بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة9%

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة مؤلف:
تصنيف: أمير المؤمنين عليه السلام
الصفحات: 621

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤
  • البداية
  • السابق
  • 621 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 104578 / تحميل: 9061
الحجم الحجم الحجم
بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة

بهج الصباغة في شرح نهج البلاغة الجزء ٧

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

في الحرم فعليك دم، وقيمة الطير درهم، وإن كان فرخاً فعليك دم ونصف درهم ».

وفي بعض(٣) نسخه: « ومتى أصبته وأنت حرام في الحرم، فالفداء عليك مضاعف ».

١٢ -( باب انّ الحمام ونحوه حتى الأهلي إذا أدخل الحرم وجب على من هو معه اطلاقه، وإن كان مقصوص الجناح وجب حفظه ولو بالإيداع، حتى يستوي ريشه ثم يخلّى سبيله، فإن لم يفعل وتلف لزمه فداؤه)

[١٠٨٥٧] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من صاد صيداً فدخل به الحرم وهو حيّ، فقد حرم عليه إمساكه، وعليه أن يرسله » الخبر.

[١٠٨٥٨] ٢ - وعنهعليه‌السلام : أنه سئل عن رجل دخل إلى الحرم ومعه صيد له، أن يخرج به؟ قال: « لا قد حرم عليه إمساكه إذا دخل الحرم ».

[١٠٨٥٩] ٣ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ومن أهدي إليه حمام أهلي في الحرم، فإن كان مستوياً خلّى عنه، وإن كان غير مستو أحسن القيام عليه حتى يستوي، ثم يخلّي عنه ».

__________________

(٣) في بعض نسخه ص ٧٢.

الباب ١٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٦ ح ٢١.

٢٦١

١٣ -( باب تحريم صيد الحرم وحمامه ولو في الحلّ، وتحريم أكله، وإن من نتف ريشة من حمام الحرم، لزمه صدقة باليد الجانية)

[١٠٨٦٠] ١ - بعض نسخ الرضوي: « وطير مكّة الأهلي لا يذبح)(١) قال: ومن أهدي له حمام أهلي في الحرم، فأصاب منه شيئاً فليتصدق بثمنه نحو ما كان يسوى في القيمة ».

[١٠٨٦١] ٢ - دعائم الإسلام: بإسناده عن علي بن الحسينعليهما‌السلام : أنه نظر إلى حمام مكّة فقال: « هل تدرون ما أصل كون هذا الحمام بالحرم؟ فقالوا: أنت أعلم يا ابن رسول الله، فأخبرنا، فقال: كان فيما مضى رجل آوى إلى داره حمام فاتخذ عشاً - إلى أن قال -عليه‌السلام فألهمه عزّوجلّ المصير إلى هذا الحرم، وحرّم صيده فأكثر ما ترون من نسله، وهو أوّل حمام سكن الحرم ».

١٤ -( باب تحريم اخراج حمام الحرم، وسائر الطير والصيد منه، ووجوب ردّه إلى الحرم، ولزوم ثمنه أو فداؤه لو تلف قبله)

[١٠٨٦٢] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال فيمن خرج بطير من مكّة فانتهى به إلى

__________________

الباب ١٣

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٠.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٦ ح ١٢٦٧.

الباب ١٤

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٢٦٢

الكوفة: « عليه أن يردّه إلى الحرم ».

[١٠٨٦٣] ٢ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه قال في حديث في بدء نسل حمام الحرم: « أنه قيل لحمام شكا إليه تعالى: وأنت فسوف يكثر الله في نسلك، ويجعلك وإيّاهم بموضع لا يهاج منهم شئ إلى أن تقوم الساعة، وأتى به إلى الحرم فجعل فيه ».

١٥ -( باب انّ من أغلق باباً على حمام وفراخ وبيض في الحرم، أو محرماً، لزمه الكفّارات مع التلف)

[١٠٨٦٤] ١ - الشيخ أبو الحسن محمّد بن الحسين القطب البيهقي الكيدري في شرح نهج البلاغة: عند قوله في خطبة الشقشقيّة: فقام رجل من أهل السواد. إلى آخره.

قال صاحب المعارج: وجدت في الكتب القديمة: أن الكتاب الذي رفعه إليه رجل من أهل السواد كان فيه مسائل - إلى أن قال - ومنها حجّ جماعة ونزلوا في دار من دور مكّة، وأغلق واحد منهم باب الدار وفي الدار حمامات، فمتن من العطش قبل عودهم إلى الدار، فالجزاء على أيّهم يجب؟

فقالعليه‌السلام : « على الذي أغلق الباب، ولم يخرج الحمامات، ولم يضع لهنّ ماء ».

__________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٣ باختلاف يسير.

الباب ١٥

١ - شرح نهج البلاغة للكيدري:

٢٦٣

١٦ -( باب انه إذا اشترك اثنان، أو جماعة محرمون، ولو رجالاً ونساء في قتل صيد عمداً والأكل منه، لزم كلّ واحد منهم فداء كامل)

[١٠٨٦٥] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ومتى اجتمع قوم على صيد وهم محرمون، فعلى كلّ واحد منهم قيمته ».

[١٠٨٦٦] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام : أنه سئل عن فراخ نعام أصابها قوم محرمون؟ قال: « عليهم مكان كلّ فرخ أكلوه بدنة ».

[١٠٨٦٧] ٣ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في الصيد تصيبه الجماعة: « على كلّ واحد منهم الجزاء منفرداً ».

١٧ -( باب ان المحرم إذا كسر بيض نعام ولم يتحرّك فيه الفرخ، وجب أن يرسل فحولة في إناث من الإبل بعدد البيض، فما نتج كان هدياً بالغ الكعبة، فإن عجز فلكلّ بيض شاة، فإن عجز فإطعام عشرة مساكين مدّاً مدّاً، فإن عجز فصيام ثلاثة أيام)

[١٠٨٦٨] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في محرم

__________________

الباب ١٦

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥١.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٨.

باب ١٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧.

٢٦٤

أصاب بيض نعامة، قال: « يرسل الفحل من الإبل في أبكار(١) منها بعدة البيض، فما نتج ممّا أصاب كان هدياً، وما لم ينتج فليس عليه فيه شئء، لأن البيض كذلك منه ما يصحّ ومنه ما يفسد، فإن أصابوا في البيض فراخاً لم يجر فيه الأرواح، فعليهم أن يرسلوا الفحل في الإبل حتى يعلموا أنّها لقحت، فما نتج منها بعد أن علموا أنها لقحت كان هدياً، وما أسقطت بعد اللقاح فلا شئ فيه، لأن الفراخ في البيض كذلك منها ما يتمّ، ومنها ما لا يتمّ ».

[١٠٨٦٩] ٢ - محمّد بن علي بن شهرآشوب في المناقب: قال: في أحاديث البصريين عن أحمد(١) قال معاوية بن قرّة عن رجل من الأنصار: إن رجلاً أوطأ بعيره أدحى(٢) نعام فكسر بيضها، فانطلق إلى عليعليه‌السلام فسأله عن ذلك، فقال له عليعليه‌السلام : « عليك بكلّ بيضة جنين ناقة، أو ضراب ناقة » فانطلق إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فذكر ذلك له، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « قد قال عليعليه‌السلام بما سمعت، ولكن هلّم إلى الرخصة عليك بكلّ بيضة صوم يوم، أو إطعام مسكين ».

[١٠٨٧٠] ٣ - وعن أبي القاسم الكوفي، والقاضي نعمان في كتابيهما: عن عمر بن حمّاد بإسناده، عن عبادة بن الصامت، قال: قدم قوم من الشام حجاجاً فأصابوا أدحى نعامة فيه خمس بيضات وهم محرمون،

__________________

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: البكار.

٢ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ٣٥٤.

(١) في المصدر زيادة: عن جابر.

(٢) أدحى: هو الموضع تفرخ فيه النعامة (مجمع البحرين ج ١ ص ١٣٥).

٣ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٢ ص ٣٦٤.

٢٦٥

فشووهن وأكلوهن، ثم قالوا: ما أرانا إلّا وقد أخطأنا وأصبنا الصيد ونحن محرمون، فأتوا المدينة، وقصّوا على عمر القصّة، فقال: انظروا إلى قوم من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فاسألوهم عن ذلك ليحكموا فيه، فسألوا جماعة من الصحابة فاختلفوا في الحكم في ذلك، فقال عمر: إذا اختلفتم فها هنا رجل كنّا أمرنا إذا اختلفنا في شئ فيحكم فيه، فأرسل إلى امرأة يقال لها عطيّة، فاستعار منها أتاناً فركبها وانطلق بالقوم معه حتى أتى علياًعليه‌السلام ، وهو بينبع، فخرج إليه عليعليه‌السلام فتلقاهم ثم قال له: « هلا أرسلت إلينا فنأتيك » فقال عمر: الحكم يؤتى في بيته، فقصّ عليه القوم، فقال عليعليه‌السلام لعمر: « مرهم فليعمدوا إلى خمس قلائص من الإبل فليطرقوها للفحل، فإذا نتجت اهدوا ما نتج منها جزاء عمّا أصابوا » فقال عمر: يا أبا الحسن إن الناقة قد تجهض، فقال عليعليه‌السلام : « وكذلك البيضة قد تمرق(١) ».

