مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 469

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 291199 / تحميل: 5097
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

١٢٦ -( باب تحريم إهانة المؤمن وخذلانه)

[١٠٣٤٢] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال الله عزّوجلّ: من أهان لي وليّاً فقد أرصد لمحاربتي ».

[١٠٣٤٣] ٢ - وعن المعلى بن خنيس قال: سمعتهعليه‌السلام يقول: « إنّ الله عزّوجلّ يقول: من أهان لي وليّاً فقد أرصد لمحاربتي، وأسرع شئ إلي نصرة أوليائي ».

[١٠٣٤٤] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « نزل جبرئيل على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقال [ له ](١) : يا محمّد إنّ ربّك يقول: من أهان عبدي المؤمن فقد استقبلني بالمحاربة ».

[١٠٣٤٥] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته، إلّا خذله الله في الدنيا والآخرة ».

[١٠٣٤٦] ٥ - الطبرسي في المشكاة: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أهان لي وليّاً فقد استقبلني بمحاربتي ».

__________________

الباب ١٢٦

١ - كتاب المؤمن ص ٦٩ ح ١٨٤.

٢ - المؤمن ص ٦٩ ح ١٨٥.

٣ - المؤمن ص ٦٩ ح ١٨٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - المؤمن ص ٦٧ ح ١٧٨.

٥ - مشكاة الأنوار ص ٣٢٢.

١٠١

[١٠٣٤٧] ٦ - وعنهعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أهان لي وليّاً فقد (أرصدني بمحاربتي)(١) ».

[١٠٣٤٨] ٧ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « قال الله تبارك وتعالى: ويل لمن أهان وليّاً: من أهان وليّاً فقد حاربني، ويظنّ من حاربني أن يسبقني أو يعجزني، وأنا الثائر لأوليائي في الدنيا والآخرة ».

[١٠٣٤٩] ٨ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني، عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، قال: يا عبد العظيم، أبلغ عنّي أوليائي [ السلام ](١) وقل لهم: لا يجعلوا للشيطان على أنفسهم سبيلاً، ومرهم بالصدق في الحديث، وأداء الأمانة، ومرهم بالسكوت، وترك الجدال فيما لا يعنيهم، وإقبال بعضهم على بعض، والمزاورة فإنّ ذلك قربة إليّ، ولا يشغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضاً، فإني آليت على نفسي أنّه من فعل ذلك، وأسخط وليّاً من أوليائي، دعوت الله ليعذّبه في الدنيا أشدّ العذاب، وكان في الآخرة من الخاسرين، وعرّفهم أنّ الله قد غفر لمحسنهم، وتجاوز عن مسيئهم، (إلّا من أشرك بي، أو آذى وليّاً من أوليائي)(٢) ، أو أضمر له سوءً فإنّ الله لا يغفر له حتى يرجع عنه، فإن رجع عنه وإلّا نزع

__________________

٦ - مشكاة الأنوار ص ٣٢٢.

(١) في المصدر: أرصد في محاربتي.

٧ - مشكاة الأنوار ص ١٠٧.

٨ - الاختصاص ص ٢٤٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) ورد في هامش الطبعة الحجرية: « هكذا كان الأصل، والظاهر أنه تصحيف: إلّا من أشرك به أو آذى ولياً من أوليائه » كما لا يخفى.

١٠٢

روح الإيمان عن قلبه، وخرج عن ولايتي، ولم يكن له نصيب في ولايتنا، وأعوذ بالله من ذلك.

[١٠٣٥٠] ٩ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « قال تعالى لموسىعليه‌السلام : من أهان وليّاً فقد بارزني بالمحاربة ».

١٢٧ -( باب تحريم إذلال المؤمن واحتقاره)

[١٠٣٥١] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « من حقّر مؤمناً فقيراً، لم يزل الله عزّوجلّ له حاقراً ماقتاً، حتى يرجع عن محقرته إيّاه ».

[١٠٣٥٢] ٢ - أبو الفتح الكراجكي في كنز الفوائد: قال: روي عن أحد من الأئمة، أنه قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله عزّوجلّ كتم ثلاثة في ثلاثة: كتم رضاه في طاعته، وكتم سخطه في معصيته، وكتم وليّه في خلقه، فلا يستخفنّ أحدكم شيئاً من الطاعات، فإنّه لا يدري في أيّها رضاء الله تعالى، ولا يستقلّنّ أحدكم شيئاً من المعاصي، فإنه لا يدري في أيُها سَخَط الله ولا يزريَنّ(١) أحدكم بأحد من خلق الله، فإنه لا يدري أيّهم وليّ الله ».

[١٠٣٥٣] ٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: برواية ابن أبي عمير، عنه

__________________

٩ - لبّ اللباب: مخطوط.

الباب ١٢٧.

١ - كتاب المؤمن ص ٦٨ ح ١٨٢.

٢ - كنز الفوائد ص ١٣.

(١) زرى عليه: عابه واستهزأ به (مجمع البحرين ج ١ ص ٢٠٣).

٣ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١٠٩.

١٠٣

ومحمّد بن أبي حمزة، عمّن ذكراه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من حقّر مؤمناً مسكيناً، لم يزل الله له حاقراً ماقتاً، حتى يرجع عن محقرته إيّاه ».

[١٠٣٥٤] ٤ - ثقة الإسلام في الكافي: عن علي، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن حفص المؤذن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال في رسالته إلى أصحابه: « وعليكم بحبّ المساكين المسلمين، فإنه من حقّرهم وتكبّر عليهم فقد زلّ عن دين الله، والله له حاقر ماقت.

وقال أبونا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : أمرني ربّي بحبّ المساكين المسلمين، واعلموا أنّ من حقّر أحداً من المسلمين القى الله عليه المقت منه، والمحقرة حتى يمقته الناس، والله له أشدّ مقتاً » الخبر.

[١٠٣٥٥] ٥ - البحار، عن كتاب قضاء الحقوق للصوري: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تحقّروا ضعفاء إخوانكم، فإنه من احتقر مؤمناً، لم يجمع الله بينهما في الجنّة، إلّا أن يتوب ».

[١٠٣٥٦] ٦ - الطبرسي في المشكاة: عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا تحقروا فقراء شيعتنا، فإنه من حقّر مؤمناً منهم فقيراً واستخف به، حقّره الله ولم يزل ماقتاً له، حتى يرجع عن محقرته ».

[١٠٣٥٧] ٧ - الشيخ المفيد في كتاب الروضة: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ،

__________________

٤ - الكافي ج ٨ ص ٨.

٥ - البحار ج ٧٥ ص ١٥١ ح ١٦.

٦ - مشكاة الأنوار ص ٣٢٢.

٧ - الروضة للشيخ المفيد:

١٠٤

أنه قال: « من حقّر مؤمناً، لم يزل الله تبارك وتعالى له حاقراً، حتى يرجع عن محقرته لأخيه ».

[١٠٣٥٨] ٨ - وعنهعليه‌السلام : « من حقّر مؤمناً لفقره، وقلّة ذات يده، حقّره الله يوم القيامة، وبهره(١) وفضحه ».

[١٠٣٥٩] ٩ - وعنهعليه‌السلام : « من أذلّ لنا وليّاً، أوقفه الله يوم القيامة في طينة خبال إلى أن يفرغ الله عزّوجلّ من حساب الخلائق، فقيل له: وما طينة خبال؟ فقال: صديد أهل جهنّم ».

[١٠٣٦٠] ١٠ - وفي الأمالي: عن أبي بكر محمّد بن عمر الجعابي، عن ابن عقدة، عن علي بن الحسن، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق، عن إسحاق بن عمّار، قال: قال لي أبو عبد الله: « يا إسحاق، كيف تصنع بزكاة مالك إذا حضرت »؟ قلت: يأتوني إلى المنزل فأعطيهم، فقال لي: « ما أراك يا إسحاق إلّا قد أذللت المؤمن، فإيّاك إيّاك إنّ الله يقول: من أذلّ لي وليّاً فقد أرصدني بالمحاربة ».

