو الامام بعده، ومحمد المتوفّى في حياة أبيه عليه‌السلام ، والحسين، وجعفر المعروف بالكذاب. وقيل: إن له من الأولاد ثلاثة وهم: الحسن عليه‌السلام ، وجعفر، وإبراهيم. وله بنت واحدة

__________________

(1) إكمال الدين: 474 / 25، بحار الأنوار 50: 331 / 3.

(2) إكمال الدين: 442 / 15.

(3) إكمال الدين وإتمام النعمة / الشيخ الصدوق 2: 442 / 15.

(4) إثبات الوصية: 217.

(5) إكمال الدين وإتمام النعمة / الشيخ الصدوق 1: 43 المقدّمة.

١٣٢

مختلف في اسمها، فقيل: حكيمة، أو عائشة، أو علية، أو عالية.

وعن الطبري: له بنتان وهما: عائشة، ودلالة (1) .

وفيما يلي نترجم لسيرة بعض أولاده عليه‌السلام .

1 - السيد محمد:

وهو أبوجعفر محمد بن الإمام أبي الحسن الهادي، المتوفى نحو سنة 252 هـ (2)، وكان من سادات أهل البيت عليهم‌السلام ، جليل القدر، عظيم المنزلة، قال السيد محسن الأمين: جليل القدر، عظيم الشأن، كانت الشيعة تظنّ أنه الإمام بعد أبيه عليه‌السلام ، فلمّا توفي نصّ أبوه على أخيه أبي محمد الحسن الزكي عليه‌السلام ، وكان أبوه خلّفه بالمدينة طفلاً لما اُتي به إلى العراق، ثم قدم عليه في سامراء، ثمّ أراد الرجوع إلى الحجاز، فلمّا بلغ القرية التي يقال لها (بلد) على تسعة فراسخ من سامراء، مرض وتوفّي ودفن قريبا منها، ومشهده هناك معروف مزور، ولمّا توفي شقّ أخوه أبو محمد عليه‌السلام ثوبه، وقال في جواب من لامه على ذلك: « قد شق موسى على أخيه هارون ». وسعى المحدث العلامة الشيخ ميرزا حسين النوري

__________________

(1) راجع: الارشاد 2: 312، المناقب لابن شهرآشوب 4: 433، دلائل الإمامة: 412، اعلام الورى 2: 127، الفصول المهمة 2: 1076، التتمة في تواريخ الأئمّة عليهم‌السلام : 138.

(2) ورد في حديث أن عمر الإمام العسكري عليه‌السلام يوم وفاة أخيه السيد محمد نحو عشرين سنة، وبما أن الامام العسكري عليه‌السلام ولد سنة 232، فتكون وفاة السيد محمد نحو سنة 252 هـ. راجع: اصول الكافي 1: 327 / 8 - باب الاشارة والنص على أبي محمد عليه‌السلام من كتاب الحجة.

١٣٣

في تشييد مشهده وتعميره، وكان له فيه اعتقاد عظيم (1) .

وجاء في الرواية: « أن أبا الحسن عليه‌السلام قد بسط له في صحن دار، يوم توفي محمد ابنه، والناس جلوس حوله يعزّونه، من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش ومواليه ومن سائر الناس » (2) .

2 - الحسين:

نُقل عن كتاب شجرة الأولياء: أن الحسين كان زاهداً عابداً معترفاً بإمامة أخيه أبي محمد الحسن العسكري عليه‌السلام ، وكان صوت الامام المهدي عليه‌السلام يشبه صوت عمه الحسين. وكان الناس يعبرون عنه وعن أخيه الامام الحسن العسكري بالسبطين تشبيهاً لهما بالامامين الحسن والحسين عليهما‌السلام . وكان له من الأولاد أربعة، وقد رحلوا بعد وفاة أبيهم عن سامراء إلى مدينة لار من بلاد فارس في إيران، فقتلوا بعد وصولهم إليها (3) .

3 - جعفر الكذاب:

وكان صاحب فتنة وضلالة، وقد أخبر أئمة أهل البيت عليهم‌السلام عنه قبل ولادته، وحذّروا شيعتهم من فتنته، ففي حديث عن أبي خالد الكابلي: « أنه سأل الإمام علي بن الحسين صلوات اللّه عليه: من الحجة والإمام بعدك؟ فقال:

__________________

(1) أعيان الشيعة 14: 291 - دار التعارف للمطبوعات.

(2) أصول الكافي1: 326 / 8 باب الاشارة والنص على أبي محمد عليه‌السلام من كتاب الحجة.

(3) الامام الهادي من المهد إلى اللحد / محمد كاظم القزويني: 139 - مركز نشر آثار الشيعة - قم.

١٣٤

« ابني محمد، واسمه في التوراة الباقر يبقر العلم بقرا، وهو الحجة والإمام بعدي، ومن بعد محمد ابنه جعفر، واسمه عند أهل السماء الصادق.

فقلت له: يا سيدي، كيف صار اسمه الصادق وكلكم صادقون؟ فقال: حدّثني أبي عن أبيه عليه‌السلام أن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: إذا ولد ابني جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبيطالب، فسمّوه الصادق، فإنّ للخامس من ولده ولدا اسمه جعفر يدّعي الامامة اجتراءً على اللّه وكذبا عليه، فهو عند اللّه جعفر الكذاب المفتري على اللّه والمدّعي لما ليس له بأهل، المخالف على أبيه، والحاسد لأخيه، ذلك الذي يروم كشف ستر اللّه عند غيبة ولي اللّه عز وجلّ...

ثمّ قال: كاني بجعفر الكذاب وقد حمل طاغية زمانه على تفتيش أمر ولي اللّه، والمغيب في حفظ اللّه، والتوكيل بحرم أبيه جهلاً منه بولادته، وحرصا على قتله إن ظفر به، طمعا في ميراث أبيه حتى يأخذه بغير حقّه... » (1) .

وحينما ولد جعفر فرح أهل الدار بولادته، ولم يروا أثرا للسرور على أبي الحسن عليه‌السلام ، روى الشيخ الصدوق بالاسناد عن صالح بن محمد بن عبد الله، عن أمه فاطمة بنت محمد بن الهيثم، قالت: كنت في دار أبي الحسن علي بن محمد العسكري عليه‌السلام في الوقت الذي ولد فيه جعفر، فرأيت أهل الدار قد سروا به، فصرت إلى أبي الحسن عليه‌السلام ، فلم أره مسروراً بذلك. فقلت له: يا سيدي، ما لي

__________________

(1) علل الشرائع / الشيخ الصدوق 1: 234 / 1 - المطبعة الحيدرية - النجف - 1385 هـ، إكمال الدين: 319 / 2 باب 31.

