مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 469

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 290693 / تحميل: 5079
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

٤

٩٥ -( باب استحباب العفو)

١ - الطبرسي في مشكاة الأنوار: نقلاً من المحاسن: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عليكم بالعفو، فإن العفو لا يزيد العبد إلّا عزّاً، فتعافوا يعزكم الله ».

٢ - وعن الباقرعليه‌السلام ، قال: « الندامة على العفو، أفضل وأيسر من الندامة على العقوبة ».

[١٠٠٣٦] ٣ - وعنهعليه‌السلام قال: « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أتى باليهودية التي سمّت الشاة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال لها: ما حملك على ما صنعت؟ فقالت: قلت إن كان نبيّاً لم يضرّه، وإن كان ملكاً أرحت الناس منه، قال: فعفا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عنها ».

[١٠٠٣٧] ٤ - وعن الرضاعليه‌السلام : قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لليهودي الذي سحره: ما حملك على ما صنعت؟ قال: علمت أنه لا يضرّك وأنت نبي، قال: فعفا عنه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١٠٠٣٨] ٥ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « العفو عند

__________________

الباب ٩٥

١ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٨.

٢ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٨.

٣ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٨.

٤ - مشكاة الأنوار ص ٢٢٩.

٥ - مصباح الشريعة ص ٣٣٤.

٥

القدرة، من سنن المرسلين، وأسرار المتقين، وتفسير العفو: أن لا تلزم صاحبك فيما أجرم ظاهراً، وتنسى من الأصل ما أصبت منه باطناً، وتزيد على الإحسان(١) إحساناً، ولن يجد إلى ذلك سبيلاً إلّا من قد عفا الله عنه، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر، وزيّنه بكرامته، وألبسه من نور بهائه، لأن العفو والغفران صفة(٢) من صفات الله تعالى أودعهما في أسرار أصفيائه، ليتخلّقوا مع الخلق بأخلاق خالقهم وجاعلهم، لذلك قال الله عزّوجلّ:( وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّـهُ لَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) (٣) ومن لا يعفو عشر مثله، كيف يرجو عفو ملك جبار!؟ إلى أن قال فالعفو سرّ الله في القلوب - قلوب خواصّه - فمن [ بشر الله له ](٤) يسرّ له سرّه، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: أيعجز أحدكم أن يكون كأبي ضمضم؟ قالوا يا رسول الله، وما أبو ضمضم؟

قال: رجل ممن قبلكم، كان إذا أصبح يقول: اللّهم إنّي قد تصدقت بعرضي على الناس عامّة ».

[١٠٠٣٩] ٦ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن عبد الله بن طلحة، عن أبيه عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : والعفو لا يزيد العبد إلّا عزّاً، فاعفوا يعزّكم الله ».

__________________

(١) في المصدر: الاختيارات.

(٢) في المصدر: صفتان.

(٣) النور ٢٤: ٢٢.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٦ - كتاب جعفر بن محمّد الحضرمي ص ٧٧

٦

[١٠٠٤٠] ٧ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال لرجل: « أوصيك بتقوى الله، والعفو عن الناس ».

[١٠٠٤١] ٨ - وشكا رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خدمه، فقال له: « اعف عنهم تستصلح به قلوبهم » فقال: يا رسول الله، إنهم يتفاوتون في سوء الأدب، فقال: « اعف عنهم » ففعل.

[١٠٠٤٢] ٩ - وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يأمر في كلّ مجالسه بالعفو، وينهى عن المثلة.

[١٠٠٤٣] ١٠ - وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما من عبد يعفو عن عبد في حال جهله، إلّا زاده الله بذلك عزّاً ».

[١٠٠٤٤] ١١ - وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : في قوله:( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّـهِ ) (١) قال: « إذا كان يوم القيامة، ينادي مناد: من كان له على الله أجر فليقم، فيقوم عند ذلك أهل العفو، فيدخلون الجنّة بغير حساب ».

[١٠٠٤٥] ١٢ - وجاء في الآثار: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم ينتقم لنفسه من أحد قط، بل كان يعفو ويصفح.

[١٠٠٤٦] ١٣ - السيد أبو حامد محيي الدين ابن أخ ابن زهرة الحلبي: عن عمه الشريف، عن القاضي أبي المكارم محمّد بن عبد الملك بن أحمد، عن أبي الحسن أحمد بن عبد الله بن علي الأنبوسي، عن الشيخ أبي بكر

__________________

٧ - ١١ - الأخلاق: مخطوط.

(١) الشورى ٤٢: ٤٠.

١٢ - الأخلاق: مخطوط.

١٣ - الأربعين لابن زهرة ص ١٠١.

٧

أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا، عن أبي عبد الله الحسين بن شجاع الموصلي، قال: قرئ على أبي بكر محمّد بن عبد الله بن إبراهيم بن عبدويه، وأنا أسمع فأقرّ به، قيل له: حدثكم أبو عبد الله محمّد بن خلف بن إبراهيم المروزي، قال: حدثنا موسى بن إبراهيم المروزي، قال: حدثنا موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد، عن أبيه، عن جده، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من عفا عن أخيه المسلم عفا الله عنه ».

[١٠٠٤٧] ١٤ - القطب الراوندي في لبّ اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ثلاثة ينزلون الجنّة حيث يشاؤون - إلى أن قال - ورجل عفا عن مظلمة ».

[١٠٠٤٨] ١٥ - مجموعة الشهيد (ره): عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، أنه قال: « من بدأ بالشرّ زيف(١) أصله، ومن كافأ به شارك أهله ».

[١٠٠٤٩] ١٦ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن أبي هريرة، أنه كان أبو بكر عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ورجل حاضر يشتم أبا بكر وهو ساكت، والرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله يتبسم، ثم شرع أبو بكر في الجواب، ورد بعض ما قاله، فغضب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقام وذهب، فتبعه أبو بكر بعده، وقال: يا رسول الله، هذا الرجل كان يسبّني وأنت تتبسم، ولمّا شرعت في جواب بعض مقالته

__________________

١٤ - لبّ اللباب: مخطوط.

١٥ - مجموعة الشهيد:

(١) زيف: أي ردئ (مجمع البحرين ج ٥ ص ٦٨).

١٦ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٦٥٢.

