بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 621

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 104534 / تحميل: 9058
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وفيه أيضاً في أوائل الكتاب: محمد بن قولويه، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن سليمان بن داود الرازي، عن علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم، قال قال أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام : إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين حواري محمد بن عبد الله الذين لم ينقضوا العهد ومضوا اليه؟

فيقوم سلمان والمقداد وأبو ذر.

ثم ينادي المنادي: أين حواري علي بن أبي طالبعليه‌السلام وصي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فيقوم عمرو بن الحمق، ومحمد بن أبي بكر، وميثم التمار مولى بني أسد، وأويس القرني... الحديث. راجع أيضاً:معجم رجال الحديث: ٤/١٥٤

وقد نقل عن أويس أنه في بعض الليالي يقول: هذه ليلة الركوع ويتم الليلة بركوع واحد، وفي الليلة الأخرى يقول: هذه ليلة السجود ويتمها بسجدة، فقيل له: يا أويس كيف تطيق على مضي الليالي الطويلة على منوال واحد؟

فقال أويس: أين الليلة الطويلة؟ فياليت كان من الأزل الى الأبد ليلة واحدة حتى نتمها بسجدة واحدة، ونتوفر على الأنين والبكاء الى آخرها.

أويس ختام المسك الموعود في حرب الجمل

قال المفيد في الارشاد: ١/٣١٥:

نقلاً عن ابن عباس أن أمير المؤمنينعليه‌السلام جلس بذي قار لأخذ البيعة فقال:

يأتيكم من قبل الكوفة ألف رجل لا يزيدون رجلاً ولا ينقصون رجلاً يبايعونني على الموت.

قال ابن عباس: فجزعت لذلك أن ينقص القوم عن العدد أو يزيدون عليه، فيفسد الأمر علينا، ولم أزل مهموماً دأبي إحصاء القوم، حتى ورد أوايلهم فجعلت أحصيهم فاستوفيت عددهم تسعماة وتسعة وتسعون رجلاً، ثم انقطع مجيء القوم فقلت: إنا لله وإنا اليه راجعون، ماذا حمله على ماقال؟!

٦١

فبينما أنا مفكر في ذلك إذ رأيت شخصاً قد أقبل، حتى إذا دنا وإذا هو رجل عليه قباء صوف معه سيفه وترسه وإداوته، فقرب من أميرالمؤمنينعليه‌السلام فقال له: أمدد يدك أبايعك، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : على م تبايعني؟ قال: على السمع والطاعة، والقتال بين يديك حتى أموت، أو يفتح الله عليك.

فقال له: ما اسمك؟

قال: أويس.

قال: أنت أويس القرني؟

قال: نعم.

قال: الله أكبر، أخبرني حبيبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أني أدرك رجلاً من أمته يقال له أويس القرني، يكون من حزب الله ورسوله، يموت على الشهادة، يدخل في شفاعته مثل ربيعة ومضر.

قال ابن عباس: فسرى والله عني. انتهى.

ورواه في الخرائج والجرائح: ١/٢٠٠، وإعلام الورى/١٧٠، والثاقب في المناقب/٢٦٦، وبحار الأنوار: ٣٧/٢٩٩

وفي مناقب آل أبي طالب: ٢/١٠٤:

ابن عباس أنه قالعليه‌السلام يوم الجمل: لنظهرن على هذه الفرقة، ولنقتلن هذين الرجلين. وفي رواية: لنفتحن البصرة وليأتينكم اليوم من الكوفة ثمانية آلاف رجل وبضع وثلاثون رجلاً، فكان كما قال. وفي رواية ستة آلاف وخمسة وستون.

وقال المفيد في الجمل/٤٩:

ونحن نذكر الأن جملة من بايع أمير المؤمنينعليه‌السلام الراضين بإمامته الباذلين أنفسهم في طاعته بعد الذي أجملناه من الخبر عنهم ممن يعترف المنصف بوقوفه على أسمائهم تحقيق ما وصفناه، من غنايتهم في الدين وتقدمهم في الإسلام، ومكانهم

٦٢

من نبي الهدى، وأن الواحد منهم لو ولي العقد لامام لانعقد الأمر به، خاصة عند خصومنا فضلا عن جماعتهم، وعلى مذهبهم فيما يدعونه من ثبوت الإمامة بالاختيار وآراء الرجال، وتضمحل بذلك عنده شبهات الأموية فيما راموه من القدح في دليلنا، بما ذكروه من خلاف من سموه حسبما قدمنا.

ومن بايع أمير المؤمنين بغير ارتياب ودان بامامته على الاجماع والاتفاق، واعتقد فرض طاعته والتحريم لخلافه ومعصيته، والحاضرون معه في حرب البصرة ألف وخمسماية رجل، من وجوه المهاجرين الأولين والسابقين الى الإسلام والأنصار البدريين العقبيين، وأهل بيعة الرضوان، من جملتهم سبعمائة من المهاجرين وثمانمائة من الأنصار، سوى أبنائهم وخلفايهم ومواليهم، وغيرهم من بطون العرب والتابعين بإحسان، على ماجاء به الثبت من الأخبار... الى أن قال:

بيعة باقي الشيعة:

ومن يلحق منهم بالذكر من أوليائهم وعلية شيعتهم، وأهل الفضل في الدين والايمان والعلم والفقه والقرآن، المنقطعين الى الله تعالى بالعبادة والجهاد، والتمسك بحقائق الايمان: محمد بن أبي بكر، ربيب أمير المؤمنين وحبيبه. ومحمد بن أبي حذيفة وليه وخاصته المستشهد في طاعته.

ومالك ابن الحرث الاشتر النخعي، سيفه المخلص في ولايته.

وثابت بن قيس النخغي.

وعبد الله بن أرقم.

وزيد بن الملفق.

وسليمان بن صرد الخزاعي.

وقبيصة وجابر وعبد الله ومحمد بن بديل الخزاعي.

وعبد الرحمن بن عديس السلولي.

وأويس القرني...

٦٣

أويس ختام المسك الموعود في حرب صفين

في خصائص الأئمة/٥٣:

وبإسناد عن الأصبغ بن نباتة قال: كنت مع أمير المؤمنينعليه‌السلام بصفين فبايعه تسعة وتسعون رجلاً، ثم قال: أين تمام المائة؟ فقد عهد إليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( أنه ) يبايعني في هذا اليوم مائة رجل!

قال فجاء رجل عليه قباء صوف متقلد سيفين فقال: هلم يدك أبايعك.

فقال: على م تبايعني؟

قال: على بذل مهجة نفسي دونك!

قال: ومن أنت؟

قال: أويس القرني، فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه حتى قتل، فوجد في الرجالة مقتولاً.

وفي اختيار معرفة الرجال: ١/٣١٥:

وروى الحسن بن الحسين القمي، عن علي بن الحسن العرني، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، قال كنا مع عليعليه‌السلام بصفين، فبايعه تسعة وتسعون رجلا، ثم قال: أين المائة لقد عهد اليّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يبايعني في هذا اليوم مائة رجل. قال: إذ جاء رجل عليه قباء صوف متقلداً بسيفين فقال: أبسط يدك أبايعك.

قال عليعليه‌السلام : على م تبايعني؟ قال: على بذل مهجة نفسي دونك.

قال: من أنت؟ قال: أنا أويس القرني.

قال: فبايعه فلم يزل يقاتل بين يديه حتى قتل، فوجد في الرجالة.

وفي رواية اُخرى، قال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : كن أويساً.

قال: أنا أويس.

قال: كن قرنياً قال: أنا أويس القرني.

٦٤

وإياه يعني دعبل بن علي الخزاعي في قصيدته التي يفتخر فيها على نزار، وينقض على الكميت بن زيد قصيدته التي يقول فيها:

ألا حييت عنا يـا مدينا

أويس ذو الشفاعة كان منا

فيوم البعث نحن الشافعونا

راجع أيضاً: الخرائج والجرائح: ١/٢٠٠ والثاقب في المناقب/٢٦٦ وجامع الرواة: ١/ ١١٠، ومدينة المعاجز: ٢/٢٩٩، ومعجم رجال الحديث (ط. ج ): ٤/١٥٤

وفي بحار الأنوار: ٢٩/٥٨٣:

وبرز عبد الله بن جعفر في ألف رجل، فقتل خلقا حتى استغاث عمرو بن العاص. وأتى أويس القرني متقلداً بسيفين ويقال: كان معه مرماة ومخلاة من الحصى، فسلم على أمير المؤمنينعليه‌السلام وودعه، وبرز مع رجالة ربيعة، فقتل من يومه، فصلى عليه أمير المؤمنينعليه‌السلام ودفنه. انتهى.

وفي المناقب/٢٤٩:

وفي رواية: قتل من أصحاب أميرالمؤمنينعليه‌السلام في ذلك اليوم والليلة ألفا رجل وسبعون رجلاً، وفيهم أويس القرني زاهد زمانه، وخزيمة بن ثابت الأنصاري ذوالشهادتين، وقتل من أصحاب معاوية في ذلك اليوم سبعة آلاف رجل. انتهى.

