مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٨

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 478

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 478 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 241628 / تحميل: 4933
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

٦. قال الإمام أبو حفص النسفي: والشفاعة ثابتة للرسل والأخيار في حق أهل الكبائر بالمستفيض من الأخبار خلافاً للمعتزلة(١) .

٧. وقد أيّد التفتازاني في شرح العقائد النسفيّة هذا الرأي وصدّقه دون أي تردّد وتوقف(٢) .

٨. قال الطبرسي في تفسيره: إنّ الأمّة أجمعت على أنّ للنبي شفاعة مقبولة، وان اختلفوا في كيفيتها، فعندنا هي مختصة بدفع المضار وإسقاط العقاب عن مستحقيه من مذنبي المؤمنين، وقالت المعتزلة: هي في زيادة المنافع للمطيعين والتائبين دون العاصين، وهي ثابتة عندنا للنبي ولأصحابه المنتجبين والأئمّة من أهل بيته الطاهرين ولصالح المؤمنين، وينجي الله تعالى بشفاعتهم كثيراً من الخاطئين، ويؤيده الخبر الذي تلقته الأمّة بالقبول وهو قوله: « ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي » وما جاء في روايات أصحابنا رضي الله عنهم ـ مرفوعاً إلى النبي ـ أنّه قال: « إنّي أشفع يوم القيامة فأُشفّع، ويشفع عليعليه‌السلام فيشفّع، ويشفع أهل بيتي فيشفّعون، وإنّ أدنى المؤمنين شفاعة ليشفّع في أربعين من إخوانه كل قد استوجب النار » وقوله تعالى مخبراً عن الكفار عند حسراتهم على الفائت لهم مما حصل لأهل الإيمان من الشفاعة( فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ *وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (٣) .

وقال أيضاً: أصل الشفاعة من الشفع الذي هو ضد الوتر، فإنّ الرجل إذا شفع بصاحبه فقد شفعه أي صار ثانيه، ومنه الشفيع في الملك لأنّه يضم ملك غيره إلى ملك نفسه، واختلفت الأمّة في كيفية شفاعة النبي يوم القيامة، فقالت المعتزلة ومن تابعهم: يشفع لأهل الجنّة ليزيد الله درجاتهم. وقال غيرهم من فرق

__________________

(١ و ٢) العقائد النسفية: ١٤٨.

(٣) مجمع البيان: ١ / ١٠٣ ـ ١٠٤.

١٨١

الأمّة: بل يشفع لمذنبي الأمّة ممّن ارتضى الله دينهم ليسقط عقابهم بشفاعته(١) .

٩. قال الزمخشري في تفسير قوله تعالى:( وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ ) (٢) : كانت اليهود تزعم أنّ آباءهم الأنبياء يشفعون لهم فأُويسوا.

فإن قلت: هل فيه دليل على أنّ الشفاعة لا تقبل للعصاة ؟

قلت: نعم، لأنّه نفى أن تقضي نفس عن نفس حقاً أخلّت به من فعل أو ترك، ثم نفى أن تقبل منها شفاعة شفيع، فعلم أنّها لا تقبل للعصاة(٣) .

١٠. قال الإمام ناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير الإسكندري المالكي في كتابه الانتصاف فيما تضمّنه الكشاف من الاعتزال :

وأمّا من جحد الشفاعة فهو جدير أن لا ينالها، وأمّا من آمن بها وصدّقها وهم أهل السنّة والجماعة فأُولئك يرجون رحمة الله، ومعتقدهم أنّها تنال العصاة من المؤمنين وإنّما ادّخرت لهم، وليس في الآية دليل لمنكريها، لأنّ قوله:( يَوْماً ) في قوله:( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ) أخرجه منكراً، ولا شك أنّ في القيامة مواطن، يومها معدود بخمسين ألف سنة، فبعض أوقاتها ليس زماناً للشفاعة، وبعضها هو الوقت الموعود، وفيه المقام المحمود لسيد البشر، عليه أفضل الصلاة والسلام. وقد وردت آي كثيرة ترشد إلى تعدّد أيامها واختلاف أوقاتها، منها قوله تعالى:( فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ ) (٤) مع قوله:( وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ) (٥) فيتعين حمل الآيتين على يومين مختلفين، ووقتين متغايرين، أحدهما محل للتساؤل والآخر ليس له، وكذلك

__________________

(١) مجمع البيان: ٢ / ٨٣.

(٢) البقرة: ٤٨.

(٣) الكشاف: ١ / ٢١٤ ـ ٢١٥. وما ذكره صاحب الكشاف في تفسير الشفاعة راجع إلى منهجه الذي هو منهج المعتزلة في معنى الشفاعة، والهدف من نقل كلامه هو الإيعاز إلى كون أصل الشفاعة أمراً متفقاً عليه بين المسلمين، وأمّا الخصوصية فسنبحث عنها في الفصول القادمة.

(٤) المؤمنون: ١٠١.

(٥) الصافات: ٢٧.

١٨٢

الشفاعة، وأدلة ثبوتها لا تحصى كثرة، ورزقنا الله الشفاعة »(١) .

وقال الزمخشري أيضاً في تفسير قوله:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (٢) ( لا بَيْعٌ فِيهِ ) حتى تبتاعوا ما تنفقونه و( لا خُلَّةٌ ) حتى يسامحكم أخلاّؤكم به، وإن أردتم أن يحط عنكم ما في ذمتكم من الواجب لم تجدوا شفيعاً يشفع لكم في حط الواجبات، لأنّ الشفاعة ثمّة في زيادة الفضل(٣) .

وقال صاحب الانتصاف: أمّا القدرية فقد وطّنوا أنفسهم على حرمان الشفاعة، وهم جديرون أن يُحرموها، وأدلّة أهل السنّة على إثباتها للعصاة من المؤمنين أوسع من أن تحصى، وما أنكرها القدرية إلّا لإيجابهم مجازاة الله للمطيع على الطاعة وللعاصي على المعصية، إيجاباً عقلياً ـ على زعمهم ـ فهذه الحالة في إنكار الشفاعة نتيجة تلك الضلالة(٤) .

وعلى أي تقدير، فالحاصل من المناظرة التي دارت بين الفريقين هو اتفاق الأمّة الإسلاميّة على الشفاعة وان اختلفوا في تفسيرها.

١١. قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى:( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ ) (٥) تمسّكت المعتزلة بهذه الآية على نفي الشفاعة لأهل الكبائر، وأجيبوا بأنّها مخصوصة بالكفار، للآيات والأحاديث الواردة في الشفاعة.

__________________

(١) الانتصاف بهامش الكشاف: ١ / ٢١٤، المطبوع عام ١٣٦٧.

(٢) البقرة: ٢٥٤.

(٣) الكشاف: ١ / ٢٩١.

(٤) الانتصاف بهامش الكشاف: ١ / ٢٩١.

(٥) البقرة: ٤٨.

١٨٣

ويؤيده أنّ الخطاب هنا مع الكفار، والآية نزلت ردّاً لما كانت اليهود تزعم أنّ آباءهم تشفع لهم(١) .

١٢. قال الفتّال النيسابوري ـ الذي هو أحد علمائنا في القرن السادس الهجري ـ: لا خلاف بين المسلمين أنّ الشفاعة ثابتة، إلّا أنّ أصحاب الوعيد ـ وهم المعتزلة ـ قالوا: مقتضاها زيادة الثواب والدرجات. وقلنا مقتضاها: إسقاط المضار والعقوبات(٢) .

١٣. يقول الرصاص ـ الذي هو من علماء القرن السادس الهجري ـ في كتابه « مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم »: إنّ شفاعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة ثابتة قاطعة(٣) .

١٤. قال الرازي في تفسير قوله:( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ ) (٤) .

أجمعت الأمّة على أنّ لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله شفاعة في الآخرة، وذهبت المعتزلة إلى أنّ تأثير الشفاعة هو حصول الزيادة من المنافع على قدر ما استحقوه، غير إنّ الحق هو ما اتفقت عليه الأمّة من أنّ تأثير الشفاعة هو إسقاط العذاب عن المستحقين للعقاب، إمّا بأن يشفع لهم في عرصة القيامة حتى لا يدخلوا النار، أو إن دخلوا النار فيشفع لهم حتى يخرجوا منها ويدخلوا الجنّة، واتفقوا على أنّها ليست للكفار(٥) .

__________________

(١) أنوار التنزيل وأسرار التأويل: ١ / ١٥٢.

(٢) روضة الواعظين: ٤٠٦.

(٣) مصباح العلوم في معرفة الحي القيوم المعروف بالثلاثين مسألة.

(٤) البقرة: ١٢٣.

(٥) مفاتيح الغيب: ٣ / ٥٥ ـ ٥٦.

١٨٤

١٥. قال المحقق الطوسي: والإجماع على الشفاعة ( أي الإجماع قائم على ثبوت الشفاعة ) وقيل لزيادة المنافع، ويبطل منّا في حقهصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

يريد بقوله: « يبطل » انّ الشفاعة لو كانت لطلب زيادة المنافع لكنّا شافعين للنبي، لأنّا نطلب زيادة المنافع وهو مستحق للثواب، والتالي باطل، لأنّ الشفيع أعلى مرتبة من المشفوع له، وهنا ليس كذلك.

ثم استدل المحقق الطوسي على الشفاعة بالحديث المروي: « ادّخرت شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي »(٢) .

