مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل10%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 336919 / تحميل: 5706
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أبواب المستحقين للزكاة

١ -( باب أصناف المستحقين، وعدم اشتراط الإيمان في المؤلفة والرقاب، وسقوط المؤلفة الآن، وقبول دعوى الاستحقاق مع ظهور الكذاب، وأنه يعطى من يسأل ومن لا يسأل منهم)

[ ٧٧٤٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) »(١) الخبر.

[ ٧٧٥٠ ] ٢ - وعن أبي بصير قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام :( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس أجهد منهما ».

[ ٧٧٥١ ] ٣ - وعن زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال:

____________________________

أبواب المستحقين للزكاة ووقت التسليم والنية

الباب - ١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٥.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٨.

١٠١

« قلت: أرأيت قوله تعالى:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ) (١) إلى آخر الآية، كلّ هؤلاء يعطى أن كان لا يعرف، قال: « إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعاً، لأنهم يقرّون له بالطاعة، قال: قلت له: فإن كانوا لا يعرفون، فقال: يا زرارة، من كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف، لم يوجد لها موضع، وإنما كان يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، وأمّا اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلّا من يعرف ».

[ ٧٧٥٢ ] ٤ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، عن الفقير والمسكين، قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، الذي لا يسأل ».

[ ٧٧٥٣ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله:( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة ».

[ ٧٧٥٤ ] ٦ - وعن زرارة، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم وحدوا الله، وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله تبارك وتعالى، وشهدوا أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً رسول الله، وهم في ذلك شكاك من بعد ما جاء به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر الله نبيهم أن يتألفهم بالمال والعطاء، لكي يحسن

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٤.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٦٩.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٧٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠٢

إسلامهم، ويثبتوا على دينهم، الذي قد دخلوا فيه وأقروا به » الخبر.

[ ٧٧٥٥ ] ٧ - وعن زرارة، وحمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبداللهعليهما‌السلام :( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « قوم تألفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقسّم فيهم الشئ » قال زرارة: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلما كان في قابل جاؤوا بضعف الّذين أخذوا، وأسلم (الناس كثيراً)(٢) قال: فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطيباً، فقال: هذا خير أم الذي قلتم؟ قد جاؤوا من الإبل بكذا وكذا، ضعف ما أعطيتهم، وقد أسلم لله عالم وناس كثير، والذي نفسي بيده لوددت أن عندي ما أعطي كلّ انسان ديته، حتى يسلم لله ربّ العالمين ».

[ ٧٧٥٦ ] ٨ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ) (١) : « أعط في الله المستحقين من المؤمنين، على حبه للمال أو شدة حاجته هو إليه، يأمل الحياة ويخشى الفقر، لأنه صحيح شحيح( ذَوِي الْقُرْبَىٰ - إلى أن قال -وَالْمَسَاكِينَ ) (٢) مساكين الناس،( وَابْنَ السَّبِيلِ ) (٣) : المجتاز المنقطع به لا نفقة معه،( وَالسَّائِلِينَ ) (٤) : الّذين يتكففون ويسألون الصدقات،( وَفِي الرِّقَابِ ) (٥) المكاتبين يغنيهم ليؤدوا فيعتقوا » الخبر.

[ ٧٧٥٧ ] ٩ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٧ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٢ ح ٧١.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: ناس كثير.

٨ - تفسير الإمام العسكري (عيليه السلام) ص ٢٤٩.

(١ - ٥) البقرة ٢: ١٧٧.

٩ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٣

سئل عن قول الله عزّوجلّ:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) فقال: « الفقير الذي لا يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس الفقير أجهد منهما حالاً ».

[ ٧٧٥٨ ] ١٠ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة عليها، يعطيهم الإمام من الصدقة بقدر ما يراه، ليس في ذلك توقيت عليه ».

[ ٧٧٥٩ ] ١١ - وعن أبي جعفر بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم يتألفون على الإسلام من رؤساء القبائل، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يعطيهم ليتألفهم، ويكون ذلك في كلّ زمان، إذا احتاج إلى ذلك الإمام فعله ».

[ ٧٧٦٠ ] ١٢ - وعن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول الله صلوات الله عليهم، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة: عامل عليها، أو غارم وهو الذي عليه الدين أو تحمل بالحمالة(١) ، أو رجل اشتراها بماله، أو رجل أهديت إليه ».

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) الحمالة: الدية والغرامة (لسان العرب ج ١١ ص ١٨٠).

١٠٤

[ ٧٧٦١ ] ١٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: «( وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) (١) في الجهاد والحج، وغير ذلك من سبيل(٢) الخير،( وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٣) الرجل يكون في السفر، فيقطع به نفقته، أو يسقط، أو يقع عليه اللصوص ».

[ ٧٧٦٢ ] ١٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم، فأردّها في فقرائكم ».

٢ -( باب أن من دفع الزكاة إلى غير المستحق، كغير المؤمن أو غير الفقير ونحوهما، ضمنها إلّا أن يكون اجتهد في الطلب فتحزيه، وأن من لم يعلم بوجوب الزكاة ثمّ علم، وجب عليه قضاؤها)

[ ٧٧٦٣ ] ١ - الجعفريات: اخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه: أن علياًعليهم‌السلام ، كان يقول: « الزكاة مضمونة، حتى توضع مواضعها ».

[ ٧٧٦٤ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

١٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١، ٣) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: سبل.

١٤ - درر اللآلي: ج ١ ص ٢٠٦.

الباب - ٢

١ - الجعفريات ص ٥٤.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

١٠٥

قال: « الزكاة مضمونة، حتى يضعها من وجبت عليه موضعها ».

٣ -( باب وجوب وضع الزكاة في مواضعها، ودفعها إلى مستحقها)

[ ٧٧٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن الوليد بن صبيح قال: قال لي شهاب: إني أرى بالليل أهوالاً عظيمة، وأرى امرأة تفزعني، فاسأل لي أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن ذلك، فسألته فقال: « هذا رجل لا يؤدّي زكاة ماله » فأعلمته فقال: بلى والله، إني لأعطيها، فأخبرته بما قال قال: « إن كان ذلك، فليس يضعها في مواضعها » فقلت ذلك لشهاب، فقال: صدق.

٤ -( باب اشتراط الإيمان والولاية في مستحق الزكاة، إلّا المؤلفة والرقاب والأطفال، وإن لم يجد للزكاة مستحقاً أو مؤمناً بعث بها إليهم، فإن تعذر جاز إعطاء المستضعف والانتظار، ويكره إعطاء السائل بكفه منها)

[ ٧٧٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية ».

[ ٧٧٦٧ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ولا يعطي الزكاة إلّا لأهل الولاية من المؤمنين، قيل له: فإذا لم يكن بالموضع وليّ محتاج إليها، قال: يبعث بها إلى موضع آخر،

____________________________

الباب - ٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٥.

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٦

فيقسم في أهل الولاية، ولا تعط قوماً إن دعوتهم إلى أمرك لم يجيبوك، ولو كان الذبح - وأهوى بيده إلى حلقه - قيل له: فإن لم يوجد مؤمن مستحق، قال: يعطى المستضعفون الّذين لا ينصبون ».

[ ٧٧٦٨ ] ٣ - وعن علي (صلوات الله عليه)، أنّه استعمل مخنف بن سليم على صدقات بكر بن وائل، وكتب له عهدا كان فيه: « فمن كان من أهل طاعتنا من أهل الجزيرة، وفيما بين الكوفة وأرض الشام، فادّعى أنّه أدى صدقته إلى عمال الشام، وهو في حوزتنا ممنوع، قد حمته خيلنا ورجالنا، فلا يجوز(١) له ذلك، (وان الحق ما زعم)(٢) ، فأنه ليس له أن ينزل بلادنا، ويؤدي صدقة ماله إلى عدونا ».

[ ٧٧٦٩ ] ٤ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سئل إذا لم نجد أهل الولاية، يجوز(١) أن نتصدق على غيرهم؟ فقالعليه‌السلام : « إذا لم تجدوا أهل الولاية في مصر تكونون فيه، فابعثوا بالزكاة المفروضة إلى أهل الولاية من غير مصركم ».

[ ٧٧٧٠ ] ٥ - تفسير العسكريعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ) (١) : « الواجبة عليه لإخوانه المؤمنين ».

[ ٧٧٧١ ] ٦ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥٩.

(١) في المصدر: تُجْزِ.

(٢) في المصدر: وإن كان الحق على ما زعم.

٤ - زيد النرسي ص ٥٤.

(١) في المصدر: يجوز لنا.

٥ - تفسير الإمام العسكري ص ٢٥٠.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

٦ - المقنع ص ٥٢.

١٠٧

الولاية.

[ ٧٧٧٢ ] ٧ - أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي في ثاقب المناقب: عن أبي الصلت الهروي، قال: حضرت مجلس الإمام محمّد بن علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام ، وعنده جماعة من الشيعة وغيرهم، فقام إليه رجل - إلى أن قال - ثمّ قام إليه آخر وقال: يا مولاي - جعلت فداك - (إن لم أجد أحداً من شيعتكم، فإلى من أدفعه؟)(١) فقالعليه‌السلام : « إن لم تجد أحداً فارم بها في الماء، فأنها تصل إليه » [ قال فجلس الرجل ](٢) فلمّا انصرف من كان في المجلس قلت له: جعلت فداك يا سيدي، رأيت عجباً، قال: « نعم، تسألني عن الرجلين - إلى أن قال - وأمّا الآخر فأنه قم يسألني عن الزكاة، إن لم يجد أحداً من شيعتنا، فإلى من يدفعه؟ قلت له: إن لم تجد أحداً من الشعية فارم بها في الماء، فأنها تصل إلى أهلها ».

٥ -( باب عدم جواز دفع الزكاة إلى المخالف في اعتقاد الحق من الأصول: كالمجسمة، والمجبرة، والواقفية، والنواصب، وغيرهم)

[ ٧٧٧٣ ] ١ - الكشي في رجاله: عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن عمر، وعن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن الصدقة على الناصب وعلى

____________________________

٧ - ثاقب المناقب ص ٢٢٨

(١) مابين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب - ٥

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٤ ح ٤٠٩.

١٠٨

الزيدية؟ فقال: « لا تصدّق عليهم بشئ، ولا تسقهم من الماء إن استطعت، وقال في(١) الزيدية: هم النصاب ».

[ ٧٧٧٤ ] ٢ - وعن محمّد بن الحسن، عن أبي علي الفارسي، قال: حكى منصور، عن الصادق علي بن محمّد بن الرضاعليهم‌السلام : أنّ الزيدية والواقفية والنصاب، بمنزلة عنده سواء.

