مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل10%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 594

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 594 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 337424 / تحميل: 5740
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٧

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

٧ -( باب أنّ من دخل من سفر بعد الزوال مطلقا، أو قبله، وقد أفطر، استحب له الإمساك بقيّة النّهار، ولم يجب، ووجب عليه القضاء)

[ ٨٤٧٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، في مسافر يقدم بلده، وقد كان مفطرا (قبل الزوال)(١) ، فيدخل عند الظّهر، قال: « يكفّ عن الطعام أحبّ اليّ ».

[ ٨٤٧١ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا قدمت من السفر، وعليك بقيّة يوم، فامسك من الطعام والشراب إلى الليل ».

٨ -( باب عدم جواز صوم شئ من الواجب في السفر، إلّا النّذر المعيّن، سفرا وحضرا، وثلاثة أيام دم المعتة، وثمانية عشر يوماً لمن أفاض من عرفات قبل الغروب)

[ ٨٤٧٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يصوم في السفر شيئاً من صوم الفرض، ولا السنة، ولا التطوّع، إلّا الصوم الّذي ذكرناه في أوّل الباب، من صوم كفّارة صيد الحرم، وصوم كفّارة الاختلال(١) في

____________________________

الباب - ٧

١ - الجعفريات ص ٦٠.

(١) في المصدر: أول النهار.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ٨

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٦.

(١) في المصدر: الاحلال.

٣٨١

الإحرام، إن كان به أذى من رأسه، وصوم ثلاثة أيّام، لطلب الحاجة عند قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو يوم الأربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٣ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ومن تمتّع بالعمرة إلى الحج، فعليه ما استيسر من الهدي، كما قال الله عزّوجلّ، شاة فما فوقها، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام في الحج، يصوم يوماً قبل التّروية، ويوم التّروية، ويوم عرفة وسبعة أيّام إذا رجع إلى أهله، وله أن يصوم متى شاء، إذا دخل في الحجّ، وإن (قدّم صوم الثلاثة الأيام)(١) في أوّل العشر فحسن، وإن لم يصم في الحج، فليصم في الطّريق » الخبر.

[ ٨٤٧٤ ] ٣ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: « لم يكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يصوم في السفر تطوّعا ولا فريضة، يكذبون على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، نزلت هذه الآية، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بكراع الغميم، عند صلاة الفجر، فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بإناء فشرب وأمر النّاس أن يفطروا، فقال قوم: قد توجّه النهار، ولو صمنا يومنا هذا، فسمّاهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : العصاة، فلم يزالوا يسمّون بذلك الاسم، حتّى قبض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٨.

(١) في المصدر: قدمها.

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٩٠.

٣٨٢

٩ -( باب جواز صوم المندوب في السفر، على كراهية)

[ ٨٤٧٥ ] ١ - بعض نسخ الفقه الرضوي: على من نسب إليهعليه‌السلام : « أروي عن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، أنّه قال: يستحبّ إذا قدم المدينة - مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله - أن يصوم ثلاثة أيام، فإن كان له بها مقام، أن يجعل صومها في يوم الاربعاء والخميس والجمعة ».

[ ٨٤٧٦ ] ٢ - الشيخ أبو الفتوح الرّازي في تفسيره: عن جابر، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « ليس من البرّ الصّيام في السفر ».

[ ٨٤٧٧ ] ٣ - وعن عبد الرحمان بن عوف، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الصائم في السفر، كالمفطر في الحضر ».

[ ٨٤٧٨ ] ٤ - وعن جابر، أنّه قال: قيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن جماعة يصومون في السفر، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أُولئك العصاة ».

[ ٨٤٧٩ ] ٥ - وعن أبي جعفر الباقرعليه‌السلام ، أنّه قال: « كان أبي لا

____________________________

الباب - ٩

١ - نقله عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٤ ح ٣.

٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣١.

٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨١ ح ٢١٧.

٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٠٤ ح ٣٢.

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٢٨٥، وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٨٠ ح ٢١٣

٣٨٣

يصوم في السفر، وكان ينهى عنه ».

وروى ابن ابي جمهور في عوالي اللآلي: الحديث الأول والثاني، عن الشهيد، مرسلا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

١٠ -( باب جواز الجماع للمسافر ونحوه، في شهر رمضان، على كراهية، وكذا يكره له التملّي من الطّعام والشّراب)

[ ٨٤٨٠ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وإن هي اغتسلت من حيضتها، وجاء زوجها من سفر، فليكف عن مجامعتها، فهو أحبّ إليّ، إذا جاء في شهر رمضان ».

[ ٨٤٨١ ] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا أفطر المسافر، فلا بأس أن يأتي أهله أو جاريته إن شاء، وقد روي فيه نهي.

____________________________

الباب - ١٠

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - المقنع ص ٦٢.

٣٨٤

١١ -( باب سقوط الصوم الواجب: عن الشيخ، والعجوز، وذي العطاش* ، إذا عجزوا عنه، ويجب على كلّ منهم، أن يتصدق عن كلّ يوم بمدّ من طعام، ويستحبّ أن يتصدق بمدّين، ولا يجب القضاء إن استمرّ العجز، ويستحبّ قضاء الوليّ عنه)

[ ٨٤٨٢ ] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير يتوكأ بين رجلين، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض ولا أطيق الصّيام، قال: إذهب فكل، واطعم عن كلّ يوم نصف صاع، وإن قدرت ان تصوم اليوم واليومين، وما قدرت فصم - إلى أن قال - وأتاه صاحب عطش، فقال: يا رسول الله، هذا شهر مفروض، ولا أصبر عن الماء ساعة، الّا تخوّفت الهلاك، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنطلق فافطر، وإذا اطقت فصم ».

[ ٨٤٨٣ ] ٢ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

____________________________

الباب - ١١

(* ) العطاش: داء يصيب الانسان يشرب الماء فلا يروى. (لسان العرب - عطش - ج ٦ ص ٣١٨).

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٦.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٥

[ ٨٤٨٤ ] ٣ - وعن سماعة، عن أبي بصير، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير الّذي لا يستطيع، والمريض ».

[ ٨٤٨٥ ] ٤ - وعن العلاء، عن محمّد، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن قول الله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « هو الشيخ الكبير، والذي يأخذه العطاش ».

[ ٨٤٨٦ ] ٥ - احمد بن محمّد السيّاري في التّنزيل والتّحريف: عن ابي الحسنعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « الشيخ الفاني، والمعطوش، والصّبي الّذي لا يقوى على السّحور(٢) ، ويطعم مسكينا مكان كلّ يوم ».

____________________________

٣ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٧٩.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - التنزيل والتحريف ص ١١.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) في المصدر: السجود.

٣٨٦

١٢ -( باب جواز افطار الحامل المقرب، والمرضع القليلة اللّبن، إذا خافتا على أنفسهما أو الولد، ولم يكن استرضاع غيرها، ويجب عليهما القضاء والصّدقة عن كلّ يوم بمدّ)

[ ٨٤٨٧ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : أنّه كانت له أُمّ ولد، فأصابها عطاش [ وهي حامل ](١) ، فسئل عبدالله بن عمر بن الخطاب فقال: مروها تفطر، وتطعم كلّ يوم مسكينا.

[ ٨٤٨٨ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « لمـّا أنزل الله عزّوجلّ، فريضة شهر رمضان، وأنزل:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) أتى إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، شيخ كبير - إلى أن قال - وأتته امرأة فقالت: يا رسول الله، انّي امرأة حبلى، وهذا شهر رمضان مفروض، وأنا أخاف على ما في بطني ان صمت، فقال لها: إنطلقي فافطري، وإن أطقت فصومي، وأتته امرأة مرضعة فقالت: يا رسول الله، هذا شهر مفروض صيامه، وإن صمت خفت أن يقطع لبني، فيهلك ولدي، فقال: إنطلقي وافطري، وإذا أطقت فصومي ».