٨

غضبت وذهبت وتركتنا في مكاننا، فقال: « بلى، أنه لمّا كان يشتمك وأنت ساكت، كان ملك واقف يردّه عنك، وكنت أراه وأتبسم، ولمّا شرعت في جوابه ذهب الملك وجاء شيطان، ولم أكن أجلس في محلّ فيه شيطان، اسمع مني ثلاث كلمات يا أبا بكر: ما من عبد نزلت عليه مظلمة فعفا عنها إلّا نصره الله تعالى وأعزّه، وما من عبد فتح لنفسه باب سؤال ليكثر ماله إلّا زاده الله في فقره، وما من عبد فتح باب عطاء وصلة إلّا زاد الله في ماله ».

٩٦ -( باب استحباب العفو عن الظالم، وصلة القاطع، والإحسان إلى المسئ، وإعطاء المانع)

[١٠٠٥٠] ١ - الشيخ المفيد في مجالسه: عن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن ابن أبي عمير، عن النضر، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في خطبته: ألا أخبركم بخبر خلائق الدنيا والآخرة: العفو عمّن ظلمك، وأن تصل من قطعك، والإحسان إلى من أساء إليك، وإعطاء من حرمك، وفي التباغض الحالقة، لا أعني حالقة الشعر ولكن حالقة الدين ».

[١٠٠٥١] ٢ - الصدوق في الأمالي: عن علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمّد البرقي، عن أبيه، عن جده، عن جعفر بن عبد الله النماونجي(١) ، عن عبد الجبار بن محمّد، عن داود الشعيري، عن

__________________

الباب ٩٦

١ - أمالي المفيد ص ١٨٠ ح ٢.

٢ - أمالي الصدوق ص ٤٩٠ ح ٩.

(١) في نسخة: الناونجي (منه قدّه).

٩

الربيع صاحب المنصور - في حديث طويل - أنه قال: قال الصادقعليه‌السلام ، للمنصور في جملة كلام له: « وإن كان يجب عليك في سعة فهمك، وكثرة علمك، ومعرفتك بآداب الله، أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمّن ظلمك، فإنّ المكافئ ليس بالواصل، إنّما الواصل من إذا قطعته رحمه وصلها » الخبر.

[١٠٠٥٢] ٣ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « خير أهل الدنيا وأهل الآخرة أخلاقاً، من يعفو عمّن ظلمه، ومن يعطي من حرمه، ومن يصل من قطعه من ذوي أرحامه وأهل ولايته ».

[١٠٠٥٣] ٤ - السيد علي بن طاووس في كشف المحجّة: عن الكليني في رسائله، بإسناده إلى جعفر بن عنبسة، عن عباد بن زياد الأسدي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام لولده الحسنعليه‌السلام ، في وصيّته إليه: ولا يكونن أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته، ولا تكونن على الإساءة أقوى منك على الإحسان، ولا على البخل أقوى منك على البذل، ولا على التقصير أقوى منك على الفضل، ولا يكبرّن عليك ظلم من ظلمك فإنّما يسعى في مضرّته ونفعك، وليس جزاء من سرّك أن تسوءه » الخبر.

[١٠٠٥٤] ٥ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن حميد بن شعيب السبيعي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جعفرعليه‌السلام ، قال: سمعته يقول: « ثلاث لا يزيد الله من فعلهن

__________________

٣ - الأخلاق: مخطوط.

٤ - كشف المحجة ص ١٦٨.

٥ - كتاب جعفر بن محمّد الحضرمي ص ٧١.

١٠

إلّا خيراً: الصفح عمّن ظلمه، وإعطاء من حرمه، وصلة من قطعه ».

[١٠٠٥٥] ٦ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال لعبد الله بن جندب: « يا ابن جندب صلّ من قطعك، وأعط من حرمك، وأحسن إلى من أساء إليك، وسلّم على من سبّك، وأنصف من خاصمك، واعف عمن ظلمك، كما أنّك تحبّ أن يعفى عنك » الخبر.

٩٧ -( باب استحباب كظم الغيظ)

[١٠٠٥٦] ١ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً عن المحاسن، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال للحسينعليه‌السلام : « يا بني، ما الحلم؟ قال: كظم الغيظ، وملك النفس ».

[١٠٠٥٧] ٢ - وعن أبي جعفر محمّد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، قال: « ما من جرعة يجرعها(١) عبد أحبّ إلى الله عزّوجلّ من جرعة غيظ يردّدها(٢) في قلبه، فردّها بصبر، أو ردها بحلم ».

[١٠٠٥٨] ٣ - وعن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « ما من عبد كظم غيظاً إلّا زاده الله عزّوجلّ به عزّاً في الدنيا والآخرة وقد قال الله تبارك

__________________

٦ - تحف العقول ص ٢٢٥.

الباب ٩٧

١ - مشكاة الأنوار ص ٢١٦.

٢ - مشكاة الأنوار ص ٢١٦.

(١) في المصدر: يتجرّعها.

(٢) وفيه يردّها.

٣ - مشكاة الأنوار ص ٢١٧.

١١

وتعالى:( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّـهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (١) وآتاه الله تبارك وتعالى الجنّة مكان غيظه ذلك ».

[١٠٠٥٩] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « من كظم غيظاً(١) وهو يقدر على إنفاذه، ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً إلى يوم القيامة ».

وعنهعليه‌السلام ، قال: « نعمت الجرعة الغيظ لمن صبر عليها ».

[١٠٠٦٠] ٥ - وعن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أحبّ السبل إلى الله تعالى: جرعتان: جرعة غيظ يردّها بحلم، وجرعة حزن يردّها بصبر ».

[١٠٠٦١] ٦ - أبو القاسم الكوفي في كتاب الأخلاق: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ليس القوي من يصرع الفرسان، إنّما القوي من يغلب غيظه ويكظمه ».

[١٠٠٦٢] ٧ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ثلاثة يرزقون مرافقة الأنبياء: رجل يدفع إليه قاتل وليّه ليقتله فعفا عنه، ورجل عنده أمانة لو يشاء لخانها فيردّها إلى من ائتمنه عليها، ورجل كظم غيظه عن أخيه ابتغاء وجه الله ».

[١٠٠٦٣] ٨ - وعن سلمان الفارسيرحمه‌الله ، قال: من كظم غيظه

__________________

(١) آل عمران ٣: ١٣٤.

٤ - مشكاة الأنوار ص ٢١٧.

(١) في المصدر: غيضه.

٥ - مشكاة الأنوار ص ٢١٧.

٦ - ٨ الأخلاق: مخطوط.

