مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل10%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 337292 / تحميل: 5731
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

وعلى هذا للقرآن ظاهر وباطن او ظهر وبطن ، وكلا المعنيين يرادان من الآيات الكريمة ، الا انهما واقعان في الطول لا في العرض ، فان ارادة الظاهر لا تنفي ارادة الباطن وارادة الباطن لا تزاحم ارادة الظاهر.

لماذا تكلم القرآن بأسلوب الظاهر ، والباطن :

١ ـ الإنسان في حياته البدائية القصيرة الدنيوية يشبه الحباب(١) الذي يعلو الماء ، اذ ركز اوتاد خباء وجوده في مياه بحر المادية ، وكل ما يقوم به من المساعي والجهود اعطيت ازمتها بيد ذلك البحر المادي الهائج.

اشتغلت حواسه الظاهرية والباطنية بالمادة ، وافكاره انما تتبع معلوماته الحسية. فان الاكل والشرب والجلوس والقيام والتكلم والاستماع والذهاب والاياب والحركة والسكون وكل ما يقوم به الإنسان من الاعمال والافعال وضعت اسسها على المادة ولا يفكر الا فيها.

وما نرى منه في بعض الاحيان من الاثار المعنوية ـ كالحب والعداء وعلو الهمة ورفعة المقام وامثالها ـ انما يدركها بعض الافهام لانها تجسم مصاديق مادية ، فان الإنسان يقيس

ــــــــــــــــــ

(١) الحباب بفتح الحاء : الفقاقيع التي تعلو الماء.

٤١

حلاوة الغلب بحلاوة السكر وجاذبية الصداقة بجاذبية المغناطيس وبعلو الهمة بعلو مكان ما او علو نجوم السماء وعظم المقام ورفعته بعظم الجبل وما اشبه هذه الاشياء.

ومع هذا تختلف الافهام في ادراك المعنويات التي هي اوسع نطاقاً من الماديات ، فان بعض الافهام في غاية الانحطاط في درك المعنويات ، وبعضها تدرك ادراكا قليلا ، وهكذا تتدرج الى ان تصل بعض الافهام بسهولة الى درك اوسع المعنويات غير المادية.

وعلى كل حال فكلما تتقدم الافهام نحو ادراك المعنويات تقل تعلقها بالمظاهر المادية المغرية ، وكلما قل تعلقها بالمادة زادت في ادراكها ، ومعنى هذا ان كل انسان بطبيعته الإنسانية فيه الاستعداد الذاتي لهذا الادراك ، ولو لم يشبه بالشوائب العرضية لامكن تربيته وتقدمه.

٢ ـ نستنتج مما سبق انه لا يمكن حمل ما يدركه الإنسان الذي هو في المرتبة العليا من الفهم والعقل على الذي هو في المرتبة السفلى ، ولو حاولنا هذا الحمل لكانت نتجيته عكسية ، وخاصة في المعنويات التي هي اهم من المحسوسات المادية ، فانها لو القيت كما هي على العامة لأعطت نتيجته تناقض النتيجة الصحيحة المتوخاة.

ولا بأس ان نمثل ها هنا بالمذهب الوثني. فلو تأمل

٤٢

الباحث في قسم « اوبانيشاد » من كتاب « ويدا » الكتاب البوذي المقدس ، لو تأمل الباحث فيه وقارن بين اقواله مقارنة صحيحة ليرى انه يهدف الى التوحيد الخالص. ولكنه مع الاسف يستعرض هدف بلا ستار وعلى مستوى افكار العامة ، فكانت النتيجة ان اتجه ضعفاء العقول من الهنود الى عبادة اوثان شتى.

اذن لا يمكن رفع الستار بصورة مكشوفة عن الاسرار الغيبية وما يتعلق بما وراء الطبيعة والمادة للماديين ومن لم يذعن بالحقائق.

٣ ـ بالرغم مما نجده في الاديان من حرمان العامة من كثير من المزايا الدينية ، كحرمان المرأة في البرهمية واليهودية والمسيحية وحرمان غير رجال الدين من ثقافة الكتاب المقدس في الوثنية والمسيحية بالرغم من كل ذلك فان ابواب الدين الإسلامي لم تغلق في وجه احد ، فان المزايا الدينية فيه للجميع وليست ملكاً لفئة خاصة ، فلا فرق بين العامة والخاصة والرجل والمرأة والابيض والاسود ، كلهم مساوون في نظر الإسلام وليس لاحد ميزة على احد.

قال تعالى :( اني لا اضيع عمل عامل منكم من ذكر او انثى بعضكم من بعض ) (١) .

ــــــــــــــــــ

(١) سورة آل عمران : ١٩٥.

٤٣

وقال عز من قائل :( يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) (١) .

* * *

بعد تقديم هذه المقدمات الثلاث نقول : ان القرآن الكريم ينظر في تعاليمه القيمة الى الإنسانية بما انها انسانية ، ونعني انه يوسع تعاليمه على الإنسان باعتباره قابلاً للتربية والسير في مدارج الكمال.

ونظراً الى ان الافهام والعقول تختلف في ادراك المعنويات ولا يؤمن الخطر عند القاء المعارف العالية كما اسلفنا يستعرض القرآن الكريم تعاليمه بأبسط المستويات التي تناسب العامة ويتكلم في حدود فهمهم ومداركهم الساذجة.

ان هذه الطريقة الحكيمة نتيجتها ان تبث المعارف العالية بلغة ساذجة يفهمها عامة الناس ، وتؤدي ظواهر الالفاظ في هذه الطريقة عملية الالقاء بشكل محسوس او ما يقرب منه وتبقى الحقائق المعنوية وراء ستار الظواهر فتتجلى حسب الافهام ويدرك منها كل شخص بقدر عقله ومداركه.

يقول تعالى :( انا جعلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون *

ــــــــــــــــــ

(١) سورة الحجرات : ١٣.

٤٤

وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) (١) .

ويقول ممثلاً للحق والباطل ومقدار الافهام :( انزل من السماء ماءاً فسالت اودية بقدرها ) (٢) .

ويقول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حديث مشهور : « انا معاشر الانبياء نكلم الناس على قدر عقولهم »(٣) .

ونتيجة اخرى لهذه الطريقة ان ظواهر الآيات تكون كأمثال بالنسبة الى البواطن ، يعني بالنسبة الى المعارف الالهية التي هي اعلى مستوى من افهام العامة ، فتكون تلك الظواهر كأمثال تقرب المعارف الممكورة الى الافهام ، يقول جل جلاله :( ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى اكثر الناس الا كفورا ) (٤) .

ويقول :( وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها الا العالمون ) (٥) .

وفي القرآن الكريم كثير من الامثال ، الا ان الآيات المذكورة وما في معناها مطلقة لا تختص بأمثال قرآنية خاصة.

ــــــــــــــــــ

(١) سورة الزخرف : ٣ / ٤.

(٢) سورة الرعد : ١٧.

(٣) بحار الانوار ١ / ٣٧.

(٤) سورة الاسراء : ٨٩.

(٥) سورة العنكبوت : ٤٣.

٤٥

فعليه لا بد من القول بأن الآيات كلها امثال بالنسبة الى المعارف العالية التي هي المقصد الاسمى للقرآن.

في القرآن المحكم والمتشابه :

يقول الله تعالى :( كتاب احكمت آياته ) (١) .

ويقول :( الله نزل احسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ) (٢) .

ويقول :( هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب واخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ) (٣) .

نرى في الآية الاولى تنص على ان القرآن كله محكم ، وتريد انه ثابت لا يدخل عليه اي خلل او بطلان. والآية الثانية تنص على ان القرآن كله متشابه ، وتريد ان آياته على وتيرة واحدة في الجمال والاسلوب وحلاوة اللهجة والاعجاز.

