مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٨

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 478

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 478 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 241785 / تحميل: 4936
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

تخلقه ولو استغاث بي لأغثته).

غرق الدنيا أيام نوح:

روى عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت للرضاعليه‌السلام : يا بن رسول الله لأيّ علّة أغرق الله عزّ وجل الدنيا كلها في زمن نوح وفيهم الأطفال، وفيهم مَن لا ذنب له؟

قالعليه‌السلام : (ما كان فيهم الأطفال؛ لأنّ الله عزّ وجل أعقم أصلاب قوم نوح وأرحام نسائهم أربعين عاماً فانقطع نسلهم، فغرقوا ولا طفل فيهم، وما كان الله عزّ وجل ليهلك بعذابه مَن لا ذنب له، وأمّا الباقون من قوم نوح فأغرقوا بتكذيب المكذبين، ومَن غاب عن أمر فرضي به كان كمن شهده وأتاه).

معجزة موسى:

قال ابن السكيت للإمام الرضاعليه‌السلام : لماذا بعث الله عزّ وجل موسى بن عمران بالعصا ويده البيضاء آلة السحر، وبعث عيسى بالطب، وبعث محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله بالكلام والخطب؟

فقالعليه‌السلام : (إنّ الله تبارك وتعالى لـمّا بعث موسى كان الأغلب على أهل عصره السحر، فأتاهم من عند الله عزّ وجل بما لم يكن عند القوم وفي وسعهم مثله، وبما أبطل به سحرهم وأثبت به الحجّة عليهم، وإنّ الله تبارك وتعالى بعث عيسى في وقت ظهرت فيه الزمانات - وهي العلل والأمراض - احتاج الناس إلى الطب فأتاهم من عند الله عزّ وجل بما لم يكن عندهم مثله، وبما أحيا لهم الموتى وأبرأ لهم الأكمه والأبرص بإذن الله تعالى، وأثبت به الحجّة عليهم وإن الله تبارك وتعالى بعث محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله في وقت كان الأغلب على أهل عصره الخطب والكلام، فأتاهم من كتاب الله عزّ وجل ومواعظه وأحكامه، ما أبطل به قولهم وأثبت به الحجّة عليهم).

وبهر ابن السكيت وراح يقول: تالله ما رأيت مثلك اليوم قط فما الحجّة على الخلق اليوم؟

فقالعليه‌السلام : (العقل يعرف به الصادق على الله فيصدقه والكاذب على الله فيكذبه).

فقال ابن السكيت: هذا والله هو الجواب...

٦١

أولو العزم:

قالعليه‌السلام : (إنّما سُمّي أُولو العزم بأُولي العزم لأنّهم كانوا أصحاب الشرائع والعزايم؛ وذلك أنّ كل نبي بعد نوح وكل نبي كان في أيام إبراهيم وبعده كان على شريعته ومنهاجه وتابعاً لكتابه إلى زمن نبينا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهؤلاء الخمسة أولو العزم، فهم أفضل الأنبياء والرسل، وشريعة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله لا تنسخ إلى يوم القيامة، ولا نبي بعده إلى يوم القيامة، فمَن ادعى بعده نبوّة أو أتى بعد القرآن بكتاب فدمه مباح لكل مَن سمع ذلك منه...).

الحواريون:

روى علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال قلت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام : لم سمّي الحواريون الحواريين؟

قالعليه‌السلام : (أمّا عند الناس فإنّهم سُمّوا حواريين لأنّهم كانوا قصارين يخلصون الثياب من الوسخ بالغسل، وهو اسم مشتق من الخبز الحوار (1) . وأمّا عندنا فسُمّي الحواريون الحواريين لأنّهم كانوا مخلصين في أنفسهم ومخلصين لغيرهم من أوساخ الذنوب بالوعظ والتذكير.

قال: فقلت له: فلم سمّي النصارى؟ قال: لأنّهم من قرية اسمها (ناصرة) من (بلاد الشام) نزلتها مريم وعيسى بعد رجوعهما من مصر).

إبراهيم خليل الله:

روي الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيهعليه‌السلام أنّه قال: إنّما اتخذ الله عزّ وجل إبراهيم خليله؛ لأنّه لم يرد أحداً، ولم يسأل أحداً قط غير الله عزّ وجل.

إسماعيل صادق الوعد:

روى سليمان الجعفري عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام أنّه قال: أتدري لم سمي إسماعيل صادق الوعد؟قلت:

____________________

(1) الخبز الحوار هو الذي نخل مرة بعد مرة. وفي القاموس: إنّه الدقيق الأبيض.

٦٢

لا أدري فقال: وعد رجلاً فجلس له حولاً ينتظره.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن علل أحوال بعض الأنبياء والأمم السالفة التي أدلى بها الإمامعليه‌السلام .

علل بعض الشؤون الإسلامية:

وأثرت عن الإمامعليه‌السلام كوكبة من الأحاديث في تعليل بعض الشؤون الإسلامية وهي:

القرآن غض:

روى إبراهيم بن العباس عن الإمام الرضاعليه‌السلام أنّه روى عن أبيه: أنّ رجلاً سأل الإمام الصادقعليه‌السلام فقال له: ما بال القرآن لا يزداد عند النشر والدراسة إلاّ غضاضة؟

فقالعليه‌السلام : لأنّ الله لم ينزله لزمان دون زمان، ولا لناس دون ناس، فهو في كل زمان جديد، وعند كل قوم غض إلى يوم القيامة).

إنّ القرآن الكريم المعجزة الكبرى للإسلام؛ وذلك لما فيه من أحكام خلاّقة تساير الزمن وتساير التطوّر، وليس فيها ما يشذ عن سنن الكون ولا ما يخالف الفطرة، مضافاً لروعة فصاحته وعظيم بلاغته، فمهما تداولته الأيام فهو غض جديد.

علي قسيم الجنة والنار:

قال المأمون للرضاعليه‌السلام : يا أبا الحسن أخبرني عن جدّك أمير المؤمنين بأي وجه هو قسيم الجنة والنار؟ وبأي معنى، فقد كثر فكري في ذلك؟

قالعليه‌السلام : يا أمير المؤمنين ألم ترو عن أبيك عن آبائه عن عبد الله بن عباس أنّه قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: (حب علي إيمان وبغضه كفر) فقال: بلى.

فقال الرضاعليه‌السلام : (فقسمة الجنة والنار إذا كانت على حبّه وبغضه فهو قسيم الجنة والنار).

فقال المأمون: لا أبقاني الله بعدك يا أبا الحسن، أشهد أنّك وارث علم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

قال أبو الصلت الهروي: فلمّا انصرف الرضا إلى منزله أتيته فقلت له: يا بن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ما أحسن ما أجبت به المأمون؟ فقال الرضا: (يا أبا الصلت إنّما كلّمته من حيث هو، ولقد سمعت أبي يحدث عن آبائه عن علي

٦٣

عليه‌السلام أنّه قال: قال رسول الله (ص): يا علي أنت قسيم الجنة يوم القيامة تقول للنار: هذا لي وهذا لك...).

الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام هو رمز لكل مكرمة في الإسلام، فهو قسيم الجنة والنار ليس في ذلك شك، وقد تواترت الأخبار بذلك عن النبي (ص)(1) ، وقد علّل الرضاعليه‌السلام بهذا التعليل الوثيق الذي أعجب به المأمون.

عدم إرجاع فدك:

روى علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه عن الرضاعليه‌السلام قال: سألته عن أمير المؤمنينعليه‌السلام لم لم يسترجع فدك لما ولي أمر الناس؟

قالعليه‌السلام : (لأنّا أهل بيت إذا ولينا الله عزّ وجل لا يأخذ لنا حقوقنا ممّن ظلمنا إلاّ هو، ونحن أولياء المؤمنين إنّما نحكم لهم ونأخذ حقوقهم ممن يظلمهم ولا نأخذ لأنفسنا.....).

استولى أبو بكر على فدك وأخذها من يد سيدة نساء العالمين والسبب في ذلك أن لا تقوى شوكة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وهي حرب اقتصادية

الغرض منها شل الحركة المعادية للحكم القائم، وقد ظلت فدك بأيدي الولاة والحاكمين، وقد استرجعت للسادة العلويين أيام عمر بن عبد العزيز وأيام المأمون، والحديث عنها ذو شجون، والحاكم هو الله تعالى يحكم بين عباده بالحق في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.

صحابة النبي (ص):

روى محمد بن موسى بن نصر الرازي قال: حدثني أبي قال سُئل الرضاعليه‌السلام عن قول النبي (ص): (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) وعن قوله: (دعوا لي أصحابي)، فقالعليه‌السلام : هذا صحيح يريد مَن لم يغير بعده ولم يبدل قيل وكيف يعلم أنهم قد غيروا أو بدلوا؟ قال: لما يرونه من أنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال ليذادن(2) برجال من

____________________

(1) الصواعق المحرقة (ص 75) وفي كنز العمال 6 / 402 قال علي: أنا قسيم النار. وفي كنوز الحقائق للمناوي (ص 92) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : علي قسيم النار.

(2) ليذادن: أي ليطردن.