[ ٨٤٨٩ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا لم يتهيأ للشيخ، أو الشاب المعلول، أو المرأة الحامل، أن يصوم من العطش والجوع، أو خافت

____________________________

الباب - ١٢

١ - الجعفريات ص ٦٢.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٣٨٧

أن يضر بولدها، فعليهم جميعا الإفطار، ويتصدق عن كلّ واحد، لكلّ يوم (بمدّ من)(١) طعام، وليس عليه القضاء ».

[ ٨٤٩٠ ] ٤ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن رفاعة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ) (١) قال: « المرأة تخاف على ولدها، والشيخ الكبير ».

[ ٨٤٩١ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: « [ الشيخ ](١) الكبير والذي به العطاش، لا حرج عليهما أن يفطرا في رمضان، وتصدق كلّ واحد منهما في كلّ يوم بمدّ من طعام، ولا قضاء عليهما، وإن لم يقدرا فلا شئ عليهما ».

١٣ -( باب وجوب الافطار على المريض الّذي يضره الصوم، في شهر رمضان وغيره)

[ ٨٤٩٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر، الصيام ».

[ ٨٤٩٣ ] ٢ - العياشي: عن سماعة، عن أبي بصير قال: سألته عن قول

____________________________

(١) في المصدر: بمدين.

٤ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨٠.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

٥ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٩ ح ١٨١.

(١) أثبتناه من المصدر.

الباب - ١٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٧٨ ح ١٧٧.

٣٨٨

الله:( وَعَلَى الّذين يُطِيقُونَهُ ) (١) الآية، قال: « هو الشّيخ الكبير، الّذي لا يستطيع، والمريض ».

١٤ -( باب أنّ حدّ المريض الموجب للإفطار، وما يخاف به الإضرار، وأنّ المريض يرجع إلى نفسه، في قوّته وضعفه)

[ ٨٤٩٤ ] ١ - محمّد بن مسعود العيّاشي في تفسيره: عن أبي بصير قال: سألت أباعبداللهعليه‌السلام ، عن حدّ المرض، الّذي يجب على صاحبه فيه الإفطار، كما يجب عليه في السّفر، في قوله:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ ) (١) قال: « هو مؤتمن عليه مفوّض إليه، فإن وجد ضعفاً فليفطر، وإن وجد قوّة فليصم، كان المريض(٢) على ما كان ».

[ ٨٤٩٥ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « حدّ المرض الّذي يجب على صاحبه فيه( عِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (١) ، كما يجب(٢) في السّفر، لقول الله عزّوجلّ:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) (٣) أن يكون العليل لا

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

الباب - ١٤

١ - تفسير العيّاشي ج ١ ص ٨١ ح ١٨٨.

(١) البقرة ٢: ١٨٤.

(٢) لعلّه: المرض. بقرينة الحديث التالي.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٧٨.

(١) في المصدر: الإفطار.

(٢) وفيه زيادة: عليه

(٣) البقرة ٢: ١٨٤.

٣٨٩

يستطيع أن يصوم، أو يكون إن استطاع الصوم زاد في علّته، وخاف على نفسه، وهو مؤتمن على ذلك مفوّض إليه فيه، فإن أحسّ ضعفا فليفطر، وإن وجد قوّة على الصوم فليصم، كان (المريض على)(٤) ما كان ».

[ ٨٤٩٦ ] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ويصوم العليل إذا وجد من نفسه خفّة، وعلم أنّه قادر على الصوم، وهو أبصر بنفسه ».

١٥ -( باب أنّ من صام في المرض مع إضراره به، لم يجزه، وعليه القضاء)

[ ٨٤٩٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « لا يجوز للمريض والمسافر الصيام، فإن صاما كانا عاصيين، وعليهما القضاء » وقالعليه‌السلام : « وروي أن من صام في مرضه أو سفره، أو أتمّ الصلاة، فعليه القضاء ».

وقال «عليه‌السلام في موضع آخر(١) : « فإن صام في السفر، أو في حال المرض، فعليه في ذلك القضاء، فإنّ الله يقول:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) ».

الصّدوق في الهداية: عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، مثله(٢) .

____________________________

(٤) في المصدر: المرض.

٣ - فقه الرضا ص ٢٥.

الباب - ١٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

(١) نفس المصدر ص ٢٣.

(٢) الهداية ص ٥١.

٣٩٠

[ ٨٤٩٨ ] ٢ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عنهعليه‌السلام ، مثله، وزاد بعد قوله: أو في حال المرض، فهو عاص الخ.

١٦ -( باب استحباب إمساك المريض بقيّة النّهار، إذا برئ من مرضه في أثنائه، ويجب عليه القضاء)

[ ٨٤٩٩ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وأمّا صوم التّأديب، فإنّه يؤمر الصبي إذا بلغ سبع سنين بالصوم تأديبا، وليس بفرض، وإن لم يقدر إلّا نصف النهار، فليفطر إذا غلبه العطش، وكذلك من أفطر لعلّة أوّل النهار، ثمّ قوي بقيّة يومه، أُمر بالإمساك بقيّة يومه تأديبا، وليس بفرض ».

[ ٨٥٠٠ ] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه قال في حديث: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم تأديبا، و ليس بفرض، وكذلك من أفطر بعلة من أوّل النهار، وقوي(١) بقيّة يومه » و ذكر مثله.

الصدوق في الهداية: عنهعليه‌السلام ، مثله، وفي المقنع مثله(٢) .

____________________________

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

الباب - ١٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦٢.

٢ - تفسير علي بن إبراهيم ج ١ ص ١٨٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: ثمّ عوفي.

(٢) الهداية ص ٥٠، والمقنع ص ٥٧.

٣٩١

١٧ -( باب بطلان صوم الحائض وإن رأت الدّم قرب الغروب، أو انقطع عقيب الفجر، ووجوب قضائها للصّوم دون الصلاة)

[ ٨٥٠١ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن حاضت وقد بقي عليها بقيّة يوم، أفطرت وعليها القضاء ».

١٨ -( باب استحباب إمساك الحائض بقيّة النهار، إذا طهرت في أثنائه، أو حاضت، ويجب عليها قضاؤه)

[ ٨٥٠٢ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام : في المرأة إذا حاضت فاغتسلت نهارا، قال: « تكف عن الطعام، أحبّ اليّ ».

[ ٨٥٠٣ ] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا طهرت المرأة من حيضها، وقد بقي عليها يوم، صامت ذلك اليوم تأديبا، وعليها قضاء ذلك اليوم ».

الصدوق في المقنع: مثله، وفيه: « بقي عليها بقيّة يوم، صامت ذلك المقدار »(١) .

____________________________

الباب - ١٧

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

الباب - ١٨

١ - الجعفريات ص ٦١.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

(١) المقنع ص ٦٤.

٣٩٢

[ ٨٥٠٤ ] ٣ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: بإسناده المعتبر عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: » إذا قدم المسافر مفطرا بلده نهارا يكف عن الطعام أحبّ اليّ وكذلك قال في الحائض إذا طهرت نهارا ».

١٩ -( باب عدم وجوب الصوم على الطفل والمجنون، واستحباب تمرين الولد على الصوم لسبع أو تسع، بقدر ما يطيق، ولو بعض النهار، أو إذا أطاق، أو راهق، ووجوبه على الذكر لخمس عشرة، وعلى الأُنثى لتسع، إلّا أن يبلغ بالاحتلام أو الإنبات قبل ذلك، فيجب إلزامهما)

[ ٨٥٠٥ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الغلام يؤخذ بالصيام، إذا بلغ تسع سنين، على قدر ما يطيقه، فإن أطاق إلى الظّهر أو بعده، صام إلى ذلك الوقت، فإذا غلب عليه الجوع والعطش أفطر، وإذا صام ثلاثة أيّام، فلا تأخذه بصيام الشهر كلّه ».