**

وتدل هذه النصوص على أن أويساًرضي‌الله‌عنه ملهم من الله تعالى، حيث قال في بيعته لأمير المؤمنينعليه‌السلام يوم الجمل ( على السمع والطاعة، والقتال بين يديك حتى أموت، أو يفتح الله عليك ) فكان الفتح.

وقال يوم صفين ( على بذل مهجة نفسي دونك ) ولم يذكر الفتح!

وتدل على مقادير الله تعالى لهذا الولي الكبير أن يكون تمام الألف في حرب الجمل، ثم تمام المئة في صفين، مبايعاً على الموت في سبيل الله تعالى.

٦٥

وتدل هي وغيرها على أنه وجماعته كانوا فوجاً مقاتلاً، وأنهم قاتلوا قتال الأبطال المستميتين، فقد كسر أويس جفن سيفه، ووجد فيه أربعون طعنة، وصلى عليه ودفنه أمير المؤمنينعليه‌السلام .

وليس كما ذكر أسير بن جابر أنه سرعان ماجاءه سهم فقتل، وأنه هو دفنه.. الخ.

متفرقات عن أويس

في طرائف المقال: ٢/٥٩٢:

وفي رجال الكشي: علي بن محمد بن قتيبة قال: سئل أبو محمد عن الزهاد الثمانية فقال: الربيع بن خيثم، وهرم بن حيان، وأويس القرني، وعامر بن عبد قيس، وكانوا مع عليعليه‌السلام ومن أصحابه، وكانوا زهاداً أتقياء.

وأما أبو مسلم أهبان بن صيفي، فإنه كان فاجراً مرائياً، وكان صاحب معاوية، وهو الذي كان يحث الناس على قتال علي فقال لعليعليه‌السلام : إدفع الينا المهاجرين والأنصار حتى نقتلهم بعثمان، فأبى علي ذلك، فقال أبومسلم: الآن طاب الضراب إنما! كان وضع فخاً ومصيدة.

وأما مسروق، فانه كان عشاراً لمعاوية، ومات في عمله ذلك بموضع أسفل من واسط على دجلة يقال له الرصافة، وقبره هناك.

والحسن كان يلقي كل فرق بما يهوون، ويتصنع للرئاسة، وكان رئيس القدرية.

وأويس القرني مفضل عليهم كلهم.

قال أبومحمد: ثم عرف الناس بعد.

وكان أويس من خيار التابعين لم ير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يصحبه، بل آمن به في الغياب، ولعدم المكنة وتفرق الحال والاشتغال على خدمات أمه لم يدرك صحبته، وكان شغله رعي الجمال وأخذ الأجرة. انتهى.

راجع أيضاً: خلاصة الاقوال/٢٤، والتحرير الطاووسي/٧٤، ووسائل الشيعة: ٢٠/١٤٤، ومعجم رجال الحديث: ٤/١٥٤، ولسان الميزان: ١/٤٧١

٦٦

وفي بحار الأنوار: ٦٣/٣٩٠:

قال أويس لهرم بن حيان: قد عمل الناس على رجاء، فقال: بل نعمل على الخوف والخوف خوفان ثابت وعارض، فالثابت من الخوف يورث الرجاء، والعارض منه يورث خوفاً ثابتاً.

والرجاء رجاءان: عاكف وباد، فالعاكف منه يقوى نسبة العبد، والبادي منه يصحح أمل العجز والتقصير والحياء.

مستدرك الوسائل: ١٦/٧٣:

مجموعة الشهيدرحمه‌الله : نقلاً من كتاب قضايا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن أويس القرني قال: كنا عند أمير المؤمنين إذ أقبلت امرأة متشبثة برجل، وهي تقول: يا أ مير المؤمنين لي على هذا الرجل أربعمائة دينار، فقالعليه‌السلام : للرجل: ما تقول المرأة؟

فقال: ما لها عندي إلا خمسون درهماً مهرها.

فقالت: يا أمير المؤمنين، أعرض عليه اليمين، فقالعليه‌السلام : تقول باركاً وتشخص ببصرك الى السماء:

اللهم إن كنت تعلم أن لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها وطلب نشوها وأنكر ما ذكر ته من مهرها، فلا استعنت بك من مصيبة، ولا سألتك فرج كربة، ولا احتجت اليك في حاجة، وإن كنت أعلم أنك تعلم أن ليس لهذه المرأة شيئاً أريد ذهاب حقها فلا تقمني من مقامي هذا حتى تريها نقمتها منك.

فقال: والله يا أمير المؤمنين لا حلفت بهذا اليمين أبداً، وقد رأيت أعرابياً حلف بها بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسلط الله عليه ناراً فأحرقته من قبل أن يقوم من مقامه، وأنا أوفيها ما ادعته علي. انتهى.

ورواه في الخرائج والجرائح: ١/٢٠٠، والثاقب في المناقب/٢٦٦، ومدينة المعاجز: ٢/٢٩٩

٦٧

من الأدعية المروية عن أويس

في مستدرك الوسائل: ٥/٤٨:

السيد رضي الدين علي بن طاووس في مهج الدعوات: عن موسى بن زيد، عن أويس القرني، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث أنه قال: من دعا بهذا الدعاء في منامه، فيذهب به النوم وهو يدعو بها، بعث الله جل ذكره، بكل حرف منه سبعين ألف ملك من الروحانية، وجوهم أحسن من الشمس بسبعين ألف مرة، يستغفرون الله، ويدعون له، ويكتبون له الحسنات... الخبر.

الدعاء: يا سلام المؤمن المهيمن، العزيز الجبار المتكبر، الطاهر المطهر، القاهر القادر المقتدر، يا من ينادى من كل فج عميق، بألسنة شتى ولغات مختلفة، وحوائج أخرى، يا من لا يشغله شأن عن شأن، أنت الذي لا تغيرك الازمنة، ولا تحيط بك الامكنة، ولا تأخذك نوم ولا سنة، يسر لي من أمري ما أخاف عسره، وفرج من أمري ما أخاف كربه، وسهل لي من أمري ما أخاف حزنه، سبحانك لا الَه إلا أنت، إني كنت من الظالمين، عملت سوءاً، وظلمت نفسي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، والحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. انتهى. ورواه في بحار الأنوار: ٨٨/٣٩٠

وفي حلية الأولياء: ٨/٥٦:

سفيان الثقفي الكوفي، ثنا أبو علي الحسن بن عبد الله الوزان، ثنا أبو سعيد عمران بن سهل، ثنا سليمان بن عيسى، عن سفيان الثوري، عن ابراهيم بن أدهم، عن موسى بن يزيد، عن أويس القرني عن عمر بن الخطاب عن علي بن أبي طالب قالا:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له دعاه. والذي بعثني بالحق لو دعا بهذه الأسماء على صفائح من الحديد لذابت بإذن الله، ولو دعا بها على ماء جار لسكن بإذن الله.

٦٨

والذي بعثني بالحق إنه من بلغ اليه الجوع والعطش، ثم دعا بهذه الأسماء أطعمه الله وسقاه، ولو دعا بهذه الأسماء على جبل بينه وبين الموضع الذي يريده الآن الله له شعب الجبل، حتى يسلك فيه إلي الموضع الذي يريده.

وإن دعا به على مجنون أفاق من جنونه، وإن دعا به على امرأة قد عسر عليها ولدها هون الله عليها، ولو أن رجلاً دعا به والمدينة تحرق وفيها منزله أنجاه الله ولم يحترق منزله.

وإن دعا أربعين ليلة من ليالي الجمعة غفر الله له كل ذنب بينه وبين الله عز وجل، ولو أن رجلاً دعا على سلطان جائر لخلصه الله من جوره.

ومن دعا بها عند منامه بعث الله اليه بكل اسم منها سبعين ألف ملك مرة يكتبون له الحسنات ومرة يمحون عنه السيئات، ويرفعون له الدرجات الى يوم ينفخ الصور.

فقال سلمان: يا رسول الله فكل هذا الثواب يعطيه الله؟

قال: نعم يا سلمان، ولولا أني أخشي أن تتركوا العمل وتقتصروا على ذلك لأخبرتك بأعجب من هذا!

قال سلمان: علمنا يا رسول الله.

قال: نعم، قل:

اللهم إنك حي لا تموت، وغالب لا تغلب، وبصير لا ترتاب، وسميع لا تشك، وقهار لا تقهر، وأبدي لا تنفد، وقريب لا تبعد، وشاهد لا يغيب، والَه لا تضاد، وقاهر لا تظلم، وصمد لا تطعم، وقيوم لا تنام، ومحتجب لا ترى، وجبار لا تضام، وعظيم لا ترام، وعالم لا تعلم، وقوي لا تضعف، وجبار لا توصف، ووفي لا تخلف، وعدل لا تحيف، وغني لا تفتقر، وكنز لا تنفد، وحكم لا تجور، ومنيع لا تقهر، ومعروف لا تنكر، ووكيل لا تحقر، ووتر لا تستشار، وفرد لا يستشير، ووهاب لا ترد وسريع لا تذهل، وجواد لا تبخل، وعزيز لا تذل، وعليم لا تجهل، وحافظ لا تغفل، وقيوم لا تنام، ومجيب لا تسأم، ودائم لا تفنى، وباق لا تبلى، وواحد لا تشبه، ومقتدر لا تنازع .