ــــــــــــــــــ

(١) سورة هود : ١.

(٢) سورة الزمر : ٢٣.

(٣) سورة آل عمران : ٧.

٤٦

أما الآية الثالثة فتقسم القرآن الى قسمين محكم ومتشابه ، وملخص ما نفهم منها هو :

أولاً : المحكم ما كان ثابتاً في دلالته بحيث لا يشتبه مراده بمراده آخر ، والمتشابه ما كان غير ذلك.

وثانياً : على كل مؤمن راسخ الايمان ان يؤمن بالآيات المحكمة ويعمل بها ، وكذلك يؤمن بالآيات المتشابهة ولكن لا يعمل بها. والذين يتبعون الآيات المتشابهة ويعملون بما يوحيه عليهم التأويل فانهم منحرفون عن الحقائق ويبتغون الفتنة واغواء الناس.

معنى المحكم والمتشابه عند المفسرين والعلماء :

اختلف علماء الإسلام في معنى المحكم والمتشابه اختلافات كثيرة ربما تبلغ الاقوال في ذلك الى عشرين قولاً.

والذي جرى عليه علمهم من العصر الإسلامي الاول حتى العصر الحاضر وعليه الاعتماد هو :

١ ـ المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.

٢ ـ المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها

٤٧

الحقيقي الذي يعبر عنه بـ ( التأويل ) لا يعلمه الا الله تعالى ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

هذا قول مشهور عند اخواننا علماء السنة وهو المشهور ايضاً عند الشيعة ، الا انهم يعتقدون بأن النبي والائمةعليهم‌السلام يعلمون تأويل الآيات المتشابهة ، وعامة المؤمنين حيث لا طريق لهم الى معرفة تأويلها فيرجعون علمها الى الله والرسول والائمة عليهم الصلاة والسلام.

وهذا القول بالرغم من ان عليه عمل اكثر المفسرين لا يوافق الآية الكريمة( هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات ) الخ ، كما انه لا يطابق ما تدل عليه سائر الآيات لانه :

أولاً : اننا لا نعرف في القرآن آيات لا نجد طريقاً الى معرفة مداليلها ومعانيها المقصودة. هذا بالاضافة الى ان القرآن وصف نفسه بأوصاف كالنور والهادي والبيان ، وهذه الاوصاف لا تتفق مع عدم معرفة المداليل والمعاني.

ومن جهة اخرى تقول الآية( افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) (١) ، فكيف يصح ان يكون التدبر في القرآن رافعاً لكل اختلاف مع ان

ــــــــــــــــــ

(١) سورة النساء : ٨٢.

٤٨

فيه آيات متشابهة لا يمكن التوصل الى معرفة معناها كما عليه قول المشهور الذي نقلناه.

ويمكن ان يقال : ان المقصود من الآيات المتشابهة هي الحروف المقطعة التي في اوائل بعض السور كـ « الم ، الر ، حم » واشباهها ، حيث لا يمكن معرفة معانيها الحقيقية.

ولكن لا بد من الالتفات الى ان في الآية الكريمة وضعت الآيات المتشابهة مقابلا للايات المحكمة. ولازم هذه التسمية ان يكون المتشابه له مدلول من قبيل المدلول اللفظي الا ان هذا المدلول اللفظي الظاهر يشتبه بالمدلول الحقيقي ، والحروف المقطعة في اوائل السور ليس لها هكذا مدلول.

وبالاضافة الى هذا يدل ظاهر الآية على ان جماعة من اهل الزيغ ومبتغي الفتنة يسعون في الاضلال بواسطة الآيات المتشابهة ، ولم يسمع ان شخصا في المسلمين اضل الناس بالحروف المقطعة المذكورة ، بل الذين يضلون الناس انما يضلونهم بتأويل كلها لا بهذه الحروف خاصة.

وقال بعض : ان الآية تشير الى قصة ملخصها : ان اليهود حاولوا معرفة المدة التي يعيش فيها الإسلام بواسطة الحروف المقطعة في اوائل السور ، ولكن قرأ الرسول صلى الله

٤٩

عليه وآله وسلم الفواتح واحدة بعد واحدة وابطل بهذا ما زعموه(١) .

وهذا الكلام غير صحيح ايضا ، لان القصة لو صحت تدل على ان اليهود كان لهم محاولة اجابهم النبي عليها في نفس المجلس ، وهي ليست من الاهمية بحيث تستدعي ذكر الآية « المتشابه » والزجر عن اتباعه. هذا مع العلم ان قول اليهود لم يكن فيه فتنة ، لان الدين لو كان حقاً لا يضره تحديد الزمن ـ ونعني به قبوله للنسخ ـ كما نراه في الاديان الحقة التي كانت قبل الإسلام.

ثانياً : لازم هذا القول ان تكون كلمة « التأويل » في الآية بمعنى المدلول خلاف الظاهر ، ويختص هذا المعنى بالآية المتشابهة. وكلا الموضوعين ليسا بصحيح ، فاننا سنذكر في البحث الذي وضعناه لمعرفة التأويل والتنزيل بأن « التأويل » في عرف القرآن ليس من قبيل المعنى والمدلول اللغوي ، كما نذكر بأن جميع الآيات المحكمة والمتشابهة لها تأويل ولا يختص ذلك بالآيات المتشابهة.

ثالثاً : وصفت الآية الكريمة جملة « آيات محكمات » بـ « هن ام الكتاب » ، ومعنى هذا ان الآية المحكمة تشتمل

ــــــــــــــــــ

(١) انظر : تفسير العياشي ١ / ٢٦ ، تفسير القمي اول سورة البقرة ، نور الثقلين ١ / ٢٢.

٥٠

على امهات ما في الكتاب من الموضوعات وبقية الآيات متفرعة عنها. ولازم هذا ان الآيات المتشابهة ترجع الى الآيات المحكمة في مداليلها والمراد منها ، ونعني بذلك ارجاع المتشابهات الى المحكمات لمعرفة معناها الحقيقي.

وعليه ليس في القرآن آية لا نتمكن من معرفة معناها ، بل الآية اما محكمة بلا واسطة كالمحكمات نفسها ، او محكمة مع الواسطة كالمتشابهات. واما الحروف المقطعة في فواتح السور فليس لها مدلول لفظي لغوي ، فهي ليست من المحكم والمتشابه.

ويمكن معرفة ما قلناه من عموم قوله تعالى( افلا يتدبرون القرآن أم على قلوب اقفالها ) وقوله( افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ).

أسلوب أئمة أهل البيت في المحكم والمتشابه :

ما نفهمه من ملخص ما أثر عن ائمة اهل البيتعليهم‌السلام هو نفي وجود آية متشابهة لا يمكن معرفة مدلولها الحقيقي ، بل الآيات التي لم تستقل في مداليلها الحقيقة يمكن معرفة تلك المداليل بواسطة ايات اخرى ، وهذا معنى ارجاع المتشابه الى المحكم. فان ظاهر قوله تعالى :( الرحمن على

٥١

العرش استوى ) (١) وقوله( وجاء ربك ) (٢) يدل على الجسمية وان الله تعالى مادة ، ولكن لو ارجعناهما الى قوله( ليس كمثله شيء ) (٣) علمنا ان الاستواء والمجيء ليس بمعنى الاستقرار في مكان او الانتقال من مكان الى مكان اخر.

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يصف القرآن الكريم : ( وان القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضاً ، ولكن نزل يصدق بعضه بعضاً ، فما عرفتم فاعملوا به وما تشابه عليكم فآمنوا به )(٤) .

وقال عليعليه‌السلام : « يشهد بعضه على بعض وينطق بعضه ببعض »(٥) .

