مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٨

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل8%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 478

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 478 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 241680 / تحميل: 4934
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٨

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وجوب الرؤية عند حصول شروطها

قال المصنّف(١) :

المبحث الثالث

في وجوب الرؤية عند حصول هذه الشرائط

أجمع العقلاء كافّة ـ عدا الأشاعرة ـ على ذلك ؛ للضرورة القاضية به ، فإنّ عاقلا من العقلاء لا يشكّ في حصول الرؤية عند اجتماع شرائطها.

وخالفت الأشاعرة جميع العقلاء في ذلك ، وارتكبوا السفسطة فيه ، وجوّزوا أن تكون بين أيدينا وبحضرتنا جبال شاهقة ، من الأرض إلى عنان السماء ، محيطة بنا من جميع الجهات ، ملاصقة لنا ، تملأ الأرض شرقا وغربا بألوان مشرقة مضيئة ، ظاهرة غاية الظهور ، وتقع عليها الشمس وقت الظهيرة ، ولا نشاهدها ، ولا نبصرها ، ولا شيئا منها ألبتّة!

وكذا يكون بحضرتنا أصوات هائلة تملأ أقطار الأرض ، بحيث ينزعج(٢) منها كلّ أحد يسمعها ، أشدّ ما يكون من الأصوات ، وحواسّنا سليمة ، ولا حجاب بيننا وبينها ، ولا بعد ألبتّة ، بل هي في غاية القرب منّا ، ولا نسمعها ولا نحسّها أصلا!

__________________

(١) نهج الحقّ : ٤١ ـ ٤٢.

(٢) كان في الأصل : « يتزعزع » ، وفي المصدر : « يدعّج » ، وكلاهما تصحيف ؛ وما أثبتناه من إحقاق الحقّ هو المناسب للسياق.

٦١

وكذا إذا لمس أحد بباطن كفّه حديدة محميّة بالنار حتّى تبيضّ ، ولا يحسّ بحرارتها! بل يرمى في تنّور أذيب فيه الرصاص أو الزيت ، وهو لا يشاهد التنّور ولا الرصاص المذاب ، ولا يدرك حرارته ، وتنفصل أعضاؤه وهو لا يحسّ بالألم في جسمه!(١) .

ولا شكّ أنّ هذا [ هو ] عين السفسطة ، والضرورة تقضي بفساده ، ومن يشكّ في هذا فقد أنكر أظهر المحسوسات [ عندنا ].

__________________

(١) انظر مؤدّى ذلك ـ مثلا ـ في : تفسير الفخر الرازي ١٣ / ١٣٥ ـ ١٣٦ ، شرح المقاصد ٤ / ١٩٨ ـ ٢٠٠ ، شرح العقائد النسفية ـ للتفتازاني ـ : ١٣١.

٦٢

وقال الفضل(١) :

مذهب الأشاعرة : إنّ شرائط الرؤية إذا تحقّقت لم تجب الرؤية(٢) .

ومعنى نفي [ هذا ] الوجوب : إنّ الله تعالى قادر على أن يمنع البصر من الرؤية مع وجود الشرائط ، وإن كانت العادة جارية على تحقّق الرؤية عند تحقّق الأمور المذكورة.

ومن أنكر هذا وأحاله عقلا ، فقد أنكر خوارق العادات ومعجزات الأنبياء.

فإنّه ممّا اتّفق على روايته ونقله أصحاب جميع المذاهب ـ من الأشاعرة والمعتزلة والإمامية ـ أنّ النبيّ ٦ لمّا خرج ليلة الهجرة من داره ، وقريش قد حفّوا بالدار يريدون قتله ، فمرّ بهم ورمى على وجوههم بالتراب ، وكان يقرأ سورة يس ، وخرج ولم يره أحد ، وكانوا جالسين ، غير نائمين ولا غافلين(٣) .

فمن لا يسلّم أنّ عدم حصول الرؤية جائز مع وجود الشرائط ، بأن يمنع الله [ تعالى ] البصر بقدرته عن الرؤية ، فعليه أن ينكر هذا وأمثاله.

ومن الأشاعرة من يمنع وجوب الرؤية عند استجماع الشرائط : بأنّا

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ١٠٤ ـ ١٠٦.

(٢) انظر : شرح المواقف ٨ / ١٣٦.

(٣) انظر : الشفا ـ للقاضي عياض ـ ١ / ٣٤٩ ، تفسير القرطبي ١٥ / ٨ ـ ٩ ، زاد المعاد ٣ / ٤٣ ـ ٤٤ ، السيرة النبوية ـ لابن كثير ـ ٢ / ٢٣٠ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٩٣ ، مجمع البيان ٨ / ٢٢٩.

٦٣

نرى الجسم الكبير من البعد صغيرا ، وما ذلك إلّا لأنّا نرى بعض أجزائه دون بعض مع تساوي الكلّ في حصول الشرائط ، فظهر أنّه لا تجب الرؤية عند اجتماع الشرائط(١) .

والتحقيق ما قدمناه [ من ] أنّهم يريدون من عدم الوجوب : جواز عدم الرؤية عقلا ، وإمكان تعلّق القدرة به.

فأين إنكار المحسوسات؟! وأين هو من السفسطة؟!

ثمّ ما ذكر من تجويز أن تكون بحضرتنا جبال شاهقة ـ مع ما وصفها من المبالغات والتقعقعات(٢) الشنيعة ، والكلمات الهائلة المرعدة المبرقة ، التي تميل بها خواطر القلندرية(٣) والعوامّ إلى مذهبه الباطل ، ورأيه الكاسد الفاسد ـ فهو شيء ليس بقول ولا مذهب لأحد من الأشاعرة.

بل يورد الخصم عليهم في الاعتراض ، ويقول : إذا اجتمعت شرائط الرؤية في زمان وجب حصول الرؤية ، وإلّا جاز أن يكون بحضرتنا جبال

__________________

(١) انظر : شرح المواقف ٨ / ١٣٦.

(٢) التقعقع : التحرّك ، وتقعقع الشيء : صوّت عند التحريك أو التحرّك ، واضطرب وتحرّك.

انظر : الصحاح ٣ / ١٢٦٩ ، لسان العرب ١١ / ٢٤٧ ، تاج العروس ١١ / ٣٩٢ ، مادّة « قعع ».

(٣) القلندرية : كلمة أعجمية بمعنى المحلّقين ، وهم فرقة صوفية يحلقون رؤوسهم وشواربهم ولحاهم وحواجبهم ، وكانت هذه الفرقة مكروهة من الفقهاء المسلمين وعلمائهم ، وقد نشأت في عهد الظاهر بيبرس ، وهو الذي شجّعها ، وكان سبب انتشارها في مصر والشام ، ومن مشاهير رجالها الشيخ عثمان كوهي الفارسي ، وقال بعضهم : إنّ هذه الفرقة أوّل ما ظهرت بدمشق سنة ٦١٦ ه‍ وكان لها عدّة زوايا في الشام ومصر.

انظر : معجم الألفاظ التاريخية : ١٢٥.

٦٤

شاهقة ونحن لا نراها.

هذا هو الاعتراض.

وأجاب الأشاعرة عنه : بأنّ هذا منقوض بجملة العاديّات ، فإنّ الأمور العاديّة تجوز نقائضها مع جزمنا بعدم وقوعها ، ولا سفسطة هاهنا.

فكذا الحال في الجبال الشاهقة التي لا نراها ، فإنّا نجوّز وجودها ونجزم بعدمها ؛ وذلك لأنّ الجواز لا يستلزم الوقوع ، ولا ينافي الجزم بعدمه ، فمجرّد تجويزها لا يكون سفسطة(١) .

