مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل12%

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل مؤلف:
تصنيف: متون حديثية
الصفحات: 469

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧
  • البداية
  • السابق
  • 469 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 291047 / تحميل: 5090
الحجم الحجم الحجم
مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل

مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل الجزء ٩

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

7 - فرض البيعة بالقوّة ليزيد الفاجر:

لقد كانت الخلافة أيام أبي بكر وعمر وعثمان ذات مسحة إسلامية وكانوا يحكمون تحت شعار خلافة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

على أنّ معاوية حينما بدأ بالسيطرة على زمام السلطة فإنّه - رغم الخداع والتضليل الذي عرفنا شيئاً عنه - لم يجترئ على تحدّي الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ورسالته بشكل علني وصريح في بداية حكمه; إذ كان يستغل المظاهر الإسلامية لإحكام القبضة ولتحقيق مزيد من السيطرة على رقاب أبناء الأمة الإسلامية. ومن هنا وصف معاوية بالدهاء والذكاء المفرط; لأنه كان يُلبس باطله لباساً إسلامياً.

ولكن تحميله ليزيد الفاجر المعلن بفسقه على الأمة جاء هتكاً صريحاً للقيم الإسلامية واستهتاراً واضحاً لعرف المسلمين؛ وذلك لما عرفه المسلمون جميعاً من أنّ الخلافة الإسلامية ليست حكماً قيصرياً ولا كسروياً لينتقل بالوراثة، ولا يستحق هذا المنصب إلاّ العالم بالكتاب والسنّة، العامل بهما والقادر على تحقيق أهداف الرسالة الإسلامية وتطبيق أحكامها.

هذا مضافاً إلى أنّ فرض البيعة ليزيد على المسلمين كان جريمة كبرى ذات أبعاد اجتماعية وسياسية خطيرة تنتهي بتصفية الإسلام ومحوه من على وجه الأرض، لولا ثورة الإمام الحسينعليه‌السلام سبط الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله الحافظ لدين جدّه من الضياع والدمار.

ولأجل الوقوف على عظمة هذه الجريمة; لابدّ أن نعرف أوّلاً من هو يزيد؟ وما هو السبب الذي جعله غير صالح للخلافة؟ ولماذا يكون فرض بيعته عدواناً صريحاً على الإسلام وارتداداً عنه وعودة إلى الجاهلية التي ناهضها الإسلام؟

١٠١

البحث الثاني: من هو يزيد بن معاوية؟

قبل الحديث عن تولّي يزيد للحكم وموقف الإمام الحسينعليه‌السلام من ذلك لابدّ وأن نعرف من هو يزيد في منظار الإسلام والمسلمين؟ وما هو رأي الإسلام في البيت الأموي بصورة عامة؟

لا يشك أحد من الباحثين والمؤرّخين في أنّ الأمويين كانوا من ألدّ أعداء الإسلام وأنكد خصومه منذ أن بزغ فجره وحتى آخر مرحلة من مراحل حكمهم. وأنهم لم يدخلوا فيه إلاّ بعد أن استنفدوا جميع إمكاناتهم في محاربته حتّى باؤوا بالفشل. ولمّا دخلوا فيه مرغمين أخذوا يخطّطون لتشويه معالمه وإعادة مظاهر الجاهلية بكلّ أشكالها بأسلوب جديد وتحت ستار الإسلام.

وكان معاوية يرتعش جزعاً ويضجر عندما كان يسمع النداء باسم النبي محمد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ويشعر بانطلاق هذا الاسم المبارك في أجواء العالم الإسلامي من أعلى المآذن في كلّ يوم.

وهكذا كان غيره من حكّام ذلك البيت الذين حكموا باسم الإسلام وهم يعملون على تقويضه وإبرازه على غير واقعه وتشويه قوانينه وتشريعاته ومُثله.

ويزيد بن معاوية الذي وقف الإمام الحسينعليه‌السلام منه ذلك الموقف الخالد كان كما يصفه المؤرّخون والمحدّثون مستهتراً إلى حدّ الإسراف في الاستهتار، وممعناً في الفحشاء والمنكرات إلى حدّ الغلوّ في ذلك(1) .

____________________

(1) سيرة الأئمّة الاثني عشر: 2 / 41.

١٠٢

ولادة يزيد ونشأته وصفاته:

ولد يزيد سنة (25 أو 26 هـ )(1) وأمه ميسون بنت بجدل الكلبية، وقد ذكر المؤرّخون: أنّ ميسون بنت بجدل الكلبية أمكنت عبد أبيها من نفسها، فحملت بيزيد (لعنه الله) وإلى هذا أشار النسّابة الكلبي بقوله:

فإن يكن الزمان أتى علينا

بقتل الترك والموت الوحي

فقد قَتل الدعيُّ وعبدُ كلب

بأرض الطف أولادَ النبي

أراد بالدعيّ عبيد الله بن زياد لعنه الله... ومراده بعبد كلب يزيد بن معاوية، لأنّه من عبد بجدل الكلبي(2) .

وفيما يتّصل بصفاته الجسميّة فقد وصفه ابن كثير - في بدايته - بأنّه كان كثير اللحم عظيم الجسم وكثير الشعر مجدوراً(3) .

أمّا صفاته النفسية فقد ورث صفات الغدر والنفاق والطيش والاستهتار من سلفه، حتّى قال المؤرّخون: وكان يزيد قاسياً غدّاراً كأبيه، (إن كان من معاوية طبعاً) ولكنّه ليس داهيةً مثله، كانت تنقصه القدرة على تغليف تصرّفاته القاسية بستار من اللباقة الدبلوماسية الناعمة، وكانت طبيعته المنحلّة وخُلقه المنحطّ لا تتسرّب اليها شفقة ولا عدل. كان يقتل ويعذّب نشواناً للمتعة واللّذة التي يشعر بها، وهو ينظر إلى آلام الآخرين، وكان بؤرة لأبشع الرذائل، وها هم ندماؤه من الجنسين خير شاهد على ذلك، لقد كانوا من حثالة المجتمع(4) .

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 179.

(2) بحار الأنوار: 44 / 309.

(3) سيرة الأئمّة الاثني عشر: 2 / 42.

(4) حياة الإمام الحسين: 2 / 181 - 182.

١٠٣

وقد نشأ يزيد عند أخواله في البادية من بني كلاب الذين كانوا يعتنقون المسيحية قبل الإسلام، وكان مرسل العنان مع شبابهم الماجنين فتأثّر بسلوكهم إلى حد بعيد، فكان يشرب معهم الخمر ويلعب معهم بالكلاب.

ولع يزيد بالصيد:

ومن مظاهر صفات يزيد ولعه بالصيد، فكان يقضي أغلب أوقاته فيه، قال المؤرّخون: كان يزيد بن معاوية كلفاً بالصيد لاهياً به، وكان يُلبِسُ كلابَ الصيد الأساورَ من الذهب والجلال المنسوجة منه، ويهب لكلّ كلب عبداً يخدمه(1) .

شغفه بالقرود:

وكان يزيد - فيما أجمع عليه المؤرّخون - ولعاً بالقرود، وكان له قرد يجعله بين يديه ويكنّيه بأبي قيس، ويسقيه فضل كأسه، ويقول: هذا شيخ من بني اسرائيل أصابته خطيئة فمسخ، وكان يحمله على أتان وحشية ويرسله مع الخيل في حلبة السباق، فحمله يوماً فسبق الخيل فسرّ بذلك وجعل يقول:

تمسّك أبا قيس بفضل زمامها

فليس عليها إن سقطتَ ضمانُ

فقد سبقتَ خيل الجماعة كلّها

وخيل أمير المؤمنين أتانُ

وأرسله مرّةً في حلبة السباق فطرحته الريح فمات فحزن عليه حزناً شديداً، وأمر بتكفينه ودفنه كما أمر أهل الشام أن يعزّوه بمصابه الأليم، وأنشأ راثياً له:

كم من كرام وقوم ذوو محافظة

جاءوا لنا ليعزوا في أبي قيس

____________________

(1) راجع الفخري لابن الطقطقي: 45، وتاريخ اليعقوبي: 2/230، وتاريخ الطبري: 4/368، والبداية والنهاية: 8/236 - 239.