١٦. وقال العلّامة الحلّي في شرحه لعبارة المحقق الطوسي: اتفقت العلماء على ثبوت الشفاعة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ويدل عليه قوله تعالى:( عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ) قيل انّه الشفاعة، واختلفوا فقالت الوعيدية: إنّها عبارة عن طلب زيادة المنافع للمؤمنين المستحقين للثواب. وذهبت التفضلية إلى أنّ الشفاعة للفسّاق من هذه الأمّة في إسقاط عقابهم وهو الحق(٣) .

ويقول أيضاً في كتابه « نهج المسترشدين »: يجوز العفو عن الفاسق، لأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثبت له الشفاعة، وليست في زيادة المنافع، وإلاّ لكنا شافعين فيه، فثبت في انتفاء المضار وإسقاط العقوبة(٤) .

١٧. قال ابن تيمية الحراني الدمشقي: للنبي في القيامة ثلاث شفاعات ـ إلى أن قال ـ وأمّا الشفاعة الثالثة فيشفع في من استحق النار، وهذه الشفاعة لهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولسائر النبيّين والصدّيقين، وغيرهم في من استحق النار أن لا يدخلها

__________________

(١) وقوله يبطل أي: لا يقع منّا في حق النبي.

(٢) شرح تجريد الاعتقاد: ٢٦٢ ـ ٢٦٣، طبعة صيدا.

(٣) شرح تجريد الاعتقاد: ٢٦٢ ـ ٢٦٣، طبعة صيدا.

(٤) نهج المسترشدين: ٢٠٥.

١٨٥

ويشفع في من دخلها.

ثم قال: وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء والإثارة من العلم المأثور عن الأنبياء وفي العلم الموروث عن محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) .

وله رسالة أُخرى أسماها بالاستغاثة، وقد اعتبر فيها المعتزلة والخوارج الذين أنكروا الشفاعة بمعناها المعروف، وهو إسقاط العقوبة، أهل ضلال وبدعة، وقال: وأمّا من أنكر ما ثبت بالتواتر والإجماع فهو كافر بعد قيام الحجة(٢) .

١٨. وقال ابن كثير الدمشقي ـ في تفسير قوله سبحانه:( مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلا بِإِذْنِهِ ) (٣) ـ: هذا من عظمته وجلاله، وكبريائه عزّ وجلّ أنّه لا يتجاسر أحد على أن يشفع لأحد عنده، إلّا بإذنه له في الشفاعة، كما في حديث الشفاعة عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « آتي تحت العرش فأخرّ ساجداً، فيدعني ما شاء الله أن يدعني ثم يقال: ارفع رأسك وقل تسمع، واشفع تشفّع، قال: فيحدّ لي حداً فأُدخلهم الجنة »(٤) .

١٩. قال نظام الدين القوشجي في شرحه على شرح التجريد: اتفق المسلمون على ثبوت الشفاعة لقوله تعالى:( عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ) وفسّر بالشفاعة.

ثم أشار إلى اختلاف المعتزلة والأشاعرة في معنى الشفاعة واختار المذهب المعروف فيها(٥) .

__________________

(١) مجموعة الرسائل الكبرى: ١ / ٤٠٣ ـ ٤٠٤.

(٢) الاستغاثة في ضمن مجموعة الرسائل الكبرى: ١ / ٤٨١.

(٣) البقرة: ٢٥٦.

(٤) تفسير ابن كثير: ١ / ٣٠٩.

(٥) شرح التجريد للقوشجي: ٥٠١.

١٨٦

٢٠. قال الفاضل المقداد: في شرحه منهج المسترشدين: وأمّا ثبوت الشفاعة فلوجوه: الأوّل: الإجماع، والثاني قوله تعالى:( اسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ ) والفاسق مؤمن لِما يجئ فوجب دخوله في من يستغفر له النبي(١) .

٢١. قال المحقق الدواني: الشفاعة لدفع العذاب ورفع الدرجات حق لمن اذن له الرحمان من الأنبياءعليهم‌السلام ، والمؤمنين بعضهم لبعض لقوله تعالى:( يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ) (٢) .(٣)

٢٢. قال الشعراني في المبحث السبعين: إنّ محمداً هو أوّل شافع يوم القيامة وأوّل مشفّع، وأولاه فلا أحد يتقدم عليه. ثمّ نقل عن جلال الدين السيوطي: انّ للنبي يوم القيامة ثمان شفاعات، ولهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم القيامة ثمان شفاعات، وثالثها في مَنْ استحق دخول النار أن لا يدخلها(٤) .

٢٣. قال العلّامة المجلسي: أمّا الشفاعة فاعلم أنّه لا خلاف فيها بين المسلمين بأنّها من ضروريات الدين، وذلك بأنّ الرسول يشفع لأمّته يوم القيامة، بل للأمم الأخرى، غير أنّ الخلاف إنّما هو في معنى الشفاعة وآثارها، وهل هي بمعنى الزيادة في المثوبات أو إسقاط العقوبة عن المذنبين ؟

وخصّها المعتزلة والخوارج بالمعنى الأوّل، قائلين: بأنّه يجب عليه سبحانه أن يفي بوعيده في موارد العقاب، وليس بإمكان الشفاعة أن تنقض هذه القاعدة المسلّمة. والشيعة ذهبت إلى أنّ الشفاعة تنفع في إسقاط العقاب، وان كانت ذنوبهم من الكبائر، ويعتقدون أيضاً بأنّ الشفاعة ليست منحصرة في النبي والأئمّة من بعده بل للصالحين أن يشفعوا بعد أن يأذن الله لهم بذلك(٥) .

__________________

(١) إرشاد الطالبين: ٢٠٦.

(٢) طه: ١٠٩.

(٣) شرح العقائد العضدية: ٢ / ٢٧٠.

(٤) اليواقيت والجواهر: ٢ / ١٧٠.

(٥) راجع بحار الأنوار: ٨ / ٢٩ ـ ٦٣، وحق اليقين: ٤٧٣.

١٨٧

٢٤. وقال محمد بن عبد الوهاب مؤسس المذهب الوهابي: وثبتت الشفاعة لنبينا محمد يوم القيامة ولسائر الأنبياء والملائكة والأولياء والأطفال حسبما ورد، ونسألها من المالك لها والآذن فيها بأن نقول: أللّهمّ شفّع نبينا محمداً فينا يوم القيامة. أو أللّهمّ شفّع فينا عبادك الصالحين، أو ملائكتك، أو نحو ذلك مما يطلب من الله لا منهم. إلى أن قال: إنّ الشفاعة حق في الآخرة، ووجب على كل مسلم الإيمان بشفاعته، بل وغيره من الشفعاء، إلّا أنّ رجاءها من الله فالمتعيّن على كل مسلم صرف وجهه إلى ربّه فإذا مات استشفع الله فيه نبيّه.

ويظهر من أكثر كلماته أنّه معتقد بأصل الشفاعة، ولكن اختلافه مع غيره من المسلمين في طلبها، فذهب إلى أنّه لا يطلب إلّا من الله لا من الشفعاء(١) .

٢٥. وقال السيد شبّر: اعلم أنّه لا خلاف بين المسلمين في ثبوت الشفاعة لسيد المرسلين في أُمّته، بل في سائر الأمم الماضين، بل ذلك من ضروريات الدين، قال الله تعالى:( عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ) وإنّما اختلف في معناها، فالذي عليه الفرقة المحقة وأكثر العامة: أنّ الشفاعة كما تكون في زيادة الثواب كذلك تكون لإسقاط العقاب عن فسّاق المسلمين المستحقين للعذاب. والخوارج والمعتزلة: على أنّها لا تكون إلّا في طلب زيادة المنافع للمؤمنين المستحقين للثواب. ولكن الأدلة النقلية والعقلية تبطل مذهبهم في الواقع(٢) .

٢٦. وقال الشيخ محمد عبده: ما ورد في إثبات الشفاعة من المتشابهات وفيه يقضي مذهب السلف بالتفويض والتسليم وإنّها مزية يختص الله بها من يشاء يوم القيامة ـ عبر عنها سبحانه بهذه العبارة « الشفاعة » ـ ولا نحيط بحقيقتها مع تنزيه الله جل جلاله عن المعروف في معنى الشفاعة في لسان

__________________

(١) راجع الهدية السنية الرسالة الثانية: ٤٢.

(٢) حق اليقين: ٢ / ١٨٦.

١٨٨

التخاطب العرفي، وأمّا مذهب الخلف فلنا أن نحمل الشفاعة فيه على أنّها دعاء يستجيبه الله تعالى، والأحاديث الواردة في الشفاعة تدل على هذا، ثم ذكر حديثاً من الصحيحين، وقال في الهامش بمثل هذا « أي دعاء يستجيبه الله تعالى » قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره ولم يعدّوه تأويلا(١) .