٦٤

أصحابي يوم القيامة عن حوضي كما تذاد غرايب الإبل عن الماء فأقول: يا رب أصحابي أصحابي فيقال لي: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: بعداً لهم وسحقاً(1) افترى هذا لمن لم يغير ولم يبدل).

وليست الصحبة عاصمة عن الخطأ ففي الصحابة سمرة بن جندب وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة، وغيرهم من رؤوس النفاق والضلال.

انحراف الناس عن علي (ع):

روى علي بن الحسن بن علي بن فضال عن أبيه قال: سألت الإمام الرضاعليه‌السلام عن أمير المؤمنينعليه‌السلام كيف مال الناس عنه إلى غيره وقد عرفوا فضله وسابقته ومكانه من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قالعليه‌السلام : (إنّما مالوا عنه إلى غيره وقد عرفوا فضله؛ لأنّه كان قتل من آبائهم وأجدادهم وإخوانهم وأعمامهم وأخوالهم وأقربائهم المحادين لله ولرسوله عدداً كثيراً، فكان حقدهم عليه لذلك في قلوبهم فلم يحبوا أن يتولى عليهم، ولم يكن في قلوبهم على غيره مثل ذلك؛ لأنّه لم يكن له في الجهاد بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ما كان له فلذلك عدلوا عنه ومالوا إلى سواه).

لقد وتر الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام الأقربين والأبعدين في ذات الله تعالى، وحصد رؤوس المشركين بسيفه الذي أقام به الإسلام، وقد أترعت نفوس القوم بالكراهية والبغض له فمالوا عنه وحكّموا غيره.

سكوت الإمام عن أخذ حقه:

روى الهيثم بن عبد الله الرمّاني قال: سألت علي بن موسى الرضاعليه‌السلام فقلت له: يا بن رسول الله أخبرني عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام لِم لم يجاهد أعداءه خمساً وعشرين سنة بعد رسول الله (صلّى الله عليه

وآله)، ثم جاهد في أيام ولايته؟

____________________

(1) روى النجاري 6 / 119 ط الأميرية عن عبد الله بن مسعود عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: أنا فرطكم على الحوض وليرفعن معي رجال منكم ثم ليختلجن دوني فأقول: يا رب أصحابي فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك. وبهذا المضمون روايات كثيرة.

٦٥

قالعليه‌السلام : (لأنّه اقتدى برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في تركه جهاد المشركين بمكة بعد النبوّة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة تسعة أشهر؛ وذلك لقلّة أعوانه عليهم، وكذلك عليعليه‌السلام ترك مجاهدة أعدائه لقلّة أعوانه عليهم فلمّا لم تبطل نبوّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مع تركه الجهاد ثلاث عشر سنة وتسعة أشهر فكذلك لم تعطل إمامة علي مع تركه الجهاد خمساً وعشرين سنة؛ إذ كانت العلّة المانعة لهما واحدة).

إنّ الإمام أمير المؤمنين ترك حقّه ولم يجاهد أعداءه؛ وذلك لقلّة الناصر فقد قالعليه‌السلام : (وطفقت أن أصول بيد جذاء أو أصبر على طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير فرأيت أنّ الصبر على هاتا أحجى فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى...).

إنّ الإمام لم تكن له فئة ينصرونه، ولم يكن يأوي إلى ركن شديد مع كثرة أعدائه ومناوئيه، فصبر سلام الله عليه وترك حقّه إيثاراً للمصلحة العامة، وحفظاً على كلمة المسلمين.

وبهذا ينتهي بنا الحديث عن علل بعض الشؤون الإسلامية التي أدلى بها الإمامعليه‌السلام .

٦٦

٦٧

جوامع الكلم

وأثرت عن الإمام الرضاعليه‌السلام جمهرة من غرر الحكم والآداب والوصايا والنصائح وغيرها ممّا ينفع الناس، وقد دلّلت على أنّه كان المربّي الأكبر للعالم الإسلامي في عصره، وأنّه قد جهد على تهذيب المسلمين وتربيتهم بلباب الحكمة، ونلمح لبعض ما أثر عنه:

فضل العقل:

أمّا العقل فهو أفضل نعمة أنعمها الله به على الإنسان وميّزه به عن الحيوان السائم، وقد تحدث الإمام الرضاعليه‌السلام عنه في بعض أحاديثه وهي:

أ - قالعليه‌السلام : (صديق كل امرئ عقله، وعدوّه جهله)(1) .

ما أروع هذه الكلمة الحكيمة فإنّ العقل هو الصديق الأكبر للإنسان الذي يحميه ويصونه وينقذه من محن الدنيا وخطوبها، وعدو الإنسان الأكبر هو الجهل

الذي يلقي به في متاهات سحيقة من هذه الحياة.

____________________

(1) أصول الكافي 1 / 11، وسائل الشيعة 11 / 161.

٦٨

ب - روى أبو هاشم الجعفري قال: كنّا عند الرضاعليه‌السلام فتذاكرنا العقل والأدب فقالعليه‌السلام :

(يا أبا هاشم العقل حباء من الله والأدب كلفة، فمَن تكلّف الأدب قدر عليه، ومَن تكلّف العقل لم يزدد بذلك إلاّ جهلاً)(1) .

أمّا الأدب فهو أمر مكتسب يقدر على تحصيله الإنسان، وأمّا العقل فإنّه هبة ومنحة من الله تعالى لا يتمكّن الإنسان من كسبه.

ج - روى الحسن بن الجهم قال ذكر العقل عند أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فقال:

(لا يعبأ بأهل الدين ممّن لا عقل له...) قلت له: جُعلت فداك إنّ ممّن يصف هذا الأمر قوما لا بأس بهم عندنا وليست لهم تلك العقول، فقال: (ليس هؤلاء ممّن خاطب الله، إنّ الله خلق العقل فقال له اقبل فأقبل وقال له: ادبر فأدبر فقال: وعزّتي وجلالي ما خلقت شيئاً أحسن منك أو أحب إليّ منك بك آخذ وبك أعطي...)(2) .

إنّه ليس هناك شيء خلقه الله أفضل من العقل، وعليه يرتكز التكليف، فالذي فقد عقله غير مكلّف وغير مأثوم بما يقترفه من أنواع المحرّمات، فالعقل هو أحد الشروط في صحّة التكليف ونفوذه على المكلف.

د - قالعليه‌السلام : (أفضل العقل معرفة الإنسان نفسه)(3) .

إن الإنسان إذا عرف نفسه كيف صُوّرت، وكيف تنتهي، فقد ظفر بالخير العميم، فإنّ ذلك يبعده عن النزعات الشريرة، ويبعثه نحو النزعات الخيّرة كما يدل ذلك على معرفة خالقه العظيم، وفي الحديث: (مَن عرف نفسه فقد عرف ربّه).

التفكر في أمر الله:

قالعليه‌السلام : (ليس العبادة كثرة الصلاة والصوم إنّما العبادة كثرة التفكّر في أمر الله عزّ وجل)(4).

____________________

(1) أصول الكافي 1 / 23.

(2) أصول الكافي 1 / 11.

(3) أعيان الشيعة 4 / ق 2 / 196.

(4) الميزان 8 / 369، وسائل الشيعة 11 / 153.

٦٩

إنّ التفكّر في مخلوقات الله، والتأمّل في بدائع خلقه، والنظر فيما يحتويه هذا الكون من الأسرار والعجائب يدلّل ذلك - بصورة واضحة - على الخالق العظيم، وإذا عرف الإنسان ربّه فقد نجا من اقتراف الشر وارتكاب الجريمة، وصار مصدر عطاء وخير لنفسه ومجتمعه.

محاسبة النفس:

قالعليه‌السلام : (مَن حاسب نفسه ربح، ومَن غفل عنها خسر)(1) .

إنّ محاسبة الإنسان لنفسه فيما يعمله من حسنات وسيئات، فيردعها عن اقتراف السيئات، وينمي فيها الخيرات دليل على سمو النفس والظفر بالربح والخير، ومَن غفل عن محاسبة نفسه فإنّها تهبط به إلى مستوى سحيق من الشر ماله من قرار.

الحلم:

قالعليه‌السلام : (لا يكون الرجل عابداً حتى يكون حليماً) الحديث(2) .

إنّ الحلم من أفضل النزعات الكريمة التي يتصف بها الإنسان، فالحلم عن المسيء، والصفح عن المعتدي عليه من سمو النفس وبلوغها أرقى درجات الكمال، وإنّ الإنسان بالحلم يسود غيره ويكون لمجتمعه رائد خير ودليل هدى.

الصمت:

قالعليه‌السلام : (من علامات الفقه - أي المعرفة - الحلم والعلم، والصمت: إنّ الصمت باب من أبواب الحكمة، إنّ الصمت يكسب المحبّة، إنّه دليل على كل خير)(3) .

إنّ الصمت وحفظ اللسان يقيان الإنسان من شر عظيم، ويجنباه المكاره التي هي وليدة الكلام والنطق.

التواضع:

قالعليه‌السلام : (التواضع أن تعطي الناس ما تحب أن تُعطاه).

____________________

(1) أصول الكافي 2 / 111.

(2) أصول الكافي 2 / 113.

(3) أصول الكافي 2 / 124.