وقال الامام الصادقعليه‌السلام : « المحكم ما يعمل به والمتشابه ما اشتبه على جاهله »(٦) . ونقل عن الامام الرضاعليه‌السلام انه قال : « من رد متشابه القرآن الى محكمه

ــــــــــــــــــ

(١) سورة طه : ٥.

(٢) سورة الفجر : ٢٢.

(٣) سورة الشورى : ١١.

(٤) الدر المنثور ٢ / ٨.

(٥) نهج البلاغة ، الخطبة ١٣١.

(٦) تفسير العياشي ١ / ١٦٢.

٥٢

هدي الى صراط مستقيم » ثم قال : « ان في اخبارنا متشابهاً كمتشابه القرآن فردوا متشابهها الى محكمها ولا تتبعوا متشابهها فتضلوا »(١) .

ان هذه الاحاديث وخاصة الاخير منها صريحة في ان الآيات المتشابهة هي الآيات التي لا تستقل في مدلولها بل لا بد من ردها الى الآيات المحكمة ، ومعنى هذا ـ كما اسلفنا ـ انه ليس في القرآن آية لا يمكن معرفة معناها بطريق من الطرق.

في القرآن التأويل والتزيل :

« تأويل القرآن » وردت في ثلاث آيات هي :

١ ـ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء تأويله وما يعلم تأويله الا الله ) (٢) .

٢ ـ( ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون *هل ينظرون الا تأويله يوم يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق ) (٣) .

ــــــــــــــــــ

(١) عيون الاخبار ١ / ٢٩٠.

(٢) سورة آل عمران : ٧.

(٣) سورة الاعراف : ٥٢ ـ ٥٣.

٥٣

٣ ـ( وما كان هذا القرآن ان يفترى ) الى قوله تعالى( بل كذبوا بما لم يحبطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين ) (١) .

التأويل مأخوذ من الاول بمعنى الرجوع ، ويراد من التأويل الشيء الذي ترجع الآية اليه. والتنزيل يقابل التأويل ، وهو المعنى الواضح للاية الذي لا يحتاج الى ارجاعه الى شيء آخر.

معنى التأويل عند المفسرين والعلماء :

اختلف المفسرون في معنى التأويل اختلافاً شديداً ، وبعد الفحص في اقوالهم يمكن ارجاعها الى اكثر من عشرة ، الا ان المشهور فيه قولان :

١ ـ قول القدماء ، ومحصل كلامهم ان التفسير والتأويل بمعنى واحد وهما مترادفان. وعليه فلكل الآيات القرآنية تأويل ، وبمقتضى قوله تعالى( وما يعلم تأويله الا الله ) يختص العلم بالآيات المتشابهة بالله عز شأنه.

ومن هنا ذهب جماعة من القدماء الى ان الآيات المتشابهة هي الحروف المقطعة التي في اوائل السور ، لانه لا تعرف آية

ــــــــــــــــــ

(١) سورة يونس ٣٩.

٥٤

تخفى معناها على الناس الا هذه الحروف. ولكننا في فصول سابقة بحثنا عن هذا بشيء من التفصيل وذكرنا وجه عدم صحته.

وعلى اي حال لما نفى القرآن الكريم علم تأويل بعض الآيات عن غير الله تعالى ، وليس لنا آية لا يعرف تأويلها ـ اي يخفى معناها على الكل كما ذكروا ـ ولم تكن الحروف المقطعة التي في اوائل السور هي الآيات المتشابهة لهذه الوجوه ترك المتأخرون هذا القول الذي ذهب اليه القدماء.

٢ ـ قول المتأخرين ، وهو ان « التأويل » المعنى خلاف الظاهر الذي يقصد من الكلام. وعليه فليس لكل الآيات تأويل ، وانما يختص ذلك بالآيات المتشابهة التي لا يحيط بعلمها الا الله ، كالآيات الظاهرة في الجسمية والمجيء والاستواء والرضا والسخط والاسف وغيرها من الاوصاف المنسوبة اليه جل جلاله ، وكذلك الآيات الظاهرة في نسبة الذنب الى الرسل والانبياء المعصومينعليهم‌السلام .

بلغ هذا القول من الاشتهار بحيث اصبحت لفظة « التأويل » كالحقيقة الثانية في المعنى خلاف الظاهر ، فان تأويل الآيات القرآنية في المباحث الكلامية والخصام العقائدي يعني هذا المعنى بالذات ، كما ان حمل الآية على خلاف ظاهر

٥٥

معناها بدليل يسمونه « التأويل » موضوع دائر على الالسن مع انه لا يخلو من تناقض(١) .

هذا القول مع شهرته العظيمة ليس بصحيح ، ولا ينطبق على الآيات القرآنية ، لانه :

أولاً ـ الايتان المنقولتان في الفصل السابق( هل ينظرون الا تأويله ) و( بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله ) ظاهرتان ان للآيات كلها تأويلاً ولا يختص ذلك بالآيات المتشابهة كما يبدو من هذا القول.

وثانياً ـ لازم هذا القول وجود آيات في القرآن يشتبه الناس في فهم مدلولها الحقيقي ولا يعلمه الا الله تعالى. ومثل هذا الكلام الذي لا يدل على مدلوله لا يعد كلاماً بليغا فكيف بتحديه للبلغاء في بلاغته.

وثالثاً ـ بناء على هذا القول لا تتم حجية القرآن الكريم ، لانه حسب احتجاج الآية الكريمة( افلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ) ، احدى الدلائل على ان القرآن ليس من كلام البشر عدم

ــــــــــــــــــ

(١) لان تأويل الآية مع الاعتراف بأن التأويل لا يحيط بعلمه الا الله تعالى عمل مناقض ، ولكن هؤلاء ذكروا ذلك بعنوان انه احتمال في الآية.

٥٦

وجود اختلاف معنوي ومدلولي بين الآيات ـ مع بعد ازمان نزولها وتباين ظروف النزول واسبابه ـ وما يظهر من الاختلاف بين بعض الآيات في بادىء النظر يرتفع بالتفكير والتدبر في الآيات.

ولو فرضنا ان كمية كبيرة من الآيات المسماة بـ « المتشابهات » تختلف مع كمية اخرى تسمى بـ « المحكمات » ونرفع الاختلاف بينها بأن نذهب الى ان ظاهرها غير مراد وما يراد منها معان لا يعلمها الا الله تعالى هكذا رفع الاختلاف لا يدل على ان القرآن ليس من كلام البشر.

وهكذا لو رفعنا الاختلاف بصرف ظاهر كل آية يخالف مضمونها او يناقض الآيات المحكمة ، فأولناها ـ حسب اصطلاح المتأخرين ـ بأن حملناها على معنى خلاف الظاهر.

ورابعاً ـ لا دليل اطلاقاً على ان المراد من « التأويل » في آية المحكم والمتشابه هو المعنى خلاف الظاهر ، كما لم يقصد مثل هذا المعنى في الآيات التي ذكرت فيها لفظة التأويل ، فمثلاً : في قصة يوسفعليه‌السلام عبر في ثلاثة مواضع(١)

ــــــــــــــــــ

(١) ذكر رؤيا يوسفعليه‌السلام في الآية الرابعة من سورة يوسف « اذ قال يوسف لابيه يا ابت اني رأيت احد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين ».

وذكر تأويل رؤياه في الآية ١٠٠ على لسان يوسف حينما رأى

٥٧

عن تعبير الرؤيا بكلمة « التأويل » ، وظاهر ان تعبير الرؤيا ليس معنى خلاف الظاهر للرؤيا بل هو حقيقة خارجية ترى في النوم بشكل مخصوص ، كأن رأى يوسف تعظيم ابيه وامه واخوته بشكل سجدة الشمس والقمر والنجوم له ، ورأى ملك مصر سنوات القحط في صورة سبع بقرات عجاف يأكلن سبعاً سماناً ، ورأى صاحبا يوسف في السجن الصلب

ــــــــــــــــــ

أبيه وامه بعد سنين من الفراق « ورفع ابويه على العرش وخروا له سجداً وقال يا ابت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها رب حقا ».