١٠٤

شيخ العشيرة أمضاها وأجملها

على الرؤوس وفي الأعناق والريس

لا يُبعد الله قبراً أنت ساكنه

فيه جمال وفيه لحية التيس(1)

وذاع بين الناس هيامه وشغفه بالقرود حتى لقّبوه بها، ويقول رجل من تنوخ هاجياً له:

يزيد صديق القرد ملّ جوارنا

فحنّ إلى أرض القرود يزيد

فتبّاً لمن أمسى علينا خليفة

صحابته الأدنون منه قرود(2)

إدمانه على الخمر:

والظاهرة البارزة من صفات يزيد إدمانه على الخمر حتى أسرف في ذلك إلى حد كبير، فلم يُرَ في وقت إلاّ وهو ثمل لا يعي من فرط السكر، ومن شعره في الخمر:

أقول لصحب ضمّت الخمر شملهم

وداعي صبابات الهوى يترنّم

خذوا بنصيب من نعيم ولذّة

فكلّ وإن طال المدى يتصرّم(3)

وينقل المؤرّخون عن عبد الله بن حنظلة الذي خرج على يزيد بعد أن اصطحب وفداً من أهل المدينة إلى الشام في أعقاب استشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام وصفه ليزيد بقوله: والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نُرمى بالحجارة من السماء، إنّه رجل ينكح الاُمهات والبنات والأخوات، ويشرب الخمر ويدع الصلاة، والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت لله بلاءً حسناً(4) .

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 182، نقلاً عن جواهر المطالب: 143.

(2) أنساب الأشراف: 2 / 2.

(3) حياة الإمام الحسين: 2 / 183، نقلاً عن تأريخ المظفري.

(4) تأريخ ابن عساكر: 7 / 372، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 81.

١٠٥

وقال أعضاء الوفد: قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر ويعزف بالطنابير ويلعب بالكلاب(1) .

ونقل عن المنذر بن الزبير قوله في وصفه: والله إنّه ليشرب الخمر، والله إنّه ليسكر حتى يدع الصلاة(2) .

ووصفه أبو عمر بن حفص بقوله: والله رأيت يزيد بن معاوية يترك الصلاة مسكراً...(3)

ويتبدّى الكفر في وصفه للخمر في الأبيات الآتية:

شميسة كرم برجها قعردنِّها

ومشرقها الساقي ومغربها فمي

اذا اُنزلت من دنِّها في زجاجة

حكت نفراً بين الحطيم وزمزمِ

فإن حَرُمَتْ يوماً على دين أحمد

فخذها على دين المسيح ابن مريمِ(4)

وعنه قال المسعودي: وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب وقرود وفهود ومنادمة على الشراب، وجلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد وذلك بعد قتل الحسين، فأقبل على ساقيه فقال:

إسقني شربةً تُروّي مُشاشي

ثم مِلْ فاسقِ مثلها ابن زيادِ

صاحب السرّ والأمانة عندي

ولتسديد مغنمي وجهادي

ثم أمر المغنّين فغنّوا، وغلب على أصحاب يزيد وعمّاله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة، واستعملت الملاهي وأظهر الناس شرب الشراب(5) .

____________________

(1) تأريخ ابن عساكر: 7 / 372، وتأريخ الخلفاء للسيوطي: 81.

(2) البداية والنهاية: 8 / 216، الكامل لابن الأثير: 4 / 45.

(3) المصدر السابق.

(4) تتمة المنتهى: 43.

(5) مروج الذهب: 2 / 94.

١٠٦

ويؤكّد في مكان آخر: وكان يسمّى يزيد السكران الخمّير(1) .

وكان ليزيد جماعة من الندماء الخليعين والماجنين يقضي معهم لياليه الحمراء بين الشراب والغناء (وفي طليعة ندمائه الأخطل الشاعر المسيحي الخليع، فكانا يشربان ويسمعان الغناء، وإذا أراد السفر صحبه معه، ولمّا هلك يزيد وآل أمر الخلافة إلى عبد الملك بن مروان قرّبه، فكان يدخل عليه بغير استئذان، وعليه جبّة خزّ، وفي عنقه سلسلة ذهب، والخمر يقطرمن لحيته)(2) .

إن مطالعة الحياة الماجنة ليزيد في حياة أبيه تكفي لفهم دليل امتناع عامة الصحابة والتابعين من الرضوخ لبيعة يزيد بالخلافة.

إنّ نوايا يزيد ونزعاته المنحرفة قد تجلّت بشكل واضح خلال فترة حكمه القصيرة، حتى أنّه لم يبال بإظهار ما كان يضمره من حقد للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وما كان ينطوي عليه من إلحاد برسالتهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد أن دنّس يديه بقتل سبط الرسول وريحانته أبي عبد الله الحسينعليه‌السلام وهو متسلّط - بالقهر - على رقاب المسلمين باسم الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله .

إلحاد يزيد وحقده على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

لقد أترعت نفس يزيد بالحقد على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله والبغض له، لأنّه وتره باُسرته يوم بدر، ولمّا أباد العترة الطاهرة جلس على أريكة الملك جذلان مسروراً، فقد استوفى ثأره من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وتمنّى حضور أشياخه ليروا كيف أخذ بثأرهم، وجعل يترنّم بأبيات عبد الله بن الزبعرى:

ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الأسلْ

____________________

(1) مروج الذهب: 2 / 94.

(2) الأغاني لأبي الفرج الإصفهاني: 7 / 170.

١٠٧

لأهلّوا واستهلّوا فرحاً

ثم قالوا يا يزيد لا تشلْ

قد قتلنا القرم من أشياخهم

وعدلناه ببدر فاعتدلْ

لعبت هاشم بالملك فلا

خبر جاء ولا وحي نزلْ

لست من خندف إن لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعلْ(1)

بل إنّ يزيداً جاهر بإلحاده وكفره عندما تحرّك عبد الله بن الزبير ضدّه في مكة، فقد وجّه جيشاً لإجهاض تحرّك ابن الزبير وزوّده برسالة إليه، ورد فيها البيت الآتي:

ادع إلهك في السماء فإنّني

أدعو عليك رجال عك وأشعرا(2)

جرائم حكم يزيد:

ذكر المؤرّخون أنّ يزيد ارتكب خلال فترة حكمه القصيرة التي لم تتجاوز ثلاث سنين ونصف، ثلاث جرائم مروّعة لم يشهد لها التأريخ نظيراً، بحيث لم تسوّد تأريخ الأمويين إلى الأبد فحسب; وإنّما شوّهت تأريخ العالم الإسلامي كذلك، ومن هذه الجرائم:

1 - انتهاك حرمة أهل بيت الوحي بقتل الإمام الحسين السبطعليه‌السلام ومن معه من أسرته وأصحابه وسبي نسائه وأطفاله وعرضهم على الجماهير من بلد إلى بلد سنة (61 هـ ) وهم ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وملايين المسلمين تقدّسهم وتذكر فيهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وكلّ ما في الإسلام من حقّ وخير.

2 - إقدامه بعد ملحمة عاشوراء على انتهاك حرمة مدينة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وقتل أهلها وإباحة أعراضهم لجيش الشام، لأنّهم استعظموا قتل الإمام

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 187، نقلاً عن البداية والنهاية: 8 / 192.

(2) مروج الذهب: 2 / 95.

١٠٨

الحسينعليه‌السلام وأنكروه عليه.

3 - إقدامه على حصار مكّة وتدمير الكعبة وقتل آلاف الأبرياء في الحرم الذي جعله الله حراماً وآمناً.

السرّ الكامن وراء نزعات يزيد الشرّيرة:

رجّح بعض المؤرّخين أنّ بعض نساطرة النصارى تولّى تربية يزيد وتعليمه، فنشأ نشأةً سيّئة ممزوجةً بخشونة البادية وجفاء الطبع، وقالوا: إنّه كان من آثار تربيته المسيحية أنّه كان يقرّب المسيحيين ويكثر منهم في بطانته الخاصة، وبلغ من اطمئنانه إليهم أن عهد بتربية ولده إلى مسيحي، كما اتّفق على ذلك المؤرّخون(1) .

ولا يمكن أن تعلّل هذه الصلة الوثيقة وتعلّقه الشديد بالأخطل وغيره إلاّ بتربيته ذات الصبغة المسيحية. هكذا حاول بعض المؤرّخين والكتّاب أن يعلّل استهتار يزيد بالإسلام ومقدّساته وحرماته.

وهذا التعليل يمكن أن يكون له ما يسوّغه لو كانت لحياة البادية وللتربية المسيحية تلك الصبغة الشاذّة التي برزت في سلوك يزيد من مطلع شبابه إلى أن أصبح وليّاً لعهد أبيه وحاكماً من بعده.

في حين أن العرب في حاضرتهم وباديتهم كانت لهم عادات وأعراف كريمة قد أقرّها الإسلام كالوفاء وحسن الجوار والكرم والنجدة وصون الأعراض وغير ذلك ممّا تحدّث به التأريخ عنهم، ولم يعرف عن يزيد شيء من ذلك، كما وأنّ التأريخ لم يحدّث عنهم بأنّهم استحلّوا نكاح الأخوات والعمّات كما حدّث التأريخ عنه. والذين ولدوا في البادية على النصرانية طيلة

____________________

(1) سيرة الأئمّة الاثني عشر: 2 / 42 وراجع أيضاً: حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2 / 180. عن المناقب: 71 للقاضي نعمان المصري، وسمو المعنى في سموّ الذات: 59 العلائلي.