[ ٨٥٠٦ ] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليعليهم‌السلام أنّه قال: « يؤمر الصبي بالصلاة إذا عقل، وبالصوم إذا أطاق ».

[ ٨٥٠٧ ] ٣ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « إنّا نأمر صبياننا بالصلاة والصيام ما أطاقوا منه، إذا كانوا أبناء سبع سنين ».

____________________________

٣ - نوادر الراوندي ص ٣٧.

الباب - ١٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٣٩٣

[ ٨٥٠٨ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام : أنّه كان يأمر الصبي بالصوم في شهر رمضان، بعض النهار، فإذا رأى الجوع والعطش غلب عليه، أمره فأفطر.

[ ٨٥٠٩ ] ٥ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « يجب الصلاة على الصبي إذا عقل، والصوم إذا أطاق ».

السيد الرّاوندي في نوادره: بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه، عنهعليهم‌السلام ، مثله(١) .

وتقدم عن تفسير علي بإسناده، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام : أنّه قال: « وأمّا صوم التّأديب، فالصبي يؤمر إذا راهق بالصوم، تأديبا وليس بفرض »(٢) .

____________________________

٤ - دعائم الإسلام ج ١ ص ١٩٤.

٥ - الجعفريات ص ٥١.

(١) عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣١٩ ح ٣.

(٢) تقدم في الباب ١٦ حديث ٢.

٣٩٤

أبواب أحكام شهر رمضان

١ -( باب وجوب صومه، وعدم وجوب شئ من الصّوم، غير ما نصّ على صومه)

[ ٨٥١٠ ] ١ - الشيخ المفيد في الاختصاص: عن عبد الرحمان بن ابراهيم، عن الحسين بن مهران، عن الحسين بن عبدالله، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن محمّد عن أبيه، عن جدّه الحسين بن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، قال: « جاء رجل من اليهود، إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله - وساق الخبر إلى أن قال - يا محمّد، فاخبرني عن الثامن، لأيّ شئ افترض الله صوما على أُمّتك ثلاثين يوما؟ وافترض على سائر الأُمم أكثر من ذلك؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ آدم لمـّا أن أكل من الشجرة، بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوما، فافترض الله على ذريّته ثلاثين يوماً الجوع والعطش، وما يأكلون(١) باللّيل فهو تفضّل من الله على خلقه، وكذلك كان لآدمعليه‌السلام ثلاثين يوما، كما على أُمّتي، ثمّ تلا هذه الآية:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (٢) قال: صدقت يا محمّد، فما

____________________________

أبواب أحكام شهر رمضان

الباب - ١

١ - الاختصاص ص ٣٨.

(١) في المصدر: يأكلونه.

(٢) البقرة ٢: ١٨٣.

٣٩٥

جزاء من صامها؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما مؤمن يصوم يوماً من شهر رمضان، حاسبا محتسبا، إلّا أوجب الله تعالى له سبع خصال: أوّل الخصلة يذوب الحرام من جسده، والثّاني يتقرّب إلى رحمة الله تعالى، والثّالث يكفر خطيئته، ألا تعلم أنّ الكفّارات في الصوم يكفّر، والرّابع يهوّن عليه سكرات الموت، والخامس آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة، والسّادس براءة من النّار، والسّابع أطعمه الله من طيّبات الجنّة، قال: صدقت يا محمّد ».

[ ٨٥١١ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن الفضل بن ربيع، ورجل آخر، في حديث طويل أنّ هارون سأل موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، وهو لا يعرفه فقال: أخبرني ما فرضك؟ قالعليه‌السلام : « إنّ الفرض رحمك الله واحد - إلى أن قال - ومن اثني عشر واحد - إلى أن قالعليه‌السلام - وأمّا قولي من اثني عشر واحد، فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا » الخبر.

[ ٨٥١٢ ] ٣ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « من صام يوماً من رمضان، خرج من ذنوبه مثل يوم ولدته أُمّه، فإن انسلخ عليه الشّهر وهو حيّ، لم تكتب عليه خطيئته إلى الحول ».

[ ٨٥١٣ ] ٤ - وعن الشعبي، عن قيس الجهني، قال: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: « ما من يوم يصومه العبد من شهر رمضان، إلّا جاء يوم القيامة في غمامة من نور، في تلك الغمامة قصر

____________________________

٢ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٤ ص ٣١٢.

٣ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٦.

٣٩٦

من درّة، له سبعون بابا، كلّ باب من ياقوته حمراء ».

[ ٨٥١٤ ] ٥ - وعن عبد الرحمان بن عوف: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ذكر شهر رمضان، وفضله على الشّهور بما فضّله الله، وقال: « إنّ شهر رمضان شهر كتب الله صيامه على المسملين، وسَنَّ قيامه، فمن صامه إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٥ ] ٦ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من صام شهر رمضان وقامه، إيمانا واحتسابا، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ».

[ ٨٥١٦ ] ٧ - السيد فضل الله الرّاوندي في نوادره: عن علي بن الحسين الورّاق، عن عبدالله بن جعفر، عن محمّد بن أبي نعيم بن علي، وأبي إسحاق بن عيسى، عن محمّد بن الفضل بن حاتم، عن إسحاق بن راهويه، عن النّضر بن شميل، عن القاسم بن الفضل، عن النّضر بن شيبان، عن أبي سلمة، عن عبد الرحمان، عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وذكر رمضان ففضله بما فضّله الله عزّوجلّ، على سائر الشّهور، قال: « شهر فرض الله صيامه، وسنّ قيامه، فمن صام وقام(١) إيمانا واحتسابا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥١٧ ] ٨ - وعن أبي القاسم الورّاق، عن محمّد، عن عمير بن احمد، عن أبيه، عن محمّد بن سعيد، عن هدية، عن همام بن [ يحيى ](١) عن علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن مسيّب، عن

____________________________

٥ و ٦ - درر اللآلي ج ١ ص ١٧.

٧ - نوادر الراوندي، أخرجه عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٧.

(١) في البحار: صامه وقامه.

٨ - نوادر الراوندي، عنه في البحار ج ٩٦ ص ٣٤٩ ح ١٨.

(١) سقط من الطبعة الحجرية، وما أثبتناه من البحار هو الصواب « راجع =

٣٩٧

سلمانرضي‌الله‌عنه قال: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في آخر يوم من شعبان، فقال: « قد أظلكم شهر رمضان، شهر مبارك، شهر فيه ليلة القدر(٢) خير من الف شهر، جعل الله صيامه فريضة، وقيامه لله عزّوجلّ طوعا » الخبر.

[ ٨٥١٨ ] ٩ - علي بن ابراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن سليمان بن داود المنقري، عن سفيان بن عيينة، عن الزّهري، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: قال لي يوما: « يا زهري، من أين جئت؟ » قلت: من المسجد، قال: « فيم كنت؟ » قال: تذاكرنا فيه أمر الصوم، فاجتمع رأيي ورأي اصحابي، أنّه ليس من الصوم شئ واجب، إلّا صوم شهر رمضان، فقال: « يا زهري ليس كما قلتم، الصوم على أربعين وجها: فعشرة أوجه منها واجبة كوجوب شهر رمضان، وأربعة عشر وجها صاحبها بالخيار، إن شاء صام وإن شاء أفطر، وعشرة أوجه منها حرام، وصوم الإذن على ثلاثة أوجه، وصوم التأديب، وصوم الإباحة، وصوم السفر، والمرض »، فقلت: فسرّهنّ لي جعلت فداك، فقال: « أمّا الواجب فصوم شهر رمضان، وصيام شهرين متتابعين » الخبر.