ورؤيا ملك مصر مذكور في الآية ٤٣( وقال الملك اني ارى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات ) .

وتأويله مذكور في الآية ٤٧ ـ ٤٩ على لسان يوسف( قال تزرعون سبع سنين دأباً فما حصدتم فذروه في سنبله إلاّ قليلا مما تأكلون * ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلاً مما تحصنون * ثم تأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ) .

ورؤيا صاحبي يوسف في السجن مذكور في الآية ٣٦( ودخل معه السجن فتيان قال احدهما اني اراني اعصر خمراً وقال الاخر اني اراني احمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه ) .

وتأويله مذكور في الآية ٤١ على لسان يوسف( يا صاحبي السجن اما احدكما فيسقي ربه خمراً واما الاخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الامر الذي فيه تستفتيان ) .

٥٨

وخدمة الملك في صورة عصر الخمر وحمل الخبز على الرأس تأكل الطير منه.

وفي قصة موسى والخضر ، بعد ان يخرق الخضر السفينة ويقتل الغلام ويقيم الجدار ، يحتج عليه موسى في كل مرة فيذكر له السر الكامن وراء اعماله ويسميه « التأويل ». ومعلوم ان حقيقة الاعمال التي جرت على يد الخضر والنظر الحقيقي في انجازها التي هي كالروح لها قد سميت تأويلاً ، وليست هي المعنى خلاف الظاهر لها.

ويقول تعالى بشأن الوزن والكيل :( وأوفوا الكيل اذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير واحسن تأويلاً ) (١) .

وواضح انه يريد من التأويل في الكيل والوزن وضعاً اقتصاديا خاصا يوجد في السوق بواسطة البيع والشراء والنقل والانتقال. والتأويل بهذا المعنى ليس معنى خلاف الظاهر من الكيل والوزن ، بل هو حقيقة خارجية ، وروح اوجدت في الكيل والوزن تقوى وتضعف بواسطة استقامة المعاملة وعدم استقامتها.

ويقول تعالى في موضع آخر :( فان تنازعتم في شيء

ــــــــــــــــــ

(١) سورة الاسراء : ٣٥.

٥٩

فردوه الى الله والرسول ذلك خير واحسن تأويلاً ) (١) . من الواضح ان المراد من التأويل في هذه الآية هو ثبات الوحدة واقامة علاقات روحية في المجتمع ، وهذه حقيقة خارجية وليست معنىً خلاف الظاهر لرد النزاع.

وهكذا المواضع الاخرى من القرآن الكريم الواردة فيها لفظة « التأويل » ، وهي بمجموعها ستة عشر موضعاً. ففي كل هذه المواضع لا يمكن اخذ التأويل بمعنى « المدلول خلاف الظاهر » ، بل هو معنى اخر يلائم ايضا مع التأويل الوارد في آية المحكم والمتشابه كما سنذكره في الفصل الاتي. ولهذا لا موجب لتفسير « التأويل » في الآية المذكورة بمعنى المدلول خلاف الظاهر ».

المعنى الحقيقي للتأويل في عرف القرآن :

ملخص ما نستفيده من الآيات الوارد فيها لفظ « التأويل » ـ وقد سبق ذكر بعضها ـ انه ليس من قبيل المعنى الذي هو مدلول اللفظ. فان من الواضح ان ما نقل في سورة يوسف من رؤياه وتأويله لا يدل اللفظ الذي يشرح الرؤيا على تأويله دلالة لفظية ، ولو كانت تلك الدلالة من قبيل خلاف الظاهر. وهكذا في قصة موسى والخضر عليهما

ــــــــــــــــــ

(١) سورة النساء : ٥٩.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

١١ -( باب استحباب الصّدقة في السرّ، واختيارها على الصّدقة في العلانيّة)

[ ٧٩٧٦ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصّدقة في السرّ، تطفئ غضب الرّب عزّوجلّ ».

[ ٧٩٧٧ ] ٢ - وبهذا الأسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « صنيع(١) المعروف يدفع ميتة السّوء، والصّدقة في السرّ تطفي غضب الرّب، وصلة الرّحم تزيد في العمر وتنفي الفقر، وقول لا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم كنز من كنوز الجنّة، وهي شفاء من تسعة وتسعين داء، أدناه الهمّ ».

[ ٧٩٧٨ ] ٣ - البحار: عن كتاب الإمامة والتّبصرة: عن الحسن بن حمزة العلوي، عن عليّ بن محمّد بن محمّد بن أبي القاسم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصّدقة في السرّ، تطفئ غضب الرّب ».

____________________________

الباب - ١١

١ - الجعفريات ص ٥٦.

٢ - الجعفريات ص ١٨٨.

(١) في المصدر: صنع.

٣ - البحار ج ٩٦ ص ١٣٧ ح ٧١ بل عن جامع الأحاديث ص ١٥.

١٨١

[ ٧٩٧٩ ] ٤ - الشّيخ الطّوسي في مجالسة: عن أحمد بن عبدون، عن عليّ بن محمّد بن الزّبير، عن عليّ بن الحسن بن فضّال، عن العبّاس بن عامر، عن أحمد بن رزق العمشاني، عن أبي أسامة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، يقول: الصّدقة (في السّر)(١) ، تطفئ غضب الرّب » الخبر.

[ ٧٩٨٠ ] ٥ - دعائم الإسلام: (عن أمير المؤمنينعليه‌السلام )، أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إنّ صدقة السّر تطفئ غضب الرّب، فإذا تصدّق أحدكم بيمينه، فليخفها عن شماله ».

[ ٧٩٨١ ] ٦ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أخذت في غسل أبي عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، أحضرت معي من رآه من أهل بيته، فنظروا إلى مواضع السّجود منه في ركبتيه وظاهر قدميه وبطن كفّيه وجبهته، قد غلظت من أثر السّجود حتّى صارت كمبارك البعير، وكان صلوات الله عليه يصلّي في كلّ يوم وليلة ألف ركعة، ثمّ نظروا إلى حبل عاتقه وعليه أثر قد اخشوشن، فقالوا لأبي جعفرعليه‌السلام : أمّا هذه فقد علمنا أنّها من أثر السّجود، فما هذا الّذي على عاتقه؟ قالعليه‌السلام : والله ما علم به أحد غيري، وما علمته من حيث علم إنّي علمته، ولو لا أنّه قد مات ما ذكرته، كان إذا مضى من اللّيل صدره قام وقد هدأ كلّ من في منزله، فأسبغ الوضوء وصلّى ركعتين خفيفتين، ثمّ نظر إلى كلّ ما فضل في البيت عن قوت

____________________________

٤ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٣٢ ح ٦٣.

(١) ليس في المصدر والبحار.

٥ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٠ ح ١٢٤٧ عن جعفر بن محمّدعليه‌السلام .

٦ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٠ ح ١٢٤٨ باختلاف يسير في الألفاظ.

١٨٢

أهله فجعله في جراب، ثمّ رمى به إلى عاتقه، وخرج محتسباً يتسلّل لا يعلم به أحد، فيأتي دوراً فيها أهل مسكنة وفقر فيفرّق ذلك عليهم وهم لا يعرفونه، إلّا أنّهم قد عرفوا ذلك عنه، فكانوا ينتظرونه، فإذا أقبل قالوا: هذا صاحب الجراب، وفتحوا أبوابهم له، ففرّق عليهم ما في الجراب وانصرف به فارغاً يبتغي بذلك فضل صدقة السّر، وفضل صدقة اللّيل، وفضل إعطاء الصّدقة بيده، ثمّ يرجع فيقوم في محرابه فيصلّي باقي ليله، فهذا الّذي ترون على عاتقه أثر ذلك الجراب ».