وحاصل كلام الأشاعرة ـ كما أشرنا إليه سابقا ـ : أنّ الرؤية لا تجب عقلا عند تحقّق الشرائط ، ويجوّز العقل عدم وقوعها عندها مع كونه محالا عادة ، والخصوم لا يفرّقون بين المحال العقلي والعادي ، وجملة اعتراضاته ناشئة من عدم هذا الفرق.

ثمّ ما ذكره من الأضواء وتوصيفها والمبالغات فيها ، فكلّها من قعقعة الشنآن بعد ما قدمنا لك البيان.

__________________

(١) انظر : شرح المواقف ٨ / ١٣٧ ـ ١٣٨.

٦٥

وأقول :

سبق أنّ حقيقة مختار الأشاعرة نفي سببيّة الأسباب الطبيعيّة واقعا ، ونسبة المسبّبات حقيقة إلى فعل القادر ، بلا دخل للأسباب ، ولا توقّف للمسبّبات عليها عقلا.

وحينئذ فيجوز عقلا وواقعا ـ مع تمام السبب واجتماع الشرائط ـ عدم حصول الرؤية منّا لجبال بحضرتنا ، موصوفة بما وصفها المصنّف ، وعدم سماع الأصوات ، وإحساس حرارة الحديدة ، على ما وصفهما المصنّف ;.

وقد نقل الخصم في آخر كلامه هذا التجويز عن الأشاعرة مع دعوى الجزم بعدمها عادة ، وهو خطأ ؛ لأنّ إثبات العادة على العدم فرع الاطّلاع على الواقع ، والاطّلاع عليه غير ثابت.

بل على قولهم بالجواز العقلي ، يمكن أن تكون العادة على وجود تلك الجبال ، إلّا أنّا لم نطّلع عليها ، فإنّ مجرّد عدم مشاهدتها لا يدلّ على عدمها ؛ لإمكان أن تكون موجودة دائما ونحن لا نشاهدها!

كما أنّ عدم لمسنا لها. وعدم مصادمتها لنا حال السير ، لا يدلّان على انتفائها ؛ لجواز أن لا يخلق الله تعالى اللمس والمصادمة مع وجود سببهما الطبيعي!

وكذا الحال في دعوى حصول العادة على العدم ، بالنسبة إلى الأصوات والحرارة اللتين ذكرهما المصنّف ;.

٦٦

فالحقّ أن لا منشأ للجزم بالعدم سوى ارتكاز وجوب الرؤية والسماع وإحساس الحرارة بالبديهية العقلية عند اجتماع الشرائط ، لكنّ الأشاعرة كابروا ارتكازهم.

وأمّا تفسيره لنفي الوجوب بأنّ الله تعالى قادر على أن يمنع البصر من الرؤية مع وجود الشرائط ، فليس تفسيرا صحيحا.

وقد أراد به إدخال الإيهام والاستهجان على السامع بأنّ القائل بالوجوب ينفي قدرة القادر ، بخلاف الأشاعرة ، وهو ممّا لا يروج على عارف ؛ لأنّا إذا قلنا بوجوب الرؤية عند اجتماع الشرائط يكون عدمها حينئذ ممتنعا.

وقد عرفت أنّ الممتنع ليس محلّا للقدرة ، بلا نفي لها عن محالّها ، ولا نقص فيها.

فالفرق بيننا وبينهم هو أنّا نقول بامتناع عدم الرؤية مع اجتماع شرائطها وتحقّق سببها الطبيعي ، فلا تتعلّق بعدمها القدرة حينئذ لنقص في المحلّ ، وهم يقولون بإمكانه فتتعلّق به ؛ وضرورة العقلاء هي الحاكمة.

وأمّا ما ذكره من وقوع خرق العادة في معجزات الأنبياء ، كالمعجزة المذكورة لنبيّنا ٦ فغير مفيد له ؛ لأنّهذه المعجزة إنّما هي بإيجاد حاجب على خلاف العادة ، لا بعدم الرؤية مع وجود شرائطها.

كما يرشد إلى ذلك قراءة النبيّ ٦ حين خروجه لسورة يس ، فإنّ قوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ )(١) ظاهر في أنّ عدم الرؤية لوجود السدّ والغشاوة.

__________________

(١) سورة يس ٣٦ : ٩.

٦٧

وقد يستفاد من تفريع عدم الإبصار على وجود الغشاوة ، أنّ الإبصار محتاج في ذاته إلى عدم الحاجب ، الذي هو أحد الشروط المتقدّمة.

وأمّا ما نقله عن بعض الأشاعرة ، من حصول جميع شرائط الرؤية لكلّ جزء من أجزاء الجسم الكبير البعيد ، مع عدم ثبوت الرؤية لبعضها ، ففيه :

إنّ فرض حصول الشرائط لجميع الأجزاء يوجب أن يكون تخصيص البعض بالرؤية ترجيحا بلا مرجّح ، وهو باطل.

فلا بدّ من الالتزام بعدم حصول الشرائط لبعضها ، أو الالتزام بتعلّق الرؤية في القرب والبعد بمجموع الجسم لا بأجزائه.

وإنّما يرى كبيرا في القرب ، صغيرا في البعد ، لأمور محتملة

أحدها : إنّ صغر المرئي إنّما هو بحسب صغر الزاوية الجليدية وكبرها ، إن قلنا : إنّ الإبصار بالانطباع.

أو بحسب صغر زاوية مخروط الشعاع وعظمها ، إن قلنا : إنّ الإبصار بخروج الشعاع.

وأورد عليه صاحب « المواقف » بما هو مبنيّ على تركّب الجسم من أجزاء لا تتجزّأ ، وعلى إنّ المرئي حال البعد نفس الأجزاء لا المجموع(١) .

وكلاهما باطل.

واعلم أنّ قول المصنّف ; : « وكذا يكون بحضرتنا أصوات هائلة » دالّ على ما ذكرناه سابقا ، من أنّه أراد بالإدراك ـ في عنوان المسألة ـ مطلق الإحساس الظاهري ، لا خصوص الرؤية.

__________________

(١) انظر : المواقف : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، شرح المواقف ٨ / ١٣٦ ـ ١٣٧.

٦٨

وإنّما لم يتعرّض هنا لتجويزهم عدم إدراك الطعوم والروائح ـ البالغة في الظهور منتهاه ـ مع سلامة الذائقة والشامّة ، واجتماع سائر الشرائط ؛ استغناء عنه ببيان أخواتهما.

٦٩
٧٠

امتناع الإدراك مع فقد الشرائط

قال المصنّف ـ رفع الله درجته ـ(١) :

المبحث الرابع

في امتناع الإدراك مع فقد الشرائط

فجوّزوا في الأعمى إذا كان في المشرق ، أن يشاهد ويبصر النملة الصغيرة السوداء ، على صخرة سوداء ، في طرف المغرب ، في الليل المظلم! [ وبينهما ما بين المشرق والمغرب من البعد ] ، وبينهما حجبت جميع الجبال والحيطان.

ويسمع الأطرش وهو في طرف المشرق أخفى صوت وهو في طرف المغرب!(٢) .

وكفى من اعتقد ذلك نقصا ، ومكابرة للضرورة ، ودخولا في السفسطة.

[ هذا اعتقادهم! وكيف(٣) يجوز لعاقل أن يقلّد من كان هذا

__________________

(١) نهج الحقّ : ٤٢ ـ ٤٤.