٦ -( باب أن حد الفقر الذي يجوز معه أخذ الزكاة، ان لا يملك مؤونة السنة له ولعياله فعلاً أو قوة، كذي الحرفة ولصنعة)

[ ٧٧٧٥ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ - إلى قوله -فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) » الخبر.

[ ٧٧٧٦ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تحل الصدقة لغني، ولا لقوي مكتسب ».

[ ٧٧٧٧ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة »، الخبر. وقد تقدم(١) .

____________________________

(١) في المصدر: لي.

٢ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٥ ح ٤١٠.

الباب - ٦

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٢٠ ح ٢٧.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب الحديث ١٢.

١٠٩

٧ -( باب جواز أخذ الفقير الزكاة، وإن كان له خادم ودابة ودار ممـّا يحتاج إليه، لا ما يزيد عن احتياجه، بقدر كفاية سنة)

[ ٧٧٧٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن علي(١) عليهما‌السلام ، أنّه قال: « لا بأس أن يعطى(٢) الزكاة، من له الدار والخادم والمائتا درهم ».

[ ٧٧٧٩ ] ٢ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أن عمر شيخ من أصحابنا، سأل عيسى بن أعين وهو محتاج، قال: فقال له عيسى: أما أن عندي شيئاً من الزكاة، ولا اعطيك منها شيئاً، قال: فقال له: لم؟ قال: لأني رأيتك اشتريت تمراً واشتريت لحماً، قال: إنما ربحت درهما، فاشتريت (به أربعين)(١) تمراً، وبدانق لحماً، ورجعت بدانقين لحاجة، قال: فوضع أبو عبداللهعليه‌السلام يده على جبهته، قال: ثمّ رفع رأسه فقال: « إنّ الله عزّوجلّ نظر في أموال الأغنياء، ونظر في الفقراء، فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفي به الفقراء، ولو لم يكفهم لزادهم، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوج ويصدّق ويحج ».

____________________________

الباب - ٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: جعفر بن محمّد.

(٢) وفيه: من الزكاة.

٢ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط ص ٢٢.

(١) في نسخة: بدانقين، والظاهر هو الصواب كما يظهر من سياق الحديث ومن تقسيم الدرهم إلى دوانق.

١١٠

٨ -( باب حكم من كان له مال يتجر به، ولا يربح فيه مقدار مؤونة سنة له ولعياله، أو وجه معيشته كذلك)

[ ٧٧٨٠ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألته عن الزكاة، لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال - إلى أن قال - « وقد تحل الزكاة لصاحب ثلاثمائة درهم، وتحرم على صاحب خمسين درهماً، فقلت له: وكيف يكون هذا؟ قال: إذا كان صاحب الثلاثمائة درهم له عيال كثير، فلو قسمها بينهم لم يكفهم، فليعفف(١) عنها نفسه وليأخذها لعياله، وأمّا صاحب الخمسين فأنها تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها، وهو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله ».

[ ٧٧٨١ ] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام ، يقول: « إنّ الزكاة تحل لمن له ثمانمائة درهم، وتحرم على من له خمسون درهماً، قال: قلت: وكيف ذلك؟ قال: يكون لصاحب الثمانمائة عيال، ولا يكسب ما يكفيه، ويكون صاحب الخمسين درهماً ليس له عيال، وهو يصيب ما يكفيه ».

____________________________

الباب - ٨

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) في المصدر: فلم يعفف.

٢ - كتاب حسين بن عفان بن شريك ص ١٠٨.

١١١

٩ -( باب أنّه لا يجوز دفع الإنسان زكاته إلى من تجب عليه نفقته، وهم: أبواه، وأجداده، وأولاده، وزوجاته، ومماليكه، دون بقية الأقارب)

[ ٧٧٨٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعطي من أهل الولاية: الأبوين، والولد، والزوجة(١) ، والمملوك، وكل من هو في نفقتك فلا تعطه ».

[ ٧٧٨٣ ] ٢ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعط من أهل الولاية: الأبوين، والولد، ولا الزوج، والزوجة، والمملوك، ولا الجد والجدة، وكل من يجير(١) الرجل على نفقته.

١٠ -( باب جواز شراء الأب المملوك ونحوه من واجبي النفقة، من الزكاة وعتقه)

[ ٧٧٨٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن اشترى رجل اباه من زكاة ماله فاعتقه، فهو جائز ».

[ ٧٧٨٥ ] ٢ - الصدوق في المقنع: مثله.

____________________________

الباب - ٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) في المصدر زيادة: والصبي.

٢ - المقنع ص ٥٢.

(١) في المصدر: يجبر.

الباب - ١٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - المقنع ص ٥٢.

١١٢

١١ -( باب أنّه من كان عليه زكاة فأوصى بها، وجب إخراجها من الأصل، مقدماً على الميراث، وكان كالدين وحجة الإسلام)

[ ٧٧٨٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الرجل (وجبت عليه زكاة ماله)(١) ، فلم يخرجه(٢) حتى حضره الموت، فأوصى أن تخرج عنه: « أنها تخرج من جميع ماله، إلّا أن يوصي بإخراجها من ثلثه ».

١٢ -( باب كراهة اعطاء المستحق من الزكاة أقل من خمسة دراهم وعدم التحريم)

[ ٧٧٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يجوز في الزكاة أن يعطي أقل من نصف دينار ».

١٣ -( باب جواز إعطاء المستحق من الزكاة ما يغنيه، وأنه لا حد له في الكثرة، إلّا من يخاف منه الإسراف، فيعطى قدر كفايته لسنة)

[ ٧٧٨٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

الباب - ١١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

(١) في المصدر: تجب عليه زكاة في ماله.

(٢) وفيه: يخرجها.

الباب - ١٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٢.

الباب - ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١١٣

قال: « ويعطى المؤمن من الزكاة، ما يأكل منه ويشرب، ويكتسي، ويتزوج، ويحج، ويتصدق، (ويوفي دينه)(١) ».

وتقدم(٢) مثله، عن كتاب عاصم بن حميد.

١٤ -( باب جواز تفضيل بعض المستحقين على بعض، واستحباب كون التفضيل لفضيلة، كترك السؤال، والديانة، والفقه، والعقل)

[ ٧٧٨٩ ] ١ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: فيما وجده من طريق الدعاء اليماني، قال: هذا لفظ ما وجدنا: حدّثنا الشريف أبو الحسين زيد بن جعفر العلوي المحمّدي، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عبدالله بن البساط - قراءة عليه - قال: حدّثنا المغيرة بن عمرو بن الوليد العرزمي المكي بمكة - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو سعيد (محمّد بن المفضل)(١) الحسيني - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو إسحاق (بن)(٢) إبراهيم بن محدم الشافعي، ومحمّد بن يحيى بن أبي عمر العبدي، قالا: حدّثنا فضيل بن عياض، عن عطاء بن السائب، عن طاووس، عن ابن عباس - في حديث طويل - ذكر فيه دخول الرجل اليماني، على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وشكايته عن عدوه، وتعليمهعليه‌السلام الدعاء المعروف - إلى أن قال - ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أتصدق بعشرة آلاف، فمن المستحق(٣) لذلك؟

____________________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الباب: ٧ من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث ٢.

الباب - ١٤

١ - مهج الدعوات ص ١١٩.

(١) في المصدر: مفضل بن محمّد.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: المستحقون.

١١٤

يا أمير المؤمنين، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فرّق ذلك في أهل الورع من حملة القرآن، فما تزكو الصنيعة إلّا عند أمثالهم، فيتقوون بها على عبادة ربهم وتلاوة كتابه » فانتهى الرجل إلى ما أشار به أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٥ -( باب عدم وجوب استعياب المستحقين بالإعطاء، والتسوية بينهم، واستحباب ذلك)

[ ٧٧٩٠ ] ١ - أحمد بن علي بن أبي طالب في الاحتجاج: عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام بمكة إذ دخل عليه أُناس من المعتزلة، فيهم عمرو بن عبيد - إلى أن قال - قال الصادقعليه‌السلام لعمرو: « ما تقول في الصدقة »؟ قال: فقرأ عليه هذه الآية( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) إلى آخرها قال: « نعم، فكيف تقسم بينهم؟ » قال: أقسمها على ثمانية أجزاء، فأعطي كلّ جزء من الثمانية جزءاً، قالعليه‌السلام : « إن كان صنف منهم عشرة آلاف، وصنف رجلاً واحداً و(٢) رجلين و(٣) ثلاثة، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟! » قال: نعم، قال: « وكذا تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي، فتجعلهم فيها سواء؟! » قال: نعم، قال: « فخالفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في كلّ ما أتى به (في سيرته)(٤) ، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقسم صدقة أهل

____________________________

الباب - ١٥

١ - الاحتجاج ص ٣٦٤

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢، ٣) في المصدر: أو.

(٤) ليس في المصدر.

١١٥

البوادي في أهل البوادي، وصدقة الحضر في أهل الحضر، لا يقسمه(٥) بينهم بالسوية، إنما (يقسم على)(٦) قدر ما يحضره منهم، وعلى ما يرى، فإن كان في نفسك شئ ممـّا قلت(٧) فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلهم، لا يختلفون في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كذا كان يصنع ».

[ ٧٧٩١ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : « أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام يعطي الرجل زكاة ماله في هذه السهام بالحصص. للفقراء أهل العفة نصيب ولنسوانهم، ونصيب للسؤال، ونصيب في الرقاب، ونصيب في الغارمين. ونصيب في بني السبيل، وهو الضعيف المنقطع به ».

[ ٧٧٩٢ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام أنّه بعث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من اليمن بذهبة في أديم مقروظ - يعني مدبوغ بالقرظ - لم تخلص(١) من ترابها، فقسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين خمسة نفر: الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن بن بدر، وزيد الخيل، وعلقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل، فوجد(٢)

____________________________

(٥) في المصدر: يقسم، والظاهر أنّه أصوب.

(٦) وفيه: يقسمه.

(٧) وفيه زيادة: لك.

٢ - الجعفريات ص ٥٤.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) في المصدر: تُحَصَّل.

(٢) وَجَد: غضب (لسان العرب ج ٣ ص ٤٤٦).

١١٦

في ذلك ناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، فقال: « ألا تأمنوني!؟ وأنا أمين في(٤) السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء ».

[ ٧٧٩٣ ] ٤ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن محمّد القصري، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الصدقة؟ فقال: « نعم(١) ، ثمنها(٢) فيمن قال الله » الخبر.