٦٩

هذا حديث لا يعرف إلا من هذا الوجه، وموسى بن يزيد ومن دون ابراهيم وسفيان فيهم جهالة.

وفي حلية الأولياء: ١٠/٣٨٠:

ثنا عبد الله بن عبيدة العامري، ثنا سورة بن شداد الازهد، عن سفيان الثوري، هو عن ابراهيم بن أدهم عن موسى بن يزيد عن أويس القرني عن علي بن أبي طالب، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة غير واحد، ما من عبد يدعو بهذه الأسماء إلا وجبت له الجنة، إنه وتر يحب الوتر هو الله الذي لا إلَه إلا هو الرحمن الرحيم الملك القدوس السلام.. الى قوله الرشيد الصبور.. مثل حديث الأعرج عن أبي هريرة حديث الأعرج عن أبي هريرة صحيح متفق عليه، وحديث الثوري عن ابراهيم فيه نظر لا صحة له.

وقال ابن الجوزي في الموضوعات: ٣/١٧٥:

دعاء منقول: أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد البغدادي، أنبأنا عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة، أنبأنا أبي، أنبأنا ابراهيم بن محمد بن رجاء الوراق، حدثنا ابراهيم بن محمد بن يزيد بن خالد المروزي، حدثنا محمد بن موسى السلمي، حدثنا أحمد بن عبد الله النيسابوري، عن شقيق البلخي، عن ابراهيم بن أدهم، عن موسى بن يزيد، عن أويس القرني، عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دعا بهذه الأسماء استجاب الله له:

اللهم أنت حي لا تموت، وخالق لا تغلب، وبصير لا ترتاب، وسميع لا تشك، وصادق لا تكذب، وقاهر لا تغلب، وندى لا تنفذ، وقريب لا تبعد، وغافر لا تظلم، وصمد لا تطعم، وقيوم لا تنام، وجبار لا تقهر، وعظيم لا ترام، وعالم لا تعلم، وقوي لا تضعف، وعليم لا توصف، ووفي لا تخلف، وعدل لا تحيف، وغني لا تفتقر، وحكيم لا تجور، ومنيع لا تقهر، ومعروف لا تنكر، ووكيل لا تحقر، وغالب

٧٠

لا تغلب، ووتر لا تستأمر، وفرد لا تستشير، ووهاب لا تمل، وسريع لا تذهل، وجواد لا تبخل، وعزيز لا تذل، وحافظ لا تغفل، وقائم لا تنام، ومحتجب لا ترى، ودائم لا تفنى وباق لا تبلى، وواحد لا تشبه ومقتدر لا تنازع.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي بعثني لو دعى بهذه الدعوات والأسماء على صفائح الحديد لذابت، ولو دعى بها على ماء جار لسكن، ومن أبلغ اليه الجوع والعطش ثم دعا به أطعمه الله وسقاه، ولو أن بينه وبين موضع يريده جبل لانشعب له الجبل حتى يسلكه الى الموضع الذى يريد، ولو دعى به على مجنون لافاق، ولو دعى على امرأة قد عسر عليها ولدها، ولو دعا بها والمدينة تحترق وفيها منزله لنجا ولم يحترق منزله، ولو دعى بها أربعين ليلة من ليالي الجمعة غفر له كل ذنب بينه وبين الله عزوجل، ولو أنه دخل على سلطان جائر ثم دعى بها قبل أن ينظر السلطان اليه لخلصه الله من شره، ومن دعى بها عند منامه بعث الله عز وجل بكل حرف منها سبعمائة ألف ملك من الروحانيين، وجوههم أحسن من الشمس والقمر، يسبحون له ويستغفرون له ويدعون ويكتبون له الحسنات ويمحون عنه السيئات ويرفعون له الدرجات.

فقال سلمان: يا رسول أيعطى الله بهذه الأسماء كل هذا الخير؟ فقال: لا تخبر به الناس حتى أخبرك بأعظم منها، فإني أخشى أن يدعوا العمل ويقتصروا على هذا. ثم قال: من نام وقد دعا بها، فإن مات مات شهيدا وإن عمل الكبائر وغفر لأهل بيته، ومن دعى بها قضى الله له ألف ألف حاجة.

وقد رواه سليمان بن عيسى عن سفيان الثوري، عن ابراهيم بن أدهم إلا أن الألفاظ تختلف. ورواه مختصراً الحسين بن داود البلخي، عن شقيق بن ابراهيم.

هذا حديث موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي طرقه كلمات ركيكة يتنزه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثلها وأسماء لله يتعالى الحق عنها، ولم نر التطويل بذكر الطرق لأنها من جنس واحد.

٧١

وفي الطريق الأول أحمد بن عبد الله وهو الجويباري.

وفي الطريق الثاني سليمان بن عيسى.

وفي الثالث الحسين بن داود، وثلاثتهم كانوا يضعون الحديث، والله أعلم أنهم ابتدوا بوضعه، ثم سرقه الآخران وبدّلا فيه وغيّرا.

وقد روى لنا من طريق مظلم فيه مجاهيل وفيه زيادات ونقصان. انتهى.

**

ونحن لا نحكم بصحة الأدعية المروية عن أويسرحمه‌الله ، وهي أكثر من هذه النماذج التي ذكرناها، فرواياتها خاضعة للبحث العلمي وقواعد الجرح والتعديل، ولكنها تدل على المكانة العميقة لهرحمه‌الله في نفوس المسلمين من الشيعة والسنة، وأنه ثبت عندهم أن أويساً من أولياء الله الخاصين النادرين، كما ثبتت عندهم أحاديث شفاعته الواسعة..

جعلنا الله ممن تشملهم شفاعة النبي وآله، وشيعتهم المقربين.

شفاعة أويس القرني لمئات الألوف أو الملايين

تقدم ذكر شفاعة أويس القرنيرحمه‌الله في أحاديث عديدة، ومنها أحاديث صحيحة من الدرجة الأولى عند الطرفين، ونورد هنا ما يلي:

في مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٨:

حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري، ثنا محمد بن عبدالسلام، ثنا اسحاق بن ابراهيم، ثنا عبد الوهاب الثقفي، ثنا خالد الحذاء، عن عبدالله بن شقيق، عن عبدالله بن أبي الجدعاء أنه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من بني تميم.

قال الثقفي قال هشام: سمعت الحسن يقول إنه أويس القرني. صحيح الاسناد ولم يخرجاه.ورواه في سير أعلام النبلاء: ٤/٣٢

٧٢

وفي مستدرك الحاكم: ٣/٤٠٥:

حدثنا أبو العباس أحمد بن زياد الفقيه بالدامغان، ثنا محمد بن أيوب، أنا أحمد بن عبد الله بن يونس، ثنا أبو بكر بن عياش، عن هشام عن الحسن قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر.

قال هشام فأخبرني حوشب عن الحسن أنه أويس القرني.

قال أبو بكر بن عياش: فقلت لرجل من قومه: أويس بأي شيء بلغ هذا؟

قال: فضل الله يؤتيه من يشاء.

وفي تاريخ الطبري: ١٠/١٤٥:

حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو بكر قال حدثنا هشام، عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر: قال هشام: فأخبرني حوشب أنه قال: هو أويس القرني.

وفي تاريخ الطبري: ١١/٦٦٢:

عن هشام عن الحسن.. قال رسول الله ( ص ) ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي مثل ربيعة ومضر.. أنه قال هو أويس القرني.

وفي كنز العمال: ١٢/٧٣:

سيكون في أمتي رجل يقال له أويس بن عبد الله القرني، وإن شفاعته في أمتي مثل ربيعة ومضر ( عد، عن ابن عباس ).

وفي كنز العمال: ١٢/٧٦:

يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر ( ش، ك، هق، وابن عساكر عن الحسن مرسلاً، قال الحسن: هو أويس القرني ).

وفي كنز العمال: ١٤/٨:

عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل بشفاعة رجل من أمتي الجنة أكثر من ربيعة ومضر، أما أسمي لكم ذلك الرجل؟

٧٣

قالوا: بلى.

قال: ذاك أويس القرني...

وقال: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة ومضر، ثم سماك.. الحديث. وروى نحوه في ص ١٣

وفي كنز العمال: ١٢/٧٤:

سيقدم عليكم رجل يقال له أويس كان به بياض فدعا الله له فأذهبه الله، فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر له ( ش، عن عمر ).

وفي كنز العمال: ١٤/٧:

مسند عمر، عن صعصعة بن معاوية قال: كان أويس بن عامر من التابعين رجل من قرن، وإن عمر بن الخطاب قال: أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون في التابعين رجل من قرن يقال له أويس بن عامر، يخرج به وضح فيدعو الله أن يذهبه فيقول: اللهم دع لي في جسدي منه ما أذكر به نعمتك عليّ، فيدع له في جسده ما يذكر به نعمته عليه، فمن أدرك منكم فاستطاع أن يستغفر له فليستغفر له ( الحسن بن سفيان وأبو نعيم في المعرفة، ق، في الدلائل، كر ) راجع أيضاً: ١٤/٨ و ١٠. ونحوه في سير أعلام النبلاء: ٤/٢٦

وفي سير أعلام النبلاء: ٤/٣٢:

وروى هشام بن حسان عن الحسن قال: يخرج من النار بشفاعة أويس أكثر من ربيعة ومضر.