(٢) انظر : شرح المواقف ٨ / ١٣٩ ، شرح التجريد ـ للقوشجي ـ : ٤٣٦ المقصد الثالث.

(٣) كان في المصدر : « وكيف من » ولا يستقيم الكلام بإثبات « من » هنا ، فحذفناها.

٧١

اعتقاده؟! ].

وما أعجب حالهم! يمنعون من لزوم(١) مشاهدة أعظم الأجسام قدرا ، وأشدّها لونا وإشراقا ، وأقربها إلينا ، مع ارتفاع الموانع ، وحصول الشرائط! و [ من ] سماع الأصوات الهائلة القريبة! ويجوّزون مشاهدة الأعمى لأصغر الأجسام وأخفاها في الظلم الشديدة ، وبينهما غاية البعد! وكذا في السماع!

فهل بلغ أحد من السوفسطائية ـ في إنكار المحسوسات ـ إلى هذه الغاية ، ووصل إلى هذه النهاية؟!

مع إنّ جميع العقلاء حكموا عليهم بالسفسطة ، حيث جوّزوا انقلاب الأواني التي في دار الإنسان ، حال خروجه ، أناسا فضلاء مدقّقين في العلوم ، حال الغيبة!

وهؤلاء جوّزوا حصول مثل هذه الأشخاص في الحضور ، ولا يشاهدون ، فهم أبلغ في السفسطة من أولئك!

فلينظر العاقل المنصف المقلّد لهم! هل يجوز له أن يقلّد مثل هؤلاء القوم ، ويجعلهم واسطة بينه وبين الله تعالى ، ويكون معذورا برجوعه إليهم وقبوله منهم ، أو لا؟!

فإن جوّز ذلك لنفسه ـ بعد تعقّل ذلك وتحصيله ـ فقد خلّص المقلّد من إثمه ، وباء هو بالإثم ؛ نعوذ بالله من مزالّ الأقدام!

وقال بعض الفضلاء(٢) ـ ونعم ما قال ـ : كلّ عاقل جرّب الأمور

__________________

(١) ليست في المصدر.

(٢) انظر مؤدّاه في الرسالة السعدية : ٤٣.

٧٢

فإنّه لا يشكّ في إدراك السليم حرارة النار إذا بقي فيها مدّة مديدة حتّى تنفصل أعضاؤه.

ومحالّ أن يكون أهل بغداد ـ على كثرتهم وصحّة حواسّهم ـ يجوز عليهم جيش عظيم ، ويقتلون ، وتضرب فيهم البوقات الكثيرة ، ويرتفع الريح ، وتشتدّ الأصوات ، ولا يشاهد ذلك أحد منهم ، ولا يسمعه!

ومحال أن يرفع أهل الأرض ـ بأجمعهم ـ أبصارهم إلى السماء ، ولا يشاهدونها!

ومحال أن يكون في السماء ألف شمس ، وكلّ واحدة منها ألف ضعف من هذه الشمس ، ولا يشاهدونها!

ومحال أن يكون لإنسان واحد ، مشاهد أنّ عليه رأسا واحدا ، ألف رأس لا يشاهدونها ، وكلّ واحد منها مثل الرأس الذي يشاهدونه!

ومحال أن يخبر واحد بأعلى صوته ألف مرّة ، بمحضر ألف نفس ، كلّ واحد منهم يسمع جميع ما يقوله ، بأنّ زيدا ما قام ، ويكون قد أخبر بالنفي ، ولم يسمع الحاضرون حرف النفي ، مع تكرّره ألف مرّة ، وسماع كلّ واحد منهم جميع ما قاله!

بل علمنا بهذه الأشياء أقوى بكثير من علمنا بأنّه حال خروجنا من منازلنا ، لم تنقلب الأواني ـ التي فيها ـ أناسا مدقّقين في علم المنطق والهندسة.

وأنّ ابني الذي شاهدته بالأمس ، هو الذي شاهدته الآن.

وأنّه لم(١) يحدث حال تغميض العين ألف شمس ، ثمّ تعدم عند

__________________

(١) سقطت من المصدر.

٧٣

فتحها.

مع إنّ الله تعالى قادر على ذلك كلّه(١) ، وهو في نفسه ممكن.

وأنّ المولود الرضيع ـ الذي يولد في الحال ـ إنّما يولد من الأبوين ، ولم يمرّ عليه ألف سنة ، مع إمكانه في نفسه ، وبالنظر إلى قدرة الله تعالى.

وقد نسبت السوفسطائية إلى الغلط ، وكذّبوا كلّ التكذيب في هذه القضايا الجائزة ، فكيف بالقضايا التي جوّزها الأشاعرة التي تقتضي زوال الثقة عن المشاهدات؟!

ومن أعجب الأشياء جواب رئيسهم ، وأفضل متأخّريهم ، فخر الدين الرازي في هذا الموضع ، حيث قال :

« يجوز أن يخلق الله تعالى في الحديدة المحماة بالنار برودة عند خروجها من النار ، فلهذا لا يحسّ بالحرارة ، واللون الذي فيها ، والضوء المشاهد منها يجوز أن يخلقه الله تعالى في الجسم البارد »(٢) .

وغفل عن أنّ هذا ليس بموضع النزاع ؛ لأنّ المتنازع فيه أنّ الجسم الذي هو في غاية الحرارة ، يلمسه الإنسان الصحيح البنية ، السليم الحواسّ ، حال شدّة حرارته ، ولا يحسّ بتلك الحرارة ؛ فإنّ أصحابه يجوزون ذلك ، فكيف يكون ما ذكره جوابا؟!

__________________

(١) ليست في المصدر.

(٢) انظر مؤدّاه في : المطالب العالية من العلم الإلهي ٣ / ٢٨٣.

٧٤

وقال الفضل(١) :

حاصل جميع ما ذكره في هذا الفصل ـ بعد وضع القعقعة ـ : أنّ الأشاعرة لا يعتبرون وجود الشرائط وعدمها في تحقّق الرؤية وعدم تحقّقها ، ولعدم هذا الاعتبار دخلوا في السوفسطائية.

ونحن نبيّن لك حاصل كلام الأشاعرة في الرؤية ، لتعرف أنّ هذا الرجل ـ مع فضيلته ـ قد أخذ [ سبل(٢) ] التعصّب عين بصيرته! فنقول :

ذهب السوفسطائية إلى نفي حقائق الأشياء ، فهم يقولون : إنّ حقيقة كلّ شيء ليست حقيقته ، فالنار ليست بالنار ، والماء ليس بالماء ، ويجوز أن تكون حقيقة الماء حقيقة النار ، وحقيقة الماء حقيقة الهواء ، وليس لشيء حقيقة ما ، فيلزمهم أن تكون النار التي نشاهدها لا تكون نارا ، بل ماء وهواء أو غير ذلك.

وهذا هو السفسطة.

ويجرّ هذا إلى ارتفاع الثقة من المحسوسات ، وتبطل به الحكمة الباحثة عن معرفة الأشياء.

وأمّا حاصل كلام الأشاعرة في مبحث الرؤية وغيرها ـ ممّا ذكره هذا الرجل ـ فهو : أنّ الاشياء الموجودة عندهم إنّما تحصل وتوجد بإرادة

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ١١١ ـ ١١٤.

(٢) السبل : داء في العين شبه غشاوة كأنّها نسج العنكبوت بعروق حمر ؛ انظر : الصحاح ٥ / ١٧٢٤ ، لسان العرب ٦ / ١٦٤ ، تاج العروس ١٤ / ٣٢٧ ، مادّة « سبل ».