والعجب أنّ الأستاذ محمد عبده ـ مع ماله من الاطّلاع الوسيع على المعارف الإسلامية وبالأخص فيما يرجع إلى تفسير القرآن ـ انّه كلّما مر على أُمور ترتبط بأولياء الله مثل الشفاعة والاستشفاع منهم والتوسل والزيارة يضطرب بيانه، ولا يعمد إلى كشف الحقيقة بحرية كاملة ـ كما هو دأبه في سائر المسائل ـ ونرى الأستاذ في هذه المسائل يبدو كأنّه قد تأثر بمقالة الوهابيين، وأغلب الظن أنّ الأستاذ بريء عن أكثر ما نسب إليه بالصراحة في هذه المباحث في التفسير فأنّي أُجلّه عن النزعة الوهابية، ولعل تلميذه السيد محمد رشيد رضا قد أودع كلمات الأستاذ في قوالب خاصة تتناسب مع نزعاته الوهابية، ومع ذلك فالعلم عند الله سبحانه. أللّهمّ(٢) اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان.

ولأجل ذلك نرى تلميذه الكاتب لدروسه يثير إشكالات ثلاثة حول الشفاعة، التي هي دون شأن الأستاذ، وهي :

١. ليس في القرآن نص قطعي في وقوع الشفاعة، ولكن ورد الحديث بإثباتها فما معناها ؟!

٢. الشفاعة لا تتحقق إلّا بترك الإرادة وفسخها لأجل الشفيع، فأمّا الحاكم العادل فإنّه لا يقبل الشفاعة إلّا إذا تغيّر علمه بما كان أراده، أو حكم به، كأن

__________________

(١) تفسير المنار: ١ / ٣٠٧.

(٢) نعم ما ذكره الأستاذ في تفسير سورة الفاتحة: ٤٦ ـ ٤٧ يؤيد أنّ الأستاذ كان يميل إلى الحركة الوهابية التي بلغت موجتها إلى تلك الديار في ذلك الأوان.

١٨٩

كان قد أخطأ ثمّ عرف الصواب ورأى أنّ المصلحة أو العدل في خلاف ما كان يريده أو حكم به.

٣. ما ورد في إثبات الشفاعة من المتشابهات(١) .

وستوافيك الإجابة عن هذه الإشكالات في فصله الخاص على وجه الإجمال، وأمّا التفصيل فموكول إلى الرسالة التي أفردناها في الشفاعة وأبحاثها، وقد نقلت الرسالة إلى اللغة العربية بواسطة الأخ الفاضل الشيخ جعفر الهادي دامت إفاضاته.

٢٧. وقال السيد سابق: المقصود بالشفاعة سؤال الله الخير للناس في الآخرة، فهي نوع من أنواع الدعاء المستجاب، ومنها الشفاعة الكبرى، ولا تكون إلّا لسيدنا محمد رسول الله فإنّه يسأل الله سبحانه أن يقضي بين الخلق ليستريحوا من هول الموقف فيستجيب الله له فيغبطه الأوّلون والآخرون، ويظهر بذلك فضله على العالمين، وهو المقام المحمود الذي وعد الله به في قوله سبحانه:( وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَحْمُوداً ) ثم نقل الآيات والروايات المربوطة بالشفاعة والمثبتة لها، وقد ذكر بعض شروط قبولها(٢) .

٢٨. قال الشيخ الجليل محمد جواد البلاغي: إنّ الشفاعة قد نفاها القرآن من جهة وهي الشفاعة للمشركين، أو الشفاعة التي يزعمها المشركون للذين يتخذونهم آلهة مع الله بزعم أنّهم قادرون بإلهيتهم بحيث تنفذ شفاعتهم طبعاً وحتماً، أو شفاعة الشافع الذي يطاع حتماً كما في سورة ياسين الآية ٢٢، والمؤمن الآية ١٨، والزمر الآية ٤٤، والمدثر الآية ٤٨، وأثبتها من جهة أُخرى بالاستثناء بل بالاستدراك الدافع لإيهام نفيها المطلق عن كل أحد فقال تعالى:( إِلا بِإِذْنِهِ ) ،

__________________

(١) تفسير المنار: ١ / ٣٠٧.

(٢) العقائد الإسلامية: ٧٣. والسيد سابق مؤلف إسلامي مصري قدير.

١٩٠

( إِلا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ) ،( إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَٰنِ عَهْداً ) ،( إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ) ،( إِلا لِمَنِ ارْتَضَىٰ ) ،( إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ ) ،( إِلا مَن شَهِدَ بِالحَقِّ ) ،( إِلا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ ) ، كما في سورة البقرة الآية ٢٥٦، ويونس الآية ٦، ومريم الآية ٩٠، وطه الآية ١٠٨، والأنبياء الآية ٢٩، وسبأ الآية ٢٢، والزخرف الآية ٨٦، والنجم الآية ٢٧. وانّ الشفاعة المستثناة والمستدركة في آيات البقرة ويونس وسبأ مطلقة غير مختصة بيوم القيامة ولا بما قبل وفاة الشافع في الدنيا(١) .

٢٩. قال الدكتور سليمان دنيا: والشفاعة لدفع العذاب ورفع الدرجات حق لمن أذن له الرحمن من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والمؤمنين بعضهم لبعض لقوله تعالى:( يَوْمَئِذٍ لا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ) وقوله تعالى:( مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلا بِإِذْنِهِ ) (٢) .

٣٠. قال الحكيم المتألّه العلّامة الطباطبائي: إنّ الآيات الواردة حول الشفاعة بين ما يحكم باختصاص الشفاعة بالله عزّ اسمه، وبين ما يعمّمها لغيره تعالى بإذنه وارتضائه ونحو ذلك، وكيف كان فهي تثبت الشفاعة بلا ريب غير أنّ بعضها تثبتها بنحو الأصالة لله وحده من غير شريك، وبعضها تثبتها لغيره بإذنه وارتضائه.

ثمّ ذكر وجه الجمع بين الآيات والذي سيوافيك توضيحه عند البحث عن الآيات(٣) .

٣١. يقول الأستاذ الشيخ محمد الفقيّ: وقد أعطى الله الشفاعة لنبيه ولسائر

__________________

(١) آلاء الرحمان: ١ / ٦٢.

(٢) محمد عبده بين الفلاسفة والكلاميين: ٢ / ٦٢٨.

(٣) الميزان: ١ / ١٥٦.

١٩١

الأنبياء والمرسلين وعباده الصالحين، وكثير من عباده المؤمنين لأنّه وإن كانت الشفاعة كلّها لله كما قال:( قُل للهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً ) (١) إلّا أنّه تعالى يجوز أن يتفضّل بها على من اجتباهم من خلقه واصطفاهم من عباده، وكما يجوز أن يعطي من ملكه ما شاء لمن شاء، ولا حرج.

ثم أخذ يستدل على الشفاعة بالآيات والروايات والأشعار المأثورة عن الصحابة(٢) .

٣٢. قال المحقّق الكبير السيد أبو القاسم الخوئي: يستفاد من القرآن الكريم أنّ الله تعالى قد أذن لبعض عباده بالشفاعة إلّا أنّه لم ينوّه بذكرهم عدا الرسول الأكرم فقد قال الله تعالى:( لا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلا مَنِ اتَّخَذَ عِندَ الرَّحْمَٰنِ عَهْداً ) ـ إلى أن قال ـ: والروايات الواردة عن النبي الأكرم وعن أوصيائه الكرام في هذا الموضوع متواترة(٣) .

هذا نزر من كثير، وغيض من فيض، أتينا به ليكون القارئ على بصيرة من موقف علماء الإسلام ـ من الفريقين ـ من هذه المسألة الهامة، وهي نصوص وتصريحات لا تترك ريباً لمرتاب ولا شكاً لأحد، غير انّ لبعض الكتّاب المصريين الذين تأثّروا بالموجة الوهابية(٤) التي وصلت إليهم في أوائل القرن الرابع عشر وقد دعمتها السياسات الحاكمة في ذلك الزمان، موقفاً آخر يتنافى مع هذا الموقف الإسلامي العام وها نحن نأتي بنص كلامه.

٣٣. قال محمد فريد وجدي في دائرة معارفه: الشفاعة هي السؤال في

__________________

(١) الزمر: ٤٤.

(٢) التوسل والزيارة في الشريعة الإسلامية: ٢٠٦، ط. مصر.

(٣) البيان: ١ / ٣٤٢.

(٤) مع أنّ مؤسس الوهابية لا ينكر أصل الشفاعة وإنّما ينكر جواز طلبها من الشفيع ويقول: إنّه يجوز أن يقال: أللّهمّ شفّع رسول الله في حقي، ولا يجوز أن يقال: اشفع يا رسول الله في حقي، وللبحث مع هؤلاء في هذا الموضوع مقام آخر.

١٩٢

التجاوز عن الذنوب، وفي الاصطلاح الديني سؤال بعض الصالحين من الله التجاوز عن معاقبة بعض المذنبين، وقد أضرت هذه العقيدة بأكثر الأديان وما هي إلّا تحريف تقصّده الكهّان ليكون لهم شأن عند الناس، وقد جاء الإسلام فقوّم عقائد الأمم من هذه الجهة، فذكر الشفاعة ثم قال:( مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلا بِإِذْنِهِ ) وقال تعالى:( وَكَم مِن مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللهُ لِمَن يَشَاءُ وَيَرْضَىٰ ) فمتى علم المسلم أنّ الشافع والمشفع هو الله وانّ لا أحد يمكنه أن يغني فتيلاً، رفع وجهه من الاستشفاع بمثله إلى الاستشفاع بربّه، وناهيك بهذا بعداً عن الوثنية وقرباً من الديانة الإلهية(١) .