فقال عمر: فلهذا أمرنا [ أن ](٢) نسألك.

[١٠٨٧١] ٤ - الحسين بن حمدان الحضيني في كتاب الهداية: عن جعفر بن أحمد القصير البصري، عن محمّد بن عبد الله بن مهران الكرخي، عن محمّد بن صدقة العنبري، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : أن أعرابيًا بدوياً خرج من قومه حاجّاً محرماً، فورد على أدحى نعام فيه بيض فأخذه واشتواه، وأكل منه،

__________________

(١) وفي حديث علي عليه‌السلام (أن من البيض ما يكون مارقاً) أي فاسدا ً وقد مَرِقت البيضة إذا فسدت (النهاية ج ٤ ص ٣٢١).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤ - الهداية ص ٣٨ ب باختلاف في اللفظ.

٢٦٦

وذكر أن الصيد حرام في الإحرام.

فورد المدينة فقال الاعرابي: أين خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقد جنيت جناية عظيمة، فأرشد إلى أبي بكر، فورد عليه الاعرابي وعنده ملأ من قريش فيهم عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان، وطلحة، والزبير، وسعد، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو عبيدة بن الجراح، وخالد بن الوليد، والمغيرة بن شعبة، فسلّم الأعرابي عليهم، فقال: يا قوم أين خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقالوا: هذا خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال: أفتني؟ فقال له أبو بكر: قل يا أعرابي، فقال: إنّي خرجت من قومي حاجّاً(١) ، فأتيت على أدحى فيه بيض نعام فأخذته فاشتويته، وأكلته، فماذا لي من الحجّ، وما علي فيه، أحلالاً ما حرم عليّ من الصيد أم حراماً؟ فأقبل أبو بكر على من حوله فقال: حواري رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه، أجيبوا الأعرابي(٢) .

قال له الزبير من بين الجماعة: أنت خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأنت أحقّ بإجابته.

فقال أبو بكر: يا زبير، حبّ بني هاشم في صدرك.

قال: وكيف لا! وأمّي صفية بنت عبد المطلب، عمّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال الاعرابي: إنّا لله ذهبت فتياي، فتنازع القوم فيما لا جواب

__________________

(١) في المصدر: محرماً.

(٢) كذا في المصدر، وفي المخطوط: إلى الاعرابي.

٢٦٧

فيه، فقال: يا أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، استرجع بعد محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله دينه فنرجع عنه، فسكت القوم، فقال الزبير: يا اعرابي ما في القوم إلّا من يجهل ما جهلت، قال الأعرابي: ما أصنع؟ قال (له الزبير: لم يبق في المدينة من تسأله بعد من ضمّه هذا المجلس، إلّا صاحب الحقّ الذي هو أولى بهذا المجلس منهم، قال الاعرابي: فترشدني إليه؟ قال له الزبير)(٣) : إن اخباري يسرّ قوماً، ويسخط قوماً آخرين.

قال الاعرابي: وقد ذهب الحقّ وصرتم تكرهونه، فقال عمر: إلى كم تطيل الخطاب يا ابن العوام؟ قوموا بنا والأعرابي إلى عليعليه‌السلام ، فلا تسمع جواب هذه المسألة إلّا منه، فقاموا بأجمعهم والأعرابي معهم، حتى صاروا إلى منزل أمير المؤمنينعليه‌السلام فاستخرجوه من بيته، وقالوا: يا إعرابي(٤) أقصص قصّتك على أبي الحسنعليه‌السلام ، فقال الاعرابي: فلم أرشدتموني إلى غير خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقالوا: يا أعرابي خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أبوبكر، وهذا وصيّه في أهل بيته، وخليفته عليهم، وقاضي دينه، ومنجز عداته، ووارث علمه.

قال: ويحكم يا أصحاب رسول الله، والذي أشرتم إليه بالخلافة ليس فيه من هذه الخلال خلّة!

فقالوا: يا اعرابي سلّ عمّا بدا لك، ودع ما ليس من شأنك

قال الاعرابي: يا أبا الحسن، يا خليفة رسول الله، إنّي خرجت

__________________

(٣) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٤) في نسخة: للأعرابي، (منه قدّه).

٢٦٨

من قومي محرماً، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : « تريد الحج، فوردت على أدحى وفيه بيض نعام، فأخذته واشتويته وأكلته » فقال الاعرابي: نعم يا مولاي.

فقال له: « وأتيت تسأل عن خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأرشدت إلى مجلس أبي بكر وعمر، فأبديت بمسألتك فاختصم القوم ولم يكن فيهم من يجيبك على مسألتك » فقال: نعم، يا مولاي.

فقال له: « يا اعرابي الصبي - الذي بين يدي مؤدبه - صاحب الذؤابه، فإنه ابني الحسنعليه‌السلام ، فسله فإنه يفتيك ».

قال الاعرابي: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، مات دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد موته، وتنازع القوم وارتدوا.

فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « حاش لله يا أعرابي ما مات دين محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولن يموت ».

قال الاعرابي: أفمن الحقّ أن أسأل خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحواريه وأصحابه، فلا يفتوني، ويحيلوني(٥) عليك فلا تجيبني، وتأمرني أن أسأل صبيّاً بين يدي المعلم، ولعلّه لا يفصل بين الخير والشرّ.

فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : « يا أعرابي لا تقف ما ليس لك به علم، فاسأل الصبي فإنّه ينبئك ».

فمال الاعرابي إلى الحسنعليه‌السلام وقلمه في يده، ويخطّ في صحيفته خطّاً، ويقول مؤدّبه: أحسنت أحسنت، أحسن الله إليك، فقال الاعرابي: يا مؤدّب الحسن الصبي فتعجب من إحسانه، وما

__________________

(٥) في المخطوط: ويخلوني، وما أثبتناه من المصدر.

٢٦٩

أسمعك تقول له شيئاً حتى كأنّه مؤدّبك، فضحك القوم من الاعرابي وصاحوا به: ويحك يا أعرابي سل وأوجز.

قال الاعرابي: فديتك يا حسن، إنّي خرجت حاجّاً محرماً فوردت على أدحى فيه بيض نعام، فشويته وأكلته عامداً وناسياً.

قال الحسنعليه‌السلام : « زدت في القول يا أعرابي قولك عامداً، لم يكن هذا من مسألتك، هذا عبث ».

قال الاعرابي: صدقت ما كنت إلّا ناسياً، فقال له الحسنعليه‌السلام ، وهو يخطّ في صحيفته: « يا أعرابي خذ بعدد البيض نوقاً فاحمل عليها فنيقا(٦) ، فما نتجت من قابل فاجعله هدياً بالغ الكعبة، فإنه كفّارة فعلك ».

فقال الاعرابي: فديتك يا حسن إنّ من النيق ما يزلقن، فقال الحسنعليه‌السلام : « يا أعرابي، إنّ من البيض ما يمرقن » فقال الاعرابي: أنت صبي محدق محرّر في علم الله مغرق، ولو جاز أن يكون ما أقوله قلته إنّك خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

فقال له الحسنعليه‌السلام : « يا أعرابي أنا الخلف من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبي أمير المؤمنينعليه‌السلام الخليفة ».

فقال الاعرابي: وأبو بكر ماذا؟ قال الحسنعليه‌السلام : « سلهم يا أعرابي » فكبّر القوم، وعجبوا ممّا سمعوا من الحسنعليه‌السلام ، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الحمد لله الذي جعل فيّ وفي ابني هذا، ما جعله في داود وسليمان، إذ يقول الله

__________________

(٦) الفنيق هو الفحل المكرم من الإبل. (النهاية ج ٣ ص ٤٧٦).

٢٧٠

عزّ من قائل:( فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ) (٧) ».

[١٠٨٧٢] ٥ - الصدوق في المقنع: وإذا وطئ بيض نعام ففدغها(١) وهو محرم، فعليه أن يرسل الفحل من الإبل على قدر عدد البيض، فما لقح وسلم حتى ينتج كان النتاج هدياً بالغ الكعبة.