٧٥

الفاعل المختار وقدرته ، التي هي العلّة التامّة لوجود الأشياء.

فإذا كانت القدرة هي العلّة التامّة ، فلا يكون وجود شيء واجبا عند حصول الأسباب الطبيعيّة ، ولا يكون شيء مفقودا بحسب الوجود(١) عند فقدان الأسباب والشرائط.

ولكن جرت عادة الله تعالى في الموجودات أنّ الأشياء تحصل عند وجود شرائطها ، وتنعدم عند انعدامها ، فهذه العادة في الطبيعة جرت مجرى الوجوب.

فالشيء الذي له شرائط في الوجود ، يجب تحقّقه عند وجود تلك الشرائط ، وانتفاؤه عند انتفائها ، بحسب ما جرى من العادة.

وإن كان ذلك الشيء ـ بالنسبة إلى القدرة ـ غير واجب ، لا في صورة التحقّق ، لتحقّق الشرائط ، ولا في صورة الانتفاء ، لانتفائها ، بل جاز في العقل تحقّق الشرائط وتخلّف ذلك الشيء ، وجاز تحقّقه مع انتفاء الشرائط ، إذ لم يلزم منه محال عقلي ، وذلك بالنسبة إلى قدرة المبدئ ، الذي هو الفاعل المختار.

مثلا : الرؤية التي نباحث فيها لها شرائط ، وجب تحقّقها عند تحقّقها ، وامتنع وقوعها عند فقدان الشرائط.

كلّ ذلك بحسب ما جرى من عادة الله تعالى في خلق بعض الموجودات ، بإيجاده عند وجود الأسباب الطبيعيّة ، دون انتفائها.

فعدم تحقّق الرؤية عند وجود الشرائط ، [ أ ] وتحقّقها عند فقدان الشرائط ، محالّ عاديّ(٢) ؛ لأنّه جار على خلاف عادة الله تعالى ، وإن كان

__________________

(١) في المصدر : الوجوب.

(٢) في المصدر : عادة.

٧٦

جائزا عقلا إذا جعلنا قدرة الفاعل وإرادته علّة تامّة لوجود الأشياء.

هذا حاصل مذهب الأشاعرة.

فيا معشر الأذكياء! أين هذا من السفسطة؟!

وإذا عرفت هذا سهل عليك جواب كلّ ما أورده هذا الرجل في هذه المباحث من الاستبعادات والتشنيعات.

وأمّا جواب الإمام الرازي فهو واقع بإزاء الاستبعاد ، فإنّهم يستبعدون أنّ الحديدة المحماة الخارجة من التنوّر يجوز عقلا أن لا تحرق شيئا.

فذكر الإمام وجه الجواز عقلا بخلق الله تعالى عقيب الخروج من التنّور برودة في تلك الحديدة ؛ فيكون جوابه صحيحا.

والله أعلم بالصواب.

وأمّا قوله : « إنّ المتنازع فيه أنّ الجسم الذي في غاية الحرارة ، يلمسه الإنسان الصحيح البنية ، السليم الحواسّ ، حال شدّة حرارته ، ولا يحسّ بتلك الحرارة ؛ فإنّ أصحابه يجوّزون ذلك ».

فنقول فيه : قد عرفت آنفا ما ذكرناه من معنى هذا التجويز ، وأنّه لا ينافي الاستحالة عادة ، فهم لا يقولون : إنّ هذا ليس بمحال عادة ، ولكن لا يلزم منه محال عقلي ـ كاجتماع الوجود والعدم ـ ، فيجوز أن تتعلّق به القدرة الشاملة الإلهية ، وتمنع الحرارة عن التأثير.

ومن أنكر هذا ، فلينكر كون النار بردا وسلاما على إبراهيم.

٧٧

وأقول :

ما ذكره من مغايرة الأشاعرة للسوفسطائية في خصوصيات الأقوال ، لا ينافي مشابهتهم لهم في مخالفة الضرورة ، كما هو مطلوب المصنّف ;.

فالمراد أنّهم مثلهم في إنكار المحسوسات الضرورية ، وغلطهم فيها غلطا بيّنا يستوضحه كلّ ذي عقل.

وأمّا ما ذكره في بيان مذهب الأشاعرة ، فهو تكرير لما سبق ، وقد عرفت أنّ قولهم بنفي سببية الأسباب الطبيعية واقعا ، وجواز تخلّف المسبّبات عنها ، وجواز وجود المسبّبات بدونها ، مخالف للضرورة ، ومستلزم لعدم صحّة الحكم على الجسم بالحدوث ، وعلى المركّب بالإمكان إلى غير ذلك ممّا سبق.

مع إنّ تجويز رؤية الأعمى ، وسماع الأطرش ـ العادمين لقوّتي البصر والسمع ـ مستلزم لجواز قيام العرض بلا معروض ، وهو محال.

وفرض قوّة أخرى يجعل النزاع لفظيا ، وهو ليس كذلك ، فلا يمكن تخلّف المسبّب عن سببه الطبيعي ، ولا وجوده بدونه ، بلا منافاة في ذلك لعموم القدرة ، لاعتبار الإمكان في محلّها ، كما سبق.

فكما لا يصحّ تعلّقها بإيجاد شريك الباري سبحانه ، وبالجمع بين الوجود والعدم ، لا يصحّ تعلّقها بالمسبّب بدون السبب المفروض السببية.

وأمّا ما يظهر منه من كون القدرة علّة تامّة لوجود الأشياء ، فخطأ

٧٨

ظاهر ، لاستلزامه قدم الحادثات ، أو حدوث القدرة.

ولمّا أنكر الأشاعرة علّيّة الأسباب الطبيعية ـ والحال أنّها من أظهر أحوال الموجودات ـ لزمهم نفي الثقة بالموجودات البديهية ـ من المحسوسات وغيرها ـ ودخلوا في السوفسطائية ، المخالفين للبديهة.

وأمّا ما ذكره في توجيه جواب الرازي ، فمنحلّ إلى أنّه إقناعيّ خارج عن محلّ الكلام ، وأنت تعلم أنّ مثله لا يقع في بحث العلماء.

وأمّا قوله : « ومن أنكر ذلك ، فلينكر كون النار بردا وسلاما على إبراهيم » ، فمدفوع بأنّ صريح الآية الكريمة صيرورة النار بردا ـ كما في فرض الرازي ـ ، فلا دخل لها بمطلوبه من عدم تأثيرها للإحراق حال حرارتها.

٧٩
٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

التقوى(١) وحسن الخلق ».

[٩٩٣٧] ٢ - وبهذا الإسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: ليس شئ أثقل في الميزان من الخلق الحسن ».

[٩٩٣٨] ٣ - وبهذا الإسناد: عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: « قيل: يا رسول الله، ما أفضل حال أعطي للرجل؟ قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : الخلق الحسن، إنّ أدناكم منّي وأوجبكم عليّ شفاعة، أصدقكم حديثاً، وأعظمكم أمانة، وأحسنكم خلقاً، وأقربكم من الناس ».

[٩٩٣٩] ٤ - وبهذا الإسناد: عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « أُتي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ بسبعة أسارى، فقال لي: يا علي قم فاضرب أعناقهم، قال: فهبط جبرئيلعليه‌السلام في طرف العين، فقال: يا محمد اضرب أعناق هؤلاء الستّة، وخلّ عن هذا، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : يا جبرئيل، ما بال هذا من بينهم؟ فقال: لأنه كان حسن الخلق، سخيّاً على الطعام، سخيّ الكفّ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : فقلت: يا جبرئيل، عنك أو عن ربّك؟ فقال: لا، بل عن ربّك عزّوجلّ يا محمد ».