أبو بكر الأعين: حدثنا أبو صالح، حدثنا الليث، عن المقبري، عن أبي هريرة مرفوعا: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من مضر وتميم. قيل: من هو يا رسول الله؟ قال: أويس القرني. هذا حديث منكر تفرد به الأعين، وهو ثقة.

ونحوه في ميزان الاعتدال: ٢/٤٤٥

٧٤

وفي تاريخ الإسلام للذهبي: ٣/٥٥٨:

عن عمر قال: قال رسول الله ( ص ): يدخل الجنة بشفاعة أويس مثل ربيعة ومضر.

وفي بدء الإسلام لابن سلام الأباضي/٧٩:

أويس القرني... جاء في الأثر عن النبي ( ص ) قال لأبي بكر وعمر: أوصيكم أن تقرؤوا مني أويس القرني السلام، يقدم المدينة بعدي... يدخل في شفاعته يوم القيامة عدد ربيعة ومضر...

وفي ميزان الاعتدال: ١/٢٨٢:

عن الحسن قال: يخرج من النار بشفاعة رجل ليس بنبي، أكثر من ربيعة ومضر.

قال هشام عن الحسن: هو أويس.

وقال عبد الوهاب الثقفي: حدثنا خالد الحذاء، عن عبد الله بن شقيق، عن ابن أبي الجدعاء: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة وبني تميم.

وفي ميزان الاعتدال: ١/٢٨٢ ولسان الميزان: ١/٤٧٤:

يونس وهشام عن الحسن قال: يخرج من النار بشفاعة رجل ليس بنبي أكثر من ربيعة ومضر. قال هشام عن الحسن هو أويس.

وقال عبد الوهاب الثقفي ثنا خالد الحذاء، عن عبدالله بن شقيق، عن ابن أبي الجدعاء سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدخل الجنة بشفاعة رجل من أمتي أكثر من ربيعة وبني تميم.

وفي لسان الميزان: ١/٤٧٣:

وقال أبو صالح: ثنا الليث، حدثني المقبري، عن أبي هريرةرضي‌الله‌عنه أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ليشفعن رجل من أمتي في أكثر من مضر. قال تميم: ومضر، وأنه أويس القرني. انتهى.

٧٥

نتيجــة

النتيجة التي يخرج منها الباحث في أحاديث أويس وشفاعته:

أن الله تعالى أعطى هذه الكرامة العظيمة لراعي إبل من جبال اليمن، فجعله بسبب طاعته وإخلاصه له، موعوداً مبشراً به، على لسان أشرف الأنبياء والمرسلينصلى‌الله‌عليه‌وآله وجعل المسلمين يتبركون به ويطمعون منه بكلمة ( غفر الله لك ) فيبخل بها على أكثرهم! وينطق بها لمن أدركته الرحمة منهم.

ثم جعله يوم القيامة شفيعاً لمئات الألوف أو لملايين المذنبين، يدخلون ببركته جنة النعيم.

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( يشفع في مثل ربيعة ومضر.. أكثر من مضر وتميم.. أكثر من ربيعة وبني تميم ) إنما هو إشارة الى الكثرة وتفهيمها للناس بجمهور قبائل كانت تمثل الكثرة في ذلك المجتمع.. ولذلك قد يبلغ عدد من يشفع لهم أويس الملايين..

ومما يثير العجب، أن هذا الانسان الكريم على ربه، صاحب المقام العظيم عنده، الذي لا ينطق بكلمة ( غفر الله لك ) في غير محلها.. تراه يقول لعليعليه‌السلام : مد يدك أبايعك على بذل مهجة نفسي دونك!!

فما هو مقام علي؟! الذي يتقرب كبار الأولياء الى الله بالموت دونه، ودون نصرة حقه وقضيته؟ !!

وهل يستطيع مسلم بعد هذا أن يشكك في مقام الشفاعة العظيمة لعلي وبقية أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .. وهو يرى أن أويساً صاحب الشفاعة العظيمة، فدائي لهم!!

وختاماً، فإن شفيع المحشر على الاطلاق، هو رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .. بل يفهم من أحاديثنا أن الشفاعة بالأصل إنما هي كرامة من الله تعالى لهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وأن الأنبياء الآخرين إنما يشفعون بما يعطيهم سيد المحشر وصاحب لوائه مما أعطاه ربه عز وجل! وهذه الشفاعة العظمى لنبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ملكٌ كبيرٌ.. لا بد له من مدراء

٧٦

وهذه الشفاعة العظمى لنبيناصلى‌الله‌عليه‌وآله ملكٌ كبيرٌ.. لابد له من مدراء ومفوضين يوم القيامة.. وهؤلاء إنما هم عترة النبي الذين نص عليهم أنهم يكونون معه، وهم علي وفاطمة والمعصومون من أولادهم، صلى الله على رسوله وعليهم.

ولا بد أن يكون لهم أعوان من الملائكة والصالحين.

وقد خصصنا هذا الفصل بشفاعة أويسرحمه‌الله ، لأنه شيعي ثبتت له هذه الشفاعة العظيمة بإجماع المسلمين، وكفى بها دليلاً على شفاعة أهل بيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

**

٧٧

٧٨

الفصل الخامس عشر

النواصب مطرودون من الشفاعة والجنة

حكم النواصب في الفقه الإسلامي

عقدنا هذا الفصل لاستعراض الأحاديث التي رواها الجميع في قرار الحرمان الالَهي من الشفاعة والجنة، لمن أبغض أهل البيت النبويعليهم‌السلام ، أو نصب العداوة والبغضاء، لهم أو لمن أحبهم، أو حمل في نفسه غلاً عليهم، أو كرهاً أو حسداً.. ولو بمقدار ذرة!!

فقد اتفقت مذاهب السنيين على أن من يعادي علياً، أو أهل البيت النبويعليهم‌السلام ، فهو منافق.

أما في فقهنا فمبغض أهل البيتعليهم‌السلام الناصب لهم، كافرٌ نجس..

ويسمى المبغض والمعادي في الفقه الإسلامي ( الناصب والناصبي )

وهو اسم مشتق من: نصب له العداوة، أي أبغضه، وتكلم عليه، أو عمل ضده، شبيهاً بقولك: نصب له الحرب!

والمبغض والمخالف والمعادي والناصب، كلمات متقاربة، ولكنها متفاوتة.. فالمخالف ناظرةٌ الى مخالفة الشخص في الرأي والمسلك.

٧٩

والمبغض ناظرة الى حالة النفرة النفسية المضادة للحب.

والمعادي ناظرة الى الموقف النفسي والعملي المضاد.

والناصب تزيد عليهما بأن البغض والعداء يصير هم الناصب!

هذا في أصل اللغة، أما في الشرع فقد وردت استعمالاتها بمعنى واحد وكأن المصطلح الإسلامي للمبغض يشملها جميعاً.

والذي يدخل في بحثنا من أحكام النواصب، أن الشفاعة النبوية الكبرى على سعتها يوم القيامة لا تنالهم، بل يؤمر بهم الى النار!!

وهذا يعني أن بغض أهل البيت جريمةٌ كبرى في نظر الإسلام، جزاؤها الطرد من الرحمة الالَهية والنبوية، واستحقاق العذاب في جهنم!

ونورد فيما يلي عدداً من أحاديث هذه المسألة، وفيها أحاديث صحيحةٌ عند الجميع:

عليعليه‌السلام ميزان الإسلام والكفر والايمان والنفاق

روى الحاكم: ٣/١٢٩:

عن أبي ذررضي‌الله‌عنه قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالبرضي‌الله‌عنه . هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

ورواه أحمد في فضائل الصحابة: ٢/٦٣٩، والدارقطني في المؤتلف والمختلف: ١٣٧٦٣، والهيثمي فيمجمع الزوائد: ٩/١٣٢

وروى الترمذي: ٤/٣٢٧، و: ٥/٢٩٣ و٢٩٨ - باب مناقب علي:

عن أبي سعيد الخدري قال: إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب. هذا حديث غريب. وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي، وقد روى هذا عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي سعيد.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

ولست إذا ما سرّني الدهر ضاحكا

و لا خاشعا ما عشت من حادث الدهر

و قال آخر:

قد عشت في الناس أطوارا على طرق

شتى و قاسيت فيها اللين و الفظعا

كلاّ بلوت فلا النعماء تبطرني

و لا تخشعت من لاوائها جزعا

لا يملأ الهول صدري قيل موقعه

و لا أضيق به ذرعا إذا وقعا

«و لا مقرا للضيم» أي: الذلة «واهنا» أي: ضعيفا.

و في (تاريخ الطبري): ان قيس بن الأشعث قال للحسينعليه‌السلام يوم الطف:

أو لا تنزل على حكم بني عمك، فانهم لن يروك الا ما تحب. فقالعليه‌السلام : لا و اللَّه لا أعطيهم بيدي اعطاء الذليل، و لا اقرّ لهم إقرار العبيد( ١) .