١٨ -( باب انّ المحرم إذا كسر بيض النعام وقد تحرّك الفرخ فيه، وجب عليه لكلّ بيضة بكارة من الإبل، وفي بيضة القطاة بكارة من الغنم)

[١٠٨٧٣] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، « أن عليّاًعليهم‌السلام : حكم في بيض النعام، في كلّ بيضة بجنين ناقة إذا هو تبيّن خلقه ».

[١٠٨٧٤] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال في محرم أصاب بيض نعامة - إلى أن قال -: « وإن أصابوا(١) فراخاً قد نشأت فيها الأرواح (في البيض)(٢) ، أرسل(٣) الفحل في الإبل بعدتها(٤) حتى

__________________

(٧) الأنبياء ٢١: ٧٩.

٥ - المقنع ص ٧٨.

(١) الفدغ: الشدخ والشق اليسير (النهاية ج ٣ ص ٤٢٠).

الباب ١٨

١ - الجعفريات ص ٧٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧.

(١) في المصدر زيادة: فيها.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) وفيه: أرسلوا.

(٤) وفيه: بعددها.

٢٧١

تلقح، وتتحرك أجنّتها في بطونها، في نتج منها كان هدياً، وما مات بعد ذلك فلا شئ فيه، لأن الفراخ في البيض كذلك، منها ما تنشق عنه فيخرج حيّاً، ومنها ما يموت في البيض ».

[١٠٩٧٥] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : في صيد النعامة، قال: « فإن أكلت بيضها فعليك دم، وكذلك إن وطأتها(١) وكان فيها أفراخ تتحرك، فعليك أن ترسل فحولة من البدن على عددها من الإناث بقدر عدد البيض، فما نتج منها فهو هدي لبيت الله ».

[١٠٨٧٦] ٤ - المقنع: وإذا أصاب المحرم بيض نعام، ذبح عن كلّ بيضة شاة بقدر عدد البيض، فإن لم يجد شاة فعليه صيام ثلاثة أيام، فإن لم يقدر فإطعام عشرة مساكين.

١٩ -( باب ان للمحرم إذا كسر بيض قطاة لم يتحرّك فرخه، وجب عليه إرسال فحولة الغنم في إناث منها بعدد البيض، فما نتج كان هدياً بالغ الكعبة)

[١٠٨٧٧] ١ - الصدوق في المقنع: وإن وطئ بيض قطاة فشدخه، فعليه أن يرسل الفحل من الغنم في مثل عدّة البيض، كما يرسل الحفل في عدّة البيض من الإبل.

[١٠٨٧٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وفي القطاة حمل - إلى أن قال -

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

(١) في المصدر: وطئها.

٤ - المقنع ص ٧٨.

الباب ١٩

١ - المقنع ص ٧٨.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

٢٧٢

وفي بيضه إذا أصبته قيمته، فإن وطأتها وفيها فراخ تتحرك، فعليك أن ترسل الذكران من المعز على عددها من الإناث على قدر عدد البيض، فما نتج فهو هدي لبيت الله ».

٢٠ -( باب انّ من كسر من بيض حمام الحرم ولو جاهلاً، لزم قيمته إن لم يكن تحرّك الفرخ، وإلا ففي كلّ بيضة شاة أو حمل أو جدي، وعلى المحلّ في الحرم القيمة)

[١٠٨٧٩] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه كان يصنع في بيض الحمام وأشباهها من الطير [ في الغنم ](١) ، مثل ما يصنع في بيض النعام في الإبل.

٢١ -( باب أنّ المحرم إذا رمى صيداً ثم رآه سويّاً لم يلزمه شئ، فإن مضى ولم يدر ما أصابه لزمه الفداء كاملاً)

[١٠٨٨٠] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا رمى المحرم الصيد - إلى أن قال - وإن مضى على وجهه فلم يدر ما فعل، فعليه الجزاء كاملاً ».

[١٠٨٨١] ٢ - الصدوق في المقنع: فإن رمى محرم ظبياً فأصاب يده فعرج منها، فإن كان مشى عليها ورعى فليس عليه شئ، وإن كان ذهب على وجهه لا يدري ما صنع فعليه فداؤه، لأنه لا يدري ما صنع لعلّه

__________________

الباب ٢٠

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

٢ - المقنع ص ٧٨.

٢٧٣

هلك، فإن تعمّد ذلك فعليه فداؤه وإثمه.

فقه الرضاعليه‌السلام (١) : « فإن رميت ظبياً » إلى آخر ما يأتي.

٢٢ -( باب ما يجب في أعضاء الصيد)

[١٠٨٨٢] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا رمى المحرم الصيد فكسر يده، أو رجله، فإن(١) تركه قائماً يرعى فعليه ربع الجزاء ».

[١٠٨٨٣] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن رميت ظبياً فكسرت يده، أو رجله، فذهب على وجهه لا تدري ما صنع فعليك فداؤه، فإن رأيت بعد ذلك يرعى ويمشي فعليك ربع قيمته، وإن كسرت قرنه، أو جرحته تصدقت بشئ من الطعام ».

٢٣ -( باب أن من رمى صيداً وهو يؤمّ الحرم فقتله لزمه الفداء، ومن رمى صيداً في الحلّ فتحامل (* ) ودخل الحرم لم يلزمه الفداء)

[١٠٨٨٤] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

__________________

(١) فقه الرضا عليه‌السلام ص ٢٩.

الباب ٢٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

(١) في المصدر: قال أن.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

الباب ٢٣

(* ) في نسخة: وتحامل، (منه قدّه).

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٢٧٤

قال: « من رمى صيداً في الحلّ فأصابه، فتحامل الصيد حتى دخل الحرم فمات فيه من رميته، فلا شئ عليه فيه ».

٢٤ -( باب لزوم الكفّارة في الصيد للمحرم عمداً كان، أو خطأ، أو جهلاً، وكذا لو رمى صيداً فأصاب اثنين، وعدم لزوم الكفّارة للجاهل في غير الصيد، وجملة من أحكام الصيد)

[١٠٨٨٥] ١ - دعائم الإسلام: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، أنه قال: « يحكم على المحرم إذا قتل الصيد، كان قتله إيّاه عن عمد أو عن خطأ ».

[١٠٨٨٦] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « كلّ شئ أتيته في الحرم بجهالة وأنت محل أو محرم، أو أتيت في الحلّ وأنت محرم، فليس عليك شئ إلّا الصيد فإنّ عليك فداؤه، فإن تعمّدته كان عليك فداؤه وإثمه، وإن علمت أو لم تعلم فعليك فداؤه ».

وفي بعض نسخه(١) : « واعلم أنه ليس عليك فداء لشئ أتيته وأنت جاهل، وأنت محرم في حجّتك، إلّا الصيد فإنّ عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد ».

الصدوق في المقنع(٢) : مثله، وزاد بعد (حجّتك) و « لا في عمرتك ».

__________________

الباب ٢٤

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

(١) في بعض نسخه (المطبوع ضمن نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى) ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٩.

(٢) المقنع ص ٧٨.

٢٧٥

٢٥ -( باب أنّ من أحرم وفي منزله صيد مملوك لم يخرج عن ملكه، فإن كان معه خرج عن ملكه)

[١٠٨٨٧] ١ - دعائم الإسلام: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام : أنه سئل عن المحرم، يحرم وعنده في منزله صيد؟ قال: « لا يضرّه ذلك ».

٢٦ -( باب أنّ من دخل الحرم بصيد وجب عليه إطلاقه، وحرم إمساكه، فإن أمسكه حتى مات لزمه فداؤه)

[١٠٨٨٨] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن رجل دخل إلى الحرم ومعه صيد، أله أن يخرج به؟ قال: « لا قد حرم عليه إمساكه إذا دخل [ به ](١) الحرم ».

٢٧ -( باب تحريم الجراد على المحرم، وكذا ما يكون من الصيد في البرّ والبحر، ولزوم الفدية، فيجب تمرة عن كلّ جرادة، أو كفّ من طعام، وإن كان كثيراً لزمه دم شاة)

[١٠٨٨٩] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : « أنه نهى المحرم عن صيد الجراد وأكله - إلى أن قال - وما تعمّد قتله منه

__________________

الباب ٢٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

الباب ٢٦

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ٢٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

٢٧٦

جزى [ عنه ](١) بكفّ من طعام ».

[١٠٨٩٠] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « ومن قتل جرادة تصدق بتمرة، لأن تمرة خير من جرادة، وهي من البحر، وكلّ شئ أصله من البحر فهو في البرّ والبحر، فلا ينبغي للمحرم أن يقتله، فإن قتله فعليه فداء كما قال الله تعالى ».

[١٠٨٩٠] ٣ - المقنع: وإنّ قتل جرادة فعليه تمرة، وتمرة خير من جرادة.