[٩٩٤٠] ٥ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد، عن

__________________

(١) في المصدر: تقوى الله.

٢ - الجعفريات ص ١٥٠.

٣ - الجعفريات ص ١٥٠.

٤ - الجعفريات ص ١٥١.

٥ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٧.

٤٤١

ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إنّ صاحب(١) الخلق الحسن، له أجر الصائم القائم ».

[٩٩٤١] ٦ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب المسلسلات: حدثنا علي بن أحمد الأسواري المذكر، قال: حدثي أبو يوسف أحمد بن محمد بن قيس المذكر السنجري، قال: حدثني أبو محمد عبد العزيز بن علي السرخسي، قال: حدثني أبو بكر أحمد بن عمران البغدادي، قال: حدثني أبو الحسن، قال: حدثني أبو الحسن، قال: حدثني أبو الحسن، قال: حدثني الحسن، قال: حدثني الحسن، قال: حدثني الحسنعليه‌السلام : « أن أحسن الحسن الخلق الحسن ».

أمّا أبو الحسن الأول: فهو محمد بن عبد الرحيم التستري.

وأمّا أبو الحسن الثاني: فعلي بن أحمد البصري التمّار.

وأمّا أبو الحسن الثالث: فعلي بن محمد الواقدي.

وأمّا الحسن الأول: فالحسن بن عرفة العبدي.

وأمّا الحسن الثاني: فالحسن بن أبي الحسن البصري.

وأمّا الحسن الثالث: فالحسن بن علي بن أبي طالبعليهما‌السلام .

[٩٩٤٢] ٧ - الصدوق في الأمالي وفضائل الأشهر: عن صالح بن عيسى، عن محمد بن علي بن علي، عن محمد بن الصلت، عن محمد بن بكير،

__________________

(١) ليس في المصدر.

٦ - المسلسلات ص ١١٠.

٧ - أمالي الصدوق ص ١٩٢ ح ١، فضائل الأشهر الثلاثة ص ١١٢ ح ١٠٧.

٤٤٢

عن عباد بن عباد المهلبي، عن سعد بن عبد الله، عن هلال بن عبد الله(١) ، عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيّب، عن عبد الرحمن بن سمرة، قال: كنّا عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال: « [ إني ](٢) رأيت البارحة عجائب » [ قال ](٣) فقلنا: يا رسول الله وما رأيت؟ حدثنا به - إلى أن قال - فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « رأيت رجلاً من أُمتي جاثياً على ركبتيه، بينه وبين رحمة الله حجاب، فجاءه حسن خلقه، فأخذ بيده وأدخله في رحمة الله » الخبر.

[٩٩٤٣] ٨ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أروي عن العالمعليه‌السلام ، أنه قال: عجبت لمن يشتري العبيد بماله فيعتقهم، كيف لا يشتري الأحرار بحسن خلقه؟! ».

وقالعليه‌السلام : « ولا عيش أغنى(١) من حسن الخلق ».

[٩٩٤٤] ٩ - سبط الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « [ الا ](١) إن الله عزّوجلّ ارتضى لكم الاسلام ديناً فأحسنوا صحبته، بالسخاء وحسن الخلق ».

[٩٩٤٥] ١٠ - وعنهعليه‌السلام : « قال [ كان ](١) علي بن الحسينعليهما‌السلام [ يقول ](٢) : « إنّ المعرفة بكمال دين المسلم، تركه

__________________

(١) في الأمالي عبد الرحمن وهو الصواب راجع (لسان الميزان ج ٦ ص ٢٠٢ وميزان الاعتدال ج ٤ ص ٣١٥).

(٢) أثبتناه من الأمالي.

(٣) أثبتناه من المصدرين.

٨ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٨.

(١) أهنأ.

٩ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٠ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٤٤٣

الكلام فيما لا يعنيه، وقلّة مرائه، وصبره، وحسن خلقه ».

وعنهعليه‌السلام قال: « إن حسن الخلق من الدين ».

[٩٩٤٦] ١١ - وعنهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إن الله اختار الإسلام ديناً فأحسنوا صحبته، بالسخاء وحسن الخلق، فإنّه لا يصلح إلّا بهما ».

وعنهعليه‌السلام قال: « لا حسب كحسن الخلق ».

[٩٩٤٧] ١٢ - وعنهعليه‌السلام : عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: قال: « إنّ الخلق الحسن يذيب الذنوب، كما تذيب الشمس الجمد(١) ، وأن الخلق السئ يفسد العمل، كما يفسد الخلّ العسل ».

وعنهعليه‌السلام قال: « حسن الخلق يزيد في الرزق ».

[٩٩٤٨] ١٣ - وعن أبي الحسنعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ما حسن الله خلق عبده(١) وخُلقه، إلّا استحيى أن يطعم النار من لحمه ».

[٩٩٤٩] ١٤ - عن بحر السقا قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « يا بحر، حسن الخلق يسرُ، ثم قال: ألا أُخبرك بحديث ما هو في يد أحد من أهل المدينة؟ قلت: بلى، قال: بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌

__________________

١١ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

١٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٢١.

(١) الجمد بالتحريك: الماء الجامد. الثلج (لسان العرب ج ٣ ص ١٢٩).

١٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٢.

(١) في المصدر: عبد.

١٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٢.

٤٤٤

ذات يوم جالس في المسجد، إذ جاءت جارية لبعض الأنصار، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قائم(١) فأخذت بطرف ثوبه، فقام لها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ [ فلم تقل شيئاً ](٢) ولم يقل لها شيئاً، حتى فعلت ذلك ثلاث مرات، فقام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ في الرابعة، وهي خلفه، فأخذت هدبة من ثوبه ثم رجعت، فقال الناس: فعل الله بك وفعل، حبست رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ثلاث مرّات، لا تقولين له شيئاً، ولا يقول هو لك [ شيئاً ](٣) ، ما كانت حاجتك؟ قالت: إنّ لنا مريضاً، فأرسلني أهلي لأخذ هدبة من ثوبه يستشفي(٤) بها، فلمّا أردت أخذها رآني فقام فاستحييت أن آخذها، وهوصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ يراني، وأكره أن استأمره في أخذها حتى أخذتها ».

[٩٩٥٠] ١٥ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « يا بني عبد المطلب، إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر ».

[٩٩٥١] ١٦ - وعن الباقرعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : مروّة الرجل خلقه ».

[٩٩٥٢] ١٧ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من سعادة الرجل حسن الخلق ».

__________________

(١) كذا والظاهر مصحف « جالس ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر: يشتفي.

١٥ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٢.

١٦ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٣.

١٧ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٣.

٤٤٥

[٩٩٥٣] ١٨ - وعن كتاب زهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : سئل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ما أفضل ما أُعطي الإنسان؟ فقال: « حسن الخلق ».

[٩٩٥٤] ١٩ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال: يا رسول الله، أيّ الناس أكمل إيماناً؟ قال: أحسنهم خلقاً، ثم جاءه من بين يديه، ثم جاءه من خلفه، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : قد قلت لك ».

[٩٩٥٥] ٢٠ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ أيضا: « ما عمل أثقل في الميزان من حسن الخلق، وإن العبد ليدرك بحسن الخلق درجة الصالحين ».

[٩٩٥٦] ٢١ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « ما اصطحب قوم في وجه لله فيه رضى، إلّا كان أعظمهم أجراً أحسنهم خلقاً، وإن كان فيهم أكثر اجتهاداً منه ».