١٢

سلم، ومن لم يكظمه ندم.

[١٠٠٦٤] ٩ - محمّد بن علي الفتال في روضة الواعظين: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « أعقل الناس أشدّهم مداراة للناس، وأحزم الناس أكظمهم غيظاً ».

[١٠٠٦٥] ١٠ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من كظم غيظاً وهو يقدر على أن ينفذه، دعاه الله تعالى يوم القيامة على رؤوس الخلائق، حتى يخيّر من أي الحور شاء ».

[١٠٠٦٦] ١١ - الكراجكي في كنز الفوائد: من حكم لقمانعليه‌السلام : ومن لا يكظم غيظه يشمت [ به ](١) عدوّه.

[١٠٠٦٧] ١٢ - كتاب خلاد السندي البزاز الكوفي: عن أبي حمزة الثمالي، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال: قال: « ما أحبّ أن لي بذل نفسي حمر النعم، وما تجرّعت من جرعة أحبّ إليّ من جرعة غيظ لا أكلّم فيها صاحبها ».

[١٠٠٦٨] ١٣ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من كظم غيظاً وهو يقدر على إنفاذه، ملاه الله أمناً وإيماناً ».

[١٠٠٦٩] ١٤ - وعن أنس، عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « من كظم

__________________

٩ - روضة الواعظين ص ٣٧٩.

١٠ - روضة الواعظين ص ٣٨٠.

١١ - كنز الفوائد ص ٢١٤.

(١) أثبتناه ليستقيم المعنى.

١٢ - كتاب خلاد السندي ص ١٠٦.

١٣ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٦٥٢.

١٤ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٦٥٢.

١٣

غيظاً وهو قادر على إنفاذه، دعاه الله تعالى يوم القيامة على رؤوس الخلائق، وخيّره أن يختار من الحور العين ما أراده ».

[١٠٠٧٠] ١٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « في ليلة المعراج رأيت غرفاً في أعلى الجنّة، فقلت: لمن هي؟ قال للكاظمين الغيظ، وللعافين عن الناس، وللمحسنين ».

٩٨ -( باب استحباب كظم الغيظ، عن أعداء الدين في دولتهم)

[١٠٠٧١] ١ - ثقة الإسلام في الكافي: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضال(١) ، عن حفص المؤذّن، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

وعن الحسن بن محمّد، عن جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن القاسم بن الربيع الصحاف، عن إسماعيل بن مخلّد السراج، عنهعليه‌السلام ، أنه قال في رسالته إلى أصحابه: فاتقوا الله أيّتها العصابة الناجية [ ان ](٢) أتّم الله لكم ما أعطاكم، فإنه لا يتم الأمر حتى يدخل عليكم مثل الذي دخل على الصالحين قبلكم، وحتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم، وحتى تسمعوا من أعداء الله أذى كثيراً فتصبروا، وتعركوا بجنوبكم حتى يستذلّوكم، ويبغضوكم، وحتى

__________________

١٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٦٥٣.

الباب ٩٨

١ - الكافي ج ٨ ص ٤ ح ١.

(١) في المخطوط « عن علي بن فضال »، وما أثبتناه من المصدر، والمقصود هو الحسن بن علي بن فضال « راجع معجم رجال الحديث ج ١ ص ٣١٩ - ٣٢١ ».

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٤

يحملوا عليكم الضيم فتحملوه(٣) منهم، تلتمسون بذلك وجه الله والدار الآخرة، وحتى تكظموا الغيظ الشديد في الأذى في الله عزّوجلّ يجترمونه(٤) إليكم، وحتى يكذبوكم بالحق، ويعادوكم فيه، ويبغضوكم عليه، فتصبروا على ذلك منهم، ومصداق ذلك كلّه في كتاب الله الذي أنزل(٥) به جبرئيل على نبيّكم، سمعتم قول الله عزّوجلّ لنبيّكمصلى‌الله‌عليه‌وآله :( فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ) (٦) الخبر.

٩٩ -( باب استحباب الصبر على الحسّاد وأعداء النعم)

[١٠٠٧٢] ١ - حسين بن سعيد الأهوازي في كتاب المؤمن: عن أبي حمزة، قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام ، يقول: « إنّ الله عزّوجلّ أخذ ميثاق المؤمن على بلايا أربع: أيسرها عليه مؤمن مثله يحسده، والثانية: منافق يقفو أثره، والثالثة: شيطان يعرض له بفتنة ويضلّه، والرابعة: كافر بالذي آمن به، يرى جهاده جهاداً، فما بقاء المؤمن بعد هذا! ».

__________________

(٣) في نسخة: فتحتملوه (منه قدّه) وفي المصدر: فتحملوا.

(٤) في نسخة: يجرمونه (منه قدّه).

(٥) في نسخة: نزّله (منه قدّه).

(٦) الأحقاف ٤٦: ٣٥.

الباب ٩٩

١ - كتاب المؤمن ص ٢١ ح ٢٠.

١٥

١٠٠ -( باب استحباب الصمت والسكوت إلّا عن خير)

[١٠٠٧٣] ١ - الطبرسي في المشكاة: نقلاً عن المحاسن: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « السكوت ذهب والكلام فضة ».

عن الرضاعليه‌السلام قال: « إنّ الصمت باب من أبواب الحكمة، يكسب المحبّة، إنه دليل على كلّ خير ».

وعنهعليه‌السلام ، قال: « اتقوا الله، وعليكم بالصمت ».

وعنهعليه‌السلام ، قال: « ما أحسن الصمت من غير عي! والمهذار له سقطات ».

وعن الباقرعليه‌السلام : « أن شيعتنا الخرس ».

[١٠٠٧٤] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « رحم الله عبداً قال خيراً فغنم، أو سكت عن سوء فسلم ».

[١٠٠٧٥] ٣ - الشيخ المفيد في الإختصاص: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يزال الرجل المؤمن يكتب محسناً ما دام ساكتاً، فإذا تكلّم كتب محسناً أو مسيئاً ».

[١٠٠٧٦] ٤ - وعن داود الرقي، عنهعليه‌السلام ، قال: « الصمت كنز وافر، وزين الحلم، وستر الجاهل ».

[١٠٠٧٧] ٥ - وعن الرضاعليه‌السلام ، قال: « من علامات الفقه: الحلم، والعلم، والصمت ».

__________________

الباب ١٠٠

١ - مشكاة الأنوار ص ١٧٥.