١٠٩

حياتهم قبل الفتح الإسلامي وعاشوا في ظلّ أعرافها وعاداتها حينما دخلوا في الإسلام تغلّبوا على كلّ ما اعتادوه وألفوه عن الآباء والأجداد.

فلابدّ إذن من القول بأنّ لذلك الانحراف الشديد والوبيء في شخصية يزيد وسلوكه سبباً وراء التربية والحضانة المسيحية.

إلى هنا نكون قد وقفنا على صورة واضحة عن واقع شخصية يزيد المنحرفة عن خطّ الإسلام انحرافاً لا يسوغ لأيّ مسلم الانقياد لها والسكوت عليها ما دام الإسلام يمنع الإباحية والفسق ويدعو إلى العدل والتقوى، ويحاول تحقيق مجتمع عامر بالتقوى، ويريد للمسلمين قيادة تحرص على تحقيق أهداف الإسلام المُثلى.

ومن هنا كان علينا أن نطالع بدقّة كل مواقف الإمام الحسينعليه‌السلام باعتباره القائد الرسالي الحريص على مصالح الرسالة والأمة الإسلامية وندرس تخطيطه الرسالي للوقوف أمام الانحراف الهائل الذي كان يمتدّ بسرعة في أعماق المجتمع الإسلامي آنذاك.

١١٠

الفصل الثاني:

مواقف الإمام الحسينعليه‌السلام وإنجازاته

البحث الأوّل: موقفهعليه‌السلام من البيعة ليزيد

1 - دعوة انتهازية وخطّة شيطانية:

عندما ارتفعت راية الحقّ مرفرفةً فوق ربوع مكّة ومعلنةً عن انتصارها; دخل أبو سفيان ومعاوية في الإسلام ونار الحقد تستعر في قلبيهما ونزعة الثأر من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيتهعليهم‌السلام تكمن في صدريهما، فتحوّلا من كونهما كافرين إلى كونهما مستسلِمَين طليقين من طلقاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله . ولم يطل العهد حتى حكم عثمان بن عفان فتسرّب ما كان مختبئاً في القلب وظهر على لسان أبي سفيان وهو يخاطب عثمان بقوله: صارت إليك بعد تيم وعديّ فأدرها كالكرة فإنّما هو الملك ولا أدري ما جنّة ولا نار(1) .

وخاطب أبو سفيان بني أمية ثانيةً: يا بني أمية! تلقّفوها تلقّف الكرة، فو الذي يحلف به أبو سفيان مازلت أرجوها لكم، ولتصيرنّ إلى صبيانكم ورثة(2) .

وحين أطلّ معاوية من نافذة السقيفة على كرسيّ الحكم بانت نتائج

____________________

(1) الاستيعاب: 2 / 690.

(2) مروج الذهب: 1 / 440، تأريخ ابن عساكر: 6 / 407.

١١١

الانحراف واتّضحت خطورته; فإنّه قد لاحظ، أنّ أبا بكر وعمر وعثمان قد ملكوا قبله ولم تسمح لهم الظروف بإعادة صرح الجاهلية من جديد، ولا زال صوت الحقّ هادراً كلّ يوم بالتوحيد وبالرسالة لمحمّد بن عبد اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) .

كما أنّ الانحراف السياسي الذي ولّدته السقيفة وتربّت عليه فئات من الأمة استثمره معاوية أيّما استثمار، فقد احتجّ على الناس بأنّ أبا بكر بويع بدون نصّ سماويّ أو أمر من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأنّه خالف سيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ جعل عمر خليفةً من بعده، وصنع عمر ما لم يصنعه قبله وخالف بذلك الله ورسوله وأبا بكر. ووفق هذا المنطق فإنّ الأمة ومصير الرسالة الإسلامية تكون ألعوبة بيد معاوية يسوسها كيف يشاء. من هنا قرّر أن يبايع بالخلافة ليزيد(2) من بعده.

وقد خلت الساحة السياسية للزمرة الأُموية بعد فتن ومصاعب أشعلها معاوية مستغلاًّ جهالة طبقات من الأمة، وموظّفاً كلّ الطاقات التي وقفت ضدّ الإمام عليعليه‌السلام لصالحه في مواجهة تيار الحقّ بقيادة الإمام الحسنعليه‌السلام . واستأثر بالحكم بعد قتله للإمام الحسنعليه‌السلام واستهتاره بقيم الإسلام وتعاليمه. وكان حاذقاً في إحكام سيطرته وملكه، ولكنّه لم يجرؤ لإعلان خطّته تثبيتاً لملك بني أُمية باستخلاف يزيد من بعده وفي الأمة من هو صاحب الخلافة الشرعية وهو الإمام الحسنعليه‌السلام ومن بعده أخوه الإمام الحسينعليه‌السلام الذي كان على الأمة أن تعود لقيادته بعد افتقادها للحسنعليه‌السلام .

يضاف إلى ذلك أنّ أحداً من الخلفاء الثلاثة لم يوصِ بالخلافة لولده من بعده. ونظراً لما كان ينطوي عليه يزيد من ضعف واستهتار ومجون

____________________

(1) مروج الذهب: 2 / 343، وشرح النهج: 2 / 357.

(2) الإمامة والسياسة: 1 / 189.

١١٢

فقد مضى معاوية بكلّ جدٍّ ليحبك الأمر ويدبّره بطريقة يخدع بها الأمة، بل يقهرها على قبول البيعة ليزيد. من هنا بادر إلى قتل الإمام الحسن السبطعليه‌السلام وخيار المؤمنين في خطوة أُولى ليرفع بذلك أهمّ الموانع التي كانت تحول بينه وبين تنفيذ خطّته.

على أنّ أصحاب النفوس الرذيلة والمطامع الدنيوية على استعداد تام لبلوغ أتفه المطامع من أيّ طريق كان. فقد روي أنّ المغيرة بن شعبة - الذي كان والياً من قبل معاوية على الكوفة - علم بأنّ معاوية ينوي عزله فأسرع إلى نسج خيوط مؤامرة جلبت الويلات على الأمة الإسلامية وليكون بذلك سمساراً يصافق على ما لا يملك; إذ همس في أذن يزيد يمنّيه بخلافة أبيه ويزيّن له الأمر ويسهّله. ووجد معاوية أنّ خطّة شيطانية يمكن أن يكون المغيرة عاملاً لتنفيذها(1) ، فسأله مخادعاً: ومن لي بهذا؟ فردّ عليه المغيرة: أكفيك أهل الكوفة ويكفيك زياد أهل البصرة، وليس بعد هذين المصرين أحد يخالفك. وهكذا قبض المغيرة على ربح عاجل لصفقة مؤجّلة، ورجع إلى الكوفة بكلّ قوّة لينفّذ الخطّة وهو يقول: لقد وضعت رِجل معاوية في غرز بعيد الغاية على أمة محمّد(2) .

ورفض زياد بن أبيه هذه الخطّة الخبيثة; ولعلّه لما كان يلمسه من رذائل في شخصية يزيد بحيث تجعله غير صالح لزعامة الأمة. وقد أثارت هذه الخطّة مطامع أطراف أخرى من بني أُمية، فمدّ كل من مروان بن الحكم وسعيد بن عثمان بن عفان عنقه لذلك(3) .

____________________

(1) الكامل في التأريخ: 3 / 249، وتأريخ اليعقوبي: 2 / 195، والإمامة والسياسة: 2 / 262.

(2) الكامل في التأريخ: 3 / 249.

(3) وفيات الأعيان: 5 / 389، والإمامة والسياسة: 1 / 182، وتأريخ اليعقوبي: 2 / 196.

١١٣

وجمّد معاوية رسمياً وبشكل مؤقّت خطّته لأخذ البيعة ليزيد؛ وذلك ليتّخذ إجراءات أخرى تمهّد للإعلان الرسمي وفي الفرصة المناسبة لذلك.

2 - أساليب معاوية لإعلان بيعة يزيد:

لمس معاوية رفض العائلة الأُموية المنحرفة لحكم يزيد من بعده، فكيف بصاحب الحقّ الشرعي - الإمام الحسنعليه‌السلام ومن بعده الإمام الحسينعليه‌السلام - وعدد من أبناء الصحابة؟!

من هنا مضى جادّاً باتّخاذ سبل أخرى تتراوح بين مخادعة الأمة وبين قهرها بالقوّة على بيعة الخليع يزيد، ومن تلك السبل:

أ - استخدام الشعراء لإسباغ فضائل على يزيد ولبيان مقدرته وإشاعة أمره، لكي تخضع الأمة لولايته(1) ، وأوعز إلى ولاته والخطباء في الأمصار لنشر تلك الفضائل المفتعلة.