[١٠٨٩٢] ٤ - أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره: عن صفوان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قول الله عزّوجلّ:( لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّـهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ ) (١) ، قال: « كان ذلك في عمرة الحديبية، وقال(٢) : المحرم متى قتل جرادة فعليه كفّ من(٣) طعام، وإن كان كثيراً فعليه دم(٤) شاة ».

٢٨ -( باب أنّ المحرم إذا قتل أسداً لزمه كبش)

[١٠٨٩٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن كان الصيد أسداً ذبحت كبشاً ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧ ح ٢٣.

٣ - المقنع ص ٧٩.

٤ - نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٧١.

(١) المائدة ٥: ٩٤.

(٢) نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٧٢.

(٣) ليس في المصدر.

(٤) ليس في المصدر.

الباب ٢٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ١٤٦.

٢٧٧

٢٩ -( باب إباحة الدجاج ونحوه ممّا لا يطير ولا يصفّ للمحرم، ولو في الحرم، وجواز اخراجه ولو في الحرم)

[١٠٨٩٤] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن الدجاج السندية، قال: « ليست من الصيد، لأنّ(١) الصيد من الطير ما استقل بالطيران ».

[١٠٨٩٥] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « ودجاج الحبش ليس من الصيد، إنّما الصيد ما طار بين السماء والأرض وصفّ ».

٣٠ -( باب أنّ المحرم إذا اضطر إلى الصيد أو الميتة وجب عليه اختيار الصيد، فيتناول منه ويلزمه الفداء، فإن لم يقدر فدى إذا قدر)

[١٠٨٩٦] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن المحرم يضطرّ فيجد الصيد، والميتة أيّهما يأكل؟ قال: « يأكل الصيد، ويجزئ عنه إذا قدر ».

[١٠٨٩٧] ٢ - بعض نسخ الرضوي: « وإذا اضطر المحرم فوجد صيداً وميتة أكل من الصيد، لأنّ فداءه في ماله قائم فإنّما يأكل من ماله ».

__________________

الباب ٢٩

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٠.

(١) في المصدر: إنما.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٧ ح ٢٢.

الباب ٣٠

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٨.

٢ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٠.

٢٧٨

[١٠٨٩٨] ٣ - الصدوق في المقنع: وإذا اضطر المحرم إلى صيد وميتة، فإنّه يأكل الصيد ويفدي

٣١ -( باب أن المحرم إذا صاد في الحلّ، أو أكل بيض صيد لزمه الفداء وإن صاد في الحرم لزمه الفداء والقيمة، وإن صاد المحل في الحرم فعليه القيمة، وإن صاد في مكّة أو الكعبة لزمه مع ذلك التعزير، وحكم القمري ونحوه)

[١٠٨٩٩] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ومتى أصبته وأنت حرام في الحرم فالفداء عليك مضاعف، وإن أصبته وأنت حلال في الحرم (فعليك قيمته)(١) ، وإن أصبته وأنت حرام في الحلّ فعليك قيمة واحدة ».

[١٠٩٠٠] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا أصاب الحلال صيداً في الحرم فعليه قيمته ».

[١٠٩٠١] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ومتى أصبت شيئاً من الصيد، في الحلّ وأنت محرم فعليك دم على ما وصفناه، ومتى ما أصبته في الحرم وأنت حلّ فعليك قيمة الصيد، فإن أصبته وأنت محرم في الحرم فعليك [ الفداء والقيمة فإن كان الصيد طيراً اشتريت بقيمته علفاً علفت به

__________________

٣ - المقنع ص ٧٩.

باب ٣١

١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٢، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٩.

(١) في المصدر: فقيمة واحدة.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٣ - فقه الرضا ص ٢٩، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ١٤٦.

٢٧٩

حمام الحرم وإن كنت محرماً وأصبته وأنت محرم في الحرم فعليك ](١) دم وقيمة الطير درهم، إلى آخر ما تقدّم ».

٣٢ -( باب أنّ المحرم إذا تكرّر منه الصيد عمداً، لم تلزمه الكفّارة إلّا في أوّل مرّة)

[١٠٩٠٢] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللَّـهُ مِنْهُ ) (١) قال: « من قتل صيداً وهو محرم حكم عليه أن يجزى بمثله، فإن عاد فقتل آخر لم يحكم عليه وينتقم الله منه ».

[١٠٩٠٣] ٢ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « المحرم إذا قتل الصيد في الحلّ فعليه جزاؤه، يتصدّق بالصيد على مسكين، فإن عاد وقتل صيداً لم يكن عليه جزاؤه فينتقم الله منه ».

[١٠٩٠٤] ٣ - وفي رواية أخرى: عن الحلبي، عنهعليه‌السلام ، في محرم أصاب صيداً، قال: « عليه الكفّارة، فإن عاد فهو ممّن قال الله:( فَيَنتَقِمُ اللَّـهُ مِنْهُ ) وليس عليه كفّارة ».

المقنع(١) : وإذا قتل المحرم الصيد، وذكر مثل الخبر الأول.

__________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر والبحار.

باب ٣٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٧ (عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ).

(١) المائدة ٥: ٩٥.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٦ ح ٢٠٧.

٣ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٦ ح ٢٠٨.

(١) المقنع ص ٧٩.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

ولست إذا ما سرّني الدهر ضاحكا

و لا خاشعا ما عشت من حادث الدهر

و قال آخر:

قد عشت في الناس أطوارا على طرق

شتى و قاسيت فيها اللين و الفظعا

كلاّ بلوت فلا النعماء تبطرني

و لا تخشعت من لاوائها جزعا

لا يملأ الهول صدري قيل موقعه

و لا أضيق به ذرعا إذا وقعا

«و لا مقرا للضيم» أي: الذلة «واهنا» أي: ضعيفا.

و في (تاريخ الطبري): ان قيس بن الأشعث قال للحسينعليه‌السلام يوم الطف:

أو لا تنزل على حكم بني عمك، فانهم لن يروك الا ما تحب. فقالعليه‌السلام : لا و اللَّه لا أعطيهم بيدي اعطاء الذليل، و لا اقرّ لهم إقرار العبيد( ١) .

«و لا سلس الزمام للقائد» كبعير يقوده بزمامه الانسان حيث شاء «و لا وطي‏ء» أي: لين «الظهر للراكب المتقعد» هكذا في (المصرية) و الصواب:

«المقتعد» من باب الافتعال كما يشهد له (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢ ) و عدم كونه وطي‏ء الظهر كقعود الراعي، قال أبو عبيدة: القعود من البعير الّذي يقتعده الراعي في كل حاجة و بتصغيره جاء المثل «اتخذوه قعيد الحاجات» إذا امتهنوا الرجل في حوائجهم( ٣ ) (و لكنه كما قال أخو بني سليم:

فان تسأليني كيف أنت فانني

صبور على ريب الزمان صليب

يعزّ عليّ ان ترى بي كآبة

فيشمت عاد أو يساء حبيب )

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٣٢٣، سنة ٦١.

(٢) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٤٨، و شرح ابن ميثم ٤: ٧٧.

(٣) نقله عنه لسان العرب ٣: ٣٥٩، مادة (قعد).

٥٠١

قال ابن أبي الحديد: الشعر ينسب إلى العباس بن مرداس السلمي و لم أجده في ديوانه( ١) .

قلت: بل الظاهر أن البيتين لصخر بن عمرو السلمي، قال في الأغاني كان صخر طعن في جنبه في حرب، فمرض قريبا من حول و قد نتأت في موضع الطعنة قطعة مثل الكبد، فأحمسوا له شفرة، ثم قطعوها لعله يبرأ، فسمع أن اختها تقول: كيف كان صبره. فقال:

أجارتنا ان الخطوب تنوب

على الناس كل المخطئين يصيب

فان تسأليني هل صبرت فانني

صبور على ريب الزمان صليب

كأني و قد أدنوا إلي شفارهم

من الصبر دامي الصفحتين ركوب

أجارتنا لست الغداة بظاعن

و لكن مقيم ما أقام عسيب

فمات، فقبر قريبا من عسيب جبل بأرض بني سليم.

فترى البيت الثاني عين البيت الأوّل مع اختلاف يسير في اللفظ، و تركه البيت الثاني لاختلاف الرواة في النقل، و أظن ان بيته الأوّل و بيته الأخير ممّا خلط، و انهما لامرئ القيس خلطا ببيتي هذا لكونهما على روي واحد، و يشهد للخلط أنه قال: ان اخته قالت كيف صبره و قال هو في البيتين «أجارتنا» و الجارة تقال للغريبة.