[٩٩٥٧] ٢٢ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لا يلقى الله عبداً بمثل خصلتين: طول الصمت، وحسن الخلق ».

[٩٩٥٨] ٢٣ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « حسن الخلق يمن، وشرّ الخلق نكد، وطاعة المرأة ندامة، والصدقة تدفع ميتة السوء ».

[٩٩٥٩] ٢٤ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « من سعادة المرء حسن

__________________

١٨ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٤.

١٩ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٤.

٢٠ - الأخلاق: مخطوط، وأخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٨٩ ح ٤٤ عن أمالي الطوسي.

٢١ - ٢٤ - الأخلاق: مخطوط.

٤٤٦

الخلق، ومن شقاوته سوء الخلق ».

[٩٩٦٠] ٢٥ - قيل: يا رسول الله، أي المؤمنين أفضل؟ قال: « من لم يكن في قلبه غش لمؤمن، ولا حسد له » قيل: ثم من؟ قال: « الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة » قيل: ثم من؟ قال: « الخلق الحسن ».

[٩٩٦١] ٢٦ - وقيل لهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : ما الذي يلج به الناس الجنّة؟ قال: « تقوى الله، وحسن الخلق ».

[٩٩٦٢] ٢٧ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « إن من إسلام المرء حسن خلقه، وترك ما لا يعنيه ».

[٩٩٦٣] ٢٨ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « خياركم أحسنكم أخلاقاً، وأخفكم مؤونة، وأخفضكم لأهله ».

[٩٩٦٤] ٢٩ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « يا أيّها الناس، إنّي أعلم أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، ولكن بالطلاقة وحسن الخلق ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « لا حسب كحسن الخلق »(١) .

[٩٩٦٥] ٣٠ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « الوشيك الرضى، البعيد

__________________

٢٥ - الأخلاق: مخطوط.

٢٦ - الأخلاق: مخطوط، وأخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٧٥ ح ٦ عن الكافي ج ٢ ص ٨ ح ٦.

٢٧ و ٢٨ - الأخلاق: مخطوط.

٢٩ - الأخلاق: مخطوط، أخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٩٥ ح ٧١ عن كتاب الزهد ص ٢٨ ح ٦٩.

(١) مشكاة الأنوار ص ٢٢١ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

٣٠ - الأخلاق: مخطوط.

٤٤٧

الغضب، من أحسن الخلق خلقاً ».

[٩٩٦٦] ٣١ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن القسم بن محمد، عن سليمان بن داود، عن حمّاد بن عيسى، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: « قال لقمان: يا بني، إيّاك والضجر وسوء الخلق، - إلى أن قال - وحسّن مع جميع الناس خلقك، يا بني أن عدمك(١) ما تصل به قرابتك، وتتفضل به على إخوانك، فلا يعد منَّك حسن الخلق وبسط البشر، فإنّه من أحسن خلقه، أحبّه الأخيار وجانبه الفجار » الخبر.

[٩٩٦٧] ٣٢ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « الخلق الحسن جمال في الدنيا، ونزهة في الآخرة، وبه كمال الدين، والقربة إلى الله تعالى، ولا يكون حسن الخلق إلّا في كلّ (نبي ووليّ ووصي)(١) ، لأنّ الله تعالى أبى أن يترك ألطافه وحسن الخلق، إلّا في مطايا نوره الأعلى وجماله الأزكى، لأنّها خصلة يختصّ بها (الأعرفون به)(٢) ، ولا يعلم ما في حقيقة حسن الخلق إلّا الله عزّوجلّ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : حاتم زماننا حسن الخلق، والخلق الحسن الطف شئ في الدين، وأثقل شئ في الميزان، وسوء الخلق يفسد العمل كما يفسد الخل العسل، وإن ارتقى في الدرجات فمصيره إلى الهوان.

__________________

٣١ - قصص الأنبياء ص ١٩٨، وعنه في البحار ج ١٣ ص ٤١٩ ح ١٤.

(١) في المصدر: عدتك.

٣٢ - مصباح الشريعة ص ٣٣٨.

(١) في المصدر: ولي وصفي.

(٢) في المصدر: الأعرف بربّه.

٤٤٨

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : حسن الخلق شجرة في الجنّة، وصاحبه متعلّق بغصنها يجذبه إليها، وسوء الخلق شجرة في النار، وصاحبه(٣) متعلق بغصنها يجذبه إليها ».

٨٨ -( باب استحباب الألفة بالناس)

[٩٩٦٨] ١ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « أقربكم منّي مجلساً في الجنّة، أحسنكم أخلاقاً في الدنيا الموطئون أكنافهم، الذين يألفون ويؤلفون ».

[٩٩٦٩] ٢ - القاضي القضاعي في الشهاب: عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « المؤمن ألف مألوف ».

[٩٩٧٠] ٣ - أبو علي بن الشيخ الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن جماعة، عن أبي المفضل، عن جعفر بن محمد العلوي، عن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، عن الحسين بن زيد بن عليعليه‌السلام ، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، عن أمير المؤمنينعليهم‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: المؤمن غرّ كريم، والفاجر خب(١) لئيم، وخير المؤمنين من كان مألفه للمؤمنين، ولا خير فيمن لا يألف ولا

__________________

(٣) في المصدر: فصاحبها.

الباب ٨٨

١ - الأخلاق: مخطوط، وأخرجه في البحار ج ٧١ ص ٣٩٦ ح ٧٦ عن الزهد ص ٣٠ ح ٧٤ باختلاف يسير.

٢ - الشهاب ص ٤٦ ح ١١٠.

٣ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٧٧.

(١) الخب بالفتح: الخدّاع وهو الذي يسعى بين الناس بالفساد. ومنه الحديث (الفاجر خب لئيم) (النهاية ج ٢ ح ٤).

٤٤٩

يؤلف(٢) » الخبر.

[٩٩٧١] ٤ - سبط الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « خياركم أحسنكم أخلاقاً، الذين يألفون ويؤلفون ».

[٩٩٧٢] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « طوبى لمن يألف الناس ويألفونه على طاعة الله ».

٨٩ -( باب استحباب كون الإنسان هيّناً ليّناً)

[٩٩٧٣] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : المؤمنون هيّنون ليّنون، كالجمل الأنوف(١) إن استنخته أناخ ».

القاضي(٢) في الشهاب: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : مثله.

[٩٩٧٤] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: أن ذا القرنين قال لبعض الملائكة: علمني شيئاً أزداد به إيماناً، فقال له الملك: لا تهتم

__________________

(٢) في المصدر: يؤالف.

٤ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

٥ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

الباب ٨٩

١ - الجعفريات ص ١٧٠.

(١) في المصدر: الأتوف، وجاء في هامش المخطوط: الأنف، نسخة الشهيد. الجمل الأَنِف: هو الجمل الذي يجعل في أنفه خزام فيكون سهل القياد. (لسان العرب ج ٩ ص ١٣).

(٢) الشهاب ص ٤٨ ح ١١٩، قطعة.

٢ - الأخلاق: مخطوط.

٤٥٠

لغد، واعمل في اليوم لغد - إلى أن قال - وكن سهلاً ليّناً للقريب والبعيد، لا تسلك سبيل الجبّار العنيد.

[٩٩٧٥] ٣ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « رحم الله كلّ سهل طلق ».

[٩٩٧٦] ٤ - الحسن بن فضل في مكارم الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال لعبد الله بن مسعود: « يا ابن مسعود، عليك بالسكينة والوقار، وكن سهلاً ليّناً عفيفاً مسلماً » الخبر.