لم يكن المتوقع من مثل عالم بارع قد أفنى عمره في الذب عن الإسلام بتآليفه القيمة أن يتعامل مع الشفاعة بمثل ما تعامل به « فريد وجدي » فإنّ كلامه هذا يكشف عن عدم تدبّره في معنى الشفاعة التي نطق بها القرآن وأثبتتها الأحاديث واختارها العلماء، فإنّك ترى أنّه ينكر الشفاعة في بدء كلامه ويتلقّاها اعتقاداً ضاراً صنعه الكهنة وبثّوه بين الأمّة، حيث قال: وقد أضرّت هذه العقيدة بأكثر الأديان وما هي إلّا تحريف تقصّده الكهان ليكون لهم شأن عند الناس. ولكنه سيعود في ذيل كلامه إلى العقيدة الوهابية في باب طلب الشفاعة الظاهرة في ثبوتها في نفس الأمر، غير أنّه ليس لنا إلّا أن نطلبها من الله سبحانه حيث قال: فمتى علم المسلم أنّ الشافع والمشفع هو الله وأنّ لا أحد يمكنه أن يغني فتيلاً، رفع وجهه من الاستشفاع بمثله إلى الاستشفاع بربِّه.

وسوف توافيك الآثار التربوية للشفاعة الصحيحة التي كشف عنها القرآن وأيّدها العقل والبرهان، وأنّ ما رآه فريد وجدي عقيدة ضارة فما هي إلّا الشفاعة التي اخترعتها الوثنية أو اليهودية البعيدة عن العقيدة الإسلامية، وليس من

__________________

(١) دائرة معارف القرن الرابع عشر: ٥ / ٤٠٢، مادة شفع.

١٩٣

الصحيح في منطق العقل أن يفسر أصل من أُصول الإسلام ببعض العقائد الدارجة بين الأقوام.

٣٤. وليعلم أنّه ليس الكاتب فريداً في هذا الخلط والخبط بل تبعه معاصره الشيخ الطنطاوي حيث يعترف في تفسيره بأنّ الشفاعة من أُصول الإسلام المسلّمة وانّه لا اختلاف بين المعتزلة والفلاسفة وسائر الفرق الإسلامية في أصل ثبوتها، ولو كان هناك اختلاف فإنّما الاختلاف في مفادها ومرماها، وحيث إنّه لم يتمكن من تحليلها بالمعنى الصحيح الذي يؤيده العقل أخذ يفسّرها بتفسير بعيد عن واقع الشفاعة، وإليك نص كلامه :

إنّ النبي كالشمس المشرقة وهي مشرقة على اليابسة والبحار والآكام والنبات والشجر والأرض السبخة والأرض الطيّبة، وكل من تلك المواضع يأخذ حظه من ضوئها على مقدار استعداده، فهكذا الأمّة التي تتبع نبياً في أطوارها وأحوالها الدينية على حسب أمزجتها وأخلاقها وعوائدها وبيئتها فلا جرم يختلفون في قبوله اختلاف أحوالهم وتكون أحوالهم في الآخرة على مقتضى ذلك الاختلاف إلى أن قال: ـ واعلم أنّ للشفاعة بذوراً ونباتاً وثمراً، فبذورها العلم، ونباتها العمل، وثمرها النجاة في الآخرة، فالأنبياء: علّموا الناس في الدنيا وفيها غرسوا البذور، والناس إذا عملوا بما سمعوا منهم ينالون تلك الثمرة وهي النجاة والارتقاء، فمبادئ الشفاعة العلم وأوسطها العمل ونهايتها الفوز والرقيّ في الآخرة، فالشفاعة تابعة للاقتداء فمن لم يعمل بما أنزل الله وتجافى عن الحق فقد عطّل ما وهب له من بذر الشفاعة(١) .

وقد نسب هذا المقال إلى محي الدين بن العربي، والإمام الغزالي، وسيوافيك بقية كلامه عند البحث عن الإشكالات.

__________________

(١) الجواهر في تفسير القرآن الكريم: ١ / ٦٤ ـ ٦٥، بتلخيص منا.

١٩٤

لو صحّ ما ذكره من المعنى للشفاعة لما كان منافياً للمعنى الآخر الذي ورد في الكتاب وتضافرت به الروايات كما سيجيئ.

ولا يخفى أنّ تفسير الشفاعة بما يتراءى في كلامه وان كان صحيحاً في حدّ ذاته، ويليق أن يسمّى الأوّل بالشفاعة القيادية، والثانية بالشفاعة العملية، غير أنّ هذين المعنيين لا يمتان إلى ما اتفقت عليه الأمّة في معنى الشفاعة بصلة، حيث إنّهم فسروها بالحديث المتواتر عنه من ادّخار شفاعته لأصحاب الكبائر أو للمذنبين من الأمّة، وأين هذا من الشفاعة القيادية التي لا تختص بصنف دون صنف، بل هي فيض إلهي عام شامل لجميع الناس حيث بعث الله سبحانه نبيّه بشيراً ونذيراً للعالمين كافة ؟

وكما أنّ الشفاعة القيادية لا تمّت إلى الشفاعة المصطلحة بصلة، فهكذا الشفاعة بمعنى العمل بالأحكام الإلهية والوظائف الدينية، فإنّها وإن كانت تنجي الإنسان يوم التناد والعذاب، لكنها غير مربوطة بما هو المصطلح في ذاك الباب.

وبالجملة فإنّ الكاتب لما لم يتوفّق لحل بعض معضلات الباب أخذ يؤوّل الشفاعة إلى المعنيين الآخرين، وليست لهما أية صلة بالمراد من الآيات والروايات الواردة في الباب.

وسيوافيك المعنى الحقيقي للشفاعة بعد سرد الآيات وتفسير بعضها ببعض ولأجل ذلك يجب علينا أن نقدم البحث عن مفاد الآيات، وتفسير بعضها ببعض حتى يرتفع الاختلاف الذي يلوح للقارئ لأوّل وهلة ثم البحث عن معنى الشفاعة ولأجل ذلك أفردنا الفصل التالي.

١٩٥

٢

الشفاعة في القرآن الكريم

قد وردت مادة الشفاعة ـ بصورها المتنوعة ـ ثلاثين مرّة في سور شتى، ووقعت فيها مورداً للنفي تارة، والإثبات أُخرى، هذا وكثرة الورود والبحث عنها ينم عن عناية القرآن بهذا الأصل، سواء في مجال النفي أو في مجال الإثبات.

غير أنّ الاستنتاج الصحيح من الآيات يحتاج إلى جمع الآيات في صعيد واحد، حتى يفسر بعضها ببعض، ويكون البعض قرينة على الأخرى، إذ من الخطأ الواضح أن نقتصر في تفسير الشفاعة وأخواتها بآية واحدة، ونغمض العين عن أُختها التي ربّما يمكن أن تكون قرينة للمراد، وهذا الاسلوب أي البحث عن آية بمفردها مع الغض عن أُختها جرّ الويل والويلات على الباحثين في الأبحاث القرآنية، وأدّى إلى ظهور مذاهب مختلفة في المعارف والعقائد، بحيث نرى أنّ صاحب كل عقيدة يستدل على اتجاهه بآية قرآنية، أو بنص نبويّ، غير أنّه أخطأ في الاعتماد على آية قد جاء توضيحها في آيات أُخرى، وهذا النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « إنّ القرآن يصدق بعضه بعضاً » ويقول أيضاً: « إنّ القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضاً، ولكن نزل أن يصدق بعضه بعضاً » وقال أيضاً: « إنّما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض، وانّما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضاً، فلا تكذبوا بعضه ببعض، فما علمتم منه فقولوا وما جهلتم فكلوه إلى عالمه »(١) .

__________________

(١) الدر المنثور: ٢ / ٦.

١٩٦

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « وينطق بعضه ببعض ويشهد بعضه على بعض »(١) .

ولأجل ذلك لا مناص من طرح جميع الآيات المرتبطة بالشفاعة والاستنتاج من جميعها جملة واحدة، ولذلك نقول: إنّ الآيات المربوطة بالشفاعة على أصناف يرمي كل صنف إلى هدف خاص، فنقول :

الصنف الأوّل: الآيات النافية للشفاعة

لا نجد من هذا الصنف إلّا آية واحدة تنفي الشفاعة في بادئ الأمر بقول مطلق، وهي قوله سبحانه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) (٢) .

وهذه الآية بظاهرها تنفي الشفاعة بتاتاً، ولعل ظاهرها هو المستمسك الوحيد لمن اعتقد بأنّ الشفاعة عقيدة اختلقها الكهّان ليكون لهم شأن عند الناس(٣) .

إنّ منشأ الخطأ في تفسير هذه الآية هو الاقتصار على آية واحدة والغض عمّا ورد في موردها من الآيات الأخر.

ولأجل ذلك لو نظرنا إلى الآية التالية لهذه الآية نجد أنّها تصرّح بوجود الشفاعة عند الله سبحانه إذا كانت مقترنة بإذنه فقال سبحانه:( مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلا بِإِذْنِهِ ) (٤) أفبعد هذا التصريح يصح لنا أن نعتقد بنفي الشفاعة

__________________

(١) نهج البلاغة شرح عبده: ٢ / ٣٢ الخطبة ١٤٩.

(٢) البقرة: ٢٥٤.

(٣) لاحظ الفصل السابق: ص ١٩٣.

(٤) البقرة: ٢٥٥.