و على ما استظهرناه يكون الخطاب في قوله «فان تسأليني» لاخته خنساء، كما ان الظاهر أن المراد بعاد في قوله «فيشمت عاد» مثل امرأته،

و بحبيب في قوله «أو يساء حبيب» مثل أمه، ففي (شعراء ابن قتيبة): طال مرض صخر من جرحه، فكان قومه إذا سألوا امرأته عنه قالت: لا هو حي فيرجى، و لا ميت فينسى، و صخر يسمع كلامها، فيشق ذلك عليه، و إذا سألوا

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٥٢.

٥٠٢

أمه قالت: اصبح صالحا بنعمة اللَّه، ففي ذلك يقول:

أرى أم صخر ما تملّ عيادتي

و ملّت سليمى مضجعي و مكاني

و ما كنت أخشى أن أكون جنازة

عليك و من يغتر بالحدثان

و اي امرئ ساوى بأم، حليلة

فلا عاش الا في شقا و هو ان

لعمري لقد نبّهت من كان راقدا

و أسمعت من كانت له اذنان

و كيف كان فنسب إليهعليه‌السلام من الشعر قريبا من هذا المعنى:

ولي فرس للخير بالخير ملجم

و لي فرس للشرّ بالشر ملجم

فمن رام تقويمي فاني مقوّم

و من رام تعويجي فإنّي معوّج(١)

هذا، و في معنى البيت الأوّل قول ابن الجراح الوزير:

و من يك عنّي سائلا شامتا لما

نابني أو شامتا غير سائل

فقد أبرزت مني الخطوب ابن حرة

صبورا على أهوال تلك الزلازل

إذا سر لم يبطر و ليس لنكبة

إذا نزلت بالخاشع المتضائل

و قريب منه قول تأبط شرا:

و ما ولدت امي من القوم عاجزا

و لا كان ريشي من ذنابي و لا لغب

و قول ابن وادع العوفي:

لا استكين إذا ما أزمة أزمت

و لن تراني بخير فاره الطلب

هكذا نقله ابن برّي، و نقل الزمخشري الشطر الثاني «و لا تراني الا فاره اللبب»( ٢) .

____________________

(١) نقله ابن عساكر في ترجمة عليّعليه‌السلام ٣: ٣٠٧، بفرق في اللفظ.

(٢) نقل ابن بري جاء في لسان العرب ١٣: ٥٢٢، مادة (فره)، و نقل الزمخشري جاء في أساس البلاغة: ٣٤٠، مادة (فره).

٥٠٣

٥٠٤

الفصل الثاني و العشرون في أوليائهعليه‌السلام و أعدائه

٥٠٥

٥٠٦

مر في فصل بيعته قولهعليه‌السلام لعمار في المغيرة: «دعه يا عمار فانه لم يأخذ من الدين إلاّ ما قاربه من الدنيا» الخ.

و في فصل الامامة الخاصة قولهعليه‌السلام لأنس: «ان كنت كاذبا» الخ.

و في فصل صفين في ابن العاص و معاوية: «و لم يبايع حتى شرط».

و فيه: «و لا المهاجر كالطليق» الخ.

و فيه: «أين عمار و أين ابن التيهان و أين ذو الشهادتين» الخ( ١) .

١ - الكتاب (١٣) و من كتاب لهعليه‌السلام إلى أميرين من أمراء جيشه:

وَ قَدْ أَمَّرْتُ عَلَيْكُمَا وَ عَلَى مَنْ فِي حَيِّزِكُمَا؟ مَالِكَ بْنَ اَلْحَارِثِ اَلْأَشْتَرَ؟ فَاسْمَعَا لَهُ وَ أَطِيعَا وَ اِجْعَلاَهُ دِرْعاً وَ مِجَنّاً فَإِنَّهُ مِمَّنْ لاَ يُخَافُ وَهْنُهُ وَ لاَ

____________________

(١) راجع العنوان ١٣ من الفصل الثلاثين و العنوان ٢٨ من الفصل الثامن و العناوين ٥ و ٦ و ١٠ من الفصل الثاني و الثلاثين.

٥٠٧

سَقْطَتُهُ وَ لاَ بُطْؤُهُ عَمَّا اَلْإِسْرَاعُ إِلَيْهِ أَحْزَمُ وَ لاَ إِسْرَاعُهُ إِلَى مَا اَلْبُطْءُ عَنْهُ أَمْثَلُ قول المصنف: (و من كتاب لهعليه‌السلام إلى أميرين من امراء جيشه) و هما زياد بن النضر و شريح بن هاني، قدمهماعليه‌السلام أمامه نحو معاوية، فاستقبلهما أبو الاعور السلمي في جند من أهل الشام من قبل معاوية، فكتبا إليهعليه‌السلام بذلك، فبعث الأشتر مددا لهما و كتب إليهما بالعنوان مع زيادة «و قد امرته بمثل الّذي أمرتكما به ألا يبدأ القوم بقتال حتى يلقاهم، فيدعوهم فيعذر إليهم».

قولهعليه‌السلام «و قد أمّرت عليكما» يا زياد و يا شريح «و على من في حيزكما» كان في حيز كل منهما ستة آلاف رجل «مالك بن الحارث الأشتر» و الأشتر من انقلب جفن عينه، كان مشتهرا باللقب.

قال نصر بن مزاحم كما في (صفينه) و أبو مخنف كما في (تاريخ الطبري): فخرج الأشتر حتى قدم على القوم، فاتبع ما امره به عليّعليه‌السلام و كف عن القتال، فلم يزالوا متوافقين حتى إذا كان عند المساء حمل عليهم أبو الاعور، فثبتوا و اضطربوا ساعة، ثم انصرف أهل الشام، ثم خرج هاشم بن عتبة في خيل و رجال، و خرج إليهم أبو الاعور، فصبر بعضهم لبعض، ثم انصرفوا و بكر عليهم الأشتر، فقتل منهم عبد اللَّه بن المنذر التنوخي قتله ظبيان بن عمارة التميمي، و كان ظبيان يومئذ حدث السن، و التنوخي فارس أهل الشام، و أخذ الأشتر يقول: و يحكم أروني أبا الأعور، و قال لسنان بن مالك النخعي: انطلق إليه فادعه إلى المبارزة. فذهب فدعاه، فسكت عنه طويلا ثم قال: إن خفة الأشتر و سوء رأيه هو الّذي دعاه إلى اجلاء عمال عثمان من العراق، و افترائه عليه يقبح محاسنه، و يجهل حقه، و يظهر عداوته، و من خفة الأشتر و سوء رأيه انه سار إلى عثمان في داره و قراره، فقتله فيمن قتله،

٥٠٨

فأصبح متبعا بدمه، لا حاجة لي في مبارزته.

قال سنان: فقلت لأبي الأعور: إنك قد تكلمت فاستمع مني حتى أخبرك.

فقال لي: لا حاجة لي في جوابك و لا الاستماع منك اذهب عني، و صاح بي أصحابه، فانصرفت عنه و لو سمع مني لا خبرته بعذر صاحبي و حجّته،

فرجعت إلى الأشتر، فأخبرته أنه قد أبى المبارزة، فقال لنفسه ننظر، فتوافقنا حتى الليل، فلما أصبحنا نظرنا، فاذاهم قد انصرفوا( ١) .

«فاسمعا له و أطيعا و اجعلاه درعا و مجنا» أي: ترسا. كانعليه‌السلام قد بعث رجالا إلى الكوفة لصدّ أبي موسى الأشعري عن تثبيط الناس، و كان لم يبال بهم حتى بعثعليه‌السلام الأشتر إليه ففر منه، و كان الناس يحتمون عن البراز إليه كما يحتمون عن البراز إليهعليه‌السلام ، كما عرفته من قصة أبي الأعور.

هذا، و في (كامل المبرد): روي ان الحجاج لما ورد عليه ظفر المهلب و قتله لعبد ربه الصغير و هرب قطري منه تمثل فقال: للَّه در المهلب، و اللَّه لكأنه ما وصف لقيط الأيادي حيث يقول:

و قلّدوا أمركم للَّه دركم

رحب الذراع بأمر الحرب مضطلعا

لا مترفا ان رخاء العيش ساعده

و لا إذا عض مكروه به خشعا

ما زال يحلب هذا الدهر أشطره

يكون متّبعا طورا و متّبعا

حتّى استمرت على شزر مريرته

مستحكم الرأي لا قحما و لا ضرعا

فقال إليه رجل و قال: و اللَّه لكأني اسمع هذا التمثيل من قطري في المهلب، فسر بذلك سرورا تبين في وجهه( ٢) .

و في (الأغاني) قال أبو المثلم في صخر الغي:

____________________

(١) وقعة صفين: ١٥٤، و تاريخ الطبري ٣: ٥٦٥، سنة ٣٦.

(٢) كامل المبرد ٨: ١١٦.