١٢٨ -( باب تحريم الاستخفاف بالمؤمن)

[١٠٣٦١] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا تستخف بأخيك المؤمن، فيرحمه الله

__________________

٨ - الروضة للشيخ المفيد:

(١) البهر: الغلبة، يقال بهر القمر الكواكب إذا أضاء وغلب ضوؤه ضوءها (مجمع البحرين ج ٣ ص ٢٣١).

٩ - الروضة للشيخ المفيد:

١٠ - أمالي المفيد ص ١٧٧.

الباب ١٢٨

١ - المؤمن ص ٦٨ ح ١٨١.

١٠٥

عزّوجلّ عند استخفافك، ويغيّر ما بك ».

[١٠٣٦٢] ٢ - الطبرسي في المشكاة: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « لا تستخفوا بفقراء شيعة عليعليه‌السلام ، فإن الرجل منهم يشفع في مثل ربيعة ومضر ».

١٢٩ -( باب تحريم قطيعة الأرحام)

[١٠٣٦٣] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله بن محمّد أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: حدثني موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام : قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تخن من خانك فتكون مثله، ولا تقطع رحمك (وإن قطعك)(١) ».

[١٠٣٦٤] ٢ - صحيفة الرضاعليه‌السلام : بإسناده عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّي أخاف عليكم استخفافاً بالدين، وبيع الحكم، وقطيعة الرحم » الخبر.

[١٠٣٦٥] ٣ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: لا يجالسنا قاطع رحم، فإن الرحمة لا

__________________

٢ - مشكاة الأنوار ص ٣٢٢.

الباب ١٢٩

١ - الجعفريات ص ١٨٩.

(١) في نسخة الشهيد « ولو رجمك »، (منه قدّه).

٢ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٧١ ح ١٦٢.

٣ - الأخلاق: مخطوط.

١٠٦

تنزل على قوم فيهم قاطع رحم.

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنّة قاطع رحم ».

[١٠٣٦٦] ٤ - وقال رجل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا رسول الله، إن أرحامي قطعوني ورفضوني، أفأقاطعهم كما قطعوني، وأرفضهم كما رفضوني؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذاً يرفضكم الله جمعياً، وإن وصلتهم أنت، ثم قطعوك هم، كان لك من الله ظهير عليهم ».

[١٠٣٦٧] ٥ - وقال أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين الباقرعليهم‌السلام : « وجدنا في كتب آبائنا: أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: إذا ظهر الزنا في أمتي كثر موت الفجأة - إلى أن قال - وإذا قطعوا أرحامهم، جعلت الأموال في أيدي الأراذل منهم ».

[١٠٣٦٨] ٦ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الأعمال المانعة من الجنّة: عن أحمد بن الحسين(١) ، بإسناده عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث: وإيّاكم والعقوق، فإنّ الجنّة يوجد ريحها من مسيرة مائة عام، وما يجدها عاق، ولا قاطع رحم ».

[١٠٣٦٩] ٧ - وعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

٤ - الأخلاق: مخطوط، وأخرج نحوه في البحار ج ٧٤ ص ١١٣ ح ٧٢ عن الكافي ج ٢ ص ١٢٠ ح ٢.

٥ - الأخلاق: مخطوط.

٦ - الاعمال المانعة من الجنّة ص ٥٨.

(١) في المصدر « الحسن »، والظاهر أنه أحمد بن الحسن بن أحمد بن عقيل لأنه من مشايخ جعفر بن أحمد القمي كما يظهر ذلك من كتابه والنوادر صفحة ٤٠، والله أعلم.

٧ - الأعمال المانعة من الجنّة ص ٥٩.

١٠٧

« لا يدخل الجنّة صاحب خمس - إلى أن قال - ولا قاطع رحم ولو بسلام ».

[١٠٣٧٠] ٨ - وعن جابر بن عبد الله، قال: خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن مجتمعون، فقال: « يا معشر المسلمين، اتقوا الله، وصلوا أرحامكم، - إلى أن قال - فإن ريح الجنّة توجد من مسيرة الف عام، ولا يجده(١) عاق، ولا قاطع » الخبر.

[١٠٣٧١] ٩ - وعن الزهري، عن محمّد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يدخل الجنّة قاطع ».

وباقي أخبار الباب - وهي كثيرة - يأتي في كتاب النكاح، إن شاء الله تعالى.

١٣٠ -( باب تحريم إحصاء عثرات المؤمن وعوراته، لأجل تعييره بها)

[١٠٣٧٢] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن، عن زرارة، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول: « أقرب ما يكون العبد إلى الكفر، أن يكون الرجل مؤاخياً للرجل على الدين، ثم يحفظ زلّاته وعثراته، ليعنّفه(١) بها يوماً ما ».

__________________

٨ - الأعمال المانعة من الجنّة ص ٥٩.

(١) في المصدر: ولا يجدها.

٩ - الأعمال المانعة من الجنّة ص ٦٠.

الباب ١٣٠

١ - المؤمن ص ٦٦ ح ١٧١.

(١) في المصدر: ليعنف.

١٠٨

ورواه المفيد في الإختصاص: عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

[١٠٣٧٣] ٢ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « من ستر عورة مؤمن ستر الله عزّوجلّ عورته يوم القيامة، ومن هتك ستر مؤمن هتك الله ستره يوم القيامة ».

[١٠٣٧٤] ٣ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « لا ترموا المؤمنين، ولا تتبعوا عثراتهم، فإنه من يتبع عثرة مؤمن يتبع الله عثرته، ومن يتبع الله عثرته فضحه في بيته ».

[١٠٣٧٥] ٤ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه، لا تطلبوا عورات المؤمنين، ولا تتبعوا عثراتهم، فإن من اتّبع عثرة أخيه اتبع الله عثرته، ومن اتبع الله عثرته فضحه ولو في جوف بيته ».

[١٠٣٧٦] ٥ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه قال: « إن أقرب ما يكون أحدكم إلى الكفر، إذا تحفّظ على أخيه زلله يعيّره(١) به يوماً ».

[١٠٣٧٧] ٦ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من يتّبع عثرات أحد من

__________________

(٢) الاختصاص ص ٢٢٧، وفيه: قال الصادق أو الباقر عليهما‌السلام .

٢ - المؤمن ص ٦٩ ح ١٨٧.

٣ - المؤمن ص ٦٩ ح ١٨٨.

٤ - المؤمن ص ٧١ ح ١٩٤.

٥ - الغايات ص ١٠٠.

(١) في المصدر: ليعيره.

٦ - الأخلاق: مخطوط.

١٠٩

المؤمنين ليفضحه بذلك، فضحه الله ولو في بيته ».

[١٠٣٧٨] ٧ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنّ من اتّبع عورات أخيه المسلم، اتبع الله عوراته حتى يفضحه، (ولو في وسط)(١) رحله ».

[١٠٣٧٩] ٨ - الشيخ المفيد في كتاب الروضة: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : « من أحصى على أخيه المؤمن عيباً ليعيبه به يوماً ما كان من أهل هذه الآية، قال الله عزّوجلّ:( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ) (١) الآية ».

[١٠٣٨٠] ٩ - وعنهعليه‌السلام : « من أحصى على أخيه المؤمن عيباً، ليشينه به ويهدم مروّته، فقد تبوأ مقعده من النار ».

[١٠٣٨١] ١٠ - وعنهعليه‌السلام : « معاشر المؤمنين، لا تتبعوا عورات المؤمنين، فمن اتّبع عورة أخيه المؤمن، اتبع الله عزّوجلّ عورته، ومن اتبع عورته هتكه في منزله ».

[١٠٣٨٢] ١١ - وفي الأمالي: عن أحمد بن محمّد بن الحسن، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن

__________________

٧ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ١٢٣.

(١) في المصدر: ولا وسط.

٨ - روضة المفيد:

(١) النور ٢٤: ١٩.

٩ - روضة المفيد:

١٠ - روضة المفيد:

١١ - أمالي المفيد ص ٢٣ ح ٦.

١١٠

سنان، عن إبراهيم والفضل الأشعريين، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر أو أبي عبد اللهعليهما‌السلام ، قال: « أقرب ما يكون العبد إلى الكفر، أن تؤاخي(١) الرجل على الدين فتحصي عليه عثراته وزلّاته، لتعيبه(٢) بها يوماً ما ».