٧٠

وقالعليه‌السلام فيما كتبه لمحمد بن سنان: (التواضع درجات، منها: أن يعرف المرء قدر نفسه فينزلها منزلتها بقلب سليم لا يحب أن يأتي لأحد إلاّ مثل ما يؤتي إليه إن أتي إليه بسيئة درأها(1) بالحسنة، كاظم الغيظ، عافٍ عن الناس، والله يحب المحسنين)(2) .

إنّ حقيقة التواضع أن يعطي الإنسان للناس من التكريم والإحسان والبر مثل ما يحب ويتمنى أن يعطى لنفسه.

إنّ التواضع دليل على شرف النفس وسموّها، ومَن تواضع للناس أحبوه وأكرموه، وأحبّه الله ورفعه.

الخصال الكريمة في المؤمن:

قالعليه‌السلام : (لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون فيه ثلاث خصال: سنّة من ربّه، وسنّة من نبيّه، وسنّة من وليّه، فأمّا السنّة من ربّه: فكتمان سرّه، قال الله عزّ وجل:( عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً * إِلاّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ ) ، وأمّا السنّة من نبيّه فمداراة الناس فإنّ الله عزّ وجل أمر نبيّه بمداراة الناس فقال:( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ) وأمّا السنّة من وليّه فالصبر في البأساء والضرّاء)(3) .

يا لها من خصال كريمة ترفع مستوى الإنسان إلى قمّة الشرف والكمال، وتجنّبه من الوقوع في المهالك.

أحسن الناس وأسوأ الناس:

قال علي بن شعيب(4) دخلت على أبي الحسن الرضاعليه‌السلام فقال لي:

- يا علي مَن أحسن الناس معاشاً؟

- يا سيدي أنت أعلم به منّي.

- يا علي مَن حسن معاش غيره في معاشه.

- يا علي مَن أسوأ الناس معاشاً؟

____________________

(1) درأها: أي دفعها.

(2) الدر العظيم ورقة 216.

(3) وسائل الشيعة 11 / 241.

(4) قال صاحب تنقيح المقال: لم اقف على علي بن شعيب بهذا العنوان في كتب الرجال وانما وقفت على

علي بن أبي شعيب المدائني وان له كتابا صغيرا والظاهر كونه اماميا.

٧١

- يا سيدي أنت أعلم به منّي.

- مَن لم يعش بخيره في معاشه.

وجعل الإمامعليه‌السلام يوصيه بفعل الخير والإحسان إلى الناس قائلاً:

(يا علي أحسنوا جوار النعم فإنّها وحشية ما نأت عن قوم فعادت إليهم. يا علي إنّ شر الناس مَن منع رفده وأكل وحده وجلد عبده(1) ).

وحوت هذه الكلمات الدعوة إلى فعل الخير والإحسان إلى الناس والبر بهم.

الإيمان والإسلام:

قالعليه‌السلام : (الإيمان فوق الإسلام بدرجة والتقوى فوق الإيمان بدرجة، وما قسم في الناس شيء أقل من التقوى)(2) .

إنّ اليقين بالله من أقوى درجات الإيمان، وهو من صفات المتقين العظام الذين عزّ وجل امتحن الله قلوبهم للإيمان.

العجب المفسد للعمل:

سأل أحمد بن نجم الإمام الرضاعليه‌السلام عن العجب المفسد للعمل؟

فقالعليه‌السلام :

(العجب درجات: منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسناً ويحسب أنّه يحسن صنعاً. ومنها أن يؤمن العبد فيمن على الله، والله المنة عليه فيه)(3) .

إنّ العجب بالمعنى الثاني ناشئ عن فقدان الإيمان وعدم نضوج الفكر وهو المفسد للعمل.

الذنوب:

قالعليه‌السلام : (كلمّا أحدث العباد من الذنوب ما لم يكونوا يعلمون أحدث لهم من البلاء ما لم يكونوا يعرفون)(4) .

لقد أحدث الناس ألواناً رهيبة من المعاصي والذنوب ما لم تكن معلومة

____________________

(1) البحار 78 / 341.

(2) مواهب الرحمان 1 / 64.

(3) البحار 78 / 335.

(4) وسائل الشيعة 11 / 240.

٧٢

ومعروفة من قبل فصب الله عليهم أنواعا من المحن والبلاء ولم يعرفونها من قبل.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

قالعليه‌السلام : (لتأمرنّ بالمعروف ولتنهنّ عن المنكر أو ليستعملنّ عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم!)(1) .

إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منهج أصيل في الحياة الإسلامية، وإنّ إهماله له مضاعفاته السيئة التي منها: إشاعة المنكرات، وعدم استجابة دعاء الأخيار.

مَن أحبّ عاصياً:

قالعليه‌السلام : (مَن أحبّ عاصياً فهو عاصٍ، ومَن أحبّ مطيعاً فهو مطيع، ومَن أعان ظالماً فهو ظالم، ومَن خذل ظالماً فهو عادل، إنّه ليس بين الله وبين أحد قرابة، ولا تنال ولاية الله إلاّ بالطاعة)(2) .

إنّ مَن أحب عمل قوم حشر في زمرتهم كما في الحديث، فمَن أحبّ العاصي كان عاصياً ومَن أحبّ المطيع كان مطيعاً.

خيار الناس:

سُئل الإمامعليه‌السلام عن خيار العباد فقالعليه‌السلام : (الذين إذا أحسنوا استبشروا، وإذا أساؤوا استغفروا، وإذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا غضبوا عفوا)(3) .

حقّاً إنّ مَن يتصف بهذه الصفات الكريمة فهو من أفضل الناس، ومن خيارهم، وإنّه قد بلغ قمّة الكمال والفضل.

شرف العمل:

قالعليه‌السلام : (إنّ الذي يطلب من فضل يكف به عياله أعظم أجراً من المجاهد في سبيل الله)(4) .

____________________

(1) وسائل الشيعة 11 / 394.

(2) وسائل الشيعة 11 / 446.

(3) تحف العقول: (ص 445).

(4) تحف العقول: (ص 445).

٧٣

إنّ العمل لإعاشة العيال جهاد في سبيل الله، وشرف يكتسبه العامل، ومجد يفخر به.

تمامية العقل:

قالعليه‌السلام : (لا يتم عقل امرئ مسلم حتى يكون فيه عشر خصال: الخير منه مأمول، والشر منه مأمون، يستكثر قليل الخير من غيره، ويستقل كثير الخير من نفسه، لا يسأم من طلب الحوائج إليه، ولا يمل من طلب العلم طول دهره، الفقر في الله أحب إليه من الغنى، والذل في الله أحب إليه من العزّ في عدوه، والخمول أشهى إليه من الشهرة).

ثم قالعليه‌السلام : العاشرة وما العاشرة؟ قيل له: ما هي؟

قالعليه‌السلام : (لا يرى أحداً إلاّ قال: هو خير منّي وأتقى، إنّما الناس رجلان: رجل خير منه وأتقى ورجل شر منه وأدنى، فإذا لقي الذي شر منه وأدنى قال: لعلّ خير هذا باطن وهو خير له، وخيري ظاهر وهو شر لي، وإذا رأى الذي هو خير منه وأتقى تواضع له ليلحق به، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وطاب خيره وحسن ذكره وساد أهل زمانه)(1) .

حقّاً إنّ مَن يتصف بهذه الصفات العشر فقد كمل إيمانه، وكمل عقله، وكان على اتصال وثيق بالله تعالى؛ فيعزّه ويعلي ذكره في الدنيا ويمنحه الدرجات العليا يوم القيامة.

حقيقة التوكّل على الله:

سأله رجل عن قول الله تعالى:( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ) (2) فقالعليه‌السلام : (التوكّل درجات: منها أن تثق به في أمرك كلّه فيما فعل بك فما فعل بك كنت راضياً وتعلم أنّه لم يألك إلاّ خيراً ونظراً، وتعلم أنّ الحكم في ذلك له فتوكّل عليه بتفويض ذلك إليه، ومن ذلك الإيمان بغيوب الله التي لم يحط علمك بها فوكّلت علمها إليه والى أُمنائه عليها ووثقت به فيها وفي غيرها)(3) .

____________________

(1) تحف العقول: (ص 443)

(2) سورة الطلاق: آية 3.

(3) تحف العقول: (ص 443).

٧٤

وأعطى الإمامعليه‌السلام صورة واضحة عن حقيقة التوكّل على الله تعالى، وهو أن يفوّض الإنسان أموره كلها إليه تعالى، فإنّ ذلك هو محض الإيمان واليقين بالله.

أركان الإيمان:

قالعليه‌السلام : (الإيمان أربعة أركان: التوكّل على الله، والرضى بقضاء الله، والتسليم لأمر الله، والتفويض إلى الله قال العبد الصالح:(1) ( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا ) (2) .

إنّ الإيمان بالله يقوم على هذه الأركان الأربعة فإذا اتصف بها الشخص فقد بلغ ذروة الإيمان ومنتهاه.

خصال كريمة:

قالعليه‌السلام : (خمس مَن لم تكن فيه فلا ترجوه لشيء من الدنيا والآخرة: مَن لم تعرف الوثاقة في أرومته، والكرم في طباعه، والرضى في خلقه، والنبل في نفسه، والمخالفة لربّه)(3) .