ورواه الصدوق في الهداية والمقنع: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[ ٨٥١٩ ] ١٠ - وقال في قوله تعالى:( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الّذين

____________________________

= تهذيب التهذيب ج ٧ ص ٣٢٢ ».

(٢) « القدر » ليس في البحار.

٩ - تفسير القمي ج ١ ص ١٨٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٢٥٩.

(١) الهداية ص ٤٨، المقنع ص ٥٥.

١٠ - تفسير القمي ج ١ ص ٦٥.

٣٩٨

مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) فإنّه قال، أي الصادقعليه‌السلام كما هو الظّاهر: « أوّل ما فرض الله الصّوم، لم يفرضه في شهر رمضان إلّا على الأنبياء، ولم يفرضه على الأُمم، فلمّا بعث الله نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خصّه بفضل [ شهر ](٢) رمضان، هو وأُمّته، وكان الصّوم قبل أن ينزل شهر رمضان، يصوم النّاس أيّاماً، ثمّ نزل:( شَهْرُ رَمَضَانَ الّذي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) (٣) ».

[ ٨٥٢٠ ] ١١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « واعلم أنّ الصوم على أربعين وجها - إلى أن قال - أمّا الصوم الواجب، فصوم شهر رمضان » الخبر. قال: « وقد روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) ، أنّه قال: من دخل عليه شهر رمضان، فصام نهاره، وأقام ورداً في ليله، وحفظ فرجه ولسانه، وغضّ بصره، وكفّ أذاه(٢) ، خرج من ذنوبه (كهيئة يوم)(٣) ولدته أُمّه، فقيل له: ما أحسن هذا من حديث! فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما أصعب هذا من شرط! ».

[ ٨٥٢١ ] ١٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّد أنّه قال: « صوم شهر رمضان، فرض في كلّ عام ».

وعن عليعليه‌السلام (١) أنّه قال: « صوم شهر رمضان، جنّة

____________________________

(١) البقرة ٢: ١٨٣.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) البقرة ٢: ١٨٥.

١١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) نفس المصدر ص ٢٤.

(٢) في المصدر: أذناه.

(٣) في المصدر: كيوم.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٨.

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٢٦٩.

٣٩٩

من النّار ».

[ ٨٥٢٢ ] ١٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « شهر رمضان، شهر فرض الله صيامه، فمن صامه احتسابا وإيمانا، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أُمّه ».

[ ٨٥٢٣ ] ١٤ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: عن عليعليه‌السلام ، أنّه قال: « ينطق الله جميع الأشياء، بالثناء على صوام شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٤ ] ١٥ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: « إنّ الجنّة مشتاقة إلى أربعة نفر: إلى مطعم الجيعان، وحافظ اللّسان، وتالي القرآن، وصائم شهر رمضان، » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ رمضان إلى رمضان، كفّارة لمـّا بينهما » وقال: « أنّ الجنّة لتزيّن من السنة إلى السنة، لصوم شهر رمضان ».

[ ٨٥٢٥ ] ١٦ - الصدوق في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة: عن أحمد بن الحسن القطان، عن أحمد بن محمّد بن محمّد بن سعيد، عن جابر بن يزيد، عن أبي الزبير المكّي، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله تبارك وتعالى، لم يفرض من صيام شهر رمضان، فيما مضى الّا على الأنبياء دون أُممهم، وإنّما فرض عليكم ما فرض على أنبيائه ورسله قبلي، إكراما وتفضيلا » الخبر.

____________________________

١٣ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٣٢ ح ١.

١٤ - لب اللباب: مخطوط.

١٥ - لب اللباب: مخطوط.

١٦ - فضائل الأشهر الثلاثة ص ١٣٩.

٤٠٠

بحث التوحيد الذاتي.

وبعبارة اُخرى: إنّ مطالبة الله سبحانه بأن يخلق مثله مطالبة للجمع بين حالات وصفات متضادّة ومتناقضة غير ممكنة الإجتماع في شيء واحد.

فبما أنّنا نفترض إمكان تعلّق القدرة به يجب أن يكون ممكناً لا واجباً، حادثاً لا قديماً، وعلى فرض الوجود متناهياً لا غيره.

وبما أنّ المطلوب هو خلق مثله يجب أن يكون ـ على فرض الوجود ـ واجباً لا ممكناً، قديماً لا حادثاً، غير متناه لا متناه.

وهذا جمع بين الامكان والوجوب والحدوث والقدم، والمخلوقيّة والخالقيّة، والتناهي واللاتناهي في شيء واحد، وهو أمر محال قطعاً.

وبذلك تتبيّن الإجابة عن السؤال الثاني فإنّ عدم تعلّق القدرة بجعل العالم الفسيح العظيم الحجم في بطن البيضة الصغيرة ليس لقصور القدرة، وعدم سعتها، بل لأنّ المقترح أمر غير ممكن في حدّ ذاته، ومستلزم للمحال، إذ من جانب أنّ العقل يحكم بالبداهة بأنّ الظرف يجب أن يكون أكبر من مظروفه، والمظروف أصغر من ظرفه، ومن جانب آخر نطلب منه سبحانه شيئاً يكون الظرف فيه أصغر من مظروفه.

فعلى فرض التحقّق يلزم أن يكون شيء واحد في آن واحد بالنسبة إلى شيء واحد أصغر وأكبر وهو الجمع بين النقيضين، الممتنع بالبداهة.

أمّا السؤال الثالث: فهو أيضاً محال أو مستلزم للمحال، ففرض خلقه سبحانه شيئا لا يقدر على إفنائه فرض يستلزم المحال.

فبما أنّ الشيء المذكور أمر ممكن فهو قابل للافناء ولكنّه حيث قيّد بعدم الفناء يجب أن يكون واجباً غير قابل للفناء، وهذا يعني أن يجتمع في ذلك الشيء حالتان متناقضتان هما: الإمكان والوجوب، وإن شئت قلت: القابلية للفناء وعدم

٤٠١

القابلية له، وهو محال.

وبعبارة اُخرى: بما أنّ الشيء المذكور في السؤال المفروض فيه أنّه مخلوق لله سبحانه يجب أن يكون قادراً على إفنائه مع انّا قيّدناه بعدم القابلية للفناء، فيلزم أن نفترض كونه قابلاً للافناء وغير قابل له في آن واحد.

وممّا ذكرناه هنا يتبيّن حال كل مورد من هذا القبيل مثل أن يخلق الله جسماً لا يقدر على تحريكه، فإنّ هذا من باب « الجمع بين المتناقضين » إذ بما أنّ ذلك الجسم مخلوق متناه يجب أن يكون قابلاً للتحريك، وفي الوقت نفسه نفترض أنّه غير قادر على تحريكه.

فيكون السائل في هذا السؤال قد افترض إمكان تحريكه وعدمه، وافترض كذلك قدرته وعدم قدرته على ذلك.

وعلى الجملة فهذه الفروض وأمثالها ممّا تدور على الألسن لا تضرّ بعموم القدرة، ولا توجب تحديداً فيها بل المفروض في كل من هذه الأسئلة أمر محال ذاتاً وهو خارج عن محل البحث.

الثامن والتسعون: « القاهر »

وقد جاء القاهر في الذكر الحكيم مرّتين ووقع وصفاً له سبحانه في كلا الموردين.

قال سبحانه:( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ ) ( الأنعام / ١٨ ).

وقال سبحانه:( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً ) ( الأنعام / ٦١ ).

٤٠٢

التاسع والتسعون: « القهّار »

وقد ورد في القرآن في موارد ستّة ووقع اسماً له سبحانه فيها وقورن مع اسم « الواحد ».

وقال سبحانه:( أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( يوسف / ٣٩ ).

وقال سبحانه:( قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( الرعد / ١٦ ).

وقال سبحانه:( وَبَرَزُوا للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) ( إبراهيم / ٤٨ ).