ب - بذل الأموال الطائلة وشراء ذمم المعارضين ممّن كان يقف ضدّ يزيد لا بدافع العقيدة والحرص على الإسلام وإنّما بدوافع شخصية وذاتية(2) .

ج - استقدام وفود من وجهاء الأنصار(3) ومناقشة قضية يزيد معهم لمعرفة الرافض والمؤيّد منهم، ومعرفة نقاط الضعف لكي ينفذ منها إليهم.

د - إيقاع الخلاف بين عناصر بني أُمية الطامعين في الحكم كي يضعف منافستهم ليزيد، فقد عزل عامله على يثرب سعيد بن العاص واستعمل مروان ابن الحكم مكانه، ثم عزل مروان واستعمل سعيداً(4) .

هـ - اغتيال الشخصيات الإسلامية البارزة والتي كانت تحظى باحترام

____________________

(1) الأغاني: 8 / 71، وشعراء النصرانية بعد الإسلام: 234: للويس شيخو اليسوعي.

(2) الكامل في التأريخ: 3 / 250.

(3) الكامل في التأريخ: 3 / 250.

(4) تأريخ الطبري: 4 / 18.

١١٤

كبير في نفوس الجماهير، فاغتال الإمام الحسنعليه‌السلام وسعد بن أبي وقّاص وعبد الرحمن بن خالد وعبد الرحمن بن أبي بكر(1) .

و - استخدام سلاح الحرمان الاقتصادي ضدّ بني هاشم للضغط عليهم وإضعاف دورهم، فقد حبس عنهم العطاء سنة كاملة(2) ; إذ وقفوا مع الإمام الحسينعليه‌السلام يرفضون البيعة ليزيد.

3 - محاولات الإمام الحسينعليه‌السلام لإيقاظ الأمة:

لم يخلد الإمام الحسينعليه‌السلام إلى السكون والخمول حتى عند إقراره الصلح مع معاوية، فقد تحرّك انطلاقاً من مسؤوليّته تجاه الشريعة والأمة الإسلامية وبصفته وريث النبوّة - بعد أخيه الإمام الحسنعليه‌السلام - مراعياً ظروف الأمة وساعياً إلى المحافظة عليها. وقد عمل الإمامعليه‌السلام في فترة حكم معاوية على تحصين الأمة ضدّ الانهيار التام فأعطاها من المقوّمات المعنوية القدرَ الكافي، كي تتمكّن من البقاء صامدةً في مواجهة المحن. وإليك جملة من هذه المواقف:

1 - مواجهةُ معاوية وبيعةِ يزيد.

2 - محاولة جمع كلمة الأمة.

3 - فضح جرائم معاوية.

4 - استعادة حقّ مضيّع.

5 - تذكير الأمة بمسؤوليّاتها.

____________________

(1) مقاتل الطالبيّين: 29، وتأريخ الطبري: 5 / 253، والكامل في التأريخ: 3 / 352.

(2) الكامل في التأريخ: 3 / 252، والإمامة والسياسة: 1 / 200.

١١٥

مواجهةُ معاوية وبيعة يزيد:

أعلن الإمام الحسينعليه‌السلام رفضه القاطع لبيعة يزيد وكذا زعماء يثرب، فقرّر معاوية أن يسافر إلى يثرب ليتولّى بنفسه إقناع المعارضين، فاجتمع بالإمام وعبد الله بن عباس، فأشاد بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأثنى عليه، وعرض بيعة ابنه ومنحه الألقاب الفخمة ودعاهما إلى بيعته، فانبرى الإمامعليه‌السلام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

(أمّا بعد يا معاوية فلن يؤدّي المادح وإن أطنب في صفة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وقد فهمتُ ما لبست به الخلف بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من إيجاز الصفة، والتنكّب عن استبلاغ النعت، وهيهات هيهات يا معاوية!! فضح الصبحُ فحمةَ الدجى، وبهرت الشمسُ أنوار السرج، ولقد فضّلت حتى أفرطت، واستأثرت حتى أجحفت، ومنعت حتى بخلت، وجُرت حتى تجاوزت، ما بذلت لذي حقّ من اسم حقّه من نصيب، حتى أخذ الشيطان حظّه الأوفر ونصيبه الأكمل.

وفهمتُ ما ذكرته عن يزيد من اكتماله، وسياسته لأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تريد أن توهم الناس في يزيد كأنّك تصفُ محجوباً أو تنعت غائباً، أو تخبر عمّا كان ممّا احتويته بعلم خاص، وقد دلّ يزيد من نفسه على موقع رأيه، فخذ ليزيد فيما أخذ به من استقرائه الكلاب المهارشة عند التحارش، والحمام السبق لأترابهنّ، والقيان ذوات المعازف، وضروب الملاهي، تجده ناصراً.

ودع عنك ما تحاول، فما أغناك أن تلقى الله بوزر هذا الخلق بأكثر ممّا أنت لاقيه! فوالله ما برحتَ تقدح باطلاً في جور وحنقاً في ظلم حتى ملأتَ الأسقية، وما بينك وبين الموت إلاّ غمضة، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود، ولات حين مناص، ورأيتك

١١٦

عرّضت بنا بعد هذا الأمر، ومنعتنا عن آبائنا تراثاً ولعمر الله لقد أورثنا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ولادة، وجئت لنا بما حججتم به القائم عند موت الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله فأذْعنَ للحجّة بذلك وردّه الإيمان إلى النصف.

فركبتم الأعاليل وفعلتم الأفاعيل، وقلتم كان ويكون حتى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك فاعتبروا يا أولي الأبصار.

وذكرتَ قيادةَ الرجلِ القومَ بعهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وتأميرَه له، وقد كان ذلك لعمرو ابن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول وببعثه له وما صار لعمرو يومئذ حتى أنف القوم إمرته وكرهوا تقديمه وعدّوا عليه أفعاله، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله لا جَرَمَ يا معشرَ المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري، فكيف تحتجُّ بالمنسوخ من فعل الرسول في أوكد الأحكام وأولاها بالمجتمع عليه من الصواب؟ أم كيف ضاهيتَ بصاحب تابعاً وحولك من يُؤمن في صحبته، ويُعتمد في دينه وقرابته، وتتخطّاهم إلى مسرف مفتون؟ تريد أن تُلبس الناس شبهةً يسعد بها الباقي في دنياه وتشقى بها في آخرتك، إنّ هذا لهو الخسران المبين، وأستغفر الله لي ولكم.

وذهل معاوية من خطاب الإمامعليه‌السلام ، وضاقت عليه جميع السبل

فقال لابن عباس: ما هذا يا ابن عباس؟ فقال ابن عباس: لعمر الله إنّها لذرّية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأحد أصحاب الكساء ومن البيت المطهّر، فاسأله عمّا تريد فإنّ لك في الناس مقنعاً حتى يحكم الله بأمره وهو خير الحاكمين(1) .

وقد اتّسم موقف الإمام الحسينعليه‌السلام مع معاوية بالشدّة والصرامة، وأخذ يدعو المسلمين علناً إلى مقاومة معاوية، ويحذّرهم من سياسته الهدّامة التي تحمل الدمار إلى الإسلام.

____________________

(1) حياة الإمام الحسين: 2 / 219 - 220.

١١٧

محاولة جمع كلمة الأمة والاستجابة لحركة الجماهير:

وأخذت الوفود تترى على الإمام من جميع الأقطار الإسلامية وهي تعجّ بالشكوى وتستغيث به نتيجة الظلم والجور الذي حلّ بها، وتطلب منه القيام بإنقاذها من الاضطهاد، ونقلت العيون في يثرب إلى السلطة المحلّية أنباء تجمّع الناس واختلافهم إلى الإمامعليه‌السلام وكان الوالي مروان بن الحكم، ففزع من ذلك وخاف من عواقبه جداً، فرفع مذكّرة إلى معاوية جاء فيها: أمّا بعد فقد كثر اختلاف الناس إلى الحسين، والله إنّي لأرى لكم منه يوماً عصيباً(1) .

واضطرب معاوية من تحرّك الإمام الحسينعليه‌السلام فكتب إليه رسالةً جاء فيها: أمّا بعد، فقد أنهيت إليّ عنك أمور، إن كانت حقّاً فإنّي لم أظنّها بك رغبة عنها، وإن كانت باطلة فأنت أسعد الناس بمجانبتها، وبحظ نفسك تبدأ، وبعهد الله توفي فلا تحملني على قطيعتك والإساءة إليك، فإنّك متى تنكرني أنكرك، ومتى تكدني أكدك، فاتّق الله يا حسين في شقّ عصا الأمة، وأن تردّهم في فتنة(2) .