[١٠٣٨٣] ١٢ - وفي الاختصاص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « يا معشر من أسلم بلسانه، ولم يخلص (إلى المسلمين، لا)(١) تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع(٢) عوراتهم يتبع(٣) الله عورته، ومن يتبع(٤) الله عورته يفضحه في بيته ».

١٣١ -( باب تحريم تعيير المؤمن وتأنيبه)

[١٠٣٨٤] ١ - الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أذاع فاحشة كان كمبتدئها، ومن عير مؤمناً بشئ لم يمت حتى يرتكبه ».

الشيخ المفيد في الإختصاص: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

__________________

(١) في المصدر: يؤاخي.

(٢) في المصدر: ليعيبه، وفي نسخة ليعنفه.

١٢ - الاختصاص ص ٢٢٥.

(١) ما بين القوسين في المصدر: الإيمان إلى قلبه لا تذموا المسلمين و.

(٢) في المصدر: تتبع.

(٣) في المصدر: تتبع.

(٤) في المصدر: تتبع.

الباب ١٣١

١ - المؤمن ص ٦٦ ح ١٧٣.

(١) الاختصاص ص ٢٩٩، علما بأن هذه العبارة « الشيخ المفيد في.. » وردت في الطبعة الحجرية في ذيل الحديث ٢ سهواً، وما أثبتناه من المخطوط.

١١١

[١٠٣٨٥] ٢ - وفي كتاب الزهد: عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، قالا(١) : « أنّ أبا ذر عيّر رجلاً على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بأُمّه، فقال له: يا ابن السوداء - وكانت أمه سوداء - فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : تعيّره بأُمّه يا أبا ذر، قال: فلم يزل أبو ذر يمرغ وجهه في التراب ورأسه، حتى رضي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنه ».

ورواه عاصم بن حميد في كتابه: عن أبي بصير، عن أبي جعفرعليه‌السلام : مثله(٢) .

[١٠٣٨٦] ٣ - وعن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا وقع بينك وبين أخيك هنة، فلا تعيّره بذنب ».

[١٠٣٨٧] ٤ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط: عن ثابت قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ، يقول: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أسرع الخير ثواباً البر، وأسرع الشر عقوبة البغي، وكفى بالمرء عمى أن يبصر من الناس ما يعمى عنه [ من نفسه ](١) وأن يعيّر الناس بما لا يستطيع تركه، وأن يؤذي جليسه بما لا يعنيه ».

ورواه المفيد في الإختصاص(٢) : عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

__________________

٢ - الزهد ص ٦٠ ح ١٦٠، وعنه في البحار ج ٢٢ ص ٤١١ و ج ٧٥ ص ١٤٦.

(١) في المخطوط: قال: وما أثبتناه من المصدر.

(٢) كتاب عاصم بن حميد ص ٢٩.

٣ - الاختصاص ص ٢٢٩.

٤ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) الاختصاص ص ٢٢٨، وفيه عن أبي جعفر الباقر وعلي بن الحسين عليهما‌السلام .

١١٢

مثله، وزاد في آخره: « أو ينهى الناس عمّا لا يستطيع تركه »

[١٠٣٨٨] ٥ - مجموعة الشهيد (ره): عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « لا تكونن عيّاباً، ولا تطلبنّ لكلّ زلّة عتاباً، ولكلّ ذنب عقاباً ».

١٣٢ -( باب تحريم اغتياب المؤمن صدقاً)

[١٠٣٨٩] ١ - الإمام أبو محمّد العسكريعليه‌السلام في تفسيره: « اعلموا ان غيبتكم لأخيكم المؤمن من شيعة آل محمّدعليهم‌السلام أعظم في التحريم من الميتة، قال الله عزّوجلّ:( وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ) (١) ».

[١٠٣٩٠] ٢ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من كفّ لسانه عن أعراض المسلمين في مغيبهم وفي مشهدهم، أقاله الله عثرته يوم القيامة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الغيبة تفطّر الصائم ».

[١٠٣٩١] ٣ - وقال علي بن الحسينعليهما‌السلام : « إيّاكم والغيبة، فإنّها إدام من يأكل لحوم الناس ».

[١٠٣٩٢] ٤ - وعن أبي عبد الله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال:

__________________

٥ - مجموعة الشهيد:

الباب ١٣٢

١ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٥.

(١) الحجرات ٤٩: ١٢.

٢، ٣ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

٤ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

١١٣

« من قال في أخيه المؤمن شيئاً يعلمه منه، يريد به انتقاصة في نفسه ومروّته، فهو من الذين قال الله:( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ) (١) ».

[١٠٣٩٣] ٥ - وقال عليعليه‌السلام : « من قال في أخيه المؤمن ممّا فيه، ممّا قد استتر به عن الناس، فقد اغتابه ».

[١٠٣٩٤] ٦ - وقالعليه‌السلام : « من اغتاب مؤمناً حبسه في طينة خبال ثلاثين خريفاً، قيل: وما طينة خبال؟ قال: ما يصير طيناً من صديد فروج الزواني ».

[١٠٣٩٥] ٧ - الصدوق في كتاب الإخوان: عن أسباط بن محمّد، رفعه إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله [ قال ](١) : « أخبركم بالذي هو أشدّ(٢) من الزنا، وقع الرجل في عرض أخيه ».

[١٠٣٩٦] ٨ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الغيبة أشدّ من الزنا، فقيل: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه، وصاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه، حتى يكون صاحبه الذي يحلّله ».

[١٠٣٩٧] ٩ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنه نظر إلى رجل يغتاب رجلاً، عند الحسنعليه‌السلام ابنه، فقال: « يا بني، نزه

__________________

(١) النور ٢٤: ١٩.

٥، ٦ - كتاب الأخلاق: مخطوط.

٧ - مصادقة الإخوان ص ٧٦ ح ١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: شر.

٨ - الاختصاص ص ٢٢٦.

٩ - نفس المصدر ص ٢٢٥.

١١٤

سمعك عن مثل هذا، فإنّه نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك ».

[١٠٣٩٨] ١٠ - وعن هشام بن سالم، قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، يقول لحمران بن أعين: « يا حمران، انظر إلى من هو دونك - إلى أن قال - واعلم أنّه لا ورع أنفع من تجنّب محارم الله عزّوجلّ، والكفّ عن أذى المؤمنين واغتيابهم » الخبر.

[١٠٣٩٩] ١١ - وعن الباقرعليه‌السلام ، أنه قال: « وجدنا في كتاب عليعليه‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال على المنبر: والله الذي لا إله إلّا هو، ما أُعطي مؤمن قطّ خير الدنيا والآخرة، إلّا بحسن ظنّه بالله عزّوجلّ، والكفّ عن اغتياب المؤمن والله الذي لا إله إلا، هو لا يعذّب الله عزّوجلّ مؤمناً بعذاب بعد التوبة والاستغفار إلّا بسوء ظنّه [ بالله عزّوجلّ ](١) واغتيابه للمؤمنين ».

[١٠٤٠٠] ١٢ - وقال الصادقعليه‌السلام : « من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه، فهو من الذين قال الله عزّوجلّ:( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ ) (١) الآية ».

[١٠٤٠١] ١٣ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الغيبة أسرع في جسد المؤمن، من الآكلة في لحمه ».

__________________

١٠ - الاختصاص ص ٢٢٧.

١١ - نفس المصدر ص ٢٢٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

١٢ - نفس المصدر ص ٢٢٧.

(١) النور ٢٤: ١٩.

١٣ - نفس المصدر ص ٢٢٨.