١٣٥

أراك غير مسرور بهذا المولود؟ فقال عليه‌السلام : « هون عليك أمره، فإنّه سيضلّ خلقا كثيرا » (1) .

وقد تحقق ما قاله أهل البيت عليهم‌السلام عن فتنته وضلالته، حيث كانت له بعد شهادة أخيه الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ثلاثة أدوار سيئة:

1 - الايعاز إلى الدولة باحتمال وجود الإمام المهدي عليه‌السلام ، فبدأت سلسلة من المطاردات والاعتقالات لعيال الإمام عليه‌السلام ، ولم يتمكنوا من العثور على الإمام المهدي عليه‌السلام ، وبذلك يكون جعفر قد كشف ما أوجب اللّه تعالى ستره وكتمانه.

وقد أجمل الشيخ المفيد رحمه‌الله جملة هذه الأدوار المشينة وغيرها التي قام بها جعفر الكذاب بعد شهادة أخيه الحسن عليه‌السلام بقوله: « تولّى جعفر بن علي أخو أبي محمد عليه‌السلام أخذ تركته، وسعى في حبس جواري أبي محمد عليه‌السلام واعتقال حلائله، وشنّع على أصحابه بانتظارهم ولده وقطعهم بوجوده والقول بامامته، وأغرى بالقوم حتى أخافهم وشرّدهم، وجرى على مخلّفي أبي محمد عليه‌السلام بسبب ذلك كلّ عظيمة، من اعتقال وحبس وتهديد وتصغير واستخفاف وذلّ، ولم يظفر السلطان منهم بطائل.

وحاز جعفر ظاهر تركة أخيه أبي محمد عليه‌السلام ، واجتهد في القيام عند الشيعة مقامه، فلم يقبل أحد منهم ذلك، ولا اعتقده فيه، فصار إلى سلطان الوقت يلتمس مرتبة أخيه، وبذل مالاً جليلاً، وتقرّب بكلّ ما ظنّ أنه يتقرّب به، فلم

__________________

(1) إكمال الدين: 321 / آخر الحديث 2 باب 31، الغيبة / الشيخ الطوسي: 226 / 193.

١٣٦

ينتفع بشيءٍ من ذلك » (1) .

2 - ادعاء الإمامة بعد أخيه الحسن عليه‌السلام كذبا وزورا، فأضلّ خلقا كثيرا، فخرجت عن الإمام المهدي عليه‌السلام عدّة تواقيع تنبّه الشيعة على بطلان ادعائه وكذبه وعصيانه وظلمه، وجهله بالأحكام وتركه الواجبات، منها على يد أحمد ابن إسحاق الأشعري، وعلى يد محمد بن عثمان العمري (2)، فجفته الشيعة بعد أن بان كذبه وافتراؤه، ممّا اضطره إلى التوسل برجال الدولة ومنهم الوزير عبيداللّه ابن يحيى بن خاقان في أن يجعلوا له مرتبة أخيه فزبره بالقول: يا أحمق، السلطان جرّد سيفه في الذين زعموا أن أباك وأخاك أئمة ليردّهم عن ذلك فلم يتهيأ له ذلك، فإن كنت عند شيعة أبيك وأخيك إماما فلا حاجة لك إلى السلطان ليرتّبك مراتبهم ولا غير السلطان، وإن لم تكن عندهم بهذه المنزلة لم تنلها بنا... (3) .

وحمل جعفر عشرين ألف دينار إلى المعتمد، طالبا منه أن يجعل له مرتبة أخيه ومنزلته. فأجابه بنحو جواب ابن خاقان (4) .

3 - ادعاؤه استحاق التركة وبالتالي حيازته إياها مناصفة مع اُم

__________________

(1) الارشاد 2: 336 - 337، ونحوه في المناقب لابن شهرآشوب 4: 455، إعلام الورى 2: 151 - 152، الفصول المهمة 2: 1093.

(2) راجع: إكمال الدين: 483 / 4 - باب 45، الغيبة / للشيخ الطوسي: 290 / 247.

(3) اُصول الكافي 1: 505 / 1 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليه‌السلام من كتاب الحجة، الإرشاد 2: 324.

(4) إكمال الدين: 479، الخرائج والجرائح 3: 1109.

١٣٧

العسكري عليه‌السلام بإذن من السلطات الحاكمة.

اخوته:

للامام الهادي عليه‌السلام أخ واحد هو موسى المبرقع، وقيل اثنان: موسى والحسن. وله من الأخوات ست: زينب، وأم محمد، وميمونة، وخديجة، وحكيمة، وأم كلثوم.

وقيل خمس: فاطمة، وأمامة، وحكيمة، وخديجة، وأم كلثوم.

وقيل أربع: حكيمة، وبريهة، وأُمامة، وفاطمة.

وقيل ثلاث: زينب، وأم محمد، وميمونة. وقيل: خديجة، وحكيمة، وأم كلثوم.

وقيل اثنان: فاطمة، وأُمامة (1) .

موسى المبرقع:

ولد موسى المبرقع ونشأ في المدينة مع أبيه الجواد عليه‌السلام ، وبعد شهادة أبيه انتقل إلى الكوفة فتوطن فيها مدة، ثم هاجر إلى قم، فوردها سنة 256 هـ فتوطن فيها، وكان من أهل الحديث والدراية، وإليه ينتهي نسب السادة الرضويين، توفي في ربيع الآخر سنة 296 هـ ودفن في بيته.

قال أبو علي الحسين بن محمد بن نصر بن سالم: إن أول من ورد قماً من السادات الرضوية هو موسى بن الامام محمد الجواد عليه‌السلام ، جاء إليها من الكوفة،

__________________

(1) الإرشاد 2: 295، دلائل الامامة: 397، مناقب ابن شهر آشوب 4: 380، إعلام الورى 2: 106، تاج المواليد: 130، تذكرة الخواص: 359، الفصول المهمة 2: 1080، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب: 199.

١٣٨

ثم أخرجه أهلها لأمور صدرت منه، فذهب إلى كاشان، فأكرمه أحمد ابن عبد العزيز بن أبي دلف العجلي، وخلع عليه، وقرر له في كل سنة ألف دينار، فلما ورد الحسين بن علي بن آدم وشخص آخر من الكوفة إلى قم وبّخا أهلها على إخراجه، فأرسلوا وراءه وأرجعوه إلى قم مكرماً، ثم قصد عبد العزيز ابن أبي دلف فأكرمه، وعين له وظيفة سنوية، ثم طلب أخواته: زينب وأم محمد وميمونة بنات الامام محمد بن علي الجواد عليه‌السلام من الكوفة إلى قم، فأقمن عنده حتى توفين في قم، ودفن بقرب قبر السيدة فاطمة بنت موسى بن جعفر عليهم‌السلام ، وأقام موسى المبرقع في قم حتى توفى بها، فصلى عليه أميرها عباس بن عمرو الغنوي.