فضح جرائم معاوية:

كتب الإمامعليه‌السلام إلى معاوية مذكّرةً خطيرةً كانت ردّاً على رسالته يحمّله فيها مسؤوليّات جميع ما وقع في البلاد من سفك الدماء وفقدان الأمن وتعريض الأمة للأزمات. وتعدّ من أروع الوثائق الرسمية التي حفلت بذكر الأحداث التي صدرت من معاوية، وهذا نصّها: (أمّا بعد، بلغني كتابك تذكر فيه أ نّه انتهت اليك عنّي اُمور أنت عنها راغب وأنا بغيرها عندك جدير، وأنّ الحسنات لا يهدي لها

____________________

(1) حياة الإمام الحسين: 2/223.

(2) المصدر السابق: 2 / 224.

١١٨

ولا يسدّد إليها إلاّ الله تعالى. أمّا ما ذكرت أ نّه رقى إليك عنّي فإنّه إنّما رقاه إليك الملاّقون المشاءون بالنميمة، المفرّقون بين الجمع، وكذب الغاوون، ما أردت لك حرباً ولا عليك خلافاً، و إنّي لأخشى الله في ترك ذلك منك، ومن الإعذار فيه إليك وإلى أوليائك القاسطين حزب الظلمة.

ألستَ القاتل حجر بن عدي أخا كندة وأصحابه المصلّين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم، ويستعظمون البدع، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ولا يخافون في الله لومة لائم؟ قتلتهم ظلماً وعدواناً من بعد ما أعطيتهم الأيْمان المغلّظة والمواثيق المؤكّدة، جرأةً على الله واستخفافاً بعهده.

أوَلستَ قاتل عمرو بن الحمق الخزاعي صاحب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله العبد الصالح الذي أبلتْه العبادة فنحل جسمُه واصفرّ لونُه؟ فقتلته بعد ما أمّنته وأعطيته ما لو فهمته العصم لنزلت من رؤوس الجبال.

أوَلستَ بمدّعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف، فزعمَت أ نّه ابن أبيك؟ وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (الولدُ للفراش وللعاهر الحجر) فتركت سنّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعمّداً، وتبعت هواك بغير هدىً من الله، ثم سلّطته على أهل الإسلام يقتلهم ويقطع أيديهم وأرجلهم ويسملُ أعينهم ويصلبهم على جذوع النخل، كأنّك لست من هذه الأمة وليسوا منك.

أوَلستَ قاتل الحضرمي الذي كتب فيه اليك زياد أ نّه على دين عليّكرم الله وجهه، فكتبتَ إليه أن اقتل كلّ من كان على دين عليّ؟ فقتلهم ومثّل بهم بأمرك، ودين عليّ هو دين ابن عمّهصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي أجلسك مجلسك الذي أنت فيه، ولولا ذلك لكان شرفك وشرف آبائك تجشّم الرحلتين رحلة الشتاء ورحلة الصيف.

وقلت فيما قلت: اُنظر لنفسك ودينك ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله واتّق شقّ عصا هذه الأمة

١١٩

وأن تردّهم إلى فتنة، وإنّي لا أعلم فتنةً أعظم على هذه الأمة من ولايتك عليها، ولا أعظم لنفسي ولديني ولأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله أفضل من أن اُجاهرك، فإنْ فعلتُ فإنه قربة إلى الله، وإن تركتُه فإنّي استغفر الله لديني واسأله توفيقه لإرشاد أمري.

وقلت فيما قلت: إنّي إن أنكرتك تنكرني، وإن أكدك تكدني، فكدني ما بدا لك، فإنّي أرجو أن لا يضرّني كيدك، وأن لا يكون على أحد أضرّ منه على نفسك، لأنّك قد ركبت جهلك وتحرّصت على نقض عهدك، ولعمري ما وفيتَ بشرط، ولقد نقضتَ عهدك بقتل هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوا أو قُتلوا، ولم تفعل ذلك بهم إلاّ لذكرهم فضلَنا وتعظيمهم حقَّنا، مخافة أمر لعلّك إن لم تقتلهم مُتّ قبل أن يفعلوا، أو ماتوا قبل أن يدركوا.

فأبشر يا معاوية بالقصاص، واستيقن بالحساب، واعلم أنّ لله تعالى كتاباً لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلاّ أحصاها، وليس الله بناس لأخذك بالظنّة، وقتلك أولياءه على التُّهم، ونفيك إيّاهم من دورهم إلى دار الغربة، وأخذك الناس ببيعة ابنك الغلام الحدث، يشرب الشراب، ويلعب بالكلاب، ما أراك إلاّ قد خسرت نفسك، وبترت دينك، وغَشَشْتَ رعيّتك، وسمعت مقالة السفيه الجاهل، وأخفت الورع التقيّ)(1) .

ولا توجد وثيقة سياسية في ذلك العهد عرضت لعبث السلطة وسجّلت الجرائم التي ارتكبها معاوية غير هذه الوثيقة، وهي صرخة في وجه الظلم والاستبداد.

استعادة حقّ مضيّع:

وكان معاوية ينفق أكثر أموال الدولة لتدعيم ملكه، كما كان يهب

____________________

(1) حياة الإمام الحسينعليه‌السلام : 2/235 عن الإمامة والسياسة: 1 / 284، والدرجات الرفيعة: 334، وراجع الغدير: 10 / 161.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

والملك، لا شريك لك، وهي تلبية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وكان ابن عمر يزيد فيها: لبيّك ذا النعماء والفضل الحسن لبيك، مرهوب ومرغوب إليك لبيك ».

[١٠٦١٧] ٦ - ويروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أيضاً، أنه كان من تلبيته لبيك إله الخلق.

وكان أنس بن مالك، يزيد فيها: لبيك حقّاً حقّاً، تعبّداً ورقّاً.

وكان ابن عمر أيضاً، يزيد فيها: لبيك وسعديك، ولخير في يديك، والرغبة إليك ».

[١٠٦١٨] ٧ - « وكان جعفر بن محمّد، وموسى بن جعفرعليهما‌السلام ،يزيدان فيه: لبيّك ذا المعارج لبيك، لبيك داعياً إلى دار السلام لبيك، لبيك غفّار الذنوب لبيك، لبيك مرغوباً ومرهوباً إليك لبيك، لبيك تُبدئ والمعاد إليك لبيك، لبيك تستغني ونفتقر إليك لبيك، لبيك إله الحق لبيك، لبيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل لبيك، لبيك كاشف الكرب لبيك، لبيك عبدك بين يديك يا كريم لبيك، وأكثر الصلاة على النبي وآله، واسأل المغفرة والرضوان والجنّة والعفو، واستعذ من سخطه ومن النار برحمته، وأكثر من التلبية قائماً وقاعداً وراكباً ونازلاً » الخبر.

[١٠٦١٩] ٨ - الصدوق في المقنع: فإذا استوت بك الأرض - راكباً كنت أم ماشياً - فقل: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن

__________________

٦ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٩ ح ٩.

٧ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٩ ح ١٢.

٨ - المقنع ص ٦٩.

١٨١

الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك، هذه الأربع مفروضات.

ثم تقول: لبيك ذا المعارج لبيك، لبيك تُبدئ والمعاد إليك لبيك، لبيك داعياً إلى دار السلام لبيك، لبيك غفّار الذنوب لبيك، لبيك مرغوباً ومرهوباً إليك لبيك، لبيك أنت الغني ونحن الفقراء إليك لبيك، (لبيك أهل التلبية لبيك)(١) ، لبيك ذا الجلال والإكرام لبيك، لبيك إله الخلق لبيك، لبيك ذا النعماء والفضل الحسن الجميل لبيك، لبيك كشّاف الكرب العظام لبيك، لبيك عبدك وابن عبديك لبيك، لبيك يا كريم لبيك، لبيك أتقرب إليك بمحمّد وآل محمّد صلوات الله عليه وعليهم لبيك(٢) ، لبيك بحجّة وعمرة(٣) لبيك، لبيك هذه متعة عمرة إلى الحج لبيك، لبيك تمامها وبلاغها عليك لبيك.

تقول هذا في دبر كلّ صلاة مكتوبة أو نافلة، وحين ينهض بك بعيرك، أو علوت شرفاً، أو هبطت وادياً، أو لقيت راكباً، أو استيقظت من منامك، أو ركبت، أو نزلت، وبالأسحار، وإن تركت بعض التلبية فلا يضرّك، غير أنّها أفضل، وأكثر من ذي المعارج.

__________________

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

(٢) لبيك: ليست في المصدر.

(٣) وفيه زيادة: معاً.

١٨٢

٢٨ -( باب استحباب تكرار التلبية في الإحرام، سبعين مرّة فصاعداً)

[١٠٦٢٠] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من لبّى سبعين مرّة في إحرامه، أشهد الله سبعين ألف ملك له، ببراءة من النار، وبراءة من النفاق ».