«و لا سلس الزمام للقائد» كبعير يقوده بزمامه الانسان حيث شاء «و لا وطي‏ء» أي: لين «الظهر للراكب المتقعد» هكذا في (المصرية) و الصواب:

«المقتعد» من باب الافتعال كما يشهد له (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢ ) و عدم كونه وطي‏ء الظهر كقعود الراعي، قال أبو عبيدة: القعود من البعير الّذي يقتعده الراعي في كل حاجة و بتصغيره جاء المثل «اتخذوه قعيد الحاجات» إذا امتهنوا الرجل في حوائجهم( ٣ ) (و لكنه كما قال أخو بني سليم:

فان تسأليني كيف أنت فانني

صبور على ريب الزمان صليب

يعزّ عليّ ان ترى بي كآبة

فيشمت عاد أو يساء حبيب )

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٣٢٣، سنة ٦١.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٤٨، و شرح ابن ميثم ٤: ٧٧.

(٣) نقله عنه لسان العرب ٣: ٣٥٩، مادة (قعد).

٥٠١

قال ابن أبي الحديد: الشعر ينسب إلى العباس بن مرداس السلمي و لم أجده في ديوانه( ١) .

قلت: بل الظاهر أن البيتين لصخر بن عمرو السلمي، قال في الأغاني كان صخر طعن في جنبه في حرب، فمرض قريبا من حول و قد نتأت في موضع الطعنة قطعة مثل الكبد، فأحمسوا له شفرة، ثم قطعوها لعله يبرأ، فسمع أن اختها تقول: كيف كان صبره. فقال:

أجارتنا ان الخطوب تنوب

على الناس كل المخطئين يصيب

فان تسأليني هل صبرت فانني

صبور على ريب الزمان صليب

كأني و قد أدنوا إلي شفارهم

من الصبر دامي الصفحتين ركوب

أجارتنا لست الغداة بظاعن

و لكن مقيم ما أقام عسيب

فمات، فقبر قريبا من عسيب جبل بأرض بني سليم.

فترى البيت الثاني عين البيت الأوّل مع اختلاف يسير في اللفظ، و تركه البيت الثاني لاختلاف الرواة في النقل، و أظن ان بيته الأوّل و بيته الأخير ممّا خلط، و انهما لامرئ القيس خلطا ببيتي هذا لكونهما على روي واحد، و يشهد للخلط أنه قال: ان اخته قالت كيف صبره و قال هو في البيتين «أجارتنا» و الجارة تقال للغريبة.

و على ما استظهرناه يكون الخطاب في قوله «فان تسأليني» لاخته خنساء، كما ان الظاهر أن المراد بعاد في قوله «فيشمت عاد» مثل امرأته،

و بحبيب في قوله «أو يساء حبيب» مثل أمه، ففي (شعراء ابن قتيبة): طال مرض صخر من جرحه، فكان قومه إذا سألوا امرأته عنه قالت: لا هو حي فيرجى، و لا ميت فينسى، و صخر يسمع كلامها، فيشق ذلك عليه، و إذا سألوا

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٥٢.

٥٠٢

أمه قالت: اصبح صالحا بنعمة اللَّه، ففي ذلك يقول:

أرى أم صخر ما تملّ عيادتي

و ملّت سليمى مضجعي و مكاني

و ما كنت أخشى أن أكون جنازة

عليك و من يغتر بالحدثان

و اي امرئ ساوى بأم، حليلة

فلا عاش الا في شقا و هو ان

لعمري لقد نبّهت من كان راقدا

و أسمعت من كانت له اذنان

و كيف كان فنسب إليهعليه‌السلام من الشعر قريبا من هذا المعنى:

ولي فرس للخير بالخير ملجم

و لي فرس للشرّ بالشر ملجم

فمن رام تقويمي فاني مقوّم

و من رام تعويجي فإنّي معوّج(١)

هذا، و في معنى البيت الأوّل قول ابن الجراح الوزير:

و من يك عنّي سائلا شامتا لما

نابني أو شامتا غير سائل

فقد أبرزت مني الخطوب ابن حرة

صبورا على أهوال تلك الزلازل

إذا سر لم يبطر و ليس لنكبة

إذا نزلت بالخاشع المتضائل

و قريب منه قول تأبط شرا:

و ما ولدت امي من القوم عاجزا

و لا كان ريشي من ذنابي و لا لغب

و قول ابن وادع العوفي:

لا استكين إذا ما أزمة أزمت

و لن تراني بخير فاره الطلب

هكذا نقله ابن برّي، و نقل الزمخشري الشطر الثاني «و لا تراني الا فاره اللبب»( ٢) .

____________________

(١) نقله ابن عساكر في ترجمة عليّعليه‌السلام ٣: ٣٠٧، بفرق في اللفظ.

(٢) نقل ابن بري جاء في لسان العرب ١٣: ٥٢٢، مادة (فره)، و نقل الزمخشري جاء في أساس البلاغة: ٣٤٠، مادة (فره).

٥٠٣

٥٠٤

الفصل الثاني و العشرون في أوليائهعليه‌السلام و أعدائه

٥٠٥

٥٠٦

مر في فصل بيعته قولهعليه‌السلام لعمار في المغيرة: «دعه يا عمار فانه لم يأخذ من الدين إلاّ ما قاربه من الدنيا» الخ.

و في فصل الامامة الخاصة قولهعليه‌السلام لأنس: «ان كنت كاذبا» الخ.

و في فصل صفين في ابن العاص و معاوية: «و لم يبايع حتى شرط».

و فيه: «و لا المهاجر كالطليق» الخ.

و فيه: «أين عمار و أين ابن التيهان و أين ذو الشهادتين» الخ( ١) .

١ - الكتاب (١٣) و من كتاب لهعليه‌السلام إلى أميرين من أمراء جيشه:

وَ قَدْ أَمَّرْتُ عَلَيْكُمَا وَ عَلَى مَنْ فِي حَيِّزِكُمَا؟ مَالِكَ بْنَ اَلْحَارِثِ اَلْأَشْتَرَ؟ فَاسْمَعَا لَهُ وَ أَطِيعَا وَ اِجْعَلاَهُ دِرْعاً وَ مِجَنّاً فَإِنَّهُ مِمَّنْ لاَ يُخَافُ وَهْنُهُ وَ لاَ

____________________

(١) راجع العنوان ١٣ من الفصل الثلاثين و العنوان ٢٨ من الفصل الثامن و العناوين ٥ و ٦ و ١٠ من الفصل الثاني و الثلاثين.

٥٠٧

سَقْطَتُهُ وَ لاَ بُطْؤُهُ عَمَّا اَلْإِسْرَاعُ إِلَيْهِ أَحْزَمُ وَ لاَ إِسْرَاعُهُ إِلَى مَا اَلْبُطْءُ عَنْهُ أَمْثَلُ قول المصنف: (و من كتاب لهعليه‌السلام إلى أميرين من امراء جيشه) و هما زياد بن النضر و شريح بن هاني، قدمهماعليه‌السلام أمامه نحو معاوية، فاستقبلهما أبو الاعور السلمي في جند من أهل الشام من قبل معاوية، فكتبا إليهعليه‌السلام بذلك، فبعث الأشتر مددا لهما و كتب إليهما بالعنوان مع زيادة «و قد امرته بمثل الّذي أمرتكما به ألا يبدأ القوم بقتال حتى يلقاهم، فيدعوهم فيعذر إليهم».

قولهعليه‌السلام «و قد أمّرت عليكما» يا زياد و يا شريح «و على من في حيزكما» كان في حيز كل منهما ستة آلاف رجل «مالك بن الحارث الأشتر» و الأشتر من انقلب جفن عينه، كان مشتهرا باللقب.

قال نصر بن مزاحم كما في (صفينه) و أبو مخنف كما في (تاريخ الطبري): فخرج الأشتر حتى قدم على القوم، فاتبع ما امره به عليّعليه‌السلام و كف عن القتال، فلم يزالوا متوافقين حتى إذا كان عند المساء حمل عليهم أبو الاعور، فثبتوا و اضطربوا ساعة، ثم انصرف أهل الشام، ثم خرج هاشم بن عتبة في خيل و رجال، و خرج إليهم أبو الاعور، فصبر بعضهم لبعض، ثم انصرفوا و بكر عليهم الأشتر، فقتل منهم عبد اللَّه بن المنذر التنوخي قتله ظبيان بن عمارة التميمي، و كان ظبيان يومئذ حدث السن، و التنوخي فارس أهل الشام، و أخذ الأشتر يقول: و يحكم أروني أبا الأعور، و قال لسنان بن مالك النخعي: انطلق إليه فادعه إلى المبارزة. فذهب فدعاه، فسكت عنه طويلا ثم قال: إن خفة الأشتر و سوء رأيه هو الّذي دعاه إلى اجلاء عمال عثمان من العراق، و افترائه عليه يقبح محاسنه، و يجهل حقه، و يظهر عداوته، و من خفة الأشتر و سوء رأيه انه سار إلى عثمان في داره و قراره، فقتله فيمن قتله،

٥٠٨

فأصبح متبعا بدمه، لا حاجة لي في مبارزته.