١٦ -( باب تحريم الزكاة الواجبة على بني هاشم، إذا كان الدافع من غيرهم)

[ ٧٧٩٤ ] ١ - الصدوق في الأمالي والعيون: عن ابن شاذويه المؤدب، وجعفر بن محمّد بن مسرور معاً، عن محمّد بن عبدالله الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضاعليه‌السلام ، فيما ذكرهعليه‌السلام من فضائل العترة، لعلماء العراق وخراسان، بحضرة المأمون، قالعليه‌السلام : « فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ونزه رسوله ونزه أهل بيته، فقال:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ

____________________________

(٣) في المصدر زيادة « وقالوا: نحن كنا أحقّ بهذا، فبلغه ذلكصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٤) وفيه: من في.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٤ ح ٨٠.

(١) نعم: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أقسمها.

الباب - ١٦

١ - أمالى الصدوق ص ٤٢٨، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٢٣٨.

١١٧

وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) فهل تجد في شئ من ذلك أنه سمى(٢) لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى، لأنه تعالى لما نزه نفسه، عن الصدقة، نزه رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونزه أهل بيته، لا بل حرّم عليهم، لأن الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس، لا تحل لهم لأنهم طهّروا من كلّ دنس ووسخ، فلما طهرهم الله عزّوجلّ [ و ](٣) اصطفاهم، رضي لهم ما رضي لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه عزّوجلّ ».

[ ٧٧٩٥ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فمشيت معه، فممرنا بتمر مصبوب وأنا يومئذ غلام صغير(١) ، فجمزت(٢) فتناولت تمرة فجعلتها في فيّ، (فأخرج التمرة)(٣) بلعابها ورمى بها في التمر، وكان من تمر الصدقة، وقال: إنا أهل البيت(٤) لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٦ ] ٣ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تحل الصدقة لي ولا لأهل بيتي، إن الصدقة أوساخ أموال(١) الناس، فقيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في الأمالي: جعل عزّوجلّ سهماً.

(٣) أثبتناه من المصدرين.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٨.

(١) ليس في المصدر.

(٢) جمز: عدا وأسرع. (مجمع البحرين ج ٤ ص ١٠).

(٣) في المصدر: فجاء رسول الله حتى أدخل إصبعه في فيَّ فأخرجها.

(٤) في نسخة: بيت، منه (قدّه).

٣ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) أموال: ليس في المصدر.

١١٨

الزكاة التي يخرجها الناس من ذلك ؟ قال: نعم ».

[ ٧٧٩٧ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « لا تحل لنا زكاة مفروضة، وما أبالي أكلت من زكاة أو شربت من خمر، إن الله حرم علينا من(١) صدقات الناس، أن نأكلها و(٢) نعمل عليها ».

[ ٧٧٩٨ ] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) ، أنه نظر إلى الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وهو طفل صغير قد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فاستخرجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من فمه وأنّ عليها لعابه، فرمى بها في تمر الصدقة حيث كانت، وقال: « إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٩ ] ٦ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن أناساً من بني هاشم، أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسألوه أن يستعملهم على صدقة المواشي والنعم، فقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، فنحن أول به، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بني عبد المطلب، إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم، ولكن وعدت الشفاعة - ثم قال: أنا أشهد أنه قد وعدها - فما ظنكم يا بني عبد المطلب، إذ أحذت بحلقة باب الجنة، أتروني مؤثراً عليكم غيركم!؟ ».

____________________________

٤ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) من: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أو.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٦.

(١) لم يتبيّن من المصدر بأنّ هذه الرواية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٣ ح ٧٥.

١١٩

[ ٧٨٠٠ ] ٧ - الشيخ أبو علي الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن علي بن أحمد القلانسي، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرحمن بن صالح، عن موسى بن عثمان(١) ، عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم: « أن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي » الخبر.

[ ٧٨٠١ ] ٨ - نهج البلاغة: ومن كلام لهعليه‌السلام : « وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها(١) ، كأنها(٢) عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أَصِلة ؟ أم زكاة ؟ أم صدقة ؟ فذلك كله محرم علينا أهل البيت » الخبر.

[ ٧٨٠٢ ] ٩ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ ) (١) قالعليه‌السلام : « إعط لقرابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الفقراء هدية أو براً، لا صدقة فإن الله تعالى قد أجلّهم عن الصدقة - إلى أن قال - (واليتامى، آت)(٢) اليتامى من بني هاشم الفقراء براً لا صدقة ».

[ ٧٨٠٣ ] ١٠ - سليم بن قيس الهلالي في كتابه: عن أمير المؤمنين

____________________________

٧ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٣١، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٧٥ ح ٩.

(١) كان في الطبعة الحجرية « عمران »، والصحيح أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال (راجع لسان الميزان ج ٦ ص ١٢٥).

٨ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤٤ ح ٢١٩.

(١) شَنِئ الشئ: ابغضه (لسان العرب ج ١ ص ١٠١).

(٢) في المصدر: كأنّما.

٩ - تفسير الامام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٩.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

(٢) في المصدر: أرادوا.

١٠ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٦٣.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؟ فقتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما أعطيتهم المواثيق الغليظة، والعهود المؤكّدة(١) جرأةً على الله واستخفافاً بعهده.

أوَ لستَ بقاتل عمرو بن الحمق الذي أخلقت وأبلت وجهه العبادة؟ فقتلته من بعد ما أعطيته من العهود ما لو فهمته العُصمُ نزلت من سقف الجبال.

أوَ لستَ المدّعي زياداً في الإسلام، فزعمت انّه ابن ابي سفيان، وقد قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّ الولد للفراش وللعاهر الحَجَر، ثمَّ سلّطته على أهل الإسلام يقتلهم و يقطّع أيديهم وارجلهم من خلاف، ويصلبهم على جُذوع النخل؟.

سبحان الله يا معاوية! لكأنّك لستَ من هذه الاُمّة، وليسوا منك، أوَ لستَ قاتل الحضرمي(٢) الذي كتب إليك فيه زياد انّه على دين عليّ كرم الله وجهه، ودين عليّ هو دين ابن عمّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك كان أفضل شرفك وشرف آبائك تجشّم الرحلتين: رحلة الشتاء والصيف، فوضعها الله عنكم بنا منّة عليكم، وقلتَ فيما قلتَ: لا تردنَّ هذه الاُمّة في فتنة. وإنّي لا أعلم لها فتنةً أعظم من أإمارتك عليها، وقلتَ فيما قلت: انظر لنفسك ولدينك ولاُمّة محمّد.

وإنّي والله ما أعرف فضل من جهادك، فإن أفعل فإنّه قربةٌ إلى ربِّي، وإن لم أفعله فاستغفر الله لديني، وأسأله التوفيق لما يحبُّ ويرضى، وقلت فيما قلت: متى تكدني أكدك(٣) فكدني يا معاوية ما بدا لك، فلعمري لقديماً يُكاد الصالحون، وإنِّي لأرجو أن لا تضرّ إلّا نفسك ولا تمحق إلّا عملك، فكدني ما بدا لك، واتّق الله يا معاوية! واعلم أنَّ لِلّه كتاباً لا يُغادر صغيرة ولا كبيرة إلّا أحصاها، واعلم أنَّ الله ليس بناسٍ لك قتلك بالظنّة، وأخذك بالتُهمة، وإمارتك صبيّاً يشرب الشراب، ويلعب بالكلاب، ما أراك إلّا قد أوبقت نفسك، وأهلكت دينك، وأضعت الرعيّة. والسَّلام.

الإمامة والسياسة ١: ١٣١ وفي ط ١٤٨، جمهرة الرسائل ٢: ٦٧.

٥٣ - خطب الإمام السبط الحسين الشهيد سلام الله عليه لمـَّا قدم معاوية المدينة

____________________

١ - سيأتي بيان العهود المعزوة اليها فى هذا الجزء انشاء الله.

٢ - سيوافيك تفصيل قتل الحضرمى فى هذا الجزء.

٣ - هذه الجملة لا توجد فى كلام معاوية.

١٦١

حاجّاً وأخذ البيعة ليزيد وخطب ومدح يزيد الطاغية ووصفه بالعلم بالسنّة وقراءة القرآن والحلم الذي يرجح بالصمِّ الصِّلاب. فقام الحسين فحمد الله وصلى على الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ قال:

أمّا بعد: يا معاوية! فلن يؤدِّي القائل - وإن أطنب - في صفة الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من جميع جزءاً، قد فهمت ما ألبست به الخلف بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من ايجاز الصَّفة، والتنكّب عن استبلاغ البيعة، وهيهات هيهات يا معاوية! فضح الصبح فحمة الدجى، وبهرت الشمس أنوار السرج، ولقد فضَّلت حتى أفرطت، واستأثرت حتى أجحفت، ومنعتَ حتّى بخلت، وجرتَ حتى جاوزت، ما بذلت لذي حقّ من أتمَّ حقّه بنصيب حتى أخذ الشيطان حظّه الأوفر، ونصيبه الأكمل، وفهمت ما ذكرته عن يزيد من اكتماله وسياسته لاُمّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تريد أن توهم الناس في يزيد، كأنّك تصف محجوباً أو تنعَتُ غائباً، أو تخبر عمّا كان ممّا احتويته بعلم خاصّ، وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المتهارشة عند التحارش، والحمام السبّق لأترابهنَّ، والقينات ذوات المعازف، وضروب الملاهي، تجده ناصراً ودع عنك ما تحاول، فما أغناك أن تلقى الله بوزر هذا الخلق أكثر ممّا أنت لاقيه، فوالله ما برحتَ تقدّم باطلاً في جور، وحَنَقاً في ظلم، حتى ملأت الأسقية، وما بينك و بين الموت إلّا غمضة، فتقدَّم على عمل محفوظ في يوم مشهود، ولات حين مناص، ورأيتك عرّضت بنا بعد هذا الأمر، ومنعتنا عن آبائنا تُراثاً، ولقد - لعمر الله - أورثنا الرَّسول عليه الصَّلاة والسّلام ولادة، وجئت لنا بما حججتم به القائم عند موت الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام، فأذعن للحجّة بذلك، وردّه الإيمان إلى النصف، فركبتم الأعاليل، وفعلتم الأفاعيل، وقلتم: كان ويكون، حتى أتاك الأمر يا معاوية! من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك فاعتبروا يا اولي الأبصار. الخطبة.

الامامة والسياسة ١: ١٥٣، جمهرة الخطب ٢: ٢٤٢.

٥٤ - من كلام لابن عباس ألقاه في البصرة: أيُّها النّاس! استعدّوا للمسير إلى أمامكم، وانفروا في سبيل الله خفافاً وثقالاً، وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم فإنّكم تقاتلون المحلّين القاسطين الذين لا يقرءون القرآن ولا يعرفون حكم الكتاب، ولا يدينون

١٦٢

دين الحقّ، مع أمير المؤمنين. فقام إليه عمرو بن مرجوم العبدي فقال: وفَّق الله أمير المؤمنين وجمع له أمر المسلمين، ولعن المحلّين القاسطين الذين لا يقرءون القرآن، نحن والله عليهم حنقون، ولهم في الله مفارقون.