١٩٧

بتاتاً وننسبها إلى القرآن، ونرمي الاعتقاد بالشفاعة إلى الكهنة ؟ كلا.

ثم إنّ الدليل الواضح على أنّ مرمى الآية هو نفي قسم خاص من الشفاعة لا جميع أقسامها هو قوله سبحانه:( وَلا خُلَّةٌ ) فإنّ الظاهر من هذه الكلمة انقطاع أواصر الرفاقة يوم القيامة، من غير فرق بين المؤمن والكافر، والحال أنّ القرآن يصرح بانقطاعها بين الكفار خاصة حيث يقول سبحانه:( الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا المُتَّقِينَ ) (١) فإنّ الظاهر من الاستثناء وإن كان عدم العداوة بين المتقين إلّا أنّ المتبادر من مجموع الآية هو بقاء الرفاقة الدنيوية مضافاً إلى انتفاء العداوة.

قال في الكشاف: تنقطع في ذلك اليوم كل خلّة بين المتخالّين في غير ذات الله، وتنقلب عداوة ومقتاً، إلّا خلّة المتصادقين في الله فإنّها الخلّة الباقية المزدادة قوة إذا رأوا ثواب التحابّ في الله تعالى والتباغض في الله(٢) .

وقال العلّامة الطباطبائي: إنّ من لوازم المخالة إعانة أحد الخليلين الآخر في مهام أُموره، فإذا كانت لغير وجه الله كان الإعانة على الشقوة الدائمة والعذاب الخالد كما قال تعالى حاكياً عن الظالمين يوم القيامة:( يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً *لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ) (٣) .

وأمّا الأخلاّء من المتقين فإنّ خلّتهم تتأكد وتنفعهم يومئذ.

وفي الخبر النبوي: « إذا كان يوم القيامة انقطعت الأرحام وقلّت الأنساب وذهبت الاخوة إلّا الاخوة في الله، وذلك قوله:( الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا المُتَّقِينَ ) »(٤) .

__________________

(١) الزخرف: ٦٧.

(٢) الكشاف: ٣ / ١٠٢.

(٣) الفرقان: ٢٨ ـ ٢٩.

(٤) الميزان: ١٨ / ١٢٠ ـ ١٢١.

١٩٨

وعلى الجملة: إنّ انقلاب المخالة إلى العداوة لأجل ما جاء في قوله سبحانه:( لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ ) فهذه العلّة منتفية في حق المتقين، فأواصر الرفاقة باقية في يوم القيامة.

وعلى ذلك فكما أنّ المنفي هو قسم خاص من المخالة دون مطلقها، فهكذا الشفاعة، فالمنفي بحكم السياق قسم خاص من الشفاعة.

أضف إلى ذلك أنّ الظاهر هو نفي الشفاعة في حق الكفّار بدليل ما ورد في ذيل الآية حيث قال:( وَالكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) أفبعد هذه الوجوه الثلاثة يصح لنا أن نجعل الآية دليلاً على انتفاء الشفاعة من أصلها يوم القيامة ؟ كلا.

الصنف الثاني: ما يفنّد عقيدة اليهود في الشفاعة

هذا الصنف من الآيات ـ الذي ستوافيك نصوصه ـ يهدف إلى نفي عقيدة اليهود في الشفاعة حيث كان لهم في هذا المجال عقيدة خاصة كشفت عنها الآيات القرآنية، وكانوا يعتقدون بأنّهم الشعب المختار، وهم أبناء الله وأحباؤه، قال سبحانه حاكياً عنهم:( وَقَالَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَىٰ نَحْنُ أَبْنَاءُ اللهِ ) (١) .

كانوا يعتقدون بأنّ الأواصر القومية القائمة بينهم وبين أنبيائهم هي التي تنجيهم وتدخلهم الجنة ويكفي في ذلك مجرّد الانتماء القومي والنسبي إلى أنبيائهم، حيث قالوا:( وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلا مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ ) (٢) .

وقد بلغت مغالاتهم في هذا المجال إلى درجة أنّهم زعموا أنّهم لا تمسهم النار إلّا أياماً معدودة، قال سبحانه حاكياً عنهم:( لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلا أَيَّاماً مَعْدُودَةً ) ولأجل ذلك نرى أنّه سبحانه يرد على تلك المزعمة في ذيل تلك الآية

__________________

(١) المائدة: ١٨.

(٢) البقرة: ١١١.

١٩٩

بقوله:( قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللهِ عَهْداً ) (١) .

كما يرد عليهم في آية أُخرى بقوله:( تِلْكَ ( أي عدم دخول الجنة إلّا من كان هوداً أو نصارى )أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ *بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (٢) .

فهؤلاء كانوا يعتقدون بأنّ أنبياءهم وأسلافهم سوف يشفعون لهم وينجونهم من العذاب سواء أكانوا عاملين بشريعتهم أم عاصين، وأنّ مجرد الانتماء والانتساب سوف يكفيهم في ذلك المجال.

كانت هذه عقيدتهم في باب الشفاعة، وفي هذا المجال وردت آيات تندد بعقيدتهم وترفض وتفند ما يذهبون إليه قائلة:( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى العَالَمِينَ *وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ ) (٣) .

وأنت ترى أن وحدة السياق تقضي بأنّ المراد من نفي قبول الشفاعة هو الشفاعة الخاطئة التي كانت تعتقدها اليهود في ذلك الزمان من دون أن يشترطوا في الشفيع والمشفوع له شرطاً أو أمراً، ونظير ذلك قوله سبحانه حيث يقول بعد قوله:( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ ) ،( وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلا هُمْ يُنصَرُونَ ) (٤) .

ولأجل ذلك لا يمكن أن يُتمسَّك بهاتين الآيتين لنفي أصل الشفاعة في يوم القيامة.

__________________

(١) البقرة: ٨٠.

(٢) البقرة: ١١١ ـ ١١٢.

(٣) البقرة: ٤٧ ـ ٤٨.

(٤) البقرة: ١٢٢ ـ ١٢٣.

٢٠٠

وقال سلمان الفارسي (رض): آسمان روز، اسم الملك الموكل بالطير(٦٢) (٦٣) .

اليوم الثامن والعشرون: قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام : « إنه يوم سعيد مبارك، ولد فيه يعقوبعليه‌السلام يصلح للسفر وجميع الحوائج وكلّ أمر، والعمارة، والبيع والشراء والدخول على السلطان، قاتل فيه أعداءك فإنك تظفر بهم، والتزويج(٦٤) ».

وفي رواية أخرى: لا تخرج فيه الدم، فإنّه ردئ، من مرض فيه يموت، ومن أبق فيه رجع، ومن ولد فيه يكون حسناً جميلاً مرزوقاً، محبوبا، محببا إلى الناس وإلى أهله، مشعوفا محزونا طول عمره، ويصيبه الغموم، ويبتلي في بدنه، ويعافي في آخر عمره، ويعمر طويلا، ويبتلي في بصره(٦٥) .

قال مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام : « من ولد فيه يكون صبيح الوجه، مسعود الجد، مباركا ميمونا، ومن طلب فيه شيئا تم له، وكانت عاقبته محمودة ».

وقالت الفرس: إنه يوم ثقيل منحوس(٦٦) .

وفي رواية أخرى: يحمد فيه قضاء الحوائج ومبارك فيه قضاء

__________________

(٦٢) في نسخة: بالسماوات (منه قدّه).

(٦٣) البحار ج ٥٩ ص ٨٥ ح ١٨٧ عن العدد: ٦٩ أ.

(٦٤) البحار ج ٥٩ ص ٨٦ ح ١٩٣ عن العدد: ٧١ ب.

(٦٥) البحار ج ٥٩ ص ٨٦ ح ١٩٤ عن العدد: ٧١ ب.

(٦٦) البحار ج ٥٩ ص ٨٦ ح ١٩٥ عن العدد: ٧٢ أ.

٢٠١

الأمور والمهمات، ودفع الضرورات، ولقاء القواد والحجاب والأجناد، وهو يوم مبارك سعيد، والأحلام فيه تصح من يومها.

وقال سلمان الفارسي (رض): راهياد(٦٧) روز، اسم الملك الموكل بالقضاء بين الخلق

وروي: اسم الملك الموكل بالسموات(٦٨) .

اليوم التاسع والعشرون: قال مولانا أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام : « إنه يوم مختار، يصلح لكلّ حاجة، وإخراج الدم، وهو يوم سعيد لسائر الأمور والحوائج والأعمال، فيه بارك الله تعالى على الأرض المقدسة، ويصلح للنقلة، وشراء العبيد والبهائم، ولقاء الإخوان والأصدقاء، وفعل البر، والحركة، ويكره فيه الدين والسلف والأيمان، من سافر فيه يصيب مالا كثيرا، إلّا من كان كاتبا فإنّه يكره له ذلك، والرؤيا فيه صادقة ولا تقصّها إلّا بعد يوم، والمريض فيه يموت، والآبق فيه يوجد ولا تستخلف(٦٩) فيه أحدا ولا تأخذ فيه من أحد وادخل فيه على السلطان ولا تضرب فيه حرّا ولا عبدا، ومن ضلّت له ضالّة وجدها(٧٠) ».

وفي رواية: من مرض فيه يبرأ، ومن ولد فيه يكون صالحا حليما(٧١) .