قال سنان: فقلت لأبي الأعور: إنك قد تكلمت فاستمع مني حتى أخبرك.

فقال لي: لا حاجة لي في جوابك و لا الاستماع منك اذهب عني، و صاح بي أصحابه، فانصرفت عنه و لو سمع مني لا خبرته بعذر صاحبي و حجّته،

فرجعت إلى الأشتر، فأخبرته أنه قد أبى المبارزة، فقال لنفسه ننظر، فتوافقنا حتى الليل، فلما أصبحنا نظرنا، فاذاهم قد انصرفوا( ١) .

«فاسمعا له و أطيعا و اجعلاه درعا و مجنا» أي: ترسا. كانعليه‌السلام قد بعث رجالا إلى الكوفة لصدّ أبي موسى الأشعري عن تثبيط الناس، و كان لم يبال بهم حتى بعثعليه‌السلام الأشتر إليه ففر منه، و كان الناس يحتمون عن البراز إليه كما يحتمون عن البراز إليهعليه‌السلام ، كما عرفته من قصة أبي الأعور.

هذا، و في (كامل المبرد): روي ان الحجاج لما ورد عليه ظفر المهلب و قتله لعبد ربه الصغير و هرب قطري منه تمثل فقال: للَّه در المهلب، و اللَّه لكأنه ما وصف لقيط الأيادي حيث يقول:

و قلّدوا أمركم للَّه دركم

رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا

لا مترفا ان رخاء العيش ساعده

و لا إذا عض مكروه به خشعا

ما زال يحلب هذا الدهر أشطره

يكون متّبعا طورا و متّبعا

حتّى استمرت على شزر مريرته

مستحكم الرأي لا قحما و لا ضرعا

فقال إليه رجل و قال: و اللَّه لكأني اسمع هذا التمثيل من قطري في المهلب، فسر بذلك سرورا تبين في وجهه( ٢) .

و في (الأغاني) قال أبو المثلم في صخر الغي:

____________________

(١) وقعة صفين: ١٥٤، و تاريخ الطبري ٣: ٥٦٥، سنة ٣٦.

(٢) كامل المبرد ٨: ١١٦.

٥٠٩

لو كان للدهر مال عند متلده

لكان للدهر صخر مال قينان

آب الهضيمة آت العظيمة

متلاف الكريمة لا سقط و لا و ان

حامي الحقيقة نسال الوديعه

معتاق الوثيقة جلد غير شيبان

رقاء مرقبة مناع مغلبة

ركاب سلهبة قطاع اقران

بسّاط أودية شهاد اندية

حمال ألوية سرحان فتيان

يحمى الصحاب إذا جد الضراب

و يكفى القائلين إذا ما كيل الهاني

و يترك القرن مصفرا انامله

كأن في ريطتيه نضح ارقان

يعطيك ما لا تكاد النفس تسلمه

«فإنّه ممّن لا يخاف وهنه و لا سقطته» و في رواية الطبري و نصر «رهقه و لاسقاطه»( ١) .

في (صفين نصر): كان الأصبغ بن ضرار الأزدي طليعة و مسلحة لمعاوية، فبعث عليّعليه‌السلام الأشتر، فأخذه أسيرا من غير أن يقاتل، و كان عليّعليه‌السلام ينهى عن قتل الأسير الكافّ، فغدا الأشتر به علي عليّعليه‌السلام و قال له:

هذا رجل من المسلحة لقيته بالأمس، فو اللَّه لو علمت أن قتله الحق لقتلته، و قد بات عندنا الليلة و حركنا فان كان فيه القتل فاقتله و ان غضبنا فيه، و ان كنت فيه بالخيار فهبه لنا. قال: هو لك يا مالك، فاذا أصبت أسيرا فلا تقتله، فان أسير أهل القبلة لا يفاد و لا يقتل، فرجع به الأشتر إلى منزله و قال: لك ما أخذنا منك ليس لك عندنا غيره( ٢) .

«و لا بطؤه عمّا الاسراع إليه أحزم و لا اسراعه إلى ما البطء عنه أمثل» في (تاريخ الطبري): قيل لعليّعليه‌السلام بعد كتابة الصحيفة في صفين: ان الأشتر لا

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣: ٥٦٥، سنة ٣٦، و وقعة صفين: ١١٤.

(٢) وقعة صفين: ٤٦٦.

٥١٠

يقرّ بما في الصحيفة، و لا يرى إلاّ قتال القوم. فقالعليه‌السلام : أنا و اللَّه ما رضيت أيضا إلى أن قال: و أما الّذي ذكرتم من ترك الأشتر أمري و ما أنا عليه، فليس من أولئك، و لست أخافه على ذلك، يا ليت فيكم مثله واحدا يرى في عدوّي ما أرى، إذن لخفت على مؤنتكم، و رجوت أن يستقيم لي بعض أودكم( ١) .

و أما ما رواه (الكافي) عن السجادعليه‌السلام ان عليّا كتب إلى الأشتر و هو على مقدمته يوم البصرة بألا يطعن في غير مقبل، و لا يجهز على جريح، و من أغلق بابه فهو آمن، فأخذ الكتاب، فوضعه بين يديه على القربوس من قبل أن يقرأه ثم قال اقتلوا، فقتلهم حتى أدخلهم سكك البصرة، ثم فتح الكتاب، فقرأه،

ثم امر مناديا فنادى بما في الكتاب»( ٢ ) ، فمحمول على أنه علم جوازه في نفس الأمر، و انهعليه‌السلام أمر بما أمر مصلحة، فروي عن الصادقعليه‌السلام ان سيرة عليّعليه‌السلام في أهل البصره كانت خيرا لشيعته ممّا طلعت عليه الشمس، انه علم ان للقوم دولة، فلو سباهم لسبيت شيعته، و القائم يسير فيهم بخلاف تلك السيرة لانه لا دولة لهم بعده( ٣) .

و اما قول ابن أبي الحديد: روى أن عليّاعليه‌السلام لما ولى بني العباس على الحجاز و اليمن و العراق قال الأشتر: فلماذا قتلنا الشيخ بالأمس، و ان عليّا لما بلغته هذه الكلمة أحضره و لاطفه و اعتذر إليه و قال له: فهل و ليت حسنا أو حسينا أو أحدا من ولد جعفر أو عقيلا أو واحدا من ولده، و انما وليت ولد عمي العباس لاني سمعت العباس يطلب من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الامارة مرارا، فقال له: يا عم ان الامارة ان طلبتها وكلت إليها، و ان طلبتك أعنت عليها، و رأيت بنيه في أيام

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٤٢، سنة ٣٧.

(٢) الكافي ٤: ٣٣ ح ٣.

(٣) رواه الكليني في الكافي ٥: ٣٣ ح ٤، و الطوسي في التهذيب ٦: ١٥٥ ح ٦، و البرقي في المحاسن: ٣٢٠ ح ٤٤.

٥١١

عمر و عثمان يجدون في أنفسهم أن ولّي غيرهم من أبناء الطلقاء و لم يولّ أحد منهم، فأحببت ان أصل رحمهم، و ازيل ما كان في أنفسهم، و بعد فإن علمت أحدا هو خيرا منهم فاني أولّيه، فخرج الأشتر و قد زال ما في نفسه( ١) .

فمن رواياتهم المجعولة، فان فاروقهم و ان موّه على الاغبياء و نبه الطلقاء في اشتراطه عليهعليه‌السلام ، كما على عثمان الا يولّي أحدا من اقاربه،

و هوعليه‌السلام كان يوليهم لاقامة العدل و الايمان، و عثمان لاقامة الكفر و الطغيان،

فموّه بالجمع بينهما كما موّه بكونهما من بني عبد مناف، و لازمه كون محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله و أبي سفيان مثلين، الا انه كان صورة ظاهر، فعثمان لم يول غير أقاربه، كما ان فاروقهم لم يول هاشميا في أيامه لئلاّ يصل الأمر إليهعليه‌السلام بذلك، كما اقربه لابن عباس.

و كيف لم يكن الخبر مجعولا و أي عيب كان لو وليّعليه‌السلام الحسن و الحسينعليهما‌السلام ، و قد شهد القرآن بطهارتهما، و كونهما ابنيّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

و ممن باهل بهما( ٢) .

و كيف لم يكن مجعولا و قد قال نفسه ان مالكا كان شديد التحقق بولائه، و انهعليه‌السلام قال: كان مالك لي كما كنت للنبيّ، و ان معاوية قنت عليه كما قنت عليهعليه‌السلام و على الحسين و على ابن عباس، و انه اشهر في الشيعة من أبي الهذيل في المعتزلة، و انه حضر مع استاذه الدباس عند ابن سكينة المحدث لقراءة الاستيعاب، فلما انتهى إلى خبر حضور حجر و الأشتر لدفن أبي ذر و قولهما في عثمان، قال استاذه: لتقل الشيعة بعد هذا ما شاءت، فما قال المرتضى و المفيد الا بعض ما كان حجر و الأشتر

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٥: ٩٨.

(٢) النظر إلى الآيتين الاحزاب: ٣٣، و آل عمران: ٦١.

٥١٢

يعتقدانه في عثمان و من تقدمه( ١) .