وكان موسى يلقي على وجهه برقعاً، ولذلك قيل له المبرقع لجمال وجهه الباهر، ولعل ذلك هو السبب في إخراجه من قم، لأنّ أهلها لم يعرفوه، فكانوا في شك وريبة من أمره، لكن عندما عرفوه أكرموه، وقبره اليوم معروف يزوره الكثيرون، ولموسى المبرقع ولدان: محمد وأحمد، واختلف النسابون في بقاء عقب لمحمد، فاختار الدينوري أن بني الخشاب من أولاد محمد، وأكثر النسابين على خلافه، أي إنه لا عقب له، وأما بقية ذرية الامام محمد الجواد عليه‌السلام فهم جميعاً بإجماع النسابين من أحمد بن موسى المبرقع (1) .

السيدة حكيمة:

وكانت جليلة القدر، عالية الشأن، أوكل إليها أخوها الإمام الهادي عليه‌السلام جاريته نرجس كي تعلمها معالم الدين وأحكام الشريعة وتؤدّبها بالآداب

__________________

(1) أعيان الشيعة 10: 194.

١٣٩

الإلهية. ثم ان الإمام الهادي عليه‌السلام زوج نرجس من ولده الإمام العسكري عليه‌السلام فكانت أم الإمام المهدي المنتظر لاقامة دولة الحق عليه‌السلام ، وقامت حكيمة بمهمّة القابلة لاُمّه ليلة ولادته، واضطلعت بدور مهم بعد شهادة أخيها الحسن العسكري عليه‌السلام حيث كانت تستلم الكتب والرسائل وتوصلها إلى الإمام عليه‌السلام ، ثم تستلم منه الأجوبة والتوقيعات وتوصلها إلى شيعته.

توفيت السيدة حكيمة في مدينة سامراء، ودفنت عند رجلي الإمامين العسكريين عليهما‌السلام ، وقبرها مشهور مزور (1) .

* * *

__________________

(1) أصول الكافي1: 330 / 3، اكمال الدين 2: 424 و 433، الإرشاد 2: 351، الغيبة / الشيخ الطوسي: 234 / 204، بحار الأنوار 102: 79.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

مثل الذين كفروا بربّهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شي‏ء ذلك هو الضلال البعيد( ١) .

«و العامل بالعلم كسائر» هكذا في (المصرية)، و الصواب: «كالسائر» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢) .

«على الطريق الواضح» و كمن يمشي بسراج «فلينظر ناظر أ سائر هو أم راجع» قال تعالى: اتخذوا الشياطين أولياء من دون اللَّه و هم يحسبون انهم يحسنون صنعا( ٣ ) قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا. الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون انّهم يُحسنون صنعا( ٤ ) و لنعم ما قيل بالفارسية:

ترسم نرسى بكعبه أى اعرابى

اين ره كه تو ميروى بتركستان است

«و اعلم ان لكل ظاهر باطنا على مثاله، فما طاب ظاهره طاب باطنه و ما خبث ظاهره خبث باطنه» قال ابن أبي الحديد: مأخوذ من قوله تعالى: و البلد الطّيّب يخرج نباته باذن ربّه و الذي خبث لا يخرج إلا نكدا( ٥ ) ، مثل ضربه تعالى لمن يؤثر فيه الوعظ و من لا يؤثر فيه، و مرادهعليه‌السلام ان لكلتي حالتي الانسان الظاهرة ميلة الى العقل، و ميلة الى الهوى أمرا باطنا يناسبهما، فالمتبع لعقله يرزق السعادة، و المتبع لهواه يرزق الشقاوة( ٦) .

____________________

(١) إبراهيم: ١٨.

(٢) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٧٦، لكن في شرح ابن ميثم ٣: ٢٤٩ مثل المصرية.

(٣) هذا خلط بين الآيتين الاعراف: ٣٠ و الكهف: ١٠٤.

(٤) الكهف: ١٠٣ و ١٠٤.

(٥) الاعراف: ٥٨.

(٦) شرح ابن أبي الحديد ٩: ١٧٨، و النقل بالمعنى.

٤٠١

«و قد قال الرسول الصادقصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان اللَّه يحب العبد و يبغض عمله و يحب العمل و يبغض بدنه» و شخصه، قال ابن أبي الحديد: الخبر مذكور في كتب المحدثين( ١ ) . قلت: و كأن في الكلام سقطا.

«و اعلم ان لكلّ عمل نباتا» الظاهر ان الأصل «و اعلم ان لكلّ غرس نباتا»،

و صحفه النساخ، و إلاّ فلا مناسبة لا ثبات نبات للعمل.

«و كلّ نبات لا غنى به عن الماء» و لو كان ماء منقوعا في الأرض «و المياه مختلفة فما طاب سقيه طاب غرسه و حلت» من الحلو «ثمرته» و مورد قوله تعالى:

و في الأرض قطع متجاورات و جنات من أعناب و زرع و نخيل صنوان و غير صنوان يسقى بماء واحد و نفضّل بعضها على بعض في الأكل انّ في ذلك لآيات لقوم يعقلون( ٢ ) السقي بماء واحد، و موضوع كلامه السقي بمياه مختلفة فلا تخالف.

«و ما خبث سقيه خبث غرسه» كخضراء الدمن التي حذّر منها ظاهرا و باطنا «و امرت ثمرته» أي: صارت مرا.

٢٥ - الحكمة (٧٣) و قالعليه‌السلام :

مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ وَ لْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ وَ مُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَ مُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالْإِجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ اَلنَّاسِ وَ مُؤَدِّبِهِمْ هكذا في (المصرية)، و الصواب: «فعليه ان يبدأ» كما في (ابن أبي الحديد

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ٧: ١٧٩.

(٢) الرعد: ٤.

٤٠٢

و ابن ميثم و الخطية)( ١) .

«بتعليم نفسه قبل تعليم غيره» بحملها على العمل، و في الأمثال العربية «ان كنت ذا طب بالحركات الثلاث فطب لعينيك»( ٢ ) و في الفارسية «گر اگر طبيب بودى سر خود دوا نمودى».