٥٠٩

لو كان للدهر مال عند متلده

لكان للدهر صخر مال قينان

آب الهضيمة آت العظيمة

متلاف الكريمة لا سقط و لا و ان

حامي الحقيقة نسال الوديعه

معتاق الوثيقة جلد غير شيبان

رقاء مرقبة مناع مغلبة

ركاب سلهبة قطاع اقران

بسّاط أودية شهاد اندية

حمال ألوية سرحان فتيان

يحمى الصحاب إذا جد الضراب

و يكفى القائلين إذا ما كيل الهاني

و يترك القرن مصفرا انامله

كأن في ريطتيه نضح ارقان

يعطيك ما لا تكاد النفس تسلمه

«فإنّه ممّن لا يخاف وهنه و لا سقطته» و في رواية الطبري و نصر «رهقه و لاسقاطه»( ١) .

في (صفين نصر): كان الأصبغ بن ضرار الأزدي طليعة و مسلحة لمعاوية، فبعث عليّعليه‌السلام الأشتر، فأخذه أسيرا من غير أن يقاتل، و كان عليّعليه‌السلام ينهى عن قتل الأسير الكافّ، فغدا الأشتر به علي عليّعليه‌السلام و قال له:

هذا رجل من المسلحة لقيته بالأمس، فو اللَّه لو علمت أن قتله الحق لقتلته، و قد بات عندنا الليلة و حركنا فان كان فيه القتل فاقتله و ان غضبنا فيه، و ان كنت فيه بالخيار فهبه لنا. قال: هو لك يا مالك، فاذا أصبت أسيرا فلا تقتله، فان أسير أهل القبلة لا يفاد و لا يقتل، فرجع به الأشتر إلى منزله و قال: لك ما أخذنا منك ليس لك عندنا غيره( ٢) .

«و لا بطؤه عمّا الاسراع إليه أحزم و لا اسراعه إلى ما البطء عنه أمثل» في (تاريخ الطبري): قيل لعليّعليه‌السلام بعد كتابة الصحيفة في صفين: ان الأشتر لا

____________________

(١) تاريخ الطبري ٣: ٥٦٥، سنة ٣٦، و وقعة صفين: ١١٤.

(٢) وقعة صفين: ٤٦٦.

٥١٠

يقرّ بما في الصحيفة، و لا يرى إلاّ قتال القوم. فقالعليه‌السلام : أنا و اللَّه ما رضيت أيضا إلى أن قال: و أما الّذي ذكرتم من ترك الأشتر أمري و ما أنا عليه، فليس من أولئك، و لست أخافه على ذلك، يا ليت فيكم مثله واحدا يرى في عدوّي ما أرى، إذن لخفت على مؤنتكم، و رجوت أن يستقيم لي بعض أودكم( ١) .

و أما ما رواه (الكافي) عن السجادعليه‌السلام ان عليّا كتب إلى الأشتر و هو على مقدمته يوم البصرة بألا يطعن في غير مقبل، و لا يجهز على جريح، و من أغلق بابه فهو آمن، فأخذ الكتاب، فوضعه بين يديه على القربوس من قبل أن يقرأه ثم قال اقتلوا، فقتلهم حتى أدخلهم سكك البصرة، ثم فتح الكتاب، فقرأه،

ثم امر مناديا فنادى بما في الكتاب»( ٢ ) ، فمحمول على أنه علم جوازه في نفس الأمر، و انهعليه‌السلام أمر بما أمر مصلحة، فروي عن الصادقعليه‌السلام ان سيرة عليّعليه‌السلام في أهل البصره كانت خيرا لشيعته ممّا طلعت عليه الشمس، انه علم ان للقوم دولة، فلو سباهم لسبيت شيعته، و القائم يسير فيهم بخلاف تلك السيرة لانه لا دولة لهم بعده( ٣) .

و اما قول ابن أبي الحديد: روى أن عليّاعليه‌السلام لما ولى بني العباس على الحجاز و اليمن و العراق قال الأشتر: فلماذا قتلنا الشيخ بالأمس، و ان عليّا لما بلغته هذه الكلمة أحضره و لاطفه و اعتذر إليه و قال له: فهل و ليت حسنا أو حسينا أو أحدا من ولد جعفر أو عقيلا أو واحدا من ولده، و انما وليت ولد عمي العباس لاني سمعت العباس يطلب من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله الامارة مرارا، فقال له: يا عم ان الامارة ان طلبتها وكلت إليها، و ان طلبتك أعنت عليها، و رأيت بنيه في أيام

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٤٢، سنة ٣٧.

(٢) الكافي ٤: ٣٣ ح ٣.

(٣) رواه الكليني في الكافي ٥: ٣٣ ح ٤، و الطوسي في التهذيب ٦: ١٥٥ ح ٦، و البرقي في المحاسن: ٣٢٠ ح ٤٤.

٥١١

عمر و عثمان يجدون في أنفسهم أن ولّي غيرهم من أبناء الطلقاء و لم يولّ أحد منهم، فأحببت ان أصل رحمهم، و ازيل ما كان في أنفسهم، و بعد فإن علمت أحدا هو خيرا منهم فاني أولّيه، فخرج الأشتر و قد زال ما في نفسه( ١) .

فمن رواياتهم المجعولة، فان فاروقهم و ان موّه على الاغبياء و نبه الطلقاء في اشتراطه عليهعليه‌السلام ، كما على عثمان الا يولّي أحدا من اقاربه،

و هوعليه‌السلام كان يوليهم لاقامة العدل و الايمان، و عثمان لاقامة الكفر و الطغيان،

فموّه بالجمع بينهما كما موّه بكونهما من بني عبد مناف، و لازمه كون محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله و أبي سفيان مثلين، الا انه كان صورة ظاهر، فعثمان لم يول غير أقاربه، كما ان فاروقهم لم يول هاشميا في أيامه لئلاّ يصل الأمر إليهعليه‌السلام بذلك، كما اقربه لابن عباس.

و كيف لم يكن الخبر مجعولا و أي عيب كان لو وليّعليه‌السلام الحسن و الحسينعليهما‌السلام ، و قد شهد القرآن بطهارتهما، و كونهما ابنيّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

و ممن باهل بهما( ٢) .

و كيف لم يكن مجعولا و قد قال نفسه ان مالكا كان شديد التحقق بولائه، و انهعليه‌السلام قال: كان مالك لي كما كنت للنبيّ، و ان معاوية قنت عليه كما قنت عليهعليه‌السلام و على الحسين و على ابن عباس، و انه اشهر في الشيعة من أبي الهذيل في المعتزلة، و انه حضر مع استاذه الدباس عند ابن سكينة المحدث لقراءة الاستيعاب، فلما انتهى إلى خبر حضور حجر و الأشتر لدفن أبي ذر و قولهما في عثمان، قال استاذه: لتقل الشيعة بعد هذا ما شاءت، فما قال المرتضى و المفيد الا بعض ما كان حجر و الأشتر

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٥: ٩٨.

(٢) النظر إلى الآيتين الاحزاب: ٣٣، و آل عمران: ٦١.

٥١٢

يعتقدانه في عثمان و من تقدمه( ١) .

٢ - الكتاب (٣٩) و من كتاب لهعليه‌السلام إلى عمرو بن العاص:

فَإِنَّكَ قَدْ جَعَلْتَ دِينَكَ تَبَعاً لِدُنْيَا اِمْرِئٍ ظَاهِرٍ غَيُّهُ مَهْتُوكٍ سِتْرُهُ يَشِينُ اَلْكَرِيمَ بِمَجْلِسِهِ وَ يُسَفِّهُ اَلْحَلِيمَ بِخِلْطَتِهِ فَاتَّبَعْتَ أَثَرَهُ وَ طَلَبْتَ فَضْلَهُ اِتِّبَاعَ اَلْكَلْبِ لِلضِّرْغَامِ يَلُوذُ إِلَى مَخَالِبِهِ وَ يَنْتَظِرُ مَا يُلْقَى إِلَيْهِ مِنْ فَضْلِ فَرِيسَتِهِ فَأَذْهَبْتَ دُنْيَاكَ وَ آخِرَتَكَ وَ لَوْ بِالْحَقِّ أَخَذْتَ أَدْرَكْتَ مَا طَلَبْتَ فَإِنْ يُمَكِّنِّي اَللَّهُ مِنْكَ وَ مِنِ اِبْنِ؟ أَبِي سُفْيَانَ؟ أَجْزِكُمَا بِمَا قَدَّمْتُمَا وَ إِنْ تُعْجِزَا وَ تَبْقَيَا فَمَا أَمَامَكُمَا شَرٌّ لَكُمَا أقول: رواه (صفين نصر بن مزاحم) مع اختلاف على نقل ابن أبي الحديد من عبد اللَّه عليّ أمير المؤمنين إلى عمرو بن العاص بن وائل شانئ محمّد و آل محمّد في الجاهلية و الاسلام، سلام على من اتبع الهدى. أما بعد:

فانك تركت مروتك لا مرى‏ء فاسق مهتوك ستره يشين الكريم بمجلسه و يسفه الحليم بخلطته فصار قلبك لقلبه تبعا كما قيل «وافق شن طبقه»، فسلبك دينك و أمانتك و دنياك و آخرتك، و كان علم اللَّه بالغا فيك، فصرت كالذئب يتبع الضرغام إذا ما الليل دجا أو أتى الصبح يلتمس فضل سؤره و حوايا فريسته، و لكن لا نجاة من القدر و لو بالحق أخذت لادركت ما رجوت،

و قد رشد من كان الحق قائده، فان يمكّن اللَّه منك و من ابن آكلة الأكباد ألحقتكما بمن قتله اللَّه من ظلمة قريش على عهد رسول اللَّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و ان تعجزا أو

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٥: ٩٨ و ٩٩.