إنّ مَن اتصف بهذه الصفات الكريمة قد حاز قصب السبق في الشرف والمروءة، وهو الذي يرجى رفده وكرمه.

شكر النعم:

قالعليه‌السلام : (مَن لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عزّ وجل)(4) .

إنّ شكر المنعم واجب فمَن لم يشكره وتنكّر له فإنّه لا يشكر الله عزّ وجل على نعمه وألطافه التي أسداها إليه.

وصاياه ونصائحه:

وأدلى الإمامعليه‌السلام ببعض الوصايا والنصائح لخواص شيعته، كان منها ما يلي:

____________________

(1) العبد الصالح: هو مؤمن آل فرعون.

(2) تحف العقول: (ص 445).

(3) تحف العقول: (ص 446).

(4) وسائل الشيعة: 11 / 542.

٧٥

أ - وصيّته لأحمد:

وأوصى الإمامعليه‌السلام أحمد بن محمد بن أبي نصر بوصية جاء فيها: (لا تمل الدعاء فإنّه من الله بمكان، وعليك بالصبر وطلب الحلال وصلة الرحم، وإيّاك ومكاشفة الناس فإنّا أهل بيت نصل مَن قطعنا ونحسن إلى مَن أساء إلينا فنرى والله في ذلك العاقبة الحسنة)(1).

لقد أوصاه بمكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال التي يسمو بها الإنسان.

ب - وصيّته لإبراهيم:

وأوصى الإمامعليه‌السلام إبراهيم بن أبي محمود بوصية جاء فيها: (أخبرني أبي عن آبائه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: مَن أصغى إلى ناطقٍ فقد عبده، فإن كان الناطق عن الله فقد عبد الله وإن كان الناطق عن إبليس فقد عبد إبليس. إلى أن قال: يا بن أبي محمود إذا أخذ الناس يميناً وشمالاً فالزم طريقتنا فإنّه مَن لزمنا لزمناه ومَن فارقنا فارقناه، فإنّ أدنى ما يخرج به الرجل من الإيمان أن يقول للحصاة: هذه نواة ثم يدين بذلك ويبرأ ممّن خالفه يا بن أبي محمود احفظ ما حدثتك به فقد جمعت لك فيه خير الدنيا والآخرة)(2) .

وحفلت هذه الوصية بلزوم اتباع أهل البيتعليهم‌السلام والاقتداء بنهجهم والاهتداء بسيرتهم؛ فإنّ ذلك النجاة، والأمن من الهلاك، والفوز برضوان الله تعالى.

ج - نصيحته لأحمد والحسين:

قال أحمد بن عمر والحسين بن يزيد: دخلنا على الرضاعليه‌السلام فقلنا له: إنّا كنّا في سعة من الرزق ونضارة من العيش فتغيّرت الحال بعض التغيّر فادع الله أن يرد ذلك إلينا.

فأجابهما الإمام بلزوم القناعة والرضى بما قسم الله لهما قائلاً:

____________________

(1) وسائل الشيعة 4 / 1129.

(2) وسائل الشيعة 18 / 92.

٧٦

(أيّ شيء تريدون أن تكونوا ملوكاً؟ أيسرّكم أن تكونوا مثل طاهر(1) وهرثمة(2) وأنّكم على خلاف ما أنتم عليه؟).

فانبرى أحدهما قائلا:

لا والله ما سرّني أنّ لي الدنيا بما فيها ذهباً وفضة وإنّي على خلاف ما أنا عليه - يعني منحرفاً عن أهل البيت -.

فقالعليه‌السلام : (إنّ الله يقول:( اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ) (3) .

أحسن الظن بالله، فإنّ مَن حسن ظنّه بالله كان الله عند ظنّه، ومَن رضي بالقليل من الرزق قبل منه اليسير من العمل، ومَن رضي باليسير من الحلال خفّت مؤونته ونعم أهله وبصّره الله داء الدنيا ودواءها وأخرجه منها سالماً إلى دار السلام)(4).

لقد أوصاهما الإمامعليه‌السلام بالقناعة التي هي كنز لا يفنى، وعرّفهما أنّهما يملكان ما هو أثمن وأغلى من الذهب والفضة، وهو الولاء لأهل البيتعليهم‌السلام الذي هو من أعظم نعم الله على عباده المخلصين.

د - المساواة بين الغني والفقير:

وأوصى الإمام أصحابه بالمساواة بين الغني والفقير بالسلام، فقد قال: (مَن لقي فقيراً مسلماً فسلّم عليه خلاف سلامه على الغني؛ لقي الله عزّ وجل وهو عليه غضبان)(5) .

ومثّلت هذه الوصية الأخلاق العظيمة عند أهل البيتعليهم‌السلام الذين خلقهم الله رحمة لعباده، فقد ألزموا شيعتهم بالمساواة بين أبناء المسلمين حتى بالسلام وكرهوا التمايز بينهم.

____________________

(1) طاهر هو أبو الطيب الملقب بذي اليمنين لأنه ضرب شخصا بيساره فقده نصفين وفيه يقول بعض الشعراء: (كلتا يديك يمين حين تضربه) كان والياً على خراسان من قبل المأمون وهو الذي أطاع بحكومة الأمين وقتله وأقام المأمون مكانه وكان شيعيا من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام .

(2) هرثمة بن أعين كان من قادة المأمون ومن أصحاب الإمام الرضا وخواصه.

(3) سورة سبأ: آية 12.

(4) تحف العقول (ص 448).

(5) وسائل الشيعة 8 / 442.

٧٧

ه‍ـ - التبسّم في وجه المؤمن:

وأوصى الإمام أصحابه بالتبسّم في وجه المؤمن وعدم مقابلته بالغيظ قال

عليه‌السلام : (مَن تبسّم في وجه أخيه المؤمن كتب الله له حسنة ومَن كتب الله له حسنة لم يعذّبه)(1) .

هذه هي معالي الأخلاق التي كان الأئمةعليهم‌السلام يوصون بها أصحابهم ليكونوا قدوة حسنة إلى الناس.

و - وصيّة عامة:

وأوصى الإمامعليه‌السلام أصحابه وسائر الناس بهذه الوصية القيّمة: (اتقوا الله أيّها الناس في نعم الله عليكم فلا تنفروها عنكم بمعاصيه، واعلموا أنّكم لا تشكرون الله بشيء، بعد الإيمان بالله ورسوله وبعد الاعتراف بحقوق أولياء الله من آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أحبّ من معاونتكم لإخوانكم المؤمنين على دنياهم التي هي معبر لكم إلى جنان ربّهم؛ فإنّ مَن فعل ذلك كان من خاصة الله)(2) .

لقد حفلت هذه الوصية بالحث على: تقوى الله تعالى، ومعونة الإخوان، وإسداء المعروف إليهم.

صلة الأرحام:

وأثرت عن الإمام الرضاعليه‌السلام كوكبة من الأحاديث في حث أصحابه وشيعته على صلة الأرحام كان منها ما يلي:

أ - قالعليه‌السلام : (يكون الرجل يصل رحمه فيكون قد بقي من عمره ثلاث ستين: فيصيّرها الله ثلاثين سنة ويفعل الله ما يشاء)(3) .

ب - قالعليه‌السلام : (ما نعلم شيئاً يزيد في العمر إلاّ صلة الرحم حتى أنّ الرجل يكون أجله ثلاث سنين فيكون وصولاً للرحم فيزيد الله في عمره ثلاثين سنة فيجعلها ثلاثاً وثلاثين سنة، ويكون أجله ثلاثاً وثلاثين سنة فيكون قاطعاً للرحم

____________________

(1) وسائل الشيعة 8 / 483.

(2) الدر النظيم ورقة 215.

(3) وسائل الشيعة 15 / 243.

٧٨

فينقصه الله ثلاثين سنة، ويجعل آجله إلى ثلاث سنين)(1) .

ج - قالعليه‌السلام : قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : (صل رحمك ولو بشربة ماء، وأفضل ما توصل به الرحم كفّ الأذى عنها، وصلة الرحم منسأة في الأجل، محبّة في الأهل)(2) .

إنّ خير وسيلة لترابط المجتمع وتضامنه هو البر بالأرحام والإحسان إليهم فإنّ ذلك يوحّد ما بين عواطفهم ومشاعرهم؛ وبذلك تتكوّن الخلايا الصالحة التي ينشأ منها المجتمع.

من حكم بعض الأنبياء:

روى الإمام الرضاعليه‌السلام بعض الحكم القيّمة التي أدلى بها بعض الأنبياءعليهم‌السلام ، وفيما يلي بعضها:

مناجاة موسى:

قالعليه‌السلام : (إنّ موسى بن عمران لـمّا ناجى ربّه قال: يا ربّ أبعيد أنت منّي فأناديك أم قريب فأناجيك؟ فأوحى الله إليه يا موسى أنا جليس مَن ذكرني، قال موسى: إنّي أكون في حالٍ أجل أن أذكرك فيها قال يا موسى اذكرني على كل حال)(3) .