٢٩ -( باب جواز التلبية جنباً، وعلى غير طهر، وعلى كلّ حال)

[١٠٦٢٠] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « أكثروا من التلبية في دبر كلّ صلاة مكتوبة أو نافلة، وحين ينهض بك بعيرك، وإذا علوت شرفاً، وإذا هبطت وادياً، أو لقيت راكباً(١) ، أو استيقظت من نومك وبالأسحار، على طهر كنت، أو على غير طهر،(٢) بعد أن تحرم ».

[١٠٦٢٢] ٢ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « وأكثر من التلبية

__________________

باب ٢٨

١ - الجعفريات ص ٦٣.

باب ٢٩

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٢.

(١) في المصدر: ركبا.

(٢) في المصدر زيادة: من.

٢ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٩ ح ١٢.

١٨٣

قائماً وقاعداً، وراكباً ونازلاً، وجنباً ومتطهراً، وفي اليقظة(١) وفي الأسحار، وعلى كلّ حال ».

[١٠٦٢٣] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولبّ [ متى ](١) صعدت أكمة، أو هبطت وادياً، أو لقيت راكباً، أو انتبهت من نومك، أو ركبت، أو نزلت، وبالأسحار ».

[١٠٦٢٤] ٤ - الصدوق في المقنع: ولا بأس أن تلبي وأنت على غير طهر، وعلى كلّ حال.

٣٠ -( باب ان المتمتع يقطع التلبية إذا شاهد بيوت مكّة، أو حين يدخل بيوتها، أو حين يدخل الحرم، واستحباب كثرة ذكر الله)

[١٠٦٢٥] ١ - كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قلت: المتمتع إذا نظر إلى بيوت مكّة فيقطع التلبية؟ قال: « نعم »

[١٠٦٢٦] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « والمتمتع بالعمرة إلى الحج، إذا دخل الحرم قطع التلبية، وأخذ في التكبير والتهليل ».

__________________

(١) في البحار: اليقظات.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٤ - المقنع ص ٧١.

باب ٣٠

١ - كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي ص ٨٩.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

١٨٤

[١٠٦٢٧] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإن أخذت على طريق المدينة، لبيت قبل أن تبلغ الميل الذي على يسار الطريق، فإذا بلغت فارفع صوتك بالتلبية، ولا تجوز الميل إلّا ملبّياً، فإذا نظرت إلى بيوت مكّة فارفع التلبية، وحدّ بيوت مكّة من عقبة المدنيين أو بحذائها ومن أخذ على طريق المدينة، قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكّة، وهو عقبة ذي طوى ».

وفي بعض نسخه(١) : « ثم اقطع التلبية إن كنت متمتعاً إذا استلمت الحجر، لمّا روى ابن أبي ليلى، عن عطاء، عن ابن عباس: أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقطعه في عمرته هناك، وكذلك قال ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وكان ابن عمر وعائشة، يريان قطع التلبية للمتمتع إذا رأى بيوتات مكّة، والذي نذهب إليه ما وصفت، فاختيارك بما شئت ».

[١٠٦٢٨] ٤ - الصدوق في المقنع: فإذا نظرت إلى بيوت مكّة فاقطع التلبية، وحدها عقبة المدنيين أو بحذائها، ومن أخذ على طريق المدينة قطع التلبية إذا نظر إلى عريش مكّة، وهي عقبة ذي طوى.

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

(١) بعض نسخ فقه الرضا عليه‌السلام ، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٢ ح ١٦، ١٧.

٤ - المقنع ص ٨٠.

١٨٥

٣١ -( باب قطع الحاج التلبية عند زوال الشمس يوم عرفة، واستحباب كثرة ذكر الله)

[١٠٦٢٩] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، قال: « (كان عليعليه‌السلام )(١) يقطع التلبية حين ترتفع الشمس يوم عرفة، وإذا(٢) أفاض من عرفات أعاد التلبية، فلم يزل يلبّي حتى يرمي جمرة العقبة ».

[١٠٦٣٠] ٢ - كتاب محمّد بن المثنى بن القسم الحضرمي: عن جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي، عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الحاج المتمتع، متى يقطع التلبية؟ قال: « حين يرمي الجمرة ».

[١٠٦٣١] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام : « أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نزل عن عرفة بنمرة - إلى أن قالعليه‌السلام -: ثم ركب حتى أتى الموقف، وقطع التلبية حين زالت الشمس ».

[١٠٦٣٢] ٤ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « أبي نقل عن

__________________

الباب ٣١

١ - الجعفريات ص ٦٤.

(١) ليس في المصدر.

(٢) في نسخة « فإذا »، (منه قدّه).

٢ - كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي ص ٨٥.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٩ باختلاف.

٤ - بعض نسخ الفقه الرضوي « المتضمنة في كتاب نوادر أحمد بن عيسى » ص ٧٣.

١٨٦

الصادقعليه‌السلام ، أنه قال أبو جعفرعليه‌السلام : أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قطع التلبية يوم عرفة عند زوال الشمس، قلت له: إنّا نروي أن ابن العباس ردف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يزل يلبّي حتى رمى جمرة العقبة، قال أبو جعفرعليه‌السلام : هذا شئ يقولونه عن ابن عباس، أو قرأتموه في الكتب؟ - إلى أن قال - وإنما قطع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله التلبية عند زوال الشمس يوم عرفة ».

قلت: ومنه يظهر تعيّن حمل ما خالفه على التقية.

[١٠٦٣٣] ٥ - الصدوق في المقنع: فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية، وعليك بالتهليل والتحميد والثناء على الله.

٣٢ -( باب قطع التلبية في العمرة المفردة عند دخول الحرم، وإن خرج من مكّة للعمرة، فعند رؤية الكعبة)

[١٠٦٣٤] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « العمرة المبتولة(١) طواف بالبيت - إلى أن قال - ويقطع التلبية إذا دخل الحرم ».

[١٠٦٣٥] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن رجل، عن أبي

__________________

٥ - المقنع ص ٨٦.

الباب ٣٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٤.

(١) المبتول: المقطوع ومنه الحج المبتول والعمرة المبتولة (مجمع البحرين ج ٢ ص ٣١٧).

٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١١.

١٨٧

عبد اللهعليه‌السلام : في الذي يكون بمكّة يعتمر فيخرج إلى بعض الأوقات(١) ؟ قال: « يقطع التلبية إذا نظر إلى الكعبة ».

[١٠٦٣٦] ٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « ومن اعتمر من التنعيم، فلا يقطع التلبية حتى ينظر إلى المسجد الحرام ».

٣٣ -( باب استحباب رفع الصوت بالتلبية للمحرم بحج التمتع، إذا أشرف على الأبطح إن كان راكباً، وفي المسجد إن كان ماشياً، وجوازه فيه مطلقاً)

[١٠٦٣٧] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في المتمتع بالعمرة إلى الحجّ: « إذا كان يوم التروية اغتسل، ولبس ثوب(١) إحرامه - إلى أن قال - فإذا صار إلى الرقطاء دون الردم، أهلّ بالتلبية » الخبر.

[١٠٦٣٨] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إن كان يوم التروية فاغتسل - إلى أن قال - ولبّ مثل ما لبيّت في العمرة، ثم اخرج إلى منى وعليك السكينة والوقار، واذكر الله كثيراً في طريقك، فإذا خرجت إلى الأبطح، فارفع صوتك بالتلبية » الخبر.

__________________

(١) الميقات: هو الوقت المحدود للفعل واستعير للمكان ومنه مواقيت الحج لمواضع الإحرام والوقت مثل الميقات (مجمع البحرين ج ٢ ص ٢٢٧).

٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٥.

الباب ٣٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٩.

(١) كذا في المخطوط، وفي المصدر: ثوبي.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

١٨٨

وفي بعض نسخه(١) : « ثم تنهض إلى منى وعليك السكينة والوقار، وأنت تلبّي ترفع صوتك » الخبر.

[١٠٦٣٩] ٣ - الصدوق في المقنع: فإذا انتهيت إلى الردم(١) ، وأشرفت على الأبطح، فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى.

٣٤ -( باب وجوب الإحرام على الحائض كما يحرم غيرها، لكن بغير صلاة، ولا لبث في المسجد، وحكم تركها الإحرام جهلاً بوجوبه وجوازه)

[١٠٦٤٠] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في الحائض والنفساء [ تأتي الوقت ](١) : « تغتسل، وتحرم كما يحرم الناس ».

[١٠٦٤١] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم، فعليها أن تحتشي إذا بلغت الميقات، وتغتسل وتلبس ثياب إحرامها فتدخل مكّة وهي محرمة، ولا تقرب المسجد الحرام » الخبر.