«و ليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه» و لذا قال شعيبعليه‌السلام لقومه:

و ما اريد أن اخالفكم الى ما أنهاكم عنه ان اريد إلاّ الاصلاح ما استطعت( ٣) .

و في خطبة عمرو بن كلثوم: أما بعد فانه لا يخبر عن قصد المرء أصدق من تركه تزكية نفسه، و لا يعبر عنه في تزكية أصحابه أصدق من اعتماده إياهم برغبته و ائتمانه إياهم على حرمته.

«و معلم نفسه و مؤدبها أحق بالاجلال من معلم الناس و مؤدبهم» الذي لم يكن معلم نفسه و مؤدبها، لانه ممن يأمر الناس بالمعروف و ينسى نفسه، و هو في غاية القبح.

هذا، و مر في فصل علمه قولهعليه‌السلام لكميل: «ان هذه القلوب أوعية الى و العلماء باقون ما بقي الدهر، أعيانهم مفقودة، و أمثالهم في القلوب موجودة الى كذلك يموت العلم بموت حامليه»( ٤) .

____________________

(١) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١٨: ٢٢٠، لكن في شرح ابن ميثم ٥: ٢٧٥ مثل المصرية.

(٢) أورده لسان العرب ١: ٥٥٣، مادة (طب).

(٣) هود: ٨٨.

(٤) مر في عنوان ١ من الفصل العاشر.

٤٠٣

٤٠٤

الفصل التاسع عشر فيما ارشد الثاني في مصالح الاسلام

٤٠٥

٤٠٦

١ - الخطبة (١٤٤) و من كلام لهعليه‌السلام لعمر بن الخطاب و قد استشاره في غزو الفرس بنفسه:

إِنَّ هَذَا اَلْأَمْرَ لَمْ يَكُنْ نَصْرُهُ وَ لاَ خِذْلاَنُهُ بِكَثْرَةٍ وَ لاَ قِلَّةٍ وَ هُوَ دِينُ اَللَّهِ اَلَّذِي أَظْهَرَهُ وَ جُنْدُهُ اَلَّذِي أَعَدَّهُ وَ أَمَدَّهُ حَتَّى بَلَغَ مَا بَلَغَ وَ طَلَعَ حَيْثُمَا طَلَعَ وَ نَحْنُ عَلَى مَوْعُودٍ مِنَ اَللَّهِ وَ اَللَّهُ مُنْجِزٌ وَعْدَهُ وَ نَاصِرٌ جُنْدَهُ وَ مَكَانُ اَلْقَيِّمِ بِالْأَمْرِ مَكَانُ اَلنِّظَامِ مِنَ اَلْخَرَزِ يَجْمَعُهُ وَ يَضُمُّهُ فَإِنِ اِنْقَطَعَ اَلنِّظَامُ تَفَرَّقَ اَلْخَرَزُ وَ ذَهَبَ ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعْ بِحَذَافِيرِهِ أَبَداً وَ اَلْعَرَبُ اَلْيَوْمَ وَ إِنْ كَانُوا قَلِيلاً فَهُمْ كَثِيرُونَ بِالْإِسْلاَمِ عَزِيزُونَ بِالاِجْتِمَاعِ فَكُنْ قُطْباً وَ اِسْتَدِرِ اَلرَّحَى بِالْعَرَبِ وَ أَصْلِهِمْ دُونَكَ نَارَ اَلْحَرْبِ فَإِنَّكَ إِنْ شَخَصْتَ مِنْ هَذِهِ اَلْأَرْضِ اِنْتَقَضَتْ عَلَيْكَ اَلْعَرَبُ مِنْ أَطْرَافِهَا وَ أَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُونَ مَا تَدَعُ وَرَاءَكَ مِنَ اَلْعَوْرَاتِ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِمَّا بَيْنَ

٤٠٧

يَدَيْكَ إِنَّ اَلْأَعَاجِمَ إِنْ يَنْظُرُوا إِلَيْكَ غَداً يَقُولُوا هَذَا أَصْلُ اَلْعَرَبِ فَإِذَا اِقْتَطَعْتُمُوهُ اِسْتَرَحْتُمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ أَشَدَّ لِكَلَبِهِمْ عَلَيْكَ وَ طَمَعِهِمْ فِيكَ فَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ مَسِيرِ اَلْقَوْمِ إِلَى قِتَالِ اَلْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ اَللَّهَ سُبْحَانَهُ هُوَ أَكْرَهُ لِمَسِيرِهِمْ مِنْكَ وَ هُوَ أَقْدَرُ عَلَى تَغْيِيرِ مَا يَكْرَهُ وَ أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ عَدَدِهِمْ فَإِنَّا لَمْ نَكُنْ نُقَاتِلُ فِيمَا مَضَى بِالْكَثْرَةِ وَ إِنَّمَا كُنَّا نُقَاتِلُ بِالنَّصْرِ وَ اَلْمَعُونَةِ قال ابن أبي الحديد: اختلف الحال التي قالعليه‌السلام هذا الكلام لعمر، فقيل في غزاة القادسية ذهب إليه المدائني في فتوحه فقال: استشار عمر في أمر القادسية، فأشار عليه عليعليه‌السلام ان لا يخرج بنفسه، و قال «انك ان تخرج لا تكون للعجم همّة إلا استيصالك، لعلمهم انك قطب رحى العرب فلا تكون للإسلام بعدها دولة»، و أشار عليه غيره أن يخرج بنفسه فأخذ برأي عليعليه‌السلام .

و قيل في غزاة نهاوند ذهب إليه الطبري فقال: ان عمر لما أراد أن يغزو العجم و جيوش كسرى و هي مجتمعة بنهاوند استشار أصحابه، فقام عثمان،

فقال: أرى أن تكتب الى أهل الشام فيسيروا من شامهم، و تكتب الى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم، ثم تسير أنت بأهل هذين الحرمين الى مصرين البصرة و الكوفة، فتلقى جمع المشركين بجمع المسلمين الى أن قال فقال علي بن أبي طالب: «أما بعد فان هذا الأمر لم يكن نصره بكثرة و لا قلّة، انما هو دين اللَّه الذي أظهره و جنده الذي أعزّه و أمدّه بالملائكة حتى بلغ ما بلغ، فنحن على موعود من اللَّه و اللَّه منجز وعده و ناصر جنده، و ان مكانك منهم مكان النظام من الخرز يجمعه و يمسكه، فان انحل تفرّق ما فيه و ذهب ثم لم يجتمع