في صحف إبراهيم:

قالعليه‌السلام : (في صحف إبراهيم: أيّها الملك المغرور إنّي لم أبعثك لتبني البناء، ولا لتجمع الدنيا، ولكن بعثتك لترد عنّي المظلوم فإنّي لا أردها ولو كانت من كافر)(4) .

عيسى مع الحواريين:

قالعليه‌السلام : (قال عيسى للحواريين: يا بني إسرائيل لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا، كما لا يأسى أهل الدنيا على ما فاتهم من دينهم إذا أصابوا

____________________

(1) وسائل الشيعة 15 / 245.

(2) أصول الكافي 2 / 151.

(3) الفصول المهمّة (ص 224)، وسائل الشيعة 1 /.

(4) تأريخ اليعقوبي.

٧٩

دنياهم)(1) .

وقد ألمحنا في البحوث السابقة إلى بعض ما أُثر عن الإمامعليه‌السلام من أحوال الأنبياء، وقد حفلت ببعض ما أدلوا به من الكلمات الحكمية.

وعظ وإرشاد:

ونقل الرواة والمؤرّخون طائفة من كلام الإمام وشعره في الوعظ، والإرشاد كان منها ما يلي:

1 - قال محمد بن عبيدة: دخلت على الرضاعليه‌السلام فبعث إلى صالح بن سعيد فوعظنا جميعاً، وكان من وعظه أنّه قال:

(قال أبو جعفر - يعني الإمام محمد الباقرعليه‌السلام - كن خيراً لا شرّ معه، كن ورقاً لا شوك معه، ولا تكن شوكاً لا ورق معه، وشرّاً لا خير معه).

ثم قال: (إنّ الله يبغض القيل والقال، وإيضاع المال وكثرة السؤال).

ثم قال: (إنّ بني إسرائيل شدّدوا فشدّد الله عليهم قال لهم موسى: اذبحوا بقرة، قالوا: ما لونها؟ فلم يزالوا يشدّدون حتى ذبحوا بقرة بملء جلدها ذهبا).

ثم قال: (إنّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام قال: إنّ الحكماء ضيّعوا الحكمة لما وضعوها عند غير أهلها)(2) .

2 - كتب المأمون إلى الإمام يطلب منه أن يعظه فكتب إليه هذه الأبيات:

إنّك في دنيا لها مدّة

يقبل فيها عمل العاملِ

أما ترى الموت محيطاً بها

يسلب فيها أمل الآملِ

تعجّل الذنب بما تشتهي

وتأمل التوبة من قابلِ

والموت يأتي أهله بغتةً

ما ذاك فعل الحازم العاقلِ(3)

____________________

(1) أصول الكافي 2 / 137.

(2) البحار 72 / 345.

(3) أعيان الشيعة: 4 / ق 2 / 199، نقلاً عن الاختصاص.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

[٩٢١٦] ٢ - وفي بعض نسخه: « إذا أردت الخروج إلى الحج، ودعّت أهلك وأوصيت وقضيت ما عليك من الدين، وأحسنت الوصيّة لأنّك لا تدري كيف يكون، عسى أن لا ترجع من سفرك، ثم صلّ ركعتين وتقول: اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة الحزن، اللهم احفظني في سفري، واستخلف لي في أهلي وولدي، [ وردني ](١) في عافية إلى أهلي ورهطي ».

١١ -( باب تحريم العمل بعلم النجوم وتعلّمه، إلّا ما يهتدى به في برّ أو بحر)

[٩٢١٧] ١ - أحمد بن محمد السياري في التنزيل والتحريف: عن البرقي، عن صفوان، عن يعقوب بن شعيب، عن أبان بن تغلب، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قرأ بنا علي (صلوات الله عليه) في النحر(١) : « وتجعلون(٢) شكركم انكم إذا مطرتم تكذبون » فلما انصرف قال: « إني قد عرفت أنه سيقول قائل منكم: لم قرأ هذا(٣) ؟ قرأتها إنّي(٤) سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يقرأ كذلك، أنّهم كانوا إذا مطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا، فأنزل الله: وتجعلون شكركم إذا مطرتم أنكم تكذّبون ».

__________________

٢ - وفي بعض نسخه وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب ١١

١ - التنزيل والتحريف ص ٥٩.

(١) في المصدر: الفجر.

(٢) وفيه: أتجعلون.

(٣) وفيه: هكذا.

(٤) وفيه: لأني.

١٢١

[٩٢١٨] ٢ - القطب الراوندي في الخرائج: روي أن في وقعة تبوك أصاب الناس عطش، فقالوا: يا رسول الله، لو دعوت الله لسقانا، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لو دعوت الله لسقيت » قالوا: يا رسول الله ادع لنا الله ليسقينا، فدعا فسالت الأودية فإذا قوم على شفير الوادي يقولون: مطرنا بنوء(١) الذراع وبنوء كذا، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ألا ترون؟ » فقال خالد: ألا اضرب أعناقهم؟ فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « [ لا هم ](٢) يقولون هكذا، وهم يعلمون أن الله أنزله ».

[٩٢١٩] ٣ - أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي في الاحتجاج: عن هشام بن الحكم، قال: سأل الزنديق، أبا عبد اللهعليه‌السلام فقال: ما تقول فيمن زعم أن هذا التدبير الذي يظهر في هذا العالم تدبير النجوم السبعة؟ قالعليه‌السلام : « يحتاجون إلى دليل، إن هذا العالم الأكبر والعالم الأصغر، من تدبير النجوم التي تسبح في الفلك، وتدور حيث دارت متعبة لا تفتر وسائرة لا تقف، ثم قال: وأنّ كلّ(١) نجم منها موكل مدبر، فهي بمنزلة العبيد المأمورين المنهيين، فلو كانت قديمة أزليّة لم تتغير من حال إلى حال » قال: فما تقول في علم النجوم؟ قال: « هو علم قلت منافعه وكثرت مضرّاته، لأنه لا يدفع

__________________

٢ - الخرائج ص ٢١.

(١) النوء: النجم إذا مال للمغيب وكانت العرب تقول: مطرنا بنوء كذا: أي مطرنا بطلوع نجم وسقوط آخر والذراع: نجم من نجوم كوكبة الجوزاء.

(لسان العرب ج ١ ص ١٧٥. مجمع البحرين ج ١ ص ٤٢٢).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - الاحتجاج ص ٣٤٧.

(١) في المصدر: لكل.

١٢٢

به المقدور، ولا يتقى به المحذور، إن أخبر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء، وإن أخبر هو بخبر لم يستطع تعجيله، وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه، والمنجم يضادّ الله في علمه بزعمه أنه يردّ قضاء الله عن خلقه » الخبر.

[٩٢٢٠] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن أبي بصير قال: رأيت رجلا يسأل أبا عبد اللهعليه‌السلام عن النجوم، فلما خرج من عنده قلت له: هذا علم له أصل؟ قال: « نعم » قلت: حدثني عنه، قال: « أحدثك عنه بالسعد(١) ولا أحدّثك بالنحس، إن الله جلّ اسمه فرض صلاة الفجر لأول ساعة فهو فرض وهي سعد، وفرض(٢) الظهر لسبع ساعات وهو فرض وهي سعد، وجعل العصر لتسع ساعات وهو فرض وهي سعد، والمغرب لأوّل ساعة من الليل وهو فرض وهي سعد، والعتمة لثلاث ساعات وهو فرض وهي سعد ».

[٩٢٢١] ٥ - السيد علي بن طاووس في كتاب الاستخارة: قال: ذكر الشيخ الفاضل محمد بن علي بن محمد في كتاب له في العمل(١) ، ما هذا لفظه: دعاء الاستخارة عن الصادقعليه‌السلام ، تقوله بعد فراغك من صلاة الاستخارة تقول:

« اللهم إنك خلقت أقواما يلجؤون إلى مطالع النجوم، لأوقات حركاتهم وسكونهم وتصرفهم وعقدهم، وخلقتني أبرأ إليك من اللجأ

__________________

٤ - المناقب لابن شهرآشوب ج ٤ ص ٢٦٥.

(١) في المصدر: بالصعب.

(٢) وفيه: وجعل.

٥ - فتح الأبواب ص ٢٩ وعنه في البحار ج ٩١ ص ٢٧٠ ح ٢٣.

(١) كذا.

١٢٣

إليها، ومن طلب الاختيارات بها، وأتيقن أنّك لم تطلع أحدا على غيبك في مواقعها، ولم تسهل له السبيل إلى تحصيل أفاعيلها، وأنّك قادر على نقلها في مداراتها في مسيرها عن السعود العامة والخاصة إلى النحوس، ومن النحوس الشاملة والمفردة إلى السعود، لأنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب، ولأنّها خلق من خلقك وصنعة من صنيعك، وما أسعدت من اعتمد على مخلوق مثله، واستمد(٢) الاختيار لنفسه، وهم أولئك ولا أشقيت من اعتمد على الخالق الذي أنت هو »، إلى آخر الدعاء وقد مرّ(٣) في كتاب الصلاة.

١٢ -( باب استحباب افتتاح السفر بالصدقة، وجواز السفر بعدها في الأوقات المكروهة، واستحباب كونها عند وضع الرجل في الركاب)

[٩٢٢٢] ١ - الصدوق في الهداية: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « تصدّق واخرج أيّ يوم شئت ».