__________________

(٦٧) في نسخة: رامياد (منه قدّه).

(٦٨) البحار ج ٥٩ ص ٨٦ ح ١٩٦ عن العدد: ٧٢ أ.

(٦٩) في المصدر: تستخلف.

(٧٠) البحار ج ٥٩ ص ٨٧ ح ٢٠٢ عن العدد: ٧٥ أ.

(٧١) البحار ج ٥٩ ص ٨٨ ح ٢٠٣ عن العدد: ٧٥ أ.

٢٠٢

وفي رواية أخرى: أنه متوسط لا محمود ولا مذموم، تجتنب فيه الحركة.

وقالت الفرس: إنه يوم جيد صالح، يحمد فيه النقلة والسفر والحركة، والمولود فيه يكون شجاعا، وهو صالح لكلّ حاجة، ولقاء الإخوان والأصدقاء والأوداء، وفعل الخير، والأحلام فيه تصح في يومها(٧٢) .

وقال سلمان الفارسي (رض): مار اسفند روز، اسم الملك الموكل بالأفنية(٧٣) والأزمان، والعقول والأسماع والأبصار.

وفي رواية أخرى: الموكّل بالأفئدة.

اليوم الثلاثون: قال مولانا جعفر بن محمد الصادقعليهما‌السلام : « إنه يوم مختار جيّد، يصلح لكلّ شئ، وللشراء والبيع، والزرع والغرس والبناء، والتزويج والسفر وإخراج الدم(٧٤) ».

وفي رواية أخرى: لا تسافر فيه، ولا تتعرض لغيره إلّا للمعاملة، وقلّل فيه الحركة، والسفر فيه ردئّ، ومن ولد فيه يكون حليما مباركا (صالحا، يرتفع أمره ويعلو شأنه، ولد فيه إسماعيل بن إبراهيمعليه‌السلام )(٧٥) ، وتعسّر تربيته(٧٦) ، ويسوء خلقه، ويرزق رزقا يكون لغيره، ويمنع من التمتع بشئ منه(٧٧) .

__________________

(٧٢) البحار ج ٥٩ ص ٨٨ ح ٢٠٤ عن العدد ٧٥ أ.

(٧٣) في نسخة: بالأوقات (منه قدّه).

(٧٤) البحار ج ٥٩ ص ٨٩ ح ٢١٠ عن العدد: ٧٧ ب.

(٧٥) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٧٦) في نسخة: وتعز رتبته (منه قدّه).

(٧٧) البحار ج ٥٩ ص ٨٩ ح ٢١١ عن العدد ٧٧ ب.

٢٠٣

وفي رواية أخرى: من ولد فيه كفي كلّ أمر يؤذيه، ويكون المولود فيه مباركا صالحا، يرتفع أمره ويعلو شأنه، ولد فيه إسماعيل بن إبراهيمعليه‌السلام ، وفيه خلق الله العقل، وأسكنه رؤوس من أحبّ من عباده، ومن هرب فيه اخذ، ومن ضلّت من ضالّة وجدها، ومن اقترض فيه شيئا ردّه سريعا، ومن مرض فيه برئ سريعا(٧٨) .

قال مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام : « من ولد فيه يكون حليما مباركا صادقا أمينا، يعلو شأنه، ومن ضاع له شئ يجده بإذن الله تعالى ».

قالت الفرس: إنه يوم خفيف يحمد فيه سائر الأعمال والتصرفات، ويصلح لشرب الأدوية المسهلة.

وقال سلمان (رض): إيران(٧٩) روز، اسم الملك الموكل بالدهور والأزمنة(٨٠) .

[٩٢٦٠] ٨ - البحار، روي في بعض الكتب: عن الحسن بن علي العسكريعليهما‌السلام : « أن في كلّ شهر من الشهور العربية، يوم نحس لا يصلح ارتكاب شئ من الأعمال فيه، سوى الخلوة والعبادة والصوم، وهي: الثاني والعشرون من المحرم، والعاشر من صفر، والرابع من ربيع الأول، والثامن والعشرون من ربيع الثاني، والثامن والعشرون من جمادى الأولى، والثاني(١) من جمادى

__________________

(٧٨) البحار ج ٥٩ ص ٨٩ ح ٢١٢ عن العدد: ٧٧ ب.

(٧٩) في نسخة: أنيران (منه قدّه).

(٨٠) البحار ج ٥٩ ص ٨٩ ح ٢١٣ عن العدد: ٧٧ ب.

٨ - البحار ج ٥٩ ص ٥٤ ح ٢.

(١) في المصدر: والثاني عشر.

٢٠٤

الثانية، والثاني عشر من رجب، والسادس والعشرون من شعبان، والرابع والعشرون من شهر رمضان، والثاني من شوّال، والثامن والعشرون من ذي القعدة، والثامن من ذي الحجّة ».

وروي المنع من السفر في الثامن من الشهر، والثالث والعشرين منه.

وروي: أنه يصلح السفر في الرابع، وفي الحادي والعشرين.

٢٢ -( باب استحباب تشييع المسافر وتوديعه)

[٩٢٦١] ١ - الشيخ المفيد في مجالسه: عن علي بلال، عن علي بن عبد الله الأصبهاني، عن إبراهيم بن محمد الثقفي، عن محمد بن علي، عن الحسين بن سفيان، عن أبيه، عن أبي جهضم الأزدي، عن أبيه، أنه قال في حديث اخراج عثمان أبا ذر إلى الربذة: وتقدم أن لا يشيّعه أحد من الناس، فبلغ ذلك أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فبكى حتى بل لحيته بدموعه، ثم قال: « هكذا يصنع بصاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، إنّا لله وإنا إليه راجعون » ثم نهض ومعه الحسن والحسينعليهما‌السلام ، وعبد الله بن العباس والفضل وقثم وعبيد الله، حتى لحقوا أبا ذر فشيّعوه الخبر.

[٩٢٦٢] ٢ - ثقة الإسلام في الكافي: عن عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن حفص التميمي، عن أبي جعفر الخثعمي، قال: لمّا سيّر عثمان أبا ذر إلى الربذة، شيّعه أمير

__________________

الباب ٢٢

١ - أمالي المفيد ص ١٦٥.

٢ - الكافي ج ٨ ص ٢٠٦ ح ٢٥١.

٢٠٥

المؤمنين [ وعقيل ](١) والحسن والحسينعليهم‌السلام ، وعمّار بن ياسر (رضي الله عنه) الخبر.

[٩٢٦٣] ٣ - دعائم الاسلام: عن عليعليه‌السلام : أنه شيّع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، في غزوة تبوك [ لما خرج إليها واستخلفه في المدينة ](١) ولم يتلقه [ لما انصرف ](٢) .

[٩٢٦٤] ٤ - فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره: عن الحسين بن سعيد وجعفر بن محمد الفزاري، معنعنا عن أبي ذر الغفاري وغيره، في حديث غزوة ذات السلاسل: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، دعا علياعليه‌السلام وبعثه في جيش قال: وخرج معه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يشيّعه، فكأني أنظر إليهم عند مسجد الأحزاب، وعليعليه‌السلام على فرس أشقر، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يوصيه، ثم ودّعه الخبر.

وروى المفيد في الإرشاد: ما يقرب منه(١) .

٢٣ -( باب استحباب الدعاء للمسافر عند وادعه)

[٩٢٦٥] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٤٧.

(١،٢) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

٤ - تفسير فرات الكوفي ص ٢٢١.

(١) إرشاد المفيد ص ٨٧.

الباب ٢٣

١ - الجعفريات ص ٢١٩.

٢٠٦

أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، كان إذا ودّع رجلا قال: سلمك الله، والميعاد الله عزّوجلّ ».

[٩٢٦٦] ٢ - وعن الشريف أبي الحسن علي بن عبد الصمد بن عبيد الله الهاشمي - صاحب الصلاة بواسط - قال: أخبرنا الأبهري، وهو أبوبكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح الأبهري، حدثنا محمد بن عبد الله(١) بن وهب، قال حدثنا عبد الرحمن ابن أخي عبد الملك بن قريب الأصمعي، قال: حدثنا عمي عبد الملك الأصمعي، عن جعفر بن سليمان الضبعي، عن ثابت، عن أنس بن مالك، قال: أتى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، رجل يريد سفرا، فقال له: أوصني، فقال له: « إتق الله حيث ما كنت، واتبع السيئة الحسنة، وخالق الناس بخلق حسن » فلمّا ودّعه قال له: « زوّدك الله التقوى، وجنّبك الردى، وغفر لك ذنبك، ووجّهك إلى الخير حيثما توجّهت ».

[٩٢٦٧] ٣ - نوادر علي بن أسباط: عن رجل قال: ودّع أبو عبد اللهعليه‌السلام ، رجلا قال: « استودع الله نفسك، وأمانتك، ودينك، زوّدك الله زاد التقوى، ووجهك الله للخير(١) حيث توجهت » ثم التفت الينا فقال: « هكذا كان وداع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ لعليعليه‌السلام ، إذا وجّهه في وجه(٢) من الوجوه ».

__________________

٢ - الجعفريات ص ٢٤٩.

(١) في المصدر: عبد الله بن محمد.

٣ - نوادر علي بن أسباط ص ١٣٤.

(١) في نسخة: خير (منه قدّه).

(٢) كان في المخطوط: جهة، وما أثبتناه من المصدر.