٤٠٨

بحذافيره أبدا، و العرب اليوم و ان كانوا قليلا فانهم كثير عزيز بالاسلام، أقم مكانك و اكتب الى أهل الكوفة فانهم أعلام العرب و رؤساؤهم، و ليشخص منهم الثلثان و ليقم الثلث، و اكتب الى أهل البصرة أن يمدّوهم ببعض من عندهم، و لا تشخص الشام و لا اليمن فانك ان أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم الى ذراريهم، و ان أشخصت أهل اليمن من يمنهم سارت الحبشة الى ذراريهم، و متى شخصت من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أقطارها و أطرافها حتى يكون ما تدع وراءك أهم اليك مما بين يديك من العورات و العيالات، إنّ الأعاجم إن ينظروا اليك غدا قالوا هذا أمير العرب و أصلهم، فكان ذلك أشد لكلبهم عليك. و أما ما ذكرت من مسير القوم فان اللَّه هو أكره لمسيرهم منك و هو أقدر على تغيير ما يكره، و أما ما ذكرت من عددهم فانا لم نكن نقاتل في ما مضى بالكثرة و انما كنّا نقاتل بالصبر و النصر». قال عمر: أجل هذا الرأي و قد كنت أحب أن أتابع عليه( ١) .

قلت: بل لا خلاف ان هذا الكلام قالعليه‌السلام في نهاوند، و صرح به غير الطبري و المفيد في (إرشاده)، و أبو حنيفة الدينوري في (طواله)، و أعثم الكوفي في (تاريخه)، و أما المدائني فلم يقل انّهعليه‌السلام قال هذا الكلام في القادسية، و انما قال: أشارعليه‌السلام على عمر بعدم خروجه في القادسية، فعمر استشار المسلمين في كلّ منهما، و هوعليه‌السلام أشار عليه في كليهما، كما صرح به أعثم الكوفي، و زاد انّه أشار على عمر في القادسية بتولية سعد، و في نهاوند بتولية النعمان( ٢) .

و بالجملة العنوان كلامهعليه‌السلام في نهاوند ردّا لرأي عثمان، و لم يقل أحد

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٦، و تاريخ الطبري ٣: ٢١٠ ٢١٢، سنة ٢١.

(٢) الارشاد: ١١١.

٤٠٩

في القادسية ان عثمان أو غيره أشار على أشخاص أهل الشام و اليمن، أو البصرة و الكوفة.

لكن الغريب ان البلاذري نقل انّهعليه‌السلام أشار في القادسية بالشخوص فأبى، كما نقل ان عمر طلب منهعليه‌السلام الشخوص فأبى، فقال: كتب المسلمون الى عمر يعلمونه كثرة من تجمع لهم من أهل فارس و يسألونه المدد، فأراد أن يغزو بنفسه و عسكر لذلك، فأشار عليه العباس و جماعة من مشايخ الصحابة بالمقام، و توجيه الجيوش و البعوث، ففعل ذلك، و أشار عليه عليعليه‌السلام بالمسير، فقال له: اني قد عزمت على المقام، و عرض على علي الشخوص فأباه( ١) .

و كيف كان فقال الدينوري: كانت وقعة نهاوند في سنة (٢١)، و ذلك أن العجم لما قتلوا بجلولاء، و هرب يزدجرد الملك فصار بقم، و وجه رسله في البلدان يستجيش، فغضب له أهل مملكته، فانحلت إليه الأعاجم من أقطار البلاد، فأتاه أهل قومس و طبرستان و جرجان و دنباوند و الري و اصبهان و همذان و الماهين، و اجتمعت عنده جموع عظيمة، فولى أمرهم مردانشاه ابن هرمزد، وجههم الى نهاوند، و كتب عمار بذلك الى عمر الى أن قال ثم تكلم عثمان، فقال: اكتب الى أهل الشام فيسيروا من شامهم، و الى أهل اليمن فيسيروا من يمنهم، و الى أهل البصرة فيسيروا من بصرتهم، و سر أنت بأهل هذا الحرم حتى توافي الكوفة، و قد وافاك المسلمون من أقطار أرضهم و آفاق بلادهم، فانك إذا فعلت ذلك كنت أكثر منهم جمعا و أعز نفرا. فقال المسلمون من كل ناحية: صدق عثمان. فقال عمر لعليعليه‌السلام : ما تقول أنت يا أبا الحسن؟

فقال: انك ان أشخصت أهل الشام من شامهم سارت الروم الى ذراريهم، و ان

____________________

(١) فتوح البلدان: ٢٥٥.

٤١٠

سيرت أهل اليمن من يمنهم خلفت الحبشة على أرضهم، و ان شخصت أنت من هذا الحرم انتقضت عليك الأرض من أقطارها، حتى يكون ما تدع وراءك من العيالات أهم اليك مما قد أمك، و ان العجم إذا رأوك عيانا قالوا: هذا ملك العرب كلّها، فكان أشدّ لقتالهم، و انا لم نقاتل الناس على عهد نبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله و لا بعده بالكثرة، بل اكتب الى أهل الشام أن يقيم منهم بشامهم الثلثان و يشخص الثلث، و كذلك الى عمان، و كذلك سائر الأمصار و الكور» فقال عمر: و هو الرأي كنت رأيته، و لكني أحببت ان تتابعوني عليه. فكتب بذلك الى الأمصار.

ثم قال: لأولين الحرب رجلا يكون غدا لأسنة القوم جرزا، فولّى الأمر النعمان بن مقرن المزني و كان من خيار الصحابة و كان على خراج كسكر،

فدعا عمر السائب بن الأقرع، فدفع إليه عهد النعمان بن مقرن و قال له: ان قتل النعمان فولّي الأمر حذيفة. و ان قتل حذيفة فولّي الأمر جرير البجلي، و ان قتل جرير فالأمير المغيرة، و ان قتل المغيرة فالأمير الأشعث. و كتب الى النعمان:

ان قبلك رجلين هما فارسا العرب عمرو بن معد يكرب و طليحة بن خويلد،

فشاورهما في الحرب و لا تولهما شيئا من الأمر.

ثم قال للسائب: ان أظفر اللَّه المسلمين فتول أمر المغنم، و لا ترفع إلي باطلا، و ان يهلك ذلك الجيش فاذهب فلا أرينك.