١١٥

[١٠٤٠٢] ١٤ - وعن الصدوق، عن أبيه، عن الحسين(١) بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبد الله بن عامر، عن محمّد بن زياد، عن سيف بن عميرة، قال: قال الصادقعليه‌السلام : « إن لله تبارك وتعالى على عبده المؤمن أربعين جنّة، متى(٢) أذنب ذنباً كبيراً رفع عنه جنّة، فإذا اغتاب أخاه المؤمن بشئ يعلمه منه، انكشفت تلك الجنن عنه، ويبقى مهتوك(٣) الستر، فيفتضح في السماء على السنة الملائكة، وفي الأرض على السنة الناس، ولا يرتكب ذنباً إلّا ذكروه، وتقول الملائكة الموكّلون به: يا ربنا قد بقي عبدك مهتوك(٤) الستر، وقد أمرتنا بحفظه، فيقول عزّوجلّ: ملائكتي لو أردت بهذا العبد خيراً ما فضحته، فارفعوا أجنحتكم عنه » الخبر.

[١٠٤٠٣] ١٥ - ابنا بسطام في طبّ الأئمةعليهم‌السلام : عن محمّد بن المنذر، قال: حدثنا علي ابن أخي يعقوب، عن داود، عن هارون بن أبي الجهم، عن إسماعيل بن مسلم السكوني، عن أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام : أن رجلاً قال له: يا ابن رسول الله، أن قوماً من علماء العامة يروون: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إنّ الله يبغض اللحامين، ويمقت أهل البيت الذي يؤكل فيه كلّ يوم اللحم ».

فقالعليه‌السلام : غلطوا غلطاً بيّناً، إنّما قال رسول الله

__________________

١٤ - الاختصاص ص ٢٢٠.

(١) في المخطوط: الحسن، وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال « راجع معجم رجال الحديث ج ٦ ص ٧٦ ».

(٢) في المصدر: فمتى.

(٣) في المخطوط « مهتك » وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في المخطوط « مهتك » وما أثبتناه من المصدر.

١٥ - طب الأئمة ص ١٣٨.

١١٦

صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله يبغض أهل بيت يأكلون في بيوتهم لحم(١) الناس، أي يغتابونهم، ما لهم لا يرحمهم الله! عمدوا إلى الكلام(٢) فحرّفوه بكثرة روايتهم ».

[١٠٤٠٤] ١٦ - القطب الراوندي في دعواته: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ترك الغيبة، أحبّ إلى الله عزّوجلّ من عشرة آلاف ركعة تطوّعاً ».

[١٠٤٠٥] ١٧ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ستّ خصال ما من مسلم يموت في واحدة منهنّ، إلّا كان ضامناً على الله أن يدخله الجنّة: رجل نيّته أن لا يغتاب مسلماً، فإن مات على ذلك كان ضامناً على الله » الخبر.

[١٠٤٠٦] ١٨ - وعن ابن عباس، أنه قال: عذاب القبر ثلاثة أثلاث: ثلث للغيبة الخبر.

[١٠٤٠٧] ١٩ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « الغيبة حرام على كلّ مسلم، مأثوم صاحبها في كلّ حال، وصفة الغيبة أن تذكر أحداً بما ليس عند الله عيب، أو تذمّ مما تحمده أهل العلم فيه، وأمّا الخوض في ذكر الغائب بما هو عند الله مذموم، وصاحبه فيه ملوم، فليس بغيبة، وإن كره صاحبه إذا سمع [ به ](١) ، وكنت أنت معافى

__________________

(١) في المصدر: لحوم.

(٢) وفيه: الحلال.

١٦ - دعوات الراوندي، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٢٦١ ح ٦٦.

١٧ - نفس المصدر ص ١٠٤، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٢٦١ ح ٦٦.

١٨ - نفس المصدر ص ١٢٩، وعنه في البحار ج ٧٥ ص ٢٦١ ح ٦٦.

١٩ - مصباح الشريعة ص ٢٧٤، باختلاف في الألفاظ.

(١) أثبتناه من المصدر.

١١٧

عنه وخالية منه، وتكون في ذلك مبيّناً للحق من الباطل ببيان الله ورسوله، ولكن بشرط أن لا يكون للقائل بذلك مراد غير بيان الحقّ والباطل في دين الله عزّوجلّ، وأمّا إذا أراد به نقص المذكور بغير ذلك المعنى، فهو مأخوذ بفساد مراده، وإن كان صواباً، فإن اغتبت فبلغ المغتاب فاستحلّ منه، فإن لم تبلغه ولم تلحقه فاستغفر الله له، والغيبة تأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب.

أوحى الله تعالى إلى موسى بن عمران، على نبيّنا وآله وعليه السلام: المغتاب هو آخر من يدخل الجنّة إن تاب، وإن لم يتب فهو أوّل من يدخل النار، قال الله تعالى:( أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ) (٢) ووجوه الغيبة تقع بذكر عيب في الخلق والخلق، والعقل والفعل، والمعاملة والمذهب، والجهل وأشباهه، واصل الغيبة يتنوّع بعشرة أنواع: شفاء غيظ، ومساعدة قوم، وتهمة، وتصديق خبر بلا كشفه، وسوء ظن، وحسد، وسخريّة، وتعجب، وتبرّم، وتزيّن، فإن أردت السلامة فاذكر الخالق لا المخلوق، فيصير لك مكان الغيبة عبرة، ومكان الإثم ثواباً ».

[١٠٤٠٨] ٢٠ - الشيخ ورّام بن أبي فراس في تنبيه الخاطر: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا يغتب بعضكم بعضاً، وكونوا عباد الله إخواناً ».

[١٠٤٠٩] ٢١ - وعن جابر وأبي سعيد، قالا: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إيّاكم والغيبة، فإن الغيبة أشدّ من الزنا، إن الرجل يزني

__________________

(٢) الحجرات ٤٩: ١٢.

٢٠ -مجموعة ورام ص ١١٥.

٢١ - مجموعة ورام ص ١١٥.

١١٨

[ ويتوب ](١) فيتوب الله [ عليه ](٢) ، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه ».

[١٠٤١٠] ٢٢ - وعن أنس، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « مررت ليلة أُسري بي، على قوم يخمشون وجوههم بأظفارهم، فقلت: يا جبرئيل من هؤلاء؟ فقال: هؤلاء الذين يغتابون الناس، ويقعون(١) في أعراضهم ».

[١٠٤١١] ٢٣ - وعن سليم بن جابر، قال: أتيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقلت: علّمني خيراً ينفعني الله به، قال: « لا تحقرن [ من المعروف ](١) شيئاً ولو أن تصبّ دلوك في إناء المستقى(٢) ، وان تلقى أخاك ببشر حسن، وإذا أدبر فلا تغتابه ».

[١٠٤١٢] ٢٤ - وعن البراء: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حتى أسمع العواتق في بيوتها، فقال: « يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه، لا تغتابوا المسلمين » الخبر.

[١٠٤١٣] ٢٥ - وعن أنس، قال: خطبنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فذكر الربا، وعظّم شأنه - إلى أن قال -: « وأربى الربا عرض الرجل المسلم ».

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

٢٢ - مجموعة ورام ص ١١٥.

(١) في المخطوط « يقولون » وما أثبتناه من المصدر.

٢٣ - مجموعة ورام ص ١١٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: المستسقي.

٢٤ - مجموعة ورام ص ١١٥.

٢٥ - مجموعة ورام ص ١١٦.

١١٩

[١٠٤١٤] ٢٦ - وعن جابر، قال: كنّا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في مسير، فأتى على قبرين يعذب صاحبهما، فقال: « إنّهما لا يعذبان في كبيرة، أما أحدهما فكان يغتاب الناس » الخبر.

[١٠٤١٥] ٢٧ - ولمّا رجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الرجل في الزنا، قال رجل لصاحبه: هذا قعص كما يقعص(١) الكلب، فمرّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، معهما بجيفة، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنهشا منها » قالا: يا رسول الله، ننهش جيفة! قال: « ما أصبتما من أخيكما أنتن من هذه ».

ورواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره(٢) : عن ابن عمّ أبي هريرة بأبسط من هذا، وذكر أنّ المرجوم هو ماعز الذي جاء إليهصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: زنيت يا رسول الله فطهرني، وذكر في آخره: أنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لهما: « وقد أكلتم لحم ماعز وهو أنتن من هذه، أما علمتما أنه يسبح في أنهار الجنّة ».

[١٠٤١٦] ٢٨ - وروي أن الناس على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كانوا لا يرون العبادة التامة لا في الصوم ولا في الصلاة، ولكن في الكفّ عن أعراض الناس.