كتاب صفين ص ١٣٠، ١٣١.

٥٥ - من كلام لعمّار بن ياسر يوم صفين: يا أهل الاسلام؟ أتريدون أن تنظروا إلى مَن عادى الله ورسوله وجاهدهما، وبغى على المسلمين، وظاهر المشركين، فلمّا أراد الله أن يُظهر دينه وينصر رسوله أتى النبيَّ صلّى الله عليه فأسلم، وهو والله فيما يرى راهبٌ غير راغب، وقبض الله رسول صلّى الله عليه وإنّا والله لنعرفه بعداوة المسلم ومودّة المجرم؟ ألا و انّه معاوية، فالعنوه لعنه الله، وقاتلوه فانّه ممَّن يطفىء نور الله، ويظاهر أعداء الله.

راجع تاريخ الطبري ٦: ٧، كتاب صفين ص ٢٤٠، الكامل لابن الأثير ٣: ١٣٦.

٥٦ - من مقال لعبد الله بن بديل يوم صفين: انَّ معاوية ادّعى ما ليس له ونازع الأمر أهله ومن ليس مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحقَّ، وصال عليكم بالأعراب والأحزاب، وزيّن لهم الضلالة، وزرع في قلوبهم حبَّ الفتنة، ولبَّس عليهم الأمر، و زادهم رجساً إلى رجسهم، وأنتم والله على نور من ربِّكم وبرهان مبين، قاتلوا الطغام الجفاة ولا تخشوهم، وكيف تخشونهم وفي أيديكم كتابٌ من ربِّكم ظاهرٌ مبرورٌ؟ أتخشونهم فالله أحقُّ أن تخشوه إن كنتم مؤمنين، قاتلوهم يُعذِّبهم الله بأيديكم ويُخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين. قاتلوا الفئة الباغية الذين نازعوا الأمر أهله وقد قاتلتهم مع النبيّ صلّى الله عليه، والله ما هم في هذه بأزكى ولا أنقى ولا أبرّ، قوموا إلى عدوّ الله وعدوّكم رحمكم الله.

تاريخ الطبري ٦: ٩، كتاب صفين ص ٢٦٣، الاستيعاب في ترجمة عبد الله ١: ٣٤٠، شرح ابن ابي الحديد ١: ٤٨٣، جمهرة الخطب ١: ١٧٦.

٥٧ - من خطبة لسعيد بن قيس: فوالله الذي بالعباد بصيرٌ أن لو كان قائدنا حبشيّاً مجدَّعاً إلّا أنَّ معنا من البدريِّين سبعين رجلاً، وإنَّما رئيسنا ابن عمِّ نبيّنا، بدريُّ صِدق(١) ، صلّى صغيراً، وجاهد مع نبيّكم كبيراً، ومعاوية طليقٌ من وثاق الإسار و

____________________

١ - أشار الى ان كونه بدرياً ليس ككون عثمان بدرياً بالتمحّل والتصنّع كما مرّ حديثه فى هذا الجزء.

١٦٣

ابن طليق، ألا انّه أغوى جفاةً فأوردهم النار، وأورثهم العار، والله محلٌّ بهم الذلً و - الصغار، ألا إنّكم ستلقون عدوّكم غداً، فعليكم بتقوى الله والجدّ والحزم والصِّدق والصبر فإنَّ الله مع الصابرين، ألا إنَّكم تفوزون بقتلهم ويشقون بقتلكم، والله لا يقتل رجلٌ منكم رجلاً منهم إلّا أدخل الله القاتل جنّات عدن، وأدخل المقتول ناراً تلظّى لا يفتَّر عنهم وهم فيه مبلسون.

كتاب صفِّين ص ٢٦٦، شرح ابن ابي الحديد ١: ٤٨٣، جمهرة الخطب ١: ١٧٩.

٥٨ - من خطبة لمالك بن الحارث الأشتر يوم صفّين: واعلموا أنَّكم على الحقِّ وانَّ القوم على الباطل، يقاتلون مع معاوية، وأنتم مع البدريِّين قريبٌ من مائة بدريّ، ومن سوى ذلك من أصحاب محمّد صلّى الله عليه، أكثر ما معكم راياتٌ قد كانت مع رسول الله صلّى الله عليه ومع معاوية راياتٌ قد كانت مع المشركين على رسول الله صلّى الله عليه، فما يشكُّ في قتال هؤلاء إلّا ميِّت القلب، فإنَّما أنتم على إحدى الحسنيين: إمّا الفتح، وإمّا الشهادة.

كتاب صفّين ص ٢٦٨، شرح ابن ابي الحديد ١: ٤٨٤، جمهرة الخطب ١: ١٨٣

٥٩ - من مقال لهاشم بن عتبة المرقال: سر بنا يا أمير المؤمنين؟ إلى هؤلاء القوم القاسية قلوبهم، الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم، وعملوا في عباد الله بغير رضا الله، فأحلّوا حرامه، وحرَّموا حلاله، واستهوى بهم الشيطان، ووعدهم الأباطيل، ومنّاهم الأمانيّ حتى أزاعهم عن الهدى، وقصد بهم قصد الرَّدى، وحبَّب إليهم الدنيا، ومنه: وهم يا أمير - المؤمنين؟ يعلمون منك مثل الذي نعلم، ولكن كُتب عليهم الشقاء، ومالت بهم الأهواء، وكانوا ظالمين. جمهرة الخطب ١: ١٥١.

٦٠ - من خطبة لابن عبّاس بصفين: إنَّ ابن آكلة الأكباد قد وجد من طغام أهل الشام أعواناً على عليِّ بن أبي طالب ابن عمِّ رسول الله وصهره، وأوَّل ذَكر صلّى معه، بدريٌّ قد شهد مع رسول الله صلّى الله عليه كلّ مشاهده التي فيها الفضل، ومعاوية وأبو سفيان مشركان يعبدان الأصنام، واعلموا: والله الَّذي ملك الملك وحده فبان به وكان أهله، لقد قاتل عليُّ بن أبي طالب مع رسول الله صلّى الله عليه، وعليٌّ يقول: صدق الله ورسوله، ومعاوية وأبو سفيان يقولان: كذب الله ورسوله. فما معاوية في هذه بأبرّ ولا أتقى ولا أرشد ولا أصوب منه في تلكم، فعليكم بتقوى الله والجدّ والحزم والصبر، وإنَّكم لعلى الحقِّ وإنَّ القوم

١٦٤

لعلى الباطل.

كتاب صفّين ص ٣٦٠، شرح ابن ابي الحديد ١: ٥٠٤.

وسيوافيك حديث لعن ابن عبّاس معاوية يوم عرفة في المجتمع العامِّ.

٦١ - من أبيات لعلقمة بن عمرو يوم صفّين:

ما لابن صخر حرمةٌ تُرتجى

لها ثواب الله بل مندمهْ

لاقيت ما لاقى غداة الوغى

من أدرك الأبطال يا بن الأمهْ

ضيّعت حقَّ الله في نصرةٍ

للظالم المعروف بالمظلمهْ

إنّ أبا سفيان من قبله

( إلى آخر الأبيات )

٦٢ - من شعر مجزأة بن ثور السدوسي الصحابي العظيم ارتجز به يوم صفَّين:

أضربهم ولا أرى معاويه

الأبرج العين(١) العظيم الحاويه

هوت به في النار امٌّ هاويه

جاوره فيها كلابٌ عاويه

أغوى طغاماً لاهدته هاديه

يروى هذا الرجز لعليّعليه‌السلام في مروج الذهب ٢: ٢٥ وفيه: وقيل: انَّ هذا الشعر لبديل بن ورقاء، وكذلك عزاه إليه سلام الله عليه في لسان العرب ١٨: ٢٢٩، وذكر - الطبري البيت الأوّل في تاريخه ٦: ٢٣ ونسبه إلى أمير المؤمنين، وذكر ابن مزاحم ثلاثة أشطر في كتاب صفّين ص ٤٦٠ وعزاها إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وذكر الأشطر برمَّتها في ص ٤٥٤ ونسبها إلى مالك الأشتر، ورواها لمجزأة بن ثور في ص ٣٤٤ وذكرها ابن أبي الحديد في شرحه ١: ٥٠٠ لمحرز بن ثور نقلاً عن نصر بن مزاحم، وتعزى إلى الأخنس كما في الإشتقاق ص ١٤٨.

٦٣ - قال أبو عمر في الاستيعاب ١: ٢٥١: لمـّا قُتل عثمان وبايع الناس عليّاً دخل عليه المغيرة بن شعبة فقال له: يا أمير المؤمنين؟ إنَّ لك عندي نصيحةٌ، قال: وما هي؟ قال: إن أردت أن يستقيم لك الأمر فاستعمل طلحة بن عبيد الله على الكوفة، والزبير بن العوام على البصرة، وابعث معاوية بعهده على الشام حتى يلزمه طاعتك فاذا استقرَّت لك الخلافة فادرها كيف شئت برأيك. قال عليٌّ: أمّا طلحة والزبير فأرى رأيي فيهما، وأمّا معاوية فلا والله لا أراني مستعملاً له ولا مستعيناً به ما دام على حاله، ولكنّي أدعوه إلى الدخول

١٦٥

فيما دخل فيه المسلمون، فإن أبى حاكمته إلى الله، وانصرف عنه المغيرة مغضباً له لما لم يقبل عنه نصيحته، فلمّا كان الغداة أتاه فقال: يا أمير المؤمنين! نظرت فيما قلتُ لك بالأمس وما جاوبتني به فرأيت انّك وفّقت للخير وطلب الحقّ، ثمّ خرج عنه فلقيه الحسن رضي الله عنه وهو خارجٌ فقال لأبيه: ما قال لك هذا الأعور؟ قال: أتاني أمس هكذا وأتاني اليوم هكذا، قال: نصح لك والله أمس، وخدعك اليوم، فقال له عليٌّ: إن أقررتُ معاوية على ما في يده كنت متّخذ المضلّين عضدا.

راجع ما أسلفناه في الجزء السادس ص ١٤٢ ط ٢.