[ ٧٩٨٢ ] ٧ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « إنّ صدقة السّر لتطفئ غضب الرّب، وإنّ الصّدقة لتطفئ الخطايا كما يطفئ الماء النّار، وإنّ الصّدقة لتدفع ميتة السّوء، وإنّ صلة الرّحم لتزيد في [ الرزق و ](١) العمر وتنفي الفقر، وإنّ قول (لا إله إلّا الله، و)(٢) لا حول ولا قوّة إلّا بالله، كنز من كنوز الجنّة، وهي شفاء من تسعة وتسعين داء، أوّلها الهمّ ».

[ ٧٩٨٣ ] ٨ - وعن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنّه لمـّا غسل أباه عليّاًعليه‌السلام ، نظروا إلى مواضع المساجد من ركبتيه وظاهر قدميه، كأنّها مبارك البعير، ونظروا إلى عاتقه وفيه مثل ذلك، فقالوا لأبي محمّدعليه‌السلام : يا ابن رسول الله قد عرفنا(١) أنّ هذا من إدمان [ الصلاة وطول ](٢) السّجود، فما هذا الذي [ نرى ](٣) على عاتقه؟

____________________________

٧ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣١ ح ١٢٤٩.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ليس في المصدر.

٨ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤١.

(١) في المصدر: علمنا.

(٢ و ٣) أثبتناه من المصدر.

١٨٣

فقال: (أما لو لا أنّه مات)(٤) ما حدّثتكم عنه، كان لا يمرّ به يوم [ من الأيام ](٥) إلّا أشبع فيه مسكيناً فصاعداً ما أمكنه، فإذا كان اللّيل نظر إلى ما فضل عن قوت عياله [ يومهم ذلك ](٦) فجعله في جراب، فإذا هدأ النّاس وضعه على عاتقه وتخلّل المدينة، وقصد قوماً لا يسألون النّاس إلحافاً، ففرّقه فيهم من حيث لا يعلمون من هو، لا(٧) يعلم بذلك أحد من أهله غيري، فإنّي كنت اطّلعت ذلك منه، يرجو بذلك فضل إعطاء الصّدقة بيده ودفعها سرّاً، وكان يقول: إنّ صدقة السّر تطفئ غضب الرّب، (كما يطفئ الماء النّار)(٨) ».

[ ٧٩٨٤ ] ٩ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صدقة السّر تطفئ الخطيئة كما تطفئ الماء النّار، وتدفع سبعين باباً من البلاء ».

[ ٧٩٨٥ ] ١٠ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « في القيامة سبعة يظلّهم الله تعالى في ظلّ عرشه، يوم لا ظلّ إلّا ظلّه - وعدّصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم - من يتصدّق بيمينه، ويخفيها عن شماله ».

[ ٧٩٨٦ ] ١١ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « المسرّ بالقرآن كالمسر بالصّدقة، والجاهر بالقرآن كالجاهر بالصّدقة ».

____________________________

(٤) في المصدر: أمّا أنّه لو كان حيّاً.

(٥ و ٦) أثبتناه من المصدر.

(٧) في المصدر: ولا.

(٨) ليس في المصدر.

٩ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٥.

١٠ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٥.

١١ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٥.

١٨٤

[ ٧٩٨٧ ] ١٢ - وعن عبدالله بن عبّاس، أنّه قال: يفضل صدقة التطوّع في السّر على الصّدقة في العلانية، بسبعين ضعفاً.

[ ٧٩٨٨ ] ١٣ - عوالي اللآلي: روى ابن عبّاس، عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنّ صدقة السّر في التّطوّع تفضل علانيتها بسبعين ضعفاً، وصدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرّها بخمسة وعشرين ضعفاً.

[ ٧٩٨٩ ] ١٤ - السيد محمّد الحسيني العاملي في كتاب الإثنا عشريّة في المواعظ العدديّة: نقلاً عن كتاب لباب اللّباب، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال لرجل تمنّى الموت: « الموت شئ لا بدّ منه، وسفر طويل ينبغي لمن أراده أن يرفع عشر هدايا - إلى أن قالصلى‌الله‌عليه‌وآله - وهديّة مالك أربعة أشياء: البكاء من خشية الله، وصدقة السّر، وترك المعاصي، وبرّ الوالدين ».

١٢ -( باب استحباب الصّدقة باللّيل)

[ ٧٩٩٠ ] ١ - الصدوق في العيون: عن جعفر بن نعيم بن شاذان، عن أحمد بن إدريس، عن ابراهيم بن هاشم، عن ابراهيم بن العبّاس، قال: ما رأيت أبا الحسن الرّضاعليه‌السلام ، جفا أحداً بكلامه(١) - إلى أن قال - وكان كثير المعروف والصّدقة في السّر، وأكثر ذلك يكون منه في اللّيالي المظلمة.

____________________________

١٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٥.

١٣ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٧٢ ح ١٨٩.

١٤ - الإثنا عشريّة ص ٣٢٥.

الباب - ١٢

١ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ ص ١٨٤ ح ٧.

(١) في المصدر: بكلمة وفي نسخة بكلام.

١٨٥

[ ٧٩٩١ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن معلّى بن خنيس، قال: خرج أبو عبداللهعليه‌السلام في ليلة قد رشت(١) ، وهو يريد ظلّة بني ساعدة، فاتبعته فإذا هو قد سقط منه شئ فقال: « بسم الله اللهم اردده علينا ». فاتيته فسلّمت عليه، فقال: « معلّى » قلت: نعم جعلت فداك، قال: « التمس بيدك فما وجدت من شئ فادفعه إليّ » فإذا أنا بخبز كثير منتشر، فجعلت أدفع إليه الرغيف والرغيفين، وإذا معه جراب أعجر(٢) من خبز، قلت: جعلت فداك أحمله عليّ، فقال: « أنا أولى به منك، ولكن أمض معي » فأتينا ظلّة بني ساعدة، فإذا نحن بقوم نيام، فجعل يدسّ الرّغيف والرّغيفين، حتّى أتى على آخرهم، حتّى إذا انصرفنا، قلت له: يعرف هؤلاء هذا الأمر؟ قال: « لا، لو عرفوا كان الواجب علينا أن نواسيهم بالدّقة - وهو الملح - إنّ الله لم يخلق شيئاً إلّا وله خازن يخزنه، إلّا الصّدقة فإنّ الرّب تبارك وتعالى يليها بنفسه - إلى أن قال - قالعليه‌السلام : أنّ صدقة اللّيل تطفئ غضب الرّب، وتمحو الذّنب العظيم، وتهون الحساب، وصدقة النّهار تنمي المال، وتزيد في العمر ».

____________________________

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٠٧ ح ١١٤، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٢٧ ح ٤٨.

(١) الرش: المطر القليل (لسان العرب ج ٦ ص ٣٠٣).

(٢) كيس أعجر: هو الممتلئ (لسان العرب ج ٤ ص ٥٤٣)، و « أعجر من خبز » في المصدر: وأعجز عن حمله.

١٨٦

١٣ -( باب تأكّد استحباب الصّدقة في الأوقات الشّريفة، كيوم الجمعة ويوم عرفة، وشهر رمضان)

[ ٧٩٩٢ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أن سائلاً هتف ببابه، فقال: (يابن نبي)(١) الله وإيّاك فاعاد فقال له مثل ذلك فألحّ فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « إن أردت فغداً إن شاء الله تعالى » وكان ذلك يوم الخميس، ثمّ قال لمن حضر من أصحابه: « إنّ الصّدقة تضاعف يوم الجمعة » وكانعليه‌السلام يتصدّق في كلّ يوم جمعة بدينار(٢) .