__________________

٢٦ - مجموعة ورام ص ١١٦.

٢٧ - مجموعة ورام ص ١١٦.

(١) كان في المخطوط « عقص كما يعقص » وهو تصحيف ولعل صحته قعص كما يقعص، القعْص والقَعَص: القتل المعجل. الموت الوحي. يقال مات فلان قعصاً إذا أصابته ضربة أو رمية فمات مكانه. (لسان العرب ج ٧ ص ٧٨) و (النهاية ج ٤ ص ٨٨).

(٢) تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ١٢٥.

٢٨ - مجموعة ورّام ص ١١٦.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

الابتعاد عن إيذاء المؤمنين

يقول الحسين بن أبي العلاء: كنَّا في نحو عشرين نفراً عزمنا على الحَجِّ إلى بيت الله الحرام في مصاريف مُشتركة. وكنت أذبح لهم شاة في كل منزل ننزل فيه. وفي يوم، ونحن في السفر، زرت الإمام الصادق (عليه السلام)، فقال لي: (يا حسين، أُتذلُّ المؤمنين؟!).

قلت: أعوذ بالله مِن ذلك.

فقال (عليه السلام): (بلغني أنَّك تذبح لهم في كلِّ منزل شاةً).

فقلت: يا مولاي، والله ما أردت بذلك غير وجه الله تعالى.

فقال (عليه السلام): (أما كنت ترى أنَّ فيهم مَن يُحبُّ أنْ يفعل مثل أفعالك فلا يبلغ مقدرته ذلك، فيتقاصر إليه نفسه؟!).

قلت: يا ابن رسول الله، أستغفر الله ولا أعود.

لم يكن الحسين بن العلاء يرى مِن عمله سوى قرى رفاق سفره، دون أنْ ينتبه لما في ذلك في تحقير للآخرين، فبيَّن له الإمام الصادق عيبه الأخلاقي، فتنبَّه الرجل إلى ذلك فوراً، ولم يعد لمثله (1) .

____________________

(1) الأخلاق، ج1.

٣٢١

اتَّق الله ولا تَعجل

عن جرير بن مرزام قال:

قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): إنِّي أُريد العُمرة، فأوصني.

قال: (اتَّق الله ولا تَعجل).

فقلت: أوصني. فلم يزد على هذا.

إنَّ العجلة والتسرُّع كانا واضحين في أُسلوب تفكيره، فهو في أول منزل مِن منازل سفره يُصادف مجهولاً ويسمع منه ما لا يُحبُّ أن يسمع. وبدلاً مِن أنْ يُناقش الرجل ويُصحِّح له خطأه، يُقرِّر مُنازلته وقتله، ولكنَّه يلتزم وصية الإمام الصادق (عليه السلام) ويُمسك نفسه عن تنفيذ قراره.

كان مُعلِّم الأخلاق الإسلاميَّة يعرف عيب جرير الخلقي، فاستثمر فرصة طلبه النصح فأوصاه بعدم التسرّع الذي كان مِن أهمِّ عُيوبه، وبذلك نجَّاه مِن خطر السقوط.

٣٢٢

الإسراف مذموم

كان منصور بن عمّار مارَّاً قرب بيت قاضي بغداد، وكان باب البيت مفتوح، فوقف منصور أمام الباب وأخذ ينظر إلى داخل البيت واسع وضخم، ولفت نظره الغرف المفروشة والأواني الفاخرة، وتعدُّد الغُلمان والخُدَّام، وتعجَّب مِن هذه الزخارف والزينة.

طلب منصور ماءً للوضوء، فملأ أحد الغُلمان إبريقاً كبيراً وجاء به إليه، وعندما جلس ليتوضَّأ أراق ماء الإبريق كلَّه، وشاهده قاضي بغداد فقال له:

يا منصور، لماذا هذا الإسراف في الماء؟

أجاب منصور: أيَّها القاضي، أنت تُحاسبي في الماء المُباح للوضوء، ولا تُحاسب نفسك على هذا الإسراف العجيب في البناء!

والله يعلم مِن أين جاءتك هذه الأموال، ولم تكتف بمنزل صغير وخادم؟!

لماذا كلُّ هذا الإسراف وتحمُّل المعصية؟!

انتبه قاضي بغداد مِن غفلته بسبب كلام منصور، واعتدل بعد ذلك في صرف الأموال (1) .

____________________

(1) الأخلاق، ج1.

٣٢٣

الشيطان لن ينصح مُسلماً

هناك حديث مرويٌّ عن الإمام الصادق (عليه السلام) يدور حوله حوار يجري بين النبي يَحيى (عليه السلام)، وإبليس العدوِّ اللدود لبني آدم، فيُمعن النبيُّ يحيى (عليه السلام) النظر في أقوال إبليس ويستفيد منها.

قال يحيى: (فهل ظفرت بيَ ساعة قطُّ؟).

قال: لا، ولكنْ فيك خِصلة تُعجبني.

قال يحيى: (فما هي؟).

قال: أنت رجل أكول، فإذا أفطرت أكلت وبشمت، فيمنعك ذلك مِن صلاتك وقيامك بالليل.

قال يحيى: (فإنِّي أُعطي الله بهذا (عهداً) أنِّي لا أشبع مِن الطعام حتَّى ألقاه).

قال له إبليس: وإنِّي أُعطي الله عهداً أنِّي لا أنصح مسلماً حتَّى ألقاه (1) .

____________________

(1) الأخلاق، ج1.

٣٢٤

لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ

أرسل الخليفة العباسي عبد الله بن طاهر والياً على خراسان، فدخل هذا بجنوده مدينة نيسابور، واستقرَّ بهم في المواضع المُخصَّصة لهم، إلا أنَّها لم تتَّسع لهم جميعاً، فوزَّع بعض جنوده على الأهالي وأجبرهم على استضافتهم، فأثار فيهم موجة مِن السخط والتذمُّر.

واتَّفق لأحد الجنود أنْ يسُكن مع رجل غيور زوجته جميلة، فاضطرَّ الرجل إلى أنْ يترك عمله ليبقى في البيت رقيباً لئلا تتعرَّض زوجه لاعتداء مِن الجنديِّ الشابِّ.

في أحد الأيَّام طلب الجندي من صاحب البيت أنْ يأخذ فرسه ليورده الماء غير أنَّ الرجل الذي لم يكن - مِن جِهة - يجرؤ على ترك زوجه مع الجنديِّ وحدهما في البيت، ويخاف - مِن جِهة أُخرى - رفض طلب الجندي، قال لزوجه أنْ تأخذ هي الفرس إلى الماء، ويبقى هو للمُحافظة على أثاث البيت، فأخذت الزوجة بزمام الفرس واتَّجهت نحو موضع الماء.

وفي تلك اللحظة اتَّفق أنْ مَرَّ عبد الله بن طاهر مِن ذلك المكان، فرأى امرأة وقوراً جميلة تقود فرساً نحو الماء، فعُجب مِن ذلك، واستدعى المرأة وقال لها: لا أراك مِن اللواتي يوردن الخيل، فما الذي دعاك إلى هذا؟!

قالت المرأة بغضب: هذا نتيجة عمل عبد الله بن طاهر الظالم، ثمَّ شرحت له الأمر.

تأثَّر عبد الله مِن قول المرأة وغَضب على نفسه؛ لأنَّه كان سبباً في أنْ يَشعر أهل نيسابور بالتعاسة والشقاء، فأمر المُنادين أنْ ينادوا في البلدة أنْ على جميع الجنود الخروج مِن المدينة حتَّى الغروب مِن ذلك اليوم، ومَن بات منهم في المدينة يُهدر

٣٢٥

ماله ودمه.

وترك هو المدينة إلى (شادياخ) القريبة مِن نيسابور حيث لحق به جنوده، فبنى في تلك المنطقة الواسعة لنفسه قصراً ولجنوده مقرَّات يسكنونها.