[٩٢٢٣] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « أتى إلى أبي رجل من أصحابه أراد سفرا ليودعه، فقال [ له: إن ](١) أبي علي بن الحسينعليهما‌السلام ، كان إذا أراد الخروج

__________________

(٢) وفي نسخة: استبد - منه قدس سره -.

(٣) تقدم برقم ٧ من الباب ١ من أبواب صلاة الاستخارة.

الباب ١٢

١ - الهداية ص ٤٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٦٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٤

إلى بعض أمواله، اشترى سلامته من الله بما تيسّر، ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب، فإذا (سلّمه الله)(٢) وانصرف شكر الله تعالى، وتصدّق(٣) بما تيسر، فودّعه الرجل ومضى، ولم يفعل من ذلك شيئا فعطب في الطريق، فبلغ ذلك أبا جعفرعليه‌السلام فقال: كان(٤) الرجل وعظ لو اتعظ ».

[٩٢٢٤] ٣ - زيد الزراد في أصله قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إذا خرج أحدكم من منزله فليتصدق بصدقة، وليقل: اللهم أظلّني تحت كنفك، وهب لي السلامة في وجهي هذا، ابتغاء السلامة والعافية والمغفرة، واصرف [ عنّي ](١) أنواع البلاء، اللهم فاجعله لي أمانا في وجهي هذا، وحجابا وسترا ومانعا، وحاجزا من كلّ مكروه ومحذور وجميع أنواع البلاء، إنّك وهّاب جواد ماجد كريم، فإنّك إذا فعلت ذلك وقلته، لم تزل في ظل صدقتك، ما نزل بلاء من السماء إلّا ودفعه عنك، ولا استقبلك بلاء في وجهك إلّا وصدّه عنك، ولا أرادك من هوام الأرض شئ من تحتك ولا عن يمينك ولا عن يسارك، إلّا وقمعته الصدقة ».

__________________

(٢) وفيه: سلّم.

(٣) وفيه زيادة: أيضاً.

(٤) وفيه: قد كان.

٣ - كتاب زيد الزرّاد ص ١٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢٥

١٣ -( باب استحباب حمل العصا من لوز مرّ في السفر، وما يستحب قراءته حينئذٍ)

[٩٢٢٥] ١ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: روي عن الأئمةعليهم‌السلام أنهم قالوا: « إذا أراد أحدكم ان يسافر فليصحب معه في سفره عصا من شجر اللوز المرّ، وليكتب هذه الأحرف في رقّ، ويحفر العصا ويجعل الرق فيها، وهي: سلمخس وهبه لهوه(١) با. ابنه. باويه صاف(٢) . صسابه هي ».

١٤ -( باب استحباب حمل العصا في السفر والحضر، والصغر والكبر)

[٩٢٢٦] ١ - جامع الأخبار: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « من مشى مع العصا في السفر والحضر للتواضع، يكتب له بكل خطوة الف حسنة، ومحا عنه الف سيئة، ورفع له الف درجة ».

١٥ -( باب استحباب صلاة ركعتين أو أربع ركعات، عند إرادة السفر، وجمع العيال، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٢٧] ١ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن

__________________

الباب ١٣

١ - أمان الأخطار ص ٣٣ باختلاف يسير في رسم الحروف التي في ذيل الحديث.

(١) في نسخة: يهون (منه قدّه).

(٢) وفي نسخة: صاون (منه قدّه).

الباب ١٤

١ - جامع الأخبار ص ١٤١.

الباب ١٥

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٥.

١٢٦

آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « ما استخلف رجل على أهله خليفة إذا أراد سفرا، أفضل من ركعتين يصليهما عند خروجه(١) ، ثم يقول: اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي، وديني [ ودنياي ](٢) وآخرتي، وأمانتي وخاتمة عملي، ولا يفعل ذلك مؤمن إلّا أعطاه الله ما سأل ».

[٩٢٢٨] ٢ - أحمد بن محمد بن خالد البرقي في المحاسن: عن الحسن بن الحسين أو غيره، عن محمد بن سنان رفعه قال: كان أبو عبد اللهعليه‌السلام إذا أراد سفرا، قال: « اللهم خلّ سبيلنا، وأحسن سيرنا - أو قال مسيرنا - وأعظم عافيتنا ».

[٩٢٢٩] ٣ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في جنّته: بعد ذكر الدعاء المروي في الكافي(١) والمحاسن(٢) ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: ثم قل مولاي(٣) انقطع الرجاء إلّا منك: وخابت الآمال إلّا فيك، أسألك إلهي بحق من حقّه واجب عليك، ممّن جعلت له الحقّ عندك، أن تصلي على محمّد وآل محمد، وأن تقضي حاجتي، ثم ادع بدعاء السفر، فتقول: محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أمامي، وعلي ورائي، وفاطمة فوق رأسي، (والحسن عن يميني، والحسين عن

__________________

(١) في نسخة: الخروج (منه قدس سره).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢ - المحاسن ص ٣٥٠.

٣ - الجنة الواقية ص ١٨٦.

(١) الكافي ج ٣ ص ٢٨٣ ح ٢

(٢) المحاسن ص ٣٥٠ ح ٣٠.

(٣) في المصدر: يا مولاي.

١٢٧

يساري)(٤) ، وعلي ومحمد وجعفر وموسى وعلي ومحمد وعلي والحسن والحجّةعليهم‌السلام ، حولي، إلهي ما خلقت خلقا خيرا منهم، فاجعل صلواتي بهم مقبوله، ودعواتي بهم مستجابة، وحوائجي بهم مقضيّة، وذنوبي بهم مغفورة: وآفاتي بهم مدفوعة، وأعدائي بهم مقهورة، وأرزاقي بهم مبسوطة، اللهم صلّ على محمد وآل محمد، تقول ذلك ثلاثا ثم تدعو بكلمات الفرج ».

قال في الحاشية(٥) : هذا دعاء السفر جليل القدر عظيم الشأن، يؤمن(٦) به المسافر، ذكره الشيخ، الأجل الحسين بن محمد بن علي المكيال طاب ثراه، في كتابه عمدة(٧) في الدعوات.

[٩٢٣٠] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا أردت سفرا فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين وقل: اللهم إني أستودعك ديني، ونفسي، وأهلي، وولدي، وعيالي ».

[٩٢٣١] ٥ - الصدوق في المقنع: فإذا أردت الخروج إلى الحج فاجمع أهلك، وصلّ ركعتين، ومجّد الله كثيرا، وصلّ على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، وقل: اللهم إني أستودعك اليوم ديني، ونفسي، ومالي، وأهلي وولدي وجيراني، وأهل حزانتي(١) الشاهد منّا والغائب،

__________________

(٤) وفيه: والحسن والحسين عن يساري.

(٥) حاشية جنة الواقية ص ١٨٧.

(٦) في المصدر: يؤمن الله.

(٧) وفيه: عدّة.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦ باختلاف يسير، وعنه في البحار ج ٧٦ ص ٢٣٥ ح ١٧.

٥ - المقنع ص ٦٧.

(١) الحُزانة: بالضم والتخفيف، عيال الرجل الذي يَتَحزّن لهم (مجمع البحرين ج ٦ ص ٢٣٢).

١٢٨

وجميع ما أنعمت به عليّ، اللهم اجعلنا في كنفك ومنعك، وعزّك وعياذك، عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وامتنع عائذك، ولا إله غيرك، توكّلت على الحيّ الذي لا يموت، والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، ولم يكن له وليّ من الذل، وكبره تكبير، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا، وسحبان الله بكرة وأصيلا.

١٦ -( باب استحباب قيام المسافر على باب داره، وقراءة الفاتحة أمامه، وعن يمينه، وعن شماله، وآية الكرسي كذلك، والمعوذتين والاخلاص كذلك، والدعاء بالمأثور)

[٩٢٣٢] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام « وإذا أردت الخروج من منزلك فقل: بسم الله: ولا حول ولا قوّة إلّا بالله، توكلت على الله، فإنّك إذا قلت هكذا، نادى ملك في قولك بسم الله: هديت أيّها العبد، وفي قولك لا حول ولا قوة إلّا بالله: وقيت، وفي قولك توكّلت على الله: كفيت، فيقول الشيطان حينئذ: كيف لي بعبد هدي ووقي وكفي؟ واقرأ( قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ) مرّة عن يمينك، ومرّة عن يسارك، ومرّة عن خلفك، ومرّة [ من ](١) بين يديك، ومرّة من فوقك، ومرّة من تحتك، فإنّك تكون في يومك كلّه في أمان الله ».

[٩٢٣٣] ٢ - السيد علي بن طاووس في كتاب أمان الأخطار: قال: وروي أنه إذا وقف على باب داره، سبح تسبيح الزهراءعليها‌السلام وقرأ

__________________

الباب ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٥٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - أمان من الأخطار ص ٩٤.