٢ - مشكاة الأنوار ص ١٧٥.

٣ - ٥ - الاختصاص ص ٢٣٢.

١٦

[١٠٠٧٨] ٦ - وعنه(١) ، عن أبيهعليه‌السلام ، قال: « قال عيسى بن مريمعليه‌السلام : طوبى لمن كان صمته فكراً، ونظره عبراً، ووسعه بيته، وبكى على خطيئته، وسلم الناس من يديه ولسانه ».

[١٠٠٧٩] ٧ - وعن الرضاعليه‌السلام ، قال: « الصمت باب من أبواب الحكمة، وأن الصمت يكسب المحبّة، أنّه دليل على كلّ خير ».

[١٠٠٨٠] ٨ - الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في وصيّته لولده الحسينعليه‌السلام : « يا بني، العافية عشرة أجزاء، تسعة منها في الصمت إلّا بذكر الله، وواحد منها في ترك مجالسة السفهاء ».

[١٠٠٨١] ٩ - وعن الصادقعليه‌السلام ، أنه قال لعبد الله بن جندب: « وعليك بالصمت، تعدّ حليماً جاهلاً كنت أو عالماً، فإن الصمت زين لك عند العلماء، سترة لك عند الجهّال ».

[١٠٠٨٢] ١٠ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال لأبي جعفر محمّد بن النعمان: « إنّ من كان قبلكم كانوا يتعلمون الصمت، وأنتم تتعلمون الكلام، كان أحدهم إذا أراد التعبد، يتعلّم الصمت قبل ذلك بعشر سنين، فإن كان يحسنه ويصبر عليه

__________________

٦ - الاختصاص ص ٢٣٢، وعنه في البحار ج ٧١ ص ٢٨٨ ح ٤٨.

(١) في المصدر: عن جعفر بن محمّد.

٧ - الاختصاص ص ٢٣٢.

٨ - تحف العقول ص ٥٩.

٩ - تحف العقول ص ٢٢٤.

١٠ - تحف العقول ص ٢٢٨.

١٧

تعبّد، وإلّا قال: ما أنا لمّا أروم(١) بأهل، إنّما ينجو من أطال الصمت عن الفحشاء، وصبر في دولة الباطل على الأذى، أُولئك النجباء الأصفياء الأولياء حقّاً، وهم المؤمنون ».

[١٠٠٨٣] ١١ - وعن الكاظمعليه‌السلام ، أنه قال لهشام بن الحكم: « يا هشام، لكلّ شئ دليل، ودليل العاقل التفكر، ودليل التفكر الصمت - إلى أن قال - يا هشام، قلّة المنطق حكم عظيم، فعليكم بالصمت فإنه دعة حسنة، وقلّة وزر وخفّة من الذنوب، فحصّنوا باب الحلم فإنه باب(١) الصبر - إلى أن قال - يا هشام، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا رأيتم المؤمن صموتاً، فأدنوا منه فإنه يلقي الحكمة، والمؤمن قليل الكلام كثير العمل، والمنافق كثير الكلام قليل العمل ».

[١٠٠٨٤] ١٢ - السيد علي بن طاووس في كشف المحجّة: عن الكليني في كتاب الرسائل، بإسناده إلى جعفر بن عنبسة، عن عباد بن زياد الأسدي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال لولده الحسنعليه‌السلام في وصيّته إليه: « فان العالم من عرف أنّ ما يعلم فيما لا يعلم قليل، فعدّ نفسه بذلك جاهلاً، وازداد بما عرف من ذلك في طلب العلم اجتهاداً، فما يزال للعلم طالباً وفيه راغباً، وله مستفيداً، ولأهله خاشعاً، ولرأيه متّهماً، وللصمت لازماً - إلى أن قال - وفي الصمت السلامة من الندامة، وتلافيك ما فرط من صمتك أيسر من

__________________

(١) في نسخة: أردتم (منه قدّه).

١١ - تحف العقول ص ٢٨٨ ٢٩٦.

(١) في المصدر: فإن بابه.

١٢ - كشف المحجة ص ١٦٣.

١٨

إدراك فائدة ما فات من منطقك، واحفظ ما في الوعاء بشد الوكاء(١) » الخبر.

[١٠٠٨٥] ١٣ - الحسن بن أبي الحسن الديلمي في إرشاد القلوب. عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « قال الله تعالى له في ليلة المعراج: يا أحمد، ليس شئ من العبادة أحبّ إليّ من الصمت والصوم، فمن صام ولم يحفظ لسانه، كان كمن قام ولم يقرأ في صلاته، فاعطيه أجر القيام، ولم أعطه أجر العابدين، يا أحمد، هل تدري متى يكون [ لي ](١) العبد عابداً؟ قال: لا، يا ربّ، قال: إذا اجتمع فيه سبع خصال: ورع يحجزه عن المحارم، وصمت يكفّه(٢) عمّا لا يعنيه، وخوف يزداد في كلّ يوم من بكائه، وحياء يستحي منّي في الخلاء وأكل ما لا بدّ منه، ويبغض الدنيا لبغضي لها، ويحب الأخيار لحبّي لهم(٣) .

يا أحمد، ليس كلّ من قال أحبّ الله أحبّني، حتى يأخذ قوتاً ويلبس دوناً، وينام سجوداً، ويطيل قياماً، ويلزم صمتاً » الخبر.

[١٠٠٨٦] ١٤ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن إبراهيم بن أبي رجا أخي طربال، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال:ما عبد

__________________

(١) الوكاء: بالكسر والمّد، خيط يشدُ به السرة والكيس والقربة ونحوها (مجمع البحرين ج ١ ص ٤٥٣).

١٣ - إرشاد القلوب ص ٢٠٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المخطوط « يكفيه »، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) في المصدر: إياهم.

١٤ - الغايات ص ٧٣.

١٩

الله بشئ مثل الصمت، والمشي إلى بيته.

[١٠٠٨٧] ١٥ - الشيخ المفيد في مجالسه: عن عمر بن محمّد بن علي الصيرفي، عن محمّد بن همام الأسكافي، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن أحمد بن سلامة، عن محمّد بن الحسين(١) العامري، عن معمر(٢) ، عن أبي بكر بن عياش(٣) ، عن الفجيع العقيلي، عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: قال له أبوه عند وفاته: « الزم الصمت تسلم ».