هذه المرأة التي كانت حياتها عُرضة للخطر ذكرت عبد الله بن طاهر بالسوء، فكان مِن أثر هذا الكلام والذَّمِّ الموجع أنْ حلَّ العُقدة ورفع الظلم، لا عن نفسها وزوجها فحسب، بلْ إنَّه قد أنقذ سائر الناس مِن التعسُّف والجور، وَوُضِع حَدٌّ للحالة المُزرية التي مَرَّت بها مدينة نيسابور.

وهذا هو مصداق الآية القرآنيَّة: ( لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ... ) (النساء: 148) (1) .

____________________

(1) الأخلاق، ج1.

٣٢٦

اللَّهمَّ إنِّي أمسيت عنه راضياً فارضَ عنه

ومثلما يسعى الناس بدافع مِمَّا فيهم مِن أنانيَّة ورغبة في الحياة، إلى مُعالجة أمراضهم الجسميَّة، ويبحثون عن الدواء والعلاج، كذلك يسعى الذين يتمسَّكون بالحياة الإنسانيَّة والمعنويَّة بدافع مِن حُبِّ الذات وعِشق السموِّ والكمال، مِن أجل إصلاح أفكارهم وأخلاقهم، ويُباشرون بإرادة قويَّة بمُعالجة أنفسهم، فيقومون بواجباتهم، دون أنْ يُبالوا بالمشقَّات والصعاب. هؤلاء يستطيعون تزكية أنفسهم بما يبذلونه مِن سَعي وجُهد، ويتخلَّقون بمكارم الأخلاق والسجايا الإنسانيَّة، ليبلغوا في النهاية الكمال اللائق بمقام الإنسان.

أمثال هؤلاء كثيرون بين المسلمين، مُنذ عهد الرسول حتَّى العصر الحاضر، مِن الرجال والنساء مِن ذوي الإرادة القويَّة والعزم الراسخ، وعلى الرغم مِن أنْ أكثريَّة هؤلاء مجهلون، إلاَّ أنَّ التاريخ احتفظ لنا ببعض الأسماء، وفيها اسم عبد الله ذي البِجادَين.

كان عبد الله مِن قبيلة (هزينة) وكان اسمه عبد العُزَّى - والعُزَّى هو أحد أصنام عرب الجاهليَّة - مات أبوه وهو صغير، فكفله عَمُّه العابد للأصنام فعَني به وربَّاه حتَّى بلغ سِنَّ الشباب، فوهب له بعض أمواله وأغنامه. يومئذ كان الإسلام قد بدأ يُثير الحماس والتحرُّك في الناس، وكان كلام يدور في كلِّ مكان على هذا الدين الجديد، فكان أنْ أخذ عبد العُزَّى الشابّ يبحث عن حقيقة أمر هذا الدين بكلِّ حَماس وعِشق، مُتابعاً جميع الشؤون الإسلاميَّة، وعلى أثر سماعه كلام نبيِّ الإسلام والتعرُّف على التعاليم الإلهيَّة، أدرك فساد المُعتقدات التي كان هو وقبيلته يتَّبعونه، فعافت نفسه الأصنام وعبادتها والعادات الجاهليَّة، وآمن في قلبه بدين الله ولكنَّه لم يُظهر ذلك علانيَّة رعاية لعَمِّه.

٣٢٧

ظلَّت الحال على هذا المنوال بعض الوقت. وبعد فتح مَكَّة قال يوماً لعمِّه: ظللت أنتظرك طويلاً أنْ تعود إلى نفسك فتُسلِم وأُسلم معك، ولكنِّي أراك لا تُريد أنْ تترك عبادة الأصنام، وما تزال تُصرُّ على دينك الباطل، فاسمح لي أنْ أعتنق أنا الإسلام وألتحق بركب المسلمين. كان عَمُّه قد طرق سمعه مِن قِبل ميول ابن أخيه إلى الإسلام؛ لذلك غضب عند سماع كلامه غضباً شديداً، وقال: إنَّه لن يسمح له أبداً بذلك، وأقسم أنَّه إذا خالفه واعتنق الإسلام فسوف يسترجع منه كلَّ ما كان قد وهبه له.

كان الرجل يظنُّ أنَّ ابن أخيه الشابَّ سوف يرجع عن رأيه في الإسلام إذا هدَّده بانتزاع كلِّ شيء منه، وأنَّه سوف يطرد فكرة اعتناق الإسلام مِن رأسه، ويبقى عاكفاً على عبادة الأصنام. ولكنَّ الشابَّ كان مسلماً حقيقيَّاً، لا يُمكن أنْ تتزلزل عقيدته بالتهديد والوعيد، ولا أنْ يرجع عمَّا عزم عليه، فأعلن إسلامه بكلِّ جُرأة وصراحة، ولم يعبأ بالتهديدات الماليَّة.

عند ذلك لم يجد العمُّ إزاء مقالة الشابِّ إلاّ أنْ يُنفِّذ تهديده، فاسترجع منه كلَّ الأموال التي كان قد أعطاها له، ونزع عنه حتَّى الثوب الذي كان يرتديه، فانطلق الشابُّ عارياً إلى أُمِّه وقال لها: أحمل هوى الإسلام، ولا أطلب منك سوى إكساء العُريان. فأعطته أُمُّه قطعة مِن قماش كتَّان عندها، فشقَّها نِصفين كسا عُريِّه بهما واتَّخذ سبيله في الطريق إلى المدينة للتشرّف برؤية رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

كان الفتى قد فُتِن بالحقيقة التي اكتشفها، فامتلأ قلبه بالثورة والحماس، والطهارة والخلوص، والصدق والصفاء. كان يغذُّ السير، كطائر أُطلق مِن سجنه وأصبح حُرَّاً يُحلِّق حيث يشاء، يُريد أنْ يرى رسول الإسلام بأسرع ما يستطيع؛ ليعُبَّ مِن عذب نمير تعاليمه الإلهيَّة المُحيية؛ ليصنع نفسه كما يليق به، ولينال السعادة الحقيقية والكمال الإنسانيِّ المنشود.

دخل المسجد بين الطلوعين عندما كان المسلمون قد اجتمعوا لأداء فريضة

٣٢٨

صلاة الصبح، فأدَّاها جماعة معهم بإمامة رسول الله. وبعد الصلاة استدعاه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسأله عمَّن يكون، فقال له: اسمي عبد العُزَّى.

ثمَّ سرد عليه ما جرى له. فقال الرسول: (اسمك عبد الله).

وإذ رآه يلفُّ نفسه بتينك القطعتين مِن القماش لقَّبه بذي البِجادَين. ومُنذ ذلك اليوم عرفه الناس باسم عبد الله ذي البِجادَين.

وخرج عبد الله ذو البِجادَين مع المسلمين في حرب تبوك مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وتوفَّاه الله في هذه الغزوة. وعند دفنه قام النبي بنفسه بإنزال جسده إلى القبر. وبعد الانتهاء مِن مراسم الدفن، اتَّجه إلى القبلة، ورفع يديه نحو السماء ودعا له قائلاً: (اللَّهمَّ، إنِّي أمسيت عنه راضياً فارضَ عنه).

٣٢٩

التضرُّع إلى الله وأسباب الانتصار

في إحدى الحروب الإسلاميَّة حاصر جُند الإسلام إحدى قِلاع العدوِّ، بهدف الاستيلاء عليها بالقوَّة العسكريَّة، غير أنَّ القلعة كانت حصينة وطالت أيَّام الحصار. وعلى الرغم مِن أنَّ جُند الإسلام بذلوا خلال تلك المُدَّة جهوداً جبَّارة ومساعي حميدة؛ فإنَّهم لم ينجحوا في اقتحام الحِصن، فأخذت معنويَّات الجيش تهبط شيئاً فشيئاً، ويضعف عزمهم على الاستمرار .

وإذ وجد قائد الجيش أنَّ انتصاره في تلك الظروف مُستبعَد جِدَّاً، توجَّه إلى الله تعالى واستعاذ به مِن ذِلِّ النكوص فصام أيَّاماً، ورفع يديه بالدعاء إلى الله مُخلصاً صادقاً، طالباً الانتصار على العدوِّ، فتقبَّل الله تعالى دعواته، وسُرعان ما استجاب له .