٩٠ -( باب استحباب طلاقة الوجه وحسن البشر)

[٩٩٧٧] ١ - ثقة الإسلام في الكافي: عن محمد بن جعفر، عن محمد بن إسماعيل، عن عبد الله بن داهر، عن الحسن بن يحيى، عن قثم أبي قتادة(١) ، عن عبد الله بن يونس، عن أبي عبد الله، قال: « قال أمير المؤمنينعليهما‌السلام لهمام: يا همام، المؤمن هو الكيّس الفطن، بشره في وجهه، وحزنه في قلبه إلى أن قال هشّاش بشّاش لا بعبّاس ».

[٩٩٧٨] ٢ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ثلاث من أتى الله بواحدة منهن أوجب الله له

__________________

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٨٠.

٤ - مكارم الأخلاق ص ٤٥٦.

الباب ٩٠

١ - الكافي ج ٢ ص ١٧٩ ح ١.

(١) كان في المخطوط: « قثم بن أبي قتادة » وهو سهو، راجع معجم الرجال ج ١٤ ص ٧٦ ح ٩٥٩٨.

٢ - مشكاة الأنوار ص ١٧٩.

٤٥١

الجنّة: الإنفاق من الإقتار، والبشر بجميع العالم، والإنصاف من نفسه ».

[٩٩٧٩] ٣ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « البشر الحسن وطلاقة الوجه، مكسبة للمحبّة وقربة من الله عزّوجلّ، وعبوس الوجه وسوء البشر، مكسبة للمقت وبعد من الله، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : أنكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فالقوهم بطلاقة الوجه وحسن البشر ».

[٩٩٨٠] ٤ - الآمدي في الغرر: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: « بالبشر وبسط الوجه، يحسن موقع البذل ».

وقالعليه‌السلام (١) : « بشرك يدلّ على كرم نفسك بشرك(٢) أوّل برّك، بشرك يطفئ نار المعاندة ».

وقالعليه‌السلام (٣) : « حسن البشر أوّل العطاء وأفضل(٤) السخاء، حسن البشر إحدى البشارتين(٥) ».

وقالعليه‌السلام : « البشر شيمة كلّ حرّ ».

وقالعليه‌السلام (٦) : « حسن البشر من علائم(٧) النجاح ».

__________________

٣ - مشكاة الأنوار ص ١٧٩.

٤ - غرر الحكم ودرر الكلم ص ٣٣٦ ح ١٣٥.

(١) نفس المصدر ص ٣٤٥ ح ٣٢.

(٢) نفس المصدر ص ٣٤٥ ح ٣١.

(٣) نفس المصدر ص ٣٧٨ ح ٣٢.

(٤) في المصدر: وأسهل.

(٥) نفس المصدر ص ٣٧٩ ح ٦٤.

(٦) نفس المصدر ص ٣٨٠ ح ٦٣.

(٧) في المصدر: دعائم.

٤٥٢

وقالعليه‌السلام (٨) : « طلاقة الوجه بالبشر والعطيّة، وفعل البرّ وبذل التحيّة، داع إلى محبّة البريّة ».

[٩٩٨١] ٥ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال - وعدّ منها: بشره في وجهه، إلى أن قال - هشاشاً بشاشاً، لا حساس ولا جسّاس »(١) الخبر.

٩١ -( باب وجوب الصدق)

[٩٩٨٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : إن أدناكم منّي وأوجبكم عليّ شفاعة أصدقكم حديثاً » الخبر.

[٩٩٨٣] ٢ - وبهذا الإسناد: عن عليعليه‌السلام : قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: إنّ من مكارم الأخلاق، صدق الحديث » الخبر.

__________________

(٨) نفس المصدر ص ٤٧٣ ح ٤٩.

٥ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

(١) تجسس الخبر: تطلّبه وتبحّثه. تجسست الخبر وتحسسته بمعنى واحد.

لسان العرب (حسس) ص ٦ ح ٥٠ وفي النهاية التجسس بالجيم: التفتيش عن بواطن الأمور وأكثر ما يقال في الشر ص ١ ح ٢٧٢.

الباب ٩١

١ - الجعفريات ص ١٥٠.

٢ - الجعفريات ص ١٥١.

٤٥٣

[٩٩٨٤] ٣ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « والله أن العبد ليصدق حتى يكتبه الله من الصادقين، ويكذب حتى يكتب من الكاذبين، وإذا صدق قال الله: صدق وبرّ(١) ، وإذا كذب قال الله: كذب وفجر ».

[٩٩٨٥] ٤ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : بم يعرف المؤمن؟ قال: « بوقاره، ولينه، وصدق حديثه ».

[٩٩٨٦] ٥ - الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً من المحاسن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن الله تبارك وتعالى لم يبعث نبيّاً قطّ، إلّا بصدق الحديث، وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر ».

وقالعليه‌السلام : « من يصدق(١) لسانه زكا عمله ».

[٩٩٨٧] ٦ - وعنهعليه‌السلام قال: « إنّ العبد ليصدق حتى يكتب عند الله عزّوجلّ من الصادقين، ويكذب حتى يكتب عند الله عزّوجلّ من الكاذبين، وإذا صدق قال الله عزّوجلّ: صدق وبرّ، وإذا كذب قال الله عزّوجلّ: كذب وفجر ».

[٩٩٨٨] ٧ - وقال عليعليه‌السلام : « الصدق يهدي إلى البرّ، والبرّ

__________________

٣ - كتاب جعفر بن محمد بن شريح الحضرمي ص ٦٤.

(١) وبرّ: ليس في المصدر.

٤ - الأخلاق: مخطوط.

٥ - مشكاة الأنوار ص ١٧١.

(١) في المصدر: صدق.

٦ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٧ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٤٥٤

يدعو إلى الجنّة، وما يزال أحدكم يصدق حتى لا يبقى في قلبه موضع إبرة من كذب، حتى يكون عند الله صادقاً ».

[٩٩٨٩] ٨ - وقال عليعليه‌السلام أيضاً: « إنّ من حقيقة الإيمان، أن يؤثر العبد الصدق حيث يضرّ على الكذب حيث ينفع، ولا يعدو المرء بمقالة عمله ».

[٩٩٩٠] ٩ - وقال أيضاًعليه‌السلام في خطبة طويلة: « أيّها الناس، ألا فاصدقوا إنّ الله مع الصادقين، وجانبوا الكذب فإنّه مجانب للإيمان، الا إنّ الصادق على [ شفا ](١) منجاة وكرامة، الا إنّ الكاذب على شفا ردى وهلكة ».

[٩٩٩١] ١٠ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « أربع من كنّ فيه كمل إسلامه، ومحيت(١) ذنوبه، ولقي ربّه وهو عنه راض: وفاء لله بما يجعل على نفسه للناس، وصدق لسانه مع الناس، والإستحياء من كلّ قبيح عند الله وعند الناس، وحسن خلقه مع أهله »

[٩٩٩٢] ١١ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كونوا دعاة للناس إلى الخير بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع ».

[٩٩٩٣] ١٢ - وعن الباقرعليه‌السلام ، قال: « يا ربيع، إن الرجل

__________________

٨ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٩ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٠ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

(١) في المصدر: محصت.

١١ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

١٢ - مشكاة الأنوار ص ١٧٢.

٤٥٥

ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً ».

[٩٩٩٤] ١٣ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « الصدق نور متشعشع في عالمه كالشمس، يستضئ بها كلّ شئ بمعناه،(١) من غير نقصان يقع على معناها - إلى أن قال - وقال أمير المؤمنين عليعليه‌السلام : الصدق سيف الله في أرضه وسمائه: أينما هوى به نفد(٢) » الخ.