[ ٧٩٩٣ ] ٢ - محمّد بن علي بن شهر آشوب في المناقب: عن الرّضاعليه‌السلام ، أنّه فرق بخراسان ماله كلّه في يوم عرفة، فقال له الفضل بن سهل: إنّ هذا لمغرم، فقالعليه‌السلام : « بل هو المغنم، لا تعدّن مغرماً ما اتبعت(١) به أجراً ومكرماً ».

[ ٧٩٩٤ ] ٣ - السيّد فضل الله الرّاوندي في نوادره قال: أخبرني أبو الفتح رستم بن مسعود، عن أحمد بن ابراهيم المعروف بالأخباري، عن عليّ بن أبي خلف الطبري، عن عبدالله بن جعفر الحافظ، عن عمران بن أحمد، عن أبي محمّد سعيد، عن أحمد بن موسى، عن

____________________________

الباب - ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٥ ح ١٢٦٥.

(١) في المصدر: يغنينا.

(٢) كان في الطبعة الحجرية « بديناً » وما أثبتناه من المصدر.

٢ - المناقب لابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣٦١، ويأتي في باب ٣٥ ذيل حديث ١.

(١) في المصدر: إبتغيت.

٣ - نوادر الراوندي، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٥ ح ٩.

١٨٧

حمّاد بن عمرو، عن يزيد بن رفيع، عن أبي عالية، عن عبدالله بن [ مسعود ](١) قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « من صام رمضان - إلى أن قال - ومن تصدّق في شهر رمضان بصدقة مثقال ذرّة فما فوقها،(٢) كان أثقل عند الله عزّوجلّ من جبال الأرض ذهباً، تصدّق بها في غير شهر(٣) رمضان » الخبر، ويأتي تمامه في كتاب الصّوم(٤) .

١٤ -( باب استحباب المبادرة بالصّدقة، قبل مرض الموت)

[ ٧٩٩٥ ] ١ - الحسن بن أبي الحسن الديلمي في أعلام الدّين: عن أميرالمؤمنينعليه‌السلام ، قال: « قال النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لرجل: إذا أردت أن يثري الله مالك فزكّه، وإذا أردت أن يصحّ الله بدنك فأكثر من الصّدقة ».

[ ٧٩٩٦ ] ٢ - الراوندي في دعواته: سئل الصّادقعليه‌السلام : أيّ الصّدقة أفضل؟ قال: « أن تتصدّق وأنت صحيح تشحّ(١) ، تأمل البقاء وتخاف الفقر، ولا تمهل حتّى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان ».

____________________________

(١) أثبتناه من البحار.

(٢) في البحار زيادة: إذاً.

(٣) شهر: ليست في البحار.

(٤) يأتي في الحديث ٣ من الباب ١١ من أبواب أحكام شهر رمضان.

الباب - ١٤

١ - اعلام الدين ص ٨٤، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٣ ح ٥٤.

٢ - دعوات الراوندي ص ٤٤، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٨٢ ح ٢٩.

(١) في المصدر: شحيح.

١٨٨

[ ٧٩٩٧ ] ٣ - جامع الأخبار: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « درهم يعطيه الرّجل في صحّته، خير من عتق رقبة عند الموت ».

[ ٧٩٩٨ ] ٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: وفي حديث صحيح: أتى رجل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: أنبئني بأحقّ النّاس بحسن الصحبة؟ قال: « أمّك » قال: ثمّ من؟ قال: « أمّك » قال: ثمّ من؟ قال: « أمّك » قال: ثمّ من؟ قال: « أبوك » قال: يا رسول الله، نبّئني عن مالي كيف أتصدّق به؟ قال: « تصدّق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر، وتأمل الغنى، ولا تمهل حتّى إذا كانت نفسك هيهنا - وأشار إلى حلقه - قلت: ما لي لفلان، وأعطوا فلاناً، فهو لهم وإن كره ».

١٥ -( باب كراهة ردّ السّائل الذّكر باللّيل)

[ ٧٩٩٩ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا طرقكم سائل ذكر باللّيل فلا تردّوه ».

____________________________

٣ - جامع الأخبار ص ٢١١.

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

الباب - ١٥

١ - الجعفريات ص ٥٧، وأخرجه الحر العاملي « قده » في الوسائل ج ٦ ص ٢٨٢ الباب ١٧ عن الكافي ج ٤ ص ٨ ح ٢ والفقيه ج ٢ ص ٣٨ ح ١٠.

١٨٩

١٦ -( باب استحباب اختيار الصّدقة على المؤمن، على ما سواها من العبادات المندوبة)

[ ٨٠٠٠ ] ١ - الشيخ جعفر بن أحمد بن علي القمي في كتاب الغايات: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « إنّ فوق كلّ صدقة صدقة، والصّدقة على فقراء المؤمنين أفضل(١) ».

١٧ -( باب استحباب الصّدقة ولو على غير المؤمن، حتّى دواب البرّ والبحر، وعلى الذّمّي عند ضرورته، كشدّة العطش)

[ ٨٠٠١ ] ١ - الشّريف الزّاهد أبو عبدالله محمّد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمان العلوي الحسيني في كتاب التّعازي: بإسناده عن محمّد بن منصور، عن راشد الطّويل، عن أبي شريع، قال: سمعت جعفراًعليه‌السلام وهو يقول لأزوي غلام أبي بكر: « يا أزوي، هل عندك شئ تتصدّق به؟ » قال: يا سيّدي ما نلت من صدقة علّمها من أين أصدّق؟ قال: « قصدني رجل إلى المسجد، ذكر أنّه ما طعم طعاماً منذ يومين ولا عياله » قال أزوي: فخرجت فرأيت رجلاً من موالي آل تيم، ممّن كان يفتري على آل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فدخلت وقلت له: رأيتك مغموماً بهذا السّائل، ألا أبشرّك؟ قال لي: « قل » قلت: أنّه من أعدائكم، فلا تغتم عليه، فصاح: « يا محمّد - فخرج عليه مسرعاً - فقال: هلمّ بخاتمي - فجاء بخاتمين -

____________________________

الباب - ١٦

١ - الغايات ص ٧٧.

(١) في المصدر: أفضل الصدقة.

الباب - ١٧

١ - التعازي:

١٩٠

وقال: أدخله عليّ فأدخلته » فأخذ الخاتمين ودفعهما إليه، ثمّ قال لي: « يا أزوي، إنّ الصّدقة فريضة من الله حين وجودها، ولا سيّما من يظنّ بك الخير ».

[ ٨٠٠٢ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : دخلت الجنّة، فرأيت فيها صاحب الكلب الذي أرواه من الماء ».

[ ٨٠٠٣ ] ٣ - وبهذا الأسناد: عن عليعليه‌السلام ، قال: « بينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يتوضّأ إذ لاذ به هرّ البيت، فعرف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه عطشان، فأصغى إليه الإناء، حتّى شرب منه الهرّ، ثمّ توضّأ بفضله ».

[ ٨٠٠٤ ] ٤ - الشيخ المفيد في الاختصاص: عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عبد الرحمان بن أبي هاشم، عن سالم بن مكرم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « كان عليّ بن الحسينعليهما‌السلام مع أصحابه في طريق مكّة، فمرّ به ثعلب وهم يتغدّون، فقال عليّ بن الحسينعليهما‌السلام لهم: هل لكم أن تعطوني موثقاً من الله لا تهيّجون هذا الثّعلب، حتّى أدعوه فيجئ إلينا؟ فحلفوا له، فقال: يا ثعلب تعال - أو قال: أئتنا - فجاء الثّعلب حتّى وقع بين يديه، فطرح إليه عراقاً(١) فولّى به ليأكله، فقال: هل لكم أن تعطوني موثقاً

____________________________

٢ - الجعفريات ص ١٤٢.

٣ - الجعفريات ص ١٣.

٤ - الاختصاص ص ٢٩٧.