٥١٣

تبقيا بعدي فاللَّه حسبكما و كفى بانتقامه انتقاما و بعقابه عقابا( ١) .

«فانك قد جعلت دينك تبعا لدنيا امرئ» و المراد معاوية «ظاهر غيّه مهتوك ستره».

في (بلاغات نساء أحمد بن أبي طاهر البغدادي) و (عقد ابن عبد ربه): ان معاوية حج، فسأل عن امرأة يقال لها الدارمية الحجونية كانت امرأة سوداء كثيرة اللحم فأخبر بسلامتها، فبعث إليها، فجي‏ء بها، فقال لها: كيف حالك يا ابنة حام؟ قالت: بخير و لست لحام، انما انا امرأة من قريش من بني كنانة، ثم من بني أبيك. قال: صدقت، هل تعلمين لم بعثت إليك؟ قالت: لا. قال: بعثت إليك لا سألك علام أحببت عليّا و أبغضتني، و علام واليته و عاديتني. قالت: أو تعفيني من ذلك. قال: لا أعفيك و لذلك دعوتك. قالت: فأما إذ أبيت فاني أحببت عليّا على عدله في الرعية، و قسمه بالسوية، و أبغضتك على قتالك من هو أولى بالامر منك، و طلبك ما ليس لك، و واليت عليّا على ما عقد له النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الولاية، و واليته على حبه المساكين، و اعظامه لأهل الدين، و عاديتك على سفكك الدماء، و شقك العصا.

قال: صدقت فلذلك انتفخ بطنك، و كبر ثديك، و عظمت عجيزتك. فقالت:

يا هذا بهند و اللَّه يضرب المثل في ذا لابي. فقال لها: هل رأيت عليّا؟ قالت: أي و اللَّه. قال: كيف رأيته؟ قالت: لم يفتنه الملك الّذي فتنك، و لم تصقله النعمة الّتي صقلتك. قال: فهل سمعت كلامه؟ قالت: نعم. قال: فكيف سمعته. قالت: كان و اللَّه كلامه يجلو القلوب من العمى كما يجلو الزيت صداء الطست. قال:

صدقت.

و فيهما: دخلت اروى بنت الحرث بن عبد المطلب على معاوية و هي

____________________

(١) جاء في شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٣، لكن لم يوجد في النسخة المطبوعة من وقعة صفين.

٥١٤

عجوزة كبيرة فقال لها: كيف كنت بعدنا؟ فقالت: لقد كفرت يد النعمة،

و اسأت لابن عمك الصحبة، و تسميت بغير اسمك، و أخذت غير حقك من غير دين كان منك، و لا من آبائك، و لا سابقة في الاسلام بعد أن كفرتم بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

فأتعس اللَّه منكم الجدود، و أضرع منكم الخدود، ورد الحق إلى أهله، و لو كره المشركون، و كانت كلمتنا العليا، و نبيّنا هو المنصور، فوليتم علينا من بعده،

و تحتجون بقرابتكم من النبيّ، و نحن أقرب إليه منكم، و أولى بهذا الأمر، فكنا فيكم بمنزلة بني اسرائيل في آل فرعون، و كان عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى، فغايتنا الجنّة، و غايتكم النار.

فقال لها عمرو بن العاص: كفّي أيتها العجوز الضالة، و اقصري عن قولك من ذهاب عقلك، إذ لا تجوز شهادتك وحدك. فقالت له: و أنت يا ابن النابغة تتكلم و امّك كانت أشهر امرأة تبغي بمكة، و آخذهن الاجرة، ادعاك خمسة نفر من قريش، فسئلت امّك عنهم، فقالت: كلّهم أتاني، فانظروا أشبههم به، فالحقوه، فغلب عليك شبه العاص بن وائل، فلحقت به.

و في (مفاخرات ابن بكار): اجتمع عند معاويه عمرو و الوليد بن عقبة و عتبة ابن أبي سفيان و المغيرة فقالوا له: ان الحسن قد أحيا أباه و خفقت النعال خلفه إلى أن قال فقال لهم معاوية: اما إذ عصيتموني و بعثتم إليه، فلا تمرضوا له في القول، و اعلموا أنهم أهل بيت لا يعيبهم العائب، و لكن اقذفوه بحجره و قولوا له أبوك قتل عثمان و كره خلافة الخلفاء من قبله.

إلى أن قال: فقال معاوية لهعليه‌السلام : ان هؤلاء بعثوا إليك و عصوني. فقال:

سبحان اللَّه الدار دارك و الاذن فيها إليك، و اللَّه ان كنت أجبتهم اني لاستحيي لك من الفحش، و ان كانوا غلبوك اني لاستحيي لك من الضعف. إلى أن قال: يا معاوية ما هؤلاء شتموني و لكنك شتمتني فحشا ألفته، و سوء رأي عرفت به،

٥١٥

و خلقا سيئا شبت عليه، و بغيا علينا و عداوة منك لمحمد و أهله. إلى أن قال:

قالعليه‌السلام لهم: و أنشدكم اللَّه هل تعلمون ان أبي أول الناس ايمانا و انك يا معاوية و أبوك من المؤلفة قلوبهم تسترون الكفر و تظهرون الاسلام،

و أنشدك اللَّه يا معاوية أتذكر يوما جاء أبوك على جمل أحمر و أنت تسوقه و أخوك عتبة هذا يقوده، فرآكم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: اللهم العن الراكب و القائد و السائق أتنسى يا معاوية الشعر الّذي كتبته إلى أبيك لما همّ أن يسلم تنهاه عن ذلك:

يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا

بعد الّذين ببدر أصبحوا فرقا

خالي و عمّي و عمّ الام ثالثهم

و حنظل الخير قد أهدى لنا الأرقا

و واللَّه لما أخفيت من أمرك أكثر ممّا أبديت، و لما أراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يكتب إلى بني خزيمة فبعث إليك و نهمك إلى أن تموت الخبر( ١) .

«يشين الكريم بمجلسه، و يسفّه الحليم بخلطته» في (العقد الفريد): قال معاوية لجارية بن قدامة: ما كان أهونك على اهلك إذ سموك جارية؟ فقال: ما كان أهونك على أهلك إذ سموك معاوية و هي الانثى من الكلاب قال: لا ام لك. قال: امّي ولدتني للسيوف الّتي لقيناك بها و هي في أيدينا. قال: انك لتهددني. قال: انك لم تصاحبنا قسرا، و لم تملكنا عنوة، و لكنك أعطيتنا عهدا و ميثاقا، و أعطيناك سمعا و طاعة، فان وفيت لنا و فينا لك، و ان فزعت إلى غير ذلك فانا تركنا وراءنا رجالا شدادا و ألسنة حدادا. قال: لاكثر اللَّه أمثالك. قال جارية: قل معروفا، فان شر الدعاء المحتطب.

و فيه: دخل خريم الناعم على معاوية، فنظر إلى ساقيه، فقال: أي ساقين لو أنهما على جارية. قال خريم: في مثل عجيزتك. قال معاوية:

____________________

(١) نقله عنه ابن أبي الحديد في شرحه ٦: ٢٨٥ و ٢٨٨.

٥١٦

واحدة باخرى و البادي أظلم.

و في (الأغاني): نظر معاوية إلى رجل في مجلسه فرأى فيه حسنا و شارة و جسما، فاستنطقه فوجده سديدا، فقال له: ممن أنت؟ قال: ممن أنعم اللَّه عليه بالاسلام فاجعلني حيث شئت. قال: عليك بهذه الازد الطويلة العريضة الّتي لا تمنع من دخل فيها، و لا تبالي من خرج منها. فغضب النعمان بن بشير و وثب من بين يديه و قال: أما و اللَّه انك ما علمت ليسي‏ء المجالسة لجليسك،

عاق لزوارك، قليل الرعاية لأهل الحرمة بك.