٢ - الكتاب (٣٩) و من كتاب لهعليه‌السلام إلى عمرو بن العاص:

فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ تَبَعاً لِدُنْيَا اِمْرِئٍ ظَاهِرٍ غَيُّهُ مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ يَشِينُ اَلْكَرِيمَ بِمَجْلِسِهِ وَ يُسَفِّهُ اَلْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ فَاتَّبَعْتَ أَثَرَهُ وَ طَلَبْتَ فَضْلَهُ اِتِّبَاعَ اَلْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ إِلَى مَخَالِبِهِ وَ يَنْتَظِرُ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِ فَرِيسَتِهِ فَأَذْهَبْتَ دُنْيَاكَ وَ آخِرَتَكَ وَ لَوْ بِالْحَقِّ أَخَذْتَ أَدْرَكْتَ مَا طَلَبْتَ فَإِنْ يُمَكِّنِّي اَللَّهُ مِنْكَ وَ مِنِ اِبْنِ؟ أَبِي سُفْيَانَ؟ أَجْزِكُمَا بِمَا قَدَّمْتُمَا وَ إِنْ تُعْجِزَا وَ تَبْقَيَا فَمَا أَمَامَكُمَا شَرٌّ لَكُمَا أقول: رواه (صفين نصر بن مزاحم) مع اختلاف على نقل ابن أبي الحديد من عبد اللَّه عليّ أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص بن وائل شانئ محمّد و آل محمّد في الجاهلية و الاسلام، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد:

فانك تركت مروتك لا مرى‏ء فاسق مهتوك ستره يشين الكريم بمجلسه و يسفه الحليم بخلطته فصار قلبك لقلبه تبعا كما قيل «وافق شن طبقه»، فسلبك دينك و أمانتك و دنياك و آخرتك، و كان علم اللَّه بالغا فيك، فصرت كالذئب يتبع الضرغام إذا ما الليل دجا أو أتى الصبح يلتمس فضل سؤره و حوايا فريسته، و لكن لا نجاة من القدر و لو بالحق أخذت لادركت ما رجوت،

و قد رشد من كان الحق قائده، فان يمكّن اللَّه منك و من ابن آكلة الأكباد ألحقتكما بمن قتله اللَّه من ظلمة قريش على عهد رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و ان تعجزا أو

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٥: ٩٨ و ٩٩.

٥١٣

تبقيا بعدي فاللَّه حسبكما و كفى بانتقامه انتقاما و بعقابه عقابا( ١) .

«فانك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ» و المراد معاوية «ظاهر غيّه مهتوك ستره».

في (بلاغات نساء أحمد بن أبي طاهر البغدادي) و (عقد ابن عبد ربه): ان معاوية حج، فسأل عن امرأة يقال لها الدارمية الحجونية كانت امرأة سوداء كثيرة اللحم فأخبر بسلامتها، فبعث إليها، فجي‏ء بها، فقال لها: كيف حالك يا ابنة حام؟ قالت: بخير و لست لحام، انما انا امرأة من قريش من بني كنانة، ثم من بني أبيك. قال: صدقت، هل تعلمين لم بعثت إليك؟ قالت: لا. قال: بعثت إليك لا سألك علام أحببت عليّا و أبغضتني، و علام واليته و عاديتني. قالت: أو تعفيني من ذلك. قال: لا أعفيك و لذلك دعوتك. قالت: فأما إذ أبيت فاني أحببت عليّا على عدله في الرعية، و قسمه بالسوية، و أبغضتك على قتالك من هو أولى بالامر منك، و طلبك ما ليس لك، و واليت عليّا على ما عقد له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الولاية، و واليته على حبه المساكين، و اعظامه لأهل الدين، و عاديتك على سفكك الدماء، و شقك العصا.

قال: صدقت فلذلك انتفخ بطنك، و كبر ثديك، و عظمت عجيزتك. فقالت:

يا هذا بهند و اللَّه يضرب المثل في ذا لابي. فقال لها: هل رأيت عليّا؟ قالت: أي و اللَّه. قال: كيف رأيته؟ قالت: لم يفتنه الملك الّذي فتنك، و لم تصقله النعمة الّتي صقلتك. قال: فهل سمعت كلامه؟ قالت: نعم. قال: فكيف سمعته. قالت: كان و اللَّه كلامه يجلو القلوب من العمى كما يجلو الزيت صداء الطست. قال:

صدقت.

و فيهما: دخلت اروى بنت الحرث بن عبد المطلب على معاوية و هي

____________________

(١) جاء في شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٣، لكن لم يوجد في النسخة المطبوعة من وقعة صفين.

٥١٤

عجوزة كبيرة فقال لها: كيف كنت بعدنا؟ فقالت: لقد كفرت يد النعمة،

و اسأت لابن عمك الصحبة، و تسميت بغير اسمك، و أخذت غير حقك من غير دين كان منك، و لا من آبائك، و لا سابقة في الاسلام بعد أن كفرتم بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

فأتعس اللَّه منكم الجدود، و أضرع منكم الخدود، ورد الحق إلى أهله، و لو كره المشركون، و كانت كلمتنا العليا، و نبيّنا هو المنصور، فوليتم علينا من بعده،

و تحتجون بقرابتكم من النبيّ، و نحن أقرب إليه منكم، و أولى بهذا الأمر، فكنا فيكم بمنزلة بني اسرائيل في آل فرعون، و كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى، فغايتنا الجنّة، و غايتكم النار.

فقال لها عمرو بن العاص: كفّي أيتها العجوز الضالة، و اقصري عن قولك من ذهاب عقلك، إذ لا تجوز شهادتك وحدك. فقالت له: و أنت يا ابن النابغة تتكلم و امّك كانت أشهر امرأة تبغي بمكة، و آخذهن الاجرة، ادعاك خمسة نفر من قريش، فسئلت امّك عنهم، فقالت: كلّهم أتاني، فانظروا أشبههم به، فالحقوه، فغلب عليك شبه العاص بن وائل، فلحقت به.

و في (مفاخرات ابن بكار): اجتمع عند معاويه عمرو و الوليد بن عقبة و عتبة ابن أبي سفيان و المغيرة فقالوا له: ان الحسن قد أحيا أباه و خفقت النعال خلفه إلى أن قال فقال لهم معاوية: اما إذ عصيتموني و بعثتم إليه، فلا تمرضوا له في القول، و اعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب، و لكن اقذفوه بحجره و قولوا له أبوك قتل عثمان و كره خلافة الخلفاء من قبله.

إلى أن قال: فقال معاوية لهعليه‌السلام : ان هؤلاء بعثوا إليك و عصوني. فقال:

سبحان اللَّه الدار دارك و الاذن فيها إليك، و اللَّه ان كنت أجبتهم اني لاستحيي لك من الفحش، و ان كانوا غلبوك اني لاستحيي لك من الضعف. إلى أن قال: يا معاوية ما هؤلاء شتموني و لكنك شتمتني فحشا ألفته، و سوء رأي عرفت به،

٥١٥

و خلقا سيئا شبت عليه، و بغيا علينا و عداوة منك لمحمد و أهله. إلى أن قال:

قالعليه‌السلام لهم: و أنشدكم اللَّه هل تعلمون ان أبي أول الناس ايمانا و انك يا معاوية و أبوك من المؤلفة قلوبهم تسترون الكفر و تظهرون الاسلام،

و أنشدك اللَّه يا معاوية أتذكر يوما جاء أبوك على جمل أحمر و أنت تسوقه و أخوك عتبة هذا يقوده، فرآكم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: اللهم العن الراكب و القائد و السائق أتنسى يا معاوية الشعر الّذي كتبته إلى أبيك لما همّ أن يسلم تنهاه عن ذلك:

يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا

بعد الّذين ببدر أصبحوا فرقا

خالي و عمّي و عمّ الام ثالثهم

و حنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا

و واللَّه لما أخفيت من أمرك أكثر ممّا أبديت، و لما أراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكتب إلى بني خزيمة فبعث إليك و نهمك إلى أن تموت الخبر( ١) .

«يشين الكريم بمجلسه، و يسفّه الحليم بخلطته» في (العقد الفريد): قال معاوية لجارية بن قدامة: ما كان أهونك على اهلك إذ سموك جارية؟ فقال: ما كان أهونك على أهلك إذ سموك معاوية و هي الانثى من الكلاب قال: لا ام لك. قال: امّي ولدتني للسيوف الّتي لقيناك بها و هي في أيدينا. قال: انك لتهددني. قال: انك لم تصاحبنا قسرا، و لم تملكنا عنوة، و لكنك أعطيتنا عهدا و ميثاقا، و أعطيناك سمعا و طاعة، فان وفيت لنا و فينا لك، و ان فزعت إلى غير ذلك فانا تركنا وراءنا رجالا شدادا و ألسنة حدادا. قال: لاكثر اللَّه أمثالك. قال جارية: قل معروفا، فان شر الدعاء المحتطب.

و فيه: دخل خريم الناعم على معاوية، فنظر إلى ساقيه، فقال: أي ساقين لو أنهما على جارية. قال خريم: في مثل عجيزتك. قال معاوية:

____________________

(١) نقله عنه ابن أبي الحديد في شرحه ٦: ٢٨٥ و ٢٨٨.