١٢٩

الحمد وآية الكرسي كما قدمناه(١) ، وقال: اللهم إليك وجهت وجهي، وعليك خلفت أهلي ومالي(٢) وما خوّلتني، [ و ](٣) قد وثقت بك فلا تخيبني، يا من لا يخيّب من أراده، ولا يضيع من حفظه، اللهم صلّ على محمد وآل محمد(٤) ، واحفظني فيما غبت عنه، ولا تكلني إلى نفسي يا أرحم الراحمين، اللهم بلغني ما توجّهت له، وسبّب لي المراد، وسخّر لي عبادك وبلادك، وارزقني زيارة نبيّك، ووليك أميرالمؤمنين، والأئمة من ولده، وجميع أهل بيته عليه وعليهم السلام، ومدّني بالمعونة في جميع أحوالي، ولا تكلني إلى نفسي ولا إلى غيري، فأكلّ واعطب، وزوّدني التقوى، واغفر لي في الآخرة والأولى، اللهم اجعلني أوجه من توجّه إليك.

وتقول أيضا: بسم الله وبالله، وتوكّلت على الله، واستغثت بالله، والجأت ظهري إلى الله، وفوّضت أمري إلى الله، ربّ آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيّك الذي أرسلت، لأنه لا يأتي بالخير إلهي إلّا أنت، [ ولا يصرف السوء إلّا أنت ](٥) عزّ جارك، وجلّ ثناؤك، وتقدّست أسماؤك، وعظمت آلاؤك، ولا إله غيرك.

فقد روي أن من خرج من منزله مصبحا، ودعا بهذا الدعاء، لم يطرقه بلاء حتى يمسي ويؤوب إلى منزله، وكذلك من خرج في السماء ودعا به، لم يطرقه بلاء حتى يصبح ويؤوب إلى منزله.

__________________

(١) في هامش المخطوط: « أي كلّ واحد منهما أمامه وعن يمينه وعن شماله » منه قدّه.

(٢) في نسخة: ومالي وولدي، منه قدّه.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في نسخة: وآله، منه قدّه.

(٥) أثبتناه من المصدر.

١٣٠

[٩٢٣٤] ٣ - الشيخ الطبرسي في كتاب كنوز النجاح: بالسند المتقدم في آخر أبواب وجوب الحج وشرائطه، عن الجواد، عن آبائه، عن رسول الله (صلى الله عليهم أجمعين)، ممّا علمه من أدعية الوسائل إلى المسائل، المناجاة بالسفر:

« اللهم إني أريد سفرا فخر لي فيه، وأوضح لي سبيل الرأي وفهمنيه، وافتح عزمي بالاستقامة، واشملني في سفري بالسلامة، وافدني به جزيل الحظّ والكرامة، واكلأني فيه بحرز الحفظ والحراسة، وجنبني اللهم وعثاء الأسفار، وسهل لي حزونة الأوعار، واطولي طول انبساط المراحل، وقرّب منّي بُعْدَ نأي المناهل، وباعد في المسير بين خطى الرواحل، حتى تقرب نياط البعيد، وتسهل وعور الشديد، ولقنّي في سفري اللهم نجح طائر الواقية، وهنّئني غنم العافية، وخفير الاستقلال، ودليل مجاوزة الأهوال، وباعث وفور الكفاية، وسانح خفير الولاية واجعله اللهم ربّ سببا عظيم السلم، حاصل الغنم، واجعل اللهم ربّ الليل سترا لي من الآفات، والنهار مانعا من الهلكات، واقطع عني قطع لصوصه بقدرتك، واحرسني من وحوشه بقوتك، حتى تكون السلامة فيه مصاحبتي، والعافية مقارنتي، واليمن سائقي، واليسر معانقي، والعسر مفارقي، والنجح بين مفارقي، والقدر موافقي، والأمن مرافقي، إنّك ذو المن والطول، والقوّة والحول، وأنت على كلّ شئ قدير ».

[٩٢٣٥] ٤ - البحار: عن خط السيد نظام الدين احمد الشيرازي، بأسانيده إلى أبي علي بن الشيخ الطوسي، عن أبيه، عن أبي عبد الله

__________________

٣ - كنوز النجاح ورواه الكفعمي في البلد الأمين ص ٥١٧.

٤ - البحار ٩٥ ص ٣١٥، وسنده في ٣٢٥.

١٣١

الحسين بن عبيد الله الغضائري، عن أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري، عن أبي علي محمد بن همام، عن الحسين بن زكريا، عن صهيب بن عباد بن صهيب، عن أبيه عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ - في حديث طويل - أنه قال: « قال الله تعالى في ليلة أسري بهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : يا محمد، ومن أراد الخروج من أهله لحاجة في سفر، فأحبّ أن اؤديه سالما مع قضائي له الحاجة، فليقل حين يخرج [ من بيته ](١) بسم الله مخرجي، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن أخرج خروجي، وقد أحصى علمه ما في مخرجي ومرجعي، توكلت على الإله(٢) الأكبر توكل مفوض إليه امره، مستعين به على شؤونه، مستزيد من فضله، مبرئ نفسه من كلّ حول ومن كلّ قوّة إلّا به، خروج ضرير خرج بضرّه إلى من يكشفه عنه، وخروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، وخروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، وخروج من ربّه أكبر ثقته، وأعظم رجائه، وأفضل أمنيته، الله ثقتي في جميع أموري كلّها، به فيها جميعا استعين، ولا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، اسأل الله خير المخرج والمدخل، لا إله إلّا هو إليه المصير.

فإنه إذا قال ذلك، وجهت له في مدخله ومخرجه السرور، وأديته سالما » الخبر.

وهذا من جملة أدعية السرّ، ولها أسانيد متعددة في كتب الأصحاب.

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في نسخة: الله (منه قدّه).

١٣٢

[٩٢٣٦] ٥ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « وإذا خرج أحدكم في سفر، فليقل: اللهم أنت الصاحب في السفر، والحامل على الظهر، والخليفة في الأهل والمال والولد ».

[٩٢٣٧] ٦ - السيد هبة الله الراوندي في مجموع الرائق: دعاء السفر:

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إني أسألك بحق وليك علي بن الحسين، إلّا كفيتني مؤونة كلّ شيطان مريد، وسلطان عنيد، يتقوى عليّ ببطشه، وينتصر عليّ بجنده، إنّك جواد كريم.

اللهم إني أسئلك بحق وليك علي بن موسى الرضا، إلّا ما سلّمتني به في جميع أسفاري، في البراري، والبحار، والجبال، والقفار، والأودية، والغياض(١) ، من جميع ما أخافه وأحذره، إنّك رؤوف رحيم.

اللهم إني أسألك بحق وليك محمد بن علي الجواد، إلّا جدت علي من فضلك، وتفضلت عليّ من وسعك، ووسعت عليّ من رزقك، وأغنيتني عمّن سواك، وجعلت حاجتي إليك، وقضاءها عليك، فإنك لما تشاء قدير.

اللهم إني أسألك بحق وليّك وحجتك صاحب الزمان، إلّا أعنتني به على جميع أموري، وكفيتني به كلّ عدوّ، وهمّ، وغمّ، ودين،

__________________

٥ - تحف العقول ص ٨١.

٦ - مجموع الرائق ص ٥.

(١) الغياض: جمع غيضة، وهو ماء يجتمع فينبت فيه الشجر (لسان العرب ج ٧ ص ٢٠٢).

١٣٣

وضيق، ومخوف، ومحذور، ولولدي، ولجميع أهلي، وإخواني، ومن يعنيني امره، وخاصّتي، آمين ربّ العالمين.

ثم يقف على عتبة منزله ويدعو بهذا الدعاء، ويتوجّه من فوره: بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله مخرجي ؤ، وبإذنه خرجت، وقد علم قبل أن اخرج خروجي، وأحصى بعلمه ما في مخرجي ورجعتي من عملي، وتوكّلت على الإله الأكبر عليه توكّلي، مفوّضا إليه أموري وشؤوني، مستزيدا من فضله، مبرئا نفسي من كلّ حول وقوة إلّا به، خرجت خروج ضرير خرج بضره إلى من يكشفه، خروج فقير خرج بفقره إلى من يسده، خروج عائل خرج بعيلته إلى من يغنيها، خروج من ربّه أكبر ثقته في جميع أُموره كلّها، وأعظم رجائه وأفضل أمنيته، في جميع ذلك استعين، لا شئ إلّا ما شاء الله في علمه، أسأل الله خير المدخل والمخرج، لا إله إلّا هو.

١٧ -( باب استحباب التسمية عند الركوب، والدعاء بالمأثور، وتذكر نعمة الله بالدواب، والامساك بالركاب)

[٩٢٣٨] ١ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمرو بن شمر، وعمر بن سعد، ومحمد بن عبيد(١) الله، قال عمر: حدثني رجل من الأنصار، عن الحارث به كعب الوالبي، عن عبد الرحمن بن عبيد أبي الكنود(٢) قال: لما أراد عليعليه‌السلام الشخوص عن النخيلة،

__________________

الباب ١٧

١ - وقعة صفين ص ١٣١.

(١) في المصدر: عبد.

(٢) وفيه: عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود. والظاهر أنّ الصواب هو: عبد الرحمن بن عبيد بن الكنود « راجع معجم رجال الحديث ج ٩ ص ٣٣٥ ح٦٣٩٢).

١٣٤

قام في الناس - إلى أن قال - فلما أراد أن يركب وضع رجله في الركاب وقال: « بسم الله » فلما جلس على ظهرها قال:( سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَـٰذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ) (٣) .