وقال سبحانه:( قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إلّا اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( سورة ص / ٦٥ ).

وقال سبحانه:( هُوَ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) ( الزمر / ٤ ).

وقال سبحانه:( لِمَنِ المُلْكُ الْيَوْمَ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) ( غافر / ١٦ ).

وبما أنّ الاسمين مشتقّان من مادة واحدة نبحث عنهما في مقام واحد فنقول: « القاهر » و « القهّار » من القهر.

قال ابن فارس: « القهر » يدل على غلبة وعلوّ، والقاهر: الغالب، وقُهر ( بصيغة المجهول ) إذا غُلب، وقال الراغب: القهر: الغلبة والتذليل معاً ويستعمل في كل واحد منهما.

قال عزّ وجلّ:( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ) أي لا تذلّل، والظاهر أنّ الذلّة تلازم الغلبة فهي مفهوم إضافي قائم بالغالب والمغلوب والقاهر والمقهور.

قال الصدوق: « القدير » و « القاهر » معناهما أنّ الأشياء لا تطبيق الامتناع منه وممّا يريد الانفاذ فيها(١) .

__________________

(١) التوحيد للصدوق: ص ١٩٨.

٤٠٣

قال العلّامة الطباطبائي: « القهر نوع من الغلبة وهو أن يظهر شيء على شيء فيضطرّه إلى مطاوعة أثر من الغالب يخالف ما للمغلوب من الأثر كغلبة الماء على النار فيقهرها على الخمود.

فالقاهر من الأسماء التي تصدق عليه تعالى كما تصدق على غيره، غير أنّ بين قهره تعالى وقهر غيره فرقاً وهو أنّ غيره تعالى من الأشياء انّما يقهر بعضه بعضاً وهما مجتمعان في مرتبة وجودها، والماء والنار مثلاً موجودان طبيعيان يظهر أثر الأوّل في الثاني، والله سبحانه قاهر لا كقهر الماء على النار بل هو قاهر بالتفوّق والإحاطة على الاطلاق، فهو تعالى قاهر على عباده لكنّه فوقهم لا كقهر شيء شيئاً وهما متزاملان، وقد جاء ذلك الاسم في كلا الموضعين في ( سورة الانعام / ١٦ ـ ٦١ ) مقترناً بقوله « فوق عباده » والغالب في موارد استعمال القهر هو أن يكون المغلوب من اُولي العقل بخلاف الغلبة »(١) .

لأجل ذلك صدَّر الآية الاُولى بقوله سبحانه:( وَإِن يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إلّا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( الأنعام / ١٧ ).

كما أنّه سبحانه يقول: في ذيل الآية الاُخرى:( حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) ( الأنعام / ٦١ ).

وإنّ استسلام الإنسان للخير والضرّ والموت آية كونه قاهراً على العباد.

ثمّ إنّه قال سبحانه:( الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ) ولم يقل « القاهر عباده » وسيوافيك وجهه. ومن عجيب القول استدلال الحنابلة بهذه الآيات على أنّ لله جهة وهي الفوقيّة الذاتية، مع أنّ الملاك في كون الشيء قاهراً والشيء الآخر مقهوراً وذليلاً هو قهّاريّته وقدرته الواسعة، لا كونه واقعاً في أفق عال من حيث الحسّ والجهة ،

__________________

(١) الميزان: ج ٧، ص ٣٣ ـ ٣٤ بتلخيص منّا.

٤٠٤

والفوقيّة في الآية نظير ما في سائر الآيات مثل قوله:( وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) ( آل عمران / ٥٥ ).

قال:( سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ) ( الأعراف / ١٢٧ ). غير أنّ الفوقيّة فيهما معنوية اعتبارية، والفوقية في المقام تكوينيّة نابعة من كون أحدهما علّة والآخر معلولاً.

ولعلّ استعمال القاهر مع فوق في كلتا الآيتين لأجل الاشارة إلى أنّ القاهر والمقهور ليسا في درجة من الوجود، بل القاهر فوق المقهور في الوجود والكينونة، وهو المالك للمقهور، لما للقاهر من وجود وخصوصيّة، فالقهر ينبع من كون أحدهما مالكاً والآخر مملوكاً، ملكية ناشئة من الخلق والإيجاد، لا الوضع والاعتبار.

والظاهر أنّ « القهّار » صيغة مبالغة من « القاهر » والفرق بينهما هو الفارق بين اسم الفاعل وصيغة المبالغة وربّما يقال: إنّ القهّار اسم له تعالى باعتبار ذاتيّة غلبته على خلقه واستيلائه على جميع الموجودات، والقاهر اسم له تعالى باعتبار إعمال تلك الصفة في عالم الفعل(١) .

ولم يعلم وجه هذا الفرق. قال أمير المؤمنين7 : « يا من توحّد بالعزّ والبقاء وقهر عباده بالموت والفناء »(٢) .

وأمّا حظُّ العبد من هذا الاسم فالقهَّار من العباد من قهر أعدائه، وأعدى عدوّه نفسه التي بين جنبيه فإذا قهر شهوته وغضبه فقد قهر أعدائه، وفي ذلك إحياء لروحه(٣) .

__________________

(١) شرح الأسماء الحسنى للسيد حسين الهمداني: ص ٨٦.

(٢) دعاء الصباح.

(٣) لوامع البينات للرازي: ص ٢٢٣.

٤٠٥

المائة: « القدّوس »

وقد جاء القدُّوس في الذكر الحكيم مرّتين ووقع وصفاً له سبحانه في كلا الموردين.

قال سبحانه:( سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ ) ( الحشر / ٢٣ ).

وقال سبحانه:( يُسَبِّحُ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ المَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الحَكِيمِ ) ( الجمعة / ١ ).

كما أنّه جاء المقدَّس مذكّراً ومؤنّثاً في موارد ثلاثة ووقع وصفاً للوادي والأرض.

قال سبحانه:( إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى ) ( النازعات / ١٦ ).

وقال سبحانه:( فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ المُقَدَّسِ طُوًى ) ( طه / ١٢ ).

وقال سبحانه:( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ لَكُمْ ) ( المائدة / ٢١ ). ومن ملاحظة مجموع الآيات، يعرف معناه.

وهو كما قال ابن فارس: شيء يدلّ على الطهر، والأرض المقدّسة المطهّرة، وتسمّى الجنّة حظيرة القدس، وجبرئيل « روح القدس » ووصف الله تعالى ذاته بالقدّوس بذلك المعنى لأنّه منزّه عن الأضداد والأنداد والصاحبة والولد. تعالى الله عمّا يقول الظالمون علوّاً كبيراً.

فالظاهر ممّا ورد من هذه المادة في القرآن الكريم هو الطهارة من القذارة المعنويّة والنزاهة عمّا لا يناسب ساحة الشيء. قال حكاية عن الملائكة:( وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ) ( البقرة / ٣٠ ). والظاهر أنّ التسبيح والتقديس في الآية بمعنى واحد، وهو تنزيهه عن الشرك والمثل، وكل ما يعدّ نقصاً.

وهناك نكتة لافتة للنظر وهو أنّ اسم القُدُّوس ورد بعد إسم الملك في الآيتين

٤٠٦

ولعلّه لبيان أنّ كونه تعالى ملكاً يفارق كون غيره ملكاً، فالملوكيّة جُبِلت على الظلم والتعدّي والإفساد.

قال سبحانه:( إِنَّ المُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ) ( النمل / ٣٤ ).

وقال سبحانه:( وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ) ( الكهف / ٧٩ ).

فذكره مع اسم « القدُّوس » لتبيين نزاهته من كل ما ينسب إلى الملوك من الأفعال والصفات، ثمّ إنّ اسم القدُّوس يدلّ على تعاليه عن كل ما لا يناسب ساحته فيندرج تحته الصفات السلبية التي ذكرها المتكلّمون في كتبهم وهي :

١ ـ واحد ليس له نظير ولا مثيل.