وفي بعض نسخه(١) : « عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال

__________________

(١) بعض نسخ فقه الرضا عليه‌السلام ، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٧.

٣ - المقنع ص ٨٥.

(١) الردم، بفتح أوله وسكون ثانية: هو ردم بني جمع بمكة (معجم البلدان ج ٣ ص ٤٠).

الباب ٣٤

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٩٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٠.

(١) بعض نسخ فقه الرضا عليه‌السلام ، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤١ ح ١٥.

١٨٩

للحائض: افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت ».

[١٠٦٤٢] ٣ - الصدوق في المقنع: وإذا حاضت المرأة قبل أن تحرم، فإذا بلغت الوقت فلتغتسل ولتحبس(١) ، ثم لتخرج وتلبّ ولا تصل، وتلبس ثياب الإحرام، فإذا كان الليل خلعتها ولبست ثيابها الأخرى، حتى تطهر.

٣٥ -( باب وجوب الإحرام على النفساء كالحائض، وعلى المستحاضة كالطاهر)

[١٠٦٤٣] ١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « وقال أبي: إن أسماء بنت عميس نفست بمحمّد بن أبي بكر بالبيداء، لأربع بقين من ذي القعدة في حجّة الوداع، فأمرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاغتسلت واحتشت، وأحرمت ولبّت مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وأصحابه، فلمّا قدموا مكّة لم تطهر حتى نفروا من منى، وقد شهدت المواقف كلّها بعرفات وجمع، ورمت الجمار، ولكن لم تطف بالبيت، ولم تسع بين الصفا والمروة، فلمّا نفروا من منى أمرها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فاغتسلت وطافت بالبيت، وبين الصفا والمروة، وكان جلوسها لأربع بقين من ذي القعدة، وعشرة من ذي الحجّة، وثلاثة أيام التشريق ».

__________________

٣ - المقنع ص ٨٤.

(١) كذا في المخطوط وصوابه « ولتحتش » كما في المصدر، وقد جاء في هامش المخطوط: في نسخة « ولتحتش ».

الباب ٣٥

١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام « المتضمنة في كتاب نوادر أحمد بن عيسى » ص ٧٢.

١٩٠

[١٠٦٤٤] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « المستحاضة تصوم وتصلّي، وتقضي المناسك، وتدخل المساجد، ويأتيها زوجها ».

[١٠٦٤٥] ٣ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إن النفساء والحائض تغتسلان وتحرمان، وتقضيان المناسك كلّها غير الطواف بالبيت، حتى تطهرا ».

٣٦ -( باب انه لا يجوز دخول مكّة ولا الحرم بغير أحلام، ولو دخل لقتال، إلّا أن يكون مريضاً فلا يجب بل يستحب، أو دخل قبل شهر من إحرامه، أو يتكرّر)

[١٠٦٤٦] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام : هل يدخل مكّة بغير إحرام؟ قال: فقال: « لا، إلّا مريض، أو يكون به بطن ».

[١٠٦٤٧] ٢ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن الحلبي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إنّه وجد في حجر من حجرات البيت مكتوباً: إنّي أنا الله ذو بكّة، خلقتها يوم خلقت السماوات والأرض،

__________________

٢ - الجعفريات ص ٧٥.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٧١ ح ١٩٧.

الباب ٣٦

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٣١.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٨٧ ح ٩٧.

١٩١

ويوم خلقت الشمس والقمر، وخلقت الجبلين، وحففتهما بسبعة أملاك حفيفاً.

وفي حجر آخر: هذا بيت الله الحرام ببكّة، تكفّل الله برزق أهله من ثلاثة سبل، مبارك لهم في اللحم والماء، أوّل من نحله إبراهيمعليه‌السلام (١) ».

[١٠٦٤٨] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا تدخل مكّة إلّا بإحرام، إلّا من به وطر(١) أو وجع شديد، وإذا دخل الرجل مكّة في السنة مرّة ومرّتين وثلاثاً، فمتى ما دخل لبّى، ومتى ما خرج أحلّ.

٣٧ -( باب كيفيّة الإحرام بالحج)

[١٠٦٤٩] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في المتمتع بالعمرة إلى الحجّ: « إذا كان يوم التروية اغتسل ولبس ثوبي إحرامه، وأتى(١) المسجد الحرام حافياً، فطاف أسبوعاً تطوعاً إن شاء، وصلّى ركعتين(٢) ، ثم جلس حتى يصلّي الظهر، ثم يحرم كما أحرم من الميقات، فإذا صار إلى الرقطاء دون الردم أهلّ بالتلبية، وأهل مكّة كذلك يحرمون للحج من مكّة، وكذلك من أقام بها(٣) من

__________________

(١) هذا الحديث لا يناسب عنوان الباب، ولعله سهو من المصنف (قدّه).

٣ - المقنع ص ٨٤.

(١) كذا في المخطوط، والظاهر أنّ الصواب « ضررٌ ».

الباب ٣٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٩.

(١) في المصدر: ودخل.

(٢) في المصدر: ركعتي الطواف.

(٣) في المصدر: بمكة وهو.

١٩٢

غير أهله ».

[١٠٦٥٠] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « إذا كان يوم التروية فاغتسل، والبس ثوبيك اللذين للإحرام، وأت المسجد حافياً عليك السكينة والوقار، وصلّ عند المقام الظهر والعصر، واعقد إحرامك دبر العصر، وإن شئت في دبر الظهر بالحج مفرداً، تقول: اللهم إنّي أريد ما أمرت به من الحج، على كتابك وسنّة نبيّكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن عرض لي عرض فحلني أنت حيث حبستني، لقدرك الذي قدّرت عليّ، ولبّ مثل ما لبّيت في العمرة ».

وفي بعض نسخه(١) في سياق مناسك الحج: « فإذا كان يوم التروية، يجب على المتمتع أن يأخذ من شاربه وأظفاره، وينظف جسده من الشعر، ويغتسل ويلبس ثوب الإحرام، ويدخل البيت ويحرم منه، أو من الحجر فإن الحجر من البيت، وإن خرج من غير ما وصف(٢) ، من رحله أو من المسجد أو أيّ موضع شاء يجوز، أو من الأبطح، ثم تطوف بالبيت سبعاً لوداعك البيت عند خروجك إلى منى، لا رمي عليك فيها، وتصلّي (وأقرأ ما شئت)(٣) ست ركعات، أو تحرم على أي صلاة فريضة، ولا سعي عليك بين الصفا والمروة، قارناً كنت أو متمتعاً أو مفرداً، ثم تقول: اللهم إنّي أريد الحج فيسره لي، وتقبله

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٨.

(١) بعض نسخ فقه الرضا عليه‌السلام ، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٧.

(٢) في المصدر: وصفت.

(٣) في المخطوط « وافراً ما شاء » وفي المصدر « لافراد » وما أثبتناه من هامش الطبعة الحجرية.

١٩٣

مني، وتحلّني حيث حبستني، لقدرك الذي قدرت عليّ، ثم لبّ كما لبّيت في الأوّل، وإن قلت: لبيك بحجّة تمامها وبلاغها عليك » الخبر.

[١٠٦٥١] ٣ - الصدوق في المقنع: فإذا كان يوم التروية، فاغتسل ثم البس ثوبيك، وادخل المسجد وعليك السكينة والوقار، فطف بالبيت أسبوعاً إن شئت، ثم صلّ ركعتين لطوافك عند مقام إبراهيمعليه‌السلام أو في الحجر، ثم اقعد حتى تزول الشمس، فإذا زالت الشمس فصلّ المكتوبة، وقل مثل ما قلت يوم أحرمت بالعقيق، ثم اخرج وعليك السكينة والوقار، فإذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الأبطح، فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى.

٣٨ -( باب ان من أحرم بالحج قبل التقصير من إحرام العمرة ناسياً لم تبطل عمرته، ولم يجب عليه دم بل يستحب، وإن كان عامداً بطلت عمرته وصارت حجّة مفردة)

[١٠٦٥٢] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « من تمتع بالعمرة إلى الحجّ فأتى مكّة - إلى أن قال - وإن نسي أن يقصّر حتى أحرم بالحج فلا شئ عليه، ويستغفر الله ».

[١٠٦٥٣] ٢ - بعض نسخ فقه الرضوي: « عن أبيهعليه‌السلام ، أنه قال في رجل أحرم بالحجّ قبل أن يقصّر، قال: لا بأس ».

__________________

٣ - المقنع ص ٨٥.

الباب ٣٨

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١٧.

٢ - بعض نسخ الفقه الرضوي « المتضمنة في كتاب نوادر أحمد بن عيسى » ص ٧٤.

١٩٤

[١٠٦٥٤] ٣ - الصدوق في المقنع: وإن نسي المتمتع التقصير حتى يهل بالحجّ، فإن عليه دماً يهريقه، ويروى(١) : يستغفر الله.