ثم قال: « اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، والحيرة بعد اليقين، وسوء المنظر في الأهل، والمال(٤) اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل » الخبر.

[٩٢٣٩] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا وضعت رجلك في الركاب فقل: بسم الله وبالله وفي سبيل الله، وعلى ملّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك(١) ، فقل: الحمد لله (الذي هدانا إلى الاسلام، ومنّ علينا بالايمان، وعلمنا القرآن، ومنّ علينا بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، سبحان)(٢) الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين(٣) والحمد لله ربّ العالمين ».

وفي بعض نسخه في موضع آخر(٤) : « ثم اركب راحلتك وقل: بسم الله وبالله سبحان من سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين الحمد لله الذي سخر لنا هذا، وذلّل لنا، وصلى الله على محمد وعلى آله وسلّم ».

__________________

(٣) الزخرف ٤٣: ١٣ و ١٤.

(٤) في المصدر زيادة: الولد.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: عملك.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٣) وفيه زيادة: وانا إلى ربّنا لمنقلبون.

(٤) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤.

١٣٥

[٩٢٤٠] ٣ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه أراد سفرا فلما استوى على دابته قال: « الحمد لله الذي(١) سخر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ثم قرأ فاتحة الكتاب ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر، ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك(٢) إني ظلمت نفسي، فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم ضحك، فقيل له: يا أميرالمؤمنين من أيّ شئ ضحكت؟ قل: « رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال مثل ما قلت، ثم ضحك، فقلت: يا رسول الله من أي شئ تضحك؟ قال: أن الله عزّوجلّ يعجب بعبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيره ».

[٩٢٤١] ٤ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه كان إذا استوى على راحلته خارجا إلى سفر، كبّر ثلاثا، ثم قال: « سبحان الذي سخر لنا هذا وكنا له مقرنين، وأنّا إلى ربّنا لمنقلبون، اللهم إنّا نسألك في سفرنا هذا البرّ والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوعنّا بعده، اللهم أنت الصحاب في السفر والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال » فإذا رجع قال: « آئبون تائبون عابدون، لربنا حامدون ».

[٩٢٤٢] ٥ - مجموعة الشهيد الأول: أخبرنا جماعة من أشياخنا، عن الشيخ

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٦.

(١) في المصدر: سبحان الذي.

(٢) في المصدر زيادة: اللهم.

٤ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٥.

٥ - مجموعة الشهيد ص ١٤٦.

١٣٦

الامام صفي الدين أبي الفضائل عبد المؤمن بن عبد الحقّ الخطيب البغدادي، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن عبد الله المعروف بابن قاضي اليمن، إجازة عن عتيق بن سلامة السلماني عن، الحافظ محمد بن أبي القاسم (بن)(١) علي بن هبة الله بن عساكر.

وحدثني السيد النسّابة العلامة الفقيه المؤرّخ تاج الدين أبو عبد الله محمد بن معيّة الحسيني، من لفظه قال: أخبرني جلال الدين محمد بن محمد الكوفي الواعظ، إجازةً: قال أخبرنا تاج الدين علي بن النجيب المعروف بابن الساعي المؤرخ، أنبأنا الحافظ ابن عساكر، أنبأنا الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد بن أحمد بن علي بن الحسين بن علي بن حمزة بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قراءةً عليه بالكوفة بمسجد أبي إسحاق السبيعي، في ذي القعدة سنة احدى وخمسمائة، أنبأنا أبو الفرج محمد بن أحمد بن محمد بن علان المعروف بابن الخازن المعدل، أنبأنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي، أنبأنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن محمد بن رباح الأشجعي أنبأنا علي بن المنذر يعني الطريقي، أنبأنا محمد بن فضل عن يحيى بن عبد الله الأجلح الكندي الكوفي، عن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الهمداني الكوفي، عن أبي زهير الحارث بن عبد الله، الأعور الهمداني الكوفي، عن أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (صلوات الله وسلامه عليه)، أنه خرج من باب القصر فوضع رجله في الغرز(٢) ، فقال:

__________________

(١) الظاهر أن « ابن » زائدة، حيث أن بن عساكر: هو أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله « الكنى والألقاب ج ١ ص ٣٤٤ ».

(٢) الغرز: ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب (مجمع البحرين ج ٤ ص ٢٨).

١٣٧

« بسم الله » فلما استوى على الدابة قال: « الحمد لله الذي أكرمنا، وحملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات، وفضّلنا على كثير ممّن خلق، تفضيلا، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنّا له مقرنين، وإنّا إلى ربّنا لمنقلبون، ربّ اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت » ثم قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: إن الله ليعجب بعبده إذا قال: ربّ اغفر لي ذنوبي، إنه لا يغفر الذنوب إلّا أنت ».

١٨ -( باب استحباب ذكر الله وتسبيحه وتهليله في المسير، والتسبيح عند الهبوط، والتكبير عند الصعود، والتهليل والتكبير عند كلّ شرف)

[٩٢٤٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وعليك بكثرة الاستغفار والتسبيح والتهليل والتكبير، والصلاة على محمد وآله ».

[٩٢٤٤] ٢ - علي بن طاووس في أمان الأخطار: وروي في لفظ التكبير، إذا علوت تلعة أو أكمة أو قنطرة: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلّا الله والله أكبر، والحمد لله ربّ العالمين، اللهم لك الشرف على كلّ شرف.

ثم تقول: خرجت بحول الله وقوّته، بغير حول مني ولا قوّة، لكن بحول الله وقوّته، برأت إليك يا ربّ من الحول والقوّة، اللهم إني أسألك بركة سفري هذا وبركة أهله، اللهم إني أسألك من فضلك الواسع رزقا حلالا طيبا، تسوقه إليّ وأنا خافض في عافية بقدرتك

__________________

الباب ١٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

٢ - أمان الأخطار ص ١٠١.

١٣٨

وقوّتك، اللهم سرت في سفري هذا، بلا ثقة منّي لغيرك ولا رجاء لسواك، فارزقني في ذلك شكرك وعافيتك، ووفقني لطاعتك وعبادتك، حتى ترضى وبعد الرضى.

[٩٢٤٥] ٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، إذا هبط سبّح، وإذا صعد كبّر ».

١٩ -( باب استحباب الدعاء بالمأثور في المسير)

[٩٢٤٦] ١ - دعائم الاسلام: عن علي (صلوات الله عليه): أنه كان إذا برز للسفر فقال: « اشهد أن لا إله إلّا الله، وأشهد أن محمد (رسول الله)(١) عبده ورسوله، الحمد لله الذي هدانا للاسلام، وجعلنا من خير أمّة أخرجت للناس، سبحان الذي سخّر لنا هذا وما كنا له مقرنين، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل [ والمال والولد، الهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ](٢) والمستعان في الأمر، اطوِ لنا البعد(٣) ، وسهّل لنا الحزونة، واكفنا المهم إنّك على كلّ شئ قدير ».

__________________

٣ - بعض نسخ الفقه الرضوي « ضمن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى » ص ٧٤، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٨ ح ٢٤.

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٧.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: البعيد.

١٣٩

٢٠ -( باب استحباب الاستعاذة والاحتجاب، بالذكر والدعاء وتلاوة آية الكرسي، في المخاوف)

[٩٢٤٧] ١ - السيد فضل الله الراوندي في أدعية السر: بسنده المتقدم في أبواب الأذان وغيرها، والشيخ إبراهيم الكفعمي في البلد الأمين وغيره، بأسانيدهم عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أن الله تبارك وتعالى قال له في ليلة المعراج: يا محمد ومن خاف شيئا ممّا في الأرض من سبع أو هامّة، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا ذارئ ما في الأرض كلّها بعلمه، بعلمك يكون ما يكون ممّا ذرأت، لك السلطان على ما ذرأت، ولك السلطان القاهر على كلّ شئ دونك، يا عزيز يا منيع، إنّي أعوذ بك بقدرتك على كلّ شئ، من كلّ شئ يضرّ، من سبع أو هامّة أو عارض من سائر الدواب، يا خالقها بفطرته، صلّ على محمد وآل محمد، وادرأها عنّي، واحجزها ولا تسلّطها عليّ، وعافني من شرّها وبأسها، يا الله ذا العلم العظيم، حطني واحفظني بحفظك، واجنبني بسترك الوافي من مخاوفي، يا كريم وأجرني يا رحيم، فإنّه إذا قال ذلك، لم تضرّه دوابّ الأرض، التي ترى، والتي لا ترى.

يا محمد ومن خاف شيئا دوني من كيد الأعداء واللصوص، فليقل في المكان الذي يخاف ذلك فيه: يا آخذا بنواصي خلقه والسافع(١) بها إلى قدره، والمنفذ فيها حكمه، وخالقها وجاعل قضائه

__________________

الباب ٢٠

١ - عنه في البحار ج ٩٥ ص ٣١١ باختلاف يسير « نقله عن البلد الأمين وفي ذيله ذكر عدة أسانيد منها السند المذكور أعلاه »، والبلد الأمين ص ٥٠٧، والمصباح ص ١٩١.

(١) في نسخة: السائق (منه قدّه).

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478