(١) العراق: العظام إذا لم يكن عليها شئ من اللحم وإذا جردت من اللحم (لسان العرب ج ١٠ ص ٢٤٥).

١٩١

من الله وأدعوه أيضاً فيجئ؟ فأعطوه، فدعا فجاء، (فكلح رجل)(٢) في وجهه، فخرج يعدو، فقال عليّ بن الحسينعليهما‌السلام : (من الذي حفر)(٣) ذمّتي؟ فقال رجل منهم: يا ابن رسول الله، كلحت(٤) في وجهه ولم أدر، فاستغفر الله، فسكت ».

[ ٨٠٠٥ ] ٥ - البحار: عن بعض كتب المناقب المعتبرة: بإسناده عن نجيح قال: رأيت الحسن بن عليعليهما‌السلام يأكل، وبين يديه كلب، كلّما أكل لقمة طرح للكلب مثلها، فقلت له: يا ابن رسول الله، ألا أرجم هذا الكلب عن طعامك؟ قال: « دعه، إنّي لأستحي من الله تعالى، أن يكون ذو روح ينظر في وجهي وأنا آكل، ثمّ لا أطعمه ».

[ ٨٠٠٦ ] ٦ - السّيد ولي الله الرّضوي في مجمع البحرين في مناقب السّبطين: عن الحسن البصري قال: كان الحسينعليه‌السلام سيّداً زاهداً، ورعاً صالحاً ناصحاً، حسن الخلق، فذهب ذات يوم مع أصحابه إلى بستان له، وكان في ذلك البستان غلام يقال له: صافي، فلمّا قرب من البستان، رأى الغلام يرفع الرّغيف فيرمي بنصفه إلى الكلب ويأكل نصفه، فتعجب الحسينعليه‌السلام من فعل الغلام، فلمّا فرغ من الأكل قال: الحمد الله ربّ العالمين، اللهم اغفر لي ولسيدي، وبارك له كما باركت على أبويه، يا أرحم الرّاحمين، فقام الحسينعليه‌السلام ونادى: « يا صافي » فقام الغلام فزعاً وقال: يا سيدي، وسيّد المؤمنين إلى يوم القيامة، إنّي ما رأيتك فاعف عنّي،

____________________________

(٢) في المصدر: كلح رجل منهم.

(٣) في المصدر: أيكم الذي خفر.

(٤) وفيه: أنا كلحت.

٥ - البحار ج ٤٣ ص ٣٥٢ ح ٢٩.

٦ - مجمع البحرين في مناقب السبطين:

١٩٢

فقال الحسينعليه‌السلام : « إجعلني في حل يا صافي، دخلت بستانك بغير إذنك » فقال صافي: بفضلك وكرمك وسؤددك، تقول هذا، فقال الحسينعليه‌السلام : « إنّي رأيتك ترمي بنصف الرّغيف إلى الكلب وتأكل نصفه، فما معنى ذلك؟ » فقال الغلام: يا سيّدي، إنّ الكلب ينظر إليّ حين آكل، فإنّي أستحيي منه لنظره إليّ، وهذا كلبك يحرس بستانك من الأعداء، وأنا عبدك، وهذا كلبك، نأكل من رزقك معاً، فبكى الحسينعليه‌السلام ، ثمّ قال: « إن كان كذلك، فأنت عتيق لله » ووهب له ألف دينار، فقال الغلام: إن اعتقتني فإنّي أريد القيام ببستانك، فقال الحسينعليه‌السلام : « إنّ الكريم إذا تكلّم بكلام ينبغي أن يصدّقه بالفعل، البستان أيضاً وهبته لك، وإنّي لمـّا دخلت البستان، قلت: إجعلني في حلّ فإنّي قد دخلت بستانك بغر إذنك، كنت قد وهبت البستان بما فيه، غير أن هؤلاء اصحابي لاكلهم الثّمار والرّطب، فاجعلهم أضيافك وأكرمهم لأجلي أكرمك الله يوم القيامة، وبارك لك في حسن خلقك ورأيك » فقال الغلام: إن وهبت لي بستانك، فإنّي قد سبلته لأصحابك.

١٨ -( باب تأكّد استحباب الصّدقة على ذي الرّحم والقرابة، ولو كان شيخاً، وحكم من أراد الصّدقة على شخص، ثمّ أراد العدول عنه)

[ ٨٠٠٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليّعليهم‌السلام ، قال: « قيل يا رسول الله أيّ

____________________________

الباب - ١٨

١ - الجعفريات ص ٥٥.

١٩٣

الصّدقة أفضل؟ قال: على ذي الرّحم الكاشح(١) ».

[ ٨٠٠٨ ] ٢ - وبهذا الإسناد: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لسراقة بن مالك بن خثعم: « يا سراقة بن مالك، ألا أدلّك على أفضل الصّدقة؟ قال: بلى بأبي أنت وأمّي يا رسول الله، قال: أفضل الصّدقة على أختك وابنتك، مردودة عليك، ليس لهما كاسب غيرك » ورواه في موضع آخر، بلفظ: على أختيه وأبيك.

ورواه الرّاوندي(١) في نوادره: بسنده عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثله.

[ ٨٠٠٩ ] ٣ - وبهذا الإسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « صلة الرّحم، تزيد في العمر، وتنفي الفقر ».

[ ٨٠١٠ ] ٤ - وبهذا الإسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الصّدقة بعشر، والقرض بثمانية عشر، وصلة الإخوان بعشرين، وصلة الرّحم بأربعة وعشرين ».

[ ٨٠١١ ] ٥ - الشّيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اليد العليا خير من اليد السّفلى، إبدأ بمن تعول: أمّك، وأباك، وأختك، وأخاك، وأدناك فأدناك ».

____________________________

(١) الكاشح: الذي يضمر لك العدواة (مجمع البحرين ج ٢ ص ٤٠٧).

٢ - الجعفريات ص ٥٥.

(١) نوادر الراوندي ص ٣، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٨٠ ح ٣٧.

٣ - الجعفريات ص ٥٥.

٤ - الجعفريات ص ١٨٨.

٥ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٥٤.

١٩٤

[ ٨٠١٢ ] ٦ - وفيه: أنّه أتى رجل عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: عندي دينار، فقال: « إذهب وأنفقه على نفسك » فقال: عندي آخر، قال: « إذهب وأنفقه على ولدك » فقال: عندي آخر، فقال: « إذهب وأنفقه على أصدقائك » فقال: عندي آخر، فقال: « أنفقه حيثما تعلم ».

[ ٨٠١٣ ] ٧ - وفيه عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « صدقتك على الفقير صدقة، وعلى الأقرباء صدقتان، لأنّها صدقة وصلة الرّحم ».

[ ٨٠١٤ ] ٨ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن حكيم بن خرام، قال: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقلت: أيّ الصّدقة؟ قال: « على ذي رحم كاشح ».

[ ٨٠١٥ ] ٩ - وعن الصّادقعليه‌السلام : « افضل الصّدقة صدقة في(١) اللّيل، إلى ذي رحم كاشح ».

[ ٨٠١٦ ] ١٠ - العلّامة الحلّي في الرسالة السّعدية، وابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الصّدقة على خمسة أجزاء، جزء الصّدقة فيه بعشرة، وهي الصّدقة على العامّة، وقال تعالى:( مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ) (١) وجزء الصّدقة فيه

____________________________

٦ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٥٤.

٧ - تفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٣٥٤.

٨ - الغايات ص ٧٧.

٩ - الغايات ص ٧٧.

(١) في المصدر: صدقة سر بالليل.

١٠ - الرسالة السعدية، عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٥٤ ح ٢١.

(١) الأنعام ٦: ١٦٠.