٢ ـ ليس بجسم ولا في جهة ولا في محلّ ولا حالّ ومتحد.

٣ ـ ليس محلاً للحوادث.

٤ ـ لا تقوم اللَّذة والألم بذاته.

٥ ـ لا تتعلّق به الرؤية.

٦ ـ ليست حقيقته معلومة لغيره بكنهه وبالتالي ليس جوهراً ولا عرضاً.

وقد برهن المتكلّمون على نفي هذه الصفات عن ساحته ببراهين رصينة من أراد فليرجع إليها(١) .

__________________

(١) لاحظ « الالهيات »: ص ٤٥٣ ـ ٤٨٧ محاضراتنا بقلم الفاضل الشيخ حسن مكي العاملي.

٤٠٧

المائة والواحد: « القريب »

وقد استعمل القريب مرفوعاً ومنصوباً في الذكر الحكيم ٢٦ مّرة ووقع وصفاً له سبحانه في موارد ثلاثة.

قال سبحانه:( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) ( البقرة / ١٨٦ ).

وقال سبحانه:( فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ ) ( هود / ٦١ ).

وقال سبحانه:( وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) ( سبأ / ٥٠ ).

ولأجل المناسبة بين قربه سبحانه وسماع دعاء العبد ضمّ إليه وصف المجيب تارة والسميع اُخرى وقد مرّ تفسير ذلك الاسم عند البحث عن اسم « الأقرب » فلاحظ.

المائة والثاني: « القويّ »

وقد جاء لفظ « القويّ » في الذكر الحكيم معرّفاً ومنكراً ١١ مرّة ووقع وصفاً له سبحانه في ٨ موارد.

قال سبحانه:( إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( الأنفال / ٥٢ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) ( هود / ٦٦ ).

وقال سبحانه:( وَلَيَنصُرَنَّ اللهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) ( الحج / ٤٠ ).

إلى غير ذلك من الآيات(١) .

وقد استعمل تارة مع اسم « العزيز » واُخرى مع « شديد العقاب ».

__________________

(١) لاحظ ( غافر / ٢٢ )، ( الشورى / ١٩ )، ( الحديد / ٢٥ )، ( المجادلة / ٢١ )، ( الاحزاب / ٢٥ ).

٤٠٨

وأمّا معناه فقد ذكر ابن فارس له معنيان فقال: « يدل أحدهما على شدّة وخلاف ضعف، والآخر على خلاف هذا وعلى قلّة خير، فالأوّل القوّة والقوي خلاف الضعيف »(١) .

وقال الراغب: القوّة تستعمل تارة في معنى القدرة نحو قوله:( خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ ) وتارة للتهيّؤ الموجود في الشيء نحو أن يقال: النوى بالقوّة نخل أي متهيّئ ومترشح أن يكون منه ذلك.

الظاهر أنّ القوّة لا ترادف القدرة المطلقة بل المراد هو المرتبة الشديدة، سواء أريد منه القوّة البدنيّة نحو قوله:( وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ) أو القدرة القلبية مثل قوله( يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ) أي بقوّة قلب، أو القوّة الخارجيّة، مثل قوله( لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً ) .

والمراد المال والجند وقال:( نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ) ، وعلى هذا يعود معنى القوّة إلى القدرة التامّة التي لا يعارضها شيء، ولأجل ذلك قورن مع « شديد » تارة و « العزيز » اُخرى، فمعنى قوله:( قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) : انّه سبحانه قويّ لا يضعف عن أخذهم، شديد العقاب إذا أخذ.

قال الصدوق: « القويّ معناه معروف وهو القويّ بلا معاناة ولا استعانة »(٢) .

قال الرازي: « اتّفق الخائضون في تفسير أسماء الله على أنّ القوّة هنا عبارة عن كمال القوّة، كما أنّ المتانة عبارة عن كمال القوّة فعلى هذا، « القوّة المتينة » اسم للقدرة البالغة في الكمال إلى أقصى الغايات ».

ثمّ قال: « وعندي أنّ كمال حال الشيء في أن يؤثّر، فيسمّى قوّة وكمال حال

__________________

(١) الأصل نادر الاستعمال.

(٢) التوحيد: ص ٢١٠.

٤٠٩

الشيء أن لا يقبل الأثر من الغير فيسمّى أيضاً قوّة، وذلك لأنّ الإنسان الذي يقوىٰ على أن يصرع الناس يسمّى قويّاً شديداً والإنسان الذي لا ينصرع من أحد يسمّى أيضاً قوياً، وبهذا التفسير يسمّى الحجر والحديد قويّاً »(١) .

أقول: الظاهر أنّ ما ذكره من التفصيل للقوّة تحليل فلسفي، والمتبادر من القوّة هو القدرة التامّة. نعم لازم كونه كذلك أن يكون مؤثّراً في الممكنات، وأن لا يؤثّر فيه شيء، لأنّ التأثّر من الغير آية الضعف، فهو المؤثّر في كل شيء، ولا يتأثّر من كل شيء، والظاهر أنّ اطلاق القويّ على الله في الآيات بالاعتبار الأوّل.

يقول سبحانه:( إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ المَتِينُ ) ( الذاريات / ٥٨ ).

ويقول سبحانه:( إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( الأنفال / ٥٢ ).

فإنّ شدّة العقاب آية التأثير في الغير وقال:( وَكَفَى اللهُ المُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ) ( الأحزاب / ٢٥ ). فالغلبة في القتال آية القوّة.

المائة والثالث: « القيُّوم »

قدورد لفظ « القيّوم » في الكتاب العزيز ٣ مرّات ووقع وصفاً له سبحانه في جميع الموارد.

قال سبحانه:( اللهُ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ الحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) ( البقرة / ٢٥٥ ).

وقال:( اللهُ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ الحَيُّ الْقَيُّومُ *نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ ) ( آل عمران / ٢ و ٣ ).

__________________

(١) لوامع البينات: ص ٢٩٤.

٤١٠

وقال سبحانه:( وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا ) ( طه / ١١١ ).

وأمّا معناه فقد قال الراغب: « القيّوم » القائم الحافظ لكل شيء والمعطي له ما به قوامه، وذلك هو المعنى المذكور في قوله:( الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ ) ( طه / ٥٠ ).

ففي قوله:( أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) ( الرعد / ٣٣ ).

قال الصدوق: « القيّوم » و « القيّام » هما فيعول وفيعال من قمت بالشيء، إذا ولّيته بنفسك وتولّيت حفظه وإصلاحه وتقديره.

وفسّر الرازي كونه قيّوماً ب‍ « قيام الممكنات بأسرها به، فهو قائم بالذات وغيره قائم بالغير ».

قال العلّامة الطباطبائي: « القيّوم من القيام، وصف يدل على المبالغة، والقيام هو حفظ الشيء، وفعله، وتدبيره، وتربيته، والمراقبة عليه، والقدرة عليه، كلّ ذلك مأخوذ من القيام بمعنى الانتصاب، للملازمة العاديّة بين الامتثال وهذه الاُمور، وقد أثبت الله تعالى أصل القيام ـ باُمور خلقه ـ لنفسه ».

قال سبحانه:( أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَىٰ كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) .

وقال سبحانه:( شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ ) ( آل عمران / ١٨ ).

فأفاد أنّه قائم على الموجودات بالعدل، فلا يعطي ولا يمنع شيئاً إلّا بالعدل باعطاء كل شيء ما يستحقّه، وإنّ القيام بالعدل مقتضى اسميه الكريمين، فبعزّته يقوم على كل شيء، وبحكمته يعدل.