٦٤ - قال أبو عمر في الاستيعاب(١) عند ترجمة حبيب بن مسلمة ١: ١٢٣: وروينا انّ الحسن ابن علي قال لحبيب بن مسلمة في بعض خرجاته بعد صفّين: يا حبيب! ربّ مسير لك في غير طاعة الله. فقال له حبيب: أمّا إلى أبيك فلا. فقال له الحسن: بل والله لقد طاوعت معاوية على دنياه وسارعت في هواه، فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في دينك، فليتك إذ أسأت الفعل أحسنت القول فتكون كما قال الله تعالى: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيِّئاً، ولكنّك كما قال الله تعالى: كلّا بل ران على‏ قلوبهم ما كانوا يكسبون.

٦٥ - عن أبي سهيل التميمي قال: حجّ معاوية فسأل عن امرأة من بني كنانة كانت تنزل بالحجون يقال لها: دارميّة الحجونيّة. وكانت سوداء كثيرة اللحم فاُخبر بسلامتها فبعث إليها فجيء بها فقال: ما جاء بك يا ابنة حام؟ فقالت: لست لحام إن عبتني، أنا امرأةٌ من بني كنانة، قال: صدقت أتدري لما بعثت إليك؟ قالت: لا يعلم الغيب إلّا الله، قال: بعث إليك لأسألك علام أحببت عليّاً وأبغضتني؟ وواليته وعاديتني؟ قالت: أوَ تعفيني؟ قال: لا أعفيك. قالت: أما إذا أبيت فانِّي أحببت عليّاً على عدله في الرعيّة، و قسمه بالسويَّة، وأبغضتك على قتال مَن هو أولى منك بالأمر، وطلبتك ما ليس لك بحقّ، وواليت عليّاً على ما عقد له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الولاء، وحبّه المساكين، وإعظامه لأهل الدين، وعاديتك على سفك الدماء، وجورك في القضاء، وحكمك بالهوى. قال: فلذلك انتفخ بطنك وعظم ثدياك، وربت عجزتك؟ قالت: يا هذا بهند والله كان يضرب

____________________

١ - البرج: سعة العين.

١٦٦

المثل في ذلك لأ بي. قال معاوية: يا هذه اربعي فإنّا لم نقل إلّا خيرا، انّه اذا انتفخ بطن المرأة تمَّ خلق ولدها، وإذا عظم ثدياها تروي رضيعها، وإذا عظمت عجزتها رزن مجلسها فرجعت وسكنت، قال لها: يا هذه هل رأيت عليّاً؟ قالت: اي والله، قال: فكيف رأيته؟ قالت: رأيته والله لم يفتنه الملك الذي فتنك، ولم تشغله النعمة التي شغلتك، قال: فهل سمعت كلامه؟ قالت: نعم والله، فكان يجلو القلوب من العمى كما يجلو الزيت صدأ الطست قال: صدقت، فهل لك من حاجة؟ قالت: أوَ تفعل إذا سألتك؟ قال: نعم. قالت: تعطيني مائة ناقة حمراء فيها فحلها وراعيها، قال: تصنعين بها ماذا؟ قالت: أغذوا بألبانها الصغار، واستحيي بها الكبار، واكتسب بها المكارم، واصلح بها بين العشائر، قال: فإن أعطيتك ذلك فهل أحلّ عندك محلَّ عليَّ بن أبي طالب؟ قالت: سبحان الله أو دونه فأنشأ معاوية يقول:

إذا لم أعد بالحلم منّي عليكمُ

فمن ذا الذي بعدي يؤمّل للحلم؟

خذيها هنيئاً واذكري فعل ماجد

جزاك على حرب العداوة بالسِّلمِ

ثمَّ قال: أما والله لو كان عليُّ حيّاً ما أعطاك منها شيئاً، قالت: لا والله ولا وبرة واحدة من مال المسلمين. العقد الفريد ١: ١٦٢، بلاغات النساء لابن أبي طاهر ص ٧٢.

٦٦ - دخلت أروى بنت الحرث بن عبد المطلب على معاوية وهي عجوزٌ كبيرة فلمّا رآها معاوية قال: مرحباً بكِ وأهلاً يا خالة! فكيف كنت بعدنا؟ فقالت: يا ابن أخي لقد كفرت يد النعمة، وأسأت لابن عمِّك الصحبة، وتسمّيت بغير اسمك، وأخذت غير حقّك، من غير دين كان منك ولا من آبائك، ولا سابقة في الإسلام بعد أن كفرتم برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأنفس الله منكم الجدود، وأضرع منكم الخدود، وردّ الحقّ إلى أهله ولو كره المشركون، وكانت كلمتنا هي العليا، ونبيّناصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو المنصور، فوليتم علينا من بعده، وتحتجّون بقرابتكم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونحن أقرب إليه منكم و أولى بهذا الأمر، فكنّا فيكم بمنزلة هارون من موسى، فغايتنا الجنّة وغايتكم النار. الحديث. العقد الفريد ١: ١٦٤، بلاغات النساء ص ٢٧.

٦٧ - من حديث طويل أسلفنا شطراً منه في ترجمة عمرو بن العاص ج ٢ ص ١٣٣ - ١٣٦ فتكلم الحسن بن عليعليه‌السلام فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمَّ قال: أمّا بعد: يا معاوية! فما هؤلاء شتموني ولكنّك شتمتني فحشاً ألفته، وسوء رأي

١٦٧

عُرفت به، وخلقاً سيِّئاً ثبتَّ عليه، وبغياً علينا عداوةً منك لمحمّد وأهله، ولكن اسمع يا معاوية! واسمعوا فلأقولنَّ فيك وفيهم ما هو دون ما فيكم.

انشدكم الله أيّها الرّهط أتعلمون أنّ الذي شتمتموه منذ اليوم صلّى القبلتين كليهما وأنت بهما كافر، تراها ضلالة، وتعبد اللات والعزّى غواية؟ وأنشدكم الله هل تعلمون أنّه بايع البيعتين كليهما: بيعة الفتح وبيعة الرضوان؟ وأنت يا معاوية! باحداهما كافر، و بالاُخرى ناكث. وأنشدكم الله هل تعملون أنّه أوّل الناس ايماناً؟ وانّك يا معاوية! وأباك من المؤلّفة قلوبهم تسرُّون الكفر وتظهرون الإسلام، وتستمالون بالأموال. وأنشدكم الله ألستم تعلمون أنَّه كان صاحب راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم بدر؟ وأنّ راية المشركين كانت مع معاوية ومع أبيه، ثمَّ لقيكم يوم اُحد ويوم الأحزاب ومعه راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومعك ومع أبيك راية الشرك، وفي كلِّ ذلك يفتح الله له، ويفلج حجّته، وينصر دعوته، ويصدّق حديثه، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تلك المواطن كلّها عنه راض، وعليك وعلى أبيك ساخط، وأنشدك الله يا معاوية! أتذكر يوماً جاء أبوك على جمل أحمر وأنت تسوقه وأخوك عتبة هذا يقوده فرآكم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: أللهمّ العن الراكب و القائد والسائق، أتنسى يا معاوية! الشعر الذي كتبته إلى أبيك لمـّا همَّ أن يسلم تنهاه عن ذلك.

يا صخر لا تسلمنْ يوماً فتفضحنا

بعد الذين ببدر أصبحوا مزقا

خالي وعمِّي وعمّ الاُمّ ثالثهم

وحنظل الخير قد أهدى لنا الارقا

لا تركننّ إلى أمر يكلّفنا

والرّاقصات به في مكّة الخرقا

فالموت أهون من قول العداة لقد

عاد ابن حرب عن العزّى إذا فرقا

والله لما أخفيت من أمرك أكبر ممّا أبديت. وأنشدكم الله أيُّها الرهط! أتعلمون أنَّ عليّاً حرّم الشهوات على نفسه بين أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأنزل فيه: يا أيّها الذين آمنوا لا تحرّموا طيّبات ما أحلَّ الله لكم. وإنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة فنزلوا من حصنهم فهزموا فبعث عليّاً بالراية فاستنزلهم على حكم الله وحكم رسوله، وفعل في خيبر مثلها ثمَّ قال: يا معاوية! أظنّك لا تعلم أنّي أعلم ما دعا به عليك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمـّا أراد أن يكتب كتاباً إلى بني جذيمة فبعث إليك ونهمك إلى أن تموت، وأنتم أيّها الرَّهط نشدتكم الله ألا تعملون أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعن

١٦٨

أبا سفيان في سبعة مواطن لا تستطيعون ردّها، أوَّلها [فعدَّ المواطن التي ذكرناها ص ٨١، ٨٢ من هذا الجزء]

راجع تذكرة السبط ص ١١٥، شرح ابن أبي الحديد ٢: ١٠٢، جمهرة الخطب ١: ٤٢٨.

وفي لفظ سبط ابن الجوزي: وأنت يا معاوية! نظر النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إليك يوم الأحزاب فرأى أباك على جمل يحرّض الناس على قتاله وأخوك يقود الجمل وأنت تسوقه فقال: لعن الله الراكب والقائد والسائق، وما قابله أبوك في موطن إلّا ولعنه وكنت معه، ولّاك عمر الشام فخنته، ثمَّ وّلاك عثمان فتربّصت عليه، وأنت الذي كنت تنهى أباك عن الإسلام حتّى قلت مخاطباً له:

يا صخر لا تسلمنْ طوعاً فتفضحنا

بعد الذين ببدر أصبحوا مزقا

لا تركننَّ إلى أمر تقلّدنا

والراقصات بنعمان به الحرقا

وكنت يوم بدر واُحد والخندق والمشاهد كلّها تقاتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد علمت الفراش الذي وُلدت عليه. الحديث.

قال السبط في التذكرة ص ١١٦، قال الأصمعي والكلبي في المثالب: معنى قول الحسن لمعاوية: قد علمت الفراش الذي وُلدت فيه. انَّ معاوية كان يقال انّه من أربعة من قريش: عمارة بن الوليد بن المغيرة المخزومي. مسافر بن أبي عمرو. أبي سفيان. العبّاس بن عبد المطلب. وهؤلاء كانوا ندماء أبي سفيان وكان منهم من يتّهم بهند.

فأمّا عمارة بن الوليد كان من أجمل رجالات قريش.

وأمّا مسافر بن أبي عمرو فقال الكلبي: عامّة الناس على أنَّ معاوية منه لأنّه كان أشدّ الناس حبّاً لهند، فلمّا حملت هند بمعاوية خاف مسافر أن يظهر أنّه منه، فهرب إلى ملك الحيرة فأقام عنده، ثمَّ إنَّ أبا سفيان قدم الحيرة فلقيه مسافر وهو مريضٌ من عشقه لهند وقد سقى بطنه فسأله عن أهل مكة فأخبره، وقيل: إنَّ أبا سفيان تزوَّج هنداً بعد انفصال مسافر عن مكّة، فقال له أبو سفيان: إنّي تزوَّجت هنداً بعدك فازداد مرضه وجعل يذوب فوصف الكيّ فاحضروا المكّاوي والحجّام، فبينا الحجّام يكويه إذ حبق الحجّام فقال مسافر: قد يحبق العير والمكواة في النار. فسارت مثلاً، ثمَّ مات مسافر من عشقه لهند.