كان القائد في أحد الأيَّام جالساً، فشاهد كلباً أسود يركض بين المُعسكر فشدَّ ذلك انتباهه وراح يُدقِّق فيه. وبعد ساعات وجد الكلب نفسه على حائط القلعة، فأدرك أنَّ للقلعة طريقاً إلى الخارج، وأنَّ الكلب يأتي مِن القلعة إلى المُعسكر بحثاً عن طعام ويعود إليه. فكلَّف بعض الجُند بتقصِّي مسير الكلب لمعرفة الطريق الذي يسلكه، ولكنَّهم لم يوفَّقوا للعثور على الطريق. فأمر بجراب أنْ يلوَّث بالسمن لإغراء الكلب به، ويملأ بالدفن ويُثقب في عِدَّة مواضع لينساب منه الحَبُّ فيما يجرُّ الكلب الجراب إلى حيث يُريد. ففعلوا ما أمر به، وألقوا بالجراب في المُعسكر في طريق الكلب .

وفي اليوم التالي خرج الكلب مِن القلعة مُتَّجهاً إلى المُعسكر حتَّى وصل إلى الجراب المدهون، فعضَّ عليه بأسنانه وكَرَّ راجعاً إلى القلعة، مُخلِّفاً وراءه حبَّات الدفن التي كانت تسقط مِن ثقوب الجراب. وبعد ساعة تتبَّع الجُند آثار الدفن على الأرض حتَّى وصلوا في النهاية إلى نقب كبير كان

٣٣٠

يسمح بالدخول إلى القلعة بيُسر وسهولة. فعيَّن القائد موعداً لجنده فاجتازوا النقب إلى داخل القلعة، وهاجموا العدوَّ الذي لم يجد بُدَّاً مِن الاستسلام، وانتهى الحصار بانتصار الإسلام .

لقد كان هذا الكلب دائم التردُّد على المُعسكر، ولكنَّ أحداً مِن الضباط والجنود لم يلتفت إليه؛ لأنَّ أحداً منهم لم يخطر له أنْ يكون هذا الحيوان سبباً لفتح القلعة ولانتصار المسلمين، ولكنَّ الله سبحانه وتعالى عندما استجاب دعوة القائد، أوقع في قلبه أنْ يتنبَّه إلى الكلب كسبب مِن أسباب الانتصار، وبذلك أخرج المسلمين مِن مُشكلتهم الكُبرى، وفتح أمامهم باب الظفر، وأنقذهم مِن ذِلِّ الهزيمة والانكسار (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣١

يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ

إنَّ الله تعالى قد يشاء أنْ يصون المؤمنين مِن الأخطار والبلايا، بطُرق خارقة للعادة عن طريق إزالة العِلَّة التي تتهدَّدهم بالخطر، ومِن ذلك صيانة خليل الرحمان مِن الاحتراق بنيران عَبدة الأصنام .

لقد حطَّم النبي إبراهيم (عليه السلام) أصنام المُشركين، فأثار غضبهم، فقرَّروا أنْ يُحرقوه دفاعاً عن أصنامهم، فأوقدوا ناراً عظيمة وألقوا به فيها .

في مثل هذه الحالة لم يكن أمام إبراهيم الخليل مفرٌّ مِن الاحتراق في تلك النيران ليستحيل رماداً، ولكنَّ الله لم يُرِدْ له ذلك، بلْ أراد أنْ يصونه مِن نيرانهم، فقال للنار: ( ... يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاَماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) (الأنبياء: 69 ).

فانقلبت النار المُحرقة برداً وسلاماً عليه بمشية الله تعالى الخاصَّة، وتبدَّل ذلك السعير المُلتهب إلى جوٍّ مِن السلامة خالٍ مِن كلِّ خطرٍ، وانهارت خُطَّة المُشركين في إحراق نبيِّ الله، وظلَّ سليماً في حفظ الله وصيانته (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٢

لا يَخرج الرجل عن مَسقط رأسه بالدَّين

إنَّ محمد بن أبي عمير كان رجلاً بزَّازاً فذهب ماله وافتقر، وكان له على رجل عشرة آلاف درهم، فباع داراً له كان يسكنها بعشرة آلاف درهم، وحمل المال إلى بابه، فخرج إليه محمد بن أبي عمير فقال: ما هذا؟

قال: هذا مالك الذي عليَّ .

قال: ورثته؟

قال: لا .

قال: وهِبَ لك؟

قال: لا .

قال: فهل هو ثمن ضيعة بعتها؟

قال: لا .

قال: فما هو؟

قال: بعت داري التي أسكنها لأقضي دَيني .

فقال محمد بن أبي عمير: حدَّثني ذريح المُحاربي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (لا يخرج الرجل عن مَسقط رأسه بالدَّين) (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٣

أذلُّ الناس مَن أهان الناس

عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (أذلُّ الناس مَن أهان الناس ).

روي أنَّ عمر بن عبد العزيز دخل إليه رجل، فذكر عنده عن رجلٍ شيئاً .

فقال عمر: إنْ شئتَ نظرنا في أمرك، فإنْ كنت كاذباً فأنت مِن أهل هذه الآية: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا ) (الحجرات: 6)، وإنْ كنت صادقاً فأنت مِن أهل هذه الآية: ( هَمَّازٍ مَّشَّاء بِنَمِيمٍ ) (القلم: 11)، وإنْ شئتَ عَفونا عنك؟

فقال: العفو، لا أعود إلى مثل ذلك أبداً (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٤

البادئ أظلم

كان مُعاوية بن أبي سفيان مِن بني أُميَّّة، وعقيل مِن بني هاشم، وكان آل هاشم سادات قريش، مُكرَّمين ومُحترمين، بينما كان آل أُميَّة يشعرون قِبالهم بالصِّغار والضِّعة، فكان ذلك مُدعاة لحِقدهم على آل هاشم، والسعي لمُعاداتهم والانتقام منهم .

كان مجلس مُعاوية في الشام يوماً مُكتظَّاً بالحاضرين، ومنهم عقيل، فأراد مُعاوية أنْ ينتهز الفرصة لينتقص منه، فالتفت إلى الحاضرين وسألهم، أتدرون مَن أبو لهب؟ الذي قال عنه القرآن: ( تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ... ) (المسد: 1) إنَّه عَمُّ عقيل هذا .

فبادر عقيل قائلاً: أتدرون مَن كانت زوج أبي لهب؟ التي قال عنها القرآن: ( وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ ) (المسد: 4 - 5) إنَّها عَمَّة مُعاوية هذا .

كان مُعاوية يومئذ في أوج سُلطانه وفي يده أزمَّة الأُمور في البلاد الإسلاميَّة الشاسعة، فلم يكن أحد ليجرؤ على إهانته، ولكنَّه بكلامه المُهين الذي قاله في عقيل، مزَّق ستار الاحترام عن نفسه وجرَّأ عقيلاً على أنْ يُكلِّمه بغِلظة، وأنْ يردَّ إهانته بمِثلها ويُحقِّره أمام الحاضرين (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٥

لعنة الله على الظالمين

كان الحَكم مِن ألدِّ أعداء الإسلام، وساهم مع مُشركي مَكَّة في إيذاء الرسول والمسلمين، وبعد هِجرة الرسول إلى المدينة، ظلَّ الحَكم في صفوف أعداء الإسلام ولم يترك إيذاء المسلمين، وعندما فتح جُند الإسلام مَكَّة تظاهر باعتناق الإسلام، وترك مَكَّة إلى المدينة، ولكنَّه لم يكفَّ هناك عن أعماله القبيحة، فاضطرَّ الرسول إلى نفيه إلى الطائف حيث ظلَّ حتَّى حُكم عثمان .

بعد موت يزيد بن مُعاوية، تسلَّم مروان بن الحَكم كرسيَّ الخلافة في الشام، وراح يدير شؤون البلاد، غير أنَّ أهل مَكَّة والمدينة لم يُبايعوه؛ لأنَّهم كانوا قد بايعوا عبد الله بن الزبير بالخلافة على نجد والحِجاز .