[١٠٠٨٨] ١٦ - مصباح الشريعة: قال الصادقعليه‌السلام : « الصمت شعار المحققين بحقائق ما سبق وجفّ القلم به، وهو مفتاح كلّ راحة من الدنيا والآخرة، وفيه رضاء الربّ، وتخفيف الحساب، والصون من الخطايا والزلل، قد جعله الله ستراً على الجاهل، وزيناً للعالم، ومعه عزل الهوى، ورياضة النفس، وحلاوة العبادة، وزوال قسوة القلب، والعفاف، والمروّة، والظرف، فأغلق باب لسانك عمّا لك بدّ منه، لا سيّما إذا لم تجد أهلاً للكلام والمساعدة في المذاكرة لله وفي الله.

وكان ربيع بن خيثم يضع قرطاساً بين يديه فيكتب كلّما يتكلم به، ثم يحاسب نفسه في عشيّته(١) ما له وما عليه، ويقول: أوّه نجا

__________________

١٥ - أمالي المفيد ص ٢٢٢.

(١) في المخطوط: محمّد بن الحسن، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: عن أبي معمر.

(٣) في المخطوط: أبي عياش، وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال (معجم رجال الحديث ج ٢١ ص ٦٧، وتقريب التهذيب ج ٢ ص ٣٩٩).

١٦ - مصباح الشريعة ص ١٧٢ باختلاف يسير، وعنه في البحار ٧١ ص ٢٨٤ ح ٣٨.

(١) في المخطوط « عشيّة »، وما أثبتناه من المصدر.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

ويلٌ لأولاد آخر الزمان مِن آبائهم

رُوي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنَّه نظر إلى بعض الأطفال فقال: (ويلٌ لأولاد آخر الزمان مِن آبائهم!).

فقيل: يا رسول الله، مِن آبائهم المُشركين؟

فقال: (لا، مِن آبائهم المؤمنين لا يُعلِّمونهم شيئاً مِن الفرائض، وإذا علَّموا أولادهم منعوهم ورضوا عنهم بعرضٍ يسير مِن الدنيا، فأنا منهم بريءٌ وهُمْ مِنِّي بُرآءُ) (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج1.

٢٦١

مَن سعى تفاخراً وتكاثُراً فهو في سبيل الشيطان

كان النبي (صلى الله عليه وآله) جالساً مع أصحابه ذات يوم، فنظر إلى شابٍّ ذي جَلدٍ وقوَّة وقد بكَّر يسعى.

فقالوا: ويحَ هذا! لو كان شبابه وجَلده في سبيل الله!

فقال (صلى الله عليه وآله): (لا تقولوا هذا؛ فإنَّه إنْ كان يسعى على نفسه ليكُفَّها عن المسألة ويُغنيها عن الناس فهو في سبيل الله.

وإنْ كان يسعى على أبوين ضعيفين و ذُرِّيَّةٍ ضعافٍ ليُغنيهم ويكُفَّيهم فهو في سبيل الله

وإنْ كان يسعى تفاخُراً وتكاثُراً فهو في سبيل الشيطان) (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج1.

٢٦٢

تارك الطلب لا يُستجاب له دعوات

روى علي بن عبد العزيز، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال:

قال لي: (ما فعل عمر بن مسلم؟).

قلت: جُعِلت فِداك! أقبل على العبادة وترك التِّجارة.

فقال: (ويحَه، أما عَلم أنَّ تارك الطلب لا يُستجاب له دعوات؟!) (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج1.

٢٦٣

أنا أصبِر عن اللَّحم

روي أنَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) مَرَّ بقصَّابٍ وعنده لحمٌ سَمين.

فقال: يا أمير المؤمنين، هذا اللَّحم سمين اشترِ منه.

فقال (عليه السلام): (ليس الثمنُ حاضراً).

فقال: أنا أصبر يا أمير المؤمنين.

فقال له: (أنا أصبر عن اللَّحم) (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج1.

٢٦٤

اعمل واحمل على رأسك

واستغنِ عن الناس

جاء رجلٌ إلى الإمام الصادق (عليه السلام) فقال: إنَّه لا يملك يداً سالمةً، ولا مالاً ليُتاجر به، فأبى عليه أنْ يُضيِّع عِزَّته وشرفه بذل السؤال فقال له:

(اعمل واحمل على رأسك واستغنِ عن الناس) (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج1.

٢٦٥

أحسن الناس مَعاشاً

قال علي بن شعيب: دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) فقال لي: (يا عليُّ، مَن أحسن الناس معاشاً؟).

قلت: أنت - يا سيدي - أعلم به مِنِّي.

فقال (عليه السلام): (يا عليُّ، مَن حسن معاش غيره في معاشه) (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج1.

٢٦٦

أسوأ حالٍ أنْ يُرى المعروف مُنكراً والمُنكر معروفاً

نبيُّ الإسلام (صلى الله عليه وآله) في حديث له، عن حالة الضلال الخطيرة هذه للمسلمين قال:

(كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفَسق شبَّانكم ولم تأمروا بمعروفٍ ولم تنهوا عن مُنكرٍ؟!).

فقيل له: ويكون ذلك - يا رسول الله ـ؟!

قال: (نعم، وشَرٌّ مِن ذلك، فكيف بكم إذا أمرتم بالمُنكر ونهيتم عن المعروف؟!).

فقيل: يا رسول الله، ويكون ذلك؟!

قال: (نعم، وشَرٌّ مِن ذلك، كيف بكم إذا رأيتم المعروف مُنكراً والمُنكر معروفاً؟!) (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج1.

٢٦٧

لا حاجة للعِباد بالمُحرَّم مِن الأشياء

بعث محمد بن سنان رسالة إلى الإمام الرضا (عليه السلام)، وسأله فيها عن تصوُّر بعض المسلمين أنَّ الحلال والحلال في الإسلام لا يستند على أساس مصلحة وفساد الناس، بلْ عِبادة وطاعة الله تبارك وتعالى، فكتب إليه الإمام (عليه السلام):

(قد ضَلَّ مَن قال ذلك ضَلالاً بعيداً).

وقال (عليه السّلام) ضمن الرسالة عن مُحرَّمات الإسلام:

(ووجدنا المُحرَّم مِن الأشياء لا حاجة للعباد إليه، ووجدناه مُفسداً داعياً إلى الفَناء والهلاك) (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج1.