١٦٩

وقال الكلبي: كانت هند من المغيلمات وكانت تميل إلى السودان من الرّجال فكانت إذا ولدت ولداً أسود قتلته قال: وجرى بين يزيد بن معاوية وبين اسحاق بن طابة بين يدي معاوية وهو خليفة فقال يزيد لإسحاق: إنَّ خيراً لك أن يدخل بنو حرب كلّهم الجنّة. أشار يزيد إلى أنَّ اُم إسحاق كانت تتَّهم ببعض بني حرب، فقال له إسحاق إنَّ خيراً لك أن يدخل بنو العبّاس كلّهم الجنّة. فلم يفهم يزيد قوله وفهم معاوية، فلمّا قام إسحاق قال معاوية ليزيد: كيف تُشاتم الرّجال قبل أن تعلم ما يقال فيك؟ قال: قصدتُ شين إسحاق. قال: وهو كذلك أيضاً. قال: وكيف؟ قال: أما علمت أنَّ بعض قريش في الجاهليّة يزعمون انّي للعبّاس. فسقط في يدي يزيد. وقال الشعبي: وقد أشار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى هند يوم فتح مكّة بشيىء من هذا فإنّها لمـّا جاءت تبايعه وكان قد أهدر دمها فقالت: على ما اُبايعك؟ فقال: على أن لا تزنين. فقالت: وهل تزني الحرَّة؟ فعرفها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فنظر إلى عمر فتبسّم.

وقال الزمخشري في ربيع الأبرار(١) ج ٣ باب القرابات والأنساب وذكر حقوق الآباء والاُمّهات وصلة الرحم والعقوق:

وكان معاوية يعزى إلى أربعة إلى أبي عمرو بن مسافر. وإلى عمارة بن الوليد. وإلى العبّاس بن عبد المطلب. وإلى الصباح مغنّى اسود كان لعمارة. قالوا: وكان أبو سفيان ذميماً، قصيراً، وكان الصباح عسيفاً لأبي سفيان شابّاً وسيماً فدعته هند إلى نفسها - وقالوا: إنَّ عتبة بن أبي عتبة بن أبي سفيان من الصباح أيضاً - وإنّما كرهت أن تضعه في منزلها فخرجت إلى أجياد فوضعته هناك، وفي ذلك قال حسّان:

لمن الصبيُّ بجانب البطحاء

في الترب ملقى غير ذي مهد

نجلت به بيضاء آنسة

من عبد شمسٍ صلبة الخدِّ؟

وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ١: ١١١: كانت هند تذكر في مكّة بفجور وعهر وقال الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار: كان معاوية. وذكر إلى آخر الكلمة المذكورة فقال: والذين نزَّهوا هنداً عن هذا القذف، فذكر حديث الفاكهة الذي ذكره أبو عبيد معمِّر بن المثنّى.

____________________

١ - وقفت منه على عدة نسخ منها نسخة فى مكتبة الاوقاف العامة ببغداد رقم ٣٨٨.

١٧٠

وفي كتاب لزياد بن أبيه مجيباً معاوية عن تعييره إيّاه بامّه سُميَّة: وأمّا تعييرك لي بسميَّة فإن كنتُ ابن سُميَّة فأنت ابن جماعة. شرح ابن أبي الحديد ٤: ٦٨.

٦٨ - أخرج الحافظ ابن عساكر في تاريخه من طريق عبد الملك بن عمير قال: قدم جارية بن قدامة السعدي على معاوية فقال: من أنت؟ قال: جارية بن قدامة. قال: وما عسيت أن تكون هل أنت إلَّا نحلة؟ قال: لا تقل فقد شبّهتني بها حامية اللسعة حلوة البصاق، والله ما معاوية إلّا كلبة تعاوي الكلاب، وما اُميّة إلّا تصغير أمة.

وأخرج عن الفضل بن سويد قال: وفد جارية بن قدامة على معاوية، فقال له معاوية: أنت الساعي مع عليِّ بن أبي طالب، والموقد النار في شعلك تجوس قرى عربيَّة تسفك دماءهم. قال جارية: يا معاوية! دع عنك عليّاً فما أبغضنا عليّاً منذ أحببناه، ولا غششناه منذ صحبناه.

قال ويحك يا جارية! ما كان أهونك على أهلك إذ سمّوك جارية؟ قال: أنت يا معاوية! كنت أهون على أهلك إذ سمّوك معاوية. إلخ وذكره بطوله وما قبله السيوطي في تاريخ الخلفاء ص ١٣٣.

وفي لفظ ابن عبد ربّه: قال معاوية لجارية: ما كان أهونك على أهلك إذ سمّوك جارية؟ قال: ما كان أهونك على أهلك إذ سمّوك معاوية وهي الاُنثى من الكلاب؟ قال: لا اُمّ لك. قال: اُمِّي ولدتني للسيوف التي لقيناك بها في أيدينا، قال: انّك لتهدّدني؟ - قال: أما والله إنَّ القلوب التي أبغضناك بها لبين جوانحنا، والسيوف التي قاتلناك بها لفي أيدينا إنّك لم تفتتحنا قسراً، ولم تملكنا عنوة، ولكنك أعطيتنا عهداً وميثاقاً، وأعطيناك سمعاً وطاعة، فإن وفيت لنا وفينا لك، وإن فزعت إلى غير ذلك فانّا تركنا وراءنا رجالاً شداداً وألسنة حداداً. قال له معاوية: لا كثّر الله في الناس أمثالك. قال جارية: قل معروفاً وراعنا فإنَّ شرّ الدعاء المحتطب.

العقد الفريد ٢: ١٤٣ في مجاوبة الاُمراء والردّ عليهم، وذكره الأبشيهي قريباً من هذا اللفظ في المستطرف ١: ٧٣ وما ذكرناه بين الخطّين من لفظه.

٦٩ - دخل شريك بن الأعور على معاوية وكان دميماً فقال له معاوية: إنّك لدميم والجميل خيرٌ من الدميم، وانّك لشريك وما لِلَّه من شريك، وإنَّ أباك لأعور والصحيح خيرٌ من الأعور، فكيف سدت قومك؟ فقال له: إنّك معاوية وما معاوية إلّا كلبةٌ عوت فاستعوت الكلاب، وانّك لابن صخر والسهل خيرٌ من الصخر، وإنّك

١٧١

لابن حرب والسّلم خيرٌ من الحرب، وانّك لابن اُميّة وما اُميّة إلّا أمة صغرت، فكيف صرت أمير المؤمنين؟ ثمَّ خرج وهو يقول:

أيشتمني معاوية بن حرب

وسيفي صارمٌ ومعي لساني

وحولي من ذوي يزن ليوثٌ

ضراغمة تهشُّ إلى الطعانِ

يعيِّر بالدمامة من سفاه

وربّات الجمال من الغواني

المستطرف ١: ٧٢

قال الأميني: إنّ معاوية لمـّا كان تتوجّه إليه تلكم القوارص من ناحية اسمه، ولعلّه كان لا ينسى معناه عند توجيه الخطاب إليه بذلك، ولم يك له بدٌّ منه إذ سمّته به هند وما كان يسعه أن يخطّأها، فبذل ألف ألف درهم لعبد الله بن جعفر الطيّار أن يسمّي أحد أولاده ( معاوية )(١) زعماً منه بتخفيف الوطئة إن كان له سميٌّ في البيت الهاشمي. لكن خفي على المغفَّل انَّ فناء آل هاشم لا يقصر عن فناء أصحاب الكهف فإنَّ كلبهم ما دنّس ساحتهم، فانّي تدنِّس الأسماء تلك الأفنية المقدَّسة التي منها بيوتٌ أذن الله أن ترفع ويُذكر فيها اسمه.

٧٠ - ومن خطبة لمولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام : والله ما معاوية بأدهى منّي، ولكّنه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، ولكن كلّ غدرةِ فجرة، ولكلّ فجرة كفرة، ولكلّ غادر لواء يُعرف به يوم القيامة.

ولابن أبي الحديد في شرحه ٢: ٥٧٢ - ٥٨٩ كلمةٌ ضافيةٌ في شرح هذه الخطبة فيها فوائد جمّة من جهات شتّى، ومنها كلمة الجاحظ أبي عثمان حول معاوية، وقول أبي جعفر النقيب: إنَّ معاوية من أهل النار لا لمخافته عليّاً ولا بمحاربته إيّاه، ولكن عقيدته لم تكن صحيحة ولا ايمانه حقّاً، وكان من رؤوس المنافقين هو وأبوه، ولم يسلم قلبه قطّ، وإنَّما أسلم لسانه، وكان يذكر من حديث معاوية ومن فلتات قوله وما حفظ عنه من كلام يقتضي فساد العقيدة شيئاً كثيراً... إلخ.

٧١ – لمـّا قتل العبّاس بن ربيعة يوم صفّين عرار بن أدهم من أصحاب معاوية تأسَّف معاوية على عرار وقال: متى ينطف فحلٌ بمثله؟ أيُطلّ دمه؟ لاها الله ذا. ألا

____________________

١ - تاج العروس ١٠: ٢٦٠.

١٧٢

لِلَّه رجل يشري نفسه يطلب بدم عرار؟ فانتدب له رجلان من لخم. فقال: إذهبا فأيّكما قتل العبّاس برازاً فله كذا. فأتياه ودعواه إلى البراز فقال: إنّ لي سيّداً اُريد أن اُؤامره فأتى عليّاً فأخبره الخبر فقال عليٌّ: والله لودَّ معاوية انّه ما بقي من هاشم نافخ ضرمة إلّا طعن في نيطه(١) إطفاءً لنور الله ويأبى الله إلاً أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون. الحديث عيون الأخبار لابن قتيبة ١: ١٨٠.

٧٢ – لمـّا سلّم الحسن الأمر إلى معاوية قال الخوارج: قد جاء الآن ما لا شكَّ فيه فسيروا إلى معاوية فجاهدوه. فأقبلوا وعليهم فروة بن نوفل حتّى حلّوا بالنخيلة عند الكوفة وكان الحسن بن علي قد سار يريد المدينة، فكتب إليه معاوية يدعوه إلى قتال فروة فلحقه رسوله بالقادسيّة أو قريباً منها فلم يرجع وكتب إلى معاوية: لو آثرت أن اُقاتل أحداً من أهل القبلة لبدأت بقتالك فانّي تركتك لصلاح الاُمّة وحقن دمائها.

ألكامل لابن الأثير ٣: ١٧٧.