[٩٩٩٥] ١٤ - الحسن فن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال لعبد الله بن معسود: « يا ابن مسعود عليك بالصدق، ولا تخرجن من فيك كذبة أبداً ».

[٩٩٩٦] ١٥ - كتاب العلاء بن رزين: عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم، ليروا منكم الاجتهاد والصدق والورع ».

[٩٩٩٧] ١٦ - الديلمي في إرشاد القلوب: عن عبد الله بن عمر، قال: جاء رجل إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، فقال: يا رسول الله، ما عمل أهل الجنّة؟ قال: « الصدق، إذا صدق العبد برّ، وإذا برّ آمن، وإذا آمن دخل الجنّة ».

[٩٩٩٨] ١٧ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ،

__________________

١٣ - مصباح الشريعة ص ٤٠٦.

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: بمعناها.

(٢) كذا في المصدر، وفي المخطوط: يقده.

١٤ - مكارم الأخلاق ص ٤٥٨.

١٥ - كتاب العلاء بن رزين ص ١٥١.

١٦ - إرشاد القلوب ص ١٨٥.

١٧ - لبّ اللباب:

٤٥٦

قال: « تحرّوا الصدق، فإن رأيتم فيه الهلكة فإنّ فيه النجاة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « عليكم بالصدق فإنّه من البرّ وأنّه في الجنّة ».

٩٢ -( باب استحباب الصدق في الوعد، ولو انتظر سنة)

[٩٩٩٩] ١ - الطبرسي في المشكاة: عن الرضاعليه‌السلام ، قال: « إنا أهل بيت نرى ما وعدنا علينا ديناً، كما صنع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ».

[١٠٠٠٠] ٢ - القطب الراوندي في قصص الأنبياء: بإسناده إلى الصدوق، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن محمد بن يحيى العطار، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن محمد بن سعدان، عن عبد الله بن القاسم، عن شعيب العقرقوفي، قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « إن إسماعيل نبّي الله وعد رجلاً بالصفاح(١) فمكث به سنة مقيماً، وأهل مكّة يطلبونه لا يدرون أين هو، حتى وقع عليه رجل، فقال: يا نبيّ الله، ضعفنا بعدك وهلكنا، فقال: إن فلان الطائفي(٢) وعدني أن أكون ها هنا، ولن(٣) أبرح حتى يجئ، قال: فخرجوا إليه حتى قالوا له: يا عدوّ الله، وعدت النبيّ (صلى الله على نبيّنا وآله وعليه) فأخلفته، فجاء وهو

__________________

الباب ٩٢

١ - مشكاة الأنوار ص ١٧٣.

٢ - قصص الأنبياء ص ١٩٠ عنه في البحار ج ١٣ ص ٣٩٠ ح ٥.

(١) الصفاح: موضع بين حنين وأنصاب، وأنصاب الحرم: يسرة الداخل إلى مكّة (لسان العرب ج ٢ ص ٥١٦).

(٢) في المصدر: الطاهي.

(٣) كذا في البحار، وفي المخطوط: ولم.

٤٥٧

يقول لإسماعيل: با نبيّ الله، وما ذكرت ولقد نسيت ميعادك، فقال: أما والله لو لم تجئني لكان منه المحشر، فأنزل الله( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ ) (٤) ».

[١٠٠٠١] ٣ - البحار، عن كتاب قضاء الحقوق للصوري: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « عدة المؤمن أخذ باليد، (يجب على المؤمن(١) ) الوفاء بالمواعيد، والصدق فيها ».

[١٠٠٠٢] ٤ - علي بن عيسى في كشف الغمّة: عن الحافظ عبد العزيز، قال: روى داود بن سليمان، عن الرضا، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، يقول: عدة المؤمن نذر لا كفّارة له ».

[١٠٠٠٣] ٥ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه قال: « ما أبالي أخلفت موعداً، أو زرت زائراً بغير حاجة ».

[١٠٠٠٤] ٦ - نهج البلاغة: في عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى الأشتر: « وإيّاك والمنّ على رعيّتك بإحسانك، أو التزيد فيما كان من فعلك،(١) وأن تعدهم فتتبع موعودك بخلفك، فإنّ المن يبطل الإحسان،

__________________

(٤) مريم ١٩: ٥٤.

٣ - البحار ج ٧٥ ص ٩٦ ح ١٨ عن كتاب قضاء الحقوق ح ٤.

(١) في المصدر: يحث على.

٤ - كشف الغمة ج ٢ ص ٢٦٨.

٥ - الجعفريات ص ١٧٤.

٦ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١٢٠.

(١) في المصدر: أو.

٤٥٨

والتزيد يذهب بنور الحقّ، والخلف يوجب المقت عند الله وعند الناس، قال الله سبحانه:( كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) (٢) ».

[١٠٠٠٥] ٧ - الحسن بن فضل الطبرسي في مكارم الأخلاق: عن أبي الحميساء قال: بايعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ قبل أن يبعث، فواعدته(١) مكاناً فنسيته يومي والغد، فأتيته يوم الثالث، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « [ يا فتى ](٢) لقد شققت عليّ، أنا هاهنا منذ ثلاثة أيام ».

[١٠٠٠٦] ٨ - أبو علي محمد بن همام في كتاب التمحيص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « لا يكمل المؤمن إيمانه حتى يحتوي على مائة وثلاث خصال فعل، وعمل ونيّة، وباطن وظاهر، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : يا رسول الله ما يكون المائة وثلاث خصال؟ فقال: يا علي من صفات المؤمن أن يكون جوّال الفكر - إلى أن قال - وإذ وعد وفى ».

[١٠٠٠٧] ٩ - أبو يعلى محمد بن الحسن الجعفري في كتاب نزهة الناظر: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « أكفلوا لي ستّاً أكفل لكم بالجنّة، إذا تحدث أحدكم فلا يكذب، وإذا وعد فلا يخلف ».

__________________

(٢) الصف ٦١: ٣.

٧ - مكارم الأخلاق ص ٢١.

(١) كذا في المصدر، وفي المخطوط: فواعدنيه.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٨ - التمحيص ص ٧٤ ح ١٧١.

٩ - نزهة الناظر ص ٩.

٤٥٩

[ ١٠٠٠٨ ] ١٠ - عوالي اللآلي: عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، قال: « ولا تمار أخاك، ولا تمازحه، ولا تعده وعداً فتخلفه ».

٩٣ -( باب استحباب الحياء)

[١٠٠٠٩] ١ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً من المحاسن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ ، أنه قال: « الحياء حياآن: حياء عقل، وحياء حمق، فحياء العقل هو العلم، وحياء الحمق هو الجهل ».

[١٠٠١٠] ٢ - وعن الباقر أو الصادقعليهما‌السلام ، أنه قال: « الحياء والإيمان مقرونان في قرن واحد، فإذا ذهب أحدهما تبعه صاحبه ».

[١٠٠١١] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنّة، والرياء من الجفاء والجفاء في النار ».

[١٠٠١٢] ٤ - وعن سلمان (رحمه الله)، قال: إن الله عزّوجلّ إذا أراد هلاك عبد نزع منه الحياء، فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلّا خائفاً مخوفاً، فإذا كان خائفاً مخوفاً نزعت منه الأمانة، فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلّا شيطاناً ملعوناً فلعنّاه، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌ : « من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له ».

[١٠٠١٣] ٥ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال لميسر بن عبد

__________________

١٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٩٠ ح ٢٧٣.

الباب ٩٣

١ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٣.

٥ - مشكاة الأنوار ص ٢٣٤

٤٦٠

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478