٢٦٨

الحلال والحرام لمَصلحة العباد

يقول المفضل بن عمر: سألت الإمام الصادق (عليه السلام):

لماذا حرَّم الله تعالى الخَمر، والمِيتة، والدَّم، ولحَم الخِنزير على الناس؟

فقال (عليه السلام):

(إنَّ حرام الله وحلاله لم يكن على أساس الرَّغبة والزُّهد، ولكنَّه خَلق فعَلِم ما تقوم به أبدانهم وما يُصلِحهم؛ فأحلَّه لهم واباحه تفضُّلاً منه عليهم لمصلحتهم، وعَلِم ما يضرُّهم فنهاهم عنه وحرَّمه عليهم) (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج1.

٢٦٩

ترحيب المسلمين بتحريم الخَمر

ذات يوم دعا سعد بن أبي وقَّاص أحد الأنصار، وكان قد تآخى معه فتناولا الطعام والشراب وسكر الاثنان، وهُما في حالةِ السُّكر ذكرا مَفاخر الجاهليَّة، وبالتدريج وصل الأمر بينهما إلى الشِّجار، فتناول الأنصاري عِظام فَكِ بعيرٍ كان على المائدة وضرب به وجه سعد فَشَجَّ له أنفه.

بعد هذه الحادثة نزلت آية منع الخَمر: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ ) (المائدة: 90 - 91).

مع نزول آية التحريم زالت عادة شِرب الخَمر وصناعتها، ورحَّب الناس بهذا الأمر الإلهيِّ ترحيباً حارَّاً، وأراقوا الخمر التي في بيوتهم، وحطَّموا كوؤس الشراب، بحيث إنَّ رائحة الخَمر كانت تُشتُّم في طُرقات المدينة عِدَّة أيَّام.

عندما أعلن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أمر التحريم، كان هناك شابٌّ أسرع إلى المنزل ليُخبر والديه بالخبر، وعندما وصل إلى المنزل وجد أباه مع عددٍ مِن الضيوف يتساقون الخَمر، وكان الأبّ يُقرِّبُ قدح الخمر مِن فَمهِ، فصاح فيه الابن: لا تشرب يا أبه؛ لأنَّ الله سبحانه قد حَرَّم شِرب الخَمر، فأطاع الأبّ فوراً وجمع مائدة الشراب، وهكذا فعل بقيَّة المسلمين (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج1.

٢٧٠

هدانا الله بأحمدَ المهديِّ النبيِّ

كان عمرو بن الجَموح سيِّداً مِن سادات بني سلمة، وشريفاً مِن أشرافهم، وكان قد اتَّخذ في داره صَنماً مِن خشب يُقال له: (مَناة) كما كانت الأشراف تصنع، تتَّخذ إلهاً تُعظِّمه وتُقدِّسه، فلمَّا أسلم فتيان مِن بني سلمة، معاذ بن جبل، وابنه معاذ بن عمرو بن الجَموح، في فتيانٍ منهم مِمَّن أسلم وشَهِد العَقبة، كانوا يُدلجون بالليل على صنم عمرو ذلك، فيحملونه ويطرحونه في بعض حُفر بني سلمة - وفيها عذر الناس - مُنكَّساً على رأسه، فإذا أصبح عمرو قال: ويلَكم! مَنْ عدا على آلهتنا هذه الليلة؟

ثمَّ يغدو يتلمَّسه حتَّى إذا وجده غسله وطهَّرهُ وطيَّبه، ثمَّ قال: أما والله، لو أعلم مَن فعل هذا بك لأُخزينَّه، فإذا أمسى عمرو ونام عدوا عليه، ففعلوا به مِثل ذلك، فيغدو فيجده في مِثل ما كان فيه مِن الأذى، فيغسلهُ ويُطهِّره ويُطيِّبهُ، ثمَّ يعدون عليه إذا أمسى فيفعلون به مِثل ذلك، فلمَّا أكثروا عليه استخرجه مِن حيث ألقوه يوماً فغسلهُ وطَهَّرهُ وطَيَّبهُ، ثمَّ جاء بسيفه فعلَّقه عليه، ثمَّ قال: إنِّي - والله - ما أعلم مَن يصنع بك ما ترى، فإنْ كان فيك خير فامتنع، فهذا السيف معك.

فلمَّا أمسى عمرو ونام، عدوا عليه، فأخذوا السيف مِن عُنقه ثمَّ أخذوا كلباً مَيِّتاً فقرنوه به...، ثمَّ ألقوه في بئر مِن آبار بني سلمة فيها عَذر مِن عَذر الناس، ثمَّ غدا عمرو بن الجموح فلم يجده في مكانه الذي كان به.

فخرج يتبعه حتَّى وجده في تلك البئر مُنكَّساً مقروناً بكلبٍ مَيِّتٍ، فلمَّا رآه وأبصر شأنه، وكلَّمه مَن أسلم مِن قومه فأسلم برحمة الله، وحَسُنَ إسلامُهُ، فقال - حين أسلم وعرف مِن الله ما عرف، وهو يذكر صنمه ذلك وما أبصر مِن أمره، ويشكر الله تعالى الذي أنقذه مِمَّا كان فيه مِن العَمى والضلالة ـ:

٢٧١

والله لـو كـنت إلهاً لم تكنْ

أنت وكلبٌ وسْطَ بئرٍ في قَرَنْ

أفٍّ لـمَلقاك إلـهاً مُـسْتَدَنْ

الآن فتَّشناك عن سوء الغَبَنْ

الـحمد لـله العليِّ ذي المِنن

الـواهب الرزَّاق ديَّان الدِّيَنْ

هـو الـذي أنـقذني مِن أنْ

أكـون في ظُلْمَةِ قَبرٍ مُرتَهَنْ

بأحمدَ المهديِّ النبيِّ المؤتَمن (1)

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج1.

٢٧٢

ما رأيت مُعلِّماً أرفق مِن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)

كان الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) يتصرَّف برِفقٍ لهداية الناس، ويُذكِّرهم بالتعاليم الإصلاحيَّة بكلِّ أدبٍ ولين، وهذا العمل بحدِّ ذاته كان مِن عوامل نفوذ كلامه (صلى الله عليه وآله) في قلوب الناس.

عن هلال بن الحكم قال: لمَّا قَدِمت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) علمت أُموراً مِن أُمور الإسلام، وكان فيما علمت، قيل لي: إذا عطست، فاحمد الله، وإذا عطس العاطس اطلب الرحمة له.