٧٣ - قال الأسود بن يزيد: قلت لعائشة: ألا تعجبين لرجل من الطلقاء ينازع أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الخلافة؟ فقالت: وما تعجب من ذلك؟ هو سلطان الله يؤتيه البرّ والفاجر، وقد ملك فرعون أهل مصر أربعمائة سنة، وكذلك غيره من الكفّار.

تاريخ ابن كثير ٨ ص ١٣١ قال: أخرجه أبو داود الطيالسي وابن عساكر(٢) .

تشبيه امّ المؤمنين معاوية بفرعون وغيره من الكّفار في ملكه يُعرب عن جلّية حال ذلك الملك العضوض ومالك أزمَّته، وما أمر فرعون برشيد يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود واتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة، بئس الرفد المرفود.

٧٤ - أخرج الحافظ ابن عساكر في تاريخه ٦: ٤٢٥ من طريق الشعبي قال: خطب الناس معاوية فقال: لو انّ أبا سفيان ولد الناس كلّهم كانوا أكياساً. فقام إليه صعصعة بن صوحان فقال له: قد ولد الناس كلّهم من هو خيرٌ من أبي سفيان: آدمعليه‌السلام فمنهم الأحمق والكيِّس، فقال معاوية: إنّ أرضنا قريبةٌ من المحشر. فقال له: إنّ المحشر لا يبعد على

____________________

١ - النيط: الوسط بين الأمرين.

٢ - ترى ابن كثير حكى هذا الحديث عن أبى داود الطياسى وابن عساكر، وقد حرفته يد الطبع عن مسند الأول وتاريخ الثانى لما فيه من طعن ام المؤمنين على معاوية.

١٧٣

مؤمن ولا يقرب من كافر. فقال معاوية: إنّ أرضنا ارض مقدّسة. فقال له صعصعة: إنّ الأرض لا يقدّسها شيء ولا ينجّسها، إنّما تقدّسها الأعمال. فقال معاوية: عباد الله اتّخذوا الله وليّاً واتّخذوا خلفاءه جنّة تحترزوا بها. فقال صعصعة: كيف وكيف؟ وقد عطَّلت السنّة، وأخفرت الذمّة، فصارت عشواء مطلخمّة، في دهياء مدلهمّة، قد استوعبتها الأحداث، وتمكّنت منها الأنكاث. فقال له معاوية: يا صعصعة! لإن تقعى على ظلعك خير لك من استبراء رأيك، وإبداء ضعفك، تعرض بالحسن بن علي عليَّ، ولقد هممت أن أبعث إليه. فقال له صعصعة: اي والله وجدتهم أكرمهم جدودا، وأحياكم حدوداً، و أوفاكم عهوداً، ولو بعثت إليه فلوجدته في الرأي أريبا، وفي الأمر صليبا، وفي الكرم نجيبا، يلذعك بحرارة لسانه، ويقرعك بما لا تستطيع إنكاره. فقال له معاوية: والله لأجفينك عن الوساد، ولأشردنَّ بك في البلاد، فقال له صعصعة: والله إنّ في الأرض لسعة، وإنّ في فراقك لدعة، فقال معاوية: والله لأحبسنك عطاءك. قال: إن كان ذلك بيدك فافعل، إنّ العطاء وفضائل النعماء في ملكوت من لا تنفد خزائنه، ولا يبيد عطاءه، ولا يحيف في قضيّته. فقال له معاوية: لقد استقتلت. فقال له صعصعة: مهلاً، لم أقل جهلاً، ولم أستحلّ قتلاً، لا تقتل النفس التي حرّم الله إلّا بالحقّ، ومن قتل مظلوماً كان الله لقاتله مقيما، يرهقه اليما، ويجرعه حميما، ويصليه جحيما.

٧٥ - لَمّا ولي معاوية بن يزيد بن معاوية صعد المنبر فقال: إنّ هذه الخلافة حبل الله وانَّ جدِّي معاوية نازعٌ الأمر أهله، ومن هو أحقّ به منه، عليّ بن ابي طالب، وركب بكم ما تعلمون حتّى أتته منيّته فصار في قبره رهيناً بذنوبه، ثمَّ قلّد أبي الأمر، وكان غير أهل له، ونازع ابن بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقصف عمره، وانبتر عقبه، وصار في قبره رهيناً بذنوبه ثمَّ بكى.

الصواعق لابن حجر ص ١٣٤.

٧٦ - قال الحارث بن مسمار البهراني: حبس معاوية صعصعة بن صوحان العبدي وعبد الله بن الكواء اليشكري ورجالاً من أصحاب علي مع رجال من قريش فدخل عليهم معاوية يوماً فقال: نشدتكم بالله إلّا ما قلتم حقّاً وصدقاً أيّ الخلفاء رأيتموني؟ فقال ابن الكواء: لولا انّك عزمت علينا ما قلنا لانّك جبّارٌ عنيدٌ لا تراقب الله في قتل الأخيار و لكنّا نقول: إنّك ما علمنا واسع الدنيا، ضيّق الآخرة، قريب الثرى، بعيد المرعى،

١٧٤

تجعل الظلمات نوراً، والنور ظلمات. فقال معاوية: إنّ الله أكرم هذا الأمر بأهل الشام الذابِّين عن بيضته، التاركين لمحارمه، ولم يكونوا كأمثال أهل العراق المنتهكين لمحارم الله والمحلّين ما حرّم الله والمحرِّمين ما أحلَّ الله. فقال عبد الله بن الكواء، يا ابن أبي سفيان انّ لكلّ كلام جواباً ونحن نخاف جبروتك، فإن كنت تطلق ألسنتنا ذبّينا عن أهل العراق بألسنة حداد لا يأخذها في الله لومة لائم، وإلّا فإنّا صابرون حتى يحكم الله ويضعنا على فرجه. قال: والله لا يطلق لك لسان.

ثم تكلّم صعصعة فقال: تكلّمت يا ابن أبي سفيان فأبلغت ولم تقصّر عمّا أردت و ليس الأمر على ما ذكرت، أنّى يكون الخليفة مَن ملك الناس قهراً، ودانهم كبراً، و استولى بأسباب الباطل كذباً ومكراً؟ أما والله مالك في يوم البدر مضربٌ ولا مرمى، و ما كنت فيه إلّا كما قال القائل ( لا حلى ولا سيرى ) ولقد كنت أنت وأبوك في العير والنفير ممّن أجلب على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّما أنت طليقٌ ابن طليق، أطلقكما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأنّى تصلح الخلافة لطليق؟ فقال معاوية لولا انّي أرجع إلى قول أبي طالب حيث يقول:

قابلت جهلهمُ حلماً ومغفرةً

والعفو عن قدرة ضربٌ من الكرم

لقتلتكم. « مروج الذهب ٢: ٧٨ »

٧٧ - عن أبي مزروع الكلبي قال: دخل صعصعة بن صوحان على معاوية فقال له يا ابن صوحان أنت ذو معرفة بالعرب وبحالها - إلى أن قال -: فاخبرني عن أهل الحجاز.

قال: أسرع الناس إلى فتنة، وأضعفهم عنها، وأقلّهم عناء فيها، غير انّ لهم ثباتاً في الدين وتمسّكاً بعروة اليقين، يتَّبعون الأئمّة الأبرار، ويخلعون الفسقة الفجّار. فقال معاوية: مَن البررة والفسقة؟ فقال: يا ابن أبي سفيان! ترك الخداع مَن كشف القناع، عليٌّ وأصحابه من الائمَّة الأبرار، وأنت وأصحابك من اولئك.

إلى أن قال معاوية: أخبرني عن أهل الشام. قال: أطوع الناس لمخلوق، وأعصاهم للخالق، عصاة الجبّار، وحلفة الأشرار، فعليهم الدمار، ولهم سوء الدار. فقال معاوية: والله يا ابن صوحان! انّك لحاملٌ مديتك منذ أزمان إلّا انّ حلم ابن أبي سفيان يردُّ عنك فقال صعصعة: بل أمر الله وقدرته، انَّ امر الله كان قدراً مقدوراً(١) .

____________________

١ - مروج الذهب ٢: ٧٨، ٧٩.

١٧٥

٧٨ - عن ابراهيم بن عقيل البصري قال: قال معاوية يوماً وعنده صعصعة وكان قدم عليه بكتاب عليّ وعنده وجوه الناس: الارض لِلَّه، وأنا خليفة الله، فما آخذ من مال الله فهو لي وما تركت منه كان جائزاً لي فقال صعصعة:

تمنّيك نفسك ما لا يكو

ن جهلاً مُعاويَ لا تأثمِ

فقال معاوية: يا صعصعة! تعلّمت الكلام. قال، العلم بالتعلّم، ومن لا يعلم يجهل قال معاوية: ما أحوجك إلى أن اذيقك وبال أمرك. قال، ليس ذلك بيدك ذلك بيد الذي لا يؤخّر نفساً إذا جاء أجلها، قال، ومن يحول بيني وبينك؟ قال: الذي يحول بين المرء وقلبه. قال معاوية: اتّسع بطنك للكلام كما اتَّسع بطن البعير للشعير. قال: اتَّسع بطن من لا يشبع ودعا عليه من لا يجمع(١) .

٧٩ - سئل صعصعة بن صوحان عن معاوية قال: صانع الدنيا فاقتلدها، وضيّع الآخرة فنبذها، وكان صاحب من أطعمه وأخافه. تاريخ ابن عساكر ٦: ٤٢٤.

٨٠ - أخرج أبو الفرج الاصبهاني في الاغاني ٣: ١٨ قال: أخبرني احمد بن عبد العزيز الجوهري قال: حدّثنا عمر بن شبة قال: حدّثني أحمد بن معاوية عن الهيثم بن عدي قال: حجّ معاوية حجّتين في خلافته وكانت له ثلاثون بغلة يحجُّ عليها نساؤه وجواريه قال: فحجّ في إحداهما فرأى شخصاً يصلّي في المسجد الحرام عليه ثوبان أبيضان فقال: مَن هذا؟ قالوا: شعبة بن غريض(٢) وكان من اليهود فأرسل إليه يدعوه فأتاه رسوله فقال: أجب أمير المؤمنين. قال: أوَ ليس قد مات أمير المؤمنين قبلُ؟ قال: فأجب معاوية فأتاه فلم يسلّم عليه بالخلافة فقال له معاوية: ما فعلت ارضك التي بتيماء؟(٣) قال: يكسى منها العاري ويردّ فضلها على الجار قال: أفتبيعها؟ قال: نعم. قال: بكم؟ قال: بستين ألف دينار ولولا خلّة أصابت الحيّ لم أبعها. قال: لقد أغليت. قال: أما لو كانت لبعض أصحابك لأخذتها بستمائة ألف دينار ثمَّ لم تبل. قال: أجل: وإذ بخلت بأرضك فأنشدني شعر أبيك يرثي نفسه فقال: قال أبي:

____________________

١ - مروج الذهب ٢: ٧٩، جمهرة الخطب ١: ٢٥٧.