وبعد موت مروان خَلَفه ابنه عبد الملك، فصمَّم هذا على القضاء علىخلافة عبد الله بن الزبير عن طريق الحرب؛ ليبسط سُلطانه على تلك البلاد أيضاً، فأرسل الحَجَّاج بن يوسف على رأس جيش إلى مَكَّة، حيث اندلعت حرب ضَروس، انتصر فيها الحَجَّاج، وقتل عبد الله بن الزبير، ودخلت منطقة نجد والحِجاز الواسعة في مُلك عبد الملك القويِّ .

كان لعبد الله بن الزبير ولد اسمه ثابت اشتهر بالخطابة، حتَّى سمَّوه بلسان آل الزبير، وفي أحد الأيَّام دخل ثابت على عبد الملك، خليفة بني مروان المُقتدر مبعوثاً مِن قبل شخصٍ ما. فبادر عبد الملك إلى تحقيره وذكر مثالب آل الزبير، وقال له: إنَّ أباك كان يعرفك يوم سبَّك وشتمك .

فغضب ثابت مِن كلامه، وقال له: يا خليفة، أتدري لِمَ كان أبي يسبُّني؟

قال: كلا .

قال ثابت: لأنِّي كنت أنصحه بألاَّ يدخل الحرب اعتماداً على مُساندة أهل مَكَّة؛ لأنَّ الله لا ينصر بهم أحد؛ ولأنَّ أهل مَكَّة هُمْ الذين آذوا الرسول وأخرجوه منها،

٣٣٦

ثمَّ جاؤوا إلى المدينة واستمرُّوا في فسادهم وقبيح أعمالهم، حتَّى نفاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منها عقاباً لهم .

كان هذا تعريفاً مِن ثابت بن عبد الله بالحَكم بن أبي العاص، جَدِّ عبد الملك قصد به رَدَّ إهانته والانتقام منه لما تفوّه به عنه، فغضب عبد الملك، وقال: لعنة الله عليك .

فردَّ ثابت في الحال: لعنة الله على الظالمين، كما لعنهم الله في القرآن الكريم .

وكان هذا تعريفاً آخر بعبد الملك، فاشتدَّ غضبه وأمر بسجن ثابت .

عبد الملك بن مروان، الخليفة القويُّ المُقتدر، بذكره مثالب ثابت بن عبد الله عرَّض نفسه لإهانته وتحقيره، وبلعنه زاد مِن جُرأة ثابت على رَدِّ اللعنة، وإنْ كان مِن دون تصريح، وبسجنه دلَّ على ضعفه وكَشف عن عجزه، وكأنَّه في الحقيقة قد اعترف بهزيمته (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٧

ما كان أحسن ترتيبه لنفسه ولصاحبه

كان ليزيد بن أبي مسلم مقامٌ رفيعٌ في حكومة الحَجَّاج، إذ كان كاتبه الخاصَّ، ولكنَّه كان يتدخَّل في كلِّ أمر. وفي أيَّام خلافة سليمان بن عبد الملك طُرِد مِن وظيفته وأصبح غير مرغوب فيه .

وفي يوم مِن الأيَّام أُدخل على سليمان بن عبد الملك وهو مُكبَّل بالحديد، فلمَّا رآه ازدراه، فقال :

ما رأيت كاليوم قطُّ. لعنَ الله رجلاً أجرك رَسنه وحَكَّمك في أمره .

فقال له يزيد: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإنَّك رأيتني والأمر عنِّي مُدبر، وعليك مُقبل، ولو رأيتني والأمر مُقبل عليَّ لأستعظمت منِّي ما استصغرت، ولأستجللت منِّي ما استحقرت .

قال: صدقت، فاجلِس، لا أُمَّ لك .

فلمَّا استقرَّ به المجلس، قال سليمان: عزمت عليك لتُخبرني عن الحَجَّاج، ما ظنُّك به؟ أتراه يهوي في جهنَّم، أمْ قد استقرَّ فيها؟

قال: يا أمير المؤمنين، لا تقلُ هذا في الحَجَّاج، فقد بذل لكم نصَفه وأحقن دونكم دمه، وأمَّن وليكم، وأخاف عدوَّكم، وإنَّ يوم القيامة لعن يمين أبيك عبد الملك ويسار أخيك الوليد، فاجعله حيث شئت .

فصاح سليمان: أُخرج عنِّي إلى لعنة الله .

ثمَّ التفت إلى جلسائه فقال: قبَّحه الله! ما كان أحسن ترتيبه لنفسه ولصاحبه، ولقد أحسن المُكافأة، خلُّوا سبيله (1 ) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٨

لا تذيعَنَّ شيئاً على أخيك تَهدم به مروَّته

محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الأوَّل (عليه السلام)، قال :

قلت له: الرجل مِن إخواني يبلغني عنه الشيء الذي أكرهه، فأسأله ذلك فيُنكره، وقد أخبرني قوم ثقات .

قال لي: (يا محمد، كَذِّب سمعك وبصرك على أخيك، فإنْ شهد عندك قَسَّامة قالوا لك قولاً فصدِّقه وكذِّبهم، ولا تُذيعن عليه شيئاً تُشينه به وتهدم به مروَّته، فتكون مِن الذين قال الله تعالى فيهم: ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ... ) ) (النور: 19) (1) .

____________________

( 1) الأخلاق، ج1 .

٣٣٩

مُروءة قائدٍ

كان إسماعيل بن أحمد الساماني يحكُم بلاد ما وراء النهر، فعزم عمرو بن الليث الصفاري على أنْ يُحاربه، ويُخرجه مِن ما وراء النهر، ويضمَّ أرضه إلى أرض بلدته التي يحكمها، فجهَّز جيشاً كبيراً في نيسابور، ثمَّ انطلق نحو بلخ، فبعث إليه إسماعيل بن أحمد برسالة قائلاً:

إنَّك تحكم أرضاً واسعة بينما لا أحكم أنا إلاَّ على منطقة صغيرة مِن ما وراء النهر، فاقنع بما عندك واترك لي ما عندي. ولكن عمرو بن الليث لم يلتفت إلى قوله، وواصل سيره وعبر نهر جيحون وطوى المنازل حتَّى بلغ بلخ.

هناك اختار مكاناً لجيشه، حيث حفر الخنادق وأعدَّ المراصد وقضى بضعة أيَّام يتهيَّأ للقتال، بينما ظلَّت فرق جيشه تتوافد وتستقرُّ في المكان المُخصَّص لها.

أمَّا قوَّاد إسماعيل بن أحمد وحاشيته، الذين كانوا قد سمعوا بشجاعة عمرو بن الليث، فعندما شاهدوا كثرة جنوده المُدجَّجين بالسلاح ارتعبوا وتشاوروا فيما بينهم قائلين: إنَّنا إنْ دخلنا الحرب مع عمرو وجنوده الأشدَّاء فإمَّا أنْ نُقتل عن آخرنا، وإمَّا أنْ نولِّي الأدبار عندما يَحمى وطيس الحرب ونرضى بذِلِّ الفرار، وكلا هذين الأمرين ليس فيهما عقل ولا صلاح، فمِن الخير - إذنْ - أنْ نغتنم الفرصة فنتقرَّب إليه ونطلب منه الأمان قبل أنْ تقع الهزيمة المُحتَّمة فهو رجل عاقل وقويٌّ، ولا يُنتظر منه أنْ تشوَّه سمعته بقتل هذا وذاك وهو سلاح العجزة والحَمقى.

فقال أحد الحاضرين: هذا كلام معقول ونصحُ شفوق فلا بُدَّ مِن العمل به.

فتقرَّر أنْ يجتمعوا في ليلة مُعيَّنة؛ لينفذُّوا ما عزموا عليه، وفي الليلة المُعيَّنة اجتمعوا وكتب كلٌّ منهم رسالة إلى عمرو يَعرضون عليه إخلاصهم ووفاءهم له طالبين منه الأمان، ووصلت الرسائل إلى يد عمرو، فقرأها واطّلع على مضامينها، ووضعها في خُرجه وختمه بختمه وأرسل إليهم بالأمان الذي طلبوه.

ودارت رَحى الحرب وانتصر إسماعيل بن أحمد بخلاف ما كان قوَّاده يتوقَّعون،

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469