٢٠٧

[٩٢٦٨] ٤ - كتاب خلّاد السدي البزاز: قال: ودع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ علياعليه‌السلام ، فقال له: « زوّدك الله التقوى، وغفر لك ذنبك، ووجّه لك الخير حيثما توجّهت ».

[٩٢٦٩] ٥ - عوالي اللآلي: عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أنه إذا ودع أحدا قال: « أستودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك ».

٢٤ -( باب كراهة الوحدة في السفر، واستحباب رفيق واحد، أو اثنين مع الحاجة إلى الزيادة)

[٩٢٧٠] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ نهى أن يسافر الرجل وحده، وقال: الواحد شيطان، والاثنان شيطانان، والثلاثة نفر ».

[٩٢٧١] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ونروي: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، لعن ثلاثة: آكل زاده وحده، وراكب الفلاة، وحده، والنائم في بيت وحده ».

[٩٢٧٢] ٣ - القضاعي في كتاب الشهاب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « الرفيق ثم(١) الطريق ».

[٩٢٧٣] ٤ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن

__________________

٤ - كتاب خلاد السدي البزاز ص ١٠٧.

٥ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥١ ح ١١١.

الباب ٢٤

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٨.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٨.

٣ - الشهاب ص ٨٦ ح ٤٨٤.

(١) في المصدر: قبل.

٤ - الجعفريات ص ١٦٤.

٢٠٨

آبائه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال: يا رسول الله، إني أردت شراء دار، أين تأمرني أشتري في جهينة، أم في مزينة، أم في ثقيف، أم في قريش؟ فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : الجوار ثم الدار، والرفيق ثم السفر(١) ».

[٩٢٧٤] ٥ - وعن محمد بن بريد المقرئ، حدثنا أيوب بن النجار، حدثنا الطيب بن محمد، عن عطا، عن أبي هريرة قال: لعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ مخنثي الرجال - إلى أن قال - وراكب الفلاة وحده.

[٩٢٧٥] ٦ - نهج البلاغة: في وصيّة أمير المؤمنينعليه‌السلام لولده الحسنعليهما‌السلام : « سل عن الرفيق قبل الطريق ».

[٩٢٧٦] ٧ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الأوزاعي - في حديث - أنه قال لقمان لا بنه: « يا بني الرفيق ثم الطريق ».

[٩٢٧٧] ٨ - عوالي اللآلي: عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال في المسافر وحده: « شيطان، والاثنان شيطانان، والثلاثة ركب ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لو علم الناس ما في الوحدة ما أعلم، ما سار راكب ميلا وحده »(١) .

__________________

(١) في نسخة: الطريق (منه قدّه).

٥ - الجعفريات ص ١٤٧.

٦ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٦٢.

٧ - الاختصاص ص ٣٣٧.

٨ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٩ ح ٣٣.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ١٥٠ ح ١٠٥.

٢٠٩

٢٥ -( باب أنه يستحب للمسافر مرافقة من يتزيّن به، ومن يرفق به، ومن يعرف حقّه)

[٩٢٧٨] ١ - [ علي بن ](١) محمد بن علي الخزاز في كفاية الأثر: عن محمد بن وهبان، عن داود بن الهيثم، عن جدّه إسحاق بن بهلول، عن أبيه بهلول بن حسان، عن طلحة بن زيد الرقّي، عن الزبير بن عطا، عن عمير بن هانئ العبسي، عن جنادة بن أبي أمية، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال له في حديث: « وإذا نازعتك إلى صحبة الرجال حاجة، فاصحب من إذا صحبته زانك، وإذا خدمته صانك، وإذا أردت منه معونة عانك، وإن قلت صدّق قولك، وإن صلت شدّ صولتك، وإن مددت يدك بفضل مدّها، وإن بدت منك ثلمة سدّها، وإن رأى منك حسنة عدّها، وإن سألته أعطاك، وإن سكتّ عنه ابتدأك، وإن نزلت بك إحدى الملمات واساك، من لا يأتيك منه البوائق، ولا يختلف عليك منه الطرائق، ولا يخذلك عند الحقائق، وإن تنازعتما منقسما(٢) آثرك » الخبر.

[٩٢٧٩] ٢ - الشهيد في الدرر الباهرة: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « لا خير لك في صحبة من لا يرى لك مثل الذي يرى لنفسه ».

__________________

الباب ٢٥

١ - كفاية الأثر ص ٢٢٨.

(١) أثبتناه لاستقامة اسم المؤلف.

(٢) في المصدر: منفساً.

٢ - الدرة الباهرة ص ٢٥.

٢١٠

٢٦ -( باب استحباب جمع الرفقاء نفقتهم وإخراجها)

[٩٢٨٠] ١ - الجعفريات: بإسناده عن عليعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إن من سنّة السفر إذا خرج القوم إلى سفر، أن يخرجوا نفقاتهم جميعا، فإنّه أطيب لأنفسهم، وأحسن لذات بينهم ».

[٩٢٨١] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من سنة السفر إذا خرج القوم وكانوا رفقاء أن يخرجوا نفقاتهم جميعا، فيجمعوها وينفقوا منها معا، فإن ذلك أطيب لأنفسهم، وأحسن لذات بينهم ».

٢٧ -( باب استحباب كون الرفقاء أربعة، وكراهة زيادتهم على سبعة مع عدم الحاجة، وكراهة سبق الرفيق حتى يغيب عن البصر)

[٩٢٨٢] ١ - الصدوق في الخصال: عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن الحسين بن سيف، عن أخيه علي بن سيف، عن أبيه سيف بن عميرة، عن محمد بن موسى، عن رجل من بني نوفل بن عبد المطلب، عن أبيه، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أحبّ الصحابة إلى الله عزّوجلّ

__________________

الباب ٢٦

١ - الجعفريات ص ١٧٠.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٤٦.

الباب ٢٧

١ - الخصال ص ٢٣٨ ح ٨٢.

٢١١

أربعة، وما زاد قوم على سبعة إلّا زاد لغطهم ».

[٩٢٨٣] ٢ - القاضي القضاعي في الشهاب: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « خير الرفقاء أربعة ».

٢٨ -( باب استحباب الاستعانة على السفر بالحداء والشعر، دون الغناء وما فيه خنا)

[٩٢٨٤] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : زاد المسافر الحدو والشعر، ما كان منه ليس فيه خنا(١) ».

[٩٢٨٥] ٢ - محمد بن علي بن شهرآشوب في المناقب: قال وكان حادي بعض نسوتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ خادمه أنجشة فقال لأنجشة: « أرفق بالقوارير » وفي رواية: « لا تكسر القوارير ».

__________________

٢ - الشهاب ص ١٤٤ ح ٧٨٨.

الباب ٢٨

١ - الجعفريات ص ١٥٨.

(١) حَدا بالإبل حَدواً: إذا زجرها وغنّى لها ليحثها على السير، والخنا الفحش (مجمع البحرين ج ١ ص ٩٦).

٢ - المناقب ج ١ ص ١٤٧.

٢١٢

٢٩ -( باب استحباب صلاة ركعتين والدعاء لردّ الضالّة)

[٩٢٨٦] ١ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق عن جابر الأنصاري: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، علّم عليا وفاطمةعليهما‌السلام هذا الدعاء وقال لهما: « إن نزلت بكما مصيبة، أو خفتما جور السلطان، أو ضلّت لكما ضالة، فأحسنا الوضوء، وصلّيا ركعتين، وارفعا أيديكما إلى السماء، وقولا: يا عالم الغيب والسرائر، يا مطاع، يا عليم، يا لله، يا لله، يا لله، يا هازم الأحزاب لمحمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يا كائد فرعون لموسى، يا منجي عيسى من أيدي الظلمة، يا مخلص قوم نوح من الغرق، يا راحم عبده يعقوب، يا كاشف ضرّ أيّوب، يا منجي ذي النون من الظلمات، يا فاعل كلّ خير، يا هاديا إلى كلّ خير، يا دالاً على كلّ خير، يا آمراً بكل خير، يا خالق الخير، ويا أهل الخير، أنت الله، رغبت إليك فيما قد علمت وأنت علام الغيوب، أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد، ثم اسألا الحاجة تجابا إن شاء الله ».

[٩٢٨٧] ٢ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : « تصلّي ركعتين تقرأ فيهما يس، وتقول بعد فراغك منهما، رافعا يديك إلى السماء: اللّهم راد الضالّة، والهادي من الضلالة، صلّ على محمد وآل محمد، واحفظ عليّ ضالّتي، وارددها إليّ سالمة يا أرحم الراحمين، فإنّها من فضلك وعطائك، يا عباد الله في الأرض، ويا سيّارة الله في الأرض، ردّوا عليّ

__________________

الباب ٢٩

١ - مكارم الأخلاق ص ٣٤١.

٢ - مكارم الأخلاق ص ٣٩٨.

٢١٣

ضالّتي، فإنّها من فضل الله وعطائه ».

[٩٢٨٨] ٣ - وعن الرضاعليه‌السلام ، قال: « إذا ذهب لك ضالّة أو متاع، فقل:( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ - إلى قوله -كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (١) ثم تقول: اللّهم إنك تهدي من الضلالة، وتنجي من الغي(٢) ، وتردّ الضالّة، صلّ على محمد وآله، واغفر لي، وردّ ضالّتي ».