١٩٥

بسبعين، وهي الصّدقة على ذوي العاهات، وجزء الصّدقة فيه بسبعمائة، وهي الصّدقة على ذوي الأرحام، وجزء الصّدقة بسبعة آلاف، وهي الصّدقة على العلماء، وجزء الصّدقة بسبعين ألفاً، وهي الصّدقة على الموتى ».

[ ٨٠١٧ ] ١١ - البحار، عن كتاب الإمامة والتّبصرة: عن الحسن بن حمزة العلوي، عن عليّ بن محمّد بن أبي القاسم، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الصّدقة [ على مسكين صدقة ](١) : وهي على ذي رحم صدقة وصلة ».

[ ٨٠١٨ ] ١٢ - الشّيخ المفيد في الاختصاص: عن عبد الرحمان بن أبي نجران، عن هشام بن سالم، عن الحسن بن علي الحلال، قال: [ أخبرني جدي قال ](١) : سمعت الحسين بن عليعليهما‌السلام ، يقول: « سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: لا صدقة وذو رحم محتاج ».

____________________________

١١ - البحار ج ٩٦ ص ١٣٧ ح ٧١ بل عن جامع الاحاديث ص ١٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢ - الاختصاص ص ٢١٩، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٤٧ ح ٩٣.

(١) أثبتناه من المصدر والبحار.

١٩٦

١٩ -( باب جواز الصّدقة على المجهول الحال بالقليل، واستحبابها على من وقعت له الرّحمة في القلب، وعدم جواز الصّدقة على من عرف بالنّصب أو نحوه)

[ ٨٠١٩ ] ١ - زيد النّرسي في أصله: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سئل إذا لم نجد أهل الولاية، يجوز لنا أن نصدق على غيرهم؟ فقال: « إذا لم تجدوا أهل الولاية في المصر تكونون فيه، فابعثوا بالزكاة المفروضة إلى أهل الولاية من غير أهل مصركم، وأمّا ما كان في سوى المفروض(١) من صدقة، فإن لم تجدوا أهل الولاية، فلا عليكم أن تعطوه الصّبيان، ومن كان في مثل عقول الصّبيان، ممّن لا ينصب ولا يعرف ما أنتم عليه فيعاديكم، ولا يعرف خلاف ما أنتم عليه فيتبعه ويدين به، وهم المستضعفون من الرّجال والنّساء والولدان، أن(٢) تعطوهم دون الدّرهم ودون الرّغيف، وأمّا الدّرهم التّام فلا تعطى إلّا أهل الولاية » (قال: فقال: جعلت فداك، فما تقول في السّائل يسأل على الباب، وعلى الطّريق، ونحن لا نعرف ما هو؟ فقال: » لا تعطه ولا كرامة، ولا تعط غير أهل الولاية)(٣) ، إلّا أن يرقّ قلبك عليه فتعطيه الكسرة من الخبز، والقطعة من الورق، فأمّا النّاصب فلا يرقنّ قلبك عليه، ولا تطعمه ولا تسقه وإن مات جوعاً أو عطشاً، ولا تغثه، وإن كان غرقاً أو حرقاً فاستغاث فغطه ولا تغثه، فإنّ أبي نعم المحمّدي، كان يقول: من أشبع ناصباً ملأ الله جوفه ناراً يوم القيامة، معذّباً كان أو مغفوراً له ».

____________________________

الباب - ١٩

١ - أصل زيد النرسي ص ٥١.

(١) في المصدر: المفروضة.

(٢ و ٣) ليس في المصدر.

١٩٧

[ ٨٠٢٠ ] ٢ - الشّيخ الجليل أبو علي محمّد بن همام في كتاب التّمحيص: بإسناده عن معاوية بن عمّار قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام ، وقد كانت الرّيح حملت العمامة عن رأسي في البدو، قال: « معاوية » فقلت: لبّيك، جعلت فداك يا ابن رسول الله، قال: « حملت الرّيح العمامة عن رأسك » قلت: نعم، قال: « هذا جزاء من أطعم الأعراب ».

[ ٨٠٢١ ] ٣ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليّعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أُنظروا إلى السّائل، فإن رقّت قلوبكم له فهو صادق ».

[ ٨٠٢٢ ] ٤ - العيّاشي في تفسيره: عن حريز، عن برير، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أطعم رجلاً سائلاً لا أعرفه(١) قال: « نعم أطعمه ما لم تعرفه بولاية ولا بعداوة، إنّ الله يقول:( وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ) (٢) ولا تطعم من ينصب لشئ من الحقّ، أو دعا إلى شئ من الباطل ».

____________________________

٢ - كتاب التمحيص ص ٣٧ ح ٣١، وعنه في البحار ج ٧٣ ص ٣٦٢ ح ٩١.

٣ - الجعفريات ص ٥٧.

٤ - تفسير العياشي ج ١ ص ٤٨ ح ٦٤.

(١) في المصدر: لا أعرفه مسلماً.

(٢) البقرة ٢: ٨٣.

١٩٨

٢٠ -( باب كراهة ردّ السّائل ولو ظنّ غناه، بل يعطيه شيئاً ولو يسيراً أو يعده به، فإن لم يجد شيئاً ردّه رداً جميلاً)

[ ٨٠٢٣ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : السّائل رسول ربّ العالمين ليبتلي به، فمن أعطاه فقد اعطى الله، ومن ردّه فقد ردّ الله تعالى ».

ورواه في الدّعائم(١) : مثله.

[ ٨٠٢٤ ] ٢ - وبهذا الأسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تردّوا السّائل، ولو بظلف محترق ».

[ ٨٠٢٥ ] ٣ - وبهذا الأسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو لا أنّ المساكين يكذبون، ما أفلح من ردّهم ».

ورواه في الدّعائم(١) : مثله، وزاد في آخره: « فلا تردوا سائلاً ».

[ ٨٠٢٦ ] ٤ - وبهذا الأسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا تقطعوا على السّائل مسألته، دعوه فليشكو بثّه وليخبر حاله(١) ».

____________________________

الباب - ٢٠

١ - الجعفريات ص ٥٧.

(١) دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٢ ح ١٢٥٥.

٢ - الجعفريات ص ٥٧.

٣ - الجعفريات ص ٥٧.

(١) دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٢ ح ١٢٥٧.

٤ - الجعفريات ص ٥٧.

(١) في المصدر: بحاله.

١٩٩

[ ٨٠٢٧ ] ٥ - وبهذا الأسناد قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « إنّ من مكارم الأخلاق: صدق الحديث، وإعطاء السّائل » الخبر.

[ ٨٠٢٨ ] ٦ - وبهذا الأسناد قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من سألكم بالله تعالى، فاعطوه » الخبر.

[ ٨٠٢٩ ] ٧ - دعائم الإسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ردّوا السّائل ولو بظلف محترق ». وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) ، أنّه قال: « ردّوا السّائل ولو بشقّ تمرة، واعطوا السّائل ولو جاء على فرس ».

[ ٨٠٣٠ ] ٨ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: « ربّما ابتلى الله أهل البيت بالسّائل، ما هو من الجنّ ولا من الإنس، ليبلوهم به، وأنّ لله ملائكة في صورة الإنس يسألون بني آدم، فإذا أعطوهم شيئاً أعطوه المساكين ».

[ ٨٠٣١ ] ٩ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه قال يوماً لبعض أهله: « لا تردّوا سائلاً » فقال له رجل كان بحضرته من أصحابه: يا ابن رسول الله، أنّه قد يسأل من لا يستحق، قال: « نخشى أن يردّوا من رأوا أنّه لا يستحق، ويكن ممّن يستحق، فينزل بهم - وأعوذ بالله - ما نزل

____________________________

٥ - الجعفريات ص ١٥١.

٦ - الجعفريات ص ١٥٢.

٧ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٢ ح ١٢٥٦.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٤٣.

٨ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٣ ح ١٢٦٠.

٩ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٣ ح ١٢٦١ باختلاف في اللفظ.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594