٥١٦

واحدة باخرى و البادي أظلم.

و في (الأغاني): نظر معاوية إلى رجل في مجلسه فرأى فيه حسنا و شارة و جسما، فاستنطقه فوجده سديدا، فقال له: ممن أنت؟ قال: ممن أنعم اللَّه عليه بالاسلام فاجعلني حيث شئت. قال: عليك بهذه الازد الطويلة العريضة الّتي لا تمنع من دخل فيها، و لا تبالي من خرج منها. فغضب النعمان بن بشير و وثب من بين يديه و قال: أما و اللَّه انك ما علمت ليسي‏ء المجالسة لجليسك،

عاق لزوارك، قليل الرعاية لأهل الحرمة بك.

و في (العقد): تكلم الناس عند معاوية في يزيد ابنه إذ أخذ له البيعة و سكت الاحنف، فقال: مالك لا تقول أبا بحر. قال: أخافك ان صدقت، و أخاف اللَّه ان كذبت.

و فيه: بينا معاوية جالس و عنده وجوه الناس إذ دخل رجل من أهل الشام، فقام خطيبا فكان آخر كلامه أن سب عليّاعليه‌السلام ، فأطرق الناس و تكلم الاحنف، فقال: ان هذا القائل لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين لعنهم، فاتق اللَّه و دع عليّا، فقد لقي ربه، و كان و اللَّه المبرز سيفه، الطاهر ثوبه، الميمون نقيبته، العظيم مصيبته، فقال له معاوية: لقد أغضيت العين على القذى و قلت ما ترى، و ايم اللَّه لتصعدن المنبر فتلعنه طوعا أو كرها. فقال له الأحنف: ان تعفني فهو خير لك، و ان تجبرني فو اللَّه لا تجري فيه شفتاي، و مع ذلك لأنصفنّك في القول و الفعل، قال: ما أنت قائل ان أنصفتني. قال: أصعد المنبر و أقول: أيها الناس ان معاوية أمرني أن ألعن عليّا، و ان عليّا و معاوية اختلفا فاقتتلا، و ادعى كل واحد منهما انه بغي عليه و على فئته، فاذا دعوت فأمنوا، ثم أقول «اللهم العن (أنت و ملائكتك و أنبيائك و جميع خلقك) الباغي منهما على صاحبه لعنا كثيرا»، لا أزيد على هذا حرفا، و لا أنقص منه حرفا، و لو كان فيه

٥١٧

ذهاب نفسي. فقال معاوية: اذن نعفيك.

«فاتبعت أثره و طلبت فضله اتباع الكلب» قد عرف أن في رواية نصر «فصرت كالذئب»( ١ ) «للضرغام» أي: الأسد كالضيغم «يلوذ» أي: يلجأ «إلى مخالبه» في (الصحاح): المخلب للطائر و السباع بمنزلة الظفر للإنسان.

«و ينتظر ما يلقي إليه من فضل» أي: زيادة «فريسته» في (الصحاح): فرس الأسد فريسته و افترسها أي: دق عنقها، و أصل الفرس هذا، ثم كثر حتى صار كل قتل فرسا، و أبو فراس كنية الأسد.

«فأذهبت دنياك» بكونك تابعا كالعبد لمعاوية «و آخرتك».

و في (المروج) بعد ذكر جعل معاوية جعالة لقتل العباس بن ربيعة الهاشمي، و تصدي رجلين من لخم لذلك، و قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام لهما قال معاوية: قبّح اللَّه اللجاج، ما ركبته قط الا خذلت. فقال عمرو بن العاص له المخذول و اللَّه اللخميان لا أنت. قال: اسكت أيها الرجل، فليس هذا من شأنك.

قال: و ان لم يكن رحم اللَّه اللخميين و لا أراه يفعل ذلك قال: ذلك و اللَّه أضيق لحجتك، و أخسر لصفقتك. قال عمرو: قد علمت ذلك، و لو لا مصر و ولايتها لركبت المنجاة، فانّي أعلم أن عليّا على الحق، و أنا على الباطل. فقال معاوية:

مصر و اللَّه أعمتك، و لو لا مصر لالفيتك بصيرا( ٢) .

و في (المروج): مات عمرو سنة (٤٣) و له تسعون سنة، و في أبيه و كان من المستهزئين بالنبيّ نزلت إنّ شانئك هو الأبتر( ٣ ) ، و خلف عمرو من العين ثلاثمائة و خمسة و عشرون ألف دينار، و ألفى ألف درهم، و ضيعته

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٣.

(٢) مروج الذهب ٣: ٢٠.

(٣) الكوثر: ٣.

٥١٨

المعروفة بالرهط قيمتها عشرة آلاف ألف درهم، و فيه يقول ابن الزبير الأسدي:

ألم تر أن الدهر أخنت صروفه

على عمرو السهمي تجبي له مصر

فلم يغن عنه حزمه و احتياله

و لا جمعه لما أتيح له الدهر(١)

و في (تاريخ اليعقوبي): لما حضر عمرو الوفاة نظر إلى ماله، فرأى كثرته، فقال: يا ليته كان بعرا، يا ليتني مت قبل هذا اليوم بثلاثين سنة أصلحت لمعاوية دنياه و أفسدت ديني، آثرت دنياي و تركت آخرتي، عمي علي رشدي حتى حضرني أجلي، كأني بمعاوية قد حوى مالي و أساء فيكم خلافتي.

و توفي سنة (٤٣) ليلة الفطر، فاستصفى معاوية ماله، فكان أول من استصفى مال عامل، و لم يكن يموت لمعاوية عامل إلاّ شاطر ورثته ماله، و كان يكلم في ذلك، فيقول هذه سنّة سنّها عمر( ٢) .

و ذكروا أن معاوية قال يوما لجلسائه: ما أعجب الأشياء؟ فقال كل واحد شيئا، فقال عمرو: أعجب الأشياء أن المبطل يغلب المحق و عرّض بغلبة معاوية في امره معهعليه‌السلام فقال معاوية: بل أعجب الأشياء أن يعطى الانسان ما لا يستحق، و كان لا يخاف عرض بعمرو في أخذه مصر منه.

«و لو بالحق أخذت أدركت ما طلبت» في (تاريخ الطبري): قال النضر بن صالح العبسي: كنت مع شريح بن هاني في غزوه سجستان، فحدثني أن عليّاعليه‌السلام أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص. قال: قل له إذا لقيته: ان عليّا يقول لك «ان أفضل الناس عند اللَّه عزّ و جلّ من كان العمل بالحق أحب إليه و ان نقصه و كرثه من الباطل و ان حسن إليه و زاده يا عمرو انك و اللَّه لتعلم أين

____________________

(١) مروج الذهب ٣: ٢٣.

(٢) تاريخ الطبري ٢: ٢٢٢.

٥١٩

موضع الحق، فلم تجاهل ان أوتيت طمعا يسيرا كنت به للَّه و لأوليائه عدوّا،

فكان و اللَّه ما أوتيت قد زال عنك، فلا تكن للخائنين خصيما و لا للظالمين ظهيرا، اما أني أعلم بيومك الّذي أنت فيه نادم و هو يوم وفاتك، تمنى انك لم تظهر لمسلم عداوة، و لم تأخذ على حكم رشوة». قال شريح: فبلغته ذلك،

فتمعر وجهه ثم قال: متى كنت أقبل مشورة علي أو انتهي إلى أمره أو اعتد برأيه؟ فقلت له: و ما يمنعك يا ابن النابغة أن تقبل من مولاك و سيّد المسلمين بعد نبيّهم مشورته، فقد كان من هو خير منك أبو بكر و عمر يستشير انه و يعملان برأيه. فقال: ان مثلي لا يكلم مثلك. فقلت له: و بأي أبويك ترغب عني أبأبيك الوشيظ أم بامك النابغة؟ فقام عن مكانه( ١) .

و في (الصحاح) الوشيظ: لفيف من الناس ليس أصلهم واحدا.

«فان يمكني اللَّه» هكذا في (المصرية) و هو غلط، و الصواب: «فان يمكن اللَّه» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢ ) «منك و من ابن أبي سفيان» قد عرفت أن في رواية نصر «و من ابن آكلة الأكباد»( ٣ ) . «أجزكما بما قدّمتها».

و في (صفين نصر): قال جابر الأنصاري: و اللَّه لكأني أسمع عليّاعليه‌السلام يوم الهرير بعد ما طحنت رحا مذحج فيما بيننا و بين عك و لخم و جذام و الأشعريين بأمر عظيم تشيب منه النواصي يقول: حتى متى نخلي بين هذين الحيين إلى أن قال جابر لا و الّذي بعث محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق ما سمعنا برئيس قوم منذ خلق اللَّه السماوات و الأرض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب عليّعليه‌السلام . انه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من أعلام العرب( ٤) .

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٥٠، سنة ٣٧.

(٢) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦١، لكن في شرح ابن ميثم ٥: ٨٥، «و ان يمكني اللَّه».

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٣.

(٤) وقعة صفين: ٤٧٧.

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621