فبينا أنا في الصلاة خلف رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ عطس رجل، فقلت: يرحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: ما لكم تنظرون إليَّ بعين شَزَر؟! فسبَّح القوم فلمَّا قضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلاته، قال: (مَن المُتكلِّم؟).

قالوا: هذا الأعرابي، فدعاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال:

(إنَّما الصلاة للقراءة ولذكر الله عَزَّ وجَلَّ، وإذا كنت في الصلاة فليكُن ذلك حالك). قال: فما رأيت مُعلِّماً أرفق مِن رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج2.

٢٧٣

ليس لابنِ البيضاء على ابنِ السوداء فَضلٌ

كان أبو ذر الغفاري مِن الرجال الإلهيِّين، ومِن الأصحاب المُحترمين للرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وذات يوم زلَّ في الكلام أمام الرسول (صلى الله عليه وآله) بحَقِّ بلال بن رباح الحبشي، فقال له: يا بن السوداء إشارة إلى أُمِّه.

غضب لها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وألقاها في وجه أبي ذر عنيفةً مُخفية: (يا أبا ذر، طُفَّ الصَّاعُ! ليس لابنِ البيضاء على ابنِ السوداء فضل).

أيْ أنْ لا يتصوَّر البِّيض أنَّهم أفضل مِن السود، بلْ إنَّ جميعهم مُتساوون وأفضلهم مَن اتَّصف بالإنسانيَّة والعلم والتقوى، وسار في طريق الفضائل لنيل الكمال اللائق به (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج2.

٢٧٤

مشورةٌ في وقتها

خالد البرمكي كان مِن أصحاب الرأي والمَشورة، وربطته مع قحطبة عَلاقات اجتماعيَّة. وقد استفاد قحطبة، خلال أيَّام حُكمه، مِن الآراء والأفكار الصائبة لخالد، ومنها:

عندما وصلت الأنباء عن استعداد ابن ضبارة لقتال قحطبة، وأنَّ جيشه عبر الحدود ودخل أراضي قحطبة، تلقَّى الأخير هذه الأنباء بقَلقٍ شديدٍ، فجهَّز خمسين ألف فارس تجهيزاً كاملاً، وتحرَّك حتَّى وصل قُرب الحدود، ولكنَّه لم يجد أثراً لجيش العدوِّ، فاطمأنَّ وأمر جنوده بالاستراحةِ في أرضٍ واسعةٍ مكشوفةٍ، وعزم على البقاء في تلك المنطقة عِدَّة أيَّام.

يقول خالد: ذات ليلة كنت جالساً في خيمتي، فإذا بغزال يُسرع فجأة نحو الخيمة خائفاً مُضطرباً، فقام مَن كان موجوداً في الخيمة للإمساكِ بالغزال، فأمرتهم أنْ يكفُّوا عن الغزال ويُسرعوا لوضع السروج على الخيول ويستعدُّوا للقتال؛ لأنَّ العدوَّ قريب مِنَّا. وأسرعتُ إلى قحطبة وقلت له: أصدر أمرك إلى الجنود ليستعدُّوا؛ فابن ضبارة وجيشه يقتربون مِنَّا. أصدر أوامره، وخرج الجنود مِن الخِيم، وأعدُّوا الخيول واستعدُّوا للقتال، ولم يطل الأمر حتَّى وصل جيش ابن ضبارة، وكان جنودنا مُستعدِّين، وفاجأوا جيش العدوِّ وهجموا عليهم، واحتدم قتال شديد، فقُتِل ابن ضبارة، وكان الانتصار الكبير مِن نصيب جيش قحطبة.

بعد انتهاء القتال سألني قحطبة: مَن أخبرك بقدوم جيش العدوِّ؟!

قلت: لم يُخبرني أحد، ولكنَّني رأيت غزالاً خائفاً في الليل يركضُ داخلاً خيمتي، وكنت أعلم أنَّ الغزال الوحشي يخاف مِن الإنسان، ولكنَّه لا يقترب منه إلاَّ في الأوقات التي يحسُّ فيها بخطر، ثمَّ إنَّ الغزال لا يترك مكانه ولا يبتعد عن

٢٧٥

تلك المنطقة مُسرعاً في ظلام الليل، علمت أنَّ وراءه جيش كبير مُخيف يتحرَّك؛ ولذا التجأ إلينا مِن خوفه.

فتعجَّب قحطبة لذكاء خالد وسُرعة فَهمِهِ؛ فأثنى عليه كثيراً ومنحه الجوائز والعطايا وقرَّبَهُ إليه (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج2.

٢٧٦

مَن يبخل بفضله يُستغَن عنه ويُذمَّ

كان هناك رجل قويٌّ حُكم منطقةً واسعةً مِن الهند، وكان مولعاً بجمع المال والثروة، مُعتقداً أنَّ الغِنى يعني القوَّة؛ ولذا يُحبُّ أنْ يسعى كثيراً ليزيد مِن ثروته، فيزيد بهذه الطريقة قُدرته وقوَّته.

كان لهذا الحاكم وزير عاقل وذكيٌّ مُخالف لطريقته، فكان يستغلُّ كلَّ فرصة تسنح لينصح الحاكم في أنْ يُعطي مِن ثروته للناس؛ ليكسب قلوبهم ويبعث فيهم السرور، ويجذب إلى نفسه الأنظار، فكان يقول له: ضَحِّ بشيءٍ مِن ثروتك؛ كي لا يتمرَّد عليك الجيش ويسوء حاله، فالمال لا يخلق الرجال ولكنْ بإمكان الرجل أنْ يحصل على الكثير مِن المال.

ورغم أنَّ الوزير عَلِم أنَّ الحاكم قد أغاظه تكرار نصحه، لكنَّه لم يكفَّ عن أداء واجبه واستمرَّ في تقديم نصائحه.

وذات يوم أصرَّ الوزير أكثر مِن الأيَّام السابقة على نصائحه، وبدون أنْ يُجيب الحاكم على الوزير أمر بإحضار قدح مِن العَسل، ثمَّ وضعه أمام الوزير، ولم يمضِ وقت طويل حتَّى اجتمع ذُباب كثير على العَسل، بعد أنْ شاهد الوزير ذلك طلب الإذن بالانصراف، وخرج مِن المجلس وهو يقول في نفسه: لقد عرفت ما يقصده الحاكم، فقد أراد إفهامي أنَّ الذهب كالعسل، فكما يجتمع الذُّباب على العسل، يجتمع الناس بوجود الذهب، ولهذا السبب بادرتُ إلى جمع الثروة.