فسار السائب حتى ورد الكوفة، و دفع الى النعمان عهده، و وافت الأمداد، و خلف أبو موسى بالبصرة ثلثي الناس، و سار بالثلث الآخر حتى وافى الكوفة، فتجهز الناس، و ساروا الى نهاوند، فنزلوا بمكان يسمى الاسفيدهان من مدينة نهاوند على ثلاثة فراسخ قرب قرية يقال لها قديس جان و أقبلت الأعاجم يقودها مردانشاه بن هرمزد، حتى عسكروا قريبا من عسكر المسلمين، و خندقوا على أنفسهم، و أقام الفريقان بمكانيهما، فقال

٤١١

النعمان لعمرو و طليحة: ما تريان، فان هؤلاء القوم قد أقاموا بمكانهم لا يخرجون منه، و امدادهم تترى عليهم كلّ يوم. فقال عمرو: الرأي ان تشيع ان عمر توفي ثم ترتحل بجميع من معك، فان القوم إذا بلغهم ذلك طلبونا، فتقف لهم عند ذلك. ففعل النعمان ذلك، و تباشرت الأعاجم، و خرجوا في آثار المسلمين، حتى إذا قاربوهم وقفوا لهم، ثم تزاحفوا فاقتتلوا، فلم يسمع إلا وقع الحديد على الحديد، و كثرت القتلى من الفريقين، و حال بينهما الليل، فانصرف كلّ فريق الى معسكره، و بات المسلمون و لهم أنين من الجراح، ثم أصبحوا و ذلك يوم الأربعاء، فتزاحفوا و اقتتلوا يومهم كلّه و صبر الفريقان، ثم كان ذلك دأبهم يوم الخميس، و تزاحفوا يوم الجمعة و توافقوا، و ركب النعمان برذونا أشهب و لبس ثيابا بيضا و سار بين الصفوف يذمر المسلمين و يحضهم،

و جعل ينتظر الساعة التي كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقاتل فيها و يستنزل النصر، و هي زوال النهار و مهب الرياح، و سار في الرايات يقول لهم اني هازّ لكم الراية ثلاثا،

فاذا هززتها أوّل مرة فليشد كلّ رجل منكم حزام فرسه، و ليستلم شكته، فاذا هززتها الثانية فصوبوا رماحكم، و هزوا سيوفكم، فاذا هززتها الثالثة فكبروا و احملوا فاني حامل، فلما زالت الشمس بأدنى صلّوا ركعتين ركعتين و وقف و نظر الناس الى الراية، فلما هزها الثالثة كبروا و حملوا و انتقضت صفوف الأعاجم، و كان النعمان أول قتيل، فحمله أخوه سويد بن مقرن الى فسطاطه،

فخلع ثيابه، فلبسها و تقلّد سيفه، و ركب فرسه، فلم يشك أكثر الناس أنّه النعمان و ثبتوا يقاتلون عدوهم، ثم أنزل اللَّه نصره و انهزمت الأعاجم، فذهبت على وجوهها حتى صاروا الى قرية من نهاوند على فرسخين، فنزلوها لأن حصن نهاوند لم يسعهم، و أقبل حذيفة و قد كان تولى الأمر بعد النعمان حتى أناخ عليهم فحاصرهم بها، فخرجوا ذات يوم مستعدين للحرب، فقاتلهم

٤١٢

المسلمون، فانهزمت الأعاجم و انقطع عظيم من عظمائهم يسمى دينار، فحال المسلمون بينه و بين الدخول الى الحصن، و اتبعه رجل من عبس يقال له سماك بن عبيد، فقتل قوما كانوا معه و استسلم له الفارسي، فاستأسره سماك، فقال لسماك: انطلق بي الى أميركم، فاني صاحب هذه الكورة لأصالحه على هذه الأرض، و افتح له باب الحصن، فانطلق به الى حذيفة،

فصالحه عليها و كتب له بذلك كتابا، فأقبل دينار حتى وقف على باب حصن نهاوند و نادى: افتحوا باب الحصن و انزلوا فقد أمنكم الأمير و صالحني على أرضكم، فنزلوا إليه، فعند ذلك سميت (ماه دينار).

و أقبل رجل من أشراف تلك البلاد الى السائب بن الأقرع و كان على المغانم فقال له: أتصالحني على ضياعي و تؤمنني على أموالي حتى أدلكم على كنز لا يدرى ما قدره، فيكون خالصا لأميركم الأعظم، لأنّه شي‏ء لم يؤخذ في الغنيمة و كان سبب هذا الكنز ان النخارجان الذي كان يوم القادسية أقبل بالمدد، فألفى العجم قد انهزموا، فوقف فقاتل حتى قتل كان من عظماء الأعاجم و كان كريما على كسرى ابرويز، و كانت له امرأة من أكثر النساء جمالا، و كانت تختلف الى كسرى، فبلغ ذلك النخارجان، فرفضها فلم يقربها،

و بلغ ذلك كسرى فقال يوما للنخارجان و قد دخل عليه مع العظماء و الاشراف بلغني ان لك عينا عذبة الماء، و انك لا تشرب منها. فقال النخارجان: أيها الملك، بلغني ان الأسد ينتاب تلك العين، فاجتنبتها مخافة الأسد. فاستحلى كسرى جواب النخارجان و عجب من فطنته، فدخل دار نسائه و كانت له ثلاثة آلاف امرأة لفراشه فجمعهن و أخذ ما كان عليهم من حلي، فجمعه و دفعه الى امرأة النخارجان، و دعا بالصاغة فاتخذوا للنخارجان تاجا من ذهب مكللا بالجوهر الثمين، فتوجه به، فبقي ذلك التاج

٤١٣

و تلك الحلي عند ولد بني تلك المرأة، فلما وقعت الحروب بناحيتهم ساروا به الى قرية لابيهم سميت باسمه يقال لها الخوارجان و فيها بيت نار، فاقتلعوا الكانون و دفنوا الحلي تحته و أعادوا الكانون كهيئته، فقال له السائب: ان كنت صادقا فأنت آمن على أموالك و ضياعك و أهلك و ولدك، فانطلق به حتى استخرجه في سفطين أحدهما التاج و الآخر الحلي، فلما قسم السائب الغنائم بين من حضر القتال و فرغ، حمل السفطين في خرجين على ناقة و قدم بهما على عمر، فكان من أمرهما الخبر المشهور، اشتراهما عمرو بن الحارث بعطاء المقاتلة و الذرية جميعا، ثم حملهما الى الحيرة، فباعهما بفضل كثير و اعتقد بذلك أموالا بالعراق و كان أول قرشي اعتقد بالعراق فقال عروة بن زيد الخيل يذكر أيامهم:

ألا طرقت رحلي و قد نام صحبتي

بأيوان سيرين المزخرف حلتي

و لو شهدت يومي جلولاء حربنا

و يوم نهاوند المهول استهلت

اذن لرأت ضرب امرئ غير خامل

مجيد بطعن الرمح أروع مصلت

و روى قريبا من ذلك من كلامهعليه‌السلام ، و كون السبب تكاتب أهل همدان و الري و اصبهان و قومس و نهاوند، المفيد في (الإرشاد) في قضاياهعليه‌السلام في أيام عمر عن شبابة بن سوار عن أبي بكر الهذلي( ١) .