قال: وإن تمتع رجل بالعمرة إلى الحج، فدخل مكّة وطاف وسعى ولبس ثيابه، وأحلّ ونسي أن يقصّر حتى خرج إلى عرفات، فلا بأس به، يبني على العمرة وطوافها، وطواف الحجّ على أثره.

٣٩ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الإحرام)

[١٠٦٥٥] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ) (١) الآية، قال: لمّا فرغ إبراهيمعليه‌السلام من بناء البيت، أمره الله أن يؤذّن في الناس بالحج، فقال: يا ربّ، وما يبلغ صوتي! فقال الله تعالى: إذن، عليك الأذان وعلي الإبلاغ، وارتفع على المقام - وهو يومئذ ملصق بالبيت - فارتفع به المقام حتى كان أطول من الجبال، فنادى وادخل إصبعيه في أذنيه، واقبل بوجهه شرقاً وغرباً، يقول: أيّها الناس، كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فأجيبوا ربّكم، فأجابوه من تحت البحور السبع(٢) ، و [ من ](٣) بين المشرق والمغرب إلى منقطع التراب من أطرافها - أي الأرض كلّها - ومن أصلاب الرجال وأرحام النساء، بالتلبية: لبيّك اللهم لبيك، أولا ترونهم يأتون يلبّون؟ قمن حجّ من يومئذ إلى يوم القيامة، فهم ممّن

__________________

٣ - المقنع ص ٨٣.

(١) في المصدر: وروى.

الباب ٣٩.

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٨٣.

(١) الحج ٢٢: ٢٧.

(٢) في المصدر: السبعة.

(٣) أثبتناه من المصدر.

١٩٥

استجاب [ لله ](٤) وذلك قوله تعالى:( فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ ) (٥) يعني نداء إبراهيم على المقام بالحج.

وقال(٦) : في قوله تعالى:( ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِّنْ أَنفُسِكُمْ ) (٧) الآية، فإنه كان سبب نزولها أن قريشاً والعرب كانوا إذا حجّوا يلبّون، وكانت تلبيتهم: لبيك اللّهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك(٨) لا شريك لك، وهي تلبية إبراهيم والأنبياءعليهم‌السلام ، فجاءهم إبليس في صورة شيخ، فقال: ليست هذه تلبية أسلافكم، فقالوا: وما كانت تلبيتهم؟ قال: كانوا يقولون: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك إلّا شريك هو لك، فنفرت قريش من هذا القول، فقال لهم إبليس: على رسلكم حتى آتي آخر كلامي، فقالوا: وما هو؟ فقال: إلّا شريك هو لك تملكه وما ملك، ألا ترون أنه يملك الشريك وما ملك(٩) ، فرضوا بذلك وكانوا يلبّون بهذا - قريش خاصّة - فلمّا بعث الله رسوله أنكر(١٠) ذلك عليهم، وقال: هذا شرك فأنزل الله( ضَرَبَ لَكُم مَّثَلًا مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَل لَّكُم مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ ) (١١) أي ترضون أنتم فيما تملكون، أن يكون لكم فيه شريك، وإذا لم ترضوا

__________________

(٤) لفظة الجلالة أثبتناها من المصدر.

(٥) آل عمران ٣: ٩٧.

(٦) نفس المصدر ج ٢ ص ١٥٤.

(٧) الروم ٣٠: ٢٨.

(٨) في المصدر زيادة: لك.

(٩) في المصدر: ملكه.

(١٠) في المصدر: فأنكر.

(١١) الروم ٣٠: ٢٨.

١٩٦

أنتم أن يكون لكم فيما تملكونه شريك، فيكف ترضون أن تجعلوا لي شريكا فيما أملك؟

[١٠٦٥٦] ٢ - الصدوق في الخصال والعلل والأمالي: عن محمّد بن موسى [ ابن ](١) المتوكل، عن علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن محمّد بن زياد الأزدي [ عن مالك بن أنس ](٢) أنه قال في حديث: ولقد حججت معه - أي الصادقعليه‌السلام - سنة فلمّا استوت به راحلته عند الإحرام، كان كلّما همّ بالتلبية انقطع الصوت في حلقه، وكان أن يخرّ من راحلته، فقلت: قل يا ابن رسول الله، ولا بدّ لك من أن تقول، فقال: « يا ابن أبي عامر، كيف أجسر أن أقول: لبيك اللهم لبيك؟ وأخشى أن يقول عزّوجلّ: ليّ: لا لبيك ولا سعديك ».

[١٠٦٥٧] ٣ - زيد النرسي في أصله: قال: لمّا لبّى أبو الخطاب بالكوفة، وادّعى في أبي عبد اللهعليه‌السلام ما ادّعاه(١) ، دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام مع عبيد بن زرارة، فقلت له: جعلت فداك، لقد ادّعى أبو الخطاب وأصحابه فيك أمراً عظيماً، أنه لبّى بلبيك جعفر لبيك معراج، وزعم أصحابه أنّ أبا الخطاب أسري به إليك، فلمّا هبط إلى الأرض من ذلك(٢) دعا إليك، ولذلك لبّى بك قال: فرأيت أبا

__________________

٢ - الخصال ص ١٦٧ ح ٢١٩، علل الشرائع ص ٢٣٥ ح ٤، أمالي الصدوق ص ١٤٣.

(١) أثبتناه من المصادر ومعاجم الرجال.

(٢) أثبتناه من المصادر ومعاجم الرجال.

٣ - أصل زيد النرسي ص ٤٦.

(١) في المصدر: ما أدّعى.

(٢) في المخطوط « لك » وما أثبتناه من المصدر.

١٩٧

عبد اللهعليه‌السلام ، قد أرسل دمعته من حماليق عينيه، وهو يقول: « يا ربّ برأت إليك ممّا ادّعى فيّ الأجدع عبد بني أسد، خشع لك شعري وبشري، عبد لك ابن عبد لك، خاضع ذليل » ثم اطرق ساعة في الأرض كأنّه يناجي شيئاً، ثم رفع رأسه وهو يقول: « أجل أجل، عبد خاضع خاشع ذليل لربّه، صاغر راغم من ربّه، خائف وجل، لي والله ربّ أعبده لا أشرك به شيئاً، ماله خزاه الله وأرعبه، ولا آمن روعته يوم القيامة، ما كانت تلبية الأنبياء هكذا ولا تلبية الرسل، إنّما لُبِّيت بلبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك » ثم قمنا من عنده، فقال: « يا زيد، إنّما قلت لك هذا لأستقر في قبري، يا زيد استر ذلك عن الأعداء ».

١٩٨

أبواب تروك الإحرام

١ -( باب تحريم صيد البرّ كله على المحرم، اصطياداً ودلالة وإشارة، وكذا الفراخ والبيض)

[١٠٦٥٨] ١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا تقتل الصيد واجتنب الصغير والكبير من الصيد، ولا تشر إليه، ولا تدلّ عليه، ولا نعم في الجواب »، الخبر.

[١٠٦٥٩] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إن المحرم ممنوع من الصيد » الخبر.

[١٠٦٦٠] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « لا ينبغي للمحرم أن يستحل الصيد في الحلّ ولا في الحرم، ولا يشير إليه فيستحلّ من أجله ».

__________________

أبواب تروك الإحرام

الباب ١

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٠.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٨.

١٩٩

٢ -( باب تحريم أكل المحرم من صيد البر، حتى القديد، وإن صاده محلّ)

[١٠٦٦١] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « لا يأكل المحرم شيئاً من الصيد، رطباً ولا يابساً ».

[١٠٦٦٢] ٢ - وعنهعليه‌السلام ، أنه قال: « المحرم(١) إذا أصاب الصيد: جزا عنه، ولم يأكله، ولم يطعمه، ولكنه يدفنه ».

[١٠٦٦٣] ٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا تقتل الصيد - إلى أن قال - ولا تأكل ولا تشتر من الصيد، أن تأكله إذا أحللت ».

[١٠٦٦٤] ٤ - ابن شهرآشوب في المناقب: عن مسند أحمد وأبي يعلى: روى عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي: أنه اصطاد أهل الماء حجلاً فطبخوه، وقدموا إلى عثمان وأصحابه فأمسكوا، فقال [ عثمان ](١) صيد لم نصده ولم نأمر بصيده، اصطاده قوم حلّ فأطعموناه فما به بأس، فقال رجل: إن علياًعليه‌السلام يكره هذا، فبعث إلى عليعليه‌السلام ، فجاء وهو غضبان ملطّخ يديه(٢) بالخبط، فقال له:

__________________

الباب ٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٩.

(١) في المصدر: في المحرم.

٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤٠.

٤ - المناقب ج ٢ ص ٣٧٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: بدنه.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469