٢ - كذا فى الاغانى والصحيح كما ضبطه ابن حجر فى الاصابة: سعنه. بالمهلة والنون. و يقال بالمثناة التحتانية وعريض بالمهملة ايضاً.

٣ - تيما: محل بين الحجاز والشام.

١٧٦

يا ليت شعري حين أندب هالكاً

ماذا تؤبّنني به أنواحي؟

أيقلن لا تعبد فربّ كريهة

فرّجتها ببشارة وسماحِ

ولقد ضربت بفضل مالي حقّه

عند الشتاء وهبَّة الأرواحِ

ولقد أخذت الحقَّ غير مخاصم

ولقد رددت الحقَّ غير ملاحِ

وإذا دُعيت لصعبة سهَّلتها

اُدعى بأفلح مرّة ونجاحِ

فقال: أنا كنت بِهذا الشعر أولى من أبيك قال: كذبت ولؤمت. قال أمّا كذبت فنعم، وأمّا لؤمت فِلمَ؟ قال: لأنَّك كنت ميت الحقِّ في الجاهليَّة وميته في الإسلام، أمّا في الجاهليَّة فقاتلت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والوحي جعل الله كيدك المردود، وأمّا في الإسلام فمنعت ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخلافة، وما أنت وهي وأنت طليق ابن طليق؟ فقال معاوية: قد خرف الشيخ فأقيموه فاُخذ بيده فاُقيم.

وذكره ملخّصا ابن حجر في الإصابة ٢: ٤٣ من طريق آخر عن عبد الله بن الزبير وزاد: فقال: ما خرفت ولكن انشدك الله يا معاوية! أما تذكر لمـّا كنّا جلوساً عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجاء عليٌّ فاستقبله النبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال: قاتل الله من يقاتلك، وعادى من يعاديك.

فقطع عليه معاوية حديثه وأخذ معه في حديث آخر.

١٧٧

معاوية فى ميزان القضاء

لعمر الحق إنّ واحدة من هذه الشَّهادات كافيةٌ في تحطيم قدر الرجل والاسفاف بمستواه إلى الحضيض الأسفل، فكيف بجميعها؟ فانّها صدرت من سادات الصّحابة وأعيانهم العدول جميعهم عند القوم فضلاً عن هؤلاء الذين لا يُشكّ في ورعهم وقداسة ساحتهم عن السقطة في القول والعمل، ولا سيّما وفيهم الإمام المعصوم الخليفة حقّاً المطهّر بلسان الذكر الحكيم عن أيّ رجاسة، الذي يدور الحقُّ معه حيثما دار، وهو مع القرآن والقرآن معه لن يفترقا حتى يردا الحوض(١) وقبل الجميع ما رويناه عن النبيِّ الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقِّ هذا الإنسان.

فالرجل أخذاً بمجامع تلكم الشّهادات الصادقة للسلف الصالح محكومٌ عليه نصّ أقوالهم من دون أيّ تحريف وتحوير منّا بأنّه امرئ ليس له بصرٌ يهديه ولا قائدٌ يرشده، دعاه الهوى فأجابه، وقاده الضلال فاتّبعه، وما أتى به من ضلاله ليس ببعيد الشبه ممّا أتى به أهله المشركون الكفرة، مصيره إلى اللّظى، مبوّأه النار، اللعين ابن اللعين، الفاجر ابن الفاجر، المنافق ابن المنافق، الطليق ابن الطليق، الوثن ابن الوثن، الجلف المنافق، الأغلف القلب، القليل العقل، الجبان الرذل، يخبط في عماية، ويتيه في ضلالة، شديد اللزوم للأهواء المبتدعة، والحيرة المتّبعة، لم يكن من أهل القرآن ولا مريداً حكمه يجري إلى غاية خُسر، ومحلّة كفر، قد أولجته نفسه شرّاً، وأقحمته غيّاً، وأوردته المهالك وأوعرت عليه المسالك، غمص الناس، وسَفه الحقّ، فاسقٌ مهتوك ستره، يشين الكريم بمجلسه، ويسفه الحليم بخلطته، ابن آكلة الأكباد، الكذّاب العسوف، إمام الرَّدى، وعدوّ النبيِّ، لم يزل عدوًّا لله والسنّة والقرآن والمسلمين، رجل البدع والأحداث كانت بوائقه تُتّقى، وكان على الإسلام مخوّفاً، الغادر الفاسق، مثله كمثل الشيطان يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله، لم يجعل الله له سابقة في الدين، ولا سلف صدق في الإسلام، القاسط النابذ كتاب الله وراء ظهره، كان شرّ الاطفال

____________________

١ - راجع الجزء الثالث من كتابنا هذا.

١٧٨

وشرّ رجال، كهف المنافقين، دخل في الاسلام كرها، وخرج منه طوعاً، لم يقدم ايمانه ولم يحدث نفاقه، كان حرباً لِلَّه ولرسوله، حزباً من أحزاب المشركين، عدوَّا لِلَّه ولنبيِّه وللمؤمنين، أقوَل الناس للزور، وأضلّهم سبيلاً، وأبعدهم من رسول الله وسيلة، الغاوي اللّعين، ليس له فضلٌ في الدين معروف، ولا أثرٌ في الإسلام محمود، عادى الله ورسوله وجاهدهما، وبغى على المسلمين، وظاهر المشركين، فلمّا أراد الله أن يظهر دينه وينصر رسوله أتاه فأسلم وهو والله راهبٌ غير راغب، قُبض رسول الله والرجل يُعرف بعداوة المسلم ومودّة المجرم، يُطفي نور الله، ويُظاهر أعداء الله، أغوى جفاةً فأوردهم النار وأورثهم العار، لم يكن في إسلامه بأبرّ وأتقى ولا أرشد ولا أصوب منه في أيّام شركه وعبادته الأصنام.

هذا معاوية عند رجال الدّين الصحيح الأبرار الصادقين، وهذه صحيفة من تاريخه السوداء، وتؤكّد هذه الكلم القيّمة ما يؤثر عن الرَّجل من بوائق وموبقات هي بمفردها حججٌ دامغةٌ على سقوطه عن مبوّأ الصالحين، فإنّها لا تتأتّى إلّا عن تهاون بأمر الله ونهيه، وإغضاء عن نواميس الدين وشرايع الإسلام، وتزحزح عن سنّة الله، وتعدٍّ وشذوذٍ عن حدوده، ومَن يعتدّ حدود الله فاُولئك هُم الظالمون، وإليك نزرٌ منها:

- ١ -

معاوية والخمر

١ - أخرج إمام الحنابلة أحمد في مسنده ٥: ٣٤٧ من طريق عبد الله بن بريدة قال: دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ثمّ اُتينا بالطعام فأكلنا، ثمَّ اُتينا بالشراب فشرب معاوية ثمّ ناول أبي ثمّ قال: ما شربته منذ حرّمه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمَّ قال معاوية: كنت أجمل شباب قريش، وأجودهم ثغراً، وما شيىء كنت أجد له لذّة كما كنت أجده وأنا شابٌ غير اللبن أو إنسان حسن الحديث يحدّثني.

٢ - أخرج ابن عساكر في تاريخه ٧: ٢١١ من طريق عمير بن رفاعة قال: مرّ على عبادة(١) بن الصامت وهو في الشام قطارة تحمل الخمر فقال: ما هذه؟ أزيت؟ قيل

____________________

١ - كان بدريا عقبياً أحد نقباء الانصار بايع رسول الله على أن لا يخاف فى الله لومة لائم. سنن البيهقى ٥: ٢٧٧.

١٧٩

لا، بل: خمرٌ تُباع لفلان، فأخذ شفرة من السوق فقام إليها فلم يذر فيها راوية إلّا بقرها وأبو هريرة إذ ذاك بالشام، فأرسل فلانٌ إلى أبي هريرة يقول له: أما تمسك عنّا أخاك عبادة؟ أمّا بالغدوات فيغدوا إلى السوق فيفسد على أهل الذمّة متاجرهم، وأمّا بالعشيِّ فيقعد في المسجد ليس له عملٌ إلّا شتم أعراضنا أو عيبنا، فأمسك عنّا أخاك، فأقبل أبو هريرة يمشي حتى دخل على عبادة فقال له: يا عبادة! مالك ولمعاوية؟ ذره وما حمل، فإنّ الله يقول: تلك اُمَّة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم. قال: يا أبا هريرة؟ لم تكن معنا إذ بايعنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بايعناه على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن نقول في الله لا تأخذنا في الله لومة لائم، وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب، فنمنعه ممّا نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأهلنا ولنا الجنّة، فهذه بيعة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي بايعناه عليها فمن نكث فإنّما ينكث على نفسه، ومن أوفى بما بايع عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفي الله له بما بايع عليه نبيّه. فلم يكلّمه أبو هريرة بشيىء.

٣ - وأخرج في التاريخ ٧ ص ٢١٣ من طريق عمرو بن قيس قال: إنّ عبادة أتى حجرة معاوية وهو بأنطرطوس(١) فألزم ظهره الحجرة وأقبل على الناس بوجهه وهو يقول: بايعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن لا اُبالي في الله لومة لائم، ألا إنَّ المقداد بن الأسود قد غلَّ بالأمس حماراً، وأقبلت أوسقٌ من مال، فأشارت الناس إليها فقال: أيّها الناس إنّها تحمل الخمر، والله ما يحلُّ لصاحب هذه الحجرة أن يعطيكم منها شيئاً، ولا يحلُّ لكم أن تسألوه، وإن كانت مقبلةً - يعني سهماً - في جنب أحدكم، فأتى رجلٌ المقداد وفي يده قرصافة، فجعل يتلّ الحمار بها وهو يقول: معاوية! هذا حمارك شأنك به، حتى أورده الحجرة.

٤ - وفد عبد الله(٢) بن الحارث بن اميّة بن عبد شمس على معاوية فقرَّ به حتّى مسَّت ركبتاه رأسه ثمَّ قال له معاوية: ما بقي منك؟ قال: ذهب والله خيري وشرّي،

____________________

١ - بلدة من سواحل بحر الشام، هى آخر أعمال دمشق من البلاد الساحلية وأول أعمال حمص. معجم.

٢ - أدرك الاسلام وهو شيخ كبير ثم عاش بعد ذلك إلى خلافة معاوية. الاصابة ٢: ٢٩١.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594