وصبر الوزير حتَّى المساء، وعندما أرخى الليل سدوله مَلأ قدحاً بالعسل وأخذه إلى بيت الحاكم، وطلب اللقاء به لأمرٍ مُهمِّ، فَسُمِح له، ومَثُلَ أمام الحاكم ووضع قدح العسل أمامه على الأرض، وجلس هو على جانب في صمت وبما أنَّ الوقت كان ليلاً، لم تقترب ذُبابة واحدة مِن العسل، وبعد ساعةٍ تحدَّث الوزير

٢٧٧

وقال: أيُّها الحاكم الكبير، إنَّ الناس يأتون لأخذ الذهب عندما يُعطى لهم، تماماً مِثل الذُّباب عندما يجتمع على العسل في النهار، أمَّا في غير وقتهِ فلا يوجد مَن يهتمُّ بالذهب تماماً، مِثل هذا الليل المُظلم لا توجد ذُبابة واحدة تحطُّ على العسل.

اهتزَّ الحاكم بشِدَّة لكلام الوزير الذكي، وانتبه لنفسه، وما كان منه إلاَّ أنْ أثنى عليه واستحسنه، وشمله بعطفه وعنايته الخاصَّة. بعد ذلك سلك الحاكم أُسلوباً جديداً، إذ بدأ يبذل ثروته في سبيل رفاه الناس وتحسين معيشة جنوده وموظَّفيه، وهكذا اكتسب قلوب الناس ومحبَّتهم له (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج2.

٢٧٨

التحرُّز عن الزَّلل والخطأ أمام الأعداء

كان هناك رجل يُدعى جميل يعمل كاتباً لسنواتٍ طويلة في بلاطِ الساسانيِّين، وقد أدرك عصر الإمام علي (عليه السلام)، وفي زمن خلافته (عليه السلام) كان جميل قد بلغ أرذل العمر وعندما عاد أمير المؤمنين (عليه السلام) مِن النهروان، وسأل عن حال جميل أخبروه أنَّه لا زال على قيد الحياة، فأمر بإحضاره، وعند مثوله بين يدي الإمام علي (عليه السلام)، وجده الإمامُ (عليه السلام) يحتفظ بذكائِهِ، ولم يفقد إلاَّ بصره فسأله (عليه السلام): (كيف ينبغي للإنسانِ - يا جميل - أنْ يكون؟).

قال: يجب أنْ يكون قليل الصديق كثير العدوِّ.

ـ (أحسنتَ يا جميل، فقد أجمع الناس على أنَّ كثرة الأصدقاء أولى).

فقال: ليس الأمر على ما ظنُّوا؛ فإنَّ الأصدقاء إذا كُلِّفوا السعي في حاجة الإنسان لم ينهضوا بها كما يجب وينبغي.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (قد امتحنت هذا فوجدته صواباً. فما منفعة كثرة الأعداء؟).

قال: إنَّ الأعداء إذا كثروا يكون الإنسان مُتحرِّزاً أنْ ينطق بما يؤاخَذ عليه، أو تبدر منه زَلَّة يؤاخَذ عليها، فيبقى على هذه الحالة سليماً مِن الخطايا والزَّلل. فاستحسن ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) (1) .

____________________

(1) الشيوخ والشباب، ج2.

٢٧٩

كفرتْ بأنعُم الله فأذاقها لِبَاس الجُوع والخَوف

كانت الخيزران أُمُّ الهادي والرشيد في دارها المعروفة اليوم بأشناس، وعندها أُمَّهات أولاد الخُلفاء وغيرهنَّ مِن بنات بني هاشم، وهي على بساطٍ أرمنيٍّ وهُنَّ على نمارق أرمنيَّة، وزينب بنت سليمان بن علي أعلاهُنَّ مرتبة، فبينا هُنَّ كذلك إذ دخل خادم لها فقال:

بالباب امرأة ذات حُسنٍ وجَمال في أطمار رَثَّةٍ، تأبى أنْ تُخبر باسمها وشأنها غيركنَّ، وتروم الدخول عليكنَّ، وقد كان المهدي تقدَّم إلى الخيزران بأنْ تَلزم زينب بنت سليمان بن علي، وقال لها: اقتبسي مِن آدابها، وخُذي مِن أخلاقها؛ فإنَّها عجوز لنا قد أدركت أوائلنا، فقالت الخيزران للخادم: ائذَن لها، فدخلت امرأة ذات بَهاء وجَمال في أطمار رَثَّةٍ، فتكلَّمت فأوضحت عن بيان، قالوا لها: مَن أنت؟ قالت: أنا مُزنَة امرأة مروان بن محمد، وقد أصارني الدهر إلى ما تَرَيْنَ. ووالله، ما لأطمار الرثَّة التي عليَّ إلاَّ عارية، وإنَّكم لمَّا غلبتمونا على هذا الأمر وصار لكم دوننا، لم نأمَن مِن مُخالطة العامَّة على ما نحن فيه مِن الضرر على بادرة إلينا ذيل موضع الشرف، فقصدناكم لنكون في حِجابكم على أيَّة حالة كانت، حتَّى تأتي دعوة مِن له الدعوة، فاغرورقت عَيْنَا الخيزران ونظرت إليها زينب بنت سليمان بن علي، فقالت لها: لا خفّف الله عنك يا مزنة، أتذكرين وقد دخلت عليك بحرَّان وأنت على هذا البساط بعينه، ونساء قرابتكم على هذه النمارق، فكلَّمتك في جثّة إبراهيم الإمام، فانتهرتيني وأمرت بإخراجي، وقلت: ما للنساء والدخول على الرجال في آرائهم؟! فوالله، لقد كان مروان أرعى للحَقِّ منك؛ لقد دخلت إليه فحلف أنَّه ما قتله، وهو كاذب، وخيَّرني بين أنْ يدفنه أو يدفع إليَّ جُثَّته وعرض عليَّ مالاً فلم أقبله.

فقالت مزنة: والله، ما نظنُّ هذا الحالة أدَّتني إلى ما ترينه إلاّ بالفِعال التي كانت منِّي وكأنَّكِ استحسنتِه، فحرَّضت الخيزران على فعل مثله، إنَّما كان يجب أنْ تُحضيها على فعل الخير

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469