وبعبارة اُخرى لـمّا كان تعالى هو المبدئ الذي يبتدئ منه وجود كل شيء

٤١١

وأوصافه وآثاره، ولا مبدئ سواه، إلّا وهو ينتهي إليه، فهو القائم على كل شيء من كل جهة، القيام الذي لا يشوبه فتور وخلل، وليس ذلك لغيره قط إلّا بإذنه ومشيئته(١) .

ثمّ إنّ كونه سبحانه قيّوماً وقائماً بكل شيء لا ينافي كون الموجودات الامكانية ذا آثار وخصائص وأفعال وأعمال تنسب إليها على وجه الاضطرار كالحرارة إلى النار أو على وجه الاختيار كالافعال الاختيارية للإنسان، فإنّ قيام هذه الاُمور بآثارها وأفعالها ليس بنفسها وإنّما هي آثار لها باذنه سبحانه ومشيئته، وقد ذكرنا غير مرّة أنّ نسبة الوجودات الإمكانية إلى الواجب، نسبة المعاني الحرفيّة إلى الاسميّة، فلو غضّ النظر عن المعنى الاسمي فلا يبقى لها أثر في الذهن والخارج.

وبذلك يظهر أنّ اسم « القيّوم » اُمّ الأسماء الإضافية الثابتة له تعالى جميعاً والمراد منها الأسماء التي تدلّ على معان خارجة عن الذات كالخالق والرازق والمبدئ والمعيد والمحيي والمميت والغفور والرحيم والودود وغيرها.

وبعبارة اُخرى: إنّما هو اُمّ لصفاته الفعلية جميعاً.

ويقول الرازي: إنّ قوله الحي القيّوم كالينبوع لجميع مباحث العلم الالهي ولعلّه يشير بذلك إلى أنّ قيام الممكنات به يستلزم حضورها عنده، وحضورها لديه يستلزم علمه به كما يستلزم تدبيره و

__________________

(١) الميزان: ج ٢، ص ٣٣٠.

٤١٢

حرف الكاف

المائة والرابع: « الكافي »

قد ورد في الذكر الحكيم مرّة ووقع وصفاً له سبحانه.

قال تعالى:( أَلَيْسَ اللهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) ( الزمر / ٣٦ ).

أمّا معناه، فقال ابن فارس: يدل على « الحسب » الذي لامستزاد فيه وهذا هو المتبادر من سائر مشتقّاته في القرآن وغيره، وقال:( وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ) ( الفرقان / ٣١ ).

قال الراغب: الكفاية ما فيه سد الخلّة وبلوغ المراد من الأمر وهو سبحانه الكافي في اُمور العبد، وهو يقوم بكلّ ما يحتاج إليه العبد، ولو يخوّفونك أيّها النبي، فالله هو الكافي، قال سبحانه:( فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) ( البقرة / ١٣٧ ).

المائة والخامس: « الكبير »

قد ورد لفظ « الكبير » مرفوعاً ومنصوباً ٣٦ مرّة، وقع وصفاً له سبحانه في موارد ستّة، وإقترن باسم « المتعال » تارة و « العلي » اُخرى.

قال سبحانه:( عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ المُتَعَالِ ) ( الرعد / ٩ ).

٤١٣

وقال سبحانه:( وَأَنَّ اللهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ) ( الحج / ٦٢ )(١) .

وأمّا معناه: فقد قال ابن فارس: يدل على خلاف الصغر، والكِبْر ـ بكسر الكاف وسكون الباء ـ معظم الأمر، قوله عزّ وجلّ:( وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ ) ( النور / ١١ ) أي معظم أمره، وأمّا الكبر ـ بضم الكاف ـ فهو القعيد، يقال: الولاء للكبر يراد به أقعد القوم في النسب وهو الأقرب إلى الأب الأكبر.

قال الراغب: « الكبير والصغير من الأسماء المتضايفة التي تقال عند اعتبار بعضها ببعض ويستعملان في الكمّية المتّصلة كالأجسام وذلك كالكثير والقليل، وفي الكميّة المنفصلة كالعدد، وثمّ استعير للمتعالي فيطلق على ما اعتبر فيه المنزلة والرفعة نحو « قل أي شيء أكبر شهادة ؟ قل الله شهيد بيني وبينكم » ونحو الكبير المتعال، ومنه قوله: « كذلك جعلنا في كلّ قرية أكابر مجرميها » أي رؤسهائها.

أقول: « إنّ اقتران اسم « المتعال » و « العلي » بالكبير، يعرب عن كون الملاك في توصيفه سبحانه هو الرفعة والمنزلة، وكل كمال يتصوّر.

والصدوق فسّره بالسيّد قائلاً: بأنّ سيد القوم كبيرهم، ولكن مراده ما ذكرناه، وقال: « الكبرياء » اسم التكبّر والتعظّم، وقال العلّامة الطباطبائي: « والذي يناسب ساحة قدسه تعالى من معنى الكبرياء أنّه تعالى يملك كل كمال لشيء ويحيط به، فهو تعالى كبير أي له كمال كل ذي كمال وزيادة »(٢) .

ولأجل علو منزلته ورفعتها، وقع علّة لكون الحكم له دون غيره قال:( وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالحُكْمُ للهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ) ( غافر / ١٢ ).

__________________

(١) لاحظ أيضا ( النساء / ٣٤ )، ( لقمان / ٣٠ )، ( سبأ / ٣٢ )، ( غافر / ١٢ ).

(٢) الميزان: ج ١١، ص ٣٣٨.

٤١٤

المائة والسادس: « الكريم »

قد ورد في الذكر الحكيم مرفوعاً ومنصوباً ٢٦ مرّة ووقع وصفاً له سبحانه في موارد ثلاثة :

قال سبحانه:( فَتَعَالَى اللهُ المَلِكُ الحَقُّ لا إِلَٰهَ إلّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ) ( المؤمنون / ١١٦ )، وقال سبحانه:( وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) ( النمل / ٤٠ )، وقال سبحانه:( يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ) ( الانفطار / ٦ ).

وأمّا معناه فقال ابن فارس: فهو شرف الشيء في نفسه أو شرف في خلق من الأخلاق يقال رجل كريم وفرس كريم. الكرم في الخُلق يقال هو الصفح عن ذنب المذنب. قال عبد الله بن مسلم بن قتيبة: الكريم الصفوح والله تعالى هو الكريم الصفوح عن ذنوب عباده المؤمنين.

قال الراغب: إذا وصف الله تعالى به فهو اسم لإحسانه وانفاقه المتظاهر نحو قوله:( إِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) وإذا وصف به الإنسان فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة التي تظهر منه.

وما ذكره هو الظاهر في قوله: « غنيّ كريم » دون سائر الآيات، وكيف وقد وصف اُمور كثيرة بمعنى واحد.

وذلك كالرزق نحو:( وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ) ( الأنفال / ٤ ) والملك نحو:( إِنْ هَٰذَا إلّا مَلَكٌ كَرِيمٌ ) ( يوسف / ٣١ )، والمقام نحو:( وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ) ( الشعراء / ٥٨ )، والرسول نحو:( رَسُولٌ كَرِيمٌ ) ( الدخان / ١٧ )، والكتاب نحو:( أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ) ( النمل / ٢٩ ). والتوصيف في الجميع بمعنى واحد.

ولذلك لجأ الصدوق إلى ذكر معنيين له ففسّره تارة بالعزيز، يقال: فلان أكرم عليّ من فلان أي أعز منه، ومنه قوله عزّ وجلّ:( لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ) واُخرى بالجواد

٤١٥

المتفضّل يقال رجل كريم أي جواد.