و في (العقد): تكلم الناس عند معاوية في يزيد ابنه إذ أخذ له البيعة و سكت الاحنف، فقال: مالك لا تقول أبا بحر. قال: أخافك ان صدقت، و أخاف اللَّه ان كذبت.

و فيه: بينا معاوية جالس و عنده وجوه الناس إذ دخل رجل من أهل الشام، فقام خطيبا فكان آخر كلامه أن سب عليّاعليه‌السلام ، فأطرق الناس و تكلم الاحنف، فقال: ان هذا القائل لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين لعنهم، فاتق اللَّه و دع عليّا، فقد لقي ربه، و كان و اللَّه المبرز سيفه، الطاهر ثوبه، الميمون نقيبته، العظيم مصيبته، فقال له معاوية: لقد أغضيت العين على القذى و قلت ما ترى، و ايم اللَّه لتصعدن المنبر فتلعنه طوعا أو كرها. فقال له الأحنف: ان تعفني فهو خير لك، و ان تجبرني فو اللَّه لا تجري فيه شفتاي، و مع ذلك لأنصفنّك في القول و الفعل، قال: ما أنت قائل ان أنصفتني. قال: أصعد المنبر و أقول: أيها الناس ان معاوية أمرني أن ألعن عليّا، و ان عليّا و معاوية اختلفا فاقتتلا، و ادعى كل واحد منهما انه بغي عليه و على فئته، فاذا دعوت فأمنوا، ثم أقول «اللهم العن (أنت و ملائكتك و أنبيائك و جميع خلقك) الباغي منهما على صاحبه لعنا كثيرا»، لا أزيد على هذا حرفا، و لا أنقص منه حرفا، و لو كان فيه

٥١٧

ذهاب نفسي. فقال معاوية: اذن نعفيك.

«فاتبعت أثره و طلبت فضله اتباع الكلب» قد عرف أن في رواية نصر «فصرت كالذئب»( ١ ) «للضرغام» أي: الأسد كالضيغم «يلوذ» أي: يلجأ «إلى مخالبه» في (الصحاح): المخلب للطائر و السباع بمنزلة الظفر للإنسان.

«و ينتظر ما يلقي إليه من فضل» أي: زيادة «فريسته» في (الصحاح): فرس الأسد فريسته و افترسها أي: دق عنقها، و أصل الفرس هذا، ثم كثر حتى صار كل قتل فرسا، و أبو فراس كنية الأسد.

«فأذهبت دنياك» بكونك تابعا كالعبد لمعاوية «و آخرتك».

و في (المروج) بعد ذكر جعل معاوية جعالة لقتل العباس بن ربيعة الهاشمي، و تصدي رجلين من لخم لذلك، و قتل أمير المؤمنينعليه‌السلام لهما قال معاوية: قبّح اللَّه اللجاج، ما ركبته قط الا خذلت. فقال عمرو بن العاص له المخذول و اللَّه اللخميان لا أنت. قال: اسكت أيها الرجل، فليس هذا من شأنك.

قال: و ان لم يكن رحم اللَّه اللخميين و لا أراه يفعل ذلك قال: ذلك و اللَّه أضيق لحجتك، و أخسر لصفقتك. قال عمرو: قد علمت ذلك، و لو لا مصر و ولايتها لركبت المنجاة، فانّي أعلم أن عليّا على الحق، و أنا على الباطل. فقال معاوية:

مصر و اللَّه أعمتك، و لو لا مصر لالفيتك بصيرا( ٢) .

و في (المروج): مات عمرو سنة (٤٣) و له تسعون سنة، و في أبيه و كان من المستهزئين بالنبيّ نزلت إنّ شانئك هو الأبتر( ٣ ) ، و خلف عمرو من العين ثلاثمائة و خمسة و عشرون ألف دينار، و ألفى ألف درهم، و ضيعته

____________________

(١) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٣.

(٢) مروج الذهب ٣: ٢٠.

(٣) الكوثر: ٣.

٥١٨

المعروفة بالرهط قيمتها عشرة آلاف ألف درهم، و فيه يقول ابن الزبير الأسدي:

ألم تر أن الدهر أخنت صروفه

على عمرو السهمي تجبي له مصر

فلم يغن عنه حزمه و احتياله

و لا جمعه لما أتيح له الدهر(١)

و في (تاريخ اليعقوبي): لما حضر عمرو الوفاة نظر إلى ماله، فرأى كثرته، فقال: يا ليته كان بعرا، يا ليتني مت قبل هذا اليوم بثلاثين سنة أصلحت لمعاوية دنياه و أفسدت ديني، آثرت دنياي و تركت آخرتي، عمي علي رشدي حتى حضرني أجلي، كأني بمعاوية قد حوى مالي و أساء فيكم خلافتي.

و توفي سنة (٤٣) ليلة الفطر، فاستصفى معاوية ماله، فكان أول من استصفى مال عامل، و لم يكن يموت لمعاوية عامل إلاّ شاطر ورثته ماله، و كان يكلم في ذلك، فيقول هذه سنّة سنّها عمر( ٢) .

و ذكروا أن معاوية قال يوما لجلسائه: ما أعجب الأشياء؟ فقال كل واحد شيئا، فقال عمرو: أعجب الأشياء أن المبطل يغلب المحق و عرّض بغلبة معاوية في امره معهعليه‌السلام فقال معاوية: بل أعجب الأشياء أن يعطى الانسان ما لا يستحق، و كان لا يخاف عرض بعمرو في أخذه مصر منه.

«و لو بالحق أخذت أدركت ما طلبت» في (تاريخ الطبري): قال النضر بن صالح العبسي: كنت مع شريح بن هاني في غزوه سجستان، فحدثني أن عليّاعليه‌السلام أوصاه بكلمات إلى عمرو بن العاص. قال: قل له إذا لقيته: ان عليّا يقول لك «ان أفضل الناس عند اللَّه عزّ و جلّ من كان العمل بالحق أحب إليه و ان نقصه و كرثه من الباطل و ان حسن إليه و زاده يا عمرو انك و اللَّه لتعلم أين

____________________

(١) مروج الذهب ٣: ٢٣.

(٢) تاريخ الطبري ٢: ٢٢٢.

٥١٩

موضع الحق، فلم تجاهل ان أوتيت طمعا يسيرا كنت به للَّه و لأوليائه عدوّا،

فكان و اللَّه ما أوتيت قد زال عنك، فلا تكن للخائنين خصيما و لا للظالمين ظهيرا، اما أني أعلم بيومك الّذي أنت فيه نادم و هو يوم وفاتك، تمنى انك لم تظهر لمسلم عداوة، و لم تأخذ على حكم رشوة». قال شريح: فبلغته ذلك،

فتمعر وجهه ثم قال: متى كنت أقبل مشورة علي أو انتهي إلى أمره أو اعتد برأيه؟ فقلت له: و ما يمنعك يا ابن النابغة أن تقبل من مولاك و سيّد المسلمين بعد نبيّهم مشورته، فقد كان من هو خير منك أبو بكر و عمر يستشير انه و يعملان برأيه. فقال: ان مثلي لا يكلم مثلك. فقلت له: و بأي أبويك ترغب عني أبأبيك الوشيظ أم بامك النابغة؟ فقام عن مكانه( ١) .

و في (الصحاح) الوشيظ: لفيف من الناس ليس أصلهم واحدا.

«فان يمكني اللَّه» هكذا في (المصرية) و هو غلط، و الصواب: «فان يمكن اللَّه» كما في (ابن أبي الحديد و ابن ميثم و الخطية)( ٢ ) «منك و من ابن أبي سفيان» قد عرفت أن في رواية نصر «و من ابن آكلة الأكباد»( ٣ ) . «أجزكما بما قدّمتها».

و في (صفين نصر): قال جابر الأنصاري: و اللَّه لكأني أسمع عليّاعليه‌السلام يوم الهرير بعد ما طحنت رحا مذحج فيما بيننا و بين عك و لخم و جذام و الأشعريين بأمر عظيم تشيب منه النواصي يقول: حتى متى نخلي بين هذين الحيين إلى أن قال جابر لا و الّذي بعث محمّداصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحق ما سمعنا برئيس قوم منذ خلق اللَّه السماوات و الأرض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب عليّعليه‌السلام . انه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من أعلام العرب( ٤) .

____________________

(١) تاريخ الطبري ٤: ٥٠، سنة ٣٧.

(٢) كذا في شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦١، لكن في شرح ابن ميثم ٥: ٨٥، «و ان يمكني اللَّه».

(٣) شرح ابن أبي الحديد ١٦: ١٦٣.

(٤) وقعة صفين: ٤٧٧.

٥٢٠

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621