[٩٢٨٩] ٤ - الشيخ إبراهيم الكفعمي في جنته: عن كتاب خواصّ القرآن: أنه من ضاع له شئ أو أبق، فليصلّ ضحى الجمعة ثماني ركعات، فإذا سلّم قرأ الضحى سبعا، وقال: يا صانع العجائب، يا راد كلّ غائب، يا جامع الشتات، يا من مقاليد الأمور بيده، اجمع عليّ كذا فإنّه لا جامع إلّا أنت.

ومن أدعية الضالّة(١) : يا من لا يخفى عنه مكتوم، ولا يشذّ عنه معلوم، ولا يغالبه منيع، ولا يطاوله رفيع، أردد بقدرتك عليّ ما في قبضتك، إنّك أهل الخيرات.

ومنها: اللهم هادي الضالّة، [ و ](٢) راد الضالّة، أسألك بعزّتك وسلطانك، أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تردّ عليّ ضالّتي، فإنّها من عطائك وفضلك ورزقك.

__________________

٣ - مكارم الأخلاق ص ٣٨٦.

(١) الأنعام ٦: ٥٩.

(٢) في المصدر: العمى.

٤ - جنة المأوى « المصباح » ص ١٨١.

(١) نفس المصدر ص ١٨٢.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢١٤

٣٠ -( باب استحباب اتخاذ السُفر (* ) في السفر والتنوق (** ) فيها، وكون حلقها حديدا لا صفرا)

[٩٢٩٠] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « من كرم الرجل أن يطيب زاده في السفر ».

٣١ -( باب استحباب حمل المسافر إلى الحج والعمرة وغيرهما - إلّا زيارة الحسينعليه‌السلام - أطيب الزاد كاللوز، والسكر، ونحوه والإكثار من حمل الماء)

[٩٢٩١] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « المروة مروّتان - إلى أن قال - وأمّا مروة السفر فبذل الزاد، وترك الخلاف على الأصحاب، والرواية عنهم إذا انصرفوا(١) ».

__________________

الباب ٣٠

(* ) السُّفَر: جمع سُفْرَة وهي الطعام الذي يتخذ للمسافر (لسان العرب ج ٤ ص ٣٦٨).

(** ) تَنوّق في الأمر: تأنّق وتجوّد وبالغ فيه (مجمع البحرين ج ٥ ص٢٤٢).

١ - الأخلاق: مخطوط.

الباب ٣١

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٦.

(١) في المصدر: إفترقوا.

٢١٥

٣٢ -( باب استحباب حمل المسافر معه جميع ما يحتاج إليه من السلاح والآلات والأدوية، وخصوصا السيف والترس ورماح القنا والقسي العربية، لا الفارسية وجواز دفع اللص ونحوه ولو بالقتال)

[٩٢٩٢] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، كان يسافر بستّة أشياء: بالقارورة، والمقص، والمكحلة، والمرآة، والمشط، والسواك ».

[٩٢٩٣] ٢ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: في آداب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : وكان لا يفارقه في أسفاره قارورة الدهن، والمكحلة، والمقراض، والمرآة، والسواك، والمشط.

وفي رواية: تكون معه الخيوط، والإبرة، والمخصف، والسيور، فيخيط ثيابه، ويخصف نعله.

[٩٢٩٤] ٣ - دعائم الاسلام: روينا عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، كان إذا قام من الليل تسوك وإذا سافر سافر معه بستّة أشياء: القارورة، والمقصّ(١) ، والمكحلة، والمرآة، والمشط، والسواك ».

__________________

الباب ٣٢

١ - الجعفريات ص ١٨٥.

٢ - مكارم الأخلاق ص ٣٥.

٣ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١١٨.

(١) كان في المخطوط: والمقصين، وما أثبتناه من المصدر.

٢١٦

٣٣ -( باب استحباب استصحاب التربة الحسينية في السفر، وتقبيلها ووضعها على العينين والدعاء بالمأثور)

[٩٢٩٥] ١ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عيسى، عن رجل قال: بعث إليّ أبو الحسن الرضاعليه‌السلام من خراسان ثياب رزم(١) ، وكان بين ذلك طين، فقلت للرسول: ما هذا؟ فقال: هذا طين قبر الحسينعليه‌السلام ، ما كان(٢) يوجّه شيئا من الثياب ولا غيرها، إلّا ويجعل فيه الطين وكان يقول: « هو أمان بإذن الله ».

٣٤ -( باب استحباب استصحاب الخواتيم العقيق والفيروزج في السفر)

[٩٢٩٦] ١ - السيد علي بن طاووس في أمان الأخطار: عن السيد قريش بن السبيع المدني العلوي، في كتاب فضل العقيق، بإسناده المتصل عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « الخاتم العقيق أمان في السفر ».

ومنه في حديث آخر، قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « الخاتم العقيق حرز في السفر ».

__________________

الباب ٣٣

١ - كامل الزيارات ص ٢٧٨.

(١) رزم: جمع رزمة: وهي الكارة من الثياب (مجمع البحرين ج ٦ ص ٧٢).

(٢) كان في المخطوط: ما كاد، وفي نسخة: ما يكاد. وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٣٤

١ - أمان الأخطار ص ٣٩.

٢١٧

٣٥ -( باب استحباب معونة المسافر، وخدمة الرفيق في السفر)

[٩٢٩٧] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمد، أخبرنا محمد بن محمد، حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين [ عن أبيه ](١) ، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : من أعان مؤمنا مسافرا في حاجة نفّس الله عنه ثلاثة وسبعين كربة: واحدة في الدنيا من الغم والهم، وثنتين وسبعين كربة عند الكربة(٢) العظمى، قيل يا رسول الله: وما الكربة العظمى؟ قال: حيث يتشاغل الناس بأنفسهم، حتى أن إبراهيم (صلّى الله عليه) يقول:أسألك بخلّتي لا تسلمني إليها».

[٩٢٩٨] ٢ - تفسير الإمامعليه‌السلام : قوله عزّوجلّ:( وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) (١) [ قال الإمام: « يعني ومما رزقناهم ](٢) من الأموال، والقوى في الأبدان، والجاه - إلى أن قال - ويؤدّون من قوى الأبدان المعونات، كالرجل يقود ضريرا وينجيه من مهلكة، ويعين مسافر على حمل متاع على دابة قد سقط عنها » الخبر.

__________________

الباب ٣٥

١ - الجعفريات ص ١٩٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) وفيه: كربته.

٢ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٧.

(١) البقرة ٢: ٣.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢١٨

[٩٢٩٩] ٣ - عوالي اللآلي: روي أن رفقة كانوا في سفر، فلمّا قدموا قالوا: يا رسول الله، ما رأينا أفضل من فلان، كان يصوم النهار، فإذا نزلنا قام يصلي حتى نرحل، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « من كان يمهد له ويكفيه، ويعمل له؟ » فقالوا: نحن، قال: « كلّكم أفضل منه ».

٣٦ -( باب أنه يستحب أن يخلف الحاج والمعتمر بخيرفي الأهل والمال)

[٩٣٠٠] ١ - أحمد بن محمد بن فهد في عدّة الداعي: عن عيسى بن عبد الله القمي، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « ثلاثة دعوتهم مستجابة: الحاج، والمعتمر، فانظروا كيف تخلفونهم، والغازي في سبيل الله، فانظروا كيف تخلفونه ».

٣٧ -( باب كراهة التعريس على ظهر الطريق، والنزول في بطون الأودية، فإنّها مدارج السباع ومأوى الحيّات)

[٩٣٠١] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين [ عن أبيه ](١) ، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، في حديث: ولا تنزلوا في ظهر الطريق، ولا بطون الأودية، فإنّها مدارج الشياطين، ومأوى الحيّات ».

__________________

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٧٠ ح ١٢٧.

الباب ٣٦

١ - عدّة الداعي ص ١١٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٨٧ ح ٢.

الباب ٣٧

١ - الجعفريات ص ١٥٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢١٩

[٩٣٠٢] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قال: « ولا تنزلوا في ظهور الطريق، فإنّها مدارج السباع، ومأوى الحيّات ».

٣٨ -( باب خصال الفتوة والمروّة في السفر والحضر)

[٩٣٠٣] ١ - أصل من أصول قدمائنا: قال: دخل رجل على(١) جعفر بن محمدعليهما‌السلام وقال: يا ابن رسول الله، ما المروّة؟ قال: « ترك الظلم عند القدرة، ومواساة الإخوان في السعة، وإظهار نعم الله من غير كبر، والقنوع وقت العسر بالاستكانة، ومن عرف بالترئية(٢) سقط عنه اسم المروّة ».

[٩٣٠٤] ٢ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « المروّة مروّتان مروّة الحضر، ومروّة السفر، فأمّا مروّة الحضر: فتلاوة القرآن، وحضور المساجد، وصحبة أهل الخير، والنظر في الفقه، وأمّا مروّة السفر: فبذل الزاد، وترك الخلاف على الأصحاب، والرواية عنهم إذا انصرفوا(١) ».

[٩٣٠٥] ٣ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى،

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٨.

الباب ٣٨

- أصل من أصول قدمائنا:

(١) في نسخة: إلى (منه قدّه).

(٢) الترئية: الرياء (لسان العرب ج ١٤ ص ٢٩٥).

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٣٤٦.

(١) في المصدر: إفترقوا.

٣ - الجعفريات ص ١٥١.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478