والظاهر أنّ الكريم له معنى واحد وهو ما نبّه إليه ابن فارس أعني الشرف في الذات أو في الخلق، والأنعام والجود من مظاهره، كما أنّ الصفح عن العدو بعد المقدرة عليه من آثاره، وإلى ذلك يرجع ما ذكره بعضهم في تفسيره بأنّه كون الشيء تامّاً بحسب مرتبته والله سبحانه كريم باعتبار تماميّته في الوهيّته ذاتاً وصفة وفعلاً.

وأمّا توصيف الكافر بالكريم في قوله سبحانه:( ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ) ( الدخان / ٤٩ ). فإنّما هو للاستهزاء تشديداً لعذابه، فقد كان يرى في الدنيا لنفسه عزّة وكرامة لا تفارقانه كما يظهر ممّا حكى الله سبحانه من قوله:( وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّجِعْتُ إِلَىٰ رَبِّي إِنَّ لِي عِندَهُ لَلْحُسْنَىٰ ) ( فصّلت / ٥٠ ).

٤١٦

حرف اللام

المائة والسابع: « اللطيف »

وقد ورد في الذكر الحكيم ستّ مرّات ووقع في الجميع وصفاً له سبحانه وقورن ب‍ « الخبير » تارة و « العليم الحكيم » تارة اُخرى.

قال سبحانه:( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ) ( الانعام / ١٠٣ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الحَكِيمُ ) ( يوسف / ١٠٠ ).

وقال سبحانه:( فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) ( الحج / ٦٣ ).

وقال سبحانه:( فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) ( لقمان / ١٦ ).

وقال سبحانه:( اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) ( الشورى / ١٩ ).

وقال سبحانه:( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ) ( الملك / ١٤ ).

وقال سبحانه:( إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ) ( الأحزاب / ٣٤ ).

أمّا معناه فالظاهر من ابن فارس أنّ له معنيين أحدهما « الرفق » والثاني « صغر

٤١٧

في الشيء »(١) .

فمن الأوّل قوله:( اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ) .

وأمّا الثاني فالظاهر أنّ المراد من الصغر في الشيء هو كونه دقيقاً فوق الحسّ. ولأجل ذلك علّل سبحانه قوله:( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ) بكونه لطيفاً كما تقدّم وربّما يتطوّر ويستعمل في النافذ في الأشياء لأنَّ الشيء الصغير ينفذ في المجاري والثقوب الصغار. ويؤيّد ذلك أنّه سبحانه علّل علمه بما خلق بكونه لطيفاً، وقال سبحانه:( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ) ( الملك / ١٤ ) وعليه فيصحّ تفسيره بكونه مجرّداً أو ما هو قريب منه ويكون كناية عن حضوره وإحاطته بباطن الأشياء وظاهرها، وربّما يكنّى به عن تعاطي الاُمور الدقيقة كما في قوله سبحانه:( فَتُصْبِحُ الأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ) ( الحج / ٦٣ )، وعليه يحمل قوله سبحانه:( فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ) ( الكهف / ١٩ ) أي يعمل بلطف ودقّة.

هذا على القول بأنّ لمصدر « اللطيف » معنيين: الرفق والدّقة، ويمكن ارجاع المعنى الأوّل إلى الثاني أيضاً لأنّ الرأفة والمحبّة رهن تعاطي الاُمور الدقيقة حتى تستهوي القلوب.

وعلى كل حال فالله سبحانه « لطيف » أي دقيق لا يدرك، ويتعاطى الاُمور الدقيقة فيخلق أشياء فوق الحواس، لطيف أي رؤوف بأعمال الاُمور الدقيقة وهكذا، فتوصف به الذات كما يوصف به الفعل.

قال الرازي: « إنّ اللطيف له تفاسير أربعة :

١ ـ إنّ الشيء الصغير الذي لا يحسّ به لغاية صغره يسمّى لطيفاً، والله

__________________

(١) يظهر من القاموس أنه إذا أخذ « لطف » من باب « نصر » يكون بمعنى البرّ والاحسان، وإذا اخذ من باب « كرم » يكون بمعنى صغر ودقة.

٤١٨

سبحانه لـمّا كان منزّها عن الجسميّة والجهة لم يحسّ به، فأطلقوا اسم الملزوم على اللازم، فوصفوه تعالى بأنّه لطيف أي غير محسوس، وكونه لطيفاً بهذا الاعتبار يكون من صفات التنزيه.

٢ ـ اللطيف هو العالم بدقائق الاُمور وغوامضها، وعلى هذا التفسير يكون اللطف عبارة عن سعة علمه فيكون من الصفات الذاتية.

٣ ـ اللطيف هو البر بعباده الذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون ويهيء مصالحهم من حيث لا يحتسبون، ومنه قوله سبحانه:( اللهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ ) .

٤ ـ اللطيف من يعلم حقائق المصالح وغوامضها ثم يسلك في إيصالها إلى مستحقها سبيل الرفق دون العنف.

فإذا اجتمع هذا العلم وهذا العمل تمَّ معنى اللطف »(١) .

ولا يخفى أنّ ما ذكره من المعاني الأربعة من لوازم معنى اللطيف وهو الدقيق أو من يتعاطى الأعمال الدقيقة واللّغة العربية خصيصتها التطوّر واشتقاق معنى من معنى بمناسبة فطرية أو ذوقيّة، فمعنى اللطيف وإن لم يمكن تحديده بوجه كامل، ولكن المراد منه واضح في الآيات.

وأمّا حظُّ العبد من هذا الاسم فلو فسّر اللطيف بالرفق فحظّه الرفق بعباد الله كاللطف بهم في الدعوة إلى الله كما قال سبحانه:( فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا ) ( طه / ٤٤ ).

فإن فسّر بتعاطي الأعمال الدقيقة فحظّه هو الدقة في الأعمال والأقوال وترك التساهل والمسامحة.

__________________

(١) لوامع البينات: ص ٢٤٦.

٤١٩

كلام في رؤيته سبحانه

قد وقفت على أنّه سبحانه علّل قوله:( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ) بكونه لطيفاً خبيراً، فاللطيف تعليل للحكم السلبي، والخبير تعليل للحكم الإيجابي، وعلى ذلك فالله سبحانه فوق أن يكون مرئيّاً للأبصار، محاطاً بالجهة والمكان، فمن كان هذا خصيصته، لا يرى في الدنيا والآخرة.

ولكن الأسف أنّ هذا الأصل العقلي قد وقع مورد نقاش بين المسلمين فذهبت طائفة إلى امكان رؤيته في الدنيا والآخرة كما ذهبت طائفة اُخرى إلى التفصيل وهو أنّه سبحانه لا يرى في الدنيا ويرى في الآخرة تبعاً للحديث النبوي: « إنّكم سترون ربّكم يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر »(١) وإليك التفصيل.

اتّفقت العدلية على أنه سبحانه ليس جسماً ولا له جهة، وبالتالي لا يمكن رؤيته لا في الدنيا ولا في الاخرة، وأمّا غيرهم فالمجسّمة الذين يصفون الله سبحانه بالجسم ويثبتون له الجهة جوّزوا رؤيته في الدارين.

وأمّا الأشاعرة فهم يعدّون أنفسهم من أهل التنزيه ولكنّهم يقولون بالرؤية يوم القيامة فقط(٢) .

وقد ذكر الإمام أبو الحسن الأشعري أقوالاً في الرؤية تربو على تسعة عشر قولاً، غير أنّ أكثرها سخافات ومن عجيب ما جاء في خلال تلك الأقوال: إنّ « ضراراً » و « حفصا الفرد » يقولان: إنّ الله لا يرى بالأبصار، ولكن يخلق لنا يوم القيامة حاسّة سادسة غير حواسّنا فندركه بها.

قال الحسين النجّار: إنّه يجوز أن يحوّل العين إلى القلب ويجعل لها قوّة

__________________

(١) مسند أحمد: ٣ / ١٦.

(٢) المواقف: ج ٢، ص ٣٦٨.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594