قول المصنف: (و من كلام لهعليه‌السلام لعمر بن الخطاب و قد استشاره في غزو الفرس بنفسه) هكذا في (المصرية)، و الصواب: ما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم): و من كلام لهعليه‌السلام و قد استشاره عمر بن الخطاب في الشخوص لقتال الفرس بنفسه. لكن ليس في نسخة (ابن أبي الحديد): (ابن الخطاب)( ٢) .

____________________

(١) الارشاد: ١١١.

(٢) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٥، لكن في شرح ابن ميثم ٣: ١٩٤ مثل المصرية.

٤١٤

قولهعليه‌السلام : «ان هذا الأمر لم يكن نصره و خذلانه بكثرة و لا قلّة» هكذا في (المصرية) و الصواب: «و لا بقلة» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ١) .

و كيف كان فظن صاحب عمر ان نصر المسلمين انما كان بالكثرة، كما في يوم حنين قال تعالى: و يوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين. ثم أنزل اللَّه سكينته على رسوله و على المؤمنين( ٢) .

قالوا: خرج النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله متوجها الى حنين في عشرة آلاف من المسلمين، فظن أكثرهم انهم لن يغلبوا لما شاهدوه من جمعهم و كثرة عدتهم و سلاحهم، و أعجب أبا بكر الكثرة يومئذ فقال: لن نغلب اليوم من قلة. فلما التقوا لم يلبثوا حتى انهزموا، و لم يبق مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إلا تسعة من بني هاشم،

و أيمن بن أم أيمن( ٣) .

قال ابن قتيبة في (معارفه): كان الذين ثبتوا يوم حنين بعد هزيمة الناس علي و العباس، و الفضل بن عباس، و أبو سفيان بن الحارث، و ابنه، و ربيعة بن الحارث، و اسامة بن زيد، و أيمن بن ام أيمن، و قتل يومئذ، قال العباس:

نصرنا رسول اللَّه في الحرب سبعة

و قد فرّ من قد فرّ منهم فأقشعوا

و ثامننا لقي الحمام بسيفه

بما مسه في اللَّه لا يتوجع

يعني أيمن.

«و هو دين اللَّه الذي أظهره» هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحقّ

____________________

(١) راجع شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٥، و شرح ابن ميثم ٣: ١٩٤.

(٢) التوبة: ٢٥ و ٢٦.

(٣) روى هذا السبب في نزول الآية الواقدي في المغازي ٣: ٨٩٠.

٤١٥

ليظهره على الدين كلّه و لو كره المشركون( ١) .

«و جنده الذي أعده و أمده» و اذ يعدكم اللَّه احدى الطائفتين انها لكم و تودون ان غير ذات الشوكة تكون لكم و يريد اللَّه ان يحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين. ليحق الحق و يبطل الباطل و لو كره المجرمون. اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم اني ممدكم بألف من الملائكة مردفين. و ما جعله اللَّه إلا بشرى و لتطمئن به قلوبكم و ما النصر إلا من عند اللَّه ان اللَّه عزيز حكيم. اذ يغشيكم النعاس امنة منه و ينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به و يذهب عنكم رجز الشيطان و ليربط على قلوبكم و يثبت به الأقدام. اذ يوحي ربك الى الملائكة اني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق و اضربوا منهم كلّ بنان( ٢) .

يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة اللَّه عليكم اذ جائتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا و جنودا لم تروها و كان اللَّه بما تعملون بصيرا( ٣) .

لقد نصركم اللَّه في مواطن كثيرة و يوم حنين الى و أنزل جنودا لم تروها و عذّب الذين كفروا و ذلك جزاء الكافرين( ٤) .

«حتى بلغ» الإسلام «ما بلغ و طلع حيثما» هكذا في (المصرية)، و الصواب:

«حيث» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٥ ) «طلع» انا فتحنا لك فتحا مبينا( ٦) .

____________________

(١) التوبة: ٣٣ و الصف: ٩.

(٢) الانفال: ٧ ١٢.

(٣) الاحزاب: ٩.

(٤) التوبة: ٢٥ و ٢٦.

(٥) لفظ شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٥، و شرح ابن ميثم ٣: ١٩٤ مثل المصرية.

(٦) الفتح: ١.

٤١٦

إذا جاء نصر اللَّه و الفتح. و رأيت الناس يدخلون في دين اللَّه أفواجا.

فسبّح بحمد ربك و استغفره انّه كان توابا( ١) .

«و نحن على موعود من اللَّه و اللَّه منجز وعده و ناصر جنده» في (تاريخ الطبري) عن عمرو بن عوف المزني قال: خط النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الخندق عام الاحزاب من أجم الشيخين طرف بني حارثة حتى بلغ المذاد، ثم قطعه أربعين ذراعا بين كلّ عشرة، فاحتق المهاجرون و الأنصار في سلمان و كان رجلا قويا فقالت الأنصار سلمان منّا و قالت المهاجرون سلمان منّا، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سلمان منّا أهل البيت، فكنت أنا و سلمان و حذيفة و النعمان بن مقرن المازني و ستة من الأنصار في أربعين ذراعا، فحفرنا تحت ذناب حتى بلغنا الندى،

فأخرج اللَّه تعالى من بطن الخندق صخرة بيضاء مروة، فكسرت حديدنا و شقت علينا، فقلنا يا سلمان أرق الى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبره خبر هذه الصخرة،

فاما ان نعدل عنها فان المعدل قريب، و اما أن يأمرنا فيها بأمره، فانا لا نحب أن نجاوز خطه، فرقى سلمان حتى أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله و هو ضارب عليه قبة تركية، فقال له: بأبينا أنت و امنا خرجت صخرة بيضاء من الخندق مروة،

فكسرت حديدنا و شقت حتى ما نحك فيها قليلا و لا كثيرا، فمرنا فيها بأمرك،

فهبط النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله مع سلمان في الخندق و رقينا نحن التسعة على شقة الخندق،

فأخذ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله المعول من سلمان، فضرب الصخرة ضربة صدعها و برقت منها برقة أضاءت ما بين لابيتها الى المدينة حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبّر النبي تكبير فتح و كبّر المسلمون، ثم ضربها النبي الثانية،

فصدعها و برق منها برقة أضاء ما بين لا بيتها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبّر النبي تكبير فتح و كبر المسلمون، ثم ضربها النبي الثالثة،

____________________

(١) النصر: ١ ٣.

٤١٧

فكسرها و برق منها برقة اضاء ما بين لا بيتها حتى لكأن مصباحا في جوف بيت مظلم، فكبر النبي تكبير فتح و كبر المسلمون.

ثم أخذ بيده سلمان فرقا، فقال سلمان لهصلى‌الله‌عليه‌وآله : بأبي أنت و امي لقد رأيت شيئا ما رأيته قط، فالتفت النبي الى القوم فقال: هل رأيتم ما يقول سلمان؟

فقالوا: نعم بأبي أنت و امنا قد رأيناك تضرب، فيخرج برق كالموج، فرأيناك تكبر و نكبر و لا نرى شيئا غير ذلك. قال: صدقتم ضربت ضربتي الاولى،

فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحيرة و مدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرئيل ان امتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثانية،

فبرق الذي رأيتم أضاءت لي منها قصور الحمر من أرض الروم كأنها أنياب الكلاب، فأخبرني جبرئيل ان امتي ظاهرة عليها، ثم ضربت ضربتي الثالثة،

فبرق منها الذي رأيتم أضاءت له منها قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب،

فأخبرني جبرئيل ان امتي ظاهرة عليها، فابشروا يبلغهم النصر، و ابشروا يبلغهم النصر، و ابشروا يبلغهم النصر.

فاستبشر المسلمون و قالوا: الحمد للَّه، موعد صادق بار، وعدنا النصر بعد الحصر، فطلعت الاحزاب، فقال المؤمنون: هذا ما وعدنا اللَّه و رسوله،

و صدق اللَّه و رسوله، و ما زادهم إلا ايمانا و تسليما، و قال المنافقون: ألا تعجبون يحدثكم و يمنّيكم و يعدكم الباطل، يخبركم أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة و مدائن كسرى، و انها تفتح لكم، و أنتم تحفرون الخندق و لا تستطيعون أن تبرزوا، فأنزل القرآن و إذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا اللَّه و رسوله إلا غرورا( ١) .

«و مكان القيّم بالأمر مكان النظام» الخيط الذي ينظم به اللؤلؤ «من الخرز»

____________________

(١) تاريخ الطبري ٢: ٢٣٥ سنة ٥. و الآية ١٢ من سورة الأحزاب.

٤١٨

بالتحريك، و خرزات الملك جواهر تاجه.

«يجمعه و يضمه فاذا» هكذا في (المصرية)، و الصواب: «فان» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ١ ) «انقطع النظام تفرق الخرز و ذهب» هكذا في (المصرية)، و الصواب: «تفرق و ذهب» بدون «الخرز» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢) .

في (عيون القتيبي): مثل الاسلام و السلطان و الناس مثل الفسطاط و العمود و الأطناب و الأوتاد، فالفسطاط الاسلام و العمود السلطان و الاطناب و الأوتاد الناس، لا يصلح بعضه إلا ببعض.

«ثم لم يجتمع بحذافيره» أي: بأسره و كماله و نواحيه «أبدا و العرب اليوم و ان كانوا قليلا» بالعدد «فهم كثيرون بالاسلام» قال تعالى: و اذكروا اذْ كُنْتُم قليلا فكثركم( ٣ ) و حدعليه‌السلام القليل كالآية، و قالوا: و يجوز فيه الجمع.

«عزيزون بالاجتماع» تحت لواء الاسلام، مثلوا الجمع المجتمع باخشاب مجتمعة لم يقدر أحد كسرها، و الجمع المتفرق بأخشاب متفرقة يكسرها كلّ أحد.

«فكن قطبا و استدر الرحى بالعرب و أصلهم» قال الجوهري: صليت الرجل نارا، إذا أدخلته النار، فان ألقيته فيها القاء كأنك تريد الإحراق قلت: أصليته.

«دونك نار الحرب فانك ان شخصت» أي: تحركت «من هذه الأرض انتقضت عليك العرب من أطرافها و أقطارها حتى يكون ما تدع وراءك من العورات» قال الجوهري: العور كل خلل يتخوّف منه في ثغر أو حرب.

____________________

(١) لفظ شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٥، و شرح ابن ميثم ٣: ١٩٤ مثل المصرية.

(٢) المصدر السابق.

(٣) الاعراف: ٨٦.

٤١٩

«أهم اليك مما بين يديك» من الأعداء «ان الأعاجم» و المراد به هنا من لسانه غير عربي، قال تعالى: و لو نزّلناه على بعض الأعجمين( ١) .

«ان ينظروا اليك غدا يقولوا هذا أصل العرب، فاذا قطعتموه» هكذا في (المصرية) و الصواب: «فاذا اقتطعتموه» كما في الثلاثة( ٢ ) ، أي: قلعتموه «استرحتم فيكون ذلك أشدّ لكلبهم» بالتحريك أي: شدتهم و إذا هم «عليك و طمعهم فيك».

«فأما ما ذكرت من مسير القوم الى قتال المسلمين فان اللَّه سبحانه هو اكره لمسيرهم منك و هو أقدر على تغيير ما يكره» يريدون ليُطفئوا نور اللَّه بأفواهم و اللَّه متم نوره و لو كره الكافرون( ٣ ) يريدون أن يُطفئوا نور اللَّه بأفواههم و يأبي اللَّه إلا أن يتمّ نوره و لو كره الكافرون( ٤) .

«و أما ما ذكرت من عددهم فانا لم نكن نقاتل فيما مضى بالكثرة و انما كنّا نقاتل بالنصر و المعونة» كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن اللَّه و اللَّه مع الصابرين( ٥) .

٢ - الخطبة (١٣٢) و من كلام لهعليه‌السلام و قد شاوره عمر في الخروج إلى غزو الروم بنفسه:

وَ قَدْ تَوَكَّلَ اَللَّهُ لِأَهْلِ هَذَا اَلدِّينِ بِإِعْزَازِ اَلْحَوْزَةِ وَ سَتْرِ اَلْعَوْرَةِ وَ اَلَّذِي

____________________

(١) الشعراء: ١٩٨.

(٢) كذا في شرح ابن أبي الحديد ٩: ٩٥، لكن في شرح ابن ميثم ٣: ١٩٤ مثل المصرية.

(٣) الصف: ٨.

(٤) التوبة: ٣٢.

(٥) البقرة: ٢٤٩.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621